نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار14%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 418

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216895 / تحميل: 8730
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

غذاؤه جحن ومحثل وجدع، وكلما غذي بغير أمه يقال له عجي ويقال عند بني فلان حوار يعاجونه بغير أمه، قال النمر بن تولب :

فأعطت كلما غذيت شبابا

فأنبتها نباتا غير حجن

وقال أوس بن حجر :

وذات هدم عار نواشرها

تصمت بالماء تولبا جدعا

وقال العجاج :

ولم يجلها لائحات الانكال

ولم ينبت شبر بالاحثال

ويقال أصابت الناس سنة فقرقمت السخال أي ساء غذاؤها فصغرت عليه، قال الشاعر [ وهو امرؤ القيس ] :

تطعم فرخا لها صغيرا

قرقمة الجوع والاحثال

قلوب خزان ذي أورال

قوتا كما يرزق العيال

ويقال عوى الفصيل ولا يقال لشئ من البهائم عوى إلا الكلب والذئب، قال ذو الرمة :

به الذئب محزونا كأن عواء‌ه

عواء فصيل آخر الليل محثل

واليتم في البهائم موت الام وفي الانس موت الاب، قال أبو النجم :

خوصاء ترمي باليتيم المحثل

لا تحفل الرجز ولا قيل حل

تخبط الذائد أن لم يرحل ويقال للبعير إذا حسن غذاؤه كانت له درة أمه وعلالتها وعفافتها، فأما الدرة فما ينزل من صلبها إلى ضرتها، وأما العلالة فلبن ينزل

٨١

بعد لبن وأصل ذلك من قولك نهل البعير وعل، فأما النهل فالشربة الاولى وأما العلل فالثانية، وأما العفافة فأن يحلب الرجل الناقة أو الشاة ويلقي ولدها عليها فما أنزلت بعد ذلك فهي العفافة، قال الاعشى وذكر ظبية ترضع ولدها ما تجافى عنه النهار وما تعجوه إلا عفافة أو فواق الفواق ما بين الحلبتين يقال انتظره فواق ناقة، ويقال قد اجتمع فيقة في ضرعها فاحلب، ويقال استفق ناقتك أي انظر هل دنا فواقها الذي يجتمع فيه اللبن، ويقال أفاقت هي وإفاقتها نزول اللبن بعد الحلب وجيئته بعد وقت حلبها، وما اجتمع في الضرع سمي فيقة، قال الاعشى :

حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت

جاء‌ت لترضع شق النفس لو رضعا

وفيقات جمع فيقة، وقال الراجز :

غزر له بوقات فيقات بوق

اعمد براعيس أبوها ذعلوق

ذعلوق اسم فحل، بوق فعل من البائقة وهي الدفعة الشديدة من المطر، ويقول أهل الحجاز رضع يرضع ويقول قيس وتميم رضع يرضع، قال وأنشدنا عيسى بن عمر [ لعبدالله بن همام السلولي ] قال ينشده أهل الحجاز :

وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها

أفاويق حتى ما يدر لها ثعل

الثعل خلف زائد في الاخلاف، والثعل أيضا سن زائدة في الاسنان، ويقال شاة ثعول، فإذا خدجت الناقة لسبعة أشهر أو ثمانية فعطفت على ولدها الذي من عام أول فهي الصعود يقال

٨٢

ناقة صعود وإبل صعائد، فإذا خدجت الناقة أو مات فعطفت على غيره فرئمته فهي رائم ورؤوم، فإذا لم ترأم دس في حيائها خرق ثم خل عليها ثم لطخ الولد الذي يريدون أن يعطفوها بسلاها وبما يخرج منها ثم يشد منخراها فيأخذها لذلك كرب فإذا جهدت نزعت غمامتها من أنفها وسل ما في حيائها وأدني منها الولده فوجدت حس ما يخرج منها وتنفس، فإذا خرجت غمامتها من أنفها وجدت ريح السلا من الحوار الذي قرب إليها فتدر وترأمه، والذي يكون في الحياء يسمى الدرجة، وأنشد :

وقد شدت غمامتها عليها

ودرجتا وخيسها الهجار

وقال الآخر :

وكنت كذات البو تعطف كرهة

فطابقت حتى خرمتك الغمائم

فإذا عطفت على الولد فدرت عليه فهي ظؤور ولاهلها ما فضل عن الولد، فإن عطفت على اثنين قسم اللبن بينهما واستعين عليها بلبن أخرى، فإذا غذي الولد كذا بغير أمه فهو عجي والجميع العجايا، فإذا عطف ثلاث على واحد أو ثنتان على واحد فرئمتاه جميعا فغذي الواحد بالواحدة وتخلى أهل البيت بالاخرى لانفسهم فهي تسمى الخلية، فإذا تركت الناقة مع ولدها ولم تعطف على غيره فهي بسط وبسط والجماع أبساط، قال أبوالنجم :

بلهاء لم تحفظ ولم تضيع

يدفع عنها الجوع كل مدفع

خمسون بسطا في خلايا أربع يصف امرأة يقول لم تكن تخاف فيوضع عليها رقيب ولم تكن ممن

٨٣

يهون على أهله فيتركوها فهي بين ذلك، وقوله في خلايا أربع أي مع خلايا أربع كقول النابغة الجعدي :

ولوح الذراعين في بركة

إلى جؤجؤ رهل المنكب

إنما أراد مع بركة، فإذا رئمت بأنفها ومنعت درتها فهي العلوق، قال النابغة الجعدي :

وكيف تواصل من أصبحت

خلالته كأبي مرحب

رآك ببث فلم يلتفت

إليك وقال كذاك ادأب

وما نحني كمناح العلو

ق ما تر من غرة تضرب

قال وأنشدني أبوعمرو بن العلاء [ لافنون التغلبي ] :

عما جزوا عامرا سوأى بحسنهم

أم عم يجزونني السوأى من الحسن

أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به

رئمان أنف إذا ما ضن باللبن

وإذا نفرت عن الولد قيل ناقة مذائر فإذا صرت فالخشب الذي يشد بالخيط على خلفها التودية و [ الجماع ] التوادي، قال الراجز :

يحملن في سحق من الخفاف

تواديا شوبهن من خلاف

وقال الآخر ينوء بقلع راعيها التوادي والقلع الخف الخلق أو جلدة شبه الزنفالجة، ينوء [ بقلع ] راعيها يقول تثقل فيه التوادي حتى يميل، فإذا صرت الناقة فخشي عليها إذا حفلت أو يضيق الصرار جعل بين الخيط والخلف بعرة من بعرها فذلك البعر الذيار، قال الراجز

٨٤

حرقها من النجيل أشهبه

ومرتع من ذي الفلاة يطلبه

قرب وهدانا له مدربه

لا يشتري العطر ولا يستوهبه

إلا ذيارا بيديه جلبه فإذا عضن الصرار حتى يضر به قيل ناقة مجددة الاخلاف، قال حميد الارقط يذكر قطا :

ضربا على جآجئ منحات

أولاد أبساط مجددات

منحات متحرفة وهي مجددة ليس لها ضرع وهي مخلاة وولدها يعني القطاط، قال [ مالك بن خالد الخناعي ]

الهذلي رويد عليا جد ما ثدي أمهم

إلينا ولكن ودهم متماين

وقال مسافر بن أبي عمرو :

تمد إلى الاقصاء ثديك كله

وثدي الاداني ذو عوار مجدد

وأصل الجد القطع يقال جد الناس النخل إذا صرموه، قال الشاعر :

