نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار17%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 324

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 324 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 231376 / تحميل: 6146
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الجواب عنها

أقول وفيه:

أولا:

قوله (ولم تكن النظرية الاثنا عشرية مستقرة في العقل الإمامي حتى منتصف القرن الرابع الهجري.) مر الكلام في بيان خطأ ذلك في الشبهة الأولى وسيأتي المزيد من البحث في الشبهة السابعة.

ثانيا:

ان ما اسنده إلى الصدوق من شك في غير محله بل افتراء عليه.

إذ ان كلامه (رحمه‌الله ) يدل على عكس ما ذكره عنه واليك أيها القارئ الكريم نص كلام الشيخ الصدوق :

"قالت الزيدية لا يجوز ان يكون من قول الأنبياء ان الأئمة اثنا عشر لان الحجة باقية على هذه الأمة إلى يوم القيامة ، والاثنا عشر بعد محمد (ص) قد مضى منهم أحد عشر، وقد زعمت الإمامية

٤١

ان الأرض لا تخلو من حجة.

فيقال لهم ان عدد الأئمة (ع) اثنا عشر والثاني عشر هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ثم يكون بعده ما يذكره من كون إمام بعده أو قيام القيامة ولسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماماً واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر (ع) بعده.

ويقال للزيدية أفيكذب رسول الله (ص) في قوله (ان الأئمة اثنا عشر)

فان قالوا ان رسول الله (ص) لم يقل هذا القول.

قيل لهم ان جاز لكم دفع هذا الخبر مع شهرته واستفاضته وتلقي طبقات الإمامية إياه بالقبول فما أنكرتم ممن يقول ان قول رسول الله (ص) (من كنت مولاه) ليس من قول الرسول (ص) "(١) . انتهى كلام الصدوق.

وقول الصدوق (رح) (لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماما واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده) يؤكد عقيدته باثنى

____________________

(١) إكمال الدين ص ٧٧-٧٨. وسيأتي نظير ذلك من كلامه في الفصل الثالث. رجوع

٤٢

عشر اماما من أهل البيت أولهم علي (ع) وثاني عشرهم المهدي (ع) ثم تكون غيبته على مرحلتين إحداهما صغرى دامت تسعا وستين سنة والأخرى كبرى لا يعلم مداها إلا الله تعالى. ثم يبدي الصدوق تردده عن الحالة بعد ظهور المهدي واستتباب أمره هل سيعهد إلى إمام من بعده أو يكون يوم القيامة ثم يجيب عن ذلك:"أننا مستعبدون بالإقرار والتسليم لما يذكره الثاني عشر بعد ظهوره ".

ومنشأ تردد الصدوق فيما يجري بعد ظهور المهدي (ع) من أمر الإمامة هو الرواية التي أوردها الطوسي في كتابه الغيبة(١) انه سيكون بعد الاثني عشر إماماً اثنا عشر مهدياً وهي رواية ضعيفة السند بل إمارات الوضع ظاهرة عليها وهي معارضة من قبل الروايات التي تجعل من عهد ظهور المهدي وظهور عيسى (ع) آخر شوط من الحياة الدنيا.

____________________

(١) ص١٥٠. قال اخبرنا جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه،عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (ع). رجوع

٤٣

وتوجد أيضا روايتان أخريان في المهديين الاثني عشر:

الأولى: رواها الشيخ الصدوق عن الدقاق ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن علي بن أبى حمزة ، عن ابي بصير قال:

"قلت للصادق جعفر بن محمد (ع):يا ابن رسول الله (ص) سمعت من ابيك انه قال يكون بعد القائم اثني عشر مهديا ؟

قال:إنما قال:اثنا عشر مهديا ولم يقل اثنا عشر إماما ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس الى موالاتنا ومعرفة حقنا "(١) .

الثانية: رواها الشيخ الطوسي عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الحميد ومحمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل انه قال :

"يا أبا حمزة ان منا بعد القائم احد عشر مهديا من ولد الحسين (ع) "(٢) .

وقد أورد الشيخ الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة الروايتين الانفتي الذكر إضافة الى ما رواه صاحب المصباح من دعاء الرضا(ع) هذا مضافا الى الرواية التي أوردناها في صدر البحث فيكون المجموع أربع روايات وقد علق على الرواية الأخيرة بقوله إنها من طرق العامة ، ثم علق عليها جميعا بقوله [وأما أحاديث الاثني عشر (أي بعد المهدي (ع)) فلا يخفى أنها غير موجبة للقطع أو اليقين لندورها وقلتها وكثرة معارضتها(٣) . وقد تواترت الأحاديث بان الأئمة الاثنا عشر وان دولتهم ممدودة الى يوم القيامة وان الثاني عشر خاتم الأوصياء والأئمة والخلف وان الأئمة من ولد الحسين الى يوم القيامة ونحو ذلك من العبارات فلو كان يجب علينا الإقرار بإمامة اثني عشر بعدهم لوصلت إلينا نصوص متواترة تقاوم تلك النصوص ينظر في الجمع بينهما(٤) ](٥) .

الخلاصة:

ان صاحب النشرة قد فهم من كلام الشيخ الصدوق ما لم يُرده الصدوق ولا تساعده عليه ولو قرينة ضعيفة فى أي كتاب من كتبه المطبوعة الكثيرة الميسرة لكل باحث هذا مضافاً إلى ان الصدوق قد كان في بيانه بصدد رد شبهة الزيدية على حديث الاثني عشر الذي كانوا يشككون في صدوره عن النبي (ص).

____________________

(١) إكمال الدين ج٢ /٢٧ ، البحار ج٥٣ / ١٤٥. رجوع

(٢) غيبة الشيخ الطوسي /٤٧٨ ط مؤسسة المعارف الإسلامية. رجوع

(٣) يريد رحمة الله الروايات التي تقول ان المهدي (ع) يموت قبل يوم القيامة بأربعين يوما. رجوع

(٤) الايقاظ من الهجعة للحر العاملي ص ٤٠١. رجوع

(٥) وقد ذكر العلامة المجلسي في البحار وجهين في تأويل تلك الروايات كما اورد الحر العاملي في كتا|به ستة تأويلات. رجوع

٤٤

٤٥

الفصل الرابع:

هل مات زرارة ولم يكن قد عرف إمام زمانه ؟

قوله:

ان زرارة وهو فقيه الشيعة مات ولم يعرف خليفة الإمام الصادق (ع)!

نقول:

وردت الرواية عن الامام الرضا (ع) انه قال:ان زرارة كان يعرف أمر أبي(ع) ونص أبيه عليه وإنما بعث ابنه ليتعرف من أبي (ع) هل يجوز له ان يرفع التقية في إظهار أمره ونص أبيه عليه. وانه لما أبطأ عنه ابنه طولب بإظهار قول في أبي (ع) فلم يحب ان يقدم على ذلك دون أمره فرفع المصحف وقال:اللهم ان إمامي من اثبت هذا المصحف إمامته من ولدجعفر بن محمد(ع).

