نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 305223 / تحميل: 6543
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أُعطيت ما لم يعطه أحد من الانبياء ، فقلنا يا رسول اللّه ما هو؟ قال : نصرت بالرعب ، واعطيت مفاتيح الأرض ، وسميت أحمد ، وجعل التراب لي طهوراً ، وجعلت امتي خير الامم.

[مشكل الآثار ج ٢ ص ٢٦٣ ] روى بسنده عن مجاهد المكي عن ابي هريرة ، قال : كنا نحرس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في بعض مغازيه ذات ليلة فجئت الى المكان الذي فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يكون مضطجعا فلم أجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في مضجعه فظننت ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم انما اقامته الصلاة ، فتقلبت ورميت يمينا وشمالا فاذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قائم في الشجرة يصلي فهويت نحوه فاذا رجل قد أخرجه مثل الذي اخرجني فقمت أنا وهو خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم نصلي بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فصلى ما شاء اللّه أن يصلي حتى إذا كان بين ظهراني صلاته سجد سجدة ظننت انه قد قبض فيها ، فابتدرناه فجلسنا بين يديه أنا وصاحبي فساءلنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وساءلناه ثم قال : هل انكرتم من صلاتي الليلة شيئا ، فقلنا نعم يا رسول اللّه ، سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة حتى ظنننا انك قد قبضت فيها ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : إني أُعطيت فيها خمساً لم يعطها نبي قبلي ، اني بعثت الى الناس كافة أحمرهم وأسودهم ، وكان النبي قبلي يبعث الى أهل بيته أو الى أهل قريته ، ونصرت بالرعب على عدوي مسيرة شهر امامي وشهر خلفي وأحلت لي الغنائم والأخماس ولم تحل لنبي قبلي إنما تؤخذ فتوضع فتنزل عليها النار من السماء بيضاء فتحرقها ، وجعلت لي الارض مسجداً وطهوراً أصلي فيها حيث أدركتني الصلاة ، واعطيت حينئذ دعوة فذخرتها شفاعة لامتي يوم القيامة ، قال مجاهد : قال ابو هريرة : وكان صاحبي ـ وكان أفضل مني ـ نسيت أفضلها أو أخيرها ، قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وانا أرجو أن تنال من امتي من لا يشرك باللّه شيئاً.

٦١

باب

في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيد الانبياء وامامهم

وهم يؤمنون به

[مستدرك الصحيحين ج ٢ ص ٥٤٦ ] روى بسنده عن ابي هريرة قال : سيد الانبياء خمسة ومحمد صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم سيد الخمسة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم.

[كنز العمال ج ٦ ص ١٠٨ ] ولفظه : انا سيد المرسلين اذا بعثوا وسابقهم اذا وردوا ، ومبشرهم اذا يئسوا ، وامامهم اذا سجدوا ، وأقربهم مجلسا اذا اجتمعوا ، أتكلم فيصدقني ، وأشفع فيشفعني ، وأسأل فيعطيني (قال) أخرجه ابن النجار.

[مستدرك الصحيحين ج ٢ ص ٦١٤ ] روى بسنده عن ابن عباس قال : أوحى اللّه الى عيسى : يا عيسى آمن بمحمد ، وامر من أدركه من امتك ان يؤمنوا به ، فلو لا محمد ما خلقت ، ولو لا محمد ما خلقت الجنة والنار ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه فسكن.

[مستدرك الصحيحين ج ٢ ص ٦١٧ ] روى بسنده عن انس بن مالك قال : كنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في سفر فنزلنا منزلاً فاذا

٦٢

رجل في الوادي يقول : اللهم أجعلني من أمة محمد صلّى الله عليه و (آله) وسلم المرحومة المغفورة المثاب لها ، قال : فاشرقت على الوادي فاذا رجل طوله اكثر من ثلاث مائة ذراع فقال لي من أنت؟ قال : قلت أنا أنس بن مالك خادم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، قال : اين هو؟ قلت : هو ذا يسمع كلامك ، قال : فأته واقرأه مني السلام وقل له : أخوك الياس يقرئك السلام ، فاتيت النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فاخبرته فجاء حتى لقيه فعانقه وسلم عليه ثم قعد يتحدثان ، فقال له : يا رسول اللّه اني آكل في كل سنة يوماً وهذا يوم فطري فآكل انا وأنت ، فنزلت عليهما مائدة من السماء عليها خبز وحوت وكرفس فأكلا واطعماني وصلينا العصر ثم ودعه ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء.

[سنن الدارمي ج ١ ص ١١٥ ] روى بسنده عن جابر ان عمر بن الخطاب اني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بنسخة من التوراة ، فقال : يا رسول اللّه هذه نسخة من التوراة فسكت فجعل يقرأ ووجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يتغير ، فقال ابو بكر : ثكلتك أمك ما ترى بوجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقال : اعوذ باللّه من غضب اللّه ومن غضب رسوله ، رضينا باللّه رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم نبياً ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل ، ولو كان حياً وأدرك لا تبعني.

٦٣

بابٌ

في ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكثر الانبياء تبعا ً

[صحيح مسلم] في كتاب الايمان في باب قول النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا أول الناس يشفع في الجنة ، روى بسنده عن انس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا اكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة.

[صحيح مسلم] روى في الباب المتقدم بسنده عن أنس ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا أول الناس يشفع في الجنة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً.

[صحيح مسلم] روى في الباب المتقدم بسنده عن انس ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت ، وان من الانبياء ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد.

٦٤

باب

في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ختم به النبيون

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق ، في باب خاتم النبيين روى بسنده عن أبي هريرة ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : ان مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زواية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ، قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين.

[صحيح مسلم] في كتاب الفضائل في باب ذكر كونه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم خاتم النبيين ، روى بسنده عن جابر عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بني داراً فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون : لو لا موضع اللبنة ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء.

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٣٩٦ ] روى بسنده عن حذيفة ان نبي اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : في امتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون ، ومنهم اربع نسوة ، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي.

٦٥

باب

في ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرى من وراء ظهره

ويرى في الظلمة

[صحيح البخاري] في كتاب الصلاة ، في باب عظة الامام الناس في اتمام الصلاة ، روى بسنده عن أبي هريرة ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، قال : هل ترون قبلتي هاهنا؟ فو اللّه ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم ، إني لأراكم من وراء ظهري.

[صحيح البخاري] في الباب المتقدم ، روى بسنده عن أنس بن مالك قال : صلّى بنا النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ثم رقي المنبر فقال ـ في الصلاة وفي الركوع ـ اني لأراكم من ورائي كما أراكم.

[صحيح البخاري] في باب تسوية الصفوف ، روى بسنده عن انس قال : أُقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بوجهه فقال : اقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري.

[صحيح مسلم] في كتاب الصلاة في باب الأمر بتحسين الصلاة ، روى بسنده عن ابي هريرة ، قال : صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يوماً ثم انصرف فقال : يا فلان ألا تحسن صلاتك ، ألا ينظر المصلي اذا صلّى

٦٦

كيف يصلي؟ فانما يصلي لنفسه ، وإني واللّه لأبصر من ورائي كما ابصر من بين يدي.

[صحيح مسلم] في باب النهي عن سبق الامام ، بسنده عن انس قال : صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ذات يوم فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال : ايها الناس اني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف ، فاني أراكم امامي ومن خلفي ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً قالوا وما رأيت يا رسول اللّه؟ قال : رأيت الجنة والنار.

[تاريخ بغداد ج ٤ ص ٢٧٢ ] روى بسنده عن عائشة قالت : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يرى في الظلمة كما يرى في الضوء.

٦٧

بابٌ

في ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يتمثل الشيطان بصورته

[صحيح البخاري] في كتاب العلم في باب إثم من كذب على النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، روى بسنده عن ابي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، قال : تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ، ومن رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل في صورتي ، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.

