نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار14%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 418

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216924 / تحميل: 8736
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وأمّا تخيّل الشيعة ثبوت ما يزعمونه، على أساس توجيه أهل السنة لهذا الحديث، فيظهر حاله ممّا في القول الآتي وهو:

قوله: إلّا أنهم ذكروا في توجيهه

أقول: لمـّا كان من المعلوم أنّ علماء أهل السنّة - مع تصريحهم بدلالة هذا الحديث على فضل الأمير - يجعلونه دليلاً على صحة خلافته، وأنه لا دلالة في منطوقه على نفي خلافة الغير، فإنّه في هذه الحالة لايكون في صدور التوجيه له في باب الخلافة من أهل السنة ضرر بالنسبة إلى ما نحن فيه وهو مبحث الولاية، وعلى هذا، فإن عدم تمامية تقرير علماء الإمامية في باب خلافة الأمير - وهي خلافته بلا فصل - لا يقتضي نفي ولاية الأمير. ونحن عندما نجيب عن هذا الحديث وحديث من كنت مولاه فإنما نريد التكلّم فيما قالوه بالنسبة إلى إمامة الأمير من كونها بلا فصل، وليس - والعياذّ بالله - إنكاراً لدلالة الخبر على أصل خلافة حيدر الكرار ».

أقول:

إنّ الغرض من نقل عبارة الرشيد هو بيان أنّه يعترف - كشيخه ( الدهلوي ) بدلالة الحديث الشريف على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّه يستعيذ بالله من إنكار هذه الدلالة لكن قد عرفت أن هذا الإعتراف كافٍ لإثبات مطلوب الإمامية، وهو دلالته على أنّ خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرةً وبلا فصل.

وحاصل ذلك: أنا نقول لهم: إن هذا الحديث نصّ في إمامة الأمير باعترافكم، ولا نصّ على خلافة غيره باعترافكم أيضاً فهذا الحديث نصّ في خلافة الأمير بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا فصل.

٢٠١

وبهذا يظهر ما في:

قوله:

إنما الكلام في نفي إمامة الغير وأنه الإمام بلا فصل، فهذا لا يستفاد من هذا الحديث.

لأنّ الجمع بين الإعترافين - أعني: الإعتراف بدلالة هذا الحديث على الإمامة، والإعتراف بعدم وجود نص على إمامة الغير - يفيد نفي إمامة غير الأميرعليه‌السلام كما عرفت وهذا بعد التنزّل عن أن مجرّد إثبات إستحقاق الأمير للإمامة، الثابت بهذا الحديث الشريف، كافٍ في نفي خلافة غيره بالضّرورة، إذْ لا يتصوّر تقرير يثبت منه خلافة الأمير دون نفي خلافة من تقدّمه، ومن ادعى فعليه البيان!!

الدهلوي: من ينكر دلالته على الإمامة فهو ناصبي

قوله:

وإنْ كان النواصب - خذلهم الله - قدحوا في تمسّك أهل السنّة وقالوا: بأنّ هذه الخلافة غير الخلافة المتنازع فيها.

أقول:

الحمد لله على إحسانه، فقد رجع الحق إلى مكانه

لقد انكشفت بهذا الكلام حقيقة دعاوي أكابر القوم في ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام !! وأصبحت مقالاتهم الركيكة وتأويلاتهم السخيفة هباءً منثوراً وذلك لأنّهم - المتقدمين منهم المتأخرين - قد سعوا سعياً بليغاً في دفع

٢٠٢

دلالة هذا الحديث على خلافة أمير المؤمنين، وردّ ما أفاده المثبتون لخلافته من هذا الحديث، فبأيّ وجهٍ تيسَّر لهم وبأيّ طريقٍ تمكّنوا منه؟ وحتى ( الدهلوي ) نفسه الذي قصر الخلافة على الأهل والعيال فقط لأنّ هذه المساعي كلّها تأييد وتقوية لمزعوم النواصب المنكرين لأصل الدلالة.

وأيضاً: إذا كان القدح في دلالة الحديث على الخلافة نصباً وعداءً للأميرعليه‌السلام ، فما ظنّك بالآمدي وأتباعه المنكرين لأصل الحديث والقادحين في صحته وثبوته؟ بل إنّ حال هؤلاء أسوء من حال النواصب كما لا يخفى

تحريف الناصبي « هارون » إلى « قارون »

نعم في النواصب من حرّف لفظ الحديث، ووضع كلمة « قارون » بدلاً عن « هارون » وهذا هو « حريز بن عثمان » الشهير بالنصب والعداء الشديد لأمير المؤمنينعليه‌السلام

قال أبو المؤيد الخوارزمي: « الثالث: إنّ الخطيب - عفا الله عنه - قد طعن في أحمد أكثر من هذا فقال: قد وثّق أحمد بن حنبل حريز بن عثمان فقال: هو ثقة. وحريز كان يبغض أمير المؤمنين عليّاًرضي‌الله‌عنه ، ولا فرق بينه وبين من يبغض أبا بكر وعمر.

ثم قال الخطيب: وكان حريز كذّاباً وروى عدي بن عياش أنه قال: هذا الذي يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب: إنه مني بمنزلة هارون من موسى، خطأ. قال ابن عيّاش: فقلتُ له: فما هو؟ قال: سمعتُ الوليد بن عبد الملك يرويه على المنبر فيقول: علي مني بمنزلة هارون من موسى.

ثم أكّد الخطيب هذه الشناعة على أحمد فقال: بلغني عن يزيد بن هارون أنه قال: رأيت ربّ العزة في النوم فقال: يا يزيد تكتب عن حريز بن عثمان؟

٢٠٣

فقلت: يا رب ما علمت عليه إلّاخيراً. فقال: يا يزيد لا تكتب عنه، فإنّه يسبّ علي بن أبي طالب.

وهذه حكايه عن أحمد، إنه طعن في أمير المؤمنين »(١) .

ومن هذه القصّة يظهر أيضاً حال الآمدي وأتباعه فإنّ النواصب لمـّا لم يتيسّر لهم إنكار أصل الحديث عمدوا إلى تحريفه كما رأيت، لكن الآمدي ومن تبعه ينكرون الحديث من أصله كما عرفت!!

كما أن منها يظهر حال أحمد بن حنبل فلا تغفل

وذكر ( الدهلوي ) نفسه وقوع هذا التحريف في هذا الحديث الشريف، وأنه من فعل النواصب والخوارج، فقد قال في تفسيره ( فتح العزيز ) بتفسير قوله تعالى( وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ ) (٢) : « أي بتأويل باطل من عندكم يحتاج إلى إضمارٍ، أو حملٍ على معنىً غير حقيقي أو مخالف للسياق أو السباق، كما فعلت الفرق الضالّة من هذه الاُمة، كالخوارج والروافض والمعتزلة والقدرية الملحدين بهذا القرآن، ويدخل في هذا المنع كلّ صور تلبيس الحق بالباطل.

ومن ذلك زيادة لفظٍ في حديث من الأحاديث ليس منه، كما فعلت الشيعة في حديث « جهّزوا جيش اُسامة » بزيادة لفظ « لعن الله من تخلّف عنه » إليه(٣) . وفي حديث « من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من

____________________

(١). جامع مسانيد أبي حنيفة، في وجوه الجواب عمّا نقله الخطيب عن أحمد من عدم جواز النظر في كتب الحنفيّة آخر الباب الأول.

(٢). سورة البقرة: ٢، الآية ٤٢.

(٣). أقول: هذه الجملة واردة في غير واحدٍ من كتب أهل السنة المعتمدة كالملل والنحل للشهرستاني، تاريخ إبراهيم بن عبدالله الحموي، وشرح المواقف ٨ / ٣٧٦ للجرجاني، أبكار الأفكار للآمدي، مرآة الأسرار لعبد الرحمن بن عبد الرسول بلفظ « من تخلّف عن جيش أسامة فهو ملعون » واعترف بصحّته الشيخ يعقوب اللاهوري في ( عقائده ). =

٢٠٤

عاداه » بإلحاق جملة: « وانصر من نصره واخذل من خذله » إليه(١) .

ومن ذلك: تبديل لفظٍ في الحديث إلى لفظ آخر قريب منه في المخرج، كما فعلت النواصب والخوارج في حديث: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » بتبديل لفظ « هارون » إلى « قارون».

فهذا اعتراف من ( الدهلوي ) في هذا الباب، وإنْ كان كلامه مشتملاً على أباطيل وأكاذيب، كجعله الشيعة من الفرق الضالّة كالنواصب، ودعواه صدور التحريف من الشيعة في الأحاديث، وأنت إذا راجعت ( تشييد المطاعن ) و ( حديث الغدير ) من كتابنا، عرفت أنه - لو كان وجود الجملتين زيادةً وتحريفاً - من قبل أركان أهل السنّة لا من علماء الشيعة فهم الضلّال لا الشيعة.

