نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار14%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 418

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225950 / تحميل: 9305
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن محمد بن تسنيم الكاتب ، عن عبد الرحمن بن عمرو ، عن محمد بن سنان ، عن عمرو الأزرق قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وسأله رجل عن رجل مات وترك ابنة أخت له وترك موالي وله عندي ألف درهم ولم يعلم بها أحد فجاءت ابنة أخته فرهنت عندي مصحفا فأعطيتها ثلاثين درهما فقال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام حين قلت له علم بها أحد قلت لا قال فأعطها إياها قطعة قطعة ولا تعلم أحدا.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان عليعليه‌السلام لا يأخذ من ميراث مولى له إذا كان له ذو قرابة وإن لم يكونوا ممن يجري لهم الميراث المفروض فكان يدفع ماله إليهم.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي ثابت ، عن حنان ، عن ابن أبي يعفور ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال مات مولى لعلي بن

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : موثق.

الحديث الثامن : مجهول.

وظاهره أن الوارث البني وإن كان رقا مقدم على المعتق ، والمشهور بين الأصحاب أنه لا يشتري المملوك من الميراث إذا كان وارث غيره. ولو كان معتقا أو ضامن جريرة ، ويمكن حمله على أنهعليه‌السلام تبرع بذلك من حقه. ثم اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في وجوب فك الوارث في الجملة ، واختلف في أنه هل يختص الفك بالأبوين كما ذهب إليه المفيد وجماعة أو بإضافة باقي الأقارب دون الأسباب كما ذهب إليه ابن الجنيد وجماعة ، أو بإضافة الأسباب أيضا أي الزوج والزوجة كما هو فتوى الشيخ في النهاية ، وظاهر ابن زهرة ، وكذا اختلف فيما لو قصر المال عن الثمن ، فقيل : لا يفك والميراث للإمام ، وقيل : يفك بما وجد ويسعى في الباقي ، ولو كان العبد قد انعتق بعضه ورث من نصيبه بقدر حريته ، والباقي للأقارب البعيدة ، وإن لم يكن

٢٠١

الحسينعليه‌السلام فقال انظروا هل تجدون له وارثا فقيل له ابنتان باليمامة مملوكتان فاشتراهما من مال مولاه الميت ثم دفع إليهما بقية المال.

٩ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن أبي ثابت ، عن حنان بن سدير ، عن ابن أبي يعفور ، عن إسحاق قال مات مولى لعلي بن الحسينعليه‌السلام قال انظروا هل تجدون له وارثا فقيل له ابنتان باليمامة مملوكتان فاشتراهما من مال الميت ثم دفع إليهما بقية المال.

علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي ثابت مثله.

( باب )

( ميراث الغرقى وأصحاب الهدم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن القوم يغرقون في السفينة أو يقع عليهم البيت فيموتون فلا يعلم أيهم مات قبل صاحبه فقال يورث بعضهم من بعض كذلك هو في كتاب عليعليه‌السلام .

وارث غيره يشتري النصف الآخر ويعتق ، والبيع في الجميع قهري.

الحديث التاسع : مجهول بسنديه.

باب ميراث الغرقى وأصحاب الهدم

الحديث الأول : صحيح.

وقال في المسالك : من شرط التوارث علم تقدم موت المورث بحيث يكون الوارث حيا بعد موته فمع اقتران موتهما أو الشك لا يثبت الوارث ، وأستثني من ذلك صورة واحدة بالنص والإجماع ، وهي ما لو اتفق موتهما بالغرق أو الهدم واشتبه الحال ، فإنه يرث كل واحد منهما من الآخر ، والمشهور أن كلا منهما يرث من صلب مال الآخر لا مما ورث من الأول ، وذهب المفيد وسلار إلى أن الثاني يرث من الأول

٢٠٢

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الرحمن بن الحجاج مثله إلا أنه قال كذلك وجدناه في كتاب عليعليه‌السلام .

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدرى أيهم مات قبل قال فقال يورث بعضهم من بعض قلت فإن أبا حنيفة أدخل فيها شيئا قال وما أدخل قلت رجلين أخوين أحدهما مولاي والآخر مولى لرجل لأحدهما مائة ألف درهم والآخر ليس له شيء ركبا في السفينة فغرقا فلم يدر أيهما مات أولا كان المال لورثة الذي ليس له شيء ولم يكن لورثة الذي له المال شيء قال فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام لقد سمعها وهو هكذا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الرحمن بن الحجاج وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له رجل وامرأة سقط عليهما البيت فماتا قال يورث الرجل من المرأة والمرأة من الرجل قال قلت فإن أبا حنيفة قد أدخل عليهم في هذا شيئا قال

من ماله الأصل ومما ورث من الثاني ، ويقدم في التوريث الأضعف ، أي الأقل نصيبا بأن يفرض موت الأقوى أولا ، وهل هو على الوجوب أو الاستحباب؟ ذهب إلى كل فريق ، والفائدة على مذهب المفيد ظاهرة ، وعلى غيره تعبدي ، ولا خلاف في عدم التوريث لو ماتا حتف أنفهما ، فأما لو ماتا بسبب آخر غير الهدم والغرق ، كالحرق والقتل واشتبه الحال ففي توارثهما كالغرق قولان : أحدهما وبه قال المعظم ، العدم. والثاني : وهو ظاهر كلام الشيخ في النهاية ، وابن الجنيد وأبي الصلاح ، تعميم الحكم في كل الأسباب.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

قوله : « أدخل » أي عاب وشنع ، قال الجزري :الدخل بالتحريك : العيب

٢٠٣

وأي شيء أدخل عليهم قلت رجلين أخوين أعجميين ليس لهما وارث إلا مواليهما أحدهما له مائة ألف درهم معروفة والآخر ليس له شيء ركبا في سفينة فغرقا فأخرجت المائة ألف كيف يصنع بها قال تدفع إلى موالي الذي ليس له شيء قال فقال ما أنكر ما أدخل فيها صدق وهو هكذا ثم قال يدفع المال إلى موالي الذي ليس له شيء ولم يكن للآخر مال يرثه موالي الآخر فلا شيء لورثته.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام باليمن في قوم انهدمت عليهم دار لهم فبقي منهم صبيان أحدهما مملوك والآخر حر فأسهم بينهما فخرج السهم على أحدهما فجعل المال له وأعتق الآخر.

٦ ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل يسقط عليه وعلى امرأته بيت قال تورث المرأة من الرجل والرجل من المرأة معناه يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم لا يرثون مما يورث بعضهم من بعض شيئا.

والغش والفساد ، انتهى. وأدخل في تلك القاعدة شيئا ليشنع به علينا على سبيل النقض ، فأجابعليه‌السلام بأنه وإن ذكره للتشنيع لكنه حكم الله ولا يرد حكمه بالآراء الفاسدة.

الحديث الرابع : السند الأول صحيح. والثاني موثق.

الحديث الخامس : حسن.

وقال في الدروس : لو سقط بيت على قوم فماتوا وبقي منهم صبيان أحدهما حر والآخر مملوك له واشتبه ، فإنه روي عن الصادقعليه‌السلام « أنه يقرع لتعيين الحر فإذا تعين أعتق الآخر وصار الحر مولاه(١) » فهذا منع من إرث الحر العبد إن أوجبنا عتق الآخر ، وهو ظاهر الرواية ، وظاهر قول الحسن والصدوق ، وقال الشيخ في النهاية(٢) ، بل يرثه الحر بعد القرعة ولا عتق ، وهو قوي وتحمل الرواية على الاستحباب.

الحديث السادس : صحيح.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٤ ص ٢٢٦ ح ٥.

(٢) النهاية : ص ٣٤٥.

٢٠٤

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه أن أمير المؤمنينعليه‌السلام قضى في رجل وامرأة ماتا جميعا في الطاعون ماتا على فراش واحد ويد الرجل ورجله على المرأة فجعل الميراث للرجل وقال إنه مات بعدها.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لأبي حنيفة يا أبا حنيفة ما تقول في بيت سقط على قوم وبقي منهم صبيان أحدهما حر والآخر مملوك لصاحبه فلم يعرف الحر من المملوك فقال أبو حنيفة يعتق نصف هذا ويعتق نصف هذا ويقسم المال بينهما فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام ليس كذلك ولكنه يقرع بينهما فمن أصابته القرعة فهو حر ويعتق هذا فيجعل مولى له.

( باب )

( مواريث القتلى ومن يرث من الدية ومن لا يرث )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن

الحديث السابع : مرفوع.

