نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 222544 / تحميل: 8075
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

التعليم في الإسلام

٨١

٨٢

التعليم في الإسلام

اتجاهان رئيسان في التّربية والتّعليم

الدراسة والتدريب

يجب أن نفصل بين اتّجاهين في أمر التربية والتعليم. ويُعرّف هذان الاتّجاهان في الأوساط التربوية بالدراسة، والتدريب، علماً بأنّ بعض المربِّين ينظر إليهما على أنّهما اتّجاه واحد، معتبرين الدراسة هي التدريب نفسه.

طريقة تعلّم الإنسان

يتعلّم الإنسان في حياته كثيراً من الأشياء، ويُمارس أفراد النوع الإنساني عادات متنوّعة خلال المراحل المختلفة للنمو. ويمكن القول بأنّ رغبات الإنسان تعلّمية أيضاً، لأسباب متنوّعة وتمثّل بعض رغباته حاجاته الأساسية التي كانت تعتبر في الماضي غرائز. وهذه الرغبات نفسها من حيث الشكل يتمّ تعلّمها بأشكال متباينة في الحضارات المتنوّعة. فالرغبة في الاستطلاع والرغبة في الحياة مع الآخرين، والرغبة في الطعام، والرغبة في الحركة والنشاط، والرغبة في الاستراحة، هي من الرغبات الجوهرية للإنسان. بيد أنّ ظهورها وإشباعها يختلفان تبعاً للحضارات المتنوّعة، والشرائح الاجتماعية المعيّنة. فبعض الرغبات من نحو الرغبات المتعلّقة بالنشاطات العلمية، ومطالعة الكتب، والنشاطات النفنيّة،

٨٣

والرياضة، والنشاطات الاجتماعية، والنشاطات الدينيّة على صعيد واسع هي رغبات تعلّميّة. ولابدّ للإنسان أن يكتسب مهارات معيّنة في تعامله مع الطبيعة، ومع بني جنسه، وكذلك في تعامله مع مختلف المسائل والمشاكل. تبدأ هذه المهارات من أشكال بسيطة، نحو: قطف الثمار، وفصل الحبوب، وتنتهي بمهارات معقّدة من نحو: تصليح السيّارة والباخرة، وكذلك المهارات الفكرية في التعامل مع مختلف المسائل، فهذه المهارات يتمّ تعلّمها أيضاً.

مضافاً إلى العادات والرغبات والمهارات، فإنّ الإنسان - تدريجاً وفي ظلّ دراسة الظواهر المتنوّعة - يقوم بتدوين العلم والفلسفة والفن والأخلاق، ويأتي بمعلومات متنوّعة في هذه الحقول. ومن أجل أن يتعرف الأشخاص على الظواهر، لابدّ لهم من الحصول على المعلومات الضرورية، وعلى نفس النسق، فإنّ فهم الأفراد للأُمور المختلفة، وكذلك طريقة حياتهم، من الأشياء التي يتعلّمونها.

إنّ الحديث يدور حول كيفية تعلّم الإنسان لهذه الأشياء. مضافاً إلى ذلك، فإنّ القضية الأساسية تتمثّل في الشكل الذي تتحقق فيه طريقة التعلّم، والظروف التي تكون فيها مفيدة للإنسان، بحيث تحدث تطوّرات جذرية في سلوكه. وبالنظر إلى أنّ الدراسة ترتبط بعملية التعلّم، لذلك يجب أن نلحظ كيف يتّخذ هذا الاتّجاه طابعاً تربوياً.

اتجاهان في التعلّم

الأول: التدريب(*)

إنّ مدرسة السلوك هي واضعة الحجر الأساس لهذا الاتّجاه، فلقد طُرح التعلّم

____________________

(*) ويطلق عليه الترويض، والترابط، ويعبّر عنه بعض العلماء بقولهم: النظرية الترابطية لوجود الترابط بين المثير والاستجابة. المعرِّب.

٨٤

عن طريق التدريب، أو بتعبير علمي أدق عن الطّريق الترابطي أو الشرطي من قِبَل العالم الروسي (بافلوف)، حيث تنبّه هذا العالِم إلى البعد الشرطي في السلوك من خلال دراسته لسلوك الكلب وردّ الفعل الذي أبداه حيال المثير. ولحظ في تجاربه أنّ مجاورة شيء - من طبيعته أنّه يدفع الحيوان إلى إبداء ردّ فعل معيّن - يؤدّي إلى انتقال ردّ فعل الحيوان إلى ذلك الشيء. وكان (بافلوف) يعلم بأنّ الكلب عندما تقع عينه على قطعة من اللحم، يسيل لعابه ذاتياً، فالقطعة هي المثير أو العامل الطبيعي، والحيوان يبدي ردّ فعل حياله لا إرادياً، وسيل اللعاب في فم الكلب هو ردّ فعل أيضاً إزاء مشاهدة اللحم. فعَلِم (بافلوف) بأنّه لو تمّ قرع الجرس، متزامناً مع تقديم قطعة اللحم أمام الكلب، وتكرر هذا الأمر في ظرف خاص، فإنّ صوت الجرس - بوصفه مثيراً شرطيّاً أو غير طبيعي - هو الذي يحدث ردّ الفعل الطبيعي أو سيل اللعاب. بكلمة بديلة، يتدرّب الكلب على إبداء ردّ الفعل الطبيعي بمجرّد سماع صوت الجرس، وذلك بسبب مجاورة صوت الجرس لقطعة اللحم. وفي المعسكرات تتدرّب الخيول على النوم تدريجاً بمجرّد سماع صوت الصفّارة، علماً أنّه في بادئ الأمر كان الجنود يجبرون الخيول على النوم بمجرّد سماع صوت الصفّارة، بيد أنّ صوت الصفّارة ذاتياً أحدث ردّ الفعل هذا عند الخيول تدريجاً.

يتعلم الإنسان كثيراً من الأشياء عن هذا الطريق أيضاً. على سبيل المثال، يتعلم الأطفال أسماء الأشياء عن هذا الطريق، ففي البداية يسمع الأطفال كلمات ليس لها معنى عندهم، بيد أنّ مجاورة هذه الكلمات للأشياء أو الحركات المعيّنة تفضي إلى تعلّمها من قبلهم.

وهنا يصرّ أتْباعُ مدرسة السلوك أن يفسّروا جميع نشاطات الإنسان في ضوء هذا الاتّجاه، حتى أنّهم يرون أنّ الإدراك البسيط للأشياء، وكذلك الممارسات المعقدة كالتفكير والاستدلال، تخضع للتفسير وفقاً لهذا الاتّجاه.

وكما تقدّم، فإنّ الإنسان لا يتعلم أسماء الأشياء بهذا المنحى فحسب، بل

٨٥

يمكنه أن يحصل على معلوماته بواسطته أيضاً. على سبيل المثال، نجد الطفل الموهوب يقوم بما يسمّى تعلّم القصيدة وعنوانها أو حفظها. ففي بادئ الأمر، نرى أنّه لا يتبادر إلى ذهن الطفل أيّ موضوع من وراء عنوان القصيدة، بيد أنّ تكرار العنوان ومجاورته لأبيات معيّنة يجعلان الطفل يقرأ تلك الأبيات بمجرّد ذكر العنوان. كما يلحظ أنّ الفهم والتعقّل غير ضروريين في مثل هذه الحالة. وفي الأعمّ الأغلب، فإنّ الطلاّب يتعلمون مواضيع درس ما على نفس النسق، حيث يطرح المعلّم عنوان الموضوع، ثم تستتليه مباشرة ما يتعلّق به من آراء أو مواضيع.

إنّ مجاورة العنوان للمواضيع تُحدِثُ علاقةً ميكانيكية في ذهن الطالب، فبمجرّد طرح العنوان، تأتي المواضيع في ذهنه تباعاً. ويصادف أحياناً أن تكون ذاكرة الطلاّب جيّدة، فيستطيعون أن يستعيدوا شريط المواضيع المسموعة أو المقروءة بسهولة، وأحياناً يعتريهم خلل عند تذكّر المواضيع. وعندما تكون هناك حلول معيّنة للمسائل المتنوّعة، وتطرح كلّ مسألة مع حلولها، فإنّ هذه الحلول تباشر ذهن الطالب اوتوماتيكيّاً بمجرّد طرح المسألة.

بيد أنّ الإنسان يمكن أن يتعلّم حتى أسماء الأشياء عن طريق الفهم والتعقل. لقد أصبحت نظرية بافلوف في الإتّحاد السوفيتي (سابقاً) أساس الدراسات الخاصّة بعلم النفس والطبّ النفساني. ويفاد من هذه النظرية أيضاً في الدراسة، ثم أصبحت هذه النظرية - كما ذكرنا - أساس مدرسة السلوك في الولايات المتّحدة.