كأن المشرفية تختليهم

مخالب خيبر زمن الجداد

فإذا بركت الناقة على بول أو ندى أو أصابتها عين فتعقد لبنها في ضرعها فخرج اللبن خاثرا متقطعا كأنه قطع الاوتار وسائر اللبن ماء أصفر رقيق قيل قد أخرطت ناقة فلان فهي مخرط وهن نوق مخارط ولبنها الخرط، والمنغر التي تحلب لبنا خلطه دم، ويقال ممغر ومنغر ويقال أمغرت وأنغرت والجماع المماغير والمناغير، فإذا كان ذلك من عادتها فهي ممغار ومنغار فإذا حلبت الناقة فحبست لبنها وكرهت الولد وأنكرت الحالب فرفعت درتها قيل غارت تغار مغارة وغرارا وهى ناقة مغار يا فتى، قال العجاج يصف المنجنيق

٨٥

وبضربها مثلا للناقة إذا قل لبنها :

إذا رأى أو رهب الغرارا

موج الوضين قدم الذيارا

الغرار شفرة السيف والسهم، قال حميد الارقط سن غرارية مداويس القين وقال [ الداخل بن حرام ] الهذلي سليم النصل لم يدحض عليه الغرار فقدحه زعل دروج ويقال ما كان نوم فلان إلا غرارا أي خفيف ثم ينقطع، فإذا بعتت بطيبة النفس والدرة قيل نعوس، ودرة الابل مع النعاس ودرة الغنم مع الاجترار، قال حدثني أبوعمرو بن العلاء قال سمعت جندل بن الراعي ينشد بلال بن أبي بردة [ لابيه ] :

نعوس إذا درت جروز إذا غدت

بويزل عام أو سديس كبازل

قال فكاد صدري ينفرج، قال جبيهاء الاشجعي :

رقود لو ان الدف يضرب تحتها

لتنحاش من قاذورة لم يناكر

وقال الراجز :

إذا انفججن رقدا قياما

حسبت في أرفاغها سلاما

والخلفان المقدمان يسميان القادمين والمؤخران يسميان الآخرين، فإذا تركت الناقة بغير صرار فهي باهل والجميع بهل، ويقال أبهلها مع ولدها تشرب متى شاء‌ت، ويقا للسخلة إذا خلي مع أمه من الغنم قد أرجل فهو يرجل إرجالا وكذلك هو من الابل، قال أبو النجم فظل حولا في رضاع نرجله

٨٦

فإذا درت الناقة على غير ولدها أو على غير ما تعطف عليه فهي مرئ كما ترى، ويقال درت تدر درورا إذا أنزلت اللبن، ودر الخراج إذا كثر، وجمع مري مرايا، ومسح الضرع لتدر المرية مضموم وإنما سميت مرايا أنها تدر على المسح، والمسح المري، قال أبوزبيد :

شامذا تتقي المبس عن المر

ية كرها بالصرف ذي الطلاء

وهو الدم الذي يطلى به، والشامذ التي ترفع ذنبها، والمبس الذي يقول لها بس على ذا، والمرية الاسم من المري، يقال مراه يمريه مريا ومرية، ويقال للبعير إذا ظلع فجعل لا يتمكن من الوطي تركته يمري مريا، قال الشاعر :

إذا حل عنها الرحل ألقت برأسها

إلى شذب العيدان أو صفنت تمري

تمري تمسح كأنها معيية فهي تمسح الارض، فإذا اشتدت درتها قيل حفلت وحشكت واشتكرت، فإذا امتلا الضرع إلا شيئا قليلا قيل حالق، قال الخطيئة :

وإن لم يكن إلا الاماليس [ أصبحت ]

بها حالقا ضراتها شكرات

الحالق التي قد دنا ضرعها من الامتلاء، قال ابن لجاء في الضرة :

كأنها نطت إلى ضراتها

من خشب الطلح مجوفاتها

ويروى من نخر الطلح يريد سعة مخارج اللبن، وقال زهير :

كما استغاث بسئ فز غيطلة

خاف العيون فلم ينظر به الحشك

ويقال حشك الوادي بمل‌ء جنبيه إذا دفع، والصرف صبغ أحمر.

٨٧

قال أنشدنا أبوعمرو بن العلاء [ السلمة بن الخرشب الانماري ] :

كميت غير محلفة ولكن

كلون الصرف عل به الاديم

قال وحدثنا أبوعمرو بن العلاء قال يطلع كوكب قبل سهيل يقال له ثور أبيض يسمى المحلف لان الناس يشكون فيه حتى يتحالفون أنه سهيل فمن ثم قيل للشئ يشكون فيه محلف، قال وحدثنا أبوعمرو قال يطلع كوكبان أسفل من ذلك أو معه يقال لهما حضار والوزن وإنما قيل حضار لبياضه، ويقال للابل البيض الحضار، قال أبوذؤيب :

معتقة صهباء صرف سباؤها

بنات المخاض شومها وحضارها

والشوم السود، قال ولم أسمعه إلا في الجماع، ويقال رفقت الناقة ترفق رفقا إذا استدت الاحاليل من ورم وهي مخارج اللبن فخرج اللبن دقيقا، قال ومثل من الامثال يضرب للرجل يخطئ فيكثر شخب في الاناء وشخب في الارض، والشخب ماخرج عند كل غمزة والشخب العمل، فإذا قصر خلف الناقة فلم يخرج لبنها إلا بأصبعين فتلك المصور، قال رجل من فرسان العرب.

أوكل بالخزازة كل يوم

ويقسم بيننا لبن مصور

والعمل المصر، فإذا اتسع الشخب فهي ثرة يقال ناقة ثرة بينة الثرور، ويقال للطعنة الكثيرة الدم ثرة، فإذا أسرع انقطاع لبن الناقة فلم يبق إلا قليلا حتى يحف فهي قطوع، فإذا دام عزرها فهي مكود [ ومنوح ] وإبل مكائد ومنائح ويقال ما نحت ناقة فلان العام أجمع، قال الراجز

٨٨

إن شرك الغزر المكود الدائم

فاعمد براعيس أبوها الرائم

البراعيس جمع برعيس وهي الغزيرة الطيبة النفس بالدرة، فإذا درت الناقة على الجوع والقر فهي مجالح بغير هاء ويقال قد جالحت الناقة تجالح مجالحة شديدة، قال رجل من غطفان :

لها شعر داج وجيد مقلص

وجسم خداري وضرع مجالح

وقال الفرزدق :

مجاليح الشتاء خبعثنات

اذا النكباء ناوحت الشمالا

وكل غليظ الجسم من الابل وغيهرا خبعثن، قال أبوزبيد يصف الاسد :

خبعثنة في ساعديه تزايل

تقول وعى من بعد ما قد تكسرا

والصمرد القليلة اللبن البكيئة، والخنجور الغزيرة، والرهشوش الرقيقة الغزيرة، قال رؤبة :

أنت الجواد رقة الرهشوش

تكرما والهش للهشيش

وقال الحطيئة [ ومنعت وفرا جمعت فيها ] مذممة خناجر أي غزار والواحدة خنجور، والتزنيم أن تشق أذن الناقة ثم تفتل حتى تيبس فتصير معلقة، قال المسيب بن علس:

رأوا نعما سودا فهموا بأخذه

إذا التف من دون الجميع المزنم

رأوا نعما يقول يجاء بهذه الابل قرب البيوت فتلتف فيراها أهل الحوار فيعجبون بها، فإذا كانت الناقة سريعة الاستعطاش

٨٩

قيل ناقة هافة وناقة مهياف، والعسوس شيئان في الابل فأحدهما أن الناقة إذا ضجرت عند الحلب قيل ناقة عسوس وفيها عسس وهو سوء الخلق، ويقال بئس العسوس أي بئست مطلب الدرة، وطلب الدرة أن يدخل فيروز ويمسح الضرع، قال ابن أحمر :

وراحت الشول ولم يحبها

فحل ولم يعتس فيها مدر

أي لم يرز من جهد الناس، ومثل العسوس القسوس وهي التي تطلب في الابل وتبتغى منها الدرة، فإذا شالت الناقة للقاح فهي شائل والجماع الشول، فإذا أتى عليها سبعة أشهر من نتاجها أو ثمانية فهي شائلة بالهاء والجمع شول، قال وهذا عجب ومخرجه صائم وصوم وصاحب وصحب ونائم ونوم وشارب وشرب ويقال مثله ناصر ونصر يريد النصار، قال العجاج :

