نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 324

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 324 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 231443 / تحميل: 6150
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

والنهاية في الدراية، رحل إليه الحفّاظ من الأقطار.

ولد في رجب سنة ٣٣٦.

قال أبو محمّد ابن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحداً أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم الأصفهاني وأبو حازم العبدوي الأعرج.

وقال أحمد بن محمّد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه، كان حفّاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده

وقال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير لا يوجد شرقاً ولا غرباً أعلى اسناداً منه ولا أحفظ

وقال ابن النّجار: هو تاج المحدثين وأحد أعلام الدين.

قلت: ومن كراماته المشهورة

توفي في العشرين من المحرم سنة ٤٣٠ وله ٩٤ سنة »(١). .

(١٥)

رواية البيهقي

ورواه الحافظ أبو بكر البيهقي فقد روى الخطيب الخوارزمي(٢). من طريقه بإسناده عن أحمد بن حنبل: خبر ابن عباس مع النفر الذين تحادثوا معه عن مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحدّثهم ببعض منها، وأحدها حديث

__________________

(١). طبقات السبكي ٣ / ٧ - ٩.

(٢). المناقب للخوارزمي: ١٢٥.

١٤١

الولاية وقد تقدم نصّ الخبر بكاملة في رواية أحمد

هذا، و قد أخرج البيهقي الحديث في ( سننه ) عن طريق الحاكم، وهذا نصّ ما جاء فيه:

« أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ، أنا عبد الله بن الحسين القاضي. بمرو، ثنا الحارث بن أبي اُسامة، ثنا روح بن عبادة، ثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً -رضي‌الله‌عنه - إلى خالد بن الوليد -رضي‌الله‌عنه - ليقبض الخمس، فأخذ منه جاريةً، فأصبح ورأسه يقطر. قال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال: وكنت أبغض علياًرضي‌الله‌عنه ، فذكرت ذلك لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقال: يا بريدة أتبغض علياً؟ قال قلت: نعم. قال: فأحبّه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك »(١) .

فهذا هو الحديث بعينه، لكنْ اُسقط منه جملة: « إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّكم من بعدي » ولا ندري هل التحريف منه أو من النّساخ؟

من مصادر ترجمة البيهقي

والبيهقي أيضاً من كبار الأئمة الحفّاظ، توجد ترجمته والثناء عليه في جميع المصادر، فراجع منها:

الأنساب ٢ / ٣٨١.

وفيات الأعيان ١ / ٧٥.

معجم البلدان ١ / ٥٣٨.

الكامل لابن الأثير ١٠ / ٥٢.

__________________

(١). السنن الكبرى ٦ / ٣٤٢.

١٤٢

المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٥.

سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٦٣.

تذكرة الحفّاظ ٢ / ١١٣٢.

العبر ٣ / ٢٤٢.

طبقات الشّافعيّة ٤ / ٨.

طبقات الحفّاظ: ٤٣٣.

وغيرها من كبار الكتب المؤلّفة في التاريخ والرجال.

(١٦)

رواية الرّاغب الأصفهاني

وأورده أبو القاسم الراغب الأصفهاني في الفصل الذي عقده لفضائل أعيان الصحابة من ( محاضراته ) في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مرسلاً إيّاه إرسال المسلّمات، حيث قال بعد ذكر الإِمامعليه‌السلام :

« من فضائله: قال له النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي؟ قال: بلى. قال: فأنت كذلك.

وقال: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١). .

ترجمة الرّاغب الأصفهاني

وقد ترجم الحافظ السيوطي له في ( بغية الوعاة ) وسمّاه « المفضّل بن

__________________

(١). محاضرات الأدباء ٤ / ٤٧٧ - المجلد الثاني.

١٤٣

محمد » قال: وكان في أوائل المائة الخامسة. قال: وقد كان في ظنّي أن الراغب معتزلي حتى رأيت بخط الشيخ بدر الدّين الزركشي على ظهر نسخةٍ من القواعد الصغرى لابن عبد السّلام ما نصّه: ذكر الإِمام فخر الدين الرازي في تأسيس التقديس في الاُصول أن أبا القاسم الراغب من أئمة السنّة، وقرنه بالغزّالي(١). .

ثمّ إنّ السيوطي اعتمد على الراغب في مواضع كثيرة من كتابه ( المزهر في اللغة ) معبّراً عنه بـ « الإِمام ».

وهكذا اعتمد عليه ونقل عنه: رشيد الدين الدهلوي، وحيدر علي الفيض آبادي، وغيرهما من علماء الهند، في مؤلفاتهم المختلفة

وقد ذكر كاشف الظنون مؤلَّفاته ( أفانين البلاغة ) و ( التفسير ) و ( المحاضرات ) و ( تفصيل النشأتين ) و ( الذريعة إلى مكارم الشّريعة ) و ( مفردات ألفاظ القرآن ) معبراً عنه في بعض المواضع بـ « الإِمام » مع الإِطراء على مصنَّفاته المذكورة.

(١٧)

رواية الخطيب البغدادي

ورواه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي، ففي ( كنز العمّال ):

« سألت الله - يا علي - فيك خمساً فمنعني واحدةً وأعطاني أربعاً سألت الله أن يجمع اُمتي عليك فأبى. وأعطاني فيك أنّ أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي، ومعك لواء الحمد وأنت تحمله بين يديَّ تسبق

__________________

(١). بغية الوعاة ٢ / ٢٩٧.

١٤٤

به الأوّلين والآخرين، وأعطاني أنك ولي المؤمنين بعدي. الخطيب والرافعي عن علي »(١). .

وفي ( مفتاح النجا ): « أخرج الخطيب والرافعي عن علي كرّم الله وجهه قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سألت الله يا علي فيك خمساً »(٢). .

وكذا في ( معارج العلى )(٣). .

وفي ( القول المستحسن ): « وللخطيب والرافعي بسندٍ صحيحٍ عن علي رفعه: سألت الله يا علي فيك خمساً »(٤). .

وهذا نصُّ رواية الخطيب:

« أحمد بن غالب بن الأجلح بن عبد السّلام، أبو العباس. حدّث عن محمّد بن يحيى بن الضريس الفيدي، روى عنه محمّد بن مخلّد.

أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن عياض بن أبي عقيل القاضي - بصور - أخبرنا محمّد بن أحمد بن جميع الغسّاني، أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن مخلّد العطار - ببغداد - حدّثنا أحمد بن غالب بن الأجلح بن عبد السلام - أبو العباس - حدّثنا محمّد بن يحيى بن الضريس، حدّثنا عيسى بن عبد الله ابن عمر بن علي بن أبي طالب، حدّثني أبي عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جدّه علي بن أبي طالب قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سألت الله فيك خمساً، فأعطاني أربعاً ومنعني واحدةً، سألته فأعطاني فيك:

أنك أوّل من تنشق الأرض عنه يوم القيامة.

__________________

(١). كنز العمال ١١ / ٦٢٥ رقم ٣٣٠٤٧.

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

(٣). معارج العلى - مخطوط.

(٤). القول المستحسن في فخر الحسن ٢١٤.

١٤٥

وأنت معي معك لواء الحمد.

وأنت تحمله.

وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي »(١). .

ترجمة الخطيب البغدادي

وترجم ابن خلّكان للخطيب البغدادي بقوله:

« الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي بن ثابت البغدادي المعروف بالخطيب، صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنّفات المفيدة. كان من الحفّاظ المتقنين والعلماء المتبحرين، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه، فإنّه يدلّ على اطّلاع عظيم، وصنّف قريباً من مائة مصنّف، وفضله أشهر من أن يوصف، وأخذ الفقه عن أبي الحسن المحاملي والقاضي أبي الطيّب الطّبري وغيرهما، وكان فقيهاً فغلب عليه الحديث والتاريخ. ولد في جمادى الآخرة سنة ٣٩٢ يوم الخميس لست بقين من الشهر. وتوفي يوم الإثنين سابع ذي الحجّة سنة ٤٦٣. وقال السمعاني: توفي في شوّال.

وسمعت أن الشّيخ أبا إسحاق الشيرازي -رحمه‌الله - كان من جملة من حمل نعشه، لأنه انتفع به كثيراً، وكان يراجعه في تصانيفه.

