نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٤

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 304287 / تحميل: 6490
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الليلة السابعة

الإيمان بالغيب

الهدف:

١- تعزيز الروح الإيمانية وإيجاد توجهات عبادية سلوكية.

٢- تعزيز العلاقة بالله واستشعار حضوره تعالى.

٣- تعزيز العلاقة بالإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف

تصدير الموضوع:

﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٭ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ(١) .

محاورالموضوع:

معنى الغيب

ما كان غير معلوم وهو قسمان:

أ- إما لعدم الحضور في زمان وقوع الحدث كالاخبارات عن قضايا الأنبياء والأولياءعليهم السلام.

٭ ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ

٤١

إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ(٢)

ب- وإما لما سيكون عليه المستقبل المجهول كإخبار القرآن عن انتصار الروم المستقبلي:

٭ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ ٭ فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ٭ فِي بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ(٣) .

أبرز مصاديق الغيب

١- ما غاب عن سلطان الحواس المادية.

٢- اخباراته تعالى عن حوادث القيامة والآخرة والجنة والنار.

٣- الإحاطة الغيبية لله تعالى:

٭ ﴿لاَتُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير(٤) .

أ- اللَّه القريب:

٭ ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(٥) .

٤٢

٭ ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(٦) .

٭ ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.(٧)

ب- الله الرقيب:

٭ ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في النهج: الحمد لله.. الْبَاطِنُ لِكُلِّ خَفِيَّةٍ وَالْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَةٍ الْعَالِمُ بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ وَمَا تَخُونُ الْعُيُونُ(٨) .

عودة إلى الآية (في التصدير)

الآية توضح أن هناك هداية خاصة لمن كان من المتقين الذين من صفاتهم:

١ـ إيمانهم بالغيب: ويظهر من الروايات أن الغيب هو الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف والإيمان بالغيب ركن من أركان الإيمان ويظهر من الآية أنه بشرط اقترانه بالعمل

٢ـ إقامتهم الصلاة وإنفاقهم: وهنا الفات إلى أن الهداية الخاصة إلى الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف تحتاج إلى عمل وتأهيل

٤٣

للنفس.

النموذج الكربلائي

شدة الشعور بحضور الله تعالى يؤدي إلى الطمأنينة أمام الأهوال:

٭ قال عبد الله البارقي، وهو ممن حضر المعركة: فوالله، ما رأيتُ مكثوراً ـ قط ـ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أجرأ مقدماً منه، ولقد كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها، فتنكشف بين يديه إذا شدّ عليها.(٩) .

٭عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عليهم السلام قال قال علي بن الحسين عليه السلام: " لما اشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم لأنهم كلما اشتد الأمر تغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم وكان الحسين عليه السلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم وتهدأ جوارحهم وتسكن نفوسهم فقال بعضهم لبعض انظروا لا يبالي بالموت فقال لهم الحسين عليه السلام صبرا بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر

٤٤

إلى سجن وعذاب إن أبي حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ما كذبت ولا كذبت".(١٠)

٭ قال أبو عبد الله عليه السلام: " اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم و نوافلكم فإنها سورة الحسين بن علي عليه السلام وارغبوا فيها رحمكم الله تعالى فقال له أبو أسامة وكان حاضر المجلس وكيف صارت هذه السورة للحسين عليه السلام خاصة فقال ألا تسمع إلى قوله تعالى ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ٭ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ٭ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ٭ وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ إنما يعني الحسين بن علي عليه السلام فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية وأصحابه من آل محمدا هم الراضون عن الله يوم القيامة وهو راض عنهم وهذه السورة في الحسين بن علي عليه السلام وشيعته وشيعة آل محمد خاصة من أدمن قراءة والفجر كان مع الحسين بن علي عليه السلام في درجته في الجنة إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"(١١) .

ـــــــــــــــــ

١- البقرة،٢ ـ ٣

٢- آل عمران،٤٤.

٣- الروم، ٢ -ـ٤

٤- الأنعام،١٠٣

٥- الحديد، ٤

٦- ق، ١٦

٧- الأنفال،٢٤

٨- شرح نهج البلاغة ج٨ ص٢٦٨

٩- المصيبة الراتبة ص١٥٤

١٠- بحار الأنوار ج٤٤ ص٢٩٧.

١١- بحار الأنوار ج٤٤ ص٢١٩.

٤٥

الليلة الثامنة

ضرورة التدين والالتزام

الهدف:

بيان أن الدين هو نظام الحياة الذي سنّه الله تعالى للناس

والسبيل لتحرر المرء من القيود ورغبات وميول النفس الأمارة.

تصدير الموضوع:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون(١)

محاور الموضوع:

خصائص الدين الإسلامي

١- الأصلح بين جميع الأنظمة والقوانين

٭ ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ﴾.(٢) .

٢- سبيل النجاة الوحيد

٤٦

٭ ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(٣) .

٭ ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون(٤) .

٣- حياة الإنسان الحقيقية

٭ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(٥) .

٤- سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة

٭ " ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة"(٦) .

قيمة الإنسان مقابل الدين

١- الإنسان أشرف المخلوقات

٤٧

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً(٧) .

٭ ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم(٨)

٢- الدين الإلهي أرفع قيمة من الإنسان و لذلك نرى أن الإنسان المؤمن حتى الأنبياء و الرسل يقدمون أنفسهم تخليداً لهذا الدين.

٣- قيمة الإنسان من قيمة التزامه وثباته على التدين والتعبد بالشريعة الإلهية.

٭ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(٩) .

آثار الابتعاد عن الدين

١- التعب و القلق في الدنيا

٭ ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً(١٠) .

٤٨

٢- العمى و الخسارة في الآخرة

٭ ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(١١) .

٣- الارتهان للشهوات

٭ عن الصادق عليه السلام " إن صاحب الدين فكرَ فغلبته السكينة.. ورفض الشهوات فصار حراً"(١٢) .

الدين أمانة

١- أمانة الله وأمانة الأنبياء والرسل...

٭ ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا(١٣) .

٢- نماذج من تضحيات الأئمة عليهم السلام في سبيل رفع لواء الدين

٭ أمثلة: (إقصاؤهم عن مواقعهم ـ السجن ـ النفي ـ الإقامة الجبرية..).

الخلاصة:

ينبغي أن نفكر: ماذا قدمنا لهذا الدين وليس ماذا انتفعنا من الدين.

