نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار14%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 418

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 217031 / تحميل: 8751
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

تواتره عند المتقي

ومنهم: الشيخ علي المتقي في كتابٍ له في المتواترات قال في أوّله: « الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله صلّى الله عليه وسلّم وبعد: - فيقول الفقير إلى الله تعالى علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي: هذه الأحاديث متواترة نحو اثنين وثمانين حديثاً، التي جمعها العلامة السيوطي رحمة الله تعالى عليه وسمّاها قطف الأزهار المتناثرة. وذكر فيها رواتها من الصحابة عشرة فصاعداً، لكني حذفت الرواة وذكرت متن الأحاديث ليسهل حفظها وهي هذه « قال:

« من كنت مولاه فعلي مولاه -

أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى ».

تواتره عند محمد صدر العالم

وقال محمد صدر العالم: « أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، وأحمد والبزار عن أبي سعيد الخدري، والطبراني عن أسماء بنت عميس وأم سلمة وحبشي بن جنادة، وابن عمر وابن عبّاس وجابر بن سمرة وعلي والبراء ابن عازب وزيد بن أرقم:

إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

وهذا الحديث متواتر عند السيوطيرحمه‌الله »(١) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

١٦١

تواتره عند ولي الله الدهلوي

وقال ولي الله الدهلوي في مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فمن المتواتر حديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. روي ذلك عن: سعد بن أبي وقاص، وأسماء بنت عميس، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عبّاس وغيرهم »(١) .

وقال أيضاً: « وشواهد هذا الحديث كثيرة وهي بالغة حدّ التواتر كما لا يخفى على متتبّعي الحديث »(٢) .

تواتره عند المولوي مبين

وقال المولوي محمد مبين في باب فضائل الإمامعليه‌السلام :

« وأكثر الأحاديث المذكورة في هذا الباب من المتواترات، كحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وحديث: أنا من علي وعلي مني، وأللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وحديث: لأعطين الرّاية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. وغيرها »(٣) .

____________________

(١). إزالة الخفا - مآثر علي بن أبي طالب، من المقصد الثاني.

(٢). قرّة العينين: ١٣٨.

(٣). وسيلة النجاة في مناقب السادات: ٧١، الباب الثاني من أبواب الكتاب.

١٦٢

دحض المكابرة

في صحّة الحديث أو تواتره

١٦٣

١٦٤

فهذا حديث المنزلة وصحّته وثبوته وشهرته بل تواتره عند أهل السنّة، حسب تصريحات كبار أساطينهم ومشاهير أئمتهم وعلمائهم

فالعجب كلّ العجب من جماعةٍ من متكلّميهم الأعلام يضطرّهم العجز عن الجواب عن الإستدلال به ويلجؤهم التعصّب للهوى إلى القدح في سنده أو المكابرة في تواتره

أبو الحسن الآمدي

فهذا أبو الحسن الآمدي يقول عنه: « غير صحيح ». والغريب جدّاً ذكر ابن حجر المكي هذا القول الشنيع في مقام الجواب عن الإستدلال فيقول:

« إنّ الحديث إن كان غير صحيح - كما يقول الآمدي - فظاهر »(١) .

ترجمة الآمدي

لكن هذا الرّجل مقدوح مجروح عند علماء أهل السنة، كالذهبي وابن حجر العسقلاني، ويكفي لسقوطه كونه تارك الصّلاة: قال الذهبي:

« سيف الآمدي المتكلّم صاحب التصانيف علي بن أبي علي، قد نفي من دمشق لسوء اعتقاده، وصحّ أنه كان يترك الصلاة، نسأل الله العافية. وكان من الأذكياء. مات سنة ٦٣١ »(٢) .

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٣.

(٢). ميزان الإعتدال ٢ / ٢٥٩ رقم ٣٦٤٧.

١٦٥

فأيّ وجهٍ يتصوّر لاعتماد ابن حجر المكي على قول مثل هذا الرجل الفاسد، إلاّ التعصّب للباطل؟!

لكن هذا القول السّاقط لا يختص بهذا المتكلّم الفاسد، فقد تفوّه به غيره من متكلّميهم:

عضد الدين الإيجي

قال عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي صاحب ( المواقف ) في الجواب عن الإستدلال به: « الجواب: منع صحّة الحديث »(١) .

شمس الدين الإصفهاني

وقال شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الإصفهاني بعد ذكر بعض الأدلة: « والجواب عن الثاني: إنه لا يصحّ الإستدلال به من جهة السند، ولو سلّم صحة سنده قطعاً، لكن لا نسلّم أنّ قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، كلّ منزلة كانت لهارون من موسى »(٢) .

وقال أيضاً: « إنّه لا يصح الإستدلال به من جهة السند كما تقدم في الخبر المتقدم. ولئن سلّم صحة سنده قطعاً، لكن لا نسلّم أن قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، يعمّ كلّ منزلة كانت لهارون من موسى »(٣) .

____________________

(١). المواقف في علم الكلام: ٤٠٦.

(٢). شرح الطوالع - مخطوط.

(٣). شرح التجريد - مخطوط.

١٦٦

التفتازاني

وقال سعد الدين التفتازاني: « والجواب: منع التواتر، بل هو خبر واحد في مقابلة الإجماع، ومنع عموم المنازل »(١) .

وقال أيضاً: « وردّ: بأنه لا تواتر، ولا حصر في علي، ولا عبرة بأخبار الآحاد في مقابلة الإجماع»(٢) .

القوشجي

وقال علاء الدين القوشجي: « وأجيب: بأنّه على تقدير صحّته، لا يدلّ على بقائه خليفةً بعد وفاته دلالةً قطعيّةً، مع وقوع الإجماع على خلافه »(٣) .

الشريف الجرجاني

وقال الشريف الجرجاني في شرح قول صاحب المواقف: « الجواب: منع صحة الحديث »: « كما منعه الآمدي. وعند المحدثين إنه صحيح وإن كان من قبيل الآحاد »(٤) .

إسحاق الهروي

وقال إسحاق الهروي سبط الميرزا مخدوم الشريفي في ( السهام الثاقبة ): « قلنا: التواتر ممنوع. وإنما هو خبر واحد في مقابلة الإجماع فلا يعتبر ».

____________________

(١). شرح المقاصد ٥ / ٢٧٥.

(٢). تهذيب الكلام في الجواب عن حديث المنزلة.

(٣). شرح التجريد: ٣٧٠.

(٤). شرح المواقف ٨ / ٢٦٢ - ٢٦٣.

١٦٧

عبد الكريم الصدّيقي

وقال عبد الكريم نظام الصدّيقي نسباً والحنفي مذهباً في ( إلجام الرافضة ): « والجواب: إنّ هذا الحديث كما قال الآمدي غير صحيح ».

