نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 223021 / تحميل: 8099
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

(٦٣)

رواية الكروخي

وهو: أبو الفتح عبدالملك بن أبي القاسم عبدالله الهروي المتوفى سنة ٥٤٨.

روى الحديث عن أبي عامر الأزدي وغيره، وعنه عمر الدينوري، كما رواية الحافظ الكنجي الشافعي.

ترجمته

حدّث عنه خلق كثير، منهم:

السمعاني، وابن عساكر، وابن الجوزي، وابن الأخضر، وابن طبرزد، وأبو اليمن الكندي وجماعة

قال السمعاني: هو شيخ صالح ديّن خيّر، حسن السيرة، صدوق، ثقة

وقال ابن نقطة: لازم الفقر والورع إلى أن توفي

وقال الذهبي: الكروخي الشيخ الإمام الثقة(١) .

(٦٤)

رواية أبي الخير الطالقاني القزويني

وهو: أحمد بن إسماعيل بن يوسف الشافعي، المتوفى سنة ٥٩٠.

__________________

(١). الأنساب - الكروخي. سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٧٣، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣١٣، شذرات الذهب ٤ / ١٤٨ وغيرها.

٨١

روى هذا الحديث في كتابه ( الأربعين ) في « الباب السابع والثلاثون، في تصويب عليرضي‌الله‌عنه في قتال أهل النهروان، وإظهار معجزة النبي صلّى الله عليه وسلّم وكرامات علي فيه، وفي تصويبه في قتال من قاتل، وفي تصويبه في قسم الغنائم والقضايا » قال:

« أخبرنا الموفّق بن سعيد، أنا أبو علي الصفّار، أنا أبو سعد النصروي، أنا ابن زياد، أنا ابن شيرويه وأحمد بن إبراهيم، قالا: أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا النضر بن شميل، نا عبدالجليل، نا عبدالله بن بريدة عند ذلك وكان في المجلس قال: حدّثني أبي قال:

لم يكن أحد من الناس أبغض إليَّ من علي بن أبي طالب، حتى أحببت رجلاً من قريش لا اُحبّه إلّا على بغضاء علي. فبعث ذلك الرجل على خيل، فصحبته وما أصحبه إلاّعلى بغضاء علي، فأصاب سبياً، فكتب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يبعث إليه من يخمّسه، فبعث إلينا عليّاً، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي، فلما خمّسه صارت الوصيفة في الخمس، ثمّ خمّس فصارت في أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم خمّس فصارت في آل علي، فأتانا ورأسه يقطر.

قال: فقلنا: ما هذا؟ فقال: ألم تروا إلى الوصيفة صارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم صارت في آل علي، فوقعت عليها.

قال: فكتب - وبعثني مصدّقاً أكون مصدّقاً لكتابه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم - ما قال علي. فجعلت أقول على ما يقول عليه: صدق

٨٢

قال: فأمسك بيدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أتبغض عليّاً؟ قلت: نعم! قال: فلا تبغضه، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّاً، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة. فما كان أحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليَّ من علي.

قال عبدالله بن بريدة: والله ما في هذا الحديث بيني وبين النبي صلّى الله عليه وسلّم غير أبي»(١) .

ترجمته

وأبو الخير الطالقاني من رواة الحديث وإنْ كان لفظه خالياً عن قوله صلّى الله عليه وسلّم: « علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي » لاشتمال ألفاظه بنفس هذا السند عليه عند غيره، فيكون قد اختصره أو أسقط كاتب النسخة تلك الجملة.

وأبو الخير محدّث كبير، وفقيه شهير، ترجم له الذهبي في غير واحدٍ من مؤلَّفاته، وهذا خلاصة ما جاء في ( سير أعلام النبلاء ):

« الطالقاني: الشيخ الإمام، العلامة، الواعظ، ذو الفنون، رضي الدين أبو الخير، أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني القزويني الشافعي، تفقّه وبرع في المذهب، وسمع الكتب الكبار، ودرّس بقزوين وببغداد، ثم درس بالنظامية.

قال ابن النجّار: كان إماماً في المذهب والأصول والتفسي ر والخلاف

__________________

(١). كتاب الأربعين المنتقى من مناقب المرتضى، عليه رضوان العلي الأعلى، مطبوع في العدد الأوّل من مجلّة تراثنا الصادرة من مؤسسة آل البيت لإحياء التراث - قم.

٨٣

والتذكير، وأملى مجالس، ووعظ، وأقبلوا عليه لحسن سمته وحلاوة منطقه وكثرة محفوظاته، وكثر التعصّب له من الاُمراء والخواص، وأحبّه العوام، وكان كثير العبادة والصلاة، وهو ثقة في روايته. فكان هو يعظ مرّةً وابن الجوزي مرّةً.

قال الموفَّق: كان يعمل في اليوم والليلة مايعجز المجتهد عنه في شهر. وظهر التشيع في زمانه بسبب ابن الصاحب، فالتمس العامّة منه على المنبر يوم عاشوراء أنْ يلعن يزيد، فامتنع، فهمّوا بقتله مرّات، فلم يرع ولا زل، وسار إلى قزوين، وضجع لهم ابن الجوزي »(١) .

(٦٥)

رواية المكبّر

وهو: حنبل بن عبدالله بن فرج البغدادي، المتوفى سنة ٦٠٤.

رواه عن ابن الحصين، وعنه قاضي القضاة القرشي، كما في رواية أبي عبدالله الكنجي الشافعي الحافظ.

ترجمته

قالوا بترجمته: إنه راوي مسند أحمد بن حنبل كلّه عن هبة الله بن الحصين.

وقد حدّث عنه من الأكابر: ابن النجّار، وابن الدبيثي، وابن خليل، وابن

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢١ / ١٩٠. وانظر: طبقات السبكي ٦ / ٧، طبقات القراء ١ / ٣٩، تاريخ ابن كثير ١٣ / ٩، شذرات الذهب ٤ / ٣٠٠، الوافي بالوفيات ٦ / ٢٥٣ وغيرها.

٨٤

علّان، والصدر البكري، والتاج القرطبي، وآخرون

وصفه الذهبي بـ « بقية المسندين »(١) .

وقد ذكر في وفيات سنة ٦٠٤ من الأعلام في:

١ - الكامل في التاريخ ١٢ / ١١٦

٢ - البداية والنهاية ١٣ / ٥٠

٣ - النجوم الزاهرة ٦ / ١٩٥

٤ - العبر ٥ / ١٠

٥ - شذرات الذهب ٥ / ١٢.

(٦٦)

رواية نجم الدين كبرى الخيوقي

وهو: أحمد بن عمر بن محمّد الخوارزمي المتوفى سنة ٦١٨.

رواه عنه شيخ الإسلام الحمويني.

ترجمته

قال الذهبي: « نجم الدين الكبرى. الشيخ الإمام العلّامة، القدوة المحدّث، الشهيد، شيخ خراسان

طاف في طلب الحديث، وعني بالحديث وحصّل الاصول.

حدّث عنه: عبدالعزيز بن هلالة، وخطيب داريّا، وناصر بن منصور

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٣١.

٨٥

العرضي، وسيف الدين الباخرزي تلميذه، وآخرون.

قال ابن نقطة: هو شافعي إمام في السنّة.

وقال عمر بن الحاجب: طاف البلاد وسمع واستوطن خوارزم، وصار شيخ تلك الناحية، وكان صاحب حديثٍ وسنّة، ملجأ للغرباء، عظيم الجاه، لا يخاف في الله لومة لائم.

نزلت التتار على خوارزم في ربيع الأوّل سنة ٦١٨، فخرج نجم الدين الكبرى فيمن خرج للجهاد، فقاتلوا على باب البلد، حتى قتلوا رضي الله عنهم، وقتل الشيخ وهو في عشر الثمانين.

وفي كلامه شيء من تصوّف الحكماء »(١) .

(٦٧)

رواية ابن الشيرازي

وهو: أبو نصر محمّد بن هبة الله الشيرازي الدمشقي، المتوفى سنة ٦٣٥.

رواه عن الحافظ ابن عساكر، وعنه الحافظ الكنجي الشافعي.

ترجمته

الأسنوي: « كان فقيهاً، فاضلاً، خيّراً، ديّناً، منصفاً، عليه سكينة ووقار، حسن الشكل، يصرف أكثر أوقاته في نشر العلم »(٢) .

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢٢ / ١١١ ملخصاً.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٣٠ رقم ٧١٥.

