نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار11%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 324

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 324 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 231843 / تحميل: 6160
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

جالساً عند النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن فقال: إنّ ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليّاً -رضي‌الله‌عنه - يختصمون إليه في ولد وقعوا على إمراة في طهرٍ واحد، فقال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا ثم قال للاثنين: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا. ثم قال: أنتم متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع فله الولد وعليه لصاحبيه ثلثا الدية، فأقرع بينهم، فجعله لمن قرع، فضحك رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حتّى بدت أضراسه - أو قال: نواجذه -.

قد اتّفق الشيخان على ترك الإِحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكندي، وإنّما نقما عليه حديثاً واحداً لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات، فهذا الحديث إذاً صحيح ولم يخرجاه »(١). .

وقال الحاكم: « أخبرني عبد الله بن محمّد بن موسى العدل، محمد بن أيوب أنا إبراهيم بن موسى، ثنا عيسى بن يونس، ثنا الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: بينا أنا عند رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن، فجعل يحدّث النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ويخبره، فقال: يا رسول الله أتى علياً -رضي‌الله‌عنه - ثلاثة نفر يختصمون في ولد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين: طيبا نفسا بهذا الولد. ثم قال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع له فله الولد وعليه ثلث الدية لصاحبيه، فأقرع بينهم، فقرع لأحدهم فدفع إليه الولد. فضحك النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حتى بدت نواجذه - أو قال أضراسه -.

حدّثنا علي بن جمشاد، ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا الأجلح بهذا. وزاد فيه: فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما أعلم فيها إلّا ما قال علي.

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٢ / ٢٠٧.

٢٨١

هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. وقد زاد الحديث تأكيداً برواية ابن عيينة، وقد تابع أبو إسحاق السبيعي الأجلح في روايته »(١). .

وقال الحاكم:

« أخبرني علي بن محمد بن دحيم الشيباني، حدّثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدّثنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدّثنا الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم: إن علياً بعثه النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - إلى اليمن، فارتفع إليه ثلاثة يتنازعون ولداً، كلّ واحدٍ يزعم أنه ابنه، قال: فخلا باثنين فقال: أتطيبان نفساً لهذا الباقي؟ قالا: لا. وخلا باثنين فقال لهما مثل ذلك، فقالا: لا. فقال: أراكم شركاء متشاكسين وأنا مقرع بينكم، فأقرع بينهم، فجعله لأحدهم وأغرمه ثلثي الديّة للباقيين. قال: فذكر ذلك لرسول الله فضحك حتى بدت نواجذه.

قد أعرض الشيخان عن الأجلح بن عبد الله الكندي وليس في رواياته بالمتروك، فإنّ الذي ينقم عليه مذهبه مذهبه »(٢). .

٨ - ابن حجر: صدوق

وقال ابن حجر العسقلاني: « أجلح بن عبد الله بن حجّية - بالمهملة والجيم مصغرا - يكنّى أبا حجيّة الكندي، يقال اسمه: يحيى. صدوق شيعي، من السابعة. مات سنة ٤٥ »(٣). .

فهو عند ابن حجر « صدوق » ومن الطبقة السّابعة، أي في طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري، كما ذكر في أوّل الكتاب في بيان الطبقات.

__________________

(١). المستدرك ٣ / ١٣٥ كتاب معرفة الصحابة.

(٢). المستدرك ٤ / ٩٦ كتاب الأحكام.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٤٩.

٢٨٢

٩ - إنّه من رجال الكتب الأربعة

والأجلح من رجال: صحيح أبي داود، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي، وصحيح ابن ماجة. كما في الرمز الموضوع على اسمه في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما. وقال السّيوطي: « روى له الأربعة ».

وقد صرّح أكابر القوم بأنّ رجال الكتب الصّحاح معدّلون ومزكّون، وكلّهم من أهل التقوى والديانة

١٠ - رواية الأئمة عنه

وقد روى عنه أيضاً كبار الأئمة الأعلام، كشعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأضرابهم قال ابن حجر:

« وعنه: شعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأبو اُسامة، ويحيى القطّان، وجعفر بن عون، وغيرهم »(١). .

ورواية الثقة العدل عن رجل توثيق للمروي عنه وتعديل له وبهذا الأسلوب أراد ابن حجر المكّي إثبات فضيلةٍ لمعاوية، وهذه عبارته في ذكر فضائله المزعومة:

« منها: إنّه حاز شرف الأخذ عن أكابر الصّحابة والتابعين له، وشرف أخذ كثيرين من أجلّاء الصحابة والتابعين عنه فتأمّل هؤلاء الأئمة أئمة الإِسلام الذين رووا عنه تعلم أنّه كان مجتهداً أيّ مجتهد، وفقيهاً أيّ فقيه »(٢). .

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٥.

(٢). تطهير الجنان واللّسان: ٣٣ هامش الصواعق المحرقة.

٢٨٣

فهكذا يكون رواية شعبة والثوري وأمثالهما عن الأجلح دليلاً على ثبوت إمامة الأجلح وجلالته.

وقال الذهبي بترجمة أبي العبّاس العذري أحمد بن عمر الأندلسي المتوفى سنة ٤٧٨:

« ومن جلالته: أنّ إمامي الأندلس - ابن عبد البر، وابن حزم - رويا عنه »(١). .

ومثله قول المقري المالكي بترجمة أبي الوليد الباجي حيث قال:

« وممّا يفتخر به أنه روى عنه حافظاً المغرب والمشرق: أبو عمر بن عبد البر والخطيب أبو بكر ابن ثابت البغدادي، وناهيك بهما »(٢). .

هذا، وقد صرّح ابن قيّم الجوزيّة: بأنّ مجرَّد رواية العدل عن غيره تعديل له، هو أحد القولين في المسألة، وهو أحد الرّوايتين عن أحمد بن حنبل فإنّه قال بعد كلامٍ له: « هذا، مع أنَّ أحد القولين: أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له وإنْ لم يصرّح بالتعديل، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد »(٣). .

١١ - رواية شعبة عنه وهو لا يروي إلّا عن ثقة

إنّه قد عرفت من كلام العسقلاني أن من الرّواة عن الأجلح: شبعة بن الحجاج وقد ذكر القوم أنّ شعبة كان لا يروي إلّا عن ثقة، حتى أنّ السبكي صحّح حديث « من زار قبري وجبت له شفاعتي » متمسّكاً بقول خصمه ابن تيميّة بأنّ جماعةً ذكرهم - وفيهم شعبة - لا يروون إلّا عن ثقة قال السبكي:

__________________

(١). العبر - حوادث ٤٧٨

(٢). نفح الطيب ٢ / ٢٨١ ترجمة أبي الوليد الباجي.

(٣). زاد المعاد في هدي خير العباد ٥ / ٤٧٥.

٢٨٤

« وموسى بن هلال، قال ابن عدي: أرجو أنّه لا بأس به. وأمّا قول أبي حاتم الرازي فيه: إنّه مجهول فلا يضرّه، فإنّه إمّا أنْ يريد جهالة العين أو جهالة الوصف، فإنْ أراد جهالة العين - وهو غالب اصطلاح أهل هذا الشأن في هذا الإِطلاق - فذلك مرتفع عنه، لأنّه قد روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن جابر المحاربي، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وأبو اُميّة محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وعبيد بن محمّد الرزاق، والفضل بن سهل، وجعفر بن محمد المروزي. وبرواية الاثنين تنتفي جهالة العين، فكيف رواية سبعة.

وإنْ أراد جهالة الوصف، فرواية أحمد يرفع من شأنه، لا سيّما ما قاله ابن عدي فيه، وممّن ذكره من مشايخ أحمد: أبو الفرج ابن الجوزي، وأبو إسحاق الصريفيني.

وأحمد – رحمه ‌الله - لم يكن يروي إلّا عن ثقة، وقد صرّح الخصم بذلك في الكتاب الذي صنّفه في الردّ على البكري بعد عشر كراريس منه، قال: إنّ القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم: من لم يرو إلّا عن ثقة عنده، كمالك وشبعة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد ابن حنبل، وكذلك البخاري وأمثاله »(١). .

فمن هذا الكلام الذي احتجّ به السبكي - لتوثيق موسى بن هلال - يظهر بكلّ وضوحٍ وثاقة الأجلح أيضاً، لكونه من مشايخ شبعة، وهو لا يروي إلّا عن ثقة.

١٢ - رواية أحمد عنه وهو لا يروي إلّا عن ثقة

وأيضاً، فإنّه من مشايخ أحمد بن حنبل في ( المسند )، بل لقد روى فيه

__________________

(١). شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام. الحديث الأول من الباب الأول ٩ - ١٠.

٢٨٥

حديث الولاية عن طريقه فقال كما سمعت سابقاً:

« ثنا ابن نمير، حدّثني أجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بعثين إلى اليمن ».

