نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار10%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 232582 / تحميل: 8778
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الأجلاء، وكذا ولدى الأخير الشيخ راضي والشيخ مسعود.

وتوفى الشيخ الازري في غرة ج ١ سنة ١٢١١ ببغداد، وقبره وكذا مقبرة الجماعة المذكورة تجاه مقبرة السيد المرتضى (ره) بالكاظمية.

ينقل عن المتتبع الخبير سيدنا الأجل السيد أبي محمد الحسن الصدر قدس سره انه قال: ان القصيدة الهائية كانت تزيد على ألف بيت، وكانت مكتوبة في طومار فأكلت الأرضة جملة منها، ووقعت النسخة المأكولة بيد السيد صدر الدين العاملي، فاستخرج منها الموجود المطبوع الذي خمَّسه الشيخ جابر الكاظمي.

ونقل شيخنا صاحب المستدرك في كتاب (شاخه طوبى) ان العلامة المحقق الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر كان يتمنى ان يكتب في ديوان عمله القصيدة الهائية الازرية، ويكتب الجواهر في ديوان الازري مكان القصيدة، ولنتبرك بذكر أشعاره في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام في قصة عمرو بن عبد ود قال:

٤١

ظهرت منه في الورى سطوات

ما أتى القوم كلهم ما أتاها

يوم غصت بجيش عمرو بن ود

لهوات الفلا وضاق فضاها

وتخطى إلى المدينة فرداً

لا يهاب العدى ولا يخشاها

فدعاهم وهم ألوف ولكن

ينظرون الذي يشب لظاها

أين انتم من قسور عامري

تتقي الأسد بأسه في شراها

أين من نفسه تتوق إلى الجنـ

ات أو يورد الجحيم عداها

فابتدى المصطفى يحدّث عما

يؤجر الصابرون في أخراها

قائلاً إن للجليل جناناً

ليس غير المجاهدين يراها

من لعمرو وقد ضمنت على الل‍

ـه له من جنانه أعلاها

فالتووا عن جوابه كسوام

لا تراها مجيبة من دعاها

فإذا هم بفارس قرشي

ترجف الأرض خيفة ان يطاها

قائلاً ما لها سواي كفيل

هذه ذمة علي وفاها

٤٢

ومشى يطلب البراز كما تمشـ

ـي خماص الحشى إلى مرعاها

فاقتضى مشرفية فتلقى

ساق عمرو بضربة فبراها

وإلى الحشر رنة السيف منه

يملأ الخافقين رجع صداها

يا لها ضربة حوت مكرمات

لم يزن ثقل أجرها ثقلاها

هذه من علاه إحدى المعالي

وعلى هذه فقس ما سواها(١)

الاسكافي

قال القمي(٢) :

__________________

١ - القمي ، م س : ج ٢ ، ص ٢٣

٢ - يقول السيد محمد تقي بحر العلوم في تحقيقه لكتاب بلغة الفقيه للسيد محمد آل بحر العلوم: هو محمد بن أحمد بن الجنيد أبو علي الكاتب الاسكافي المتوفى في الري سنة ٣٨١هـ وهو ومعاصره ابن عقيل من قدماء الإمامية وأعاظم الطائفة، وكثيراً ما كانا يخالفان فقهاء الإمامية في =

٤٣

محمد بن أحمد بن الجنيد أبو علي الكاتب الاسكافي من أكابر علماء الشيعة الإمامية، جيد التصنيف، فعن العلامة الطباطبائي بحر العلوم انه وصفه بقوله: كان من أعيان الطائفة وأعاظم الفرقة وأفاضل قدماء الإمامية وأكثرهم علماً وفقهاً وأدباً وتصنيفاً، وأحسنهم تحريراً وأدقهم نظراً، متكلم فقيه محدّث أديب واسع العلم، صنّف في الفقه والكلام والأصول والأدب وغيرها، تبلغ مصنفاته عدى أجوبة مسائله من نحو خمسين كتاباً، ثم عد كتبه ثم قال:

وهذا الشيخ على جلالته في الطائفة والرئاسة وعظم محله قد حكي عنه القول بالقياس، إلى ان قال واختلفوا في كتبهم، فمنهم من أسقطها ومنهم من اعتبرها.

وعن (جش)(١) بعد ان وصفه بقوله: وجه

__________________

= فتاواهم وآرائهم: ج٣، ص١٤٩، الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٢، ص٢٦ - ٢٧.

١ - النجاشي.

٤٤

في أصحابنا، ثقة جليل القدر سمعت بعض شيوخنا يذكر انه كان عنده مال للصاحبعليه‌السلام وسيف أيضاً وانه أوصى به إلى جاريته فهلك ذلك انتهى.

قيل: مات بالري سنة ٣٨١، يروي عنه المفيد وغيره.

وقد يطلق الاسكافي على الشيخ الأقدم أبي علي محمد بن أبي بكر همام بن سهيل بن بيزان الاسكافي الكاتب المعاصر للشيخ الكليني ، كان ثقة

__________________

١ - يوكد السيد الخوئي في كتابه الاجتهاد والتقليد أن محمد بن أحمد الجنيد أبو علي الكاتب الاسكافي أنه معاصر لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني والشيخ الصدوق علي بن بابويه المتوفى سنة ٣٢٩ والمدفون بقم.

وفي إجازة السيد حسن الصدر للشيخ اغا بزرك الطهراني: توفي ابن الجنيد سنة ٣٨١هـ وفي قصص العلماء: ٣٢٥ وكان من مشايخ المفيد ومعاصر العماني والمعز البويهي وله أجوبة مسائل المعز البويهي وذكر ملا عبد الله التوني في الوافية، الاجتهاد والتقليد: ص١٧.

٤٥

جليل القدر، روى عنه التلعكبري وسمع منه وذكره (جش) وقال شيخ أصحابنا ومتقدمهم له منزلة عظيمة كثير الحديث، انتهى.

له كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهارعليهم‌السلام ، ذكره الخطيب البغدادي في تاريخه وقال: انه أحد شيوخ الشيعة.

وقال: توفى في ج ٢ سنة ٣٣٢، وكان يسكن في سوق العطش، ودفن في مقابر قريش، انتهى.