ويدل على أن أمثال تلك القرائن الضعيفة معتبرة في هذا الباب ، ويمكن أن يكونعليه‌السلام عمل بما علمه واقعا ، واعتمد على هذه القرينة رعاية للظاهر. والله يعلم.

الحديث الثامن : موثق.

باب مواريث القتلى ومن يرث من الدية ومن لا يرث

الحديث الأول : مجهول.

وقال في المسالك : اختلف الأصحاب في وارث الدية على أقوال : أحدها : أن وارثها من يرث غيرها من أمواله ذهب إليه الشيخ في المبسوط والخلاف وابن إدريس في أحد قوليه.

٢٠٥

حماد بن عيسى ، عن سوار ، عن الحسن قال إن علياعليه‌السلام لما هزم طلحة والزبير أقبل الناس منهزمين فمروا بامرأة حامل على الطريق ففزعت منهم فطرحت ما في بطنها حيا فاضطرب حتى مات ثم ماتت أمه من بعده فمر بها عليعليه‌السلام وأصحابه وهي مطروحة وولدها على الطريق فسألهم عن أمرها فقالوا له إنها كانت حبلى ففزعت حين رأت القتال والهزيمة قال فسألهم أيهما مات قبل صاحبه فقيل إن ابنها مات قبلها قال فدعا بزوجها أبي الغلام الميت فورثه من ابنه ثلثي الدية وورث أمه ثلث الدية ثم ورث الزوج من امرأته الميتة نصف ثلث الدية الذي ورثته من ابنها وورث قرابة المرأة الميتة الباقي ثم ورث الزوج أيضا من دية امرأته الميتة نصف الدية وهو ألفان وخمسمائة درهم وورث قرابة المرأة الميتة نصف الدية وهو ألفان وخمسمائة درهم وذلك أنه لم يكن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت قال وأدى ذلك كله من بيت مال البصرة.

٢ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في دية المقتول أنه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم إذا لم يكن على المقتول دين إلا الإخوة والأخوات من الأم فإنهم لا يرثون من ديته شيئا.

٣ ـ ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن الدية يرثها الورثة إلا الإخوة والأخوات من الأم.

والثاني : أنه يرثها من عدا المتقرب بالأم ذهب إليه الشيخ في النهاية(١) وأتباعه وابن إدريس في القول الآخر لروايات دلت على حرمان الأخوة للأم لا مطلق المتقرب بالأم ، وكأنهم عمموا الحكم فيهم بطريق أولى ، ولو قيل : بقصر الحكم على موضع بالنص كان وجها.

الثالث : أنه يمنع المتقرب بالأب وحده لا غير ، وهو قول الشيخ في موضع آخر من الخلاف.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : صحيح.

__________________

(١) النهاية : ص ٦٧٣.

٢٠٦

٤ ـ وعنه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن الدية يرثها الورثة إلا الإخوة من الأم فإنهم لا يرثون من الدية شيئا.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال الدية يرثها الورثة على فرائض المواريث إلا الإخوة من الأم فإنهم لا يرثون من الدية شيئا.

٦ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة وعلي بن رباط ، عن عبد الله بن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يرث الإخوة من الأم من الدية شيئا.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن يحيى الأزرق قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقتل ويترك دينا وليس له مال فيأخذ أولياؤه الدية أعليهم أن يقضوا دينه قال نعم قلت وإن لم يترك شيئا قال نعم إنما أخذوا ديته فعليهم أن يقضوا دينه.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته هل للإخوة من الأم من الدية شيء قال لا.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ) الحديث السادس : موثق.

الحديث السابع : صحيح على الظاهر.

قوله عليه‌السلام : « فعليهم أن يقضوا » هذا هو المشهور ، وقيل لا يصرف منها في الدين شيء لتأخر استحقاقها عن الحياة ، وهو شاذ.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) صحيح على الظاهر ولم يذكره المصنّف ولعلّه سقط من النسّاخ.

٢٠٧

( باب )

( ميراث القاتل )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يتوارث رجلان قتل أحدهما صاحبه.

٢ ـ أحمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل قتل أمه أيرثها قال سمعت أبيعليه‌السلام يقول أيما رجل ذو رحم قتل قريبه لم يرثه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد جميعا ، عن جميل بن دراج ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو والده ولكن يكون الميراث لورثة القاتل.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل قتل أمه قال لا يرثها ويقتل بها صاغرا ولا أظن قتله بها كفارة لذنبه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد وعبد الله ابني محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن

باب ميراث القاتل

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لا يتوارث » كان نفي التوارث من الجانبين المتحقق في ضمن حرمان القاتل فقط ، فإن المقتول يرث من القاتل إن مات القاتل قبله.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : صحيح.

٢٠٨

سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ميراث للقاتل.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن امرأة شربت دواء وهي حامل ولم يعلم بذلك زوجها فألقت ولدها قال فقال إن كان له عظم وقد نبت عليه اللحم عليها دية تسلمها لأبيه وإن كان حين طرحته علقة أو مضغة فإن عليها أربعين دينارا أو غرة تؤديها إلى أبيه قلت له فهي لا ترث ولدها من ديته مع أبيه قال لا لأنها قتلته فلا ترثه.

٧ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن حماد بن عثمان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يقتل الرجل بولده إذا قتله ويقتل الولد بوالده إذا قتل والده ولا يرث الرجل أباه إذا قتله وإن كان خطأ.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال المرأة ترث من دية زوجها ويرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه.

٩ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام هل للمرأة من دية زوجها وهل

الحديث السادس : صحيح.

وقال في القاموس :الغرة بالضم : العبد والأمة.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

وقال في المسالك : إن كان القتل عمدا ظلما فلا خلاف في عدم الإرث ، وإن كان بحق لم يمنع اتفاقا سواء ، جاز للقاتل تركه كالقصاص أو لا كرجم المحصن ، وإن كان خطأ ففي منعه مطلقا أو عدمه مطلقا أو منعه من الدية خاصة أقوال.

الحديث الثامن : حسن.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

واتفق الأصحاب على أن الزوجين لا يرثان القصاص ويرثان الدية.

٢٠٩

للرجل من دية امرأته شيء قال نعم ما لم يقتل أحدهما الآخر.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا قتل الرجل أباه قتل به وإن قتله أبوه لم يقتل به ولم يرثه.

الفضل بن شاذان قال لو أن رجلا ضرب ابنه غير مسرف في ذلك يريد تأديبه فقتل الابن من ذلك الضرب ورثه الأب ولم تلزمه الكفارة لأن ذلك للأب لأنه مأمور بتأديب ولده لأنه في ذلك بمنزلة الإمام يقيم حدا على رجل فمات فلا دية عليه ولا يسمى

الحديث العاشر : حسن.

قوله : « لو أن رجلا ضرب ابنه » قال في المسالك : ظاهرهم الاتفاق على أن تأديب الولد مشروط بالسلامة ، وأنه يضمن ما يجني عليه بسببه وإنما الخلاف في تأديب الزوجة ، فالشيخ وجماعة ادعوا أن الحكم فيها كذلك ، وبه قطع في الدروس والقتل يمنع القاتل من الإرث إذا كان عمدا ظلما ، ولو اشتركوا في القتل منعوا ، وإن كان خطأ فالمشهور منعه من الدية خاصة.

وقال ابن أبي عقيل : لا يرث مطلقا ، وقال المفيد وسلار يرث مطلقا وإن كان شبيه عمد فكالعمد عند ابن الجنيد ، وكالخطإ عند سلار.

وقال الفضل : لو ضرب ابنه تأديبا غير مسرف فمات ورثه ، لأنه ضرب سائغ ولو أسرف لم يرث ، ولو بط جرحه أو خراجه فمات ورثه ، وكذا لو تلف بدابة يسوقها أو يقودها ، ولا يرثه لو ركب دابة فأوطأها إياه ، ولو أخرج كنيفا أو ظلة أو حفر بئرا في غير حقه فمات قريبه به ورثة ، ولو قتل الصبي والمجنون قريبه ورثه وتبعه ابن أبي عقيل ونقله الكليني والصدوق ساكتين عليه.

وقال بعض الأصحاب : القتل بالسبب مانع وكذا قتل الصبي والمجنون والنائم ولا يحجب المتقرب بالقاتل.

قوله : « بمنزلة الإمام » قال في الشرائع : من قتله الحد أو التعزير فلا دية له ، وقيل : يجب على بيت المال ، والأول مروي.