حسام الدين السهارنفوري

وقال حسام الدين السهارنفوري: « هذا الخبر ممنوع الصحّة كما صرّح به الآمدي، وعلى تقدير صحّته كما هو مختار المحدثين، فهو خبر واحد لا متواتر، فلا يصلح للإحتجاج على الخلافة»(١) .

حاصل كلماتهم أمران:

وأنت إذا لاحظت كلمات هؤلاء رأيت الواحد منهم يتّبع الآخر ويقلّده فيما قال ولا يزيد عليه بشىء إنّ الغرض هو إبطال إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وردّ الإستدلال على إثباتها بأيّ طريقٍ كان

لقد لاحظت أنّ حاصل كلماتهم في مقام الجواب عن الإستدلال بهذا الحديث الشريف هو:

١ - المنع من صحّته

فالآمدي يقول: « هذا الحديث غير صحيح » ثم يأتي من بعده غيره ويأخذ منه هذا من أن غير يوضّح وجهه ويبيّن دليله

____________________

(١). مرافض الروافض - مخطوط.

١٦٨

الجواب عنه

لكن يكفي في الجواب عنه ما تقدّم سابقاً من أنّ هذا الحديث في أعلى درجات الصحّة عند القوم، فقد رووه بالأسانيد المعتبرة والطرق المتكثرة عن جمع غفير من الصّحابة، ثم نصّوا على صحّته وقالوا بتواتره عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخرجه الشيخان في صحيحيهما، وكذا غيرهما من أصحاب الصّحاح فإذا لم يكن هذا الحديث صحيحاً سنداً فأيّ حديث عندهم صحيح؟ وإذا أمكن القدح في سند هكذا صحيح فبأيّ شيء يمكنهم إثبات فضيلةٍ لمشايخهم أو معتَقدٍ من عقائدهم أو حكمٍ من الأحكام الشرعية؟

فإذا كان هذا حال أساطين أهل السنة في مقابلة الشيعة، فأيّ خيرٍ منهم يطلب، وأيّ إنصافٍ يرتجى في شيء من المباحث العلميّة؟

ومن هنا يعلم أنْ لا ملاك عند القوم ولا ضابطة يقفون عندها ولا قاعدة يلتزمون بها في البحث مع الشّيعة

لقد وصف ابن حجر المكّي الصحيحين بأنهما « أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتدّ به»(١) وكذا قال غيره كما لا يخفى على من راجع ( المنهاج في شرح المنهاج للنووي ) و ( شرح النخبة لابن حجر العسقلاني ) و ( قرة العينين للدهلوي ) وغيرها.

وزعموا أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل كتاب البخاري كتابه، وأمر بدراسته، كما في ( مقدمة فتح الباري ).

ونقلوا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم بصحّة جميع أحاديث البخاري والإذن بروايتها عنه، وكذا صحيح مسلم كما في ( الدر الثمين في

____________________

(١). الصواعق المحرقة، الفصل الأوّل، في كيفيّة خلافة أبي بكر.

١٦٩

مبشّرات النبي الأمين ) لولي الله الدهلوي.

وذهبوا إلى القول بأنّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين كما في ( حجّة الله البالغة ).

وتجرّأوا على ردّ فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام الواردة في أخبار الفريقين، بسبب المخالفة بينها وبين أحاديث الصحيحين، وتقديم أحاديثهما بدعوى قيام الإجماع على صحّتها دون غيرها كما في ( قرّة العينين )

وطعنوا على الشيعة عدم اعتمادهم على أحاديثهما كما في ( النواقض )

إلى غير ذلك ممّا قالوه في شأن الصحيحين

ومع كلّ هذا يقدحون في حديث المنزلة المخرّج فيهما!!

وعلى الجملة فإنّ ما سبق ذكره في سند حديث المنزلة، وما قالوه في صحّته وثبوته وتواتره لا سيّما كونه من أحاديث الصحيحين والصحاح الأخرى كافٍ لدحض القدح في سند هذا الحديث

٢ - نفي تواتره وأنّه خبر واحد

والأمر الثاني نفي تواتره وزعم كونه من الآحاد بعد الإعتراف بكونه صحيحاً عند أهل الحديث.

الجواب عنه

إنّ هذا كسابقه واضح السّقوط لما عرفت من أنه من حديث أكثر من عشرين نفساً من الصّحابة، وقد ادّعى ابن حجر التواتر فيما رواه ثمانية، وابن حزم فيما رواه أربعة منهم.

على أنّ جماعة من أكابرهم - وعلى رأسهم الحاكم النيسابوري - ينصّون على تواتره، والسّيوطي والمتقي يذكرانه فيما ألّفاه في الأحاديث المتواترة.

١٧٠

وجوه صحّة الإحتجاج به ولو كان واحداً

على أنّا لو سلّمنا عدم تواتره وكونه من أخبار الآحاد، فلنا وجوه عديدة على جواز الإستدلال والإحتجاج به على إمامة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام :

١ - تأيّده بأحاديث متواترة

إنّ حديث المنزلة - على فرض عدم تواتره - تؤيّده أحاديث متواترة قطعاً مثل حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه. ونحوه ممّا تواتر نقله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتبهم، في فضائل ومناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢ - تواتره عند الشيعة

إن كون هذا الحديث متواتراً عند الشيعة بلا ريب، وكونه منقولاً عند الأعلام والأساطين من أهل السنّة - وبطرقٍ كثيرة - يوجب القطع بصدوره، وما هذا شأنه لا عائبة في التمسّك به.

٣ - تمسّكهم بالآحاد في مختلف الأبحاث

إنّ الإحتجاج بالآحاد جائز عند أهل السنّة، وهذا ديدنهم ودأبهم في مختلف الأبحاث، فلو فرض كون حديث المنزلة من الآحاد فالتمسّك به جائز.

بل إنّ في كلمات بعضهم الحكم بكفر من أنكر الخبر

١٧١

الواحد والقياس وقال إنه ليس بحجة فإنه يصير كافراً. ولو قال: هذا الخبر غير صحيح وهذا القياس غير ثابت لا يصير كافراً ولكن يصير فاسقاً »(١) .

٤ - النقض بحديث: الأئمة من قريش

إن العمدة في الخلافة البكريّة وأصل دليلها عند أهل السنّة هو خبر واحد، أعني حديث « الأئمة من قريش » الذي رواه أبو بكر نفسه وتفرّد به حسبما صرّح به أئمّتهم(٢) فالإلتزام بعدم جواز الإستدلال بخبر الواحد في مسألة الخلافة يستلزم قلع أساس الخلافة البكريّة

* قال الفخر الرازي في المسألة الثامنة من الأصل العشرين، من كتابه ( نهاية العقول ) -: « قوله: الأنصار طلبوا الإمامة مع علمهم بقولهعليه‌السلام : الأئمة من قريش.

