نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 304733 / تحميل: 6509
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

منقطعاً متواضعاً سهل العارية، رأيت جماعة من المحدّثين ذكروه فأطنبوا في حقه، ومدحوه بالحفظ والزهد، سألت الزكي البرزالي عنه فقال: ثقة جبل حافظ ديّن، وقال ابن النجار: حافظ متقن حجة عالم بالرجال ورع تقي، ما رأيت مثله في نزاهته وعفّته وحسن طريقته، وقال الشرف ابن النابلسي، ما رأيت مثل شيخنا الضياء.

.... عاش أربعاً وسبعين سنة، وتوفي إلى رضوان الله في جمادى الآخرة سنة ٦٤٣ »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « والشيخ الضياء أبو عبدالله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي الحافظ أحد الأعلام أفنى عمره في هذا الشأن، مع الدين المتين والورع، والفضيلة التامة والثقة والاتقان، وانتفع الناس بتصانيفه والمحدّثون بكتبه، فالله يرحمه ويرضى عنه، توفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة »(٢) .

٣ - السيوطي: « الضياء المقدسي هو: الإِمام العالم الحافظ الحجة محدث الشام شيخ السنّة صنّف وصحّح وليّن وجرح وعدّل، وكان المرجوع إليه في هذا الشأن، جبلاً ثقة ديّناً زاهداً ورعاً »(٣) .

(٩٧)

رواية ابن الشيخ البلوي

رواه في كتابه ( ألف باء ) الذي ذكر في ( كشف الظنون ) بما هذا نصه:

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٩٠.

(٢). العبر - حوادث ٦٤٣.

(٣). طبقات الحفاظ ٤٩٤.

١٦١

« ألف باء في المحاضرات للشيخ أبي الحجاج يوسف بن محمد البلوي الأندلسي المعروف بابن الشيخ، وهو مجلّد ضخم، أوله: إن أفصح كلام سمع وأعجز حمد الله تعالى نفسه. إلخ. ذكر فيه أنه جمع فوائد بدائع العلوم لا بنه عبد الرحيم، ليقرأه بعد موته إذا لم يلحق بعد لصغره إلى درجة النبلاء، وسمّى ما جمعه لهذا الطفل المربّا بكتاب ألف با. ومن نظمه في أوّله ثم ذكر تسعة وعشرين بيتاً على عدد الحروف المعجمة، وشرحه كلمة كلمة مع مقلوبة ومعكوسه، وأورد في أول الشعر ثمانية أبواب، وفي آخرها أربعاً من الكلمات المزدوجات المتشابهات الحروف، وهو تأليف غريب، لكن فيه فوائد كثيرة »(١) .

فقال ما نصه: « وأما عليرضي‌الله‌عنه فمكانه علي، وشرفه سنّي، أول من دخل في الاسلام، وزوج فاطمةعليها‌السلام بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد نظم في أبيات المفاخرة، وذكر فيها مآثره، حين فاخره بعض عداه ممّن لم يبلغ مداه، فقالرضي‌الله‌عنه يفخر بحمزة عمّه وبجعفر ابن أمّه رضي الله عن جميعهم:

محمد النبي أخي وصهري

وحمزة سيد الشهداء عمّي

وبنت محمد بيتي وعرسي

مشوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولداي منها

فأيّكم له سهم كسهمي

وجعفر الذي يمسي ويضحي

يطير مع الملائكة ابن أمّي

سبقتكم إلى الإسلام طفلا

صغيرا ما بلغت أوان حلمي

وأوجب لي الولاء حقا علي

كم رسول الله يوم غدير خم

يريد بذلك قولهعليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ١٥٠.

(٢). ألف باء. وقد ذكر البلوي خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام ٨ / ٢٧٤.

١٦٢

(٩٨)

رواية ابن طلحة

رواه حيث قال: « وأما مواخاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاه وامتزاجه به، وتنزيله إياه منزلة نفسه، وميله اليه، وإيثاره إياه، فهذا بيانه: فإنه قد روى الإِمام الترمذي في صحيحه، بسنده عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه أنه قال: لما آخى رسول الله بين أصحابه جاءه علي تدمع عيناه، فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد. قال: فسمعت رسول الله يقول: أنت أخي في الدنيا والآخرة.

و روى بسنده أيضاً: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهذا اللفظ بمجرده رواه الترمذي ولم يزد عليه، وزاد غيره ذكره اليوم والموضع، فذكر الزمان وهو عند عود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع من اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وذكر المكان وهو ما بين مكة والمدينة يسمى خماً في غدير هناك، فسمي ذلك اليوم يوم غدير خم، وقد ذكره حسان في شعره الذي تقدّم، وصار ذلك اليوم عيداً وموسماً، لكونه كان وقتاً خصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً بهذه المنزلة العلية، وشرّفه بها دون الناس كلّهم.

و نقل عن زاذان قال: سمعت علياً في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد منكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم وهو يقول ما قال، فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت

١٦٣

مولاه فعلي مولاه »(١) .

(٩٩)

رواية سبط ابن الجوزي

رواه حيث قال: « حديث في قوله عليه الصلاة والسلام: من كنت مولاه فعلي مولاه، قال أحمد بن حنبل في المسند، ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحيم الكندي عن زاذان، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول في الرحبة - وهو ينشد الناس - يقول: أنشد الله رجلا سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقام ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك.

و أخرجه الترمذي أيضاً في كتاب السنن، قال: حديث حسن، وزاد فيه: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأدر الحق معه كيفما دار وحيث دار.

و خرّجه أحمد أيضاً في الفضائل فقال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن سعد ابن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه - أو وليّه - فعلي وليه.

و في رواية: لما نشد علي الناس في الرحبة، قام خلق كبير فشهدوا له بذلك، وفي لفظ: فقام له ثلاثون رجلاً فشهدوا.

وقال أحمد في الفضائل: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي عن رباح بن الحارث، قال: جاء رهط إلى علي فقالوا: السلام عليك يا مولانا - وكان بالرحبة - فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟

____________________

(١). مطالب السئول في مناقب آل الرسول: ١٦. وتوجد ترجمة ابن طلحة في مرآة الجنان ٤ / ١٢٨، الأسنوي ٢ / ٥٠٣، السبكي ٥ / ٢٦ العبر ٥ / ٢١٣ وغيرها.

١٦٤

قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه قال رباح: فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال أحمد في الفضائل: ثنا ابن نمير عن عبد الملك عن عطية العوفي قال: أتيت زيد بن أرقم فقلت له: إن ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي بن أبي طالب يوم الغدير، وأنا أحبّ أن أسمعه منك. فقال: إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس، فقال: نعم كنّا بالجحفة، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علينا ظهرا، وهو آخذ بعضد علي بن أبي طالب، فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: بلى، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قالها أربع مرات.

وقال أحمد في الفضائل: ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، ثنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين شجرتين، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فهذا مولاه، قال: فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة. وفي رواية: اللهم فانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه »(١) .