٢١٠

الإمام قاتلا وإن ضربه ضربا مسرفا لم يرثه الأب فإن كان بالابن جرح أو خراج فبطه الأب فمات من ذلك فإن هذا ليس بقاتل ولا كفارة عليه وهو يرثه لأن هذا بمنزلة الأدب والاستصلاح والحاجة من الولد إلى ذلك وإلى شبهه من المعالجات ولو أن رجلا كان راكبا على دابة فأوطأت الدابة أباه أو أخاه فمات لم يرثه ولو كان يسوق الدابة أو يقودها فوطئت الدابة أباه أو أخاه فمات ورثه وكانت الدية على عاقلته لغيره من الورثة ولم تلزمه الكفارة ولو أنه حفر بئرا في غير حقه أو أخرج كنيفا أو ظلة فأصاب شيء منها وارثا له فقتله لم تلزمه الكفارة وكانت الدية على العاقلة وورثه لأن هذا ليس بقاتل ألا ترى أنه لو كان فعل ذلك في حقه لم يكن بقاتل ولا وجب في ذلك دية ولا كفارة فإخراجه ذلك الشيء في غير حقه ليس هو بقتل لأن ذلك بعينه يكون في حقه فلا يكون قتلا وإنما ألزم الدية في ذلك إذا كان في غير حقه احتياطا للدماء ولئلا يبطل دم امرئ مسلم وكيلا يتعدى الناس حقوقهم إلى ما لا حق لهم فيه وكذلك الصبي والمجنون لو قتلا لورثا وكانت الدية على العاقلة والقاتل يحجب وإن لم يرث قال ولا يرث القاتل من المال شيئا لأنه إن قتل عمدا فقد أجمعوا أنه لا يرث وإن قتل خطأ فكيف يرث وهو تؤخذ منه الدية وإنما منع القاتل من الميراث احتياطا لدماء المسلمين كيلا يقتل أهل الميراث بعضهم

قوله : « فبطه الأب » قال في القاموس : بط الجرح : شقه.

وقال في الشرائع : من به سلعة(١) فأمر بقطعها فمات فلا دية له على القاطع ، ولو كان مولى عليه فالدية على القاطع إن كان وليا كالأب والجد للأب ، وإن كان أجنبيا ففي القود تردد ، والأشبه الدية في ماله لا القود ، لأنه لم يقصد القتل.

قوله : « لم تلزمه الكفارة » قال في المسالك : مذهب الأصحاب أن الكفارة في الخطإ لا تجب إلا مع مباشرة القتل دون التسبيب ، وإطلاق النص يقتضي عدم الفرق في القاتل بين كونه مكلفا وغيره ، فيجب على الصبي والمجنون فيخرج العتق والإطعام من مالهما ، ولا يصام عنهما فإذا كملا خوطبا به ، ولو ماتا أخرجت الأجرة من مالهما ، وفي المسألة وجه بعدم وجوب الكفارة عليهما.

__________________

(١) السلعة : بكسر السين ، عقدة تكون في الرأس أو البدن.

٢١١

بعضا طمعا في المواريث.

( باب )

( ميراث أهل الملل )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل وهشام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال فيما روى الناس ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لا يتوارث أهل ملتين فقال نرثهم ولا يرثونا لأن الإسلام لم يزده في حقه إلا شدة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن

قوله : « والقاتل يحجب » المشهور بين الأصحاب أن القاتل لا يحجب بل ادعى بعضهم عليه الإجماع.

باب ميراث أهل الملل

الحديث الأول : حسن.

وقال في المسالك : اتفق المسلمون على أنه لا يرث كافر مسلما ، واتفق أصحابنا وبعض العامة على أنه يرث المسلم الكافر ، وذهب جماعة من العامة على أنه يرث المسلم الكافر ، وذهب أكثر العامة إلى نفي التوارث من الطرفين محتجا بقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « لا يتوارث أهل ملتين ». وأجيب بأنه مع تسليمه محمول على نفي التوارث من الجانبين ، وقد ورد هذا الجواب مصرحا في رواية أبي العباس عن الصادقعليه‌السلام ، والمشهور بين الأصحاب أن المسلمين يتوارثون وإن اختلفوا في النحل ، وخالف أبو الصلاح فقال : يرث كفار ملتنا غيرهم من الكفار ، ولا ترثهم الكفار ، وقال أيضا : المجبر والمشبه وجاحد الإمامة لا يرثون المسلم ، وعن المفيدرحمه‌الله يرث المؤمن أهل البدع من المعتزلة ، والمرجئة والخوارج من الحشوية ، ولا يرث هذه الفرق مؤمنا.

الحديث الثاني : حسن.

٢١٢

قيس قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول لا يرث اليهودي ولا النصراني المسلم ويرث المسلم اليهودي والنصراني.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل المسلم هل يرث المشرك قال نعم ولا يرث المشرك المسلم.

٤ ـ عنه ، عن موسى بن بكر ، عن عبد الله بن أعين قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام جعلت فداك ـ النصراني يموت وله ابن مسلم أيرثه قال فقال نعم إن الله عز وجل لم يزده بالإسلام إلا عزا فنحن نرثهم ولا يرثونا.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المسلم يحجب الكافر ويرثه والكافر لا يحجب المؤمن ولا يرثه.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول المسلم يرث امرأته الذمية ولا ترثه.

( باب )

( آخر في ميراث أهل الملل )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن مالك بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن نصراني مات وله ابن أخ مسلم وابن

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الخامس : ضعيف.

الحديث السادس : حسن.

باب آخر في ميراث أهل الملل

الحديث الأول : حسن.

٢١٣

أخت مسلم وللنصراني أولاد وزوجة نصارى قال فقال أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك ويعطى ابن أخته ثلث ما ترك إن لم يكن له ولد صغار فإن كان له ولد صغار فإن على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا قيل له كيف ينفقان قال فقال يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة ويخرج وارث الثلث ثلث النفقة فإن أدركوا قطعا النفقة عنهم قيل له فإن أسلم الأولاد وهم صغار قال فقال يدفع ما ترك أبوهم

قوله : « وابن أخت مسلم » إذا كانا لأب وأم أو لأب.قوله عليه‌السلام : « يدفع ما ترك أبوهم » قال في المسالك : قد تقرر فيما سلف أن الولد يتبع أبويه في الكفر ، كما يتبعهما في الإسلام ، وإن من أسلم من الأقارب الكفار بعد اقتسام الورثة المسلمين لا يرث ، ومن أسلم قبله يشارك أو يختص ، لكن ذهب أكثر الأصحاب خصوصا المتقدمين منهم كالشيخين والصدوق والأتباع على استثناء صورة واحدة ، وهي ما إذا خلف الكافر أولادا صغارا غير تابعين في الإسلام لأحد ، وابن أخ وابن أخت مسلمين ، فأوجبوا على الوارثين المذكورين مع حكمهم بإرثهما أن ينفقا على الأولاد بنسبة استحقاقهما من التركة إلى أن يبلغ الأولاد ، فإن أسلموا دفعت إليهم التركة ، وإلا استقر ملك المسلمين عليها ، واستندوا في ذلك إلى صحيحة مالك بن أعين ، وقد اختلف في تنزيل هذه الرواية لكونها معتبرة الإسناد على طرق أربع.

أولها : أن المانع من الإرث هنا الكفر ، وهو مفقود في الأولاد. وهو ضعيف لأن المانع عدم الإسلام وهو حاصل ، بل الكفر أيضا حاصل بالتبعية.

وثانيها : تنزيلها على أن الأولاد أظهروا الإسلام لكن لما لم يعتد به لصغرهم كان إسلاما مجازيا بل قال بعضهم : بصحة إسلام الصغير ، فكان قائما مقام إسلام الكبير لا في استحقاق الإرث بل في المراعاة ، ومنعهما من القسمة الحقيقية إلى البلوغ لينكشف الأمر.

وثالثها : تنزيلها على أن المال لم يقسم حتى بلغوا وأسلموا سبق منهم الإسلام في حال الطفولية أم لا. ويضعف بأن الرواية ظاهرة في حصول القسمة.

٢١٤

إلى الإمام حتى يدركوا فإن بقوا على الإسلام دفع الإمام ميراثهم إليهم وإن لم يبقوا على الإسلام إذا أدركوا دفع الإمام ميراثه إلى ابن أخيه وابن أخته المسلمين يدفع إلى ابن أخيه ثلثي ما ترك ويدفع إلى ابن أخته ثلث ما ترك.

