تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-389-6
الصفحات: 400

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132752 / تحميل: 5466
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٨٩-٦
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

مسألة ١٧ : لا تصحّ المضاربة بالدَّيْن إلّا بعد قبضه ؛ لعدم تعيّنه قبل القبض.

ولما رواه الباقر عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام في رجل يكون له مال على رجل يتقاضاه فلا يكون عنده ما يقضيه فيقول له : هو عندك مضاربة ، فقال : « لا يصلح حتى يقبضه منه »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو فعل فالربح بأجمعه للمديون إن كان هو العامل ، وإلّا فللمالك ، وعليه الاُجرة.

مسألة ١٨ : لا يجوز بيع الدَّيْن بالدَّين ؛ لما روي عن الصادقعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يباع الدّيْن بالدَّيْن »(٢) .

ويجوز بيعه بغير الدَّيْن على مَنْ هو عليه وعلى غيره من الناس بأكثر ممّا عليه وبأقلّ وبمساوٍ إلّا في الربوي ، فتشترط المساواة ؛ لأنّ نهيهعليه‌السلام عن بيعه بالدَّيْن يدلّ من حيث المفهوم على تسويغه بغيره مطلقاً.

وكذا يجوز بيعه نقداً ، ويكره نسيئةً. قاله الشيخ(٣) رحمه‌الله .

فإن دفع المديون إلى المشتري ، وإلّا كان له الرجوع على البائع بالدرك ؛ لوجوب التسليم عليه.

قال الشيخرحمه‌الله : لو باع الدَّيْن بأقلّ ممّا لَه على المديون ، لم يلزم المديون أكثر ممّا وزن المشتري من المال(٤) ؛ لما رواه أبو حمزة عن‌ الباقرعليه‌السلام أنّه سئل عن رجل كان له على رجل دَيْنٌ فجاءه رجل فاشترى منه

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٤٠ / ٤ ، الفقيه ٣ : ١٤٤ / ٦٣٤ ، التهذيب ٦ : ١٩٥ / ٤٢٨.

(٢) الكافي ٥ : ١٠٠ ( باب بيع الدين بالدين ) الحديث ١ ، التهذيب ٦ : ١٨٩ / ٤٠٠.

(٣) النهاية : ٣١٠.

(٤) النهاية : ٣١١.

٢١

بعرض ثمّ انطلق إلى الذي عليه الدَّيْن فقال له : أعطني ما لفلان عليك فإنّي قد اشتريته منه ، فكيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال الباقرعليه‌السلام : « يردّ عليه الرجل الذي عليه الدَّيْن ما له الذي اشتراه به [ من(١) ] الرجل الذي عليه(٢) الدَّيْن »(٣) .

وهو مع ضعف سنده غير صريح فيما ادّعاه الشيخ ؛ لجواز أن يكون المدفوع مساوياً.

وأيضاً يُحتمل أن يكون ربويّاً ، ويكون قد اشتراه بأقلّ ، فيبطل الشراء ، ويكون الدفع جائزاً بالإذن المطلق المندرج تحت البيع.

إذا ثبت هذا ، فالواجب على المديون دفع جميع ما عليه إلى المشتري مع صحّة البيع.

مسألة ١٩ : أوّل ما يبدأ به من التركة بالكفن(٤) من صلب المال ، فإن فضل شي‌ء ، صُرف في الدَّيْن من الأصل أيضاً ، فإن فضل شي‌ء أو لم يكن دَيْنٌ ، صُرف في الوصيّة من الثلث إن لم يجز الورثة ، فإن أجازت ، نفذت من الأصل. ثمّ من بعد الوصيّة الميراث ؛ لقوله تعالى :( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (٥) جعل الميراث مترتّباً عليهما.

وروى السكوني عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أوّل ما يبدأ به من المال الكفن ثمّ الدَّيْن ثمّ الوصيّة ‌ثم

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) في التهذيب : « الذي له عليه ». وفي الكافي : « الذي له الدَّيْن ».

(٣) التهذيب ٦ : ١٨٩ / ٤٠١ ، الكافي ٥ : ١٠٠ ( باب بيع الدَّين بالدَّيْن ) الحديث ٢ ، وفيه السائل هو أبو حمزة.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بالكفن ». والصحيح ما أثبتناه ، وفي « ث » : « ما يبدأ من التركة بالكفن ».

(٥) النساء : ١١.

٢٢

الميراث »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإن تبرّع إنسان بكفنه ، كان ما تركه في الدَّيْن مع قصور التركة ؛ لما رواه زرارة - في الصحيح - قال : سألتُ الصادقعليه‌السلام : عن رجل مات وعليه دَيْنٌ بقدر كفنه ، قال : «يكفّن بما ترك إلّا أن يتّجر عليه إنسان فيكفّنه ، ويقضى بما ترك دَيْنه »(٢) .

مسألة ٢٠ : يجوز اقتضاء الدَّيْن والجزية من الذميّ إذا باع خمراً أو خنزيراً على مثله من ذلك الثمن ؛ لأنّه مباح عندهم وقد أُمرنا أن نُقرّهم على أحكامهم.

ولما رواه داود بن سرحان في الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل كانت له على رجل دراهم فباع بها(٣) خنازير أو خمراً وهو ينظر ، فقضاه ، قال : « لا بأس ، أمّا للمقضي فحلال ، وأمّا للبائع فحرام »(٤) .

إذا قبت هذا ، فلو كان البائع مسلماً ، لم يحلّ أخذ الثمن ؛ لبطلان البيع حينئذٍ ، سواء كان المشتري مسلماً أو كافراً ، وسواء وكّل المسلم الكافرَ في مباشرة البيع أو الشراء وعلى كلّ حال.

مسألة ٢١ : لا تصحّ قمسة الدَّيْن ؛ لعدم تعيّنه ، فلو اقتسم الشريكان ما في الذمم ، لم تصحّ القسمة ، وكان الحاصل لهما ، والتالف منهما ؛ لما رواه الباقر عن عليّعليهما‌السلام في رجلين بينهما مال ، منه بأيديهما ، ومنه غائب عنهما اقتسما الذي في أيديهما ، واحتال كلٌّ منهما بنصيبه ، فاقتضى‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٨٨ - ١٨٩ / ٣٩٨.

(٢) التهذيب ٦ : ١٨٧ / ٣٩١.

(٣) كلمة « بها » لم ترد في المصدر.

(٤) التهذيب ٦ : ١٩٥ / ٤٢٩.

٢٣

أحدهما ولم يقتض الآخَر ، قال : « ما اقتضى أحدهما فهو بينهما ، وما يذهب بينهما(١) »(٢) .

إذا ثبت هذا ، فإن احتال كلٌّ منهما بحصّته على مديون من المديونين بإذن شريكه وفعَلَ الآخَر مع المديون الآخرَ ذلك ، صحّ ، ولم يكن ذلك قسمةً ، على أنّ في ذلك عندي إشكالاً أيضاً ؛ لأنّ الحوالة ها ليست بمال مسستحقٍّ على المحيل.

مسألة ٢٢ : أرزاق السلطان لا يصحّ بيعها إلّا بعد قبضها ، وكذا السهم من الزكاة والخمس؛ لعدم تعيّنها.

وهل يجوز بيع الدَّيْن قبل حلوله؟ الوجه عندي : الجواز ، ولا يجب على المديون دفعه إلّا في الأجل.

ويجوز بيعه بعد حلوله على مَنْ هو عليه وعلى غيره بحاضر أو مضمونٍ حالٍّ ، لا بمؤجَّل.

ولو قيل بجوازه كالمضمون ، أو بمنعه بالمضمون ، كان وجهاً.

ولو سقط المديون أجل الدَّيْن عليه ، لم يسقط ، وليس لصاحبه المطالبة في الحال. ويجوز دفعه قبل الأجل مع إسقاط بعضه ؛ لأنّه يكون إبراءً ، وبغير إسقاط إن رضي صاحبه ، ولا يجوز تأخيره بزيادة فيه ؛ لأنّه يكن رباً.

مسألة ٢٣ : لا يجب دفع المؤجَّل قبل أجله ، سواء كان دَيْناً أو ثمناً أو قرضاً أو غيرهما ، فإن تبرّع مَنْ عليه ، لم يجب على مَنْ له الأخذُ ، سواء‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بماله » بدل « بينهما ». وما أثبتناه من المصدر.

(٢) التهذيب ٦ : ١٩٥ / ٤٣٠.