لقد جاء بعد واتسون، عالم النفس الأميركي: (سكينر)، فواصَلَ أبحاثَه حول ردّ الفعل الشرطي، وبادر إلى طرح النظرية الشرطية - العملية. وفي ضوء هذه النظرية، فإنّ الكائن الحي يقوم بنشاط معيّن إرادياً، ولو كان هذا النشاط مقروناً بالمكافأة، فإنّ الكائن الحي سيقوم بنفس النشاط في ظروف خاصّة مستقبلاً. وعلى هذا الأساس، فإنّ المكافأة ترسّخ سلوكاً معيّناً فيه. والعقوبة أيضاً تردع الكائن الحي - بنفس الشكل - عن القيام بذلك النشاط. فلا ريب أنّ المكافأة والعقوبة

٨٦

مؤثّرتان في ترسيخ سلوك معيّن أو تركه، ويخضع أفراد النوع الإنساني لتأثير هذين العاملين أيضاً.

كان لآراء (سكينر) تأثير بالغ في نظام التربية والتعليم في أميركا، حتى قامت بعض المدارس التربوية بجعل آرائه أساساً لبرامجها التعليميّة.

وهنا لا ننوي أن نتحدث حول النظرية الشرطية، علماً بأنّ ثمّة شبهاً واختلافاً بين النظرية الشرطية الكلاسيكية المتوكّئة على تجارب (بافلوف)، وبين النظرية الشرطية - العملية. فيجب الرجوع إلى كتب علم النفس، للحصول على معلومات أكثر في هذا المجال.

بيد أنّ المقطوع به هو تأثّر النظام التربوي في أميركا بتعاليم (واتسون) و(سكينر) وبقيّة رجال مدرسة السلوك. وبالرغم من أنّ (ديوي) وعدداً من المتخصّصين في حقل التربية والتعليم لم يثمّنوا مدرسة السلوك أو الاتّجاه الشرطي من الناحية التربوية، بيد أنّ كثيراً من المربّين تأثّروا بأُسس هذه المدرسة. من جهة أُخرى، بما أنّ الأبحاث التجريبيّة في هذا المجال تجري بشكل أيسر، وأنّ الباحثين يقدّمون نتائج تجاربهم بالإفادة من التقنيات الإحصائية غالباً، لذلك توجّهت أنظار الأوساط التربوية إلى هذه المدرسة أكثر. وسوف نلحظ أنّ البحث التجريبي فيما يخصّ الفهم والتعقّل لا يتحقّق بسهولة، لذلك فإنّ كثيراً من علماء النفس يبدون اهتماماً أقل بمثل هذه الأمور. وسوف نلحظ في البحوث القادمة بأنّ الفهم والتعقل يشكّلان أساس الدراسة.

الثاني: الدراسة

تخرج عملية التعليم من شكلها الميكانيكي في هذا الاتّجاه، وقد رأينا في حديثنا عن التدريب أنّ مجرّد المجاورة أو التضاد أو الشبه، يكفي بعقد صلة بين أمرين، فينتقل ذهن الإنسان من أمرٍ إلى آخر ذاتياً، أو ينتقل ردّ فعله من أحدهما

٨٧

الى الآخر.

وللتفكير دورٌ أساس في هذا الاتّجاه. فما يريد الإنسان أن يتعرّف عليه أو يتعلّمه، يجب أن يتّخذ طابع المشكلة ليثير تفكيره، وعندها ينبري للتعرّف على الموضوع أو تعلّمه.

إنّ تعلّم اسم الأشياء - حتى في هذا الاتّجاه - بالفهم والتعقّل أيضاً. يقوم الإنسان بتحليل الظرف المحيط به حتى يتسنّى له تحديد المشكلة ذات العلاقة أو الموضوع المراد معرفته. في الآن ذاته، تدخل عناصر ظرف ما، أو إدراك الصلة بين المشكلة ذات العلاقة مع المشاكل الأُخرى، ضمن النشاطات الأساسية في هذا الاتّجاه. وعندما تتحقّق المعرفة أو التعلّم عن طريق طرح المشكلة، فإنّ الشخص يتوفّر على تشخيص تلك المشكلة، ويكون مرغماً على تحديد عناصر أو أجزاء المشكلة، وإدراك صلتها مع بعضها، ثمّ الأخذ بنظر الاعتبار كيفيّة التعامل مع مثل هذه المشاكل ضمن الإفادة من تجاربه، وعند ذلك يبادر إلى حلّ المشكلة. فنشاطه - بعامّة - يشكّل أساس العمل، والمعلّم - هنا - يؤدّي دور المرشد والموجّه، وعلى الشخص نفسه تبيان المشكلة.

ولابدّ له أن ينظّم تجاربه الشخصيّة فيما يخصّ المشكلة المعنيّة، ويستفيد من تجارب الآخرين، ويجعل تجاربه مع تجارب الآخرين في خطّة منطقيّة، ويحاول - عن هذا الطريق - أن يدوّن العلاج الأساس، ووجهة النظر التي ساعدته على معرفة الموضوع. بعامّة، فهو يدرس ويقوّم الأُمور المختلفة عن طريق التفكير والتعقّل، ويبادر هو بنفسه إلى معرفة الموضوع المعنيّ أو علاج المشكل بالإفادة من توجيهات الآخرين.

الاتّجاه التربوي في عصرنا

إنّ الاتّجاه التربوي في عصرنا متوكّئ على التدريب أو الترابط الشرطي، لعدّة

٨٨

أسباب: الأوّل: إنّ مدرسة السلوك في علم النفس تعزّز هذا الإتّجاه.

فكما تقدّم، أنّ العالم الفسلجي الروسي (بافلوف) يعتبر الترابط الشرطي أساس السلوك الاعتيادي وغير الاعتيادي، ويجري النظام التعليمي في الاتّحاد السوفيتي وفقاً لهذه النظرية.

الثاني: إنّ بعض الأبحاث في حقل علم النفس تدعم النظرية الشرطية في تعلّم الأمور المتنوّعة. كما قلنا - فيما سبق - فإنّ قياس التعلّم عن الطريق الشرطي، وتوقّع نتائجه يخضع للبحث والدراسة بشكل أيسر. بكلمة بديلة، يمكن قياس ما يتعلّمه المرء نتيجة مجاورة شيئين، وهذا قابل للتوقّع في حالات مماثلة. فالتعلّم عن هذا الطريق أيسر. يطرح المعلّم موضوعاً، ويكرّره، وبعد التكرار يمكنه أن يتوقّع بأنّ الطالب قد تعلّم ذلك الموضوع. وكذلك على الصعيد العملي. وعند تعلّم كثير من الأُمور، فإنّ للمكافأة دوراً حاسماً. وعالم النفس يستطيع أن يحدّد هذا الدور أثناء التجربة، ويتوقع أثره. لذلك يبدو أنّ للإتكاء على النظرية الشرطية بعداً علمياً. ومن هذا المنطلق، فهي تقنع المربّي. والتعلّم عن هذا الطريق ينسجم أكثر مع التفسير الماديّ لنشاطات الإنسان.

الثالث: إنّ الإنسان - كما ذكرنا آنفاً - يقبل كثيراً من الأُمور عن الطريق الشرطي. عندما شاركت في المؤتمر العالمي للتربية والتعليم في بلجيكا، كان أحد المتخصّصين في التربية والتعليم يتحدث عن (التأهيل الاجتماعي) و(الإعداد الثقافي) للأشخاص، وكان موضوع المؤتمر: التربية والتعليم عن طريق نموّ الشخصية. فتحدّثتُ مع أخصائي ألماني حول التأهيل الاجتماعي والإعداد الثقافي ودورهما في نموّ شخصية الفرد، فقلت له: إنّ التأهيل والإعداد عمليتان شرطيتان، فإذا وضعوا الإنسان في وسط اجتماعي معين، فإنّه يتعلم التقاليد والآداب الاجتماعية ذاتياً، كما إنّ ولادة فرد من الأفراد ونشأته في مجتمع معين، تفضيان إلى أن يتعلّم ذلك الفرد لغة ذلك المجتمع. كذلك فإنّ لتأهيل الفرد اجتماعياً - بالشكل الذي يجعلونه في

٨٩

وسط اجتماعي معين، ويتعلّم التقاليد والآداب ذاتياً - بعداً شرطياً لا ينسجم مع اتجاه الدراسة.

إنّ حضور الفرد في شريحة اجتماعية، وتعامله المكرر مع ذلك الموقع يؤدي إلى أن يتعلّم أشياء معيّنة ذاتياً، وكما قلنا سالفاً، فإنّ هذه الطريقة من التعلّم لا تقترن بالفهم والتعقّل، وفي هذه العملية يؤهّلون الفرد اجتماعياً أو يعرّفونه على تقاليد وآداب معيّنة، وبواسطة هذا العمل يهيّئون مستلزمات انسجامه مع المجتمع.