قلنا: هذا الحديث من باب الآحاد. ثم إنه ضعيف الدلالة على منع غير القرشي من الإمامة، لأنّ وجه التعلّق به إمّا من حيث أن تعليق الحكم بالإسم يقتضي نفيه عن غيره، أو لأن الألف واللام يقتضيان الإستغراق. والأول باطل، والثاني مختلف فيه. فكيف يساوي ذلك ما يدّعونه من النصّ المتواتر الذي لا يحتمل التأويل؟

وأيضاً: فلأن الحديث مع ضعفه في الأصل والدلالة لمـّا احتجّوا به على الأنصار تركوا طلب الإمامة، فكيف يعتقد بهم عدم قبول النصّ الجلي المتواتر؟ ».

____________________

(١). هداية السعداء - الجلوة الرابعة من الهداية السابعة - مخلوط.

(٢). ذكر علماء أهل السنّة تفرّد أبي بكر بحديثين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدهما: إنا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة. والآخر: الأئمة من قريش، وستعلم بذلك في النصوص الآتية.

١٧٢

فإذا جاز إحتجاج أبي بكر بحديثٍ واحد تفرّد به - مع ضعفه في الدلالة كما اعترف الرازي - جاز للشيعة الإحتجاج بحديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لأنّه - حتّى لو كان غير متواتر عند أهل السنة - أقوى من الحديث المذكور سنداً ودلالةً بلا ريب.

ولو أمعنت النظر في عبارة الرازي المذكورة لرأيتها في قوّة ألف دليل على بطلان خلافة أبي بكر، لأن الدليل الذي احتجّ به أبو بكر على استحقاقه الخلافة دون الأنصار ضعيف في الأصل والدلالة، ومن المعلوم أن ما كان ضعيفاً في الدلالة لا يجوز الإحتجاج به قطعاً وإنْ كان قوياً في الأصل، فكيف لو كان ضعيفاً في الأصل كذلك؟

* وصاحب ( المرافض ) أيضاً يصرّح بكون خبر « الأئمة من قريش » خبر واحدٍ ولا يفيد إلّا الظن، وقد كان للأنصار مجال للبحث فيه.

* وكذا صاحب ( النواقض ) ينصّ على ذلك لكنه يعزو روايته إلى « رجل » وهذه عبارته - في الفصل الثالث من فصول الكتاب -:

« الدليل العاشر: إعلم أن أرباب السير وأصحاب الحديث نقلوا أنّ في يوم السقيفة لمـّا اختلفوا أولاً في أمر الخلافة، وكانت الأنصار يقولون: لا نرضى بخلافة المهاجرين علينا، بل منّا أمير ومنكم أمير، قام رجل وقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: الأئمة من قريش. فسكت الأنصار وبايعوا أبا بكر، لغاية إتّباعهم أقوال النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكمال تقواهم. ومع أن خلافة المهاجرين عليهم كانت عندهم مكروهة غاية الكراهة رضوا بمجرّد خبر واحدٍ وإنْ كان لهم مجال بحثٍ فيه ».

* ومن طرائف المقام اعتراف القوم بانحصار دليل خلافة أبي بكر بهذا الحديث الذي عرفت حاله أنظر إلى المولوي عبد العلي شارح ( مسلَّم

١٧٣

الثبوت ) يقول مازجاً بالمتن:

« ولنا ثانياً: إجماع الصّحابة على وجوب العمل بخبر العدل، وليس فيه استدلال بعمل البعض حتى يرد أنه ليس حجةً ما لم يكن إجماعاً، وفيهم أمير المؤمنين علي، وفي إفراده كرّم الله وجهه قطعٌ لما سوّلت به أنفس الروافض - خذلهم الله تعالى - بدليل ما تواتر عنهم، وفيه تنبيه لدفع أنّ الإجماع أحادي، فإثبات المطلوب به دور، - من الإحتجاج والعمل به، أي بخبر الواحد، لا إنه اتفق فتواهم بمضمون الخبر، وعلى هذا لا يرد أن العمل بدليلٍ آخر، غاية ما في الباب إنه وافق مضمون الخبر - في الوقائع التي لا تحصى - وهذا يفيد العلم بأن عملهم لكونه خبر عدلٍ في عملي - وبه اندفع أنّه يجوز أن يكون العمل ببعض الأخبار للإحتفاف بالقرائن ولا يثبت الكلّية - من غير نكير من واحد. وذلك يوجب العلم عادةً لأتّفاقهم، كالقولِ الصريح الموجب للعلم بهِ، كما في التجربيّات. وبه اندفع أن الإجماع سكوتي وهو لا يفيد العلم. ثم فصّل بعض الوقائع فقال:

فمن ذلك: عمل الكل من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، بخبر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبي بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه: الأئمة من قريش. ونحن معاشر الأنبياء لا نورّث. وقد تقدّم تخريجهما. والأنبياء يدفنون حيث يموتون. حين اختلفوا في دفن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. رواه ابن الجوزي، كذا نقل عن التقرير »(١) .

أقول:

فظهر أن حديث « الأئمة من قريش » من الأخبار الآحاد التي عمل بها أصحاب النبي واحتجّوابها، لا أنهم عملوا في المسألة بدليلٍ آخر، غاية ما في

____________________

(١). فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت ٢ / ١٣٢.

١٧٤

الباب أنه وافق مضمون الخبر.

فثبت إنحصار دليل صرف الخلافة عن الأنصار إلى أبي بكر بالحديث المذكور الذي عرفت حاله.

كما أن قول صاحب ( النواقض ): « رضوا بمجرّد خبر واحدٍ » نص في أن رضاهم كان بسبب هذا الخبر وحده لا لأمرٍ آخر ولعلّه لما ذكرنا استحيى الرجل من نسبة رواية الحديث إلى أبي بكر، فنسبها إلى « رجل »!!

ولعلّه من هنا ادّعى ابن روزبهان في كتابه ( الباطل ) أن أبا بكر لم يرو هذا الحديث أصلاً فقال: « فأمّا حديث الأئمة من قريش فلم يروه أبو بكر، بل رواه غيره من الصحابة، وهو كان لا يعتمد على خبر الواحد ».

لكنّها دعوى في غاية الغرابة، فإنّ علماء القوم ينسبون روايته والإحتجاج به إلى أبي بكر جازمين بذلك، في غير موضعٍ من بحوثهم كما لا يخفى على من يلاحظ ( شرح المختصر ) حيث جاء فيه: « وعمل الصحابة بخبر أبي بكر: الأئمة من قريش »(٢) و ( فواتح الرحموت - شرح مسلّم الثبوت ) وقد تقدّمت عبارته، و ( إزالة الخفا في سيرة الخلفاء ) وغيرها من كتب القوم

لكن عبارة ابن روزبهان أيضاً ظاهرة في وهن هذا الحديث وسقوطه عن الصلاحيّة للإحتجاج به للخلافة فلا تغفل.