ذكر بعض من أنكر دلالة الحديث على الإمامة!!

لقد نصَّ ( الدهلوي ) على أنّ من ينكر دلالة حديث المنزلة على أصل إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام فهو ناصبي، لأنّ النواصب يقولون بأنّ هذه الخلافة التي جاءت في هذا الحديث شيء آخر غير الخلافة المتنازع فيها فنقول:

إنّ إنكار دلالة هذا الحديث على أصل الإمامة والخلافة قد صدر من كثير من علماء أهل السنّة، وورد في عباراتهم في كتبهم، فمن هنا أيضاً تعرف حقيقة حال القوم تجاه أمير المؤمنين وأهل البيتعليهم‌السلام وإليك بعضهم:

____________________

= وكما نسب ( الدهلوي ) وضع هذه الجملة إلى الشيعة في ( تفسيره ) كذلك نسبه إليهم في باب المطاعن من ( تحفته ) ونفى وجود الجملة في شيء من كتب أهل السنّة، بل نسب إلى الملل والنحل قوله: إن هذه الجملة موضوعة مفتراة. فحيّا الله الأمانة والديانة!!

(١). راجع للوقوف على رواية أهل السنة لهذه الجملة قسم حديث الغدير من كتابنا.

٢٠٥

فضل الله التوربشتي

قال فضل الله بن حسين التوربشتي بشرح الحديث:

« والمستدل بهذا الحديث على أن الخلافة كانت بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى علي، زائغ عن منهج الصواب، فإن الخلافة في الأهل حياته لا تقتضي الخلافة في الأمة بعد المماة، والمقايسة التي تمسّكوا بها تنتقض عليهم بموت هارون قبل موسىعليهما‌السلام ، وإنّما يستدل بهذا الحديث على قرب منزلته واختصاصه بالمؤاخاة من قبل الرسول صلّى الله عليه وسلّم »(١) .

وقد أصرّ على هذا الإنكار والنفي في كتابه ( المعتمد في المعتقد ) فكان أشد نصباً من النواصب كما لا يخفى على من راجعه.

عياض، الطّيبي، القاري

وقال نور الدين علي بن سلطان الهروي القاري:

« قال التوربشتي: كان هذا القول من النبي صلّى الله عليه وسلّم في مخرجه إلى غزوة تبوك، وقد خلّف عليّاًرضي‌الله‌عنه على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلّفه إلّا استثقالاً له وتخفّفاً منه، فلمـّا سمع به علي أخذ سلاحه، ثمّ خرج حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو نازل بالجرف، فقال: يا رسول الله، زعم المنافقون كذا، فقال: كذبوا، إنّما خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أما ترضى - يا علي - أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى. تأول قول الله سبحانه:( وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) .

____________________

(١). شرح المصابيح - مخطوط، باب مناقب علي من كتاب المناقب.

٢٠٦

والمستدل بهذا الحديث على أنّ الخلافة كانت له بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زائغ عن منهج الصواب، فإن الخلافة في الأهل في حياته لا تقتضي الخلافة في الاُمة بعد مماته، والمقايسة التي تمسّكوا بها تنتقض عليهم بموت هارون قبل موسىعليها‌السلام .

وإنما يستدل بهذا الحديث على قرب منزلته واختصاصه بالمؤاخاة من قبل الرسول صلّى الله عليه وسلّم.

وفي شرح مسلم: قال القاضي عياض: هذا ممّا تعلَّقت به الروافض وسائر فرق الشيعة، في أنّ الخلافة كانت حقّاً لعليرضي‌الله‌عنه ، وأنّه وصيّ له بها، فكفّرت الروافض سائر الصحابة بتقديمهم غيره، وزاد بعضهم فكفّر عليّاً لأنه لم يقم في طلب حقّه، وهؤلاء أسخف عقلاً وأفسد مذهباً من أن يذكر قولهم، ولا شك في تكفير هؤلاء، لأنّ من كفّر الامة كلّها أو الصدر الأول خصوصاً فقد أبطل الشريعة وهدم الإسلام.

ولا حجّة في الحديث لأحدٍ منهم، بل فيه إثبات فضيلة لعلي، ولا تعرّض فيه لكونه أفضل من غيره، وليس فيه دلالة على استخلافه بعده، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنما قال هذا حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك. ويؤيّد هذا أن هارون المشبَّه به لم يكن خليفةً بعد موسى، لأنه توفي قبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة، وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة.

وقال الطّيبي: وتحريره من جهة علم المعاني: إن قوله « منّي » خبر للمبتدأ و « من » اتّصالية. ومتعلّق الخبر خاص و « الباء » زائدة، كما في قوله تعالى:( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ ) (١) أي: فإن آمنوا إيماناً مثل إيمانكم. يعني: أنت متّصل بي ونازل منّي منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه، ووجه الشبه لم يفهم أنهرضي‌الله‌عنه فيما شبّهه به صلّى الله عليه وسلّم، فبيّن بقوله: إنه لا

٢٠٧

نبي بعدي، أن اتّصاله به ليس من جهة النبوة، فبقي الإتصال من جهة الخلافة، لأنها تلي النبوة في المرتبة. ثم إمّا أنْ تكون حال حياته أو بعد مماته، فخرج من أن يكون بعد مماته، لأن هارونعليه‌السلام مات قبل موسى، فتعيّن أن يكون في حياته عند مسيره إلى غزوة تبوك، إنتهى.

وخلاصته: إن الخلافة الجزئية في حياته لا تدلّ على الخلافة الكليّة بعد مماته، لا سيّما وقد عزل عن تلك الخلافة برجوعه صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة »(١) .

أقول:

لقد نصّ هؤلاء وفاهوا بما قالته النّواصب، بل زاد القاري شيئاً لم يقولوا به، وهو ما ذكره أخيراً من أنه عزل عن تلك الخلافة الجزئية!! برجوعهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهذا شيء لم يرد في كلام النواصب!!

أبو شكور السالمي

وقال أبو شكور محمد بن عبد السعيد بن شعيب السالمي الحنفي صاحب ( التمهيد في بيان التوحيد ) ما نصّه:

« وأمّا قوله: إن النبيعليه‌السلام جعله خليفةً وكان بمنزلة هارون من موسى.

قلنا: الخبر حجة عليكم، لأنّ النبيّعليه‌السلام خرج في بعض غزواته، فاستخلف في المدينة علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، فلما خرج النبيعليه‌السلام قالت المنافقون: إنه قد أعرض عن ابن عمه وأجلسه في البيت، فلمـّا

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٣ - ٥٦٤.

٢٠٨

سمع عليرضي‌الله‌عنه اغتمّ لذلك، وخرج خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما لحق النبي فقال له: ما استخفّك؟ فقال: استخلفتني على النساء والذراري والمنافقين، وقد قال المنافقون في حقي ما قالوا - وقصَّ عليه القصّة - فقال النبيعليه‌السلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي؟

ثم هارون كان نبياً وعليرضي‌الله‌عنه ما كان نبياً، وهارونعليه‌السلام كان خليفة موسى في حياته ولم يكن بعد وفاته، لأنه مات قبل موسىعليه‌السلام ، فهذا لا يشبه ذلك ».

وماذا قال النواصب غير هذا؟

شمس الدين الخلخالي

وقال شمس الدين محمد بن المظفر الخلخالي:

« قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي.

قيل: إنما صدر هذا الكلام من النبيعليه‌السلام يوم غزوة تبوك، وقد خلّف عليّاً على أهل بيته، وأمره أن يقيم في المدينة ويراعي أحوالهم يوماً فيوماً. ثم قال المنافقون: ما تركه إلّالكونه مستثقلاً عنده، فخفّف عنه ثقله، فلما سمع علي ذلك تأذّى من هذا الكلام، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله زعم المنافقون أنك ما خلّفتني إلاّلكوني ثقيلاً عليك، فخفّفت ثقلي عنك. فقالعليه‌السلام : كذبوا. ما خلّفتك إلّا لكرامتك عليَّ، فارجع إلى أهلي وأهلك واخلفني فيهم بما أمرتك. أما ترضى بأنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى.

فالإستدلال بذلك على أنّ الخلافة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

٢٠٩

كانت لعلي، غير صواب، لأنّ الخلافة الجزئية - وهي خلافته في الأهل - لا تقتضي الخلافة الكلية. أي الخلافة في الامّة بعد وفاتهعليه‌السلام .

بل إنّما تدلّ على قربه واختصاصه بما لا يباشر إلّا بنفسه في أهله، وإنما اختص بذلك لأنه يكون بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرفان القرابة والصحبة، فلهذا اختاره لذلك دون غيره.