وقد يطلق على أبي جعفر محمد بن عبد الله المعتزلي، قال الخطيب في تاريخ بغداد: محمد بن عبد الله أبو جعفر المعروف بالاسكافي أحد المتكلمين من معتزلة البغداديين، له تصانيف معروفة، وكان الحسين بن علي الكرابيسي يتكلم معه ويناظره، وبلغني انه مات في سنة ٢٤٠ انتهى.

والاسكافي نسبة إلى الاسكاف بالكسر من نواحي النهروان بين بغداد وواسط، وعن ابن إدريس انه قال في السرائر عند ذكر ابن الجنيد وإنما قيل له الاسكافي لأنه منسوب إلى إسكاف وهي

٤٦

النهروانات وبنو الجنيد متقدموها من أيام كسرى إلى ان قال والمدينة يقال لها إسكاف بني الجنيد.

إسحاق بن حنين بن إسحاق

أبو يعقوب - نسبة إلى قبائل الجزيرة - الطبيب ابن الطبيب، له ولأبيه مصنفات كثيرة في هذا الفن، وكان أبوه يعرَّب كلام ارسطاطاليس وغيره من حكماء اليونان. توفي في هذه السنة (سنة ٣٩٨هـ)(١) .

أسعد أبو كرب الحميري

كان مؤمناً، وآمن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل ان يبعث بسبعمائة سنة، وقال:

شهدت على أحمد انه

رسول من الله باري النسم

فلو مدَّ عمري إلى عمره

لكنت وزيراً وابن عم

__________________

١ - البداية و النهاية لابن الأثير : ج ١١ ، ص ١١٦

٤٧

وألزم طاعته كل من

على الأرض من عرب أو عجم

وهو أول من كسا الكعبة الأنطاع والبرود، فلذلك يقول بعض من حميّر:

وكسونا البيت الذي عظم اللـ

ـه ملاءً مقصّباً وبرودا(١)

الأشتر النخعي

قال القمي(٢) :

هو مالك بن الحارث النخعي المجاهد في سبيل الله، والسيف المسلول على أعداء الله الذي مدحه سيد أولياء الله في كلمات منها قولهعليه‌السلام في كتابه إلى أهل مصر: (واني قد بعثت إليكم عبداً من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الأعداء، حذر الدوائر من أشد عبيد الله بأساً وأكرمهم حسباً، أضر على الفجار

__________________

١ - نفس المصدر : ج ١ ، ص ٨٢

٢ - الكني و الألقاب ، الشيخ عباس القمي : ج ٢ ، ص ٤٨

٤٨

من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو مالك بن الحارث الأشتر، لا نابي الضريبة ولا كليل الحد، حليم في الحذر، رزين في الحرب، ذو رأي أصيل، وصبر جميل، فاسمعوا له وأطيعوا أمره الخ).

قال ابن أبي الحديد في وصفه: كان شديد البأس جواداً رئيساً حليماً فصيحاً شاعراً، وكان يجمع بين اللين والعنف فيسطو في موضع السطوة ويرفق في موضع الرفق.

وقال أيضاً: كان حارساً شجاعاً رئيساً من أكابر الشيعة وعظمائها شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين ونصره.

ثم قال وقد روى المحدّثون حديثاً يدل على فضيلة عظيمة للأشتر وهي شهادة قاطعة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنه مؤتمن (مؤمن ظ) وهو قوله لنفر من أصحابه فيهم أبو ذر: ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين، وكان الذي أشار إليه النبي أبو ذر رضي الله عنه، وكان ممن شهد موته حجر بن عدي، والأشتر نقل هذا عن كتاب الاستيعاب.

٤٩

قال السيد علي خان في أنوار الربيع في صنعة القسم ومن الغايات في ذلك قول مالك الأشتر رحمه الله تعالى:

بقيت وفري وانحرفت على العلى

ولقيت أضيافي بوجه عبوس

إن لم أشن على ابن هند غارة

لم تخل يوماً من نهاب نفوس

خيلاً كأمثال السعالى شزباً

تغدو ببيض في الكريهة شوس

حمي الحديد عليهم فكأنه

ومضان برق أو شعاع شموس

فتضمن هذا الشعر الوعيد بالقسم بما فيه الفخر العظيم من الجود والكرم والشرف والسؤدد والبسالة والشجاعة، وهذا الرجل كان من أمراء أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام شديد الشوكة على من خالف أمره - ويعني بابن هند معاوية بن أبي سفيان -

ولعمري لقد بر قسمه في صفين وأبلى بلاء لم يبله غيره، قال بعضهم لقد رأيت الأشتر في يوم صفين مقتحماً للحرب وفي يده صفيحة يمانية كأنها البرق الخاطف إذا هو نكسها كادت تسيل من

٥٠

كفه وهو يضرب بها قدماً كأنه طالب ملك.

قال ابن أبي الحديد: لله أمٌّ قامت عن الأشتر، لو ان إنساناً يقسم ان الله تعالى ما خلق في العرب ولا في العجم أشجع منه إلا أستاذه علي بن أبي طالبعليه‌السلام لما خشيت عليه الإثم. ولله در القائل وقد سئل عن الأشتر: ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام، وهزم موته أهل العراق.

وبحق ما قال فيه أمير المؤمنين :عليه‌السلام كان الأشتر لي كما كنت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انتهى.

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : وليت فيكم مثله اثنان، بل ليت فيكم مثله واحد يرى في عدوي مثل رأيه(١)

__________________

١ - المعيار والموازنة لأبي جعفر الإسكافي: ص١٨٤، ولما بلغه اغتيال مالك أسف أسفاً شديداً وحزن عليه حُزناً عظيماً، وقال: لله در مالك، وما مالك لو كان جبلاً لكان فنداً، ولو كان حجراً كان صلداً، أما والله ليهدن موتك عالماً، وليفرحن عالماً، على مثل =

٥١

وتقدم في أبي دجانة: ان الأشتر أحد الذين يخرجون مع القائمعليه‌السلام ويكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً.