٢٤

كان على مَنْ عليه ضرر في التأخير أو لا ، وسواء كان على مَنْ له ضرر بالتأخير أو لا ، فإذا حلّ، وجب على صاحبه قبضه إذا دفعه مَنْ عليه ، فإن امتنع ، دفعه إلى الحاكم ، ويكون(١) من ضمان صاحبه ، وللحاكم إلزامه بالقبض أو الإبراء.

وكذا البائع سلَماً يدفع إلى الحاكم مع الحلول ، وهو من ضمان المشتري.

وكذا كلّ مَنْ عليه حقٌّ حالّ أو مؤجَّل فامتنع صاحبه من أخذه.

ولو تعذّر الحاكم وامتنع صاحبه من أخذه ، فالأقرب : أنّ هلاكه من صاحب الدَّيْن لا من المديون ؛ لأنّه حقّ تعيّن للمالك بتعيين المديون وامتنع من أخذه ، فكان التفريط منه.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « فيكون ».

٢٥

الفصل الثالث : في القرض‌

وفيه مباحث :

الأوّل : القرض مستحبّ مندوب إليه مرغّب فيه إجماعاً ؛ لما فيه من الإعانة على البرّ ، وكشف كربة المسلم.

روى العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ كشف عن مسلم كربةً من كرب الدنيا كشف الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة ، والله في عون العبد ما كان العبد في حاجة أخيه »(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه ابن بابويه قال : قال الصادقعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ :( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ ) (٢) قال : « يعني بالمعروف القرض »(٣) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « مَنْ أقرض قرضاً إلى ميسرة كان ماله في زكاة ، وكان هو في صلاة من الملائكة عليه حتى يقبضه »(٤) .

وقال الشيخرحمه‌الله : روي أنّه أفضل من الصدقة بمثله في الثواب(٥) .

وعن عبد الله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام قال : « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألف

____________________

(١) المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٩ ، المغني ٤ : ٣٨٣ ، وفيهما : « ما دام العبد في عون أخيه ».

(٢) النساء : ١١٤.

(٣) الفقيه ٣ : ١١٦ / ٤٩٢.

(٤) الفقيه ٣ : ١١٦ / ٤٩٤.

(٥) النهاية : ٣١١ ٣١٢.

٢٦

درهم أقرضها مرّتين أحبّ إليّ من أن أتصدّق بها مرّة ، وكما لا يحلّ‌ لغريمك أن يمطلك وهو موسر فكذلك لا يحلّ لك أن تستعسره(١) إذا علمت أنّه معسر »(٢) .

مسألة ٢٤ : أداء القرض في الصفة كالقرض ، فإن دفع من غير جنسه ، لم يلزم القبول ؛ لأنّه اعتياض ، وذلك غير واجب.

فإن اتّفقا عليه ، جاز ؛ للأصل.

ولما رواه علي بن محمّد قال : كتبت إليه : رجل له رجل تمر أو حنطة أو شعير أو قطن فلمّا تقاضاه قال : خُذْ بقيمة ما لَك عندي دراهم ، أيجوز له ذلك أم لا؟ فكتب : « يجوز ذلك عن تراضٍ منهما إن شاء الله »(٣) .

إذا ثبت هذا ، فإذا دفع إليه على سبيل القضاء ، حسب بسعر يوم الدفع ، لا يوم المحاسبة ؛ لأنّ محمّد بن الحسن الصفّار كتب إليه في رجل كان له على رجل مال فلمّا حلّ عليه المال أعطاه به طعاماً أو قطناً أو زعفراناً ولم يقطعه على السعر ، فلمّا كان بعد شهرين أو ثلاثة ارتفع الطعام والزعفران والقطن أو نقص بأيّ السعرين يحسبه لصاحب الدَّيْن ، بسعر يومه الذي أعطاه وحلّ ماله عليه ، أو السعر الثاني بعد شهرين ، أو ثلاثة يوم حاسبه؟ فوقّع « ليس له إلّا على حسب سعر وقت ما دفع إليه الطعام إن شاء الله »(٤) .

____________________

(١) في المصدر : « تعسره ».

(٢) التهذيب ٦ : ١٩٢ - ١٩٣ / ٤١٨.

(٣) التهذيب ٦ : ٢٠٥ / ٤٦٩.

(٤) التهذيب ٦ : ١٩٦ / ٤٣٢.

٢٧

إذا عرفت هذا ، فإن دفع لا على وجه القضاء ، فإن كان المدفوع‌ مثليّاً ، كان له المطالبة به فإن تعذّر فبالقيمة يوم المطالبة. وإن لم يكن مثليّاً ، كان له المطالبة بقيمته يوم الدفع ؛ لأنّه يكون قد دفعه على وجه الإقراض.

مسألة ٢٥ : ولو دفع أجود من غير شرط ، وجب قبوله ؛ لأنّه زاده خيراً ، ولم يكن به بأس.

روى أبو الربيع قال : سُئل الصادقُعليه‌السلام : عن رجل أقرض رجلاً دراهم فردّ عليه أجود منها بطيبة نفسه وقد علم المستقرض إأنّه إنّما أقرضه ليعطيه أجود منها ، قال : « لا بأس إذا طابت نفس المستقرض »(١) .

وفي الحسن عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا أقرضت الدراهم ثمّ أتاك بخير منها فلا بأس إن لم يكن بينكما شرط »(٢) .

وكذا إذا أخذ الدراهم المكسّرة فدفع إليه دراهم طازجيّة بالطاء غير المعجمة والزاي المعجمة والجيم ، وهي الدراهم الجيّدة من غير شرط ، كان جائزاً ؛ لما تقدّم.

ولما رواه يعقوب بن شعيب في الصحيح قال : سألت الصادقعليه‌السلام : عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلّة(٣) فيأخذ منه الدراهم الطازجيّة طيبة بها نفسه ، قال : « لا بأس » وذكر ذلك عن عليّعليه‌السلام (٤) .

مسألة ٢٦ : ولو دفع إليه أزيد ، فإن شرط ذلك ، كان حراماً إجماعاً ؛

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٥٣ ( باب الرجل يقرض الدراهم ) الحديث ٢ ، التهذيب ٦ : ٢٠٠ / ٤٤٧.

(٢) الكافي ٥ : ٢٥٤ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٢٠١ / ٤٤٩.

(٣) الدرهم الغلّة : المغشوش. مجمع البحرين ٥ : ٤٣٦ « علل ».

(٤) الكافي ٥ : ٢٥٤ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٢٠١ / ٤٥٠.

٢٨

لما روى(١) الجمهور عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « كلّ قرض يجرّ منفعةً فهو حرام »(٢) .

وإن دفع الأزيد في المقدار من غير شرط عن طيبة نفس منه بالتبرّع ، كان حلالاً إجماعاً ، ولم يكره ، بل كان أفضل للمقرض.

والأصل فيه ما روى العامّة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله اقترض من رجل بَكْراً(٣) ، فقدمت عليه إبلُ الصدقة ، فأمر أبا رافع يقضي الرجل بَكْرَه ، فرجع أبو رافع فقال : لم أجد فيها إلّا جملاً خياراً(٤) رباعيّاُ(٥) ، فقال : « أعطه إيّاه ، إنّ خير الناس أحسنهم قضاءً »(٦) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام عن الرجل يستقرض الدراهم البيض عدداً ثمّ يعطي سوداً وزناً وقد عرف أنّها أثقل ممّا أخذ وتطيب نفسه أن يجعل له فضلها ، فقال : « لا بأس به إذا لم يكن فيه شرط ، ولو وهبها كلّها له صلح »(٧) .

وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال : سألتُ الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يكون عليه جُلّة(٨) من بُسْر فيأخذ جُلّةً من رطب وهو أقلّ منها ،

____________________

(١) في « ي » : « رواه ».

(٢) سنن البيهقي ٥ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٣ نحوه.

(٣) البكر : الفتيّ من الإبل. النهاية - لابن الأثير - ١ : ١٤٩ « بكر ».

(٤) يقال : جمل خيار. أي : مختار. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ٩١ « خير ».

(٥) يقال للذكر من الإبل إذا طلعت رَباعيته : رَباع. وذلك إذا دخل في السنة السابعة. النهاية لابن الأثير ٢ : ١٨٨ « ربع ».

(٦) صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٤ / ١٦٠٠.

(٧) الكافي ٥ : ٢٥٣ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٨٠ / ٨١٥ ، التهذيب ٦ : ٢٠٠ - ٢٠١ / ٤٤٨ ، بتفاوت يسير.