٤٩

٭ ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً(١٤) .

ــــــــــــــــــ

١- آل عمران ١٠٢

٢- الإسراء، ٩

٣- البقرة، ٢٥٧

٤- الأنعام، ١٥٣

٥- الأنفال، ٢٤

٦- بحار الأنوار ج١٨ص١٩١

٧- الإسراء، ٧٠/

٨- التين، ٤.

٩- ق، ١٣

١٠- الأنبياء، ١٢٤

١١- الأنبياء، ١٢٤

١٢- مستدرك الوسائل ج١١ ص١٧٦

١٣- الأحزاب، ٧٢

١٤- المزمل، ٢٠

٥٠

الليلة التاسعة

الموت والحياة

الهدف:

رفع الروح المعنوية والجهادية والاستشهادية وإيجاد دواعٍ للتوبة والاستعداد للموت والإضاءة على مفهومي الموت والحياة.

تصدير الموضوع:

﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٭ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(١) .

محاور الموضوع:

لماذا الموت؟

أ ـ الموت نهاية فترة الاختبار والامتحان

٭ ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً

ب ـ الموت رحمة إذ لولاه لما كان لهذا الاختبار الدنيوي نهاية

٥١

٭ ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في النهج: إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ لِدُوا لِلْمَوْتِ وَ اجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ وَابْنُوا لِلْخَرَاب(٢) .

٭ ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في النهج: الدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍّ لاَ دَارُ مَقَرٍّ وَالنَّاسُ فِيهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ بَاعَ فِيهَا نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا وَ رَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا.(٣)

ج ـ الموت نعمة إذ يشكل للناجحين بوابة الدخول إلى دار الكرامة حيث الجوائز على النجاح في الابتلاء.

٭ ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في النهج: وَ مَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلَّا الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ.(٤) .

٭ ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في النهج: وَاللَّهِ مَا فَجَأَنِي مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ وَلَا طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ وَمَا كُنْتُ إِلَّا كَقَارِبٍ وَرَدَ وَطَالِبٍ وَجَدَ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرار(٥) .

معنى الحياة

أ ـ في المفهوم العام حياة حيوانية (أكل ـ شرب ـ رزق ـ لعب ـ لهو ـ زواج ـ الخ.....) وعليه فموت الجسد بالنسبة

٥٢

لأصحاب هذا الاعتقاد هو الموت الأعظم بنظر هؤلاء والمصاب بالجسد هو أعظم المصائب.

ب ـ في المفهوم الإسلامي و القرآني الحياة قسمان:

١ ـ الحياة الدنيا: مرحلة عمل وجد للآخرة وهي مرتبة ضعيفة من الحياة تنزع وتسلب بأبسط الأسباب.

٭ ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في النهج: فَإِنَّ الدُّنْيَا... غُرُورٌ حَائِلٌ وَضَوْءٌ آفِلٌ وَظِلٌّ زَائِلٌ وَسِنَادٌ مَائِلٌ(٦) .

٭ ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَ مَتَاعُ الْغُرُورِ(٧) .

٢ ـ الحياة الآخرة و هي الحياة الحقة

٭ ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(٨) .

أقسام الناس بالنسبة للحياة والموت

أ ـ أحياءٌ أموات: وهم الذين يأكلون ويشربون لكنهم لا يتأثرون بالهداية الإلهية:

٥٣

٭ ﴿ومَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلاَ الأمْوَاتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور(٩) .

٭ ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(١٠) .

ب ـ أحياءٌ أحياءٌ: وهم العاملون المؤثرون الفاعلون في الحياة وليس فقط من يكونون تحت تأثير أفعال غيرهم ومن هؤلاء المجاهدون:

٭ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(١١) .

الآية واردة في إطار الحض على الاستجابة للرسول في دعوته الجهاد.

ج ـ أمواتً أحياءٌ: وهم الشهداء، هم الأحياء الحقيقيون لأنهم أحياءً عند من يعرف الحياة حق المعرفة

١ ـ نهيُّ عن مجرد القول بموت الشهداء:

٭ ﴿وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ(١٢) .

٥٤

٢ ـ نهى الله تعالى عن اعتبارهم أمواتاً:

٭ ﴿لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(١٣) .

ـــــــــــــــــــ

١- الملك، ١ ـ ٢

٢- شرح نهج البلاغة ج١٨ ص٣٢٨

٣- شرح نهج البلاغة ج١٨ ص٣٢٩

٤- شرح نهج البلانغة ج٥ ص١٤٥

ِ٥- شرح نهج البلاغة ج١٥ ص١٤٣

٦- شرح نهج البلاغة ج٦ ص٣٤٦

٧- آل عمران، ١٨٥

٨- العنكبوت، ٦٤

٩- فاطر، ٢٢

١٠- النحل، ٢١

١١- الأنفال، ٢٤

١٢- البقرة، ١٥٤

١٣- آل عمران، ١٦٩

٥٥

الليلة العاشرة

التمهيد للظهور واجب الأمة في عصر الغيبة

الهدف:

التعرف على شخصية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وكيفية بناء وتمتين العلاقة القلبية والعملية معه.

تصدير الموضوع:

﴿ٍوَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين(١)

محاور الموضوع:

تعريف عام لشخصية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

١ ـ من حيث الدور

٭ روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم واحد لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً"(٢)

٢ ـ من حيث حتمية الظهور

٥٦

٭ أخرج أبو داود عن عبد الله بن مسعود: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطى اسمه اسمي"(٣)

٣ ـ من حيث حتمية النصر

٭ ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(٤)

عناوين تحكم علاقتنا بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

١ ـ الغيبة أمر استثنائي في حياة الأئمة الأطهارعليهم السلام

٢ ـ واجب الأمة رفع أسباب الغيبة والتمتع بنعمة الظهور

٣ ـ معنى التمهيد:

العمل على تعجيل الفرج والظهور المبارك وتهيئة الأرضية والأسباب.

٤ ـ نوع العمل في عصر الغيبة يرتبط بمقدار تمهيده للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف.

٥ ـ ميزان الأعمال حسناً وقبحاً في عصر الغيبة بمقدار تمهيدها للإمامب وإحرازها لرضاه أو العكس.

