نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار14%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 411

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 411 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 193839 / تحميل: 9591
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيراً مشوياً فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي منه. فجاء علي فأكل معه.

أخبرتنا - أعلا من هذه أو أتم - أُم المجتبى فاطمة العلوية، قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقري، أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا أبو هشام، أنبأنا ابن فضيل:

أنبأنا مسلم الملائي، عن أنس [ بن مالك ] قال: أهدت أُم أيمن إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيراً مشوياً فقال: اللّهم ائتني بمن تحبه يأكل معي من هذا الطير. قال أنس فجاء علي فاستأذن، فسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوته فقال: ائذن له. فدخل وهو موضوع بين يديه، فأكل منه، وحمد الله.

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد، أنبأنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي، [ كذا ] أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، أنبأنا التنوخي، أنبأنا أبو الطيب ظفران بن الحسن بن الفيرزان النخاس المعروف بالفأفاء - سنة أربع وثمانين وثلاث مائة - أنبأنا أبو هارون موسى بن محمّد بن هارون الأنصاري، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عاصم الرازي، أنبأنا حفص بن عمر المهرقاني.

حيلولة: قال: وأنبأنا أبو بكر عبد القاهر بن محمّد بن عترة الموصلي، أنبأنا أبو هارون موسى بن محمّد الأنصاري الزرقي، أنبأنا أحمد بن علي الخراز، أنبأنا محمّد بن عاصم الرازي، أنبأنا حفص بن عمر المهرقاني، أنبأنا النجم بن بشير، عن إسماعيل بن سليمان الرازي - أخي إسحاق بن سليمان - عن عبد الملك بن أبي سليمان:

عن عطاء، عن أنس بن مالك، قال: أُتي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطائر فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي بن أبي طالب فدق الباب. وذكر الحديث.

٣٠١

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمّد، أنبأنا أبو الحسن الحسن آبادي، أنبأنا أحمد بن محمّد، أنبأنا أبو العباس الكوفي، أنبأنا محمّد ابن سالم بن عبد الرحمن الطحان الأزدي، أنبأنا أحمد بن النضر بن الربيع بن سعد مولى جعفر بن علي، حدثني سليمان بن قرم، عن محمّد بن علي السلمي:

عن أبي حذيفة العقيلي، عن أنس بن مالك، قال: كنت أنا وزيد بن أرقم نتناوب [ باب ] النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتته أُم أيمن بطير أُهدي له من الليل، فلمـّا أصبح أتته بفضله، فقال: ما هذا؟ قالت: فضل الطير الذي أكلت البارحة. فقال: أما علمت أن كل صباح يأتي برزقه؟ اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. قال: فقلت: اللّهم اجعله من الأنصار. قال:

فنظرت فإذا علي قد أقبل فقلت له: إنّما دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الساعة فوضع ثيابه، فسمعني أكلّمه فقال: من هذا الذي تكلّمه؟ قلت علي. فلمـّا نظر إليه قال: اللّهم أحب خلقك إليك وإليَّ.

و روي عن سفينة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس، أنبأنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى، أنبأنا أبو عبد الله المحاملي، أنبأنا عبد الأعلى بن واصل، أنبأنا عون بن سلام، أنبأنا سهل بن شعيب:

عن بريدة بن سفيان، عن سفينة - وكان خادماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طواير قال: فرفعت أُم أيمن بعضها، فلمـّا أصبحت أتته بها فقال: ما هذا يا أُم أيمن؟ فقالت: هذا بعض ما أُهدي لك أمس. فقال: أوّلم أنهاكِ أن ترفعي لأحدٍ أو لغدٍ طعاماً، إن لكل غد رزقه. ثمّ قال: اللّهم وإليَّ إليَّ.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن

٣٠٢

الحسين الناطقي، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أنبأنا أبو القاسم البغوي، أنبأنا يونس بن أرقم، أنبأنا مطير:

عن ثابت البجلي، عن سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائرين بين رغيفين، ولم يكن في البيت غيري وغير أنس، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا بغدائه، فقلت: يا رسول الله قد أهدت لك امرأة من الأنصار هدية، فقدمت الطائرين إليه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك. فجاء علي بن أبي طالب فضرب الباب ضرباً خفيفاً فقلت من هذا؟ قال: أبو الحسن، ثمّ ضرب الباب ورفع صوته، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من هذا؟ قلت: علي بن أبي طالب. قال: افتح له، ففتحت له فأكل معه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الطيرين حتى فنيا.

و أخبرتنا به أُم المجتبى قالت: قرئ على إبراهيم، أنبأنا ابن المقرئ أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا عبيد الله القواريري، أنبأنا يونس بن أرقم، أنبأنا مطير بن أبي خالد:

عن ثابت البجلي، عن سفينة - صاحب دار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيرين بين رغيفين، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد [ و ] لم يكن في البيت غيري وغير أنس بن مالك، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا بالغذاء فقلت: يا رسول الله قد أهدت لك امرأة هدية، فقدّمت إليه الطيرين فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك - أحسبه قال: إليك وإلى رسولك. - قال فجاء علي فضرب الباب ضرباً خفيفاً فقلت من هذا؟ قال أبو الحسن، ثمّ ضرب ورفع صوته فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من هذا؟ قلت: علي. قال: إفتح له. ففتحت [ له الباب ] فأكل مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الطيرين حتى فنيا ».

٣٠٣

ترجمته

١ - ياقوت: « هو أبو القاسم علي بن الحسن الشّافعي. الحافظ. أحد أئمة الحديث المشهورين، والعلماء المذكورين. ولد في المحرم سنة ٤٩٩. ومات في الحادي عشر من رجب سنة ٥٧١ »(١) .

٢ - ابن خلكان: « الحافظ أبو القاسم الملقب ثقة الدين. كان محدّث الشام في وقته، ومن أعيان الفقهاء الشافعية. غلب عليه الحديث فاشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أنْ جمع منه ما لم يتّفق لغيره. ورحل وطوّف وجاب البلاد ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني في الرحلة، وكان حافظاً ديّناً، جمع بين معرفة المتون والأسانيد وكان حسن الكلام على الأحاديث، محظوظا في الجمع والتأليف، صنّف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة، أتى فيه بالعجائب، وهو على نسق تاريخ بغداد »(٢) .

٣ - الذهبي: « ابن عساكر - الإِمام الحافظ الكبير، محدّث الشام، فخر الأئمة ثقة الدين قال السمعاني: أبو القاسم، حافظ، ثقة، متقن، ديّن، خيّر، حسن السمت، جمع بين معرفة المتن والإِسناد، كان كثير العلم غزير الفضل صحيح القراءة مثبتاً، رحل وتعب وبالغ في الطلب، وجمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على الأقران

قال سعد الخير: ما رأيت في سنن ابن عساكر مثله.

قال القاسم ابن عساكر: سمعت التاج المسعودي يقول: سمعت أبا العلاء الهمداني يقول لرجل استأذنه في الرحلة: إنْ عرفت أحداً أفضل مني

____________________

(١). معجم الأدباء ١٣ / ٧٣.

(٢). وفيات الأعيان ٣ / ٣٠٩.

٣٠٤

حينئذٍ آذن لك أنْ تسافر إليه، إلّا أنْ تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب. حدّثني أبو المواهب بن صصري قال: لـمّا دخلت همدان قال لي الحافظ: أنا أعلم أنّه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد.

سمعت أبا الحسن علي بن محمّد الحافظ سمعت الحافظ أبا محمّد المنذري يقول: سألت شيخنا أبا الحسين علي بن المفضل عن أربعة تعاصروا أيّهم أحفظ؟ فقال: من؟ قلت: الحافظ ابن ناصر وابن عساكر. فقال: ابن عساكر أحفظ. قلت: الحافظ أبو العلاء وابن عساكر. قال: ابن عساكر أحفظ.

قلت: الحافظ أبو طاهر السلفي وابن عساكر. فقال: السلفي شيخنا، السلفي شيخنا.

قلت: يعني أنّه ما أحبّ أن يصرّح بتفضيل ابن عساكر على السلفي فإنّه شيخه. ثمّ أبو موسى أحفظ من السلفي مع أن السلفي من بحور الحديث وعلمائه. وكان شيخنا أبو الحجاج يميل إلى ابن عساكر ويقول: ما رأى حافظاً مثل نفسه.

قال الحافظ عبد القادر: ما رأيت أحفظ من ابن عساكر.

وقال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، إنتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والنقل والمعرفة التامة، وبه ختم هذا الشأن.

فقرأت بخطّ الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه: ثنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي بمنى - وكان أحفظ مَنْ رأيت من طلبة الحديث والشأن. وكان شيخنا إسماعيل بن محمّد الإِمام يفضّله على جميع من لقيناهم، قدم أصبهان ونزل في داري وما رأيت شاباً أورع ولا أحفظ ولا أتقن منه »(١) .

٤ - اليافعي: « الفقيه، الإِمام، المحدّث البارع، الحافظ المتقن، الضابط ذو العلم الواسع، شيخ الإِسلام ومحدث الشام، ناصر السنّة قامع

____________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٢٨.

٣٠٥

البدعة، زين الحفّاظ وبحر العلوم الزاخر، ورئيس المحدثين، المقرّ له بالتقدم، العارف الماهر، ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر، الذي اشتهر في زمانه بعلوّ شأنه ولم ير مثله في أقرانه، الجامع بين المعقول والمنقول، والمميّز بين الصحيح والمعلول، كان محدّث زمانه ومن أعيان الفقهاء الشافعية »(١) .