٨٦

ابن تغى بردى - في وفيات سنة ٦٣٥ -: « والقاضي شمس الدين أبو نصر محمّد بن هبة الله بن محمّد ابن الشيرازي، في جمادى الآخرة، وله ٨٦ سنة »(١) .

ابن كثير: « سمع الكثير على الحافظ ابن عساكر وغيره، واشتغل في الفقه وأفى ودرّس بالشامية البرانية، وناب في الحكم عدّة سنين، وكان فقيهاً عالماً، فاضلاً ذكياً، حسن الأخلاق، عارفاً بالأخبار وأيام العرب والأشعار، كريم الطباع، حميد الآثار »(٢) .

ابن العماد: « درّس وأفتى، وناظر، وصار من كبار أهل دمشق في العلم والرواية والرياسة والجلالة. ودرّس مدّة بالشاميّة الكبرى. قال ابن شهبة: ولي قضاء بيت المقدس ثمّ ولي تدريس الشامية البرانية، ثمّ ولي قضاء دمشق في سنة ٦٣١. وكان فقيهاً فاضلاً خيّراً ديّناً منصفاً، عليه سكينة ووقار، حسن الشكل »(٣) .

الذهبي: « الشيخ الإمام العالم المفتي المسند الكبير جمال الإسلام القاضي شمس الدين أبو نصر كان رئيساً جليلاً، ماضي الأحكام، عديم المحاباة، ساكناً وقوراً، مليح الشكل، منوّر الوجه ...»(٤) .

__________________

(١). النجوم الزاهرة ٦ / ٣٠٢.

(٢). البداية والنهية ١٣ / ١٥١.

(٣). شذرات الذهب ٥ / ١٧٤.

(٤). سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٣١.

٨٧

(٦٨)

رواية سبط ابن الجوزي

وهو: شمس الدين يوسف بن عبدالله، سبط ابن الجوزي، الحنفي، المتوفى سنة ٦٥٤.

روى الحديث عن الترمذي عن عمران بن الحصين(١) .

ترجمته

ابن خلكان: « الواعظ المشهور، حنفي المذهب، له صيت وسمعة في مجالس وعظه، وقبول عند الملوك وغيرهم »(٢) .

أبو الفداء: « كان من الوّعاظ الفضلاء »(٣) .

الذهبي: « العلامة الواعظ المؤرخ، شمس الدين »(٤) .

الكفوي: « كان إماماً عالماً فقيهاً واعظاً جيداً مهيباً »(٥) .

اليافعي: « العلامة الواعظ المؤرخ درّس وأفتى »(٦) .

وله ترجمة في مصادر أخرى أيضاً، مثل ( طبقات المفسرين ) و ( تتمة المختصر ) و ( مختصر الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ) وغيرها.

__________________

(١). تذكرة خواص الأمة: ٣٦.

(٢). وفيات الأعيان ٣ / ١٤٢، ٢ / ١٥٣.

(٣). المختصر في أخبار البشر، حوادث ٦٥٤.

(٤). العبر في خبر من غبر، حوادث ٦٥٤.

(٥). كتائب أعلام الأخبار من فقهاء مذهب النعمان المختار - مخطوط.

(٦). مرآة الجنان، حوادث ٦٥٤.

٨٨

(٦٩)

رواية القرشي

وهو: أبو الفضل محي الدين يحيى بن محمّد بن علي القرشي الدمشقي، المتوفى سنة ٦٦٨.

وهو شيخ الحافظ الكنجي، رواه عنه بإسناده، عن أحمد بن حنبل.

ترجمته

قال الذهبي: « محيي الدين قاضي القضاة، أبو الفضل يحيى ابن قاضي القضاة أبي المعالي محمّد بن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن علي بن قاضي القضاة منتجب الدين أبي المعالي القرشي الدمشقي الشافعي.

وله سنة ٦٩.

وروى عن حنبل، وابن طبرزد.

وتفقّه على الفخر ابن عساكر.

ولي قضاء دمشق مرتين، فلم تطل أيّامه.

وكان صدراً معظّماً معرقاً في القضاء.

له في ابن العربي عقيدة تتجاوز الوصف.

وكان شيعياً يفضّل علياً على عثمان، مع كونه ادّعى نسباً إلى عثمان، وهو القائل:

أدين بما دان الوصي ولا أرى

سواه وإن كانت اُميّة محتدي

ولو شهدت صفين خَيْلي لأعذرت

وساء بني حرب هنالك مشهدي

٨٩

وسار إلى خدمة هولاكو، فأكرمه ووّلاه قضاء الشام، وخلع عليه خلعة سوداء مذهّبة. فلمـّا تملّك الملك الظاهر أبعده إلى مصر وألزمه بالمقام بها.

توفي بمصر في رابع عشر رجب(١) .

وتوجد في ترجمته أيضاً في:

١ - مرآة الجنان ٤ / ١٦٩

٢ - النجوم الزاهرة ٧ / ٢٣٠

٣ - البداية والنهاية ١٣ / ٢٥٧

٤ - شذرات الذهب ٥ / ٣٢٥

(٧٠)

رواية إبن منظور الإفريقي

وهو: جمال الدين أبو الفضل محمّد بن مكرم بن علي الأنصاري الإفريقي المصري، المتوفى سنة: ٧١١.

روى حديث الولاية في ( مختصر تاريخ دمشق ) حيث قال:

« قال بُرَيدة:

غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت عليّاً فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغير، فقال: يا بريدة، ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟

فقلت: بلى يا رسول الله، قال: « من كنت مولاه فعلي مولاه ».

__________________

(١). العبر في خبر من غير ٣ / ٣١٨، وفيات: ٦٦٨.

٩٠

وعن بريدة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

« علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه ».

وعن بريدة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

« عليّ بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة، وهو وليّكم بعدي ».

وعن بريدة قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي ابن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا اجتمعتما فَعليٌّ على الناس وإذا افترقتما فكل واحد منكما على حدة، قال: فلقينا بني زبيد من اليمن، فقاتلناهم، وظهر المسلمون على الكافرين، فقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية، واصطفى عليّ جارية من الفيء، فكتب معي خالد يقع في علي، وأمرني أن أنال منه.

قال: فلما أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت الكراهية في وجهه، فقلت: هذا مكان العائذ يا رسول الله، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلّغت ما أرسلني، قال: يا بريدة: لا تقعْ في عليٍّ، عليٌّ مني وأنا منه، وهو وليّكم بعدي.

وفي حديث آخر بمعناه:

قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعليّ. قال: وكنت رجلاً إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي، وتكلّمت فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد غضب غضباً لم أره غضب مثله قط إلايوم قريظة والنضير، فنظر إليَّ

٩١

فقال: « يا بريدة، إن عليّاً وليكم بعدي، فأحب عليّاً فإنه يفعل ما يؤمر ». قال: فقمت وما أحد من الناس أحبّ إليَّ منه.

قال: عبدالله بن عطاء:

حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة، فقال: كتمك عبدالله بن بريدة بعض الحديث؛ إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: أنافَقْتَ بعدي يا بريدة؟

وفي حديث آخر فقال:

« يا بريدة، أتبغض علياً؟ » قال: قلت: نعم، قال: « فأحبّه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك».

وعن البراء بن عازب قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشين وأمَّرَ على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا كان قتال فعليُّ على الناس.

قال: ففتح عليٌّ قصراً، فاتَّخذ لنفسه جارية، فكتب معي خالد بن الوليد يَشِي به، فلما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتاب قال: « ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله؟ » قال: قلت: أعوذ بالله من غضب الله.

وعن عمران بن حُصَين قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريةً وأمَّرَ عليهم علي بن أبي طالب، فأحدث شيئاً في سفره، فتعاقد أربعة من أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم أن يذكروا أمره لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال عمران: وكنا إذا

٩٢

قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسلّمنا عليه، قال: فدخلوا عليه، فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الثاني، فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الثالث، فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله إن علياً فعل كذا وكذا، قال: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع وقد تغيّر وجهه، فقال: « دعوا علياً، دعوا علياً، دعوا علياً، إن علياً مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي ».

وفي رواية:

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والغضب يعرف في وجهه فقال: « ما تريدون من علي؟ إن علياً مني وأنا منه، وهو وليّ كل مؤمن بعدي ».

وعن وهب بن حمزة قال:

سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوة، فقلت: لئن رجعت ولقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنالنَّ منه. قال: فرجعت، فلقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت علياً فنلت منه، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « لا تقولنَّ هذا لعلي، فإن علياً وليكم بعدي ».