وهذا، وأحمد لم يخرّج في المسند إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته، كما قال أبو موسى المديني، فيما نقله عنه السبكي في ( طبقاته ) كما سمعت سابقاً فقال: « قال أبو موسى المديني: ولم يخرّج في المسند إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته قال أبو موسى: ومن الدليل على إنّ ما أودعه الإِمام أحمد في مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً، ولم يورد فيه إلّا ما صحّ سنده: ما أخبرنا أبو علي الحدّاد قال: أنا أبو نعيم وأنا أبو الحسين وأنا ابن المذهب قالوا: أنا القطيعي، ثنا عبد الله قال: حدّثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي التيّاح قال: سمعت أبا زرعة يحدّث عن أبي هريرة عن النبيّ أنّه قال: يهلك امّتي هذا الحي من قريش. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أنَّ الناس اعتزلوهم.

قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه: إضرب على هذا الحديث، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -. يعني قوله: إسمعوا وأطيعوا. وهذا - مع ثقة رجال إسناده، حين شذَّ لفظه عن الأحاديث المشاهير - أمر الضّرب عليه، فكان دليلاً على ما قلناه ».

١٣ - روى عنه النسائي وشرطه أشدّ من شرط الشيخين

وأيضاً، فقد أخرج عنه النسائي في صحيحه كما في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما، وكما عرفت من عبارة السّيوطي في ( اللّالي المصنوعة ). وللنسائي شرط في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم:

قال الذهبي: « قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل،

٢٨٦

فوثّقه، فقلت: قد ضعّفه النسائي! فقال: يا بنيّ، إنّ لأبي عبد الرحمن شرطاً في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم »(١). .

ونقله السّبكي في ( طبقاته ) والصفدي في ( وفياته ) بترجمة النسائي في ( فيض القدير ).

وذكر ذلك ابن حجر العسقلاني في ( النكت على علوم ابن الصّلاح ) في بيان أن النسائي لا يخرّج عمّن أجمعوا على تركه. قال: « فكم من رجلٍ أخرج له أبو داود والترمذي، وتجنّب النسائي إخراج حديث، بل قد تجنّب إخراج حديث جماعة من رجال الشيخين، حتى قال بعض الحفّاظ: إنّ شرطه في الرجال أقوى من شرطهما ».

ترجمة سعد الزّنجاني

وسعد بن علي الزنجاني - الذي نقلوا عنه ذلك - من كبار الحفّاظ ومشاهير المنقدين:

١ - السمعاني: « أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني، شيخ الحرم في عصره، كان جليل القدر، عالماً زاهداً، كان الناس يتبرّكون به حتى قال حاسده لأمير مكة: إنّ الناس يقبّلون يد الزنجاني أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود توفي بمكة سنة ٤٧٠ »(٢). .

٢ - الذهبي: « الزنجاني، الإِمام الثبت الحافظ القدوة قال أبو سعد السمعاني: سمعت بعض مشايخنا يقول: كان جدّك أبو المظفر عزم أنْ يجاور بمكة في صحبة سعد الإِمام، فرأى ليلةً والدته كأنّها كشفت رأسها تقول: يا بني بحقّي عليك إلّا رجعت إلى مرو فإنّي لا اُطيق فراقك، فانتبهت مغموماً وقلت:

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٠ ترجمة النسائي.

(٢). الأنساب - الزنجاني ٦ / ٣٠٧.

٢٨٧

أشاور سعد بن علي، فأتيته ولم أقدر من الزّحام أنْ اُكلّمه، فلمـّا قام تبعته، فالتفت إليَّ وقال: يا أبا المظفّر العجوز تنتظرك. ودخل البيت. فعرفت أنّه تكلّم على ضميري، فرجعت تلك السنة.

وكان حافظاً متقناً ورعاً كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود.

ابن طاهر - ممّا سمعه السلفي منه -: سمعت الحبّال يقول: كان عندنا سعد بن علي ولم يكن على وجه الأرض مثله في عصره.

وسمعت أن محمد بن الفضل الحافظ يقول ذلك.

وقال محمد بن طاهر الحافظ: ما رأيت مثل الزنجاني »(١). .

١٤ - من أسامي أئمة الحديث الشّيعة

إنّ التشيّع في كبار أئمة الحديث كثير شائع، فلو كان التشيّع قادحاً لزم طرح أخبار جميعهم قال ابن قتيبة: « الشيعة: الحارث الأعور، وصعصعة ابن صوحان، والأصبغ بن نباتة، وعطيّة العوفي، وطاوس، والأعمش، وأبو إسحاق السّبيعي، وأبو صادق، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، وسالم بن أبي الجعد، وإبراهيم النخعي، وحبة بن جوين، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وفطر بن خليفة، والحسن بن صالح بن حيّ، وشريك، وأبو اسرائيل الملّائي، ومحمّد بن فضيل، ووكيع، وحميد الرواسي، وزيد بن الحباب، والفضيل بن دكين، والمسعودي الأصغر، وعبيد الله بن موسى، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن داود، وهشيم، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي، وجعفر الضّبيعي، ويحيى

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٧٤.

٢٨٨

ابن سعيد القطّان، وابن لهيعة، وهشام بن عمّار، والمغيرة صاحب إبراهيم. ومعروف بن خرّبوذ، وعبد الرزاق، ومعمر، وعلي بن الجعد »(١). .

فإذا كان إبراهيم بن النخعي، وسفيان الثوري، وشعبة، وشريك، ويحيى بن سعيد القطّان وأمثالهم شيعة فليكن الأجلح شيعياً مثلهم وليس التشيع بقادح وإلّا اتّسع الفتق على الرّاقع، وظهر فساد عظيم ليس له دافع.

١٥ - تصريح الذهبي بوجوب قبول رواية الشّيعي

هذا، وقد صرّح الذهبي بأن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، وأنه لو ذهب حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة

قال ذلك بترجمة أبان بن تغلب الكوفي:

« أبان بن تغلب الكوفي. شيعي جلد لكنّه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثّقه أحمد وابن معين وأبو حاتم واُورده ابن عدي وقال: كان غالياً. وقال [ السعدي ] الجوزجاني: زائغ مجاهر. فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحدّ الثقة: العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟

وجوابه: إنّ البدعة على ضربين، فبدعة صغرى كغلّو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرّف، فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة. ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلوّ فيه، والحطّ على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - والدعاء إلى ذلك. فهذا النوع لا يحتجّ به ولا كرامة

__________________

(١). المعارف: ٦٢٤.

٢٨٩

وأيضاً فما استحضر الآن رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم والتقيّة والنفاق دثارهم»(١). .

وعليه، فلو كان في الاجلح تشيع، فإنّه لا يوجب طرح حديثه، وإلّا لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة

١٦ - نسبة السيوطي ما قاله الذهبي إلى أئمة الحديث

والحافظ السّيوطي ينصّ على أنّ هذا الذي نقلناه عن الذهبي هو قول أئمة الحديث، وهذه عبارته في رسالته ( إلقام الحجر فيمن زكّى ساب أبي بكر وعمر ):

« قال أئمّة الحديث - وآخرهم الذهبي في ميزانه - البدعة على ضربين: صغرى كالتشيع، وهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، ولا يردّ حديثهم ».

وقد ذكر السيوطي هذا المطلب في ( تدريب الرّاوي ) أيضاً(٢). .

فالطعن في الأجلح بسبب التشيع - هذا الأمر الكثير وجوده في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، وليس بقادحٍ لدى أئمّة الحديث - غريب جدا!!

١٧ - جرح المخالف في الاعتقاد غير مقبول

وقال الحافظ ابن حجر: « فصل: وممّن ينبغي أن يتوقّف في قبول قوله في الجرح: من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد،

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٥.

(٢). تدريب الراوي - شرح تقريب النواوي ١ / ٣٢٦.

٢٩٠

فإن الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدّة انحرافه في النّصب، وشهرة أهلها بالتشيّع، فتراه لا يتوقّف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلق، حتى أنّه أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه، فوثّق رجلاً ضعّفه، قبل التوثيق »(١). .

ففي هذه العبارة تصريح بعدم قبول القدح في مثل الأعمش بسبب التّشيع، فكذلك الأجلح، لا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بسبب التشيع

١٨ - التشيع محبّة علي وتقديمه على الصحابة

وقال ابن حجر في معنى التشيع ما نصّه:

« التشيع محبة علي وتقديمه على الصّحابة، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في التشيّع، ويطلق عليه رافضي وإلاّ فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السبب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلوّ »(٢). .

فعلى هذا: إذا كان الأجلح شيعيّاً فهو ليس إلّا محبّاً لأمير المؤمنين ومقدّماً له على الصحابة سوى الشيخين، وهذا المعنى لا يوجب الجرح والقدح عند أهل السنّة أبداً، إلّا إذا اختاروا مذهب النواصب والخوارج

١٩ - المقبلي: التشيّع ما يسع منصفاً الخروج عنه

وقال صالح بن مهدي المقبلي في كتابه ( العلم الشامخ ): « والواجب على المتدين اطراح التحرّب، والتكلّم بما يعلم، نصيحةً لله ورسوله

__________________

(١). لسان الميزان ١ / ١٦.

(٢). مقدمة فتح الباري: ٤٦٠.

٢٩١

وللمسلمين، وتراهم سوّوا بين الثريّا والثرى، وقرنوا الطلقاء بالسّابقين الأوّلين. والعجب من المحدّثين تراهم يجرحون بمثل قول شريك القاضي وقد قيل عنده: معاوية حليم. فقال: ليس بحليم من سفّه الحق وحارب علياً. وبقوله - وقد قيل له: ألا تزور أخاك فلاناً؟ فقال: - ليس بأخٍ لي من أزرأ على علي وعمّار. فليت شعري كيف الجمع بالنقم بهذين الأمرين.

