نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار9%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 418

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216249 / تحميل: 8693
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

(٦٨)

رواية ابن حجر العسقلاني

رواه بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله: « قال ابن عبد البر: وقد أجمعوا أنه أوّل من صلّى القبلتين، وهاجر وشهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد، وأنه أبلى ببدر وأحدٍ والخندق وخيبر البلاء العظيم، وكان لواء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده في مواطن كثيرة. ولم يتخلّف إلّافي تبوك، خلّفه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المدينة وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي »(١) .

(٦٩)

رواية ابن الصبّاغ

ورواه نور الدين ابن الصباغ المكي حيث قال:

« روى مسلم والترمذي: إن معاوية قال لسعد بن أبي وقاص: ما منعك أنْ تسب أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثة قالهنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلن أسبّه، ولأن تكون لي واحدة منهنَّ أحبّ إلي من حمر النعم: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول - وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال علي: خلّفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي »(٢) .

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٦.

(٢). الفصول المهمة: ١٢٦.

١٤١

(٧٠)

رواية السّيوطي

ورواه جلال الدين السيوطي بقوله: « أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي.

أخرجه أحمد والبزار من حديث أبي سعيد الخدري، والطبراني من حديث: أسماء بنت عميس، وأم سلمة، وحبشي بن جنادة، وابن عمر، وابن عبّاس، وجابر بن سمرة، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم »(١) .

(٧١)

رواية الديار بكري

ورواه القاضي الحسين بن محمد الديار بكري في ( تاريخه ) حيث قال: « خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم. فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلّفه إلّا استثقالاً وتخفّفاً منه، فلمـّا قالوا ذلك، أخذ علي سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو نازل بالجرف فقال: يا نبيّ الله زعم المنافقون أنك إنما خلّفتني أنك استثقلتني وتخفّفتَ مني، فقال: كذبوا، ولكني خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع واخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى - يا علي - أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. فرجع علي إلى المدينة، ومضى رسول الله صلّى

____________________

(١). تاريخ الخلفاء: ١٦٨.

١٤٢

الله عليه وسلّم على سفره. كذا في الاكتفاء وشرح المواقف.

وقال الشيخ أبو إسحاق الفيروزآبادي في عقائده: أي حين توجّه موسى إلى ميقات ربه استخلف هارون في قومه »(١) .

قال الديار بكري: « وشهد المشاهد كلها ولم يتخلّف إلّافي تبوك، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّفه في أهله فقال: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصّبيان؟ قال: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. أخرجاه في الصحيحين، كذا في الصفوة»(٢) .

(٧٢)

رواية ابن حجر المكي

وأمّا رواية ابن حجر المكي، فستأتي عبارته عن ( الصواعق ) قريباً.

(٧٣)

رواية المتقي

ورواه علي بن حسام الدين المتقي، عن غير واحدٍ من أعلام الحديث، في كتابه ( كنز العمال ) كما عرفت. وفيه أيضاً:

« أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس بعدي نبي. حم د ق ه‍ عن سعد »(٢) .

وفيه أيضاً:

____________________

(١). تاريخ الخميس ٢ / ٢٥.

(٢). تاريخ الخميس ٢ / ٢٥.

(٣). كنز العمال ١١ / ٥٩٩ رقم ٣٢٨٨٦.

١٤٣

« أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. م ت عن سعد. ت عن جابر »(١) .

(٧٤)

رواية الشهاب أحمد

ورواه شهاب الدين أحمد صاحب ( توضيح الدلائل ) وسنذكر عبارته.

(٧٥)

رواية الجمال المحدث

ورواه عطاء الله الشيرازي المعروف بجمال الدين المحدث في سيرته ( روضة الأحباب ) كما ستعرف.

(٧٦)

رواية المنّاوي

ورواه عبد الرؤوف المناوي، كما ستعرف من عبارته في شرح ( الجامع الصغير ).

(٧٧)

رواية العيدروس

ورواه شيخ بن عبدالله العيدروس حيث قال:

« أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، وأحمد والبزار عن أبي سعيد

____________________

(١). كنز العمال ١١ / ٥٩٩ رقم ٣٢٨٨١.

١٤٤

الخدري، والطبراني عن: أسماء بنت عميس وأم سلمة وحبشي بن جنادة وابن عمر وابن عبّاس وجابر بن سمرة وعلي والبراء بن عازب وزيد بن أرقم:

إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي »(١) .

(٧٨)

رواية ابن باكثير

ورواه أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي وستأتي روايته.

(٧٩)

رواية محبوب العالم

ورواه محمد بن صفي الدين جعفر الملقب بمحبوب العالم كما سننقلها عن ( تفسيره ).

(٨٠)

رواية البدخشاني

ورواه محمد بن معتمد خان البدخشاني عن مسلم والترمذي عن سعد ابن أبي وقاص حيث قال: « أخرج مسلم والترمذي عن سعد بن أبي وقاصرضي‌الله‌عنه ، إن معاوية بن أبي سفيان أمره فقال له: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلن

____________________

(١). العقد النبوي والسر المصطفوي: ١٩.

١٤٥

أسبّه، لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إلي من حمر النعم: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول وخلّفه في بعض مغازيه ».

(٨١)

رواية محمد صدر العالم

ورواه محمد صدر العالم في كتابه ( معارج العلى ) كما ستعرف.

(٨٢)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم، وهو والد ( الدهلوي ) في تاريخه المسمّى بـ ( إزالة الخفا ) وسنذكرها.

(٨٣)

رواية العجيلي

ورواه أحمد بن عبد القادر الحفظي العجيلي في ( ذخيرة المآل ) وسنذكر عبارته.

(٨٤)

رواية الرشيد الدّهلوي

ورواه رشيد الدين خان وهو تلميذ ( الدهلوي ) في ( الفتح المبين ) بقوله: « وفي مفتاح النجا في الفصل الثاني عشر من الباب الثالث: أخرج

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

١٤٦

الخطيب عن عمر: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى تبوك واستخلف عليّاً، فقال: أتخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي ».

