نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار10%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 229534 / تحميل: 8632
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وقال يعقوب بن شريك: صدوق ثقة سيّئ الحفظ جداً.

وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً كثير الحديث وكان يغلط.

وقال أبو داود: ثقة يخطىء.

وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الحافظ: « صدوق يخطىء كثيراً، وكان عادلاً فاضلاً عابساً شديداً على أهل البدع »(١) .

وأمّا ( الأجلح ) فقد عرفته في الكتاب.

و ( عبدالله بن بريدة ) من رجال الصحاح الستّة(٢) .

* * *

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٤ / ٢٩٣، تقريب التهذيب ١ / ٣٥١.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٠٣.

١٦١

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا عاصم بن الحسن، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا أبو العباس بن عقدة، نا الحسن بن علي بن عفان، نا حسن - يعني ابن عطية - نا سعّاد، عن عبدالله بن عطاء، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد كلّ واحدٍ منهما وحده، وجمعهما فقال: « إذا اجتمعتما فعليكم عليّ »، قال: فأخذنا يميناً أو يساراً قال: فأخذ عليّ فأبعد فأصاب سبياً، فأخذ جارية من الخمس.

قال بريدة: وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعليّ، وقد علم ذلك خالد بن الوليد، فأتى رجل خالداً فأخبره أنه أخذ جارية من الخمس، فقال: ما هذا؟ ثم جاء آخر، ثم أتى آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك.

فدعاني خالد، فقال: يا بُرَيدة قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، وكتب إليه.

فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ الكتاب فأمسكه بشماله، وكان كما قال الله عز وجل لا يكتب ولا يقرأ، وكنت رجلاً إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتّى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي وتكلّمت فوقعت في عليّ، حتى فرغت ثم رفعت رأسي.

١٦٢

فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد غضب غضباً لم أره غضب مثله قط إلّايوم قريظة والنضير، فنظر إليّ فقال:

« يا بريدة إنّ علياً وليّكم بعدي، فأحب علياً فإنّه يفعل مايؤمر ».

قال: فقمت وما أحدٌ من الناس أحبّ إليّ منه.

قال عبدالله بن عطاء: حدَّثْتُ بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة فقال: كتمك عبدالله بن بريدة بعض الحديث: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: « أنافقت بعدي يا بريدة ».

أقول:

أمّا (ابن السمرقندي ).

و (عاصم بن الحسن )

و (أبو عمر ابن مهدي )

و (أبو العباس ابن عقدة )

فتراجمهم موجودة في الكتاب.

وأمّا (الحسن بن علي بن عفّان ) فهو:

من رجال أبي داود، وابن ماجة.

وروى عنه: ابن أبي حاتم وجماعة.

قال ابن أبي حاتم: صدوق.

وقال الدارقطني: ثقة.

وقال الذهبي: « ابن عفان: المحدّث الثقة ».

١٦٣

وقال ابن حجر: « صدوق »(١) .

وأمّا ( الحسن بن عطيّة ) فقد تكلّم فيه بعضهم، لأن أكثر روايته عن أبيه « عطية بن سعد » وهم يتكلَّمون في أبيه بسبب التشيّع. ولكنّ المهمّ - الآن - أنّ روايته هذه ليست عن أبيه ومن هنا:

قال عباس الدوري عن يحيى: لم يكن به بأس.

وهو من رجال أبي داود في صحيحه.

وهو من رجال أحمد في المسند.

وروى عنه: سفيان الثوري، ومحمّد بن إسحاق وجماعة.

وذكره ابن حبان في الثقات(٢) .

وأما (سعّاد ) فهو: سعّاد بن سليمان الجعفي:

من رجال ابن ماجة.

وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال ابن حجر: « كوفي صدوق، يخطئ، وكان شيعيّاً »(٣) .

وأمّا (عبدالله بن عطاء ) فهو:

من رجال مسلم والأربعة(٤) .

وروى عنه: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وجمع من الأعاظم.

قال الترمذي: ثقة عند أهل الحديث.

* * *

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤، تقريب التهذيب ١ / ١٦٨.

(٢). راجع: تهذيب الكمال ٦ / ٢١١ وهامشه.

(٣). تهذيب الكمال ١٠ / ٢٣٧، تقريب التهذيب ١ / ٢٨٥.

(٤). تقريب التهذيب ١ / ٤٣٤.

١٦٤

وقال البخاري: ثقة.

وقال الذهبي: صدوق إن شاء الله.

وقال ابن حجر: صدوق يخطىء ويدلّس(١) .

* * *

__________________

(١). تهذيب الكمال ١٥ / ٣١٣ وهامشه.

١٦٥

* وقال الحافظ ابن كثير في سياق روايات الحديث:

« وقال خيثمة بن سليمان، حدثنا أحمد بن حازم، أخبرنا عبيدالله بن موسى، عن يوسف بن صهيب، عن رُكَين، عن وهْب بن حمزة قال:

سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوةً، فقلت: لئن رجعت فلقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - لأنالنَّ منه. قال: فرجعت فلقيت رسول الله، فذكرت علياً فنلت منه.

قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تقولنَّ هذا لعلي، فإنّ علياً وليّكم بعدي »(١) .

أقول:

ورجال هذا السند كلّهم ثقات:

أمّا ( خيثمة بن سليمان ) فقد قال

السمعاني: « من الأئمّة الثقات »(٢) .

الذهبي: « أحد الثقات »(٣) .

__________________

(١). البداية والنهاية ٧ / ٣٤٦.

(٢). الأنساب ١ / ٣٠٣.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١٢، تذكرة الحافظ ٣ / ١٥٨.