الرابع: إن ما هو قائم في المجتمعات الغربية من نظام مثالي تقرّه الحضارة الغربية نفسها، وعليه طابع ديني وإنساني شكلياً، بيد أنّه - في الحقيقة - ضد الدين والأخلاق والإنسانية - يُملى على الطلاب ويُلَقَّنونه. وكما نعلم، فإنّ الاستعمار والاستغلال من سمات الحضارة الغربية، حيث إنَّ خلفيات دول مثل: إنجلترا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والولايات المتّحدة، في علاقاتها مع الدول النامية تدلّ على الطابع الاستعماري والاستغلالي الذي تَتَسم به توجّهات تلك الدول. وقد خرج الدين - بشكل عام - عن شكله الحقيقي فيها، حيث تمّ حصره في ما يسمّى بقوالب ومبادئ لا تخضع للبحث والدراسة.

لقد سلبت المنظّمات الدينية - مع رعاية تسلسلها الهرمي - الفرصة من الأفراد لإبداء وجهات نظرهم. والنشاطات الدينية ذات بعد رسمي غالباً، أو أنّها تأخذ طابع ما يسمّى بالأعمال الخيرية. يسيطر النظام الرأسمالي على الحضارة الغربية. والدين أيضاً يخضع لنفوذ هذا النظام. وبالرغم من وجود توجّهات اشتراكية وديموقراطية في بعض المجتمعات الغربية، بيد أنّ هذه التوجّهات تخضع أيضاً لنفوذ الحضارة الغربية والاتّجاه الاستعماري والاستغلالي لها بكلّ قوّة.

فعندما يؤخذ أربعة مستشارين كرهائن في مكان ما، أو يقع (جومبو) أو (محمد رضا بهلوي) في مأزق، فإنّ جميع الأوساط السياسية والدينية والاجتماعية الغربية ترفع أصواتها بالاحتجاج. ولكن عندما يُذبح مائة شخص بريء من الناس

٩٠

العُزّل، فلا أحد ينبس ببنت شفة، إلاّ بعض وكالات الأنباء، إذ قد تذكُر خبرهم بشكل عابر. والقصد هو أنّ الاشتراكية، والدين، والديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان تطرح في إطار معيّن، وتفقد هذه المفاهيم معناها الحقيقي في علاقات الدول الغربية مع دول العالم الثالث أو الدول النامية، وتطرح بشكل مشوّه، وما أبدته الأوساط المتنوّعة حول السفارة الأميركية في طهران، يدعم وجهة نظرنا حول الموضوع.

يصرّح (كارتر) بأنّه يمتنع عن تسليم (محمد رضا بهلوي) التزاماً بالمبادئ التي يؤمن بها على حدّ زعمه، ولا يبالي بأيّ تهديد في هذا الشأن، ثمّ يصدر أوامره بتجميد الأموال الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدّة، وكذلك يأمر بمنع استيراد النفط من إيران. وثمّة سياسيّون آخرون في أميركا من أمثال: (إدوارد كيندي)، و(مك غاورن)، يعلنون عن دعمهم للإجراءات التي اتّخذها (كارتر). وعلى أثر الدعايات التي تبثّها الحكومة الأميركية، يقوم أفراد من الشعب الأميركي بمهاجمة الإيرانيين المقيمين في أميركا، وتنشر الإذاعة والتلفزيون وبعض الصحف والمجلاّت ما تطلبه الحكومة الأميركية منها.

وتَعتبر بعض وكالات الأنباء وبعض الإذاعات، مثل: الإذاعة البريطانية - نقلاً عن معلّقيها - مسألة حجز بعض الأميركيين كرهائن مخالفاً للعهود والمواثيق الدولية، وبعيداً عمّا يتوقّع من شعب متحضّر. ويرسل البابا ممثّلاً عنه للتوسّط في قضية إطلاق سراحهم، ويطالب مجلس الأمن بالإفراج عنهم أيضاً.

إنّ أكثر هذه الأوساط تدين إيران على أساس المعايير الإنسانية، بزعمها، وبذريعة عدم مراعاة العهود والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، ولا أحد يثير السؤال التالي: هل إنّ السفارة الأجنبية مركز للتفاهم، وتبادل وجهات النظر، وتوطيد العلاقات الوديّة بين البلدين، أو هي مركز للتآمر والتجسّس والتحريض ضدّ الشعب؟ ولا أحد يسأل: لماذا سمحتْ أميركا للشاه أن يدخل أراضيها؟ ولماذا دعمته؟ فهل هذا العمل هو

٩١

كما تزمّر الأبواق الإعلامية بأنّه عمل إنساني منبثق عن حب الإنسان؟ ولو كان كذلك، فلماذا لا تسمح أميركا لبعض الناس غير الرسميّين أن يسافروا إليها للعلاج؟ هل إنّ دعم الولايات المتّحدة للشاه من أجل مراعاة حقوق الإنسان؟ أمْ هو إيواء لرجل دموي فاسد محتال وعميل لها؟ هل إنّ اقتراح الطلبة الجامعيّين الذين احتجزوا الرهائن، هو شيء آخر غير محاكمة مجرم دولي؟ ألا يجب على الأوساط المسمّاة بالأوساط الحضارية أو التقدمية أن تدعم قضية تسليم مثل هذا المجرم؟ إنّ دعاء (كارتر) للرهائن في الكنيسة يدلّ على إدراكه لقضية الدين. وما يتّضح من هذه الحادثة الصغيرة هو أنّ الأوساط الغربية لا تنادي بالديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان، والأخلاق، والدين، والعلاقات الدولية، ومُثُل إنسانية أُخرى إلاّ على أساس المصالح الاستعمارية. طبيعياً، أنّ هذه الحالة وحدها ليست دليلاً على هذا التقويم والحكم، بيد أنّ ما يُلحَظ في التاريخ المعاصر للمجتمع البشري من علاقات الدول الغربية مع الدول الضعيفة يدعم هذه الحقيقة، ولو كان هناك متكلّم أو كاتب يدافع عن المثل الإنسانية، فإنّه لايصمد أمام أجهزة الدعاية الإعلامية في الغرب، ولا يصل صوته إلى مكان.

إنّ الأجهزة التربوية في الدول الغربية - سواء كانت واعية أو غير واعية - تقع تحت تأثير النُظُم الموجودة فيها. وبالرغم من أنّ الحديث في بعض الأوساط التربوية الغربية يدور حول حريّة الفكر والديمقراطية، بيد أنّ المعلّمين يلقّنون الطلاّب أفكاراً وآراء ونزعات معيّنة بصورة غير مباشرة. وفي المجال التاريخي والاجتماعي، تقدّم الحقائق الملموسة إلى الطلاّب غالباً بشكل مشوّه، وعندما يلتقي الأجانب بطلاّب المدارس والجامعات في المجتمعات الغربية، يشعرون إلى أيّ مدى يعيش هؤلاء الطلاّب بمنأى عن الحقائق الواقعية. أما وسائل الإعلام فهي ناطقة باسم هذه النظم إلى حدّ بعيد، وهي تملي على الشعب آراء خاصّة، وحقائق معيّنة، وأساليب استنباط محدودة، ونزعات خاصّة. ويبدو أنّ الأشخاص أحرار في اختيار

٩٢

الدين، واتّخاذ نهج معيّن، وإيجاد نزعات اجتماعية، والمناقشة والتعبير عن آرائهم حول مختلف المسائل، بيد أنّ الدعايات الإذاعية، والمقالات الصادرة في الصحف والمجلاّت، تؤثّر على أُسلوب التفكير الذي ينهجه الناس، وتقوم الشركات التجارية الكبرى - عادة - والفئات المتنفّذة، ومنظّرو الأحزاب بجعل أفكار الناس حسب الشكل الذي يريدونه، وذلك عن طريق الصحف، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية.

بإيجاز، إنَّ هناك آراء وتصوّرات معروفة سابقاً، تُلقى على الناس، سواء في الأجهزة التربوية، أو في وسائل الإعلام، حتى عندما يدور الحديث حول المسائل الاجتماعية والسياسية.

في الأقطار الشيوعية، تسيطر الإيديولوجية الماركسية - من خلال نظام فكري معيّن - على الشؤون الفكرية والتربوية للمجتمع، وفي مثل هذه الأقطار، فإنّ الفرضية تقضي بأنّ هذه الإيديولوجية حدّدت معالم الحركة الفكرية للإنسان في المجالات المتنوّعة، ولا سيّما في: علم الاجتماع، علم النفس، الفلسفة، التاريخ، وفي بعض الفروع العلمية، وهذا الفهم يسيطر على المؤسّسات التربوية والعلمية، وعلى وسائل الإعلام أيضاً.