____________________

(١). تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة ٢٨ - ٢٩ وقد ذكرنا ترجمة السبط عن أبي المؤيد الخوارزمي، وابن خلكان، وقطب الدين اليونيني، وأبي الفداء، والذهبي، وغيرهم، في قسم حديث النور. كما ذكرنا مصادر أخرى أيضاً في قسم حديث الثقلين.

١٦٥

(١٠٠)

رواية الكنجي

رواه في كتابه ( كفاية الطّالب )، وبما أنّ كلامه يتضمّن دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإنا سنذكر نصَّ روايته وكلامه في مبحث دلالة الحديث، إنْ شاء الله تعالى(١) .

(١٠١)

رواية الرسعني

رواه عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني، وسيأتي نص روايته من كتاب ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا ) للبدخشاني. إنْ شاء الله تعالى(٢) .

(١٠٢)

رواية النووي

رواه حيث قال: « وفي كتاب الترمذي عن أبي سريحة الصحابي أو زيد بن أرقم - شكّ شعبة - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي

____________________

(١). ذكرنا الثناء عليه وعلى كتابه في قسم حديث النور.

(٢). ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٤٣، ابن كثير ١٣ / ٢٤١.

١٦٦

مولاه. رواه الترمذي وقال: حديث حسن، والشك في عين الصحابي لا يقدح في صحة الحديث، لأنهم كلّهم عدول »(١) .

ترجمته

١ - ابن قاضي شهبة: « يحيى بن شرف الفقيه الحافظ الزاهد، أحد الأعلام، شيخ الاسلام، محي الدين أبو زكريا الحزامي النووي - بحذف الألف ويجوز اثباتها - الدمشقي، ولد في المحرم سنة ٦٣١ كان محققا في علمه وفنونه، ومدققا في عمله وشئونه، حافظا لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه، وغريب ألفاظه واستنباط فقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم، سالكا في ذلك طريقة السلف إلى أن توفي في رجب سنة ٦٧٧ »(٢) .

٢ - السيوطي: « النووي الإِمام الفقيه الحافظ، الأوحد القدوة، شيخ الاسلام علم الأولياء كان إماماً بارعاً حافظاً متقنا، أتقن علوماً شتّى، وبارك الله في علمه وتصانيفه لحسن قصده، وكان شديد الورع والزهد، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر »(٣) .

(١٠٣)

رواية محب الدين الطبري

وقال محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري: « ذكر اختصاصه بأنه مولى من

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٧ ورواه أيضاً في رياض الصالحين: ١٥٢.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٩.

(٣). طبقات الحفاظ: ٥١٠.

١٦٧

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه: عن رباح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رباح: فلما مضوا تبعتهم فسألت: من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري. خرّجه أحمد.

و عنه - قال: بينما علي جالس، إذ جاء رجل فدخل [ و ] عليه أثر السفر، فقال: السلام عليك يا مولاي. قال: من هذا؟ قال: أبو أيوب الانصاري. فقال علي: أفرجوا له ففرجوا، فقال أبو أيوب: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه.

و عن البراء بن عازب قال: كنّا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. [ قال: ] فأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

و عن زيد بن أرقم مثله.

خرّجهما [ خرجه ] أحمد في مسنده، وخرّج الأول ابن السمان.

وخرّج أحمد في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله: وعاد من عاداه: وانصر من نصره وأحبّ من أحبه. قال سعيد: أوقال: أبغض من أبغضه.

و خرّج ابن السّمان عن عمر منه: من كنت مولاه فعلي مولاه.

و خرّجه المخلّص الذهبي عن حبشي بن جنادة وقال بعد وانصر من نصره: و أعن من أعانه ولم يذكر ما بعده.

و عن أبي الطفيل قال: قال علي: أنشد الله كل إمرأ سمع رسول الله صلّى

١٦٨

الله عليه وسلّم يقول يوم غدير خم لما قام. فقام ناس فشهدوا أنهم سمعوه يقول: ألستم تعلمون أني أولى [ الناس ] بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فانّ هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فخرجت وفي نفسي من الريبة [ ذلك ] شيء، فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال: قد سمعناه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له ذلك. قال أبو نعيم: قلت لفطر - يعني الذي روى عنه الحديث -: كم بين القول وبين موته؟ قال: مائة يوم. خرّجه أبو حاتم وقال: يريد موت علي بن أبي طالب.

وخرّج الترمذي عنه من ذلك: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وخرّجه أحمد عن سعيد بن وهب ولفظه قال: [ أ ] نشد علي فقام خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله [ النبي ]صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وعن زيد بن أرقم قال: استنشد علي الناس فقال: أنشد الله رجلا سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام ستة عشر رجلا فشهدوا.

و عن زياد بن أبي زياد قال: سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلاً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال. فقام اثنا عشر رجلاً بدرياً فشهدوا.

و عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فلمـّا قدمت على النبي [ رسول الله]صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرت علياً فتنقّصته، فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، وقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرجه أحمد.

وعن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه.

وعن سالم قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً ما تصنعه بأحد من أصحاب

١٦٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: إنه مولاي.

وعن عمر - وقد جاءه أعرابيان يختصمان - فقال لعلي: إقض بينهما يا أبا الحسن، فقضى علي بينهما، فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا! فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.

وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينك هذا الجالس، وأشار إلى علي بن أبي طالب، فقال الرجل: هذا الأبطن!! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال: أتدري من صغّرت؟! [ هذا ] مولاي ومولى كل مسلم. خرجهنّ ابن السمان »(١) .

وقد روى المحبّ الطبري طرفاً من ألفاظ حديث الغدير في كتابه الآخر ( ذخائر العقبى ) تحت عنوان « ذكر أنه من كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه فعلي مولاه »(٢) .

ترجمته

وقد ترجم لهالأسنوي بقوله: « محب الدين أبو العباس أحمد بن عبدالله ابن محمد الطبري، ثم المكي، شيخ الحجاز، كان عالماً عاملاً جليل القدر، عالماً بالآثار والفقه، اشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري، وشرح التنبيه، وألّف كتاباً في المناسك، وكتاباً في الألغاز، وكتاباً نفيساً في أحاديث الأحكام. ولد يوم الخميس سابع عشر جمادى الآخرة سنة ٦١٥. وتوفي في سنة ٩٤، قيل في ذي القعدة، وقيل غير ذلك »(٣) .

____________________

(١). الرياض النضرة في فضائل العشرة ٢ / ٢٢٢ - ٢٢٥.

(٢). ذخائر العقبى ٦٧ / ٦٨.

(٣). طبقات الشافعية ٢ / ١٧٩ وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٤ وطبقات السبكي ٨ / ١٨ ومرآة الجنان ٤ / ٢٢٤ والنجوم الزاهرة ٨ / ٧٤ وشذرات الذهب ٥ / ٤١٥ وغيرها.

١٧٠

(١٠٤)

رواية الوصابي

رواه عن بريدة بقوله: « وعنهرضي‌الله‌عنه قال: خرجت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، أخرجه أبو زيد عثمان بن أبي شيبة في سننه، وابن جرير في تهذيب الآثار، وأبو نعيم في فضائل الصّحابة »(١) .