(٨) الجُلّة : وعاء التمر. الصحاح ٤ : ١٦٥٨ « جلل ».

٢٩

قال : « لا بأس » قلت : فيكون(١) عليه جُلّة من بُسْر فيأخذ جُلّة من تمر وهي أكثر منها ، قال : « لا بأس إذا كان معروفاً بينكما »(٢) .

مسألة ٢٧ : ولا فرق في تسويغ أخذ الأكثر والأجود والأدون والأردأ مع عدم الشرط بين أن يكون ذلك عادةً بينهما أو لا يكون وهو قول أكثر الشافعيّة -(٣) لما تقدّم.

وقال بعضهم : إذا كان ذلك على عادة بينهما ، كان حراماً ، وتجري العادة بينهما كالشرط(٤) .

وهو غلط ، وإذا كان القضاء أكثر مندوباً إليه ، فلا يكون ذلك مانعاً من القرض ، ولا تقوم العادة مقام الشرط.

مسألة ٢٨ : وكذا لو اقترض منه شيئاً ورهن عليه رهناً وأباحه في الانتفاع بذلك الرهن ، كان جائزاً إذا لم يكن عن شرط ؛ لما رواه محمّد بن مسلم في الحسن قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يستقرض من الرجل قرضاً ويعطيه الرهن إمّا خادماً وإمّا آنيةً وإمّا ثياباً ، فيحتاج إلى شي‌ء من منفعته فيستأذنه فيأذن له ، قال : « إذا طابت نفسه فلا باس » قلت : إنّ مَنْ عندنا يروون أنّ كلّ قرض يجرّ منفعةً فهو فاسد ، قال : « أو ليس خير القرض ما جرّ المنفعة »(٥) .

وعن محمّد بن عبدة قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن القرض يجرّ

____________________

(١) في « س ، ي » بدل « فيكون » : « فكيف ». وفي الطبعة الحجريّة : « كيف ». وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الكافي ٥ : ٢٥٤ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٢٠١ / ٤٥١.

(٣و ٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣١١ ، حلية العلماء ٤ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٦.

(٥) الكافي ٥ : ٢٥٥ ( باب القرض يجرّ المنفعة ) الحديث ١ ، الفقيه ٣ : ١٨١ / ٨١٩ ، التهذيب ٦ : ٢٠١ - ٢٠٢ / ٤٥٢.

٣٠

المنفعة ، قال : « خير القرض الذي يجرّ المنفعة »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلا تنافي بين هذه الأخبار ؛ لأنّا نحمل ما يقتضي التحريمَ على ما إذا كان عن شرط ، والإباحةَ على ما إذا لم يكن عنه ؛ جمعاً بين الأدلة ، ولما تقدّم.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « مَنْ أقرض رجلاً ورقاً فلا يشترط إلّا مثلها ، وإن جُوزي أجود منها فليقبل ، ولا يأخذ أحد منكم ركوب دابّة أو عارية متاع يشترطه من أجل قرض ورقه »(٢) .

مسألة ٢٩ : ولا فرق بين أن يكون مال القرض ربويّاً أو غير ربويّ في تحريم الزيادة مع الشرط ، وعدمه مع غيره ؛ لما تقدّم من أنّه قرض جرّ منفعةً بشرط ، فكان حراماً ، وهو قول جماعة من الشافعية(٣) .

وقال بعضهم : إنّ ما لا يجري فيه الربا تجوز فيه الزيادة ، كما يجوز أن يبيع حيواناً بحيوانين(٤) .

والفرق : أنّ ما فيه الربا يجوز أن يبيع بعضه ببعض وإن كان أحدهما أكثر صفةً ، كبيع جيّد الجوهر برديئه ، والصحيح بالمكسَّر وإن كان ذلك لا يجوز في القرض.

مسألة ٣٠ : مال القرض إن كان مثليّاً ، وجب ردّ مثله إجماعاً. فإن تعذّر المثل ، وجب ردّ قيمته عند المطالبة. وإن لم يكن مثليّاً ، فإن كان ممّا‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٥٥ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٢٠٢ / ٤٥٣ ، الاستبصار ٣ : ٩ / ٢٢.

(٢) التهذيب ٦ : ٢٠٣ / ٤٥٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣١١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٥.

(٤) حلية العلماء ٤ : ٤٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٥.

٣١

ينضبط(١) بالوصف - وهو ما يصحّ السلف فيه ، كالحيوان والثياب - فالأقرب : أنّه يضمنه بمثله من حيث الصورة ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استقرض « بَكْراً » وردّ « بازلاً »(٢) . والبَكْر : الفتي من الإبل. والبازل : الذي تمّ له ثمان سنين. وروى أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله استقرض « بَكْراً » فأمر بردّ مثله(٣) . وهو قول أكثر الشافعية(٤) .

وقال بعضهم : إنّه يُعتبر في القرض بقيمته ؛ لأنّه لا مثل له ، فإذا ضمنه ضمنه بقيمته ، كالإتلاف(٥) .

والفرق : أنّ القيمة أحضر فأمر به ، وليس كذلك القرض ، فإنّ طريقه الرفق ، فسُومح فيه ، ولهذا يجوز فيه النسيئة وإن كان ربويّاً ، ولا يجوز ذلك في البيع ولا في إيجاب القيمة في الإتلاف.

وأمّا ما لا يُضبط بالوصف - كالجواهر والقسيّ وما لا يجوز السلف - فيه تثبت فيه قيمته ، وهو أحد قولي الشافعيّة ، والثاني : أنّه لا يجوز قرض مثل هذا ؛ لأنّه لا مثل له(٦) .

فإن قلنا : إنّ ما لا مثل له يُضمن بالقيمة ، وكذا ما لا يُضبط بالوصف ، فالاعتبار بالقيمة يوم القبض ؛ لأنّه وقت تملّك المقترض ، وهو أحد قولي الشافعيّة ، وفي الآخَر : أنّه يملك بالتصرّف ، فيعتبر قمية(٧) يوم القبض أيضاً‌ على أحد الوجهين ، وعلى الثاني : بالأكثر من يوم القبض إلى يوم

____________________

(١) في « س ، ي » : « يضبط ».

(٢) نقله الغزّالي في الوسيط ٣ : ٤٥٧ ، والوجيز ١ : ١٥٨ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٩.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٤ / ١٦٠٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٨.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٤.

(٧) في الطبعة الحجريّة : « قيمته ».

٣٢

التصرّف(١) .

وقال بعض الشافعيّة : بالأكثر من يوم القبض إلى يوم التلف(٢) .

فإن اختلفا في القيمة ، قدّم قول المستقرض مع يمينه ؛ لأنّه غارم.

البحث الثاني : في أركان القرض‌

أركان القرض ثلاثة :

الأوّل : الصيغة الصادرة من جائز التصرّف.

ويعتبر فيه أهليّة التبرّع ؛ لأنّ القرض تبرّع ، ولهذا لا يُقرض الوليّ مالَ الطفل ، إلّا لضرورة.

وكذلك لا يجوز شرط الأجل ؛ لأنّ المتبرّع ينبغي أن يكون بالخيار في تبرّعه ، وإنّما يلزم الأجل في المعاوضات.

والإيجاب لا بُدَّ منه ، وهو أن يقول : أقرضتك ، أو أسلفتك ، أو خُذْ هذا بمثله ، أو خُذْه واصرفه فيما شئت وردَّ مثله ، أو ملّكتك على أن تردّ بدله.

ولو اقتصر على قوله : ملّكتك ، ولم يسبق وعد القرض ، كان هبةً.

فإن اختلفا في ذكر البدل ، قُدّم قول المقترض ؛ لأصالة عدم الذكر.

أمّا لو اتّفقا على عدم الذكر واختلفا في القصد ، قُدّم قول صاحب المال ؛ لأنّه أعرف بلفظه ، والأصل عصمة ماله ، وعدم التبرّع ، ووجوب الردّ على الآخذ بقولهعليه‌السلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدّي »(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٨ - ٣٧٩.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٢ / ٢٤٠٠ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٦ / ٣٥٦١ ، سنن الترمذي =

٣٣

ويُحتمل تقديم دعوى الهبة ؛ قضيّةً للظاهر من أنّ التمليك من غير عوض هبة.

وأمّا القبول فالأقرب أنّه شرط أيضاً ؛ لأنّ الأصل عصمة مال الغير ، وافتقار النقل فيما فيه الإيجاب إلى القبول ، كالبيع والهبة وسائر التمليكات(١) ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة ، والثاني : أنّه لا يشترط ؛ لأنّ القرض إباحة إتلاف على سبيل الضمان ، فلا يستدعي القبول(٢) .