بواسط أفضل دار دارا

والله سمى نصرك ألانصارا

وقال في أخرى إن قال قيل لم أكن في القيل قائل وقيل من القائلة يقول إن قال أناس لم أكن فيهم يريد القائلين، قال ابن احمر :

وما كنت أخشى أن تكون منيتي

ضريب جلاد الشول حمطا وصافيا

والضريب لبن يجلب بعضه على بعض حتى يتلبد ولا يكون إلا من إبل شتى لا يكون من واحدة، ويقال أكفأ فلان فلانا وهو

٩٠

أن يعطيه أولادها وأوبارها وألبانها تلك السنة كلها كما قال ذو الرمة :

ترى كفأيتها تنفضان ولم يجد

لها ثيل سقب في النتاجين لامس

سبحلا أبا شرخين أحيا بناته

مقاليتها فهي اللباب الحبائس

الشرخان نتاج سنتين من الابل والناس، قال حسان إن شرخ الشباب والشعر الاسود ما لم يعاص كان جنونا شرخ الشباب النتاج الذي ولد مع الشباب، قال الفرزدق :

نأتني الغانبات فقلن هذا

أبونا جاء من تحت السلام

ولو جداتهن سألن عني

رددن علي أضعاف السلام

رأين شروخهن مؤزرات

وشرخ لدي أسنان الهرام

وقال العجاج :

إذا الاعادي حسبونا بخبخوا

صيد تسامى وشروخ شرخ

الصيد داء يأخذ الانف فيميل منه رأس البعير ويسيل منه زبد فيقال للرجل الذي به كبر أصيد فلما كثر تشبيههم به قالوا رجل أصيد وقوم صيد، قال رؤبة يذكر السيوف :

نعصى بغربي كل نصل قداد

إذا استعيرت من جفون الاغماد

فقأن بالصقع يرابيع الصاد ويقال الصيد والصاد ويقال أخذه صيد وصاد إذا أخذه ورم في أنفه، فشبه الورم باليربوع، وقوله تنفضان أي تذهبان، ويقال أنفض بنو فلان إذا ذهب زادهم ويقال أصبح بنو فلان منفضين إذا لم يبق معهم زاد، والمقلات التي لا يعيش

٩١

لها ولد، قال والقلت الهلاك، قال وسمعت شيخا من بلعنبر يقول إن ابن آدم ومتاعه لعلى قلت إلا ما وقى الله، وقال [ أبو المثلم ] الهذلي :

له عكة وله ظبية

إذا أنفض الناس لم ينفض

متى ما أشأ غير زهو الرجا

ل أجعلك رهطا على حيض

وأكحلك بالصاب أو بالجلا

ففقح لكحلك أو غمض

قال الاصمعي قلت لشيخ من هذيل ما فعل أبوك قال رفع رأسه ففقح أي فتح عينيه من المرض، والرهط أديم يؤخذ ويترك أعلاه ويشق الذي يلي الساقين والفخذين فيستتر بالصحيح منه ويهون المشي فيه للشقيق، يقول أجعلك ثوب امرأة حائض، والصاب شجر له لبن إذا قطر على الجلد أحرقه فإن كحل به فذلك البلاء، قال أبوذؤيب :

نام الخلي وبت الليل مشتجرا

كأن عيني فيها الصاب مذبوح

وقال الآخر :

كأن الخزامى طلة في ثيابها

إذا طرقت أو فار مسك يذبح

يقول كأن الخزامى ندية في ثيابها يعني طيب ريحها ولو كانت يابسة ذهب ريحها، وقال المتنخل:

بطعن يفجر اللبات ثر

وضرب مثل تعطيط الرهاط

أي مثل تشقيق الرهاط، ويقال ما في إبله قاضية أي ليس فيها ما يجوز عند أصحاب الصدقة ولا في الديات، والقاضية التي تقضي عنه، قال ابن أحمر

٩٢

لعمرك ما أعان أبوحكيم

بقاضية ولا بكر نجيب

فصدق ما أقول بحبحبي

كفرخ الصعو في العام الجديب

فلا تبعد فقد بعدت وضاعت

قلاص العقل بعد بني حبيب

وهي القواضي قال أدنى ما يجوز في الدية [ القاضية ] والفريضة من مخاض، وفي الابل الطرف والتلد، فأما الطرف فالتي اشتريت حديثا والتلد واحدها تليد وهو الذي اشتري منذ حين فتلد عندهم أي طال مقامه، والتلاد الذي ولد عندهم والتلاد الواحد والجميع فيه سواء، قال الشاعر :

أخذت الدين أدفع عن تلادي

وأخذ الدين أهلك للتلاد

والتلاد من أتلدنا عندنا فنحن نتلد إتلادا، سمعت المنتجع بن نبهان يقول لرجل حلف على باطل :

كأنما تأكل مالا متلدا

وإنما تأكل جمرا موقدا

قال وأصله من الواو مثل التكلان والتخمة، قال الاعشى :

كثير النوافل تبري له

مرازى لست بعدادها

ومنكوحة غير ممهورة

وأخرى يقال لها فادها

ومنزوعة من فناء امرئ

لمبرك أخرى ومرتادها

تدرك على غير أسمائها

مطرفة بعد إتلادها

ويقال لسنام البعير السنام، والشرف، والذروة، والقمعة، والقحدة، والهودة، يقال إبل لها هود ضخام، والعريكة والكتر، قال علقمة :

قد عريت زمنا حتى استطف لها

كتر كحافة كير القين ملموم

٩٣

قال ولم أسمع بالكتر إلا في هذا البيت، واستطف ارتفع، فإذا كانت الناقة مفترشا سنامها في جنبيها وليس بمشرف قيل ناقة دكاء كما ترى وهو الدكك، فإذا كانت مشرفة السنام فهي مسنمة وسنمة، قال رجل من أهل البادية يذكر الطعام في اليوم البارد:

جزور سنمة وموسى

خذمة في غداة شبمة

فإذا عظم جنبا السنام وجريا بالشحم على الاضلاع قيل جزور شطوط وهن جزر شطائط، ويقال جزور عظيمة الشطين أي عظيمة جنبي السنام،

قال الراجز [ وهو أبوالنجم ] :

شط أمر فوقه بشط

لم ينزل في البطن ولم ينحط

ومما يذكر به غزارة الابل يقال ناقة رهشوش إذا كانت رقيقة خوارة غزيرة والغزر مع الخؤورة، قال رؤبة بن العجاج أنت الجواد رقة الرهشوش ويقال ناقة خبر إذا كانت غزيرة وأصل ذلك من المزادة تسمى الخبر، قال النابغة يذكر إبلا الماء للخيل في المزادة مقرنة بالادم والصهب كالقطا عليها الخبور محقبات المراجل ويقال ناقة برعيس إذا كانت رقيقة غزيرة، ويقال ناقة صفي وهن الصفايا إذا كن غزارا، وناقة لهموم إذا كانت غزيرة وإبل لهاميم، وناقة خنجور وهي الغزيرة،

٩٤

ما يذكر به البك‌ء والبك‌ء المصدر وهو قلة الغزر يقال بكؤت الناقة وبكأت تبكأ بكئا، قال سلامة بن جندل :

يقال محبسها أدنى لمرتعها

ولو تعادى ببك‌ء كل محلوب

وناقة بكئ وبكيئة، قال الشاعر [ وهو أبومكعت الاسدي ] :

فليأزلن وتبكأن لبونه

وليصمتن صبيه بسمار

السمار المذق القليل الذي قد اخضر يقال أتانا بسمار وسجاج ومذق وضياح، ويقال جاء‌نا بمذيقة خضراء، قال الشاعر :