[صحيح البخاري] في التعبير في باب من رأى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في المنام ، روى بسنده عن أنس ، قال : قال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتخيل بي ، ورؤيا المؤمن ستة واربعون جزءً من النبوة.

[صحيح مسلم] في كتاب الرؤيا في باب قول النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم من رآني في المنام فقد رآني ، روى بسنده عن ابي هريرة قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يقول : من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، أو لكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي.

٦٨

بابٌ

في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطعمه ربه ويسقيه

[صحيح البخاري] في كتاب الصوم في باب الوصال ، روى بسنده عن انس عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : لا تواصلوا ، قالوا إنك تواصل ، قال : لست كأحد منكم ، إني أطعم وأسقي ، أو أبيت أطعم وأسقى.

[صحيح البخاري] في الباب المتقدم ، روى بسنده عن ابي سعيد انه سمع النبي صلّى اللّه عليه و (آله) يقول : لا تواصلوا فأيكم اذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر ، قالوا : فإنك تواصل يا رسول اللّه ، قال : إني لست كهيئتكم ، إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني.

[صحيح البخاري] في باب التنكيل لمن أكثر الوصال ، روى بسنده عن ابي هريرة ، قال : نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم عن الوصال في الصوم ، فقال له رجل من المسلمين : انك تواصل يا رسول اللّه قال : وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال ، فقال : لو تأخر لزدتكم كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا.

٦٩

[صحيح البخاري] في الباب المتقدم ، روى بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : إياكم والوصال مرتين ، قيل إنك تواصل ، قال : إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فأكلفوا من العمل ما تطيقون.

[صحيح البخاري] في كتاب الصيام في باب النهي عن الوصال روى بسنده عن انس ، قال : واصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في أول شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين ، فبلغه ذلك فقال لو مد لنا الشهر لو اصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم ، إنكم لستم مثلي ، أو قال : إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني.

٧٠

بابٌ

في اعجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ماء الوضوء

[صحيح البخاري] في كتاب الأشربة في باب شربة البركة والماء المبارك ، روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه ، قال : لقد رأيتني مع النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وقد حضرت العصر وليس معنا ماء غير فضلة فجعل في إناء ، فأتى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم به ، فأدخل يده فيه وفرج أصابعه ، ثم قال حي على أهل الوضوء البركة من اللّه ، فلقد رأيت الماء يتفجر من بين أصابعه ، فتوضأ الناس وشربوا ، فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه فعلمت أنه بركة ؛ قلت لجابر : كم كنتم يومئذٍ؟ قال : الفاً وأربعمائة.

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق في باب علامات النبوة في الاسلام ، روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه (رضي اللّه عنه) قال : عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بين يديه ركوة ، فتوضأ فجهش الناس نحوه ، فقال : ما لكم؟ قالوا : ليس عندنا ماء نتوضا ولا نشرب إلا ما بين يديك ، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون ، فشربنا وتوضأنا ، قلت : كم كنتم؟ قال : لو كنا مائة الف لكفانا كنا خمس عشرة مائة (اللغة) الركوة دلو صغير من جلد.

٧١

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٣ ص ٣٥٧ ] روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه ، قال : سافرنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : فحضرت الصلاة ، قال : فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم هل في القوم من طهور؟ قال : فجاء رجل بفضلة من أداوة قال فصبه في قدح قال : فتوضأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، ثم إن القوم اتوا بقية الطهور ، فقالوا : تمسحوا تمسحوا ، قال : فسمعهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقال : على رسلكم ، قال : فضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يده في القدح في جوف الماء ، قال : ثم قال أسبغوا الوضوء الطهور ، قال : فقال جابر بن عبد اللّه : والذي أذهب بصري ـ قال وكان ذهب بصره ـ لقد رأيت الماء يخرج من بين أصابع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فلم يرفع يده حتى توضأوا اجمعون ، قال الاسود ـ حسبته قال ـ كنا مائتين وزيادة.

[مسند الامام احمد بن حنبل ج ٣ ص ١٦٩ ] روى بسنده عن ثابت عن انس بن مالك ، قال : قلت حدثنا بشيء شهدته من هذه الأعاجيب لا تحدثنا به عن غيرك ، قال صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم الظهر وقعد على المقاعد التي كان يأتيه عليها جبريل (عليه‌السلام ) قال : فجاء بلال فآذنه بصلاة العصر ، فقال : من كان له أهل بعيد بالمدينة ليقضي حاجته ويصيب من الوضوء ، وبقي ناس من المهاجرين ليس لهم أهلون بالمدينة ، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بقدح أروح في أسفله شيء من ماء ، فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم كفه في القدح فما وسعت كفه فوضع أصابعه هؤلاء الاربع ثم قال ادنوا فتوضأوا ، قال فتوضأوا حتى ما بقي منهم أحد إلا توضأ ، فقلنا يا أبا حمزة كم تراهم كانوا؟ قال ما بين السبعين الى الثمانين (اقول) ولهذا الباب اخبار كثيرة اقتصرنا على ما ذكر حذراً من الاطالة.

٧٢

باب

في اعجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السقي

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق في باب علامات النبوة في الاسلام ، روى بسنده عن البراء ، قال كنا يوم الحديبية اربع عشرة مائة ـ والحديبية بئر ـ فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة ، فجلس النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم على شفير البئر فدعا بماء فمضمض ومج في البئر ، فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وروت ، أو صدرت ركائبنا.

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق في باب علامات النبوة في الاسلام روى بسنده عن عمران بن حصين انهم كانوا مع النبي صلّى اللّه عليه`و (آله) وسلم في مسير (ثم ساق الحديث) الى أن قال وقد عطشنا عطشاً شديداً فبينما نحن نسير اذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين فقلنا لها اين الماء؟ فقالت إنه لا ماء ، فقلنا كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت يوم وليلة فقلنا انطلقي الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قالت وما رسول اللّه؟ فلم نملكها من أمرها حتى استقبلنا بها النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فحدثته بمثل الذي حدثتنا غير انها حدثته أنها مؤتمة فامر بمزادتيها فمسح في العز لاوين فشربنا عطاشاً أربعين رجلاً حتى روينا فملأنا كل قربة معنا وأداوة غير أنه لم

٧٣

نسق بعيراً وهي تكاد تنض من الملء ، ثم قال : هاتوا ما عندكم ، فجمع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها ، قالت : لقيت أسحر الناس أو هو نبي كما زعموا ، فهدى اللّه ذلك الصرم بتلك المرأة فأسلمت واسلموا (اللغة) المزادة الراوية ، العزلاوين مثني العزلاء ، وهو مصب الماء من القربة ونحوها ، سميت بذلك لأنها في أحد خصمي القربة لا في وسطها ، ولا هي كفمها الذي منه يستقي فيها. ويقال نضت القربة أو تنض من شدة الملء إذا انشقت ، والصرم بكسر الصاد المهملة وسكون الراء : الجماعة.

