نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 223546 / تحميل: 8128
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ولاحظ كلمات الثناء والتوثيق والتعظيم في:

١ - الجرح والتعديل ٧ / ٦١

٢ - تاريخ بغداد ١٢ / ٣٤٦

٣ - تهذيب التهذيب ٨ / ٢٧٠

٤ - تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧٢

٥ - سير أعلام النبلاء ١٠ / ١٤٢.

(١١)

رواية زهير بن حرب

وهو: أبو خيثمة زهير بن حرب بن شدّاد البغدادي المتوفى سنة ٢٣٤.

وتعلم روايته من بعض أسانيد أبي يعلى الموصلي.

ترجمته

وهذا الراوي من رجال البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة.

وثّقه يحيى بن معين.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي: ثقة مأمون.

وقال ابن فهم: ثقة ثبت.

وقال الخطيب: كان ثقة ثبتاً حافظاً متقناً.

٢١

وقال الذهبي: الحافظ الحجة أحد أعلام الحديث.

وقال ابن حجر: ثقة ثبت، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث »(١) .

(١٢)

رواية ابن راهويه

وهو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي، المتوفى سنة ٢٣٨.

وقع في طريق رواية أبي الخير الطّالقاني الحاكمي خبر بريدة بن الحصيب، يرويه عن النضر بن شميل.

ترجمته

وقد حدّث أحمد ويحيى بن معين والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وسائر الأئمة، عن إسحاق بن راهويه.

عن أحمد بن حنبل: « إمامٌ » و« لا أعرف لإسحاق في الدنيا نظيراً ».

وعن النسائي: « أحد الأئمة، ثقة مأمون ».

وعن ابن ذؤيب: « ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق ».

وعن ابن خزيمة: « والله لو كان إسحاق في التابعين لأقرّوا له بحفظه وعلمه وفقهه ».

وعن أبي نعيم: « كان إسحاق قرين أحمد ».

__________________

(١). الجرح والتعديل ٣ / ٥٩١، تاريخ بغداد ٨ / ٤٨٢، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣٧، تقريب التهذيب ١ / ٢٦٤، سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٨٩.

٢٢

وعن نعيم بن حماد: « إذا رأيت الخراساني يتكلّم في إسحاق بن راهويه فاتّهمه في دينه ».

وعن الحاكم: « إمام عصره في الحفظ والفتوى »(١) .

(١٣)

رواية عثمان بن أبي شيبة

وهو: أبو الحسن عثمان بن محمّد بن أبي شيبة الكوفي، المتوفى سنة: ٢٣٩.

وتعلم روايته من سند الفقيه المحدّث ابن المغازلي الواسطي.

ترجمته

وهذا الرجل من رجال البخاري ومسلم، حدّثا عنه واحتجّا به في كتابيهما، وحدّث عنه أيضاً: أبو داود وابن ماجة في سننهما، وكذا سائر الأئمّة الأعلام، كأبي حاتم، وإبراهيم الحربي، والنسوي، وأبي يعلى، والفريابي

وإن شئت الوقوف على كلماتهم في حقّه، فراجع:

الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٤٩

والتاريخ الكبير ٦ / رقم ٢٣٠٨

__________________

(١). اُنظر: التاريخ الكبير ١ / ٣٧٩، الجرح والتعديل ٢ / ٢٠٩، حلية الأولياء ٩ / ٢٣٤، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣٣، سير أعلام النبلاء ١١ / ٣٥٨، وفيات الأعيان ١ / ١٩٩، تاريخ بغداد ٦ / ٣٤٥، تهذيب التهذيب ١ / ٢١٦، طبقات الشافعية ٢ / ٨٣، طبقات الحفاظ: ١٨٨، طبقات المفسرين للداوودي ١ / ١٠٢ وغيرها.

٢٣

والثقات لابن حبان ٨ / ٤٥٤

والكاشف ٢ / رقم ٣٧٨٦

وتذكرة الحفاظ ٢ / ٤٤٤

وتاريخ بغداد ١١ / ٢٨٣

والنجوم الزاهرة ٢ / ٣٠١

وتهذيب الكمال ١٩ / ٤٧٨

وتهذيب التهذيب ٧ / ١٤٩

وسير أعلام النبلاء ١١ / ١٥١ ووصفه بـ « الإمام الحافظ الكبير المفسّر » ونقل ثقته، ووثّقه بصراحةٍ، وكذا ابن حجر الحافظ في ( التقريب ).

(١٤)

رواية عفّان بن مسلم

وهو: عفّان بن مسلم بن عبدالله، مولى عزرة بن ثابت الأنصاري، المتوفى سنة ٢٤٠ أو قبلها.

أخرجه عنه أحمد في المسند.

ترجمته

وعفّان بن مسلم، شيخ أحمد، والبخاري، وابن معين، وأبي بكر بن أبي شيبة، والذهلي، وغيرهم. وحديثه في المسند والكتب الستّة.

وكلّهم وصفوه بالثقة والإمامة والصّدق والإتقان فراجع:

١ - الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٤٠٧

٢٤

٢ - التاريخ الكبير ٧ / رقم ٣٣١

٣ - الطبقات الكبرى ٧ / ٣٣٦

٤ - تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧٩

٥ - تهذيب الكمال ٢٠ / ١٦٠

٦ - تهذيب التهذيب ٧ / ٢٣٠

٧ - تاريخ بغداد ١٢ / ٢٦٩

٨ - المعارف: ٥٢٤.

(١٥)

رواية لوين

وهو: أبو جعفر محمّد بن سليمان الأسدي البغدادي، المتوفى سنة ٢٤٥.

وقع في طريق رواية الحافظ أبي نعيم الإصبهاني.

ترجمته

هو من رجال: أبي داود والنسائي.

وحدّث عنه: عبدالله بن أحمد، والبغوي، وابن أبي داود، وابن صاعد، وابن مندة.

روى الخطيب: قال النسائي: ثقة(١) .

__________________

(١). تاريخ بغداد ٥ / ٢٩٣.

٢٥

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: صالح الحديث صدوق(١) .

وقال الذهبي: لوين الحافظ الصدوق الإمام شيخ الثغر(٢) .

وذكره ابن حبان في الثقات(٣) .

وقال ابن حجر الحافظ: ثقة(٤) .

(١٦)

رواية ابن سُمَّويه

وهو: أبو بشر إسماعيل بن عبدالله الإصبهاني المتوفى سنة ٢٦٧.

وقع في بعض أسانيد الحافظ أبي نعيم.

ترجمته

حدّث عنه: ابن مندة، وابن أبي داود، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وابن أبي حاتم

قال ابن أبي حاتم: سمعنا منه، وهو ثقة صدوق(٥) .

وقال أبو الشيخ: كان حافظاً متقناً(٦) .

__________________

(١). الجرح والتعديل ٧ ترجمة ١٤٦٨.

(٢). سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٠٠.

(٣). الثقات ٩ / ١٠١.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ١٦٦.

(٥). الجرح والتعديل ٢ / ١٨٢.

(٦). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٦٦.

٢٦

وقال أبو نعيم: كان من الحفّاظ والفقهاء(١) .