٤٦

٤٧

نص الشبهة

قال صاحب النشرة:

وقد كان زرارة من اعظم تلاميذ الإمامين الباقر والصادق، ولكنه لم يعرف خليفة الإمام الصادق فأرسل ابنه عبيد الله إلى المدينة لكي يستطلع له الإمام الجديد، فمات قبل ان يعود إليه ابنه ومن دون ان يعرف من هو الإمام، وانه وضع المصحف على صدره قائلا (اللهم إني ائتم بمن اثبت إمامته هذا المصحف)(١) .

____________________

(١) الشورى العدد العاشر ص١١. رجوع

٤٨

الجواب عنها

أقول:

لا يخفى ان هذه الشبهة هي للزيدية أيضاً كانوا قد أثاروها أمام خبر الأئمة الاثني عشر حيث قالوا :

"لو كان خبر الأئمة الاثني عشر صحيحاً لما كان الناس يشُكون بعد الصادق جعفر بن محمد في الإمام. ولَما مات فقيه الشيعة زرارة وهو يقول والمصحف على صدره اللهم. ".

لقد أجاب الشيخ الصدوق(رحمه‌الله ) عن هذه الشبهة بقوله:

"ان هذا كله غرور من القول وزخرف وذلك أنا لم ندَّع انَّ جميع الشيعة في ذلك العصر عرف الأئمة الاثني (ع) بأسمائهم، وإنما قلنا ان رسول الله (ص) اخبر ان الأئمة بعده اثنا عشر، الذين هم خلفاؤه وان علماء الشيعة قد رووا هذا الحديث بأسمائهم ولا ينكر ان يكون فيهم واحد أو اثنان أو اكثر لم يسمعوا بالحديث.

فأما زرارة بن أعين فإنه مات قبل انصراف من كان بعثه ليعرف

٤٩

الخبر ولم يكن سمع بالنص على موسى بن جعفر (ع) من حيث قطع الخبر عذره فوضع المصحف الذي هو القرآن على صدره، وقال اللهم إني ائتم بمن يثبت هذا المصحف إمامته، وهل يفعل الفقيه المتدين عند اختلاف الأمر عليه إلا ما فعله زرارة، على انه قد قيل ان زرارة قد كان علم بأمر موسى بن جعفر (ع) وبإمامته وإنما بعث ابنه عبيداً ليتعرف من موسى بن جعفر (ع) هل يجوز له إظهار ما يعلم من إمامته أو يستعمل التقية في كتمانه، وهذا أشبه بفضل زرارة بن أعين وأليق بمعرفته.

حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال قلت للرضا (ع) يا ابن رسول الله اخبرني عن زرارة هل كان يعرف حق أبيك فقال نعم، فقلت له فلم بعث ابنه عبيداً ليتعرف الخبر إلى من أوصى الصادق جعفر بن محمد (ع) ؟

فقال (ع) ان زرارة كان يعرف أمر أبي ونص أبيه عليه وإنما بعث ابنه ليتعرف من أبي هل يجوز له ان يرفع التقية في إظهار أمره ونص أبيه عليه وانه لما أبطأ عنه ابنه طولب بإظهار قول في أبي فلم

٥٠

يحب ان يقدم على ذلك دون أمره فرفع المصحف وقال اللهم ان إمامي من اثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمد (ع).

والخبر الذي احتجت به الزيدية ليس فيه ان زرارة لم يعرف إمامة موسى بن جعفر (ع) وإنما فيه انه بعث ابنه عبيدا ليسأل عن الخبر.

حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن احمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن احمد بن هلال، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أبيه قال لما بعث زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة ليسأل عن الخبر بعد مضي أبي عبد الله فلما اشتد به الأمر اخذ المصحف وقال من اثبت إمامته هذا المصحف فهو إمامي.

وهذا الخبر لا يوجب انه لم يعرف، على ان راوي هذا الخبر احمد بن هلال وهو مجروح عند مشايخنا رضى الله عنهم) ".

وقد روى الصدوق أيضاً عن محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد قال:

"سمعت سعد بن عبد الله يقول:ما رأينا ولا سمعنا بمتشيع رجع عن التشيع إلى النصب إلا احمد بن هلال وكانوا يقولون ما

٥١

تفرد بروايته احمد بن هلال فلا يجوز استعماله(١) ".

أقول:بعد هذا فهل يصح قول صاحب النشرة (ان الزيدية اعترضوا على الإمامية وقالوا ان الرواية التي دلت على ان الأئمة اثنا عشر قول أحدثه الإمامية قريباً وولدوا فيه أحاديث كاذبة. وان الصدوق لم ينف التهمة ولم يرد عليها. وان الصدوق قال باحتمال علم زرارة بالحديث وإخفائه للتقية وانه تراجع عن هذا الاحتمال)؟

ان قول الشيخ الصدوق في زرارة واضح جداً فهو حين أورد الخبر عن الإمام (ع) الذي يفيد ان زرارة كان قد بعث ابنه عبيداً ليتعرف من الإمام موسى بن جعفر (ع) هل يجوز له إظهار ما يعلم من إمامته أو يستعمل التقية في كتمانه قال بعده وهذا أشبه لفضل زرارة بن أعين وأليق بمعرفته، فالصدوق إذن يرجح هذا الخبر في امر زرارة ولا يعرضه كخبر مجرد عن الترجيح.

____________________

(١) إكمال الدين ٧٥-٧٦. رجوع

٥٢

الخلاصة:

ان صاحب النشرة استشهد بشبهة الزيدية حول موت زرارة وعدم اعلانه عن إمامة الكاظم (ع) عندما سئل وهو على فراش الموت ثم مات ولم يعرف إمام زمانه، وانه لو كانت ثمة قائمة مسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر لكان زرارة وهو فقيه الشيعة قد عرف بها، وادعى صاحب النشرة أيضاً ان الصدوق لم يرد على هذه الشبهة، وقد اتضح من خلال البحث ان الشيخ الصدوق قد رد عليها بما لا لُبس فيه ولا غموض ثم بين ان زرارة مات عارفاً بامامة الكاظم (ع) وانه لم يفصح بها لما سألوه وهو على فراش الموت بسبب التقية الشديدة والظرف السياسي العصيب الذي أحاط بإمامة الكاظم (ع) وفي أيامها الأولى.

٥٣

الفصل الخامس:

كتاب الكافي وروايات عدد الأئمة (ع)

قوله:

عندما نشأت فكرة تحديد عدد الأئمة (ع) بعد القول بوجود وغيبة الإمام الثاني عشر (ع) كان الشيعة الأمامية يختلفون فيما بينهم حول تحديد عددهم باثني عشر أو ثلاثة عشر ، إذ برزت في ذلك الوقت روايات تقول:بان عدد الأئمة ثلاثة عشر ، وقد نقلها الكليني في الكافي.