٥٧

من فوائد التمهيد العملية على مستوى الفرد

١ ـ الاطمئنان الروحي والنفسي للإنسان كونه يعمل في الخط السليم

٢ ـ عدم استصغار أي عمل ما دام يقع في دائرة التمهيد

٣ ـ الاستعداد و الجهوزية الدائمة لمواجهة تحديات الأعداء.

الخلاصة:

التمهيد واجب الأمة لخلاصها من معاناتهالا ينبغي التقصير في هذا الواجب.

٥٨

ــــــــــــــــ

١- القصص ٥

٢- مسند أحمد/ ١ ـ ٩٩، ٣ ـ ١٧ ـ ٧٠

٣- جامع الأصول، ١١ ـ ٨٤ برقم ٧٨١٠

٤- القصص ٥

٥٩

الفهرس

المقدمة ٣

توجيهات الولي ٥

كيف يجب أن تقام مراسم العزاء؟ ٦

السياسات العامة للخطاب العاشورائي ٧

الليلة الأولى ١١

الارتباط بالحق بين القلة والكثرة ١١

التمييز بين النمو الطبيعي و النمو الورمي: ١٢

بعض خصائص طريق الحق: ١٣

الخلاصة: ١٤

الليلة الثانية ١٦

الاستجابة للحسين عليه السلام ـ لنبدأ التغيير ١٦

كيف نكون مع الحسين عليه السلام لنفوز؟ ١٧

وصية الحسين عليه السلام لأخيه محمد بن الحنفية قبيل خروجه من مكة ١٨

الليلة الثالثة ٢٠

نصرةُ الله ٢٠

الليلة الرابعة ٢٦

الثبات ٢٦

أنواع الابتلاءات السلبية: ٢٧

قيمة الإنسان بثباته أمام التحديات ٢٧

الخلاصة: ٢٨

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

من الأحاديث الصَّريحة في:

أنّ عليّاً أحبّ الخلق إلى الله والرّسول مطلقا ً

١ - روى الكنجي والبدخشاني عن الحافظ أبي نعيم في أربعينه والطبراني في الكبير، ومحبّ الدين الطبري عن الحافظ أبي العلاء الهمداني في أربعينه في المهدي كلّهم عن علي بن الهلال، عن أبيه، عن علي - واللّفظ للطبري - قال:

« دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحالة التي قبض فيها، فإذا فاطمة - رضي الله عنها - عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفعصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طرفه إليها وقال: حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيك؟ فقالت: أخشى الضّيعة من بعدك. فقال: يا حبيبتي، أما علمت أنّ الله تعالى اطّلع على أهل الأرض اطّلاعةً فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثمّ اطّلع اطّلاعة على أهل الأرض فاختار منها بعلك، وأوحى إليّ أن أنكحك إيّاه!

يا فاطمة: ونحن أهل بيتٍ قد أعطانا الله سبع خصالٍ لم يعط أحداً قبلنا، ولا يعطي أحداً بعدنا:

أنا خاتم النبيين وأكرمهم على الله عزّ وجلّ، وأحبّ المخلوقين إلى الله تعالى، وأنا أبوك، ووصيي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ وهو بعلكِ،

٢٤١

وشهيدنا خير الشّهداء وأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيكِ وعمّ بعلكِ. ومنّا من له جناحان أخضران يطير بهما في الجنّة حيث يشاء مع الملائكة وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك. ومنّا سبطا هذه الاُمّة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنّة وأبوهما - والذي بعثني بالحق - خير منهما.

يا فاطمة، والذي بعثني بالحق، إنّ منهما مهدي هذه الاُمة إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السّبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيراً، يبعث الله عزّ وجلّ عند ذلك منها من يفتح حصون الضّلالة، وقلوباً غلفاً، يقوم بالدّين في آخر الزّمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً »(١) .

فالنبيّ يصف عليّاً -عليه‌السلام - بقوله: « ووصيي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ » ومن المعلوم أنّ الأوصياء السّابقين كانوا أنبياء فعليعليه‌السلام أحبّ إلى الله من أُولئك الأنبياء فمن زيدٌ هناك ومن عمرو؟!

فالحديث يدلّ على أحبيّة علي من الأنبياء بالدلالة المطابقية، وعلى أحبيّة من غيرهم بالأولويّة القطعيّة وهذا أيضاً مفاد حديث الطير، لأنّ الحديث يفسّر بعضاً.

٢ - روى السيد علي الهمداني: « عن أنس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حدّثني جبرئيل عن الله عزّ وجلّ: إنّ الله يحب عليّاً ما لا يحبّ الملائكة ولا النبيّين ولا المرسلين، وما من تسبيح يسبّحه لله إلّا ويخلق الله ملكاً يستغفر لمحبيّه وشيعته إلى يوم القيامة »(٢) .

____________________

(١). البيان في أخبار صاحب الزمان: ٧. ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ١٣٥. مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

(٢). مودة القربى - ينابيع المودة: ٢٥٦.

٢٤٢

فهل من تأمّل في أفضليّة أمير المؤمنينعليه‌السلام من الثلاثة؟!

٣ - روى الخطيب الخوارزمي بسنده من طريق محمّد بن جرير الطبري، عن عبد الله بن عمر قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وسئل بأيّ لغةٍ خاطبك ربّك ليلة المعراج فقال - خاطبني بلغة علي بن أبي طالب، فألهمني أنْ قلت: يا ربّ خاطبتني أم علي؟ فقال: يا أحمد، أنا شيء ليس كالأشياء، لا اُقاس بالناس، ولا اُوصف بالشبهات، خلقتك من نوري وخلقت علياً من نورك، فاطّلعت على سرائر قلبك فلم أجد أحداً في قلبك أحبّ إليك من علي بن أبي طالب، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئنُّ قلبك »(١) .

ورواه نور الدين جعفر البدخشي في ( خلاصة المناقب ) مرسلاً.

وعلى ضوء هذا الحديث يتضّح فساد تأويلات ( الدهلوي ) وأنّ حديث الطّير من البراهين السّاطعة على أفضليّة مولانا أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسّلام.