وقال الذهبي: الإمام، الحافظ، الثبت، الرّحال، الفقيه(٢) .

(١٧)

رواية أبي أحمد العسّال

وهو: محمّد بن أحمد الإصبهاني، المتوفى سنة ٢٨٢.

شيخ الحافظ أبي نعيم. وقد روى الحديث عنه في ( فضائل الصحابة ).

ترجمته

حدّث عنه: ابن عدي، وابن المقرئ، وابن مردويه، وابن مندة، وأبو نعيم، وأبو سعيد النقّاش، وجماعة من الأعلام.

قال الحاكم: كان أحد أئمّة الحديث.

وقال الخطيب: قدم بغداد وحدّث بها، وقد حدّثنا عنه أبو نعيم الإصبهاني الحافظ حديثاً كثيراً

وقال ابن مردويه: هو أحد الأئمة في الحديث فهماً وإتقاناً وأمانة.

وقال الذكواني: أبو أحمد العسّال الثقة المأمون الكبير في الحفظ والإتقان.

وقال الخليلي: حافظ متقن.

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ١١.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٠.

٢٧

وقال أبو نعيم: مقبول القول، من كبار الناس في المعرفة والحفظ(١) .

(١٨)

رواية أبي حاتم الرازي

وهو: محمّد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، المتوفى سنة ٢٧٧.

قال الحافظ محبّ الدين الطبري: « عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه -: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.

أخرجه أحمد والترمذي - وقال: حسن غريب - وأبو حاتم »(٢) .

ووقع « أبو حاتم الرازي » في أحد أسانيد روايات ابن عساكر الدمشقي الكثيرة في هذا الباب(٣) .

ترجمته

الخطيب: « كان أبو حاتم أحد الأئمّة الحفاظ الأثبات ».

ابن خراش: « كان أبو حاتم من أهل الأمانة والمعرفة ».

اللالكائي: « كان أبو حاتم إماماً حافظاً متثبّتاً ».

النسائي: « ثقة ».

__________________

(١). ذكر أخبار إصبهان ٢ / ٢٨٣، تاريخ بغداد ١ / ٢٧٠، تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٨٦، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٦، الوافي بالوفيات ٢ / ٤١ وغيرها.

(٢). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ٦٨، وقد يحتمل أن المراد « ابن حبان ».

(٣). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٩٥.

٢٨

الذهبي: « الإمام الحافظ الناقد شيخ المحدّثين، كان من بحور العلم، من نظراء البخاري ومن طبقته »(١) .

(١٩)

رواية ابن أبي عاصم

وهو: أبو بكر أحمد بن عمرو بن الضحّاك الشيباني المتوفى سنة ٢٨٧.

« ثنا عباس بن الوليد النرسي وأبو كامل قالا: ثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عليٌّ مني، وأنا منه، وهو وليّ كل مؤمن بعدي.(٢)

إسناده صحيح. رجاله ثقات على شرط مسلم.

والحديث أخرجه الترمذي ( ٢ / ٢٩٧ ) وابن حبان (٢٢٠٣) والحاكم ٠ / ( ١١ ٣ - ١١١ ) وأحمد ( ٤ / ٤٣٧ ) من طرق أخرى عن جعفر بن سليمان الضبعي به.

وقال الترمذي: « حديث حسن غريب ».

وقال الحاكم: « صحيح على شرط مسلم ».

وأقرّه الذهبي.

وله شاهد من حديث بريدة مرفوعاً به.

__________________

(١). اُنظر: تاريخ بغداد ٢ / ٧٣، تهذيب التهذيب ٩ / ٣١، طبقات الحفاظ ٢ / ٥٦٧، الوافي بالوفيات ٢ / ١٨٣، البداية والنهاية ١١ / ٥٩، طبقات السبكي ٢ / ٢٠٧، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧ وغيرها.

(٢). هذه تعليقات الألباني على كتاب السنّة لابن أبي عاصم.

٢٩

أخرجه أحمد ( ٥ / ٣٥٦ ) من طريق أجلح الكندي عن عبدالله بن بريدة عن أبيه بريدة. وإسناده جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أجلح، وهو ابن عبدالله بن جحيفة الكندي، وهو شيعي صدوق.

ثنا محمّد بن المثنى، حدّثنا يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن يحيى ابن سليم أبي بلج عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي:

أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّك لست نبياً [ إنّه لاينبغي أن أذهب إلّا ] وأنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي.

قال أبو بكر: وحديث سفينة ثابت من جهة النقل، سعيد بن جمهان روى عنه حماد بن سلمة والعوام بن حوشب وحشرج.(١)

إسناده حسن. ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بلج واسمه يحيى بن سليم بن بلج قال الحافظ: « صدوق ربما أخطأ ».

ثنا الحسين بن علي وأحمد بن عثمان قالا: ثنا محمّد بن خالد بن عثمة، حدّثنا موسى بن يعقوب، حدّثني المهاجر بن مسمار، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول يوم الجحفة وأخذ بيد علي، فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

أيها الناس إني وليّكم. قالوا: صدقت يا رسول الله، وأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فرفعها فقال: هذا وليِّي، والمؤدّي عني(٢) .

__________________

(١). هذه تعليقات الألباني.

(٢). كتاب السنّة لابن أبي عاصم: ٥٥٠.

٣٠

ترجمته

قال أبو الشيخ الإصبهاني: « كان من الصيانة والعفّة بمحلٍّ عجيب ».

وقال ابن مردويه: « حافظ كثير الحديث، صنف المسند والكتب ».

وقال النسوي: « من أهل السنّة والحديث والنسك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان ثقة نبيلاً معمّراً ».

وقال أبو نعيم: « كان فقيهاً ظاهري المذهب ».

وقال الذهبي: « حافظ كبير، إمام بارع، متّبع للآثار، كثير التصانيف، قدم أصبهان على قضائها، ونشر بها علمه »(١) .

(٢٠)

رواية عبدالله بن أحمد

وهو: أبو عبدالرحمن عبدالله بن أحمد بن محمّد بن حنبل المروزي البغدادي المتوفى سنة ٢٩٠.

أخرج خبر المناقب العشر عن ابن عباس، وفيها ( حديث الولاية ) بسندٍ صحيح. ورواه عنه غير واحدٍ من الأعلام بأسانيدهم، كالحاكم النيسابوري، حيث رواه عنه بواسطة أبي بكر القطيعي(٢)

__________________

(١). اُنظر: ذكر أخبار إصبهان ١ / ١٠٠، طبقات المحدثين بإصبهان، تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٤٠، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٤٣٠، العبر ٢ / ٧٩، الوافي بالوفيات ٧ / ٢٦٩، شذرات الذهب ٢ / ١٩٥.

(٢). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢ - ١٣٤.

٣١

وروى الحديث عن أبيه بإسناده عن ابن بريدة عن أبيه، وفيه: « لا تقع في علي، فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم من بعدي ».

وهذا الحديث في ( المسند ). ورواه عنه بأسانيدهم جماعة من الأعلام كابن عساكر الدمشقي(١) .