وعن أبي سعيد الخدري قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب إلى اليمن قال: ( أبو سعيد )(١) : فكنت فيمن خرج معه - فلما احتفر إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا، وكنا قد رأينا في إبلنا خللاً، فأبى علينا، وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين.

__________________

(١). ما بين المعقوفتين لحق في هامش الأصل.

٩٣

قال: فلما فرغ علي وانصرف من اليمن راجعاً، أمَّرَ علينا إنساناً فأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجَّته قال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم.

قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت، رأى أثر الراكب، فذمّ الذي أمَّره ولامه، فقال: أما إنَّ الله عَلَيّ إن قدمت المدينة لأذكرنّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولأخبرنّه ما لقينا من الغلظة والتَّضييق.

قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أريد أن أفعل ما كنت قد حلفت عليه، فلقيت أبا بكر خارجاً من عند رسول صلّى الله عليه وسلّم، فلما رآني قعد معي ورحَّب بي، وساءلني وساءلته، وقال: متى قدمت؟ قلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل وقال لي هذا سعد بن مالك، ابن الشهيد، قال: ائذن له، فدخلت فحيَّيْت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحيَّاني وسلَّم عَلَيَّ، وساءلني عن نفسي وعن أهلي فأحفى في المسألة، فقلت: يا رسول الله، ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتّضييق، فانْتَبذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وجعلت أنا أُعدّد ما لقينا منه، حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذي، وكنت منه قريباً، وقال: « سعد بن مالك ابن الشهيد، مَهْ بعض قولك لأخيك علي، فوالله، لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله ».

قال: فقلت في نفسي: ثكلتك أمك، سعد بن مالك، ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم وما أدري؟ لا جَرَمَ، والله لا أذكره بسوء أبداً سرّاً ولا علانية.

٩٤

وعن عمرو بن شاس الأسلمي قال:

خرجت مع علي بن أبي طالب إلى اليمن فأجفاني، فأظهرت لائمة علي بالمدينة حتى فشا ذلك، فدخلت المسجد مَرْجِعَ النبي صلّى الله عليه وسلّم ذات غداة، ورسول الله جالس، فرماني ببصره حتى إذا جلست قال: والله، يا عمرو ابن شاس، لقد آذيتني، فقلت: أعوذ بالله وبالإسلام أن أوذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: « بلي، من آذى مسلماً فقد آذاني، ومن آذى مسلماً فقد آذى الله عزّ وجلّ ».

( وفي حديث آخر:

قلت: أعوذ بالله من أن أوذيك، قال: بلى، من آذى علياً فقد آذاني )(١) .

وعن عمرو بن شاس: سمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول:

« من آذى علياً فقد آذاني ».

وعن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي:

« من آذاك فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ».

وعن سعد بن أبي وقاص قال:

كنت جالساً في المسجد، أنا ورجلان معي، فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: « ما لكم وما لي؟ من آذى علياً فقد آذاني ».

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:

خطب الناس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في الرّحبة قال: أنشد الله

__________________

(١). ما بين المعقوفتين لحق في هامش الأصل.

٩٥

امرأ نشدة الإسلام سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير أخذ بيدي يقول: ألست أولى بكم يا معشر المسلمين من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، إلّاقام، فقامَ بضعة عشر رجلاً فشهدوا، وكتم قوم فما فنوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا.

وزاد في حديث آخر:

« وأحِبَّ من أحبَّه، وأبغِض من أبغضه ».

وعن زياد بن الحارث قال:

جاء رهط إلى علي بالرّحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فإن هذا مولاه.

قال رياح: فلما مضوا تبعتهم، فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري.

وعن حذيفة بن أسيد قال:

لما قفل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن، ثم بعث إليهن، فصلى تحتهن، ثم قام فقال: « أيها الناس: قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلاّ مثل نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ » قالوا: نشهد أنك قد بلَّغْت ونصحْت وجهدْت، فجزاك الله خيراً، قال: « ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمّداً

٩٦

عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ » قالوا: بلى، نشهد بذلك، قال: « اللهمّ اشهد».

ثم قال: « أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه ».

ثم قال: « أيّها الناس إني فَرَطُكُم وإنكم واردون عليَّ الحوضَ، حوض أعرض مما بين بصري وصنعاء، فيه عدد النجوم قد حان فضّة، وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثّقلين، فانظروا كيف تخلفونني فيهما، الثَّقَل الأكبر كتاب الله، سببٌ طرفُه بيد الله عزّ وجلّ، وطرفٌ بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدلوا، وعِتْرتي أهل بيتي، فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض »(١) .

ترجمته

وابن منظور إمامٌ من أئمة أهل السنّة في الحديث والرجال واللغة، ترجموا له وأثنوا عليه الثناء الحسن الجميل:

ابن حجر: « عمّر وكبر وحدّث، فأكثروا عنه، وكان مغرىً باختصار كتب الأدب المطوّلة ...، وجمع في اللغة كتاباً سمّاه لسان العرب ...، وولي قضاء طرابلس، قال الذهبي: كان عنده تشيّع بلا رفض. مات في شعبان سنة ٧١١ »(٢) .

__________________

(١). مختصر تاريخ دمشق ١٧ / ٣٤٨ - ٣٥٣.

(٢). الدرر الكامنة ٤ / ٢٦٢.

٩٧

ابن العماد: « القاضي المنشئ جمال الدين، حدّث بمصر ودمشق، واختصر تاريخ ابن عساكر، وله نظم ونثر، وفيه شائبة تشيع »(١) .

ابن شاكر: « كان فاضلاً، وعنده تشيع بلا رفض، خدم في الإنشاء بمصر، ثم ولي قضاء طرابلس، وكان كثير الحفظ، اختصر كتباً كثيرة، وله نظم ونثر »(٢) .

وله ترجمة في ( الوافي بالوفيات ) و ( حسن المحاضرات ) و ( بغية الوعاة ) وفي كتب أخرى غيرها.

(٧١)

رواية الخطيب التبريزي

وهو: ولي الدين محمّد بن عبدالله العمري، كان حيّاً سنة ٧٣٧.

« عن عمران بن الحصين: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن. رواه الترمذي »(٣) .

ترجمته

لم يذكروا له ترجمةً في الكتب الرجاليّة، ولم تظهر سنة وفاته، إلّا أنهم اعتمدوا على كتابه ( مشكاة المصابيح ) وكتبوا عليه الشروح الكثيرة، المطولة

__________________

(١). شذرات الذهب ٦ / ٢٦.

(٢). فوات الوفيات ٤ / ٣٩.

(٣). مشكاة المصابيح ٣ / ١٧٢٠.

٩٨

والمختصرة، ووصفوا المؤلف بأوصاف حميدة، فالقاري - مثلاً - يقول في مقدمة ( المرقاة في شرح المشكاة ):

« لمـّا كان كتاب مشكاة المصابيح، الذي ألّفه مولانا الحبر العلاّمة والبحر الفهّامة، مظهر الحقائق وموضّح الدقائق، الشيخ التقي النقي، ولي الدين، محمّد ابن عبدالله، الخطيب التبريزي، أجمع كتابٍ في الأحاديث النبوية، وأنفع لبابٍ من الأسرار المصطفويّة ».

(٧٢)

رواية الفاروقي

وهو: ظهير الدين عبدالصمد بن نجم الدين محمود بن عبدالصمد.

رواه قائلاً: « عن عمران بن حصين: إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمنٍ بعدي »(١) .

(٧٣)

رواية السبكي

وهو: تقي الدين علي بن عبدالكافي الخزرجي، المتوفى سنة ٧٥٦.

قال الشيخ حسن زمان ابن أمان الله التركماني، في سياق روايات حديث الولاية:

« وعن بريدة - في روايةٍ اخرى -: إن علياً مني وأنا منه، خلق من طينتي

__________________

(١). شرح المصابيح - مخطوط. نقله العلاّمة المحقق المرحوم السيد عبدالعزيز الطباطبائي عن نسخةٍ منه بخط ابن أخي المؤلف، فرغ منه في ٢٣ ربيع الأوّل سنة ٧٥٣.

٩٩

وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. يا بريدة، أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ وأنه وليّكم بعدي.

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وهو صحيح عنده. قال الخطيب: لم أر سواه في معناه.

أورده واعتمده جماعة من الأئمة، من آخرهم: السبكي والسيوطي »(١) .