ومن لطائف هذا المقام: أنّ السيد علي بن أحمد بن معصوم المدني طاب ثراه يروي هذا الحديث الشريف بسند أكثره من رواية الأبناء عن الآباء حيث يقول:

« حدّثنا والدي الأجل أحمد نظام الدين، عن والده السيد الجليل محمّد معصوم، عن شيخه المحقق المولى محمّد أمين الأسترآبادي، عن شيخه طراز المحدّثين الميرزا محمّد الأسترآبادي، عن السيّد أبي محمّد محسن قال: حدّثني أبي علي شرف الآباء، عن أبيه منصور غياث الدّين أستاذ البشر، عن أبيه محمّد صدر الحقيقة، عن أبيه منصور غياث الدين، عن أبيه محمّد صدر الدين، عن أبيه إبراهيم شرف الملّة، عن أبيه محمد صدر الدين، عن أبيه إسحاق عزّ الدين، عن أبيه علي ضياء الدين، عن أبيه عربشاه

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ٣٧.

٢٤٣

زين الدين، عن أبيه أبي الحسن الأمير نجيب الدين، عن أبيه الأمير خطير الدين، عن أبيه أبي علي الحسن جمال الدين، عن أبيه أبي جعفر الحسين العزيزي، عن أبيه أبي سعيد علي، عن أبيه أبي إبراهيم زيد الأعثم، عن أبيه أبي شجاع علي، عن أبيه أبي عبد الله محمّد، عن أبيه علي، عن أبيه أبي عبد الله جعفر، عن أبيه أحمد السكّين، عن أبيه جعفر، عن أبيه أبي جعفر محمّد، عن أبيه زيد الشهيد، عن أبيه علي زين العابدين، عن أبيه الحسين سيّد الشهداء، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال:

سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول - وقد سئل بأيّ لغةٍ خاطبك ربّك ليلة المعراج قال -: خاطبني بلسان علي، فألهمني أنْ قلت

توضيح : أقول: هذا الحديث الشريف رواه أيضاً أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي المعروف بأخطب خوارزم

واللّغة كاللسان كما تطلق على ما يعبّر به كلّ قوم عن أغراضهم، كلغة العرب ولغة العجم، تطلق على ما يعبّر به الإِنسان الواحد عن غرضه، من النطق وتقطيع الصّوت، الذين يمتاز بهما الأشخاص بعضها عن بعض، ويعبّر عنها باللهجة، فقول السائل في الحديث: بأيّ لغة خاطبك ربّك؟ يحتمل المعنيين. و قوله: خاطبني بلسان علي - أو بلغة علي كما في رواية الخوارزمي - مراد به المعنى الثاني، وهو يتضمن الجواب عن المعنى الأول أيضاً إنْ كان مرادا، لأنّ لغة عليعليه‌السلام كانت عربيّة. وقاس الشيء بالشيء قدّره به، أي جعله على مقداره. والشبهات جمع شبهة كغرفة وغرفات قال في القاموس: الشبهة بالضم الالتباس والمثل انتهى. وإرادة المعنى الثاني هنا أظهر. أي لا أوصف بالأمثال، وإن كان المعنى الأول أيضاً ظاهراً »(١) .

٤ - أخرج الترمذي: « حدّثنا محمّد بن بشّار ويعقوب بن إبراهيم وغير

____________________

(١). التذكرة - مخطوط.

٢٤٤

واحد قالوا: نا أبو عاصم، عن أبي الجراح قال: ثني جابر بن صبيح قال: حدّثتني أم شراحيل قالت: حدّثتني أم عطيّة قالت: بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جيشاً فيهم علي. قالت: فسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو رافع يديه يقول: اللّهم لا تمتني حتى تريني عليّاً هذا حديث غريب حسن، إنّما نعرفه من هذا الوجه »(١) .

ورواه الفقيه ابن المغازلي حيث قال: « قولهعليه‌السلام : لا تمتني حتى تريني وجه علي. أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن الحسين بن محمّد المحاملي، نا علي بن مسلم، نا أبو عاصم قال: حدّثني أبو الجراح »(٢) .

ورواه الخطيب الخوارزمي بسنده عن الحافظ البيهقي قال: « أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمر قالا: حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب قال: حدّثنا أبو أميّة محمّد بن إبراهيم الطرسوسي، قال: حدّثنا أبو عاصم النبيل »(٣) .

ورواه الكنجي الشّافعي بسنده عن الترمذي قال: « هذا حديث عال، أخرجه أبو عيسى محمّد بن عيسى الترمذي في صحيحه، ووقع إلينا عاليا من غير هذا الطريق، لكن اقتصرنا على هذا لشهرته عند أهل النقل »(٤) .

ورواه الزرندي عن اُم عطيّة(٥) .

وكذا حسام الدين(٦) والبدخشاني(٧) عن الترمذي.

____________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٦٠١.

(٢). مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام : ١٢٢.

(٣). مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام : ٣٠.

(٤). كفاية الطالب: ١٣٣.

(٥). نظم درر السمطين: ١٠٠.

(٦). مرافض الروافض - مخطوط.

(٧). مفتاح النجا - مخطوط.

٢٤٥

وهل في دلالته على الأحبيّة المطلقة العامّة ريب؟!

٥ - قال الحافظ محبّ الدين الطبري تحت عنوان « ذكر أنّه أحبّ الخلق إلى الله تعالى بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » بعد أن روى حديث الطير:

« وعن ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال: إنّ علياً دخل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقام إليه وعانقه وقبّل ما بين عينيه، فقال له العباس: أتحبّ هذا يا رسول الله؟ فقال: يا عم، والله لله أشدّ حبّا له منّي. أخرجه أبو الخير القزويني(*) »(١) .

وكرّر روايته في « ذكر أن الله تعالى جعل ذريّته في صلب علي »(٢) .

وقد بلغت دلالة هذا الحديث في الوضوح حدّاً حتى ذكره الطبري تحت عنوان « ذكر أنّه أحبّ الخلق إلى الله » كما نصَّ محمّد بن إسماعيل وغيره على دلالته على ذلك.

فهذا هو الحديث، وهذه تصريحات المحقّقين من أهل السنّة فقل ما يقتضيه الإنصاف في تأويلات المنحرفين؟!

٦ - روى الخطيب الخوارزمي قائلاً: « أنبأني أبو العلاء الحافظ الحسن ابن أحمد العطار الهمداني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقري قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدّثنا حبيب بن الحسن قال: حدّثنا عبد الله بن أيوب القربي قال: حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: حدّثنا إسماعيل بن عبّاد المدني، عن شريك عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عند زينب بنت جحش فأتى بيت أم سلمة - وكان يومها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فلم يلبث أن جاء علي فدقّ الباب دقّاً خفيفاً، فاستثبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدقّ

____________________

(١). ذخائر العقبى: ٦٢.