١٦٦

الخطيب: « ثقة ثقة »(١) .

وأمّا (أحمد بن حازم ) فقد

ذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال: « وكان متقناً ».

وقال الذهبي: « الإمام الحافظ الصدوق توفي سنة ٢٧٦ »(٢) .

وأما (عبيدالله بن موسى ) فهو:

من رجال الصحاح الستة(٣) .

وأمّا (يوسف بن صهيب ) فهو:

من رجال أبي داود، والترمذي، والنسائي.

قال الحافظ: « ثقة »(٤) .

وأمّا (ركين ) فهو:

من رجال مسلم والأربعة والبخاري في المتابعات(٥) .

وأما (وهب بن حمزة ) فهو:

من الصحابة.

* وقد ذكره ابن الأثير، وروى الحديث بترجمته، حيث قال:

« وهب بن حمزة.

يعدُّ في أهل الكوفة. روى حديثه يوسف بن صهيب، عن ركين، عن وهب بن حمزة قال: صحبت علياً -رضي‌الله‌عنه - من المدينة إلى مكة، فرأيت

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١٣.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣٩.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٥٣٩.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ٣٨١.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٢٥٢.

١٦٧

منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأشكونّك إليه، فلمـّا قدمت، لقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: رأيت من علي كذا وكذا.

فقال: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بعدي. أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم »(١) .

ولا يخفى: أنّ تغيير اللفظ من « وليّكم بعدي » إلى « أولى الناس بعدي » غير ضائر، بل هو وأوضح دلالةً، لكونه نصّاً في الأولويّة بالناس بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم.

* وقد صحّح الحافظ الهيثمي هذه الرواية حيث قال:

« وعن وهب بن حمزة قال: صحبت عليّاً إلى مكة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت لأشكونّك إلى رسول الله فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي.

رواه الطبراني، وفيه ركين، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعّفه أحد، وبقية رجاله وثّقوا »(٢) .

ولا يخفى: أن مجرّد ذكر ابن أبي حاتم الراوي في كتابه ( الجرح والتعديل ) ليس بضائر في وثاقته، وإلّا فقد ذكر أحمد بن حنبل وأمثاله أيضاً.

هذا، ولابدّ من التنبيه على أنّ اللفظ الصحيح لسند هذا الحديث هو ما ذكرناه هنا، لا ما جاء بترجمة « خيثمة بن سليمان » فإنّه غلطٌ من النسخة، وقد ذُكر أن كتابه في ( فضائل الصحابة ) مطبوع، ولكنّا لم نقف عليه حتى الآن.

* * *

__________________

(١). أسد الغابة ٥ / ٤٢٥. ال طبعة الحديثة.

(٢). مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٩ / ١٠٩.

١٦٨

* وقال الحافظ الذهبي، بترجمة « جعفر بن سليمان »

« أخبرنا إسحاق الصفّار، أخبرنا يوسف الآدمي، أخبرنا أبو المكارم اللّبان، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا معاذ بن المثنى، حدثنا مسدد، حدثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين، قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريةً، واستعمل عليهم عليّاً، فأصاب جاريةً، فأنكروا عليه، قال: فتعاقد أربعة من الصحابة فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه - وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله، فسلّموا عليه، فلمـّا قدمت السرية، سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأقبل عليه رسول الله - يعف الغضب في وجهه - فقال:

ما تريدون من علي - ثلاث مرات - إنّ عليّاً مني وأنا منه، وهو ولي كلّ مؤمنٍ بعدي.

تابعه: قتيبة، وبشر بن هلال، وعفان. وهو من أفراد جعفر »(١) .

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ٨ / ١٩٩.

١٦٩

أقول:

أمّا ( إسحاق الصفّار ) فقد ترجم له الذهبي نفسه في ( المعجم المختص ) وفي ( معجم الشيوخ ) فذكر ولادته، ومشايخه، وأرّخ وفاته بسنة ٧١٠ قال: « ولي فيه مديح »(١) .

وأمّا ( يوسف الأدمي ) فهو: يوسف بن خليل الدمشقي، المتوفى سنة ٦٤٨:

ابن تغري بردى: « والحافظ شمس الدين يوسف بن خليل الدمشقي الأدمي، بحلب، في جمادى الآخرة، وله ٩٣ سنة »(٢) .

ابن رجب: « المحدّث، الحافظ، ذو الرحلة الواسعة وكان إماماً حافظاً، ثقة، ثبتاً، عالماً، واسع الرواية، جميل السيرة، متسع الرحلة، تفرّد في وقته بأشياء كثيرة عن الأصبهانيين، وخرّج وجمع لنفسه معجماً سئل عنه الحافظ الضياء فقال: حافظ مفيد، صحيح الأصول، سمع وحصّل الكثير، صاحب رحلة وتطواف.

وسئل الصّريفيني عنه فقال: حافظٌ ثقة، عالم بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم رجل »(٣) .

ابن العمّاد: « كان إماماً، حافظاً، ثقةً، نبيلاً، متقناً، واسع الرواية، جميل

__________________

(١). المعجم المختص: ٧١، الترجمة رقم ٨١، معجم شيوخ الذهبي ١ / ١٦٩ الترجمة رقم ١٧٢.

(٢). النجوم الزاهرة ٧ / ٢٢.

(٣). طبقات الحنابلة ٤ / ١٩٧.

١٧٠

السيرة، متسع الرحلة. قال ابن ناصر الدين: كان من الأئمة الحفّاظ المكثرين الرحّالين، بل كان أوحدهم »(١) .