والعجب: أنّه كان في وقته حافظ المشرق، وأبو عمر يوسف بن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب حافظ المغرب، وماتا في سنةٍ واحدة »(٢). .

وإنْ شئت المزيد من ترجمته، والوقوف على بعض الكلمات في حقّه، فراجع:

١ - الأنساب ٥ / ١٥١.

__________________

(١). تاريخ بغداد ٤ / ٣٣٩.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٩٢.

١٤٦

٢ - سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٧٠.

٣ - تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٣٥.

٤ - الطّبقات للسّبكي ٤ / ٢٩.

٥ - مرآة الجنان ٣ / ٨٧.

٦ - معجم الأدباء ٤ / ١٣.

٧ - المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٧.

٨ - الوافي بالوفيات ٧ / ١٩٠.

٩ - المنتظم ٨ / ٢٦٥.

١٠ - الكامل في التاريخ ١٠ / ٦٨.

١١ - العبر ٣ / ٢٥٣.

١٢ - البداية والنهاية ١٢ / ١٠١.

١٣ - طبقات الحفاظ: ٤٣٤.

١٤ - تتمة المختصر ١ / ٥٦٤.

وغير هذه الكتب.

(١٨)

رواية أبي سعيد السجستاني

ورواه أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني ففي كتاب ( الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ): « ومن ذلك حديث الولاية رواية أبي سعيد مسعود ابن ناصر السجستاني - وهو من المتفق على ثقته - رواية بريدة هذا الحديث من عدة طرق، وفي بعضها زيادات مهمّات.

من ذلك: أن بريدة قال: إنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لـمّا سمع ذمّ علي غضب غضباً لم أره غضب مثله قط، إلّا يوم قريظة والنضير، فنظر

١٤٧

إليَّ وقال: يا بريدة، إن علياً وليّكم بعدي فأحبَّ علياً فإنّما يفعل ما يؤمر به، فقمت وما أحد من الناس أحب منه.

ومن ذلك زيادة اُخرى: قال عبد الله بن عطا: حُدّثت بذلك، أنا حارث ابن سويد بن غفلة فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أنافقت بعدي يا بريدة؟!

ومن ذلك زيادة أيضاً معناها: إن خالد بن الوليد أمر بريدة فأخذ كتابه يقرأ على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ويقع في علي. قال بريدة: فجعلت أقرأ وأذكر علياً، فتغيّر وجه رسول الله، ثم قال صلّى الله عليه وسلّم: يا بريدة ويحك، أما علمت أن عليّاً وليكم بعدي »(١) .

ترجمة أبي سعيد السجستاني

وأبو سعيد هذا من كبار الحفّاظ المتقنين:

١ - السمعاني: « أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجزي الركّاب، كان حافظاً متقناً فاضلاً، رحل إلى خراسان، والجبال، والعراقين، والحجاز، وأكثر من الحديث وجمع الجمع. روى لنا عنه جماعة كثيرة بمرو، ونيسابور، وأصبهان. وتوفي سنة ٤٧٧ »(٢). .

فهو من مشايخ السمعاني.

٢ - الذهبي: « الإِمام المحدّث الرحال الحافظ » وأورد كلمة الدّقاق(٣). .

٣ - الذهبي: « مسعود بن ناصر السجزي أبو سعيد الركاب، الحافظ،

__________________

(١). الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: ٦٧.

(٢). الأنساب - السجستاني ٧ / ٤٧.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٣٢.

١٤٨

رحل وصنّف وحدّث عن: أبي حسّان المزكّي، وعلي بن بشرى الليثي، وطبقتهما. ورحل إلى بغداد وأصبهان. قال الدقّاق: لم أر أجود إتقاناً، ولا أحسن ضبطاً منه. توفي بنيسابور في جمادى الاُولى»(١) .

٤ - اليافعي: « الحافظ أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي، رحل وصنّف وحدّث عن جماعة. وقال الدقاق: لم أر أجود إتقاناً ولا أحسن ضبطاً منه »(٢) .

ترجمة الدقّاق

ولا بأس بترجمة الدقّاق الذي قال هذه الكلمة بحقّ السجزي عن كتاب ( طبقات الحفاظ ) وهو مختصر ما جاء بترجمته في ( تذكرة الحفاظ ):

« الدقاق، الحافظ المفيد الرحال، أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد بن محمّد الأصبهاني، ولد سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمع وأكثر وأملى بسرخس، وكان صالحاً، يقرئ، متعفّفاً، صاحب سنّة واتّباع. قال الحافظ إسماعيل بن محمد: ما أعرف أحداً أحفظ لغرائب الأحاديث وغرائب الأسانيد منه. مات ليلة الجمعة ٦ شوال سنة ٥١٤ »(٣) .

(١٩)

رواية ابن المغازلي

ورواه علي بن محمّد الجلّابي الواسطي المعروف بابن المغازلي حيث

__________________

(١). العِبَر ٢ / ٣٣٧.

(٢). مرآة الجنان: ٣ / ١٢٢.

(٣). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٢٥٥.

١٤٩

قال:

« حدّثنا محمد بن الحسين الزعفراني، ثنا جعفر بن محمّد أبو يحيى، ثنا علي بن الحسين البزار وموسى بن محمّد البجلي قالا: ثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين: إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ما تريدون من علي؟ إن علياً منّي وهو وليّكم بعدي »(١) .

قال: « كتب إليَّ علي بن الحسين العلويرحمه‌الله يخبرني: أن أبا الحسن أحمد بن محمد بن عمران أخبرهم: نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: علي منّي وأنا منه وهو وليُّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(٢). .

ترجمة ابن المغازلي والاعتماد عليه

وابن المغازلي، فقيه محدّث ثقة، أثنى عليه علماء أهل السنّة في كتبهم كالسمعاني في ( الأنساب )، والبدخشاني في ( تراجم الحفاظ )، واعتمد عليه آخرون في بحوثهم: كابن حجر في ( الصّواعق )، والسمهودي في ( جواهر العقدين )، وابن باكثير المكّي في ( وسيلة المآل )، والشيخاني القادري في ( الصّراط السوي )، وغيرهم، وقد ذكرنا ذلك كلّه في حديث التشبيه.

__________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ٢٢٤.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب: ٢٢٩.

١٥٠

(٢٠)

رواية شيرويه الديلمي

ورواه الديلمي صاحب ( الفردوس ) في كتابه:

ففي حرف العين: « فصل - عمران بن حصين: علي منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي»(١) .

وفي حرف الياء: « يا بريدة، إن علياً وليكم بعدي فأحبَّ علياً فإنّه يفعل ما يؤمر »(٢) .

ترجمة شيرويه الديلمي

وشيرويه الديلمي حافظ محدّث ثقة:

١ - الرافعي: « شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو الديلمي، أبو شجاع الهمداني الحافظ، من متأخّري أهل الحديث المشهورين الموصوفين بالحفظ. كان قانعاً بما رزقه الله تعالى من ريع أملاكه، سمع وجمع الكثير ورحل، قال أبو سعد السمعاني: وتعب في الجمع، صنف كتاب الفردوس وكتاب طبقات الهمدانيين »(٣). .

٢ - الذهبي: « الديلمي، المحدّث الحافظ مفيد همدان »(٤). .

__________________

(١). فردوس الأخبار ٣ / ٦١.

(٢). فردوس الأخبار ٥ / ٣٩٢.

(٣). التدوين في ذكر علماء قزوين ٣ / ٨٥.

(٤). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٢٥٩.

١٥١

« وكان صلباً في السنّة »(١). .

٣ - الأسنوي: « ذكره ابن الصّلاح فقال: كان محدّثاً واسع الرحلة، حسن الخلق والخلق، ذكيّاً، صلباً في السنّة، قليل الكلام، صنّف تصانيف انتشرت عنه، منها كتاب الفردوس، وتاريخ همدان»(٢). .