٥ - السبكي: « الإِمام الجليل، حافظ الاُمة، أبو القاسم ابن عساكر، هو الشيخ الإِمام ناصر السنّة وخادمها، وهازم جند الشيطان بعساكر اجتهاده وهادمها، إمام أهل الحديث في زمانه، وختام الجهابذة الحفّاظ ولا ينكر أحد منهم مكين مكانه، محطّ رحال الطالبين وموئل ذوي الهمم من الراغبين، الأوحد الذي أجمعت الاُمة عليه، والواصل إلى ما لا تطمح الآمال إليه

ولد في مستهل رجب سنة ٤٩٩، وسمع خلائق، وعدة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة. وارتحل إلى العراق ومكّة والمدينة، وارتحل إلى بلاد العجم ولـمّا دخل بغداد أُعجب به العراقيون وقالوا: ما رأينا مثله، وكذلك قال مشيخة الخراسانيين.

وقال شيخه أبو الفتح المختار بن عبد الحميد: قدم علينا أبو علي ابن الوزير فقلنا: ما رأينا مثله، ثمّ قدم علينا أبو سعد ابن السمعاني فقلنا: ما رأينا مثله، حتى قدم علينا هذا فلم نر مثله.

وقال فيه الشيخ محي الدين النووي - ومن خطه نقلت - هو حافظ الشام بل هو حافظ الدنيا، الإِمام مطلقاً، الثقة الثبت »(٢) .

٦ - الأسنوي كذلك(٣) .

____________________

(١). مرآة الجنان ٣ / ٣٩٣.

(٢). طبقات الشافعية ٧ / ٢١٥.

(٣). طبقات الشافعية ٢ / ٢١٦.

٣٠٦

٧ - وابن قاضي شهبة (١) .

٨ - السيّوطي: « ابن عساكر، الإِمام الكبير، حافظ الشام، بل حافظ الدنيا، الثقة الثبت الحجة، ثقة الدنيا وكان من كبار الحفّاظ المتقنين، من أهل الدين والخير، غزير العلم، كثير الفضل، جمع بين معرفة المتن والإِسناد، وأملى مجالس متينة »(٢) .

٩ - أبو الفداء: « الحافظ أبو القاسم كان إماماً في الحديث من أعيان الشافعيّة، صنّف تاريخ دمشق في ثمانين مجلدة »(٣) .

١٠ - ابن الوردي: « الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي نور الدين. من أعيان الشافعية والمحدّثين »(٤)

(٤٨)

رواية مجد الدين المبارك ابن الأثير

روى حديث الطير من فضائل الإمامعليه‌السلام حيث قال:

« أنس قال: كان عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر. فجاء علي فأكل معه.

أخرجه الترمذي و قال رزين: قال أبو عيسى: في هذا الحديث قصة، وفي آخرها: إن أنساً قال لعلي: استغفر لي ولك عني بشارة، ففعل فأخبره بقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . انتهى »(٥) .

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٣٤٥.

(٢). طبقات الحفّاظ: ٤٧٤.

(٣). المختصر في أخبار البشر ٣ / ٥٩.

(٤). تتمة المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٢.

(٥). جامع الاُصول ٩ / ٤٧١.

٣٠٧

ترجمته

١ - ابن الأثير: « وفيها في سلخ ذي الحجة توفي أخي مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الكاتب. مولده في أحد الربيعين سنة أربع وأربعين. وكان عالماً في عدة علوم منها: الفقه والاُصولان والنحو والحديث واللغة. وله تصانيف مشهورة في التفسير والحديث والنحو والحساب وغريب الحديث. وله رسائل مدوّنة. وكان كاتباً مفلقاً يضرب به المثل، ذا دين متين، ولزوم طريق مستقيم،رحمه‌الله ورضى عنه، فلقد كان من محاسن الزمان، ولعلّ من يقف على ما ذكرته يتّهمني في قولي، ومن عرفه من أهل عصرنا يعلم إني مقصّر »(١) .

٢ - ابن خلكان نقلاً عن ابن المستوفي: « اشتهر العلماء ذكراً وأكبر النبلاء قدراً، وأحد الفضلاء المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الْأُمور عليهم »(٢) .

٣ - الذهبي ، ووصفه بالعلّامة(٣) .

٤ - أبو الفداء : « وكان عالماً بالفقه والاُصولين والنحو والحديث واللغة. وله تصانيف مشهورة: وكان كاتباً مفلقاً »(٤) .

وهكذا تجد ترجمته والثناء عليه في كتبٍ اُخرى منها:

١ - سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٨٨.

٢ - معجم الادباء ٦ / ٢٣٨.

٣ - العبر ٥ / ١٩.

____________________

(١). الكامل ١٢ / ١٢٠.

(٢). وفيات الأعيان ٤ / ١٤١.

(٣). العبر ٥ / ١٩ دول الإسلام ٢ / ٨٤.

(٤). المختصر في أحوال البشر ٣ / ١١٨.

٣٠٨

٤ - طبقات السبكي ٥ / ١٥٣.

٥ - بغية الوعاة ٢ / ٢٧٤.

٦ - شذرات الذهب ٥ / ٢٢.

(٤٩)

رواية أبي الحسن علي ابن الأثير

روى حديث الطير بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام بأسانيده عن أنس ابن مالك حيث قال ما نصّه:

« أنبأنا المنصور بن أبي الحسن الفقيه، بإسناده إلى أبي يعلى قال: حدّثنا الحسن بن حمّاد، حدّثنا مسهر بن عبد الملك، حدّثنا عيسى بن عمر، عن السدي، عن أنس بن مالك: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان عنده طائر فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء أبو بكر فردّه، فجاء عمر فردّه، فجاء عثمان فردّه. فجاء علي فأذن له. ذكر أبي بكر وعمر وعثمان في هذا الحديث غريب جداً.

وقد روى من غير وجه عن أنس. ورواه غير أنس من الصّحابة.

أنا أبو الفرج الثقفي، أنبأنا الحسن بن عيسى، حدّثنا الحسن بن أحمد - وأنا حاضر أسمع - أنبأنا أحمد بن عبد الله الحافظ، ثنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي، حدّثنا الحسن بن عيسى، ثنا الحسن بن السميدع، ثنا موسى بن أبي أيوب، عن شعيب بن إسحاق، عن أبي حنيفة، عن مسعر، عن حماد، عن إبراهيم عن أنس قال: أُهدي إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. فجاء علي فأكل معه.

تفرد به شعيب عن أبي حنيفة.

أخبرنا محمّد بن أبي الفتح بن الحسن النقّاش الواسطي، ثنا أبوروح عبد

٣٠٩

المعز بن محمّد بن أبي الفضل البزاز، أنبأنا زاهر بن طاهر الشحامي، أنا أبو سعيد الكنجرودي أخبرنا الحاكم أبو أحمد، أنا عبد الله محمّد بن عمرو بن الحسين الأشعري بحمص، نا محمّد بن مصفى، نا حفص بن عمر المعرّي، نا موسى بن سعد البصري قال: سمعت الحسن يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني برجل يحبّه الله ويحبّه رسوله. قال أنس: فأتى علي فقرع الباب. فقلت: إن رسول الله مشغول - وكنت أحبّ أن يكون رجلاً من الأنصار - ثمّ إن علياً فعل مثل ذلك، ثمّ أتى الثالثة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس، أدخله فقد عنيته. فلمّا أقبل قال: اللّهم وإليَّ، اللّهم وإليَّ.

وقد رواه عن أنس غير من ذكرنا: حميد الطويل، وأبو الهندي، ويغنم ابن سالم - يغنم بالياء تحتها نقطتان والغين المعجمة والنون وآخره ميم. وهو اسم مفرد. والله أعلم »(١) .

ترجمته

١ - ابن خلكان: « أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير الجزري، الملقب عزّ الدين كان إماماً في حفظ الحديث ومعرفته وما يتعلّق به، وحافظاً للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، وخبيراً بأنساب العرب وأخبارهم وأيامهم و وقائعهم ولـمّا وصلت إلى حلب في أواخر سنة ٦٢٦ كان عزّ الدين المذكور مقيماً بها فاجتمعت به فوجدته رجلاً مكمّلاً في الفضائل وكرم الأخلاق وكثرة التواضع، فلازمت التردّد إليه

وتوفي في شعبان سنة: ٦٣٠ »(٢) .

____________________

(١). أُسد الغابة ٤ / ٣٠.

(٢). وفيات الأعيان ٣ / ٣٤٨.

٣١٠

٢ - الذهبي: « إبن الأثير، الإِمام العلّامة الحافظ فخر العلماء عز الدين أبو الحسن المحدّث اللغوي، صاحب التاريخ. ومعرفة الصحابة وغير ذلك وكان مكمّلاً في الفضائل، علّامة، نسّابَة، أخبارياً، عارفاً بالرجال وأنسابهم ولا سيّما الصحابة، مع الأمانة والتواضع والكرم »(١) .

٣ - اليافعي: « الإِمام الحافظ، إبن الأثير أبو الحسن »(٢) .

٤ - الأسنوي: « فأمّا عز الدين فكان محدّثاً حافظاً، ومؤرخاً »(٣) .

٥ - السيوطي: « إبن الأثير، الإِمام العلّامة الحافظ »(٤) .

وكذا ترجم له في ( المختصر ) و ( العبر ) و ( دول الإِسلام ) و ( روضة المناظر ) في حوادث سنة ٦٣٠.