٥ - قطعيّة أحاديث الصّحيحين

إنّ حديث المنزلة - لكونه في الصحيحين - مقطوع الصدور لو فرض أنّه ليس على حدّ التواتر لأنّ أحاديث الصحيحين مقطوعة الصدور لدى: إبن الصلاح، وأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيين، والقاضي أبي الطيّب، والشيخ

____________________

(١). شرح مختصر الأصول للعضدي ٢ / ٥٩.

١٧٥

أبي إسحاق الشيرازي، وأبي عبدالله الحميدي، وأبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، والسرخسي الحنفي، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وأبي يعلى وابن الزاغوني الحنبليين، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام، وأهل الحديث قاطبةً، وهو مذهب السّلف عامة، ومحمد بن طاهر المقدسي - بل قال بذلك فيما كان على شرطهما أيضاً - والبلقيني، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وإبراهيم الكردي الكوراني، وأحمد النخلي، وعبد الحق الدهلوي، وولي الله الدهلوي

فهؤلاء كلّهم وغيرهم يقولون بأنّ حديث الصحيحين مقطوع بصحّته

وإليك بعض التصريحات الواردة عنهم في هذا الباب، نذكرها بإيجاز مقتصرين على محلّ الحاجة منها:

* قال السيوطي بشرح التقريب مازجاً به: « وإذا قالوا: صحيح متفق عليه، أو على صحته، فمرادهم إتفاق الشيخين لا إتفاق الاُمّة. قال ابن الصّلاح: لكنْ يلزم من إتفاقهما إتفاق الاُمة عليه، لتلقّيهم له بالقبول. وذكر الشيخ - يعني ابن الصلاح -: ( إنّ ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحّته، والعلم القطعي حاصل فيه ) قال: خلافاً لمن نفى ذلك

قال البلقيني: ما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصّلاح عن جماعةٍ من الشافعية، كأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيين، والقاضي أبي الطيّب، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وعن السرخسي والزاغوني من الحنابلة، وابن فورك، وأكثر أهل الكلام من الأشعريّة، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة. بل بالغ ابن طاهر المقدسي في صفوة التصوف فألحق به ما كان على شرطهما وإنْ لم يخرجاه

١٧٦

وقال شيخ الإسلام: ما ذكره النووي في شرح مسلّم من جهة الأكثرين، أمّا المحقّقون فلا، وقد وافق ابن الصلاح أيضاً محققون

وقال ابن كثير: وأنا مع ابن الصّلاح فيما عوّل عليه وأرشد إليه.

قلت: وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه »(١) .

* قال محمد أكرم بن عبد الرحمن المكي في ( إمعان النظر في توضيح نخبة الفكر ): « وانتصر لابن الصّلاح: المصنّف، ومن قبله شيخه البلقيني تبعاً لابن تيمية ».

* وقال الزين العراقي في ( شرح الألفية ):

« حكم الصحيحين والتعليق:

ص:

وأقطع بصحةٍ لما قد أسند

كذا له وقيل ظناً ولَدا

محقّقيهم قد عزاه النووي

وفي الصحيح بعض شيء قد روي

مضعَّف ولهما بلا سند

أشياء فإن يجزم فصحيح أو ورد

ممرّضاً فلا ولكن يشعر

بصحّة الأصل له كيُذكر

ش: أي ما أسنده البخاري ومسلم، يريد ما روياه بإسنادهما المتّصل فهو مقطوع لصحته. كذا قال ابن الصلاح، قال: والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لمن نفى، وقد سبق إلى نحو ذلك: محمد بن طاهر المقدسي، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف.

قال النووي: وخالف إبن الصلاح المحققون والأكثرون فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر »(٢) .

____________________

(١). تدريب الراوي ١ / ١٣١ وإلى ١٣٤.

(٢). فتح المغيث في شرح ألفية الحديث ١ / ٥٨.

١٧٧

* وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( تحقيق البشارة إلى تعميم الإشارة ): « ثم المتواتر يفيد العلم اليقيني ضرورياً. وقد يفيد خبر الواحد أيضاً العلم اليقيني لكن نظرياً بالقرائن، على ما هو المختار. قال الشيخ الإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في شرح نخبة الفكر: والخبر المحتف بالقرائن أنواع، منها: المشهور إذا كانت له طرق متبائنة سالمةً من ضعف الرواة والعلل. ومنها: ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما ما لم يبلغ حدّ التواتر، فإنه احتفّ بقرائن، منها جلالتهما في هذا الشأن وتقدّمهما في تمييز الصحيح على غيرهما، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وممّن صرّح من أئمة الاُصول بإفادة ما خرّجه الشيخان العلم اليقيني النظري: الاُستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، ومن أئمة الحديث: أبو عبدالله الحميدي وأبو الفضل بن طاهر ».

* وللشيخ محمد معين بن محمد أمين رسالة مفردة في إثبات قطعية صدور أحاديث الصحيحين، أدرجها في كتابه ( دراسات اللبيب ) وإليك جملاً من عباراته:

« إن أحاديث الجامع الصحيح للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، وكتاب الصحيح للإمام أبي الحسين مسلم بن حجاج القشيري - رحمهما الله تعالى ونفعنا ببركاتهما - هي رأس مال من سلك الطريق إلى الله تعالى، بالأسوة الحسنة بخير الخلق قاطبة والمعجزة الباقية من رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم، من حيث حفاظ أسانيدها على مرّ الدهور إلى زماننا هذا. فهي تلو القرآن في إعجازه الباقي ».

« قد فصّل وبيّن إمام وقته الحافظ جلال الدين السيوطي في هذا الكلام، من دلائل الطرفين والتأييد بأقوال المحققين لابن الصلاح ما فيه مغنىً للعاقل.

فقد تبّين أنه وافقه إجماع المحدثين بعد الموافقة مع علماء المذاهب

١٧٨

الأربعة جميعاً، ووافقه المتكلّمون من الأشاعرة ووافقه المتأخرون وهم النقّادون الممعنون النظر في دليل السابقين وهو المختار عند الإمام الحافظ السيوطي وهو مجدّد وقته ».

« تمسّك ابن الصّلاح بما صورة شكله: ما في الصحيحين مقطوع الصدور عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأن الامة اجتمعت على قبوله، وكلّما اجتمعت الامة على قبوله مقطوع، فما في الصحيحين مقطوع.

أمّا ثبوت الصغرى فبالتواتر عن الأسلاف إلى الأخلاف.