[صحيح الترمذي ج ٢ ص ٧٨ ] روى بسنده عن ابي هريرة ، قال : كان أهل الصفة أضياف أهل الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ، واللّه الذي لا إله إلا هو ان كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون فيه فمر بي ابو بكر فسألته عن آية من كتاب اللّه ، ما أسأله إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مربي عمر فسألته عن آية من كتاب اللّه ما أسأله إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مر أبو القاسم صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فتبسم حين رآني ، وقال : أبا هريرة قلت : لبيك يا رسول اللّه ، قال إلحق ومضى فأتبعته ودخل منزله فاستأذنت فاذن لي فوجدت قدحاً من لبن فقال : من أين هذا اللبن لكم؟ قيل : أهداه لنا فلان فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أبا هريرة؟ قلت : لبيك ، فقال : إلحق أهل الصفة فأدعهم وهم أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ومال ، إذا أتته صدقة بعث بها اليهم ولم يتناول منها شيئاً ، وإذا أتته هدية أرسل اليهم ، فاصاب منهم وأشركهم فيها فساءني ذلك وقلت : ما هذا القدح بين أهل الصفة؟ وانا رسوله اليهم فسيأمرني أن أديره عليهم ، فما عسى أن يصيبني منه؟ وقد كنت أوجو أن أصيب منه ما يغنيني ، ولم يكن بد من طاعة اللّه وطاعة رسوله ، فاتيتهم فدعوتهم فلما دخلوا عليه وأخذوا مجالسهم ، فقال : أبا هريرة خذ القدح وأعطهم فاخذت القدح فجعلت أناوله الرجل فيشرب حتى يروي ثم يرده فاناوله الآخر حتى انتهيت به الى رسول اللّه

٧٤

صلى اللّه عليه و (آله) وسلم وقد روى القوم كلهم فاخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم القدح فوضعه على يده ثم رفع رأسه فتبسم ، فقال : أبا هريرة إشرب فشربت ، ثم قال : اشرب فلم أزل أشرب ويقول : إشرب حتى قلت : والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكاً ، فأخذ القدح فحمد اللّه وسمي وشرب.

[مسند الامام أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٢٩٨ ] روى بسنده عن ابي قتادة ، قال : كنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في سفر فقال : إنكم إن لا تدركوا الماء غداً تعطشوا ، وانطلق سرعان الناس يريدون الماء ـ ثم ساق الحديث ـ (إلى ان قال) : فركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فسار وسرنا هنيهة ، ثم نزل ، فقال : أمعكم ماء؟ قال : قلت : نعم معي ميضاة فيها شيء من ماء ، قال : إئت بها فأتيته بها ، فقال : مسوا منها مسوا منها ، فتوضأ القوم وبقيت جرعة ، فقال : ازدهر بها يا أبا قتادة فانه سيكون لها نبأ ، ثم ساق الحديث (الى أن قال) : فلما اشتدت الظهيرة رفع لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقالوا : يا رسول اللّه هلكنا عطشاً تقطعت الأعناق ، فقال لا أملك عليكم ، ثم قال : يا أبا قتادة إئت بالميضاة فأتيته بها ، فقال : احلل لي غمري ـ يعني قدحه ـ فحللته فاتيته به فجعل يصب فيه ويسقي الناس ، فازدحم الناس عليه ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، أحسنوا الملء فكلكم سيصدر عن ري فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، فصب لي ، فقال : أشرب يا أبا قتادة ، قال قلت : أشرب أنت يا رسول اللّه ، قال : إن ساقي القوم آخرهم ، فشربت وشرب بعدي ، وبقي في الميضاة نحو ما كان فيها ، وهم يومئذٍ ثلاثمائة (الحديث).

[مسند الإمام احمد بن حنبل ج ٥ ص ٢٣٧ ] روى بسنده عن معاذ إنهم خرجوا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم عام تبوك ، ثم ساق الحديث (إلى أن قال) ثم قال : ـ أي النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ـ

٧٥

إنكم ستأتون غداً ان شاء اللّه تعالى عين تبوك ، وإنكم لن تأتوا بها حتى يضحى النهار فمن جاء فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي فجئنا وقد سبقنا اليها رجلان والعين مثل الشراك تنض بشئ من ماء ثم ساق الحديث (إلى ان قال) ثم غرفوا بايديهم من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع في شيء ، ثم غسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فيه وجهه ويديه ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستسقى الناس ، ثم قال : رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يوشك يا معاذ ـ إن طالت بك حياة ـ أن ترى ماء هاهنا قد ملأ جناناً.

[مسند الامام احمد بن حنبل ج ٣ ص ٣٤٣ ] روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه ، قال : شكا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم اليه العطش ، قال : فدعا بعس فيه شيء من ماء فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فيه يده ، وقال : اسقوا فاستسقى الناس ، قال : فكنت أرى العيون تنبع من بين أصابع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم.

[طبقات ابن سعد ج ١ القسم ١ ص ٩٨ ] روى بسنده عن عمرو ابن سعيد ان ابا طالب قال : كنت بذي المجاز ومعي ابن أخي ـ يعني النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ـ فادركني العطش فشكوت اليه فقلت : يا بن اخي قد عطشت ، وما قلت له ذلك وأنا أري أن عنده شيئا إلا الجزع ، قال : فثنى وركه ثم نزل ، فقال : يا عم أعطشت؟ قال : قلت نعم ، قال : فأهوى بعقبه الى الأرض فإذا بالماء ، فقال : أشرب يا عم ، قال فشربت.

[تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٢٨٧ ] روى بسنده عن نافع ، ـ وكانت له صحبة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ـ قال : كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) في سفر كنا زهاء أربعمائة رجل فنزلنا في موضع ليس فيه ماء ، فشق ذلك على أصحابه ، فقالوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أعلم ، قال : فجاءت شويهة لها قرنان فقامت بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فحلبها فشرب حتى روى وسقى أصحابه حتى رووا ، ثم قال : صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يا نافع املكها الليلة وما

٧٦

اراك تملكها قال فأخذتها فوتدت لها وتداً ثم ربطتها بحبل ثم قمت في بعض الليل فلم أر الشاة ورأيت الحبل مطروحاً ، فجئت الى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فأخبرته من قبل أن يسألني فقال لي : يا نافع ذهب بها الذي جاء بها.

[الآثار للشيباني] في باب فضل الصوم (ص٥٣ ) روى بسنده عن علي ابن الأقمر ، أن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم كان يظل صائما ويبيت طاويا قائما ثم ينصرف الى شربة من لبن قد وضعت له فيشربها فتكون فطره وسحوره الى مثلها من القابلة ، قال فانصرف الى شربته فوجد بعض اصحابه قد بلغ مجهوده فشربها فطلب له في بيوت أزواجه طعام أو شراب فلم يوجد فطلبوا عند أصحابه فلم يجدوا عندهم شيئاً ، فقال من يطعمني أطعمه اللّه مرتين ، فلم يجدوا شيئاً يطعمونه إياه ، قال فأقبلوا على العنزة فوجدوها كأحفل ما كانت فحلبوا منها مثل شربة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم.

٧٧

باب

في اعجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الاطعام

[صحيح مسلم] في كتاب الضيافة ، في باب استحباب خلط الأزواد اذا قلّت ، روى بسنده عن اياس بن سلمة عن ابيه ، قال : خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في غزوة فاصابنا جهد حتى هممنا ان ننحر بعض ظهرنا ، فأمر نبي اللّه فجمعنا تزوادنا فبسطنا له نطعاً فاجتمع زاد القوم على النطع ، قال : فتطاولت لأحرزه كم هو فحرزته كربضة العنز ونحن اربع عشرة مائة ، قال : فأكلنا حتى شبعنا جميعاً ثم حشونا جربنا ، فقال نبي اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، فهل من وضوء؟ قال فجاء رجل بأداوة فيها نطفة فافرغها في قدح فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة اربع عشرة مائة ، قال : ثم جاء بعد ذلك ثمانية ، فقالوا : هل من طهور فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فرغ الوضوء. (اللغة) دغفق الماء إذا دفقه وصبه صبا كثيراً واسعا وفلان في عيش دفق أي واسع.