الذهبي: « الإمام، المحدّث، الصادق، الرحّال، النقّال، شيخ المحدّثين، راوية الإسلام سمعت من حديثه شيئاً كثيراً وما سمعت العشر منه، وهو يدخل في شرط الصحيح، لفضيلته وجودة معرفته وقوّة فهمه وإتقان كتبه وصدقه وخيره »(٢) .

السيوطي: « ابن خليل. الحافظ المفيد الرحال، الإمام، مسند الشام محدّث حلب. وكان حافظاً ثقة عالماً بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم رجل، واسع الرواية، متقناً »(٣) .

وأمّا (أبو المكارم اللّبان ) فهو: أحمد بن أبي عيسى محمّد بن محمّد الإصفهاني المتوفى سنة ٥٩٧:

ابن تغري بردى: « وفيها توفي القاضي أبو المكارم أحمد بن محمّد الإصبهاني المعروف بابن اللبان العدل »(٤) .

ابن العماد: « وفيها توفّي: اللّبان القاضي العدل، أبو المكارم، مسند العجم، مكثر عن أبي علي الحداد »(٥) .

الذهبي: « القاضي العالم، مسند إصبهان، أبو المكارم مكثر عن أبي

__________________

(١). شذرات الذهب ٥ / ٢٤٣.

(٢). سير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٥١.

(٣). طبقات الحفاظ: ٤٩٩.

(٤). النجوم الزاهرة ٦ / ١٧٩.

(٥). شذرات الذهب ٤ / ٣٢٩.

١٧١

علي الحداد »(١) .

وأمّا ( أبو علي الحداد ) فقد عرفته في الكتاب.

وأمّا ( أبو نعيم ) ومن بعده، فقد عرفتهم في تصحيح سند الحافظ أبي نعيم الإصبهاني.

* * *

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٦٢.

١٧٢

الفصل الثالث

في خبر عبدالله بن عباس في المناقب العشر

١٧٣

١٧٤

قد عرفت أنّ ( حديث الولاية ) من أصحّ الأحاديث وأثبتها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنّ أهل السنة يروونه بأسانيدهم الكثيرة عن عدّة من الصحابة، وأشهرهم فيه: بريدة وعمران بن الحصين وابن عباس.

وفي هذا الفصل نبحث عن خصوص حديث ابن عباس، فإنّه حديث معتبر جدّاً، ومهمٌ جدّاً، لاشتماله على مناقب عشر من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لا يشاركه فيها أحد من غير أهل البيت والعترة الطاهرة ومن ضمنها حديث الولاية.

عقدنا هذا الفصل لذكر روايات جمعٍ من الأكابر لهذا الحديث بأسانيدهم، في الكتب المعروفة المشهورة بين أهل السنَّة، مع التحقيق في أحوال رجال تلك الأسانيد، لإثبات صحّة الكثير بل الغالب منها.

إنها فضائل يصلح كلّ واحدة منها بوحدها للإستدلال على إمامة أمير المؤمنين وخلافته بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مباشرةً مضافاً إلى ورود كلّ واحدةٍ منها بأسانيد اُخرى عن ابن عباسٍ وغيره من أعلام الصّحابة.

وقد كان غرضنا من عقد هذا الفصل - إلى جنب ما أشرنا إليه - الردّ على ابن تيميّة، في دعاوى له في كتابه ( منهاج السنّة )، وهي:

١ - دعوى أنّ علياًعليه‌السلام ما اختصَّ بفضيلةٍ.

٢ - دعوى أنّ ابن عباس كان يفضّل أبا بكر وعمر على عليعليه‌السلام .

١٧٥

٣ - دعوى أنّ حديث الولاية غير صحيح.

٤ - دعوى أنّ حديث المناقب العشر عن ابن عباس مرسل غير مسند.

هذا، وفي النيّة وضع كتاب شامل عن هذا الحديث، لكونه أيضاً من أصحّ الأحاديث وأثبتها، وأتمّ الأدلّة وأمتنها، في مسألة الإمامة بعد رسول الله، وبالله التوفيق.

١٧٦

لفظ الحديث كما في مسند أحمد

عن عمرو بن ميمون، قال:

« إني لجالس إلى ابن عباس، إذْ أتاه تسعة رهط، فقالوا:

يا ابن عباس، إمّا أنْ تقوم معنا، وإمّا أن تخلونا هؤلاء.

فقال ابن عباس: بل أقوم معكم.

قال: وهو يومئذ صحيح، قبل أنْ يعمى.

قال: فابتدؤا فتحدّثوا، فلا ندري ما قالوا.

قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: اُف وتف! وقعوا في رجلٍ له عشر وقعوا في رجلٍ:

- قال له رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: لأبعثنَّ رجلاً لا يخزيه الله أبداً، يحبّ الله ورسوله. قال: فاستشرف لها من استشرف. قال: أين علي؟ قالوا: هو في الرحل يطحن. قال: وما كان أحدكم ليطحن! قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر. قال: فنفث في عينيه، ثم هزّ الراية ثلاثاً، فأعطاها إيّاه فجاء بصفيّة بنت حيي.

- قال: ثم بعث فلاناً بسورة التوبة، فبعث عليّاً خلفه، فأخذها منه، قال: لا يذهب بها إلّارجل منّي وأنا منه.

- قال: وقال لبني عمّه: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال: وعلي جالس، فأبوا، فقال علي: أنا اُواليك في الدنيا والآخرة، قال: أنت ولييّ في

١٧٧

الدنيا والآخرة. قال: فتركه. ثم أقبل على رجلٍ منهم فقال: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا، قال: فقال علي: أنا اُواليك في الدنيا والآخرة. فقال: أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

- قال: وكان أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة.

- قال: وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوبه، فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين، فقال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) .