نقول:

اثبت المحققون من علماء الشيعة ان تلك الروايات ال-ت-ي اشار اليها صاحب النشرة قد تعرضت لأخطاء غير متعمدة من النساخ الاوائل. ولم يقل أحد من الشيعة بأن الأئمة ثلاثة عشر إلا هبة الله بن احمد حفيد العمري وكان قد قال ذلك ٣ليستميل جانب أبي شيبة الزيدي طمعا في دنياه

٥٤

٥٥

نص الشبهة

قال صاحب النشرة:

وعندما نشأت فكرة تحديد عدد الأئمة، بعد القول بوجود وغيبة الإمام الثاني عشر (ع) كان الشيعة الإمامية يختلفون فيما بينهم حول تحديد عددهم باثني عشر أو ثلاثة عشر، إذ برزت في ذلك الوقت روايات تقول، بان عدد الأئمة ثلاثة عشر، وقد نقلها الكليني في (الكافى) (ج١ص٥٣٤) ووجدت في الكتاب الذي ظهر في تلك الفترة ونسب إلى سليم بن قيس الهلالي، حيث تقول إحدى الروايات، ان النبي (ص) قال لأمير المؤمنين (ع) (أنت واثنا عشر من ولدك أئمة الحق). وهذا ما دفع هبة الله بن احمد بن محمد الكاتب، حفيد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري، الذي كان يتعاطى (الكلام) لان يؤلف كتأبا في الإمامة، يقول فيه، ان الأئمة ثلاثة عشر، ويضيف إلى القائمة المعروفة (زيد بن علي) كما يقول النجاشي في (رجاله)(١) .

____________________

(١) الشورى العدد العاشر ص١٢. رجوع

٥٦

الجواب عنها

أقول في كلامه عدة مواضع للتعليق:

أولا:

قوله:(كان الشيعة الإمامية يختلفون فيما بينهم حول تحديد عددهم باثني عشر أو ثلاثة عشر.)

دعوى منه كاذبة.

إذ لم يقل أحد من الشيعة / في ضوء المصادر الشيعية / بان الأئمة ثلاثة عشر إلا هبة الله بن احمد حفيد العمري وقد قال عنه النجاشي كان يتعاطى الكلام وحضر مجلس أبي الحسين بن أبي شيبة العلوي الزيدي المذهب فعمل له كتاباً وذكر ان الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي ان الأئمة اثنا عشر من ولد أمير المؤمنين.

وحفيد العمري هذا كما قال عنه التستري(رحمه‌الله ) الظاهر ان

٥٧

الرجل إمامي غير ورع أراد استمالة جانب ابن أبي شيبة الزيدي بدرج زيد في الأئمةعليهم‌السلام لا انه زيدي وكيف يكون زيديا والزيدي لا يرى إمامة السجاد (ع) ومن بعده لأنهم يشترطون في الإمامة الخروج بالسيف(١) .

ثانيا:

قوله (إذ برزت في ذلك الوقت روايات تقول بان الأئمة ثلاثة عشر وقد نقلها الكليني في الكافي ج١ /٥٣٤).

أقول روايات الكافي التي يفهم منها ان الأئمة بعد النبي (ص) ثلاثة عشر هي خمس روايات نذكرها كما يلي:

الرواية الأولى:

رواها الكليني بسنده عن أبي سعيد العصفري عن عمرو بن ثابت عن أبي الجارود عن أبي جعفر قال:

"قال رسول الله (ص) إني واثنا عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض يعني أوتادها وجبالها."

____________________

(١) قاموس الرجال ج٩/٣٠٠. رجوع

٥٨

الرواية الثانية:

رواها عن أبي سعيد العصفري أيضا مرفوعا عن أبي جعفر (ع) قال:

"قال رسول الله (ص) من ولدي اثنا عشر نقباء نجباء محدثون مفهمون آخرهم القائم بالحق يملأها عدلاً كما ملئت جورا ".

وأبو سعيد العصفري اسمه عَبّاد له كتاب كما قال الشيخ الطوسي في الفهرست والنجاشي في رجاله وكتابه ويقال له (أصل) موجود كما قال صاحب الذريعة ثم وصل إلى الشيخ النوري وقال عنه ان فيه تسعة عشر حديثا ، وتوجد نسخة منه في المكتبة المركزية لجامعة طهران ضمن مجموعة بإسم الأصول الأربعمائة. وفي هذه النسخة كان لفظ الرواية الأولى كالاتي:

"قال رسول الله (ص) إني وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض."

وكان لفظ الرواية الثانية كالاتي:

"قال رسول الله (ص) من ولدي أحد عشر نقباء نجباء محدثون مفهمون آخرهم القائم بالحق ".

وفي ضوء ذلك فإن اللفظ الموجود في رواية الكافي خطأ من النساخ.

٥٩

الرواية الثالثة:

رواها الكليني عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) عن جابر بن عبد الله الانصاري قال:

"دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني عشر آخرهم القائم ".

وقد رواه الصدوق في إكمال الدين وعيون أخبار الرضا والخصال بأسانيد ولا ينقلها عن الكافي ثم يجتمع مع سند الكافي إلى جابر ثم يروي عنه انه قال:

"دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثني عشر آخرهم القائم."

بدون كلمة (من ولدها) فهي إذن زيادة من النساخ.

الرواية الرابعة:

رواها الكليني بسنده عن زرارة قال:سمعت أبا جعفر (ع) يقول:

"الاثنا عشر إماماً من آل محمد (ع) كلهم محدث من ولد رسول الله (ص) ومن ولد علي (ع) فرسول الله وعلي هما الوالدان ".

وقد نقل هذه الرواية عن الكافي الشيخ المفيد في الإرشاد والطبرسي في اعلام لورى ولفظهما:

٦٠

والفهم وصحة الإِدراك »(١) .

٤ - الأسنوي: « أبو الحجّاج جمال الدين أحفظ أهل زمانه لا سيّما للرجال المتقدمين، وانتهت إليه الرحلة من أقطار الأرض لروايته ودرايته. وكان إماماً في اللغة والتصريف، ديّناً خيّراً، منقبضاً عن الناس، طارحاً للتكلّف »(٢). .

٥ - ابن الوردي: « شيخ الإِسلام الحافظ جمال الدين. منقطع القرين في معرفة أسماء الرّجال مشاركاً في علوم »(٣) .