و عن ابن عباس بقوله: « وعنهرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه. أخرجه المحاملي في أماليه »(٢) .

قال: « وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الطبراني في الكبير، وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصّحابة، وأخرجه الترمذي في جامعه عن زيد بن أرقم »(٣) .

قال: « وعن أبي أيوب الأنصاريرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه النسائي في سننه والطبراني في الكبير. وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة عن مالك بن الحويرث و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه أبو زيد عثمان ابن أبي شيبة في سننه، و أخرجه ابن أبي عاصم وسعيد بن منصور في سننهما عن سعد بن أبي وقاص، عن عليرضي‌الله‌عنه : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه ابن عقدة

____________________

(١). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط، الباب الرابع منه المسمى بـ « أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ».

(٢). المصدر نفسه.

(٣). الاكتفاء - مخطوط.

١٧١

في كتابه الموالاة. وأخرجه الامام أحمد في مسنده، عن علي وثلاثة عشر رجلاً من الصحابة، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن جابر بن عبدالله الأنصاري »(١) .

قال: « وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الطبراني في الكبير. وعن أبي هريرة واثني عشر رجلا من الصحابة: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الإِمام أحمد في مسنده، والطبراني في الكبير، والضياء في المختارة. وأخرجه أيضا عن زيد بن أرقم وثلاثين رجلا من الصحابة. وأخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد بن أبي وقاص. وأخرجه الخطيب في المتفق والمفترق عن أنس.

و عن عمرو ذي مر: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه. أخرجه الطبراني في الكبير. و عن علي وطلحة معه رضي الله عنهما: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه الحاكم في المستدرك.

و عن بريدة قال قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أخرجه الإِمام أحمد في مسنده، وسمّويه في فوائده »(٢) .

وقال: « وعن رفاعة بن أياس الضبّي عن أبيه عن جدّه قال: كنت مع علي في الجمل، فبعث إلى طلحة أن ألقني، فلقيه فقال: أنشدك الله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. قال: فلم تقاتلني؟ أخرجه ابن عساكر في تاريخه.

____________________

(١). الاكتفاء - مخطوط.

(٢). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

١٧٢

و عن جابر بن عبدالله الأنصاريرضي‌الله‌عنه قال: كنا بالجحفة بغدير خم، إذ خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه عثمان بن أبي شيبة في سننه.

و عنهرضي‌الله‌عنه في أخرى: قال كنّا بالجحفة بغدير خم، وثمة ناس من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأشار بيده ثلاثا، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه أخرجه النسائي في سننه »(١) .

(١٠٥)

ذكر سعيد الدين الفرغاني

حديث الغدير في ( شرح تائية ابن الفارض )، وسيأتي نص كلامه(٢) .

(١٠٦)

رواية الحمويني

ورواه ابراهيم بن محمد بن المؤيد بن عبدالله بن علي بن محمد بن حمويه، بسنده عن المطلب بن زياد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال:

« كنت عند جابر بن عبدالله في بيته، وعلي بن الحسين ومحمد بن الحنفيّة وأبو جعفر، فدخل رجل من أهل العراق فقال: أنشدك الله إلّا حدثتني بما رأيت

____________________

(١). الاكتفاء - مخطوط.

(٢). ترجمته في العبر حوادث ٦٨٩ ونفحات الأنس: ٥٥٩.

١٧٣

وما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: كنّا بالجحفة بغدير خم، وثم ناس كثير من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأشار بيده ثلاثاً، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ورواه بسنده عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب، ثم قال: « أورده الامام الحافظ شيخ السنة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي بتفاوت، في فضائل أمير المؤمنين علي، ونقلته من خطه المبارك »(٢) .

ورواه بسنده عن زيد بن عمر بن مورق قال: « كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يعطي الناس، فتقدّمت إليه فقال: ممن أنت؟ فقال: قلت من قريش قال: من أي قريش أنت؟ قلت: من بني هاشم. قال: من أيّ بني هاشم؟ فسكت، فوضع يده على صدره فقال: أنا والله مولى علي بن أبي طالب. ثم قال: حدثني عدة أنّهم سمعوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم قال: يا مزاحم كم تعطي أمثاله؟ قال: مائة ومائتي درهم. قال: أعطه خمسين ديناراً لولاية علي بن أبي طالب، ثم قال: الحق ببلدك فسيأتيك مثل ما يأتي نظرائك »(٣) .

ورواه أيضاً بأسانيد وألفاظ أخرى فراجعه(٤) .

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٦٢ - ٦٣.

(٢). المصدر ١ / ٦٤ - ٦٥.

(٣). فرائد السمطين ١ / ٦٦.

(٤). ترجمته: تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٩٨ العبر حوادث ٧٢٢، الدرر الكامنة ١ / ٦٧.

١٧٤

(١٠٧)

رواية جمال الدين المزي

وقال جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي: « عامر بن واثلة أبو الطفيل الليثي الكناني - وله رواية [ رؤية ] - عن زيد بن أرقم حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. ت في المناقب عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن محمد بن مثنى عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - فذكره وقال: حسن غريب.

س - فيه: عن محمد بن مثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم به أتمّ من الأول: لمـّا رجع ونزل غدير خم. الحديث»(١) .

وقال: عبد الرحمن بن عبدالله بن سابط الجمحي المكي، عن سعد حديثاً قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل عليه سعد، فذكروا علياً. الحديث.

ق - في السنة عن علي بن محمد عن أبي معاوية عن موسى بن مسلم عن ابن سابط به »(٢) .

ترجمته

١ - السيوطي: « المزي - الإِمام العالم الحبر، الحافظ الأوحد، محدّث الشام مات يوم السبت، ثاني عشر صفر سنة ٧٤٢ »(٣) .

____________________

(١). تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ٣ / ١٩٥.

(٢). تحفة الاشراف ٣ / ٣٠٢.

(٣). طبقات الحفاظ ٥١٧.

١٧٥

٢ - الأسنوي: « كان أحفظ أهل زمانه، لا سيّما الرجال المتقدمين، وانتهت إليه الرحلة من أقطار الأرض، لروايته ودرايته، وكان إماماً في اللغة والتصريف، ديّناً خيّراً، منقبضاً عن الناس، طارحاً للتكلّف، فقيراً، صنّف: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، وكتاب الأطراف »(١) .

٣ - السبكي: « شيخنا وأستاذنا وقدوتنا »(٢) .

٤ - الشوكاني: « أخذ عنه الأكابر، وترجموا له، وعظّموه جدّاً »(٣) .

وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٩٨، الدرر الكامنة ٥ / ٢٣٣، النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٦، الكامل ١٤ / ١٩١ وغيرها.

(١٠٨)

رواية الذهبي

وقال الذهبي بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وشهد له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنة، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي. وقال: لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق.

ومناقب هذا الإِمام جمة، أفردتها في مجلّد وسمّيته بفتح المطالب في مناقب علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(٤) .

وقال بترجمة الحاكم: « وأمّا حديث الطّير فله طرق كثيرة جدّاً، قد أفردتها بمصنف، ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل. وأمّا حديث من كنت

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٤٦٤.