- قال: وشرى علي نفسه، لبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم نام مكانه، قال: وكان المشركون يرمون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فجاء أبو بكر وعلي نائم، قال: وأبو بكر يحسب أنه نبي الله، قال: فقال: يا نبي الله. قال: فقال له علي: إنّ نبي الله صلّى الله عليه وسلّم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. قال: وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله وهو يتضوّر قد لفّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف عن رأسه، فقالوا: إنك للئيم. كان صاحبك نراميه فلا يتضوّر وأنت تتضوّر، وقد استنكرنا ذلك.

- قال: وخرج بالناس في غزوة تبوك، قال: فقال له علي: أخرج معك؟ قال فقال له نبي الله: لا فبكى علي، فقال له: أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنك لست بنبي، إنّه لا ينبغي أنْ أذهب إلّا وأنت خليفتي.

- قال: وقال له رسول الله: أنت وليي في كلّ مؤمنٍ بعدي.

- وقال: سدّوا أبواب المسجد غير باب علي، فقال: فيدخل المسجد جنباً

١٧٨

وهو طريقه، ليس له طريق غيره.

- قال: وقال: من كنت مولاه فإن مولاه علي.

- قال: وأخبرنا الله عزّ وجلّ في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة، فعلم ما في قلوبهم. هل حدّثنا أنه سخط عليهم بعدُ؟ قال: وقال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم لعمر حين قال: إئذن لي فلأضرب عنقه، قال: أو كنت فاعلاً؟ وما يدريك لعلّ الله قد اطّلع إلى أهل بدرٍ فقال: اعملوا ما شئتم ».

١٧٩

أسماء أشهر رواة الحديث كلّه أو بعضه

وهذه أسماء جمع من أشهر مشاهير الأئمّة الأعلام من أهل السنّة، في القرون المختلفة، الرواة لهذا الحديث، كلّه أو بعضه، بأسانيدهم المنتهية إلى عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

١ - شعبة بن الحجاج، المتوفى سنة ١٦٠.

٢ - أبو داود الطيالسي، المتوفى سنة ٢٠٤.

٣ - محمّد بن سعد كاتب الواقدي، المتوفى سنة ٢٣٠.

٤ - أحمد بن حنبل، المتوفى سنة ٢٤١.

٥ - محمد بن عيسى الترمذي، المتوفى سنة ٢٧٩.

٦ - أبو بكر ابن أبي عاصم، المتوفى سنة ٢٨٩.

٧ - أبو بكر البزار، المتوفى سنة ٢٩٢.

٨ - أبو عبدالرحمن النسائي، المتوفى سنة ٣٠٣.

٩ - أبو يعلى الموصلي، المتوفى سنة ٣٠٧.

١٠ - أبو عبدالله المحاملي، المتوفى سنة ٣٣٠.

١١ - أبو القاسم الطبراني، المتوفى سنة ٣٦٠.

١٢ - أبو عبدالله الحاكم النيسابوري، المتوفى سنة ٤٠٥.

١٣ - ابن عبدالبر القرطبي، المتوفى سنة ٤٦٣.

١٨٠

١٤ - الحاكم الحسكاني، من أعلام القرن الخامس.

١٥ - ابن عساكر الدمشقي، المتوفى سنة ٥٧١.

١٦ - ابن الأثير الجزري صاحب اُسد الغابة، المتوفى سنة ٦٣٠.

١٧ - أبو عبدالله الكنجي، المتوفى سنة ٦٥٢.

١٨ - أبو العباس محبّ الدين الطبري المكي، المتوفى سنة ٦٩٤.

١٩ - جمال الدين المزي، المتوفى سنة ٧٤٢.

٢٠ - أبو عبدالله شمس الدين الذهبي، المتوفى سنة ٧٤٨.

٢١ - ابن كثير الدمشقي، المتوفى سنة ٧٧٤.

٢٢ - أبو بكر نور الدين الهيثمي، المتوفى سنة ٨٠٧.

٢٣ - شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة ٨٥٢.

١٨١

(١)

رواية شعبة

روى شعبة بن الحجاج هذا الحديث عن: أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، جاء ذلك:

في رواية أبي داود الطيالسي(١) .

وفي رواية الترمذي(٢) .

وفي رواية ابن كثير(٣) .

وفي رواية غيرهم.

أقول:

و ( شعبة بن الحجاج ) من رجال الصحاح الستة، ومن كبار الأئمة.

وهذه أوصاف ذكرها له أئمة القوم:

قال يحيى بن معين: شعبة إمام المتّقين.

وقال أبو زيد الأنصاري: هل العلماء إلّا شعبة من شعبة؟

__________________

(١). أنظر البداية والنهاية ٧ / ٣٤٦.

(٢). صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٩.

(٣). البداية والنهاية ٧ / ٣٤٣.

١٨٢

وقال يحيى بن سعيد: لا يعدل شعبة عندي أحد.

قال عفان: كان شعبة من العبّاد.

وقال سفيان الثوري لشعبة: أنت أمير المؤمنين في الحديث.

وكان سليمان بن المغيرة يقول: شعبة سيد المحدّثين.

وقال أحمد: كان شعبة اُمّة وحده في هذا الشأن.

توفّي سنة ١٦٠(١) .

(٢)

رواية أبي داود الطيالسي

قال الحافظ ابن كثير:

« وقال أبو داود الطيالسي: عن شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس:

إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت ولي كلّ مؤمنٍ بعدي ».

أقول:

قد تقدّم الكلام على هذا السند بالتفصيل في الكتاب.