٢ ـ ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن رجل مسلم مات وله أم نصرانية وله زوجة وولد مسلمون قال فقال إن أسلمت أمه قبل أن يقسم ميراثه أعطيت السدس قلت فإن لم يكن له امرأة ولا ولد ولا وارث له سهم في الكتاب من المسلمين وأمه نصرانية وله قرابة نصارى ممن له سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين لمن يكون ميراثه قال إن أسلمت أمه فإن جميع ميراثه لها وإن لم تسلم أمه وأسلم بعض قرابته ممن له سهم في الكتاب فإن ميراثه له وإن لم يسلم من قرابته أحد فإن ميراثه للإمام.

ورابعها : وهو مختار المختلف تنزيلها على الاستحباب. وهذا أولى ، وأفرط آخرون فطردوا حكمها إلى ذي القرابة المسلم مع الأولاد ، وردها أكثر المتأخرين لمنافاتها للأصول ، ثم قال (ره) : والحق أن الرواية ليست من الصحيح ، وإن وصفها به جماعة من المحققين كالعلامة في المختلف والشهيد في الدروس والشرح وغيرهما ، لأن مالك بن أعين لم ينص الأصحاب عليه بتوثيق : بل ولا مدح ، فصحتها إضافية فيتجه القول بإطراحها أو حملها على الاستحباب. انتهى.

وأقول : أكثر الأصحاب لم يعملوا بالتفصيل الذي دل عليه الخبر إلا الشهيد (ره) : في الدروس ، حيث أو رد الخبر بعينه ، إذ الخبر يدل على أن مع عدم إظهار الأولاد الإسلام المال للوارثين ، لكن يجب عليهم الإنفاق على الأولاد إلى أن يبلغوا وليس فيه إنهم إذا أظهروا الإسلام يؤدون إليهم المال ، وعلى أنه مع إظهارهم الإسلام في صغرهم لا يدفع الإمام المال إليهما بل يأخذ المال وينتظر بلوغهم ، فإن بقوا على إسلامهم دفع إليهم المال ، وإلا دفع إليهما ، فلو كانوا عاملين بالخبر كان ينبغي أن لا يتعدوا مفاده والله يعلم.

الحديث الثاني : صحيح.

٢١٥

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله ميراثه وإن أسلم بعد ما قسم فلا ميراث له.

٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان الأحمر ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال من أسلم على ميراث قبل أن يقسم الميراث فهو له ومن أسلم بعد ما قسم فلا ميراث له ومن أعتق على ميراث قبل أن يقسم المواريث فهو له ومن أعتق بعد ما قسم فلا ميراث له وقال في المرأة إذا أسلمت قبل أن يقسم الميراث فلها الميراث.

( باب )

( أن ميراث أهل الملل بينهم على كتاب الله وسنة )

( نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي حمزة ، عن أبي

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

وقال في الدروس : من أسلم على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا ، وانفرد إن كان أولى ، سواء كان الموروث مسلما أو كافرا والنماء كالأصل ولو اقتسموا أو كان الوارث واحدا فلا شيء له وفي تنزل الإمام منزلة الوارث الواحد واعتبار نقل التركة إلى بيت المال أو توريث الوارث مطلقا أوجه ، ولو كان الوارث أحد الزوجين فالأقرب المشاركة مع الزوجة ، لأن الأقرب مشاركة الإمام إياها دون الزوج ، لأن الأقرب انفراده بالتركة ، وفي النهاية يشارك مع الزوجين.

باب أن ميراث أهل الملل بينهم على كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله

الحديث الأول : صحيح.

٢١٦

جعفرعليه‌السلام قال إن علياعليه‌السلام كان يقضي في المواريث فيما أدرك الإسلام من مال مشرك تركه لم يكن قسم قبل الإسلام أنه كان يجعل للنساء والرجال حظوظهم منه على كتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في المواريث ما أدرك الإسلام من مال مشرك لم يقسم فإن للنساء حظوظهن منه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس قال إن أهل الكتاب والمجوس يرثون ويورثون ميراث الإسلام من وجه القرابة التي تجوز في الإسلام ويبطل ما سوى ذلك من ولادتهم مثل الذي يتزوج منهم أمه أو أخته أو غير ذلك من ذوات المحارم فإنهم يرثون من جهة الأنساب المستقيمة لا من وجه أنساب الخطإ

وهذا الخبر الآتي يحتملان وجوها : منها : أنه إذا أسلم واحد من الورثة أو أكثر قبل القسمة فإنه يشاركهم ولو كان امرأة ، ردا على بعض العامة أنه لا يرث منهم سوى الرجال كما يظهر من بعض الأخبار.

ومنها : أن يكون المراد منها أنه يجري على أهل الذمة أحكام المواريث وليست كغيرها من الأحكام بأن يكون مخيرا في الحكم أو الرد إلى ملتهم.

ومنها : أن يكون المراد أنهم إذا أسلموا وكان لم يقسم بينهم على قانون الإسلام وليس لهم أن يقولوا إن المال انتقل إلينا بموته على القانون السابق على الإسلام فنقسمه عليه ، والظاهر من العنوان أن الكليني حمله على أحد الأخيرين.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « حظوظهن منه » فإن أهل الجاهلية كانوا يحرمون النساء من الميراث ، وكذا في التهذيب وفي الاستبصار للنساء والرجال كالخبر الأول.

الحديث الثالث : صحيح موقوف.

وقال في المسالك : لما كان المجوس يستحلون نكاح المحرمات في شرع الإسلام

٢١٧

وقال الفضل : المجوس يرثون بالنسب ولا يرثون بالنكاح فإن مات مجوسي وترك أمه وهي أخته وهي امرأته فالمال لها من قبل أنها أم وليس لها من قبل أنها أخت وأنها زوجة شيء فإن ترك أما وهي أخته وابنة فللأم السدس وللابنة النصف وما بقي رد عليهما على قدر أنصبائهما وليس لها من قبل أنها أخت شيء لأن الأخت لا ترث مع الأم وإن ترك ابنته وهي أخته وهي امرأته فإن هذه أخته لأمه فلها النصف من قبل أنها ابنته والباقي رد عليها ولا ترث من قبل أنها أخت ولا من قبل أنها زوجة شيئا وإن ترك أخته وهي امرأته وأخاه فالمال بينهما «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » ولا ترث من قبل أنها امرأته شيئا وهذا كله على هذا المثال إن شاء الله.

فإن تزوج مجوسي ابنته فأولدها ابنتين ثم مات فإنه ترك ثلاث بنات فالمال بينهن بالسوية.

فإن ماتت إحدى الابنتين فإنها تركت أمها وهي أختها لأبيها وتركت أختها لأبيها وأمها فالمال لأمها التي هي أختها لأبيها لأنه ليس للإخوة والأخوات مع أحد الوالدين شيء.

جعل لهم بواسطة سبب فاسد ، ويترتب عليه نسب فاسد فاختلف الأصحاب في توريثهم بهما بعد اتفاقهم على توريثهم بالصحيح منهما عند ما على أقوال ثلاثة.

أحدها : الاقتصار على الصحيح منهما ، وهو مذهب يونس بن عبد الرحمن ، واختاره أبو الصلاح وابن إدريس ، والعلامة في المختلف.

وثانيهما : أنهم يورثون بالنسب الصحيح والفاسدة ، وبالسبب الصحيح خاصة ، وهو خيرة الفضل بن شاذان ونقله المحقق عن المفيد واستحسنه.

وثالثها : أنهم يرثون بالصحيح والفاسد منهما ، وهو اختيار الشيخ في النهاية وكتابي الأخبار ، وأتباعه وسلار.

٢١٨

( باب )

( من يترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون )

١ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن أخيه أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن ابن رباط رفعه قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لو أن رجلا ذميا أسلم وأبوه حي ولأبيه ولد غيره ثم مات الأب ورثه المسلم جميع ماله ولم يرثه ولده ولا امرأته مع المسلم شيئا.

٢ـ علي بن إبراهيم،عن أبيه، عن ابن أبي نجران،عن غير واحد،عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في يهودي أو نصراني يموت وله أولاد مسلمون وأولاد غير مسلمين فقال هم على مواريثهم.

( باب )

( ميراث المماليك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ومحمد بن إسماعيل ، عن

باب من يترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون

الحديث الأول : مرفوع.

وظاهر هذا الخبر والذي بعده أن الأولاد غير المسلمين يرثونه كما ذهب إليه أكثر العامة ، ولعل الكليني (ره) أرجع الضمير إلى الأولاد المسلمين.

الحديث الثاني : كالحسن.

وقال الشيخ (ره) : في التهذيب(١) : معنىقوله عليه‌السلام : « هم على مواريثهم » أي على ما يستحقون من ميراثهم ، وقد بينا أن المسلمين إذا اجتمعوا مع الكفار كان الميراث للمسلمين دونهم ، ولو حملنا الخبر على ظاهره لكان محمولا على ضرب من التقية.