ثم لم ترهم يبالون بلعن علي فوق المنابر وبمعاداة من عاداهم، وتراهم يتكلّمون في وكيع وأضرابه من تلك الدرجة الرفيعة دينا وورعا، يقولون يتشيّع، وتشيّعه إنّما هو بمثل ما ذكرنا من شريك، فإن كان التشيّع إنّما هو ذلك القدر فلعمري ما يسع منصفا الخروج عنه.

وعلى الجملة، فالشيعة المفرطة غلوا قطعاً، وأراد المحدّثون - وسائر من سمّى نفسه بالسنيّة - ردّ بدعتهم، فابتدعوا في الجانب الآخر، ووضعوا ما رفع الله ورفعوا ما وضع »(١). .

وعليه، فالأجلح إذا كان شيعيّاً كان بمثل وكيع والأعمش، لا يقدح فيه التشيع، بل جرحه بهذا السبب يكون كجرح الأعمش ووكيع بدعة.

٢٠ - لو كان الأجلح شيعيّاً غليظاً لما رووا عنه

وقال الشيخ نور الحق ابن الشيخ عبد الحق(٢). في ( تيسير القاري بشرح صحيح البخاري ) في شرح حديث البخاري: « حدّثنا حجاج بن المنهال، حدّثنا شعبة قال: حدّثني عدي بن ثابت قال: سمعت البراء قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم - أو قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم -: الأنصار

__________________

(١). العلم الشّامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ: ٢٢.

(٢). هو: « الشيخ العالم الفقيه المفتي نور الحق بن محب الله بن نور الله بن المفتي نور الحقّ بن عبد الحق البخاري الدهلوي أحد العلماء المشهورين » نزهة الخواطر ٦ / ٣٨٩.

٢٩٢

لا يحبّهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق، فمن أحبّهم أحبّه الله ومن أبغضهم أبغضه الله »(١). .

قال: « قال القسطلاني: عدي بن ثابت ثقة، كان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم في الكوفة، روى عنه شعبة وهو من أكابر أهل الحديث حتى لقّبوه بـ « أمير المؤمنين في الحديث ». ومن هنا يعلم أن مذهب الشّيعة واعتقاداتهم لم يكن في ذاك الزّمان على هذا الفساد والفضيحة كما عند متأخريهم، فقد قيل: أنه لم يكن عقيدتهم في ذلك الزمان بأكثر من أنْ يحبّوا علياً أمير المؤمنين أكثر من حبّهم لغيره من الأئمة، وأنّهم لم يكونوا يقولون بالأفضلية على الترتيب الذي يقول أهل السنّة، وإلّا فأيّ معنى لنصبهم السنّي الخالص قاضياً لهم وإماماً في مسجدهم. ولو قيل: لعلّ عدي بن ثابت أيضاً كان يرى هذا المذهب الغليظ، كان احتمالاً باطلاً وظنّاً فاسداً، فإنّ شعبة - الذي هو قدوة أهل السنّة وشيخ شيوخ البخاري، ويلقّبه المحدّثون بأمير المؤمنين - يروي حديث رسول الله عن الشيعي الغليظ؟ حاشا وكلّا! ».

ففي هذا الكلام تصريحٌ بأنّ الرواية عن الشيعي الغليظ لا تجوز. فالأجلح ليس بشيعيٍ غليظ وإلّا لما روى عنه أئمة السنة، غاية ما هنالك أن يكون حال الاجلح حال عدي بن ثابت بناء على ما ذكر، فكما أن شعبة روى عن عدي بن ثابت وأدخل البخاري حديثه في صحيحه، كذلك حديث الأجلح صحيح يجوز الاستدلال والاحتجاج به.

٢١ - كان النّسائي يتشيع

وممّا يدل على أن التشيع ليس بقادحٍ قولهم في ترجمة النسائي: « كان

__________________

(١). تيسير القاري بشرح صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب حبّ الأنصار من الايمان.

٢٩٣

يتشيّع »، مع أنّ النسائي من أكابر أئمتهم الثقات المعتمدين، كما هو معروف ولا يحتاج إلى بيان فممن قال بترجمته « كان يتشيّع » هو ابن خلّكان، وهذه عبارته: « خرج إلى دمشق ودخل، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله، فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس حتى يفضّل! وفي روايةٍ اُخرى: ما أعرف له فضيلةً إلّا: لا أشبع الله بطنك.

وكان يتشيّع.

فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد. وفي روايةٍ أخرى: يدفعون في خصيتيه وداسوه، ثم حمل إلى الرملة ومات بها »(١). .

وعلى الجملة، فلو كان التشيع قادحاً لما وثّقوا النسائي، ولا جعلوا كتابه أحد الصحاح الستّة، ولا وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة

٢٢ - كان الحاكم شيعيّا ً

وكذلك الحاكم النيسابوري قال الذّهبي بترجمته: « قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة، وكان منحرفاً عن معاوية وآله متظاهراً بذلك ولا يعتذر منه.

قلت: أمّا انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكل حال، فهو شيعي لا رافضي »(٢). .

فمن كلام الذهبي يعلم أنّ التشيّع غير الرفض، وأنّه ليس بقادحٍ في الوثاقة والعدالة، كما أن منه يظهر إمكان الجمع بين التشيع وتعظيم الشيخين،

__________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٧٧.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٥.

٢٩٤

فالقدح في الأجلح بأمرٍ يجتمع مع تعظيم الشيخين عجيب وغريب جدّاً. بل يظهر من عبارة ابن طاهر إمكان اجتماع الرفض مع الوثاقة، فكيف يكون مجرّد التشيّع جرحاً؟ وقد عرفت أن الأجلح لم يتهم بغير التشيّع!!

٢٣ - التشيع لا ينافي التسنّن

وقال ( الدهلوي ): « إعلم أنّ الشيّعة الاُولى هم الفرقة السنيّة التفضيليّة، وكانوا يلقّبون في السّابق بالشّيعة، فلمـّا لقّب الغلاة والروافض والإِسماعيلية أنفسهم بهذا اللقب، وكانوا مصدراً للقبائح والشرور الإِعتقاديّة والعمليّة نفت الفرقة السنيّة والتفضيلية هذا اللقب عن نفسها خوفاً عن التباس الحق بالباطل ولقّبوا بأهل السنّة والجماعة. فمن هنا يظهر أنّ ما قيل في الكتب التاريخية القديمة من: « فلان من الشّيعة » أو « من شيعة علي » والحال أنّه من رؤساء أهل السنّة والجماعة صحيح، وفي تاريخ الواقدي والإِستيعاب شيء كثير من هذا الجنس، فلينّتبه »(١). .

إذن، تشيّع الأجلح لا ينافي تسنّنه، ولا يكون سبباً للقدح والجرح والتّضعيف.

وقد تبع ( الدهلويَّ ) في هذه الدعوى تلميذه الرّشيد الدهلوي، وكذا المولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( منتهى الكلام ).

٢٤ - استنكار الأجلح سبّ الشيخين

وقد ذكروا بترجمة الأجلح أنه كان يستنكر سبّ أبي بكر وعمر قال الذهبي:

__________________

(١). التحفة الاثنا عشرية: ١١.

٢٩٥

« أجلح بن عبد الله، أبو حجيّة الكندي عن الشّعبي وعكرمة. وعنه:

القطّان وابن نمير وخلق. وثّقه ابن معين وغيره. وضعّفه النسائي. وهو شيعي، مع أنّه روى عنه شريك أنّه قال: سمعنا أنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلاّ افتقر أو قتل. مات سنة ١٤٥ »(١). .

وقال ابن حجر: « وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة. ويروي عنه الكوفيّون وغيرهم. ولم أر له حديثاً منكراً مجاوزاً للحدّ لا إسناداً ولا متناً، إلّا أنّه يعدّ في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح: سمعنا أنّه ما يسب أبا بكر وعمر أحد إلّا مات قتيلاً أو فقيراً »(٢). .

ومن هنا يظهر أنّ الأجلح سنّي غالٍ في الشيخين، فكيف يردّ حديث هكذا شخص؟ وكيف يرمى بالتشيّع ويقدح فيه؟

٢٥ - في الصحابة رافضة غلاة كأبي الطفيل

وقال ابن قتيبة: « أسماء الغالية من الرافضة: أبو الطّفيل صاحب راية المختار، وكان آخر من رأى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - موتاً، والمختار، وأبو عبد الله الجدلي، وزرارة بن أعين، وجابر الجعفي »(٣). .

فلو فرضنا كون الأجلح رافضياً غالياً، فإنّ حاله يكون حال أبي الطّفيل الصّحابي(٤). . أحد مصاديق الآيات والأحاديث الكثيرة - الواردة عند أهل السنّة - في حق الصّحابة.

__________________

(١). الكاشف ١ / ٥٣.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

(٣). المعارف: ٦٢٤.

(٤). لاحظ ترجمته في: اُسد الغابة ٣ / ٤١ و ٥ / ١٧٩، الإصابة ٧ / ١١٠ وغيرهما من الكتب المؤلّفة في أسماء الصحابة وتراجمهم.

