تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-389-6
الصفحات: 400

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132669 / تحميل: 5455
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٨٩-٦
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الحروريّة عند علي( عليه‌السلام ) فقال: إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم. وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم فإنّ لهم في ذلك مقالاً.

ورواه الصدوق في( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن المغيرة مثله (١) .

[ ٢٠٠٢٦ ] ٤ - وبإسناده عن الصفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم‌السلام ) قال: لـمّا فرغ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) من أهل النهروان، فقال: لا يقاتلهم بعدي إلّا من هم أولى بالحق منه(٢) .

[ ٢٠٠٢٧ ] ٥ - وعنه، عن الحجّال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن صفوان، عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: كان في قتال علي( عليه‌السلام ) أهل قبلة بركة، ولو لم يقاتلهم علي( عليه‌السلام ) لم يدرِ أحد بعده كيف يسير فيهم.

[ ٢٠٠٢٨ ] ٦ - وعنه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: قال رجل لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : الخوارج شكاك؟ فقال: نعم، قال: فقال بعض أصحابه: كيف، وهم يدعون إلى البراز؟ قال: ذلك مما يجدون في أنفسهم.

[ ٢٠٠٢٩ ] ٧ - الحسن بن محمّد الطوسي في( مجالسه) عن أبيه، عن

____________________

(١) علل الشرائع: ٦٠٣ / ٧١.

٤ - التهذيب ٦: ١٤٤ / ٢٤٩.

(٢) في نسخة: من هو أولى بالحق منهم ( هامش المخطوط ).

٥ - التهذيب ٦: ١٤٥ / ٢٥٠.

٦ - التهذيب ٦: ١٤٥ / ٢٥١.

٧ - أمالي الطوسي ١: ٦٣.

٨١

المفيد، عن علي بن بلال، عن أحمد بن الحسن البغدادي، عن الحسين بن عمر المقري، عن علي بن الأزهر، عن علي بن صالح المكي، عن محمّد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جدّه أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال له: يا علي إنّ الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي، كما كتب عليهم جهاد مع المشركين معي، فقلت: يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلّا الله، وأنّي رسول الله وهم مخالفون لسنّتي وطاعنون في ديني، فقلت: فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله؟ فقال: على أحداثهم في دينهم، وفراقهم لأمري، واستحلالهم دماء عترتي الحديث.

[ ٢٠٠٣٠ ] ٨ - وعنه، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن محمّد بن جعفر النميري العدل، عن محمّد بن إسماعيل القاضي وجبير بن محمّد، عن عمّار بن خالد الواسطي، وإسحاق بن يوسف الأزرق، عن عبدالله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : الخوارج كلاب أهل النار.

[ ٢٠٠٣١ ] ٩ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار) بأسانيده الآتية عن الفضل بن شاذان (١) ، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - قال: فلا يحلّ قتل أحد من النصاب والكفار في دار التقية إلّا قاتل أو ساعٍ في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك.

[ ٢٠٠٣٢ ] ١٠ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد) عن

____________________

٨ - أمالي الطوسي ٢: ١٠١.

٩ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٤، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٥ من أبواب المرتد.

(١) تأتي في الفائدة الأولىٰ من الخاتمة برمز (ب).

١٠ - قرب الإِسناد: ٤٥.

٨٢

هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر، عن أبيه أنّ علياً( عليه‌السلام ) لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول: هم إخواننا بغوا علينا.

أقول: هذا محمول على التقية.

[ ٢٠٠٣٣ ] ١١ - وعن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي( عليه‌السلام ) أنّه قال: القتل قتلان: قتل كفارة، وقتل درجة، والقتال قتالان: قتال الفئة الباغية حتى يفيئوا، وقتال الفئة الكافرة حتى يسلموا.

[ ٢٠٠٣٤ ] ١٢ - وعن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا( عليه‌السلام ) إنّ العباسي يسمعني فيك ويذكرك كثيراً وهو كثيراً ما ينام عندي ويقيل، فترى أن آخذ بحلقه وأعصره حتى يموت ثمّ أقول: مات فجأة؟ فقال: ونفض يديه ثلاث مرات لا يا ريان لا يا ريان لا يا ريان، فقلت: إنّ الفضل بن سهل هو ذا يوجّهني إلى العراق في اُمورٍ له، والعباسي خارج بعدي بأيام إلى العراق، فترى أن أقول لمواليك القميين أن يخرج منهم عشرون ثلاثون رجلاً كأنهم قاطعوا طريق أو صعاليك فإذا اجتاز بهم قتلوه، فيقال: قتله الصعاليك، فسكت فلم يقل لي: « نعم » ولا « لا ».

أقول: سبب السكوت التقية، فيدلّ على الإِباحة لأنّه لا تقية في النهي لو أراده.

[ ٢٠٠٣٥ ] ١٣ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: لا تقتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق

____________________

١١ - قرب الإِسناد: ٦٢.

١٢ - قرب الإِسناد: ١٤٩.

١٣ - نهج البلاغة ١: ١٠٣ / ٥٨.

٨٣

فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه - يعني: معاوية وأصحابه -(١) .

٢٧ - باب جواز فرار المسلم من ثلاثة في الحرب، وتحريمه من واحد أو اثنين بأن يكون العدو على الضعف لا أزيد

[ ٢٠٠٣٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان يقول: من فر من رجلين في القتال في الزحف فقد فرّ، ومن فرّ من ثلاثة في القتال فلم يفر.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٢) .

[ ٢٠٠٣٧ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - قال: إنّ الله عزّ وجل فرض على المؤمن في أوّل الأمر ان يقاتل عشرة من المشركين ليس له أن يولّي وجهه عنهم، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبّوأ مقعده من النار، ثمّ حولهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من الله عزّ وجلّ فنسخ الرجلان العشرة.

____________________

(١) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٢ من الباب ٥، وفي البابين ٢٤، ٢٥ من هذه الأبواب.

وتقدم ما يدل على جواز اخذ مال الناصب في الحديثين ٦، ٧ من الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

الباب ٢٧

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٣٤ / ١.

(٢) التهذيب ٦: ١٧٤ / ٣٤٢.

٢ - الكافي ٥: ٦٩.

٨٤

[ ٢٠٠٣٨ ] ٣ - علي بن الحسين الموسوي المرتضى في رسالة( المحكم والمتشابه) نقلاً من( تفسير النعماني) بإسناده الآتي (١) عن إسماعيل بن جابر، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم‌السلام ) ، عن علي( عليه‌السلام ) في بيان الناسخ والمنسوخ، قال: إنّ الله عزّ وجل لمّا بعث محمّداً( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أمره في بدو أمره أن يدعو بالدعوة فقط، وأنزل عليه( وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالـمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ ) (٢) فلمّا أرادوا ما همّوا به من تبييته أمره الله بالهجرة وفرض عليه القتال، فقال:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) (٣) ثمّ ذكر بعض آيات القتال - إلى أن قال - فنسخت آية القتال آية الكف، ثمّ قال: ومن ذلك أن الله فرض القتال على الأُمّة فجعل على الرجل الواحد أن يقاتل عشرة من المشركين، فقال( إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (٤) ثمّ نسخها سبحانه فقال( الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ ) (٥) فنسخ بهذه الآية ما قبلها فصار فرض المؤمنين في الحرب إذا كان عدة المشركين أكثر من رجلين لرجل لم يكن فارّاً من الزحف وإن كان العدة رجلين لرجل كان فارّاً من الزحف.

____________________

٣ - المحكم والمتشابه: ١٠، ١١.

(١) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥٢).

(٢) الأحزاب ٣٣: ٤٨.

(٣) الحج ٢٢: ٣٩.

(٤) الأنفال ٨: ٦٥.

(٥) الأنفال ٨: ٦٦.

٨٥

٢٨ - باب أنّ من أُسر بعد جراحة مثقلة وجب افتداؤه من بيت المال وإلّا فمن ماله، وعدم جواز الاستسلام للأسر بغير جراحة

[ ٢٠٠٣٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم، عن مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لمّا بعث رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ببراءة مع علي( عليه‌السلام ) بعث معه أُناساً، وقال: من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منّا.

[ ٢٠٠٤٠ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: من استأسر من غير جراحة مثقلة فلا يفدىٰ من بيت المال، ولكن يفدىٰ من ماله إن أحب أهله.

[ ٢٠٠٤١ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: بعث رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بالراية وبعث معها ناساً فقال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : من استأسر بغير جراحة مثقلة فليس مني.

____________________

الباب ٢٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٣٤ / ٢.

٢ - الكافي ٥: ٣٤ / ٣.

٣ - التهذيب ٦: ١٧٢ / ٣٣٣.

٨٦

٢٩ - باب تحريم الفرار من الزحف إلّا ما استثني

[ ٢٠٠٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في كلام له: وليعلم المنهزم بأنّه مسخط ربّه، وموبق نفسه، وأنّ في الفرار موجدة الله، والذلّ اللازم، والعار الباقي، وإنّ الفار لغير مزيد في عمره، ولا محجوز بينه وبين يومه، ولا يرضي ربّه، ولموت الرجل محقاً قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها، والإِقرار عليها.