ترجمته

حدّث عنه من الأئمة: النسائي، والبغوي، وابن صاعد، وأبو عوانة، والمحاملي، ودعلج، والطبراني، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر القطيعي وغيرهم.

أحمد: « إن أبا عبدالرحمن قد وعى علماً كثيراً ». « ابني عبدالله محظوظ من علم الحديث ».

ابن المنادي: « لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه من عبدالله بن أحمد ».

الخطيب: « كان ثقة ثبتاً فهماً ».

الذهبي: « الإمام الحافظ الناقد محدّث بغداد. كان صيّناً ديّناً صادقاً صاحب حديثٍ واتّباع وبصر بالرجال »(٢) .

__________________

(١). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٩٠.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥١٦. وانظر: تاريخ بغداد ٩ / ٣٧٥، تهذيب التهذيب ٥ / ١٤١، تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٦٥ وغيرها.

٣٢

(٢١)

رواية البزّار

وهو: أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البصري، المتوفى سنة ٢٩٢.

أخرجه بإسناده:

« عن بريدة قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب -رضي‌الله‌عنه - وعلى الاخر خالد بن الوليد، فقال: إذا التقيتم فعلي على الناس، وإن افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على جنده. قال: فلقينا بني زبيد من أهل اليمن فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه.

قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره بذلك، فلما أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم دفعت الكتاب، فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فقلت: يا رسول الله هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجلٍ وأمرتني أنْ اُطيعه، ففعلت ما أرسلت به.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تقع في علي، فإنّه منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي»(١) .

ترجمته

توجد ترجمته وتوثيقاته في غير واحدٍ من المصادر، غير أنّهم قالوا بأنّه

__________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٢٧ - ١٢٨.

٣٣

كان يتّكل على حفظه فيقع منه الخطأ في الإسناد أو المتن. راجع:

١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٥٣

٢ - سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٥٤

٣ - تاريخ بغداد ٤ / ٣٣٤

٤ - النجوم الزاهرة ٢ / ١٥٧

٥ - الوافي بالوفيات ٧ / ٢٦٨.

(٢٢)

رواية مطيّن

وهو: محمّد بن عبدالله الحضرمي، المتوفى سنة ٢٩٧.

وهو شيخ أبي القاسم الطبراني، رواه عنه في ( المعجم الأوسط ).

ترجمته

ترجم له الذهبي فقال ما ملخّصه:

« مطيّن. الشيخ الحافظ الصدوق، محدّث الكوفة، أبو جعفر محمّد ابن عبدالله بن سليمان الحضرمي

سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة جبل.

وقال الخليلي: ثقة حافظ(١) .

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤١.

٣٤

وراجع أيضاً:

١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٦٢

٢ - النجوم الزاهرة ٣ / ١٧١

٣ - الوافي بالوفيات ٣ / ٣٤٥

٤ - شذرات الذهب ٢ / ٢٢٦.

(٢٣)

رواية أحمد بن الحسين الصوفي

وهو: أحمد بن الحسين بن إسحاق البغدادي، المتوفى سنة ٣٠٢.

وتعلم روايته من سند ابن المغازلي الواسطي.

ترجمته

ترجم له الخطيب في تاريخه، والذهبي في سيره، ووصفه بـ « الشيخ العالم المحدّث » قال:

« حدّث عنه: أبو بكر الشافعي، وأبو حفص عمر بن محمّد الزيّات، وأبو أحمد بن عدي، وطائفة سواهم ».

قال: « وثّقه أبو عبدالله الحاكم وغيره، وبعضهم ليّنه »(١) .

__________________

(١). تاريخ بغداد ٤ / ٩٨، سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٥٣.

٣٥

(٢٤)

رواية الروياني

وهو: أبو بكر محمّد بن هارون، المتوفى سنة ٣٠٧.

وقع في طريق رواية الحافظ ابن عساكر.

وروى الحديث في ( مسنده ) قائلاً: « نا ابن إسحاق، نا خالد القطربلي، نا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن الحصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، فاستعمل عليهم علياً، فمضى علي في السرية، قال: فأصاب علي جاريةً، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع.

قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم انصرفوا.

فلمـّا قدمت السرية، سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال: فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

قال: فأعرض عنه.

ثم قام آخر، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال:

ما تريدون من علي؟ - ثلاث مرار -، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي.

٣٦

نا محمّد بن إسحاق، نا محمّد بن عبدالله، نا أبو الجواب، نا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن البراء قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشين، على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا كان قتال فعلي على الناس. فافتتح علي حصناً، فأخذ جاريةً لنفسه. فكتب خالد.

فلمـّا قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتاب قال: ما يقول في رجلٍ يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله؟ »(١) .

ترجمته

ترجم له الذهبي بقوله: « الروياني، الإمام الحافظ الثقة محمّد بن هارون الروياني، صاحب المسند المشهور، حدّث عن أبي الربيع الزهراني وله الرحلة الواسعة والمعرفة التامة. حدّث عنه أبو بكر الإسماعيلي

وثّقه أبو يعلى الخليلي، وذكر أن له تصانيف في الفقه، وأنّه مات سنة ٣٠٧ »(٢) .

وله ترجمة في:

١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٥٢

٢ - مرآة الجنان ٢ / ٢٤٩.

__________________

(١). مسند الروياني، عن نسخته المخطوطة، في ( قيد الأوابط ) للعلامة المحقق المرحوم السيد عبدالعزيز الطباطبائي.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٤ / ٥٠٧.

٣٧

٣ - البداية والنهاية ١١ / ١٣١

٤ - الوافي بالوفيات ٥ / ١٤٨

٥ - شذرات الذهب ٢ / ٢٥١ وغيرها.

(٢٥)

رواية أبي القاسم البغوي

وهو: أبو القاسم عبدالله بن محمّد بن عبدالعزيز البغدادي، المتوفى سنة ٣١٧.

وقع في طريق رواية شيخ الإسلام الجويني الحمويني عن عمران، حيث رواه عن أبي الربيع الزهراني، ورواه عنه الحافظ أبو حفص ابن شاهين(١) .

وفي طريق رواية الفقيه الشافعي ابن المغازلي الواسطي عن عمران، حيث رواه عن أبي الربيع الزهراني، وعنه أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران(٢) .

وفي طريق رواية الحافظ ابن عساكر عن عمران، حيث رواه عن أبي الربيع الزهراني، وعنه عيسى بن علي(٣) .

__________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٥٦.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب: ٢٢٩.

(٣). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٩٧.

٣٨

ترجمته

سئل ابن أبي حاتم عن أبي القاسم البغوي: « أيدخل في الصحيح؟ قال: نعم ».

الدارقطني: « ثقة جبل، إمام من الأئمة، ثبت ».

أبو يعلى الخليلي: « أبو القاسم البغوي من العلماء المعمرين، وهو حافظ عارف، وقد حسدوه في آخره عمره فتكلّموا فيه بشيء لا يقدح فيه ».

الذهبي: « الحافظ الإمام، الحجة، المعمَّر، مسند العصر، ثقة مطلقاً ».