__________________

(١). من مصادر ترجمته: الجرح والتعديل ١ / ١٢٦، حلية الأولياء ٧ / ١٤٤، تاريخ بغداد ٩ / ٢٥٥، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢٤٤، سير أعلام النبلاء ٧ / ٢٠٢، وفيات الأعيان ٢ / ٤٦٩، تهذيب التهذيب ٤ / ٣٨٨.

١٨٣

(٣)

رواية ابن سعد

وقال ابن سعد في ( طبقاته ) تحت عنوان ( ذكر إسلام علي وصلاته ):

« أخبرنا يحيى بن حماد البصري قال: أخبرنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال:

أول من أسلم من الناس بعد خديجة علي »(١) .

أقول:

وهذا السّند صحيح، كما عرفته في الكتاب.

وأمّا ( ابن سعد ) نفسه، فهذه ترجمته باختصار:

محمّد بن سعد بن منيع، أبو عبدالله البغدادي، كاتب الواقدي.

حدّث عنه: أبو بكر ابن أبي الدنيا، وأحمد بن يحيى البلاذري، وأبو القاسم البغوي، والحسين بن فهم، وغيرهم.

قال أبو حاتم: صدوق.

قال الخطيب: محمّد بن سعد عندنا من أهل العدالة، وحديثه يدل على صدقه.

وقال الذهبي: محمّد بن سعد بن منيع، الحافظ العلاّمة الحجة.

وقال ابن حجر: أحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرّين.

توفي سنة ٢٣٠(٢) .

__________________

(١). الطبقات الكبرى ٣ / ٢١.

(٢). تاريخ بغداد ٥ / ٣٢١، سير أعْلام النبلاء ١٠ / ٦٦٤، تهذيب التهذيب ٩ / ١٦١.

١٨٤

(٤)

رواية أحمد بن حنبل

وأخرج أحمد بن حنبل هذا الخبر في ( المسند ) واللفظ المذكور في أوّل الفصل له.

فقد جاء في ( المسند ).

« حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس » الحديث بطوله(١) .

وفيه بعد ذلك:

« حدثنا عبدالله، حدّثني أبي، ثنا أبو مالك كثير بن يحيى، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، نحوه »(٢) .

أقول:

(أبو عوانة ) و (أبو بلج ) و (عمرو بن ميمون ) رجال أعلام موثّقون، وقد ترجمنا لهم في الكتاب، في رواية أبي داود لحديث الولاية، فلا نعيد.

و (يحيى بن حمّاد ) الواسطة بين أحمد وأبي عوانة، ترجمنا له في رواية أحمد.

__________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣٠.

(٢). مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣١.

١٨٥

وأمّا (أبو مالك كثير بن يحيى ) الواسطة بينهما في السند الثاني، قال ابن أبي حاتم الرازي:

« كثير بن يحيى بن كثير، أبو مالك البصري، روى عن أبي عوانة، ومطر ابن عبدالرحمن الأعنق، وواهب بن سوار، وسعيد بن عبدالكريم بن سليط.

سمعت أبي يقول ذلك.

قال أبو محمد: روى عنه أبي وأبو زرعة.

نا عبدالرحمن قال: سألت أبي عن كثير بن يحيى بن كثير فقال: محلّه الصدق، وكان يتشيّع.

نا عبدالرحمن قال: سئل أبو زرعة عن كثير بن يحيى، فقال: صدوق »(١) .

أقول:

فالرجل عند « أبي حاتم الرازي » « محلّه الصّدق » وكذا عند « أبي زرعة ».

وقد ذكر الحافظ الذهبي بترجمة أبي حاتم ما نصّه:

« إذا وثّق أبو حاتم رجلاً فتمسّك بقوله، فإنّه لا يوثّق إلّا رجلاً صحيح الحديث، وإذا ليّن رجلاً، أو قال فيه: لا يحتج به. فتوقّف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإنْ وثّقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم، فإنّه متعنّت في الرجال »(٢) .

وقوله: « كان يتشيّع » غير مضر عندهم كما نصّ الحافظ ابن حجر على

__________________

(١). الجرح والتعديل ٧ / ١٥٨.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٠، وكذا قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري: ٤٤١.

١٨٦

ذلك، في مواضع، منها بترجمة « خالد بن مخلد القطواني » حيث ذكر قولهم: « كان يتشيع » فقال:

« قلت: أمّا التشيّع، فقد قدّمنا أنّه - إذا كان ثبت الأخذ والأداء - لا يضرّه، سيّما ولم يكن داعية إلى رأيه »(١) .

بل ذكر الحافظ ابن حجر بترجمة « عبّاد بن يعقوب الرواجني » - شيخ البخاري - ما نصّه:

« رافضي مشهور، إلّا أنه كان صدوقاً »(٢) .

أقول:

ولأجل « التشيّع » تكلّم بعضهم في « كثير بن يحيى »، فلذا أورده الذهبي في ( الميزان )، مع أن ابن عدي لم يذكره في ( الكامل ):

« كثير بن يحيى بن كثير صاحب البصري. شيعي. نهى عباس العنبري الناس عن الأخذ عنه. وقال الأزدي: عنده مناكير. ثم ساق له عن أبي عوانة، عن خالد الحذاء، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: سمعت عليّاًرضي‌الله‌عنه يقول: ولي أبو بكر وكنت أحق الناس بالخلافة.

قلت: هذا موضوع على أبي عوانة، ولم أعرف من حدّث به عن كثير »(٣) .

وقال ابن حجر في ( لسان الميزان ) بعدما تقدم عن الذهبي:

« وقد روى عنه: عبدالله بن أحمد، وأبو زرعة، وغيرهما. قال أبو حاتم:

__________________

(١). مقدمة فتح الباري: ٣٩٨.