(٨٥)

رواية محمد مبين اللكهنوي

ورواه المولوي محمد مبين اللكهنوي في ( وسيلة النجاة ) كما سيأتي.

(٨٦)

رواية وليّ الله اللكهنوي

ورواه ولي الله اللكهنوي في كتابه ( مرآة المؤمنين ) عن البخاري.

(٨٧)

رواية زيني دحلان

ورواه أحمد بن زيني دحلان في ( سيرته ) بقوله:

« واستخلف صلّى الله عليه وسلّم على المدينة علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، وخلّفه أيضاً على أهله وعياله، فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلّفه إلّا استثقالاً له وتخفّفاً. فأخذ عليرضي‌الله‌عنه سلاحه ثم أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو نازل بالجرف فقال: يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلّفتني لأنك استثقلت مني وتخفّفت مني. فقال: كذبوا، ولكن خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع في أهلي وأهلك، أفلا ترضى - يا علي - أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. فرجع إلى المدينة. وفي رواية فقال علي رضي الله:

١٤٧

رضيت ثم رضيت ثم رضيت »(١) .

(٨٨)

رواية الشبلنجي

ورواه الشبلنجي حيث قال: « وشهد المشاهد كلّها ولم يتخلّف إلّافي تبوك، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّفه في أهله فقال: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصبيان؟ قال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي. أخرجه الشيخان »(٢) .

____________________

(١). السيرة النبوية لابن دحلان ٢ / ١٢٦.

(٢). نور الأبصار: ٨٦.

١٤٨

صحّة الحديث

وكثرة طرقه وتواتره

١٤٩

١٥٠

لقد أوقفناك على طرفٍ من طرق حديث المنزلة، فظهر لك كثرة طرقه المعتبرة، مضافاً إلى كونه من أحاديث الصحيحين والصحاح الأخرى

فالحديث صحيح ثابت كثير الأسانيد والطرق في كتب أهل السنّة وهذا ما اعترف به جماعة منهم:

إعتراف ابن تيميّة بصحته

فقد قال ابن تيميّة:

« إنّ هذا الحديث صحيح بلا ريب، ثبت في الصحيحين وغيرهما »(١) .

إعتراف عبد الحق بالإتفاق على صحّته

بل نصَّ الشيخ عبد الحق الدهلوي على الاتفاق على صحّته حيث قال:

« إنّ أئمة الحديث متّفقون على صحّة هذا الحديث، وما قالوه هو المعتمد »(٢) .

قال الكنجي بقيام الإجماع على صحّته

بل نصَّ أبو عبدالله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي على قيام الإجماع على صحّة هذا الحديث كما ستطّلع عليه عن كثب إن شاء الله تعالى.

____________________

(١). منهاج السنّة ٧ / ٣٢٠.

(٢). شرح مشكاة المصابيح، باب مناقب علي.

١٥١

للتنوخي كتاب مفرد في طرقه

وصنّف أبو القاسم علي بن المحسّن كتاباً مفرداً في طرقه، فرواه عن جماعة من الصحابة يزيدون عن عشرين قال صاحب ( الطرائف ):

« وقد صنّف القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي التنوخي - وهو من أعيان رجالهم - كتاباً سمّاه ( ذكر الروايات عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي وبيان طرقها واختلاف وجوهها ). رأيت هذا الكتاب من نسخةٍ نحو ثلاثين ورقة عتيقة، عليها تاريخ الرواية ( سنة ٤٤٥ ).

وروى التنوخي حديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى عن:

[ أسماء الصحابة والتابعين الذين روى عنهم التنوخي ]

١ - عمر بن الخطاب.

٢ - وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

٣ - وسعد بن أبي وقاص.

٤ - عبدالله بن مسعود.

٥ - وعبدالله بن عباس.

٦ - وجابر بن عبدالله الأنصاري.

٧ - وأبي هريرة.

٨ - وأبي سعيد الخدري.

٩ - وجابر بن سمرة.

١٥٢

١٠ - ومالك بن الحويرث.

١١ - والبراء بن عازب.

١٢ - وزيد بن أرقم.

١٣ - وأبي رافع مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٤ - وعبدالله بن أبي أوفى.

١٥ - وأخيه: زيد بن أبي أوفى.

١٦ - وأبي سريحة حذيفة بن أسيد.

١٧ - وأنس بن مالك.

١٨ - وأبي بريدة الأسلمي.

١٩ - وأبي بردة الأسلمي.

٢٠ - وأبي أيوب الأنصاري.

٢١ - وعقيل بن أبي طالب.

٢٢ - وحبشي بن جنادة السلولي.

٢٣ - ومعاوية بن أبي سفيان.

٢٤ - وأم سلمة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٥ - وأسماء بنت عميس.

٢٦ - وسعيد بن المسيب.

٢٧ - ومحمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام .

٢٨ - وحبيب بن أبي ثابت.

٢٩ - وفاطمة بنت علي.

٣٠ - وشرحبيل بن سعد.

١٥٣

ترجمة التنوخي

وأبو القاسم التنوخي من أعيان علماء أهل السنّة: فقيه، محدّث، أديب، ثقة، صدوق

١ - السمعاني: « أبو القاسم علي بن المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي. سمع أبا الحسن علي بن أحمد بن كيسان النحوي، وإسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي وأبا القاسم عبدالله بن إبراهيم الزبيبي وعلي ابن محمد بن سعيد الرزاز وخلقاً كثيراً من طبقتهم.

ذكره أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: كتبت عنه، وسمعته يقول: ولدت بالبصرة في النصف من شعبان سنة ٣٧٠ وكان قد قبلت شهادته عند الحكّام في حداثته، ولم يزل على ذلك مقبولاً إلى آخر عمره.

وكان متحفّظاً في الشهادة محتاطاً صدوقاً في الحديث. وتقلّد قضاء نواح عدّة منها: المدائن وأعمالها وآذربيجان والبردان وقرميسين.

قلت: روى لنا عنه أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ببغداد الكثير، وكانت له عن التنوخي إجازة صحيحة.

مات في المحرم سنة ٤٤٧ »(١) .