[صحيح مسلم] في كتاب الأشربة في باب جواز استتباعه غيره الى دار من يثق برضاه ، روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه يقول : لما حفر

٧٨

الخندق رأيت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم خمصاً فانكفأت الى امرأتي فقلت لها : هل عندك شئ؟ فاني رأيت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم خمصاً شديداً فأخرجت لي جراباً فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن ، قال : فذبحتها وطحنت ففرغت الى فراغي فقطعتها في برمتها ثم وليت الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقالت : لا تفضحني برسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ومن معه ، قال : فجئته فساررته فقلت : يا رسول اللّه إنا قد ذبحنا بهيمة لنا وطحنت صاعا من شعير كان عندنا فتعال أنت ونفر معك. فصاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وقال يا أهل الخندق إن جابراً قد صنع لكم سواراً فحيهلا بكم ، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء ، فجئت وجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي فقالت : بك وبك ، فقلت : قد فعلت الذي قلت لي ، فاخرجت له عجينتنا فبصق فيها وبارك ، ثم عمد الى من برمتنا فبصق فيها وبارك ، ثم قال : ادعي خابزة فلتخبز معك ، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها وهم الف ، فأقسم باللّه لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وان برمتنا لتغط كما هي ، وان عجينتنا لتخبز كما هي (اللغة) البرمة بضم الباء الموحدة : القدر مطلقاً وجمعها برام بكسر الباء الموحدة وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن.

[صحيح مسلم] في كتاب النكاح في باب زواج زينب بنت جحش روى بسنده عن انس بن مالك ، قال تزوج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فدخل باهله ، قال : فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور ، فقالت يا انس اذهب بهذا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقل بعثت بهذا اليك أهي وهي تقرئك السلام وتقول ان هذا لك منا قليل يا رسول اللّه (ثم قال) : فذهبت بها الى رسول اللّه

٧٩

صلى اللّه عليه و (آله) وسلم فقلت : إن امي تقرئك السلام وتقول : إن هذا لك منا قليل يا رسول اللّه ، فقال : ضعه ثم قال : إذهب فأدع لي فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيت وسمى رجالاً ، قال فدعوت من سمى ومن لقيت ، قال : قلت لأنس : عددكم كانوا؟ قال زهاء ثلاثمائة ، وقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يا أنس هات التور قال : فدخلوا حتى امتلأت الصفة والحجرة ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ليتحلق عشرة عشرة وليأكل كل انسان مما يليه ، قال فأكلوا حتى شبعوا ، قال : فخرجت طائفة ودخل طائفة حتى أكلوا كلهم ، فقال لي : يا أنس أرفع ، قال : فرفعت فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت (الحديث) ـ (اللغة) التور إناء صغير.

[صحيح مسلم] في كتاب الأشربة في باب اكرام الضيف (روى) بسنده عن عبد الرحمن بن ابي بكر ، قال : كنا مع النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ثلاثين ومائة فقال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم هل مع أحد منكم طعام؟ فاذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه ، ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها ، فقال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أبيع أم عطية؟ (أو قال) أم هبة؟ قال : لا بل بيع ، فاشترى منه شاة فصنعت وأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بسوار البطن أن يشوى ، قال : وأيم اللّه ما من الثلاثين ومائة إلا حز له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم حزة حزة من سوار بطنها ، إن كان شاهداً أعطاه ، وإن كان غائباً خبأ له قال : وجعل قصعتين فأكلنا منهما اجمعون وشبعنا وفضل في القصعتين ، فحملته على البعير (أو كما قال).

[صحيح مسلم] في كتاب الأشربة ، في باب جواز استتباعه غيره الى دار من يثق برضاه (روى) بسنده عن أنس بن مالك يقول : قال أبو طلحة لأم سليم : قد سمعت صوت رسول اللّه صلّى اللّه عليه

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وأمثلة هذا تكثر.

وهذا شيخنا الذهبي من هذا القبيل، له علم وديانة، وعنده على أهل السنّة تحامل مفرط، فلا يجوز أنْ يعتمد عليه.

ونقلت من خطّ الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائيرحمه‌الله ما نصّه: الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي لا شكّ في دينه وورعه وتحرّيه فيما يقوله في الناس، ولكنه غلب عليه مذهب الإِثبات ومنافرة التأويل والغفلة عن التنزيه، حتّى أثّر ذلك في طبعه انحرافاً شديداً عن أهل التنزيه وميلاً قوياً إلى أهل الإثبات، فإذا ترجم واحداً منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويبالغ في وصفه ويتغافل عن غلطاته ويتأوّل له ما أمكن، وإذا ذكر أحداً من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزّالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه، ويكثر من قول من طعن فيه، ويعيد ذلك ويبديه ويعتقده ديناً وهو لا يشعر، ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها. وكذا فعله في أهل عصرنا إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته: والله يصلحه. ونحو ذلك. وسببه المخالفة في العقائد. إنتهى.

والحال في شيخنا الذهبي أزيد ممّا وصف، هو شيخنا ومعلّمنا، غير أنّ الحق أحق أنْ يتّبع. وقد وصل من التعصّب المفرط إلى حدٍّ يسخر منه، وأنا أخشى عليه يوم القيامة من غالب علماء المسلمين وأئمتهم، الذين حملوا لنا الشريعة النّبويّة، فإن غالبهم أشاعرة، وهو إذا وقع بأشعري يبقي ولا يذر، والذي أعتقده أنّهم خصماؤه يوم القيامة عند من أدناهم عنده أوجه منه. فالله المسئول أنْ يخفّف عنه، وأن يلهمهم العفو عنه، وأن يشفّعهم فيه.

والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه، وعدم اعتبار قوله

فلينظر كلامه من شاء ثمّ يبصر، هل الرّجل متحرٍّ عند غضبه أو غير

١٢١

متحر، وأعني بغضبه وقت ترجمته لواحدٍ من علماء المذاهب الثلاثة المشهورين من الحنفية والمالكية والشافعية، فإنّي أعتقد أن الرجل كان إذا مدّ القلم لترجمة أحدهم غضب غضباً مفرطاً، ثمّ قرطم الكلام ومزّقه وفعل من التعصّب ما لا يخفى على ذي بصيرة.

ثمّ هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغي، فربّما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها، ودائماً أتعجب من ذكره الإِمام فخر الدين الرازي في كتاب ( الميزان ) وفي ( الضعفاء ). وكذلك السيف الآمدي وأقول: يا لله العجب، هذان لا رواية لهما، ولا جرحهما أحد، ولا سمع عن أحدٍ أنّه ضعّفهما في ما ينقلانه من علومهما، فأيّ مدخل لهما في هذين الكتابين. ثمّ إنا لم نسمع أحداً سمّى الإِمام فخر الدين بالفخر، بل إمّا الإمام وإمّا ابن الخطيب، وإذا ترجم كان في المحمدين، فجعله في حرف الفاء وسمّاه الفخر، ثمّ حلف في آخر الكتاب أنّه لم يتعمّد فيه هوى نفس، فأيّ هوى نفسٍ أعظم من هذا؟ فإما أنّ يكون ورّى في يمينه، أو استثنى غير الرواة. فيقال له: فَلِم ذكرت غيرهم. وإمّا أنْ يكون اعتقد أنّ هذا ليس هوى نفس، وإذا وصل إلى هذا الحدّ - والعياذ بالله - فهو مطبوع على قلبه »(١) .

وقال السبكي بترجمة أحمد بن صالح:

« قاعدةُ في المؤرخين نافعة جدّاً، فإنّ أهل التاريخ قد وضعوا من اُناسٍ أو رفعوا اُناساً، إمّا لتعصّب، أو لجهلٍ، أو لمجرّد اعتمادٍ على من لا يوثق به، أو غير ذلك من الأسباب. والجهل في المؤرّخين أكثر منه في أهل الجرح والتعديل. وكذلك التعصّب قلّ أن رأيت تاريخاً خالياً من ذلك.

وأمّا تاريخ شيخنا الذهبي - غفر الله له - فإنّه على جمعه وحسنه، مشحون بالتعصّب المفرط، لا واخذه الله، فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين، أعني

____________________

(١). طبقات الشافعيّة ٢ / ١٢ - ١٥.