[ ٢٠٠٤٣ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن سنان، أنّ أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: حرم الله الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل والأئمّة العادلة، وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على ترك ما دعوا إليه من الإِقرار بالربوبيّة، وإظهار العدل، وترك الجور وإماتة الفساد، لما في ذلك من جرأة العدوّ على المسلمين، وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال دين الله عزّ وجلّ وغيره من الفساد.

ورواه في( العلل) و( عيون الأخبار) كما يأتي (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدل عليه(٣) .

____________________

الباب ٢٩

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٤١ / ٤.

٢ - الفقيه ٣: ٣٦٩ / ١٧٤٨، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

(١) لم نعثر على الحديث فيما يأتي وانما إسناده في الخاتمة في الفائدة الأولى برقم (٢٨١) وفي المتكررات برمز (أ) وانظر علل الشرائع: ٤٨١ / ١، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٩٢.

(٢) تقدم في الحديث ٥ من الباب ١٥، وفي الباب ٢٧ من هذه الأبواب، وفي الأحاديث ١، ٢، ٣ من الباب ٢٠ من أبواب الاحتضار، وفي الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة جعفر.

(٣) يأتي في الأحاديث ١، ٣، ٥ من الباب ٣٤ من هذه الأبواب، وفي الأحاديث ١، ٢، ٤، ١٣، ١٦، ٢٠، ٢٢، ٢٧، ٣٢ - ٣٧ من الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس.

٨٧

٣٠ - باب سقوط جهاد البغاة والمشركين مع قلة الأعوان من المسلمين

[ ٢٠٠٤٤ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار) وفي( العلل) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن الحسن بن عبدالعزيز العلوي (١) ، عن الهيثم بن عبدالله الرماني قال: سألت علي بن موسى الرضا( عليه‌السلام ) فقلت له: يابن رسول الله أخبرني عن علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) لِمَ لم يجاهد أعدائه خمساً وعشرين سنة بعد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثمّ جاهد في أيّام ولايته؟ فقال: لأنّه اقتدى برسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في ترك جهاد المشركين بمكة بعد النبوّة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة تسعة عشر شهراً، وذلك لقلّة أعوانه عليهم، وكذلك علي( عليه‌السلام ) ترك مجاهدة أعدائه لقلّة أعوانه عليهم، فلمّا لم تبطل نبوة رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مع تركه الجهاد ثلاث عشرة سنة وتسعة عشر شهراً فكذلك لم تبطل إمامة علي( عليه‌السلام ) مع تركه للجهاد خمساً وعشرين سنة إذا كانت العلّة المانعة لهما واحدة.

[ ٢٠٠٤٥ ] ٢ - وفي( العلل) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا أنّه سُئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) ما بال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) لم يقاتلهم؟ فقال: للذي سبق في علم الله أن يكون، وما كان له أن يقاتلهم وليس معه

____________________

الباب ٣٠

فيه ٣ أحاديث

١ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٨١ / ١٦، علل الشرائع: ١٤٨ / ٥.

(١) في نسخة: العدوي ( هامش المخطوط )، وفي العيون: الحسين بن علي العدوي، وفي العلل الحسن بن علي العدوي.

٢ - علل الشرائع: ١٤٨ / ٦.

٨٨

إلّا ثلاثة رهط من المؤمنين.

محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن أبي جعفر مثله (١) .

[ ٢٠٠٤٦ ] ٣ - وعن أبي أُسامة الشحام قال: قلت لابي الحسن( عليه‌السلام ) : إنّهم يقولون: ما منع علياً إن كان له حقّ أن يقوم بحقّه؟ فقال: إنّ الله لم يكلّف هذا أحداً إلّا نبيّه، فقال:( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إلّا نَفْسَكَ ) (٢) وقال لغيره:( إلّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ ) (٣) فعلي( عليه‌السلام ) لم يجد فئة ولو وجد فئة لقاتل.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

٣١ - باب حكم طلب المبارزة

[ ٢٠٠٤٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الخشّاب، عن ابن بقاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سُئل عن المبارزة بين الصفين بعد إذن الإِمام؟ فقال: لا بأس، ولكن لا يطلب إلّا باذن الإِمام.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع رفعه إلى أمير

____________________

(١) تفسير العياشي ٢: ٥١ / ٣٠.

٣ - تفسير العياشي ٢: ٥١ / ٣١. وأورده في سورة الأنفال ولاحظ سورة النساء ١ / ٢٦١ و ٢٦٢.

(٢) النساء ٤: ٨٤.

(٣) الانفال ٨: ١٦ وتقدم في الدعاء من الصلاة ج ١٠ ب ٣٦، ورواه في روضة الكافي مسنداً ح ٤١٤ نحوه.

(٤) تقدم في الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

الباب ٣١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٣٤ / ١.

٨٩

المؤمنين( عليه‌السلام ) وذكر مثله، إلّا أنّه قال: بين الصفين بغير إذن الإِمام(١) .

[ ٢٠٠٤٨ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه، فقال له أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ما منعك أن تبارزه؟ فقال: كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني(٢) فقال له أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : فإنّه بغىٰ عليك، ولو بارزته لغلبته(٣) ولو بغىٰ جبل على جبل لهدّ الباغي.

وقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) إنّ الحسين(٤) بن علي( عليه‌السلام ) دعا رجلاً إلى المبارزة فعلم به أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فقال: لئن عدت إلى مثل هذا(٥) لأُعاقبنّك ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأُعاقبنّك، أما علمت أنّه بغيٌ.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد مثله(٦) .

[ ٢٠٠٤٩ ] ٣ - محمّد بن الحسن الرضي في( نهج البلاغة) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) لابنه الحسن( عليه‌السلام ) : لا تدعون إلى مبارزة، وإن دعيت إليها فأجب فإنّ الداعي باغ، والباغي مصروع.

____________________

(١) التهذيب ٦: ١٦٩ / ٣٢٣.

٢ - الكافي ٥: ٣٤ / ٢، وأورد صدره عن عقاب الأعمال في الحديث ١٢ من الباب ٧٤ من أبواب جهاد النفس.

(٢) في التهذيب: يقتلني ( هامش المخطوط ).

(٣) في التهذيب: لقتلته ( هامش المخطوط ).

(٤) في نسخة: الحسن ( هامش المخطوط ).

(٥) في التهذيب: مثلها ( هامش المخطوط ).

(٦) التهذيب ٦: ١٦٩ / ٣٢٤.

٣ - نهج البلاغة ٣: ٢٠٤ / ٢٣٣.

٩٠

٣٢ - باب استحباب الرفق بالأسير وإطعامه وسقيه وإن كان كافراً يراد قتله من الغد، وإنّ إطعامه على من أسره ويطعم من في السجن من بيت المال

[ ٢٠٠٥٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد(١) عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إطعام الأسير حق على من أسره، وإن كان يراد من الغد قتله، فإنّه ينبغي أن يُطعم ويُسقىٰ ويرفق به كافراً كان أو غيره.

وعن أحمد بن محمّد الكوفي، عن حمدان القلانسي، عن محمّد بن الوليد، عن أبان بن عثمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

وعن علي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن محمّد، عن جراح المدائني قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) وذكر نحوه(٣) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن الصفار، عن محمّد بن عبدالجبار، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن إسحاق بن عمّار، عن سليمان بن خالد قال: سألته عن الأسير فقال وذكر نحوه(٤) .

____________________

الباب ٣٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٣٥ / ٢.

(١) في نسخة: حماد بن عيسى ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٥: ٣٥ / ٣.

(٣) الكافي ٥: ٣٥ / ٤.

(٤) التهذيب ٦: ١٥٢ / ٢٦٦.

٩١

[ ٢٠٠٥١ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجل:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) (١) قال: هو الأسير، وقال: الأسير يُطعم وإن كان يقدّم للقتل، وقال: إنّ عليّاً( عليه‌السلام ) كان يطعم من خلد في السجن من بيت مال المسلمين.

[ ٢٠٠٥٢ ] ٣ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال علي( عليه‌السلام ) : إطعام الأسير والإِحسان إليه حقّ واجب وإن قتلته من الغد.

٣٣ - باب استحباب إمساك أهل الحق عن الحرب حتى يبدأهم به أهل البغي

[ ٢٠٠٥٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب في حديث عبدالرحمن بن جندب عن أبيه إنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) كان يأمر في كل موطن لقينا فيه عدونا فيقول: لا تقاتلوا القوم حتّى يبدأوكم، فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدأوكم حجّة أُخرى لكم، فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مُدبراً، ولا تجيزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة ولا تمثّلوا بقتيل.

____________________

٢ - التهذيب ٦: ١٥٣ / ٢٦٨.

(١) الدهر ٧٦: ٨.

٣ - قرب الإِسناد: ٤٢.

الباب ٣٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٣٨ / ٣.

٩٢

[ ٢٠٠٥٤ ] ٢ - قال الكليني: وفي كلام آخر له( عليه‌السلام ) : وإذا لقيتم هؤلاء القوم غداً فلا تقاتلوهم حتّى يقاتلوكم، فإن بدأوكم فانهدوا إليهم الحديث(١) .