٢ - ابن خلكان: بترجمة أبيه: « وأمّا ولده أبو القاسم علي بن المحسن ابن علي التنوخي، فكان أديباً فاضلاً » ثم ذكر كلام الخطيب(٢) .

____________________

(١). الأنساب للسمعاني ٣ / ٩٣ - ٩٤.

(٢). وفيات الأعيان ٤ / ١٦٢.

١٥٤

إعتراف ابن عبد البر بكونه من أثبت الأخبار وأصحّها

وقال أبو عمر يوسف بن عبد البر: « وروى قوله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى جماعة من الصحابة، وهو من أثبت الأخبار وأصحّها. رواه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: سعد بن أبي وقاص، وطرق حديث سعد فيه كثيرة جدّاً، قد ذكره ابن أبي خيثمة وغيره، ورواه ابن عبّاس وأبو سعيد الخدري وجماعة يطول ذكرهم »(١) .

إعتراف المزي بكونه من أثبت الآثار وأصحّها

وكذا قال المزي بترجمة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهذه عبارته: « خلّفه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. وروى قوله صلّى الله عليه وسلّم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى جماعة من الصحابة، وهو من أثبت الآثار وأصحّها. رواه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:

سعد بن أبي وقاص

وابن عبّاس

وأبو سعيد الخدري

وجابر بن عبدالله

وأم سلمة

وأسماء بنت عميس

وجماعة يطول ذكرهم »(٢) .

____________________

(١). الإستيعاب ٣ / ١٠٩٧.

(٢). تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٣.

١٥٥

ذكر الكنجي عدداً من رواته من الصحابة

وقال الكنجي بعد رواية الحديث « عن عددٍ كثيرٍ من الصحابة » قال: « منهم:

عمر

وعلي

وسعد

وأبو هريرة

وابن عبّاس

وابن جعفر

ومعاوية

وجابر بن عبدالله

وأبو سعيد الخدري

والبراء بن عازب

وزيد بن أرقم

وجابر بن سمرة

وأنس بن مالك

وزيد بن أبي أوفى

ونبيط بن شريط

ومالك بن الحويرث

وأسماء بنت عميس

وفاطمة بنت حمزة

١٥٦

وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين »(١) .

ذكر ابن كثير كلام ابن عساكر

وقال ابن كثير بعد رواية الحديث من طرقٍ عديدةٍ: « وقد رواه غير واحد عن عائشة بنت سعد عن أبيها. قال ابن عساكر: وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جماعة من الصحابة منهم:

عمر

وعلي

وابن عبّاس

وعبدالله بن جعفر

ومعاوية

وجابر بن عبدالله

وجابر بن سمرة

وأبو سعيد

والبراء بن عازب

وزيد بن أبي أوفى

ونبيط بن شريط

وحبشي بن جنادة

ومالك بن الحويرث

وأنس بن مالك

وأبو الفيل

____________________

(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٢٨٥.

١٥٧

وأم سلمة

وأسماء بنت عميس

وفاطمة بنت حمزة.

وقد تقصّى ابن عساكر هذه الأحاديث في ترجمة علي من تاريخه فأجاد وأفاد، وبرّز على النظراء والأشباه والأنداد، فرحمه ربّ العباد يوم التناد »(١) .

إعتراف العسقلاني بكثرة طرقه

وقال ابن حجر العسقلاني بعد رواية الحديث عن جماعة عن بعض الصّحابة: « روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عن غير سعد، من حديث:

عمر

وعلي نفسه

وأبي هريرة

وابن عبّاس

وجابر بن عبدالله

والبراء

وزيد بن أرقم

وأبي سعيد

وأنس

وجابر بن سمرة

وحبشي بن جنادة

ومعاوية

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤١ - ٣٤٢.

١٥٨

وأسماء بنت عميس

وغيرهم. وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي »(١) .

كلام ابن حجر المكي

وقال ابن حجر المكّي لدى رواية هذا الحديث: « أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، وأحمد والبزار عن أبي سعيد الخدري، والطبراني عن أسماء بنت عميس، وأم سلمة، وحبشي بن جنادة، وابن عمر، وابن عبّاس، وجابر بن سمرة، وعلي، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم:

إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي »(٢) .

تواتر هذا الحديث

وإذ ثبت كثرة طرق هذا الحديث، وأنّه من حديث أكثر من عشرين من الصّحابة فلا ريب في تواتره عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنَّ القوم يدّعون التواتر في خبر صلاة أبي بكر بزعم كونه من حديث ثمانيٍة من الصحابة قال ابن حجر: « واعلم أن هذا الحديث متواتر، فإنه ورد من حديث عائشة، وابن مسعود، وابن عبّاس، وابن عمر، وعبدالله بن زمعة، وأبي سعيد، وعلي بن أبي طالب، وحفصة ».

بل التواتر يتحقق عند ابن حزم بورود الحديث عن أربعةٍ من الصّحابة

____________________

(١). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٦٠.

(٢). الصواعق المحرقة: ١٨٧.

١٥٩

وعلى هذا منع بيع الماء في كتابه ( المحلّى ).

فإذا كان الحديث برواية الثمانية بل الأربعة متواتراً، فهو برواية أضعاف ذلك متواتر بالأولويّة القطعيّة

ومن هنا اعترف بعض أكابر القوم بتواتر حديث المنزلة:

تواتره عند الحاكم

منهم: الحاكم النيسابوري فقد قال الكنجي بعد رواية الحديث:

« قلت: هذا حديث متفق على صحّته، رواه الأئمة الحفاظ كأبي عبدالله البخاري في صحيحه، ومسلم بن الحجاج في صحيحه، وأبو داود في سننه، وأبي عيسى الترمذي في جامعه، وأبي عبد الرحمن النسائي في سننه، وابن ماجة القزويني في سننه.

واتفق الجميع على صحّته حتى صار ذلك إجماعاً منهم.

قال الحاكم النيسابوري: هذا حديث دخل في حد التواتر »(١) .

تواتره عند السّيوطي

ومنهم: الحافظ جلال الدين السيوطي، فإنه أدرجه في كتابٍ له في الأحاديث المتواترة حيث قال: « حديث: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. أخرجه أحمد عن أبي سعيد الخدري وأسماء بنت عميس. والطبراني عن: أم سلمة وابن عبّاس وحبشي بن جنادة وابن عمر وعلي وجابر ابن سمرة والبراء بن عازب وزيد بن أرقم »(٢) .