٢٩٦

٢٦ - قولهم بقبول رواية المبتدع

وذهب كثير علماء أهل السنّة السّلف والخلف منهم إلى قبول رواية المبتدع كما نصَّ عليه المحقّقون فلو فرض كون الأجلح رافضيّاً وعدّ من المبتدعة فخبره مقبول وروايته معتمدة وإليك بعض النصوص الصّريحة فيما ذكرناه:

قال ابن الصّلاح: « إختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفَّر ببدعته:

فمنهم: من ردَّ روايتهم مطلقاً، لأنّه فاسق ببدعته، وكما استوى في الكفر المتأوّل وغير المتأوّل يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول.

ومنهم: من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممّن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، سواء كان داعيةً إلى بدعته أو لم يكن، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلّا الخطّابية من الرّافضة لأنهم يرون الشهادة بالزّور لموافقيهم.

وقال قوم: يقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعة. وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي -رضي‌الله‌عنه - خلافاً بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعة، وقال: أما إذا كان داعيةً فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال أبو حاتم ابن حِبان البستي أحد المصنّفين من أئمّة الحديث: الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمّتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافاً.

وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها، والأول بعيد مباعد للشائع من أئمة الحديث، فإنّ كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة، وفي الصحيحين

٢٩٧

كثير من أحاديثهم في الشّواهد والأصول، والله أعلم »(١). .

وقال النووي بعد إيراد الأقوال المذكورة: « في الصحيحين وغيرهما من كتب أئمة الحديث الإِحتجاج بكثيرٍ من المبتدعين غير الدّعاة، ولم يزل السّلف والخلف على قبول الرواية منهم والإحتجاج بها، والسماع منهم وإسماعهم، من غير إنكار منهم. والله أعلم »(٢). .

وقال الزين العراقي: « والقول الثالث: أنه إنْ كان داعيةً إلى بدعته لم يقبل، وإن لم يكن داعية قبل، وإليه ذهب أحمد كما قاله الخطيب. قال ابن الصلاح: وهذا مذهب الكثير أو الأكثر وهو أعدلها وأولاها وفي الصحيحين كثير من أحاديث المبتدعة غير الدّعاة احتجاجاً واستشهاداً، كعمران بن حطّان وداود بن الحصين وغيرهما. وفي تاريخ نيسابور للحاكم في ترجمة محمد بن يعقوب الأصم: إن كتاب مسلم ملآن من الشّيعة »(٣) .

ومثل هذه كلمات غيرهم

٢٧ - من أسماء المبتدعة في الصحيحين

وقال السّيوطي: « فائدة - أردت أنْ أسرد أسماء من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما » فذكر أسماء طائفةٍ ممّن رمي بالإِرجاء وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار. وممّن رمي بالنصب وهو بغض علي وتقديم غيره عليه. وممّن رمي بالتشيع وهو تقديم علي على الصّحابة. وممّن رمي بالقدر وهو زعم أنّ الشر من خلق العبد. وممّن رمي برأي ابن أبي جهم وهو نفي صفات الله والقول بخلق القرآن. والأباضية وهم

__________________

(١). علوم الحديث: ٢٣٠.

(٢). المنهاج في شرح صحيح مسلم ١ / ٦١.

(٣). شرح ألفية الحديث ١ / ٣٠٣.

٢٩٨

الخوارج، وممّن رمي بالوقف في مسألة خلق القرآن. ومن الذين يرون الخروج على الأئمّة ولا يباشرون ذلك. قال: « فهؤلاء المبتدعة ممّن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما »(١) .

فإذا كان رواية كلّ هؤلاء مقبولة فرواية الأجلح كذلك!

٢٨ - قبول بعضهم رواية المبتدع الداعي

بل نصَّ جماعة منهم على قبول رواية المبتدع الداعي، وقد دافع ابن الوزير في ( الروض الباسم ) عن هذا القول، وهو ظاهر كلام الشّافعي المتقدم نقله، فإنّه لم يفرّق بين الداعية وغيره، بل نصّوا على إخراج الشيخين عن بعض الدعاة، فاحتجّ البخاري بعمران بن حطّان وهو من الدّعاة، واحتّجا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، وكان داعياً إلى الإِرجاء! بل عن أبي داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج!(٢)

قوله:

وقد ضعّفه الجمهور

أقول

هذا كذب وزور، فإنّه لم يضعّفه إلّا شرذمة من المتعصّبين، ونحن ننقل كلمة كلّ واحدٍ منهم عن ( تهذيب التهذيب )(٣) وننظر فيها:

__________________

(١). تدريب الرّاوي ١ / ٣٢٨ - ٣٢٩.

(٢). تدريب الرّاوي ١ / ٣٢٦.

(٣). تهذيب التهذيب - ترجمة الأجلح ١ / ١٦٥.

٢٩٩

النظر في كلمات القادحين في الأجلح

* ففيه: « قال القطّان: في نفسي منه شيء. وقال أيضاً: ما كان يفصل بين الحسين بن علي وعلي بن الحسين. يعني: إنّه ما كان بالحافظ ».

أقول: إنّ القطّان هو يحيى بن سعيد، وقد نصّ ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) على روايته عن الأجلح فيمن روى عنه، وفي ( شفاء الأسقام للسّبكي ) عن ابن تيمية: إنّ القطّان لا يروي إلّا عن ثقة فيكون قوله: « في نفسي منه شيء » مردوداً بروايته هو عنه!

على أنّ القطّان قد تفوّه بكل وقاحة وصلافة بهذه الكلمة بحق الإِمام أبي عبد الله الصّادقعليه‌السلام ! فمن بلغ في سوء الأدب وظلمة القلب هذا الحدّ كيف يعتني بتقوّله في حق الأجلح؟!

وأمّا أنّه « ما كان يفصل » فهذا - إنْ كان - ليس بقادح، لأنّ أهل السنّة غير قائلين بوجوب معرفة الأئمّةعليهم‌السلام ، بل إنّ عدم فصله بين الإِمام الحسين والإِمام السّجاد -عليهما‌السلام - وجهله بهما يدل على عدم اعتنائه بأئمّة أهل البيت، فلا يكون متّهماً في روايته منقبةً من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وأمّا دلالته على « أنّه ما كان بالحافظ » فيردّه تصريح الأئمة بأنّ الخطأ في بعض المواضع لا يوجب السّقوط عن الإِعتبار، ولا يدل على عدم الحفظ، قال الذهبي: « ليس من شرط الثقة أن لا يخطي ولا يغلط ولا يسهو »(١). .

وقال بجواب العقيلي:

« وأنا أشتهي أنْ تعرّفني مَن هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه؟ بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له وأكمل لرتبته وأدلّ على

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣٣ ترجمة أبي بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني.

٣٠٠

اعتنائه بعلم الأثر وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها. أللّهم إلّا أنْ يتبيَّن غلطه ووهمه في الشيء فيعرف ذلك ثمّ ما كلّ من فيه بدعة أو له هفوة، أو ذنوب، يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أنْ يكون معصوماً من الخطايا والخطأ »(١) .

وقال ابن القيّم: « إنّما يعرف تضعيف قيس عن يحيى، وذكر سبب تضعيفه، فقال أحمد بن سعيد بن أبي مريم: سألت يحيى عن قيس بن الربيع فقال: ضعيف لا يكتب حديثه، كان يحدّث بالحديث عن عبيدة، وهو عنده عن منصور، ومثل هذا لا يوجب ردّ حديث الراوي، لأنّ غاية ذلك أنْ يكون غلط ووهم في ذكر عبيدة بدل منصور، ومن الذي يسلم من هذا من المحدّثين؟»(٢)

وقال ابن حجر: « فصلٌ: قال ابن المبارك: من ذا يسلم من الوهم؟ وقال ابن معين: لست أعجب ممّن يحدّث فيخطئ، إنّما أعجب ممّن يحدّث فيصيب. قلت: وهذا أيضاً ممّا ينبغي أنْ يتوقّف فيه، فإذا جرح الرّجل بكونه أخطأ في الحديث أو وهم أو تفرّد، لا يكون ذلك جرحاً مستقرّاً، ولا يردّ به حديثه، ومثل هذا إذا ضعف الرّجل في سماعه في بعض شيوخه خاصة، فلا ينبغي أنْ يردّ حديثه كلّه لكونه ضعيفاً في ذلك الشيخ »(٣) .

* وفي ( تهذيب التهذيب ): « قال أحمد: أجلح ومجالد متقاربان في الحديث، وقد روى الأجلح غير حديثٍ منكر ».

لكنّ الأجلح من رجال ( مسند أحمد ) وروايته فيه عن رجل دليل على وثاقته عنده، لما ذكر ابن المديني من أن أحمد لم يرو في المسند إلاّ عمّن ثبت عنده صدقه وديانته.

__________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ١٤٠ - ١٤١. ترجمة علي بن المديني.

(٢). زاد المعاد ١ / ٢٧٩.

(٣). لسان الميزان ١ / ١٧ - ١٨.