ولا بُدَّ من صدوره من أهله كالإيجاب ، إلّا أنّ القبول قد يكون قولاً ، وقد يكون فعلاً.

مسألة ٣١ : لا يلزم اشتراط الأجل في الدَّيْن الحالّ ، فلو أجلّ الحالّ لم يتأجّل ، وكان له المطالبة في الحال ، سواء كان الدَّيْن ثمناً أو قرضاً أو إجارةً أو غير ذلك وبه قال الشافعي -(٣) لأنّ التأجيل زيادة بعد العقد ، فلا يلحق به ، كما لا يلحق به في حقّ الشفيع. ولأنّه حطّ بعد استقرار العقد ، فلا يلحق به ، كحطّ الكلّ. ولأنّ الأصل عدم اللزوم ؛ إذ قوله : قد أجّلت ، ليس بعقدٍ ناقل ، فيبقى على حكم الأصل.

وقال أبو حنيفة : إن كان ثمناً ، يثبت(٤) فيه التأجيل والزيادة والنقصان ، ويلحق بالعقد ، إلّا أن يحط الكلّ ، فلا يلحق بالعقد ، ويكون

____________________

= ٣ : ٥٦٦ / ١٢٦٦ ، سن البيهقي ٦ : ٩٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٤٧ ، مسند أحمد ٥ : ٦٤١٠ / ١٩٦٤٣ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ١٤٦ / ٦٠٤.

(١) في النسخ الخطّيّة الحجريّة : « التملّكات ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) الوسيط ٣ : ٤٥٢ ، الوجيز ١ : ١٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٣.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٣٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٨٧.

(٤) في « ث ، ي » : « ثبت ».

٣٤

إبراءً. وكذا في الاُجرة والصداق وعوض الخلع ، فأمّا القرض وبدل المتلف فلا يثبت فيه(١) .

وقال مالك : يثبت الأجل في الجميع ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند‌ شروطهم »(٢) .

ولأنّ المتعاقدين يملكان التصرّف في هذا العقد بالإقالة والإمضاء ، فملكا فيه الزيادة والنقصان، كما لو كانا في زمن الخيار أو المجلس(٣) .

ولا دلالة في الخبر ؛ إذ لا يدلّ على الوجوب ، فيُحمل على الاستحباب بالأصل.

ولا يشبه هذا الإقالةَ ؛ لأنّ هذا لا يجوز أن يكون فسخاً للأوّل وابتداء عقدٍ ؛ لأنّه لم يوجد منه لفظ الفسخ ولا التمليك.

وأمّا زمان الخيار فكذلك أيضاً ؛ لأنّ الملك قد انتقل إلى المشتري عندنا ، فلا تثبت الزيادة.

وعند الشيخ أنّ العقد لم يستقرّ ، فيجوز فيه ما لا يجوز بعد استقراره ، كما يجوز فيه قبض رأس مال السَّلم وعوض الصرف.

وعلى مذهب مالك أنّ هذا الحقّ يثبت حالّاً ، والتأجيل تطوّع من جهته ووَعْدٌ ، فلا يلزم الوفاء به ، كما لو أعاره داره سنةً ، كان له الرجوع.

قال مالك : يثبت الأجل في القرض ابتداءً وانتهاءً ، أمّا ابتداءً فبأن يُقرضه مؤجّلاً ، وأمّا انتهاءً فبأن يُقرضه حالّاً ثمّ يؤجّله(٤) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٣٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٨٧ ، حلية العلماء ٤ : ٤٠٢.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٧١/١٥٠٣ ، الاستبصار ٣: ٢٣٢/٨٣٥ ، الجامع لاحكام القران ٦ : ٣٣.

(٣) الذخيرة ٥ : ٢٩٥ ، الوسيط ٣ : ٤٥١ ، المغني ٤ : ٣٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٨٧ ، حلية العلماء ٤ : ٤٠٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣١.

٣٥

الركن الثاني : المال.

مسألة ٣٢ : الأموال إمّا من ذوات الأمثال أو من ذوات القِيَم.

والأوّل(١) يجوز إقراضه إجماعاً.

وأمّا الثاني فإن كان ممّا يجوز السَّلَم فيه ، جاز إقراضه أيضاً. وإن لم يكن ممّا يجوز السَّلَم فيه ، فقولان تقدّما(٢) .

وهل يجوز إقراض الجواري؟

أمّا عندنا فنعم - وهو أحد قولي الشافعي -(٣) للأصل. ولأنّه يجوز إقراض العبيد فكذا الجواري. ولأنّه يجوز السلف فيها فجاز قرضها ، كالعبيد ، وبه قال المزني وداوُد(٤) .

وأظهرهما عندهم : المنع ؛ لنهي السلف عن إقراض الولائد. ولأنّه لا يستبيح الوطؤ بالقرض ؛ لأنّه ملك ضعيف لا يمنعه من ردّها على المقرض ، ولا يمنع المقرض من أداها منه ، ومثل ذلك لا يستباح به الوطؤ ، كما لا يستبيح المشتري الوطء في مدّة خيار البائع. ولأنّه يمكنه(٥) ردّها بعد الوطئ ، فيكون في معنى الإعارة للوطئ ، وذلك غير جائز ، وإذا

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « فالأوّل ».

(٢) في ص ٣١ ، المسألة ٣٠.

(٣) المهذّب - للشيرازي ١ : ٣١٠ ، الوسيط ٣ : ٤٥٢ ، الوجيز ١ : ١٥٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٩٦ ، التهذيب - للبغوي ٣ : ٥٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣١٠ ، حلية العلماء ٤ : ٣٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣١ ، المحلى ٨ : ٨٢ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٨٥.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « لا يمكنه » بزيادة « لا ». وهو غلط.

٣٦

ثبت أنّه لا يحلّ وطؤها ، لم يصحّ القرض ؛ لأنّ أحداً لا يفرّق بينهما. ولأنّ الملك إذا لم يستبح[به](١) الوطؤ لم يصح ؛ لانّه من المنافع المقصودة به ، بخلاف ما إذا كانت محرّمةً عليه فاشتراها ؛ لأنّ الوطء محرّم من جهة الشرع ، وهنا التمليك لا يستباح به ، فهو بمنزلة العقد الفاسد ، وفي هذا انفصال عن السَّلم والعبد ، ولا يلزم المكاتب إذا اشترى أمةً(٢) .

ونهي السلف ليس حجّةً. ونمنع عدم استباحة الوطئ ، والردّ من المقترض لا يوجب ضعف ملكه. ونمنع عدم منع المقرض من استراد العين ؛ لأنّ القرض عندنا يُملك بالقبض. وإمكان الإعادة بعد الوطي لا يوجب مماثلتها للإعارة.

قال بعض الشافعيّة : القولان مبنيّان على الخلاف في أنّ القرض بِمَ يُملك؟ وفي كيفيّة البناء طريقان :

قال قائلون : إن قلنا : يُملك بالقبض ، جاز إقراضها ، وإلّا فلا ؛ لما في إثبات اليد من غير مالكٍ من خوف الوقوع في الوطئ.

وقال بعضهم : إنّا إن قلنا : يُملك بالقبض ، لم يجز إقراضها أيضاً ؛ لأنّه إذا ملكها فربّما يطؤها ثمّ يستردّها المقرض ، فيكون ذلك في صورة إعارة الجواري للوطي. وإن قلنا : لا يُملك بالقبض فيجوز ؛ لأنّه إذا لم يملكها لم يطأها(٣) .

تذنيب : الخلاف المذكور إنّما هو في الجارية التي يحلّ للمستقرض وطؤها ، أمّا المحرَّمة بنسبٍ أو رضاعٍ أو مصاهرة فلا خلاف في جواز

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطية والحجريّة : « منه». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) الوسيط ٣ : ٤٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٤ ، المغني ٤ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٨٥ - ٣٨٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤: ٤٣١.

٣٧

إقراضها منه.

إذا ثبت هذا ، فإذا اقترض مَنْ ينعتق عليه ، انعتق بالقبض ؛ لأنّه حالة الملك.