٣٤ - باب جملة من آداب الجهاد والقتال

[ ٢٠٠٥٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول: تعاهدوا الصلاة، وحافظوا عليها، واستكثروا منها، وتقربوا بها، فإنّها كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً، وقد علم ذلك الكفّار حيث سُئلوا ما سلككم في سقر قالوا: لم نك من المصلّين، وقد عرفها حقّها من طرقها وأكرم بها المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع، ولا قرة عين من مال ولا ولد يقول الله عزّ وجلّ:( رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ ) (٢) وكان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) منصباً لنفسه بعد البشرى له بالجنّة من ربّه، فقال عزّ وجلّ:( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) (٣) الآية، فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه، ثمّ إنّ الزكاة جعلت مع الصلاة قرباناً لأهل الإِسلام على أهل الإِسلام، ومن لم يعطها طيّب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها، فإنه جاهل بالسنّة، مغبون الأجر، ضال العمر طويل الندم بترك أمر الله عزّ وجلّ، والرغبة عما عليه صالحو عباد الله، يقول

____________________

٢ - الكافي ٥: ٤١، وأورد تمامه في الحديث ٤ من الباب ٣٤ من هذه الأبواب.

(١) تقدم ما يدل على ذلك في الجملة في الباب ٣١ من هذه الأبواب.

الباب ٣٤

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٣٦ / ١.

(٢) النور ٢٤: ٣٧.

(٣) طه ٢٠: ١٣٢.

٩٣

الله عز وجل( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الـمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ ) (١) من الأمانة(٢) فقد خسر من ليس من أهلها وضل عمله، عرضت على السماوات المبنية، والأرض المهاد والجبال المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم لو امتنعن من طول أو عرض أو عظم أو قوة أو عزة امتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة، ثمّ إنّ الجهاد أشرف الأعمال بعد الإِسلام(٣) وهو قوام الدين، والأجر فيه عظيم، مع العزّة والمنعة، وهو الكرّة فيه الحسنات والبشرى بالجنّة بعد الشهادة، وبالرزق غدا عند الرب والكرامة، يقول الله عزّ وجل( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) (٤) الآية، ثمّ إنّ الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين، وسلب للدنيا مع الذل والصغار، وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال، يقول الله عزّ وجلّ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ) (٥) فحافظوا على أمر الله عزّ وجل في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم وسعادة، ونجاة في الدنيا والآخرة من فظيع الهول والمخافة فإنّ الله عزّ وجلّ لا يعبأ بما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم، لطف به علماً، فكل ذلك في كتاب لا يضلّ ربي ولا ينسى، فاصبروا وصابروا واسألوا النصر، ووطنوا أنفسكم على القتال، واتّقوا الله عزّ وجلّ فإن الله مع الذين اتّقوا والّذين هم محسنون.

[ ٢٠٠٥٦ ] ٢ - قال: وحدث يزيد بن إسماعيل، عن أبي صادق قال: سمعت عليّاً( عليه‌السلام ) يحرض الناس في ثلاثة مواطن، الجمل،

____________________

(١) النساء ٤: ١١٥.

(٢) في النهج ( خ ١٩٧ ): ثم أداء الأمانة.

(٣) في نسخة: الصلاة ( هامش المخطوط ).

(٤) آل عمران ٣: ١٦٩.

(٥) الأنفال ٨: ١٥.

٢ - الكافي ٥: ٣٨ / ٢.

٩٤

وصفين، ويوم النهر، يقول: عباد الله اتّقوا الله وغضوا الابصار، واخفضوا الأصوات، وأقلّوا الكلام، ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة والمبارزة والمناضلة والمنابذة والمعانقة والمكادمة،(١) ، وأثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلّكم تفلحون، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين.

[ ٢٠٠٥٧ ] ٣ - قال: - وفي حديث مالك بن أعين - قال: حرض أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) الناس بصفين فقال: إن الله عزّوجلّ قد دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، وتشفى بكم على الخير الإِيمان بالله، والجهاد في سبيل الله، وجعل ثوابه مغفرة للذنب، ومساكن طيبة في جنات عدن، وقال جلّ وعزّ:( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ) (٢) فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدموا الدارع، وأخّروا الحاسر، وعضوا على النواجد، فإنّه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا على أطراف الرماح، فإنّه أمور للأسنّة، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش، وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل، وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلّا مع شجعانكم فإنّ المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ، ولا تمثلوا بقتيل، واذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً، ولا تدخلوا داراً، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلّا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذىٰ وإن شتمن أعراضكم وسببن أُمراءكم وصلحاءكم فإنهنّ ناقصات القوىٰ والانفس والعقول، وقد كنّا نؤمر بالكف عنهن وهنّ مشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده، واعلموا أنّ أهل الحفاظ هم الذين يحتفون

____________________

(١) المكادمة: العض بأدنى الفم، وكذلك إذا أثرت فيه بحديدة ( الصحاح - كدم - ٥: ٢٠١٩ ).

٣ - الكافي ٥: ٣٩ / ٤.

(٢) الصف ٦١: ٤.

٩٥

براياتهم ويكتنفونها، ويصيرون(١) حفافيها وورائها وأمامها، ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها، رحم الله امرءاً واسىٰ أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللاّئمة، ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين، وهذا ممسك يده قد خلّى قرنه على أخيه هارباً منه ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله، فلا تتعرضوا لمقت الله فإنّ ممركم إلى الله، وقد قال الله عز وجل:( قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الـمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إلّا قَلِيلاً ) (٢) وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيف الآجلة، فاستعينوا بالصبر والصدق، فإنّما ينزل النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاده، ولا قوة إلّا بالله.

[ ٢٠٠٥٨ ] ٤ - قال: وفي كلام آخر له( عليه‌السلام ) : وإذا لقيتم هؤلاء القوم غداً فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم، فإن بدأوكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار، وعضّوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام، وغضوا الأبصار، ومدوا جباه الخيول، ووجوه الرجال، وأقلّوا الكلام فإنّه أطرد للفشل، وأذهب للويل ووطّنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجاولة وأثبتوا واذكروا الله كثيراً، فإنّ المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم، ويضربون حافتيها وأمامها، وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد، وعليكم بالتحامي، فإن الحرب سجال لا يشتدّن عليكم كرة بعد فرة، ولا حملة بعد جولة، ومن ألقى إليكم السلم فاقبلوا منه، واستعينوا بالصبر، فإنّ بعد الصبر النصر من الله عز وجل إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

____________________

(١) في نسخة: يصبرون ( هامش المخطوط ).

(٢) الأحزاب ٣٣: ١٦.

٤ - الكافي ٥: ٤١، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

٩٦

[ ٢٠٠٥٩ ] ٥ - وعن أحمد بن محمّد الكوفي، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن مفضل بن عمر، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، وعن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) لأصحابه: إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلّوا الكلام، واذكروا الله عز وجل ولا تولّوهم الأدبار، فتسخطوا الله تبارك وتعالى وتستوجبوا غضبه، وإذا رأيتم من إخوانكم المجروح ومن قد نكل به أو من قد طمع فيه عدوكم فقوه بأنفسكم.

٣٥ - باب حكم ما يأخذه المشركون من أولاد المسلمين ومماليكهم وأموالهم ثم يغنمه المسلمون

[ ٢٠٠٦٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بعض أصحاب أبي عبدالله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في السبي يأخذ العدو من المسلمين في القتال من أولاد المسلمين أو من مماليكهم فيحوزونه، ثم أنّ المسلمين بعد قاتلوهم فظفروا بهم وسبوهم وأخذوا منهم ما أخذوا من

____________________

٥ - الكافي ٥: ٤٢ / ٥.

وتقدم ما يدل على خفض الصوت عند القتال في الحديث ٣ من الباب ٢٣ من أبواب قراءة القرآن.

وتقدم ما يدل على إختيار بعض الأيام للخروج للقتال في الحديثين ١، ٤ من الباب ٦، وما دل على استصحاب خاتم في الحرب في الحديث ١ من الباب ٤٥ من أبواب آداب السفر.

وتقدم جملة من آداب أمراء السرايا في الباب ١٥ من هذه الأبواب.

الباب ٣٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٢ / ١.

٩٧

مماليك المسلمين وأولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين كيف يصنع بما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين ومماليكهم؟ قال: فقال: أمّا أولاد المسلمين فلا يقامون في سهام المسلمين، ولكن يردون إلى أبيهم وأخيهم وإلى وليهم بشهود، وأمّا المماليك فإنّهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون وتعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت مال المسلمين.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أحمد بن محمّد نحوه(١) .

[ ٢٠٠٦١ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل لقيه العدو واصاب منه مالاً أو متاعاً ثمّ إنّ المسلمين أصابوا ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل؟ فقال: إذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل رد عليه، وإن كانوا أصابوه بعدما حازوه فهو فيء المسلمين فهو أحق بالشفعة.

محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(٢) .

[ ٢٠٠٦٢ ] ٣ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن منصور، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سأله رجل عن الترك يغيرون على المسلمين فيأخذون أولادهم فيسرقون منهم أيرد عليهم؟ قال: نعم، والمسلم أخو المسلم، والمسلم أحقّ بماله أينما وجده.