____________________

(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٢٨٣.

(٢). الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة - حرف الألف.

١٦٠

تواتره عند المتقي

ومنهم: الشيخ علي المتقي في كتابٍ له في المتواترات قال في أوّله: « الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله صلّى الله عليه وسلّم وبعد: - فيقول الفقير إلى الله تعالى علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي: هذه الأحاديث متواترة نحو اثنين وثمانين حديثاً، التي جمعها العلامة السيوطي رحمة الله تعالى عليه وسمّاها قطف الأزهار المتناثرة. وذكر فيها رواتها من الصحابة عشرة فصاعداً، لكني حذفت الرواة وذكرت متن الأحاديث ليسهل حفظها وهي هذه « قال:

« من كنت مولاه فعلي مولاه -

أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى ».

تواتره عند محمد صدر العالم

وقال محمد صدر العالم: « أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، وأحمد والبزار عن أبي سعيد الخدري، والطبراني عن أسماء بنت عميس وأم سلمة وحبشي بن جنادة، وابن عمر وابن عبّاس وجابر بن سمرة وعلي والبراء ابن عازب وزيد بن أرقم:

إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

وهذا الحديث متواتر عند السيوطيرحمه‌الله »(١) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

١٦١

تواتره عند ولي الله الدهلوي

وقال ولي الله الدهلوي في مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فمن المتواتر حديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. روي ذلك عن: سعد بن أبي وقاص، وأسماء بنت عميس، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عبّاس وغيرهم »(١) .

وقال أيضاً: « وشواهد هذا الحديث كثيرة وهي بالغة حدّ التواتر كما لا يخفى على متتبّعي الحديث »(٢) .

تواتره عند المولوي مبين

وقال المولوي محمد مبين في باب فضائل الإمامعليه‌السلام :

« وأكثر الأحاديث المذكورة في هذا الباب من المتواترات، كحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وحديث: أنا من علي وعلي مني، وأللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وحديث: لأعطين الرّاية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. وغيرها »(٣) .

____________________

(١). إزالة الخفا - مآثر علي بن أبي طالب، من المقصد الثاني.

(٢). قرّة العينين: ١٣٨.

(٣). وسيلة النجاة في مناقب السادات: ٧١، الباب الثاني من أبواب الكتاب.

١٦٢

دحض المكابرة

في صحّة الحديث أو تواتره

١٦٣

١٦٤

فهذا حديث المنزلة وصحّته وثبوته وشهرته بل تواتره عند أهل السنّة، حسب تصريحات كبار أساطينهم ومشاهير أئمتهم وعلمائهم

فالعجب كلّ العجب من جماعةٍ من متكلّميهم الأعلام يضطرّهم العجز عن الجواب عن الإستدلال به ويلجؤهم التعصّب للهوى إلى القدح في سنده أو المكابرة في تواتره

أبو الحسن الآمدي

فهذا أبو الحسن الآمدي يقول عنه: « غير صحيح ». والغريب جدّاً ذكر ابن حجر المكي هذا القول الشنيع في مقام الجواب عن الإستدلال فيقول:

« إنّ الحديث إن كان غير صحيح - كما يقول الآمدي - فظاهر »(١) .

ترجمة الآمدي

لكن هذا الرّجل مقدوح مجروح عند علماء أهل السنة، كالذهبي وابن حجر العسقلاني، ويكفي لسقوطه كونه تارك الصّلاة: قال الذهبي:

« سيف الآمدي المتكلّم صاحب التصانيف علي بن أبي علي، قد نفي من دمشق لسوء اعتقاده، وصحّ أنه كان يترك الصلاة، نسأل الله العافية. وكان من الأذكياء. مات سنة ٦٣١ »(٢) .

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٣.

(٢). ميزان الإعتدال ٢ / ٢٥٩ رقم ٣٦٤٧.

١٦٥

فأيّ وجهٍ يتصوّر لاعتماد ابن حجر المكي على قول مثل هذا الرجل الفاسد، إلاّ التعصّب للباطل؟!

لكن هذا القول السّاقط لا يختص بهذا المتكلّم الفاسد، فقد تفوّه به غيره من متكلّميهم:

عضد الدين الإيجي

قال عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي صاحب ( المواقف ) في الجواب عن الإستدلال به: « الجواب: منع صحّة الحديث »(١) .

شمس الدين الإصفهاني

وقال شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الإصفهاني بعد ذكر بعض الأدلة: « والجواب عن الثاني: إنه لا يصحّ الإستدلال به من جهة السند، ولو سلّم صحة سنده قطعاً، لكن لا نسلّم أنّ قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، كلّ منزلة كانت لهارون من موسى »(٢) .

وقال أيضاً: « إنّه لا يصح الإستدلال به من جهة السند كما تقدم في الخبر المتقدم. ولئن سلّم صحة سنده قطعاً، لكن لا نسلّم أن قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، يعمّ كلّ منزلة كانت لهارون من موسى »(٣) .

____________________

(١). المواقف في علم الكلام: ٤٠٦.

(٢). شرح الطوالع - مخطوط.

(٣). شرح التجريد - مخطوط.

١٦٦

التفتازاني

وقال سعد الدين التفتازاني: « والجواب: منع التواتر، بل هو خبر واحد في مقابلة الإجماع، ومنع عموم المنازل »(١) .

وقال أيضاً: « وردّ: بأنه لا تواتر، ولا حصر في علي، ولا عبرة بأخبار الآحاد في مقابلة الإجماع»(٢) .

القوشجي

وقال علاء الدين القوشجي: « وأجيب: بأنّه على تقدير صحّته، لا يدلّ على بقائه خليفةً بعد وفاته دلالةً قطعيّةً، مع وقوع الإجماع على خلافه »(٣) .

الشريف الجرجاني

وقال الشريف الجرجاني في شرح قول صاحب المواقف: « الجواب: منع صحة الحديث »: « كما منعه الآمدي. وعند المحدثين إنه صحيح وإن كان من قبيل الآحاد »(٤) .