٣٠١

وأمّا قوله: « قد روى الأجلح غير حديثِ منكر » فلا يدلّ على قدح، لأنّ العلماء إذا قالوا: « حديث منكر » أرادوا تفرّد راويه الثقة به، قال النووي: « إنهم يطلقون المنكر على انفراد الثقة بحديث، وهذا ليس بمنكرٍ مردود »(١). .

* وفيه: « قال أبو حاتم ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به ».

لكنْ أبو حاتم لا يعبأ بكلامه في جرح الرّجال قال الذهبي: « إذا وثّق أبو حاتم رجلا فتمسّك بقوله فإنّه لا يوثّق إلّا رجلاً صحيح الحديث، وإذا ليّن رجلاً أو قال فيه: لا يحتج به، فتوقف، حتى ترى ما قال غيره، فإنْ وثّقه أحد فلا تبنِ على تجريح أبي حاتم، فإنّه متعنّت في الرجال، قد قال في طائفةٍ من رجال الصحاح: ليس بحجة، ليس بقوي »(٢). .

* وفيه: « قال النسائي: ضعيف ليس بذلك، وكان له رأي سوء ».

لكنّ النسائي أخرج عن الأجلح في ( صحيحه ) كما عرفت سابقاً، وهذا دليل على وثاقته كما في ( المرقاة ) و ( مقدّمة فتح الباري ) وغيرهما.

على أنّ للنسائي شرطاً في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم كما قال الزنجاني فتضعيفه ليس سبباً للقدح والجرح

وأمّا « كان له رأي سوء » فإنْ أراد التشيّع فقد عرفت أن لا أساس له، وإنْ أراد شيئاً آخر فلا بدَّ من تقريره حتى يقلع بحذافيره!

* وفيه: « قال الجوزجاني: مفتر ».

ولكنَّ الجوزجاني هو المفتري كما ذكروا بترجمته

قال الذهبي: « إبراهيم بن يعقوب وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي -رضي‌الله‌عنه -

قد كان النصب مذهباً لأهل دمشق في وقتٍ، كما كان الرفض مذهباً لهم في وقت وهو في دولة بني عبيد، ثم عدم - والحمد لله - النصب وبقي الرفض خفيّاً

__________________

(١). المنهاج ١ / ٣٤.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٠ ترجمة أبي حاتم.

٣٠٢

خاملاً »(١) .

وروى عن ابن عدي قوله: « كان يتحامل على علي » وعن الدار قطني: « وفيه انحراف عن علي »(٢) .

وأورد ابن حجر ذلك وأضاف عن الدارقطني: « اجتمع على بابه أصحاب الحديث، فأخرجت جارية له فرّوجة ليذبحها فلم تجد من يذبحها فقال: سبحان الله فرّوجة لا يوجد من يذبحها وعلي يذبح في ضحوة نيفاً وعشرين ألف مسلم! » ثم قال ابن حجر:

« قلت: وكتابه في الضعفاء يوضّح مقالته. ورأيت في نسخةٍ من كتاب ابن حبان: حريزي المذهب - وهو بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وبعد الياء زاء - نسبة إلى حريز بن عثمان المعروف بالنصب. وكلام ابن عدي يؤيّد هذا. وقد صحّف ذلك أبو سعد ابن السمعاني في الأنساب فذكر في ترجمة الجريري بفتح الجيم: أن إبراهيم بن يعقوب هذا كان على مذهب محمد بن جرير الطبري. ثم نقل كلام ابن حبان المذكور، وكأنه تصحّف عليه. والواقع أن ابن جرير يصلح أنْ يكون من تلامذة إبراهيم بن سعد لا بالعكس. وقد وجدت رواية ابن جرير عن الجوزجاني في عدّة مواضع من التفسير والتهذيب والتأريخ »(٣). .

وقال ابن حجر أيضاً: « فصل. وممّن ينبغي أنْ يتوقّف في قبول قوله في الجرح: من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الإِعتقاد، فإنَّ الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدة إنحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلق، حتّى أنه أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى، وهم أساطين الحديث وأركان الرواية. فهذا إذا عارضه مثله

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٧٦.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٥٤٩.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١٥٩.

٣٠٣

أو أكبر منه فوثّق رجلاً ضعّفه هو قبل التوثيق »(١). .

* وفيه: « وقال أبو داود: ضعيف. وقال مرةً: زكريا أرفع منه بمائة درجة ».

لكن الأجلح من رجال الصحيح أبي داود، فكلامه فيه مردود بروايته عنه.

* وفيه: « وقال ابن سعد: كان ضعيفاً جدّاً ».(٢)

أقول: يا للعجب! كيف يركن من تحلّى بالإِنصاف إلى تضعيف ابن سعد، مع أنّ تنطّعه وتعنّته قد بلغ إلى غاية مردية يستعيذ منها كلّ من اعتزى إلى الإِسلام والإِيمان، فإنه خذله الله تكلّم في الإِمام جعفر الصادق بما لا يتفوّه به إلّا معاند مارق، ولا ينبس به إلّا منابذ منافق! فبالغ في اللجاج والإِعوجاج حيث أسقط عنهعليه‌السلام التمسّك والإِحتجاج

قال ابن حجر بترجمة الصّادقعليه‌السلام : « قال ابن سعد: كان كثير الحديث ولا يحتج به ويستضعف! سئل مرةً: سمعت هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم. وسئل مرةً فقال: إنّما وجدتها في كتبه »(٣) .

* وفيه: « وقال العقيلي: روى عن الشعبي أحاديث مضطربة لا يتابع عليها ».

لكنك عرفت من كلماتهم أن الاضطراب في الحديث غير قادح، ولا يسلم منه أحد من المحدثين!

على أنّ العقيلي ممّن يتّجرء على القدح في الأكابر، فقد ذكر علي بن المديني في ( كتاب الضعفاء ) قال الذهبي: « فبئس ما صنع »! ثم خاطبه بقوله:

« فما لك عقل يا عقيلي! أتدري فيمن تتكلّم؟ وأنا أشتهي أنْ تعرّفني من الثقة الثبت الذي ما غلط » إلى آخر ما سمعت

ومن طامّاته الموبقة وجساراته الفاحشة: ذكره الإِمام موسى بن جعفر

__________________

(١). لسان الميزان ١ / ١٦.

(٢). طبقات ابن سعد ٦ / ٣٥٠.

(٣). تهذيب التهذيب ٢ / ٨٩. ترجمة الصادقعليه‌السلام .

٣٠٤

عليهما‌السلام في كتابه المذكور قال الذهبي: « موسى بن جعفر بن محمد ابن علي العلوي الملقب بالكاظم، عن أبيه. قال ابن أبي حاتم: صدوق إمام. وقال أبوه أبو حاتم: ثقة إمام.

قلت: روى عنه بنوه: علي الرضا، وإبراهيم، وإسماعيل، وحسين. وأخواه: علي ومحمد.

وإنّما أوردته لأنّ العقيلي ذكره في كتابه وقال: حديثه غير محفوظ - يعني في الإِيمان - قال: الحمل فيه على أبي الصّلت الهروي.

قلت: فإذا كان الحمل فيه على أبي الصّلت فما ذنب موسى حتى تذكره؟ »(١) .

أقول:

وإذا كان الحال كذلك، فلما ذا ذكره الذهبي في كتابه المعدّ لذكر المجروحين، وهو يتحاشى من ذكر الصحابة الذي قدح فيهم البخاري وابن عدي وأمثالهما، بل لا يوردهم ولو بمحض النقل والحكاية، ولو مع تعقيبه بالردّ والإِنكار، لمجرّد كونهم صحابة؟! بل لا يورد أئمة السنيّة في الفروع لمجرّد جلالة شأنهم وعظمتهم في النّفوس!!

* وفيه: « وقال ابن حِبّان: كان لا يدري ما يقول، جعل أبا سفيان أبا الزبير.

لكنّ غاية هذا هو الخطأ والسّهو، وقد عرفت أنّه لم يسلم منه أحد من المحدّثين

ثم ابن حِبّان هو الذي قال عن مولانا الإِمام الرضاعليه‌السلام : « يروي عن أبيه عجائب، يهمّ ويخطئ »(٢) ! فإذا كان الرّجل في هذا الحدّ من النصْب والعدوان والمجازفة والخسران، لم يكن قوله في الأجلح: « لا يدري » جارحاً وقادحاً قطعاً

__________________

(١). ميزان الاعتدال ٤ / ٢٠١.

(٢). ميزان الاعتدال ٣ / ١٥٨.

٣٠٥

وجوه في ردّ قدح الأجلح مستفادة من كلمات العلماء

وإذا عرفت وثاقة الأجلح وبطلان القدح فيه، فإنّ هناك كلمات للعلماء في الموارد المختلفة يستفاد منها وجوه اُخرى في ردّ القدح في الأجلح:

الجرح المجمل غير مقبول مطلقا ً

قال أبو الخطاب عمر بن حسن المعروف بابن دحية الأندلسي:

« والشريف عبد الله بن محمد بن عقيل، ترك أحاديثه بعض العلماء. قال الحافظ أبو عيسى الترمذي في باب ما جاء أنّ مفتاح الصّلاة الطهور: وعبد الله ابن محمد بن عقيل هو صدوق، وقد تكلّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق والحميدي يحتجّون بحديث عبد الله بن عقيل

وكذلك وثّقه جماعة وقبلوا حديثه

ولا يقبل التجريح من أحدٍ مطلقاً حتى يثبت ذلك عليه ويبين الكذب في الأحاديث المنسوبة إليه »(١). .