نشربه محضا ونسقي عياله

سجاجا كأقراب الثعالب أورقا

ويقال أتانا بمذيقة مثل قرب الذئب ومثل طرة الخنيف، والخنيف ثوب من كتاب أخضر وشبه اللبن بطرة الثوب الاخضر، وكل لبن شد مذقه [ بالماء فهو مجهود ] يقال أتانا بلبن مجهود، ويقال أتانا بشربة خرساء إذا كانت ثخينة إذا صبت، ويقال أتانا بالمرضة وهي شربة ثقيلة خاثرة، وكل ثقيل فهو مرض، وناقة صمرد إذا كانت قليلة اللبن، وناقة فتوح إذا كانت إذا مشت شخبت أخلافها، ويقال ناقة ضروس إذا كانت سيئة الخلق عند الحلب،

قال بشر بن أبي خازم:

عطفنا لهم عطف الضروس من الملا

بشهباء لا يأتي الضراء رقيبها

٩٥

الملا أرض مستوية، ويقال ناقة نخور وهي التي لا تدر حتى يضرب أنفها، وناقة عصوب وهي التي لا تدر حتى يعصب فخذاها، قال الحطيئة :

تدرون إن شد العصاب عليكم

ونأبى إذا شد العصاب فلا ندر

ويقال للناقة إذا أصاب أحد أخلافها شئ فيبس ناقة ثلوث، قال [ صخر الغي ] الهذلي [ ألا قولا لعبد الجهل ] إن الصحيحة لا تحالبها الثلوث وإذا بركت الناقة وسط الابل قيل ناقة دفون، فإذا بركت في ناحية قيل ناقة كنوف، وإذا كثر وبر الناقة وكانت جلدة قيل ناقة مدفأة، قال الشماخ :

وكيف يضيع صاحب مدفآت

على أثباجهن من الصقيع

[ و ] يقال ناقة نزوع وجمل نزوع الذكر فيه والانثى سواء وهو الذي يطرب إلى بلاده فينزع إليها واسم ذلك النزاع، قال الراعي :

واستقبلت سربهم هيف يمانية

هاجت نزاعا وحاد خلفهم غرد

وقال ذو الرمة :

ظللت كأني واقف عند رسمها

بجاجة مقصور له القيد نازع

والنزائع من الابل والخيل والناس، يقال ما أنجب النزائع أي الغرائب، قال طفيل في نزائع الخيل:

نزائع مقذوفا على سرواتها

بما لم يخالسها الغزاة وتسهب

وقال الطرماح:

٩٦

نزيعان من جرم بن زبان إنهم

أبوا أن يريقوا في الهزاهز محجما

وقال العجير :

أمن أهل الاراك هوى نزيع

نعم أسقيهم لو نستطيع

ويقال ناقة قذور إذا كانت تبرك مع الابل، ويقال ناقة زحوف إذا كانت تجر رجليها، ويقال ناقة صفوف إذا كانت تجمع بين محلبين، ويقال ناقة رفود إذا كانت تملا الرفد، والرفد العس، قال الاعشى :

رب رفد هرقته ذلك اليو

م وأسرى من معشر أقتال:

الاقتال الاعداء يقال هو قتلك أي عدوك، ويقال ناقة مخزاب وهي التي لا تزال يكون في ضرعها غلظ يقال خزبت الناقة تخزب خزبا فيسخن لها الجباب فيدهن به ضرعها، قال النابغة :

نفجتم لمما لهم

عصلا كأذناب الثعالب

يجري الجباب على المفا

رق جامد منه وذائب

ويقال ناقة كزوم إذا كانت قصيرة الخطم كزته، [ ويقال ناقة مسياع وهي التى نصبر على الاضاعة والجفاء وسوء القيام عليها ] ويقال رجل مسياع إذا كان مضياعا لا يحسن أن يقوم على ماله، قال والافقار في الابل أن يعطى الرجل الناقة أو البعير فيركبه ثم يرده، والاطراق أن يعار الفحل فيضرب ثم يرد، ويقال لضراب الفحل طرقه، قال الراعي :

كانت نجائب منذر ومحرق

أماتهن وطرقهن فحيلا

٩٧

الفحيل من الابل الذي يصلح للضراب، ويقال بعير للرحلة إذا أريد للركوب، ويقال بعير ذو رحلة إذا كان قويا على الركوب، ويقال بعير ذو فحلة إذا كان يصلح للافتحال، ويقال بعير مسدم إذا حبس عن آلافة ولا يكون إلا في الذكور، والافيل ابن مخاض وابن لبون والانثى أفيلة، قال إهاب بن عمير :

ظللت بمندح الرحى مثولها

ثامنة ومعولا أفيلها

المندح المتسع ومثولها قيامها، ومعولا أفيلها يقول يرغو من العطش، وطروقة الجمل ما بلغ أن يحمل عليه الجمل، فإذا كانت الناقة حقة فقد بلغت أن تكون طروقة، ويقال طرق البعير يطرق طرقا إذا كان في إحدى يديه استرخاء، ويقال بعير أعقل وناقة عقلاء إذا اشتد فرش رجلها، قال النابغة [ الجعدي مطوية الزور طي البئر دوسرة ] مفروشة الرجل فرشا لم يكن عقلا والفرش أن يكون فيه انحناء، فإذا أفرط فهو عقل، ويقال ناقة قسطاء وجمل أقسط إذا كان في يديه انتصاب ويبس، وناقة خفجاء إذا كانت إذا مشت هزت إحدى فخذيها دون الاخرى، وبه سمي خفاجة، ويقال بعير به رجز وبعير أرجز وهو أن ترعد رجلاه حين يقوم، وأنشد [ لابي النجم ] :

تجد القيام كأنما هو نجدة

حتى يقوم تكلف الرجزاء

ويقال بعير أركب وناقة ركباء إذا كان وارم الركبة، ويقال

٩٨

ناقة حلبانة ركبانة إذا كانت تصلح للركوب وللحلب.

وحلباة ركباة مثلها، ويقال بعير أحرد وناقة حرداء إذا كان بنفض إحدى يديه إذا سار، قال أبونخيلة :

ضربا لكل ناكث وملحد

جلدا كتلقيف البعير الاحرد

وقال الراعي :

بين المرافق مبتل مآزرهم

ذأو الجآجئ في أيديهم حرد

وقال رؤبة :

فذاك بخال أروز الارز

وكل مخلاف وكلئز

أحرد أو جعد اليدين جبز ويقال بعير ذو ضب إذا كان بحقه ورم، قال الاغلب ليس بذي عرك ولا ذي ضب والعرك الضاغط الصغير، والضاغط جلد يمور ويجتمع يكاد يسد الابط، وأنشد [ لابن حبناء التميمي فإن استك الكوماء عيب وعورة ] تطرطب فيها ضاغطان وناكت والناكت أن ينكت المرفق في الجنب، وقال ذو الرمة :

وجوف كجوف القصر لم ينتكت لها

بآباطها الملس الزحاليق مرفق

ويقال بعير واسع الفروج إذا كان بعيد اليدين من الجنبين بعيد ما بين الرجلين، قال بعض الرجاز نابي الفروج من أذاة العركين وقال النمر بن تولب :

كأن بهو ذراعيه وبركته

إذا توجه يمشي مقبلا باب

٩٩

ويقال ناقة طرفة إذا كانت تتبع المرعى وتستطرفه، ويقال ناقة أزية إذا كانت لا تشرب إلا عند مصب الدلو، ومهراق الدلو يسمى الازاء، قال ابن لجاء :

حتى ترى الشنة في إهوائها

ككرة الاعب وانتزائها

من مسقط الدلو إلى إزائها ويقال إبل حوائم إذا كانت عطاشا تحوم حول الحوض، ويقال ظلت الابل تلوب يومها أجمع إذا كانت تدور حول الماء، قال المخبل :