(٢). ذخائر العقبى: ٦٧.

(*). هو: أحمد بن إسماعيل المتوفى سنة: ٥٨٩ أو ٥٩٠. ترجم له في سير أعلام النبلاء ٢١ / ١٩٠.

٢٤٦

فأنكرته اُمّ سلمة. قال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قومي فافتحي له الباب. فقالت: يا رسول الله من هذا الذي بلغ من خطره ما أفتح له الباب فأتلقاه بمعاصمي، وقد نزلت فيّ آية من كتاب الله بالأمس!! فقال - كالمغضب - إن طاعة الرّسول طاعة الله، ومن عصى الرسول فقد عصى الله! إنّ بالباب رجلا ليس بالنزق ولا الخرق، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله. ففتحت له الباب، فأخذ بعضادتي الباب حتى إذا لم يسمع حسّاً ولا حركة، وصرت إلى خدري استأذن فدخل.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتعرفينه؟ قلت: نعم، هذا علي بن أبي طالب. قال: صدقت. سجيّته من سجيّتي، ولحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة علمي.

إسمعي واشهدي: هو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي.

إسمعي واشهدي: لو أنَّ عبداً عبد الله ألف عام من بعد ألف عام بين الركن والمقام، ثمّ لقى الله مبغضاً لعلي لأكبَّه الله يوم القيامة على منخريه في نار جهنم »(١) .

ولا يخفى: أن هذه الصّفات التي ذكرها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما ذكرها جواباً لسؤال اُمّ سلمة « من هذا الذي بلغ من خَطَره »؟ فلا يعقل أنْ يكون قوله « يحبّه الله ورسوله » إلّا بمعنى « الأحبيّة»، لأنّ كلّ مؤمن يحبّه الله ورسوله، فلا بدّ أن يكون قوله في حق علي لإفادة معنى الأحبيّة العامة المطلقة وهذا هو المطلوب.

٧ - روى الخطيب الخوارزمي قائلاً: « وأنبأني مهذّب الأئمة هذا قال أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن علي بن أبي عثمان الدّقاق قال: أخبرنا أبو المظفر هنّاد بن إبراهيم النسفي قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن يوسف بن

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام : ٤٣.

٢٤٧

محمّد بن الحجاج الطبري - بسارية طبرستان - قال: حدّثنا أبو عبد الله الحسين ابن جعفر بن محمّد الجرجاني قال: حدّثنا أبو عيسى إسماعيل بن إسحاق بن سليمان النّصيبي قال: حدّثنا محمّد بن علي الكفرثوثي قال: حدّثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال:

صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة العصر وأبطأ في ركوعه في الركعة الأولى، حتى ظنّ أنّه قد سهى وغفل، ثمّ رفع رأسه وقال: سمع الله لمن حمده، ثمّ أوجز في صلاته، ثمّ أقبل علينا بوجهه كأنّه القمر ليلة البدر في وسط النجوم، ثمّ جثى على ركبتيه وبسط قائمه حتى تلألأ المسجد بنور وجهه، ثمّ رمى بطرفه إلى الصفّ الأوّل يتفقَّد أصحابه رجلاً رجلاً، ثمّ رمى بطرفه إلى الصفّ الثّاني، ثمّ رمى بطرفه إلى الصف الثّالث، يتفقّدهم رجلاً رجلاً، ثمّ كثرت الصّفوف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال:

ما لي لا أرى ابن عمّي علي بن أبي طالب، يا ابن عمّي، فأجابه علي من آخر الصفوف وهو يقول: لبّيك لبّيك يا رسول الله. فنادى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأعلى صوته: اُدنُ منّي يا علي. فما زال علي يتخطّى أعناق المهاجرين والأنصار حتى دنا المرتضى إلى المصطفى، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما الذي خلَّفك عن الصفّ الأوّل؟ قال: شككت أنّي على غير طهر، فأتيت منزل فاطمة فناديت يا حسن يا حسين يا فضّة، فلم يجبني أحد، فإذا بهاتف يهتف بي من ورائي وهو ينادي: يا أبا الحسن يا ابن عمّ النبيّ، إلتفتْ، فالتفتُّ، فإذا بسطلٍ من ذهب وفيه ماء وعليه منديل، فأخذت المنديل ووضعته على منكبي الأيمن وأومأت إلى الماء، فإذا الماء يفيض على منكبي، فتطّهرت وأسبغت الطهر، ولقد وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك، ثمّ التفتّ ولا أدري من وضع السّطل والمنديل، ولا أدري من أخذه.

فتبسّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وجهه وضمّه إلى صدره،

٢٤٨

فقبَّل ما بين عينيه ثمَّ قال: يا أبا الحسن ألا أُبشّرك، إنّ السّطل من الجنّة والماء والمنديل من الفردوس الأعلى، والذي هيّأك للصّلاة جبرئيل، والذي مندلك ميكائيل. والذي نفس محمّد بيده ما زال إسرافيل قابضا بيده على ركبتي حتى لحقت معي الصّلاة.

أفيلومني الناس على حبّك، والله تعالى وملائكته يحبّونك فوق السماء؟! »(١) .

٨ - روى الحافظ الدار قطني: « ثنا أبو القاسم الحسن بن محمّد بن بشر البجلي الكوفي، ثنا علي بن الحسين بن عتبة، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن عائشة قالت: لمـّا حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الموت قال: ادعوا لي حبيبي، فدعوت له أبا بكر فنظر إليه ثمّ وضع رأسه، فقال: ادعوا لي حبيبي، فدعوت له عمر فنظر إليه ثمّ وضع إليّ رأسه، فقال: ادعوا لي حبيبي فقلت: ويلكم ادعوا لي علي بن أبي طالب، فو الله ما يريد غيره. فلمـّا رآه أخرج الثوب الذي كان عليه ثمّ أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتى قبض ويده عليه »(٢) .

ورواه الخوارزمي: « أخبرني الشّيخ الإِمام شهاب الدين أبو النجيب سعد ابن عبد الله بن الحسن الهمداني - فيما كتب إليَّ من همدان - أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد باصبهان - فيما أذن لي في الرواية عنه - قال: أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطبراني - سنة ٤٧٣ - قال: أخبرنا الإِمام الحافظ طراز المحدّثين أبو بكر أحمد ابن موسى بن مردويه الأصبهاني.