التعريف بالفردوس

وكتاب ( فردوس الأخبار ) من الكتب الموصوفة بالاعتبار والممدوحة عند المحدثين الكبار:

أمّا الديلمي فقد وصف كتابه في خطبته بقوله: « أما بعد، فإنّي رأيت أهل زماننا هذا - خاصةً أهل بلدنا - أعرضوا عن الحديث وأسانيده، وجهلوا معرفة الصحيح والسقيم، وتركوا الكتب التي صنّفها الأئمّة قديماً وحديثاً، في الفرائض والسنن والحلال والحرام والآداب والوصية والأمثال والمواعظ، واشتغلوا بالقصص والأحاديث المحذوفة عنها أسانيدها التي لم يعرفها ناقلوا الحديث، ولم تقرأ على أحدٍ من أصحاب الحديث، سيّما الموضوعات التي وضعها القصّاص لينالوا بها القطيعات في المجالس على الطرقات. أثبتُّ في كتابي هذا اثني عشرة آلاف حديث من الأحاديث الصّغار على سبيل الاختصار، من الصحاح والغرائب والأفراد والصحف المروية عن النبيّ لعلي بن موسى الرضا ».

وقال ولده شهردار بن شيرويه في خطبة كتابه ( مسند الفردوس ): « فإنّ والدي الإِمام السعيد أبا شجاع شيرويه - قدّس الله روحه ونوّر ضريحه - حين

__________________

(١). العبر - حوادث: ٥٠٩.

(٢). طبقات الشّافعيّة ٢ / ٢١.

١٥٢

جمع الأحاديث التي سماها كتاب الفردوس إنّما حذف منها أسانيدها تعمّداً منه وقصداً لأسباب عدّة، أوّلها: اقتداءً واتّساءً بمن تقدّمه من أهل العلم والزهد والعبادة. وثانيها: تخفيفاً على الطالبين وتسهيلاً للناظرين فيه والحافظين له. وثالثها: قلّة رغبة جيل هذا الزمن في المسندات والقول في فضيلة الأسناد أكثر من أنْ تتضمّنه أوراق وليس هذا موضعه. ورابعها: أنه خرّجها من مسموعاته وكانرحمه‌الله متحقّقاً متيقّناً أن أكثرها بل عامّتها مسند، وفي مصنفات الحفاظ الثقات ومجموعات الأئمة الأثبات.

فعراها عن الإِسناد اختصاراً كما بيّن عذره في خطبة الكتاب.

وهو كتاب نفيس عزيز الوجود، مفتون به، جامع للغرر والدرر النبويّة والفوائد الجمة والمحاسن الكثيرة، قد طنّت به الآفاق وتنافست في تحفّظه الرفاق، لم يصنَّف في الإِسلام مثله تفصيلاً وتبويباً، ولم يسبق إليه من سلافة الأيام ترصيفاً وترتيباً. كأنّ كلّ فصلٍ من فصوله حقة لئالئ ملئت من الدرر المنظومة واللآلئ المكنونة، أو جونة عطّار فتقت بغارات المسك مشحونة. وكم ضمّنهرحمه‌الله من عجائب الأخبار وغرائب الأحاديث ممّا لا يوجد في كثير من الكتب، فهو في الحقيقة كالفردوس التي وصفها الله سبحانه وتعالى فقال:( وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ) .

فأمّا اليوم فقد كثرت نسخه في البلاد واشتهرت فيما بين العباد، بحيث لم يبق بلدة من بلاد العراق ولا كورة من أقطار الآفاق إلّا وعلماؤها مثابرون على تحصيله، وأئمتها مكبّون على اشترائه ونسخه، وفضلاؤها مواظبون على قراءته وحفظه، يرتعون في رياض محاسنه ويجتنون من ثمار فوائده، فسار مسير الشمس في كل بلدة، وهبّ هبوب الريح في البر والبحر، يستحسنه الأئمة والحفاظ ويستفيد منه العلماء والوعّاظ، ويستطيبه نحارير الفضلاء، وترتضيه أكياس البلغاء لنفاستها، وتبذل الملوك الرغائب في استكتابه لخزانتها، ولم أسمع أحداً من أهل هذا الزمان عاب هذا الكتاب أو طعن فيه بسبب حذف

١٥٣

الأسناد، بل عدّوا ذلك من أحسن فوائده وأعظم منافعه، لأن تنقية القشر من اللباب من شأن العلماء ذوي الألباب ».

وقال السيّد علي الهمداني في خطبة ( روضة الفردوس ):

« لمـّا طالعت كتاب الفردوس من مصنفات الشيخ الإِمام العلّامة، قدوة المحقّقين، حجة المحدّثين شجاع الملّة والدين، ناصر السنّة، أبو المحامد شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني، أفاض الله على روحه سجال الرحمة الرباني.

وجدت بحراً من بحور الفوائد، وكنزاً من كنوز اللطائف، مشحوناً بحقائق الألفاظ النبوية مخزوناً في حدائق فصوله دقائق الآثار المصطفوية، ومع كثرة فوائده وشمول موائده كاد أنْ تنطفي أنواره وينطمس آثاره، لِما فيه من التطويل والزيادات وقصور الرغبات وانخفاض الطلبات، وإعراض أكثر أهل العصر عن معرفة الكتاب والسنة، واشتغالهم بالعلوم المزخرفة التي تتعلَّق بالخُصومات، وشغفهم بالقصص والحكايات، ولو لا رجلا من أهل هذا العلم في كلّ عصر وزمان بمشيّة ربّ العزّة، يجولون حول حمى السنّة ويذبّون عن جناب قدسه شوائب زيغ أهل البدعة، لقال من شاء ما شاء، فجزى الله أئمة هذا العلم عنّا وعن المسلمين خيراً.

دعتني بواعث خاطري إلى استخراج لبابه واستحضار أبوابه، تسهيلاً لضبط الألفاظ وتيسيراً لدرك الحفاظ، فاستخرجت من قعر هذا البحر أشرف جواهرها، وجنيت من أغصان رياضها أنفس زواهرها، وسميت كتابي هذا: روضة الفردوس ».

وذكره ( كاشف الظنون ) بعنوان « فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرّج على كتاب الشهاب في الحديث، لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه ابن فنا خسرو الهمداني الديلمي المتوفي سنة واقتفى السيوطي أثره في جامعه الصغير، ثم جمع ولده الحافظ شهردار المتوفى سنة ٥٥٨ أسانيد كتاب

١٥٤

الفردوس ورتّبها ترتيباً حسناً في أربع مجلّدات وسمّاه مسند الفردوس »(١). .

وهو من الكتب المرويّة بالأسانيد كما لا يخفى على من راجع كتب الأسانيد مثل ( مقاليد الأسانيد ) لأبي مهدي الثعالبي.

اعتماد ( الدهلوي ) على الديلمي

ومن العجب تكذيب ( الدهلوي ) هذا الحديث الذي رواه الديلمي - وشاركه في روايته كبار الأئمة - مع اعتماده على بعض الخرافات والموضوعات التي انفرد الديلمي بروايتها، مصرّحاً بكونه من مشاهير المحدثين، مضيفاً إلى ذلك كونه معتبراً ومعتمداً لدى الشيعة الإِمامية كذلك!

فقد ذكر ( الدهلوي ) في باب المطاعن بعد حكاية رؤيا: « وروى أبو شجاع الديلمي - وهو من مشاهير المحدثين، والشيعة أيضاً يقولون باعتباره - هذه الرؤيا في كتاب المنتقى عن ابن عباس بالسياق المذكور. ورؤيا الإمام الحسن أيضا مشهورة وصحيحة السند، روى الديلمي في كتاب المنتقى عن حسن بن علي قال: ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها، رأيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - واضعاً يده على العرش، ورأيت أبا بكر واضعاً يده على منكب رسول الله، ورأيت عمر واضعاً يده على منكب أبي بكر، ورأيت عثمان واضعاً يده على منكب عمر، ورأيت دماً دونه. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: دم عثمان يطلب الله به »(٢). .

ومن الغرائب تكذيب سيف الله الملتاني في رسالته المسمّاة بـ ( تنبيه السفيه ) شيخه ( الدهلوي ) فيما نسبه إلى الشيعة والسنّة من الاعتماد على

__________________

(١). كشف الظنون ٢: ١٢٥٤.

(٢). التحفة الإِثنا عشرية: ٣٢٩.

١٥٥

الديلمي، فنصّ على « أنّ الديلمي غير معتبر عند السنّة فضلاً عن الشيعة ».

فانظر - رحمك الله - إلى هذا التناقض والتكاذب بين الأصل والفرع، والتابع والمتبوع!!