مسألة ٣٣ : يجوز قرض الحيوان ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي(١) - للأصل. ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله اقترض « بَكْراً » وردّ « بازلاً »(٢) . ولأنّه يثبت في‌ الذمّة بعقد السَّلَم ، فجاز أن يثبت في الذمّة بعقد القرض ، كالمكيل والموزون.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز القرض إلّا فيما له مثل من الأموال ، كالمكيل والموزون ؛ لأنّ ما لا مثل له لا يجوز قرضه ، كالجواهر والإماء(٣) .

ويُمنع حكم الأصل على ما تقدّم.

ولأنّ عند أبي حنيفة لو أتلف ثوباً ، ثبت في ذمّة المـُتْلِف مثله ، ولهذا جوّز الصلح عنه على أكثر من قيمة المـُتْلَف(٤) .

ولو سلّمنا الحكم في الجواهر ، فلأنّه لا يثبت في الذمّة سَلَماً ، بخلاف المتنازع.

ولو سلّمنا المنع في الأمة ، فلاحن القرض ملكٌ ضعيف ، فلا يباح به الوطؤ ، فلا يصحّ الملك. على أنّ الحقّ عندنا منع الحكم في الأصل.

مسألة ٣٤ : يجوز إقراض الخبز ، عند علمائنا - وهو أحد قولي

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٤ / ١٠٨٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٨٥.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٦ ، الهامش (٣)

(٣) حلية العلماء ٤ : ٣٩٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٨٥.

(٤) المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٨٥.

٣٨

الشافعي ، وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل(١) - للحاجة العامّة إليه ، وإطباق الناس عليه.

ولأنّ الصباح بن سيابة سأله الصادقَعليه‌السلام : إنّا نستقرض الخبز من الجيران فنردّ أصغر أو أكبر، فقالعليه‌السلام : « نحن نستقرض الستّين والسبعين عدداً فتكون فيه الصغيرة والكبيرة فلا بأس»(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز - وهو القول الآخَر للشافعي - لأنّه ليس من ذوات الأمثال(٣) .

ونمنع حصر القرض في المثلي على ما تقدّم.

تذنيب : يجوز ردّ مثله عدداً أو وزناً وبه قال محمد بن الحسن(٤) للحديث السابق. ولقضاء العادة به.

وقال أبو يوسف : يردّ وزناً(٥) . وهو أحد قولي الشافعي(٦) . ولا بأس به.

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٤٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٤ ، المبسوط للسرخسي ١٤ : ٣١ ، الهداية للمرغيناني ٣ : ٦٦ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٨٩.

(٢) الفقيه ٣ : ١١٦ / ٤٩٣.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٤ : ٤٠١ ، بدائع الصنائع ٧ : ٣٩٥ ، الهداية للمرغيناني ٣ : ٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٠١ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٤ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٨٩.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ١٤ : ٣١ ، بدائع الصنائع ٧ : ٣٩٥ ، الهداية للمرغيناني ٣ : ٦٦.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٤ : ٣١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٠١.

(٦) راجع الهامش (٢ و ٣ ) من ص ٣٩.

٣٩

وللشافعي قولٌ آخَر : إنّه يجب ردّ القيمة(١) .

والأصل في الخلاف أنّهم إن قالوا : يجب في المتقوّمات المثلُ من حيث الصورة ، وجب الردّ وزناً. وإن قالوا : تجب القيمة ، وجب هنا القيمة(٢) .

فإن شرط ردّ المثل ، فللشافعّية - على تقدير وجوب القيمة - وجها في جواز الشرط وعدمه(٣) .

مسألة ٣٥ : يجب في المال أن يكون معلوم القدر ليمكن قضاؤه.

ويجوز إقراض المكيل وزناً والموزون كيلاً كما في السلف ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٤) .

وقال القفّال : لا يجوز إقراض المكيل بالوزن ، بخلاف السَّلَم ، فإنّه لا يسوّى بين رأس المال والمـُسْلَم فيه. وزاد فقال : لو أتلف مائة منٍّ من الحنطة ، ضمنها بالكيل. ولو باع شقصاً. مشفوعاً بمائة منٍّ من الحنطة ، يُنظر كم هي بالكيل ، فيأخذه الشفيع بمثلها كيلاً(٥) .

والأصحّ في الكلّ الجواز.

الركن الثالث : الشرط.

يشترط في القرض أن لا يجرّ المنفعة بالقرض ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣١١ ، حلية العلماء ٤ : ٤٠١.

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٥.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٧٥.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٢ ، وانظر : التهذيب للبغوي ٣ : ٥٤٦ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٧٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

الكوفي، نا زيد بن الحسين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: أيها الناس انّي تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي. وفي الباب عن أبي ذر وابى سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد. هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من اهل العلم ».

كما يظهر من ( نوادر الأصول ) للحكيم الترمذي روايته هذا الحديث الثقلين الشريف.

*(٣٢)*

رواية ابى محمد عبد بن حميد الكسى

روى حديث الثقلين في ( مسنده ) حيث قال: « أخبرنا جعفر بن عون أنا أبو حيان التيمي عن يزيد بن حبّان قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد: أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه. ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرّات - فقال حصين: يا زيد ومن أهل بيته؟ »(١) .

و قال الحافظ السيوطي: « الحديث السابع: اخرج عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(٢) .

____________________

(١). المنتخب من مسند عبد بن حميد: ٢٦٥.

(٢). احياء الميت بذكر فضائل أهل البيت: ١٢.

٢٨١

وقال نور الدين السمهودي ما نصه: « عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم خليفتين، كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. أخرجه احمد في مسنده، وعبد ابن حميد بسند جيد ولفظه: انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ومثله قال الشيخاني القادري في [ الصراط السوي ] والميرزا محمد خان البدخشي في [ مفتاح النجا - مخطوط ] في ذكر طرق الحديث.

هذا وقد روى عبد بن حميد هذا الحديث عن زيد بن أرقم أيضا، فقد قال الحافظ السيوطي ما نصه: « أما بعد، الا أيها الناس فإنما انا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضل، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ( حم ) وعبد بن حميد ( م ) عن زيد بن أرقم »(٢) .

وقد ذكر الملا علي المتقى رواية عبد بن حميد لحديث الثقلين هذا في ( كنز العمال ).

ترجمته:

١ - المقدسي : « عبد بن حميد بن نصر، ابو حميد الكسي، وكان اسمه عبد الحميد في الأصل، سمع عثمان بن عمر عند البخاري، وابا عاصم

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الجامع الصغير - بشرح المناوى ٢ / ١٧٤ - ١٧٥.

٢٨٢

وعبد الرزاق ويعقوب بن ابراهيم وأبا عامر العقدى وجعفر بن عون ويونس المؤدب وابا نعيم وسعيد بن عامر واحمد بن إسحاق وعمر بن يونس والحسن بن موسى روى عنه مسلم واكثر. وقال البخاري: وقال عبد الحميد [ عبد ابن حميد ] ذكره بغير سماع »(١) .

٢ - السمعاني : « الكسي بكسر الكاف وتشديد السين المهملة، هذه النسبة الى بلدة بما وراء النهر يقال لها كس، غير أن المشهور كش بفتح الكاف والشين المنقوطة، ويعرف بنخشب. والمعروف من هذه البلدة: ابو محمد عبد الحميد بن حميد بن نصر الكسي، وهو المعروف بعبد بن حميد، امام جليل القدر، ممن جمع وصنف وكانت اليه الرحلة من أقطار الأرض، مات في شهر رمضان ٢٤٩ »(٢) .

٣ - الميرزا محمد البدخشانى مثله(٣) .

٤ - عبد الغنى المقدسي : « وروى عنه مسلم فأكثر، وقال البخاري في حنين الجذع، وزاد عبد الحميد عن عثمان بن عمر، قيل انه عبد بن حميد، روى عنه الترمذي »(٤) .

٥ - الذهبي : « عبد بن حميد بن نصر، الامام الحافظ ابو محمد الكسي، مصنف المسند الكبير والتفسير وغير ذلك وكان من الأئمة الثقات، وقع المنتخب من مسنده لنا ولصغار أولادنا بعلو، مات سنة ٢٤٩ »(٥) .

٦ - الذهبي أيضا في ( الكاشف ٢ / ٢٢٢ ) و ( العبر ١ / ٤٥٤ ) بنحو ما مر.

____________________

(١). أسماء رجال الصحيحين ١ / ٣٣٧ - ٣٣٨.

(٢). الأنساب - الكسى.

(٣). تراجم الحفاظ - مخطوط.

(٤). الكمال - مخطوط.

(٥). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٣٤.

٢٨٣

٧ - اليافعي: « عبد الحميد الحافظ، أبو محمد، صاحب المسند والتفسير »(١) .