١٢٢

الفقراء الذين هم صفوة الخلق، واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعيين والحنفيين، ومال فأفرط على الأشاعرة، ومدح فزاد في المجسّمة، هذا وهو الحافظ المدره والإِمام المبجّل، فما ظنّك بعوام المؤرخين »(١) .

وقال السبكي - بترجمة الحسين الكرابيسي، بعد الكلام في مسألة اللفظ -:

« فإذا تأمّلت ما سطرناه ونظرت قول شيخنا في غير موضع من تاريخه: أنّ مسألة اللفظ ممّا ترجع إلى قول جهمٍ، عرفت أن الرجل لا يدري في هذه المضايق ما يقول، وقد أكثر هو وأصحابه من ذكر جهم بن صفوان، وليس قصدهم إلّا جعل الأشاعرة - الذين قدّر الله لقدرهم أن يكون مرفوعاً، وللزومهم للسنّة أنّ يكون مجزوماً به ومقطوعاً - فرقةً جهميّة.

واعلم أنّ جهماً شر من المعتزلة كما يدريه من ينظر الملل والنحل، ويعرف عقائد الفرق، والقائلون بخلق القرآن هم المعتزلة جميعاً، وجهم لا خصوص له بمسألة خلق القرآن، بل هو شر من القائلين بالمشاركة إيّاهم فيما قالوه وزيادته عليهم بطامّات.

فما كفى الذهبي أنْ يشير إلى اعتقاد ما يتبرّأ العقلاء عن قوله من قدم الألفاظ الجارية على لسانه، حتى ينسب هذه العقيدة إلى مثل الإمام أحمد بن حنبل وغيره من السّادات، ويدّعي أنّ المخالف فيها يرجع إلى قول جهم؟

فليته درى ما يقول! والله يغفر لنا وله، ويتجاوز عمّن كان السّبب في خوض مثل الذهبي في مسائل هذا الكلام، وإنّه ليعزّ عليَّ الكلام في ذلك، ولكن كيف يسعنا السكوت، وقد ملأ شيخنا تاريخه بهذه العظائم التي لو وقف عليها العامّي لأضلّته ضلالاً مبيناً.

ولقد يعلم الله منّي كراهيّة الإزراء بشيخنا، فإنّه مفيدنا ومعلّمنا، وهذا

____________________

(١). طبقات الشافعيّة ٢ / ٢٢.

١٢٣

النزر اليسير الحديثي الذي عرفناه منه استفدناه، ولكنْ أرى أنّ التنبيه على ذلك حتم لازم في الدين »(١) .

وقال السبكي:

« زكريا بن يحيى بن السّاجي الحافظ، كان من الثقات الأئمة

روى عنه الشيخ أبو الحسن الأشعري. قال شيخنا الذهبي: وأخذ عنه مذهب أهل الحديث.

قلت : سبحان الله، هنا تجعل الأشعري على مذهب أهل الحديث، وفي مكانٍ آخر - لو لا خشيتك سهام الأشاعرة - لصرّحت بأنّه جهمي، وما أبو الحسن إلّا شيخ السنّة وناصر الحديث وقامع المعتزلة والمجسّمة وغيرهم »(٢) .

وقال السبكي - بترجمة الأشعري -:

« وأنت إذا نظرت بترجمة هذا الشيخ - الذي هو شيخ السنّة وإمام الطائفة - في تاريخ شيخنا الذهبي، ورأيت كيف مزّقها وحار كيف يضع من قدره، ولم يمكنه البوح بالغض منه خوفاً من سيف أهل الحقّ، ولا الصبر عن السكوت لما جبلت عليه طوّيته من نقصه، بحيث اختصر ما شاء الله أن يختصر في مدحه، ثمّ قال في آخر الترجمة: من أراد أن يتبحّر في معرفة الأشعري فعليه بكتاب تبيين كذب المفتري لأبي القاسم ابن عساكر، اللّهم توفّنا على السنّة، وأدخلنا الجنّة، واجعل أنفسنا مطمئنّة، نحبُّ فيك أولياءك ونبغض فيك أعداءك، ونستغفر للعصاة من عبادك، ونعمل بمحكم كتابك، ونؤمن بمتشابه ما وصفت به نفسك. انتهى.

فعند ذلك يقضي العجب من هذا الذهبي، ويعلم إلى ما ذا يشير المسكين، فويحه ثمّ ويحه، وأنا قد قلت غير مرة: إنّ الذهبي استادي، وبه

____________________

(١). طبقات الشافعيّة ٢ / ١١٩ - ١٢٠.

(٢). طبقات الشافعيّة ٣ / ٢٩٩.

١٢٤

تخرّجت في علم الحديث، إلّا أنّ الحقّ أحقّ أنْ يتّبع، ويجب عليّ تبيين الحقّ، فأقول »(١) .

وقال السبكي - بترجمة إمام الحرمين الجويني، بعد كلام عبد الغافر الفارسي -:

« إنتهى كلام عبد الغافر، وقد ساقه بكماله الحافظ ابن عساكر، في كتاب التبيين. وأمّا شيخنا الذهبي - غفر الله له - فإنّه حار كيف يصنع في ترجمة هذا الإمام، الذي هو من محاسن هذه الاُمة المحمّدية، وكيف يمزّقها، فقرطم ما أمكنه، ثمّ قال: وقد ذكره عبد الغافر وأسهب وأطنب فيقال له:

هلّا زيّنت كتابك بها، وطرّزته بمحاسنها، فإنّها أولى من خرافاتٍ تحكيها لأقوامٍ لا يعبأ الله بهم

وقد حكى شيخنا الذهبي كسر المنبر والأقلام والمحابر، وأنهم أقاموا على ذلك حولاً، ثمّ قال: وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم، لا من فعل أهل السنّة والاتباع.

قلت: وقد حار هذا الرجل ما الذي يؤذي به هذا الإِمام، وهذا لم يفعله الإِمام، ولا أوصى به بأن يفعل، حتى يكون غضّا منه، وإنّما حكاه الحاكون إظهارا لعظمة الإمام عند أهل عصره، وأنّه حصل لأهل العلم - على كثرتهم، فقد كانوا نحو أربعمائة تلميذ - ما لم يتمالكوا معه الصبر، بل أدّاهم إلى هذا الفعل، ولا يخفى أنّه لو لم تكن المصيبة عندهم بالغةً أقصى الغايات لما وقعوا في ذلك. وفي هذا أوضح دلالة لمن وقّفه الله على حال هذا الإِمام -رضي‌الله‌عنه - وكيف كان شأنه بين أهل العلم في ذلك العصر المشحون بالعلماء والزّهاد »(٢) .

____________________

(١). طبقات الشافعيّة ٥ / ١٨٢.

(٢). طبقات الشافعيّة ٦ / ٢٠٣.

١٢٥

وقال السبكي بترجمة أبي حامد الغزالي:

« ذكر كلام عبد الغافر: وأنا أرى أنْ أسوقه بكماله على نصّه حرفاً حرفاً، فإن عبد الغافر ثقةً عارفُ، وقد تحزّب الحاكون لكلامه حزبين، فمن ناقلٍ لبعض الممادح وتالٍ لجميع ما أورده ممّا عيب على حجة الإِسلام، وذلك صنيع من يتعصّب على حجة الإسلام، وهو شيخنا الذهبي، فإنّه ذكر بعض الممادح نقلاً معجرف اللّفظ محكيّاً بالمعنى، غير مطابق في الأكثر، ولـمـّا انتهى إلى ما ذكره عبد الغافر ممّا عيب عليه استوفاه، ثمّ زاد ووشّح وبسط ورشح، ومن ناقل لكلّ الممادح، ساكت عن ذكر ما عيب به، وهو الحافظ أبو القاسم ابن عساكر »(١) .