إسحاق الهروي

وقال إسحاق الهروي سبط الميرزا مخدوم الشريفي في ( السهام الثاقبة ): « قلنا: التواتر ممنوع. وإنما هو خبر واحد في مقابلة الإجماع فلا يعتبر ».

____________________

(١). شرح المقاصد ٥ / ٢٧٥.

(٢). تهذيب الكلام في الجواب عن حديث المنزلة.

(٣). شرح التجريد: ٣٧٠.

(٤). شرح المواقف ٨ / ٢٦٢ - ٢٦٣.

١٦٧

عبد الكريم الصدّيقي

وقال عبد الكريم نظام الصدّيقي نسباً والحنفي مذهباً في ( إلجام الرافضة ): « والجواب: إنّ هذا الحديث كما قال الآمدي غير صحيح ».

حسام الدين السهارنفوري

وقال حسام الدين السهارنفوري: « هذا الخبر ممنوع الصحّة كما صرّح به الآمدي، وعلى تقدير صحّته كما هو مختار المحدثين، فهو خبر واحد لا متواتر، فلا يصلح للإحتجاج على الخلافة»(١) .

حاصل كلماتهم أمران:

وأنت إذا لاحظت كلمات هؤلاء رأيت الواحد منهم يتّبع الآخر ويقلّده فيما قال ولا يزيد عليه بشىء إنّ الغرض هو إبطال إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وردّ الإستدلال على إثباتها بأيّ طريقٍ كان

لقد لاحظت أنّ حاصل كلماتهم في مقام الجواب عن الإستدلال بهذا الحديث الشريف هو:

١ - المنع من صحّته

فالآمدي يقول: « هذا الحديث غير صحيح » ثم يأتي من بعده غيره ويأخذ منه هذا من أن غير يوضّح وجهه ويبيّن دليله

____________________

(١). مرافض الروافض - مخطوط.

١٦٨

الجواب عنه

لكن يكفي في الجواب عنه ما تقدّم سابقاً من أنّ هذا الحديث في أعلى درجات الصحّة عند القوم، فقد رووه بالأسانيد المعتبرة والطرق المتكثرة عن جمع غفير من الصّحابة، ثم نصّوا على صحّته وقالوا بتواتره عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخرجه الشيخان في صحيحيهما، وكذا غيرهما من أصحاب الصّحاح فإذا لم يكن هذا الحديث صحيحاً سنداً فأيّ حديث عندهم صحيح؟ وإذا أمكن القدح في سند هكذا صحيح فبأيّ شيء يمكنهم إثبات فضيلةٍ لمشايخهم أو معتَقدٍ من عقائدهم أو حكمٍ من الأحكام الشرعية؟

فإذا كان هذا حال أساطين أهل السنة في مقابلة الشيعة، فأيّ خيرٍ منهم يطلب، وأيّ إنصافٍ يرتجى في شيء من المباحث العلميّة؟

ومن هنا يعلم أنْ لا ملاك عند القوم ولا ضابطة يقفون عندها ولا قاعدة يلتزمون بها في البحث مع الشّيعة

لقد وصف ابن حجر المكّي الصحيحين بأنهما « أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتدّ به»(١) وكذا قال غيره كما لا يخفى على من راجع ( المنهاج في شرح المنهاج للنووي ) و ( شرح النخبة لابن حجر العسقلاني ) و ( قرة العينين للدهلوي ) وغيرها.

وزعموا أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل كتاب البخاري كتابه، وأمر بدراسته، كما في ( مقدمة فتح الباري ).

ونقلوا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم بصحّة جميع أحاديث البخاري والإذن بروايتها عنه، وكذا صحيح مسلم كما في ( الدر الثمين في

____________________

(١). الصواعق المحرقة، الفصل الأوّل، في كيفيّة خلافة أبي بكر.

١٦٩

مبشّرات النبي الأمين ) لولي الله الدهلوي.

وذهبوا إلى القول بأنّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين كما في ( حجّة الله البالغة ).

وتجرّأوا على ردّ فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام الواردة في أخبار الفريقين، بسبب المخالفة بينها وبين أحاديث الصحيحين، وتقديم أحاديثهما بدعوى قيام الإجماع على صحّتها دون غيرها كما في ( قرّة العينين )

وطعنوا على الشيعة عدم اعتمادهم على أحاديثهما كما في ( النواقض )

إلى غير ذلك ممّا قالوه في شأن الصحيحين

ومع كلّ هذا يقدحون في حديث المنزلة المخرّج فيهما!!

وعلى الجملة فإنّ ما سبق ذكره في سند حديث المنزلة، وما قالوه في صحّته وثبوته وتواتره لا سيّما كونه من أحاديث الصحيحين والصحاح الأخرى كافٍ لدحض القدح في سند هذا الحديث

٢ - نفي تواتره وأنّه خبر واحد

والأمر الثاني نفي تواتره وزعم كونه من الآحاد بعد الإعتراف بكونه صحيحاً عند أهل الحديث.

الجواب عنه

إنّ هذا كسابقه واضح السّقوط لما عرفت من أنه من حديث أكثر من عشرين نفساً من الصّحابة، وقد ادّعى ابن حجر التواتر فيما رواه ثمانية، وابن حزم فيما رواه أربعة منهم.

على أنّ جماعة من أكابرهم - وعلى رأسهم الحاكم النيسابوري - ينصّون على تواتره، والسّيوطي والمتقي يذكرانه فيما ألّفاه في الأحاديث المتواترة.

١٧٠

وجوه صحّة الإحتجاج به ولو كان واحداً

على أنّا لو سلّمنا عدم تواتره وكونه من أخبار الآحاد، فلنا وجوه عديدة على جواز الإستدلال والإحتجاج به على إمامة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام :

١ - تأيّده بأحاديث متواترة

إنّ حديث المنزلة - على فرض عدم تواتره - تؤيّده أحاديث متواترة قطعاً مثل حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. ونحوه ممّا تواتر نقله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتبهم، في فضائل ومناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢ - تواتره عند الشيعة

إن كون هذا الحديث متواتراً عند الشيعة بلا ريب، وكونه منقولاً عند الأعلام والأساطين من أهل السنّة - وبطرقٍ كثيرة - يوجب القطع بصدوره، وما هذا شأنه لا عائبة في التمسّك به.