راجع:

١ - سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٤٠

٢ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٣٧

٣ - البداية والنهاية ١١ / ١٦٣

٤ - تاريخ بغداد ١٠ / ١١١

٥ - النجوم الزاهرة ٣ / ٢٢٦

٦ - شذرات الذهب ٢ / ٢٧٥ وغيرها.

(٢٦)

رواية الطحاوي

وهو: أحمد بن محمّد بن سلامة المصري، المتوفى سنة ٣٢١.

روى هذا الحديث في كتابه، حيث قال:

٣٩

« بيان مشكل ما روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيما كان من عليرضي‌الله‌عنه في قسمة خمس ما بعث في قسمته من السبي، ووقوع الوصيفة التي كانت في آله، وما كان منه فيها من وطيها، ومن تناهي ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلا استبراء مذكور فيه، وترك إنكار ذلك عليه.

حدّثنا أحمد بن شعيب قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم - يعني ابن راهويه - قال: أنا النضر بن شميل قال: ثنا عبدالجليل بن عطية قال: ثنا عبدالله بن بريدة قال: حدّثني أبي قال: لم يكن أحد من الناس أبغض إليَّ من علي بن أبي طالب، حتى أحببت رجلا من قريش لا احبه إلاّعلى بغضاء علي، فبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك الرجل على خيل، فصحبته وما أصحبه إلاّعلى بغضاء علي، فكتب إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن ابعث إليه من يخمّسه، فبعث إلينا عليّاً، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي، فلما خمّسه صارت الوصيفة في الخمس، ثم خمّس فصارت في أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم خمّس فصارت في آل علي، فأتانا ورأسه يقطر، فقلنا: ما هذا؟ فقال: ألم تروا إلى الوصيفة صارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي، ثم صارت في آل علي، وقعت عليها، فكتب، وبعثني مصدّقاً لكتابه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بما قال.

فجعلت أقرأ عليه ويقول: صدق، وأقرأ ويقول صدق، فأمسك بيدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال:

أتبغض عليّاً؟ فقلت: نعم. فقال: لا تبغضه، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّاً،

٤٠

هكذا كانت الصورة ، وهي لا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح والتعليق ؛ معاول الفتنة والهدم تضرب جسد الأُمّة من كلّ جانب

الأمراض الفكرية والأخلاقية تنهش فيها ، وقد اجتمع الدعاة إلى دولة القردة والخنازير على كلمة سواء ، هي هدم دولة أئمّة الحق من آل محمد بكلّ ما لديهم من وسائل الإقناع والتشويه والتمويه والإغراء والاغتيال والفساد

والآن لا مفرّ من هدنة ، والصراع سيمتد قروناً وقروناً ، ولم يأتِ بعد أوان حسم الصراع ، والمهمّة العاجلة أمام أئمّة الحق من آل محمد في هذه اللحظة هي إمامة الخط الإلهي الرباني داخل جسد الأُمّة ، والحفاظ على مَنْ يمثّلون هذه الرؤية لينقلوها إلى مَنْ بعدهم ، لا إهلاكهم في جولة صراع معلومة النتائج سلفاً

ــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ تفسير الطبري ‏٩ / ١١٣ ، دار الفكر ، بيروت ، ١٩٨٨

٢ ـ الدرّ المنثور ـ للسيوطي‏ ٥ / ٣٠٩ طبع دار الفكر ، بيروت ، ‏١٩٩٣م

٣ ـ المصدر نفسه

٤ ـ المصدر نفسه

٥ ـ ينابيع المودّة ‏٢ / ١٤٢ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

٦ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ـ للحافظ بن حجر العسقلاني ١ / ١٧٠ ـ ٢٧١ ، رقم ٢٦٦ (أنس بن الحارث) مطبعه دار الكتب العلمية بيروت ، ط‏١ ، سنة ١٩٩٥

٧ ـ الصواعق المحرقة ـ لابن حجر / ٢٩٢ ، ح‏٢٨ ، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط‏٣ / ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م

٨ ـ المصدر نفسه / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، ح‏٣٠

٩ ـ تفسير ابن كثير ٢ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، دار الفكر ، بيروت ، ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٤ م

١٠ ـ المصدر نفسه ٢ / ٤٥٤

١١ ـ المصدر نفسه

٤١

ــــــــــــــــــــــــــ

١٢ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ للطبري ٣ / ٥٦١ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

١٣ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٩ ـ ٥٦٠

١٤ ـ مقاتل الطالبيين / ٧٦ ـ ٧٧ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٧ م

١٥ ـ تاريخ الطبري ٣ / ٥٥٢ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

١٦ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٢ ـ ٥٥٣

١٧ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٤

١٨ ـ المصدر نفسه

١٩ ـ المصدر نفسه ٤ / ١٠٣

٢٠ ـ المصدر نفسه

٢١ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ لابن جرير الطبري ٤ / ١٠٤

٢٢ ـ المصدر نفسه ٤ / ١٠٧

٢٣ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٥ / ١٨١ ، الطبعة الأولى ، دار الجيل ، بيروت ، ‏١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م

٢٤ ـ المصدر نفسه ٥ / ١٨٩ ـ ١٩٠

٢٥ ـ المصدر نفسه ٥ / ١٩٠

٢٦ ـ المصدر نفسه ٥ / ٢٥٦ ـ ٢٥٨

٢٧ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ للطبري ٤ / ٣٤

٢٨ ـ المصدر نفسه

٢٩ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٢ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، ط‏١ ، دار الجيل ، بيروت ، ‏١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م

٣٠ ـ المصدر نفسه

٣١ المصدر نفسه ‏٢ / ٢١٧ ـ ٢٢٠

٣٢ ـ علي وبنوه ـ لطه حسين / ٨٠ ـ ٨١ ، طبع دار المعارف ، مصر

٣٣ ـ شرح نهج البلاغة ‏٢ / ١٨٣ ، دار الهدى الوطنية ، بيروت

٣٤ ـ المصدر نفسه ‏٤ / ١٤ نقلاً عن أبي الفرج

٣٥ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ١٦ / ٤٠ ـ ٤٢ ، دار الجيل ، بيروت

٤٢

والأهم من هذا أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) لا ينطلقون في قراراتهم من رؤية آنية ، وإنّما من رؤية كونية تحدّد مهامّهم بدءاً من بعثة محمد (صلّى اللّه عليه وآله) إلى ظهور المهدي المنتظر (جعلنا اللّه من أنصاره وجنده)

هؤلاء ، أي الرسول والأئمّة (عليه السّلام) لم تحمّلهم الأُمّة المسؤولية ، وإنّما حملوها بأمر من اللّه (عزّ وجلّ) ، فكان إمداد السماء لهم بالتسديد والتأييد والتعزية والتسلية أمراً ضرورياً

من هنا كانت رؤية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأولئك القردة الذين كانوا ينزون على منبره ، ونزول قوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ )(سورة الإسراء / ٦٠) ، ثمّ تعزيته من قبل جبرائيل (عليه السّلام) بمقتل الحسين (عليه السّلام) في كربلاء ، ولم يكن شيئاً من هذه السياقات محجوباً لا عن الإمام علي (عليه السّلام) الذي ما فتى‏ء يتعجّل أشقاها أن يأتي ليضربه على رأسه فيستريح من هذه الأُمّة التعسة ، ولا كانت غائبة عن الإمام الحسن (عليه السّلام) حين عقد صلحاً مع إمام البغاة وهادنه(١)