وأيضاً: ضربعليه‌السلام المثل باستخلاف موسى هارون على بني إسرائيل حين خرج إلى الطور، ولم يرد به الخلافة بعد الموت، فإن المضروب به المثل - وهو هارون - كان موته قبل موت موسى، وإنّما كان خليفةً له في حياته في وقت خاص، فليكن كذلك الأمر فيمن ضرب له المثل به »(١) .

الخطاّبي، الزيداني

وقال مظهر الدين حسين بن محمود بن الحسن الزيداني:

« فالذي يستدل بهذا الحديث على أنّ الخلافة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كانت لعليرضي‌الله‌عنه ، فاستدلاله بذلك غير صواب، لأنّ الخلافة الجزئية في حياته لا تدلّ على الخلافة الكلية بعد وفاتهعليه‌السلام ، وإنما يستدل به على قربه واختصاصه بما لا يباشر إلّابنفسهعليه‌السلام ، وإنّما اختصّ بذلك لأن بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرفان، القرابة والصحبة، فلهذا اختاره بذلك دون غيره.

قال الخطابي: ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المثل باستخلاف موسى هارونعليهما‌السلام على بني إسرائيل حين خرج إلى الطور، ولم يرد الخلافة بعد الموت، فإن المضروب به المثل - وهو هارونعليه‌السلام - كان

____________________

(١). المفاتيح في شرح المصابيح - مخطوط، باب مناقب علي من كتاب المناقب.

٢١٠

موته قبل وفاة موسىعليه‌السلام ، وإنما كان خليفةً في حياته في وقت خاص، فليكن كذلك الأمر فيمن ضرب له المثل »(١) .

أبو زكريا النووي

وقال النووي بشرحه:

« وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده، لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما قال هذا لعلي حين استخلفه في المدينة في غزوة تبوك. ويؤيد هذا: إنّ هارون المشبّه به لم يكن خليفةً بعد موسى، بل توفي في حياة موسى وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة، على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص، قالوا: وإنّما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة. والله أعلم »(٢) .

شمس الدين الكرماني

وقال الشمس محمد بن يوسف الكرماني:

« قوله: أن تكون منّي. أي: نازلاً مني منزلته، والباء زائدة.

وهذا الحديث تعلّق به الروافض في خلافة عليرضي‌الله‌عنه .

الخطابي: هذا إنّما قال لعلي حين خرج إلى تبوك ولم يستصحبه، فقال: أتخلّفني مع الذرية؟ فقال: أما ترضى أن تكون فضرب له المثل باستخلاف موسى على بني إسرائيل حين خرج إلى الطور. ولم يرد به الخلافة بعد الموت. فإن المشبّه به - وهو هارون - كانت وفاته قبل موسىعليهما‌السلام ، وإنما كان

____________________

(١). شرح المصابيح - مخطوط، باب مناقب علي من كتاب المناقب.

(٢). شرح صحيح مسلم ١٥ / ١٧٤.

٢١١

خليفته في حياته في وقتٍ خاص. فليكن كذلك الأمر فيمن ضرب المثل به »(١) .

ابن حجر العسقلاني

وقال شهاب الدين ابن حجر العسقلاني:

« استدل بحديث الباب على استحقاق علي للخلافة دون غيره من الصحابة، فإن هارون كان خليفة موسى.

وأجيب: بأن هارون كان خليفة موسى في حياته لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى باتّفاق، أشار إلى ذلك الخطاّبي.

وقال الطيّبي: معنى الحديث أنه متّصل بي نازل في منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه مبهم بيّنه بقوله: إلّا أنه لا نبي بعدي. فعرف أنّ الإتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة بل من جهة ما دونها وهو الخلافة. ولمـّا كان هارون المشبّه به إنّما كان خليفةً في حياة موسى دلّ ذلك على تخصيص خلافة علي للنبي صلّى الله عليه وسلّم بحياته »(١) .

شهاب الدين القسطلاني

وقال شهاب الدين القسطلاني:

« ولا حجة لهم في الحديث ولا متمسّك لهم به، لأنه صلّى الله عليه وسلّم إنما قال هذا حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك. ويؤيّده إن هارون المشبّه به لم يكن خليفة بعد موسى، لأنه توفي قبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة. وبيّن بقوله: إلّا أنه ليس نبي - في نسخة: لا نبي بعدي - إنّ إتّصاله به ليس من جهة النبوة، فبقي الإتصال من جهة الخلافة، لأنها تلي النبوة في الرتبة. ثم

____________________

(١). الكواكب الدراري في شرح البخاري ١٣ / ٢٤٥.

(٢). فتح الباري في شرح البخاري ٧ / ٦٠.

٢١٢

إنّها إمّا أن تكون في حياته أو بعد مماته، فخرج بعد مماته، لأن هارون مات قبل موسى، فتعيَّن أنْ تكون في حياته عند مسيره إلى غزوة تبوك، كمسير موسى إلى مناجاة ربه »(١) .

محب الدّين الطّبري

وقال محبّ الدين الطبري:

« الجواب عنه من وجهين:

الأول: نقول: هذا عدول عن ظاهر ما تعلق به لسان الحال والمقال، فإنّه صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي تلك المقالة حين استخلفه لمـّا توجّه إلى غزوة تبوك على ما يتضح إنْ شاء الله تعالى في آخر هذا الكلام، وذلك استخلاف حال الحياة، فلمـّا رآى تألّمه بسبب التخلّف، إما أسفاً على الجهاد أو بسبب ما عرض من أذى المنافقين على ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى، قال له تلك المقالة ايذاناً له بعلوّ مكاننهُ منه وشرف منزلته التي أقامه فيها مقام نفسه. فالتنظير بينه وبين هارون إنما كان في استخلاف موسى له، منضمّاً إلى الأخوة وشدّ الأزر والعضد به، وكان ذلك كلّه حال الحياة، مع قيام موسى فيما استخلفه فيه، يشهد بذلك صورة الحال، فليكن الحكم في علي كذلك، منضماً إلى ما يثبت له من أخوة النبي صلّى الله عليه وسلّم وشدّ أزره وعضده به، غير أنّه لم يشاركه في أمر النبوة، كما شاركه هارون لم ترد موسى، فلذلك قال صلّى الله عليه وسلّم: إلّا أنه لا نبي بعدي. أي بعد بعثتي.

هذا على سبيل التنظير، ولا إشعار في ذلك بما بعد الوفاة لا بنفي ولا بإثبات.

____________________

(١). إرشاد الساري في شرح البخاري ٦ / ٤٥١.

٢١٣

بل نقول: لو حمل على ما بعد الوفاة لم يصح تنزيل علي من النبي صلّى الله عليه وسلّم منزلة هارون من موسى، لانتفاء ذلك في هارون، فإنّه لم يكن الخليفة بعد وفاة موسى، وإنما كان الخليفة بعد يوشع بن نون. فعلم قطعاً أن المراد به الاستخلاف حال الحياة، لمكان التشبيه، ولم يوجد إلّافي حال الحياة »(١) .

أقول:

ولا يخفى التنافي بين قوله أوّلاً وما قاله ثانياً بعد « بل »، وأن حاصل كلامه الأول هو مقالة النواصب، وحاصل كلامه الثاني كون الحديث دليلاً على نفي خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهذا أفحش وأشنع من كلام النواصب اللئام.

نور الدين الحلبي

وقال نور الدين الحلبي صاحب ( السيرة ) ما نصّه:

« وادّعت الرافضة والشيعة إن هذا من النص التّفصيلي على خلافة علي كرم الله وجهه. قالوا: لأن جميع المنازل الثابتة لهارون من موسى سوى النبوة ثابتة لعلي كرّم الله وجهه من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإلا لما صحّ الإستثناء، أي إستثناء النبوة بقوله: إلّا أنّه لا نبي بعدي، وممّا ثبت لهارون من موسىعليه‌السلام استحقاقه للخلافة عنه لو عاش بعده. أي دون النبوة.

وردّ: بأن هذا الحديث غير صحيح كما قاله الآمدي.

وعلى تسليم صحته - بل صحته هي الثابتة لأنه في الصحيحين - فهو من

____________________

(١). الرياض النضرة ١ / ٢٢٤.

٢١٤

قبيل الآحاد، وكل من الرافضة والشيعة لا يراه حجةً في الإمامة.

وعلى تسليم أنه حجة، فلا عموم له.

بل المراد ما دلّ عليه ظاهر الحديث: إن علياً كرم الله وجهه خليفة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في أهله خاصةً مدة غيبتهُ بتبوك، كما أن هارون كان خليفة عن موسى في قومه مدة غيبته عنهم للمناجاة. فعلى تسليم أنّه عام لكنه مخصوص، والعام المخصوص غير حجة في الباقي أو حجة ضعيفة.

وقد استخلف صلّى الله عليه وسلّم في مرارٍ أخرى غير علي، فيلزم أنْ يكون مستحقّاً للخلافة»(١) .