باب ميراث المماليك

الحديث الأول : صحيح.

__________________

(١) التهذيب ج ٦ ص ٣٧١.

٢١٩

الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول في الرجل الحر يموت وله أم مملوكة قال تشترى من مال ابنها ثم تعتق ثم يورثها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في رجل توفي وترك مالا وله أم مملوكة قال تشترى أمه وتعتق ثم يدفع إليها بقية المال.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا مات الرجل وترك أباه وهو مملوك أو أمه وهي مملوكة والميت حر اشتري مما ترك أبوه أو قرابته وورث ما بقي من المال.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يموت وله ابن مملوك قال يشترى ويعتق ثم يدفع إليه ما بقي.

٥ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول في الرجل الحر يموت وله أم مملوكة قال تشترى من مال ابنها ثم تعتق ثم يورثها.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن جعفر ، عن عبد الله بن طلحة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل مات وترك مالا كثيرا وترك أما مملوكة وأختا

وقد سبق الكلام في تلك الأخبار في باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : مرسل.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : مجهول كالصحيح.

الحديث السادس : مجهول.

قوله : « وأختا مملوكة » الواو إما بمعنى أو ، أو الخبر محمول على التقية.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

مشهد شهده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منذ قدم المدينة، إلّا تبوك، فإنه خلّفه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك، وقال له: أنت منيّ بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي »(١) .

وقال النووي: « وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما قال لعليرضي‌الله‌عنه حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك »(٢) .

وقال المزي: « خلّفه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك »(٣) .

وقال محمد پارسا: « قال الإمام تاج الدين الخدابادي البخاريرحمه‌الله في أربعينه، في الحديث الرابع في ذكر عليرضي‌الله‌عنه : والصحيح إنه أسلم قبل البلوغ، وروي هذا البيت عن عليرضي‌الله‌عنه :

سبقتكم إلى الإسلام طرّاً

غلاماً ما بلغت أوان حلمي

في أبياتٍ قال فيها:

محمد النبي أخي وصهري

وحمزة سيد الشهداء عمّي

وجعفر الذي يضحي ويمسي

يطير مع الملائكة ابن أمي

وبنت محمّد سكني وعرسي

منوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولداي منها

فمن فيكم له سهم كسهمي

وأوجب لي ولايته عليكم

رسول الله يوم غدير خم

وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدراً وأحداً والخندق وبيعة

____________________

(١). الإستيعاب ٣ / ١٠٩٧.

(٢). المنهاج في شرح صحيح مسلم ١٥ / ١٧٤.

(٣). تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٣.

٢٤١

الرضوان وخيبر والفتح وحنيناً والطائف وسائر المشاهد إلّاتبوك، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم استخلفه على المدينة، وله في جميع المشاهد آثار مشهورة »(١) .

وقال القسطلاني: « ولا حجة لهم في الحديث ولا متمسّك لهم به، لأنه صلّى الله عليه وسلّم إنما قال هذا حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك »(٢) .

وقال ابن روزبهان: « والجواب: إن هارون لم يكن خليفة بعد موسى، لأنه مات قبل موسىعليه‌السلام ، بل المراد استخلافه بالمدينة حين ذهابه إلى تبوك »(٣) .

وقال الدياربكري: « وفي المنتقى: استخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وقيل: محمد بن مسلمة إنتهى. قال الدمياطي: استخلف محمد بن مسلمة وهو أثبت عندنا ممّن قال استخلف غيره. وقال الحافظ زين الدين العراقي في شرح التقريب: لم يتخلّف علي عن المشاهد إلاّفي تبوك، فإنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم خلّفه على المدينة وعلى عياله وقال له يومئذٍ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. وهو في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص. ورجّحه ابن عبد البر »(٤) .

وقال العلقمي: « وليس فيه دلالة على استخلافه بعده، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما قال هذا حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك »(٥) .

وقال ابن حجر المكي: « وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سائر

____________________

(١). فصل الخطاب: ٢٩١، في ذكر عليعليه‌السلام .

(٢). إرشاد الساري ٦ / ٤٥١.

(٣). إبطال نهج الباطل - مخطوط. انظر دلائل الصدق ٢ / ٣٨٩.

(٤). الخميس - حوادث السنة التاسعة.

(٥). الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير - مخطوط، حرف العين.

٢٤٢

المشاهد إلّاتبوك، فإنّه صلّى الله عليه وسلّم استخلفه على المدينة وقال له حينئذٍ: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى. كما مر »(١) .

وقال شيخ العيدروس: « وشهد مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سائر المشاهد إلّاتبوك، فإنه صلّى الله عليه وسلّم استخلفه على المدينة وقال له حينئذٍ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى »(٢) .

وقال ولي الله الدهلوي: « وفي غزوة تبوك كان خليفته صلّى الله عليه وسلّم على المدينة وحصلت له حينئذٍ الفضيلة العظمى: أنت مني بمنزلة هارون من موسى »(٣) .

وقال بجواب عبارات التجريد: « قوله: والمنزلة. إشارة إلى قصة تبوك: عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي.

واعلم: أن هذا الحديث لا يدلّ إلّاعلى استخلاف المرتضى على المدينة في غزوة تبوك وكان المرتضى مثل هارون في كونه من أهل بيت النبي، وفي النيابة عنه بحسب الأحكام المتعلّقة بأمارة المدينة، لا في أصل النبوة، فيكون هذا الحديث دالّاً على فضيلة للمرتضى من حيث نصبه حاكماً على المدينة واستحقاقه للحكومة والتشبيه بالنبي، لا في الأفضليّة من الشيخين »(٤) .

وكذلك قال الرشيد الدهلوي. وستأتي عبارته.

وقال إسحاق الهروي: « ثم أقول: قد ذكر أهل التحقيق من المحدّثين في سبب صدور هذا الكلام » إلى آخر عبارته وقد مضت كاملة.

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ١٨٥.

(٢). العقد النبوي والسرّ المصطفوي - مخطوط، في فضائل علي.

(٣). قرّه العينين، في ذكر فضائل أمير المؤمنين.

(٤). قرة العينين، قسم الردّ على تجريد الاعتقاد، مبحث حديث المنزلة.

٢٤٣

فظهر - والحمد لله - من الروايات ومن تصريحات كبار أئمة القوم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستخلف في غزوة تبوك إلّا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فمن أن جاء القول باستخلافه فلاناً وفلاناً؟

إنْ هذا إلّا اختلاق؟!

لقد ذكر صاحب ( المرافض ) هذه الدعوى المرفوضة كما سمعت، وكذا المحبّ الطبري ناقلاً إيّاها عن ابن إسحاق، وستسمع كلامه والجواب عنه.

ويبقى دعوى نصب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إماماً في الصلاة في مسجده غير علي، وهذا أيضاً لا يجوز التشبّث به، إذ لم يثبت صحّة هذا الخبر أصلاً، والإكتفاء بمحض الدعوى قبيح، بل إنّه بعد ما ثبت الولاية المطلقة لأمير المؤمنينعليه‌السلام على المدينة تسقط هذه الدعوى من الأساس، لأنّ الشيخ عبد الحق وصاحب المرافض يدّعيان منافاة هذه الإمامة لتلك الخلافة المطلقة، ولمـّا ثبتت الخلافة هذه بأخبارهم وتصريحات أكابرهم بطلت هذه الإمامة قهراً، وأمّا دعوى الإجماع من أهل السّير عليها فقد عرفت كونها كاذبة.

وأيضاً: ما في ( سبل الهدى والرشاد ) و ( إنسان العيون ) من دعوى استخلاف ابن ام مكتوم على المدينة - لا للإمامة في الصلاة فقط - منقوض ومردود بروايات استخلاف غيره، ويبطله كلمات أعاظمهم في استخلاف أمير المؤمنينعليه‌السلام . فاستبصر ولا تكن من الغافلين الذّاهلين.

قوله:

فلو كانت خلافة المرتضى مطلقة لم يكن لهذه الاُمور معنى.

٢٤٤

أقول:

قد عرفت أنّ هذا الذي تزعمه النّواصب هو قول العلماء الأعلام من أهل السنّة، إذ ينفون إطلاق خلافة المرتضى بصراحة، يقول صاحب ( المرافض ): « فعلم أن هذه الخلافة خاصة لا مطلقة، والكلام إنّما هو في المطلقة » وقال: « فلو كانت الخلافة المرتضوية مطلقة فلا معنى لنصب محمد بن مسلمة وابن ام مكتوم ».