وقال السّيوطي في شرح النواوي:

« يقبل التعديل من غير ذكر سببه، على الصحيح المشهور ولا يقبل الجرح إلّا مبيّن السّبب قال ابن الصّلاح: وهذا ظاهر مقرّر في الفقه واُصوله. وذكر الخطيب: أنه مذهب الأئمّة من حفّاظ الحديث كالشيخين وغيرهما ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلّا إذا فسّر سببه

ومقابل الصحيح أقوال

__________________

(١). شرح أسماء النبي - شرح « إمام النبيين »: ٦٩.

٣٠٦

واختار شيخ الإِسلام تفصيلاً حسناً: فإنْ كان من جرح مجملاً قد وثّقه أحد من أئمّة هذا الشأن، لم يقبل الجرح فيه من أحدٍ كائناً من كان إلّا مفسّراً، لأنّه قد ثبت له رتبة الثقة، فلا يزحزح عنها إلّا بأمرٍ جلّي، فإنَّ أئمّة هذا الشأن لا يوثّقون إلّا من اعتبروا حاله في دينه ثمّ في حديثه وتفقّدوه كما ينبغي، وهم أيقظ الناس، لا ينقض حكم أحدهم إلّا بأمرٍ صريح »(١) .

أقول: وعلى أساس تفصيل ابن حجر العسقلاني لا يصغى إلى قدح من قدح في الأجلح بعد توثيق يحيى بن معين والعجلي والفسوي وغيرهم، ورواية أرباب الصحاح عنه في صحاحهم، لأنّ القادحين منهم من لم يذكر السبب، ومنهم من ذكر سبباً غير جارحٍ لا يلتفت إليه، كدعوى الخطأ ونحوه.

التعديل مقدم على الجرح عند جمهور العلماء

وقال الشيخ عبد الوهّاب الشعراني - في كلامٍ له في الدفاع عن مذهب أبي حنيفة -:

« وإنّما قدّم جمهورهم التعديل على الجرح وقالوا: الأصل العدالة والجرح طارٍ، لئلّا يذهب غالب أحاديث الشريعة، كما قالوا أيضاً: إنّ إحسان النظر بجميع الرواة المستورين أولى، وكما قالوا: إنّ مجرَّد الكلام في شخصٍ لا يسقط مرتبته، فلابدَّ من الفحص عن حاله.

وقد خرّج الشيخان لخلقٍ كثير عمّن تكلّم النّاس فيهم، إيثاراً لإِثبات الأدلّة الشّرعية على نفيها، ليحوز الناس فضل العمل بها، فكان في ذلك فضل كثير للاُمة أفضل من تجريحهم

فقد بان لك أنه ليس لنا ترك حديث كلّ من تكلّم الناس فيه بمجرّد الكلام، فربما يكون قد توبع عليه وظهرت شواهده، وكان له أصل، وإنّما لنا

__________________

(١). تدريب الراوي ١ / ٢٥٨.

٣٠٧

ترك ما انفرد به، وخالف فيه الثقات، ولم يظهر له شواهد.

ولو أننا فتحنا باب الترك لحديث كلّ راو تكلّم بعض الناس فيه لذهب معظم أحكام الشريعة كما مر، وإذا أدّى الأمر إلى مثل ذلك فالواجب على جميع أتباع المجتهدين إحسان الظن برواةِ جميع أدلّة المذاهب المخالفة لمذهبهم، فإنّ جميع ما رووه لم يخرج عن مرتبي الشريعة اللتين هما التخفيف والتشديد »(١) .

لفظة « كذّاب » أيضاً تحتاج إلى تفسير

ولابن الوزير الصّنعاني(٢). كلام يشتمل على فوائد منها: إنّ الجرح الذي لم يفسّر لا يقدّم على التعديل، بل إنّما يوجب الرّيبة في غير المشاهير بالعدالة والثقة ثم قال: « ومن لطيف علم هذا الباب أنْ يعلم: أنَّ لفظة « كذّاب » قد يطلقها كثير من المتعنتّين في الجرح على من يهمّ ويخطئ في حديثه، وإنْ لم يتبيَّن أنّه يتعمّد ذلك، ولا يبين أن خطأه أكثر من صوابه ولا مثله. ومن طالع كتب التجريح والتعديل عرف ما ذكرته. وهذا يدل على أنّ هذا اللفظ من جملة الألفاظ المطلقة التي لم يفسّر سببها، ولهذا أطلقه كثير من الثقات على جماعةٍ من الرفعاء من أهل الصّدق والأمانة. فاحذر أنْ تغتَّر بذلك في حق من قيل فيه من الثقات الرفعاء، فالكذب في الحقيقة اللّغوية مطلق على الوهم والعمد معاً، ويحتاج إلى التّفسير إلّا أنْ يدل على التعمّد قرينة »(٣) .

__________________

(١). الميزان - فصل في تضعيف قول من قال أن أدلة مذهب الإِمام أبي حنيفة ضعيفة غالباً.

(٢). محمد بن إبراهيم، المتوفى سنة ٨٤٠، محدّث، أديب، متكلّم له ترجمة في: الضوء اللامع ٦ / ٢٧٢، البدر الطالع ٢ / ٨١ وغيرهما.

(٣). الروض الباسم في الذب عن سنّة أبي القاسم - النوع الثاني ممّا قدح به على البخاري ومسلم.

٣٠٨

لا يقبل الجرح فيمن علم عدالته بالتواتر أو كانت أشهر من عدالة الجارح

وله كلام آخر اشتمل على فوائد في الباب كقوله:

« أنْ يكون عدالة الرّاوي معلومة بالتواتر مثل: مالك، والشافعي، ومسلم، والبخاري، وسائر الأئمة الحفّاظ، فإنّه لا يقبل جرحهم بما يعلم نزاهتهم عنه. ولو كان ذلك مقبولاً لكان الزنادقة يجدون السبيل إلى إبطال جميع السنن المأثورة، بأنْ يتعبّد بعضهم ويظهر الصّلاح حتى يبلغ إلى حدٍّ يجب في ظاهر الشرع قبوله، ثم يجرح الصّحابة - رضي الله عنهم - فيرمي عمار بن ياسر بإدمان شرب المسكر، وسلمان الفارسي بالسّرقة لما فوق النصاب، وأبا ذر بقطع الصلاة ».

« إنْ كانت عدالة الراوي أرجح من عدالة الجارح أو أشهر من عدالة الجارح لم يقبل الجرح، لأنّا إنما نقبل الجرح من الثقة لرجحان صدقه على كذبه، ولأجل حمله على السلامة، وفي هذه الصورة كذبه أرجح من صدقه، وفي حمله على السلامة إسائة الظن بمن هو خير منه وأوثق وأعدل وأصلح ».

فنقول: إنّ الأجلح في طبقة مالك بن أنس كما في ( تقريب التهذيب )، فليس شأنه بأقلّ ممّن جرحه، بل هو مقدّم عليهم في العدالة، للقوادح المذكورة لهم في تراجمهم، فهو أوثق وأعدل منهم، وعدالته أشهر من عدالتهم وعليه، فلا يقبل تكلّمهم فيه.

قوله:

فلا يجوز الاحتجاج بحديثه.

٣٠٩

أقول:

قد عرفت أنّ الأجلح من رجال ( مسند أحمد ) و ( صحيح الترمذي ) و ( صحيح النسائي ) و ( صحيح أبي داود ) و ( صحيح ابن ماجة ) فهو عند هؤلاء ممّن يحتج بحديثه

على أنّه لو كان ضعيفاً فلا يقتضي ضعفه بطلان هذا الحديث الشريف لدى مهرة الحديث ونقدة الأخبار لكن ( الدهلوي ) يجهل أو يتجاهل قال السبكي في ( طبقاته ):

« وإذا ضعّف الرجل في السّند ضعّف الحديث من أجله ولم يكن في ذلك دلالة على بطلانه، بل قد يصح من اُخرى، وقد يكون هذا الضعيف صادقاً وأميناً في هذه الرواية، فلا يدلّ مجرّد تضعيفه على بطلان ما جاء به ».

وهذه قاعدة مقرّرة عندهم يطبّقونها في كتبهم في معرفة الأحاديث:

قال المنّاوي بشرح حديث: « آدم في السماء »: « إسناده ضعيف لكن المتن صحيح، فإنّه قطعة من حديث الإِسراء الذي أخرجه الشيخان عن أنس لكن فيه خلف في الترتيب »(١). .

فتراه يحكم على حديث ضعيف سنداً بالصحّة متناً لكونه قطعة من حديث صحيح، مع وجود الخلف في الترتيب فإذا صُحّح هذا الحديث فلا ريب في صحّة حديث الولاية، ونّ ضعّف سنده بالأجلح - لو سلّم - لا يضرّ بغيره المنصوص على صحّته، ولا يوجب بطلان الحديث من أصله.

وقال المنّاوي بشرح حديث « آكل الرّبا »: « وفيه الحارث الأعور، قال الهيثمي بعد عزوه لأبي يعلى وأحمد والطبراني: وفيه الحارث الأعور ضعيف وقد وثق. وعزاه المنذري لابن خزيمة وابن حبان وأحمد ثم قال: رواه

__________________

(١). فيض القدير ١ / ٤٩.