أقول:

وهكذا سعى غير من ذكرناهم - كالسيوطي في ( التوشيح ) والعلقمي في ( الكوكب المنير ) والعزيزي في ( السراج المنير ) وزيني دحلان في ( السيرة النبوية ) والرازي في ( نهاية العقول ) والإصفهاني في ( شرح التجريد ) و ( شرح الطوالع ) والتفتازاني في ( شرح المقاصد ) والقوشجي في ( شرح التجريد ) وابن حجر المكي في ( الصواعق المحرقة ) والكابلي في ( الصواقع ) وغيرهم من شرّاح الحديث والمتكلّمين - في نفي دلالة الحديث الشريف على خلافة مولانا الأميرعليه‌السلام

فظهر - والحمد لله - باعتراف ( الدهلوي ) نصب كلّ هؤلاء وعداؤهم لأمير المؤمنين لاتّحاد مقصودهم مع مقصود النواصب، وقدحهم في أصل دلالة الحديث على استحقاقهعليه‌السلام الخلافة كما قدحوا

ولا تتوهّمنَّ أنهم ينفون دلالته على الخلافة بلا فصل، لا أصل الإستحقاق

____________________

(١). السيرة الحلبية ٣ / ١٣٣.

٢١٥

للخلافة، فيكون بين كلامهم وما تزعمه النواصب فرق.

لأنّ كلمات هؤلاء القوم صريحة في نفي الدلالة على أصل الخلافة، ألا ترى التوربشتي يقول: « إنّما يستدل بهذا الحديث على قرب منزلته واختصاصه بالمؤاخاة من قبل الرسول »؟

وأيضاً: جاء في كلام جميعهم ذكر وفاة هارون في حياة موسىعليهما‌السلام ، وعدم وصول الخلافة إليه بعد وفاة موسى، فليكن الأمر كذلك في المشبَّه به وهو عليعليه‌السلام لقد جاء هذا في كلامهم، وليس معناه إلاّسلب الخلافة على الإمام مطلقاً، بل معنى كلامهم أن حديث المنزلة دليل على عدم خلافته أصلاً. معاذ الله من ذلك.

وأيضاً: لقد جاء في عبارة القسطلاني: « فخرج بعد مماته، لأن هارون مات قبل موسى، فتعيّن أن يكون في حياته، عند مسيره إلى غزوة تبوك » وكذا ذكر العلقمي والعزيزي في شرحيهما للجامع الصغير للسّيوطي. وهذا نصّ صريح في إنكار الدلالة على الخلافة على الإطلاق، لأنّ هذا الكلام معناه خروج الخلافة بعد المماة على الإطلاق، وإلّا لم يتم تعيّن أنْ يكون في حياته.

وأيضاً: قول عبد الوهاب القنوجي في ( بحر المذاهب ): « ولو سلّم، فلا دلالة على نفي إمامة الأئمة الثلاثة قبل علي » صريح في أنه يريد نفي الدلالة على الإطلاق، وأنّه لو سلّم فلا دلالة على نفي إمامة الثلاثة

وكذا في ( شرح التجريد للقوشجي ) حيث قال: « وبعد اللتيا والتي، لا دلالة فيه على نفي إمامة الأئمة الثلاثة قبل عليرضي‌الله‌عنه ».

فظهر: أنّهم ينفون وينكرون دلالة حديث المنزلة على أصل الخلافة، وهذا عين ما ذهبت إليه النصّاب فلا يبقى ريب في نصب الخطابي، والقاضي عياض، والتوربشتي، والنووي، والخلخالي، والزيداني، والكرماني، والطيبي،

٢١٦

والطبري، والعسقلاني، والقسطلاني، والعلقمي، والعزيزي، والقاري، والحلبي وأمثالهم

ولي الله الدّهلوي

لكنّ كلّ هذا لا يوجب اضطراب أهل السنّة في ديار الهند، بمثل اضطرابهم إذا ما أوردنا كلام وليّ الله المثبت له النصب والبغض لأمير المؤمنينعليه‌السلام على ضوء كلام ولده ( الدهلوي ) فقد قال ولي الله:

« لمـّا استخلف المرتضى في غزوة تبوك شبّهه بهارون في خصلتين: الخلافة في مدة الغيبة وكونه من أهل البيت، دون الخصلة الثالثة وهي النبوّة، وهذا المعنى لا علاقة له بالخلافة الكبرى التي هي بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأنه صلّى الله عليه وسلّم كان يعيّن على المدينة في كلّ غزوةٍ أميراً فالخلافة الكبرى أمر، والخلافة الصغرى في مدة الغيبة عن المدينة أمر آخر »(١) .

هذه عبارته أليست هي عبارة النواصب التي نقلها ولده من أنّ « هذه الخلافة غير الخلافة المتنازع فيها »؟!

الدهلوي نفسه

ثمّ إنّ كلام ( الدهلوي ) الذي نقل فيه قدح النّواصب يثبت نصبه هو أيضاً، لأنّ ( الدهلوي) نفسه يجيب عن استدلال الإماميّة بحديث المنزلة بحاصل القدح الذي نقله عن النواصب كما سيأتي عن قريب وذاك قوله بقصر خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام في المدينة على الأهل والعيال. وهذا هو مطلوب النواصب.

____________________

(١). إزالة الخفا، آخر الفصل السابع من المقصد الأول.

٢١٧

السهارنفوري هو الأصل فيما نسبه الدهلوي إلى النواصب

وبعد، فإني كاشف - بعناية الله - عن حقيقة الحال في هذا المقام إذ ( الدّهلوي ) ذكر عن النواصب أنهم يقدحون في الإستدلال بهذا الحديث الشريف بأنّ الخلافة فيه غير الخلافة المتنازع فيها، فلا دلالة فيه على أصل إستحقاق أمير المؤمنينعليه‌السلام للخلافة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكنّ الأصل في هذا القدح هو الحسام السهارنفوري صاحب ( مرافض الروافض ) الذي دأب ( الدهلوي ) على انتحال أباطيله في كلّ موردٍ لم يجد ضالّته في كلمات الكابلي صاحب ( الصواقع )

نعم هو من كلام السهارنفوري، انتحله ( الدّهلوي ) ناسباً إيّاه إلى النواصب وإليك ما جاء في كتاب ( المرافض ) للسهارنفوري في هذه المسألة:

« لقد اتفق الطّرفان على أن رسول الثقلين وشفيعنا في الدارين قال هذا لعلي عند مخرجه إلى غزوة تبوك، وقد صرّح أصحاب الحديث والسّير المتكفّلين لبيان أحواله - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ رسول الله استخلف علياً المرتضى في مخرجه إلى تلك الغزوة على أهله وعياله، وأمره أن يقيم في المدينة رعايةً لأحوالهم، لا أنه أعطاه منصب الخلافة المطلقة وشرّفه بذاك المقام الرّفيع.

روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقّاص الحديث.

وفي شرح المشكاة، والصواعق، وفصل الخطاب، والمدارج، والمعارج، وحبيب السير، وترجمة المستقصى، وغيرها من الكتب: إن سيد الكونين خلّفه عند مخرجه إلى غزوة تبوك على أهله وعياله ليتعهّد أحوالهم في المدينة.

فظهر، أنّ هذه خلافة خاصّة وليست مطلقة، والنزاع إنّما هو في الخلافة المطلقة.

٢١٨

وقد خلّف الرسول صلّى الله عليه وسلّم في هذه الغزوة - كما ذكر أهل السّير - محمد بن مسلمة، أو سباع بن عرفطة على المدينة، ونصب ابن اُم مكتوم نائباً من قبله لإقامة الصّلاة فيها. وواضح أنّه لو كانت خلافة علي المرتضى مطلقةً لما كان لاستخلاف محمد بن مسلمة وابن أم مكتوم معنى ».

فهذا كلامه، وقد صرّح بأنّ الخلافة الّتي دلّ عليها الحديث الشريف غير الخلافة المتنازع فيها، وهذا هو الذي نسبه ( الدهلوي ) إلى النّواصب، للتستّر على واقع حال والده ولي الله، ومقتداه السهارنفوري، وكبار أئمة طائفته من محدثين ومتكلمين

٢١٩

كلام الأعور الواسطي في الجواب عن الحديث

وهلمَّ معي وانظر إلى كلام يوسف الأعور الواسطي، الذي شحنه كذباً وزوراً وطعناً في أمير المؤمنين وشيعته، لينكشف لك - أكثر من ذي قبل - ما يضمره هؤلاء القوم من البغض والعداوة لأمير المؤمنين وأهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه يقول في رسالته مجيباً عن الإستدلال بحديث المنزلة:

« الثالث - قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى.