(٢). مقدمة فتح الباري: ٤١٠.

(٣). ميزان الإعتدال ٣ / ٤١٠.

١٨٧

محلّه الصدق وكان يتشيّع. وقال أبو زرعة: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، فلعلَّ الآفة ممّن بعده »(١) .

أقول:

لكنّ العجب من الذهبي وابن حجر كيف يذكران كلام الأزدي في مقابل كلام الأئمة كأبي حاتم وأبي زرعة وغيرهما، وخاصّةً بعد كلام أبي حاتم وقد ذكرا حاله في الجرح والتعديل كما عرفته؟

بل كيف يذكران كلام الأزدي، وقد نصّ كلاهما على ضعفه وعدم الإعتناء بتجريحاته:

قال الذهبي - بعد نقل تضعيفه لبعض الرجال -: « قلت: هذه مجازفة، ليت الأزدي عرف ضعف نفسه »(٢) .

وقال ابن حجر: « قلت: قدّمت غير مرة: أن الأزدي لا يعتبر تجريحه، لضعفه هو »(٣) .

(٥)

رواية التّرمذي

وأخرج الترمذي في ( صحيحه ) قطعةً من هذا الحديث، إذ رواه بسنده

__________________

(١). لسان الميزان ٤ / ٥٨٠. الطبعة المحققة.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٨٩.

(٣). مقدمة فتح الباري: ٤٣٠.

١٨٨

عن شعبة عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون قال:

« حدّثنا محمّد بن حميد الرازي، حدّثنا إبراهيم بن المختار، عن شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس:

إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بسدّ الأبواب إلّا باب علي ».

ثم قال الترمذي:

« هذا حديث غريب، لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلّامن هذا الوجه »(١) .

أقول:

(محمد بن حُميد الرازي ) من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجة.

وحدّث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومحمّد بن جرير الطبري، وأبو القاسم البغوي.

ومع ذلك، فقد تكلموا فيه، وربما نسبوه إلى الكذب(٢) !!

و (إبراهيم بن المختار ) التميمي الرازي.

من رجال البخاري في المتابعات، والترمذي، وابن ماجة.

قال ابن حجر: « صدوق ضعيف الحفظ »(٣) .

__________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٩.

(٢). ميزان الإعتدال ٣ / ٥٣٠.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٤٣.

١٨٩

(٦)

رواية ابن أبي عاصم

وروى الحافظ أبو بكر ابن أبي عاصم الشيباني المتوفى سنة ٢٨٧ هذا الحديث حيث قال:

« حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن يحيى بن سليم أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لأبعثنَّ رجلاً يحبّه الله ورسوله لا يخزيه الله أبداً، قال: فاستشرف لها من استشرف قال: فقال: أين علي؟ قال: فدعاه وهو أرمد ما يكاد أنْ يبصر، فنفث في عينيه، ثم هزّ الراية ثلاثاً فدفعها إليه، فجاء بصفيّة بنت حيي.

وبعث أبا بكر بسورة التوبة، فبعث علياً خلفه فأخذها منه، فقال أبو بكر لعلي: الله ورسوله(١) . قال: لا ولكنْ لا يذهب بها إلّارجل هو مني وأنا منه.

وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لبني عمّه: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا، فقال عليعليه‌السلام : أنا اواليك في الدنيا والآخرة، فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة.

قال: ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحسن والحسين وعلياً وفاطمة، ومدّ عليهم ثوباً ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

__________________

(١). كذا.

١٩٠

قال: وكان أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة.

قال: وشرى بنفسه، لبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم ونام مكانه، فجعل المشركون يرمونه كما كانوا يرمون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهم يحسبون أنه نبي اللهعليه‌السلام . قال: فجاء أبو بكر فقال: يا نبي الله. قال فقال علي: إن نبي الله قد ذهب نحو بئر ميمون، فبادر فاتبعه فدخل معه الغار. قال: وكان المشركون يرمون علياً وهو يتضوّر وأنك تتضوّر، استنكرنا في ذلك.

قال: وخرج الناس في غزوة تبوك فقال علي: أخرج معك؟ قال: لا، قال: فبكى، قال: أفلا ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنك لست بنبي وأنت خليفتي في كلّ مؤمن من بعدي.

وسدّت أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد وهو جنب، وهو طريقه، ليس له طريق غيره.

قال: وقال: من كنت وليّه فعلي وليّه.

قال: قال ابن عباس: قد أخبرنا الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة، فهل حدّثنا بعد أنْ سخط عليهم؟ »(١) .

أقول:

سند هذا الحديث نفس سند النسائي، فلاحظ.

__________________

(١). كتاب السنّة: ٥٨٨ - ٥٨٩ برقم ١٣٥١.

١٩١

(٧)

رواية البزّار

ورواه الحافظ أبو بكر البزار، قال:

« حدثنا محمد بن المثنى، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس:

إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال

فذكر حديثاً بهذا ثم قال:

وبه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

وقال الحافظ الهيثمي:

« وعن ابن عباس: ان النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

رواه البزار في أثناء حديث، ورجاله ثقات »(٢) .

أقول:

رجاله ثقات كما قال وهو نفس سند الحافظ النسائي.

__________________

(١). كشف الأستار عن زوائد البزار للحافظ الهيثمي ٣ / ١٨٩.

(٢). مجمع الزوائد ٩ / ١٠٨.

١٩٢

(٨)

رواية النسائي

وأخرج النسائي هذا الحديث في ( خصائص الإمام أمير المؤمنين ) بطوله(١) .

أخرجه عن « محمّد بن المثنى » عن « يحيى بن حمّاد » عن « أبي عوانة » عن « أبي بلج » عن « عمرو بن ميمون ».