ولكن هذا لا يغني عن إيراد شروط الصلح والمهادنة ، فهي كما أوردها الشيخ الصدوق في كتاب (علل الشرائع) قال : بايع الحسن بن علي (صلوات اللّه عليه) معاوية على ألاّ يسمّيه أمير المؤمنين ، ولا يقيم عنده شهادة ، وعلى ألاّ يتعقّب على شيعة علي شيئاً ، وعلى أن يفرّق في أولاد مَنْ قُتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد مَنْ قُتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم ، وعلى أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد

٤٣

لم يكن ذلك الصلح شيئاً سارّاً لخواص أصحاب الإمام علي الذي أمضّهم هذا فدخل أحدهم على الإمام الحسن (عليه السّلام) قائلاً : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين

فقال الحسن : (( اجلس يرحمك اللّه ! إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) رُفع له ملك بني أُميّة فنظر إليهم يعلون منبره واحداً واحداً فشقّ ذلك عليه ؛ فأنزل اللّه في ذلك قرآناً قال له : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) ، وسمعت أبي علياً (رحمه اللّه) يقول : سيلي أمر هذه الأُمّة رجل واسع البلعوم ، كبير البطن ، فسألته : مَنْ هو ؟ فقال : معاوية ، وقال لي : إنّ القرآن قد نطق بملك بني أُميّة ومدّتهم ، قال تعالى : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )(سورة القدر / ٣) ، قال أبي : هذا ملك بني أُميّة ))(٢)

٤٤

الفصل الثاني

تحقّق

الرؤيا وقيام مُلْك أرباب السوء

١ ـ مسؤولية مَنْ أرادها أمويّة وكرهها إسلامية

قام مُلْك (بني فلان) الذين رأى النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّهم ينزون على منبره نزو القردة

ولا نعفي أحداً من المسؤولية ، لا الذين أضعفوا سلطان آل محمد على قلوب الناس وجعلوا منهم مستشارين عند الضرورة ، ولا الذين جعلوا الإمام علياً سادساً في ما أسموه بالشورى ، وقد قال (عليه السّلام) في ذلك : (( متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتى صرت أُقرن إلى هذه النظائر ؟! ))

ولا الذين مهّدوا لمعاوية سلطانه في الشام ، ولمّا رأوا ما هو فيه من الأُبّهة والسلطان قالوا : (لا نأمرك ولا ننهاك)

كان ابن آكلة الأكباد استثناءً ، ولا الذين حرصوا على سلب أهل البيت أموالهم التي أُعطيت لهم من قبل السماء ، فأخذوا فدكاً من الزهراء ، وحرموا آل محمد حقّهم في الخمس ، ولا الذين حرصوا على إعطاء بني أُميّة ما يتقوون به لإقامة دولتهم ، فأعطوا مروان بن الحكم وابن أبي سرح خمس غنائم أفريقيا ، ولا الذين أشعلوا نار الفتنة في موقعة الجمل الخ

كلّهم مسؤولون وشركاء في هذه الكارثة : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لاَ َتَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمْ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ )(سورة الصافات / ٢٤ ـ ٢٦) ، كلّهم أرادوها أمويّة وكرهوها إسلامية خالصة للّه

٤٥

٢ ـ خطبة الافتتاح وشريعة ملوك السوء

ولنسمع خطبة الافتتاح من ابن آكلة الأكباد : ما قاتلتكم لتصلّوا ، ولا لتصوموا ، ولا لتحجّوا ، ولا لتزكّوا ، إنّكم لتفعلون ذلك ، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني اللّه ذلك وأنتم كارهون

كلّ شي‏ء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين ، لا أفي به(٣)

ولا بأس بأن نورد نماذج من تطبيق الشريعة الإسلامية على الطريقة الأُمويّة ، وهو ما يتمنّاه بعض المخدوعين في هذا الزمان :

أوّلاً : النهج الأُموي يُبيح شرب الخمور

روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد اللّه بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ، ثمّ أُتينا بالطعام فأكلنا ، ثمّ أُتينا بالشراب فشرب معاوية ، ثمّ ناول أبي ، ثمّ قال : ما شربته منذ حرّمه رسول اللّه(٤)

ثانياً : النهج الأُموي يُبيح الربا

أخرج مالك والنسائي وغيرهما من طريق عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقاية من ذهب ، أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له أبو الدرداء (رضى اللّه عنه) : سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ينهى عن مثل هذا إلاّ مثلاً بمثل

٤٦

فقال له معاوية : ما أرى بمثل هذا بأساً(٥)

ثالثاً : استلحاق زياد

وصّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : (( أنّ الولد للفراش ، وللعاهر الحجر )) متّفق عليه

وقال (صلّى اللّه عليه وآله) : (( مَنْ ادّعى إلى غير أبيه ، وهو يعلم أنّه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام ))

رواه البخاري ومسلم وأبو داود

أمّا ابن آكلة الأكباد فجاء بزياد ، وكان يُدعى زياد ابن أبيه ، وتارة زياد ابن أُمّه ، وتارة زياد بن سُميّة ، وأقام الشهادة أنّ أباه أبا سفيان قد وضعه في رحم سُميّة ، وكانت بغياً ، وسمّاه زياد بن أبي سفيان ؛ ليستخدمه في قمع المسلمين الشيعة وقتلهم

رابعاً : قتل الأحرار من أصحاب محمد (صلّى اللّه عليه وآله)

قال تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )(سورة المائده / ٣٢)

روى الطبري في تاريخه : استعمل معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة وأوصاه : لا تتحمَ عن شتم علي وذمّه ، والترحّم على عثمان والاستغفار له ، والعيب على أصحاب علي والإقصاء لهم ، وترك الاستماع منهم ، وبإطراء شيعة عثمان (رضوان اللّه عليه) والإدناء لهم والاستماع منهم

٤٧

وأقام المغيرة على الكوفة عاملاً لمعاوية سبع سنين وأشهراً ، وهو من أحسن شي‏ء سيرة ، وأشدّه حبّاً للعافية غير أنّه لا يدع ذمّ علي والوقوع فيه ، والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم ، والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لأصحابه ، فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال : بل إيّاكم فذمم اللّه ولعن

ثمّ قام فقال : إنّ اللّه (عزّ وجلّ) يقول : ( كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ )(سورة النساء / ١٣٥) ، وأنا أشهد أنّ مَنْ تذمّون وتعيّرون لاحق بالفضل ، وأنّ مَنْ تزكّون وتطرون أولى بالذم(٦)

واستمرت هذه الحال حتى ولي زياد الكوفة فقال مثلما كان يقول المغيرة ، وردّ عليه حجر (رضوان اللّه عليه) بمثل ما كان يردّ على المغيرة ، فأرسل زياد إلى أميره معاوية فأمر باعتقاله (وفقاً لقانون طوارئ بني أُميّة) ، وأُرسل إلى ابن آكلة الأكباد مشدوداً في الحديد فأمر بقتله