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ٢١٥.

(٢). الأفراد للدار قطني.

٢٤٩

وبهذا الإِسناد قال أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني المعروف بالمروزي قال: وأخبرنا بهذا الحديث الإِمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصبهاني - في كتابه إليّ من أصبهان سنة ٤٨٨ - عن أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه. قال:

حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن حمّاد قال: حدّثنا القاسم بن علي بن منصور الطائي قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان »(١) .

والكنجي: « أخبرنا أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد بن الحسن الصالحي، أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي، أخبرنا أبو غالب ابن البنّاء، أخبرنا أبو الغنائم ابن المأمون، أخبرنا إمام أهل الحديث أبو الحسن الدار قطني

قلت : رواه محدّث الشام في كتابه كما أخرجناه قال قال الدار قطني: تفرّد به مسلم الملّائي، وهو قريب في مثل هذا »(٢) .

ورواه محمّد باكثير المكّي عن الدار قطني عن عائشة(٣) .

ومحبّ الدين الطبري(٤) وإبراهيم الوصّابي(٥) : عن التّمام الرازي في فوائده، عن عائشة.

وشهاب الدين أحمد، عن المحبّ الطبري، عن الرازي. وعن الصالحاني، عن سليمان الحافظ الأصبهاني، عن ابن مردويه عن عائشة(٦) .

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ٢٨.

(٢). كفاية الطالب: ٢٦٢.

(٣). وسيلة المآل - مخطوط.

(٤). ذخائر العقبى: ٧٢.

(٥). الاكتفاء - مخطوط.

(٦). توضيح الدلائل - مخطوط.

٢٥٠

وأخرجه الحافظ أبو يعلى من حديث عبد الله بن عمرو باللفظ التالي:

« ثنا كامل بن طلحة، ثنا ابن لهيعة، حدّثني حي بن عبد الله المغازي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في مرضه: ادعوا لي أخي، فدعوا له أبا بكر فأعرض عنه، ثمّ قال: ادعوا لي أخي فدعوا له عمر فأعرض عنه، ثمّ قال: ادعوا لي أخي فدعي له عثمان فأعرض عنه، ثمّ قال: ادعوا لي أخي، فدعي له علي بن أبي طالب، فستره بثوب وأكبّ عليه، فلمـّا خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علّمني ألف باب كلّ باب يفتح ألف باب »(١) .

ويفيد هذا الحديث بطرقه - فيما بعد - أنّ الثلاثة ما كانوا في نظر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصداقاً لقوله « حبيبي » أو « أخي » حتى قامت عائشة لأئمة الحاضرين: « ويلكم ادعوا له علي بن أبي طالب » إنّ « حبيبه » و « أخاه » ليس إلّا أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسّلام فهو الأحبّ إليه والأقرب عنده من جميع الخلائق، فهو الأفضل

فهل في سقوط تأويلات ( الدهلوي ) شكّ وريب!!

____________________

(١). العلل المتناهية ١ / ٢٢١، رقم: ٣٤٧.

٢٥١

من أقوال الصحابة الصَّريحة في:

أنّ علّياً أحبُّ النّاس إلى النبيّ

وكما كانت الأحاديث الواردة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صريحةً في الدلالة على أنّ علياًعليه‌السلام كان أحبّ الخلق عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... كذلك الآثار التي يروونها عن الصّحابة فإنّها صريحة في أن هذا الأمر كان مفروغاً عنه ومتسالماً عليه بينهم سمعوه من النّبيّ وفهموه من أحواله وسيرته

قول أبي ذر الغفاري

عن معاوية بن ثعلبة قال: « جاء رجل إلى أبي ذر - وهو في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فقال: يا أبا ذر، ألا تحدّثني بأحبّ الناس إليك! فو الله لقد علمت أنّ أحبّهم إليك أحبّهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال: أجل والذي نفسي بيده: إنّ أحبّهم إليَّ أحبّهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو ذلك الشيخ. وأشار إلى علي ».

رواه الخوارزمي بسنده عن البيهقي عن معاوية بن ثعلبة(١) .

والمحبّ الطبري(٢) وإبراهيم الوصابي(٣) عن الملّا في سيرته عنه

وشهاب الدين أحمد، عن الطبري، عن الملّا(٤) .

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ٢٩.

(٢). الرياض النضرة ٣ / ١١٦، ذخائر العقبى: ٦٢.

(٣). الاكتفاء - مخطوط.

(٤). توضيح الدلائل - مخطوط.

٢٥٢

وهل يجوّز عاقل تخصيص هذه « الأحبيّة » بالأحبيّة في الأكل وما شابه؟ وما الدليل على ذلك؟

قول بريدة

أخرج الحاكم قائلاً: « حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا العباس بن محمّد الدوري، حدّثنا شاذان الأسود بن عامر، حدّثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن عبد الله بن عطا، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:

كان أحبّ النساء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة ومن الرجال علي.

هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه »(١) .

ورواه المولوي مبين عن الحاكم(٢) .

وروى البدخشاني، عن الترمذي، عن بريدة قال: « كان أحبّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة ومن الرّجال علي »(٣) .

قول عائشة

١ - روى الكنجي: « أخبرنا الحافظ محمّد بن محمود - ببغداد - ويوسف ابن خليل - بحلب - وخالد بن يوسف - بدمشق - وغيرهم، قالوا جميعاً: أخبرنا حجّة العرب زيد بن الحسن الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا إمام أهل الحديث أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ، أخبرنا أبو منصور محمّد بن محمّد ابن عثمان السوّاق، أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب الكاتب، حدّثنا محمّد بن جرير الطبري، حدّثنا محمّد بن عيسى الدّامغاني، حدّثني يسع بن

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٥. ووافقه الذهبي.

(٢). وسيلة النجاة: ٢٧.

(٣). مفتاح النجا - مخطوط.

٢٥٣

عدي، حدّثنا شاه بن الفضل، عن أبي المبارك، عن حيوة بن شريح بن هاني، عن أبيه، عن عائشة قالت:

ما خلق الله خلقاً أحب إلى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من علي ابن أبي طالب »(١) .

فهذا الحديث الذي رواه الحفّاظ عن الحافظ الطبري، بسنده عن عائشة، نصّ صريح فيما يدلّ عليه حديث الطير من « الأحبيّة » العامّة المطلقة، فلا مجال لشيء من التأويلات الفاسدة.