ترجمته

وتوجد ترجمته مع التعظيم الكثير في كثيرٍ من الكتب المعتمدة:

كالدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ٣ / ٦٣

والنجوم الزاهرة في محاسن مصر والقاهرة ١٠ / ٣١٨

وشذرات الذهب في أخبار من ذهب ٦ / ١٨٠

وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: ٣٤٢

وطبقات الشافعية الكبرى ٦ / ١٤٦ - ٢٢٧

(٧٤)

رواية الصّلاح الصّفدي

وهو: صلاح الدين خليل بن أبيك بن عبدالله، المتوفى سنة ٧٦٤.

__________________

(١). القول المستحسن في فخر الحسن: ٢١٤.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

أنفسكم ، وساء ما تزرون ليوم بعثكم ، فتعسا تعسا ونكسا نكسا! لقد خاب السعى ، وتبت الأيدى ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلة والمسكنة.

أتدرون ويلكم اىّ كبد لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فرثتم؟ وأىّ عهد نكثتم؟ وأىّ كريمة لله أبرزتم؟ وأىّ حرمة هتكتم وأىّ دم له سفكتم؟! لقد جئتم شيئا إدّا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا! لقد جئتم بها شوهاء صلعاء ، عتقاء ، سوداء ، فقماء ، خرقاء كطلاع الأرض ، أو ملأ السماء أفعجبتم ان تمطر السماء دما ، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ، فلا يستخفنكم المهل ، فانه عزوجل لا يحفزه البدار ولا يخشى عليه فوت الثار كلا إنّ ربك لنا ولهم لبالمرصاد ، ثم انشأت تقولعليه‌السلام :

ما ذا تقولون إذ قال النبيّ لكم

ما ذا صنعتم وأنتم آخر الامم

بأهل بيتى وأولادى وتكرمتى

منهم اسارى ومنهم ضرّجوا بدم

ما كان ذاك جزائى إذ نصحت لكم

ان تخلفونى بسوء فى ذوى رحمى

انى لأخشى عليكم أن يحلّ بكم

مثل العذاب الذي أودى على ارم

ثم ولت عنهم ، قال حذيم : فرأيت الناس حيارى قد ردّوا أيديهم فى أفواههم ، فالتفت الىّ شيخ فى جانبى يبكى وقد اخضلت لحيته بالبكاء ، ويده مرفوعة الى السماء وهو يقول : بأبى وامى كهولهم خير كهول ، ونساؤهم خير نساء ، وشبابهم خير شباب ونسلهم نسل كريم ، وفضلهم فضل عظيم ، ثم أنشد :

كهولكم خير الكهول ونسلكم

إذا عدّ نسل لا يبور ولا يخزى

فقال على بن الحسينعليه‌السلام : يا عمة اسكتى ففى الباقى من الماضى اعتبار ، وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة ، فهمة غير مفهمة ، ان البكاء والحنين لا يردّ ان من قد أباده الدهر ، فسكنت ، ثم نزلعليه‌السلام وضرب فسطاطه ، وأنزل نسائه ودخل

٢٤١

الفسطاط(١) .

١٨ ـ قال الطبرى : أقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد ، ثمّ أمر حميد بن بكير الأحمرىّ فأذّن فى الناس بالرحيل إلى الكوفة ، وحمل معه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من الصبيان ، وعلىّ بن الحسين مريض(٢) .

١٩ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثنى أبو زهير العبسىّ ، عن قرّة بن قيس التميمىّ ، قال : نظرت إلى تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صحن ولطمن وجوههنّ. قال : فاعترضتهنّ على فرس ، فما رأيت منظرا من نسوة قطّ كان أحسن من منظر رأيته منهنّ ذلك اليوم والله لهنّ أحسن من مهايبرين. قال : فما نسيت من الأشياء لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرّت بأخيها الحسين صريعا وهى تقول.

يا محمّداه! يا محمّداه! صلّى عليك ملائكة السماء ، هذا الحسين بالعراء مرمّل بالدماء ، مقطّع الأعضاء ، يا محمّداه! وبناتك سبايا ، وذريتك مقتّلة ، تسفى عليها الصّبا. قال : فأبكت والله كلّ عدوّ وصديق ، قال : وقطف رءوس الباقين ، فسرح باثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذى الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج وعزرة بن قيس ، فأقبلوا حتى قدموا بها على عبيد الله بن زياد(٣) .

٢٠ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال: دعانى عمر بن سعد فسرّحنى إلى أهله لأبشرّهم بفتح الله عليه وبعافيته ، فأقبلت حتى أتيت أهله ، فأعلمتهم ذلك ، ثمّ أقبلت حتى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس ، وأجد الوفد قد قدموا عليه ، فأدخلهم ، وأذن للناس ، فدخلت فيمن دخل ، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه ، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيّتيه

__________________

(١) الاحتجاج : ٢ / ٢٩.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٥.

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٥.

٢٤٢

ساعة ، فلما رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب.

قال له : اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين ، فو الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على هاتين الشفتين يقبّلهما ، ثم انفضخ الشيخ يبكى ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك! فو الله لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك ، قال : فنهض فخرج ، فلمّا خرج سمعت الناس يقولون : والله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله ، قال : فقلت : ما قال : قالوا : مرّ بنا وهو يقول : ملّك عبد عبدا ، فأتّخذهم تلدا ، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة ، وأمرتم ابن مرجانة ، فهو يقتل خياركم ، ويستعبد شراركم ، فرضيتم بالذلّ ، فبعدا لمن رضى بالذل!

قال : فلمّا دخل برأس الحسين وصبيانه وأخواته ونسائه على عبيد الله بن زياد قال : من هذه الجالسة؟ فلم تكلّمه ، فقال ذلك ثلاثا ، كلّ ذلك لا تكلّمه فقال بعض إمائها هذه زينب ابنة فاطمة قال : فقال لها عبيد الله الحمد لله الّذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.

فقالت الحمد لله الذي أكرمنا بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وطهرنا تطهيرا لا كما تقول أنت انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر قال : فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك ، قالت كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّون إليه وتخاصمون عنده قال فغضب ابن زياد واستشاط قال : فقال له عمرو ابن حريث أصلح الله الأمير إنما هى امراة وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها إنها لا تؤاخذ بقول ولا تلام على خطل.

فقال لها ابن زياد قد أشفى الله نفسى من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك قال فبكت ثم قالت لعمرى لقد قتلت كهلى وأبرت أهلى وقطعت فرعى واجتثثت أصلى فإن يشفك هذا فقد اشتفيت فقال لها عبيد الله هذه سجاعة قد

٢٤٣

لعمرى كان أبوك شاعرا سجاعا قالت ما للمراة والسجاعة انّ لى عن السجاعة لشغلا ولكن نفسى ما اقول(١) .

٢١ ـ عنه ، قال أبو مخنف وأما سليمان بن أبى راشد فحدثنى عن حميد بن مسلم ، قال انى لقائم عند ابن زياد ، حين عرض عليه علىّ بن الحسين فقال له ما اسمك قال أنا على بن الحسين قال أو لم يقتل الله علىّ بن الحسين فسكت ، فقال له ابن زياد مالك لا تتكلم ، قال قد كان لى أخ يقال له أيضا علىّ فقتله الناس ، قال إنّ الله قد قتله قال فسكت على فقال له ما لك لا تكلم قال :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ) قال أنت والله منهم فقال لرجل عنده اقتله.

فقال على بن الحسين : من توكّل بهؤلاء والنسوة وتعلقت به زينب عمّته فقالت يا ابن زياد حسبك منّا أما رويت من دمائنا وهل أبقيت منا أحدا قال فاعتنقته فقالت أسألك بالله إن كنت مؤمنا إن قتلته لمّا قتلتنى معه قال وناداه على فقال يا ابن زياد ان كانت بينك وبينهن قرابة فابعث معهنّ رجلا تقبّا بصحبهنّ صحبة الاسلام قال فنظر إليها ساعة ثم نظر الى القوم فقال عجبا للرحم والله إنى لأظنها ودّت لو أنّى قتلته أنّى قتلتها معه دعوا الغلام انطلق مع نسائك(٢) .

٢٢ ـ قال محمّد بن إسحاق كان على بن حسين الاصغر مريضا نائما على فراش فقال شمر بن ذى الجوشن الملعون اقتلوا هذا فقال له رجل من أصحابه : سبحان الله أتقتل فتى حدثا مريضا لم يقاتل وجاء عمر بن سعد فقال لا تعرضوا لهولاء النسوة ولا لهذا المريض.