إنّ عمل التربية والتعليم هو - إلى حدّ بعيد - تقديم الإيديولوجية المتبناة والتعريف بها. وينبغي الالتفات إلى أنّ هذه الإيديولوجية تأخذ طابعاً رسمياً. بكلمة بديلة، فإنّ تفسير الإيديولوجية من شأن العلماء الثقاة، والممثّلين الرسميين للحزب. وجميع الأفراد لا يستطيعون مناقشة الإيديولوجية، وإبداء انطباعاتهم عنها بحريّة. في المؤتمر العالمي آنف الذكر، وبعد أن ألقى ممثّل ألمانيا الشرقية كلمته، وجهّت إليه سؤالاً، فقلت له: أَنتم تعلمون بأنّ الاستقلال الفكري هو روح التربية والتعليم، وعمل المربّي هو إعداد الأفراد الذين يمارسون أعمالَهم مستقلّين في عملية التفكير، وأنتم في مدارسكم تفرضون إيديولوجيّتكم، وتريدون من الطلاّب قبولها، فهنا يثار سؤال هو: كيف ينسجم فرض إيديولوجية معيّنة مع الاستقلال الفكري؟

٩٣

ومن هذا المنطق، فلا يمكن الحديث عن التربية والتعليم في مثل هذه الحالة.

لذلك فإنّ الاتّجاه التربوي الأساس في الظروف المعاصرة - سواء بين الغربيّين أو الشرقيّين - ينسجم مع التدريب أكثر من انسجامه مع الدراسة الصحيحة.

إنّ الفهم ذا البعد الواحد لماهيّة الإنسان - الإنسان كالحيوان ويفترق عنه في بعض الأمور - والإصرار على أنّ الإنسان يتعلّم الأمور المختلفة كالحيوان، والسعي لتفسير عملية التعلّم، والتفكّر، وإبداع الإنسان عن الطريق الشرطي والبعد العلمي، ومحاولة فرض نظام خاص في المجتمعات الغربية، وفرض إيديولوجية معيّنة في المجتمعات الشيوعية، كل ذلك يخرج العملية التربوية عن صورة الدراسة الحقيقيّة، ويجعلها في صورة التدريب. وقبل أن نقوم بدراسة التربية والتعليم في الإسلام، نذكر سمات هاتين العمليتين.

التدريب

التيار الشرطي: ذكرنا فيما سبق أنّ أساس التدريب هو إحداث ردّ فعل شَرْطيّ عند الفرد. ومن خلال ذكر عنوان ما، وطرح مواضيع معيّنة، وتكرار هذا الأمر، تتكون علاقة بين ذينك الشيئين في ذهن الفرد، وينقل الفرد المواضيع المطروحة إلى ذهنه ذاتياً بمجرّد طرح العنوان. لذلك فإنّ الشرط الأساس في مثل هذا اللون من التعلّم هو وجود المجاورة والتكرار والتمرين. فكما يسمع الطفل اسم الشيء مقروناً معه مرّات عديدة، فيتعلّم اسم ذلك الشيء ذاتياً، كذلك يتعلّم مختلف الأمور عن طريق وسائل الإعلام أو في الصف.

يذكر المعلّم عنوان بحث ما، تتلوه مواضيع خاصّة تتعلّق به، يكرّر ذلك العمل، نلحظ هنا أنّ التكرار يفضي إلى أنّ المواضيع المطروحة ترتبط مع عنوان البحث، عند ذلك يتذكّر الطالب الموضوع المطلوب من خلال طرح العنوان.

وعندما يكون عمل المعلّم طرح مواضيع معيّنة، سواء كانت نظريات علمية، أو

٩٤

نظاماً مثاليّاً خاصّاً أو أفكاراً وعقائدَ معيّنة، ففي مثل هذه الحالة تنتقل المواضيع إلى ذهن الطالب عن طريق التكرار، ويتّخذ الامتحان طابع عرض المعلومات المخزونة في الذهن. يذكر الطالب عنوان بحثٍ لنفسه، فيقرأ المواضيع المتعلّقة به في كتاب أو كرّاس، وبتكرار هذا العمل، يودع أشياء في ذهنه، تنساب إلى الورق عند الامتحان.

كما ذكرنا آنفاً، لو تمّ عرض المواضيع العلمية، وطرح المبادئ الأخلاقية، وانتقال أُسس إيديولوجية ما بهذا الشكل، فإنّ الطالب يستطيع أن يتعلم المواضيع عن طريق التكرار والتمرين. وكما أنّ اللاعبين في السيرك يعلّمون الحيوانات القيام ببعض الأعمال. ومن خلال المجاورة بين قرع الجرس أو تحريك الخشبة، أوأيّ نشاط خاص، يدفعون الحيوان إلى القيام بالفعل، بنفس الشكل ينقل المعلّمون أو وسائل الإعلام موضوعاً ما إلى ذهن الأشخاص.

التلقين: في عملية التدريب يتقبّل الطالب ما يُعرض عليه، فعندما يُلقي المعلّم موضوعاً، ويستمع إليه الطالب، وتتكرر هذه العملية مرّات، ففي هذه الحالة، يتقبل الطالب ما يعرض ذاتياً، وبدون وعي وإرادة. وما ينشر في الصحف أو المجلاّت، أو ما يبث من الإذاعة أو التلفزيون، يلقى قبولاً لدى الناس دون نقاش.

إذا بادر الطالب إلى قراءة موضوع ما، وتفاعل مع ما هو مكتوب دون نقاش، فقد تأثّر بكاتب ذلك الموضوع، وشمله تلقينه أيضاً. والذين يتعلّمون مواضيع متنوّعة دون نقاش، وينقلونها إلى الآخرين، فقد خضعوا لعملية تلقين الكتّاب، وأخضعوا الآخرين لتلقين ما حفظوه.

ليس مهمّا في التحصيل الدراسي سعة محفوظات الفرد أو معلوماته، بل المهم هو كيف يقبل الفرد المواضيع المعيّنة. بكلمة بديلة، إنّ مَن عمل على تصعيد معلوماته أو محفوظاته، واستطاع أن يتحدث حول موضوع معيّن لساعات، بيد أنّه - شخصيّاً - لم يدقّق فيما حصل عليه من علم، ولم يناقش ذلك، فقد شمله تلقين

٩٥

الآخرين.

الخضوع للتوقّع

إنّ نتيجة التعلّم - في عملية التدريب - خاضعة للتوقّع، فما يُلقى على الحيوان، يمكن توقّع القيام به من قبل الحيوان في ظروف خاصّة. وفي المعسكرات تنام الخيول بإطلاق صوت الصفّارة، فيمكن توقّع رقود الخيول في الليلة الخامسة مثلاً، بمجرّد إطلاق صوت الصفّارة.

وعندما يقرأ تلميذ في الابتدائية قصيدة عدّة مرات، أو يحفظ جدول الضرب، فيمكن التوقّع بسهولة أن يقرأ القصيدة بمجرّد سماع عنوانها، أو عندما يُسأل عن ناتج ضرب العدد (5) في نفسه، يجيب: خمسة وعشرون.

بعامّة، عندما يُلقَّن أحد عقيدةً، أو فكراً، أو رأياً، أو أُسلوباً، أو طريقة عمل، أو اموراً من هذا القبيل، يمكن أن نتوقّع منه عرضَ ما تلقّاه بنفس الشكل، أو بشكل ناقص في الوقت المعيّن. كما أنّ قيام الحيوان بنشاط معيّن، خاضع للتوقّع في ظروف خاصّة، فكذلك نتيجة هذا الضرب من التعلّم، إذ هي بيّنة جليّة. والفرد كجهاز التسجيل - وهو أقّل بطبيعة الحال - يخزن في ذهنه ما يسمعه، ثمّ ينقل ذلك بنفس الشكل أو بشكل ناقص، وفي مثل هذه الحالة، يمكن أن يتعلم الفرد مواضيع متناقضة، ثم لا يدرك تناقضها. إنّ مثل هذا اللون من التعلّم لا يؤثّر في تغيير شخصيّة الفرد وأعماله، ولو كان له أثر، فهو أثر طفيف، عابر، مؤقت.

إنّ مؤاخذة الناس العاديّين طلاّبَ المدارس تعكس هذا الأمر ذاته، فالوالدان الأُميّان يلحظان ولدهما يذهب إلى المدرسة وقد تعلّم بعض الأشياء، بيد أنّ تغييراً ملحوظاً لم يطرأ على سلوكه.

ففرق الطالب عن غيره يكمن في حجم معلوماته. بكلمة بديلة، إنّ ما يميّز الطالب عن غيره ليس أسلوب التفكير، والعادات، والرغبات، وطريقة التعامل، بل

٩٦

المعلومات التي حصل عليها الطالب خلال مرحلة الدراسة.