وقال السبكي - بترجمة الخبوشاني -:

« وكان ابن الكيزاني - رجل من المشبّهة - مدفوناً عند الشافعي -رضي‌الله‌عنه - فقال الخبوشاني: لا يكون صدّيق وزنديق في موضعٍ واحد، وجعل ينبش ويرمي عظامه وعظام الموتى الذين حوله من أتباعه، وتعصّبت المشبّهة عليه ولم يبال بهم، وما زال حتى بنى القبر والمدرسة، ودرّس بها، ولعلّ الناظر يقف على كلام شيخنا الذهبي في هذا الموضع من ترجمة الخبوشاني فلا يحتفل به وبقوله في ابن الكيزاني أنّه من أهل السنّة، فالذهبي -رحمه‌الله - متعصّب جدّاً، وهو شيخنا، وله علينا حقوق، إلّا أنّ حقّ الله مقدّم على حقّه. والذي نقوله: إنّه لا ينبغي أنْ يسمع كلامه في حنفي ولا شافعي، ولا تؤخذ تراجمهم من كتبه، فإنّه يتعصّب عليهم كثيراً »(٢) .

وقال اليافعي في سنة ٥٩٥:

« قال الذهبي: وفيها كانت فتنة الفخر الرازي صاحب التصانيف، وذلك

____________________

(١). طبقات الشافعيّة ٦ / ٢٠٣.

(٢). طبقات الشافعيّة ٧ / ١٤.

١٢٦

وحميت الفتنة، فأرسل السلطان الجند وسكّنهم، وأمر الرازي بالخروج.

قلت : هكذا ذكر من المؤرخّين من له غرض في الطعن عل، الأئمة وفي طائر جاءت به أُم أيمن شعر بيان لمن بالحقّ يرضى ويقنع.

ثمّ أتبع ذلك بقوله: وفيها كانت بدمشق فتنة الحافظ عبد الغني، وكان أمّاراً بالمعروف، داعياً إلى السنّة، فقامت عليه الأشعريّة، وأفتوا بقتله، فأُخرج من دمشق مطروداً.

انتهى كلامه بحروفه في القصّتين معاً، ومذهب الكراميّة والظاهريّة معروف، والكلام عليهما إلى كتب الاُصول الدّينيّة مصروف، فهنالك يوضح الحق البراهين القواطع، ويظهر الصّواب عند كشف النقاب للمبصر والسامع »(١) .

وقال السيوطي في ( قمع المعارض في نصرة ابن الفارض ):

« وإنْ غرّك دندنة الذهبي، فقد دندن على الإِمام فخر الدين ابن الخطيب ذي الخطوب، وعلى أكبر من الإِمام، وهو أبو طالب المكّي صاحب قوت القلوب، وعلى أكبر من أبي طالب، وهو الشيخ أبو الحسن الأشعري، الذي يجول ذكره في الآفاق ويجوب، وكتبه مشحونة بذلك: الميزان، والتاريخ، وسير النبلاء، فقابل أنت كلامه في هؤلاء، كلاّ والله لا يقابل كلامه فيهم، بل نوصلهم حقّهم ونوفيهم ».

أقول : وإذا كان هذا حال تعصّب الذّهبي بالنسبة إلى من خالفه في العقيدة من أهل السنّة، فما ظنك بحاله بالنسبة إلى من روى منهم شيئاً في مناقب أهل البيت؟ وما ظنّك بحاله بالنسبة إلى علماء الإِماميّة؟ وما ظنّك بحاله بالنسبة إلى الأئمة من العترة الطاهرة؟

من تعصباته ضدّ أهل البيت ومناقبهم

فلقد أورد في كتابه ( ميزان الاعتدال في نقد الرجال ) الإِمام جعفراً

____________________

(١). مرآة الجنان - حوادث ٥٩٥.

١٢٧

الصّادق، والإِمام موسى الكاظم، والإِمام علي بن موسى الرضا،عليهم‌السلام ، وعدداً كبيراً من أبناء أئمّة أهل البيت وذريّة العترة الطّاهرة

بل لقد جرح الرّجل من أهل البيت لا لشيءٍ، بل لمجرّد روايته الفضيلة من فضائل جدّه أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستمع إلى قوله:

« الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسين ابن زين العابدين علي ابن الشهيد الحسين العلوي، ابن أخي أبي طاهر النسّابة، عن إسحاق الدبّري، روى بقلّة حياءٍ عن الديري، عن عبد الرزاق باسنادٍ كالشمس: علي خير البشر.

وعن الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن محمّد بن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر مرفوعاً قال: علي وذريّته يختمون الأوصياء إلى يوم القيامة.

فهذان دالاّن على كذبه ورفضه، عفا الله عنه »(١) .

بل الأشنع والأفظع من هذا: ترجمته يزيد بن معاوية، من غير أن يذكر ما ارتكبه بحق سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وريحانته، الإِمام الحسين الشهيد وأهل بيتهعليهم‌السلام ، فقد أعرض عن ذلك وكأنه لم يكن. أو كأنّه من الاُمور السهلة والقضايا الجزئية التي لا تستحق الذّكر إنّه قال في كتابه ( تذهيب التهذيب ) ما نصّه:

« يزيد بن معاوية، أبو شيبة الكوفي، عن عبد الملك بن عمير، وعنه سعيد بن منصور. ذكر للتمييز.

قلت : ويزيد بن معاوية الاُموي، الذي ولي الخلافة وفعل الأفاعيل سامحه الله. وأخباره مستوفاة في تاريخ دمشق، ولا رواية له. مات في نصف ربيع الأول سنة ٦٤ وخلافته أقل من أربع سنين، وعمره ٣٩ سنة. قال نوفل بن

____________________

(١). ميزان الاعتدال في نقد الرجال ١ / ٥٢١.

١٢٨

أبي الفرات: كنت عند عمر بن عبد العزيز فذكر رجل يزيد بن معاوية فقال: قال أمير المؤمنين يزيد. قال عمر: تقول أمير المؤمنين يزيد! وأمر فضرب عشرين سوطاً. رواها يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة أحد الثقات عن نوفل. ذكرته للتمييز »(١) .

وأمّا طعنه في الرجال والمحدّثين الكبار من أهل السنّة بسبب رواية مناقب أهل البيتعليهم‌السلام فالشّواهد عليه كثيرة الأمر الذي جعل العلماء منهم إذا حقّق فضيلة من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام نبّه على أنّه من أهل السنّة، وأكّد براءته من الشيعة والتشيع، لئلّا يرمى بالتشيع ويُتهم بالخروج عن طريقة أهل السنّة ونحن هنا نكتفي بذكر كلام العلّامة الشيخ محمّد معين السندي بعد إثبات عصمة أئمة أهل البيتعليهم‌السلام :

« وممّا يجب أنْ أُنبّه عليه أنّ الكلام في عصمة الأئمة إنّما جرينا فيها على ما جرى الشيخ الأكبر -قدس‌سره - فيها في المهدي رضي الله تعالى عنه، من حيث أن مقصودنا منه أن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه: « يقفو أثري، لا يخطأ » لـمّا دلّ عند الشيخ على عصمته، فحديث الثقلين يدلّ على عصمة الأئمة الطاهرين رضي الله عنهم، كما مرّ تبيانه. وليست عقدة الأنامل على أنّ العصمة الثابتة في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام توجد في غيرهم، وإنّما أعتقد في أهل الولاية قاطبةً العصمة بمعنى الحفظ وعدم صدور الذنب، لا إستحالة صدوره، والأئمة الطاهرون أقدم من الكلّ في ذلك، وبذلك يطلق عليهم الأئمة المعصومون. فمن رماني من هذا المبحث باتّباع مذهب غير السنّة ممّا يعلم الله سبحانه براءتي منه فعليه إثم فريته، والله خصيمه.