[ ٢٠٠٦٣ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن معاوية بن

____________________

(١) التهذيب ٦: ١٥٩ / ٢٨٧.

٢ - الكافي ٥: ٤٢ / ٢.

(٢) التهذيب ٦: ١٦٠ / ٢٨٩.

٣ - التهذيب ٦: ١٥٩ / ٢٨٨، والاستبصار ٣: ٤ / ٧.

٤ - التهذيب ٦: ١٦٠ / ٢٩٠، والاستبصار ٣: ٥ / ٩.

٩٨

حكيم، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل كان له عبد(١) فأدخل دار الشرك ثمّ أُخذ سبياً إلى دار الإِسلام قال: إن وقع عليه قبل القسمة فهو له، وإن جرى عليه القسم فهو أحقّ به بالثمن.

[ ٢٠٠٦٤ ] ٥ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، في( كتاب المشيخة) عن علي بن رئاب، عن طربال، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سُئل عن رجل كان له جارية فأغار عليه المشركون فأخذوها منه ثم أنّ المسلمين بعد غزوهم فأخذوها فيما غنموا منهم؟ فقال: إن كانت في الغنائم وأقام البينة أنّ المشركين أغاروا عليهم فأخذوها منه ردّت عليه، وإن كانت قد اشتريت وخرجت من المغنم فأصابها ردّت عليه برمتها، وأُعطى الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه، قيل له: فإن لم يصبها حتّى تفرق الناس وقسموا جميع الغنائم فأصابها بعد؟ قال: يأخذها من الذي هي في يده إذا أقام البيّنة ويرجع الذي هي في يده اذا أقام البينة على أمير الجيش بالثمن.

أقول: قد عمل به الشيخ وجماعة(٢) وحملوا ما خالفه على التقية.

٣٦ - باب تحريم التعرب بعد الهجرة، وسكنىٰ المسلم دار الحرب ودخولها إلّا لضرورة، وحكم قتل المسلم بها، وأنّ من ذهبت زوجته إلى الكفار فتزوج غيرها أُعطي مهرها من بيت المال

[ ٢٠٠٦٥ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد بن عمرو

____________________

(١) في نسخة: عبيد ( هامش المخطوط ).

٥ - التهذيب ٦: ١٦٠ / ٢٩١، والاستبصار ٣: ٦ / ١١.

(٢) راجع الشرائع ١: ٣٢٦، والمختلف ٣٢٩، والمسالك ١: ١٢٣، والتنقيح الرائع ١: ٥٨٧.

الباب ٣٦

فيه ٧ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٢٦٥.

٩٩

وأنس بن محمّد، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم‌السلام ) - في وصية النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي( عليه‌السلام ) - قال: ولا تعرّب بعد الهجرة.

[ ٢٠٠٦٦ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن سنان، أنّ أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: وحرّم الله التعرّب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك المؤازرة للانبياء والحجج (عليهم‌السلام ) ، وما في ذلك من الفساد وإبطال حق كل ذي حق لعلّة سكنى البدو، ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملاً لم يجز له مساكنة أهل الجهل والخوف عليه، لأنّه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك.

ورواه في( العلل) وفي( عيون الأخبار) كما يأتي (١) .

[ ٢٠٠٦٧ ] ٣ - وفي( معاني الأخبار) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: المتعرّب بعد الهجرة التارك لهذا الأمر بعد معرفته.

[ ٢٠٠٦٨ ] ٤ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: بعث رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) جيشاً إلى خثعم فلمّا غشيهم استعصموا بالسجود، فقتل بعضهم، فبلغ ذلك النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فقال: أعطوا الورثة نصف العقل بصلاتهم، وقال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ألا إنّي

____________________

٢ - الفقيه ٣: ٣٦٩ / ١٧٤٨، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

(١) لم نعثر علىٰ الحديث فيما يأتي وانما إسناده في الخاتمة في الفائدة الأولى برقم (٢٨١) وفي المتكررات برمز (أ) وانظر علل الشرائع: ٤٨١ / ١، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٩٢.

٣ - معاني الأخبار: ٢٦٥ / ١.

٤ - الكافي ٥: ٤٣ / ١.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

ولو لم يقتصّ الراهن في الحال ولا عفا ، ففي إجباره على أحدهما للشافعيّة طريقان :

أحدهما : يُجبر ليكون المرتهن على بيّنة من أمره.

والثاني : إن قلنا : إنّ موجَب العمد أحد الأمرين ، اُجبر. وإن قلنا : موجَبه القود ، لم يُجبر ؛ لأنّه يملك إسقاطه ، فتأخيره أولى بأن يملكه(١) .

وإن كانت الجناية خطأً أو عفا ووجب المال فعفا عن المال ، لم يصح عفوه ؛ لحقّ المرتهن.

وفيه قول : إنّ العفو موقوف ، ويؤخذ المال في الحال لحقّ المرتهن ، فإن انفكّ الرهن ، يردّ إلى الجاني ، وبانَ صحّة العفو ، وإلّا بانَ بطلانه(٢) .

ولو أراد الراهن أن يصالح عن الأرش الواجب على جنسٍ آخَر ، لم يجز إلّا بإذن المرتهن ، وإذا أذن ، صحّ ، وكان المأخوذ مرهوناً.

ولو أبرأ المرتهن الجانيَ ، لم يصح ؛ لأنّه ليس بمالك.

والأقرب : سقوط حقّه عن الوثيقة بهذا الإبراء - وهو أحد وجهيّ‌ الشافعيّة(٣) - ويخلص المأخوذ للراهن ، كما لو صرّح بإسقاط حقّ الوثيقة.

وأصحّهما : لا ؛ لأنّه لم يصح إبراؤه ، فلا يصحّ ما تضمّنه الإبراء ، كما لو وهب المرهون من إنسان ، لا يصحّ ، ولا يبطل الرهن(٤) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢٢ ، التهديب - للبغوي - ٤ : ٤١ ، حلية العلماء ٤ :٤٥٢ - روضة الطالبين ٣ : ٣٤٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٠.

(٣ و ٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٤ : ٤٥٣ العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤١.

٣٠١

الفصل السابع : في فكّ الرهن‌

مسألة ٢٠٢ : الرهن ينفكّ بأسباب ثلاثة :

[ الأوّل ] : الفسخ منهما أو من المرتهن وحده ، فإنّ الرهن جائز من جهته ، فإذا قال المرتهن : فسخت الرهن ، أو : أبطلته ، أو : أقلته منه ، وما أشبه ذلك ، جاز ، وينفكّ الرهن.

والثاني : تلف المرهون.

والثالث : براءة ذمّة الراهن عن الدَّين بتمامه إمّا بالقضاء ، أو الإبراء ، أو الحوالة ، أو الإقالة المسقطة للثمن المرهون به أو المسلم فيه المرهون به.

وإذا تلف الرهن بآفة سماويّة ، بطل الرهن.

ولو جنى العبد المرهون ، لم يبطل الرهن بمجرّد الجناية ، ولكن يُنظر إن تعلّقت الجناية بأجنبيّ ، قُدّم حقّ المجنيّ عليه ؛ لأنّ حقّه متعيّن في الرقبة ، وحقّ المرتهن متعلّق بذمّة الراهن وبالرقبة أيضاً ، لكن تعلّقه بالرهن أضعف من تعلّق المجنيّ عليه. ولأنّ له بدلاً ، ولا بدل للمجنيّ عليه. ولأنّ حقّ المجنيّ عليه يتقدّم على حق المالك ، فأولى أن يتقدّم على حقّ المسترهن.

ثمّ الجناية إن أوجبت القصاص في النفس واقتصّ المجنيّ عليه ، بطل الرهن.

وإن أوجبت قصاصاً في الطرف ، اقتصّ منه ، وبقي رهناً على حاله.

وإن أوجبت المال أو عفا على مالٍ ، بِيع العبد في الجناية ، وبطل

٣٠٢

الرهن أيضاً حتى لو عاد إلى ملك الراهن ، لم يكن رهناً إلّا بعقدٍ جديد.

ولو كان الواجب دون قيمة العبد ، بِيع منه بقدر الواجب ، وبقي الباقي رهناً. فإن تعذّر بيع البعض أو انتقص بالتشقيص ، بِيع الكلّ ، والفاضل من الثمن عن الأرش يكون رهناً.

ولو عفا المجنيّ عليه عن المال أو فداه الراهن ، بقي العبد رهناً كما كان ، وكذا لو فداه المرتهن ، ولا يرجع به على الراهن إن تبرّع بالفداء ، وإن فداه بإذنه وشرط الرجوع ، رجع ، وإن لم يشترط الرجوع ، فللشافعيّة وجهان يجريان في أداء دَيْن الغير بإذنه مطلقاً ، وظاهر قول الشافعي : الرجوع(١) .

وقال أبو حنيفة : ضمان جناية المرهون على المرتهن ؛ بناءً على أنّ المرهون مضمون عليه ، فإن فداه المرتهن ، بقي رهناً ، ولا رجوع بالفداء ، وإن فداه السيّد أو بِيع في الجناية ، سقط دَيْن المرتهن إن كان بقدر الفداء أو دونه(٢) .