الدراسة

الفهم: يحلّ الفهم محلّ المجاورة والتكرار في عملية الدراسة. والفهم يعني أن يقوم الطالب بالتدقيق في كلّ ما يشاهده أو يسمعه. على سبيل المثال، ثمّة عنوان ما واضح لديه، وهو يستطيع أن يتمثّل صورة في ذهنه عن ذلك العنوان.

مضافاً إلى ذلك، فإنّ صلة العنوان بالمواضيع التي هي مدار البحث واضحة عنده أيضاً. على سبيل المثال، هو يدرك جيّداً معنى كلمة الحرارة، وصلة هذه الكلمة بالمباحث ذات العلاقة. ويعلم ماذا يدرس، وخطّة البحث أو كيفية طرح المواضيع واضحة بالنسبة إليه.

فالتكرار والتمرين ليسا شرطين ضرورين للتعلّم في هذه العملية، فأحياناً يمكن أن يتعلّم الطالب ما يُلقى عليه من خلال طرح عنوان ما وتقديم موضوع معيّن. عندما تطرح معادلة في الرياضيات، ويتّضح مفهومها بالنسبة إلى الطالب، يمكن أن يبادر إلى حلِّها أيضاً قبل أن يقوم المعلّم بذلك. ودليل هذا الأمر هو إدراك معنى عنوان المعادلة وصلتها بطريقة الحل.

إنّ عنوان قصيدة من الشعر وأبياتها واضح بالنسبة إلى الطالب من ناحية المعنى والترابط الموجود فيها، وفي جدول الضرب يستطيع الطالب أن يتصوّر معنى ضرب العدد (4) في العدد (5)، ويلحظ - عن هذا الطريق - لماذا يكون ناتج ضرب العددين عشريناً.

التعقل: إنّ العامل الأساس الثاني في عملية الدراسة هو التعقّل أو التفكير، فلا يدرك الطالب ما يطرح فحسب، بل يقوم بتقويمه، ويحكم عليه بالصواب أو الخطأ أيضاً.

٩٧

ولو سألتَ الطالبَ: ماذا تعلّم؟، فإنّه يستطيع أن يبيّن - بوضوح - ما تعلّمه، ويفهم مغزى بيانه. وكذلك لو سألته عن موضوع ما، هل هو صحيح أم لا؟ فسيقوم بتقويم الآراء، والنظريات، والأساليب، وينتقي ما هو منطقي ومبرهَن ليقدّمه ويقرّبَه.

بعامّة، في عملية الدراسة، فإنّ تربية القابلية على تقديم الحكم الصحيح المتوكّئ على الدليل، تشكّل أساس العمل. وفي الدراسة الحقيقية يقوم المعلّم أو المربّي بمساعدة الطالب في كلّ مرحلة من النمو أو التحصيل الدراسي، لينبري إلى تحليل ما يريده أو يسمعه. يدرس أدلّة وشواهد رأي أو فرضية، أو تصميم، وبعد ذلك يحكم على الموضوع الذي هو موضع البحث والنقاش.

يدور الحديث - في روضة الأطفال - حول اللعب أو القصص. وفي هذا المركز التربوي، إذا كان المربّي واعياً ومدركاً لمفهوم الدراسة الصحيحة، فإنّه سيقوم - عند طرحه للقضية - بذكر دليل جودتها أو انتخابها. وعندما يوصي الأطفال بممارسة لعبة من الألعاب، فإنّه يشفع ذلك بالدليل. وفي المقابل، هو - أيضاً - يطلب من الأطفال أن يذكروا دليل انتخابهم لعبةً معيّنة أو استحسانهم قصّةً من القصص، وكلّما ازداد نموّ الفرد، وتمرّس على المسائل العلمية والاجتماعية أكثر، فإنّه يظفر بفرصة أكبر للتقويم الصحيح.

إنّ دراسة قيمة شعر، أو نصيحة، أو كلام قصير، أو نظرية علمية، أو رأي تاريخي، أو أُسلوب، أو مهارة، أو نظام فكري، وأمثال ذلك، تجري في جميع المراحل التربوية بشكل منطقي، فيقوم المربوّن بمساعدة الفرد ليأخذ بما هو مبرهَن ضمن دراسة الأُمور المختلفة، وينبذ ما هو غير مبرهن. إنّ توظيف الفكر والعقل هو المطلوب في قبول شتى الأُمور أو رفضها، وفي طرح المواضيع.

وينبغي انتهاج هذا الأسلوب نفسه في وسائل الإعلام، إذ على الكاتب أن يأتي بالدليل على ما يطرحه من مواضيع، وعليه أن يفيد من الأسلوب العلمي في

٩٨

الدراسات الاجتماعية، وأن يكون ما يعرضه مدعوماً بالدليل. كذلك ينبغي على العاملين في الحقل الإذاعي والتلفزيوني، وبعامّة، كلّ الذين لهم برامج في مثل هذه الوسائل الإعلامية، عليهم الاهتمام بمنطقيّة مقالاتهم، وأن يحاولوا بأن تكون كتاباتهم وكلماتهم مشفوعة بالدليل.

النتيجة غير خاضعة للتوقّع: عندما تكون عملية الدراسة مرتكزة على الفكر، فإنّ النتيجة غير خاضعة للتوقّع مسبقاً، ولا يقبل في عملية التفكير أو الاستدلال إلاّ ما هو منطقي، لا ما يخزنه المربّي أو المتكلّم في ذاكرته منذ البداية. بكلمة بديلة، إنّ الفرد - في هذه العملية - لا يقرّ بأمر مقتَرح من البداية ما لم يكن مدعوماً بالدليل، وإذا كان ما يطرحه المتكلّم أو الكاتب أو العالم منطقيّاً، فإنّ الفرد يقبله.

ويصادف أحياناً أن يُبدي عالِمٌ من العلماء وجهةَ نظرٍ معيّنة، بيدَ أنّه يلتفت إلى ضعفها أثناء حديثه، فيغيّرها. أو أنّ عالماً آخر يأتي بالدليل على ضعفها، فيقرّ ذلك العالم بضعف وجهة نظره. من هذا المنطلق يقال بأنّ النتيجة على شكل أمر معيّن غير معروفة سابقاً في عملية الدراسة.

إنّ عملية الدراسة الصحيحة تترك آثاراً متألّقة، فينمو الطالب خلالها من الناحية الفكرية بشكل ملحوظ، فهو لا يتعلّم مواضيع جديدة فحسب، بل يُقرن تعلّمه بالفهم، ويبدي رأيه حول صوابها أو خطأها. لذلك فإنّه يتعلّم مواضيع علمية وأدبية، وكذلك يتعلّم كيفية التقويم، والتفكير، والحكم، والتفريق بين الرأي المبرهن من غير المبرهن. هذا النحو من التعلّم - كما قيل - يحدث تغييراً في شخصية الفرد وسلوكه، كما يوفر مستلزمات تطوّره وتكامله.

إنّ الطالب - بحضوره في الصف، أو استماعه لمحاضرة، أو مطالعته لمقالة - لا يتعرّف على مفاهيم، ونظريات، ومبادئ، وقواعد جديدة فحسب، بل يتطوّر أُسلوبُ تفكيره أيضاً ضمن تعلّمه لمثل هذه الأُمور، فهو يُعنى بالمسائل المتنوّعة بصورة

٩٩

مبدئية، ويتجنّب إصدار الأحكام السطحية الساذجة، ولا يقبل شيئاً ما لم يقم عليه الدليل، كما لا يرفض شيئاً على نفس النسق، ويبادر إلى تربية قوّته الفكرية أيضاً مقرونة بتصعيد مستواه العلمي.

وكما لحظنا، فإنّ الفهم والتعقل هما الركنان الأصليان في عملية الدراسة. وفيما يلي نقوم بدراسة الأُسس التربوية في الإسلام:

الأُسس التربوية في الإسلام

إنّ القرّاء على علم بأنّ بحثنا يدور حول خصائص النظام الفكري أو النظام التربوي في الإسلام، وفي هذا القسم، ندرس البعد العقلي في النظام الإسلامي. وبما أنّ للتربية والتعليم في الإسلام بعداً عقلياً إلى حدّ بعيد، فإنّنا نقوم بدراسة الأُسس التربوية في الإسلام. وسنذكر بعض الأُسس التربوية في طيّات حديثنا عن الأهداف، والأساليب. والنظام التعليمي في المدارس الدينية. ونناقش - هنا - الملاحظة القائلة بأنّ الإسلام، ضمن تأكيده على الفهم والعقل، لا يرى في نظامه التربوي بأنّ التدريب من شأن الإنسان، ويطرح الدراسة الحقيقيّة. جاء في الجزء الأوّل من الكافي، (ص20) أنّ هشام بن الحكم روى عن الإمام الكاظمعليه‌السلام قوله:

قال لي أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : «يا هشام إنّ الله تبارك وتعالى بشّر أهلَ العقل والفهم في كتابه، فقال:( فَبَشّرْ عِبَادِ * الّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، أُولئِكَ الّذِينَ هَدَاهُمُ اللّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ ) ».