٦ - السبكي: « شيخنا واُستأذنا وقدوتنا: الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي، حافظ زماننا، حامل راية السنّة والجماعة، والقائم بأعباء هذه الصناعة، والمتدرّع جلباب الطاعة، إمام الحفّاظ كلمة لا يجحدونها وشهادة على أنفسهم يؤدّونها ورتبة لو نشر أكابر الأعداء لكانوا يؤدونها. واحد عصره بالإجماع وشيخ زمانه الذي تصغى لما يقوله الأسماع، والذي ما جاء بعد ابن عساكر مثله وإنْ تكاثرت جيوش هذا العلم فملأت البقاع

أقول: ما رأيت أحفظ من ثلاثة: المزي والذهبي والوالد

وبالجملة: كان شيخنا المزي أعجوبة زمانه، يقرأ عليه القارئ نهاراً كاملاً والطرق تضطرب والأسانيد تختلف وضبط الأسماء يشكل، وهو لا يسهو ولا يغفل وكان قد انتهت إليه رياسة المحدّثين في الدنيا .. »(٤). .

٧ - ابن حجر العسقلاني: « المزّي، أبو الحجاج جمال الدين المزّي سمع: بالشام والحرمين، ومصر، وحلب، والإِسكندرية، وغيرها، وأتقن اللّغة والتصريف، وكان كثير الحياء والإِحتمال والقناعة والتواضع والتودّد

__________________

(١). تذهيب التهذيب. مقدمة الكتاب

(٢). طبقات الشّافعية ٢ / ٢٥٧.

(٣). تتمة المختصر حوادث ٧٤٢.

(٤). طبقات الشّافعية ٦ / ٢٥١ - ٢٥٢.

٦١

إلى الناس مع الانجماع عنهم، قليل الكلام جدّاً حتى يسأل فيجيب ويجيد قال الذهبي: ما رأيت أحداً في هذا الشأن أحفظ منه وصنف تهذيب الكمال فاشتهر في زمانه وحدّث به خمس مرار، وحدّث بكثير من مسموعاته الكبار والصغار عالياً ونازلاً، وغالب المحدثين من دمشق وغيرها قد تلمّذوا واستفادوا منه، وسألوه عن المعضلات فاعترفوا بفضيلته وعلوّ ذكره. بالغ أبو حيان في القطر الحبي في تقريظه والثناء عليه، وكذلك ابن سيد الناس وقال الذهبي: كان خاتمة الحفّاظ وكان لا يكاد يعرف قدره إلّا من أكثر مجالسته، وكان خيّراً ذا ديانةٍ وتصوّن من الصّغر وسلامة باطن »(١). .

٨ - ابن قاضي شهبة: « الإِمام العلّامة الحافظ الكبير، شيخ المحدثين عمدة الحفاظ، اُعجوبة الزمان أقرّ له الحفاظ من مشايخه وغيرهم بالتقديم، وحدّث بالكثير نحو خمسين سنة، فسمع منه الكبار والحفاظ، وولي دار الحديث الأشرفية ثلاثاً وعشرين سنة. وقال الذهبي وقد بالغ في الثناء عليه أبو حيان وابن سيد الناس وغيرهما من علماء العصر، توفي في صفر سنة ٧٤٢ »(٢) .

٩ - السيوطي: « المزي، الإِمام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدّث الشام »(٣) .

١٠ - ابن تغري بردي: « الحافظ الحجة جمال الدين كان إماماً في عصره، وأحد الحفاظ المشهورين »(٤) .

١١ - الشوكاني: « الإِمام الكبير الحافظ قال الذهبي وقد أخذ عنه الأكابر وترجموا له وعظّموه جدّاً. قال ابن سيد الناس في ترجمته: إنّه أحفظ

__________________

(١). الدرر الكامنة ٤ / ٤٥٧.

(٢). طبقات الشّافعية ٣ / ٧٤.

(٣). طبقات الحفّاظ: ٥٢١.

(٤). النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٦.

٦٢

الناس للتراجم وأعلمهم بالرواة من أعارب وأعاجم. وأطال الثناء عليه ووصفه بأوصاف ضخمة. وقال الصفدي »(١) .

الكلمات في وثاقة رجال سند الطيالسي

وإذا عرفت صحة سند رواية أبي داود الطيالسي بنص أكابر الحفّاظ كابن عبد البرّ والمزي فلا بأس بأنْ نورد بعض كلمات علماء الجرح والتعديل في كلّ واحدٍ من رجال السند المذكور:

١ - أبو عوانة

فأمّا أبو عوانة - وهو وضّاح بن عبد الله اليشكري - فيكفي في وثاقته كونه من رجال الصّحاح الستّة كما نصّ عليه الذهبي وابن حجر العسقلاني بجعلهما علامة الكتب الستة على اسمه عند ترجمته.

قال الذهبي: « ٦ - وضّاح بن عبد الله، الحافظ أبو عوانة اليشكري، مولى يزيد بن عطا، سمع قتادة وابن المنكدر. وعنه: عفان وقتيبة ولوين. ثقة متقن الكتابة. توفّي ١٧٦ »(٢). .

قال الذهبي: « ٦ - وضاح - بتشديد المعجمة ثم مهملة - بن عبد الله اليشكري - بالمعجمة - الواسطي البزّاز، أبو عوانة، مشهور بكنيته. ثقة ثبت. من السابعة. مات سنة خمس أو ست وسبعين »(٣). .

__________________

(١). البدر الطّالع ٢ / ٣٥٣.

(٢). الكاشف عن أسماء رجال الستّة ٣ / ٢٠٧.

(٣). تقريب التهذيب ٢ / ٣٣١.

٦٣

ولا يخفى أن مراده من الطبعة السابعة: طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري، كما نص عليه في مقدمة كتابه.

٢ - أبو بلج

وأمّا أبو بلج - وهو يحيى بن سليم - فسليم عن المعايب وبرئ عن المثالب، مدحه الأكابر ووثّقه الأئمة.

قال المزّي: « أبو بلج الفزاري الواسطي - ويقال الكوفي - وهو الكبير: إسمه يحيى بن سليم بن بلج روى عنه: إبراهيم بن المختار، وأبو يونس حاتم بن أبي صغيرة، وحصين بن نمير، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية، وسفيان الثوري، وسويد بن عبد العزيز، وشعبة بن الحجاج، وشعيب بن صفوان، وهشيم بن بشير، وأبو حمزة السكري، وأبو عوانة.

قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة.

وكذلك قال محمّد بن سعد. والنسائي. والدار قطني.

وقال البخاري: فيه نظر.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به.

وقال محمّد بن سعد قال يزيد بن هارون: قد رأيت أبا بلج، وكان جاراً لنا، وكان يتّخذ الحمام يستأنس بهنّ، وكان يذكر الله كثيراً وقال: لو قامت القيامة لدخلت الجنة، يقول لذكر الله عزّ وجلّ.

روى له الأربعة »(١). .

فالأربعة - وهم أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة - يصحّحون حديثه ويخرّجون له في صحاحهم

__________________

(١). تهذيب الكمال ٣٣ / ١٦٢.

٦٤

وابن معين وابن سعد والنسائي والدار قطني ينصّون على وثاقته.

وأبو حاتم يقول: صالح الحديث لا بأس به.

وكبار الأئمة أمثال شعبة وسفيان الثوري يروون عنه.