٣١٠

كلّهم عن الحارث الأعور عن ابن مسعود، إلّا ابن خزيمة فعن مسروق عن ابن مسعود، واسناد ابن خزيمة صحيح. إنتهى. فأهمل المصنف الطريق الصحيح وذكر الضعيف ورمز لصحّته فانعكس عليه. والحاصل أنّه روي بإسنادين أحدهما صحيح والآخر ضعيف، فالمتن صحيح »(١). .

وقال ابن الوزير بعد كلامٍ نقله عن النووي: « وفيه ما يدلّ على أنّه لا يعترض على حفّاظ الحديث إذا رووا حديثاً عن بعض الضعفاء وادّعوا صحته، حتى يعلم أنّه لا جابر لذلك الضعف من الشواهد والمتابعات، ومعرفة هذا عزيزة لا يحصل إلّا للأئمّة الحفّاظ أهل الدراية التامّة بهذا الشأن » ثم ذكر موارد لذلك، حيث حكم بعض العلماء على بعض الأحاديث بالضعف، وحكم آخرون على صحة تلك الأحاديث لكونها واردةً في طرقٍ اُخرى معتبرة، أولها شواهد ومتابعات تدل على صحّتها.

قبول المراسيل مذهب مالك والشافعي وغيرهما وعموم التابعين

وذكر ابن الوزير في كلامٍ له حول المراسيل، فعزى قبولها إلى: « مذهب مالك والمعتزلة والزيديّة، ونصّ عليه منهم أبو طالب في كتاب المجرى، والمنصور في كتاب صفوة الأخيار. وروى أبو عمر ابن عبد البرّ في أوّل كتاب التمهيد عن العلّامة محمد بن جرير الطبري إجماع التّابعين على ذلك. ومذهب الشّافعية قبول المراسيل على تفصيلٍ مذكور في كتب علوم الحديث والاُصول، وهو المختار على تفصيل فيه، وهو قبول ما انجبر ضعفه » ثم استدل لذلك بوجوه(٢) .

فإذا كان المرسل مقبولاً فمسند الأجلح مقبول بالأولوية القطعيّة

__________________

(١). فيض القدير ١ / ٥٥.

(٢). الروض الباسم - النوع الثاني ممّا قدح به على البخاري ومسلم.

٣١١

كلام ( الدهلوي ) حول الأجلح

وقد سلك ( الدهلوي ) تبعاً للكابلي طريقاً آخر في القدح في الأجلح كي يتمكن بزعمه من ردّ حديث الولاية، فقال في باب المكايد من كتابه:

« ملازمة بعض الخدّاعين منهم ثقات المحدّثين، واظهاره البراءة من مذهبه والطعن في أسلافه، وذكر مفاسد ذاك المذهب، وإظهاره التوبة والتقوى والديانة وحسن السيرة، وشدة الرغبة في أخذ الحديث عن الثقات، لينخدع بذلك الطلبة وعلماء أهل السنّة فيوثّقونه ويعدّلونه، ويحصل لهم الاطمينان التام بصدقه وعفافه، ثم يدسّ في مرويات الثقات بعض الموضوعات المؤيّدة لمذهبه، أو يحرّف بعض الكلمات لإِغواء الناس.

وهذا من أعظم كيودهم.

منهم الأجلح، فإنّه رجل قام بهذه المكيدة حتى وثّقه يحيى بن معين، وهو أوثق علماء أهل السنّة في باب الجرح والتّعديل، فلم يقف على حقيقة أمره لفرط تقيته، فظنّ كونه من الصّادقين التائبين.

ولكنْ انكشف لغيره من أهل السنّة كون الرجل خدّاعاً واحترزوا عمّا انفرد به من الرّوايات، ومن ذلك ما رواه عن بريدة مرفوعاً: إنّ عليّاً وليّكم بعدي »(١) .

هذا كلامه الّذي أورده تعبيراً عمّا صنعه في عالم الخيال! فجعله من مكايد أهل الحق الشيعة الإِماميّة!

لقد كان عليه - وهو يريد إلزام الشيعة - أنْ يثبت من كتبهم كون الأجلح من الشّيعة الإِمامية، ثم إثبات ملازمته محدّثي أهل السنّة وأخذه الأخبار منهم، وطعنه في مذهب الشّيعة أمام أهل السنّة، ثم يثبت بعد ذلك كلّه كون الحديث

__________________

(١). التحفة الاثنا عشريّة: ٥٦.

٣١٢

الشّريف - عند أهل الحق - من متفرّدات الأجلح أو موضوعاته أو محرّفاته فما لم يثبت هذه الاُمور لم يمكنه إلزام أهل الحق الشيعة

وجوه الجواب عنه

وبعد، فإنّ ما ذكره مخدوش بوجوه:

أحدها: إنّه إنّه ليس في شيء من كتب الرجال أثر مما زعمه من كون الأجلح شيعيّاً قد تبرأ في الظاهر من مذهبه ولازم بعض المحدّثين الثقات بل قد عرفت سابقاً من إفادات العلماء الأعلام أن الأجلح كان يقول: « سمعنا أنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلّا مات أو افتقر » غاية ما هناك نسبة التشيّع إليه، لكنك عرفت أنّ التشيع - في اصطلاح الرّجاليّين - لا ينافي التسنّن، ولذا كان أكابر أهل السنّة شيعة سلّمنا، لكن أين تظاهره بالتبرّي عن التشيّع؟

والثاني: إن انخداع يحيى بن معين به دعوى لا دليل عليها أبداً.

والثالث: إنّ يحيى بن معين موصوف عندهم الصّفات الجليلة الباهرة والمدائح العظيمة الفاخرة، وإنّ احتجاج أهل الحق بتوثيقه الأجلح تام حسب قواعد المناظرة وآداب البحث، فمحاولة إسقاط توثيقه إيّاه عن الاعتبار والسّعي وراء تخطئته خروج على تلك القواعد والآداب، ولو كان ذلك مقبولاً لكان سبيلاً لأهل الكتاب بأنْ يخطّئوا علمائهم في كلّ موردٍ استدل أهل الإِسلام بأقوالهم إلزاماً لهم!

والرّابع: إنّ معارضة توثيق يحيى بن معين - الذي اعترف ( الدهلوي ) بكونه أوثق علماء أهل السنّة في الجرح والتعديل - بتضعيف غيره مردودة، لأنّ الأوثق لا يعارض بغير الأوثق.

والخامس: إنّه ليس الموثّق للأجلح يحيى بن معين فقط، فقد وثّقه جمع من كبار أساطين أهل السنّة غيره، ومنهم من اعترف ( الدهلوي ) أيضاً بتوثيقه

٣١٣

وهو العجلي.

والسّادس: إنّ جماعةً من كبار أئمتهم: كالثوري، ويحيى القطّان، وابن المبارك، وابن نمير، وأمثالهم، يروون عن الأجلح كما لا يخفى على من راجع تراجمه فكيف خفي على كلّ أولئك حال الأجلح وانخدعوا واعتمدوا عليه وأخذوا منه؟ إنّ هذا شيء يدّعيه ( الدهلوي ) لغرض إبطال حديث الولاية!!

والسابع: لقد ذكر ( الدهلوي ) في مواضع عديدة من كتابه ( التحفة ) وخاصةً في باب المكائد منه: إنّ العالم بالسرائر ليس إلّا الله سبحانه، وأنّه ليس لأحدٍ أنْ يدّعي العلم بما في القلوب وما تخفي الصّدور فكيف بلغ المتأخّرون عن يحيى بن معين رتبة الاُلوهيّة وتمكّنوا من الاطلاع على حال الأجلح؟ وما كان ذنب يحيى وأمثاله فلم يبلغوا تلك المرتبة؟

والثامن: دعوى تفرّد الأجلح بحديث الولاية كاذبة فإنّ للحديث طرقاً عديدةً في كتب أهل السنة، نصّ كبار أئمتهم على صحتها واعتبارها، كما رأيت فما أتعب ( الدهلوي ) نفسه فيه من القدح في الأجلح وإسقاط توثيق ابن معين عن الاعتبار - مع كونه أوثق العلماء في الجرح والتعديل - لا ينفعه.

والتاسع: لقد روى ولي الله الدهلوي، والد ( الدهلوي ) حديث الولاية عن عمران بن حصين وابن عباس بطريقين لا وجود للأجلح في شيءٍ منهما.

وأيضاً: فقد ذكر ولي الله هذا الحديث في ضمن مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام ومناقبه، فهو عنده من الأخبار المعتبرة وليس من مجعولات شيعيّ خدّاع، وإلّا لما أورده في تلك الأخبار.

فثبت - والحمد لله - كذب ( الدهلوي ) من كلام والده الذي وصفه بكون آيةً من الآيات الإِلهية ومعجزةً من المعاجز النبويّة!!