فقال حجر للذين يلون أمره : دعوني حتى أُصلّي ركعتين

فقالوا : صلِّ فصلّى ركعتين خفّف فيهما ، ثمّ قال : لولا أن تظنّوا بي غير الذي أنا عليه لأحببت أن تكونا أطول ممّا كانتا

ثمّ قال لمَنْ حضره من أهله : لا تطلقوا عنّي حديداً ، ولا تغسلوا عنّي دماً ؛ فإنّي أُلاقي معاوية غداً على الجادة ثمّ قُدّم فضُربت عنقه

لم يكن حجر بن عدى النموذج الوحيد الدالّ على ظلم هذه الدولة الجائرة التي يزعم جاهلو أمرها وحدهم أنّها كانت تحكم ، أو تحكم بشريعة الإسلام

٤٨

لقد كان بنو أُميّة يدأبون ليل نهار لإطفاء نور اللّه ، وفي الوقت نفسه كان خطّ الأئمّة (عليهم السّلام) قد تحوّل إلى مشروع تأسيس لإقامة دولة المهدي المنتظر وإن تأخّر ذلك قروناً وقروناً

أمّا بنو أُميّة فيجهدون لإحداث أكبر قدر من الدمار بالأُمّة الإسلامية وبرجالاتها وبقيمها

وفي الوقت نفسه كان خطّ آل بيت محمد حريصاً على إبقاء قيم الإسلام الرسالي الأصيل حيّة ومتوهجة ، والتأكيد على أنّ مرحلة التمهيد وتأسيس دولة الإمام المهدي ليست مرحلة هدنة سلبية ، وليست إيثاراً للإبقاء على حياة مجموعة من البشر ، وإنّما إبقاء للقيم وإمدادها بكلّ ما يبقيها متألّقة وحيّة حتى زمن الظهور

٣ ـ مواجهة التزييف ، وإحياء قيم الإسلام

لم تتوقّف المواجهة بين أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) وبين بني أُميّة خلال هذه المرحلة ، وإن ابتعدت عن المعارك العسكرية الكبرى ، فقد سال الكثير من الدماء في هذه المرحلة ، ومنها دماء حجر بن عدي وأصحابه ، وعمرو بن الحمق الخزاعى وغيرهم من خواص أصحاب الإمام علي (عليه السّلام)

وفي مواضع أُخرى كان الأئمّة (عليهم السّلام) يتصدّون لعمليات التزييف التي تمارسها الدعاية الأُمويّة ، ويدعون الناس إلى الحقّ وتغيير الباطل وعدم السكوت عليه

ولنأخذ بعض الأمثلة على ذلك من تاريخ الإمام الحسن (عليه السّلام) قبيل استشهاده ، ثمّ من تاريخ الإمام الحسين (عليه السّلام)

٤٩

يروى أبو الفرج قال : خطب معاوية بالكوفة حين دخلها والحسن والحسين (عليهما السّلام) جالسان تحت المنبر ، فذكر علياً (عليه السّلام) فنال منه ، ثمّ نال من الحسن

فقام الحسين ليردّ عليه ، فأخذه الحسن بيده فأجلسه ، ثمّ قام فقال : (( أيّها الذاكر عليّاً ، أنا الحسن ، وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأُمّي فاطمة وأُمّك هند ، وجدّي رسول اللّه وجدّك عتبة بن ربيعة ، وجدّتي خديجة وجدّتك قتيلة ، فلعن اللّه أخملنا ذكراً ، وألأمنا حسباً وشرّنا قديماً وحديثاً ، وأقدمنا كفراً ونفاقاً ))

فقال طوائف من أهل المسجد : آمين(٧)

روى أبو الحسن المدائني قال : سأل معاوية الحسن بن علي بعد الصلح أن يخطب الناس فامتنع ، فناشده أن يفعل ، فوضع له كرسي فجلس عليه ، ثمّ قال : (( الحمد للّه الذي توحّد في ملكه ، وتفرّد في ربوبيته ، يؤتي الملك مَنْ يشاء ، وينزعه عمّن يشاء ، والحمد للّه الذي أكرم بنا مؤمنكم ، وأخرج من الشرك أوّلكم ، وحقن دماء آخركم ، فبلاؤنا عندكم قديماً وحديثاً أحسن البلاء ، إن شكرتم أو كفرتم

أيّها الناس ، إنّ ربّ علي كان أعلم بعلي حين قبضه إليه ، وقد اختصه بفضل لم تعتادوا مثله ، ولم تجدوا سابقته ، فهيهات هيهات ! طالما قلبتم له الأمور حتى أعلاه اللّه عليكم وهو صاحبكم ، وعدوّكم في بدر وأخواتها ، جرّعكم رنقاً ، وسقاكم علقاً ، وأذلّ رقابكم ، وأشرقكم بريقكم ، فلستم بملومين على بغضه ، وأيم اللّه لا ترى أُمّة محمد خفضاً ما كان سادتهم وقادتهم في بني أُميّة ، ولقد وجّه اللّه إليكم فتنة لن تصدروا عنها حتى تهلكوا ؛ لطاعتكم طواغيتكم ، وانضوائكم إلى شياطينكم ، فعند اللّه احتسب ما مضى وما يُنتظر من سوء دعتكم ، وحيف حكمكم ))(٨)

٥٠

يقول أبو الفرج : لمّا أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن عليه شي‏ء أثقل من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقّاص فدسّ إليهما سمّاً فماتا

استشهد الإمام الحسن (عليه السّلام) في ربيع الأوّل عام تسعة وأربعين ، وحمل الإمام الحسين (عليه السّلام) عب‏ء مواجهة الأمويين طوال هذه المرحلة حتى استشهاده(عليه السّلام) في واقعة كربلاء

وكما أسلفنا كانت هذه المرحلة مرحلة مواجهة (غير مسلحة) ، وهي كلمة غير دقيقة ، وإلاّ فبماذا نصف قتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وأصحابهما ، ومئات غيرهم ممّن لم تشتهر أسماؤهم على يد شرطة معاوية وزياد وابن زياد وسمرة بن جندب وغيرهم

وإذا قلنا غير مسلحة فإنّنا نعني عدم حدوث معارك كبرى فقط

كانت هذه المرحلة التي امتدّت من عام تسع وأربعين حتى هلاك الطاغية مرحلة تسابق

إنّ الطاغية يحاول تكريس نهج الدولة الأُموية وتحويله إلى قدر أبدي (وهو ما نجح في بعضه) ، والإمام الحسين (عليه السّلام) يحاول إحياء موات هذه الأُمّة وردّهم إلى الدين الصحيح ، دين محمد وعلي

٤ ـ محاولة تحويل (النهج الأُموي) إلى قدر أبدي

نفّذ معاوية سياسة واضحة المعالم ، من أبرز معالمها :

٥١

ا ـ لعن آل البيت (عليهم السّلام) ، وخاصة إمام الأئمّة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) على منابر الأُمّة ، صباح مساء

ب ـ العمل على رفع مكانة مناوئي أهل البيت ومنافسيهم باختلاق الروايات المنسوبة إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)