(٢١)

رواية النّطنْزي

ورواه أبو الفتح محمّد بن علي النطنزي في ضمن قصة الغدير:

« عن أبي سعيد الخدري: إنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - دعا الناس إلى علي في غدير خم، وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقمَّ وذلك يوم الخميس، فدعا عليّاً وأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر إلى بياض إبطي رسول الله، ثم لم يتفرّقوا حتى نزلت هذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب من بعدي. ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه وَعَادِ من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله »(١). .

ترجمة النطنزي

وأبو الفتح النطنزي من أكابر العلماء ومن مشايخ السّمعاني صاحب الأنساب:

١ - السمعاني: « أبو الفتح محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي، أفضل

__________________

(١). الخصائص العلويّة - مخطوط.

١٥٦

مَن بخراسان والعراق في اللّغة والأدب والقيام بصنعة الشعر، قدم علينا بمرو سنة إحدى وعشرين وقرأت عليه طرفاً صالحاً من الأدب واستفدت منه واغترفت من بحره، ثم لقيته بهمدان، ثم قدم علينا ببغداد غير مرة في مدة مقامي بها، وما لقيته إلّا وكتبت عنه واقتبست منه. سمع بأصبهان أبا سعد المطرز، وأبا علي الحداد، وغانم بن أبي نصر البرجي، وببغداد أبا القاسم ابن بيّان الرزاز، وأبا علي ابن نبهان الكاتب، وطبقتهم. سمعت منه أجزاء بمرو من الحديث. وكانت ولادته: ٤٨٨ بأصبهان »(١). .

٢ - الصفدي: « كان من بلغاء أهل النظم والنثر، سافر البلاد ولقي الأكابر، وكان كثير المحفوظ محب العلم والسنّة، ومكثر الصدقة والصيام، ونادم الملوك والسلاطين، وكانت له وجاهة عظيمة عندهم، وكان تيّاهاً عليهم متواضعاً لأهل العلم، سمع الحديث الكثير بأصبهان وخراسان وبغداد، ولم يمتّع بالرواية توفي في حدود ٥٠٠، أورد له ابن النّجار قوله »(٢). .

(٢٢)

رواية أبي منصور الديلمي

ورواه أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي في كتاب ( مسند الفردوس ) الذي مدحه الذهبي وجماعة من الأعلام، وكذا ( الدهلوي ) وغيره رواه عنه الوصابي اليمني ( في أسنى المطالب ) حيث ذكر:

« عن أبي ذرّ الغفاري -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي، حبّه إيمان

__________________

(١). الأنساب - النطنزي ١٣ / ١٣٧.

(٢). الوافي بالوفيات ٤ / ١٦١.

١٥٧

وبغضه نفاق والنظر إليه رأفة. أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ».

« عن بريدة -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يا بريدة: إنّ علياً وليّكم بعدي فأحبّ علياً فإنّه يفعل ما يؤمر به. أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ».

ترجمة أبي منصور الدّيلمي

وأبو منصور حافظ كبير ومحدّث عظيم:

١ - الذهبي: « شهردار بن الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي، المحدّث أبو منصور، قال ابن السمعاني: كان حافظاً عارفاً بالحديث، فهماً عارفاً بالأدب، ظريفاً، سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكّي السلّار وطائفة. وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي، وعاش خمساً وسبعين سنة »(١). .

٢ - السبكي: « قال ابن السمعاني: كان حافظاً روى عنه ابنه أبو مسلم، وأبو سهل عبد السّلام السرقولي، وطائفة. مات في رجب سنة ٥٠٨ »(٢). .

٣ - الإِسنوي: « كان محدّثاً عارفاً بالأدب ظريفاً، ملازماً لمسجده، خرّج أسانيد لكتاب والده المسمّى بالفردوس ورتّبه ترتيباً حسناً ويسمّى الفردوس الكبير. ولد سنة ٤٨٣ قاله ابن الصلاح ولم يذكر له وفاة »(٣). .

٤ - ابن قاضي شهبة كذلك وأضاف: « وتوفي في رجب سنة ٥٥٨ »(٤). .

٥ - الثعالبي: « قال الذهبي: هو الإمام الحافظ أبو منصور كان

__________________

(١). العبر - حوادث: ٥٥٨.

(٢). طبقات الشّافعيّة ٤ / ٢٢٩ - ٢٣٠.

(٣). طبقات الشّافعيّة للأسنوي ٢ / ٢١.

(٤). طبقات الشّافعيّة لابن قاضي شهبة ١ / ٣١٧.

١٥٨

يجمع أسانيد كتاب الفردوس لوالده ورتّبه ترتيباً عجيباً حسناً، وقد فرغ منه وهذّبه ونقّحه ...»(١) .

٦ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ) حيث ترجم والده، وذكر عبارة الذهبي المتقدمة عن الثعالبي في وصفه ومدح كتابه

الحازمي من تلامذة أبي منصور الديلمي

ثم إنّ من تلامذة أبي منصور الديلمي: أبو بكر الحازمي، وهذا أيضاً ممّا يدل على علوّ قدر الديلمي وعظمة منزلته، فإنّ الحازمي من أكابر الأئمة الحفّاظ:

قال الذهبي بترجمته: « الحازمي، الإِمام الحافظ البارع النسّابة أبو بكر سمع من أبي الوقت السجزي ومن شهردار بن شيرويه الديلمي وأبي زرعة الدمشقي وكتب الكثير وصنّف وجوّد. قال الدبيثي: قدم بغداد وسكنها وتفقّه بها في مذهب الشافعي، وجالس العلماء وتميّز وفهم، وصار من أحفظ الناس للحديث وأسانيده ورجاله، مع زهد وتعبّد ورياضة وذكره ابن النجار فقال: كان من أئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله، وكان ثقة حجةً نبيلاً زاهداً عالماً عابداً ورعاً مات سنة ٥٨٤ »(٢). .

الأسانيد إلى مسند الفردوس

ثم إن كتاب مسند الفردوس من كتب الحديث التي عني بها المحدّثون

__________________

(١). مقاليد الأسانيد.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٦٣.

١٥٩

بروايتها بالأسانيد:

فالثعالبي يذكر طريقه بقوله: « مسند الفردوس لابن الديلمي: - سمعت عليه ( يعني علي الأجهوري ) بقراءتي القدر المذكور في الفردوس، وأجاز لي سائره، بسنده إلى الحافظ ابن أبي بكر السيوطي، من المسندة آسية بنت جار الله بن صالح الطبري، عن إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقي، عن أبي العباس الحجّار، عن الحافظ محبّ الدين محمّد بن محمود بن النجار، عن مؤلفه إجازة. فذكره »(١). .

والشنواني يذكر طريقه بقوله: « مسند الفردوس، للحافظ أبي منصور شهردار ابن الحافظ أبي شجاع شيرويه الديلمي الهمداني، أرويه بالسند إلى الحافظ ابن حجر العسقلاني، عن أبي إسحاق التنوخي، عن الحجار، عن الحافظ محبّ الدين محمد بن محمود ابن النجار، عن الديلمي »(٢). .

(٢٣)

رواية الخطيب الخوارزمي

ورواه أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي بطرقٍ متعدّدة

قال: « الفصل الثاني عشر - في بيان تورّطه المهالك في الله تعالى ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وشراء نفسه في ابتغاء مرضاة الله تعالى:

بهذا الإِسناد عن أحمد بن الحسين هذا قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: أخبرني أبي قال: حدّثنا يحيى بن حمّاد قال: حدّثنا أبو عوانة

__________________

(١). مقاليد الأسانيد.

(٢). الدرر السنيّة في الأسانيد الشنوانيّة.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ذلك.

رواه الزرندي وقال: نقل الشيخ العالم صدر الدين إبراهيم بن محمّد بن المؤيد رحمه الله تعالى في كتابه فضل أهل البيت ».

٥ - « على ولي الله » مكتوب على باب الجنة بالذهب

و في حديث آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « رأيت على باب الجنة مكتوباً بالذهب: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله علي ولي الله ».

و قد جاء هذا في رواية السيد الشهاب الدين احمد حيث قال في « اسماء امير المؤمنين » ما نصه:

« ومنها ولي الله. عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده على بن أبى طالبرضي‌الله‌عنه وعنهم أجمعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آبائه وبارك وسلم: لما اسرى بى إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً بالذهب لا اله إلّا الله محمد رسول الله علي ولي الله.