(٢). طبقات الشافعية ٦ / ٢٥١.

(٣). البدر الطالع ٢ / ٣٥٣.

(٤). تذكرة الحفاظ ١ / ١٠.

١٧٦

مولاه فله طرق جيّدة، وقد أفردت ذلك أيضاً »(١) .

(١٠٩)

رواية النيسابوري

ورواه الحسن بن حسين النيسابوري أيضاً، وسيأتي نص روايته.

(١١٠)

رواية السمناني

ورواه علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني، وسيأتي نص روايته كذلك.

(١١١)

رواية الخطيب التبريزي

رواه حيث قال: « وعن زيد بن أرقم: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، رواه أحمد والترمذي »(٢) .

وقال: « وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: إن رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نفس المصدر ٣ / ١٠٣٩ وتوجد ترجمة الذهبي في: الدرر الكامنة ٤ / ٤٢٦ والبدر الطالع ٢ / ١١٠ والنجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢ وشذرات الذهب ٦ / ١٥٣ والوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣ وغيرها.

(٢). مشكاة المصابيح ٣ / ٢٤٣.

١٧٧

وسلّم لمـّا نزل بغدير خم، أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: الستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً [ لك ] يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، رواه أحمد »(١) .

(١١٢)

رواية ابن الوردي

وقال عمر بن مظفر المعروف بابن الوردي في ذكر عليعليه‌السلام : « شيء من فضائله: من ذلك مشاهده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخوّة رسول الله له، وسبق إسلامه، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر: لأعطينَّ الرّاية رجلاً يحبّ الله ورسوله. الحديث ، و قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه ، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، و قوله: أقضاكم علي »(٢) .

ترجمته

وقد ترجم له ابنقاضى شهبة الأسدي بقوله: « عمر بن المظفر بن عمر ابن محمد بن أبي الفوارس بن علي، الامام العلّامة الأديب المؤرّخ، زين الدين أبو حفص المعري الحلبي، الشهير بابن الوردي، فقيه حلب ومؤرّخها وأديبها، تفقّه على الشيخ شرف الدين البارزي، له مصنفات جليلة نظماً ونثراً وكان ملازماً

____________________

(١). نفس المصدر ٣ / ٢٤٦.

(٢). تتمة المختصر في أخبار البشر ١ / ٢٢١.

١٧٨

للاشتغال والتصنيف، شاع ذكره، واشتهر بالفضل اسمه، ذكر له الصّلاح الصفدي في تاريخه ترجمة طويلة »(١) .

(١١٣)

ذكر ابن مكتوم

القيسي حديث الغدير في ( تذكرته )، كما سيأتي نص عبارته، نقلاً عن ( الأزهار فيما عقده الشعراء من الآثار ) للسيوطي.

وسنذكر هناك طرفاً من ترجمته، إن شاء الله تعالى.

(١١٤)

رواية الزرندي

ورواه جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي حيث قال: « روى الامام الحافظ أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقيرحمه‌الله ، بسنده إلى البراء بن عازب قال: أقبلنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، حتى إذا كنّا بغدير خم، يوم الخميس ثامن عشر من ذي الحجة، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ١٩٧.

١٧٩

بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى قال: أليس أزواجي أمهاتكم؟ قالوا: بلى. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه بعد ذلك، فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. هذه إحدى رواياته له. وفي رواية قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم أعنه وأعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال الامام أبو الحسن الواحديرحمه‌الله : هذه الولاية التي أثبتها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه مسئول عنها يوم القيامة، وروى في قوله تعالى( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي عن ولاية عليرضي‌الله‌عنه ، والمعنى: انهم يسئلون هل والوه حق الموالاة كما أوصاهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم أضاعوها وأهملوها »(١) .

(١١٥)

ذكر اليافعي

حديث الغدير بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله: « ومن مناقبهرضي‌الله‌عنه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر: لأعطينَّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله. الحديث الصحيح. و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. الحديث الصحيح. و فيه: خلّف رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين: ١٠٩ وقد ذكرنا ترجمة الزرندي في قسم حديث النور.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بأفضليّته. والثاني: أن يكون حصل المحبّ من محبوبه نفع ديني عظيم لم يصل إليه من غيره. وهذا المعنى لا يستلزم اعتقاده الأفضلية، لأنّ هذه المحبّة موجودة بين كلّ شيخٍ ومريده، وكلّ تلميذ وأُستاذه، مع أنّه لا يعتقد تفضيله ».

ومن الواضح أنّ محبة الله ورسوله ليست إلّا من القسم الأول حيث الأحبيّة تستلزم الأفضلية كما اعترف ( الدهلوي ). فالحمد لله الذي أجرى الحقّ على لسانه، وأظهر صحّة استدلال الإماميّة بحديث الطّير من قبله.

وتفيد كلمات بعض الأساطين المحقّقين دلالة الأحبيّة على الأفضليّة:

قال أبو حامد الغزالي:

« بيان محبّة الله للعبد ومعناها: إعلم أنّ شواهد القرآن متظاهرة على أنّ الله تعالى يحب عبده، فلا بدَّ من معرفة معنى ذلك. ولنقدّم الشواهد على محبّته، فقد قال الله تعالى:( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) . وقال تعالى:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ) . وقال تعالى:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) . ولذلك ردَّ سبحانه على من ادّعى أنّه حبيب الله فقال:( قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ) .

وقد روى أنس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: إذا أحب الله تعالى عبداً لم يضره ذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. ثمّ تلى:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) . ومعناه: إنّه إذا أحبّه تاب عليه قبل الموت فلم تضره الذنوب الماضية وإن كثرت، كما لا يضر الكفر الماضي بعد الإسلام، وقد اشترط الله تعالى للمحبّة غفران الذنب فقال:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإِيمان إلّا من يحب.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبّر وضعه الله، ومن أكثر ذكر الله أحبّه الله

٢٠١

وقالعليه‌السلام : قال الله تعالى: لا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتّى أُحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به. الحديث.

وقال زيد بن أسلم: إنّ الله ليحبّ العبد حتى يبلغ من حبّه له أن يقول: إعمل ما شئت فقد غفرت لك.

وما ورد من ألفاظ المحبّة خارج عن الحصر.

وقد ذكرنا أنّ محبة العبد لله تعالى حقيقة وليست بمجاز، إذ المحبة في وضع اللّسان عبارة عن ميل النفس إلى الشيء الموافق، والعشق عبارة عن الميل الغالب المفرط

فأمّا حبّ الله للعبد فلا يمكن أن يكون بهذا المعنى أصلا، بل الأسامي كلّها إذا أطلقت على الله تعالى وعلى غير الله لم تطلق عليهما بمعنى واحد أصلا فكلّ ذلك لا يشبه فيه الخالق الخلق، وواضع اللغة إنّما وضع هذه الأسامي أوّلا للخلق، فإنّ الخلق أسبق إلى العقول والأفهام من الخالق، فكان استعمالها في حقّ الخالق بطريق الاستعارة والتّجوز والنقل

ولذلك قال الشيخ أبو سعيد الميهني رحمه ‌الله تعالى لمـّا قرئ عليه قوله تعالى( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) فقال: بحق يحبّهم، فإنه ليس يحبّ إلّا نفسه على معنى أنّه الكلّ، وأن ليس في الوجود غيره، فمن لا يحبّ إلّا نفسه وأفعال نفسه وتصانيف نفسه فلا يجاوز حبّه وتوابع ذاته من حيث هي متعلقة بذاته، فهو إذا لا يحبّ إلّا نفسه.