قلنا: لا دلالة فيه على إمامة علي، لوجوه:

الأول: إنه قيل تسليةً لعلي لا تنصيصاً عليه، لأنه صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى تبوك، ولم يترك للمدينة رجلاً يصلح للحرب، ولم يترك إلّا النساء والصّبيان والضعفاء، فاستخلف علياً. فطعنت المنافقون في علي فقالوا: ما تركه إلّالشىء يكرهه منه، فخرج إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم باكياً. فقال: تذرني مع النساء والصّبيان؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم تسليةً: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى. وقد استخلف النبي صلّى الله عليه وسلّم إبن أم مكتوم على المدينة أحد عشر مرة وهو أعمى لا يصلح للإمامة.

الثاني: إنّ في هذا الحديث دلالة على عدم استحقاق علي للإمامة، لأنّ هارون مات قبل موسى، ولم يكن له بعد موسى أمر، فيلزم الرّافضة أنْ يقولوا ليس لعلي بعد النبي أمر.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الجنب، ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره، فقد أجزأه.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٢٠٤٦ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الحائض، ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها.

[ ٢٠٤٧ ] ٥ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بلّت يمينك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين والحسن بن موسى الخشّاب، عن يزيد بن إسحاق، مثله، إلّا أنّه قال: ما بلّلت يدك(٢) .

[ ٢٠٤٨ ] ٦ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي بن فضّال، وعن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى ومحمّد بن خالد الأشعري، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه‌السلام ) عن غسل الجنابة ؟ قال: أفض على رأسك ثلاث أكفّ، وعن يمينك، وعن يسارك، إنّما يكفيك مثل الدهن.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أبواب الوضوء(٣) ، وفي

__________________

(١) التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٠، والاستبصار ١: ١٢٣ / ٤١٦.

٤ - الكافي ٣: ٨٢ / ٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٢٠ من أبواب الحيض.

٥ - الكافي ٣: ٢٢ / ٦، وتقدّم في الحديث ٢ من الباب ١٣ من أبواب أحكام الخلوة.

(٢) التهذيب ١: ١٣٨ / ٣٨٦، والاستبصار ١: ١٢٢ / ٤١٥.

٦ - التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٤.

(٣) تقدم في الباب ٥٠ وفي الحديث ٥ من الباب ٥٢ من أبواب الوضوء.

٢٤١

الإستنجاء(١) ، وفي أبواب الماء المضاف والمستعمل(٢) ، وفي أحاديث وجوب الغسل بغيبوبة الحشفة(٣) ، وغير ذلك، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٣٢ - باب جواز غسل الرجل والمرأة من اناء واحد، واستحباب ابتداء الرجل، وكون الماء صاعين أو صاعاً ومدّاً

[ ٢٠٤٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) قال: سألته عن وقت(٥) غسل الجنابة، كم يجزي من الماء ؟ فقال: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته، ويغتسلان جميعاً من إناء واحد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى، مثله(٦) .

[ ٢٠٥٠ ] ٢ - وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) : هل يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد ؟ قال: نعم، يفرغان على أيديهما قبل أن يضعا أيديهما في الإناء.

[ ٢٠٥١ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن

__________________

(١) تقدّم في الحديث ٢ من الباب ١٣ من أبواب أحكام الخلوة.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب الماء المضاف.

(٣) تقدم في الحديث ٥، ٦ من الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

(٤) يأتي ما يدلّ عليه في الباب ٣٢ من أبواب الجنابة والباب ٢٧ من أبواب غسل الميت.

الباب ٣٢

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٢٢ / ٥.

(٥) وقت: ليس في المصدر.

(٦) التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٢ والاستبصار ١: ١٢٢ / ٤١٢.

٢ - الكافي ٣: ١٠ / ٢، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٧ من أبواب الأسآر.

٣ - التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٣، والاستبصار ١: ١٢٢ / ٤١٣.

٢٤٢

محمّد بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يغتسل بصاع، وإذا كان معه بعض نسائه يغتسل بصاع ومدّ.

[ ٢٠٥٢ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه‌السلام ) : اغتسل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) هو وزوجته من خمسة أمداد من إناء واحد، فقال له زراره: كيف صنع ؟ فقال: بدأ هو فضرب بيده الماء قبلها، فأنقى فرجه، ثمّ ضربت هي فأنقت فرجها، ثمّ أفاض هو وأفاضت هي على نفسها حتّى فرغا، وكان الذي اغتسل به النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثلاثة أمداد، والذي اغتسلت به مديّن، وإنما أجزأ عنهما لأنّهما اشتركا فيه جميعاً، ومن انفرد بالغسل وحده فلا بدّ له من صاع.

[ ٢٠٥٣ ] ٥ - ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما‌السلام ) أنّهما قالا: توضّأ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بمدّ واغتسل بصاع، ثمّ قال: اغتسل هو وزوجته بخمسة أمداد، وذكر الحديث.

[ ٢٠٥٤ ] ٦ - الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي في ( مجالسه ) عن أبيه، عن محمّد بن محمّد بن مخّلد، عن محمّد بن عمرو الرزّاز، عن حامد بن سهل، ( عن أبي غسان )(١) ، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، عن ميمونة قالت: أجنبت أنا ورسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فاغتسلت من جفنة، وفضلت فيها فضلة، فجاء رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فاغتسل منها، فقلت: يا رسول الله، إنّها فضلة منّي، أو قالت:

__________________

٤ - الفقيه ١: ٢٣ / ٧٢، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٣١ من أبواب الجنابة.

٥ - التهذيب ١: ٣٧٠ / ١١٣٠.

٦ - أمالي الطوسي ٢: ٦، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٧ من أبواب الأسآر.

(١) ليس في المصدر. راجع التعليقة على الحديث ٦ من الباب ٧ من أبواب الأسآر.

٢٤٣

اغتسلت، فقال: ليس الماء جنابة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الأسآر(١) وفي أبواب الوضوء(٢) .

٣٣ - باب أنّ كلّ غسل يجزي عن الوضوء

[ ٢٠٥٥ ] ١ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد جميعاً، عن عبد الحميد بن عوّاض، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الغسل يجزي عن الوضوء وأيّ وضوء أطهر من الغسل.

[ ٢٠٥٦ ] ٢ - وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن الحسن(٣) بن علي بن إبراهيم بن محمّد، عن جدّه إبراهيم بن محمّد، أنّ محمّد بن عبد الرحمن الهمذاني كتب إلى أبي الحسن الثالث (عليه‌السلام ) يسأله عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة ؟ فكتب: لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره.

[ ٢٠٥٧ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار الساباطي قال: سئل أبو عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل إذا(٤) اغتسل من جنابته، أو يوم جمعة، أو يوم عيد، هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده ؟ فقال: لا، ليس عليه قبل ولا بعد، قد

__________________

(١) تقدّم ما يدلّ عليه في الباب ٧ من أبواب الأسآر.

(٢) تقدم في الباب ٥٠ من أبواب الوضوء.

الباب ٣٣

فيه ١٠ أحاديث وفي الفهرست ١١ حديثاً

١ - التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٩٠ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٢٧.

٢ - التهذيب ١: ١٤١ / ٣٩٧ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٣١.

(٣) في نسخة: الحسين، منه قدّه.

٣ - التهذيب ١: ١٤١ / ٣٩٨ والاستبصار ١: ١٢٧ / ٤٣٢.

(٤) كتب في هامش الاصل ( اذا ) عن التهذيب.

٢٤٤

أجزأه الغسل، والمرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض، أو غير ذلك، فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد، قد أجزأها الغسل.

[ ٢٠٥٨ ] ٤ - وعنه، عن موسى بن جعفر، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، في الرجل يغتسل للجمعة، أو غير ذلك، أيجزيه من الوضوء ؟ فقال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : وأيّ وضوء أطهر من الغسل.

[ ٢٠٥٩ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، مرسلاً، أنّ الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة.

[ ٢٠٦٠ ] ٦ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن شاذان بن الخليل، عن يونس، عن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن عبدالله بن سليمان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: الوضوء بعد الغسل بدعة.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، مثله(١) .

[ ٢٠٦١ ] ٧ - قال الكليني: وروي أنّه ليس شيء من الغسل فيه وضوء إلّا غسل يوم الجمعة، فإن قبله وضوء.

[ ٢٠٦٢ ] ٨ - قال: وروي: أيّ وضوء أطهر من الغسل.

[ ٢٠٦٣ ] ٩ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الوضوء بعد الغسل بدعة.

__________________

٤ - التهذيب ١: ١٤١ / ٣٩٩ والاستبصار ١: ١٢٧ / ٤٣٣.

٥ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٤ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٣٠، وأورده في الحديث ٧ من الباب ٣٤ من أبواب الجنابة.

٦ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٥.

(١) الكافي ٣: ٤٥ / ١٢.

٧ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٣.

٨ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٣.

٩ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٦.