الحديث بتمامه سيأتي في بابه. رواه الحافظ أبو موسى بأسناده »(١) .

٦ - « علي حبيب الله » مكتوب على باب الجنة

و رووا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه رأى على باب الجنة مكتوباً. لا إله إلّا الله محمّد رسول الله علي حبيب الله. الحديث.

وقد جاء ذلك في رواية جماعة. منهم:

١ - الخوارزمي بسنده عن ابن عباس قال:

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

٢٤١

« قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمـّا عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله علي حبيب الله الحسن والحسين صفوة الله فاطمة أمة الله علي مبغضيهم لعنة الله»(١) .

٢ - البدخشاني عن الخطيب والحافظ الرسعني عن ابن عباس عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

٣ - السيد شهاب الدين أحمد في ( أسماء أمير المؤمنين ) قال:

« منها حبيب الله. عن ابن عباس حبيب الله.

الحديث بتمامه سيأتي في بابه، رواه الصالحاني في بابه باسناده »(٣) .

٧ - « على مقيم الحجة » مكتوب على العرش

و جاء « مكتوب على العرش: لا إله إلّا الله محمّد نبي الرحمة علي مقيم الحجة »

وفي رواية:

١ - الخوارزمي بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

« قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمـّا أن خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدم فقال الحمد لله، فأوحى الله تعالى: حمدني عبدي، وعزّتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن أخلقهما في الدار الدنيا ما خلقتك، قال: إلهي ويكونان مني؟ قال نعم: يا آدم إرفع رأسك وانظر، فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش: لا إله إلّا الله محمّد نبي الرحمة علي مقيم الحجة، من عرف حق علي زكي وطاب، ومن أنكر حقه لعن وخاب، أقسمت بعزتي أن أدخل الجنة من أطاعه وإنْ عصاني،

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين: ٢١٤.

(٢). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

(٣). توضيح الدلائل - مخطوط.

٢٤٢

وأقسمت بعزتي أن أدخل النار من عصاه وإنْ أطاعني »(١) .

٢ - شهاب الدين أحمد في أسمائهعليه‌السلام : « ومنها مقيم الحجة » عن الصالحاني عن الخوارزمي(٢) .

٣ - القندوزي البلخي عن الخوارزمي كذلك(٣) .

٨ - « علي ولي الله » مكتوب على جناح جبرائيل

و في حديث أنه مكتوب على أحد جناحي جبرئيل: « لا إله إلّا الله علي الوصي » وعلى الآخر: « لا إله إلّا الله محمّد رسول الله » فقد جاء اسم عليعليه‌السلام موصوفاً بالوصاية بعد اسم الله تعالى، وقد ورد هذا في رواية:

١ - الخوارزمي حيث قال: « أخبرني شهردار هذا إجازة قال: أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني هذا كتابه، قال: حدّثنا أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمة، قال: حدثنا أبو الفرج الصامت بن صهيب بن عباد قال: حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتاني جبرئيل وقد نشر جناحيه فإذا مكتوب على أحد جناحيه: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، ومكتوب على الآخر: لا إله إلّا الله علي الوصي »(٤) .

٢ - السيد شهاب أحمد في أسماء عليعليه‌السلام قائلاً: « ومنها: وصي الله وخليفة الله. عن الامام جعفر الصادق عن أبيه الامام عن جده الامام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلّم رواه الصالحاني بإسناده أيضاً »(٥) .

____________________

(١). المناقب للخوارزمي: ٢٢٧.

(٢). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٣). ينابيع المودة: ١١.

(٤). المناقب: ٩٠.

(٥). توضيح الدلائل - مخطوط.

٢٤٣

٩ - « علي بن أبي طالب مقيم الحجة » مكتوب بين كفّي صرصائيل

و في حديث آخر أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى: « لا إله إلّا الله محمّد رسول الله علي مقيم الحجة » مكتوباً بين كفي صرصائيل.

وقد ورد هذا في رواية:

الخوارزمي بسنده عن الامام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه

و هذا نص عبارته: « أنبأني أبو العلاء الحافظ الهمداني هذا والامام الأجل نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي، قالا: أنبأنا الشريف الامام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمّد بن علي الزينبي، عن الامام محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، قال: حدّثنا المعافا بن زكريا عن الحسن بن علي العاصمي [ الهاشمي ] عن صهيب عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه [عليهم‌السلام ] قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أم سلمة فهبط عليه ملك له عشرون رأساً، في كل رأس ألف لسان، يسبّح الله ويقدّمه بلغة لا تشبه الأخرى، راحته أوسع من سبع سماوات وسبع أرضين، فحسب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه جبرئيل فقال: جبرئيل لم تأتني في هذه الصورة قط، قال: ما أنا جبرئيل، أنا صرصائيل بعثني الله إليك لتزوّج النور من النور، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من؟ وإلى من؟ قال: ابنتك فاطمة من علي بن أبي طالب.

فزوّج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة من علي بشهادة جبرئيل وميكائيل وصرصائيل.

قال: فنظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا بين كفي صرصائيل مكتوب: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله علي بن أبي طالب مقيم الحجة. فقال النبي: يا

٢٤٤

صرصائيل منذ كم [ كتب ] هذا بين كفيك؟ قال: من قبل أن يخلق الله الدنيا باثني عشر ألف سنة »(١) .

١٠ - « أيّد الله محمّداً بعلي » مكتوب على جبهة ملك:

و جاء في حديث أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى ملكاً مكتوب على جبهته « أيد الله محمّداً بعلي ».

و قد جاء هذا في رواية:

الخوارزمي بسنده عن محمّد بن الحنيفة قال:

« قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمـّا عرج بي الى السماء رأيت في السماء الرابعة [ أ ] والسادسة ملكاً نصفه من النار ونصفه من ثلج في جبهته مكتوب: أيّد الله محمّداً بعلي، فبقيت متعجباً، فقال لي الملك: لم تتعجب؟ كتب الله في جبهتي ما ترى قبل الدنيا بألفي عام »(٢) .

١١ - « علي ولي الله » مكتوب على لواء الحمد:

روى ذلك السيد علي الهمداني عن عبد الله بن سلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في حديث سأله عن لواء الحمد(٣) .

١٢ - « آل محمّد خير البرية » مكتوب على لواء النور:

روى ذلك أبو نعيم الحافظ عن جابر بن عبد الله قال:

« بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً في مسجد المدينة فذكر بعض

____________________

(١). المناقب ٢٤٥ وفيه بدل الكف: الكتف.

(٢). المصدر نفسه ٢١٨.

(٣). مودة القربى - ينابيع المودة: ٢٥٢.

٢٤٥

أصحابنا الجنة، قال دجانة: يا رسول الله سمعتك تقول الجنة محرم على النبيين وسائر الأمم حتى أدخلها، فقال له: أما علمت أن لله لواء من نور وعموداً من زبرجد خلقهما قبل أن يخلق السماوات بألفي سنة مكتوب على رداء ذلك اللواء: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله آل محمّد خير البرية، صاحب اللواء أمام القوم فقال علي: الحمد لله الذي هدانا بك واكرمنا وشرّفنا. فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما علمت أن من أحبّنا وامتحن أسكنه الله معنا، وتلا هذه الآية( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) (١) .

١٣ - « محمّد رسول الله نصرته بعلي » مكتوب على درةٍ أو ورقةٍ خضراء

و جاء في حديث: أن « لا إله إلّا الله محمّد رسول الله نصرته بعلي » مكتوب على درةٍ او ورقة خضراء موجودة في لوزة خضراء أحضرت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد روى هذا الحديث جماعة منهم:

١ - محب الدين الطبري وقد تقدّم حديثه.

٢ - ابن المغازلي رواه بسنده عن سعيد بن جبير قال: « جاع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جوعاً شديداً، فأتى الكعبة فأخذ بأستارها وقال: أللهم لا تجع محمّداً أكثر مما أجعته. قال: فهبط جبرئيل ومعه لوزة فقال: إن الله تبارك وتعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك: فكّ عنها فإذا فيها ورقة خضراء مكتوب فيها:صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمّد رسول الله أيّدته بعلي ونصرته به. فما أنصف الله من اتّهمه في قضائه واستبطأه في رزقه ».

٣ - القندوزي عن ابن المغازلي عن ابن عباس.