وقال ابن خلكان قال عبد الله بن الزبير: لاقيت الأشتر النخعي يوم الجمل فما ضربته ضربة حتى ضربني ستاً أو سبعاً، ثم أخذ برجلي وألقاني في الخندق.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أعطت عائشة الذي بشرها بسلامة ابن الزبير لما لاقى الأشتر النخعي عشرة آلاف درهم.

__________________

= مالك فلتبكي البواكي، وقال علقمة بن قيس النخعي: فما زال علي يتلهف، ويتأسف حتى ظننا أنه المصاب به دوننا، وعرف ذلك في وجهه. (الغارات للثقفي: ج١، ص٢٦٥، والنص والاجتهاد للسيد شرف الدين: ص٢٨٤، عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج٢، ص٣٠، الطبعة الأولى، و: ج٦، ص٤٤، تحقيق: أبو الفضل، والكامل لابن الأثير: ج٣، ص١٧٨، وطبعة أخرى: ج٣، ص١٥٣، تاج العروس: ج٢، ص٤٥٤، لسان العرب: ج٤، ص٣٣٦، وذكرها الخليلي في موسوعة العتبات المقدسة: ج١، ص٣٦٥ - ٣٦٦.

٥٢

وقيل أيضاً: ان الأشتر دخل على عائشة بعد وقعة الجمل فقالت له: يا أشتر أنت الذي أردت قتل ابن أختي يوم الوقعة فأنشدها:

أعايش لولا انني كنت طاوياً

ثلاثاً لألفيت ابن أختك هالكا(١)

فنجاه مني أكلــه وشبابـــه

وخلوة جوف لم يكن متماسكا

وقال زهير بن قيس: دخلت مع ابن الزبير الحمام فإذا في رأسه ضربة لو صب عليه قارورة دهن لاستقر فقال لي: أتدري من ضربني هذه الضربة؟ قلت لا قال: ابن عمك الأشتر النخعي(٢) انتهى.

استشهد (ره) سنة ٣٨ بالسم بخدعة ابن نافع مولى عثمان بالقلزم وهو من مصر على ليلة روي انه لما قتل الأشتر كان لمعاوية عين بمصر فكتب إليه بهلاك الأشتر فقام معاوية خطيباً في أصحابه فقال: ان علياً كان له يمينان قطعت

__________________

١ - الجمل للمفيد : ص ١٩٧.

٢ - تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر : ج ٥٦ ، ص ٣٨٢

٥٣

إحداهما بصفين - يعني عماراً. والأخرى اليوم ان الأشتر مر بابلة متوجهاً إلى مصر فصحبه نافع مولى عثمان فخدمه وألطفه حتى أعجبه واطمأن إليه فلما نزل القلزم أحضر له شربة من عسل بسم فسقاها له فمات، ألا وان لله جنوداً من عسل.

(أقول) وابنه إبراهيم بن الأشتر أبو النعمان كان كأبيه سيد نخع وفارسها شجاعاً شهماً مقداماً رئيساً، عالي النفس بعيد الهمة شاعراً فصيحاً موالياً لأهل البيتعليهم‌السلام وقال الفقيه ابن نما في رسالة شرح الثأر فنهض المختار (أي لأخذ الثأر) نهوض الملك المطاع، ومد إلى أعداء الله يداً طويلة الباع فهشم عظاماً تغذت بالفجور، وقطع أعضاء أنشأت على الخمور، وحاز إلى فضيلة لم يرق إلى شعاف شرفها عربي ولا عجمي، وأحرز منقبة لم يسبقه إليها هاشمي.

وكان إبراهيم بن مالك الأشتر مشاركاً له في هذه البلوى، ومصدّقاً على الدعوى، ولم يك إبراهيم شاكاً في دينه

٥٤

ولا ضالاً في اعتقاده ويقينه، والحكم فيهما واحد. وقال أيضاً: وكان إبراهيم رحمه الله ظاهر الشجاعة واري زناد الشهامة نافذ حد الضرامة، مشمراً في محبة أهل البيت عن ساقيه متلقياً راية النصح لهم بكلتى يديه الخ.

وقال في وقعة خازر وقَتْله ابن زياد وحاز إبراهيم فضيلة هذا الفتح وعاقبة هذا المنح الذي انتشر في الأقطار ودام دوام الاعصار، ولقد أحسن عبد الله ابن الزبير الأسدي يمدح إبراهيم الأشتر فقال:

الله أعطاك المهابة والتُقى

وأحل بيتك في العديد الأكثر

وأقر عينك يوم وقعة خازر

والخيل تعثر في القنا المتكسر

من ظالمين كفتهم أيامهم

تركوا لجاحلة وطير أعثر

ما كان أجرأهم جزاهم ربهم

يوم الحساب على ارتكاب المنكر(١)

__________________

(١) - ذوب النضار لابن نما الحلي: ص١٣٧، وبحار الأنوار للمجلسي: ج٤٥، ص٣٨٣

٥٥

وقال أيضاً ولقد أجاد أبو السفاح الزبيدى بمدحته إبراهيم وهجائه ابن زياد فقال:

أتاكم غلام من عرانين مذحج

جري على الأعداء غير نكول

الأبيات إلى قوله:

جزى الله خيراً شرطة الله انهم

شفوا بعبيد الله كل غليل(١)

وعن تاريخ الطبري: انه (أي إبراهيم) كان يمر على أصحاب الرايات في وقعة الخازر ويقول: يا أنصار الدين وشيعة الحق وشرطة الله هذا عبيد الله ابن مرجانة قاتل الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حال بينه وبين بناته وشيعته وبين ماء الفرات ان يشربوا منه وهم ينظرون إليه، ومنعه ان يأتي ابن عمه فيصالحه ومنعه ان ينصرف إلى رحله وأهله، ومنعه الذهاب في الأرض العريضة حتى قتله وقتل أهل

__________________

= والعوالم، الإمام الحسينعليه‌السلام للبحراني: ص٧٠٤.

١ - المصادر السابقة.

٥٦

بيته، فوالله ما عمل فرعون بنجباء بني إسرائيل ما عمل ابن مرجانة بأهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)، قد جاءكم الله به وجاءه بكم، فوالله اني لأرجو ان لا يكون الله جمع بينكم في هذا الموطن وبينه إلا ليشفي صدوركم بسفك دمه على أيديكم فقد علم الله انكم خرجتم غضباً لأهل بيت نبيكم(١) انتهى.