وأصلة باطل بما تقدّم.

وهذا كلّه إذا جنى العبد بغير إذن السيّد ، أمّا لو أمره السيّد بالجناية ، فإن لم يكن مميّزاً أو كان أعجميّاً يعتقد وجوب طاعة السيّد في جميع أوامره ، فالجاني هو السيّد ، وعليه القصاص أو الضمان.

وهل يتعلّق المال برقبته؟ الأظهر عند الشافعيّة : المنع وهو الأقوى عندي فإن قلنا : يتعلّق فبِيع في الجناية ، فعلى السيّد أن يرهن قيمته‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٢ ، المغني ٤ : ٤٤٦ - ٤٤٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٨٠.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ١٦٥ - ١٦٦ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٧ ، المغني ٤ : ٤٤٦ - ٤٤٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٨٠ - ٤٨١.

٣٠٣

مكانه(١) .

وعلى ما اخترناه من عدم التعلّق إن كان السيّد موسراً اُخذت منه الدية. وإن كان معسراً ، ثبتت في ذمّته ، ولا يُباع العبد ، بل يبقى رهناً بحاله.

وإذ جنى مثل هذا العبد ، فقال السيّد : أنا أمرتُه بذلك ، لم يُقبل قوله في حقّ المجنيّ عليه ، بل يُباع العبد فيها ، وعلى السيّد القيمة لإقراره.

وإن كان العبد مميّزاً يعرف تحريم ذلك كلّه عليه بالغاً كان أو غير بالغ ، فهو كما لو لم يأذن له السيّد ، إلّا أنّه يأثم السيّد بما فَعَل ، لأمره به ، وحينئذٍ تتعلّق الجناية برقبته.

وإن أكرهه السيّد ، فالقصاص عندنا على العبد ، لكن يُحبس المـُكرِه إلى أن يموت.

وعند الشافعيّة يجب القصاص على المـُكِره ، وفي المـُكرَه قولان(٢) .

مسألة ٢٠٣ : لو جنى العبد المرهون على السيّد ، فإن كانت عمداً فإن كانت على ما دون النفس ، فللسيّد القصاص عليه ؛ لأنّ السيّد لا يملك الجناية على عبده ، فيثبت عليه بجنايته. ولأنّه(٣) يجب للزجر والانتقام ، والعبد أحقّ بالزجر عن سيّده ، بخلاف القطع في السرقة ، لأنّ القطع يجب بسرقة مالٍ لا شبهة له فيه من حرزه ، والعبد له شبهة في مال سيّده ، وهو غير محرز عنه في العادة.

فإن أراد المولى استيفاء القصاص ، كان له ذلك.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١٠ : ١٣٩ ، روضة الطالبين ٧ : ١٦.

(٣) في « ث ، ج » والطبعة الحجرية : « لأنّها ». وكلاهما ساقط في « ر ». والظاهر ما أثبتناه.

٣٠٤

وإن أراد العفو على مالٍ ، قال الشيخرحمه‌الله : لا يصحّ ؛ لأنّه لا يجوز أن يثبت له على عبده استحقاق مالٍ ابتداءً ، ولهذا لو كانت الجناية خطأً ، كانت‌ هدراً على هذا ؛ لأنّ العبد مالٌ للسيّد ، فلا يجوز أن يثبت له مالٌ في ماله(١) . وهو ظاهر مذهب الشافعي(٢) .

وقال بعض أصحابه : يثبت له المال ؛ لأنّ كلّ مَن استحقّ القصاص استحقّ العفو على مالٍ، وللسيّد غرضٌ في ذلك بأنّه ينفكّ من الرهن(٣) .

والوجه : الأوّل ، فيبقى الرهن كما كان.

وإن كانت الجناية على نفس سيّده عمداً ، كان للورثة القصاصُ ، فإن اقتصّ الوارث ، بطل الرهن.

وهل لهم العفو على مالٍ؟ قال الشيخرحمه‌الله : ليس لهم ذلك ؛ لأنّ هذا العبد ملك الورثة ، ولا يثبت للمولى على عبده مالٌ. ولأنّ المورّث لم يكن له ذلك ، فكذلك الوارث(٤) . وهو أحد قولي الشافعي(٥) .

والثاني : أنّه تثبت لهم الدية ؛ لأنّ الجناية حصلت في ملك غيرهم ، فكان لهم العفو على مال ؛ كما لو جنى على أجنبيّ(٦) .

قال بعض الشافعيّة : هذا مبنيّ على القولين في وقت وجوب الدية :

أحدهما : تجب في آخر جزء من أجزاء حياة المقتول ثمّ تنتقل إلى‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢٤.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢١ ، الحاوي الكبير ٦ : ١٥٣ - ١٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٣.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢١ ، حلية العلماء ٤ : ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٣.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢٤.

(٥ و ٦ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢١ ، حلية العلماء ٤ : ٤٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٣ ، المغني ٤ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٨١.

٣٠٥

ورثته ، ولهذا تُقضى منها(١) ديونه وتُنفذ وصاياه ، فعلى هذا لا يمكن العفو على المال ؛ لأنّها(٢) تجب على لسيّده.

والثاني : تجب في ملك الورثة ؛ لأنّها بدل نفسه ، فلا تجب في غيره ، فعلى هذا تثبت للورثة ؛ لأنّها تثبت لغير مولاه بالجناية(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : هذا ليس بصحيح ؛ لأنّها إذا وجبت بعد موت السيّد ، فقد وجبت لهم على ملكهم ؛ لأنّ العبد انتقل إليهم بموته(٤) .

وكذا لو كان القتل خطأً على القولين(٥) .

والصحيح : أنّه لا يثبت.

مسألة ٢٠٤ : لو جنى العبد المرهون على مَنْ يرثه السيّد كأبيه وابنه وأخيه وغيرهم ، فإن كانت على الطرف عمداً ، كان على المجنيّ عليه القصاص في الطرف ، ويبقى الباقي رهناً كما كان ، وله العفو على مالٍ.

ولو كانت الجناية خطأً ، ثبت المال.

فإن مات المجنيّ عليه قبل الاستيفاء وورثه السيّد ، قال الشيخرحمه‌الله : كان للسيّد ما لمورّثه من القصاص أو المال ، وله بيعه فيه ، كما لو كان للمورّث ؛ لأنّ الاستدامة أقوى من الابتداء ، فجاز أن يثبت له على ملكه المال في الاستدامة دون الابتداء(٦) . وهو أحد وجهي الشافعيّة(٧) .

والثاني : أنّه كما انتقل إليه سقط ، ولا يجوز أن يثبت له على عبده

____________________

(١ و ٢ ) في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : « منه لأنّه ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٤٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٣.

(٦) المبسوط - للطوسي - ٣ : ٢٢٥.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٣.

٣٠٦

استدامة الدَّيْن ، كما لا يجوز له ابتداؤه(١) .

وشبّهوا الوجهين بالوجهين فيما إذا ثبت له دَيْنٌ على عبد غيره ثمّ ملكه ، يسقط(٢) أو يبقى حتى يتبعه به بعد العتق(٣) .

واستبعد الجويني هذا التشبيه ، وقال : كيف يكون الاستحقاق الطارئ على الملك بمثابة الملك الطارئ على الاستحقاق!؟

ثمّ أجاب بأنّ الدَّيْن إذا ثبت لغيره ، فنَقله إليه بالإرث إدامة لما كان ، كما أنّ بقاء الدَّيْن الذي كان له على عبد الغير بعد ما ملكه إدامة لما كان(٤) .

ولو كانت الجناية على نفس مُورّثه وكانت عمداً ، فللسيّد القصاص.

وإن عفا على مالٍ أو كانت الجناية خطأً ، بُني ذلك على أنّ الدية تثبت للوارث ابتداءً أو يتلقّاها الوارث من القتيل؟ إن قلنا بالأوّل ، لم يثبت. وإن قلنا بالثاني ، فعلى الوجهين فيما إذا جنى على طرفه وانتقل إليه بالإرث.

مسألة ٢٠٥ : لو جنى عبده المرهون على عبدٍ له آخَر ، فإن لم يكن المجنيّ عليه مرهوناً ، كان للسيّد القصاص ، إلّا أن يكون المقتول ابنَ القاتل ، ويكون له حقّ القصاص مقدَّماً على حقّ المرتهن ؛ لما تقدّم.

وإن أراد العفو على مالٍ ، لم يكن له ذلك ، كما لو جنى على نفس السيّد ، خلافاً لبعض الشافعيّة ، فإنّه قال : يثبت له المال ؛ لأنّ كلّ مَن‌ استحقّ القصاص استحقّ العفو على مالٍ ، وللسيّد غرض في ذلك ، فإنّه ينفكّ من الرهن(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : « سقط ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ - ٥١٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٩.

(٥) راجع الهامش (٣) من ص ٣٠٤.

٣٠٧

وسواء كان المقتول قِنّاً أو مدبَّراً أو اُمَّ ولدٍ للسيّد.