وما ورد من الألفاظ في حبّه لعباده فهو مأوّل، ويرجع معناه إلى كشف الحجاب عن قلب عبده، فهو حادث يحدث بحدوث السبب المقتضي له، كما قال تعالى: لا يزال عبدي [ العبد ] يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه. فيكون تقرّبه بالنوافل سببا لصفاء باطنه وارتفاع الحجاب عن قلبه وحصوله في درجة القرب من ربّه. فكلّ ذلك فعل الله تعالى ولطفه به، فهو معنى حبّه

والقرب من الله في البُعد من صفات البهائم والسباع والشياطين،

٢٠٢

والتخلّق بمكارم الأخلاق التي هي الأخلاق الإِلهية، فهو قرب بالصّفة لا بالمكان

فإذاً، محبّة الله للعبد تقريبه من نفسه بدفع الشواغل والمعاصي عنه وتطهير باطنه عن كدورات الدنيا، ورفع الحجاب عن قلبه حتى يشاهده كأنّه يراه »(١) .

أقول : إذا كان هذا حال من أحبّه الله فيكف يكون حال أحبّ الخلق إلى الله؟ وهل تحصل المراتب الحاصلة لأحبّ الخلق إلى الله لغيره؟ وهل يكون أحد في الفضيلة في مرتبة أحبّ الخلق إلى الله؟ أفلا تدلّ الأحبيّة إليه على الأفضلية عنده؟

وقال القاضي عياض:

« وأصل المحبّة الميل إلى ما يوافق المحبّ، ولكن هذا في حقّ من يصحّ الميل منه والانتفاع بالوفق، وهي درجة المخلوق. فأمّا الخالق - جلّ جلاله - فمنزّه عن الأعراض، فمحبّته لعبده تمكينه من سعادته وعصمته وتوفيقه وتهيئة أسباب القرب وإفاضة رحمته عليه، وقصواها كشف الحجب عن قلبه حتى يراه بقلبه وينظر إليه ببصيرته، فيكون كما قال في الحديث: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ولا ينبغي أن يفهم من هذا سوى التجرّد لله والانقطاع إلى الله والإِعراض عن غير الله وصفاء القلب لله وإخلاص الحركات لله»(٢) .

إذا، الأحبيّة سبب الأفضليّة

____________________

(١). إحياء علوم الدين ٤ / ٣٢٧ - ٣٢٨.

(٢). الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ٣ / ٣٧٢.

٢٠٣

وقال النووي:

« ومحبّة الله تعالى لعبده تمكينه من طاعته وعصمته وتوفيقه، وتيسير ألطافه وهدايته، وإفاضة رحمته عليه. هذه مباديها. وأمّا غايتها فكشف الحجب عن قلبه حتى يراه ببصيرته، فيكون كما قال في الحديث الصحيح: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره »(١) .

وقال الاسكندري:

« قال الشيخ أبو الحسن: المحبّة أخذة من الله لقلب عبده عن كلّ شيء سواه، فترى النفس مائلةً لطاعته والعقل متحصّناً بمعرفته، والروح مأخوذة في حضرته، والسرّ مغموراً في مشاهدته، والعبد يستزيد فيزاد ويفاتح بما هو أعذب من لذيذ مناجاته، فيكسى حلل التقريب على بساط القربة، ويمسّ أبكار الحقائق وثّيبات العلوم، فمن أجل ذلك قالوا: أولياء الله عرائس الله ولا يرى عرائس الله المجرمون »(٢) .

فهذه مراتب من أحبّه الله، فكيف إذا بلغت هذه المراتب أقصاها وأعلاها بسبب كون العبد أحبّ الخلائق بأجمعها عند الله عزّ وجلّ؟! إنّ هذا يدلّ على الأفضليّة والأكرميّة بلا ريب ولا شبهة.

وقال الفخر الرازي:

بتفسير قوله تعالى:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (٣) :

____________________

(١). المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ١٥ / ١٥١.

(٢). لطائف المنن: ٣٨.

(٣). سورة آل عمران: ٣١.

٢٠٤

« والمراد من محبّة الله تعالى له إعطاؤه الثواب »(١) .

وعليه، فالأحبيّة إلى الله عزّ وجلّ تستلزم الأكثرية في الثواب، وهذه هي الأفضلية بلا شبهة وارتياب

في حديثٍ نبوي

ولو أنّ المتعصّبين والمتعنتين لم يقنعوا بما ذكرنا عن أكابر علمائهم فإنّا نستشهد بحديث يروونه في كتبهم المعتبرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...

« عن أُسامة قال: كنت جالساً إذ جاء علي والعباس يستأذنان، فقالا لأُسامة: استأذن لنا على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فقلت: يا رسول الله، علي والعباس يستأذنان. فقال: أتدري ما جاء بهما؟ قلت: لا، فقال: لكني أدري. ائذن لهما. فدخلا. فقالا: يا رسول الله جئناك نسألك أيّ أهلك أحبّ إليك؟ قال: فاطمة بنت محمّد. قالا: ما جئناك نسألك عن أهلك قال: أحبّ أهلي إليّ من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه: أُسامة بن زيد. قالا: ثمّ من؟ قال: ثمّ علي بن أبي طالب. فقال العباس: يا رسول الله جعلت فداك عمّك آخرهم؟ قال: إنّ علياً سبقك بالهجرة. رواه الترمذي »(٢) .

فظهر أنّ الأحبيّة عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس لميلٍ شخصي وهوى نفسي منه، بل إنّ ملاكها الفضائل والجهات الدينيّة، ولمـّا كان عليعليه‌السلام الأحبّ إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقتضى حديث الطير، فهو متقدم على جميع الخلائق في الكمالات الدينية والفضائل المعنويّة، فيكون الأفضل من الجميع. وأمّا تقديم أُسامة عليه في هذا الحديث فلا يضرّ بالإِستدلال، لأنّ هذا من متفردّات أهل السنّة، فلا يكون حجة على الإِماميّة.

____________________

(١). التفسير الكبير ٨ / ١٨.

(٢). مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٤٠.

٢٠٥

الأحبيّة دليل الأحقيّة بالخلافة في رأي عمر

وبعد، فمن الضروري أن ننقل هنا ما يروونه عن عمر بن الخطاب، الصريح في دلالة الأحبيّة عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأحقيّة بالخلافة عنه فقد روى البخاري قائلاً:

« حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدّثني سليمان بن بلال، عن هشام ابن عروة، أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات وأبو بكر بالسنح - قال إسماعيل يعني بالعالية - واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقال أبو بكر: نحن الاُمراء وأنتم الوزراء. فقال عمر: نبايعك أنت، فأنت سيّدنا وخيرنا وأحبّنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فبايعه. فبايعه الناس »(١) .