ج ـ القضاء على خطوط الدفاع بقتل رجال الشيعة واغتيالهم ، مثل حجر وعمرو بن الحمق كما أسلفنا ، بل وحتى قتل أيّ معارض آخر له وزن وإن لم يكن من شيعة أهل البيت (عليهم السّلام) ، ومثال ذلك : سعد بن أبي وقّاص وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد

د ـ استعمال سياسة الرشوة وإفساد الذمم لاستماله مَنْ تبقّى

وهذه السياسات نفسها هي التي بدا بها تمدّده السرطاني في جسد الأُمّة

٥ ـ امتداد المُلك يزيد ولّي عهد

أراد ابن آكلة الأكباد أن يمهّد الأمر ليزيد ابنه ؛ ليمتدّ المُلك في عقبه حتى قيام الساعة

ومَنْ يتتبّع أخبار الرواة في هذا الصدد يجد تبايناً ، فمن قائل يقول : إنّ هذا الأمر كان بمبادرة من المغيرة بن شعبة ليمدّ له معاوية في ولايته على الكوفة ، ومن قائل يقول : إنّ هذا كان بأمر من معاوية ، واتفاق مع الضحّاك بن قيس

وما أعتقده أنّ هذه أمور واحدة ؛ كلّ المنافقين يعلمون رغبة سيّدهم ، والكلّ يتبارى في اختيار الأُسلوب الملائم للتنفيذ ، ولا بأس بإيراد بعض النماذج التي توضّح طبيعة المُلك الأُموي وسياسته :

٥٢

أوفد المغيرة بن شعبة عشرة من شيعة بني أُميّة إلى معاوية ليطالبوا ببيعة يزيد ، وعليهم موسى بن المغيرة ، فقال معاوية : لا تعجلوا بإظهار هذا ، وكونوا على رأيكم

ثمّ قال لموسى : بكم اشترى أبوك هؤلاء من دينهم ؟

قال : بثلاثين ألفاً

قال : لقد هان عليهم دينهم

لمّا اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار بدمشق بإحضار منه ، دعا الضحّاك بن قيس ، فقال له : إذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي فاستأذنّي للقيام ، فإذا أذنت لك فاحمد اللّه تعالى ، واذكر يزيد ، وقل فيه الذي يحقّ له عليك من حسن الثناء عليه ، ثمّ ادعني إلى توليته من بعدي ؛ فإنّي قد رأيت وأجمعت على توليته ، فأسأل اللّه في ذلك وفي غيره الخيرة وحسن القضاء

ثمّ دعا عدّة رجال فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحّاك ، وأن يصدّقوا قوله ، ويدعو إلى يزيد

ثمّ خطب معاوية فتكلّم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد ، فقال معاوية : أين الأحنف ؟ فأجابه ، قال : ألا تتكلّم ؟

٥٣

فقام الأحنف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وقال بعد مقدّمة : إنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّاً

فغضب الضحّاك وردّ غاضباً : ما للحسن وذوي الحسن في سلطان اللّه الذي استخلف به معاوية في أرضه ؟ هيهات ! ولا تورث الخلافة عن كلالة ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطّنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم وكاتب نبيّكم وصهره ، يسلم لكم العاجل وتربحوا من الآجل

ثمّ قام الأحنف بن قيس فحمد اللّه وأثنى عليه فقال : قد علمت أنّك لم تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليها قصعاً ، ولكنّك أعطيت الحسن بن علي من عهود اللّه ما قد علمت ليكون له الأمر بعدك(٩)

أمّا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان من خواص أصحاب معاوية فقد لقى حتفه مسموماً حيث حدّثته نفسه بالسلطة والإمارة بدلاً من يزيد

جاء في تاريخ الطبري : إنّ عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شأنه بالشام ، أو مال إليه أهلها لِما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد ، ولغنائه عن المسلمين في أرض الروم وبأسه حتى خافه معاوية وخشي على نفسه منه ؛ لميل الناس إليه ، فأمر ابن آثال أن يحتال في قتله وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش ، وأن يولّيه جباية خراج حمص

فلمّا قدم عبد الرحمن بن خالد لحمص منصرفاً من بلاد الروم دسّ إليه ابن آثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه فشربها فمات بحمص(١٠)

٥٤

ويحكي لنا التاريخ صورة أُخرى من مشاورات معاوية في خلافة يزيد ، ومن بينها كلمات ذلك الأحمق الذي قام فقال : هذا أمير المؤمنين ـ وأشار إلى معاوية ـ فإن هلك فهذا ـ وأشار إلى يزيد ـ ومَنْ أبى فهذا ـ وأشار إلى سيفه ـ قال معاوية : اجلس فأنت سيّد الخطباء(١١)

لم يكن عبد الرحمن بن خالد وحده هو الذي طمع في الخلافة بعد معاوية ، فهناك سعيد بن عثمان بن عفان الذي وجد له أنصاراً من أهل المدينة يقولون : واللّه لا ينالها يزيد حتى يعضّ هامة الحديد ، إنّ الأمير بعده سعيد ، ولكن كان أمره هيّناً ؛ حيث خرج من حلبة المنافسة راضياً بولاية خراسان(١٢)

من الواضح أنّ الصراع السياسي كان دائراً على أشدّه حول قضية خلافة معاوية ، وقد هدّدت هذه القضية الصف الأُموي بالتفكّك والانهيار ، وإنّ الخلافة اليزيدية لم تكن أمراً مستقراً حتى في داخل البيت الأُموي نفسه ؛ حتى إنّ معاوية اضطر لتأجيل إعلان هذا الأمر إلى ما بعد هلاك زياد ، وإنّ مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة عارض هذا الأمر بشدّة ؛ ممّا اضطر معاوية إلى إعفائه من منصبه

ويمكننا أن نرجع هذه المعارضة الداخلية لعدّة أسباب منها :

أ ـ إنّ انتقال السلطة إلى يزيد من طريق ولاية العهد كان اقتباساً من النظام السياسي البيزنط‏ي الذي لم يعرفه العرب في سابق تاريخهم ، ولعلّ قرب موقع معاوية من دولة الروم كان مصدر معرفته بهذا النظام الملكي الإمبراطوري الذي صار هو النظام السياسي في الأُمّة الإسلامية في ما بعد

ب ـ إنّ هذا الأسلوب كان إهداراً لنظام الشورى الذي توهّم المسلمون أنّه القانون الأساسي للمسلمين

٥٥

والواقع أنّ الشورى لم تكن قد مورست بصورة جيّدة في الحقب السابقة ممّا يسمح باستقرار معالمها وأساليب ممارستها

فإن يأتي معاوية لينقل المداراة إلى ديكتاتورية صريحة كان هذا أمراً ثقيلاً على كثيرين ، وخاصّة على أولئك الذين توهّموا أنّهم أهل الحل والعقد ، ولم يكن معاوية ليبقى على نفوذهم ولا على وجودهم نفسه إذا تعارض ذلك مع رغباته السلطوية الجامحة

ج ـ صفات يزيد الشخصية وافتقاده الحدّ الأدنى من المقوّمات جعلت زياداً ـ وهو مَنْ هو في بغيه وعدوانه ونسبه ـ كارهاً لبيعته وإمارته قائلاً : ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد(١٣) ، وكتب إلى معاوية يأمره بالتؤدة(١٤) وألاّ يعجل