(٥٠)

رواية محبّ الدّين ابن النّجار

روى حديث الطّير في ( ذيل تاريخ بغداد ) بترجمة « سهل بن عبيد بن سورة الخراساني الإِصبهاني » على ما نقل عنه. حيث قال عن سهل المذكور أنّه:

« حدّث عن إسماعيل بن هارون عن الصعق بن حرب عن مطر الورّاق قال: أُهدي للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير يقال له النحام، فأكله واستطابه وقال: اللّهم أدخل إليَّ أحبّ خلقك إليك - وأنس رضي الله تعالى عنه،

____________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٩٩.

(٢). مرآة الجنان - حوادث ٦٣٠.

(٣). طبقات الشافعية ١ / ٧١.

(٤). طبقات الحفّاظ: ٤٩٥.

٣١١

بالباب - فجاء علي رضي الله تعالى عنه، فقال: يا أنس، إستأذن لي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال: إنّه على حاجة، فدفع صدره ودخل، فقال رضي الله تعالى عنه: يوشك أن يحال بيننا وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللّهم والِ من ولاه ».

وستعلم روايته من عدّةٍ من الكتب أيضاً.

ترجمته

١ - الذهبي: « ابن النجار، الحافظ الإِمام البارع مؤرّخ العصر، مفيد العراق، محبّ الدين أبو عبد الله محمّد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن بن النجار البغدادي، صاحب التصانيف. ولد سنة ٥٧٨ وكان من أعيان الحفّاظ الثقات، مع الدين والصيانة والفهم وسعة الرّواية واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ وكان من محاسن الدنيا. توفي في خامس شعبان سنة ٦٤٣ »(١) .

٢ - ابن شاكر: « الحافظ الكبير محبّ الدين ابن النجار البغدادي صاحب التاريخ - وكان إماماً ثقة حجة مقرياً مجوّداً حسن المحاضرة كيّساً متواضعاً »(٢) .

٣ - الصفدي: « وكان إماماً ثقة حجةً »(٣) .

٤ - اليافعي: « الحافظ الكبير وكان ثقة متقناً، واسع الحفظ، تام المعرفة »(٤) .

____________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٢٨ واُنظر العبر، دول الإِسلام - حوادث ٦٤٣.

(٢). فوات الوفيات ٤ / ٣٦.

(٣). الوافي بالوفيات ٥ / ٩.

(٤). مرآة الجنان. حوادث ٦٤٣.

٣١٢

٥ - الأسنوي: « كان إماماً حافظاً »(١) .

(٥١)

رواية محمّد بن طلحة

رواه في كتابه ( مطالب السؤول ) بقوله:

« وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً - وقد أُحضر إليه طير ليأكله - اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه منه. وكان أنس حاضراً يسمع قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل المجئ، فبعد ذلك جاء أنس إلى علي فقال: استغفر لي ولك عندي بشارة. ففعل. فأخبره بقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٢) .

ترجمته

توجد ترجمة أبي سالم محمّد بن طلحة ومآثره الفاخرة في:

١ - مرآة الجنان ٢ / ١٢٨.

٢ - طبقات الأسنوي ٢ / ٥٠٣.

٣ - طبقات ابن قاضي شهبة ٢ / ٥٣.

٤ - سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٩٣.

٦ - العبر ٥ / ٢١٣.

وهذه عبارة ابن قاضي شهبة: « محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن، الشيخ كمال الدين، أبو سالم القرشي العدوي النصيبي مصنّف كتاب

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٥٠٢.

(٢). مطالب السؤول: ٤٢.

٣١٣

العقد الفريد، أحد الصدور والرؤساء المعظميّن ولد سنة ٥٨٢ وتفقّه وشارك في العلوم، وكان فقيهاً بارعاً عارفاً بالمذهب والاُصول والخلاف، ترسّل عن الملوك، وساد وتقدّم، وسمع الحديث، وحدّث في بلاد كثيرة قال السيد عز الدين: أفتى وصنّف، وكان أحد العلماء المشهورين والرؤساء المذكورين توفي في حلب في رجب سنة ٦٥٢ ودفن في المقام ».

وقد اعتمد جماعة من الأعلام على رواياته وكلماته في كتابه ( مطالب السؤول ) ومنهم: الكنجي الشافعي في ( كفاية الطالب ) والبدخشاني في ( مفتاح النجا ) وقد مدح هو نفسه كتابه المذكور في خطبته فراجعه.

(٥٢)

رواية سبط ابن الجوزي

ورواه أبو المظفّر سبط ابن الجوزي حيث قال في ذكر أحاديث فضائل الإِمامعليه‌السلام : « وأمّا السنّة فأخبار. فنبتدئ منها بما ثبت في الصحيح والمشاهير من الآثار

حديث الطائر:

وقد أخرجه: أحمد في الفضائل، والترمذي في السنن.

فأمّا أحمد فأسنده إلى سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - واسمه مهران - قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيراً بين رغيفين، فقدّمته إلى رسول الله - وفي رواية: طيرين بين رغيفين - فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم. ائتني بأحبّ خلقك إليك. فإذا بالباب يفتح، فدخل علي فأكل معه.

و أمّا الترمذي فقال: ثنا سفيان بن وكيع، عن عبيد الله بن موسى، عن

٣١٤

عيسى بن عمر، عن السدّي، عن أنس بن مالك قال: كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي فأكل معه. قال الترمذي: السدّي اسمه: إسماعيل بن عبد الرحمن، سمع من أنس بن مالك، ورأى الحسين بن علي، ووثّقه سفيان الثوري وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم.

قلت: إنّما ذكر الترمذي هذا في تعديل السدّي، لأن جماعة تعصّبوا عليه ليبطلوا هذا الحديث، فعدّله الترمذي.

وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: حديث الطائر صحيح، يلزم البخاري ومسلماً إخراجه في صحيحيهما، لأنّه من شرطهما »(١) .

ترجمته

وسبط ابن الجوزي من كبار الحفّاظ المشهورين العلماء الاعلام المعتمدين، فقد ترجم له ووصفه بذلك، واعتمد على رواياته وأقواله مشاهير الأئمة في الكتب المختلفة، وقد أوردنا طرفاً من ذلك في قسم ( حديث النور ) ومنِ مصادر ترجمته الكتب التالية:

١ - وفيات الأعيان ٣ / ١٤٢.

٢ - فوات الوفيات ٤ / ٣٥٦.

٣ - ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٩.

٤ - المختصر في أحوال البشر ٣ / ٢٠٦.

٥ - تتمة المختصر في أحوال البشر ٢ / ٢٨٦.

٦ - العبر ٥ / ٢٢٠.

٧ - طبقات المفسرين ٢ / ٢٨٣.

____________________

(١). تذكرة خواص الاُمة: ٣٨ - ٣٩.

٣١٥

٨ - مرآة الجنان ٤ / ١٣٦.

٩ - الجواهر المضيّة في طبقات الحنفيّة ٢ / ٢٣٠.

١٠ - البداية والنهاية ١٣ / ١٩٤.

١١ - النجوم الزاهرة ٧ / ٣٩.

١٢ - النجوم الزاهرة ٧ / ٣٩.

١٣ - سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٩٦.

هذا، ولا يخفى على أهل العلم أنّ ( الدّهلوي ) أيضاً ممّن يعتمد على سبط ابن الجوزي ويستند إلى روايته، في نفس كتابه ( التحفة ).

(٥٣)

رواية الكنجي الشّافعي

رواه في باب عقده لنقله بأسانيده قائلاً:

« الباب الثالث والثلاثون - في حديث الطائر:

أخبرنا منصور بن محمّد أبو غالب المراتبي بها، أخبرنا أبو الفرج بن أبي الحسين الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمّد السدّي، أخبرنا علي بن عمر بن محمّد السكري، أخبرنا أبو الحسن علي بن السراج المصري، حدّثنا أبو محمّد فهد بن سليمان النحاس، حدّثنا أحمد بن يزيد، حدّثنا زهير، حدّثنا عثمان الطويل، عن أنس بن مالك، أهدي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر وكان يعجبه أكله، فقال: ائتني بأحبّ الخلق يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي بن أبي طالب فقال: إستأذن على رسول الله، قال: فقلت ما عليه إذن - وكنت أحب أنْ يكون رجلاً من الأنصار - فذهب، ثمّ رجع فقال: إستأذن لي عليه، فسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلامه فقال: اُدخل يا علي،

٣١٦

ثمّ قال: اللّهم وإليَّ اللّهم وإليَّ.

أخبرنا الشيخ العلّامة أبو محمّد عبد الله بن أبي الوفا محمّد بن الحسن الباذرائي الحافظ، عن الحافظ أبي محمّد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الهروي، أخبرنا أحمد بن عبد الصمد بن أبي الفضل بن أبي حامد، والقاضي أبو عامر محمود ابن القاسم الأزدي، وأبو نصر عبد العزيز بن محمّد بن إبراهيم الترياقي، قالوا: أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد بن عبد الله بن أبي الجراح المروزي، أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محبوب، أخبرنا الحافظ أبو عيسى محمّد ابن عيسى الترمذي، حدّثنا سفيان بن وكيع، حدّثنا عبيد الله بن موسى عن عيسى ابن عمر، عن السدّي، عن أنس بن مالك، قال: كان عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي هذا الطائر، فجاء علي فأكل معه.

قلت: هكذا أخرجه الترمذي في جامعه، وهو أحد الصحاح الستّة.

وقد صحّح الترمذي سماع السدّي من أنس، ووثقه أحمد بن حنبل وسفيان الثوري، وشعبة، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان.

وقال الحاكم النيسابوري: حديث الطائر يلزم البخاري ومسلم إخراجه في صحيحيهما لأن رجاله ثقات.