وإن كان المجنيّ عليه مرهوناً ، فإن كان مرهوناً عند غير مرتهن الجاني ، كان للسيّد أيضاً القصاصُ ؛ لأنّ حقّ القصاص مقدَّم على حقّ المرتهن ، فإنّ الجناية الموجبة للمال مقدَّمة على حق الرهن ، فالقصاص أولى ، وإنّما لم يقدَّم حقّ الجناية إذا كانت خطأً ، وكانت للسيّد ؛ لأنّه لا يثبت له على عبده مالٌ ، والقصاص يثبت له ؛ ويبطل الرهنان معاً.

وإن عفا على مالٍ أو كانت الجناية خطأً ، ثبت المال لحقّ المرتهن ؛ لأنّ السيّد لو جنى على عبده المرهون ، وجب عليه أرش الجناية لحقّ المرتهن ، فبأن يثبت على عبده أولى ، فيتعلّق المال حينئذٍ برقبة العبد لحقّ مرتهن المقتول.

وإن عفا بغير مالٍ ، فإن قلنا : موجَب(١) العمد أحدُ الأمرين ، وجب المال ، ولم يصح عفوه عنه إلّا برضا المرتهن.

وإن قلنا : موجَبه القود ، فإن قلنا : مطلق العفو لا يوجب المال ، لم يثبت شي‌ء.

وإن قلنا : يوجبه ، فللشافعيّة وجهان ، أصحّهما : أنّه لا يثبت أيضاً - وهو مذهبنا - لأنّ القتل غير موجب على هذا التقدير ، فعفوه المطلق أو على مالٍ نوعُ اكتسابٍ للمرتهن(٢) .

وإن عفا مطلقاً ، فإن قلنا : مطلق العفو يوجب المال ، يثبت المال ، كما لو عفا على مالٍ.

وإن قلنا : لا يوجبه ، صحّ العفو ، وبطل رهن مرتهن القتيل ، وبقي القاتل رهناً كما كان.

____________________

(١) في « ث ، ج » والطبعة الحجريّة : « يوجب ». وفي « ر » : « بوجوب ». وهي غلط ، الظاهر ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٤.

٣٠٨

والحكم في عفو المفلِّس المحجور عليه كالحكم في عفو الراهن ، والراهن محجور عليه في المرهون ، كما أنّ المفلَّس محجور عليه في جميع أمواله.

ومهما وجب المال يُنظر إن كان الواجب أكثر من قيمة القاتل أو مثلها ، قال الشيخرحمه‌الله : يُباع ؛ لأنّه ربما رغب فيه راغبٌ أو زاد مزايدٌ ، فيفضل من قيمته شي‌ء يكون رهناً عند مرتهنه(١) ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(٢) .

والثاني : أنّه يُنتقل إلى يد مرتهن المجنيّ عليه رهناً ، وينفكّ من يد مرتهنه ؛ لأنّه لا فائدة في بيعه(٣) .

والأوّل أقوى ؛ لأنّ حقّه في ماليّة العبد ، لا في العين.

وإن كان(٤) أقلَّ ، فعلى الأوّل يُنقل من القاتل بقدر الواجب إلى مرتهن القتيل. وعلى الثاني : يُباع منه قدر الواجب ، ويبقى الباقي رهناً. فإن تعذّر بيع البعض أو نقص بالتشقيص ، بِيع الكلّ ، وجعل الزائد على الواجب عند مرتهن القاتل.

وهذان الوجهان إنّما يظهران فيما إذا طلب الراهن النقلَ ، وطلب مرتهن القتيل البيعَ ، ففي وجهٍ : يُجاب هذا ، وفي وجهٍ : يُجاب ذاك. أمّا إذا طلب الراهن البيعَ ومرتهن المقتول النقلَ ، يُجاب الراهن ؛ لأنّه لا حقّ لصاحبه في عينه.

ولو اتّفق الراهن والمرتهنان على أحد الفعلين ، تعيّن لا محالة.

ولو اتّفق الراهن ومرتهن القتيل على النقل ، قال الجويني : ليس

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢٦.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٤.

(٤) في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : « كانت » بدل « كان ». والصحيح ما أثبتناه.

٣٠٩

لمرتهن القاتل المناقشة فيه وطلب البيع(١) .

وقضيّة التوجيه الثاني : أنّ له ذلك.

ولو كان مرهوناً عند مرتهن القاتل أيضاً ، فإن كان العبدان مرهونين بدَيْنٍ واحد ، فقد انتقصت الوثيقة ، ولا مستدرك ، كما لو مات أحدهما.

وإن كانا مرهونين بدَيْنين ، نُظر في الدَّيْنين ، فإن اختلفا في الحلول والتأجيل ، فله أن يتوثّق لدَيْن القتيل بالقاتل ؛ لأنّه إن كان الحالُّ دَيْنَ المقتول ، فقد يريد استيفاءه من ثمنه في الحال. وإن كان الحالُّ دَيْنَ القاتل ، فقد يريد الوثيقة للمؤجَّل ، ويطالب الراهن بالحالّ في الحال.

وكذا الحكم لو كانا مؤجَّلين وأحد الأجلين أطول.

وإن اتّفقا حلولاً وتأجيلاً ، فإن اتّفقا قدراً ، فإن اختلف العبدان في القيمة وكانت قيمة المقتول أكثر ، لم تنقل الوثيقة. وإن كانت قيمة القاتل أكثر ، نقل منه قدر قيمة المقتول إلى دَيْن القتيل ، وبقي الباقي رهناً بما كان. وإن تساويا في القيمة ، بقي القاتل مرهوناً بما كان ، ولا فائدة في النقل.

وإن اختلف الدَّيْنان قدراً ، فإن تساوت قيمة العبدين أو كان القتيل أكثرهما قيمةً ، فإن كان المرهون بأكثر الدَّيْنين القتيلَ ، فله توثيقه بالقاتل. وإن كان المرهون بأقلّهما القتيلَ ، فلا فائدة في نقل الوثيقة.

[ وإن كان القتيل أقلّهما قيمةً ، فإن كان مرهوناً بأقلّ الدَّيْنين ، فلا فائدة في نقل الوثيقة ](٢) وإن كان مرهوناً بأكثرهما ، نُقل من القاتل قدر قيمة القتيل إلى الدَّيْن الآخَر.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٤.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٠ - ٥٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٥ لأجل السياق.

٣١٠

وحيث قلنا بنقل التوثيق فيُباع ويُقام ثمنه مقام القتيل أو يُقام عينه مقامه؟ فيه الوجهان السابقان.

ولو اختلف الدَّيْنان في الجنس ، فهو كالاختلاف في القدر أو في الحلول والتأجيل.

وأمّا إن اختلف الدَّيْنان بالاستقرار وعدمه ، كما لو كان أحدهما عوضاً ممّا يتوقّع ردّه بالعيب ، أو صداقاً قبل الدخول ، فإن كان القاتل مرهوناً بالمستقرّ ، فلا فائدة لنقل الوثيقة. وإن كان مرهوناً بالآخَر ، فالأقرب : جواز النقل ، خلافاً للشافعيّة(١) .

ولو تساوى الدَّيْنان في الأوصاف وحُكم بعدم النقل ، أو قال المرتهن : إنّي لا آمنه وقد جنى فبِيعوه وضَعوا ثمنه مكانه ، الأقرب : أنّه يُجاب.

وللشافعيّة وجهان(٢) .

تذنيب : لو كانت الجناية على مكاتب السيّد ، ثبت للمكاتب القصاص والعفو. فإنّ عجّز نفسه ، ثبت للسيّد القصاص والعفو على مالٍ ؛ لأنّه انتقل إليه من المكاتب. وإن قتل مكاتبه ، ثبت للسيّد القصاص والعفو على مالٍ ؛ لأنّه انتقل إليه من المكاتب. لأنّه بمنزلة الوارث ، لأنّ الحقّ انتقل إليه من المكاتب. وبالجملة ، إذا انتقل الحقّ من المكاتب إلى السيّد بموته أو عجزه ، فهو كما لو انتقل من المورّث.

تذنيبٌ آخَر : لو قتل العبد المرهون سيّدَه وله ابنان ، كان لهما القصاص.

وهل لهما العفو على مالٍ؟ للشافعي قولان.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٦.

٣١١

فإن عفا أحدهما ، سقط القصاص عندهم ؛ لأنّه متى سقط القصاص من أحد الوارثين سقط مطلقاً عندهم.

وعندنا أنّه لا يسقط.

فعلى قولهم هل يثبت للآخَر نصيبه من الدية؟ على القولين.

وأمّا العافي فإن شرط المال ، فعلى القولين. وإن أطلق فإن قلنا : يوجب القتل العمد القصاصَ خاصّة ، فلا شي‌ء له.

وإن قلنا : الواجب أحد الأمرين : إمّا القصاص أو الدية ، فهل تثبت الدية؟ على القولين(١) .

مسألة ٢٠٦ : قد بيّنّا أنّ من أسباب فكّ الرهن براءة ذمّة الراهن عن‌ جميع الدَّيْن إمّا بالقضاء أو بالإبراء أو الحوالة أو الإقامة المسقطة للثمن المرهون به أو المسلّم فيه مرهون به.