فالأحبيّة المزعومة عند عمر تدل على الأحقيّة بالخلافة، فلم لا تكون الأحبيّة الثابتة باعتراف الخصوم - بمقتضى حديث الطّير - دالة على ذلك؟!

حبّ الله حقّاً دليل الأحقيّة بالخلافة عند عمر

بل إنّ « حبّ الله حقاً » دليل الأحقيّة بالخلافة عنده أنظر إلى ما يرويه أبو نعيم: « حدّثنا أبو حامد بن جبلة، نا محمّد بن إسحاق الثقفي السرّاج، نا محمود بن خداش، نا مروان بن معاوية، نا سعيد قال: سمعت شهر بن حوشب يقول: قال عمر بن الخطاب: لو استخلفت سالما مولى أبي حذيفة، فسألني عنه ربّي ما حملك على ذلك لقلت: ربّي سمعت نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول: إنّه يحبّ الله حقّاً من قلبه »(٢) .

____________________

(١). صحيح البخاري ٥ / ٧ - ٨.

(٢). حلية الأولياء ١ / ١٧٧.

٢٠٦

ورواه الطبري وابن الأثير باللفظ الآتي:

« لمـّا طعن عمر قيل له: لو استخلفت! فقال: لو كان أبو عبيدة حيّاً لاستخلفته وقلت لربّي إنْ سألني: سمعت نبيّك يقول: أبو عبيدة أمين هذه الاُمة. ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً استخلفته وقلت لربّي إنْ سألني: سمعت نبيّك إنّ سالماً شديد الحبّ لله »(١) .

____________________

(١). تاريخ الطبري ٤ / ٢٢٧، الكامل ٣ / ٦٥

٢٠٧

٢٠٨

إبطال حُملِ الأحبّية من الخلق

على خصوص الأحبّية في الأكل مع النبيّ

٢٠٩

٢١٠

قوله:

« إذ القرينة تدلّ على أنّ المراد هو أحبّ الناس في الأكل مع النبيّ ».

أقول:

١ - إنّه خلاف الظّاهر

إنّ هذا الحمل خلاف الظّاهر فإنّ كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ظاهر في أنّ عليّاًعليه‌السلام أحبّ الخلق إليه مطلقاً، والحمل المذكور تأويل لا وجه له، وهو غير جائز.

وقد نصّ ( الدهلوي ) في أوّل كتاب ( التحفة ) على أنّ مذهب أهل السنّة هو الأخذ بظواهر كلمات المرتضى - لا حملها على التقيّة وغيرها - كما هو الحال بالنسبة إلى كلام الله عزّ وجلّ وكلام الرسول، وعليه، فيجب الأخذ بما ورد عن المرتضى في تفضيل بعض الأصحاب على نفسه.

هذا كلامه، وهو كاف لإِبطال جميع ما ورد عنه وعن غيره من أسلافه وأتباعه من التأويل لهذا الحديث الشريف وغيره من الأحاديث الواردة في إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ولله الحمد على ذلك.

٢١١

٢ - لو كان المراد ذلك لم يجز إطلاق أفعل التفضيل

فهذا الكلام الصادر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مطلق، ولو كان المراد الأحب في خصوص الأكل - لا مطلقاً - كان الكلام غلطاً مستبشعاً، لانّ إطلاق أفعل التفضيل بلحاظ بعض الحيثيّات غير المعتد بها غير جائز، إذْ لو جاز ذلك لزم أنْ يكون العالِم بمسألةٍ جزئيّةٍ واحدةٍ من مسائل الوضوء « أعلم» أو « أفقه » ممّن اتفّق جهله بها، وهو عالم بما سواها من مسائل الوضوء بل الطّهارات كلها بل سائر الأبواب الفقهية وهذا بديهيّ البطلان

وأيضاً: لو كان معظم أعضاء بدن زيد أجمل من عمر إلّا عضواً واحداً من عمر وكإصبعه مثلاً فكان أجمل فإنّه لا يستريب عاقل في بطلان قول القائل: عمر وأجمل من زيد.

إذن، لا يجوز رفع اليد عن الإِطلاقات بلحاظ هكذا حيثيّات في شيء من الكلمات، فكيف بكلمات الشارع المقدّس، فإنّ إرادة مثل هذه الحيثيّات من الإِطلاقات أشبه بالألغاز

٣ - لو جاز لزم تفضيل غير الأنبياء على الأنبياء

ولو جاز إطلاق أفعل التفضيل بلحاظ بعض الْأُمور غير المعتبرة في التفضيل لزم جواز تفضيل من اخترع صناعةً أو اكتشف علماً مثلاً على الأوصياء والأنبياء المرسلين وأنْ لا يكون مثل هذا من التعريض وسوء الأدب لكنّ شناعة هذا واضح لدى المميّزين من الأطفال فضلاً عن أرباب الأدب والكمال ولا نظنّ بأحدٍ من أهل السنّة الإِلتزام بجوازه، وكيف يظنّ بهم ذلك وهم يوجبون الضرب الشديد والحبس الطويل على من أقرّ على قول من عرّض بابنة أبي بكر؟ قال السّيوطي:

« أفتى أبو المطرف الشعبي في رجلٍ أنكر تحليف امرأة باللّيل قال: ولو

٢١٢

كانت بنت أبي بكر الصدّيق ما حلفت إلّا بالنهار. وصوّب قوله بعض المتسمّين بالفقه. فقال أبو المطرف: ذكر هذا لابنة أبي بكر رضي الله عنها يوجب عليه الضّرب الشديد والحبس الطويل، والفقيه الذي صوّب قوله هو أحقّ باسم الفسق من اسم الفقه، فيتقدم إليه في ذلك ويؤخر ولا يقبل فتواه ولا شهادته، وهي جرحة تامة، ويبغض في الله »(١) .

فإذا كان هذا فيمن لم يسب ولم يعرض بل أقرّ على قول من عرّض، فما ظنّك بمن عرّض أو صرّح بالسب، والغرض من هذا كلّه تقرير أنّه فاسق مرتكب لعظيم من الكبائر، لا مخلص له إلى العدالة بسبيل.

٤ - إذا جاز رفع اليد عن الإِطلاق لجاز فيما رووه عن ابن العاص

وإذا جاز حمل « الأحبّ المطلق » على « الأحب بالمعنى الخاص » مثل « الأحبّ في الأكل» ونحو ذلك جاز للإِماميّة أن تقول بأنّ المراد من أحبيّة أبي بكر وعمر - فيما رواه أهل السنّة عن عمرو بن العاص، وبالنظر إليه حمل ابن حجر والمحبّ الطبري الأحبيّة في حديث الطّير على المحمل المذكور وسيأتي الكلام على ذلك - هو « الأحبيّة في اللّعن » بقرينة ما أخرجه البخاري: « اللّهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً ».

أو « الأحبيّة في ترك الإِستخلاف » بقرينة ما رواه الشبلي في ( آكام المرجان ) عن ابن مسعود، الظّاهر في إعراض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن استخلاف الشيخين.