و أخبرنا إبراهيم بن بركات بن إبراهيم الخشوعي، أخبرنا الحافظ أبو القاسم، أخبرنا أبو القاسم السمرقندي، أخبرنا أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان، وأبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم، قالا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن عبد الله، حدّثنا حمزة بن القاسم الهاشمي، حدّثنا محمّد بن الهيثم، حدّثنا يوسف بن عدي، حدّثنا حماد بن المختار عن عبد الملك بن عمير، عن أنس قال: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر فوضع بين يديه، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي، فجاء

٣١٧

علي فدّق الباب فقلت: من ذا؟ فقال: أنا علي، فقلت: إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فرجع، ثلاث مرات كل ذلك يجيء، قال: فضرب الباب برجله فدخل، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حبسك؟ قال: جئت ثلاث مرات كل ذلك يقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حملك على ذلك؟ قال قلت: كنت أحب أنْ يكون رجلاً من قومي.

قلت: هكذا رواه الحافظ في تاريخه وطرّقه عن جماعة من الصحابة والتابعين.

أخبرنا شيخ الشيوخ أبو البركات عبد الرحمن بن أبي الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي السعيد الصوفي - قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد - أخبرنا أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، أخبرنا أحمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا محمّد ابن العباس بن نجيح، حدّثنا محمّد بن القاسم النحوي، حدّثنا أبو عاصم، عن أبي الهندي، عن أنس، قال: أُتي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطائر فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي، فجاء علي فحجبته مرتين، فجاء في الثالثة فأذنت له، فقال: يا علي ما حبسك؟ قال: هذه ثلاث مرات قد جئتها فحبسني أنس، قال: لِمَ يا أنس؟ قال: سمعت دعوتك يا رسول الله فأحببت أن يكون رجلاً من قومي. فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الرجل يحب قومه.

قلت: رزقناه عالياً، ذكره ابن نجيح البزاز في الأوّل من منتقى أبي حفص عمر البصري.

و قد رواه أيضاً سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما أخبرتنا الشيخة الصالحة شرف النساء، وابنة الإِمام أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن علي الأبنوسي إجازة.

٣١٨

وحدّثني عنها الإِمام الحافظ أبو محمّد الحسين بن الحافظ عبد الله بن الحافظ عبد الغني من لفظه، قالت: أخبرنا والدي أبو الحسن، أخبرنا أبو الغنائم محمّد بن علي بن الحسن الدقاق، أخبرنا أبو محمّد بن البيع، أخبرنا أبو عبد الله المحاملي، حدّثنا عبد الأعلى بن واصل، حدّثنا عون بن سلام، حدّثنا سهل بن شعيب، عن بريدة بن سفيان، عن سفينة - وكان خادماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طوائر. قال: فرفعت له أُم أيمن بعضها فلمـّا أصبح أتته بها، فقال: ما هذا أُم أيمن؟ فقالت: هذا بعض ما أُهدي لك أمس. قال: أوَلم أنهكِ أن ترفعي لأحد أو لغد طعاماً، إن لكلّ غدٍ رزقه ثمّ قال: اللّهم أدخل لي أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فدخل علي فقال: اللّهم وإليَّ.

قلت: رواه المحاملي في الجزء التاسع من أماليه، كما أخرجناه سواه، وفيه دلالة واضحة على أن علياًعليه‌السلام أحبُّ الخلق إلى الله، وأدل الدلالة على ذلك دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما دعا به.

وقد وعد الله تعالى من دعاه بالاجابة، حيث قال عزّ وجلّ( اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) فأمر بالدعاء ووعد بالإِجابة، وهو عزّ وجلّ لا يخلف الميعاد. وما كان الله عزّ وجلّ ليخلف وعده رسله ولا يرد دعاء رسوله لأحب الخلق إليه، ومن أقرب الوسائل إلى الله تعالى محبته ومحبة من يحب لحبه، كما أنشدني بعض أهل العلم في معناه:

بالخمسة الغرّ من قريش

وسادس القوم جبرئيل

بحبهم ربِّ فاعف عني

بحسن ظني بك الجميل

العدد الموسوم في هذا البيت أراد بهم أهل البيت أصحاب العباء الذين قال الله تعالى في حقهم:( لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) وهم محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين صلوات الله عليهم وسادس القوم جبرئيلعليه‌السلام .

٣١٩

وحديث أنس الذي صدّرته في أوّل الباب أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري عن ستة وثمانين رجلاً، كلهم رووه عن أنس، وهذا ترتيبهم على حروف المعجم.

- أ -

إبراهيم بن هدبة أبو هدبة، وإبراهيم بن مهاجر أبو إسحاق البجلي، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدّي، وإسماعيل بن سليمان بن المغيرة الأزرق، وإسماعيل بن وردان، وإسماعيل بن سليمان، وإسماعيل غير منسوب من أهل الكوفة، وإسماعيل بن سليمان التيمي، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأبان بن أبي عياش أبو إسماعيل.

- ب -

بسام الصيرفي الكوفي، وبرذعة بن عبد الرحمن.

- ث -

ثابت بن أسلم البنانيان، وثمامة بن عبد الله بن أنس.

- ج -

جعفر بن سليمان الضبعي.

- ح -

حسن بن أبي الحسن البصري، وحسن بن الحكم البجلي، وحميد بن التيرويه الطويل.

- خ -

خالد بن عبيد أبو عاصم.

- ز -

الزبير بن عدي، وزياد بن محمّد الثقفي، وزياد بن ثروان.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

لقاء الحبيبين على يد بقية السبطين :

ثم لقي الحسينعليه‌السلام عبد الله ، فقال : ما أنكرت مالك ، وإنما زعمت أنه كما دفعته إليها بطابعك ، فادخل إليها واستوف مالك منها. قال عبد الله : أو تأمر من يدفعه إليّ. قال : لا ، حتّى تقبض مالك منها ، كما دفعته إليها ، وتبرئها منه إذا أدته إليك.

فلما دخل عليها عبد الله قال لها الحسينعليه‌السلام : هذا عبد الله بن سلام قد جاء يطلب وديعته ، فأدّي إليه أمانته. فأخرجت إليه البدر ، فوضعتها بين يديه ، وقالت :هذا مالك ، فشكر وأثنى. وخرج الحسينعليه‌السلام عنهما. وفضّ عبد الله خواتم بدره ، وحثا لها من ذلك الدرّ حثوات ، وقال : خذي هذا فهو قليل مني. فاستعبرا جميعا ، حتّى علت أصواتهما بالبكاء ، أسفا على ما ابتليا به.

فدخل الحسينعليه‌السلام عليهما وقد رقّ لهما للذي سمع منهما. فقال : أشهد الله أنها طالق. الله م إنك قد تعلم أني لم أستنكحها رغبة في مالها ولا جمالها ، ولكني أردت إرجاعها لبعلها ، فأوجب لي بذلك الأجر. ولم يأخذ شيئا مما ساقه لها من مهرها. فسألها عبد الله أن تصرف إلى الحسينعليه‌السلام ما كان ساق لها ، فأجابته إلى ذلك ، شكرا لما صنعه بها ، فلم يقبله الحسينعليه‌السلام ، وقال : الّذي أرجو عليه من الثواب خير وأولى.

فلما انقضت أقراؤها تزوجها عبد الله بن سلام ، وبقيا زوجين سعيدين إلى أن فرّق الموت بينهما

وباءت مكيدة معاوية وابنه يزيد بالفشل ، لأنها مكيدة غدر وضرر ، ونجحت مبادرة الحسينعليه‌السلام لأنها مبادرة برّ وخير ، وصدق من قال : «كلّ إناء ينضح بما فيه». فهذه كانت أخلاق آل أبي سفيان ، وتلك كانت أخلاق آل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

يقول السيد محسن الأمين في (المجالس السنيّة) ج ٣ ص ٧٣ بعد إيراد هذه القصة : ومن هذا وشبهه كانت الأحقاد تزداد في قلب يزيد على الحسينعليه‌السلام ، حتّى أظهر الشماتة والفرح يوم جيء إليه برأس الحسينعليه‌السلام .

٣٨١

مرض معاوية وهلاكه

٤١٤ ـ مرض معاوية ووصيته :

(معالي السبطين في أحوال السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ١٢٣)

في (الناسخ) أن معاوية عاش ثمانين سنة. ولما تصرّمت أيامه ، وردت عليه كتب من أهل المدينة ، فوجد فيها رقعة مكتوب فيها :

إذا الرجال ولدت أولادها

واضطربت من كبر أعضادها

وجعلت أسقامها تعتادها

فهي زروع قد دنا حصادها

فقال معاوية : هذه الرقعة تهددني بالموت وتنعى إليّ نفسي. فما مضت إلا أيام قلائل حتّى ابتدأ به المرض والوجع.

قال المسعودي : إن معاوية دخل الحمّام في بدء علة كانت وفاته فيها ، فرأى نحول جسمه ، فبكى لفنائه وما قد أشرف عليه من الدثور الواقع بالخليقة ، وقال متمثّلا :

أرى الليالي أسرعت في نقضي

أخذن بعضي ، وتركن بعضي

حنين طولي وحنين عرضي

أقعدنني من بعد طول نهضي

فلما اشتدت علته وأيس من برئه ، أنشأ يقول :

فياليتني لم أعن في الملك ساعة

ولم أك في اللذات أعشى النواظر

وكنت كذي طمرين عاش ببلغة

من الدهر حتّى زار أهل المقابر

فلما مرض المرضة التي مات بها كان يبكي ، فقال له مروان : أتجزع من المرض؟. قال : لا بل أبكي وأجزع على نفسي مما ارتكبت ، وهو قتل حجر بن عدي وأصحابه ، وغصب عليعليه‌السلام حقه ومحاربتي معه ، وتوليتي يزيد على أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان معاوية في مرضه ربما اختلط في بعض الأوقات. فقال مرة : كم بيننا وبين الغوطة؟. فصاحت بنته : واحزناه! ثم مات.