٤ - الصفوري عن ابن عباس قال: « كنا عند رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). منقبة المطهرين - مخطوط.

٢٤٦

وسلّم وإذا بطائر في فمه لوزة خضراء، فألقاها فأخذها النبي، فوجد فيها درة خضراء مكتوب عليها بالصفرة: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله نصرته بعلي ».

١٤ - تقدّم النبوة دليل الأفضلية وهو فرع تقدّم النور الذي منه علي أيضا ً

إن تقدّم نبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دليل على أفضليته، ومن المعلوم أن ذلك فرع تقدّم نوره، فهذا يدل على ذلك بالأولوية.

وبما أن علياًعليه‌السلام قد خلق من نفس النور الذي خلق منه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنه كذلك يكون أفضل من جميع المخلوقين عدا الرسول، وعلى هذا، فلا وجه لتقدّم أحد عليه نبياً كان أو صحابياً

من أحاديث تقدّم نبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وأمّا شواهد تقدّم نبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من الأحاديث وأقوال العلماء - فكثيرة جداً، نذكر هنا بعضها:

(١) البخاري بسنده: « عن عرباض بن سارية صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: سمعت رسول الله يقول: إني عبد الله وخاتم النبيين وإنّ آدم لمنجدل في طينه وسأخبركم عن ذلك، أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بن مريم ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات الأنبياء يرين، وإن أم رسول الله رأت حين وضعته نوراً أضاءت له قصور الشام »(١) .

(٢) الترمذي بسنده عن أبي هريرة قال: « قالوا: يا رسول الله متى وجبت

____________________

(١). التاريخ الصغير: ١ / ١٣.

٢٤٧

لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد.

هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه »(١) .

(٣) أبو نعيم حيث قال: « ذكر ما روي في تقدّم نبوته قبل تمام خلقة آدم ».

فرواه بألفاظ وأسانيد مختلفة عن أبي هريرة وميسرة وابن سارية(٢) .

(٤) الكازروني بسنده عن عبد الله بن شفيق(٣) .

(٥) السيوطي حيث قال: « باب خصوصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكونه أول النبيين في الخلق، وتقدم نبوته، وأخذ الميثاق ».

فرواه عن ابن أبي حاتم وأبي نعيم عن أبي هريرة.

وعن أبي سهل القطان، عن سهل بن صالح الهمداني، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام .

وعن أحمد والبخاري والحاكم والطبراني وأبي نعيم عن ميسرة.

وعن أحمد والحاكم والبيهقي عن العرباض بن سارية.

وعن الحاكم والبيهقي وأبي نعيم عن أبي هريرة.

وعن البزار والطبراني وأبي نعيم من طريق الشعبي عن ابن عباس.

وعن أبي نعيم عن عمر.

وعن ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء.

ثم إن السيوطي نقل عن تقي الدين السبكي كلاماً في معنى هذه الأحاديث هذا نصه: « فائدة: قال الشيخ تقي الدين السبكي في كتابه التعظيم والمنة في( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) :

في هذه الآية من التنويه بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعظيم قدره العلي ما

____________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٥٨٥.

(٢). دلائل النبوة: ١ / ٥٤.

(٣). المنتقى من سيرة المصطفى - مخطوط.

٢٤٨

لا يخفى، وفيه مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلاً إليهم، فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء وأممهم كلّهم من أمته، ويكونقوله « بعثت إلى الناس كافة » لا يختص به الناس من زمانه إلى القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضاً.

ويتبين بذلك المعنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كنت نبيّاً وآدم بين الروح والجسد » وأن من فسّره بعلم الله بأنه سيصير نبيّاً لم يصل إلى هذا المعنى، لأن علم الله محيط بجميع الأشياء، ووصف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة في ذلك الوقت ينبغي أن يفهم منه أنه أمر ثابت له في ذلك الوقت، ولهذا رأى آدم اسمه مكتوباً على العرش محمّد رسول الله، فلا بدّ أن يكون ذلك معنى ثابتاً في ذلك الوقت، ولو كان المراد بذلك مجرد العلم بما سيصير في المستقبل لم يكن له خصوصية بأنه نبي وآدم بين الروح والجسد، لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم في ذلك الوقت وقبله، فلا بد من خصوصيّة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأجلها أخبر بهذا الخبر إعلاماً لأمته ليعرفوا قدره عند الله تعالى، فيحصل لهم الخير بذلك.

وقال: فإنْ قلت: أريد أن أفهم ذلك القدر الزائد، فإن النبوة وصف لا بدّ أن يكون الموصوف به موجودا، وإنما يكون بعد بلوغ أربعين سنة أيضا، فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله وإن صح ذلك فغيره كذلك.

قلت: قد جاء إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد، فقد تكون الاشارة بقوله: كنت نبياً إلى روحه الشريفة وإلى حقيقته، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها، وإنما يعلمها خالقها ومن أمده بنور إلهي، ثم إنّ تلك الحقائق يؤتى الله كلّ حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي شاء، فحقيقة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تكون من قبل خلق آدم آتاها الله ذلك الوصف، بأن يكون خلقها متهيئة لذلك، وأفاضه عليها من ذلك الوقت، فصار نبيا وكتب اسمه على العرش وأخبر عنه بالرسالة ليعلم ملائكته وغيرهم كرامته عنده، فحقيقته موجودة من ذلك الوقت وإنْ تأخّر جسده الشريف المتصف بها، واتصاف حقيقته بالأوصاف الشريفة

٢٤٩

المفاضة عليه من الحضرة الالهية، وإنما يتأخر البعث والتبليغ وكل ما له من جهة الله، ومن تأهل ذاته الشريفة وحقيقته معجل لا تأخير فيه.

وكذلك استنباؤه وإيتاؤه الكتاب والحكم والنبوة، وإنما المتأخّر تكوّنه وتنقله إلى أن ظهرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره من أهل الكرامة، وقد تكون إفاضة الله تلك الكرامة عليه بعد وجوده بمدة كما يشاء سبحانه، ولا شك أن كلما يقع فالله عالم به من الأزل ونحن نعلم علمه بذلك بالأدلة العقلية والشرعية، ويعلم الناس منها ما يصل اليهم عند ظهوره كعلمهم نبوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نزل عليه القرآن في أول ما جاءه جبرئيل، وهو فعل من أفعاله تعالى من جملة معلوماته، ومن آثار قدرته وإرادته واختياره في محل خاص يتّصف بها، فهاتان مرتبتان الأولى معلومة بالبرهان والثانية ظاهرة للعيان، وبين المرتبتين وسائط من أفعاله تعالى تحدث على حسب اختياره، منها ما يظهر لهم بعد ذلك، ومنها ما يحصل به كمال لذلك المحل وإنْ لم يظهر لأحدٍ من المخلوقين، وذلك ينقسم إلى كمال يقارن ذلك الحمل من حين خلقه وإلى كمال يحصل له بعد ذلك، ولا يصل علم ذلك إلينا إلّا بالخبر الصادق والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير الخلق، فلا كمال لمخلوق أعظم من كماله ولا محل أشرف من محله.

فعرفنا بالخبر الصحيح حصول ذلك الكمال من قبل خلق آدم لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ربه سبحانه وأنه أعطاه النبوة من ذلك الوقت، ثم أخذ له المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المقدّم عليهم، وأنه نبيهم ورسولهم، وفي أخذ المواثيق - وهي في معنى الاستخلاف، ولذلك دخلت لام القسم في( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) لطيفة أخرى وهي كأنها إيمان للبيعة التي تؤخذ للخلفاء، ولعل إيمان الخلفاء أخذت من هنا، فانظر هذا التعظيم العظيم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ربه سبحانه وتعالى.

فإذا عرف ذلك فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو نبي الأنبياء، ولهذا أظهر في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه، وفي الدنيا كذلك ليلة الإِسراء صلّى بها، ولو اتفق

٢٥٠

مجيؤه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإِيمان به ونصرته، وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم ورسالته إليهم معنى حاصل له، وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر ذلك لأمر راجع إلى وجودهم لا إلى عدم اتصافه بما تقتضيه، وفرق بين توقف الفعل على قبول المحل وتوقفه على أهلية الفاعل، فههنا لا توقف من جهة الفاعل ولا من جهة ذات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشريفة، وإنما من جهة وجود العصر المشتمل عليه، فلو وجد في عصرهم لزمهم اتباعه بلا شك.