«يا هشام: إنّ الله - تبارك وتعالى - أكملَ للناس الحُجج بالعقول، ونصرَ النبيّين بالبيان، ودلّهم على ربوبيّته بالأدلّة، فقال:( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلهَ إِلاّ هُوَ الرّحْمنُ الرّحِيمُ * إِنّ فِي خَلْقِ السّموَات... لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) ».

لقد ورد في هذا الكلام - وما تضمّنه من آيات قرآنية - عددٌ من النقاط

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وقد ذكرنا مراراً قول الحافظ ابن حجر مراراً: بأن التشيّع غير ضائر(١) .

بل لقد ذكر الذهبي بترجمة أبان بن تغلبرحمه‌الله ما نصّه:

« شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه، وعليه بدعته(٢) .

وتلخص:

صحة كلا طريقي أبي يعلى.

(١٠)

رواية المحاملي

ومن رواة هذا الحديث: القاضي أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل بن محمّد الضبيّ المحاملي البغدادي، المتوفى سنة ٣٣٠.

فقد جاء في بعض أسانيد الحافظ ابن عساكر بسنده:

« أنبأنا أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل المحاملي، أنبأنا أبو موسى محمّد ابن المثنى، أنبأنا يحيى بن حماد، أنبأنا الوضّاح، أنبأنا يحيى أبو بلج، أنبأنا عمرو بن ميمون قال:

إني لجالس إلى ابن عباس، إذْ أتاه تسعة رهط »(٣) .

أقول:

هذا السّند هو سند النسائي بعينه.

__________________

(١). مقدمة فتح الباي: ٣٩٨.

(٢). ميزان الإعتدال: ١ / ٥.

(٣). ولكني لم أجده في كتاب الأمالي للمحاملي رواية ابن يحيى البيّع.

٢٠١

(١١)

رواية الطبراني

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني، في مسند ابن عباس، تحت عنوان ( عمرو بن ميمون عن ابن عباس ):

« حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، ثنا كثير بن يحيى، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون قال:

كنا عند ابن عباس، فجاءه سبعة نفر ».

فأخرج الحديث بكامله(١) .

ثم روى: « حدّثنا أبو شعيب عبدالله بن الحسن الحرّاني، ثنا أبو جعفر النفيلي، ثنا مسكين بن بكير، ثنا شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس:

إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بالأبواب كلّها فسدّت إلّا باب عليرضي‌الله‌عنه »(٢) .

ورواه في ( المعجم الأوسط ) بنفس السّند الأوّل، لكنْ باختصار:

قال: « حدّثنا إبراهيم، قال: حدّثنا كثير بن يحيى أبو مالك، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال:

قال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم يوم خيبر، لأبعثنَّ رجلاً لا يخزيه الله، فبعث إلى علي وهو في الرحل يطحن - وما كان أحدكم يطحن - فجاءوا به

__________________

(١). المعجم الكبير ١٢ / ٧٧ رقم ١٢٥٩٣.

(٢). المعجم الكبير ١٢ / ٧٨ رقم ١٢٥٩٤.

٢٠٢

أرمد، فقال: يا نبي الله ما أكاد اُبصر، فنفث في عينيه، وهزّ الراية ثلاث مرار، ثم دفعها إليه، ففتح له، فجاء بصفيّة بنت حيي.

ثم قال لنبي عمّه: أيّكم بتولاّني في الدنيا والآخرة؟ فقال لكلّ رجلٍ منهم: يا فلان، أتتولّاني في الدنيا والآخرة - ثلاثاً -؟ فيقول: لا، حتى مرّ على آخرهم، فقال علي: يا نبي الله، أنا وليّك في الدنيا والآخرة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

قال: وبعث أبا بكر بسورة التوبة، وبعث علياً على أثره، فقال أبو بكر: يا علي، لعلّ الله ورسوله سخطا عليَّ. فقال علي: لا ولكنْ قال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم: لا ينبغي أن يبلّغ عنّي إلّا رجل مني وأنا منه.

قال: ووضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوبه على علي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال:( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٢) .

وكان أوّل من أسلم بعد خديجة من الناس.

قال: وشرى علي نفسه، لبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم نام مكانه، قال: وكان المشركون يرمون رسول الله »(١) .

أقول:

وشيخ الطبراني (إبراهيم بن هاشم البغوي ):

ترجم له الحافظ الخطيب فقال:

« إبراهيم بن هاشم بن الحسين بن هاشم، أبو إسحاق البيّع، المعروف

__________________

(١). المعجم الأوسط ٣ / ٣٨٨ رقم ٢٨٣٦.

٢٠٣

بالبغوي. سمع اُمية بن بسطام، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وأبا الربيع الزهراني، وعلي بن الجعد، ومحرز بن عون، ومحمّد بن بكار، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن سعيد الدارمي.

روى عنه: أحمد بن سلمان النجاد، وعبدالباقي بن قانع

أخبرني الأزهري قال قال أبو الحسن الدارقطني: إبراهيم بن هاشم البغوي ثقة.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي، قال: مات أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم البغوي يوم الخميس سلخ جمادى الآخرة سنة ٢٩٧.

قلت: وكان مولده سنة ٢٠٧ »(١) .

وذكره الحافظ ابن الجوزي فيمن توفي في السنة المذكورة من الأكابر، قال: « وكان ثقة »(٢) .

وبقي الكلام على سند رواية سدّ الأبواب، ففيه:

( أبو شعيب عبدالله بن الحسن الحرّاني ):

قال الدارقطني: ثقة مأمون.

وقال الخطيب: كان مسنداً غير متّهم في روايته.

ووصفه الذهبي: بـ « الشيخ المحدّث المعمَّر المؤدّب، طال عمره، وتفرَّد »

__________________

(١). تاريخ بغداد ٦ / ٢٠٣.

(٢). المنتظم ١٣ / ٩٧.

٢٠٤

فذكر توثيق الدارقطني(١) ، وقال عنه أيضاً: « معمَّر صدوق »(٢) .

وقال ابن حجر « ذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويهم » وقال موسى بن هارون: « السماع من أبي شعيب يفضل على السماع من غيره، لأنه المحدّث ابن المحدّث ابن المحدّث وهو صدوق » وقال مسلمة: « كان ثقة فصيحاً »(٣) .

أقول: وإنما اُورد في ( الميزان ) و ( لسانه ) لأنّه كان يأخذ الدراهم على الحديث، كما صرّح بذلك الذهبي مع التنصيص على أنه كان غير متّهم.

و (أبو جعفر النفيلي ) وهو: عبدالله بن محمّد بن علي بن نفيل.

من رجال البخاري والأربعة.

وروى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، والذهلي وجماعة.

وثّقه أبو حاتم، والدارقطني، وابن حبان(٤) .

و (مسكين بن بكير ) وهو:

من رجال الصحاح الستة(٥) .

__________________

(١). تاريخ بغداد ٩ / ٤٣٥، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٣٦.

(٢). ميزان الإعتدال ٢ / ٤٠٦.

(٣). لسان الميزان ٣ / ٢٧١.

(٤). الجرح والتعديل ٥ / ١٥٩، تهذيب التهذيب ٦ / ١٦، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٤٠، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٦٣٤.

(٥). تهذيب التهذيب ١٠ / ١٢٠.

٢٠٥

(١٢)

رواية الحاكم النيسابوري

وأخرجه الحاكم أبو عبدالله النيسابوري في ( المستدرك ):

« أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ببغداد، من أصل كتابه، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا يحيى بن حمّاد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون، قال:

إني لجالس عند ابن عبّاس ».

فرواه بطوله ثم قال: « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة.

وقد حدّثنا السيد الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمّد الزيدي -رضي‌الله‌عنه - ثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني القطان، قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: كان يعجبهم أن يجدوا الفضائل من رواية أحمد بن حنبل »(١) .

أقول:

وشيخ الحاكم: (أبو بكر القطيعي ) قد ترجمنا له في الكتاب.

وأخرج الحاكم أيضاً قال:

« حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، ثنا زياد بن الخليل التستري، ثنا كثير

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢.

٢٠٦

ابن يحيى، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال:

شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي ».

ثم قال الحاكم: « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

وقد رواه أبو داود الطيالسي وغيره عن أبي عوانة، بزيادة ألفاظ »(١) .

أقول:

وشيخ الحاكم (أبو بكر أحمد بن إسحاق ) هو النيسابوري، المعروف بالصبغي.

تجد الثناء بالجميل عليه في:

١ - طبقات الشافعية ٣ / ٩.