أقول:

فكان الواسطة بينه وبين « يحيى بن حمّاد » شيخه: ( محمّد بن المثنّى ) وهو من رجال الصحاح الستة.

وهذه خلاصة ترجمته في ( تهذيب الكمال ):

« محمّد بن المثنى، أبو موسى البصري، الحافظ المعروف بالزمن.

روى عنه: الجماعة، وأبو يعلى، والفريابي، والمحاملي، وابن خراش، والذهلي، وابن صاعد، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان.

عن حيى بن معين: ثقة.

وعن الذهلي: حجة.

وعن صالح جزرة: صدوق اللهجة.

وعن أبي حاتم: صالح الحديث، صدوق.

__________________

(١). خصائص أمير المؤمنين: ٦١.

١٩٣

وعن ابن خراش: كان من الأثبات.

وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الخطيب: كان صدوقاً، ورعاً، فاضلاً، عاقلاً.

وقال في موضعٍ آخر: كان ثقة ثبتاً، إحتج سائر الأئمة بحديثه »(١) .

(٩)

رواية أبي يعلى

وأخرج أبو يعلى الموصلي، قال:

« أنبأنا يحيى بن عبدالحميد، أنبأنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.

فقال: أين علي؟

قالوا: يطحن.

قال: وما كان أحد منهم يرضى أن يطحن؟

فاُتي به. فدفع إليه الراية، فجاء بصفيّة بنت حيي »(٢) .

وأخرجه أيضاً فقال:

« أنبأنا زهير، أنبأنا يحيى بن حماد، أنبأنا أبو عوانة، أنبأنا أبو بلج، عن

__________________

(١). تهذيب الكمال في أسماء الرجال ٢٦ / ٣٥٩.

(٢). رواه عنه بسنده: الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، كما سيأتي.

١٩٤

عمرو بن ميمون قال:

إني لجالس عند ابن عبّاس، اذْ أتاه سبعة رهط قالوا ».

الحديث بطوله(١) .

وقال الحافظ ابن كثير:

« رواية ابن عباس:

وقال أبو يعلى: حدثنا يحيى بن عبدالحميد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله.

فقال: أين علي؟

قالوا: يطحن.

قال: وما أحد منهم يرضى أن يطحن؟

فاُتي به. فدفع إليه الراية. فجاء بصفيّة بنت حيي بن أخطب »(٢) .

أقول:

فأبو يعلى - يروي هذا الخبر تارةً: عن « يحيى بن عبدالحميد » عن « أبي عوانة » واُخرى: عن « زهير » عن « يحيى بن حمّاد » عن « أبي عوانة »

أمّا ( زهير ) فهو: « زهير بن أبي خيثمة » وقد ترجمنا له في الكتاب.

__________________

(١). رواه عنه بسنده: الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، كما سيأتي.

(٢). البداية والنهاية ٧ / ٣٣٨.

١٩٥

وكذا (يحيى بن حماد ) وإلى آخر السند.

فالطريق الثاني صحيح بلا كلام.

وأمّا (يحيى بن عبدالحميد ) وهو الحِماني الكوفي، فقد وقع بينهم حوله كلام كثير وخلاف شديد جدّاً(١) .

فمنهم: من تكلَّم فيه بصراحةٍ.

فعن ابن خزيمة: سمعت الذهلي يقول: ذهب كالأمس الذاهب.

وعن الذهلي أيضاً: إضربوا على حديثه بستّة أقلام.

وعن النسائي: ليس بثقة. وقال مرّةً: ضعيف.

وعن علي بن المديني: أدركت ثلاثة يحدّثون بمالا يحفظون: يحيى بن عبدالحميد

وقال محمّد بن عبدالله بن عمار: يحيى الحماني سقط حديثه.

قال الحسين بن إدريس: فقيل لابن عمّار: فما علَّته؟

قال: لم يكن لأهل الكوفة حديث جيّد غريب، ولا لأهل المدينة، ولا لأهل بلدٍ حديث جيّد غريب، إلّا رواه، فهذا يكون هكذا.

ومنهم: من وثّقه بصراحةٍ.

روى عباس عن يحيى بن معين: أبو يحيى الحماني ثقة وابنه ثقة.

وقال أحمد بن زهير عنه: يحيى الحماني ثقة.

وقال أحمد بن زهير عنه: ما كان بالكوفة رجل يحفظ معه، وهؤلاء يحسدونه.

__________________

(١). الكلمات كلّها منقولة عن سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٢٦.

١٩٦

وروى عنه عثمان بن سعيد: صدوق مشهور، ما بالكوفة مثله، ما يقال فيه إلّا من حسد.

وقال عبدالخالق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة.

وقال أحمد بن منصور الرمادي: هو عندي أوثق من أبي بكر بن أبي شيبة، وما يتكلّمون فيه إلّا من الحسد.

ابن صالح المصري: قال البغوي: كنا على باب يحيى الحماني، فجاء يحيى بن معين على بغلته، فسأله أصحاب الحديث أنْ يحدّثهم، فأبى، وقال: جئت مسلّماً على أبي زكريا، فدخل، ثم خرج، فسألوه عنه، فقال: ثقة ابن ثقة.

وكذلك روى توثيقه عن يحيى بن معين: مطيَّن، وأحمد بن أبي يحيى، وعبدالله بن الدورقي وغيرهم، حتى قال محمّد بن أبي هارون الهمذاني: سألته عنه، فقال: ثقة وأبوه ثقة. فقلت: يقولون فيه. قال: يحسدونه، هو - والله الذي لا إله إلّا هو - ثقة.