ولو اعتاض عن الدَّيْن عيناً ، ارتفع الرهن أيضاً ؛ لتحوّل الحقّ من الذمّة إلى العين ، وبراءة الذّمة من الدَّيْن.

فإن تلفت العين قبل التسليم ، بطل الاعتياض ، وعاد الرهن بحاله ، كما عاد الدَّيْن. وفيه إشكال.

ولو برئ الراهن من بعض الدَّيْن بإبراءٍ أو قضاءٍ أو غير ذلك من الأسباب ، لم ينفك شي‌ء من الرهن ؛ قضيّةً للاستيثاق. قال الشيخرحمه‌الله : لأنّه مرهون بجميع الحقّ وبكلّ جزء من أجزائه ووثيقة به وبكلّ جزء منه ، كالشهادة ، وكما أنّ حقّ الحبس يبقى ما يبقي شي‌ء من الثمن ، ولا يعتق

____________________

(١) الاُم ٣ : ١٧٦ ، و ٦ : ١٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢١ ، الحاوي الكبير ٦ : ٨٥ ، و ١٥٥ ، و ١٢ : ٩٥ و ١٠٤ و ١٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١٨ ، و ١٠ : ٢٨٩ - ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٣ ، المغني ٩ : ٣٣٥ ، و ٤٦٤ - ٤٦٥ ، و ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٩ : ٤١٥.

٣١٢

شي‌ء من المكاتب ما بقي من المال شي‌ء(١) .

مسألة ٢٠٧ : ولو رهن عبدين ، لزم الرهن عندنا وإن لم يقبض المرتهن على ما تقدّم.

ومَنْ شَرَط القبض - كالشافعي - لو رهن عبدين وسلم أحدهما ، كان المسلَّم رهناً بجميع الدَّيْن عنده(٢) ، خلافاً لأبي حنيفة(٣) .

وسلم أبو حنيفة أنّه لو سلّمهما ثمّ تلف أحدهما ، كان الباقي رهناً بجميع الدَّيْن(٤) ، فقاس الشافعي عليه.

ولأنّ العقد كان صحيحاً فيهما ، وإنّما طرأ انفساخ العقد في أحدهما ، فلم يؤثّر في الآخَر ، كما لو اشترى شيئين ثمّ ردّ أحدهما بعيبٍ أو خيار أو إقالة ، والراهن مخيّر بين إقباض الباقي ومنعه.

ولو كان التلف بعد قبض الآخَر ، فقد لزم الرهن فيه. فإن كان الرهن مشروطاً في بيعٍ ، ثبت للبائع الخيار ؛ لتعذّر الرهن بكماله ، فإن رضي ، لم يكن له المطالبة ببدل التالف ؛ لأنّ الرهن لم يلزم فيه ، ويكون المقبوض رهناً بجميع الثمن.

ولو تلف أحدهما بعد القبض ، فلا خيار للبائع ؛ لأنّ الرهن لو تلف كلّه لم يكن له خيار ، فإذا تلف بعضه كان أولى.

ثمّ إن كان تلفه بعد قبض الآخَر ، فقد لزم الرهن فيه. وإن كان قبل قبض الآخَر ، فالراهن مخيَّر بين إقباضه وتركه ، فإن امتنع من قبضه ، ثبت للبائع الخيار ، كما لو لم يتلف الآخَر.

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٠١ - ٢٠٢.

(٢) الاُم ٣ : ١٤٢ ، الوسيط ٣ : ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٦.

(٣و٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٢.

٣١٣

ولو رهنه داراً فانهدمت قبل قبضها ، لم ينفسخ عقد الرهن ؛ لأنّ ماليّتها لم تذهب بالكلّيّة ، فإنّ عرصتها وأنقاضها باقية ، ويثبت للمرتهن الخيار إن كان الرهن مشروطاً في بيعٍ ؛ لأنّها تعيّبت ونقصت قيمتها ، وتكون العرصة والأنقاض رهناً بجميع الدَّيْن ؛ لأنّ العقد ورد على مجموع الدار المشتملة على العرصة والأنقاض من الأخشاب والأحجار ونحوها ، وما دخل في العقد استقرّ بالقبض.

تذنيب : إنّما يعرض انفكاك الرهن في بعض المرهون دون بعضٍ بأحد اُمور ستّة :

أحدهما : تعدّد العقد ، كما إذا رهن أحد نصفي العبد بعشرة في صفقة ونصفه الآخَر في صفقة اُخرى ، فإنّه إذا قضي دَيْن أحد النصفين ، خرج ذلك النصف عن الرهن ، وبقي الآخَر رهناً بدَيْنه المختصّ به.

و ثانيها : أن يتعدّد مستحقّ الدَّيْن.

و ثالثها : أن يتعدّد مَنْ عليه الدَّيْن.

و رابعها : أن يقضي أحد الوكيلين.

و خامسها : إذا فكّ المستعير نصيب أحد المالكين.

و سادسها : أن يقضي أحد الوارثين ما يخصّه من الدَّيْن.

ونحن نبيّن هذه الجملة.

مسألة ٢٠٨ : الفرض الأوّل ظاهر ، وأمّا الثاني فإذا تعدّد مستحقّ الدَّيْن ، كما لو كان لرجلين على رجلٍ دَيْنان ، فرهن منهما بدَيْنهما عليه عيناً صفقةً واحدة ثمّ برئت ذمته عن دَيْن أحدهما بأداءٍ أو إبراءٍ ، انفكّ من الرهن بقسط دَيْنه ؛ لأنّ نصف العبد رهن عند أحدهما ، ونصفه الآخَر عند الآخَر كلّ واحدٍ منهما بدَيْنه ، فإذا وفى أحدهما ، خرجت حصّته من الرهن ، لأنّ عبد الواحد مع الاثنين بمنزلة عبدين ، فكأنّه رهن عند كلّ

٣١٤

واحدٍ منهما النصف منفرداً.

فإن أراد مقاسمة المرتهن وأخْذَ نصيب مَنْ وفاه وكان الرهن ممّا لا تنقصه القسمة كالمكيل والموزون ، لزم ذلك. وإن كان ممّا تنقصه القسمة ، لم تجب قسمته ؛ لما فيه من تضرّر المرتهن بالقسمة ، فيقرّ في يد المرتهن يكون نصفه رهناً ونصفه وديعةً ، وبهذا قال الشافعي(١) ، واختاره الشيخ(٢) رحمه‌الله .

وقال أبو حنيفة : لا ينفكّ شي‌ء حتى يؤدّي دَيْنهما جميعاً ، سواء كانا شريكين فيه أو لا ، وجميعها رهنٌ عند كلّ واحدٍ منهما ؛ لأنّ الرهن اُضيف‌ إلى كلّ العين في صفقة واحدة ، ولا شيوع في المحلّ باعتبار تعدّد المستحقّ ، وموجَبه صيرورته محبوساً بدَيْن كلّ واحدٍ منهما ، فكان استحقاق الحبس لهما استحقاقاً واحداً من غير انقسامٍ بينهما ، بخلاف الهبة من اثنين - عند أبي حنيفة - فإنّ هناك لا بُدَّ من انقسام الحكم - وهو الملك - بينهما ؛ إذ يستحيل إثباته لكلٍّ منهما على الكمال في محلٍّ واحد ، فدخل فيه الشيوع ضرورةً ، بخلاف مسألتنا ؛ إذ لا حاجة إلى هذا ؛ لأنّ العين الواحدة يجوز أن تكون محبوسةً لحقّ كلّ واحدٍ منهما على الكمال ؛ إذ لا تضايق في استحقاق الحبس.

ألا ترى أنّ الرهن الواحد لا ينقسم على أجزاء الدَّيْن ، بل يكون محبوساً كلّه بكلِّه وبكلّ جزء منه ، فكذا هنا تكون العين محبوسةً بحقّها وبحقّ كلّ واحدٍ منهما ، فلا يدخل فيه الشيوع.

فإذا قضى الراهن دَيْن أحدهما ، فالكلّ رهنٌ عند الآخَر ؛ لأنّ جميع العين رهنٌ عند كلّ واحدٍ منهما من غير تفرّقٍ ، وعلى هذا حبس المبيع إذا

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٦.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٤٠.

٣١٥

اشترى رجلان من رجل فأدّى أحدهما حصّته ، لم يكن له أن يقبض شيئاً ، وكان لبائع أن يحبس الجميع حتى يستوفي ما على الآخَر(١) .

والوجهُ : الأوّل.

وللشافعيّة وجهٌ غريب عندهم : أنّه إذا اتّحد جهة الدَّيْنين كما لو أتلف عليهما مالاً أو ابتاع منهما ، لم ينفك شي‌ء بالبراءة عن دَيْن أحدهما ، وإنّما ينفكّ إذا اختلفت الجهتان(٢) .

مسألة ٢٠٩ : لو تعدّد مَنْ عليه الدَّيْن ، كما لو استدان شخصان من‌ رجل شيئاً ورهنا عنده بدَيْنه عليهما شيئاً ، صحّ الرهن ؛ لأنّ رهن المشاع جائز عندنا وعند الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة(٤) .

فإذا أدّى أحدهما نصيبه أو أبرأه المستحقّ ، انفكّ نصيبه من الرهن ، وليس له أن يطالب المرتهن بالقسمة ، بل المطالبة بالقسمة إلى الشريك المالك.