٢ - الوافي بالوفيات ٦ / ٢٣٩.

٣ - مرآة الجنان ٢ / ٣٣٤.

٤ - النجوم الزاهرة ٣ / ٣١٠.

٥ - سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٨٣.

٦ - شذرات الذهب ٢ / ٣٦١.

وأمّا (زياد بن خليل التستري ) فقد ذكره الخطيب وابن الجوزي والسمعاني والذهبي وقالوا ما موجزه:

« وأبو سهل زياد بن خليل التستري. قدم بغداد وحدّث بها عن إبراهيم بن

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤.

٢٠٧

المنذر الحزامي و روى عنه: عبدالصمد بن علي الطستي وأبو بكر محمّد بن عبدالله الشافعي

وذكره الدارقطني فقال: لا بأس به.

ومات في طريق المدينة قبل أنْ يدخل مكة في ذي القعدة سنة ٢٩٠. وقيل: ٢٨٦ »(١) .

(١٣)

رواية ابن عبدالبر

وقال الحافظ ابن عبدالبر القرطبي بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« روي عن سليمان، وأبي ذر، والمقداد، وحذيفة، وخباب، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم: أن علي بن أبي طالب أوّل من أسلم، وفضّله هؤلاء على غيره.

قال ابن إسحاق: أول من آمن بالله ورسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، من الرجال علي بن أبي طالب.

وهو قول ابن شهاب، إلّا أنه قال: من الرجال بعد خديجة.

وهو قول الجميع في خديجة.

حدثنا أحمد بن محمّد، حدثنا أحمد بن الفضل، حدثنا محمّد بن جرير قال قال أحمد بن عبدالله الدقاق: حدثنا مفضل بن صالح، عن سماك بن حرب،

__________________

(١). الأنساب - التستري، تاريخ بغداد ٨ / ٢٨١، تاريخ الإسلام - حوادث ٢٨١ - ٢٩٠ - ص ١٨١، المنتظم ١٢ / ٤٠٧.

٢٠٨

عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:

لعلي أربع خصال ليست لأحدٍ غيره: هو أوّل عربي وعجمي صلّى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو الذي كان لؤاؤه معه في كلّ زحف، وهو الذي صبر معه يوم فرّ عنه غيره، وهوالذي غسّله وأدخله في قبره.

وقد مضى في باب أبي بكر الصديقرضي‌الله‌عنه ذكر من قال أن أبا بكر أول من أسلم.

وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: أوّل هذه الاُمّة وروداً على نبيّها عليه الصلاة والسلام الحوض أوّلها إسلاماً: علي بن أبي طالب.

وروي هذا الحديث مرفوعاً عن سلمان الفارسي، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم انه قال: أوّل هذه الاُمّة وروداً عليّ الحوض أوّلها إسلاماً: علي بن أبي طالب.

ورفعه أولى، لأن مثله لا يدرك بالرأي.

حدثنا أحمد بن قاسم، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا الحارث بن أبي اُسامة، حدثنا يحيى بن هاشم، حدثنا سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن حنش بن المعتمر، عن عليم الكندي، عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أوّلكم وروداً عليَّ الحوض أوّلكم إسلاماً: علي بن أبي طالب.

وروى أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت ولي كلّ مؤمن بعدي.

وبه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: أوّل من صلّى مع النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد خديجة علي بن أبي طالب.

٢٠٩

حدثنا عبدالوارث بن سفيان، قال حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب، قال حدثنا الحسن(١) بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال:

كان علي أوّل من آمن بالله من الناس بعد خديجة رضي الله عنهما.

قال أبو عمررحمه‌الله : هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ، لصحته وثقة نقلته »(٢) .

أقول:

أمّا (عبدالوارث بن سفيان ) فقد:

قال الذهبي: « عبدالوارث بن سفيان بن جبرون. المحدث الثقة العالم الزاهد

توفي سنة ٣٩٥ »(٣) .

وأمّا (قاسم بن أصبغ ) فقد

ذكره الذهبي، ووصفه بـ « الإمام الحافظ العلّامة محدّث الأندلس » قال: « وانتهى إليه علوّ الإسناد بالأندلس، مع الحفظ والإتقان، وبراعة العربية، والتقدم في الفتوى، والحرمة التامة، والجلالة».

قال: « أثنى عليه غير واحد، وتواليف ابن حزم، وابن عبدالبر، وأبي الوليد الباجي، طافحة بروايات قاسم بن أصبغ.

__________________

(١). كذا، والصحيح: يحيى بن حمّاد، وراجع الهامش أيضاً.

(٢). الإستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ٢٧ - ٢٨.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٧ / ٨٤.

٢١٠

مات سنة ٣٤٠ »(١) .

وأمّا (أحمد بن زهير بن حرب ) فهو: ابن أبي خيثمة، وترجمته موجودة في الكتاب.

وأمّا (يحيى بن حمّاد ) ومن فوقه، فقد عرفتهم كذلك.

فالسند صحيح كما ذكر ابن عبدالبر.

(١٤)

رواية الحسكاني

وروى الحاكم الحسكاني حديث عمرو بن ميمون بتفسير قوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرضاة اللهِ ) ، قال:

« أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو بكر القباب عبدالله بن محمّد قال: أخبرنا أبو بكر ابن أبي عاصم القاضي، قال: محمّد بن المثنى قال: حدّثنا يحيى بن حماد، قال: حدّثنا أبو عوانة الوضّاح بن عبدالله، عن يحيى بن سليم أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال:

وكان - يعني عليّاً - أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولبس ثوبه ونام مكانه، فجعل المشركون يرمونه كما كانوا يرمون رسول الله، وهم يحسبون أنه نبي الله، فجاء أبو بكر وقال: يا نبي الله، فقال علي: إن نبي الله قد ذهب نحو بئر ميمون، وكان المشركون يرمون عليّاً وهو يتضوّر، حتى أصبح فكشف عن رأسه فقالوا: كنا نرمي صاحبك ولا يتضوّر، وأنت تتضوّر، استنكرنا ذلك.

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٧٢.

٢١١

- أخبرنا أبو عبدالله الجرجاني قال: أخبرنا أبو طاهر السلمي قال: أخبرنا جدّي أبو بكر قال: حدّثنا علي بن مسلم قال: حدّثنا أبو داود، عن أبي عوانة عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن ابن عباس:

إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمـّا انطلق ليلة الغار

- وأخبرنا الحاكم أبو عبدالله قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، قال: أخبرنا زياد بن الخليل التستري، قال: حدّثنا كثير بن يحيى. قال: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال:

شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم نام مكانه.

- اخبرنا الحاكم الوالد، عن أبي حفص بن شاهين قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدّثنا أحمد بن عبدالرحمن بن سراج ومحمّد بن أحمد بن الحسين القطواني، قالا: حدثنا عباد بن ثابت قال: حدّثني سليمان بن قرم قال: حدثني عبدالرحمن بن ميمون أبو عبدالله قال: حدّثني أبي عن ابن عباس: إنه سمعه يقول: أنام رسول الله علياً على فراشه »(١) .

أقول:

لقد روى الحاكم الحسكاني هذا الحديث بأسانيد:

فأمّا السند الأوّل ففيه:

(أبو بكر التميمي ) وهو: أحمد بن محمّد بن عبدالله بن الحارث التميمي الأصبهاني،

__________________

(١). شواهد التنزيل ١ / ١٢٤ - ١٢٨.

٢١٢

نزيل نيسابور. ترجم له الحافظ عبدالغافر، فقال ما ملخّصه:

« أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبدالله بن الحارث. الإمام أبو بكر التميمي الإصبهاني، المقرئ الأديب، الفقيه، المحدّث، الديّن، الزاهد، الورع، الثقة، الإمام بالحقيقة، فريد عصره في طريقته وعلمه وورعه، لم يعهد مثله. كان عارفاً بالحديث، كثير السماع، صحيح الاصول، توفي بنيسابور سنة ٤٣٠.

حدّث عن أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بجملةٍ من حديثه ومصنفاته، وعن أبي بكر عبدالله بن محمّد القباب، وأقرانهم.

سمع منه الوالد، وابن أبي زكريا، وابن رامش، وابن الشقاني والطبقة.

قرأت بخط الحسكاني - وكان من المكثرين عنه، المختصّين بالإستفادة منه - أنه قال: توفي أبو الشيخ بإصبهاني سنة ٣٦٩ وهو ابن ٩٧ سنة »(١) .

و (أبو بكر القبّاب ) وهو: من كبار المحدّثين والقرّاء، توجد ترجمته في:

١ - طبقات المفسرين للداوودي ٢ / ٢٥١.

٢ - غاية النهاية في طبقات القراء للجزري ١ / ٤٥٤.

٣ - سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٥٧.