هذا، وليس في المقابل إلّا قول البخاري: « فيه نظر » وهذا ممّا لا ينظر إليه ولا يعبأ به في المقام وفي أشباهه ونظائره ولنذكر منها نموذجاً:

قال العيني: بشرح الحديث: « إجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً »:

« فيه دلالة على وجوب الوتر. واختلف العلماء فيه:

فقال القاضي أبو الطّيب: إن العلماء كافةً قالت: إنّه سنّة حتّى أبو يوسف ومحمّد، وقال أبو حنيفة وحده: هو واجب وليس بفرض.

وقال أبو حامد في تعليقه: الوتر سنّة مؤكدة وليس بفرض ولا واجب، وبه قالت الاُمة كلّها إلّا أبا حنيفة، وقال بعضهم. وقد استدل بهذا الحديث بعض من قال بوجوبه، وتعقّب بأنّ صلاة الليل ليست واجبة، إلى آخره. وبأن الأصل عدم الوجوب حتى يقوم دليله.

وقال الكرماني أيضاً ما يشبه هذا.

قلت: هذا كلّه من آثار التعصّب، فكيف يقول القاضي أبو الطّيب وأبو حامد - وهما إمامان مشهوران - بهذا الكلام الذي ليس بصحيح ولا قريبٍ من الصحة؟ وأبو حنيفة لم ينفرد بذلك، هذا القاضي أبو بكر بن العربي ذكر عن سحنون وأصبغ بن الفرج وجوبه. وحكى ابن حزم أن مالكاً قال: من تركه اُدّب وكانت جرحةً في شهادته، وحكاه ابن قدامة في المغني عن أحمد، وفي المصنَّف عن مجاهد بسندٍ صحيح: هو واجب ولم يكتب، وعن ابن عمر بسند صحيح: ما اُحب - اني تركت الوتر - وأنّ لي حمر النعم. وحكى ابن بطّال وجوبه عن أهل القرآن عن ابن مسعود وحذيفة وإبراهيم النخعي، وعن يوسف بن خالد السمتي شيخ الشافعي وجوبه، وحكاه ابن أبي شيبة أيضاً عن سعيد بن المسيب وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود والضحاك. انتهى.

٦٥

فإذا كان الأمر كذلك كيف يجوز لأبي الطّيب ولأبي حامد أن يدّعيا هذه الدعوى الباطلة؟ فهذا يدل على عدم إطّلاعهما فيما ذكرنا، فجهل الشخص بالشيء لا ينفي علم غيره به.

وقول من ادّعى التعقب بأنّ صلاة الليل ليست بواجبة. إلى آخره، قول واه، لأنّ الدلائل قامت على وجوب الوتر، منها:

ما رواه أبو داود: نا محمّد بن المثنى. نا اُبو إسحاق الطالقاني نا الفضل ابن موسى، عن عبيد الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا.

وهذا حديث صحيح، ولهذا أخرجه الحاكم في مستدركه وصحّحه.

فإنْ قلت: في إسناده أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله، وقد تكلّم فيه البخاري وغيره.

قلت: قال الحاكم: وثّقه ابن معين. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء. فهذا ابن معين إمام هذا الشأن، وكفى حجة في توثيقه إيّاه »(١). .

أقول: وكذا الأمر في المقام، فقد وثق ابن معين أبا بلج، وكفى حجةً وكذا وثّقه غيره من أئمة هذا الشأن

موجز تراجم الموثّقين لأبي بلج

فقد عرفت أن يحيى بن معين، والنّسائي، والدار قطني، ومحمّد بن سعد يوثّقون أبا بلج فأما ابن معين، والنسائي، والدار قطني وغيرهم

__________________

(١). عمدة القاري ٧ / ١١.

٦٦

من الأئمة الموثّقين له، فسنذكر تراجمهم بإيجاز فيما سيأتي. وأمّا ابن سعد فهذا موجز ترجمته:

١ - السمعاني: « أبو عبد الله محمّد بن سعد بن منيع الكاتب الزهري كان من أهل الفضل والعلم، وصنّف كتاباً كبيراً في طبقات الصحابة والتّابعين والصالحين إلى وقته، فأجاد فيه وأحسن. روى عنه: الحارث بن أبي اُسامة، والحسين بن فهم، وأبو بكر ابن أبي الدنيا. وحكي عن يحيى بن معين أنّه رماه بالكذب. ولعلّ الناقل غلط أو وهم، لأنّه من أهل العدالة وحديثه يدل على صدقه، فإنّه يتحرى في كثير من رواياته. وقال ابن أبي حاتم الرازي: سألت أبي عن محمّد بن سعد فقال: يصدّق روايته، جاء إلى القواريري وسأله عن أحاديث فحدّثه. وحكى إبراهيم الحربي قال: كان أحمد ابن حنبل يوجّه في كلّ جمعة بحنبل بن إسحاق إلى ابن سعد يأخذ منه جزئين من حديث الواقدي ينظر فيهما إلى الجمعة الاُخرى ثم يردّهما ويأخذ غيرهما. قال إبراهيم: ولو ذهب وسمعها كان خيراً له.

ومات في جمادى الآخرة سنة ٢٣٠ »(١). .

٢ - ابن خلكان: « كان أحد الفضلاء الأجلاّء، وكان صدوقاً ثقة، وكان كثير العلم، غزير الحديث والرواية، كثير الكتب، كتب الحديث والفقه وغيرهما.

وقال الحافظ أبو بكر صاحب تاريخ بغداد في حقّه: ومحمّد بن سعد عندنا من أهل العدالة، وحديثه يدل على صدقه، فإنّه يتحرّى في كثير من رواياته »(٢). .

٣ - الذهبي: « محمّد بن سعد الحافظ العلّامة قال ابن فهم: كان

__________________

(١). الأنساب ١٠ / ٣٠٧.

(٢). وفيات الأعيان ٤ / ٣٥١.

٦٧

كثير العلم، كثير الكتب، كتب الحديث والفقه والغريب »(١). .

٤ - الذهبي أيضاً: « الإِمام الحبر أبو عبد الله محمّد بن سعد الحافظ

قال أبو حاتم: صدوق »(٢). .

٥ - الذهبي أيضا: « محمّد بن سعد الكاتب مولى بني هاشم. عن هشيم وابن عينة وخلق. مات سنة ٢٣٠. د حكاية »(٣). .

٦ - ابن حجر: « صدوق فاضل. من العاشرة. مات سنة ٢٣٠ وهو ابن ٦٢ »(٤). .

٧ - السيوطي: « محمّد بن سعد بن منيع البصري الحافظ »(٥). .

٣ - عمرو بن ميمون

وأمّا عمرو بن ميمون فثقة مأمون نصَّ عليه المتقدّمون والمتأخرون:

١ - ابن عبد البر: « عمرو بن ميمون الأودي أبو عبد الله. أدرك النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - وصدّق إليه، وكان مسلماً في حياته وعلى عهد رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وهو معدود في كبار التابعين من الكوفيين. وروي أن عمرو بن ميمون حج ستين مرةً ما بين حجة وعمرة. ومات سنة ٧٥ »(٦). .