٣ - تمسّكهم بالآحاد في مختلف الأبحاث

إنّ الإحتجاج بالآحاد جائز عند أهل السنّة، وهذا ديدنهم ودأبهم في مختلف الأبحاث، فلو فرض كون حديث المنزلة من الآحاد فالتمسّك به جائز.

بل إنّ في كلمات بعضهم الحكم بكفر من أنكر الخبر

١٧١

الواحد والقياس وقال إنه ليس بحجة فإنه يصير كافراً. ولو قال: هذا الخبر غير صحيح وهذا القياس غير ثابت لا يصير كافراً ولكن يصير فاسقاً »(١) .

٤ - النقض بحديث: الأئمة من قريش

إن العمدة في الخلافة البكريّة وأصل دليلها عند أهل السنّة هو خبر واحد، أعني حديث « الأئمة من قريش » الذي رواه أبو بكر نفسه وتفرّد به حسبما صرّح به أئمّتهم(٢) فالإلتزام بعدم جواز الإستدلال بخبر الواحد في مسألة الخلافة يستلزم قلع أساس الخلافة البكريّة

* قال الفخر الرازي في المسألة الثامنة من الأصل العشرين، من كتابه ( نهاية العقول ) -: « قوله: الأنصار طلبوا الإمامة مع علمهم بقولهعليه‌السلام : الأئمة من قريش.

قلنا: هذا الحديث من باب الآحاد. ثم إنه ضعيف الدلالة على منع غير القرشي من الإمامة، لأنّ وجه التعلّق به إمّا من حيث أن تعليق الحكم بالإسم يقتضي نفيه عن غيره، أو لأن الألف واللام يقتضيان الإستغراق. والأول باطل، والثاني مختلف فيه. فكيف يساوي ذلك ما يدّعونه من النصّ المتواتر الذي لا يحتمل التأويل؟

وأيضاً: فلأن الحديث مع ضعفه في الأصل والدلالة لمـّا احتجّوا به على الأنصار تركوا طلب الإمامة، فكيف يعتقد بهم عدم قبول النصّ الجلي المتواتر؟ ».

____________________

(١). هداية السعداء - الجلوة الرابعة من الهداية السابعة - مخلوط.

(٢). ذكر علماء أهل السنّة تفرّد أبي بكر بحديثين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدهما: إنا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة. والآخر: الأئمة من قريش، وستعلم بذلك في النصوص الآتية.

١٧٢

فإذا جاز إحتجاج أبي بكر بحديثٍ واحد تفرّد به - مع ضعفه في الدلالة كما اعترف الرازي - جاز للشيعة الإحتجاج بحديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لأنّه - حتّى لو كان غير متواتر عند أهل السنة - أقوى من الحديث المذكور سنداً ودلالةً بلا ريب.

ولو أمعنت النظر في عبارة الرازي المذكورة لرأيتها في قوّة ألف دليل على بطلان خلافة أبي بكر، لأن الدليل الذي احتجّ به أبو بكر على استحقاقه الخلافة دون الأنصار ضعيف في الأصل والدلالة، ومن المعلوم أن ما كان ضعيفاً في الدلالة لا يجوز الإحتجاج به قطعاً وإنْ كان قوياً في الأصل، فكيف لو كان ضعيفاً في الأصل كذلك؟

* وصاحب ( المرافض ) أيضاً يصرّح بكون خبر « الأئمة من قريش » خبر واحدٍ ولا يفيد إلّا الظن، وقد كان للأنصار مجال للبحث فيه.

* وكذا صاحب ( النواقض ) ينصّ على ذلك لكنه يعزو روايته إلى « رجل » وهذه عبارته - في الفصل الثالث من فصول الكتاب -:

« الدليل العاشر: إعلم أن أرباب السير وأصحاب الحديث نقلوا أنّ في يوم السقيفة لمـّا اختلفوا أولاً في أمر الخلافة، وكانت الأنصار يقولون: لا نرضى بخلافة المهاجرين علينا، بل منّا أمير ومنكم أمير، قام رجل وقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: الأئمة من قريش. فسكت الأنصار وبايعوا أبا بكر، لغاية إتّباعهم أقوال النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكمال تقواهم. ومع أن خلافة المهاجرين عليهم كانت عندهم مكروهة غاية الكراهة رضوا بمجرّد خبر واحدٍ وإنْ كان لهم مجال بحثٍ فيه ».

* ومن طرائف المقام اعتراف القوم بانحصار دليل خلافة أبي بكر بهذا الحديث الذي عرفت حاله أنظر إلى المولوي عبد العلي شارح ( مسلَّم

١٧٣

الثبوت ) يقول مازجاً بالمتن:

« ولنا ثانياً: إجماع الصّحابة على وجوب العمل بخبر العدل، وليس فيه استدلال بعمل البعض حتى يرد أنه ليس حجةً ما لم يكن إجماعاً، وفيهم أمير المؤمنين علي، وفي إفراده كرّم الله وجهه قطعٌ لما سوّلت به أنفس الروافض - خذلهم الله تعالى - بدليل ما تواتر عنهم، وفيه تنبيه لدفع أنّ الإجماع أحادي، فإثبات المطلوب به دور، - من الإحتجاج والعمل به، أي بخبر الواحد، لا إنه اتفق فتواهم بمضمون الخبر، وعلى هذا لا يرد أن العمل بدليلٍ آخر، غاية ما في الباب إنه وافق مضمون الخبر - في الوقائع التي لا تحصى - وهذا يفيد العلم بأن عملهم لكونه خبر عدلٍ في عملي - وبه اندفع أنّه يجوز أن يكون العمل ببعض الأخبار للإحتفاف بالقرائن ولا يثبت الكلّية - من غير نكير من واحد. وذلك يوجب العلم عادةً لأتّفاقهم، كالقولِ الصريح الموجب للعلم بهِ، كما في التجربيّات. وبه اندفع أن الإجماع سكوتي وهو لا يفيد العلم. ثم فصّل بعض الوقائع فقال:

فمن ذلك: عمل الكل من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، بخبر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبي بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه: الأئمة من قريش. ونحن معاشر الأنبياء لا نورّث. وقد تقدّم تخريجهما. والأنبياء يدفنون حيث يموتون. حين اختلفوا في دفن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. رواه ابن الجوزي، كذا نقل عن التقرير »(١) .