وفي مخطوطة مصرع الحسين [مكتبة الأسد] ص ٣ :

وجاء في الخبر : أنه لما حضرت معاوية الوفاة دعا بولده يزيد ، وكان واليا على مدينة حمص ، استدعاه إلى دمشق ليوصيه.

٣٨٢

٤١٥ ـ وصية معاوية لابنه يزيد :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٧٤)

ثم قال معاوية ليزيد : إني من أجلك آثرت الدنيا على الآخرة ، ودفعت حق علي بن أبي طالب ، وحملت الوزر على ظهري ، وإني لخائف أنك لا تقبل وصيتي ، فتقتل خيار قومك ، ثم تغزو حرم ربك ، فتقتلهم بغير حق ، ثم يأتي الموت بغتة ، فلا دنيا أصبت ولا آخرة أدركت.

يا بنيّ إني جعلت هذا الملك مطعما لك ولولدك من بعدك ، وإني موصيك وصية فاقبلها ، فإنك تحمد عاقبتها ، وإنك بحمد الله صارم حازم.

انظر أن تثب على أعدائك كوثوب الهزبر البطل ، ولا تجبن كجبن الضعيف النّكل.

وفي (تذكرة الخواص) ص ٢٤٦ ط ٢ نجف :

فإني قد كفيتك الحلّ والترحال ، ووطّأت لك البلاد والرجال ، وأخضعت لك أعناق العرب. وإني لا أتخوّف عليك أن ينازعك هذا الأمر الّذي أسّست (استتبّ) لك ، إلا أربعة نفر من قريش : الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الرحمن بن أبي بكر.

فأما ابن عمر ، فرجل قد وقذته (أي أنحلته) العبادة ، وإذا لم يبق أحد غيره بايعك.

وأما الحسين ، فإن أهل العراق لن يدعوه حتّى يخرجوه ، فإن خرج عليك فظفرت به ، فاصفح عنه ، فإن له رحما ماسّة وحقا عظيما.

وأما ابن أبي بكر ، فإنه ليست له همّة إلا في النساء واللهو ، فإذا رأى أصحابه قد صنعوا شيئا صنع مثله.

وأما الّذي يجثم لك جثوم الأسد ، ويطرق (أي يضرب) إطراق الأفعوان ، ويراوغك مراوغة الثعلب (فإن أمكنته فرصة وثب) ، فذاك ابن الزبير. فإن وثب عليك وأمكنتك الفرصة منه ، فقطّعه إربا إربا.

تابع وصية معاوية ليزيد فيما يخص معاملة أهل الحجاز والعراق والشام :

(المصدر السابق ، ص ١٧٦)

ثم قال معاوية : وانظر إلى أهل الحجاز ، فإنهم أصلك وفرعك ، فأكرم من قدم عليك منهم ، ومن غاب عنك فلا تجفهم ولا تعقّهم.

٣٨٣

وانظر إلى أهل العراق ، فإنهم لا يحبونك أبدا ولا ينصحونك. ولكن دارهم ما أمكنك واستطعت ، وإن سألوك أن تعزل عنهم في كل يوم عاملا فافعل ، فإنّ عزل عامل واحد هو أيسر عليك وأخفّ من أن يشهروا عليك مائة ألف سيف.

وانظر يا بني أهل الشام ، فإنهم بطانتك وظهارتك ، وقد بلوتهم وخبرتهم وعرفت نياتهم ، وهم صبر عند اللقاء ، حماة في الوغى. فإن دار بك أمر من عدوّ يخرج عليك فانتصر بهم ، فإذا أصبت منهم حاجتك فارددهم إلى بلادهم يكونوا بها إلى وقت حاجتك إليهم.

قال : ثم تنفّس الصّعداء ، ثم غشي عليه ، فلم يفق من غشيته يومه ذلك. فلما أفاق قال : أوه( جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ ) [الإسراء : ٨١]. ثم جعل يقول :

إن تناقش يكن نقاشك يا

ربّ عذابا لا صبر لي بالعذاب

أو تجاوز فأنت ربّ رحيم

عن مسيء ذنوبه كالتراب

٤١٦ ـ وصية معاوية بوضع شيء من شعر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وظفره في فمه وعينه :

(المصدر السابق ، ص ١٧٧)

ثم قال معاوية : اعلموا أني كنت بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم وهو يقلّم أظفاره ، فأخذت القلامة ، وأخذت بمشقص من شعره على الصفا ، وجعلتها في قارورة هي عندي ، فاجعلوا أظفاره وشعره في فمي وأذني ، وصلّوا عليّ وواروني في حفرتي ، وذروني وربي ، فإنه غفور رحيم. ثم انقطع كلامه فلم ينطق بشيء.

وفي رواية القرماني في (أخبار الدول) ص ١٢٩ :

وكان عند معاوية شيء من شعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقلامة ظفره ، فأوصى أن يجعل ذلك في فمه وعينيه ، وأن يكفّن بثوب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقال : افعلوا ذلك وخلوّا بيني وبين أرحم الراحمين.

٤١٧ ـ تعليق على وصية معاوية ليزيد :

(حياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام لباقر شريف القرشي ، ج ٢ ص ٢٣٧)

بعد استعراض الوصية قال السيد باقر شريف القرشي :

وأكبر الظن أن هذه الوصية من الموضوعات. فقد افتعلت لإثبات حلم معاوية ، وأنه عهد إلى ولده بالإحسان الشامل إلى المسلمين ، وهو غير مسؤول عن تصرفاته.

٣٨٤

وفيها أن يعامل أهل العراق معاملة جيدة ، وكذلك أهل الحجاز ، وخاصة الحسينعليه‌السلام .

لكن الواقع أن مقابل هذه الوصية الظاهرية هناك وصية مستورة تعاكسها ، وهي الحقيقة التي ستطبق.

فقد روى المؤرخون أن معاوية أوصى يزيد بإرسال مسلم بن عقبة إلى المدينة إذا لم يبايعوا ، وكان (مسلم) جزّارا جلّادا لا يعرف الرحمة والرأفة. فهل هكذا الإحسان للحجازيين؟!.

كما أوصى بتعيين عبيد الله بن زياد على العراق ، وهو أكبر دموي غادر ، فهل هكذا الإحسان للعراقيين؟!.

وإذا كان معاوية لم يتردد في اغتيال الإمام الحسنعليه‌السلام حتّى بعد ما بايعه ، فهل حقا يوصي ابنه بالحسينعليه‌السلام ، وأن يعفو عنه إذا ظفر به. ولو أن الوصية المزعومة كانت صحيحة لما كان يزيد ، لا همّ له بعد موت أبيه إلا تحصيل البيعة من الحسينعليه‌السلام . الصحيح أنه أوصاه أن يغتاله سرا ، فبعث إلى والي المدينة كتابا صغيرا منفصلا عن الكتاب الأصلي يأمره به بقتله أو يبايع. كما أمر والي مكة ـ فيما بعد ـ بأن يقتله على أي حال اتفق ، حتّى ولو كان متمسكا بأستار الكعبة!.

توضيح : زعم بعض المؤرخين أن معاوية كتب وصيته ليزيد ، ويزيد لم يكن حاضرا عنده. وقال بعضهم إنه كان حاضرا عند الوصية. ولكنهم أجمعوا على أنه لم يكن حاضرا عند موته ، بل كان في (حوّارين) من أعمال شرق حمص. ويمكن إزالة هذا التعارض بالقول إن معاوية كتب الوصية في غياب يزيد ، ولما حضر قرأ أبوه عليه الوصية. ثم إن يزيد سافر إلى حوّارين ، وما لبث أبوه أن مات وهو غائب عنه. فاستدعاه الضحّاك بن قيس ، فقدم لثلاثة أيام على وفاته.

يقول الدينوري في (الأخبار الطوال) : إن معاوية أوصى وكان يزيد غائبا ، ثم قدم عليه يزيد ، فأعاد عليه الوصية ، ثم قضى.

٤١٨ ـ وفاة معاوية وعمره :(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٧٧)

يقول الخوارزمي : فتوفي معاوية في غد ذلك اليوم ، وليس عنده يزيد (بل خرج إلى حوران للصيد). فكان ملكه تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر. وتوفي بدمشق يوم الأحد لأيام خلت من شهر رجب سنة ٦٠ ه‍ ، وهو ابن ثمان وسبعين ٧٨ سنة.

٣٨٥

٤١٩ ـ هلاك معاوية وتشييعه :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ، ج ١ ص ١٧٤)

ذكروا أن نافع بن جبير قال :

إني بالشام يوم موت معاوية ، وكان يزيد غائبا ، واستخلف معاوية الضحاك بن قيس بعده ، حتّى يقدم يزيد

فلما مات معاوية خرج الضحّاك على الناس ، فقال : لا يحملنّ اليوم نعش أمير المؤمنين إلا قرشي. قال : فحملته قريش ساعة.

ثم قال أهل الشام : أصلح الله الأمير ، اجعل لنا من أمير المؤمنين نصيبا في موته كما كان لنا في حياته. قال : فاحملوه ، فحملوه وازدحموا عليه ، حتّى شقّوا البرد الّذي كان عليه صدعين (أي نصفين).