٢٤٥

[ ٢٠٦٤ ] ١٠ - وقال المحقّق في ( المعتبر ): روي من عدّة طرق عن الصادق (عليه‌السلام ) قال: الوضوء بعد الغسل بدعة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في أحاديث الحيض(١) ، والاستحاضة(٢) ، والنفاس(٣) ، وغير ذلك، ويأتي ما ظاهره المنافاة، ونبيّن وجهه(٤) .

٣٤ - باب عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة قبله ولا بعده

[ ٢٠٦٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن يعقوب بن يقطين، عن أبي الحسن (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا، فيما نزل به جبرئيل (عليه‌السلام ) ؟ قال: الجنب يغتسل، يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء، ثمّ يغسل ما أصابه من أذى، ثمّ يصبّ على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كلّه، ثمّ قد قضى الغسل ولا وضوء عليه.

[ ٢٠٦٦ ] ٢ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، وذكر كيفيّة غسل الجنابة، فقال: ليس قبله ولا بعده وضوء.

__________________

١٠ - المعتبر: ٥٢.

(١) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٤، والحديث ٣، ٦ من الباب ٥ من أبواب الحيض.

(٢) يأتي في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ١، والأحاديث ٨، ١١، ١٩ من الباب ٣، والأحاديث ٢، ٣ من الباب ٥ من أبواب النفاس.

(٤) يأتي ما ظاهره المنافاة في الأحاديث ١، ٢، ٣ من الباب ٣٥ من هذه الأبواب.

الباب ٣٤

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ١: ١٤٢ / ٤٠٢.

٢ - التهذيب ١: ١٤٨ / ٤٢٢ و ٣٧٠ / ١١٣١، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٢٦، وقطعة منه في الحديث ١ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب.

٢٤٦

[ ٢٠٦٧ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد - يعني ابن أبي نصر - قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه‌السلام ) عن غسل الجنابة ؟ فقال: تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك، وتبول إن قدرت على البول، ثمّ تدخل يدك في الإِناء، ثمّ اغسل ما أصابك منه، ثمّ أفض على رأسك وجسدك، ولا وضوء فيه.

[ ٢٠٦٨ ] ٤ - وعنه، عن فضالة، عن حمّاد بن عثمان، عن حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن غسل الجنابة - إلى أن قال - قلت: إن الناس يقولون: يتوضّأ وضوء الصلاة قبل الغسل، فضحك وقال: وأيّ وضوء أنقى من الغسل وأبلغ.

[ ٢٠٦٩ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن يعقوب بن شعيب، عن حريز، أو عمّن رواه، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام ) : إنّ أهل الكوفة يروون عن علي (عليه‌السلام ) أنّه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة ؟ قال: كذبوا على علي (عليه‌السلام ) ، ما وجدوا ذلك في كتاب علي (عليه‌السلام ) ، قال الله تعالى:( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) (١) .

[ ٢٠٧٠ ] ٦ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: سألته قلت: كيف أصنع إذا أجنبت ؟ قال: اغسل كفّيك(٢) وفرجك، وتوضّأ وضوء الصلاة ثمّ اغتسل.

__________________

٣ - التهذيب ١: ١٣١ / ٣٦٣ والاستبصار ١: ١٢٣ / ٤١٩، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

٤ - التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٩٢، وأورد صدره في الحديث ٧ من الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

٥ - التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٨٩ والاستبصار ١: ١٢٥ / ٤٢٦.

(١) المائدة ٥: ٦.

٦ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٣ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٢٩. وكذلك ١: ٩٧ / ٣١٤.

(٢) في نسخة: كفك.

٢٤٧

وعن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، مثله(١) .

أقول: هذا محمول على التقيّة.

[ ٢٠٧١ ] ٧ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى مرسلاً، بأنّ الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٣٥ - باب استحباب الوضوء قبل الغسل في غير الجنابة

[ ٢٠٧٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: كلّ غسل قبله وضوء إلّا غسل الجنابة(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن يعقوب(٢) .

[ ٢٠٧٣ ] ٢ - ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان أو غيره، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: في كلّ غسل وضوء إلّا الجنابة.

[ ٢٠٧٤ ] ٣ - محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن

__________________

(١) التهذيب ١: ١٠٤ / ٢٦٩.

٧ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٤ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٣٠. تقدم في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من أبواب الجنابة.

(٢) يأتي ما يدل على ذلك في الباب الآتي.

الباب ٣٥

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٣.

(٣) الظاهر أنّ كلّ غسل مُغنٍ عن الوضوء، والذي ورد بخلافه ورد من باب التقية، ( منه قدّه ).

(٤) التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٩١ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٢٨.

٢ - التهذيب ١: ١٤٣ / ٤٠٣، و ٣٠٣ / ٨٨١.

٣ - التهذيب ١: ١٤١ / ٤٠١، الاستبصار ١: ١٢٧ / ٤٣٤.

٢٤٨

يعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسن(١) ، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن الأوّل (عليه‌السلام ) قال: إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضّأ و(٢) اغتسل.

أقول: هذان الحديثان مع موافقتهما للتقيّة لا تصريح فيهما بالوجوب، بل حملهما على الاستحباب، قريب جداً لما مرّ(٣) ، ويحتمل الحمل على التقيّة، ويحتمل الأوّل الاستفهام الإنكاري ويراد أنّه ليس في غير غسل الجنابة أيضاً وضوء نصّاً على غير غسل الجنابة، لأنّه لا يحتاج إلى نصّ لما علم من مذهبهم فيه، ثمّ لا تصريح فيهما أيضاً بجواز تأخير الوضوء، وقد تقدّم أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة(٤) فيتعين تقديم الوضوء، أو تركه، وأمّا ما تقدّم من أنّ الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة(٥) فهو مخصوص بغسل الجنابة، أو بقصد الوجوب، ويحتمل الحمل على إرادة إثبات الوضوء قبل الغسل، ونفيه بعده، بأن يكون قبل الغسل خبر المبتدأ، والله أعلم(٦) .

__________________

(١) في المصدر: سليمان بن الحسين ( راجع معجم رجال الحديث ٨: ٢٤٢ ).

(٢) في نسخة: ثمّ ( هامش المخطوط ).

(٣) مرّ في الحديث ١ من هذا الباب.

(٤) تقدم في الحديث ٦، ١٠ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

(٥) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

(٦) جاء في هامش المخطوط ما لفظه: وقد جزم بوجوب تقديم الوضوء على الغسل في غير الجنابة الشيخ وجماعة من علمائنا، وظاهر رواية علي بن يقطين توافقهم في غسل الجمعة لا غير ويحتمل أن يراد من الحديث الأول أن كلّ غسل قبله وضوء لكن الغسل يجزي عنه لما مرّ بمعنى أن غير الجنب مخاطب بالوضوء ولو على وجه الاستحباب فله تقديمه وان لم يقدمه أجزأ عنه الغسل عملاً بالدليلين لعدم التنافي على هذا الوجه والجنب غير مأمور بالوضوء أصلاً لقوله تعالى: ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ويحتمل كون لفظ قبله تصحيفاً وأصله فيه كما في الرواية الثانية وحينئذٍ فالظرفية تقتضي كون الوضوء في أثناء الغسل وهو منفي بالاجماع، والظرفية تنافي وجوب التقديم، وتنافي التخيير بين التقديم والتأخير، ويظهر لي منها معنى لطيف وهو أن يكون المراد أن كل غسل يجزي عن الوضوء بمعنى أن كل غسل يتضمن الوضوء ويشتمل عليه ويستلزم غسل جميع أعضائه وزيادة فيجزي عنه لقولهم ( عليهم‌السلام ) : وأي وضوء أطهر من الغسل، مع التصريحات السابقة فيصدق أنّ كل غسل فيه وضوء واستثناء غسل الجنابة معناه أن الجنب غير =

٢٤٩

٣٦ - باب حكم البلل المشتبه بعد الغسل

[ ٢٠٧٥ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيدالله بن علي الحلبي قال: سئل أبو عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يغتسل ثمّ يجد بعد ذلك بللاً، وقد كان بال قبل أن يغتسل ؟ قال: ليتوضّأ، وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل.

[ ٢٠٧٦ ] ٢ - قال: وروي في حديث آخر: إن كان قد رأى بللاً ولم يكن بال فليتوضّأ ولا يغتسل، إنّما ذلك من الحبائل.

[ ٢٠٧٧ ] ٣ - قال الحلبي: وسئل عن الرجل ينام ثمّ يستيقظ فيمسّ ذكره فيرى بللاً، ولم ير في منامه شيئاً، أيغتسل ؟ قال: لا، إنّما الغسل من الماء الأكبر.

[ ٢٠٧٨ ] ٤ - وفي كتاب ( المقنع ) قال: وروي في حديث آخر: إن لم تكن بلت فتوضّأ ولا تغتسل، إنّما ذلك من الحبائل.