وأمّا الكبرى فبما يثبت قطعية الإجماع ولو على الظن، كما إذا حصل الإجماع في مسألة قياسية. فإن الإجماع هناك ظنون مجتمعة أورثت القطع بالمظنون، لعصمة الأمة، فكذا هنا أخبار الآحاد مظنونة في نفسها، فإذا حصل الإجماع عليها أورثت القطع.

وتمسّك النووي بما صورة شكله: ما في الصحيحين مظنون الصدور عن النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم، لأنه من أحاديث الآحاد، وكلّما هو من أحاديث الآحاد مظنون، فهذا مظنون.

أمّا ثبوت الصغرى فظاهر، لندرة التواتر جدّاً.

وأمّا ثبوت الكبرى فمفروغ عنه في الفن.

فهذه صورة المعارضة بين التمسّكين، وهي ظاهر تحرير الكتاب، ولنبيّن الموازنة والمواجهة بينهما، بأن نأخذ دليل النووي في صورة المنع على دليل ابن الصلاح، ثم نحرّر مقدمة دليله الممنوعة، فإنْ تحصّن بالتحرير عن منعه فالحق معه، وإلّا فهو في ذمة المطالبة. وأنت تعرف أن المانع أجلد الخصمين وأوسعهما مجالاً، فنعط هذا المنصب لمن يخالف ما نعتقده من مذهب ابن الصلاح ومن معه، حتى يظهر الحق إن ظهر في غاية سطوعه ».

١٧٩

ثم شرع في تحقيق المسألة، وانتصر لابن الصّلاح، وإن شئت التفصيل فراجع رسالته التي أسماها: ( غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي وابن الصلاح ) المدرجة في كتابه ( دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب ).

* وهو مختار الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي في رسالته ( إعمال الفكر والرّويات في شرح حديث إنما الأعمال بالنيّات ) وفي رسالته ( بلغة المسير إلى توحيد الله العليّ الكبير ). فإنّه ذكر مذهب ابن الصلاح وأيّده في أكثر من موضع، وذكر: « إنّ كلام الشّيخ ابن الصّلاحرحمه‌الله هذا كلام موجّه، محقق وإنْ ردّه الإمام النووي ».

* وقال ولي الله الدهلوي: « وأمّا الصحيحان فقد اتّفق المحدّثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وإنهما متواتران إلى مصنّفيهما، وأنّ كلّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين »(١) .

* والأطرف من الكل: نقل الشيخ عبد المعطي - وهو من مشايخ القوم - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشافهةً، تنصيصه على صحة جميع ما أخرجه البخاري!!! ذكر ذلك الشيخ أحمد النخلي المتوفى سنة ١١٣٠ وهو شيخ شيخ ولي الله الدهلوي، وقد وصفه ( الدهلوي ) في رسالته في ( أصول الحديث ) بأنه « أعلم أهل عصره ». وترجم له المرادي فوصفه بـ « الإمام العالم العلامة، المحدّث الفقيه الحبر الفهامة، المحقق المدقق النحرير »(٢) .

* نعم، ذكر النخلي هذا في رسالة ( أسانيده ) ما هذا نصّه:

« أخبرنا شيخنا جمال الدين القيرواني، عن شيخه الشيخ يحيى الخطّاب المالكي المكي قال: أخبرنا عمّي الشيخ بركات الخطابي، عن والده، عن جده

____________________

(١). حجّة الله البالغة: ١٣٩ باب طبقات كتب الحديث.

(٢). سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ١٧١.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف، أنبأ أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة عن أبي بردة قال:

خرج علي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى ثنية الوداع وهو يبكي ويقول: خلّفتني مع الخوالف! ما أحبّ أن تخرج في وجهٍ إلّاوأنا معك. فقال صلّى الله عليه وسلّم: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة وأنت خليفتي »(١) .

وفي كتاب ( المناقب ): « حدثنا أبو سعيد قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدّثنا جعيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها سعد: إنّ علياً خرج مع النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى جاء ثنية الوداع وعلي يبكي ويقول: أتخلّفني مع الخوالف؟ فقال: أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة »(٢) .

وقال النسائي: « أنبأنا زكريا بن يحيى قال: أنبأنا أبو مصعب عن الدراوردي، عن صفوان، عن سعيد بن المسيب: أنّه سمع سعد بن أبي وقاص يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: أما ترضى أنْ تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة »(٣) .

أخبرني زكريا بن يحيى قال: أنبأنا أبو مصعب، عن الدراوردي، عن هشام بن هاشم، عن سعيد بن المسيب، عن سعد قال: لمـّا خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك، خرج علي فتبعه فشكى وقال: يا رسول الله أتتركني

____________________

(١). تذكرة الخواص: ٢٨.

(٢). فضائل المؤمنينعليه‌السلام : ٨٦ رقم ١٢٨.

(٣). الخصائص للنسائي: ٦٨ رقم ٤٦.

٣٢١

مع الخوالف؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: يا علي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة »(١) .

وقال النسائي: « أخبرنى زكريا بن يحيى قال: أنبأنا أبو مصعب، عن الدراوردي، عن الجعيد، عن عائشة، عن أبيها: إنّ عليّاً خرج مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، حتى جاء ثنيّة الوداع يودّ غزوة تبوك وعلي يشتكي ويقول: أتخلّفني مع الخوالف؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة »(٢) .

وذكر المولوي ولي الله اللكهنوي حديث المنزلة في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حيث رواه عن البخاري، ثم قال: « وأخرج النسائي في الخصائص بطرقٍ متعددة » فرواه عنه عن سعد بن أبي وقاص باللفظ المذكور(٣) .

ورواه الخطيب الخوارزمي بسنده عن جابر فقال: « أخبرنا صمصام الأئمة أبو عفان عثمان بن أحمد الصرّام الخوارزمي بخوارزم قال: أخبرنا عماد الدين أبو بكر محمد بن الحسن النسفي قال: حدثنا أبو القاسم ميمون بن علي الميموني قال: حدثنا الشيخ أبو محمد إسماعيل بن الحسين بن علي قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عبدة قال: حدثنا إبراهيم بن سلام المكي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن حزام ابن عثمان، عن ابن جابر بن عبد اللهرضي‌الله‌عنه أنه قال:

جاءنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن مضطجعون فى المسجد

____________________

(١). الخصائص للنسائي: ٦٩ رقم ٤٧.

(٢). الخصائص للنسائي: ٧٤ رقم ٥٥.

(٣). مرآة المؤمنين - مخطوط.

٣٢٢

- وفي يده عسيب رطب - فقال: ترقدون في المسجد!! قد أجفلنا وأجفل علي معنا. فقال النبيعليه‌السلام : تعال يا علي، إنّه يحل لك في المسجد ما يحلّ لي، ألا ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة!!

والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة، تذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الضال عن الماء، بعصاً لك من عوسج، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي »(١) .