٣٨٦

الفصل الحادي عشر

حكم يزيد بن معاوية

[غرة شهر رجب سنة ٦٠ ه‍]

٤٢٠ ـ الوضع الفلكي أول حكم يزيد :

(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤١)

يقول اليعقوبي : وملك يزيد بن معاوية ، في مستهل رجب سنة ٦٠ ه‍ ، وكانت الشمس يومئذ في (الثور) درجة وعشرين دقيقة ، والقمر في (العقرب) كذا درجات وثلاثين دقيقة ، وزحل في (السرطان) إحدى عشرة درجة ، والمشتري في (الجدي) تسع عشرة درجة ، والمريخ في (الجوزاء) اثنتين وعشرين درجة وثلاثين دقيقة ، والزّهرة في (الجوزاء) ثماني درجات وخمسين دقيقة ، وعطارد في (الثور) عشرين درجة وثلاثين دقيقة.

٤٢١ ـ الحكم الوراثي :

لم يستنكر كثير من المسلمين بعد موت معاوية جلوس يزيد على الحكم ، رغم بشاعة هذا الأمر ومعارضته التامة لتعاليم الإسلام ، وما ذلك إلا لدهاء معاوية في التمهيد لهذا الأمر من قبل ، وتعويدهم عليه بعد استهجانه واستنكاره ، وهي من خطط الحكم الدكتاتوري الملكي الّذي ابتدعه معاوية ، وسرى داؤه في كل الحكم الأموي.

إن قانون ولاية العهد الّذي سنّه معاوية هو قانون اقتبسه من الأفكار الكسروية والهرقلية ليحارب به الإسلام. وهذا القانون إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على النزعة العنصرية. ومن عادة الطواغيت أنهم يحاولون أن تستمر مسيرتهم الدكتاتورية من خلال استمرارية وجودهم بشخص أبنائهم.

٤٢٢ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتنبّأ بحكم الطاغية يزيد :

في (الإتحاف بحب الأشراف) للشبراوي ، ص ٦٥ :

روى أبو يعلى من حديث أبي عبيدة رفعه : «لا يزال أمراء أمتي قائمين بالقسط حتّى يتسلمه رجل من بني أمية ، يقال له يزيد».

٣٨٧

وفي (تاريخ الخلفاء) للسيوطي ، ص ٢٠٧ :

وأخرج أبو يعلى في مسنده بسند ضعيف عن أبي عبيدة قال : «لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط ، حتّى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية ، يقال له : يزيد».

ورواه غير أبو يعلى بدون تسمية يزيد ، لأنهم كانوا يخافون من تسميته.

ولهذا روى ابن أبي شيبة وغيره عن أبي هريرة أنه قال : الله م لا تدركني سنة ستين ولا إمرة الصبيان. وكانت ولاية يزيد فيها.

٤٢٣ ـ الفساد بعد عام الستين :(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٦ ص ٢٥٩)

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن أن الوليد بن قيس النجيعي حدثه أن أبا سعيد الخدري قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «يكون خلفّ من بعد الستين سنة( أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) (٥٩) [مريم : ٥٩]. ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم (أي لا يتعدى حلوقهم) ، ويقرأ القرآن ثلاثة :مؤمن ومنافق وفاجر».

قال بشير : فقلت للوليد بن قيس : ما هؤلاء الثلاثة؟. قال : المنافق كافر به ، والفاجر يتأكلّ به ، والمؤمن يؤمن به. (رواه أحمد بسند جيد قوي).

٤٢٤ ـ خلافة يزيد بن معاوية في رجب سنة ٦٠ ه‍ :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ١٨٨ طبعة أولى مصر)

قال هشام بن محمّد الكلبي عن أبي مخنف : ولي يزيد بن معاوية في هلال رجب سنة ٦٠ ه‍.(وفي رواية) : بويع ليزيد بالخلافة بعد وفاة أبيه معاوية للنصف من رجب ، وقيل لثمان بقين منه.

٤٢٥ ـ ذكر مدة خلافة يزيد بن معاوية وعمره :

قال المسعودي في (مروج الذهب) ج ٣ ص ٦٣ :

بويع يزيد بن معاوية ، فكانت أيامه ثلاث سنين وثمانية أشهر إلا ثماني ليال.

وهلك يزيد بحوّارين من أرض دمشق ، لسبع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ٦٤ ه‍ ، وهو ابن ٣٣ سنة.

وقال ابن الطقطقا في (الفخري) ص ١١٣ :

كانت ولاية يزيد على أصح القولين ثلاث سنين وستة أشهر. ففي السنة الأولى

٣٨٨

قتل الحسين بن عليعليه‌السلام ، وفي السنة الثانية نهب المدينة وأباحها ثلاثة أيام ، وفي السنة الثالثة غزا الكعبة.

وفي (تاريخ أبي الفداء) ج ٢ ص ١٠٤ :

وكانت مدة خلافته ثلاث سنين ونصف.

وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) ص ٢٠٥ :

يزيد بن معاوية الأموي ، أبو خالد. ولد سنة ٢٥ أو ٢٦ ه‍.

وقال ابن عبد ربه في (العقد الفريد) ج ٤ ص ٣٠٥ :

مات يزيد يوم الخميس لأربع عشرة خلت من ربيع الأول سنة ٦٤ ه‍ ، وعمره ٣٨ سنة. ودفن بحوّارين خارجا من المدينة.

وقال المسعودي في (التنبيه والإشراف) ص ٢٦٤ : وهلك يزيد بحوّارين من أرض دمشق ، مما يلي قارا والقطيفة طريق حمص في البر ، لسبع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ٦٤ ه‍ ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وكانت أيامه ثلاث سنين وسبعة أشهر و ٢٢ يوما.

٤٢٦ ـ صفة يزيد وهيئته :

قال المسعودي في (التنبيه والإشراف) ص ٢٦٤ : كان يزيد آدم ، شديد الأدمة ، عظيم الهامة ، بوجهه أثر جدري بيّن. يبادر بلذته ، ويجاهر بمعصيته ، ويستحسن خطأه ، ويهوّن الأمور على نفسه في دينه ، إذا صحّت له دنياه.

وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) : كان ضخما ، كثير اللحم ، كثير الشعر.

وقال ابن عبد ربه في (العقد الفريد) : كان آدم جعدا مهضوما ، أحور العينين ، بوجهه آثار جدري ، حسن اللحية خفيفها.

وكان كاتبه وصاحب أمره : سرجون بن منصور.

وقال المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ٩١ :

بل صفاته كصفات العبيد : ذميم الوجه ، قبيح المنظر ، أفطس الأنف ، أسود الخدّ ، بشدقه ضربة كزند البعير ، غليظ الشفتين ، جدريّ الخدين. وكان على وجهه أثر ضربة. إذا تكلم كان جهير الصوت.

٣٨٩

٤٢٧ ـ وصف الطرمّاح لسوء خلقة يزيد :(المصدر الأخير)

ولنعم ما قال الطرمّاح. لما دخل على معاوية نظر إلى يزيد وهو جالس على السرير ، فلم يسلّم عليه ، وقال : من هذا الغيشوم الميشوم ، المضروب على الخيشوم ، الواسع الحلقوم ، طويل الخرطوم [أي الأنف]؟. فقالوا : صه يا أعرابي ، هذا يزيد. قال : ومن يزيد لا زاد الله في مرامه ، ولا بلغّه مراده.والحاصل أن صفات يزيد كصفات الأداني ، وهيئته كهيئة العبيد.

٤٢٨ ـ (ميسون) أم يزيد :(تاريخ أبي الفداء ، ج ٢ ص ١٠٤)

وكانت أمه : ميسون بنت بجدل الكلبية ، أقام يزيد معها بين أهلها في البادية ، وتعلم الفصاحة ونظم الشعر هناك ، في بادية بني كلب [وهي البادية الممتدة شرق حمص ، ومن قارا والقطيفة إلى القريتين]. وكان سبب إرساله مع أمه إلى هناك ، أن معاوية سمع ميسون تنشد هذه الأبيات وهي جالسة في قصره :

لبيت تخفق الأرواح فيه

أحبّ إليّ من قصر منيف

ولبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشفوف

وخرق من بني عمي فقير

أحبّ إليّ من علج عنيف

فطلقّها معاوية ، وبعثها مع يزيد إلى أهلها ، وهي حامل.

٤٢٩ ـ أولاد يزيد وزوجاته :(العقد الفريد لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣٠٥)

ليزيد عدة أولادهم :

ـ معاوية وخالد وأبو سفيان ، أمهم : فاختة بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة.

ـ وعبد الله وعمر ، أمهما : أم كلثوم بنت عبد الله بن عباس.

وكان ابنه عبد الله ناسكا ، وولده خالد عالما. لم يكن في بني أمية أزهد من عبد الله ، ولا أعلم من خالد.

روى الأصمعي عن أبي عمرو قال : أعرق الناس في الخلافة (عاتكة) بنت يزيد ابن معاوية : أبوها خليفة ، وجدها معاوية خليفة ، وأخوها معاوية الثاني خليفة ، وزوجها عبد الملك بن مروان خليفة ، وأربّاؤها الوليد وسليمان وهشام خلفاء.

وذكر السلطان الأشرف عمر بن يوسف في (طرف الأصحاب في معرفة الأنساب) أن أولاد يزيد هم :

٣٩٠

معاوية وخالد وعبد الله الأكبر والأصغر وعمير وعبد الرحمن وعتبة ويزيد ومحمد وحرب والربيع وعبد الله.