٢ - أخرج التّرمذي: « حدّثنا حسين بن يزيد الكوفي، نا عبد السلام بن حرب، عن أبي الجحاف، عن جميع بن عمير التيمي قال: دخلت مع عمتي على عائشة فسئلت: أيّ الناس كان أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالت: فاطمة. فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها، أن كان - ما علمت - صوّاماً قوّاماً. هذا حديث حسن غريب »(٢) .

وأخرجه الحاكم بسنده عن عبد السلام بن حرب(٣) .

وعن الترمذي: ابن الأثير(٤) ومحبّ الدين الطّبري(٥) وشهاب الدين أحمد(٦) والعيدروس(٧) والوصّابي(٨) والبدخشاني(٩) .

إنّ هذه « الأحبيّة » عامّة قطعاً ولو كان هناك غير فاطمة وعلي لذكرته

____________________

(١). كفاية الطالب: ٣٢٤.

(٢). صحيح الترمذي ٥ / ٦٥٨.

(٣). المستدرك ٣ / ١٥٧.

(٤). أَسد الغابة ٥ / ١٥٧.

(٥). الرياض النضرة ٣: ١١٥، ذخائر العقبى.

(٦). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٧). العقد النبوي - مخطوط.

(٨). الاكتفاء - مخطوط.

(٩). مفتاح النجا - مخطوط.

٢٥٤

عائشة قطعاً

٣ - أخرج الحاكم: « حدّثنا أبو بكر محمّد بن علي الفقيه الشاشي، حدّثنا أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ، حدّثنا علي بن سعيد بن بشير، عن عبّاد بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، عن أبي إسحاق الشيباني، عن جميع بن عمير قال:

دخلت مع أُمي على عائشة فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسألها عن علي فقالت: تسأليني عن رجلٍ - والله - ما أعلم رجلاً كان أحبّ إلى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - منه ولا امرأة من الأرض كانت أحبّ إلى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من امرأته. هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه »(١) .

ورواه المولوي مبين عن الحاكم كذلك(٢) .

وأخرجه النّسائي بسنده عن أبي إسحاق الشيباني(٣) وكذا أبو يعلى الموصلي(٤) وكذا الخطيب الخوارزمي(٥) .

ورواه الحافظ المحبّ الطبري عن الحافظين المخلّص الذهبي وأبي القاسم الدمشقي، عن عائشة(٦) .

وشهاب الدين أحمد، عن المحبّ عنهما، عن عائشة(٧) .

والمولوي ولي الله عن النسائي(٨) .

____________________

(١). المستدرك ٣ / ١٥٤.

(٢). وسيلة النجاة: ٢٨.

(٣). الخصائص: ٢٩.

(٤). المسند

(٥). مناقب أمير المؤمنين: ٣٧.

(٦). ذخائر العقبى: ٦٢، الرياض النضرة ٣ / ١١٦.

(٧). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٨). مرآة المؤمنين - مخطوط.

٢٥٥

إذن لا أحبَّ إلى الله والرسول من أمير المؤمنينعليه‌السلام وباعترافٍ من عائشة و « الأحبيّة » أحبيّة مطلقة

٤ - روى الحافظ الزرندي بقوله: « ويروى أنّ امرأة من الأنصار قالت لعائشة رضي الله عنها: أيّ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالت: علي بن أبي طالب »(١) .

ورواه شهاب الدين أحمد عن الزرندي(٢) .

٥ - روى الزرندي: « عن جميع بن عمير قال: دخلت على عائشة فسألتها: من كان أحبّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالت: فاطمة. قلت: لست أسألكِ عن النساء، إنّما أسألكِ عن الرجال! فقالت: زوجها »(٣) .

وكذا رواه الابشيهي(٤) .

٦ - روى المتّقي: « عن عروة قال: قلت لعائشة: من كان أحبّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالت: علي بن أبي طالب. قلت: أيّ شيء كان سبب خروجك عليه؟ قالت: لِمَ تزوَّج أبوك أمك؟ قلت: ذلك من قدر الله. قالت: وكان ذلك من قدر الله. ن »(٥) .

٧ - روى المحبّ الطبري، وإبراهيم بن عبد الله الوصّابي: « عن معاذة الغفارية قالت: كان لي اُنس بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخرج معه في الأسفار وأقوم على المرضى واُداوي الجرحى، فدخلت إلى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في بيت عائشة وعلي خارج من عنده وسمعته يقول:

____________________

(١). نظم درر السمطين: ١٠٢.

(٢). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٣). نظم درر السمطين: ١٠٢.

(٤). المستطرف من كل فن مستظرف ١ / ١٣٧.

(٥). كنز العمال ١١ / ٣٣٤، رقم ٣١٦٧٠ وفيه: ( ز ).

٢٥٦

يا عائشة، إنّ هذا أحبّ الرجال إليَّ وأكرمهم عليَّ، فاعرفي له حقّه وأكرمي مثواه، [ فلمـّا أن جرى بينها وبين علي بالبصرة ما جرى رجعت عائشة إلى المدينة، فدخلت عليها فقلت لها: يا اُم المؤمنين كيف قلبك اليوم بعد ما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لكِ فيه ما قال؟ قالت معاذة قالت: كيف يكون قلبي لرجلٍ كان إذا دخل عليَّ وأبي عندنا لا يملّ من النظر إليه، فقلت: يا أبة إنّك لتديم النظر إلى عليّ! فقال: يا بنيّة، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة ]. أخرجه الخجندي(*) »(١) .

وإنّ هذه الأحاديث لتقلع أساس جميع التأويلات والتسويلات لا سيّما وأنّها عن عائشة التي جرى منها على أمير المؤمنينعليه‌السلام ما جرى وكان منها ما كان!! ولكن مع ذلك كلّه وبالإِضافة إليه نورد عنها الحديث التّالي:

٨ - أخرج أحمد: « ثنا أبو نعيم، حدّثنا يونس، ثنا عمرو بن حريث قال:

قال النّعمان بن بشير: إستأذن أبو بكر على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فسمع صوت عائشة عالياً وهي تقول: والله لقد عرفت أنّ عليّاً أحبّ إليك من أبي - ثلاثاً -. فاستأذن أبو بكر فدخل فأهوى إليها وقال لها: يا بنت اُم رومان لا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله صلّى الله عليه! »(٢) .