ولهذا يأتي عيسى في آخر الزمان على شريعته وهو نبي كريم على حاله، لا كما يظن بعض الناس أنه يأتي واحداً من هذه الأمة، نعم هو واحد من هذه الأمة لما قلناه من اتباعه للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنما يحكم بشريعة نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقرآن والسنة، وكلّ ما فيها من أمر أو نهي فهو متعلق به كما يتعلق بسائر الأمة، وهو نبي كريم على حاله لم ينقص منه شيء، وكذلك لو بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زمانه أو في زمن موسى وإبراهيم ونوح وآدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبي عليهم ورسول إلى جميعهم.

فنبوته ورسالته أعم وأشمل وأعظم ومتفق مع شرائعهم في الأصول، لأنها لا تختلف، وتقدّم شريعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما عساه يقع الاختلاف فيه من الفروع إما على سبيل لتخصيص وإما على سبيل النسخ أولا نسخ ولا تخصيص، بل تكون شريعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الأوقات بالنسبة إلى أولئك الأمم ما جاءت به أنبياءهم، وفي هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة هذه الشريعة، والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات.

وبهذا بان لنا معنى حديثين كان خفياً عنا، أحدهما: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بعثت إلى الناس كافة، كنّا نظن أنه من زمانه إلى يوم القيامة، فبان أنه جميع الناس أوّلهم وآخرهم. والثاني: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت نبياً وآدم

٢٥١

بين الروح والجسد، كنا نظن أنه بالعلم، فبان أنه زائد على ذلك على ما شرحناه، وإنما يفترق الحال بين ما بعد وجود جسدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبلوغه الأربعين، وما قبل ذلك بالنسبة إلى المبعوث إليهم وتأهلهم لسماع كلامه، لا بالنسبة إليه ولا إليهم لو تأهلوا قبل ذلك، وتعليق الأحكام على الشروط قد يكون بحسب المحل القابل وقد يكون بحسب الفاعل المتصرف، فههنا التعليق إنما هو بحسب المحل القابل المبعوث اليهم وقبولهم سماع الخطاب من الجسد الشريف الذي يخاطبهم بلسانه، وهذا كما يوكل الأب رجلاً في تزويج ابنته إذا وجدت كفواً، فالتوكيل صحيح وذلك الرجل أهل للوكالة ووكالته ثابتة، وقد يحصل توقف التصرف على وجود كفو ولا يوجد إلّا بعد مدة، وذلك لا يقدح في صحة الوكالة وأهلية الوكيل انتهى كلام السبكي بلفظه »(١) .

(٦) القسطلاني عن أحمد والبيهقي والحاكم - وقال: صحيح الإِسناد - عن العرباض بن سارية.

وعن البخاري وأحمد وأبي نعيم - وصحّحه الحاكم - عن ميسرة.

وعن الترمذي عن أبي هريرة.

ثم أورد كلام السبكي(٢) .

(٧) الدياربكري عن أحمد ومسلم والترمذي والحاكم والبيهقي وأبي نعيم والبخاري في تاريخه(٣) .

٨ - الحلبي عن ( وفاء الوفا ) عن ميسرة(٤) .

٩ - القندوزي عن الترمذي عن أبي هريرة، وعن المشكاة عن العرباض ابن سارية(٥) .

____________________

(١). الخصائص الكبرى ١ / ٣ - ٥.

(٢). المواهب اللدنية ١ / ٥ - ٨.

(٣). تاريخ الخميس ١ / ٢٠.

(٤). انسان العيون ١ / ٣٥٥.

(٥). ينابيع المودة: ١٠.

٢٥٢

١٠ - الجمال المحدّث (١) .

١١ - ابن حجر مصحّحاً إياه(٢) .

١٢ - وقال الاسكندري ما نصّه:

« وأما تفضيله على آدمعليه‌السلام ، فمن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت نبياً وآدم بين الماء والطين، وآدم فمن دونه من الأنبياء يوم القيامة تحت لوائي.

ولقوله: إني أوّل شافع، وإني أوّل مشفع، وإني أوّل من تنشق الأرض عنه »(٣) .

١٣ - وقال محمّد بن يوسف الشامي :

« ويستدل بخبر الشعبي وغيره - مما تقدم في الباب السابق - على أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولد نبيا، فإن نبوته وجبت له حين أخذ منه الميثاق حيث استخرج من صلب آدم، فكان نبياً من حينئذ، لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك، وذلك لا يمنع كونه نبياً، كمن يولى ولاية ويؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل، فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته وإن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجيء الوقت، والأحاديث السابقة في باب تقدم نبوته صريحة في ذلك ».

ثم نقل حاصل كلام السبكي(٤) .

١٤ - وقال العيدروس:

« إعلم أن الله سبحانه وتعالى لما أراد إيجاد خلقه أبرز في الحقيقة المحمدية من أنواره الصمدية في حضرته الأحمدية، ثم سلخ منها العوالم كلها علوها وسفلها على ما اقتضاه كمال حكمته وسبق في إرادته وعلمه.

ثم أعلمه تعالى بكماله ونبوته وبشره بعموم دعوته ورسالته، وبأنه نبي

____________________

(١). روضة الاحباب في سيرة النبي والاصحاب.

(٢). المنح المكية في شرح الهمزية.

(٣). لطائف المنن ٤٧ - ٤٨.

(٤). السيرة الشامية.

٢٥٣

الأنبياء وواسطة جميع الأصفياء، وأبوه آدم بين الروح والجسد »(١) .

١٥ - أخذ ميثاق نبوة محمّد دليل أفضليّة وهو دليل أفضلية علي

لقد تفرّع على تقدّم نبوة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ ميثاق نبوته من الأنبياء، وهذا يدل على أفضليتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد علم من الوجه السابق أن تقدّم نبوته متفرع على تقدم خلقه، فمتى دل فرع الفرع على الأفضلية دل الأصل عليها بالأولوية القطعية.

ونور عليعليه‌السلام متحد مع نورهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو أيضاً مخلوق قبل آدم، فللامامعليه‌السلام فضيلة عظيمة كان أخذ الميثاق فرع فرعها، فلا ريب إذاً في أفضليته من جميع الأنبياء والمرسلينعليهم‌السلام ، فهو المتعين للخلافة عن الرسول لا غيره.

من أحاديث أخذ ميثاقه متفرعاً على تقدّم خلقه (ص):

وأما كون أخذ الميثاق متفرعاً على تقدم خلقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو المستفاد من الأحاديث العديدة:

١ - قالأبو نعيم : « ثم قدّمهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الذكر على من تقدمه في البعث فقال:( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ) إلى قوله( وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً ) وقال:( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) .

وذلك ما حدّثناه: أبو محمّد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب، ثنا جعفر بن عاصم، ثنا هاشم بن عمار، ثنا بقية حدّثني سعيد بن بشير، نا قتادة عن الحسن

____________________

(١). النور السافر في أعيان القرن العاشر - مقدمة الكتاب.

٢٥٤

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله:( أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ) قال: كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث » ثم ذكر بثلاثة طرق أخرى عن أبي هريرة مثله(١) .

٢ - وقالالسبكي فيما نقل عنه السيوطي: « فعرفنا بالخبر الصحيح » وقد تقدّم.

٣ - ونص على ذلك الشيخ عبد الحق الدهلوي قائلاً:

« وجاء في الروايات »(٢) .

من أحاديث أفضليته من الأنبياء بسبب أخذ الميثاق منهم

وأما دلالة أخذ الميثاق على أفضليته منهمعليهم‌السلام فمن الواضحات، ومن الأحاديث والأقوال الصريحة في الدلالة على ذلك:

١ - قالأبو نعيم: « ومن فضائلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أخذ الله الميثاق على جميع أنبيائه إن جاءهم رسول آمنوا به ونصروه، فلم يكن ليدرك أحد منهم الرسول إلّا وجب عليه الايمان به والنصر لأخذه الميثاق منهم، فجعلهم كلهم أتباعاً له يلزمهم الانقياد والطاعة لو أدركوه.

وذلك مما حدّثناه محمّد بن أحمد بن الحسن عن جابر عن عمر بن الخطاب قال: أتيت النبي ومعي كتاب أصبته من بعض أهل الكتب، فقال:

والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً اليوم ما وسعه إلّا أن يتبعني »(٣) .