ورواه ابن عساكر بإسناده عن حزام بن عثمان باللفظ المذكور(٢) .

أقول:

ففي هذا الحديث الذي رواه أحمد والنسائي والخوارزمي وسبط ابن الجوزي وابن كثير « إلّا النبوة » بدلاً عن « إلّا أنّه لا نبي بعدي » وقد نصّ ابن كثير على صحّته

فظهر: أنّ المراد من « إلّا أنه لا نبي بعدي » أينما ورد هو « إلّا النبوة » فالإستثناء متّصل وليس بمنقطع

وتبيّن أنّ ( الدهلوي ) و ( الكابلي ) ومن ماثلهما بمعزلٍ عن الفحص والتحقيق والتتبّع في الكتب وطرق الأحاديث وألفاظها وأنّهم يتكلّمون حسبما تمليه عليهم هواجسهم النفسانية، ودواعيهم الظلمانيّة، وتعصّباتهم الشيطانية، ضد أمير المؤمنين وفضائله ومناقبه!! ومع ذلك يدّعون جهل الإماميّة وقصورهم عن فهم حقائق الأحاديث النبوية ...!!

وظهر سقوط قول التفتازاني ومن تبعه من أنه « ليس الإستثناء المذكور

____________________

(١). المناقب للخوارزمي: ١٠٩ رقم ١١٦.

(٢). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٣٩.

٣٢٣

إخراجاً لبعض أفراد المنزلة بمنزلة قولك إلّا النبوة »!! لأنهم قد أنكروا لفظاً ورد في أحاديث عديدة نصَّ بعض أكابر حفّاظهم على صحّتها

تنصيص العلماء على اتّصال الإستثناء فى الحديث

وكما ثبت - ولله الحمد - بطلان دعوى انقطاع الإستثناء، حسب الأحاديث العديدة المعتبرة، الصريحة في كون المستثنى هو « النبوة » وأنّ « إلّا أنّه لا نبي بعدي » بمنزلة « إلّا النبوة » كذلك يثبت بطلانها على ضوء كلمات المحققين الكبار من أهل السنّة:

يقول الشيخ محمد بن طلحة الشافعي: « فتلخيص منزلة هارون من موسى أنه كان أخاه ووزيره وعضده وشريكه في النبوة، وخليفته على قومه عند سفره، وقد جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً منه بهذه المنزلة، وأثبتها له « إلاّ النبوّة » فإنه صلّى الله عليه وسلّم استثناها في آخر الحديث بقوله: « غير أنّه لا نبي بعدي ». فبقى ما عدا النبوة المستثناة ثابتاً لعلي، من كونه أخاه ووزيره وعضده وخليفته على أهله عند سفره إلى تبوك. وهذه من المعارج الشراف ومدارج الإزلاف، فقد دل الحديث بمنطوقه ومفهومه على ثبوت هذه المزية العليّة لعلي.

وهو حديث متفق على صحته »(١) .

فانظر إلى قوله: « وقد جعل رسول الله عليّاً بهذه المنزلة وأثبتها له إلّا النبوة » ثم أعاد الضمير في « إستثناها » إلى « النبوة »، وأنّ قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « غير أنّه لا نبي بعدي » إستثناء للنبوّة لا عدم النبوة، ثم أكّد في آخر كلامه ما ذكره أوّلاً إذ قال: « فبقي ما عدا النبوة المستثناة ثابتاً لعلي ».

____________________

(١). مطالب السؤول ١ / ٥٣ - ٥٤.

٣٢٤

ويقول الشيخ نور الدين ابن الصبّاغ المالكي: « ومنها: قوله صلّى الله عليه وسلّم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي، فلا بدَّ أوّلاً من كشف سرّ المنزلة التي لهارون من موسى، وذلك إنّ القرآن المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، نطق بأنّ موسىعليه‌السلام سأل ربه عزوجل فقال:( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) وإنّ الله عزوجل أجابه إلى مسئوله، وأجناه من شجرة دعائه ثمرة سؤله فقال عزّ من قائل:( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى ) وقال عزوجل:( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً ) وقال الله:( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ) .

فظهر: أن منزلة هارون من موسىعليه‌السلام منزلة الوزير

فتلخيص أن منزلة هارون من موسى صلوات الله عليهما: أنه كان أخاه ووزيره وعضده في النبوة، وخليفته على قومه عند سفره.

وقد جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً منه بهذه المنزلة « إلّا النبوة »، فإنه صلّى الله عليه وسلّم إستثناها بقوله: « غير أنّه لا نبي بعدي ». فعلي أخوه ووزيره وعضده وخليفته على أهله عند سفره إلى تبوك ».(١)

ويقول محمد بن إسماعيل الأمير: « ولا يخفى: أنّ هذه منزلة شريفة ورتبة عليّة منيفة، فإنه قد كان هارون عضد موسى الذي شدّ الله به أزره، ووزيره وخليفته على قومه، حين ذهب لمناجاة ربه. وبالجملة: لم يكن أحد من موسىعليه‌السلام بمنزلة هارونعليه‌السلام ، وهو الذي سأل الله تعالى أن يشدّ به أزره ويشركه في أمره، كما سأل ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما فى حديث أسماء بنت عميس، وأجاب الله نبيه موسىعليه‌السلام بقوله:( سَنَشُدُّ

____________________

(١). الفصول المهمة: ٤٣ - ٤٤.

٣٢٥

عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ) الآية، كما أجاب نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم بإرساله جبرئيلعليه‌السلام بإجابته كما في حديث أسماء بنت عميس.

فقد شابه الوصيعليه‌السلام هارون فى سؤال النبيّين الكريمينعليهما‌السلام ، وفي إجابة الربّ سبحانه وتعالى، وتمّ التشبيه بتنزيله منه صلّى الله عليه وسلّم منزلة هارون من الكليم، ولم يستثن سوى النبوة لختم الله بابها برسوله صلّى الله عليه وسلّم خاتم الانبياء.

وهذه فضيلة اختص الله تعالى بها ورسوله الوصيّعليه‌السلام ، لمـّا يشاركه فيها أحد غيره »(١) .

إتّصال الإستثناء في كلام شرّاح الحديث

بل إنّ كلمات أعلام المحقّقين من شراح الحديث، ظاهرة في أنّ هذا الإستثناء عندهم متّصل لا منقطع:

يقول الطيّبي: « معنى الحديث: أنت متّصل بي، نازل مني بمنزلة هارون من موسى. وفيه تشبيه مبهم بيّنه بقوله: إلّا أنّه لا نبي بعدي. فعرف أنّ الإتّصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة، بل من جهة ما دونها وهو الخلافة »(٢) .