وأخرجه النسائي: « أخبرني عبدة بن عبد الرحيم المروزي قال: أنبأنا عمرو بن محمّد قال: أنبأنا يونس بن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث، عن النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمع

____________________

(١). الرياض النضرة ٣ / ١١٦، الاكتفاء - مخطوط.

(*) وهو: ابو بكر محمد بن عبد اللطيف الاصفهاني الشافعي المتوفى سنة: ٥٥٢. سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٨٦.

(٢). مسند أحمد ٤ / ٢٥٧.

٢٥٧

صوت عائشة عالياً وهي تقول: والله لقد علمت أنّ عليّا أحبّ إليك من أبي. فأهوى أبو بكر ليلطمها وقال: يا بنت فلانة، أراكِ ترفعين صوتكِ على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فأمسكه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخرج أبو بكر مغضباً، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عائشة كيف رأيتني أنقذتك من الرجل! ثمّ استأذن أبو بكر بعد ذلك، وقد اصطلح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعائشة فقال: أدخلاني في السّلم كما أدخلتماني في الحرب. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد فعلنا »(١) .

وقال الحافظ ابن حجر: « أخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي، بسندٍ صحيح، عن النعمان بن بشير قال: إستأذن أبو بكر على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمع صوت عائشة عاليا وهي تقول: والله لقد علمت أنّ عليّاً أحبّ إليك من أبي »(٢) .

تنبيهات على بطلان دعاوى وتأويلات

لقد كانت تلك ثلّة من الأحاديث والآثار الواضحة الدلالة على أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ الخلق لدى الله ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مطلقاً لا سيّما ما كان منها عن عائشة مع انحرافها عن الإِمامعليه‌السلام ومن هنا صرّح العلّامة جلال الدين الخجندي - بالنسبة إلى أحاديث عائشة ومعاذة الغفارية وأبي ذر الغفاري - بأنّ هذه الأحاديث لدلالتها على أحبيّة عليعليه‌السلام تعاضد حديث الطير وتؤيّده، ونصَّ العلّامة محمّد ابن إسماعيل الأمير على أنّ الأخبار المذكورة دليل على أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ الخلق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... كما سنقف

____________________

(١). الخصائص: ٢٨.

(٢). فتح الباري ٧ / ١٨.

٢٥٨

عليه فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

ولكنَّ من القوم من سوّلت له نفسه لأنْ يدّعي المعارضة بين ذلك، وبين ما رووه من أحبيّة عائشة وأبيها فيجمع بينهما بحمل ما ورد في علي والزهراءعليهما‌السلام على الأحبيّة النسبيّة فلننقل كلامه ونبيّن ما فيه:

كلام المحبّ الطبري وبطلانه

لقد جاء في ( الرّياض النضرة ): « ذكر اختصاصه بأحبيّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

عن عائشة: سُئلت: أيّ الناس أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالت: فاطمة. فقيل: من الرّجال؟ قالت: زوجها، أنْ كان - ما علمت - صوّاماً قوّاماً. أخرجه الترمذي. وقال: حسن غريب.

وعنها - وقد ذكر عندها علي فقالت: ما رأيت رجلاً كان أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا امرأة أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من امرأته. خرّجه المخلّص والحافظ الدمشقي.

وعن معاذة الغفارية قالت: كانت لي اُنس بالنبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أخرج معه في الأسفار وأقوم على المرضى واُداوي الجرحى، فدخلت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت عائشة - وعليرضي‌الله‌عنه خارج من عنده - فسمعته يقول: يا عائشة، إنّ هذا أحبّ الرجال وأكرمهم عليَّ، فاعرفي له حقّه وأكرمي مثواه. خرّجه الخجندي.

وعن مجمع قال: دخلت مع اُمي على عائشة فسألتها عن أمرها يوم الجمل فقال: كان قدراً من قدر الله. وسألتها عن علي فقالت: سألت عن أحبّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وزوجه أحبّ الناس كانت إليه.

وعن معاوية بن ثعلبة قال: جاء رجل إلى أبي ذر - وهو في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فقال: يا أبا ذر، ألا تخبرني بأحبّ الناس إليك، فإني

٢٥٩

أعلم أنّ أحبّ الناس إليك أحبّهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: إي وربّ الكعبة، أحبّهم إليَّ أحبّهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هو ذاك الشيخ. وأشار إلى علي. خرّجه الملّا في سيرته.

وقد تقدَّم لأبي بكر مثل هذه في المتّفق عليه.

فيحمل هذا على أنّ علياً أحبّ الناس إليه من أهل بيته، وعائشة أحبّ إليه مطلقاً، جمعاً بين الحديثين. ويؤيّده ما رواه الدولابي في الذريّة الطاهرة: أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة: أنكحتك أحبّ أهل بيتي إليَّ.

خرّجه عبد الرزاق، ولفظه: أنكحتك أحبّ أهلي إليَّ »(١) .

وقلّده الوصّابي صاحب ( الاكتفاء ) فيما قال.

أقول:

إنّ حمل أحبيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام على الأحبيّة النّسبية - بأيّ معنىً كانت - حمل باطل، تدفعه الأحاديث التي ذكرناها والآثار التي أوردناها، خصوصاً ما كان منها عن عائشة فإنّ هذه الأحاديث والآثار لا تقبل التأويل بشكلٍ من الأشكال

على أنّ تخصيص أحبيّة الإِمامعليه‌السلام بأنّها بالنسبة إلى أهل البيتعليهم‌السلام - على تقدير تسليمه - لا يضرّ بما نقوله، لأنّ مقتضى الأحاديث المعتبرة الكثيرة - كحديث الثقلين، وحديث السّفينة، وأمثالهما ممّا رواه القوم ومنهم المحبّ الطبري نفسه - وكذا الأحاديث الواردة في أفضليّة بني هاشم من سائر قريش، وهي أيضاً أحاديث كثيرة معتبرة جداً(٢) هو أفضليّة أهل البيتعليهم‌السلام من جميع الناس على العموم. فمن كان الأفضل في أهل البيت - الذين هم أفضل الناس - كان أفضل الناس، بالأولوية القطعيّة

____________________

(١). الرياض النضرة في مناقب العشرة ٣ / ١١٥ - ١١٦.

(٢). اُنظر: الجزء ٥ ص ٣١٦ - ٣٢١ من كتابنا.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460