٢ - ابن الأثير: « أسلم في زمان النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - وحج مائة حجة وقيل: سبعون حجة، وأدّى صدقته إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٤٢٥.

(٢). العبر ١ / ٣٢٠.

(٣). الكاشف ٣ / ٤١.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ١٦٣.

(٥). طبقات الحفّاظ: ١٨٦.

(٦). الإِستيعاب ٢ / ٥٤٢ - ٥٤٤.

٦٨

معدود في كتاب التابعين من الكوفيين. وتوفي سنة ٧٥. أخرجه الثلاثة »(١). .

٣ - الذهبي: « عمرو بن ميمون الأودي، عن عمر ومعاذ وطائفة. وعنه: زياد بن علاقة وأبو إسحاق ومحمد بن سوقة وآخرون. كان كثير الحج والعبادة، وهو الذي رجم القردة. مات ٧٤»(٢). .

٤ - ابن حجر: « ثقة عابد، نزل الكوفة، مات سنة أربع وسبعين، وقيل بعدها »(٣). .

٥ - ابن حجر أيضاً: « أدرك الجاهلية ولم يلق النبيّ قال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وقال أبو بكر بن عيّاش عن أبي إسحاق: كان أصحاب النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - يرضون بعمرو بن ميمون وقال ابن معين والنسائي: ثقة وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب فقال: أدرك النبيّ وصدّق إليه وكان مسلماً في حياته. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين »(٤). .

٦ - ابن حجر أيضاً: « أدرك الجاهلية وأسلم في حياة النبيّ على يد معاذ وصحبه » ثم ذكر توثيقه، وخبر رجمه القردة الذي استنكره غير واحد مع كونه في البخاري(٥). .

إخراج أبي داود في مسنده دليل الثبوت

ثم إنّه بالإضافة إلى وثاقة رجال السند وصحّة الطريق كما عرفت، فإنّ مجرد إخراج أبي داود الطيالسي هذا الحديث في مسنده دليل على ثبوته

__________________

(١). اُسد الغابة ٣ / ٧٧٢.

(٢). الكاشف ٢ / ٢٩٦.

(٣). تقريب التهذيب ٢ / ٨٠.

(٤). تهذيب التهذيب ٨ / ٩٦.

(٥). الإِصابة في معرفة الصحابة ٣ / ١١٨.

٦٩

واعتباره، وهو موجود فيه كما عرفت، وعنه نقل العلماء المتأخّرون قال الوصّابي: « عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إن علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي. أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة »(١). .

تقديم ابن حزم مسند الطيالسي على موطأ مالك

وقد بلغت جلالة مسند أبي داود الطيالسي حدّاً قدّمه ابن حزم الأندلسي على موطّأ مالك، قال الذهبي: « قد ذكر لابن حزم قول من يقول: أجلّ المصنفات الموطّأ. فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم: الصحيحان، وصحيح سعيد بن السّكن، والمنتقى لابن الجارود، والمنتقى لقاسم بن أصبغ، ومصنّف الطّحاوي، ومسند البزار، ومسند ابن أبي شيبة، ومسند أحمد بن حنبل، ومسند ابن راهويه، ومسند الطيالسي، ومسند الحسن بن سفيان وما جرى مجرى هذه الكتب التي أفردت لكلام رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - صرفاً.

ثم بعدها التي فيها كلامه وكلام غيره مثل: مصنّف عبد الرزاق وموطأ ابن أنس، وموطأ ابن أبي ذئب »(٢). .

ترجمة ابن حزم

وابن حزم - الذي قدّم سند الطّيالسي على موطأ مالك - ترجم له:

__________________

(١). الإِكتفاء في فضائل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٥٣.

٧٠

١ - الذهبي: « أبو محمد ابن حزم العلامة علي بن أحمد صاحب المصنفات، مات مشرّداً عن بلده وكان إليه المنتهى في الذكاء وحدّة الذهن وسعة العلم، بالكتاب والسنّة والمذاهب والملل والنحل والعربية والأدب والمنطق والشعر، مع الصّدق والأمانة والدّيانة والحشمة »(١). .

٢ - السيوطي: « ابن حزم الإِمام العلّامة الحافظ الفقيه مات في جمادى الاُولى سنة ٤٥٧»(٢). .

والجدير بالذكر ما ذكره ابن عربي في ( الفتوحات المكية ) من أنّه:

« رأيت النبيّ في المنام وقد عانق أبا محمّد ابن حزم المحدّث، فغاب الواحد في الآخر فلم ير إلّا واحد وهو رسول الله. فهذه غاية الوصلة، وهو المعبّر عنه بالاتّحاد ».

مسند الطيالسي في كتب الأسانيد

ومسند أبي داود الطيالسي من الكتب المشهورة المعتبرة، ولذا ذكره ( الدهلوي ) في كتابه ( بستان المحدثين ) الذي صنّفه في الكتب المعروفة المشهورة

وهو أيضاً من الكتب التي يذكر العلماء أسانيدهم إليها في رسائلهم المصنّفة في ذكر الأسانيد إلى الكتب الجليلة وهذا سند رواية أبي مهدي عيسى بن محمّد الثعالبي كما جاء في ( مقاليد الأسانيد ) والثعلبي - كما هو معروف - من المشايخ السبعة الذين يفتخر والد ( الدهلوي ) باتّصال أسانيده إليهم، وهو من العلماء الأعيان في القرن الحادي عشر(٣). :

__________________

(١). العبر ٢ / ٣٠٦.

(٢). طبقات الحفّاظ: ٤٣٥.

(٣). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ٢٤٠.

٧١

« مسند أبي داود الطيالسي. قال الحافظ ابن حجر: هو القدر الذي جمعه بعض الأصفهانيّين من رواية يونس بن حبيب. أخبرني - أي علي بن محمّد بن عبد الرحمن الأجهوري به، قراءةً منّي عليه بجملة المسند من حديث أبي بكر الصّديق إلى حديث عمر، وإجازة لسائره - عن الشمس الرملي، عن زكريا. - ح - وعن البرهان العلقمي، عن عبد الحق السنباطي. كلاهما عن الحافظ أبي الفضل ابن حجر قال: قراءة على أبي الفرج عبد الرحمن بن المبارك الغزي ثم القاهري. - ح - وعن النور القرافي والكرخي وابن الجاتي عن الجلال السيوطي، سماعاً لكثير منه على أبي الفضيل محمّد بن عمر بن حصن الملتوتي، وإجازةً لسائره عن أبي الفرج الغزّي سماعاً وإجازةً لما فات عن أبي العباس أحمد بن منصور الجوهري. - ح - قال الجلال السيوطي: وأخبرني به عالياً محمّد بن محمّد بن مقبل الحلبي، عن الصّلاح بن أبي عمر قال هو والجوهري: أخبرنا به الفخر ابن البخاري قال الجوهري سماعاً وقال الآخر إجازةً قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمّد بن اللبّان وأبو جعفر الصّيدلاني إجازة قال: أخبرنا أبو علي الحداد - قال الأول: سماعا، وقال الثاني: حضورا - قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ. قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس سماعاً قال: حدّثنا يونس بن حبيب قال: حدّثنا أبو داود الطيالسي فذكره »

عبارة ابن عبد البر كاملة

ولنذكر عبارة الحافظ ابن عبد البر كاملةً لبعض الفوائد المستفادة من سياق كلامه، فإنه قال بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« روي عن: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وحذيفة، وخباب، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم: إن علي بن أبي طالب أوّل من أسلم، وفضّله هؤلاء على غيره.