أقول:

فلو كان قوله: « إلّا أنّه لا نبي بعدي » إستثناءً منقطعاً، لم يكن مبيّناً للإجمال ورافعاً للإبهام، لوضوح أنّ الإستثناء المنقطع لا علاقة له بما قبله فالإستثناء متّصل، ولذا كان بياناً للتشبيه المبهم

____________________

(١). الروضة الندية في شرح التحفة العلويّة: ٥٤.

(٢). شرح المصابيح - باب مناقب علي من كتاب المناقب - مخطوط.

٣٢٦

وقول الطيبي: « فعرف أنّ الإتصال » صريح في أنّ هذا الإستثناء بيان لمعنى الإتّصال المذكور، ولولا اتّصال الإستثناء لما تمّ البيان

وأيضاً قوله: « بل من جهة ما دونها وهو الخلافة » صريح في أنّ الإستثناء إنما هو لحصر الإتصال المذكور في الخلافة، ولا ريب في أنّ الإستثناء إذا كان منقطعاً لم يكن للحصر المذكور وجه أبداً.

ويقول الشمس العلقمي: « وفيه تشبيه. ووجه التشبيه مبهم، لم يفهم أنّهرضي‌الله‌عنه فيما شبّهه به، فبيّن بقوله: « إلّا أنّه لا نبي بعدي » أنّ اتّصاله به ليس من جهة النبوة، فبقي الإتصال من جهة الخلافة، لأنها تلي النبوة في المرتبة »(١) .

وهذه العبارة تفيد ما ذكرناه كما تقدم

ويقول القسطلاني: « وبيّن بقوله: إلّا أنه ليس نبي. وفى نسخةٍ: لا نبي بعدي. أنّ اتّصاله به ليس من جهة النبوة، فبقي الإتصال من جهة الخلافة »(٢) .

وهذا واضح الدلالة على اتصال الإستثناء بالتقريب المذكور

ويقول المنّاوي: « علي مني بمنزلة هارون من أخيه موسى. يعني: متصل بي ونازل مني بمنزلة هارون من أخيه، حين خلّفه في قومه، إلّا أنه لا نبي بعدي، ينزل بشرع ناسخ.

نفى الإتصال به من جهة النبوة. فبقي من جهة الخلافة، لأنها تليها في الرتبة »(٣) .

____________________

(١). الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير - مخطوط - حرف العين.

(٢). ارشاد الساري ٦ / ٤٥١.

(٣). التيسير في شرح الجامع الصغير - حرف العين.

٣٢٧

ويقول العزيزي بشرحه كذلك: » نفى الإتصال به من جهة النبوة، فبقي الإتصال من جهة الخلافة »(١) .

إتّصال الإستثناء في كلام والد الدهلوي وتلميذه

وقد لا يكتفي أولياء ( الدهلوي ) والمتعصّبون بما ذكرنا، حتى نأتي لهم بشواهد من كلمات والده، وبعض أصحاب والده، وتلميذ ( الدهلوي ) نفسه فلنذكر هذه الكلمات علّهم ينتهوا عمّا يقولون ويذعنوا بالحق ويخضعوا للحقيقة:

قال ولي الله الدهلوي:

« ومنها: حديث المنزلة، ومدلوله هو التشبيه بهارون واستثناء النبوة.

يعني إنّ هارون اجتمعت فيه ثلاث خصال: كونه من أهل بيت موسى، وكونه خليفةً له عند خروجه إلى جانب الطور، وكونه نبيّاً. والمرتضى كان من أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان خليفته على المدينة في غزوة تبوك، ولم يكن نبيّاً.

وما أطال فيه المتكلّمون في عدّ المنازل، فلا يوافق المعقول والمنقول »(٢) .

فهذه عبارة والد الدهلوي فما الذي حمل ( الدهلوي ) على مخالفة والده ومتابعة التفتازاني وغيره، غير التعصّب والعناد؟!

وعلى ما ذكره ولي الله مشى تلميذه القاضي سناء الله حيث قال:

« وعلى تقدير الشمول نقول: إن منزلة هارون كانت منحصرةً في أمرين،

____________________

(١). السراج المنير في شرح الجامع الصغير - حرف العين.

(٢). قرة العينين في تفضيل الشيخين. القسم الثاني من المسلك الثالث.

٣٢٨

الإستخلاف مدة غيبته، لانّه استثنى النبوة، فلم يبق إلّا الإستخلاف مدّة الغيبة »(١) .

وهذا صريح كذلك في كون الإستثناء متّصلاً، وأنّ المستثنى هو « النبوة » لا « عدم النبوة ».

والطريف: أن تلميذ ( الدهلوي ) يتبع ولي الله وسناء الله، ويخالف شيخه ( الدّهلوي ) ذاك هو الفاضل الرشيد الدهلوي، فإنه يقول:

« وخرّج السيد المحقق -قدس‌سره - في حاشية المشكاة بشرح حديث المنزلة أن قوله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى تشبيه مبهم، ويبيّنه الإستثناء: إلّا أنّه لا نبي بعدي. يعني: إن عليّاً المرتضى متّصل برسول الله في جميع الفضائل عدا النبوة. وهذه عبارتهقدس‌سره : يعني أنت متصل بي ونازل منّي بمنزلة هارون من موسى. وفيه تشبيه، ووجه الشبه مبهم، لم يفهم أنهرضي‌الله‌عنه بما شبّهه صلوات الله عليه وسلم، فبيّن بقوله: إلّا أنّه لا نبي بعدي أنّ اتّصاله ليس من جهة النبوة. انتهى ما أردنا نقله.

وعلى هذا التقدير لا يكون الإستثناء « إلّا أنه لا نبي بعدي » لدفع شبهٍ، بل لتفسير المبهم»(٢) .

إتّصال الإستثناء في كلام الكابلي

فثبتت - والحمد لله - أنّ الإستثناء في الحديث متّصل لا منقطع وبه صرّح: ابن طلحة، وابن الصباغ، والأمير، والطيبي، والشريف الجرجاني، والقسطلاني، والمناوي، والعلقمي، والعزيزي، وولي الله، وثناء الله، والرشيد الدهلوي

____________________

(١). السيف المسلول - مبحث حديث المنزلة.

(٢). إيضاح لطافة المقال - مخطوط.

٣٢٩

وهل يكفي هذا المقدار لإفحام المتعصّبين وإسكات المكابرين؟

وهل يكفي هذا المقدار لاعتراف أولياء ( الدهلوي ) بتعصّبه الباطل بمتابعته للمبطلين، وعناده للحق الذي أذعن به أبوه وتلميذه؟

فإنْ لم يكن كافياً فلنورد عبارة الكابلي، التي نصّ فيها بما هو الحقّ وصرّح فيها بالحقيقة فقال:

« ولأن منزلة هارون من موسى كانت منحصرةً في أمرين: الإستخلاف مدة غيبته، وشركته في النبوة، ولمـّا استثنى منهما الثانية بقيت الاُولى »(١) .