أقول:

فظهر أن حديث « الأئمة من قريش » من الأخبار الآحاد التي عمل بها أصحاب النبي واحتجّوابها، لا أنهم عملوا في المسألة بدليلٍ آخر، غاية ما في

____________________

(١). فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت ٢ / ١٣٢.

١٧٤

الباب أنه وافق مضمون الخبر.

فثبت إنحصار دليل صرف الخلافة عن الأنصار إلى أبي بكر بالحديث المذكور الذي عرفت حاله.

كما أن قول صاحب ( النواقض ): « رضوا بمجرّد خبر واحدٍ » نص في أن رضاهم كان بسبب هذا الخبر وحده لا لأمرٍ آخر ولعلّه لما ذكرنا استحيى الرجل من نسبة رواية الحديث إلى أبي بكر، فنسبها إلى « رجل »!!

ولعلّه من هنا ادّعى ابن روزبهان في كتابه ( الباطل ) أن أبا بكر لم يرو هذا الحديث أصلاً فقال: « فأمّا حديث الأئمة من قريش فلم يروه أبو بكر، بل رواه غيره من الصحابة، وهو كان لا يعتمد على خبر الواحد ».

لكنّها دعوى في غاية الغرابة، فإنّ علماء القوم ينسبون روايته والإحتجاج به إلى أبي بكر جازمين بذلك، في غير موضعٍ من بحوثهم كما لا يخفى على من يلاحظ ( شرح المختصر ) حيث جاء فيه: « وعمل الصحابة بخبر أبي بكر: الأئمة من قريش »(٢) و ( فواتح الرحموت - شرح مسلّم الثبوت ) وقد تقدّمت عبارته، و ( إزالة الخفا في سيرة الخلفاء ) وغيرها من كتب القوم

لكن عبارة ابن روزبهان أيضاً ظاهرة في وهن هذا الحديث وسقوطه عن الصلاحيّة للإحتجاج به للخلافة فلا تغفل.

٥ - قطعيّة أحاديث الصّحيحين

إنّ حديث المنزلة - لكونه في الصحيحين - مقطوع الصدور لو فرض أنّه ليس على حدّ التواتر لأنّ أحاديث الصحيحين مقطوعة الصدور لدى: إبن الصلاح، وأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيين، والقاضي أبي الطيّب، والشيخ

____________________

(١). شرح مختصر الأصول للعضدي ٢ / ٥٩.

١٧٥

أبي إسحاق الشيرازي، وأبي عبدالله الحميدي، وأبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، والسرخسي الحنفي، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وأبي يعلى وابن الزاغوني الحنبليين، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام، وأهل الحديث قاطبةً، وهو مذهب السّلف عامة، ومحمد بن طاهر المقدسي - بل قال بذلك فيما كان على شرطهما أيضاً - والبلقيني، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وإبراهيم الكردي الكوراني، وأحمد النخلي، وعبد الحق الدهلوي، وولي الله الدهلوي

فهؤلاء كلّهم وغيرهم يقولون بأنّ حديث الصحيحين مقطوع بصحّته

وإليك بعض التصريحات الواردة عنهم في هذا الباب، نذكرها بإيجاز مقتصرين على محلّ الحاجة منها:

* قال السيوطي بشرح التقريب مازجاً به: « وإذا قالوا: صحيح متفق عليه، أو على صحته، فمرادهم إتفاق الشيخين لا إتفاق الاُمّة. قال ابن الصّلاح: لكنْ يلزم من إتفاقهما إتفاق الاُمة عليه، لتلقّيهم له بالقبول. وذكر الشيخ - يعني ابن الصلاح -: ( إنّ ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحّته، والعلم القطعي حاصل فيه ) قال: خلافاً لمن نفى ذلك

قال البلقيني: ما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصّلاح عن جماعةٍ من الشافعية، كأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيين، والقاضي أبي الطيّب، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وعن السرخسي والزاغوني من الحنابلة، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام من الأشعريّة، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة. بل بالغ ابن طاهر المقدسي في صفوة التصوف فألحق به ما كان على شرطهما وإنْ لم يخرجاه

١٧٦

وقال شيخ الإسلام: ما ذكره النووي في شرح مسلّم من جهة الأكثرين، أمّا المحقّقون فلا، وقد وافق ابن الصلاح أيضاً محققون

وقال ابن كثير: وأنا مع ابن الصّلاح فيما عوّل عليه وأرشد إليه.

قلت: وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه »(١) .

* قال محمد أكرم بن عبد الرحمن المكي في ( إمعان النظر في توضيح نخبة الفكر ): « وانتصر لابن الصّلاح: المصنّف، ومن قبله شيخه البلقيني تبعاً لابن تيمية ».

* وقال الزين العراقي في ( شرح الألفية ):

« حكم الصحيحين والتعليق:

ص:

وأقطع بصحةٍ لما قد أسند

كذا له وقيل ظناً ولَدا

محقّقيهم قد عزاه النووي

وفي الصحيح بعض شيء قد روي

مضعَّف ولهما بلا سند

أشياء فإن يجزم فصحيح أو ورد

ممرّضاً فلا ولكن يشعر

بصحّة الأصل له كيُذكر

ش: أي ما أسنده البخاري ومسلم، يريد ما روياه بإسنادهما المتّصل فهو مقطوع لصحته. كذا قال ابن الصلاح، قال: والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لمن نفى، وقد سبق إلى نحو ذلك: محمد بن طاهر المقدسي، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف.

قال النووي: وخالف إبن الصلاح المحققون والأكثرون فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر »(٢) .

____________________

(١). تدريب الراوي ١ / ١٣١ وإلى ١٣٤.

(٢). فتح المغيث في شرح ألفية الحديث ١ / ٥٨.