وقال مطيَّن: سألت محمّد بن عبدالله بن نمير عن يحيى الحماني، فقال: هو ثقة، هو أكبر من هؤلاء كلّهم، فاكتب عنه.

وقال أبو أحمد بن عدي: ليحيى الحماني مسند صالح، ويقال: إنه أول من صنف المسند بالكوفة ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير، وأرجو أنه لا بأس به.

ومنهم: من اختلف كلامه فيه.

قال محمّد بن عبدالرحمن السامي الهروي: سئل أحمد بن حنبل عن يحيى الحماني: فسكت فلم يقل شيئاً.

١٩٧

وقال الميموني: ذكر الحماني عند أحمد فقال: ليس بأبي غسّان بأس. ومرةً ذكره، فنفض يده وقال: لا أدري.

وقال مطيّن: سألت أحمد بن حنبل عنه، قلت له: تعرفه؟ لك به علم؟ فقال: كيف لا أعرفه؟ قلت: أكان ثقة؟ قال: أنتم أعرف بمشايخكم.

قال أبو داود: سألت أحمد عنه. فقال: ألم تره؟ قلت: بلى. قال: إنك إذا رأيته عرفته.

وقال عبدالله بن أحمد: قلت لأبي: إن ابني أبي شيبة يقدمون بغداد، فما ترى فيهم؟ فقال: قد جاء ابن الحماني إلى هاهنا، فاجتمع عليه الناس، وكان يكذب جهاراً، ابن أبي شيبة على كلّ حالٍ يصدق

قال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلَّمان في يحيى الحماني.

أقول:

لقد وثّق غير واحدٍ من الأئمة ( يحيى بن عبدالحميد الحماني ) وعلى رأسهم يحيى بن معين.

وتكلّم فيه أيضاً جماعة، وعلى رأسهم أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني.

أمّا أحمد، فكلامه في جرح الرجل غير صحيح، فإنّه لمـّا سئل عنه « سكت » أو قال: « أنتم أعرف بمشايخكم » أو قال: « إذا رأيته عرفته ». نعم، جاء في خبر جوابه لسؤال ولده منه عن يحيى: « كان يكذب جهاراً ». لكنّ هذا الخبر لم يصدّقه المحقّقون من القوم، قال الذهبي بعد نقل الكلمات -:

« قلت: لا ريب أنه كان مبرّزاً في الحفظ، كما كان سليمان الشاذكوني،

١٩٨

ولكنه أصون من الشاذكوني، ولم يقل أحد قط: إنه وضع حديثاً، بل ربما كان يتلقَّط أحاديث ويدّعي روايتها، فيرويها على وجه التدليس ويوهم أنه سمعها، وهذا قد دخل فيه طائفة، وهو أخف من افتراء المتون. قال أبو حاتم الرازي: لم أر من المحدّثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظٍ واحدٍ لا يغيّره، سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري، وسوى يحيى الحماني في حديث شريك، وعلي بن الجعد في حديثه ».

وكذلك نسب رميه بالكذب إلى ابن نمير، ولا أساس لذلك من الصحة. قال ابن عدي: « أخبرنا عبدالله قال قال ابن نمير: الحماني كذاب. فقيل لعبدان: سمعته منه؟ قال: لا » بل روى مطيَّن عن ابن نمير قوله في يحيى: « هو ثقة، هو أكبر من هؤلاء كلّهم، فاكتب عنه ».

وأمّا علي بن المديني، فقد تقدم أن السّبب في تكلّمه فيه أنّه كان يحدّث بمالا يحفظ.

أقول:

لكن الذي يظهر أن السبب الأصلي للتكلّم فيه أمران:

أحدهما: الحسد.

وهذا ما كان يؤكّد عليه يحيى بن معين وغيره، وذلك لأنّه قد ألّف المسند الكبير، وقد ذكر ابن عدي أنّه أوّل من صنف المسند، ووصفه بأنه مسند صالح، وقد ذكر الحماني نفسه هذا السّبب، فقد حكى العقيلي عن علي بن عبدالعزيز: سمعت يحيى الحماني يقول لقومٍ غرباء في مجلسه:

من أين أنت؟ فأخبروه.

١٩٩

فقال: سمعتم ببلدكم أحداً يتكلَّم فيَّ ويقول: إني ضعيف في الحديث؟

لا تسمعوا كلام أهل الكوفة، فإنّهم يحسدونني، لأني أوّل من جمع المسند، وقد تقدّمتهم في غير شيء.

والسبب الآخر هو: التشيّع.

قال أبو داود: سألته عن حديثٍ لعثمان، فقال لي: تحبُّ عثمان؟

وقال أحمد بن محمّد بن صدقة وأبو شيخ، عن زياد بن أيوب دلّويه، سمعت يحيى بن عبدالحميد يقول: مات معاوية على غير ملّة الإسلام. قال أبو شيخ: قال دلّويه: كذب عدوّ الله ».

وكأنّ التشيّع هو السبب الوحيد لإيراده في ( ميزان الإعتدال )، فقد قال الذهبي بعد الكلمات فيه:

« قال ابن عدي: ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير، وأرجو أنه لا بأس به ».

فتعقّبه قائلاً: « قلت: إلّا أنّه شيعي بغيض قال زياد بن أيوب: سمعت يحيى الحماني يقول: كان معاوية على غير ملّة الإسلام. قال زياد: كذب عدوّ الله »(١) .

أقول:

لكنّ الحافظ ابن حجر أعرض عمّا فعله الذهبي وقاله في الرجل، فلم يذكره في ( لسان الميزان ) أصلاً

__________________

(١). ميزان الإعتدال: ٤ / ٣٩٢.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398