٨ - ابن حجر العسقلاني: « قال البخاري في دلائل النبوة عقيب حديث ابن عمر: شيخ ثقة، قال عبد الحميد، حدثنا عثمان بن عمر حدثنا معاذ بن العلاء، عن نافع هذا، فقيل انه عبد بن حميد هذا. وقال ابو حاتم بن حبان في الثقات: عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشي، وهو الذي يقال له عبد بن حميد، كان ممن جمع وصنف »(٢) .

٩ - ابن حجر أيضا: « ثقة حافظ من الحادية عشرة »(٣) .

١٠ - وترجم لهالجلال السيوطي معبرا عنه ب- ( الحافظ ) ومترجما له بنحو ما مر(٤) .

*(٣٣)*

رواية عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي

قال الحافظ الطبراني ما نصه: « حدثنا الحسن بن محمد بن مصعب الاشناني الكوفي، حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، حدثنا عبد الرحمن المسعودي عن كثير النواء، عن عطية العوفي، عن ابى سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما اكبر من الآخر: كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يتفرقا [ يفترقا ] حتى يردا علي الحوض. لم يروه عن كثير النواء الا المسعودي »(٥) .

____________________

(١). مرآة الجنان ٢ / ١٥٥.

(٢). تهذيب التهذيب ٦ / ٤٥٥.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٥٢٩.

(٤). طبقات الحفاظ: ٢٣٤.

(٥). المعجم الصغير ١ / ١٣١.

٢٨٤

*(٣٤)*

رواية نصر بن على بن نصر بن على الجهضمي

فقد قال الحكيم الترمذي ما نصه: « حدثنا نصر بن علي، قال حدثنا زيد بن الحسن، قال حدثنا معروف بن خربوذ المكي، عن ابى الطفيل عامر ابن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: لما صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع خطب فقال: أيها الناس انه قد نبأنى اللطيف الخبير انه لن يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه من قبل، واني أظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، واني فرطكم على الحوض، واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فاني قد نبأنى اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ترجمته:

١ - المقدسي : « نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري يكنى أبا عمرو، والد علي، سمع أباه وعبد الاعلى وأبا احمد الزبيري عندهما وغير واحد، روى عنه البخاري ومسلم. قال ابو العباس السراج: مات سنة ٢٥٠ [ بالبصرة ]، وقال البخاري: في شهر ربيع الاول [ الآخر ] من هذه السنة »(٢) .

٢ - السمعاني : « قاضي البصرة، من العلماء المتقنين، كان ثقة ثبتا حجة »(٣) .

____________________

(١). نوادر الأصول: ٦٨ - ٦٩.

(٢). أسماء رجال الصحيحين ٢ / ٥٣١.

(٣). الأنساب - الجهضمي.

٢٨٥

٣ - الذهبي : « كان أحد الحفاظ والأئمة بالبصرة. قال عبد الله بن احمد: سألت ابى عنه فرضيه وقال ما به بأس. وقال ابو حاتم: هو أحب الي من الفلاس وأوثق وأحفظ. وقال ابن خراش وغيره: ثقة. وقال آخر: كان من نبلاء الناس »(١) .

٤ - الذهبي : « الحافظ العلامة قال احمد: ما به بأس. وقال ابو حاتم: هو أحب الي من الفلاس وأحفظ وأوثق. وقال النسائي: ثقة »(٢) .

٥ - الذهبي أيضا: « الحافظ أحد أوعية العلم »(٣) .

٦ - اليافعي كذلك(٤) .

٧ - السيوطي : « روى عن أبيه وابن عيينة ويزيد بن زريع وخلق، وعنه الأئمة الستة وأبو حاتم وخلق، مات سنة ٢٥٠ »(٥) .

*(٣٥)*

رواية محمد بن المثنى العنزي

بعلم روايته لحديث الثقلين من عبارة ( الخصائص ) للنسائي الآتية.

ترجمته:

١ - المقدسي : « محمد بن المثنى بن عبد قيس ابو موسى العنزي، يعرف بالزمن، من اهل البصرة، سمع ابن عيينة وغندرا وجماعة عندهما. روى عنه البخاري ومسلم واكثرا عنه »(٦) .

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥١٩.

(٣). العبر ١ / ٤٥٧.

(٤). مرآة الجنان ٢ / ١٥٦.

(٥). طبقات الحفاظ: ٢٢٧.

(٦). أسماء رجال الصحيحين ١ / ٤٥١.

٢٨٦

٢ - السمعاني : « روى عنه البخاري ومسلم وابو داود وابو عيسى والنسائي، كان من الثقات »(١) .

٣ - المزي : « قال محمد بن يحيى النيسابوري: حجة، وقال صالح بن محمد الحافظ: صدوق اللهجة وكان في عقله شيء وكنت أقدمه على بندار. وقال (س): لا بأس به كان يغير في كتابه. وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال: كان صاحب كتاب لا يقرأ الا من كتابه »(٢) .

٤ - الذهبي : « قال يحيى بن محمد الذهلي: حجة. وقال ابو حاتم: صدوق وقال ابن خراش: كان من الإثبات، وقال الخطيب: كان صدوقا ورعا فاضلا ثقة قدم بغداد وحدث بها »(٣) .

٥ - الذهبي أيضا في [ تذكرة الحفاظ ٢ / ٥١٢ ] و [ العبر ٢ / ٤ ].

٦ - وفي ( الكاشف ) : « ثقة، ورع »(٤) .

٧ - العسقلاني : « ثقة ثبت، من العاشرة »(٥) .

٨ - السيوطي بنحو ما تقدم(٦) .

*(٣٦)*

رواية ابى محمد الدارمي

روى الحديث في ( سننه ) حيث قال:

« حدّثنا جعفر بن عون ثنا أبو حيان عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خطيبا، فحمد الله وأثنى

____________________

(١). الأنساب - العنزي.

(٢). تذهيب الكمال - مخطوط.

(٣). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٤). الكاشف ٣ / ٩٣.

(٥). تقريب التهذيب ٢ / ٢٠٤.

(٦). طبقات الحفاظ: ٢٢٢.

٢٨٧

عليه ثمّ قال: يا أيّها الناس، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به. فحثّ عليه ورغّب فيه. ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي. ثلاث مرات »(١) .

ولقد قال السخاوي بعد أن أورد حديث الثقلين عن صحيح مسلم: « وفي لفظ: قيل لزيدرضي‌الله‌عنه : من اهل بيته: نساؤه؟ فقال: لا ايم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أمها. وفي رواية غيره: الى أبيها وأمها. اهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

أخرجه مسلم أيضا وكذا النسائي باللفظ الاول، وأحمد، والدارمي في مسنديهما وابن خزيمة في صحيحه وآخرون كلهم من حديث ابى حيان التيمي يحيى بن سعيد بن حيان عن يزيد بن حيان »(٢) .

ترجمته:

١ - المقدسي : « عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي، يكنى ابا محمد، سمع ابا اليمان الحكم بن نافع، ويحيى بن حسان، ومحمد بن عبد الله الرقاشي ومروان، ومحمدا وأبا المغيرة، وعبد الله بن جعفر الرقى، وحجاج بن منهال، والفريابي، وابا نعيم، وعفان، وأبا علي عبد [ عبيد ] الله الحنفي، وأبا معمر [ و ] عبد الله بن عمر المقري، وأبا الوليد الطيالسي، ومحمد ابن المبارك، ومسلم بن ابراهيم، ومحمد بن كثير، وحبان بن هلال، وموسى ابن خالد ختن الفريابي. روى عنه مسلم »(٣) .

٢ - السمعاني : « احد الرحالين في الحديث، والموصوفين بجمعه

____________________

(١). سنن الدارمي ٢ / ٤٣١.

(٢). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.

(٣). اسماء رجال الصحيحين ١ / ٢٧٠.

٢٨٨

وحفظه والإتقان له، مع الثقة والصدق والورع والزهد. واستقضي على سمرقند فأبى فألح عليه السلطان حتى يقلده [ تقلده ] وقضى قضية واحدة ثم استعفى فأعفي، وكان على غاية العقل وفي نهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم والرزانة والاجتهاد والعبادة والتقلل والزهادة، وصنف ( المسند ) و ( التفسير ) و ( الجامع ) »(١) .

٣ - عبد الغنى المقدسي بنحو ما تقدم(٢) .