٧٢

قال ابن إسحاق: أوّل من آمن بالله ورسوله محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - خديجة ومن الرجال علي بن أبي طالب. وهو قول ابن شهاب إلّا أنّه قال من الرجال بعد خديجة، وهو قول الجميع في خديجة.

حدّثنا أحمد بن محمّد، حدّثنا أحمد بن الفضل، حدّثنا محمّد بن جرير قال قال أحمد بن عبد الله الدقاق: حدّثنا مفضل بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لعلي أربع خصال ليست لأحدٍ غيره: هو أول عربي وعجمي صلّى مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم فرّ عنه غيره، وهو الذي غسّله وأدخله في قبره.

وقد مضى في باب أبي بكر ذكر من قال إن أبا بكر أول من أسلم.

وروي عن سلمان الفارسي أنّه قال: أول هذه الاُمة وروداً على نبيّها الحوض أوّلها إسلاماً علي بن أبي طالب.

وروي هذا الحديث مرفوعاً عن سلمان الفارسي عن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه قال: أول هذه الأمة وروداً على الحوض أوّلها إسلاماً علي بن أبي طالب. ورفعه أولى، لأنّ مثله لا يدرك بالرأي.

حدّثنا أحمد بن قاسم، حدّثنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا الحارث بن أبي اُسامة، حدّثنا يحيى بن هاشم، حدّثنا سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن حنش بن المعتمر، عن عليم الكندي، عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: أوّلكم وروداً على الحوض أوّلكم إسلاماً علي بن أبي طالب.

وروى أبو داود الطيالسي: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال لعلي: أنت ولي كل مؤمنٍ بعدي.

وبه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إنه قال: أول من صلّى مع النبي

٧٣

- صلّى الله عليه وسلّم - بعد خديجة علي بن أبي طالب.

حدّثنا عبد الوارث بن سفيان، حدّثنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب، حدّثنا الحسن بن حماد، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان علي أوّل من آمن بالله من الناس بعد خديجة.

قال أبو عمر: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ لصحته وثقة نقلته »(١). .

اعتبار كتاب الإِستيعاب

وقد وصف ابن عبد البر كتابه ( الاستيعاب ) بما يدلُّ على اعتباره حيث قال في مقدّمته:

« واعتمدت في هذا الكتاب على الكتب المشهورة عند أهل العلم بالسّير والأنساب، وعلى التواريخ المعروفة التي عليها عوّل العلماء في معرفة أيام الإِسلام وسير أهله ».

وقال ابن الأثير في مقدمة ( أسد الغابة ): « وقد جمع الناس في أسمائهم كتباً كثيرةً، ومنهم من ذكر كثيراً من أسمائهم في كتب الأنساب والمغازي وغير ذلك، واختلفت مقاصدهم فيها، إلّا أن الذي انتهى إليه جمع أسمائهم الحافظان أبو عبد الله ابن مندة وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهانيان، والإِمام أبو عمر ابن عبد البر القرطبي، رضي الله عنهم، وأجزل ثوابهم، وحمد سعيهم، وعظّم أجرهم، وأكرم مآبهم، فلقد أحسنوا فيما جمعوا، وبذلوا جهدهم، وأبقوا بعدهم ذكراً جميلاً، فالله تعالى يثيبهم أجراً جزيلاً، فإنّهم جمعوا ما تفرّق منه ».

__________________

(١). الاستيعاب ٣ / ٢٧ - ٢٨.

٧٤

وقال ابن خلكان بترجمة ابن عبد البر: « وجمع في أسماء الصحابة كتاباً جليلاً سمّاه كتاب الإِستيعاب »(١). .

وقال الذهبي بترجمته: « وله تواليف لا مثل لها في جميع معانيها

ومنها كتاب الإِستيعاب في الصحابة ليس لأحدٍ مثله »(٢). .

وقال أيضاً: « وجمع كتاباً جليلاً مفيداً وهو الاستيعاب في أسماء الصحابة »(٣). .

وقال كاشف الظنون: « الإستيعاب في معرفة الأصحاب، مجلد، للحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله المعروف بابن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣. وهو كتاب جليل القدر ...»(٤). .

وقال ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ): « الإِستيعاب في معرفة الأصحاب لأبي عمر ابن عبد البر، كتاب مشهور ومعروف ».

ونصّ تلميذه الرشيد الدهلوي في ( إيضاحه ) على أن ( الإستيعاب ) من الكتب المعتبرة.

ونص ابن الوزير الصنعاني في مقدمة كتابه ( الروض الباسم ) في ذكر ما الّف في الصحابة على أنّ ( الاستيعاب ) من مصادر كتاب ( اسد الغابة ) لابن الأثير ثم قال: « وأنفس كتاب فيهم كتاب عز الدين ابن الأثير ».

هذا، ولقد اعتمد علماء الكلام في غير موضع من بحوثهم على كتاب ( الإِستيعاب ) واستندوا إلى رواياته عند المناظرة مع الإِماميّة، فلاحظ كتاب ( التحفة ) لمؤلّفه ( الدهلوي ) وكتاب ( الإِيضاح ) لتلميذه الرشيد، وكتاب ( منتهى

__________________

(١). وفيات الأعيان ٧ / ٦٧.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٢٩.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٥٨.

(٤). كشف الظّنون ١ / ٨١.

٧٥

الكلام ) لحيدر علي الفيض آبادي وغيرها.

* و أخرجه أبو داود الطّيالسي بسندٍ صحيحٍ كذلك عن عمران بن حصين، وهذا نصّ روايته:

« حدّثنا جعفر بن سليمان الضبعي، حدّثنا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث علياً في جيش، فرأوا منه شيئاً فأنكروه، فاتّفق أربعة نفر وتعاقدوا أنْ يخبروا النبي صلّى الله عليه وسلّم بما صنع علي. قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر لم نأت أهلنا حتى نأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وننظر إليه، فجاء النفر الأربعة، فقام أحدهم فقال:

يا رسول الله، ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال مثل ذلك. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

ما لهم ولعلي! إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١). .