وكيف لا أخاف الاتّهام من هذا الكلام، وقد خاف شيخ أرباب السيّر في السيرة الشاميّة من الكلام على طرق حديث ردّ الشمس بدعائه صلّى الله عليه

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

١٢٩

وسلّم لصلاة عليرضي‌الله‌عنه ، وتوثيق رجالها، أن يرمى بالتشيع، حيث رأى الحافظ الحسكاني في ذلك سلفاً له، ولننقل ذلك بعين كلامه. قالرحمه ‌الله تعالى لـمّا فرغ من توثيق رجال سنده: ليحذر من يقف على كلامي هذا هنا أن يظنّ بي أني أميل إلى التشيّع، والله تعالى أعلم أنّ الأمر ليس كذلك.

قال: والحامل على هذا الكلام - يعني قوله: وليحذر إلى آخره - أن الذهبي ذكر في ترجمة الحسكاني أنّه كان يميل إلى التشيّع، لأنّه أملى جزءٌ في طرق حديث ردّ الشمس. قال: وهذا الرجل - يعني الحسكاني - ترجمه تلميذه الحافظ عبد الغافر الفارسي في ذيل تاريخ نيسابور، فلم يصفه بذلك، بل أثنى عليه ثناءً حسناً، وكذلك غيره من المؤرّخين، ونسأل الله تعالى السلامة من الخوض في أعراض الناس بما لا نعلم. والله تعالى أعلم. انتهى.

أقول : وهذا الجرح في الحافظ الحسكاني إنّما نشأ من كمال صعوبة الجارح وانحرافه من مناهج العدل والإِنصاف، وإلّا فالحافظ من خدمة الحديث، بذل جهده في تصحيح الحديث وجمع طرقه وأسناده، وأثبت بذلك معجزةً من أعظم علامات النبوّة وأكملها، ممّا يقرّ بصحّته عين كلّ من يؤمن بالله تعالى ورسوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم. وكيف يتّهم ونسب إلى التشيّع بملابسة القضية لعليرضي‌الله‌عنه ؟ ولو صحح حافظ حديثاً متمحّضاً في فضله لا يتّهم بذلك، ولو كان كذلك لترك أحاديث أهل البيت رأساً.

ومن مثل هذه المؤاخذات الباطلة طعن كثير من المشايخ العظام.

ومولع هذا الفن الشريف إذا صحّ عنده حديث في أدنى شيء من العادات كاد أن يتّخذ لذلك طعاماً فرحاً بصحة قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنده، وأين هذا من ذاك؟ ولـمّا اطّلع هذا الفقير على صحّته كأنّه ازداد سمناً من سرور ذلك ولذّته. أقرّ الله سبحانه وتعالى عيوننا بأمثاله. والحمد لله ربّ العالمين »(١) .

____________________

(١). دراسات اللبيب في الاُسوة الحسنة بالحبيب - مبحث العصمة.

١٣٠

قوله: نقلاً عن الذهبي:

« لقد كنت زمناً طويلاً أظنّ أنّ هذا الحديث لم يحسن الحاكم أنْ يودعه في مستدركه، فلمـّا علقت هذا الكتاب رأيت القول من الموضوعات التي فيه ».

أقول:

أوّلاً :نقول ( للدهلوي ) الجسور: لقد صحّفت لفظ « لم يجسر » بلفظ « لم يحسن » فأسأت الفهم ولم تحسن النقل، وهذا دليل على طول باعك!!

وثانياً :نقول للذهبي: إن قولك: لقد كنت زمناً طويلاً اعتراف منك بأنّك قد تهت زمناً طويلاً في مهامة الجهل، ولم تقف على كتاب المستدرك السائر في البلدان والأمصار، والمتداول بين خدمة الأخبار والآثار، فلِمَ كنت مع جهلك تزعم أن إدخال حديث الطير في المستدرك جسارة، وهل هذا الزعم منك إلّا خسارة وأيّ خسارة؟! ومع ذلك: فكيف تحكم وقت التعليق بالوضع على هذا الحديث الشريف، ولا تأخذ بطرف من التحقيق، ولا تقبل قول الحاكم، ولا تحتفل بأنّه من مروّيات الأساطين وأجلّة المحدّثين؟ كيف رميت الحديث بالوضع من غير دليل، فأرديت أتباعك بالإضلال والتضليل؟ ولكن - لله الحمد - حيث أفقت من سكر التعصّب والشنآن وغلبة البغي والعدوان، فاعترفت في كتاب ( الميزان ) بالحقّ الصريح الواضح البرهان، كما اعترفت في ( تذكرة الحفّاظ ) بأنّ طرق هذا الحديث كثيرة جدّاً حتّى أفردتها بمصنف مجدّاً.

وثالثاً : نقول لأساطين العلم ومراجيح الحلم: أُنظروا بعين الإِنصاف تاركين للإِعتساف، كيف سفر الحق غاية السفور، ووضح نهاية الظهور، وبانت الطريقة الواضحة، واستنارت المحجة اللّائحة، حيث أقرّ مثل هذا الجاحد بتفريطه في أمر هذا الخبر الرفيع الأثير، وظهر صدق قوله تعالى( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ) .

١٣١

كلامُ ( الدّهلوي ) في الحاشية

وإذْ عرفت بطلان ما قاله ( الدّهلوي ) في متن ( التحفة ) فلنبطل كلامه في الحاشية في هذا الموضع قال في الحاشية:

« قالت النواصب: لقد كذب أنس ثلاثاً في قوله لعلي: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة على ما في كتاب المجالس للشيخ المفيد، فكيف يجوز قبول روايته لهذا الحديث؟ ».

وجوه الجواب عن هذا الكلام

أقول:

قبل كلّ شيء: هل هذه الشبهة التي نقلها عن النواصب صحيحة وواردة عند ( الدهلوي ) أو باطلة مردودة؟ إن قال بصحّتها فقد قلّد النّواصب وألقى بنفسه وأتباعه في دركات أسفل السّافلين، وتلك عاقبة الذين ظلموا آل محمّد ونصبوا لهم العداء إلى أبد الآبدين والمتيقّن هذا الشقّ، لأنّ نقل القول والسكوت عليه دليل التّسليم والقبول كما ذكر ( الدهلوي ) وتلميذه ( الرشيد ) ويشهد بذلك جدّه وجهده في متن ( التحفة ) لأجل ردّ حديث الطير ودعوى وضعه.

وإنْ قال ببطلانها فلما ذا ذكرها ولم يجب عنها؟

ثمّ إنّ الأصل في هذه الشبهة هو « الأعور الواسطي » فإنْ كان مراد ( الدهلوي ) من « النواصب » هو « الأعور » فمرحباً بالإِنصاف وحبّذا الأئتلاف - ولا مانع من إطلاق « النّواصب » بصيغة الجمع عليه، لشدّة عداوة « الأعور » ونصبه -.

١٣٢

وكيف كان فالشبهة - هذه - مندفعة بوجوه:

كذِبُ « أنس » موجود في روايات أهل السنّة

الأوّل : إنَّ كذب « أنس » في قصّة حديث الطير ثلاث مرّات لا اختصاص له بروايات الإِماميّة للقصة، بل موجود في روايات أهل السنّة أيضاً كما عرفت في قسم السند واعترف به ( الدهلوي ) في ( فتواه ) المذكورة سابقاً، وقد روى العيدروس اليمني قائلاً:

« روي عن أنس قال: كنت أحجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمعته يقول: اللّهم أطعمنا من طعام الجنّة، فأُتي بلحم طير مشوي، فوضع بين يديه فقال: اللّهم ائتنا بمن نحبه ويحبّك ويحبّ نبيّك. قال أنس: فخرجت فإذا علي بالباب، فاستأذنني فلم آذن له، ثمّ عدت فسمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ذلك، فخرجت فإذا علي بالباب، فاستأذنني فلم آذن له - أحسب أنه قال: ثلاثاً - فدخل بغير إذن، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما الذي أبطأ بك يا علي؟ قال: يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لِمَ حجبته؟ فقلت: يا رسول الله، لـمّا سمعت الدعوة أحببت أنْ يجئ رجل من قومي فتكون له. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما يضرّ الرجل محبّة قومه ما لم يبغض سواهم. أخرجه ابن عساكر »(١) .