٤ - المزي : « وسأل انسان احمد عن أبى المنذر، فقال: لا أعرفه، قد طالت غيبة إخواننا عنا لكن اين أنت عن عبد الله بن عبد الرحمن؟ عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، فقال عثمان بن ابى شيبة: أمره ظاهر من الصبر والحفظ وصيانة النفس عافاه الله.

وقال بندار: حفّاظ الدنيا أربعة: ابو زرعة بالري، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن اسماعيل ببخارى.

وقال ابو حاتم بن حبان: كان من الحفاظ المتقنين واهل الورع في الدين، ممن حفظ وجمع وتفقه وصنف وحدث، واظهر السنة في بلده ودعا إليها وذب عن حريمها وقمع من خالفها »(٣) .

٥ - الذهبي : « الدارمي - الامام الحافظ شيخ الإسلام بسمرقند صاحب المسند العالي الذي في طبقته منتخب مسند عبد بن حميد »(٤) .

____________________

(١). الأنساب - الدارمي.

(٢). الكمال - مخطوط.

(٣). تهذيب الكمال - مخطوط.

(٤). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٣٥.

٢٨٩

٦ - الذهبي أيضا: « قال ابو حاتم: هو امام اهل زمانه »(١) .

٧ - في ( العبر ٢ / ٨ ) نحوه.

٨ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٦١ ).

٩ - ولى الدين الخطيب ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

١٠ - العسقلاني ( تهذيب التهذيب ٥ / ٢٩٤ ).

١١ - العسقلاني أيضا : « الحافظ صاحب المسند، ثقة فاضل متقن من الحادية عشر »(٢) .

١٢ - السيوطي ( طبقات الحفاظ ) والداودي ( طبقات المفسرين ١ / ٢٣٥ ) الملا على القاري ( المرقاة ١ / ٢٣ ) بنحو ما تقدم.

*(٣٧)*

رواية على بن المنذر الطريقي

تتضح روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة ( صحيح الترمذي ) في رواية الأعمش المتقدمة، ومن رواية ابن الأثير في ( اسد الغابة ).

ترجمته:

١ - السمعاني ( الأنساب - الطريقي ).

٢ - المزي : « قال ابن ابى حاتم: سمعت منه مع ابى، وهو صدوق ثقة، وسئل ابى عنه فقال: حج خمسا وخمسين حجة ومحله الصدق، وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال ابن نمير: ثقة صدوق »(٣) .

____________________

(١). الكاشف ١ / ١٠٣.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٢٩.

(٣). تهذيب الكمال - مخطوط.

٢٩٠

٣ - الذهبي : « قال (س): شيعى محض، ثقة مات ٢٥٦ )(١) .

٤ - ولى الدين الخطيب ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

٥ - العسقلاني : « صدوق يتشيع، من العاشرة »(٢) .

٦ - الشيخ عبد الحق الدهلوي ( أسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

*(٣٨)*

رواية مسلم بن الحجاج القشيري

لقد أورد حديث الثقلين بطرق عديدة، وأسانيد كثيرة، فقال:

« حدثني زهير بن حرب، وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية، قال زهير: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم، حدثني ابو حيان، حدثني يزيد بن حيان، قال: انطلقت انا وحصين بن سبرة وعمر [ و ] بن مسلم الى زيد بن أرقم، فلما جلسنا اليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سنى وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوه [ فاقبلوا ] ومالا فلا تكلفونيه.

ثم قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: اما بعد، الا يا ايها الناس، فإنما انا بشر يوشك ان يأتى رسول ربى فأجيب، وانا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا

____________________

(١). الكاشف ٢ / ٢٩٦.

(٢). تقريب التهذيب ٢ / ٤٤.

٢٩١

به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: واهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي. فقال له حصين: ومن اهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من اهل بيته؟ فقال: نساؤه من اهل بيته ولكن اهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.

حدثنا ابو بكر بن ابى شيبة، ثنا: محمد بن فضيل ( ح ) وحدثنا إسحاق ابن ابراهيم، أنا جرير، كلاهما عن ابى حيان بهذا الاسناد نحو حديث اسماعيل وزاد في حديث جرير: كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل.

حدثنا محمد بن بكار بن الريان، ثنا حسان، يعنى ابن ابراهيم، عن سعيد وهو ابن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: دخلنا عليه فقلنا له: لقد رأيت خيرا، لقد صاحبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصليت خلفه. وساق الحديث بنحو حديث أبى حيان، غير انه قال: ألا وإنّي تارك فيكم الثقلين [ ثقلين ] أحدهما كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. وفيه: فقلنا: من اهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، [ و ] ايم الله ان المرأة تكون من الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أبيها وقومها. اهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده »(١) .

ترجمته:

١ - ابن خلكان : « أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صاحب ( الصحيح ) احد الأئمة الحفاظ واعلام المحدثين، رحل

____________________

(١). صحيح مسلم ٢ / ٢٣٧ - ٢٣٨.

٢٩٢

الى الحجاز والعراق والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري، واحمد ابن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وعبد الله بن مسلمة القعنبي وغيرهم. وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أهلها وآخر قدومه إليها في سنة ٢٥٩. وروى عنه الترمذي، وكان من الثقات.

وقال محمد الماسرخسي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، وقال الحافظ ابو علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. وقال الخطيب البغدادي كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه.

وقال ابو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لما استوطن البخاري نيسابور اكثر مسلم من الاختلاف اليه فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس من الاختلاف اليه حتى هجر وخرج من نيسابور في تلك المحنة قطعه اكثر الناس غير مسلم فانه لم يتخلف عن زيارته فأنهي الى محمد بن يحيى ان مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا وانه عوتب على ذلك بالحجاز والعراق ولم يرجع عنه. فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له ان يحضر مجلسنا فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رءوس الناس وخرج من مجلسه وجمع كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمال الى باب محمد بن يحيى فاستحكمت بذلك الوحشة وتخلف عنه وعن زيارته »(١) .

٢ - الذهبي : « قال ابو عمرو حمدان: سألت ابن عقدة: أيهما احفظ، البخاري او مسلم؟ فقال: كان محمد عالما ومسلم عالما. فأعدت عليه مرارا، فقال: يقع لمحمد الغلط في اهل الشام وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها فربما ذكر الرجل بكنيته ويذكره في موضع آخر يظنهما اثنين. واما مسلم فقل ما

____________________

(١). وفيات الأعيان ٤ / ٢٨٠.

٢٩٣

يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل »(١) .

٣ - وفي ( الكاشف ٣ / ١٤٠ ) و ( العبر ١ / ٢٣ ) كذلك.

٤ - اليافعي . ثم ذكر المقارنة التالية: « وقد اختلف أئمة الحديث المتأخرون في تفضيل الصحيحين، فالأكثرون منهم فضلوا صحيح البخاري على صحيح مسلم وبعضهم فضلوا صحيح مسلم، حتى قال ابو علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. قلت: والمعروف ان كتاب البخاري افقه وكتاب مسلم احسن سياقا للروايات »(٢) .

٥ - ابن الوردي ( تتمة المختصر في اخبار البشر ١ / ٣٢٧ ).

٦ - الملا على القاري ( المرقاة ١ / ١٦ - ١٧ ).

٧ - الشيخ عبد الحق الدهلوي ( اسماء رجال المشكاة ): « احد الأئمة الحفاظ من المتقنين المبرزين وأستاذ علماء الحديث وقدوتهم وعمدتهم، رحل في طلب الحديث الى اقطار العالم وأكنافه وأمصار الإسلام ».

*(٣٩)*

رواية ابن ماجة القزويني

ذكر الكنجي بعد روايته لحديث الثقلين بسنده ما يلي: « أخرجه مسلم في صحيحه كما أخرجناه، ورواه ابو داود وابن ماجة القزويني في كتابيهما »(٣) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٨٨ - ٥٩٠.

(٢). مرآة الجنان ٢ / ١٧٤.

(٣). كفاية الطالب: ٥٣.

٢٩٤

ترجمته:

في ( وفيات الأعيان ٣ / ٤٠٧ ) و ( تهذيب الكمال - مخطوط ) و ( اسماء رجال المشكاة ٣ / ٨٠٤ ) و ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٣٦ ) و ( سير اعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٧ ) و ( العبر في خبر من غير ٢ / ٥١ ) و ( الكاشف ٣ / ١١٠ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ١٨٨ ) و ( المختصر في اخبار البشر ٢ / ٥٤ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٣٣٢ ) و ( تهذيب التهذيب ٩ / ٥٣٠ ) و ( تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٠ ) و ( طبقات الحفاظ ٢٧٨ ) وغيرها من كتب الرجال والسير.