١٧٧

* وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( تحقيق البشارة إلى تعميم الإشارة ): « ثم المتواتر يفيد العلم اليقيني ضرورياً. وقد يفيد خبر الواحد أيضاً العلم اليقيني لكن نظرياً بالقرائن، على ما هو المختار. قال الشيخ الإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في شرح نخبة الفكر: والخبر المحتف بالقرائن أنواع، منها: المشهور إذا كانت له طرق متبائنة سالمةً من ضعف الرواة والعلل. ومنها: ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما ما لم يبلغ حدّ التواتر، فإنه احتفّ بقرائن، منها جلالتهما في هذا الشأن وتقدّمهما في تمييز الصحيح على غيرهما، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وممّن صرّح من أئمة الاُصول بإفادة ما خرّجه الشيخان العلم اليقيني النظري: الاُستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، ومن أئمة الحديث: أبو عبدالله الحميدي وأبو الفضل بن طاهر ».

* وللشيخ محمد معين بن محمد أمين رسالة مفردة في إثبات قطعية صدور أحاديث الصحيحين، أدرجها في كتابه ( دراسات اللبيب ) وإليك جملاً من عباراته:

« إن أحاديث الجامع الصحيح للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، وكتاب الصحيح للإمام أبي الحسين مسلم بن حجاج القشيري - رحمهما الله تعالى ونفعنا ببركاتهما - هي رأس مال من سلك الطريق إلى الله تعالى، بالأسوة الحسنة بخير الخلق قاطبة والمعجزة الباقية من رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم، من حيث حفاظ أسانيدها على مرّ الدهور إلى زماننا هذا. فهي تلو القرآن في إعجازه الباقي ».

« قد فصّل وبيّن إمام وقته الحافظ جلال الدين السيوطي في هذا الكلام، من دلائل الطرفين والتأييد بأقوال المحققين لابن الصلاح ما فيه مغنىً للعاقل.

فقد تبّين أنه وافقه إجماع المحدثين بعد الموافقة مع علماء المذاهب

١٧٨

الأربعة جميعاً، ووافقه المتكلّمون من الأشاعرة ووافقه المتأخرون وهم النقّادون الممعنون النظر في دليل السابقين وهو المختار عند الإمام الحافظ السيوطي وهو مجدّد وقته ».

« تمسّك ابن الصّلاح بما صورة شكله: ما في الصحيحين مقطوع الصدور عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأن الامة اجتمعت على قبوله، وكلّما اجتمعت الامة على قبوله مقطوع، فما في الصحيحين مقطوع.

أمّا ثبوت الصغرى فبالتواتر عن الأسلاف إلى الأخلاف.

وأمّا الكبرى فبما يثبت قطعية الإجماع ولو على الظن، كما إذا حصل الإجماع في مسألة قياسية. فإن الإجماع هناك ظنون مجتمعة أورثت القطع بالمظنون، لعصمة الأمة، فكذا هنا أخبار الآحاد مظنونة في نفسها، فإذا حصل الإجماع عليها أورثت القطع.

وتمسّك النووي بما صورة شكله: ما في الصحيحين مظنون الصدور عن النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم، لأنه من أحاديث الآحاد، وكلّما هو من أحاديث الآحاد مظنون، فهذا مظنون.

أمّا ثبوت الصغرى فظاهر، لندرة التواتر جدّاً.

وأمّا ثبوت الكبرى فمفروغ عنه في الفن.

فهذه صورة المعارضة بين التمسّكين، وهي ظاهر تحرير الكتاب، ولنبيّن الموازنة والمواجهة بينهما، بأن نأخذ دليل النووي في صورة المنع على دليل ابن الصلاح، ثم نحرّر مقدمة دليله الممنوعة، فإنْ تحصّن بالتحرير عن منعه فالحق معه، وإلّا فهو في ذمة المطالبة. وأنت تعرف أن المانع أجلد الخصمين وأوسعهما مجالاً، فنعط هذا المنصب لمن يخالف ما نعتقده من مذهب ابن الصلاح ومن معه، حتى يظهر الحق إن ظهر في غاية سطوعه ».

١٧٩

ثم شرع في تحقيق المسألة، وانتصر لابن الصّلاح، وإن شئت التفصيل فراجع رسالته التي أسماها: ( غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي وابن الصلاح ) المدرجة في كتابه ( دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب ).

* وهو مختار الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي في رسالته ( إعمال الفكر والرّويات في شرح حديث إنما الأعمال بالنيّات ) وفي رسالته ( بلغة المسير إلى توحيد الله العليّ الكبير ). فإنّه ذكر مذهب ابن الصلاح وأيّده في أكثر من موضع، وذكر: « إنّ كلام الشّيخ ابن الصّلاحرحمه‌الله هذا كلام موجّه، محقق وإنْ ردّه الإمام النووي ».

* وقال ولي الله الدهلوي: « وأمّا الصحيحان فقد اتّفق المحدّثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وإنهما متواتران إلى مصنّفيهما، وأنّ كلّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين »(١) .

* والأطرف من الكل: نقل الشيخ عبد المعطي - وهو من مشايخ القوم - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشافهةً، تنصيصه على صحة جميع ما أخرجه البخاري!!! ذكر ذلك الشيخ أحمد النخلي المتوفى سنة ١١٣٠ وهو شيخ شيخ ولي الله الدهلوي، وقد وصفه ( الدهلوي ) في رسالته في ( أصول الحديث ) بأنه « أعلم أهل عصره ». وترجم له المرادي فوصفه بـ « الإمام العالم العلامة، المحدّث الفقيه الحبر الفهامة، المحقق المدقق النحرير »(٢) .

* نعم، ذكر النخلي هذا في رسالة ( أسانيده ) ما هذا نصّه:

« أخبرنا شيخنا جمال الدين القيرواني، عن شيخه الشيخ يحيى الخطّاب المالكي المكي قال: أخبرنا عمّي الشيخ بركات الخطابي، عن والده، عن جده

____________________

(١). حجّة الله البالغة: ١٣٩ باب طبقات كتب الحديث.

(٢). سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ١٧١.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418