قيل: ولما كان (رض) مجداً في قمع أصول الأمويين واجتياحهم مال إلى مصعب بن الزبير وبالغ في قتال أهل الشام حتى قتل بدير جاثليق من مسكن سنة ٧٢(٢) .

الأشعث بن قيس الكندي

قال ابن قتيبة في المعارف: ان اسمه معد يكرب بن قيس وسمي أشعث لشعث

__________________

١ – تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٥٥٤.

٢ – الكنى و الألقاب ، الشيخ عباس القمي :ج ٢ ، ص ٢٨ – ٣٢

٥٧

رأسه، وهو من كندة، وكانت مراد قتلت أباه فخرج ثائرا بأبيه فأُسر ففدي نفسه بثلاثة آلاف بعير، ووفد إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سبعين رجلا من كندة فأسلم.

ويكنى أبا محمد، ولما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبى ان يبايع أبا بكر فحاربه عامل أبي بكر حتى استأمنه على حكم أبى بكر وبعث به إليه فسأل أبا بكر ان يستبقيه لجزية، وزوجه أخته أم فروة ففعل ذلك أبو بكر، ومات سنة ٤٠، وابنه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الذي خرج على الحجاج وخرج معه القراء والعلماء انتهى.

ان ما ورد في ذم الأشعث أكثر من ان يذكر، وفي كلمات أمير المؤمنين عبر عنه بابن الخمارة وعرف النار (عنق النار)، وقالعليه‌السلام : ان الأشعث لا يزن عند الله جناح بعوضة، وانه أقل في دين الله من عفطة عنز.

وفي نهج البلاغة انهعليه‌السلام كان على منبر الكوفة يخطب فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فقال: يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك، فخفضعليه‌السلام إليه بصره ثم

٥٨

قال له: وما يدريك ما علي مما لي، عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين حائك ابن حائك(١) منافق ابن كافر، والله لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى.

وعن الخرايج للقطب الراوندي روى ان الأشعث استأذن على علي فرده قنبر فأدمى أنفه فخرج علي وقال: ما ذاك يا أشعث؟ أما والله لو بعبد ثقيف مررت لاقشعرت شعيرات أستك، قال: ومن غلام ثقيف؟ قال غلام يليهم لا يبقى بيت من العرب إلا أدخلهم الذل، قال: كم يلي؟ قال عشرين ان بلغها.

قال الراوي: ولي الحجاج سنة خمس وسبعين ومات سنة خمس وتسعين، قال ابن أبي الحديد: كل فساد كان في خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام وكل اضطراب حدث فأصله الأشعث.

وروى الشيخ الكليني (ره) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ان الأشعث ابن قيس شرك في دم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وابنته جعدة

__________________

١ - أي يصطنع الأحاديث ( المحقق )

٥٩

سمت الحسنعليه‌السلام ومحمداً ابنه شرك في دم الحسينعليه‌السلام (١)

الأصبغ بن نباته

من خواص عليعليه‌السلام والوجوه الشيعية البارزة، قال عنه ابن شهر آشوب بأنه من طلائعي التصنيف في صدر الإسلام وعبّر عنه النجاشي بأنه من السلف الصالح من متقدمي المؤلفين وكتب يقول:

المجاشعي، كان من خاصة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعمّر بعده، روى عنه (عهد) مالك الأشتر و (وصيته) إلى محمد ابنه(٢)

وروى باب ((القضاء)) من كتاب الأحكام الكبير لعليعليه‌السلام ، ويمكن مراجعة هذه

__________________

١ - الكافي: ج٨ ، ص١٦٧ / ١٨٧، تحف العقول للحراني: ص٢٠٩، وشرح الأخبار للنعمان المغربي: ج٣، ص١٢٤ هامش رقم ١، تحقيق محمد الحسيني الجلالي، بحار الأنوار: ج٤٢، ص٢٢٨، الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٢، ص٣٤ - ٣٥.

٢ - رجال النجاشي: ص٨

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

إمامته وقبول طاعته »(١) .

أقول:

فكذا لفظ « الولي » في « حديث الولاية » بلا فرقٍ فارق.

(٣٣)

قول عمر: أصبحت اليوم ولي كلّ مؤمن

وأخرج ابن كثير في عداد فضائل الإمامعليه‌السلام الحديث التالي:

« قال عبدالرزاق: أنا معمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حتى نزلنا عند غدير خم، بعث منادياً ينادي، فلما اجتمعنا قال: ألست أولى بكم من انفسكم؟ قلنا بلى يا رسول الله! قال: ألست أولى بكم من امهاتكم؟ قلنا بلى يا رسول الله! قال: ألست أولى بكم من آبائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ألست ألست ألست؟ قلنا بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه. فقال عمر بن الخطّاب. هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت اليوم ولي كلّ مؤمن.

وكذا رواه ابن ماجة من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جد عان.

ورواه أبو يعلى الموصلي عن هدبة بن خالد »(٢) .

__________________

(١). تذكرة الخواص: ٣٨.

(٢). البد اية والنهاية ٧ / ٣٤٩

٣٦١

أقول:

ولقد ثبت - في محلّه - أنّ المراد من « المولى » في حديث الغدير هو « الإمام » فكذا « الولي » وإذا كان كذلك كان المراد من « الولي » في « حديث الولاية » هو « الإمام » بلا كلام.

(٣٤)

معنى: « علي منّي وأنا منه » في حديث الولاية

لقد جاء في أكثر طرق حديث الولاية جملة « علي منّي وأنا منه ».

وممّن روى ذلك:

أبو بكر بن أبي شيبة.

وأحمد بن حنبل.

وأبو عيسى الترمذي.

وأبو عبدالرحمن النسائي.

والحسن بن سفيان.

وأبو يعلى الموصلي.

ومحمّد بن جرير الطبري.

وأبو حاتم ابن حبان.

وأبو السعادات ابن الأثير الجزري.

وشهاب الدين ابن حجر العسقلاني.