لم تستعصِ الأغلبية على معاوية ولا على أساليبه ؛ فهناك المتطوّعون السابقون إلى مرضاة الطواغيت ، مثل الضحّاك بن قيس ، والمغيرة بن شعبة ، وسمرة بن جندب ، ولا بأس هنا بأن نورد بعضاً من منجزات سمرة ، هذا (الصحابي) الذي استخلفه زياد على الكوفة ثمّ عاد إليه فوجده قد قتل ثمانية آلاف من الناس ، فقال له : هل تخاف أن تكون قد قتلت أحداً بريئاً ؟

قال : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت

أو كما قال ، وعن أبي سوار العدوي قال : قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً كلّهم قد جمع القرآن(١٥)

ثمّ عزله معاوية فقال سمرة : لعن اللّه معاوية ؛ واللّه لو أطعت اللّه كما أطعت معاوية ما عذّبني أبداً(١٦)

٥٦

لقد أجاد معاوية سياسة (فرّق تسد) ، فلمّا أحسّ أنّ رجالات المدينة يمتنعون من بيعة يزيد راسلهم أوّلاً ، ثمّ ذهب إليهم بنفسه في عام خمسين للهجرة ، مستخدماً سياسة المخادعة ، عازفاً على أوتار النفوس ومكامن الأهواء ، عالماً أنّ الأُمّة التي أسلمت علياً والحسن لن تجتمع كلمتها خلف الحسين (عليه السّلام) ، ومن ثمّ فإنّ المطلوب هو كسب الوقت وتفتيت المعارضة ، وضرب الناس بعضهم ببعض ؛ حتى يصل المُلك إلى يزيد غنيمة باردة

٥٧

الفصل الثالث

الثورة الحسينية : النهوض بمهمّة حفظ الدين

كانت للحسين بن علي (عليه السّلام) وهو الإمام المنصوب من السماء خطّته ، وهي خطّة تهدف إلى انتصار الحقّ وإبقائه حيّاً متوهّجاً

كان الحسين (عليه السّلام) عالماً بأنّ شجرة الحق لكي تنبت أغصاناً تبقى مدى القرون ، ولكي تضرب جذورها في عمق الأرض فتقضى على جذور الشجرة الخبيثة ، لا بدّ لها من أن تُروّى بدماء الحسين وعترته الطاهرة ؛ كي يعلم الجميع إلى قيام الساعة أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) هم قادة السيف والعلم والزهد ، وأنّ دماءهم رخيصة في مرضاة اللّه ، والإمام الحسين (عليه السّلام) هو القاتل : ( إذا كان دين جدّي لا يستقيم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذيني )

لم يكن بنو أُميّة يفهمون هذا ، ولا يملكون القدرة حتى على الاقتراب من فهمه ؛ الحياة عندهم متعة وخداع وقتل وسفك دماء ، وصولاً إلى أهداف حيوانية يتمّ تغليفها بعد هذا بشعارات دينية ، ولا مانع لديهم أن يصعد إلى المنبر مَنْ يحدّث الناس عن الدين والزهد ، ويفاخر بصحبته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) طالما أنّه ينهي الخطبة بلعن إمام الهدى علي بن أبي طالب ، فأيّ دين هذا ؟!

وقد أسلفنا في قصّة حجر بن عدي وأسباب مقتله ، وقد امتلأت كتب الروايات بهذه القصّة الفاجرة : (ما لكَ ألاّ تسبّ أبا تراب؟) ، ولمّا أُبطل السبّ يوماً قال قائلهم : (لا صلاة إلاّ بلعن أبي تراب)

٥٨

لم يكن هناك نفوذ غربي ولا شرقي آنئذٍ ، ولا كانت القارة الأمريكية قد اكتُشفت يومها حتى تبرّر لنا هذه الحالة المزرية بالقول بأنّ معاوية كان عميلاً أمريكياً ، أو أنّ هذا مخطّط صهيوني

إنّهم يقولون عنه : إنّه كاتب الوحي ، وخال المؤمنين ، ومؤسس الدولة الإسلامية يقولون أيّ شي‏ء إلاّ الحقيقة التي قلنا طرفاً منها هنا ، وسنقولها يوماً ما إن شاء اللّه بمزيد من التفصيل

١ـ نهج الثورة الحسينية ‏والقول الفصل

الآن وفي هذه اللحظات ، وعلى وجه التحديد ، ومنذ استشهاد الإمام الحسن (عليه السّلام) ، ومحاولة أخذ البيعة ليزيد ، بدأت الثورة الحسينية واستمرت حتى كان عرس الدم في كربلاء عام واحد وستين

أيضاً لا بدّ أن نؤكّد على حقيقة أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) لم تكن ميزتهم الوحيدة أنّهم أقدر من غيرهم على فهم حقائق الإسلام والنطق بها ، وإنّما كانوا هم الأقدر من غيرهم على تجسيد هذه المفاهيم وتحويلها إلى واقع وإلى تطبيق ونموذج في وقت كثر فيه المتكلّمون وقلّ فيه الفاعلون

ولنتأمّل هذه الرواية التي أوردها أصحاب الصحاح ، وننقلها عن النسائي في كتابه (خصائص الإمام علي) : (( إنّ منكم مَنْ يُقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت أنا على تنزيله ))

قالوا : مَنْ يا رسول اللّه ؟

قال : (( هذا ـ وأشار إلى علي عليه السّلام ـ ))

نعم ، لقد نزل القرآن على رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) ، وبلّغه للأُمّة كاملاً غير منقوص ، مشفوعاً بسنته (صلّى الله عليه وآله) ، وبقي باب التطبيق مفتوحاً بتطوّر الحوادث والأيام من خلال إقامة المجتمع المسلم ومعايشته لكثير من المستجدّات

٥٩

فقط أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) كانوا وحدهم قادرين على الفعل الصحيح في كلّ موقف ، لا في موقف دون موقف ، كما قال عنهم رسولنا الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ورواه أصحاب الصحاح : (( إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به بعدي لن تضلّوا أبداً ؛ كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ))

إنّهم حملة النصّ الصحيح والتطبيق الصحيح ، وما أحوجنا إليهم وإلى نهجهم (سلام اللّه عليهم)

وما أحوج الأُمّة وسط هذا الظلام الأُموي ، وهذه الفتنة العمياء إلى موقف حسيني يبدّد الظلمات موقف حسيني لا يتحدّث عن الحقّ وإنّما يفعله ، ولا يفعله فعلاً يراه بعض الناس ويغفل عنه بعضهم الآخر ، وإنّما يفعله فعلاً يبقى مسطوراً ومحفوراً في عمق الأرض وفي عمق الوجدان البشري

ما أحوج الأُمّة الإسلامية والبشرية كلّها إلى هذا النور المتوهّج لتبقى شمس الحسين تهدي الحائرين ، وتدلّ السائلين على الحدود الفاصلة بين الحقّ والباطل ، بين مرضاة اللّه وسخطه

هكذا كانت ثورة الحسين (عليه السّلام)

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398