قال على بن حسين فغيّبنى رجل منهم وأكرم نزلى واحتضننى وجعل يبكى كلّما خرج ودخل حتى كنت أقول ان يكن عند أحد من الناس وفاء فعند هذا إلى

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٦.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٦.

٢٤٤

أن نادى منادى ابن زياد ألا من وجد علىّ بن حسين فليأت به فقد جعلنا فيه ثلاثمائة درهم ، قال فدخل والله علىّ وهو يبكى وجعل يربط يدى الى عنقى وهو يقول : أخاف فاخرجنى والله إليهم مربوطا حتى دفعنى إليهم وأخذ ثلاثمائة درهم وانا أنظر إليه.

فأخذت فأدخلت على ابن زياد فقال ما اسمك فقلت على بن حسين قال أو لم يقتل الله عليّا قال : قلت كان لى أخ يقال له علىّ أكبر منى قتله الناس ، قال بل الله قتله قلت الله يتوفّى الأنفس حين موتها فأمر بقتله فصاحت زينب بنت على بابن زياد حسبك من دمائنا أسألك بالله إن قتلته إلّا قتلتنى معه فتركه.

قال : ولمّا امر عمر بن سعد بثقل الحسين أن يدخل الكوفة إلى عبيد الله بن زياد ، وبعث إليه برأسه مع خولى بن يزيد الأصبحى ، فلمّا حمل النساء والصبيان فمرّوا بالقتلى صرخت امرأة منهم يا محمداه هذا حسين بالعراء مرمّل بالدماء وأهله ونساؤه سبايا ، فما بقى صدّيق ولا عدوّ الا اكبّ باكيا ثمّ قدم بهم على عبيد الله بن زياد فقال عبيد الله من هذه.

فقالوا زينب بنت على بن أبى طالب فقال كيف رأيت صنع الله بأهل بيتك قالت كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بيننا وبينك وبينهم ، قال الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم قالت الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهّرنا تطهيرا ، فلمّا وضعت الرءوس بين يدى عبيد الله بن زياد جعل يضرب بقضيب معه على فىّ الحسين وهو يقول :

يفلقن هاما من أناس اعزة

علينا وهم كانوا أعقّ وأشأما.

فقال له زيد بن أرقم لو نحيت هذا القضيب فانّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يضع فاه على موضع هذا القضيب(١) .

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين من الطبقات : ٧٨.

٢٤٥

٢٣ ـ عنه قال أخبرنا سليمان بن حرب ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن على ابن زيد ، عن أنس بن مالك قال شهدت عبيد الله بن زياد حيث أتى برأس الحسينعليه‌السلام قال فجعل ينكت بقضيب معه على أسنانه ويقول إن كان لحسن الثغر قال فقلت والله لأسوأنك فقلت أما أنى قد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تقبل موضع قضيبك من فيه(١) .

٣٠ ـ باب شهادة عبد الله بن عفيف

١ ـ قال المفيد : قام عبد الله بن عفيف الأزدى وكان من شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال لابن زياد يا عدوّ الله انّ الكذّاب أنت وأبوك والّذي ولّاك وأبوه يا ابن مرجانة تقتل أولاد النبيّين وتقوم على المنبر مقام الصّديقين ، فقال ابن زياد علىّ بن فاخذته الجلاوزة فنادى شعار الأزد فاجتمع منهم سبعمائة فانتزعوه من الجلاوزة فلمّا كان اللّيل أرسل إليه ابن زياد من أخرجه من بيته فضرب عنقه وصلبه فى السّبخة رحمة الله عليه(٢) .

٢ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى ثم ان ابن زياد صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال فى بعض كلامه : الحمد لله الذي أظهر الحقّ وأهله ونصر أمير المؤمنين وأشياعه وقتل الكذاب بن الكذاب فما زاد على الكلام شيئا حتى قام إليه عبد الله بن عفيف الأزدى ، وكان من خيار الشيعة ، وزهادها ، وكانت عينه اليسرى ذهبت فى يوم الجمل والأخرى فى يوم صفين وكان يلازم المسجد الأعظم ، يصلّى فيه الى الليل.

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين من الطبقات.

(٢) الارشاد : ٢٢٩.

٢٤٦

فقال يا ابن زياد إنّ الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك ومن استعملك وأبوه يا عدوّ الله أتقتلون أبناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المؤمنين ، قال الراوى فغضب ابن زياد وقال من هذا المتكلّم فقال : أنا المتكلم يا عدوّ الله أتقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنها الرجس وتزعم انك على دين الاسلام وا غوثاه أين أولاد المهاجرين والأنصار لينتقمون من طاغتيك اللعين بن اللعين على لسان رسول رب العالمين.

قال الراوى : فازداد غضب ابن زياد حتّى انتفخت أوداجه وقال علىّ به فتبادرت إليه الجلاوزة من كل ناحية لياخذوه فقامت الأشراف من الازد من بنى عمه فخلّصوه من أيدى الجلاوزة وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به الى منزله ، فقال ابن زياد اذهبوا الى هذا الأعمى أعمى الازد أعمى الله قلبه ، كما أعمى عينه فاتونى به قال فانطلقوا إليه فلما بلغ ذلك الأزد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم ، قال بلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمّهم الى محمّد بن الأشعث وأمرهم بقتال القوم.

قال الراوى فاقتتلوا قتالا شديدا حتّى قتل بينهم جماعة من العرب قال ووصل اصحاب ابن زياد الى دار عبد الله بن عفيف فكسروا الباب واقتحموا عليه فصاحت ابنته اتاك القوم من حيث تحذر فقال لا عليك ناولينى سيفى قال فناولته اياه فجعل يذبّ عن نفسه ويقول:

انا ابن ذى الفضل عفيف الطاهر

عفيف شيخى وابن أمّ عامر

كم دارع من جمعكم وحاسر

وبطل جدلته مغاور

قال وجعلت ابنته تقول يا أبت ليتنى كنت رجلا أخاصم بين يديك اليوم هؤلاء الفجرة قاتلى العترة البررة قال وجعل القوم يدورون عليه من كل جهة وهو يذب عن نفسه فلم يقدر عليه أحد وكلما جاءه من جهة قالت يا أبت جاءوك من

٢٤٧

جهة كذا حتى تكاثروا عليه وأحاطوا به فقالت بنته واذلّاه يحاط بأبى وليس له ناصر يستعين به فجعل يدير سيفه ويقول :

اقسم لو يفسح لى عن بصرى

ضاق عليك موردى ومصدرى

قال الراوى فما زالوا به حتى أخذوه ثم حمل فادخل على ابن زياد فلما رآه قال الحمد لله الذي أخزاك فقال له عبد الله بن عفيف : يا عدوّ الله وبما ذا أخزانى الله :

والله لو فرج لى عن بصرى

ضاق عليكم موردى ومصدرى

فقال ابن زياد يا عدوّ الله ما تقول فى عثمان بن عفان فقال يا عبد بنى علاج يا ابن مرجانة وشتمه ما أنت وعثمان بن عفان أساء وأحسن واصلح أم فسدوا لله تبارك وتعالى ولىّ خلقه يقضى بينهم وبين عثمان بالعدل والحقّ ولكن سلنى عن أبيك وعنك وعن يزيد وأبيه فقال ابن زياد لأسألنك عن شيء أو تذوق الموت غصة بعد غصة.

فقال عبد الله بن عفيف : الحمد لله ربّ العالمين أما أنى قد كنت أسأل الله ربى أن يرزقنى الشهادة من قبل أن تلدك أمك وسألت الله ان يجعل ذلك على يدى ألعن خلقه وأبغضهم إليه فلما كف بصرى يئست عن الشهادة والآن فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها وعرفنى الإجابة منه فى قديم دعائى فقال ابن زياد اضربوا عنقه فضربت عنقه وصلب فى السبخة(١) .

٣ ـ قال سبط ابن الجوزى : قال ابن أبى الدنيا : ثم جمع ابن زياد الناس فى المسجد ، ثم خطب وقال : الحمد لله الذي قتل الكذاب ابن الكذاب حسين وشيعته ، فقام إليه عبد الله بن عفيف الازدى وكان منقطعا فى المسجد ذهبت عينه اليمنى مع علىّعليه‌السلام يوم صفين فقال يا ابن مرجانة الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك والذي

__________________

(١) اللهوف : ٧١.

٢٤٨

ولاك يا ابن مرجانة أتقتلون أولاد النبيين ، وتتكلمون بكلام الفاسقين ، فقال ابن زياد دونكم واياه ، فصاح عفيف بشعار الازد فثار إليه منهم سبعمائة رجل فحملوه الى داره(١) .