٣٦٢

وجلال الدين السيوطي.

وهذه الجملة تؤيّد معنى الحديث وتؤكّده. وبيان ذلك:

لقد أخرج الترمذي: « حدّثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، عن عبدالله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبَّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط »(١) .

وقال الطّيبي بشرح هذا الحديث: « قوله: حسين منّي وأنا من حسين.

كأنّه صلّى الله عليه وسلّم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم، فخصّه بالذكر وبيّن أنّهما كالشيء الواحد في وجوب المحبّة وحرمة التعرّض والمحاربة، وأكّد ذلك بقوله: أحبّ الله من أحبّ حسيناً، فإنّ محبته محبّة الرسول ومحبّة الرسول محبّة الله. والسبط بكسر السين ولد الولد، أي: من هو أولاد أولادي، أكّد به البعضيّة وقرّرها »(٢) .

أقول:

ونفس هذه التقرير آتٍ في « علي منّي وأنا منه » حرفاً بحرف، فيكون الإمامعليه‌السلام مساوياً للنبي عليه وآله الصلاة والسلام في وجوب المحبة وحرمة المخالفة.

وإذا ثبت ذلك ثبتت العصمة والأفضليّة، وهما يستلزمان الإمامة والخلافة.

__________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٦٥٨.

(٢). الكاشف - شرح المشكاة - مخطوط.

٣٦٣

كما أنّ هذه الجملة قرينة على أن المعنى في « وليّكم من بعدي » هو الإمام والخليفة، والله الموفّق.

(٣٥)

أحاديث أخرجها الحاكم وغيره واستشهد بها والد الدهلوي وقرّر معناها

وقال شاه وليّ الله والد ( الدهلوي ) في مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام ما حاصله معرّباً:

« لقد حصل له مقام عظيم جدّاً من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعبَّر عنه بـ « اخوّة الرسول » و« الموالاة » وبلفظ « الوصي » و« الوارث » وأمثالها:

أخرج الحاكم عن ابن عبّاس: إنّ صلّى الله عليه وسلّم قال: أيّكم يتولّاني في الدنيا والآخرة؟ فقال لكلّ رجلٍ منهم: أيّكم يتولّاني في الدنيا والآخرة؟ فقال حتى مرّ على أكثرهم فقال عليّ: أنا أتولّاك في الدنيا والآخرة. فقال: أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

وقد مرَّ تفصيل هذا الحديث برواية النسائي.

وأخرج الحاكم عن ابن عبّاس قال: كان علي يقول في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله يقول( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذْ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لاُقاتلنّ على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارث علمه، فمن أحق به منّي؟

٣٦٤

وأخرج الحاكم عن أبي إسحاق قال: سألت قثم بن العباس: كيف ورث علي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دونكم؟ قال: لأنّه كان أوّلنا به لحوقاً وأشدّنا به لزوقاً.

وبهذا البيان يظهر فساد رأي فريقين أحدهما مفرّط والآخر مفرِط، يقول أحدهما: النصرة كانت من باب الحميّة لا عن إخلاص، والآخر يقول: الاُخوة في النسب من شروط استحقاق الخلافة»(١) .

أقول:

إنا نستدل بقولهعليه‌السلام : « والله إنّي لأخوه فمن أحق به منّي؟ » حيث أنّه فرّع نفي أحقيّة أحد به منه على كونه: أخاه ووليّه ووارثه.

فللولاية - إذن - معنىً رفيع جليل يختص بهعليه‌السلام ويثبت أحقيته بالنبيّ عليه وآله الصلاة والسلام

فكذا « الولاية » في « حديث الولاية »

وهكذا تسقط دعوى أحقيّة فلان وفلان بالخلافة عن رسول الله.

(٣٦)

حديث بعث الأنبياء على الولاية لعلي

ومن الأحاديث المعتبرة المتفق عليها بين الفريقين: حديث السؤال ليلة المعراج من الأنبياء « بماذا بعثتم؟ فقالوا: بعثنا على شهادة أنْ لا إله إلّا الله،

__________________

(١). إزالة الخفا في سيرة الخلفاء. باب سيرة أمير المؤمنين. مآثره.

٣٦٥

وعلى الإقرار بنبوّتك والولاية لعلي بن أبي طالب ».

قال السيّد شهاب الدين أحمد: « عن أبي هريرة -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لمـّا اُسري بي ليلة المعراج فاجتمع عليَّ الأنبياء في السماء، فأوحى الله إليَّ: سلهم - يا محمّد - بماذا بعثتم؟ فقالوا: بعثنا على شهادة أنْ لا إله إلّا الله وعلى الإقرار بنبوّتك والولاية لعلي بن أبي طالب.

أورده الشيخ المرتضى العارف الربّاني السيد شرف الدين علي الهمداني في بعض تصانيفه وقال: رواه الحافظ أبو نعيم »(١) .

ورواه الشيخ عبدالوهاب في ( تفسيره ) عن الحافظ أبي نعيم عن أبي هريرة كذلك.

وقال شمس الدين الجيلاني النوربخشي في كتابه ( مفاتيح الإعجاز - شرح كلشن راز )(٢) ما حاصله أنّه: « لمـّا غربت شمس النبوة كان من جانب المغرب - الذي هو طرف الولاية - ظهور سرّ ولاية المرتضى إذْ:

إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.

وأيضاً: أنا اُقاتل على تنزيل القرآن وعلي يقاتل على تأويل القرآن.

وأيضاً: يا أبا بكر، كفّي وكفّ علي في العدل سواء.

وأيضاً: أنا وعلي من شجرةٍ واحدة والناس من أشجار شتّى.

وأيضاً: قسّمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة والناس جزءاً واحداً.

__________________

(١). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

(٢). ذكره كاشف الظنون ٢ / ١٧٥٥.

٣٦٦

وأيضاً: اُوصي من آمن بي وصدّقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاّه فقد تولّاني ومن تولّاني فقد تولّى الله.

وأيضاً: لمـّا اُسري بي ليلة المعراج فاجتمع عليّ الأنبياء في السماء، فأوحى الله تعالى إليَّ: سلهم - يا محمّد - بماذا بعثتم؟ فقالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلّا الله، وعلى الإقرار بنبوّتك والولاية لعلي بن أبي طالب ».