وهنا نكتفي بترجمته عن ابن خلكان، فانه قال: « ابو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة الربعي بالولاء، القزويني، الحافظ المشهور، مصنف كتاب ( السنن ) في الحديث، كان اماما في الحديث عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به، ارتحل الى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة وشام ومصر والري لكتب الحديث، وله تفسير القرآن وتاريخ مليح. وكتابه في الحديث احد الصحاح الستة ».

*(٤٠)*

رواية ابى داود السجستاني

لقد ظهر لك روايته لحديث الثقلين من عبارة الحافظ الكنجي المتقدمة، كما يظهر ذلك ايضا من كلام سبط ابن الجوزي حيث يقول: « وقد أخرجه ابو داود في سننه، والترمذي وعامة المحدثين، وذكره رزين في الجمع بين الصحاح »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني : « أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وحفظا ونسكا وورعا

____________________

(١). تذكرة خواص الامة: ٣٢٢.

٢٩٥

واتقانا ممن جمع وصنف وذب عن السنن وقمع من خالفها وانتحل ضدها، توفى بالبصرة في شوال ٢٧٥ »(١) .

٢ - ابن خلكان : « قال ابراهيم الحربي لما صنف ابو داود كتاب السنن: ألين لابي داود الحديث كما ألين لداود الحديد، وكان يقول: كتبت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمس مائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب، يعني ( السنن ) جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه. ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: أحدها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( انما الاعمال بالنيات ) والثاني قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) والثالث قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه ) والرابع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات ) »(٢) .

٣ - المزي في ( تهذيب الكمال ) بنحو ما تقدم.

٤ - الذهبي : « ابو داود الامام الثبت سيد الحفاظ »(٣) .

٥ - وايضا: « ثبت حجة امام عامل، مات في شوال ٢٧٥ »(٤) .

٦ - وفي ( العبر ): « وكان رأسا في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع حتى كان يشبه بشيخه الامام احمد بن حنبل »(٥) .

٧ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٨٩ ).

٨ - السبكى : « وقال احمد بن محمد بن ياسين الهروي في تاريخ هراة: ابو داود كان أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان

____________________

(١). الأنساب - السجستاني.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٨.

(٣). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٩١.

(٤). الكاشف ١ / ٣٩٠.

(٥). العبر ٢ / ٥٤.

٢٩٦

الحديث. وقال الحاكم ابو عبد الله: ابو داود امام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة. وقال ابو بكر الخلال: ابو داود الامام المقدم في زمانه، لم يسبق الى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه، رجل ورع مقدم.

وقال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي، حدثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود قال: كنت مع أبي داود ببغداد فصليت المغرب فجاء الأمير أبو أحمد الموفق فدخل، فأقبل عليه ابو داود وقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت؟ فقال: خلال ثلاث. قال: وما هي؟ قال: تنتقل الى البصرة فتتخذها وطنا لترحل إليك طلبة العلم فتعمر بك فإنها قد خربت وانقطع عنها الناس لما جرى عليها من محنة الزنج. قال: هذه واحدة. قال: وتروى لاولادى ( السنن ) فقال: نعم، هات الثالث؟ قال: وتفرد لهم مجلسا فان اولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة. قال: اما هذه فلا سبيل إليها لان الناس في العلم سواء: قال ابن جابر: فكانوا يحضرون ويقعدون وبينهم وبين العامة ستر »(١) .

٩ - القاري : « قال الخطابي شارحه: لم يصنف في علم الدين مثله، وهو أحسن وضعا واكثر فقها من الصحيحين. وقال ابو داود: ما ذكرت فيه حديثا اجمع الناس على تركه. وقال ابن الاعرابي: من عنده القرآن وكتاب أبي داود لم يحتج معهما الى شيء من العلم البتة، وقال الناجي: كتاب الله أصل الإسلام وكتاب ابى داود عيد الإسلام.

ومن ثم صرح حجة الإسلام الغزالي باكتفاء المجتهد به في الأحاديث، وتبعه أئمة الشافعية على ذلك »(٢) .

١٠ - عبد الحق الدهلوي ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

١١ - الثعالبي : ( مقاليد الأسانيد ) « هو الامام الأوحد الحجة الحافظ

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٢٩٥.

(٢). المرقاة في شرح المشكاة ١ / ٢٢.

٢٩٧

النقاد سليمان بن الأشعث بن إسحاق وكان اليه المنتهى في الحفظ والإتقان وكان في الدرجة العالية من النسك والعفاف والصلاح والورع ».

*(٤١)*

رواية عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري

تظهر روايته لحديث الثقلين من عبارة الحاكم في ( المستدرك ) الآتية.

ترجمته:

١ - السمعاني : « أبو محمد عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي كان يكنى ابا محمد فكني بأبي قلابة، وغلبت عليه. سمع أباه ويزيد بن هارون وعبد الله بن بكر السهيمي، وابا داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وروح بن عبادة، وبشر بن عمر الزهراني، وأبا عامر العقدي، واشهل بن حاتم، وحجاج بن منهال، والقعنبي، ومعلى بن اسد.

روى عنه محمد بن إسحاق الصغاني، ويحيى بن محمد بن صاعد، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي المروزي، وابو عمرو بن السماك، وابو بكر احمد بن سلمان النجاد، وابو سهل ابن زياد القطان وجماعة آخرهم: ابو بكر محمد بن عبد الله الشافعي

كان مذكورا بالصلاح والخير وكان سمج الوجه. وقال الدارقطني: هو صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون »(١) .

٢ - عبد الغنى المقدسي : « ذكره ابن حبان في الثقات فقال: كان يحفظ اكثر حديثه، ويقال: انه حدث من حفظ ستين ألف حديث. وقال

____________________

(١). الأنساب - الرقاشي.

٢٩٨

ابو داود السجستاني: رجل صدوق أمين مأمون »(١) .

٣ - المزي ( تهذيب الكمال ) بنحو ما مر.

٤ - الذهبي ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٨٠ ) بمثل ذلك.

٥ - وأيضا في ( العبر ٢ / ٥٦ ).

٦ - وفي ( دول الإسلام حوادث سنة ٢٧٦ ).

٧ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٩٠ ).

٨ - السيوطي ( طبقات الحفاظ ٢٥٨ ).

*(٤٢)*

رواية ابن أبى العوام التميمي

لقد اثبت روايته لحديث الثقلين ابن المغازلي في ( المناقب ) فليراجع.

ترجمته:

السمعاني: « أبو بكر محمد بن احمد بن ابى العوام بن يزيد بن دينار الرياحي التميمي، من أهل بغداد. سمع يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وقريش بن انس، وابا عامر العقدى، وعبد العزيز بن أبان القرشي وغيرهم.

روى عنه القاضي ابو عبد الله المحاملي، وابو العباس ابن عقدة الكوفي، واسماعيل بن محمد الصفار، ومحمد بن عمرو الرزاز، وابو عمرو بن السماك، واحمد بن سلمان النجاد، واحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي، وابو بكر الشافعي، ومحمد بن جعفر بن الهيثم وهو آخر من حدث عنه. وقال ابو الحسن الدارقطني: هو صدوق، ومات في شهر رمضان سنة ٢٧٦ »(٢) .

____________________

(١). الكمال - مخطوط.

(٢). الأنساب - الرياحي.

٢٩٩

*(٤٣)*

رواية محمد بن عيسى الترمذي

لقد أورد حديث الثقلين بالسند الآتي: « حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي، ثنا: زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا ايها الناس، اني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي اهل بيتي.

وفي الباب عن أبى ذر، وأبى سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد. هذا حديث حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من اهل العلم »(١) .

و قد روى هذا الحديث بسند آخر فقال: « حدثنا علي بن المنذر الكوفي، ثنا: محمد بن فضيل، ثنا: الأعمش، عن عطية، عن ابى سعيد، والأعمش، عن حبيب بن أبى ثابت، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي اهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. هذا حديث حسن غريب »(٢) .

ترجمته:

في كافة معاجم التراجم، وهو احد ارباب الصحاح الستة المعول عليهم في الحديث فهو غني عن الاشارة الى فضله وبيان منزلته عند القوم.

____________________

(١). صحيح الترمذي ٢ / ٢١٩.

(٢). صحيح الترمذي ٢ / ٢٢٠.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400