يقاسون جيش الهرمزان كأنهم

قوارب أحواض الكلاب تلوب

ويقال جاء‌ت الابل تصل إذا جاء‌ت عطاشا، قال الراعي :

فسقوا صوادي يسمعون عشية

للماء في أجوافهن صليلا

قال وأنشدني أبومهدي عن مزاحم العقيلي :

غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها

تصل وعن قيض بزيزاء مجهل

من عليه يريد من فوقه، وقال آخر [ وهو عمرو بن شأس الاسدي ] :

ألم تعلمي يا أم حسان أنني

إذا عبرة نهنهتها فتجلت

رجعت إلى صدر كجرة حنتم

إذا قرعت صفرا من الماء صلت

ويقال ناقة تاجرة إذا كانت نافقة إذا أدخلت السوق، ويقال ناقة وذمة وهي التي في حيائها مثل الثآليل فيقال وذموها فيقطع ذلك فتلقح، ويقال ناقة عائط وهي تعتاط رحمها لا تحمل أعواما، ويقال اعتاطت أعواما لا تحمل، واعتاطت رحمها

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

تواتره عند المتقي

ومنهم: الشيخ علي المتقي في كتابٍ له في المتواترات قال في أوّله: « الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله صلّى الله عليه وسلّم وبعد: - فيقول الفقير إلى الله تعالى علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي: هذه الأحاديث متواترة نحو اثنين وثمانين حديثاً، التي جمعها العلامة السيوطي رحمة الله تعالى عليه وسمّاها قطف الأزهار المتناثرة. وذكر فيها رواتها من الصحابة عشرة فصاعداً، لكني حذفت الرواة وذكرت متن الأحاديث ليسهل حفظها وهي هذه « قال:

« من كنت مولاه فعلي مولاه -

أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى ».

تواتره عند محمد صدر العالم

وقال محمد صدر العالم: « أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، وأحمد والبزار عن أبي سعيد الخدري، والطبراني عن أسماء بنت عميس وأم سلمة وحبشي بن جنادة، وابن عمر وابن عبّاس وجابر بن سمرة وعلي والبراء ابن عازب وزيد بن أرقم:

إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

وهذا الحديث متواتر عند السيوطيرحمه‌الله »(١) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

١٦١

تواتره عند ولي الله الدهلوي

وقال ولي الله الدهلوي في مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فمن المتواتر حديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. روي ذلك عن: سعد بن أبي وقاص، وأسماء بنت عميس، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عبّاس وغيرهم »(١) .

وقال أيضاً: « وشواهد هذا الحديث كثيرة وهي بالغة حدّ التواتر كما لا يخفى على متتبّعي الحديث »(٢) .

تواتره عند المولوي مبين

وقال المولوي محمد مبين في باب فضائل الإمامعليه‌السلام :

« وأكثر الأحاديث المذكورة في هذا الباب من المتواترات، كحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وحديث: أنا من علي وعلي مني، وأللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وحديث: لأعطين الرّاية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. وغيرها »(٣) .

____________________

(١). إزالة الخفا - مآثر علي بن أبي طالب، من المقصد الثاني.

(٢). قرّة العينين: ١٣٨.

(٣). وسيلة النجاة في مناقب السادات: ٧١، الباب الثاني من أبواب الكتاب.

١٦٢

دحض المكابرة

في صحّة الحديث أو تواتره

١٦٣

١٦٤

فهذا حديث المنزلة وصحّته وثبوته وشهرته بل تواتره عند أهل السنّة، حسب تصريحات كبار أساطينهم ومشاهير أئمتهم وعلمائهم

فالعجب كلّ العجب من جماعةٍ من متكلّميهم الأعلام يضطرّهم العجز عن الجواب عن الإستدلال به ويلجؤهم التعصّب للهوى إلى القدح في سنده أو المكابرة في تواتره

أبو الحسن الآمدي

فهذا أبو الحسن الآمدي يقول عنه: « غير صحيح ». والغريب جدّاً ذكر ابن حجر المكي هذا القول الشنيع في مقام الجواب عن الإستدلال فيقول:

« إنّ الحديث إن كان غير صحيح - كما يقول الآمدي - فظاهر »(١) .

ترجمة الآمدي

لكن هذا الرّجل مقدوح مجروح عند علماء أهل السنة، كالذهبي وابن حجر العسقلاني، ويكفي لسقوطه كونه تارك الصّلاة: قال الذهبي:

« سيف الآمدي المتكلّم صاحب التصانيف علي بن أبي علي، قد نفي من دمشق لسوء اعتقاده، وصحّ أنه كان يترك الصلاة، نسأل الله العافية. وكان من الأذكياء. مات سنة ٦٣١ »(٢) .

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٣.

(٢). ميزان الإعتدال ٢ / ٢٥٩ رقم ٣٦٤٧.

١٦٥

فأيّ وجهٍ يتصوّر لاعتماد ابن حجر المكي على قول مثل هذا الرجل الفاسد، إلاّ التعصّب للباطل؟!

لكن هذا القول السّاقط لا يختص بهذا المتكلّم الفاسد، فقد تفوّه به غيره من متكلّميهم:

عضد الدين الإيجي

قال عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي صاحب ( المواقف ) في الجواب عن الإستدلال به: « الجواب: منع صحّة الحديث »(١) .

شمس الدين الإصفهاني

وقال شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الإصفهاني بعد ذكر بعض الأدلة: « والجواب عن الثاني: إنه لا يصحّ الإستدلال به من جهة السند، ولو سلّم صحة سنده قطعاً، لكن لا نسلّم أنّ قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، كلّ منزلة كانت لهارون من موسى »(٢) .

وقال أيضاً: « إنّه لا يصح الإستدلال به من جهة السند كما تقدم في الخبر المتقدم. ولئن سلّم صحة سنده قطعاً، لكن لا نسلّم أن قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، يعمّ كلّ منزلة كانت لهارون من موسى »(٣) .

____________________

(١). المواقف في علم الكلام: ٤٠٦.

(٢). شرح الطوالع - مخطوط.

(٣). شرح التجريد - مخطوط.

١٦٦

التفتازاني

وقال سعد الدين التفتازاني: « والجواب: منع التواتر، بل هو خبر واحد في مقابلة الإجماع، ومنع عموم المنازل »(١) .

وقال أيضاً: « وردّ: بأنه لا تواتر، ولا حصر في علي، ولا عبرة بأخبار الآحاد في مقابلة الإجماع»(٢) .

القوشجي

وقال علاء الدين القوشجي: « وأجيب: بأنّه على تقدير صحّته، لا يدلّ على بقائه خليفةً بعد وفاته دلالةً قطعيّةً، مع وقوع الإجماع على خلافه »(٣) .

الشريف الجرجاني

وقال الشريف الجرجاني في شرح قول صاحب المواقف: « الجواب: منع صحة الحديث »: « كما منعه الآمدي. وعند المحدثين إنه صحيح وإن كان من قبيل الآحاد »(٤) .

إسحاق الهروي

وقال إسحاق الهروي سبط الميرزا مخدوم الشريفي في ( السهام الثاقبة ): « قلنا: التواتر ممنوع. وإنما هو خبر واحد في مقابلة الإجماع فلا يعتبر ».

____________________

(١). شرح المقاصد ٥ / ٢٧٥.

(٢). تهذيب الكلام في الجواب عن حديث المنزلة.

(٣). شرح التجريد: ٣٧٠.

(٤). شرح المواقف ٨ / ٢٦٢ - ٢٦٣.

١٦٧

عبد الكريم الصدّيقي

وقال عبد الكريم نظام الصدّيقي نسباً والحنفي مذهباً في ( إلجام الرافضة ): « والجواب: إنّ هذا الحديث كما قال الآمدي غير صحيح ».