وحينئذٍ تعرف أنّ ما ينقله ( الدهلوي ) عن النواصب صادر من صاحب ( المرافض )، فلو كان شك في نصب أئمة القوم فلا ريب في نصب صاحب ( المرافض ) باعتراف ( الدهلوي ).

ويقول الشيخ عبد الحق الدهلوي: « لو كانت هذه الخلافة مطلقة لفوّضت الإمامة إليه أيضاً » فهل من شكٍ في نصب هذا الشيخ المعدود من أئمة الحديث من أهل السنة؟

لكنّ أصل النّصب للإمامة في الصلاة وأصل استخلاف غير الإمامعليه‌السلام ، لا أساس له من الصحّة كما عرفت والحمد لله

قوله:

فظهر أنّ هذه الخلافة هي في مجرَّد اُمور البيت ورعاية الأهل والعيال.

أقول:

قد عرفت أنّ خلافتهعليه‌السلام على المدينة مطلقة، وأن هذا التخصيص باطلٌ وافتعال محض.

٢٤٥

جواب ما استدلّ به صاحب المرافض على تخصيص الخلافة

ولقد سبق ( الدهلوي ) في هذه الدعوى: المحبّ الطبري والشّيخ عبد الحق الدهلوي وصاحب المرافض، وقد استدل لها هذا الأخير في عبارته المتقدمة سابقاً بأمور:

الأوّل: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون عند مخرجه إلى غزوة تبوك باتّفاق الفريقين.

والجواب: إنه إنْ أراد إتفاق الفريقين على انحصار الحديث بهذا الوقت الخاص - وهو مخرجه إلى غزوة تبوك - وعدم ثبوت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاله لعلي في غيره فهذا كذب، لورود هذا القول عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أخبار الفريقين قبل تبوك وبعده. وإنْ أراد مجرَّد إثبات وروده في هذا الوقت من غير نفي لوروده في غيره، فهذا لا يوجب حمل الحديث على الخلافة الخاصة، فضلاً عن الدلالة على التخصيص بالأهل والعيال.

الثاني: رواية أصحاب الحديث وأرباب السّير أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استخلفه عند مخرجه إلى تبوك على أهله وعياله في المدينة.

والجواب: قد عرفت كلمات أهل الحديث وأصحاب السير في هذا الباب، ورأيت تصريحاتهم باستخلافه على المدينة من غير تخصيص منهم الإستخلاف بالأهل والعيال.

الثالث: رواية البخاري ومسلم.

والجواب: إنّ ما رواه البخاري ومسلم لا دلالة فيه على تخصيص خلافتهعليه‌السلام بالأهل والعيال أبداً.

٢٤٦

أمّا أولاً: فلأن قيد « الأهل » من افتراءاته وليس في الصحيحين.

وأمّا ثانياً: فعلى تقدير التسليم، ليس ما افتراه مثبتاً لحصر الخلافة في الأهل كما لا يخفى.

وأمّا ثالثاً: فلأن جملة: « أتخلّفني في النساء والصبيان » الواردة في بعض طرق الصحيحين - لا كلها - لا يلزم الشيعة بها، واحتجاجهم بالروايات العارية عنها تام بلا كلام.

وأمّا رابعاً: فلأنّ هذه الجملة على تقدير التسليم بها لا تثبت الحصر في النّساء والصبيان، وسيجيء تقريره بواضح البيان.

الرابع: إسناد القول باستخلافه على الأهل والعيال إلى شرح المشكاة والصواعق وفصل الخطاب والمدارج والمعارج وحبيب السير وترجمة المستقصى وغيرها من الكتب.

والجواب: إنْ هذا إلّا إضلال وتخديع، لأن صاحب ( الصواعق ) لم يقيّد الإستخلاف بكونه في « الأهل »، بل ذكر في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام استخلافه على المدينة حيث قال: « وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سائر المشاهد إلاّتبوك، فإنه صلّى الله عليه وسلّم إستخلفه على المدينة وقال له حينئذٍ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. كما مر ».

وأشار بقوله « كما مر » إلى موضع ذكره استدلال الشيعة بهذا الحديث والردّ عليهم، فهناك أيضاً إعترف بالإستخلاف على المدينة وما أجاب بأنه كان على الأهل والعيال، وهذه عبارته:

« الشبهة الثانية عشر - زعموا أن من النص التفصيلي على علي قوله صلّى الله عليه وسلّم لمـّا خرج الى تبوك واستخلفه على المدينة: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبي بعدي. قالوا: ففيه دليل على أنّ جميع المنازل

٢٤٧

الثابتة لهارون من موسى سوى النبوة ثابتة لعلي من النبي

وجوابها: إن الحديث إن كان غير صحيح - كما يقوله الآمدي - فظاهر، وإنْ كان صحيحاً - كما يقوله أئمة الحديث، والمعوّل في ذلك ليس إلّاعليهم، كيف وهو في الصحيحين - فهو من قبيل الآحاد، وهم لا يرونه حجةً في الإمامة، وعلى التنزيّل فلا عموم له في المنازل، بل المراد ما دلّ عليه ظاهر الحديث: إنّ عليّاً خليفة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مدة غيبة بتبوك، كما كان هارون خليفةً عن موسى في قومه مدة غيبته عنهم للمناجاة

فعلم ممّا تقرّر أنه ليس المراد من الحديث، مع كونه آحاداً لا يقاوم الإجماع، إلّا إثبات بعض المنازل الكائنة لهارون من موسى، والحديث وسببه سيلق يبنيان ذلك البعض، لما مرَّ أنّه إنما قاله لعلي حين استخلفه، فقال علي كما في الصحيح: أتخلّفني في النساء والصبيان. كأنه استنقص تركه وراءه، فقال له: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. يعني: حيث استخلفه عند توجّهه إلى الطور، إذ قال له:( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ) .

وأيضاً، فاستخلافه على المدينة لا يستلزم أولويته بالخلافة بعده من كلّ معاصريه افتراضاً ولا ندباً، بل كونه أهلاً لها في الجملة وبه نقول.

وقد استخلف صلّى الله عليه وسلّم في مرارٍ أخرى غير علي، كابن اُم مكتوم، ولم يلزم فيه بسبب ذلك أنه أولى بالخلافة بعده »(٢) .

هذه عبارة ( الصواعق ) فأين الذي ادّعاه صاحب ( المرافض ) وأحال إليه؟ بل لقد كرّر التّصريح باستخلاف أمير المؤمنينعليه‌السلام على المدينة.

وكذا صاحب ( فصل الخطاب ) وقد تقدمت عبارته آنفاً.

وصاحب ( حبيب السّير ) وإنْ عبّر في أوّل كلامه بالإستخلاف في « الأهل

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٣ - ٧٤.

٢٤٨

والعيال » لكنه في آخره صريحٌ في أنه كان « في أهالي تلك البلدة »(١) .

وأمّا الشيخ عبد الحق فقد تكلّمنا على تخصيصه هذه الخلافة بكونها « في الأهل والعيال » وظهر بطلانه من نصوص كبار أئمة الحديث والسّيرة، وثبت أنّه من أكاذيب النواصب وأتباعهم

قوله:

ولمـّا كانت هذه الأمور موقوفةً على المحرمية والإطلاع على المستورات فلا بدَّ من تعيّن الابن أو الصهر وأمثالهما لذلك في أيّ حالٍ كان.

أقول:

إنّ بطلان هذه الخرافة واضح بالدلائل القاهرة والبراهين الظاهرة والشواهد الباهرة التي سنذكرها فيما بعد إنْ شاء الله تعالى وكلّ ذلك يفيد أنّ هذا الإستخلاف كان شرفاً عظيماً ومقاماً رفيعاً لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأن له من الأجر مثل ما كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويشير إلى جلالة هذه الخلافة وعظمتها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إن المدينة لا تصلح إلّابي أو بك ».

فدعوى تعيّن الإبن أو الصّهر أو أمثالهما لهذا الأمر مهما كان حاله، كذب محض وبهتان صرف

قوله:

فلا يكون دليلاً على الخلافة الكبرى.

____________________

(١). حبيب السير، في غزوة تبوك.

٢٤٩

أقول:

سيتّضح دلالة هذا الإستخلاف على الإمامة العظمى والخلافة الكبرى عن قريب إن شاء الله، فكن من المتربّصين. مضافاً إلى أنّ هذا الحديث يدل على الإمامة من وجوه عديدةٍ أخرى، كما سنبيّن فيما بعد إن شاء الله تعالى.