٤ ـ قال الطبرى : قال حميد بن مسلم : لما دخل عبيد الله القصر ودخل الناس ، نودى : الصلاة جامعة! فاجتمع الناس فى المسجد الأعظم ، فصعد المنبر ابن زياد فقال : الحمد لله الذي أظهر الحقّ وأهله ، ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبه ، وقتل الكذّاب ابن الكذّاب ، الحسين بن على وشيعته ، فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتى وثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدىّ ثم الغامدىّ ، ثم أحد بنى والبة ـ وكان من شيعة علىّعليه‌السلام ، وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع علىّ ، فلما كان يوم صفّين ضرب على رأسه ضربة ، وأخرى على حاجبه ، فذهبت عينه الأخرى ، فكان لا يكاد يفارق المسجد الأعظم يصلى فيه إلى الليل ثم ينصرف.

قال : فلمّا سمع مقالة ابن زياد ، قال : يا ابن مرجانة إنّ الكذّاب ابن الكذّاب أنت وأبوك والذي ولّاك وأبوه ، يا ابن مرجانة ، أتقتلون أبناء النبيّين ، وتكلّمون بكلام الصدّيقين! فقال ابن زياد : علىّ به ، قال : فوثبت عليه الجلاوزة فأخذوه ، قال : فنادى بشعار الأزد : يا مبرور ـ قال وعبد الرحمن بن مخنف الأزدىّ جالس ـ فقال : ويح غيرك! أهلكت نفسك ، وأهلكت قومك ، قال : وحاضر الكوفة يومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل ، قال : فوثب إليه فتية من الأزد فانتزعوه فأتوا به أهله ، فأرسل إليه من أتاه به ، فقتله ، وأمر بصلبه فى السّبخة ، فصلب هنا لك(٢)

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٢٥٩.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٥٨.

٢٤٩

٤ ـ باب ما جرى لاهل بيتهعليه‌السلام فى دمشق

١ ـ قال الصدوق : أمر ابن زياد بالسبايا ورأس الحسين فحملوا الى الشام فلقد حدث جماعة كانوا خرجوا فى تلك الصحبة انهم كانوا يسمعون بالليالى نوح الجنّ على الحسينعليه‌السلام الى الصباح وقالوا فلمّا دخلنا دمشق ادخل بالنساء والسبايا بالنهار مكتشفات الوجوه ، فقال أهل الشام الجفاة ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم فقالت سكينة ابنة الحسين نحن سبايا آل محمّد فاقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا وفيهم على بن الحسينعليهما‌السلام وهو يومئذ فتى شابّ فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال لهم : الحمد لله الذي قتلكم وأهلكم وقطع قرن الفتنة فلم يألوا عن شتمهم.

فلما انقضى كلامه قال له على بن الحسينعليه‌السلام : أما قرأت كتاب اللهعزوجل قال نعم قال : أما قرأت هذه الآية( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال بلى قال : فنحن أولئك ثم قال أما قرأت( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) قال بلى قال فنحن هم ، فهل قرأت هذه الآية( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) قال بلى قال فنحن هم فرفع الشامى يده الى السماء ثم قال : اللهم انّى أتوب إليك ثلاث مرات ، اللهم انى أبرأ إليك من عدوّ آل محمد ومن قتلة أهل بيت محمّد لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم.

ثم ادخل نساء الحسينعليه‌السلام على يزيد بن معاوية فصحن نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله ولو لن وأقمن الماتم ووضع رأس الحسين بين يديه فقالت سكينة والله ما رأيت أقسى قلبا من يزيد ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرا منه ولا

٢٥٠

أجفأ منه وأقبل يقول وينظر الى الرأس :

ليت أشياخى ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل

ثم امر برأس الحسين فنصب على باب مسجد دمشق فروى عن فاطمة بنت علىّعليه‌السلام ، انها قالت لما اجلسنا بين يدى يزيد بن معاوية رقّ لنا أوّل شيء وألطفنا ثم انّ رجلا من أهل الشام أحمر ، قام إليه فقال يا أمير المؤمنين هب لى هذه الجارية تعيننى ، وكنت جارية وضيئة فارعبت وفزعت وظننت انه يفعل ذلك فاخذت بثياب اختى وهى اكبر منى ، وأعقل فقالت كذبت والله ولعنت ما ذاك لك ولا له فغضب يزيد فقال بل كذبت والله لو شئت لفعلته قالت لا والله ما جعل الله ذلك لك الا ان تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا.

فغضب يزيد ثم قال اياى تستقبلين بهذا انما خرج من الدين أبوك وأخوك فقالت بدين الله ودين أبى واخى وجدّى اهتديت أنت وجدّك وأبوك قال كذبت يا عدوّة الله قالت أمير يشتم ظالما ويقهر بسلطانه قالت فكانه لعنه الله استحيا فسكت فأعاد الشامى فقال يا أمير المؤمنين هب لى هذه الجارية فقال له اعزب وهب الله لك حتفا قاضيا(١) .

٢ ـ حدثني محمّد بن على ماجيلويهرحمه‌الله عن عمه محمّد بن أبى القاسم ، عن محمّد بن على الكوفى ، عن نصر بن مزاحم ، عن لوط بن يحيى ، عن الحرث بن كعب ، عن فاطمة بنت علىّ صلوات الله عليهما ان يزيد لعنه الله أمر بنساء الحسينعليه‌السلام فحبس مع علىّ بن الحسينعليه‌السلام فى محبس لا يكنّهم من حرّ ولا قرّ حتّى تقشرت وجوههم ولم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض الا وجد تحته دم عبيط وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنه الملاحف المعصفرة الى ان خرج على بن الحسينعليه‌السلام بالنسوة وردّ رأس الحسين الى كربلاء(٢)

__________________

(١) أمالى الصدوق : ١٠٠.

(٢) أمالي الصدوق : ١٠٠.

٢٥١

٣ ـ قال المفيد : لمّا اصبح عبيد الله بن زياد بعث برأس الحسينعليه‌السلام فدير به فى سكك الكوفة كلّها وقبايلها فروى عن زيد بن أرقم انّه قال مرّ به علىّ وهو على رمح وأنا فى غرفة لى ، فلمّا حاذانى سمعته يقرأ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فقفّ والله شعرى ، وناديت رأسك والله يا ابن رسول الله أعجب وأعجب ولمّا فرغ القوم من الطواف به فى الكوفة ردّوه الى باب القصر ، فدفعه ، ابن زياد الى زحر بن قيس ودفع إليه رءوس أصحابه وسرّحه الى يزيد بن معاوية وأنفذ معه ابا بردة بن عوف الأزدى وطارق بن أبى ظبيان فى جماعة من أهل الكوفة حتّى وردوا بها على يزيد بن معاوية بدمشق(١)

٤ ـ عنه روى عبد الله بن ربيعة الحميرى قال انّى لعند يزيد بن معاوية بدمشق اذ أقبل زحر بن قيس حتّى دخل عليه فقال له يزيد ويلك ما ورائك وما عندك فقال أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره ، ورد علينا الحسين بن علىّعليهما‌السلام فى ثمانية عشر رجلا من أهل بيته وستّين من شيعته فسرنا إليهم ، فسألناهم ان يتسلموا أو ينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال فاختار والقتال على الاستسلام فعدونا عليهم مع شروق الشّمس فأحطنا بهم من كلّ ناحية حتّى اذا أخذت السّيوف مأخذها من هام القوم وجعلوا يهربون الى غير وزر ويلوذون منّا بالآكام والحفر لواذا كما لاذ الحمام من صقر.

فو الله يا أمير المؤمنين ما كانوا الّا جزر جزور أو نومة قائل حتّى أتينا على آخرهم فهاتيك أجسادهم مجرّدة وثيابهم مرملة وخدودهم معفّرة تصهرهم الشّموس وتسفى عليهم الرّياح زوّارهم العقبان والرّخم ، فأطرق يزيد هنيئة ثمّ رفع رأسه فقال قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسينعليه‌السلام ، أما لو أنّى صاحبه لعفوت عنه(٢)

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٩.

(٢) الارشاد : ٢٢٩.