والمراد من « الولاية » في هذا الحديث - بقرينة ذكر الرسالة قبلها - هو « الإمامة » فكذا المراد منها في « حديث الولاية ».

ولو فرض حمل « الولاية » - في حديث المعراج - على المحبّة كان الحديث دالاً على الأفضلية، وهي تستلزم « الإمامة ».

أقول:

هذا، ولا يخفى أنّ حديث بعث الأنبياء على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام - الدالّ على أفضليّته من جميع الأنبياء عدا نبيّنا الكريم - قد أخرجه:

* الحاكم النيسابوري، قال:

« فأمّا ابن المنكدر عن جابر فليس يرويه غير محمّد بن سوقة، وعنه أبو عقيل، وعنه خلّاد بن يحيى.

حدثني أبو الحسن محمّد بن المظفّر الحافظ قال حدثنا عبدالله بن محمّد بن غزوان، قال ثنا علي بن جابر، قال ثنا محمّد بن خالد بن عبدالله، قال ثنا محمّد بن فضيل، قال ثنا محمّد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبدالله قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

يا عبدالله أتاني ملك فقال: يا محمّد( وَاسألْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ

٣٦٧

رُسُلِنا ) (١) على ما بعثوا؟ قال [ قلت: على ما بعثوا؟ ] قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.

قال الحاكم: تفرّد به علي بن جابر، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن فضيل، ولم نكتبه إلّاعن ابن مظفّر، وهو عندنا حافظ ثقة مأمون »(١) .

* والثعلبي:

« أخبرنا [ أبو عبدالله ] الحسين بن محمّد [ بن الحسين ] الدينوري، حدّثنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي، حدّثنا عبدالله بن محمّد بن غزوان البغدادي، حدّثنا علي بن جابر، حدّثنا محمّد بن خالد بن عبدالله ومحمّد بن إسماعيل قالا: حدّثنا محمّد بن فضيل، عن محمّد بن سوقة، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتاني ملك فقال: يا محمّد، سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قال قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب »(٢) .

* والخطيب الخوارزمي:

« وأخبرني شهردار هذا - إجازةً - قال: أخبرنا أحمد بن خلف - إجازةً - قال: حدّثنا الحاكم قال: حدّثنا محمّد بن المظفّر الحافظ قال: حدّثنا »(٣) .

* البدخشاني:

« أخرج عبدالرزاق الرّسعني(٣) عن عبدالله بن مسعود -رضي‌الله‌عنه -

__________________

(١). معرفة علوم الحديث: ٩٦.

(٢). تفسير الثعلبي - مخطو ط.

(٣). مناقب علي بن أبي طالب: ٣١٢.

(٤). المتوفى سنة ٦٦١، محدّث، مفسّر، متكلّم، فقيه، أديب. تذكرة الحفّاظ ٤ / ٢٣٥.

٣٦٨

قال قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتاني ملك »(١) .

وقال البدخشاني: « أخرج ابن مردويه عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد -رضي‌الله‌عنه - في قوله تعالى:( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) قال: هو علي بن أبي طالب، عرضت ولايته على إبراهيمعليه‌السلام فقال: اللّهم اجعله من ذريّتي، ففعل الله ذلك »(٢) .

* والقندوزي:

« الموفّق بن أحمد، والحمويني، وأبو نعيم الحافظ، بأسانيدهم عن ابن مسعود -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لمـّا عرج بي إلى السماء انتهى بي السَّير مع جبرئيل إلى السّماء الرابعة فرأيت بيتاً من ياقوت أحمر، فقال جبرئيل: هذا البيت المعمور، قم يا محمّد فصلّ إليه. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: جمع الله النبيّين فصفّوا ورائي صفّاً فصلّيت بهم، فلمـّا سلّمت أتاني آتٍ من عند ربي فقال: يا محمّد، ربّك يقرؤك السلام ويقول لك: سل الرسل على ماذا أرسلتهم من قبلك. فقلت: معاشر الرسل، على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ فقالت الرسل: على نبوّتك وولاية علي بن أبي طالب، وهو وقوله تعالى:( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) الآية. أيضاً: رواه الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما »(٣) .

__________________

(١). مفتاح النجا - مخطوط.

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

(٣). ينابيع المودّة ١ / ٢٤٣.

٣٦٩

هذا، وقال العلّامة الحلّي:

« السادس عشر - روى ابن عبدالبرّ وغيره من السنّة في قوله تعالى:( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) قال: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة اُسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ثمّ قال له: سلهم يا محمّد على ماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أنْ لا إله إلّا الله وعلى الإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب ».

فقال ابن روزبهان في جوابه:

« أقول: ليس هذا من رواية أهل السنّة وظاهر الآية آبٍ عن هذا، لأنّ تمام الآية:( وَاسْألْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) . والمراد: إنّ إجماع الأنبياء واقع على التوحيد ونفي الشرك، وهذا النقل من المناكير. وإنْ صحّ فلا يثبت به النص الذي هو المدّعى، لِما علمت أن الولاية تطلق على معانٍ كثيرة ».

فقال السيّد التستري في الردّ عليه:

« أقول: الرواية مذكورة بأدنى تغيير في اللفظ في تفسير النيسابوري عن الثعلبي حيث قال: وعن ابن مسعود: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أتاني ملك فقال: يا محمّد، سَلْ من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قال قلت: على ما بعثتم؟ قالوا: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.

رواه الثعلبي، ولكنه لا يطابق قوله سبحانه:( أَجَعَلْنا ) الآية. انتهى.