وأمّا صحّة هذا الإِسناد فستعلم عند ما نذكر تراجم رواته في الكلام على رواية أحمد بن حنبل.

(٢)

رواية ابن أبي شيبة

وأخرجه الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمّد المعروف بابن أبي شيبة في ( المصنّف ) وهذا نص روايته:

__________________

(١). مسند الطيالسي: ١١١ رقم: ٨٢٩.

٧٦

« ١٢١٧٠ - حدّثنا عفّان قال: ثنا جعفر بن سليمان قال: حدّثني يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، واستعمل عليهم عليّاً، فصنع علي شيئاً أنكروه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسلّموا عليه ونظروا إليه ثم ينصرفون إلى رحالهم. قال: فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله: ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا؟ فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال:

ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ علي منّي وأنا من علي، وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي»(١). .

أمّا أنّه قد صحّحه، فقد نصَّ على ذلك الحافظ السيوطي حيث قال:

« الحديث الأربعون - عن عمران بن حصين: إن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: علي منّي وأنا من علي وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.

أخرجه ابن أبي شيبة وصحّحه »(٢). .

ترجمة أبي بكر ابن أبي شيبة

ولنذكر بعض كلماتهم في مدح ابن أبي شيبة:

١ - عبد الغني المقدسي: « قال أبو زرعة الرازي: ما رأيت أحفظ من أبي بكر ابن أبي شيبة. وقال صالح بن محمد: أعلم من أدركت بالحديث

__________________

(١). المصنّف ١٢ / ٧٩ - ٨٠.

(٢). القول الجلي في مناقب علي: ٦٠.

٧٧

وعلله علي بن المديني، وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى بن معين، وأحفظهم عند المذاكرة أبو بكر ابن أبي شيبة

... سمعت أبا جعفر محمّد بن صالح بن هاني يقول: سمعت يحيى ابن معين - وسألته عن سماع أبي بكر ابن أبي شيبة من شريك - فقال: أبو بكر عندنا صدوق، ولو ادّعى السماع ممّن هو أجلّ من شريك لكان مصدّقاً

... أخبرنا أبو طاهر السّلفي حدّثني محمد بن إبراهيم مربّع الحافظ قال: قدم علينا أبو بكر ابن أبي شيبة فانقلبت به بغداد، ونصب له منبر في جامع الرصافة

... سمعت عمرو بن علي يقول: ما رأيت أحفظ من ابن أبي شيبة، قدم علينا مع علي بن المديني

... حدّثني أبو زيد العلقي قلت لأحمد بن حميد: من أحفظ أهل الكوفة؟ فقال: أبو بكر ابن أبي شيبة. فذكرت ذلك لأبي بكر فقال: ما ظننته يقرّ لي. قال أحمد بن علي: أحمد بن حميد، يعرف بدار ام سلمة، وكان من شيوخ الكوفيّين ومفتيهم وحفّاظهم.

وقال أحمد بن حنبل: أبو بكر ابن أبي شيبة صدوق.

وقال أبو حاتم: كوفي ثقة.

قال البخاري: مات في المحرم سنة ٢٣٥ »(١). .

٢ - الذهبي: « الإِمام العلم سيّد الحفّاظ وصاحب الكتب الكبار: المسند والمصنف والتفسير وهو من أقران: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، في السنّ والمولد والحفظ، ويحيى بن معين أسن منهم بسنوات

وكان بحراً من بحور العلم، وبه يضرب المثل في قوة الحفظ.

__________________

(١). الكمال في أسماء الرجال - مخطوط.

٧٨

حدّث عنه: الشيخان، وأبو داود، وابن ماجة

وقال أحمد بن حنبل: أبو بكر صدوق، وهو أحبّ إليَّ من أخيه عثمان.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أبو بكر ثقةً حافظاً للحديث.

وقال عمرو بن علي الفلّاس: ما رأيت أحداً أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة

قال الحافظ أبو العباس ابن عقدة: سمعت عبد الرحمن بن خراش يقول: سمعت أبا زرعة يقول: ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة

قال الخطيب: كان أبو بكر متقناً حافظاً »(١). .

٣ - الذهبي أيضاً: « أبو بكر بن أبي شيبة، الحافظ، عديم النظير، الثبت النحرير قال أحمد: أبو بكر صدوق هو أحب إليَّ من أخيه عثمان. وقال العجلي: ثقة حافظ وقال الفلاس: ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة، وكذا قال أبو زرعة الرازي.

وقال أبو عبيد: انتهى الحديث إلى أربعة: فأبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد أفقههم فيه، وابن معين أجمعهم له، وابن المديني أعلمهم به.

وقال صالح بن محمد: أعلم من أدركت بالحديث وعلله ابن المديني، وأحفظهم له عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة.

وعن أبي عبيد قال: أحسنهم وضعاً للكتاب أبو بكر بن أبي شيبة. وقال الخطيب: كان أبو بكر متقناً حافظاً، صنف المسند والأحكام والتفسير.

قال البخاري: مات في سنة ٢٣٥ »(٢). .

٤ - ابن حجر: « روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، وروى له النسائي بواسطة أحمد بن علي القاضي وزكريا السّاجي

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١١ / ١٢٢.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣٢.

٧٩

وأحمد بن حنبل ومحمد بن سعد، وأبو زرعة وأبو حاتم »(١). .

نقل السيوطي تصحيحه وموافقته له

ولقد نقل السيوطي الحافظ في رسالته ( القول الجلي ) تصحيح أبي بكر ابن أبي شيبة هذا الحديث الشريف، وسكت عليه كما عرفت، والسكوت في هكذا موضع قبول وموافقة.

وقد ذكر الحافظ السيوطي في خطبة رسالته المذكورة ما يدل على اعتبار أحاديثها حيث قال: « وبعد، فهذه نبذة من قطرة من قطرات بحار زاخرة، أوردت فيها يسيراً من المناقب الباهرة، لسيدنا علي كرّم الله وجهه، ملقبة بالقول الجلي في فضائل علي، وضمّنتها أربعين حديثاً متبعة بالعزو لمخرجيها، وبيان بعض عريب ألفاظها ومشكل معانيها. والله أسأل أنْ يتحفني بالقبول، وأن يرزقني ببركة الإِستمساك بحبّ أهل البيت أشرف مأمول ».

حكم السيوطي بصحة الحديث

بل إنّ السيوطي نفسه يرى صحّة هذا الحديث، حيث ينصّ على ذلك في كتابه ( جمع الجوامع ) فيقول: « علي منّي وأنا من علي وعلي ولي كلّ مؤمن بعدي. ش في المصنف عن عمران بن حصين. صحيح »(٢). .

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٦ / ٣.

(٢). جمع الجوامع - انظر ترتيبه: كنز العمال ١١ / ٣٢٩٤١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324