فإن قاسمه المرتهن بإذن الراهن الآخَر ، صحّت القسمة. وإن قاسمه

____________________

(١) بدائع الصنائع ٦ : ١٣٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٤٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٠٦ ، ٣ : ٧١ - ٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٦.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ١٤ ، حلية العلماء ٤ : ٤٢١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥ ، الوسيط ٣ : ٤٦٢ ، الوجيز ١ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٧٣ ، المغني ٤ : ٤٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٢١ : ٦٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٣٢ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٥٢٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٨٨ / ٢٠٠٣.

(٤) بدائع الصنائع ٦ : ١٣٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٢١ : ٦٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٣٢ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٥٢٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٨٧ / ٢٠٠٣ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٧٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ١٥ ، و ٢١٨ ، حلية العلماء ٤ : ٤٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥ ، الوسيط ٣ : ٤٦٢ ، الوجيز ١ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣٨ ، المغني ٤ : ٤٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠٥.

٣١٦

بغير إذنه ، لم تصحّ القسمة ، سواء كان ممّا يمكن قسمته بغير رضا الشريك الآخَر وبغير حضوره كالمكيل والموزون ، أو لم يمكن قسمته إلّا بحضور الشريك الآخَر ، كالعقار والأراضي والحيوان - خلافاً لبعض العامّة(١) - وهذا كمذهب الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا ينفكّ حتى يبرءا عن حقّه جميعاً ، والرهن رهن بكلّ الدَّيْن ، وللمرتهن أن يمسكه حتى يستوفي جميع الدَّيْن ؛ لأنّ قبض المرتهن حصل في الكلّ من غير شيوع ، وتفرّق أملاكها لا يوجب شيوعاً‌ في الرهن ، فإنّه يجوز أن يكون ملك الغير مرهوناً بدَيْن الغير ، كما لو استعار فرهن. وجوّز أبو حنيفة هذا الرهن وإن لم يجوّز رهن المشاع(٣) .

تذنيب : لو رهن ثلاثةٌ عبداً عند رجل بدَيْنٍ له على كلّ واحدٍ منهم ، صحّ ، وكان الحكم من الخلاف كما تقدّم. فإن مات العبد ، كان من ضمان المرتهن عند أبي حنيفة(٤) ، خلافاً لنا وللشافعي(٥) .

فعلى قول أبي حنيفة يذهب من دَيْن كلّ واحدٍ منهم بالحصّة من العبد ، وتراجعوا فيما بينهم حتى لو كان له على رجل ألف وخمسمائة وعلى آخَر ألف وعلى آخَر خمسمائة فرهنوه عبداً قيمته ألفان بينهم أثلاثاً فهلك ، صار مستوفياً من كلّ واحدٍ ثلثي ما عليه ؛ لأنّ المرهون عنده

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٨.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٤٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٢ ، وأيضاً راجع المصادر في الهامش (٤) من ص ٣١٥

(٤) الجامع الكبير - للشيباني - : ٢٦٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٢٧ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٩٩ ، حلية العلماء ٤ : ٤٥٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٣ ، الوجيز ١ : ١٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٨.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٣ ، حلية العلماء ٤ : ٤٥٨ ، الوجيز ١ : ١٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٤.

٣١٧

مضمون بأقل من قيمته ومن الدَّيْن(١) ، والرهن هنا أقلّ ، فيصير مستوفياً من الدَّيْن بقدر قيمة العبد - وهي ألفان - وهي ثلثا ثلاثة آلاف هي الدَّيْن عليهم ، فيصير مستوفياً من الأكثر ألف درهم ، ومن الأوسط ستّمائة وستّة وستّين وثلثين ، ومن الأقلّ ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث ، ويبقى على كلّ واحدٍ ثلث دَيْنه.

ثمّ الذي عليه الأكثر يضمن لكلٍّ من صاحبَيْه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً ؛ لأنّه صار قاضياً من دَيْنه ألفاً ثلثه من نصيبه ، وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ، وثلثه من نصيب الأوسط ، وثلثه من نصيب الأقلّ ، فيضمن لهما مقدار ما قضي من دَيْنه من نصيبهما.

والأوسط يضمن لكلٍّ من صاحبَيْه مائتين وعشرين درهماً وتُسْعَي درهم ؛ لأنّه صار قاضياً من دَيْنه ستّمائة وستّين وثلثين ثلثها من نصيبه ، وذلك مائتان واثنان وعشرون وتُسْعان ، وثلثها من نصيب الأكثر ، وثلثها من نصيب الأقلّ ، فيضمن لهما مقدار ما قضي من دَيْنه من نصيبهما.

والذي عليه الأقلّ صار قاضياً من دَيْنه ثلاثمائة وثلاثين وثلثاً ، ثلثه من نصيبه ، وذلك مائة وأحد عشر وتُسْع ثلثه من نصيب الأوسط ، وثلثه من نصيب الأكثر ، فيضمن لصاحبَيْه ما قضي من نصيبهما.

ثمّ تقع المقاصّة بينهم تقاصّوا أو لم يتقاصّوا ؛ لاتّحاد الجنس ، فمَنْ عليه الأقلّ استوجب على الكثير ثلاثمائة وثلاثين وثلثاً ، وهو قد استوجب عليه مائة وأحد عشر وتُسْع ، فتقع المقاصّة بهذا القدر ، ويرجع

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٢٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٩٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٥٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٣ ، حلية العلماء ٤ : ٤٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٨.

٣١٨

الأقلّ عليه بما بقي ، وهو مائتان واثنان وعشرون وتُسْعان.

وكذا مَنْ عليه الأقلّ استوجب على مَنْ عليه الأوسط مائتين واثنين وعشرين وتُسْعين ، وقد استوجب الرجوع على الأكثر بثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثُلْث ، وهو استوجب الرجوع عليه بمائتين واثنين وعشرين وتُسْعين ، فتقع المقاصّة بهذا القدر ، ويرجع عليه بالفضل ، وهو مائة وأحد عشر وتُسْع.

مسألة ٢١٠ : لو وكّل رجلان رجلاً ليرهن عبدهما من زيد بدَيْنه عليهما ، فرهن ثمّ قضى أحد الموكّلين ما عليه ، قال بعض الشافعيّة : يخرج‌ على قولين. والصحيح عندهم : الجزم بأنّه ينفكّ نصيبه ، ولا نظر إلى اتّحاد الوكيل وتعدّده(١) .

قال الجويني : لأنّ مدار الباب على اتّحاد الدَّيْن وتعدّده ، ومهما تعدّد أو المستحقّ عليه فقد تعدّد الدَّيْن(٢) .

ويخالف ما نحن فيه البيع والشراء حيث ذكروا خلافاً في أنّ الاعتبار في تعدّد الصفقة واتّحادها بالمتبايعين أو الوكيل؟ لأنّ الرهن ليس عقدَ ضمانٍ حتى يُنظر فيه إلى المباشر(٣) .

مسألة ٢١١ : لو كان لاثنين عبدٌ فاستعاره واحد ليرهنه فرهنه ثمّ أدّى نصف الدَّيْن وقصد به الشيوع من غير تخصيصٍ لحصّته ، لم ينفكّ من الرهن شي‌ء.

وإن قصد أداءه عن نصيب أحدهما بعينه لينفكّ نصيبه ، فقولان للشافعي :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٢ - ٥٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٦ - ٣٤٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٧.

٣١٩

أحدهما : لا ينفكّ ، كما لو استعاره من واحدٍ.

والثاني : ينفكّ ، كما لو رهن رجلان من رجلٍ ثمّ أدّى أحدهما نصيبه ، والمعنى فيه النظر إلى تعدّد المالك ، وقطع النظر عن العاقد. وهو أظهر القولين عندهم(١) .

ولو كان لشخصين عبدان متماثلا القيمة فاستعارهما آخَر للرهن فرهنهما ثمّ قضى نصف الدَّيْن ليخرج أحدهما عن الرهن ، فللشافعيّة‌ قولان :

قيل : يخرج ؛ لانضمام(٢) تعدّد المحلّ إلى تعدّد المالك.

والأصحّ : طرد القولين(٣) .

وإذا قلنا بالانفكاك فلو كان الرهن مشروطاً في بيع ، فهل للمرتهن الخيار إذا كان جاهلاً بأنّه لمالكَيْن؟ فيه رأيان نسبهما الأكثرون إلى بعض الشافعيّة(٤) .

وقيل : بل للشافعي قولان ، أصحّهما : أنّ له الخيار ؛ لأنّ مقتضى الرهن المطلق لا ينفكّ شي‌ء منه إلّا بعد أداء جميع الدَّيْن ولم يحصل ذلك(٥) .

وقيل : فيه(٦) قولٌ ثالث للشافعي ، وهو : أنّ المرتهن إن كان عالماً بأنّ العبد لمالكَيْن ، فللراهن فكّ نصفه بأداء نصف الدَّيْن : وإن كان جاهلاً ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٧.

(٢) في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : « انضمام ». والصحيح ما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤٧.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢٣.

(٦) في الطبعة الحجريّة : « وفيه ».

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400