وقد ظهر بما نقلناه: أن الرواية من روايات أهل السنّة، وأنّ المناقشة التي ذكرها الناصب قد أخذها من النيسابوري، وهي - مع وصمة الانتحال - ضعيفة،

٣٧٠

إذْ يمكن أنْ يكون الجعل في الجملة الإستفهامية بمعنى الحكم كما صرّح به النيسابوري آخراً، ويكون الجملة حكايةً عن قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتأكيداً لما اُضمر في الكلام من الإقرار ببعثهم على الشهادة المذكورة، بأنْ يكون المعنى: إن الشهادة المذكورة لا يمكن التوقّف فيها إلّالمن جعل من دون الرحمن آلهةً يعبدون. ونظير هذا الإضمار واقع في القرآن في قوله تعالى:( أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا ) (١) فإنّ المراد - كما ذكره النيسابوري وغيره - فأرسلوني إليه لأسأله ومروني باستفتائه، فأرسلوه إلى يوسف فأتاه فقال:( يُوسُفُ ) الآية.

غاية الأمر: أنْ يكون ما نحن فيه من الآية - لخفاء القرينة على تعيين المحذوف - من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلّابتوقيف من الله تعالى على لسان رسوله. وهذا لا يقدح في مطابقة قوله سبحانه:( أَجَعَلْنا ) الآية، لِما روي في شأن النزول.

فلا مناقشة ولا شيء من المناكير. وإنّما المنكر هذا الشقي الناهق الذي يذهب إلى كلّ زيف زاهق، وينعق مع كلّ ناعق، ويلحس فضلات المتأخرين، ويزعم أن ما ذكروه آخر كلامٍ في مقاصد الدين »(١) .

__________________

(١). إحقاق الحق وإزهاق الباطل ٣ / ١٤٤ - ١٤٧.

٣٧١

(٣٧)

حديث عرض النبوّة والولاية على السماوات والأرض

قال الخطيب الخوارزمي المكّي:

« أنبأني الإمام الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطّار الهمداني(١) والإمام الأجل نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي قال: أنبأني الشريف الأجل الأوحد نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمّد بن علي الزينبي، عن الإمام محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان: حدّثنا سهل بن أحمد، عن أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري، عن هنّاد بن السرّي، عن محمّد بن هشام، عن سعيد بن أبي سعيد، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله تعالى لمـّا خلق السّماوات والأرض دعاهنّ فأجبنه، فعرض عليهنَّ نبوّتي وولاية علي بن أبي طالب فقبلتاهما، ثمّ خلق الخلق وفوّض إلينا أمر الدين، فالسعيد من سعد بنا، والشقي من شقي بنا، نحن المحلّلون لحلاله، والمحرّمون لحرامه »(٢) .

__________________

(١). هو: الإمام الحافظ المقرئ العلّامة شيخ الإسلام، كان إماماً في الحديث وفروعه، قال أبوسعد السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل، حسن السيرة، جميل الأمر، توفي سنة ٥٦٩، سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٠ ملخّصاً.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب: ١٣٤.

٣٧٢

(٣٨)

حديث إقتران الإسلام والقرآن والولاية

ورووا حديثاً عن أمير المؤمنينعليه‌السلام بتفسير:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ ) (١) ، جاءت « الولاية » فيه بمعنى « الإمامة » بالقطع واليقين:

قال النسفي: « وقال علي -رضي‌الله‌عنه - هذه آية من كتاب الله تعالى ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل أحد بها بعدي: كان لي دينار فصرفته، فكنت إذا ناجيته تصدّقت بدرهم وسألت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عشر مسائل فأجابني عنها، قلت: يا رسول الله:

ما الوفاء؟

قال: التوحيد وشهادة أنْ لا إله إلّا الله.

قلت: وما الفساد؟

قال: الكفر والشرك بالله.

قلت: وما الحق؟

قال: الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك.

قلت: وما الحيلة؟

قال: ترك الحيلة.

قلت: وما عليَّ؟

قال: طاعة الله وطاعة رسوله.

٣٧٣

قلت: وكيف أدعو الله تعالى؟

قال: بالصّدق واليقين.

قلت: وماذا أسأل الله؟

قال: العافية.

قلت: وما أصنع لنجاة نفسي؟

قال: كل حلالاً وقل صدقاً.

قلت: وما السّرور.

قال: الجنّة.

قلت: وما الرّاحة؟

قال: لقاء الله.

فلمـّا فرغت منها نزل نسخها »(١) .

وتجد هذا الحديث بتفسير الآية في ( تفسير الزاهدي ) وفي ( البحر الموّاج ) تفسير ملك العلماء الهندي. وأيضاً في ( معارج العلى في مناقب المرتضى ) عن الزّاهدي.

أقول: فهذا الحديث يدل دلالةً واضحة على إمامة أمير المؤمنين، و« الولاية » فيه بمعنى « الإمامة » بالقطع اليقين، فكذا في « حديث الولاية » فإنّ الحديث يفسّر بعضه بعضاً.

__________________

(١). تفسير النسفى - هامش الخا زن : ٤ / ٢٤٢.

٣٧٤

ترجمة النسفي

والنسفي - عبدالله بن أحمد المتوفى سنة: ٧٠١ - فقيه، مفسر، متكلّم، أصولي، له مؤلَّفات، منها: تفسيره المشهور، المنار في علم الاُصول، ترجم له وأثنى عليه كبار العلماء راجع:

١ - الدرر الكامنة ٢ / ٢٤٧

٢ - الجواهر المضيّة ١ / ٢٧٠

٣ - الفوائد البهيّة: ١٠١

قال الحافظ ابن حجر:

« عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي، علّامة الدنيا، أبو البركات، ذكره الحافظ عبدالقادر في طبقاته فقال: أحد الزهاد المتأخرين، صاحب التصانيف المفيدة توفي سنة ٧٠١ ».

وذكر كاشف الظنون ٢ / ١٦٤٠ تفسيره فقال:

« مدارك التنزيل وحقائق التأويل، في التفسير، للإمام حافظ الدين عبدالله بن أحمد النسفي، المتوفى سنة ٧٠١ وهو كتاب وسط في التأويلات، جامع لوجوه الإعراب والقراءات، متضمّناً لدقائق علم البديع والإشارات، حالياً بأقاويل أهل السنّة والجماعة، خالياً عن أباطيل أهل البدع والضلالة، ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل. اختصره الشيخ زين الدين أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي بكر ابن العيني وزاد فيه ».