أو « الأحبيّة في ترك النفاق والرجوع إلى الإِيمان الخالص وتطهير قلوبهم من البغض والحسد لأهل البيت » هذا الحسد الذي ظهر من الشيخين فيما تكلّما به في قضية النجوى، وغير ذلك.

____________________

(١). إلقام الحجر - مخطوط.

٢١٣

أو « الأحبيّة في الهلاك حتى لا تنعقد سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبيّ ».

وأمثال ذلك من وجوه الحمل والتأويل

إذن خلق هذا الإِحتمال في حديث الطّير يفتح الباب لتوجّه ما ذكرناه إلى الحديث الذي اختلقوه في أحبيّة الشيخين، فيكون مصداقاً لقوله تعالى:( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ ) .

٥ - أفعل التفضيل بمعنى الزيادة في الجملة غير وارد قط

هذا، وقد نصّ على عدم جواز إطلاق « أفعل التفضيل » وإرادة معنى « الزيادة في الجملة » المحقّقون من أهل السنّة، بل نصّ بعضهم على أنّ هذا غير وارد في اللّغة والعرف قطّ فقد قال القوشجي في شرح قول المحقق الطّوسي: « وعلى أكرم أحبّائه » قال:

« أي: آله وأصحابه الذين هم موصوفون بزيادة الكرم على من عداهم ». ثمّ قال القوشجي:

« قيل: لم يرد به معيّناً بل ما يتناول متعدداً، أعني من اتصّف من محبوبيّة بزيادة الكرم في الجملة.

وفيه نظر، لأنّ أفعل التفضيل إذا اُضيف فله معنيان، الأوّل - وهو الشائع الكثير - أنْ يقصد به الزيادة على جميع ما عداه ممّا اُضيف إليه. والثاني: أن يقصد به الزيادة مطلقاً لا على جميع ما عداه ممّا اُضيف إليه. وهو بالمعنى الأوّل يجوز أن يقصد بالمفرد منه المتعدد، دون المعنى الثاني. وأمّا أفعل التفضيل بمعنى الزيادة في الجملة فلم يردّ قط »(١) .

إذن، ليس « الأحبّ » في حديث الطّير بمعنى « الأحبّ في الجملة » بل هو الأحبّ على طريقة العموم والإِستغراق، فبطل التأويلات السّخيفة التي

____________________

(١). القوشجي على التجريد: ٣٧٩.

٢١٤

اخترعها أرباب الشّقاق.

وقال صدر الدين الشيرازي في الردّ على التوّهم المذكور:

« وأيضاً: لو كان معناها - أي معنى صيغة التفضيل - ذلك - أي الزيادة في الجملة - فإذا قال سائل: أيّ ابنيك أعلم؟ يصحّ أن يجاب بكليهما. والعارف باللّسان لا يشك في عدم جواز هذا الجواب.

فتبيَّن أن معناها ليس على ما ظنّه، وإصراره على ذلك أدلّ دليل »(١) .

٦ - إختلاف المسلمين في الأفضليّة دليل على عدم الجواز

ثمّ إنّ المسلمين مختلفون في أفضليّة بعض الصّحابة من بعض وهذا واضح ولو كانت الأفضليّة في الجملة جائزة وصحّ إطلاق « الأفضل » وإرادة الأفضليّة من بعض الجهات والوجوه، لانتفى الخلاف وهذا ممّا استدل به صدر الّدين الشيرازي على عدم الجواز حيث قال:

« ثمّ اختلف المسلمون في أفضليّة بعض الصّحابة على بعض، فذهب أهل السنّة إلى أنّ أبا بكر أفضلهم، وأثبتوا ذلك بوجوه مذكورة في موضعها، وبنوا على إثبات ذلك أنّ غيره من الصّحابة ليس أفضل منه، ومنعوا إطلاق الأفضل على غيره منهم.

وذهب الشيّعة إلى أنّ عليّاً أفضلهم، وأثبتوا ذلك بما لهم من الدلائل، وبنوا على إثبات ذلك أنّ غيره من الصّحابة ليس أفضل منه، ومنعوا أنْ يطلق الأفضل على آخر من الصحابة.

واستمرّ الخلاف بينهما، وفي كل من الطائفتين علماء كبار عارفون باللغة حقّ المعرفة، فلو كان معنى الصيغة ما ظنّه هذا القائل لصحّ أن يكون كل واحد منهما أفضل من الآخر، ولم يتمشّ هذا الخلاف والبناء والمنع.

____________________

(١). الحاشية على القوشجي على التجريد - مبحث الامامة.

٢١٥

وكيف يجوز أنْ يكون معناها ذلك ولم يتنبّه به أحد من هذه الجماعات الكثيرة، ونفي الخلاف والبناء والمنع المذكورة بين الطائفتين من قريب ثمانمائة سنة »(١) .

وعليه، فإنّه لمـّا ثبت « أحبيّة » أمير المؤمنينعليه‌السلام من حديث الطّير والأحاديث الكثيرة غيره، كان إطلاق « الأحبّ » على غيره غير جائز، وبذلك أيضاً يسقط التأويل المذكور، كما يسقط ما وضعوه في « أحبيّة » غيره عليه الصلاة والسلام.

٧ - شواهد عدم الجواز في أخبار الصّحابة وأقوالهم

ولِما ذكرنا من عدم جواز إطلاق « أفعل التفضيل » على « المفضول »، وبطلان حمل « أفعل التفضيل » على « الأفضلية الجزئيّة غير المعتنى بها » شواهد في أقوال الصّحابة والآثار المنقولة عنهم وإليك بعض ذلك:

* قال الغزّالي: « وروي عن ضبّة بن محصن العنزي قال: كان علينا أبو موسى الأشعري أميراً بالبصرة، فكان إذا خطبنا حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنشأ يدعو لعمررضي‌الله‌عنه . قال: فغاظني ذلك منه، فقمت إليه فقلت له: أين أنت من صاحبه تفضّله عليه؟ فصنع ذلك جمعاً.

ثمّ كتب إلى عمر يشكوني يقول: إنّ ضبّة بن محصن العنزي يتعرّض لي في خطبتي.

فكتب إليه عمر أن أشخصه إليَّ.

قال: فاشخصني إليه، فقدمت فضربت عليه الباب، فخرج إليَّ فقال: من أنت؟ فقلت: أنا ضبّة بن محصن العنزي. قال فقال لي: فلا مرحباً ولا

____________________

(١). الحاشية على شرح القوشجي على التجريد - مبحث الامامة.

٢١٦

أهلاً. قلت: أما المرحب فمن الله. وأما الأهل فلا أهل لي ولا مال، فبماذا استحللت - يا عمر - إشخاصي من مصري بلا ذنب أذنبته ولا شيء أتيته؟

فقال: ما الذي شجر بينك وبين عاملي؟ قال قلت: الآن أخبرك به، إنّه كان إذا خطبنا

قال: فاندفع عمر -رضي‌الله‌عنه - باكياً وهو يقول: أنت - والله - أوفق منه وأرشد، فهل أنت غافر لي ذنبي، يغفر الله لك؟

قال: قلت: غفر الله لك يا أمير المؤمنين.

قال: ثمّ اندفع باكياً وهو يقول: والله لليلة أبي بكر ويوم خير من عمر وآل عمر، فهل لك أن احدّثك بليلته ويومه؟

قلت: نعم.