استدلال الإِماميّة بروايته من باب الإِلزام

والثاني : إن رواية أنس مقبولة لدى أهل السنّة، واحتجاج الإِماميّة بروايته إلزاماً عليهم وإفحاماً لهم صحيح وتام ولا يضرّ بذلك كونه عندهم فاسقاً كاذباً كما هو واضح

____________________

(١). العقد النبوي والسرّ المصطفوي - مخطوط.

١٣٣

الفضل ما شهدت به الأعداء

والثالث : إنّه لا ريب في عداء أنس لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، والشواهد على ذلك عديدة، منها موقفه منهعليه‌السلام في قصة الطائر - فإذا روى شيئاً في فضله ومنقبته قُبل، لأنّ الفضل ما شهدت به الأعداء ومن الواضح أنّه لو روى هذا الحديث عمر بن الخطاب أو أبو بكر لكان اعتباره أكثر والإِعتماد عليه أشد، وكان أدخل في الإِلزام والإِفحام.

قال الشيخرحمه‌الله السندي في بيان أمارات الحديث الموضوع: « منها إقرار واضعه به، وليس هذا قبولاً لقوله مع فسقه، وإنّما هو مؤاخذة بموجب إقراره، كما يؤخذ بالإِعتراف بالزنّا أو القتل، ولذا جعل إقراره أمارة، لأنا لا نقطع على حديثه بالوضع، لاحتمال كذبه في إقراره بفسقه، نعم إذا انضم إلى إقراره قرائن تقتضي صدقه فيه قطعنا به، سيّما بعد التوبة »(١) .

رواية غير « أنس » من الصّحابة

الرابع : إنّه لم ينفرد أنس برواية هذا الحديث ليقال: كيف تعتمدون على رواية الفاسق الكاذب. بل لقد رواه جمع غيره من الصّحابة، وعلى رأسهم سيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام . ومن رواته منهم: ابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وسفينة مولى النبيّ، وأبو الطفيل، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص، وأبو مرازم يعلى بن مرّة إذن، لقد رواه غيره من الصّحابة. بل إن رواية الأمير كافية للإِحتجاج والإِستدلال وقاطعة للسان القيل والقال.

____________________

(١). مختصر تنزيه الشريعة - المقدمة.

١٣٤

كلامٌ آخر له في الحاشية

وذكر ( الدهلوي ) في الحاشية وجهاً آخر لإِبطال حديث الطّير، نتعرّض له ونجيب عنه، لئلّا يبقى شيء من ناحيته لم يتّبين فساده في هذا المقام لقد قال ( الدهلوي ) في الحاشية هنا:

« قال السيد الحميري:

وفي طائر جاءت به أُم أيمن

بيان لمن بالحقّ يرضى ويقنع.

وقال الصاحب ابن عباد:

علي له في الطير ما طار ذكره

وقامت به أعداؤه وهي تشهد

هذه الرواية تكذّبها رواية أبي علي الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن الإِمام أبي عبد اللهعليه‌السلام : إن الطير جاء به جبرئيل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين كان جائعاً، ودعا الله أن يشبعه » انتهى.

وجوه الجواب عن هذا الكلام

وهذا الوجه كسابقه - وكسائر كلمات ( الدهلوي ) - مردود وبالرغم من وضوح بطلانه وسقوطه لدى أولي الألباب وأصحاب الأنظار فإنا نفصّل الكلام في ردّه وبيان وهنه في وجوه:

هذا الاعتراض يتوجه إلى روايات أهل السنّة أيضاً

الأوّل : إنّه لـمّا كان أهل السنّة يروون هذا الحديث، وينصّ كبار علمائهم على صحته أو حسنه ويجعلونه حجةً، فإنّ عليهم الجواب عن هذا الاعتراض، لأنّ الإِختلاف الذي أشار إليه ( الدهلوي ) موجود في رواياتهم،

١٣٥

ففي بعضها: أنّ الطير أرسلته أُم سليم، و في آخر: إنّه أرسلته أُم سلمة رضي الله عنها ، و في ثالث: أنّه جاءت به أُم أيمن، و في رابع: أنّه جاء من الجنّة

بل إنّ ( الدهلوي ) لـمّا ذكر الحديث قال: « كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر قد طبخ له أو أُهدي إليه ».

وبالجملة، فإنّ روايات أهل السنّة في كيفية مجيء الطائر إلى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وحضوره عنده مختلفة وكما أنّ هذا الاختلاف غير قادح في ثبوت الحديث لدى رواته ومصححيه ومثبتيه من أهل السنّة فكذلك الإِماميّة.

مقتضى القاعدة الجمع كما في نظائر المقام

وثانياً : إنّ هذا الإِعتراض من ( الدهلوي ) يكشف عن جهله بفنون الحديث وعلومه وقواعده، هذا الجهل الذي أدّى به إلى الحكم بوضع الحديث بمجرّد اختلاف ألفاظه لكن هذا لا يختص بهذا الحديث أو ببعض الأحاديث الأخرى، فإنّ الاختلاف موجود في مئات الأخبار الحاكية للقضايا والحوادث والخصوصيّات، ولا يقول أحد ببطلان جميع تلك الأحاديث وكذب كلّ تلك الحوادث، بل يجمع بينها مهما أمكن على تعدد الواقعة وأمثال ذلك من طرق الجمع، كما عرفت سابقاً من تصريحات أساطين القوم.

وهذا الجمع المشار إليه ممكن هنا، بأن تكون الواقعة متعدّدة، فمرةً جاء جبرئيلعليه‌السلام بالطائر من الجنّة، ومرةً قدّمته أُم أيمن إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

لا منافاة بين مفادي شعر الحميري ورواية الاحتجاج

وثالثاً : لا منافاة بين مجيء أُم أيمن بالطير وقت الأكل، وبين مجيء جبرئيلعليه‌السلام به، إذ من الممكن أن يكون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سلّمه

١٣٦

إيّاها بعد مجيء جبرئيلعليه‌السلام به، ثمّ جاءت به إليه بعد ذلك. وأمّا ما وقع في رواية المستدرك للحاكم من أن أُم أيمن لـمّا سألها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الطّير قالت: « هذا الطائر أصبته فصنعته لك » فليس بمنافٍ لما ذكرنا، لأن كلامنا مسوق للجمع بين ما ورد في طرق أهل الحقّ، لا للجمع بين ما ورد من طرق أهل الخلاف ولم يقع في روايةٍ من روايات أهل الحق أن الطائر صنعته أُم أيمن. انتهى. قاله السيد محمّد قلي طاب ثراه.

خلط وخطأ للدهلوي في المقام

ورابعاً : إنّه لا دخل لشعر الصاحب ابن عبّاد الذي ذكره بعد شعر السيد الحميري بالإِختلاف، إذ لم يتعرّض الصاحب في هذا البيت إلى كيفية مجئ الطائر إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ليكون مدلوله مخالفاً لشعر الحميري أو لرواية الطبرسي في الاحتجاج. ومن هنا يظهر اختلاط الأمر على ( الدّهلوي ) مع أنّه قد أدّعى متانة بحوثه في هذا الكتاب في مقابلة أهل الحقّ.

نتيجة البحث: سقوط دعوى الوضع

وقد تحصّل إلى هنا - حيث تعرضنا لِما ذكره ( الدهلوي ) في متن ( التحفة ) وحاشيتها - سقوط دعوى وضع حديث الطّير، وقد عرفت التنصيص من ابن حجر المكّي وغيره على بطلان هذه الدّعوى.

وهذا تمام الكلام مع ( الدهلوي ) في هذا المقام. والحمد لله وحده.

* * *

١٣٧

١٣٨

مع العلماء الآخرين

في أباطيلهم حول حديث الطَّير

١٣٩

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460