حسام الدين السهارنفوري

وقال حسام الدين السهارنفوري: « هذا الخبر ممنوع الصحّة كما صرّح به الآمدي، وعلى تقدير صحّته كما هو مختار المحدثين، فهو خبر واحد لا متواتر، فلا يصلح للإحتجاج على الخلافة»(١) .

حاصل كلماتهم أمران:

وأنت إذا لاحظت كلمات هؤلاء رأيت الواحد منهم يتّبع الآخر ويقلّده فيما قال ولا يزيد عليه بشىء إنّ الغرض هو إبطال إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وردّ الإستدلال على إثباتها بأيّ طريقٍ كان

لقد لاحظت أنّ حاصل كلماتهم في مقام الجواب عن الإستدلال بهذا الحديث الشريف هو:

١ - المنع من صحّته

فالآمدي يقول: « هذا الحديث غير صحيح » ثم يأتي من بعده غيره ويأخذ منه هذا من أن غير يوضّح وجهه ويبيّن دليله

____________________

(١). مرافض الروافض - مخطوط.

١٦٨

الجواب عنه

لكن يكفي في الجواب عنه ما تقدّم سابقاً من أنّ هذا الحديث في أعلى درجات الصحّة عند القوم، فقد رووه بالأسانيد المعتبرة والطرق المتكثرة عن جمع غفير من الصّحابة، ثم نصّوا على صحّته وقالوا بتواتره عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخرجه الشيخان في صحيحيهما، وكذا غيرهما من أصحاب الصّحاح فإذا لم يكن هذا الحديث صحيحاً سنداً فأيّ حديث عندهم صحيح؟ وإذا أمكن القدح في سند هكذا صحيح فبأيّ شيء يمكنهم إثبات فضيلةٍ لمشايخهم أو معتَقدٍ من عقائدهم أو حكمٍ من الأحكام الشرعية؟

فإذا كان هذا حال أساطين أهل السنة في مقابلة الشيعة، فأيّ خيرٍ منهم يطلب، وأيّ إنصافٍ يرتجى في شيء من المباحث العلميّة؟

ومن هنا يعلم أنْ لا ملاك عند القوم ولا ضابطة يقفون عندها ولا قاعدة يلتزمون بها في البحث مع الشّيعة

لقد وصف ابن حجر المكّي الصحيحين بأنهما « أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتدّ به»(١) وكذا قال غيره كما لا يخفى على من راجع ( المنهاج في شرح المنهاج للنووي ) و ( شرح النخبة لابن حجر العسقلاني ) و ( قرة العينين للدهلوي ) وغيرها.

وزعموا أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل كتاب البخاري كتابه، وأمر بدراسته، كما في ( مقدمة فتح الباري ).

ونقلوا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم بصحّة جميع أحاديث البخاري والإذن بروايتها عنه، وكذا صحيح مسلم كما في ( الدر الثمين في

____________________

(١). الصواعق المحرقة، الفصل الأوّل، في كيفيّة خلافة أبي بكر.

١٦٩

مبشّرات النبي الأمين ) لولي الله الدهلوي.

وذهبوا إلى القول بأنّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين كما في ( حجّة الله البالغة ).

وتجرّأوا على ردّ فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام الواردة في أخبار الفريقين، بسبب المخالفة بينها وبين أحاديث الصحيحين، وتقديم أحاديثهما بدعوى قيام الإجماع على صحّتها دون غيرها كما في ( قرّة العينين )

وطعنوا على الشيعة عدم اعتمادهم على أحاديثهما كما في ( النواقض )

إلى غير ذلك ممّا قالوه في شأن الصحيحين

ومع كلّ هذا يقدحون في حديث المنزلة المخرّج فيهما!!

وعلى الجملة فإنّ ما سبق ذكره في سند حديث المنزلة، وما قالوه في صحّته وثبوته وتواتره لا سيّما كونه من أحاديث الصحيحين والصحاح الأخرى كافٍ لدحض القدح في سند هذا الحديث

٢ - نفي تواتره وأنّه خبر واحد

والأمر الثاني نفي تواتره وزعم كونه من الآحاد بعد الإعتراف بكونه صحيحاً عند أهل الحديث.

الجواب عنه

إنّ هذا كسابقه واضح السّقوط لما عرفت من أنه من حديث أكثر من عشرين نفساً من الصّحابة، وقد ادّعى ابن حجر التواتر فيما رواه ثمانية، وابن حزم فيما رواه أربعة منهم.

على أنّ جماعة من أكابرهم - وعلى رأسهم الحاكم النيسابوري - ينصّون على تواتره، والسّيوطي والمتقي يذكرانه فيما ألّفاه في الأحاديث المتواترة.

١٧٠

وجوه صحّة الإحتجاج به ولو كان واحداً

على أنّا لو سلّمنا عدم تواتره وكونه من أخبار الآحاد، فلنا وجوه عديدة على جواز الإستدلال والإحتجاج به على إمامة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام :

١ - تأيّده بأحاديث متواترة

إنّ حديث المنزلة - على فرض عدم تواتره - تؤيّده أحاديث متواترة قطعاً مثل حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. ونحوه ممّا تواتر نقله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتبهم، في فضائل ومناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢ - تواتره عند الشيعة

إن كون هذا الحديث متواتراً عند الشيعة بلا ريب، وكونه منقولاً عند الأعلام والأساطين من أهل السنّة - وبطرقٍ كثيرة - يوجب القطع بصدوره، وما هذا شأنه لا عائبة في التمسّك به.

٣ - تمسّكهم بالآحاد في مختلف الأبحاث

إنّ الإحتجاج بالآحاد جائز عند أهل السنّة، وهذا ديدنهم ودأبهم في مختلف الأبحاث، فلو فرض كون حديث المنزلة من الآحاد فالتمسّك به جائز.

بل إنّ في كلمات بعضهم الحكم بكفر من أنكر الخبر

١٧١

الواحد والقياس وقال إنه ليس بحجة فإنه يصير كافراً. ولو قال: هذا الخبر غير صحيح وهذا القياس غير ثابت لا يصير كافراً ولكن يصير فاسقاً »(١) .

٤ - النقض بحديث: الأئمة من قريش

إن العمدة في الخلافة البكريّة وأصل دليلها عند أهل السنّة هو خبر واحد، أعني حديث « الأئمة من قريش » الذي رواه أبو بكر نفسه وتفرّد به حسبما صرّح به أئمّتهم(٢) فالإلتزام بعدم جواز الإستدلال بخبر الواحد في مسألة الخلافة يستلزم قلع أساس الخلافة البكريّة

* قال الفخر الرازي في المسألة الثامنة من الأصل العشرين، من كتابه ( نهاية العقول ) -: « قوله: الأنصار طلبوا الإمامة مع علمهم بقولهعليه‌السلام : الأئمة من قريش.

قلنا: هذا الحديث من باب الآحاد. ثم إنه ضعيف الدلالة على منع غير القرشي من الإمامة، لأنّ وجه التعلّق به إمّا من حيث أن تعليق الحكم بالإسم يقتضي نفيه عن غيره، أو لأن الألف واللام يقتضيان الإستغراق. والأول باطل، والثاني مختلف فيه. فكيف يساوي ذلك ما يدّعونه من النصّ المتواتر الذي لا يحتمل التأويل؟

وأيضاً: فلأن الحديث مع ضعفه في الأصل والدلالة لمـّا احتجّوا به على الأنصار تركوا طلب الإمامة، فكيف يعتقد بهم عدم قبول النصّ الجلي المتواتر؟ ».

____________________

(١). هداية السعداء - الجلوة الرابعة من الهداية السابعة - مخلوط.

(٢). ذكر علماء أهل السنّة تفرّد أبي بكر بحديثين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدهما: إنا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة. والآخر: الأئمة من قريش، وستعلم بذلك في النصوص الآتية.