٢٥٢

٥ ـ عنه ثمّ انّ عبيد الله بن زياد بعد إنفاذه برأس الحسينعليه‌السلام أمر بنسائه وصبيانه فجهّزوا وأمر بعلىّ بن الحسينعليهما‌السلام فغلّ الى عنقه ثمّ سرّح بهم فى أثر الرّءوس مع محفّر بن ثعلبة العائذى وشمر بن ذى الجوشن فانطلقوا بهم حتّى لحقوا بالقوم الّذين معهم الرّأس ولم يكن علىّ بن الحسين يكلّم أحدا من القوم الّذين معهم الرّاس فى الطّريق كلمة حتّى بلغوا فلمّا انتهوا الى باب يزيد رفع محفّر بن ثعلبة صوته ، فقال هذا محفّر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللّئام الفجرة فأجابه علىّ بن الحسينعليهما‌السلام ما ولدت أمّ محفّر أشرّ وألأم ، قال ولمّا وضعت الرّءوس بين يدى يزيد وفيها رأس الحسينعليه‌السلام قال يزيد :

ففلق هاما من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال يحيى بن الحكم أخو مروان بن الحكم وكان جالسا مع يزيد :

لهام بأدنى الطّف أدنى قرابة

من ابن زياد العبد ذى الحسب الوغل

أميّة امسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل

فضرب يزيد فى صدر يحيى بن الحكم يده وقال اسكت ثمّ قال لعلىّ بن الحسينعليهما‌السلام يا ابن حسين أبوك قطع رحمى وجهل حقّى ونازعنى سلطانى فصنع الله به ما قدر رأيت فقال علىّ بن الحسينعليهما‌السلام :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) فقال يزيد لابنه خالد اردد عليه فلم يدر خالد ما يردّ عليه فقال له يزيد قل( ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) .

ثمّ دعى بالنّساء والصّبيان فاجلسوا بين يديه فراى هيئة قبيحة فقال قبّح الله ابن مرجانة لو كانت بينه وبينكم قرابة ورحم ما فعل هذا بكم ، ولا بعث بكم على هذه الحالة فقالت فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام ، فلمّا جلسنا بين يدى يزيد رقّ لنا ، فقام إليه رجل من أهل الشّام أحمر ، فقال يا أمير المؤمنين هب لى هذه الجارية

٢٥٣

يعنينى وكنت جارية وضيئة فارعدت وظننت انّ ذلك جائز لهم ، فاخذت بثياب عمّتى زينب وكانت تعلم انّ ذلك لا يكون ، فقالت عمّتى للشّامى كذبت والله ما ذاك لك ولا له.

فغضب يزيد وقال كذبت انّ ذلك لى ولو شئت أن أفعل لفعلت قالت كلّا والله ما جعل الله لك ذلك إلّا ان تخرج من ملّتنا وتدين بغيرها فاستطار يزيد غضبا وقال ايّاى تستقبلين بهذا إنمّا خرج من الدّين أبوك وأخوك قالت : بدين الله ودين أبى ودين أخى اهتديت أنت وجدّك وأبوك ، ان كنت مسلما قال كذبت يا عدوّة الله قالت له أنت أمير تشتم ظالما وتقهر بسلطانك فكانّه استحيا وسكت ، فعاد الشّامى فقال هب لى هذه الجارية فقال له يزيد أعزب وهب الله لك حتفا قاضيا ، ثمّ أمر بالنّسوة ان ينزلن فى دار على حدة معهنّ أخوهنّ علىّ بن الحسينعليهما‌السلام فأفرد لهم دار تتصل بدار يزيد فأقاموا أيّاما(١)

٦ ـ قال الطبرسى : فلما فرغ القوم من الطواف به ردّوه إلى باب القصر ، فدفعه ابن زياد إلى زحر بن قيس ودفع إليه رءوس أصحابه ، وسرّحه إلى يزيد بن معاوية وأنفذ معه جماعة من أهل الكوفة حتّى وردوا بها إلى يزيد بن معاوية بدمشق ، فقال يزيد : قد كنت أقنع وأرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين ، أما لو أنّى كنت صاحبه لعفوت عنه.

ثم إنّ عبيد الله بن زياد بعد إنفاذه برأس الحسين أمر بنسائه وصبيانه فجهّزوا وأمر بعلىّ بن الحسين أن يغلّ فى عنقه ثمّ سرّح به إلى أثر الرأس مع محفر بن ثعلبة العائذىّ وشمر بن ذى الجوشن ، فانطلقا بهم حتّى لحقوا بالقوم الّذين معهم الرأس ، ولم يكن علىّ بن الحسينعليهما‌السلام يكلّم أحدا من القوم فى الطريق كلمة حتّى بلغوا باب يزيد بن معاوية فرفع محفر بن ثعلبة صوته فقال : أتى محفر بن ثعلبة

__________________

(١) الارشاد : ٢٣٠.

٢٥٤

أمير المؤمنين باللّئام الفجرة ، فأجابه علىّ بن الحسينعليه‌السلام : ما ولدت أمّ محفر أشرّ والأم ، ولمّا وضعت الرءوس بين يدى يزيد وفيها رأس الحسينعليه‌السلام قال يزيد :

ففلّق هاما من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

فقال يحيى بن الحكم أخو مروان بن الحكم وكان جالسا مع يزيد :

لهام بأدنى الطفّ أدنى قرابة

من ابن زياد العبد ذى الحسب الوغل

أميّة أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل

فضرب يزيد فى صدر يحيى بن الحكم وقال : اسكت ، ثم قال لعلىّ بن الحسينعليه‌السلام : أبوك قطع رحمى وجهل حقّى ونازعنى سلطانى فصنع الله به ما قد رأيت ، فقال علىّ بن الحسين :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) فقال يزيد لابنه خالد : اردد عليه ، فلم يدر خالد ما يردّ عليه فقال له يزيد : قل( ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) ثمّ دعا بالنساء والصبيان فأجلسوا بين يدى فرأى هيئة قبيحة.

فقال : قبّح الله ابن مرجانة لو كانت بينكم وبينه قرابة ورحم ما فعل هذا بكم ولا بعث بكم على هذا ، قالت فاطمة بنت الحسينعليهما‌السلام : فلمّا جلسنا بين يديه رقّ لنا فقام رجل من أهل الشام فقال : يا أمير المؤمنين هب لى هذه الجارية يعنينى وكنت جارية وضيئة فارعدت وظننت أنّ ذلك جائز لهم ، فأخذت بثياب عمّتى زينب وكانت تعلم أنّ ذلك لا يكون فقالت عمّتى للشامى : كذبت ولؤمت ما ذلك لك ولا له فغضب يزيد وقال : كذبت إنّ ذلك لى ولو شئت لفعلت ، قالت : كلّا والله ما جعل الله ذلك لك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغيرها.

فاستطار يزيد غضبا وقال : إيّاى تستقبلين بهذا إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك ، قالت زينب بدين الله وبدين أبى وأخى اهتديت أنت وجدّك وأبوك إن كنت مسلما ، قال : كذبت يا عدوّة الله ، قالت : أنت أمير تشتم ظالما وتقهر

٢٥٥

بسلطانك ، فإنّه استحيا وسكت ، فعاد الشامى فقال : هب لى هذه الجارية فقال له يزيد : اعزب وهب الله لك حتفا قاضيا ، ثم أمر بالنسوة أن ينزلن فى دار على حدة ، معهنّ علىّ بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام فأنزلوهم دارا تتصل بدار يزيد فأقاموا أيّاما(١) .

٧ ـ قال الفتال ثم أمر ابن زياد بالسّبايا ورأس الحسين فحملوا الى الشّام ، ولقد حدّث جماعة كانوا خرجوا فى تلك الصّحبة انّهم كانوا يسمعون باللّيالى نوح الجنّ على الحسينعليه‌السلام الى الصّباح وقالوا : لمّا دخلنا دمشق ادخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشفات الوجوه ، فقال أهل الشام الجفاة ، ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم فقالت سكينة بنت الحسينعليه‌السلام نحن سبايا آل محمّد فأقيموا على درج المسجد حيث يقام السّبايا وفيهم على بن الحسينعليه‌السلام ، وهو يومئذ فتى شاب فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشّام فقال لهم : الحمد لله الّذي قتلكم وأهلككم وقطع قرن الفتنة فلم يأل عن شتمهم.

فلمّا انقضى كلامه فقال له علىّ بن الحسينعليهما‌السلام أما قرأت كتاب اللهعزوجل قال نعم قال أما قرأت هذه الآية( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال بلى قال فنحن اولئك ثمّ قال أما قرأت( آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) قال بلى قال فنحن هم ثمّ قال فهل قرأت هذه الآية( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) قال بلى قال فنحن هم فرفع الشّامى يده الى السّماء ثمّ قال.