والعاشر: أنّه لو جاز أن يكون في الرّواة هكذا شخص، بأن يكون من أهل مذهبٍ آخر فيتظاهر بالتوبة منه ثم بالتقوى والصّلاح، ويلازم أئمة الحديث

٣١٤

ويصاحبهم حيث يثقوا به، فيتمكن من دسّ الموضوعات والأباطيل المؤيّدة لمذهبه في أحاديث الأئمة الثقات إذا جاز هذا وفتح هذا الباب جاز أن يقال بأنّ جميع الرّواة الموثقين وكبار الأئمة الأساطين من أهل السنّة - كأرباب الصّحاح وأئمة المذاهب الأربعة وغيرهم - كانوا في الباطن يهود ونصارى وملاحدة، فجاءوا وتظاهروا بالإسلام ودسّوا أنفسهم في صفوف المسلمين، وجعلوا يتبرّؤن في الظاهر من أديانهم ومذاهبهم كي يثق بهم المسلمون، ثم دسّوا في أخبار المسلمين أساطيرهم ورواياتهم الموضوعات والأكاذيب المؤيّدة لمذاهبهم فيكون ( الدهلوي ) بما ذكره حول الأجلح مصداقاً للمثل القائل: بنى قصراً وهدم مصراً!!

٣١٥

الفهرس

اهداء: ٥

وأحَدُ ألفاظه: ٧

التحريف في لفظ الحديث ١٠

تأويلاتٌ وتمحّلات ١١

نكاتٌ في الحديث ١٣

كلمة السيّد صاحب العبقات ١٥

كلامُ الدّهلوي ١٦

مقدّمة في بيان شناعة إنكار فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ١٧

كلام لأبي جعفر الإِسكافي ١٨

ترجمة أبي جعفر الإسكافي ٢٢

كلامٌ للسيّد حيدر الآملي ٢٣

من رسائل أبي بكر الخوارزمي ٢٨

صورة ما جاء في آخر الطبعة المصريّة ٣٧

ترجمة أبي بكر الخوارزمي ٣٨

كلام للسيد علي بن معصوم المدني ٣٩

سند حديث الولاية ٤٩

أسماء جماعة من رواة الحديث ٥١

(١) رواية أبي داود الطيالسي ترجمة أبي داود الطيالسي ٥٥

تنصيص ابن عبد البرّ على صحة هذا السند ٥٦

ترجمة ابن عبد البرّ ٥٧

تنصيص المزي على صحة هذه السند ترجمة الحافظ المزي ٥٩

٣١٦

الكلمات في وثاقة رجال سند الطيالسي ١ - أبو عوانة ٦٣

٢ - أبو بلج ٦٤

موجز تراجم الموثّقين لأبي بلج ٦٦

٣ - عمرو بن ميمون ٦٨

إخراج أبي داود في مسنده دليل الثبوت ٦٩

تقديم ابن حزم مسند الطيالسي على موطأ مالك ترجمة ابن حزم ٧٠

مسند الطيالسي في كتب الأسانيد ٧١

عبارة ابن عبد البر كاملة ٧٢

اعتبار كتاب الإِستيعاب ٧٤

(٢) رواية ابن أبي شيبة ٧٦

ترجمة أبي بكر ابن أبي شيبة ٧٧

نقل السيوطي تصحيحه وموافقته له حكم السيوطي بصحة الحديث ٨٠

حكم المتّقي بصحة الحديث حكم البدخشي بصحة الحديث حكم القاضي ثناء الله بصحّة الحديث ٨١

الحديث في المصنّف بألفاظ عديدة ٨٢

(٣) رواية أحمد بن حنبل ٨٣

الكلمات في وثاقة رجال سند أحمد ١ - عبد الرزاق بن همام ٨٤

٢ - عفّان بن مسلم ٨٥

٣ - جعفر بن سليمان ٨٦

٤ - يزيد الرّشك ٥ - المطرف بن عبد الله ٨٧

الكلمات في وثاقة سنده الثاني ١ - عبد الله بن نمير ٨٩

٢ - أجلح بن عبد الله ٣ - عبد الله بن بريدة ٩٠

كلمات في وثاقة سنده الثالث ٩٢

١ - يحيى بن حماد ٢ - أبو عوانة ٣ - أبو بلج ٤ - عمرو بن ميمون الوجوه الدالة على أنّ مجرد إخراج أحمد دليل الاعتبار عندهم ٩٣

٣١٧

ذكر عبارة السبكي المشتملة على الوجوه المذكورة ٩٥

ترجمة السبكي ٩٧

ترجمة أبي موسى المديني ٩٨

كلام ابن عساكر في مدح المسند ٩٩

كلام ابن الجوزي في مدح المسند ١٠٠

اعتماد أبناء روزبهان وتيمية وحجر على ابن الجوزي ١٠١

ثناء ابن خلكان على ابن الجوزي ١٠٢

ثناء الذهبي على ابن الجوزي ثناء السيوطي على ابن الجوزي ١٠٣

كلام ابن الوزير في مدح المسند ١٠٤

كلام أبي مهدي المغربي في مدح المسند كلام عبد الحق الدهلوي في مدح المسند ١٠٥

كلام ولي الله الدهلوي في مدح المسند كلام ( الدهلوي ) في مدح المسند ١٠٦

(٤) رواية الترمذي ١٠٧

وثاقة رجال الإِسناد ١ - الترمذي ١٠٨

٢ - قتيبة بن سعيد ٣ - جعفر بن سليمان ٤ - يزيد الرشك ١٠٩

٥ - مطرف بن عبد الله (٥) رواية النسائي وثاقة رجال السند ١١٠

ترجمة النسائي ١١١

اعتبار كتاب الخصائص ١١٢

(٦) رواية الحسن بن سفيان النسوي ترجمة الحسن بن سفيان ١١٣

(٧) رواية أبي يعلى الموصلي ١١٤

وثاقة رجال الإسناد ١ - عبيد الله القواريري ١١٥

٢ - جعفر بن سليمان ٣ - يزيد الرشك ١١٦

٤ - المطرف بن عبد الله ترجمة أبي يعلى ١١٧

(٨) رواية ابن جرير الطبري وتصحيحه ١١٨

ترجمة الطبري ١١٩

(٩) رواية خيثمة بن سليمان ١٢٢

٣١٨

ترجمة خيثمة بن سليمان ١٢٣

(١٠) رواية أبي حاتم ابن حبّان البستي ١٢٤

ترجمة ابن حبّان ١٢٥

كلمة بشأن صحيح ابن حبان ١٢٦

(١١) رواية الطبراني ١٢٧

من مصادر ترجمة الطبراني ١٣١

(١٢) رواية الحاكم ١٣٢

من مصادر ترجمة الحاكم ١٣٥

(١٣) رواية ابن مردويه ١٣٦

ترجمة ابن مردويه (١٤) رواية أبي نعيم الأصبهاني ١٣٧

ترجمة أبي نعيم الأصبهاني ١٤٠

(١٥) رواية البيهقي ١٤١

من مصادر ترجمة البيهقي ١٤٢

(١٦) رواية الرّاغب الأصفهاني ترجمة الرّاغب الأصفهاني ١٤٣

(١٧) رواية الخطيب البغدادي ١٤٤

ترجمة الخطيب البغدادي ١٤٦

(١٨) رواية أبي سعيد السجستاني ١٤٧

ترجمة أبي سعيد السجستاني ١٤٨

ترجمة الدقّاق (١٩) رواية ابن المغازلي ١٤٩

ترجمة ابن المغازلي والاعتماد عليه ١٥٠

(٢٠) رواية شيرويه الديلمي ترجمة شيرويه الديلمي ١٥١

التعريف بالفردوس ١٥٢

اعتماد ( الدهلوي ) على الديلمي ١٥٥

(٢١) رواية النّطنْزي ترجمة النطنزي ١٥٦

(٢٢) رواية أبي منصور الديلمي ١٥٧

٣١٩

ترجمة أبي منصور الدّيلمي ١٥٨

الحازمي من تلامذة أبي منصور الديلمي الأسانيد إلى مسند الفردوس ١٥٩

(٢٣) رواية الخطيب الخوارزمي ١٦٠

من مصادر ترجمة الخوارزمي (٢٤) رواية ابن عساكر ١٦٣

ترجمة ابن عساكر ١٧٩

(٢٥) رواية الصالحاني ١٨٠

التّعريف بالصّالحاني (٢٦) رواية أبي السعادات ابن الأثير ١٨١

من مصادر ترجمة ابن الأثير ١٨٢

(٢٧) رواية أبي القاسم الرّافعي ١٨٣

ترجمة الرّافعي ١٨٤

(٢٨) رواية أبي الحسن ابن الأثير ١٨٥

من مصادر ترجمة ابن الأثير كلمات في مدح اُسد الغابة ١٨٦

(٢٩) رواية أبي الربيع ابن سبع الكلاعي ١٨٧

ترجمة ابن سبع الكلاعي ١٨٨

(٣٠) رواية الضياء المقدسي ١٨٩

كتاب المختارة للضياء ١٩٠

ترجمة الضّياء المقدسي ١٩١

(٣١) رواية محمّد بن طلحة ١٩٢

من مصادر ترجمة ابن طلحة ١٩٥

(٣٢) رواية الكنجي الشّافعي ١٩٦

ترجمة الكنجي ١٩٨

(٣٣) رواية محبّ الدين الطبري ١٩٩

ترجمة المحبّ الطبري ٢٠١

(٣٤) رواية صدر الدين الحمويني الجويني ٢٠٢

من مصادر ترجمة الحمويني ٢٠٣

٣٢٠

321

322

323

324