١٧٢

فإذا جاز إحتجاج أبي بكر بحديثٍ واحد تفرّد به - مع ضعفه في الدلالة كما اعترف الرازي - جاز للشيعة الإحتجاج بحديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لأنّه - حتّى لو كان غير متواتر عند أهل السنة - أقوى من الحديث المذكور سنداً ودلالةً بلا ريب.

ولو أمعنت النظر في عبارة الرازي المذكورة لرأيتها في قوّة ألف دليل على بطلان خلافة أبي بكر، لأن الدليل الذي احتجّ به أبو بكر على استحقاقه الخلافة دون الأنصار ضعيف في الأصل والدلالة، ومن المعلوم أن ما كان ضعيفاً في الدلالة لا يجوز الإحتجاج به قطعاً وإنْ كان قوياً في الأصل، فكيف لو كان ضعيفاً في الأصل كذلك؟

* وصاحب ( المرافض ) أيضاً يصرّح بكون خبر « الأئمة من قريش » خبر واحدٍ ولا يفيد إلّا الظن، وقد كان للأنصار مجال للبحث فيه.

* وكذا صاحب ( النواقض ) ينصّ على ذلك لكنه يعزو روايته إلى « رجل » وهذه عبارته - في الفصل الثالث من فصول الكتاب -:

« الدليل العاشر: إعلم أن أرباب السير وأصحاب الحديث نقلوا أنّ في يوم السقيفة لمـّا اختلفوا أولاً في أمر الخلافة، وكانت الأنصار يقولون: لا نرضى بخلافة المهاجرين علينا، بل منّا أمير ومنكم أمير، قام رجل وقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: الأئمة من قريش. فسكت الأنصار وبايعوا أبا بكر، لغاية إتّباعهم أقوال النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكمال تقواهم. ومع أن خلافة المهاجرين عليهم كانت عندهم مكروهة غاية الكراهة رضوا بمجرّد خبر واحدٍ وإنْ كان لهم مجال بحثٍ فيه ».

* ومن طرائف المقام اعتراف القوم بانحصار دليل خلافة أبي بكر بهذا الحديث الذي عرفت حاله أنظر إلى المولوي عبد العلي شارح ( مسلَّم

١٧٣

الثبوت ) يقول مازجاً بالمتن:

« ولنا ثانياً: إجماع الصّحابة على وجوب العمل بخبر العدل، وليس فيه استدلال بعمل البعض حتى يرد أنه ليس حجةً ما لم يكن إجماعاً، وفيهم أمير المؤمنين علي، وفي إفراده كرّم الله وجهه قطعٌ لما سوّلت به أنفس الروافض - خذلهم الله تعالى - بدليل ما تواتر عنهم، وفيه تنبيه لدفع أنّ الإجماع أحادي، فإثبات المطلوب به دور، - من الإحتجاج والعمل به، أي بخبر الواحد، لا إنه اتفق فتواهم بمضمون الخبر، وعلى هذا لا يرد أن العمل بدليلٍ آخر، غاية ما في الباب إنه وافق مضمون الخبر - في الوقائع التي لا تحصى - وهذا يفيد العلم بأن عملهم لكونه خبر عدلٍ في عملي - وبه اندفع أنّه يجوز أن يكون العمل ببعض الأخبار للإحتفاف بالقرائن ولا يثبت الكلّية - من غير نكير من واحد. وذلك يوجب العلم عادةً لأتّفاقهم، كالقولِ الصريح الموجب للعلم بهِ، كما في التجربيّات. وبه اندفع أن الإجماع سكوتي وهو لا يفيد العلم. ثم فصّل بعض الوقائع فقال:

فمن ذلك: عمل الكل من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، بخبر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبي بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه: الأئمة من قريش. ونحن معاشر الأنبياء لا نورّث. وقد تقدّم تخريجهما. والأنبياء يدفنون حيث يموتون. حين اختلفوا في دفن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. رواه ابن الجوزي، كذا نقل عن التقرير »(١) .

أقول:

فظهر أن حديث « الأئمة من قريش » من الأخبار الآحاد التي عمل بها أصحاب النبي واحتجّوابها، لا أنهم عملوا في المسألة بدليلٍ آخر، غاية ما في

____________________

(١). فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت ٢ / ١٣٢.

١٧٤

الباب أنه وافق مضمون الخبر.

فثبت إنحصار دليل صرف الخلافة عن الأنصار إلى أبي بكر بالحديث المذكور الذي عرفت حاله.

كما أن قول صاحب ( النواقض ): « رضوا بمجرّد خبر واحدٍ » نص في أن رضاهم كان بسبب هذا الخبر وحده لا لأمرٍ آخر ولعلّه لما ذكرنا استحيى الرجل من نسبة رواية الحديث إلى أبي بكر، فنسبها إلى « رجل »!!

ولعلّه من هنا ادّعى ابن روزبهان في كتابه ( الباطل ) أن أبا بكر لم يرو هذا الحديث أصلاً فقال: « فأمّا حديث الأئمة من قريش فلم يروه أبو بكر، بل رواه غيره من الصحابة، وهو كان لا يعتمد على خبر الواحد ».

لكنّها دعوى في غاية الغرابة، فإنّ علماء القوم ينسبون روايته والإحتجاج به إلى أبي بكر جازمين بذلك، في غير موضعٍ من بحوثهم كما لا يخفى على من يلاحظ ( شرح المختصر ) حيث جاء فيه: « وعمل الصحابة بخبر أبي بكر: الأئمة من قريش »(٢) و ( فواتح الرحموت - شرح مسلّم الثبوت ) وقد تقدّمت عبارته، و ( إزالة الخفا في سيرة الخلفاء ) وغيرها من كتب القوم

لكن عبارة ابن روزبهان أيضاً ظاهرة في وهن هذا الحديث وسقوطه عن الصلاحيّة للإحتجاج به للخلافة فلا تغفل.

٥ - قطعيّة أحاديث الصّحيحين

إنّ حديث المنزلة - لكونه في الصحيحين - مقطوع الصدور لو فرض أنّه ليس على حدّ التواتر لأنّ أحاديث الصحيحين مقطوعة الصدور لدى: إبن الصلاح، وأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيين، والقاضي أبي الطيّب، والشيخ

____________________

(١). شرح مختصر الأصول للعضدي ٢ / ٥٩.

١٧٥

أبي إسحاق الشيرازي، وأبي عبدالله الحميدي، وأبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، والسرخسي الحنفي، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وأبي يعلى وابن الزاغوني الحنبليين، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام، وأهل الحديث قاطبةً، وهو مذهب السّلف عامة، ومحمد بن طاهر المقدسي - بل قال بذلك فيما كان على شرطهما أيضاً - والبلقيني، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وإبراهيم الكردي الكوراني، وأحمد النخلي، وعبد الحق الدهلوي، وولي الله الدهلوي

فهؤلاء كلّهم وغيرهم يقولون بأنّ حديث الصحيحين مقطوع بصحّته

وإليك بعض التصريحات الواردة عنهم في هذا الباب، نذكرها بإيجاز مقتصرين على محلّ الحاجة منها:

* قال السيوطي بشرح التقريب مازجاً به: « وإذا قالوا: صحيح متفق عليه، أو على صحته، فمرادهم إتفاق الشيخين لا إتفاق الاُمّة. قال ابن الصّلاح: لكنْ يلزم من إتفاقهما إتفاق الاُمة عليه، لتلقّيهم له بالقبول. وذكر الشيخ - يعني ابن الصلاح -: ( إنّ ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحّته، والعلم القطعي حاصل فيه ) قال: خلافاً لمن نفى ذلك

قال البلقيني: ما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصّلاح عن جماعةٍ من الشافعية، كأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيين، والقاضي أبي الطيّب، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وعن السرخسي والزاغوني من الحنابلة، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام من الأشعريّة، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة. بل بالغ ابن طاهر المقدسي في صفوة التصوف فألحق به ما كان على شرطهما وإنْ لم يخرجاه

١٧٦

وقال شيخ الإسلام: ما ذكره النووي في شرح مسلّم من جهة الأكثرين، أمّا المحقّقون فلا، وقد وافق ابن الصلاح أيضاً محققون

وقال ابن كثير: وأنا مع ابن الصّلاح فيما عوّل عليه وأرشد إليه.