وفي (مروج الذهب) للمسعودي ، ج ٣ ص ٩٨ قال :

خلّف معاوية : عبد الرحمن ، يزيد ، عبد الله ، هندا ، رملة ، صفية.

وخلّف ابنه يزيد : معاوية ، خالد ، عبد الله الأكبر ، أبا سفيان ، عبد الله الأصغر ، عمر ، عاتكة ، عبد الرحمن ، عثمان ، عتبة الأعور ، أبا بكر ، محمّد ، يزيد ، أم يزيد ، أم عبد الرحمن ، رملة.

(أقول) : وأفضلهم قاطبة معاوية (الثاني) المسمى بمعاوية الصغير ، وهو الّذي وصّى له يزيد بالخلافة ، فخلع نفسه منها معترفا بأخطاء أبيه وأجداده ، ولو علم أبوه أنه سيفعل ذلك ما كان وصّى له.

وأفضل زوجاته (هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز) التي استنكرت على يزيد أعماله الشائنة ، وقتله للحسينعليه‌السلام ، ودخلت عليه مجلسه ووبّخته. في حين أحسنت ضيافة زينبعليها‌السلام والهاشميات في دار يزيد حين جئن سبايا إلى الشام.

وسوف نتناول بالتفصيل نسب يزيد وأمه ميسون ، وكذلك معاوية وأمه هند بنت عتبة ، في آخر فصل من الجزء الثاني من الموسوعة ، وهو نسب يندى له الجبين.

٤٣٠ ـ فسوق يزيد :(مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٨١ و ٧٧)

وليزيد أخبار عجيبة ومثالب كثيرة : من شرب الخمر ، وقتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولعن الوصيعليه‌السلام ، وهدم البيت وإحراقه ، وسفك الدماء ، والفسق والفجور ، وغير ذلك ، مما قد ورد فيه الوعيد باليأس من غفرانه ، كوروده فيمن جحد توحيده وخالف رسله.

وفي أيام يزيد ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي ، وأظهر الناس شرب الشراب. وكان له قرد يكنّى بأبي قبيس ، يحضره مجلس منادمته ، ويطرح له متّكأ ، وكان قردا خبيثا ، وكان يحمله على أتان (أي حمارة) وحشية قد ريضت ، وذلّلت لذلك بسرج ولجام.

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) ج ٤ ص ١ :

وكان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب ، والاستهتار بالغناء والصيد ،

٣٩١

واتخاذ القيان والغلمان ، والتفكّه بما يضحك منه المترفون ، من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة.

شرح : المعافرة : هي المهارشة ، وهي أن يدع الكلاب تثب على بعضها وتتقاتل.

وقال الاصفهاني في (الأغاني) ج ١٦ ص ٦٨ :

كان يزيد بن معاوية أول من سنّ الملاهي في الإسلام من الخلفاء ، وآوى المغنين وأظهر الفتك وشرب الخمر. وكان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه ، والأخطل الشاعر النصراني ، وكان يأتيه من المغنين (سائب خاثر) فيقيم عنده فيخلع عليه.

وقال ابن الطقطقي في (الآداب السلطانية) ص ١١٣ : ثم ملك يزيد ، وكان موفور الرغبة في الله والقنص والخمر والنساء والشعر.

٤٣١ ـ اقتداء حاشية يزيد به في الفسوق :

(مرآة العقول للمجلسي ، المقدمة للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص)

وكان من الطبيعي أن يتأثر بيزيد حاشيته ، ويتظاهر الخلعاء والماجنون أمرهم ، كما ذكره المسعودي في (مروج الذهب) قال :

وغلب على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق. وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي ، وأظهر الناس شرب الشراب.

٤٣٢ ـ استخدام يزيد للنصارى :

(منتخبات التواريخ لدمشق لمحمد أديب الحصني ، ج ١ ص ٨٦)

وقد كان يزيد يتزيّد في تقريب المسيحيين ، ويستكثر منهم في بطانته الخاصة.

وقد استخدم المسيحيين في مصالح الملك في زمن خلافته ، فعهد بأمور المالية إلى منصور وسرجون من نصارى العرب السوريين. [وكان سرجون مستودع أسرار معاوية ، ثم اتخذه يزيد لمشورته في كل معضلة].

(أقول) : وإن تقريبه للمسيحيين منبعث من كون أمه مسيحية من بني كلب ، وهي ميسون بنت بجدل.

وهذه فكرة عن المنطقة التي تربّى فيها يزيد بين أخواله النصارى في (حوّارين) بعد أن طلّق معاوية أمه ، فالتحقت بأهلها.

٣٩٢

ـ خربة حوّارين :

قال الدكتور عفيف بهنسي في كتابه (سورية التاريخ والحضارة) ص ٥٨٦ :

خربة في هضبة حمص ، تقع في أرض سهلية متموجة ، فيها خرائب تعود إلى العصور التدمرية والبيزنطية والعربية الإسلامية. تمرّ بجوارها سكة حديد حمص ـ دمشق. وتنسب إلى يزيد بن معاوية [٦٠ ـ ٦٤ ه‍]. مع أنه لم يترك أثرا من المنشآت أو القصور ، ويرجع ذلك إلى انغماسه باللهو والصيد.

٤٣٣ ـ جبل (سنير):

جبل سنير : هو جبل حرمون ، بل هو سلسلة جبال لبنان الشرقية ، ويقع بين حمص وبعلبك ، وعلى رأسه قلعة سنير ، وهو يمتد مشرّقا حتّى القريتين.

ويقسم جبل سنير إلى ثلاثة أقسام ، مركزها دمشق أو جبل قاسيون ، وهي :

١ ـ جبل سنير الغربي : قضاء الزبداني ، ومنه جبل بلودان.

٢ ـ جبل سنير الشرقي والشمالي : قضاء النبك ، واسمه القديم القلمون.

٣ ـ جبل سنير الجنوبي : قضاء قطنا ، واسمه القديم الحرمون.

وفي (جولة أثرية في بعض البلاد الشامية) لأوليا جلبي ، ترجمة أحمد وصفي زكريا ، ص ٣٧١ :

كان جبل القلمون قبل الفتح الإسلامي يدعى (جبل سنير) وهو مأهول بأحفاد الآراميين ، سكان الشام الأقدمين ، بينهم فئة من الروم. ولما استقرت أقدام المسلمين في الشام ، سكن فيه من قبائل العرب بنو ضبّة وبعض بني كلب ، الذين منهم ميسون بنت بجدل أم يزيد بن معاوية ، وهذا هو السبب في تفضيل يزيد الإقامة واللهو في (حوّارين) والصيد في أعالي جبل سنير ، ليكون بين أخواله.

وفي (أنساب الأشراف) : أن (حوّارين) هو الاسم القديم (للقريتين).

وفي (منجد الأعلام) : أن (حوّارين) مكان بين دمشق وتدمر وحمص ، سكنه النصارى الآراميون في بداية العهد الأموي.

٣٩٣

ترجمة سرجون الرومي

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٦٩)

سرجون : كاتب يزيد وأنيسه وصاحب سره. نصراني كان مولى لمعاوية.

وفي كتاب (الإسلام والحضارة العربية) لمحمد كرد علي ، ج ٢

ص ١٥٨ : كان سرجون بن منصور من نصارى الشام. استخدمه معاوية في مصالح الدولة. وكان أبوه منصور على المال في الشام من عهد هرقل قبل الفتح ، ساعد المسلمين في قتال الروم.

ومنصور بن سرجون كانت له خدمة في الدولة كأبيه. وكان عمر ابن الخطاب يمنع من خدمة النصارى إلا إذا أسلموا.

٤٣٤ ـ أعمال يزيد ومعاوية كانت السبب الرئيسي لانقسام المسلمين وتفرق كلمتهم إلى يوم الدين :(منتخبات التواريخ ، ج ١ ص ٨٧)

يقول محمّد أديب الحصني :

ومن أشأم الوقائع التاريخية التي حدثت في عهد يزيد وأحدثت تبدلا عظيما في السياسة وتغيرا فاحشا في اجتماعات المسلمين : واقعة كربلاء المشهورة ، التي دوّنها المؤرخون ، وانتهت بقتل سيّد البيت العلوي المطهّر ورئيسه ، الإمام الحسين ابن علي سيد الشهداء ، وجماعة من سلالته وذوي رحمه ، أفظع قتل وأشنعه.

فهذه الدهماء والنازلة الشنعاء التي تسببت عن سوء سياسة يزيد ، هي التي ضعضعت أركان الحكومة الإسلامية ، وشوّشت أمر جامعة المسلمين ، وأتمّت أدوار الانشقاق والاضطراب ، التي ابتدأت في عهد والديهما [يعني عليا ومعاوية].وكانت إحدى الأسباب في تفريق الكلمة وتشتيت الوحدة وانثلام الحصن. فإن المسلمين مالبثوا من ذلك العصر ، ومن جراء تلك الحادثة المشؤومة والتي قبلها ، متفرقين طرائق ومنقسمين شيعا ، وخصوصا بعد ما ألبسوا المسألة صبغة دينية ، شأنهم في جميع الحوادث التاريخية ، التي حدثت في ذلك العصر وقبله وبعده بقليل.

٣٩٤

٤٣٥ ـ أعمال وحشية لا نظير لها :(المنتخب للطريحي ، ص ١٥ ط ٢)

ولما هلك معاوية تولى من بعده ولده يزيد ، فنهض إلى حرب الحسينعليه‌السلام وجهز له العساكر وجيّش له الجيوش ، وأمّر عليهم عبيد الله بن زياد ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام وقتل رجاله وذبح أطفاله وسبي عياله ونهب أمواله. ولم يكفهم ذلك حتّى أنهم بعد قتله رضّوا أضلاعه وصدره بحوافر الخيول ، وحملوا رؤوسهم على القنا ، وحريمهم على أقتاب الجمال في أشدّ العنا.