٣٧٥

(٣٩)

ألفاظ في حديث الولاية دالّة على الإمامة

ثم إنَّ في ألفاظ حديث الولاية كلماتٍ وجملاً، بعضها يدل على عصمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبعضها على مساواته النبي، وبعضها على الأفضليّة. ولمـّا كان قوله صلّى الله عليه وسلّم « إنّ عليّاً ولي كلّ مؤمنٍ من بعدي » مقترناً بشيء من ذلك، كان قوله هذا دالاً بالضرورة على وجوب الإطاعة والأولوية بالتصرّف.

وقد روى حديث الولاية المشتمل على ما أشرنا جماعة من الأعلام، أمثال:

أحمد بن حنبل.

ومحمّد بن جرير الطبري.

وأبي القاسم الطبراني.

وابن عبدالبر القرطبي.

وابن اُسبوع الأندلسي.

قال الوصّابي اليمني - بعد نقل الحديث عن بريدة -:

« وعنهرضي‌الله‌عنه في رواية اُخرى: إن خالد بن الوليد قال: اغتنمها يا بريدة، فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم ما صنع. فقدمت ودخلت المسجد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في منزل، وناس من أصحابه على بابه، فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خيراً، فتح الله على المسلمين. قالوا: ما أقدمك؟

٣٧٦

فقلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: فأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإنّه يسقط من عينه، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمع الكلام، فخرج مغضباً فقال:

ما بال القوم ينتقصون عليّاً! من أبغض عليّاً فقد أبغضني ومن فارق عليّاً فقد فارقني. إنّ عليّاً منّي وأنا منه، خُلِقَ من طينتي وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذريّة بعضها من بعض والله سميع عليم.

يا بريدة! أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ؟ فإنّه وليّكم بعدي!

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وابن اُسبوع الأندلسي في الشفاء »(١) .

وقال العجيلي:

« وممّا وقع لبريدة وكان مع علي في اليمن، فقدم مغضباً عليه وأراد شكايته بجاريةٍ أخذها من الخمس، فقيل له: أخبره يسقط علي من عينه - ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمع كلامهم من وراء الباب - فخرج مغضباً وقال:

ما بال أقوامٍ يبغضون علياً؟! من أبغض عليّاً فقد أبغضني ومن فارق عليّاً فقد فارقني. إنّ علياً منّي وأنا منه، خُلِقَ من طينتي، وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذريّة بعضها من بعض، والله سميع عليم.

__________________

(١). الإكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

٣٧٧

يا بريدة! أما علمت أن لعليّ أكثر من الجارية التي أخذها؟ »(١) .

وقال القندوزي الحنفي:

« وأخرج أحمد عن عمرو الأسلمي - وكان من أصحاب الحديبيّة - خرج مع علي إلى اليمن، فرأى منه جفوةً، فلمـّا قدم المدينة أذاع شكايته، فقال له النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: والله لقد آذيتني. قال: أعوذ بالله أنْ اُوذيك يا رسول الله! فقال: من آذى عليّاً فقد آذاني ».

وزاد ابن عبدالبر: من أحبّ عليّاً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن آذى عليّاً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله.

وكذلك وقع لبريدة، إنّه كان مع علي في اليمن، فقدم المدينة مغضباً عليه، وأراد شكايته بجاريةٍ أخذها من الخمس، فقالوا له: أخبره ليسقط علي من عينيه، ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يسمع من وراء الباب، فخرج مغضباً فقال: ما بال أقوام يبغضون عليّاً! من أبغض عليّاً فقد أبغضني ومن فارق علياً فقد فارقني، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، خُلِق من طينتي وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

يا بريدة! أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذها.

أخرجه الطبراني ».

__________________

(١). ذخيرة المآل - شرح عقد جواهر اللآل - مخطوط.

(٢). ينابيع المودة ٢ / ١٥٥.

٣٧٨

أقول:

ففي هذا الحديث:

« من فارق علياً فقد فارقني ».

وهذا مفيدٌ للعصمة بكلّ وضوح.

ومن مصادر روايته أيضاً:

المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٣ ح ٤٦٢٤ عن أبي ذر عنه صلّى الله عليه وسلّم وقال: « صحيح الإسناد ».

مجمع الزوائد ٩ / ١٣٥ عن البزار عن أبي ذر، وقال: « رجاله ثقات ».

ويوجد في مصادر اخرى عن غيره من الصحابة.

وفيه:

« إنّ علياً منّي وأنا منه ».

وقد عرفت معناه، على ضوء كلام الطيّبي بشرح: حسين منّي وأنا من حسين.

وحديث « علي مني وأنا من علي » من أصحّ الأحاديث:

أخرجه أحمد في المسند ٤ / ١٦٥.

والترمذي في صحيحه ٥ / ٥٩٤.

والنسائي في الخصائص: ٨٧.

وابن ماجة في سننه ١ / ٤٤.

وأسانيدهم صحيحة بلا كلام.

٣٧٩

وفيه:

« خُلِقَ من طينتي ».

وهو يدل على المساواة، والأفضليّة من جميع الخلائق عدا النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وسلّم.

وأخرج حديث خلق رسول الله وأمير المؤمنينعليهما‌السلام من طينة واحدة:

الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٨٦.

والحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢ / ٩٥.

وكذا غيرهما من الأئمة الأعلام.

فمعاذ الله من سقوط نفس النبي منعين النبي!! فليمت الحاقدون بغيظهم!!

(٤٠)

سياق الحديث يأبى الحمل على الحبّ والنصرة

ثم إنّ الحديث دالٌ على أنّ المراد من « الولاية » فيه هو « الأولوية بالتصرف » دون غيره من معاني الولاية. لأنّ الواقعة هي: شكوى بريدة وغيره من الإمام إلى النبي بسبب تصرّفه في الجارية، فانتهزوها واغتنموها فرصةً لإظهار بغضهم وعدائهم، فأيّ مناسبةٍ لأنْ يقال في جوابهم: إنّ علياً محبّ المؤمنين وناصرهم! لأن كون الرجل ناصراً ومحبّاً لا يستلزم السّكوت عنه إذا فعل عملاً قبيحاً، لكنّ كون الرجل إماماً ووليّاً للأمر يكشف عن صحّة جميع

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398