قوله:

وقد أجاب أهل السنّة - بفضل الله تعالى - عن قدحهم هذا بأجوبةٍ قاطعةٍ مذكورة في مواضعها.

أقول:

ما رأينا من كبار علماء أهل السنة - في مختلف كتبهم في الحديث والكلام والسّيرة - إلّاتسويلات لهم في نفي دلالة هذا الحديث الشريف على خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإلّا تصديقات منهم لمقالات النواصب اللئام، وما ندري من أولئك الذين أجابوا عن قدح النّواصب؟ وما هي تلك الأجوبة الدّامغة القاطعة؟! وأين هي؟

وإذْ لم يذكر ( الدهلوي ) اسم واحدٍ من هؤلاء، ولا نصّ جواب من تلك الأجوبة!! فليتفضّل علينا أولياؤه بذكر ذلك.

لكنّ العجب من ( الدهلوي ) لماذا يورد قدح النواصب ولا يورد بعده ولا واحداً من تلك الأجوبة؟! وليته فعل لئلّا يعيَّر بكونه مؤيّداً للنواصب؟!

٢٥٠

قوله:

وهذا البيان الذي ذكرناه هو كمال التنقيح والتهذيب لكلام الشيعة في طريق التمسّك بهذا الحديث، وإلّا، فمن لحظ كتبهم رأى التشتّت الشديد في كلماتهم، وأنهم لم يتوصّلوا إلى واقع المطلب.

دعوى الدهلوي تنقيح كلام الشيعة في المقام والجواب عنها

أقول:

قال تعالى:( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً ) .

العجب كلّ العجب إنه يعرض عن ذكر كثير من تحقيقات الشيعة، ويقصّر في نفس هذا التقريب الذي أخذه عنهم، ومع ذلك يدّعي التهذيب والتنقيح لكلامهم، تخديعاً للعوام، وكأنّه تفضّل على الشيعة ونقّح تبرّعاً منه كلماتهم المشوّشة المضطربة في هذا المقام؟!

العجب من هذا الرجل يدّعي هذا وقد رأيناه في كثيرٍ من المواضع لم يفهم مقاصد الشيعة في استدلالاتهم، وأنّه تصرّف في كلماتهم تصرّفاً يسهل معه الجواب عنها، وطالما أعرض عن إشكالاتهم القوية ونقوضهم واعتراضاتهم المتينة لعجزه عن حلّها ...؟!

نعم لقد ترك ( الدهلوي ) كثيراً من تقريرات وتحقيقات الشيعة في الإستدلال بهذا الحديث، وله في تحرير هذا الإستدلال الذي أورده تقصيرات عديدة، ولا يخفى على الخبير صدق هذه الدعوى التي ندّعيها عليه، وذلك:

لأنّه أضاف قيداً من عنده إلى الحديث في نقله عن الصّحيحين

وذكر اللّفظ الذي فيه جملة « أتخلّفني في النساء والصّبيان » التي يتمسّك

٢٥١

بها النواصب لدى قدحهم مع خلوّ لفظ الروايات العديدة عن هذه الجملة

ولم يتعرّض لتواتر الحديث مع تصريح جماعة من جهابذة محقّقيهم به

بل لم يتعرّض لتعدّد طرقه في كتبهم

واكتفى برواية البراء بن عازب ونسبها إلى الصّحيحين، مع خلوّهما عن رواية البراء، وأنّ الذي فيهما هو من رواية سعد بن أبي وقاص.

وأعرض عن ذكر أسماء المحدّثين الأعلام الّذين رووه في كتبهم

وعن ذكر احتجاج أمير المؤمنينعليه‌السلام به يوم الشورى، وما زالت الشيعة تذكره وتحتج به، لأنّه يفيد ثبوت الحديث ودلالته على فضيلة أمير المؤمنين عند الصحابة

ولم يتعرّض ( الدهلوي ) لورود هذا الحديث في مقامات عديدة ومواضع متفرّقة، مع أنّ في وروده في غير تبوك فوائد جليلة وإبطالاً لهفوات النواصب وأقوال إخوانهم.

ولأنّ هذا الحديث يدل على أفضليّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مع أن الشيعة يستدلّون على ذلك بهذا الحديث أيضاً، وثبوت أفضليته كافٍ لثبوت خلافته بلا فصل.

ولأنَّ الشيعة تستدل بأنّه - مضافاً إلى حصول الخلافة لهارون عن موسى بمفاد قوله:( اخْلُفْنِي ) - قد حصل لهارون مرتبة فرض إطاعته ووجوب اتّباعه، وهذه المرتبة لم تكن موقتةً بوقتٍ، فلا بدّ وأن يكون أمير المؤمنينعليه‌السلام المشبَّه بهارون مفترض الطاعة في حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد وفاته، من غير تخصيص بوقت. وهذا الوجه لم يتعرض له ( الدهلوي ) في ( التحفة ) وهو وإن تعرّض له في حاشيتها، لكنْ لم يبيّن وجه مرجوحيّته ممّا ذكره في المتن.

٢٥٢

ولإستدلال الشيعة بعموم المنازل بوجوه عديدة، كما ذكر الفخر الرازي أيضاً ثلاثة وجوه لإثبات عموم المنازل حيث قال في ( نهاية العقول ): « فاعلم أنهم ساعدوا على أنه ليس في الحديث صيغة عموم يدل على ذلك، لكنّهم بيّنوا ذلك من وجوه ثلاثة، الأول: أن الحكيم » لكنّ ( الدهلوي ) لم يورد هذه الوجوه.

ولإستدلال الشيعة لإثبات خلافة هارون بالآية: و( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (١) وأنّها تدلّ على خلافته المطلقة. و ( الدهلوي ) لم يذكر هذا الإستدلال، وادّعى زوال خلافة هارون بزعم تقيّدها بمدة محدودة.

ولإستدلال الشّيعة لبقاء خلافة هارون باستصحاب خلافته الثابتة حتى يأتي الرافع اليقيني لها.

إلى غير ذلك ممّا أفاده علماء الشيعة الأعلام، كما لا يخفى على ناظر كتبهم، مثل ( الشافي ) و ( بحار الأنوار ) و ( حق اليقين ) و ( إحقاق الحق ) وأمثالها، من التحقيقات الوافية الشّافية في ردّ تشكيكات المخالفين ودفع شبهاتهم

وإنّ من له أدنى تتّبع لكتب الشيعة مثل كتاب ( الشّافي ) لا يتمالك نفسه من الضّحك على ما ادّعاه ( الدهلوي ) من أنّ كلمات القوم في هذا المقام مضطربة مشوّشة، وأنّه قد هذّبها ونقّحها غاية التنقيح

ثمّ إنّ ( الدهلوي ) يذكر وجه الإستدلال عن الشيعة بقوله: « قالت الشّيعة » ثم يقول إنّ هذا التقريب منه وإلّا فكلمات الشيعة مبعثرة مشوّشة وهذا تناقض

وأيضاً، فهذا القدر من الإستدلال الذي ذكره موجود بعينه في كلمات الشيعة، فأين التنقيح والتهذيب؟

وعلى الجملة، فإنّ دعواه تنقيح كلام الشيعة وتهذيبه كاذبة، أللهم إلّا أن

٢٥٣

يقصد « التحريف » من « التهذيب » فهذا صحيح، لأنّ الشيعة لما تستدل بالحديث تنقله عن الصّحيحين، و ( الدهلوي ) حرّف لفظه فيهما لدى نقله عنهما بإضافة كلمة « أهل البيت والنساء والبنات » إليه.

ذكره في الحاشية ثاني وجهي الإستدلال وعجزه عن الجواب

هذا، وكأنّ ( الدهلوي ) ندم على ما نسب إلى الشيعة من اضطراب كلامهم وتشتّته في هذا المقام، فاضطرّ في حاشيته على كتابه إلى ذكر ثاني وجهي الإستدلال بهذا الحديث، المذكور في شرح المواقف وغيره، وقال بأنّ هذا الوجه هو المشهور في الإستدلال بهذا الحديث عندهم - يعني الشيعة - واكتفى في التالي بأنْ قال: « ولا يخفى ما فيه ». وهذه عبارته في الحاشية:

« المشهور في الإستدلال بهذا الحديث عندهم هو: إنّ من جملة منازل هارون بالنسبة إلى موسى أنه كان شريكاً له في الرسالة، ومن لوازمه استحقاق الطاعة بعد وفاة موسى لو بقي، فوجب أن يثبت ذلك لعليرضي‌الله‌عنه ، إلّا أنه امتنع الشركة في الرسالة، فوجب أن يبقى مفترض الطاعة على الأمة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم، عملاً بالدليل بأقصى ما يمكن.