٤ - ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٩٠.

٥ - النجوم الزاهرة ٤ / ١٣٩.

٦ - شذرات الذهب ٣ / ٧٢.

٧ - الأنساب - القبّاب.

قال ابن الجزري الحافظ: « إمام وقته، مفسّر مشهور ...، قال الحافظ

__________________

(١). المنتخب من السياق في تاريخ نيسابور ١٠٧.

٢١٣

أبو العلاء: فأمّا أبو بكر القباب، فإنه من أجلّة قرّاء اصبهان، ومن العلماء بتفسير القرآن، كثير الحديث، ثقة نبيل، توفي سنة ٣٧٠. قيل: إنه بلغ المائة ».

و (ابن أبي عاصم ) فمن فوقه، قد عرفتهم في الكتاب.

فالسند صحيح بلا ارتياب.

وكذا السند الثالث، فإنّه عن ( الحاكم صاحب المستدرك ) بسنده المتقدّم قريباً.

(١٥)

رواية ابن عساكر

وقال الحافظ ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من ( تاريخه ):

« وأخبرتنا به اُمّ البهاء فاطمة بنت محمّد قالت: قرئ على إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، نا أبو يعلى، نا يحيى بن عبدالحميد، نا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.

فقال: أين علي؟

قالوا: يطحن.

قال: وما كان أحد منهم يرضي أن يطحن؟

فاُتي به. فدفع إليه الراية، فجاء بصفيّة بنت حيي.

٢١٤

( قال ابن عساكر ):

هذا مختصر من حديث.

وأخبرنا بتمامه: أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمّد بن أبي عثمان وأبو طاهر القصاري.

ح وأخبرنا أبو عبدالله بن القصاري، أنا أبي أبو طاهر قالا أنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسين بن هشام، أنا أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل المحاملي، أنا أبو موسى محمّد بن المثنى، نا يحيى بن حماد، نا الوضّاح نا يحيى أبو بلج، نا عمرو بن ميمون قال:

إني لجالس إلى ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط ».

فرواه بطوله. ثم قال:

« وأخبرتنا اُم البهاء فاطمة بنت محمّد، قال: أنا إبراهيم بن منصور، انا أبو بكر بن المقرئ، انا أبو يعلى، نا زهير، نا يحيى بن حماد، نا أبو عوانة، نا أبو بلج، عن عمرو بن ميمون قال:

إني لجالس عند ابن عباس، إذ أتاه سبعة رهط ».

فرواه بطوله أيضاً. ثم قال:

« أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد ابن جعفر، نا عبدالله بن محمّد، حدّثني أبي، نا يحيى بن حماد، نا أبو عوانة، نا أبو بلج، نا عمرو ميمون قال:

إني لجالس إلى ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط ».

٢١٥

فرواه بطوله، ثم قال:

« قال: وأنبأنا عبدالله بن أحمد، نا أبو مالك كثير بن يحيى، أنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، بنحوه »(١) .

أقول:

لقد روى ابن عساكر الحافظ هذا الحديث بأسانيد له، عن طريق أحمد بن حنبل، وأبي يعلى، والمحاملي.

وقد عرفت صحّة روايات هؤلاء في محالّها.

وأمّا مشايخ ابن عساكر:

فإن ( اُمّ البهاء فاطمة بنت محمّد ) هي:

« الشيخة العالمة الواعظة الصالحة المعمّرة، مسندة إصبهان، فطمة بنت محمّد بن أبي سعد أحمد بن الحسن بن علي بن البغدادي الأصبهاني حدّث عنها: السمعاني وابن عساكر قال السّمعاني: شيخة معمّرة مسندة. وقال أبو موسى: توفيت في ٥٣٩ ولها قريب من ٩٤ سنة»(٢) .

و (إبراهيم بن منصور ) هو: سبط بحرويه. وقد تقدمت ترجمته.

وكذا ترجمة (ابن المقرئ ).

وهؤلاء مشايخه في السندين الأول والثالث.

__________________

(١). تاريخ دمشق ٤٢ /.

(٢). سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٤٨.

٢١٦

وفي السند الثاني:

(أبو القاسم ابن السّمرقندي )، وقد ترجمنا له في الكتاب.

و (أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام )، وهو: إسماعيل بن الحسن ابن عبدالله بن الهيثم بن هشام، الصرصري، صاحب المحاملي (١) ، المتوفى سنة ٤٠٣.

قال الحاکم: سألت البرقاني عنه فقال: صدوق.

وسئل عنه - وأنا أسمع - فقال: ثقة(١) .

وقال السمعاني: « شيخ صدوق ثقة، سمع أبا عبدالله الحسين بن إسماعيل المحاملي و وآخر من روى عنه إن شاء الله: أبو طاهر أحمد بن محمّد بن عبدالله القصاري الخوارزمي »(٢) .

أقول:

لم أعثر - فيما بيدي من المصادر - ترجمةً لأبي طاهر هذا، ولا لابنه أبي عبدالله محمّد بن أحمد.

وفي السند الرابع:

(أبو القاسم بن الحصين )

و (أبو علي بن المذهب )

و (أحمد بن جعفر ) وهو القطيعي.

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٢.

(٢). الأنساب - الصرصري.

٢١٧

وهؤلاء ترجمنا لهم في الكتاب، فلا نعيد.

فظهر صحّة رواية ابن عساكر بأغلب أسانيدها.

هذا، وقد رواه في كتاب ( الأربعين الطوال )، وفي كتاب ( الموافقات ) بعين لفظ أحمد في ( المسند ) كما في ( الرياض النضرة ) و ( كفاية الطالب ).

(١٦)

رواية ابن الأثير

وروى عز الدين ابن الأثير بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« أنبأنا إبراهيم بن محمّد بن مهران الفقيه وغير واحدٍ، بإسنادهم إلى أبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي، عن محمّد بن حميد، عن إبراهيم بن المختار، عن شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: أوّل من أسلم علي.

ومثله روى مقسم، عن ابن عباس، واسم أبي بلج: يحيى بن أبي سليم(١) .

أقول:

أمّا ( إبن الأثير ) صاحب ( أسد الغابة ) فغني عن التعريف.

وأمّا (إبراهيم بن محمّد بن مهران ) فقد:

قال ابن الأثير - في حوادث سنة ٥٥٧ -: « وفيها توفي إبراهيم بن محمّد

__________________

(١). اسد الغابة في معرفة الصحابة ٤ / ٨٩.

٢١٨

ابن مهران الفقيه الشافعي، بجزيرة ابن عمر، وكان فاضلاً كثير الورع »(١) .

(١٧)

رواية الكنجي الشافعي

وقال الحافظ أبو عبدالله محمّد بن يوسف القرشي الكنجي:

« وروى إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل في مسنده قصة نوم عليعليه‌السلام على فراش رسول الله في حديث طويل، وتابعه الحافظ محدث الشام في كتابه المسمى بالأربعين الطوال.

فأمّا حديث الإمام أحمد:

فأخبرناه قاضي القضاة حجة الإسلام أبو الفضل يحيى بن قاضي القضاة أبي المعالي محمّد بن علي القرشي، قال: أخبرنا حنبل بن عبدالله المكبّر، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين، أخبرنا أبو علي الحسن بن المذهب، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي.

وأمّا الحديث الذي في الأربعين الطوال:

فأخبرناه به القاضي العلّامة مفتي الشام أبو نصر محمّد بن هبة الله بن قاضي القضاة شرقاً وغرباً أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمّد بن مميل الشيرازي، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن عبدالواحد الشيباني، أخبرنا أبو علي الحسن بن

__________________

(١). الكامل في التاريخ ١١ / ٤٧٧.

٢١٩

علي بن محمّد التيمي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، حدثنا عبدالله بن أحمد بن محمّد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو عوانة، حدثنا أبو بلج، حدثنا عمرو بن ميمون، قال:

إني لجالس إلى ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط فقالوا »(١) .

أقول:

ورجال هذين السندين كلّهم علماء كبار موثقون، وقد ترجمنا لهم في الكتاب، فالسندان صحيحان بلا شبهة وارتياب.

(١٨)

رواية المحبّ الطبري

وقال الحافظ أبو العباس محب الدين الطبري المكي في ( ذخائر العقبى ) ما نصّه:

« ذكر اختصاصه بعشر:

عن عمرو بن ميمون قال: إني لجالس إلى ابن عباس رضي الله عنهما، إذ أتاه سبعة رهط فقالوا: يا ابن عباس » فروى الخبر بطوله، فقال:

« أخرجه بتمامه أحمد، وأبو القاسم الدمشقي في الموافقات وفي الأربعين الطوال، وأخرج النسائي بعضه »(٢) .

__________________

(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٢٤٠ - ٢٤٤.

(٢). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ٨٦ - ٨٨.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398