[ ٢٠٧٩ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سئل

__________________

= مخاطب بالوضوء أصلاً، بل لا يشرع له، وإنما هو مأمور بالغسل وحده بدلالة الآية، فلا معنى لقولنا غسل الجنابة يجزي عن الوضوء أو أن فيه وضوءاً، أو إنّه يشتمل عليه، كما لا يجوز أن يقال غسل الجنابة يجزي عن التيمم، أو صلاة الظهر تجزي عن صلاة الضحى، وهو ظاهر ولا أقل من الاحتمال، ومع الاحتمالات الأربعة لا يقاوم التصريحات السابقة بل لا يجوز الاستدلال به، والله أعلم، ( منه قدّه ).

الباب ٣٦

فيه ١٤ حديثاً

١ - الفقيه ١: ٤٧ / ١٨٦.

٢ - الفقيه ١: ٤٧ / ١٨٧.

٣ - الفقيه ١: ٤٨ / ١٨٩.

٤ - المقنع: ١٣.

٥ - الكافي ٣: ٤٩ / ٢.

٢٥٠

عن الرجل يغتسل ثمّ يجد بعد ذلك بللاً وقد كان بال قبل أن يغتسل ؟ قال: إن كان بال قبل أن يغتسل(١) فلا يعيد الغسل.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٢) ، ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ٢٠٨٠ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد - يعني ابن مسلم - قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شيء ؟ قال: يغتسل ويعيد الصلاة، إلّا أن يكون بال قبل أن يغتسل، فإنه لا يعيد غسله.

[ ٢٠٨١ ] ٧ - قال محمّد: وقال أبو جعفر (عليه‌السلام ) : من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول ثمّ وجد(٤) بللاً فقد انتقض غسله، وإن كان بال ثمّ اغتسل ثمّ وجد بللاً فليس ينقض غسله، ولكن عليه الوضوء، لأنّ البول لم يدع شيئاً.

أقول: إعادة الصلاة محمولة على أنّه صلّى بعد خروج المني لا قبله.

[ ٢٠٨٢ ] ٨ - وعنه، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته عن الرجل يجنب ثمّ يغتسل قبل أن يبول فيجد بللاً بعدما يغتسل ؟ قال: يعيد الغسل، فإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله ولكن يتوضّأ ويستنجي.

__________________

(١) في نسخة: الغسل، ( منه قدّه ).

(٢) التهذيب ١: ١٤٣ / ٤٠٥.

(٣) الاستبصار ١: ١١٨ / ٤٠٠.

٦ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٧، والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٢.

٧ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٧ ذيل الحديث والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٢ ذيل الحديث وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء.

(٤) في التهذيب والاستبصار: يجد.

٨ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٦، والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠١. وأورد ذيله في الحديث ٦ من الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء.

٢٥١

ورواه الكليني عن أبي داود، عن الحسين بن سعيد، مثله(١) .

[ ٢٠٨٣ ] ٩ - وعنه، عن فضالة، عن معاوية بن ميسرة قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول في رجل رأى بعد الغسل شيئاً، قال: إن كان بال بعد جماعه قبل الغسل فليتوضّأ، وإن لم يبل حتّى اغتسل ثمّ وجد البلل فليعد الغسل.

[ ٢٠٨٤ ] ١٠ - وقد تقدّم حديث سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شيء ؟ قال: يعيد الغسل، قلت: فالمرأة يخرج منها شيء بعد الغسل ؟ قال: لا تعيد، قلت: فما الفرق فيما بينهما ؟ قال: لأنّ ما يخرج من المرأة(٢) إنّما هو من ماء الرجل.

[ ٢٠٨٥ ] ١١ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن السندي، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل تصيبه الجنابة فينسى أن يبول حتّى يغتسل، ثمّ يرى بعد الغسل شيئاً، أيغتسل أيضاً ؟ قال: لا، قد تعصّرت ونزل من الحبائل.

[ ٢٠٨٦ ] ١٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن هلال قال: سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول ؟ فكتب: إنّ الغسل بعد البول، إلّا أن يكون ناسياً فلا يعيد منه الغسل.

[ ٢٠٨٧ ] ١٣ - وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

(١) الكافي ٣: ٤٩ / ٤.

٩ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٨ والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٣.

١٠ - تقدّم في الحديث ١ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(٢) في نسخة: الماء، ( منه قدّه ).

١١ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤٠٩ والاستبصار ١: ١٢٠ / ٤٠٦.

١٢ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤١٠ والاستبصار ١: ١٢٠ / ٤٠٧.

١٣ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤١١ والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٤.

٢٥٢

عبدالله بن محمّد الحجّال(١) ، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبدالله بن هلال قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يجامع أهله ثمّ يغتسل قبل أن يبول، ثمّ يخرج منه شيء بعد الغسل ؟ قال: لا شيء عليه، إنّ ذلك ممّا وضعه الله عنه.

[ ٢٠٨٨ ] ١٤ - وعنه، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة المفضّل بن الصالح، عن زيد الشّحام، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل أجنب ثمّ اغتسل قبل أن يبول ثمّ رأى شيئاً ؟ قال: لا يعيد الغسل، ليس ذلك الذي رأى شيئاً.

أقول: وجه ما تضمّن إعادة الغسل أو الوضوء إمّا الحمل على الاستحباب، أو على تحقّق كون الخارج منيّاً، أو بولاً، كما يفهم من كلام الصدوق والشيخ لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على عدم الوجوب(٢) ، وقد مرّت بقيّة أحاديث البلل المشتبه في نواقض الوضوء(٣) ، وفي الخلوة(٤) ، وغير ذلك، وتقدّم ما يدلّ على عدم انتقاض الطهارة إلّا باليقين بحصول الحدث دون الظنّ والشكّ(٥) .

٣٧ - باب استحباب الدعاء بالمأثور عند الغسل

[ ٢٠٨٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد،

__________________

(١) في الاستبصار: الحجّاج.

١٤ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤١٢ والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٥.

(٢) تقدم في الأحاديث ١١، ١٢، ١٣، ١٤ من هذا الباب.

(٣) تقدم في الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء.

(٤) تقدم في الباب ١١ من أبواب أحكام الخلوة.

(٥) تقدم في الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء.

الباب ٣٧

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٣ / ٤.

٢٥٣

عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا قال: تقول في غسل الجمعة: « اللّهمّ طهّر قلبي من كل آفةٍ تمحق ديني وتبطل عملي » وتقول في غسل الجنابة: « اللّهمّ طهّر قلبي، وزكّ عملي، وتقبّل سعيي، واجعل لي ما عندك خيراً لي ».

محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر، عن الحسن بن حمّاد، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: تقول في غسل الجمعة، وذكر مثله(١) .

[ ٢٠٩٠ ] ٢ - قال الشيخ: وفي حديث آخر: « اللهمّ اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهّرين ».

[ ٢٠٩١ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطي قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : إذا اغتسلت من جنابة فقل: « اللّهمّ طهّر قلبي، وتقبّل سعيي، واجعل ما عندك خيراً لي، اللهمّ اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهّرين ».

وإذا اغتسلت للجمعة فقل: « اللهمّ طهّر قلبي من كلّ آفة تمحق(٢) ديني، وتبطل به(٣) عملي، اللّهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين ».

__________________

(١) التهذيب ١: ١٤٦ / ٤١٤.

٢ - التهذيب ١: ١٤٦ / ٤١٥.

٣ - التهذيب ١: ٣٦٧ / ١١١٦.

(٢) في المصدر زيادة: بها.

(٣) في المصدر: بها.

٢٥٤

٣٨ - باب وجوب ايصال الماء الى أصول الشعر، وجميع البدن في الغسل، وعدم وجوب غسل الشعر ولا نقضه

[ ٢٠٩٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن ربعي بن عبدالله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: حدَّثتني سلمى خادم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، قالت: كانت أشعار نساء النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قرون رؤوسهنّ مقدّم رؤوسهنّ، فكان يكفيهنّ من الماء شيء قليل، فأمّا النساء الآن فقد ينبغي لهنّ أن يبالغن في الماء.

[ ٢٠٩٣ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عمّا يصنع النساء في الشعر والقرون ؟ قال: لم تكن هذه المشطة، إنّما كنّ يجمعنه، ثمّ وصف أربعة أمكنة، ثمّ قال: يبالغن في الغسل.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٢٠٩٤ ] ٣ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن علي (عليهم‌السلام ) قال: لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة.

[ ٢٠٩٥ ] ٤ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

__________________

الباب ٣٨

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ١: ١٤٧ / ٤١٩.

٢ - التهذيب ١: ١٤٧ / ٤١٨.

(١) الكافي ٣: ٤٥ / ١٧.

٣ - التهذيب ١: ١٦٢ / ٤٦٦.