٤٣٦ ـ خلافة يزيد :

يقول الذهبي في (دول الإسلام) ج ١ ص ٤٥ :

كان معاوية قد جعل يزيد ولي العهد من بعده. فقدم من أرض حمص ، وبادر إلى قبر والده. ثم دخل دمشق فركب إلى (الخضراء) وكانت دار السلطنة.

٤٣٧ ـ مجيء يزيد إلى دمشق :(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢)

بعث الضحاك بن قيس رسالة إلى يزيد يستقدمه من (حوّارين) بعد دفن معاوية ، ليستلم مقاليد الحكم ويبايعه الناس بيعة محدودة [مجددة].

قال : ثم ورد الكتاب على يزيد ، فوثب صائحا باكيا ، وأمر بإسراج دوابه ، وسار يريد دمشق. فصار إليها بعد ثلاثة أيام من مدفن معاوية. وخرج

حتّى إذا وافى يزيد قريبا من دمشق ، فجعل الناس يتلقّونه فيبكون ويبكي.

قال : وسار يزيد ومعه جماعة إلى قبر معاوية ، فجلس وانتحب ساعة وبكى.

جلوس يزيد في قصر الخضراء :

ثم ركب يزيد وسار إلى قبة لأبيه خضراء ، فدخلها وهو معتم بعمامة خزّ سوداء ، متقلّدا بسيف أبيه معاوية ، حتّى وصل إلى باب الدار.

ثم دخل القبة الخضراء (وكانت دار السلطنة) وجلس على فرش منصوبة له ، وأخذ الناس يهنئونه بالخلافة ، ويعزّونه في أبيه.

ثم نعى أبيه لهم ، وذكر خصالا له ، فقال :

وقد كان أمير المؤمنين معاوية لكم كالأب البارّ بالولد ، وكان من العرب أمجدها وأحمدها وأهمدها ، وأعظمها خطرا ، وأرفعها ذكرا ، وأنداها أنامل ، وأوسعها فواضل ، وأسماها إلى الفرع الباسق.

٣٩٥

٤٣٨ ـ أحد الحاضرين يكذّب يزيد :(المصدر السابق ، ص ٧)

قال : فصاح به صائح من أقاصي الناس وقال : كذبت والله يا عدوّ الله!. ما كان معاوية والله بهذه الصفة ، وإنما كانت هذه صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه أخلاقه وأخلاق أهل بيته ، لا معاوية ولا أنت.

قال : فاضطرب الناس ، وطلب الرجل فلم يقدروا عليه ، وسكت الناس.

٤٣٩ ـ خطبة يزيد في أهل الشام :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٨ ؛ والبداية والنهاية ج ٨ ص ١٤٣)

ثم رقى يزيد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن معاوية كان عبدا من عباد الله ، أنعم الله عليه ، ثم قبضه إليه ، وهو خير ممن بعده ، ودون من قبله ، ولا أزكّيه على اللهعزوجل فإنه أعلم به. إن عفا عنه فبرحمته ، وإن عاقبه فبذنبه. وقد وليت [هذا] الأمر من بعده ، ولست آسى على طلب [حقّ] ، ولا أعتذر من تفريط [في باطل] ، وإذا أراد الله شيئا كان. ولقد كان معاوية يغزوكم في البحر ، وإني لست حاملا أحدا من المسلمين في البحر. وكان يشتّيكم بأرض الروم ، ولست مشتّيا أحدا بأرض الروم. وكان يخرج عطاءكم أثلاثا وأنا أجمعه كله لكم.

٤٤٠ ـ متى عزل مروان؟ :

قال ابن أعثم في (الفتوح) ج ٥ ص ١٠ :

ثم عزم يزيد على الكتب إلى جميع البلاد ، بأخذ البيعة له.

قال : وكان على المدينة يومئذ مروان بن الحكم فعزله يزيد ، وولى مكانه ابن عمه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وكتب إليه.

(وفي رواية) : أول عمل عمله يزيد بعد دفن أبيه ، أنه عزل مروان ووضع الوليد بن عتبة.

(أقول) : هذا غير صحيح ، لأن مروان لم يكن على المدينة يوم مات معاوية ، وإن صحّ فهو يدل على التناحر الخفي بين فرعي بني أمية ، وهما :

ـ الأعياص : بنو العاص ، ومنهم عثمان ومروان بن الحكم بن أبي العاص.

ـ والعنابس : ومنهم حرب وأبو سفيان ومعاوية ويزيد.

٣٩٦

والصحيح أن مروان كان على المدينة حتّى عزل سنة ٤٨ ه‍ ، ثم ولّي ثانية سنة ٥٤ ه‍ ، ثم عزل آخر سنة ٥٧ ه‍ ، ووليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان حتّى مات معاوية.

٤٤١ ـ الولاة على الأمصار :(الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٥٢)

وفي رجب من سنة ٦٠ ه‍ بويع يزيد بالخلافة بعد موت أبيه. فلما تولى كان :

ـ على المدينة : الوليد بن عتبة بن أبي سفيان.

ـ على مكة : عمرو بن سعيد بن العاص.

ـ على البصرة : عبيد الله بن زياد.

ـ على الكوفة : النعمان بن بشير الأنصاري.

ولم يكن ليزيد همّة حين ولي ، إلا النفر الذين أبوا على معاوية بيعته.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٦ ط ٢ نجف :

فلم يكن ليزيد همّ بعد موت أبيه ، إلا بيعة النفر الذين سمّاهم أبوه.

٣٩٧

توقيت الحوادث الأساسية

عن كتاب (التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنجية) تأليف اللواء المصري محمّد مختار باشا ، طبع سنة ١٣١١ ه‍ :

النصف الثاني من سنة ٦٠ ه‍ :

السبت

١ رجب

سنة ٦٠ ه‍

مات معاوية وعمره ٧٧ سنة

٧ نيسان

سنة ٦٨٠ م

الإثنين

١ شعبان

سنة ٦٠ ه‍

مسير الحسين من المدينة إلى مكة

٧ أيار

سنة ٦٨٠ م

الأحد

٨ ذوالحجة

سنة ٦٠ ه‍

استشهاد مسلم بن عقيل ،

٩ أيلول

سنة ٦٨٠ م

ومسير الحسينعليه‌السلام إلى العراق

بداية سنة ٦١ هجرية :

الاثنين

١ محرم

سنة ٦١ ه

١ تشرين أول

سنة ٦٨٠ م

الأربعاء

١٠ محرم

سنة ٦١ ه‍

مقتل مولانا الحسينعليه‌السلام

١٠ تشرين أول

سنة ٦٨٠ م

الأربعاء

١ صفر

سنة ٦١ ه

دخول السبايا إلى دمشق

٣١ تشرين أول

سنة ٦٨٠ م

الاثنين

٢٠ صفر

سنة ٦١ ه

زيارة الأربعين

١٩ تشرين ثاني

سنة ٦٨٠ م

٣٩٨

جدول زمني بحوادث وقعة كربلاء

(مجلة رسالة الحسين طبع قم ، العدد ٢ محرم ١٤١٢ ه‍ ، ص ٣٠٣)

اليوم

الشهر

السنة

الحادثة

الأحد

١٥ رجب

٦٠ ه‍

مات معاوية ، واستلم الحكم يزيد

الجمعة

٢٧ رجب

٦٠ ه‍

طلب الوليد البيعة من الحسينعليه‌السلام

السبت

٢٨ رجب

اللقاء الثاني بين الوليد والحسينعليه‌السلام

ليلة الأحد

٢٩ رجب

خروج الحسينعليه‌السلام من المدينة

ليلة الجمعة

٤ شعبان

٦٠ ه‍

الدخول إلى مكة

من ٤ شعبان إلى ٨ ذي الحجة

المقام في مكة

(أربعة أشهر وأربعة أيام)

الأربعاء

١٠ رمضان

٦٠ ه‍

وصول أولى رسائل أهل الكوفة

الاثنين

١٥ رمضان

خروج مسلم بن عقيل من مكة

الثلاثاء

٥ شوال

٦٠ ه‍

دخول مسلم الكوفة

الثلاثاء

٨ ذو الحجة

٦٠ ه‍

مقتل مسلم رضي الله عنه

الثلاثاء

٨ ذو الحجة

٦٠ ه‍

خروج الحسينعليه‌السلام من مكة إلى العراق

الخميس

٢ محرم

٦١ ه‍

وصول الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء

(استغرق الطريق من مكة إلى كربلاء ٢٣ يوما)

الجمعة

٣ محرم

٦١ ه‍

وصول عمر بن سعد إلى كربلاء

من ٣ ـ ٦ محرم

مفاوضات ابن سعد مع الحسين والتعبئة

الثلاثاء

٧ محرم

قطع الماء عن معسكر الحسينعليه‌السلام

الخميس

٩ محرم

محاولة الحملة على معسكر الحسينعليه‌السلام

ليلة الجمعة

١٠ محرم

طلب الحسين الإمهال للصلاة والدعاء

٣٩٩

الجمعة

١٠ محرم

٦١ ه‍

وقعة كربلاء من الظهر إلى العصر

زوال السبت

١١ محرم

الرحيل بالسبايا من كربلاء إلى الكوفة

الجمعة

١ صفر

٦١ ه‍

دخول ركب السبايا إلى دمشق.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411