قال: أمّا اللّيلة، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا أراد الخروج من مكّة هاربا من المشركين، خرج ليلا، فتبعه أبو بكر فهذه ليلته. وأمّا يومه، فلمـّا توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ارتدّت العرب

ثمّ كتب إلى أبي موسى يلومه »(١) .

فإنّ هذا الخبر يفيد أنّه - بالإِضافة إلى عدم جواز إطلاق صيغة أفعل التفضيل على المفضول، وإلى بطلان حمل أفعل التفضيل على الأفضليّة غير المعتنى بها - لا يجوز الفعل أو الترك المشعر بتفضيل المفضول على الفاضل، وأنّه لا يجوز تأويل ذلك بإرادة التفضيل من بعض الوجوه، وإلّا لما توجّه غيظ ضبّة ولا لوم عمر على أبي موسى الأشعري، بل كان على عمر أن يذكر الوجوه الجزئيّة التي يكون بها أفضل من أبي بكر، فيحمل ما كان يصنعه أبو موسى على ذلك.

* وروى المتقي: « عن ضبّة بن محصن العنزي قال قلت لعمر بن

____________________

(١). إحياء العلوم ٢ / ٢٤٤.

٢١٧

الخطّاب: أنت خير من أبي بكر؟

فبكى وقال: والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر عمر. هل لك أنْ أحدّثك بليلته ويومه؟

قلت: نعم يا أمير المؤمنين.

قال: أمّا ليلته، فلمـّا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هارباً وأمّا يومه، فلمـّا توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وارتدّ العرب

الدينوري في المجالسة، وأبو الحسن ابن بشران في فوائده، وق في الدلائل، واللّالكائي في السنّة»(١) .

ولو كان يجوز أن يقال « عمر خير من أبي بكر » ويراد « أنّه خير منه من بعض الوجوه » لمـّا « بكى عمر » فقدّم وفضّل ليلة أبي بكر ويومه على « عمر عمر »!! بل كان له إثبات أفضليته من أبي بكر من بعض الوجوه أمثال « الشدّة » و « الغلظة » و « الفظاظة »!!

* وروى المتّقي قال: « جبير بن نفير - إن نفراً قالوا لعمر بن الخطاب: والله ما رأينا رجلاً أقضى بالقسط، ولا أقول بالحقّ، ولا أشدّ على المنافقين، منك يا أمير المؤمنين، فأنت خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال عوف بن مالك: كذبتم، والله لقد رأينا خيراً منه بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال: من هو يا عوف؟

فقال: أبو بكر.

فقال عمر: صدق عوف وكذبتم والله، لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك، وأنا أضلّ من بعير أهلي.

____________________

(١). كنز العمال ١٢ / ٤٩٣ رقم: ٣٥٦١٥.

٢١٨

أبو نعيم في فضائل الصحابة. قال ابن كثير: إسناده صحيح »(١) .

ومن الواضح أنه لو جاز إطلاق أفعل التفضيل ببعض الوجوه عير المعتبرة، كان الواجب حمل قول القائلين لعمر: « أنت خير الناس بعد رسول الله » على تلك الوجوه، فلا يقول عوف وعمر لهم: « كذبتم والله ».

* وروى المتقي: « عن عمر قال: خير هذه الاُمة بعد نبيّها: أبو بكر، فمن قال غير هذا بعد مقامي هذا فهو مفتر، وعليه ما على المفتري. اللالكائي »(٢) .

ولو جاز التفضيل بلحاظ وجه غير معتبر لما حكم عمر على من فضّله على أبي بكر بما حكم

* وروى المتقي: « عن زياد بن علاقة قال: رأى عمر رجلاً يقول: إنّ هذا لخير الاُمّة بعد نبيّها. فجعل عمر يضرب الرّجل بالدّرة ويقول: كذب الآخر، لأبو بكر خير منّي ومن أبي ومنك ومن أبيك. خيثمة في فضائل الصّحابة »(٣) .

فلو جاز إطلاق ألفاظ التفضيل - ولو بلحاظ بعض الوجوه - لَما فعل عمر ذلك قطعاً.

* وقال أبو إسماعيل محمّد بن عبد الله الأزدي في أخبار وقعة فحل « فأرسلوا إلى أبي عبيدة أن أرسل إلينا رجلاً من صلحائكم نسأله عمّا تريدون وما تسألون وما تدعون إليه، نخبره بذات أنفسنا وندعوكم إلى حظّكم إن قبلتم. فأرسل إليهم أبو عبيدة معاذ بن جبل، فأتاهم على فرس له، فلمـّا دنا منهم نزل عن فرسه وأخذ بلجامه، ثمّ أقبل إليهم يقود فرسه فقالوا لبعض غلمانهم: إنطلق إليه فأمسك فرسه، فجاء الغلام ليمسك له دابّته، فقال معاذ: أنا أمسك فرسي،

____________________

(١). كنز العمال ١٢ / ٤٩٧.

(٢). كنز العمال ١٢ / ٤٩٦.

(٣). كنز العمال ١٢ / ٤٩٥.

٢١٩

لا أُريد أنّ يمسكه أحد غيري، فأقبل يمشي إليهم، فإذا هم على فرش وبسط ونمارق ثمّ أمسك برأس فرسه وجلس على الأرض عند طرف البساط.

فقالوا له: لو دنوت فجلست معنا كان أكرم لك، إنّ جلوسك مع هذه الملوك على هذه المجالس مكرمة لك، وإنّ جلوسك على الأرض متنحياً صنيع العبد بنفسه، فلا نراك إلّا قد أزريت بنفسك.

فأخبره الترجمان بمقالتهم، فجثا معاذ على ركبتيه واستقبل القوم بوجهه وقال للترجمان: قل لهم

فلمـّا فسّر هذا الترجمان لهم نظر بعضهم إلى بعض وتعجّبوا ممّا سمعوا منه وقالوا لترجمانهم: قل له أنت أفضل أصحابك.

فقال معاذ عند ذلك: معاذ الله أن أقول ذلك، وليتني لا أكون شرّهم »(١) .

ولو كان إطلاق صيغة التفضيل على المفضول بلحاظ بعض الحيثيّات جائزاً، لما استنكر معاذ قولهم: « أنت أفضل أصحابك » قطعاً.

٨ - لو كان مراد النبيّ « الأحب في الأكل » لصرّح به

وبعد، فإنّه لو كان مراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قصّة الطير طلب أحب الخلق إليه في الأكل لصرّح به، إذ كان يمكنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنْ يقول: اللّهم ائتني بالأحبّ في الأكل. لكنّه لم يقل هكذا بل قال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطائر.

إن تركهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلك العبارة المختصرة، وقوله هكذا، يدلّ بكلّ وضوح وصراحة على معنى فوق الأحبيّة في الأكل، وليس ذلك إلّا أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد إثبات أنّ الرجل الذي يطلبه أحبّ الخلق إلى الله وإلى رسوله على الإِطلاق والعموم وإلّا فما وجه العدول عن

____________________

(١). فتوح الشام - ذكر وقعة فحل.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460