٤ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٦.

٢٥٥

عبدالله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبي، ( عن رجل )(١) عن أبي عبدالله(٢) (عليه‌السلام ) قال: لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة.

ورواه الشيخ عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، ومحمّد بن خالد، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن مسكان، عن محمّد بن علي الحلبي، مثله(٣) .

[ ٢٠٩٦ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير جميعاً، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : إنّ النساء اليوم أحدثن مشطاً، تعمد إحداهنّ إلى القرامل(٤) من الصوف، تفعله الماشطة، تصنعه مع الشعر، ثمّ تحشوه بالرياحين، ثمّ تجعل عليه خرقة رقيقة، ثمّ تخيطه بمسلة(٥) ، ثمّ تجعله في رأسها، ثمّ تصيبها الجنابة ؟ فقال: كان النساء الأول إنما يتمشّطن(٦) المقاديم، فإذا أصابهن الغسل تغدر(٧) ، مرها أن تروي رأسها من الماء، وتعصره حتّى يروى، فإذا روى فلا بأس عليها، قال: قلت فالحائض ؟ قال: تنقض المشطة نقضاً.

قال صاحب المنتقى: قوله: تغدر، معناه تترك الشعر على حاله ولا تنقضه(٨) .

__________________

(١) ليس في المصدر « راجع معجم رجال الحديث ١٨: ٧٣ ».

(٢) في التهذيب زيادة: عن أبيه، عن علي (عليهم‌السلام ) ، ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ١: ١٤٧ / ٤١٧.

٥ - الكافي ٣: ٨١ / ١.

(٤) القرامل: ما وصلت به المرأة شعرها من صوف أو شعر أو أبريسم ( لسان العرب ١١: ٥٥٦ ).

(٥) المسَلّة: واحدة المسال وهي الأبر الكبار والمخيط الضخم ( لسان العرب ١١: ٣٤٢ ).

(٦) في نسخة: يمتشطن، ( هامش المخطوط ).

(٧) في نسخة: تعذر، وفي أخرى: يقدر، ( هامش المخطوط ). وفي المصدر: بقذر.

(٨) منتقى الجمان ١: ٢٢١.

٢٥٦

وقال في القاموس: أغدره: تركه وأبقاه كغادره(١) .

[ ٢٠٩٧ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عمّار بن موسى الساباطي، أنّه سال أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل ولم تنقض شعرها، كم يجزيها من الماء ؟ قال: مثل الذي يشرب(٢) شعرها، وهو ثلاث حفنات على رأسها، وحفنتان على اليمين، وحفنتان على اليسار، ثمّ تمرّ يدها على جسدها كلّه.

[ ٢٠٩٨ ] ٧ - وقد تقدّم في حديث عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمّداً فهو في النار.

أقول: المراد أنّه يجب إيصال الماء إلى أُصول الشعر، لا إلى أطرافه، لما تقدّم هنا(٣) وفي الوضوء(٤) ، وفي أحاديث كيفية الغسل ما يدلّ على وجوب استيعاب البدن بالماء أيضاً(٥) .

٣٩ - باب حكم من نسي غسل الجنابة أو لم يعلم بها حتى صلّى وصام

[ ٢٠٩٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن

__________________

(١) القاموس المحيط ٢: ١٠٠.

٦ - الفقيه ١: ٥٥ / ذيل الحديث ٢٠٨.

(٢) في نسخة من المصدر: نشرت.

٧ - تقدم في الحديث ٥ من الباب ١ من أبواب الجنابة.

(٣) تقدم في الأحاديث ١ - ٦ من هذا الباب.

(٤) الموجود في أبواب الوضوء عدم وجوب تخليل الشعر وهو أيضاً يدل على عدم وجوب غسل الشعر راجع الباب ٤٦ من أبواب الوضوء.

(٥) تقدم في الباب ٢٦ والحديث ١ من الباب ٤١ من هذه الأبواب.

الباب ٣٩

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٤: ٣١١ / ٩٣٨، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٣٠ من أبواب من يصح الصوم منه.

٢٥٧

محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي قال: سئل أبو عبدالله (عليه‌السلام ) عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتّى خرج شهر رمضان ؟ قال: عليه أن ( يغتسل و )(١) يقضي الصلاة والصيام.

[ ٢١٠٠ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد وعبدالله بن محمّد جميعاً، عن علي بن مهزيار - في حديث -: أنّ الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلّا ما كان في وقت، وإذا كان جنباً أو صلّى على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللواتي(٢) فاتته، لأنّ الثوب خلاف الجسد، فاعمل على ذلك، إن شاء الله.

[ ٢١٠١ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته (عليه‌السلام ) عن الرجل يرى في ثيابه(٣) المنيّ بعدما يصبح ولم يكن رأى في منامه أنّه قد احتلم ؟ قال: فليغتسل، وليغسل ثوبه، ويعد(٤) صلاته.

أقول: ويأتي ما يدل على ذلك في حديث من نسي بعض العضو، وفي كتاب الصوم، إن شاء الله(٥) .

__________________

(١) ليس في التهذيب.

٢ - التهذيب ١: ٤٢٦ / ذيل الحديث ١٣٥٥، والاستبصار ١: ١٨٤ / ٦٤٣، وأورده أيضاً في الحديث ٤ من الباب ٣ من أبواب الوضوء، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٤٢ من أبواب النجاسات.

(٢) في التهذيب: التي.

٣ - التهذيب ١: ٣٦٧ / ١١١٨، والاستبصار ١: ١١١ / ٣٦٧، وأورده أيضاً في الحديث ٢ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٣) في التهذيب: ثوبه.

(٤) في المصدرين: ويعيد.

(٥) يأتي في:

أ - الحديث ١، ٢ من الباب ٤١ من هذه الأبواب.

٢٥٨

٤٠ - باب استحباب الصبّ على الرأس ثلاثاً، وعلى كلّ جانب مرّتين

[ ٢١٠٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبدالله، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: يفيض الجنب على رأسه الماء ثلاثاً، لا يجزيه أقلّ من ذلك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في كيفيّة الغسل(١) ، وتقدّم أيضاً ما يدلّ على إجزاء مسمّى الغسل ولو كالدهن، وأنّه يجزي ما دون الصاع(٢) ، فظهر أنّ المراد من التثليث والتثنية الاستحباب.

٤١ - باب عدم وجوب اعلام الغير بخلل في الغسل، وحكم من نسي بعض العضو أو شكّ فيه

[ ٢١٠٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: اغتسل أبي من الجنابة فقيل له: قد أبقيت لمعة في ظهرك

__________________

ب - الباب ١ من أبواب قضاء الصلاة.

ج - يأتي في الحديث ١ من الباب ١٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

د - الباب ٣٠ من أبواب من يصح فيه الصوم.

الباب ٤٠

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٣: ٤٣ / ٢ وأورده أيضاً في الحديث ٤ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

(١) تقدّم في الأحاديث ١ - ٤، ٨، ٩ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

(٢) تقدّم في الأحاديث ٣ - ٦ من الباب ٣١ من هذه الأبواب، وتقدم في الأحاديث ١، ٣ - ٥ من الباب ٣٢ من هذه الأبواب.

الباب ٤١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٥.

٢٥٩

لم يصبها الماء، فقال له: ما كان عليك لو سكتّ ؟! ثمّ مسح تلك اللمعة بيده(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسين، عن فضالة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، مثله(٢) .

[ ٢١٠٤ ] ٢ - وعن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قلت له: رجل ترك بعض ذراعه، أو بعض جسده، من غسل الجنابة ؟ فقال: إذا شكّ وكانت به بلّة وهو في صلاته مسح بها عليه، وإن كان استيقن رجع فأعاد عليهما مالم يصب بلّة، فإن دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شيء عليه، وإن استيقن رجع فأعاد عليه الماء، وإن رآه وبه بلّة مسح عليه وأعاد الصلاة باستيقان، وإن كان شاكّاً فليس عليه في شكّة شيء، فليمض في صلاته.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن حمّاد، مثله(٣) .

[ ٢١٠٥ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

(١) ورد في هامش المخطوط ما نصه: بقاء لمعه في ظهره لا يستلزم النسيان لأن ذلك غائب عن عينه فهو من علم الغيب ولا يلزم ذلك في الامام (عليه‌السلام ) ويحتمل غلط القائل واشتباه الأمر عليه وغير ذلك ( منه قده ).

(٢) التهذيب ١: ٣٦٥ / ١١٠٨.

٢ - التهذيب ١: ١٠٠ / ذيل الحديث ٢٦١، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٤٢ من الوضوء.

(٣) الكافي ٣: ٣٣ / ٢.

٣ - التهذيب ١: ٨٨ / ٢٣٢، والاستبصار ١: ٧٢ / ٢٢٢، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٣٣، والحديث ٢ من الباب ٢٩ من أبواب الوضوء.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418