٢ - وقالالقاضي عياض : « السابع في ما أخبر الله به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشريف منزلته على الأنبياء وخطورة رتبته، قوله تعالى:( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ) إلى قوله:( مِنَ الشَّاهِدِينَ ) .

____________________

(١). دلائل النبوة: ١ / ٤٤.

(٢). مدارج النبوة ٢ / ٣.

(٣). دلائل النبوة: ١ / ٥٠.

٢٥٥

قال أبو الحسن القابسي: إختص الله نبينا محمّداً بفضل لم يؤته أحداً غيره أبانه به، وهو ما ذكره في هذه الآية. قال المفسرون: أخذ الله الميثاق بالوحي ولم يبعث نبياً إلّا ذكر له محمّداً ونعته وأخذ على ذلك الميثاق منه إنْ أدركه ليومننّ به.

وقيل: أن يبينه لقومه ويأخذ ميثاقهم أن يبينوه لمن بعدهم

قال علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : لم يبعث الله نبياً من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمّد عليه الصلاة والسّلام لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، ويأخذ العهد بذلك على قومه.

ونحوه عن السدي وقتادة في آي تضمنت فضله من غير وجه واحد. قال الله تعالى:( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) الآية، وقال:( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ ) إلى قوله( وَكِيلاً ) .

و روى عن عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه في كلام بكى به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أوّلهم فقال:( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) الآية بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودّون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون( يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) قال قتادة: إن النبي قال: كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث، فلذلك وقع ذكره مقدماً هنا قبل نوح وغيره.

قال السمرقندي: في هذا تفضيل نبيناعليه‌السلام ، لتخصيصه بالذكر قبلهم وهو آخرهم.

قال بعضهم: ومن فضله أن الله تعالى خاطب الأنبياء بأسمائهم، وخاطبه بالنبوة والرسالة في كتابه فقال يا أيها النبي، ويا أيها الرسول.

وحكى السمرقندي عن الكلبي - في قوله تعالى:( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ) إن الهاء عائدة على محمّد، أي من شيعة محمّد لإِبراهيم، أي: علي دينه ومنهاجه، واختاره الفراء وحكاه عنه مكي، وقيل: المراد نوح عليه الصلاة

٢٥٦

والسلام »(١) .

٣ - وللقسطلاني في المقصد السادس من كتابه بحث طويل خصّه بالموضوع هذا أوله:

« النوع الثاني في أخذ الله تعالى له الميثاق على النبيين فضلاً ومنّة ليومننّ به إن أدركوه ولينصرّنّه» نقل فيه الآيات والأحاديث(٢) .

٤ - وقالالقسطلاني ما ملخصه:

« روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: لم يبعث الله تعالى: نبيّاً من آدم فمن بعده إلّا أخذ عليه العهد في محمّد، لئن بعث وهو حي ليؤمننّ به ولينصرنّه ويأخذ العهد بذلك على قومه. وهو مروي عن ابن عباس أيضاً. ذكرهما العماد ابن كثير في تفسيره.

قال الشيخ تقي الدين السبكي: فإذا عرف هذا فالنبي نبي الأنبياء، وبهذا ظهر في الآخرة أن جميع الانبياء تحت لوائه، وفي الدنيا كذلك ليلة المعراج صلّى بهم، ولو اتفق مجيؤه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم وجب عليهم وعلى أممهم الايمان به ونصرته، وبذلك أخذ الميثاق عليهم »(٣) .

٥ - وبمثل هذا قال ابن حجر والشيخ سليمان في شرحيهما على الهمزيّة بشرح قول البوصيري:

« ما مضت فترة من الرسل إلّا

بشّرت قومها بك الأنبياء »

٦ - والشيخ القندوزي في ( ينابيع المودة ) حيث نقل حديث عليعليه‌السلام وغيره(٤) .

____________________

(١). الشفا ٣٥ - ٣٨.

(٢). المواهب اللدنية ٢ / ٥١.

(٣). المصدر نفسه ١ / ٨.

(٤). ينابيع المودة: ١٧.

٢٥٧

أحاديث في ولاية علي وميثاق إمامته

لقد علم من كلمات أكابر أهل السنة ومشاهير أئمتهم وحفاظهم: أن أخذ ميثاق نبوّة سيد الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جميع الانبياء والمرسلين من أوضح البراهين وأتّمها على أفضليّته منهم وتقدّمه عليهم.

ولمـّا كان هذا المعنى متفرعاً على تقدّمه في الخلق عليهم، وكان التقدم في الخلق ثابتاً لعليعليه‌السلام ، كان هو أيضاً أفضل الخلائق بعد خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو الامام والخليفة من بعده ولا يجوز تقدم أحد عليه.

بل لقد وردت أحاديث كثيرة في كتبهم صريحة في: أنه قد أخذ من الأنبياء وغيرهم ميثاق ولاية علي وإمامته، كما أخذ منهم ميثاق نبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكون جميع ما ذكره كبار العلماء من الفضل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ضوء أحاديث الميثاق وغيرها ثابتاً لعليعليه‌السلام وهذا ما يقطع ألسنة المكابرين، ويضيق الخناق على المعاندين، والحمد لله رب العالمين. ولنذكر بعض تلك الأحاديث في هذا المقام:

١ - حديث بعث الأنبياء على ولاية علي

فمن تلك الأحاديث الشريفة: حديث بعث الأنبياء على ولاية سيدنا عليعليه‌السلام ، وقد رواه جماعة من أعلام أهل السنة، ومنهم:

١ - الحاكم النيسابوري.

٢ - أبو إسحاق الثعلبي.

٣ - أبو نعيم الاصفهاني.

٤ - الخطيب الخوارزمي.

٢٥٨

٥ - عبد الرزاق الرسعني.

٦ - السيد علي الهمداني.

٧ - السيد شهاب الدين أحمد.

٨ - شمس الدين الجيلاني.

٩ - عبد الوهاب بن محمد رفيع الدين أحمد.

١٠ - ميرزا محمّد البدخشاني.

رواية الحاكم

رواه بسنده عن عبد الله بن مسعود حيث قال: « حدّثني محمّد بن المظفر الحافظ، نا عبد الله بن محمّد بن غزوان، نا علي بن جابر، نا محمّد بن خالد بن عبد الله، نا محمّد بن فضيل، نا محمّد بن سوقة عن ابراهيم عن الاسود عن عبد الله قال:

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاني ملك فقال يا محمّد: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا، قال: قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.

قال الحاكم: تفرّد به علي بن جابر عن محمّد بن خالد عن محمّد بن فضيل، ولم نكتب إلّا عن ابن مظفر، وهو عندنا حافظ ثقة مأمون »(١) .

رواية الثعلبي

ورواه الثّعلبي قائلاً: « أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن الحسين

____________________

(١). معرفة علوم الحديث: ٩٦.

٢٥٩

الدينوري، حدّثنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن غزوان البغدادي، حدّثنا علي بن جابر، حدّثنا محمّد بن خالد ومحمّد بن إسماعيل قال: حدّثنا محمّد بن فضيل، عن محمّد بن سوقة، عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود » مثله(١) .

رواية الخوارزمي

رواه عن شهردار الديلمي عن الحاكم عن عبد الله بن مسعود(٢) .

رواية شهاب الدين أحمد

رواه « عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص): لمـّا أُسري بي ليلة المعراج فاجتمع عليّ الأنبياء في السماء فأوحى الله إليّ: سلهم يا محمّد بما ذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلّا الله وعلى الإِقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب.

أورده الشيخ المرتضى العارف الرباني السيد شرف الدين علي الهمداني في بعض تصانيفه وقال: رواه الحافظ أبو نعيم »(٣) .

رواية عبد الوهاب بن محمّد

رواه عن أبي نعيم الاصبهاني عن أبي هريرة مثله(٤) .

____________________

(١). الكشف والبيان - مخطوط، بتفسير قوله تعالى في سورة زخرف( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) .

(٢). المناقب ٢٢٠ - ٢٢١.

(٣). توضيح الدلائل - مخطوط. ومنه علم رواية أبي نعيم والهمداني.

(٤). تفسير أنورى ومنه علم رواية أبي نعيم.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324