ولا يخفى ما فيه ».

أقول:

لا يخفى أنّ هذا الوجه أحد وجوه دلالة هذا الحديث.

وأيضاً: إن هذا الذي ذكره بعض الوجه الذي قصده لا كلّه، لأنّ علماء الشيعة يثبتون أوّلاً عموم أفراد المنزلة بوجوه شتّى، ثم يثبتون كون الإمامة من منازل هارونعليه‌السلام ، مرةً بجهة الإستخلاف على بني إسرائيل وعدم العزل منه، ومرة بشركته لموسىعليه‌السلام في افتراض الطاعة

٢٥٤

وقد ذكر هذا الإستدلال بهذه الكيفية عن الشيعة في كتب غير واحدٍ من أهل السنة، كنهاية العقول وشرح المواقف والصّواعق وغيرها

قال في ( الصواعق ): « الشبهة الثانية عشرة: زعموا أنّ من النص التّفصيلي على علي قوله صلّى الله عليه وسلّم لمـّا خرج إلى تبوك واستخلفه على المدينة: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. قالوا: ففيه دليل على أن جميع المنازل الثابتة لهارون من موسى سوى النبوة ثابتة لعلي من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإلّا لمـّا صحّ الإستثناء، وممّا ثبت لهارون من موسى استحقاقه للخلافة عنه لو عاش بعده، إذ كان خليفة في حياته، فلو لم يخلفه بعد مماته لو عاش بعده لكان النقص فيه، وهو غير جائز على الأنبياء.

وأيضاً: فمن جملة منازله منه أنه كان شريكاً له في الرسالة، ومن لازم ذلك وجوب الطاعة لو بقي بعده، فوجب ثبوت ذلك لعلي، إلاّ أنّ الشركة في الرسالة ممتنعة في حق علي. فوجب أن يبقى مفترض الطاعة على الأمة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم، عملاً بالدليل بأقصى ما يمكن»(١) .

ثم إن ما ذكره ( الدهلوي ) في الحاشية هو نقل ألفاظ شرح المواقف بعينها، لكنّه الوجه الثاني المذكور بعد الوجه الأول فيه كالصّواعق. وهذه ألفاظ ( شرح المواقف ):

« الثاني من وجوه السنّة: قولهعليه‌السلام لعلي حين خرج إلى غزوة تبوك واستخلفه على المدينة: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. فإنه يدل على أنّ جميع المنازل الثابتة لهارون من موسى سوى النبوة ثابتة لعلي من النبي صلّى الله عليه وسلّم. إذ لو لم يكن اللفظ محمولاً على كلّ المنازل لما صحّ الإستثناء. ومن المنازل الثابتة لهارون من موسى استحقاقه

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٣.

٢٥٥

للقيام مقامه بعد وفاته لو عاش هارون بعده، وذلك لأنّه كان خليفةً لموسى في حياته، بدليل قوله:( اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (١) . لا معنى للخلافة إلّا القيام مقام المستخلف فيما كان له من التصرّفات، فوجب أن يكون خليفةً له بعد موته على تقدير بقائه، وإلّا كان عزله موجباً لنقصه والنفرة عنه، وذلك غير جائز على الأنبياء، إلّا أنّ ذلك القيام مقام موسى كان له بحكم المنزلة في النبوة، وانتفى هاهنا بدليل الإستثناء.

قال الآمدي: الوجه الثاني من وجهي الإستدلال بهذا الحديث هو: إنّ من جملة منازل هارون بالنسبة إلى موسى أنه كان شريكاً له في الرسالة، ومن لوازمه إستحقاق الطاعة بعد وفاة موسى لو بقي، فوجب أنْ يثبت ذلك لعلي، إلّا أنه امتنع الشركة في الرسالة، فوجب أن يبقى مفترض الطاعة على الاُمّة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم، عملاً بالدليل بأقصى ما يمكن »(٢) .

وبعد، فلقد كان على ( الدهلوي ) - بعد أن أورد الوجه الذي أورده - أنْ يبيّن موضع التشويش والإضطراب فيه، وأن يبيّن السّبب في عدم ذكر الوجه الأول معه، والسبب في ترجيح هذا الوجه على ذاك في الذكر، والسّبب في عدم ذكره إياه في المتن ومرجوحيته التي اقتضت إيراده في الحاشية ولكنه اكتفى بقوله: « ولا يخفى ما فيه »، وهل هذا كاف؟!

قوله:

ومع ذلك، ففي هذا التمسّك اختلال من وجوه كثيرة.

أقول:

لم يذكر من هذه الوجوه الكثيرة!! إلّا ثلاثة وجوه شحنها بالهفوات العظيمة العثار، والعثرات البادية العوار والله الموفّق للهداية والإستبصار.

____________________

(١). شرح المواقف ٨ / ٢٦٢.

٢٥٦

دلالة الحديث

على عموم المنزلة

٢٥٧

٢٥٨

قوله:

الأول: إنّ اسم الجنس المضاف إلى العلم ليس من ألفاظ العموم عند جميع الأصوليين.

أقول:

إنّ ( الدهلوي ) مع رئاسته في العلوم!! وجلالته العلمية بين الناس!! يكتفي بمحض الدعوى، بل بالكذب والتسويل!! وينكر الأمور الواضحة والقضايا الثابتة والقواعد المقرّرة!!

إنّ دلالة « المنزلة » المضافة على العموم ثابتة - والحمد لله - بحيث لا يعتريها أيّ شك، ولا يشوبها أيّ شبهة

لقد نصّ أكابر المحقّقين وأئمة الأصول المعتمدين على أنّ صحّة الإستثناء دليل العموم، وبهذا الدليل يثبتون عموم صيغ العموم.

صحّة الإستثناء دليل العموم

ولفظ « المنزلة » مضاف، ولو كان مضافاً إلى علمٍ، فيصحّ الإستثناء منه بالقطع واليقين، لجواز أنّ يقال: « زيد بمنزلة عمرو إلّافي النسب » و « بكر بمنزلة خالد إلّافي العلم » وهكذا

وهذا الحديث كذلك، إذ « المنزلة » فيه مضافة إلى العلم، فيدلُّ على العموم بلا ريب وبالأخص لفظ « المنزلة » الوارد في هذا الحديث يصح الإستثناء

٢٥٩

منه بالقطع واليقين لأنّه لو كان الحديث: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة » أو « إلّا الأخوة النسبية » أو ما شابهه لكان صحيحاً بلا ريب كما أنّ لفظ « إلّا النبوة » وارد كما سبق وسيأتي ومع ذلك فالإستثناء بـ « إلّا أنّه لا نبي بعدي » استثناء متّصل كما سيتّضح عن قريب.

وإليك بعض الشواهد على دلالة صحّة الإستثناء على العموم عند الأصوليين من كلمات بعض أئمتهم:

قال البيضاوي: « ومعيار العموم جواز الإستثناء، فإنّه يخرج ما يجب اندراجه لولاه، وإلّا لجاز من الجمع المنكّر »(١) .

وقال الفرغاني العبري بشرحه: « لمـّا بيّن صيغ العموم على اختلاف مراتبها فيه، شرع في الإستدلال على أنها عامّة بوجهين، وجه يشمل الصيغ كلّها ووجه يخصُّ بعضها. أمّا تقرير الوجه العام لجميع الصيغ فهو أن نقول: لو لم يكن كلّ واحدٍ من هذه الصيغ المذكورة عامّاً لما جاز عن كلٍّ منها استثناء كل فرد منه، لأنّ الإستثناء عبارة عن إخراج شيء من مدلول اللّفظ، يجب إندراجه فيه لولا الإستثناء، فلو لم يكن كل واحد من هذه الصيغ عاماً لم يجب اندراج كلّ فرد فيه بدون الإستثناء، وإذا لم يجب لم يجز الإستثناء، إذ لا حاجة حينئذٍ إلى الإخراج، لكن جاز الإستثناء في كل فردٍ من هذه الصيغ اتفاقاً، مثلاً يصح أنْ يقال: من دخل داري إلّازيداً فأكرمته، وكذلك في البواقي، فيكون هذه الصيغ عامة وهو المطلوب.

وإنما قلت: إنّ الإستثناء عبارة عن إخراج ما لولاه لوجب دخوله، لأنّه لو لم يكن عبارة عن ذلك لكان عبارةً إمّا عمّا لولاه لامتنع دخوله فيه، وإنه باطل ضرورةً. أو عن إخراج ما لولاه لجاز دخوله فيه وإنّه باطل أيضاً، إذ لو كان

____________________

(١). منهاج الوصول في علم الأصول.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418