قلت: وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه »(١) .

* قال محمد أكرم بن عبد الرحمن المكي في ( إمعان النظر في توضيح نخبة الفكر ): « وانتصر لابن الصّلاح: المصنّف، ومن قبله شيخه البلقيني تبعاً لابن تيمية ».

* وقال الزين العراقي في ( شرح الألفية ):

« حكم الصحيحين والتعليق:

ص:

وأقطع بصحةٍ لما قد أسند

كذا له وقيل ظناً ولَدا

محقّقيهم قد عزاه النووي

وفي الصحيح بعض شيء قد روي

مضعَّف ولهما بلا سند

أشياء فإن يجزم فصحيح أو ورد

ممرّضاً فلا ولكن يشعر

بصحّة الأصل له كيُذكر

ش: أي ما أسنده البخاري ومسلم، يريد ما روياه بإسنادهما المتّصل فهو مقطوع لصحته. كذا قال ابن الصلاح، قال: والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لمن نفى، وقد سبق إلى نحو ذلك: محمد بن طاهر المقدسي، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف.

قال النووي: وخالف إبن الصلاح المحققون والأكثرون فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر »(٢) .

____________________

(١). تدريب الراوي ١ / ١٣١ وإلى ١٣٤.

(٢). فتح المغيث في شرح ألفية الحديث ١ / ٥٨.

١٧٧

* وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( تحقيق البشارة إلى تعميم الإشارة ): « ثم المتواتر يفيد العلم اليقيني ضرورياً. وقد يفيد خبر الواحد أيضاً العلم اليقيني لكن نظرياً بالقرائن، على ما هو المختار. قال الشيخ الإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في شرح نخبة الفكر: والخبر المحتف بالقرائن أنواع، منها: المشهور إذا كانت له طرق متبائنة سالمةً من ضعف الرواة والعلل. ومنها: ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما ما لم يبلغ حدّ التواتر، فإنه احتفّ بقرائن، منها جلالتهما في هذا الشأن وتقدّمهما في تمييز الصحيح على غيرهما، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وممّن صرّح من أئمة الاُصول بإفادة ما خرّجه الشيخان العلم اليقيني النظري: الاُستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، ومن أئمة الحديث: أبو عبدالله الحميدي وأبو الفضل بن طاهر ».

* وللشيخ محمد معين بن محمد أمين رسالة مفردة في إثبات قطعية صدور أحاديث الصحيحين، أدرجها في كتابه ( دراسات اللبيب ) وإليك جملاً من عباراته:

« إن أحاديث الجامع الصحيح للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، وكتاب الصحيح للإمام أبي الحسين مسلم بن حجاج القشيري - رحمهما الله تعالى ونفعنا ببركاتهما - هي رأس مال من سلك الطريق إلى الله تعالى، بالأسوة الحسنة بخير الخلق قاطبة والمعجزة الباقية من رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم، من حيث حفاظ أسانيدها على مرّ الدهور إلى زماننا هذا. فهي تلو القرآن في إعجازه الباقي ».

« قد فصّل وبيّن إمام وقته الحافظ جلال الدين السيوطي في هذا الكلام، من دلائل الطرفين والتأييد بأقوال المحققين لابن الصلاح ما فيه مغنىً للعاقل.

فقد تبّين أنه وافقه إجماع المحدثين بعد الموافقة مع علماء المذاهب

١٧٨

الأربعة جميعاً، ووافقه المتكلّمون من الأشاعرة ووافقه المتأخرون وهم النقّادون الممعنون النظر في دليل السابقين وهو المختار عند الإمام الحافظ السيوطي وهو مجدّد وقته ».

« تمسّك ابن الصّلاح بما صورة شكله: ما في الصحيحين مقطوع الصدور عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأن الامة اجتمعت على قبوله، وكلّما اجتمعت الامة على قبوله مقطوع، فما في الصحيحين مقطوع.

أمّا ثبوت الصغرى فبالتواتر عن الأسلاف إلى الأخلاف.

وأمّا الكبرى فبما يثبت قطعية الإجماع ولو على الظن، كما إذا حصل الإجماع في مسألة قياسية. فإن الإجماع هناك ظنون مجتمعة أورثت القطع بالمظنون، لعصمة الأمة، فكذا هنا أخبار الآحاد مظنونة في نفسها، فإذا حصل الإجماع عليها أورثت القطع.

وتمسّك النووي بما صورة شكله: ما في الصحيحين مظنون الصدور عن النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم، لأنه من أحاديث الآحاد، وكلّما هو من أحاديث الآحاد مظنون، فهذا مظنون.

أمّا ثبوت الصغرى فظاهر، لندرة التواتر جدّاً.

وأمّا ثبوت الكبرى فمفروغ عنه في الفن.

فهذه صورة المعارضة بين التمسّكين، وهي ظاهر تحرير الكتاب، ولنبيّن الموازنة والمواجهة بينهما، بأن نأخذ دليل النووي في صورة المنع على دليل ابن الصلاح، ثم نحرّر مقدمة دليله الممنوعة، فإنْ تحصّن بالتحرير عن منعه فالحق معه، وإلّا فهو في ذمة المطالبة. وأنت تعرف أن المانع أجلد الخصمين وأوسعهما مجالاً، فنعط هذا المنصب لمن يخالف ما نعتقده من مذهب ابن الصلاح ومن معه، حتى يظهر الحق إن ظهر في غاية سطوعه ».

١٧٩

ثم شرع في تحقيق المسألة، وانتصر لابن الصّلاح، وإن شئت التفصيل فراجع رسالته التي أسماها: ( غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي وابن الصلاح ) المدرجة في كتابه ( دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب ).

* وهو مختار الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي في رسالته ( إعمال الفكر والرّويات في شرح حديث إنما الأعمال بالنيّات ) وفي رسالته ( بلغة المسير إلى توحيد الله العليّ الكبير ). فإنّه ذكر مذهب ابن الصلاح وأيّده في أكثر من موضع، وذكر: « إنّ كلام الشّيخ ابن الصّلاحرحمه‌الله هذا كلام موجّه، محقق وإنْ ردّه الإمام النووي ».

* وقال ولي الله الدهلوي: « وأمّا الصحيحان فقد اتّفق المحدّثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وإنهما متواتران إلى مصنّفيهما، وأنّ كلّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين »(١) .

* والأطرف من الكل: نقل الشيخ عبد المعطي - وهو من مشايخ القوم - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشافهةً، تنصيصه على صحة جميع ما أخرجه البخاري!!! ذكر ذلك الشيخ أحمد النخلي المتوفى سنة ١١٣٠ وهو شيخ شيخ ولي الله الدهلوي، وقد وصفه ( الدهلوي ) في رسالته في ( أصول الحديث ) بأنه « أعلم أهل عصره ». وترجم له المرادي فوصفه بـ « الإمام العالم العلامة، المحدّث الفقيه الحبر الفهامة، المحقق المدقق النحرير »(٢) .

* نعم، ذكر النخلي هذا في رسالة ( أسانيده ) ما هذا نصّه:

« أخبرنا شيخنا جمال الدين القيرواني، عن شيخه الشيخ يحيى الخطّاب المالكي المكي قال: أخبرنا عمّي الشيخ بركات الخطابي، عن والده، عن جده

____________________

(١). حجّة الله البالغة: ١٣٩ باب طبقات كتب الحديث.

(٢). سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ١٧١.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418