اللهمّ انّى أتوب إليك ثلث مرّات ، اللهم انّى أبرأ إليك من عدوّ آل محمّد ومن قتل أهل بيت محمّد لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم ، ثمّ ادخل نساء الحسينعليه‌السلام على يزيد بن معاوية لعنهما الله وأخزاهما فصحن نساء أهل يزيد وبنات معاوية وأهله وو لو لن وأقمن الماتم ووضع رأس الحسينعليه‌السلام بين يديه لعنه

__________________

(١) اعلام الورى : ٣٤٨.

٢٥٦

الله فقالت سكينة والله ما رأيت أقسى قلبا من يزيد ولا رأيت كافرا ولا مشركا أشرّ منه ولا أجفا منه ووضع الرأس بين يديه وأقبل يزيد ويقول وينظر إلى الرّاس :

ليت أشياخى ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لاستهلّوا واستطاروا فرحا

ولقالوا يا يزيد لا تشل

ما أبالى بعد فعلى بهم

نزل الويل عليهم أم رحل

لست من خندف إن لم انتقم

من بنى أحمد ما كان فعل

قد قتلنا الشيب من أبنائهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

فبذاك الشيخ أوصانى به

فاتبعت الشيخ فى قصد سبل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحى نزل

ثمّ امر برأس الحسينعليه‌السلام فنصب على باب مسجد دمشق فروى عن فاطمة بنت علىعليه‌السلام انّها قالت لما أجلسنا بين يدى يزيد لعنه الله رقّ لنا اوّل شيء والطفنا ، ثمّ إنّ رجلا من أهل الشام أحمر ، قام إليه فقال له يا أمير المؤمنين هب لى هذه الجارية ، يعنينى وكنت جارية وضيئة فارعبت وفزعت وظننت أنّه يفعل ذلك فاخذت بثياب أختى وهى اكبر منّى وأعقل فقالت كذبت والله ولعنت ما ذاك لك ولا له فغضب يزيد لعنه الله وقال بل كذبت والله لو شئت لفعلته.

قالت والله ما جعل الله ذلك لك الّا ان تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا ، فغضب يزيد لعنه الله قال إيّاى تستقبلين بهذا إنمّا خرج من الدّين أبوك وأخوك فقالت بدين الله ودين جدّى وأبى واخى اهتديت أنت وجدّك وأبوك قال كذبت يا عدوة الله قالت أمير يشتم ظالما ويقهر بسلطانه قالت فكانّه لعنه الله استحيا فسكت فعاد الشّامى لعنه الله فقال يا أمير المؤمنين هب لى هذه الجارية فقال اعزب وهبك الله حتفا قاضيا ثمّ انّ يزيد لعنه الله امر بنساء الحسينعليه‌السلام فحبسن مع علىّ بن

٢٥٧

الحسينعليهما‌السلام فى مجلس لا يكنّهم من حرّ ولا برد حين تقشّرت وجوههن(١) .

٨ ـ قال ابن شهرآشوب : قال الطّبرى والبلاذرى والكوفى لمّا وضعت الرّءوس بين يدى يزيد جعل يضرب بقضيبه على ثنيته ثمّ قال يوم بيوم بدر وجعل يقول :

تفلّق هاما من رجال أعزة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

قال يحيى بن الحكم أخو مروان :

لهام بجنب الطفّ أدنى قرابة

من ابن زياد العبد ذى الحسب الوغل

سميّئة أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله أمست بلا نسل

فضرب يزيد فى صدر يحيى وقال اسكت لا أمّ لك ، فقال ابو برزة ادفع قضيبك يا فاسق فو الله رايت شفتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكان قضيبك يقبله فرفع وهو يتدمّر مغضبا على الرّجل وزاد غيرهم فى الرّواية انّه جعل يتمثّل بقول ابن الزبعرى يوم احد :

ليت أشياخى ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلّوا واستطاروا فرحا

ولقالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا السّبط من أسباطهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

لست من خندف ان لم أنتقم

من بنى أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالدّين فلا

خبر جاء ولا وحى نزل(٢)

٩ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى وكتب عبيد الله بن زياد الى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسينعليه‌السلام وخبر أهل بيته وكتب أيضا إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك أمّا عمرو فحيث وصله الخبر صعد المنبر وخطب الناس وأعلمهم ذلك فعظمت واعية بنى هاشم وأقاموا المصائب والماتم وكانت

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٦٤.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٢٥.

٢٥٨

زينب بنت عقيل بن ابى طالبعليه‌السلام تندب الحسينعليه‌السلام وتقول :

ما ذا تقولون ان قال النبيّ لكم

ما ذا فعلتم وأنتم آخر الامم

بعترتى وباهلى بعد مفتقدى

منهم اسارى ومنهم ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائى اذ نصحت لكم

ان تخلفونى بسوء فى ذوى رحمى

فلما جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفا ينادى :

أيها القاتلون جهلا حسينا

ابشروا بالعذاب والتنكيل

كلّ أهل السماء يدعو عليكم

من نبىّ وما لك وقبيل

قد لعنتم على لسان ابن داود

وموسى وصاحب الانجيل

أما يزيد بن معاوية فانه لما وصله كتاب عبيد الله بن زياد ووقف عليه أعاد الجواب إليه يأمره فيه بحمل رأس الحسينعليه‌السلام ورءوس من قتل معه وبحمل أثقاله ونسائه وعياله فاستدعى ابن زياد بمحفر بن ثعلبة العائذى فسلّم إليه الرءوس والأسرى والنساء فصار بهم محفر الى الشام كما ياسر بسبايا الكفار يتصفح وجوههنّ أهل الاقطار(١) .

١٠ ـ عنه ، روى ابن لهيعة وغيره حديثا أخذنا منه موضع الحاجة قال كنت أطوف بالبيت فاذا برجل يقول اللهم اغفر لى وما أريك فاعلا فقلت له يا عبد الله اتّق الله ولا تقل مثل ذلك فان ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمطار وورق الأشجار فاستغفرت الله غفرها لك فانه غفور رحيم ، قال فقال لى تعال حتى أخبرك بقصتى ، فأتيته فقال اعلم أنا كنّا خمسين نفرا ممّن سار مع رأس الحسينعليه‌السلام الى الشام فكنا اذا أمسينا وضعنا الرأس فى تابوت وشربنا الخمر حول التابوت فشرب أصحابى ليلة حتّى سكروا ولم أشرب معهم.

فلما جنّ الليل سمعت رعدا ورأيت برقا فاذا أبواب السماء قد فتحت ونزل

__________________

(١) اللهوف : ٧٤.

٢٥٩

آدمعليه‌السلام ونوح وابراهيم واسماعيل واسحاق ونبينا محمّدعليه‌السلام أجمعين ومعهم جبرئيل وخلق من الملائكة فدنا جبرئيل من التابوت وأخرج الرأس وضمّه الى نفسه وقبله ثم كذلك فعل الأنبياء كلّهم وبكى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على رأس الحسينعليه‌السلام وعزاه الأنبياء وقال له جبرئيلعليه‌السلام يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى أمرنى أن اطيعك فى امتك فان أمرتنى زلزلت بهم الأرض وجعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يا جبرئيل فان لهم معى موقفا بين يدى الله يوم القيامة ، ثم جاء الملائكة نحونا ليقتلونا فقلت الأمان يا رسول الله فقال اذهب فلا غفر الله لك(١) .

١١ ـ عنه رأيت فى تذييل محمّد بن النجار شيخ المحدثين ببغداد فى ترجمة على ابن نصر الشبوكى باسناده زيادة فى هذا الحديث ما هذا لفظه قال لما قتل الحسين بن على وحملوا برأسه جلسوا يشربون ويجئ بعضهم بعضا بالرأس فخرجت يد وكتبت بقلم الحديد على الحائط :

أترجو امة قتلت حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

قال فلما سمعوا بذلك تركوا الرأس وهزموا(٢)

١٢ ـ عنه قال الراوى وسار القوم برأس الحسين ونسائه والأسرى من رجاله فلما قربوا من دمشق دنت أمّ كلثوم من شمر وكان من جملتهم فقالت له لى إليك حاجة فقال ما حاجتك قالت اذا دخلت بنا البلد فاحملنا فى درب قليل النظارة وتقدم إليهم أن يخرجوا هذه الرءوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن فى هذه الحال فأمر فى جواب سؤالها أن يجعل الرءوس على الرماح فى المحامل بغيا منه وكفرا وسلك بهم بين النظارة على تلك

__________________

(١) اللهوف : ٧٤.

(٢) اللهوف : ٧٥.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398