فلماذا خالف ( الدهلوي ) الكابليَّ في هذا الموضع، وكتابه ( التحفة ) منتحل من ( الصواقع ) كما هو معلوم؟!

وهذه العبارة من الكابلي كافية للرد على الكابلي نفسه، فإنّها تناقض ما ادّعاه في صدرها وتدفعه، وإليك عبارته كاملةً:

« والإستثناء ليس إخراجاً لبعض أفراد المنزلة، بل منقطع بمنزلة غير، وهو غير عزيز في الكتاب والسنة، ولا يدل على العموم، فإنّ من منازل هارون من موسى الاُخوة في النسب، ولم يثبت ذلك لعلي. وقوله: اُخلفني في قومي لا عموم له، إذ ليس في اللَّفظ ما يدل على الشمول. ولأنّ منزلة هارون من موسى كانت منحصرةً في أمرين: الإستخلاف مدة غيبته وشركته في النبوة. ولمـّا استثنى منهما الثانية بقيت الأولى ».

فقوله: « ولمـّا استثنى » دليل قطعي على كون الإستثناء متّصلاً، إذ لا يمكن استثناء « النبوة » إلّا بأنْ يكون « إلّا أنّه لا نبي بعدي » في حكم « إلّا النبوة »، وإذا كان كذلك كان الإستثناء متّصلاً بالضرورة، وبطل قوله: « بل منقطع ».

____________________

(١). الصواقع الموبقة - مخطوط.

٣٣٠

قوله:

« وأمّا معنىً فلأنّ من منازل هارون كونه أكبر سنّاً، ومنها: كونه أفصح لساناً من موسى، ومنها: كونه شريكاً له في النبوة، ومنها: كونه أخاً له في النسب. وهذه المنازل غير ثابتة لعلي إجماعاً ».

ردّ التمسّك بانتفاء الأخوة النّسبيّة لاثبات الانقطاع

أقول:

أوّلاً: إن الأصل في هذا الكلام هو التفتازاني، ومنه أخذ القوشجي وأورده الكابلي ومنه أخذ ( الدهلوي )

لكنّ ( الدهلوي ) وشيخه حرّفا كلام التفتازاني والقوشجي لأنّهما أخذا منهما الإشكال وتمسّكا به، وأسقطا من كلامهما ما ذكراه في الجواب عن الإشكال وهذا نصّ عبارة التفتازاني:

« ليس الإستثناء المذكور إخراجاً لبعض أفراد المنزلة بمنزلة قولك: إلّا النبوة، بل منقطع بمعنى لكن، فلا يدل على العموم كما لا يخفى على أهل العربية.

كيف؟ ومن منازله الأخوّة في النسب ولم تثبت لعليرضي‌الله‌عنه .

اللهمّ إلّا أنْ يقال إنها بمنزلة المستثنى، لظهور انتفائها »(١) .

ونصّ عبارة القوشجي:

« وليس الإستثناء المذكور إخراجاً لبعض أفراد المنزلة بمنزلة قولك: إلّا النبوة، بل منقطع بمعنى لكن. فلا يدل على العموم. كيف؟ ومن منازله الأخوّة

____________________

(١). شرح المقاصد ٥ / ٢٧٥.

٣٣١

في النسب ولم تثبت لعليرضي‌الله‌عنه .

اللهمّ إلّا أنْ يقال: إنها بمنزلة المستثنى لظهور انتفائها »(١) .

فانظر إلى عبارة الكابلي:

« والإستثناء ليس إخراجاً لبعض أفراد المنزلة، بل منقطع بمنزلة غير، وهو غير عزيز في الكتاب والسنة، ولا يدل على العموم، فإنَّ من منازل هارون من موسى الاُخوّة في النسب، ولم يثبت ذلك لعلي »(٢) .

وإذا كان هذا حال الكابلي، فما ظنّك ( بالدهلوي ) الذي دأب على استراق هفوات الكابلي؟!

نعم، إنّهم يرتكبون هذه التحريفات الشّنيعة حتى في كلمات أئمتهم، بغية الردّ على الحق وأهله لكنّهم خائبون خاسرون

وثانياً: قال القاضي عضد الدين في الجواب عن حديث المنزلة:

« الجواب منع صحّة الحديث، أو المراد استخلافه على قومه في قوله:( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) لا استخلافه على المدينة. ولا يلزم دوامه بعد وفاته، ولا يكون عدم دوامه عزلاً له، ولا عزله إذا انتقل إلى مرتبة أعلى - وهو الإستقلال بالنبوّة - منفّراً. كيف؟ والظاهر متروك، لأن من منازل هارون كونه أخاً ونبيّاً »(٣) .

أقول:

لقد ترك القاضي الإيجي ظاهر الحديث، لأنْ من منازل هارون كونه أخاً

____________________

(١). شرح التجريد: ٣٧٠.

(٢). الصواقع الموبقة - مخطوط.

(٣). المواقف في علم الكلام: ٤٠٦.

٣٣٢

ونبيّاً، وفي هذا دلالة صريحة على أن ظاهر الحديث عموم المنازل، لكن القاضي ترك هذا الظاهر بسبب انتفاء الاُخوة النّسبيّة والنبوة، وهذا صريح في إبطال توهّم دلالة انتفاء الاخوة والنبوة على انقطاع الإستثناء الذي زعمه ( الدهلوي ).

لأن انتفاء ذلك إنْ كان دالّاً على الإنقطاع، لم يكن ظاهر الحديث عموم المنازل، ولم يكن انتفاء الاُخوة والنبوّة سبباً لترك الظّاهر، فإنّ سببيّة الأمرين لترك الظاهر دليل على تحقق هذا الترك، والترك دليل على تحقق الظاهر، وتحقّقه ينافي دعوى انقطاع الإستثناء بالضّرورة.

فثبت من اعتراف القاضي الإيجي اتّصال الإستثناء في الحديث، وأنّ لفظ « المنزلة » فيه يدل على عموم المنزلة، وخروج بعض المنازل لا ينافي اتّصال الإستثناء والدلالة على عموم المنزلة، بل غاية الأمر - بزعم القاضي - دلالة خروج الاُخوة والنبوة على أنه عام مخصوص وسيأتي جواب هذا الزعم فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

وثالثاً: قال الشريف الجرجاني بشرح قول العضد: « كيف والظاهر متروك » ما نصّه: « أي وإنْ فرض أن الحديث يعمُّ المنازل كان عاماً مخصوصاً، لأن من منازل هارون كونه أخاً نسبياً ونبياً »(١) .

يفيد هذا الكلام - وإنْ اشتمل على تأويلٍ في عبارة العضد بصرف كلمة « الظاهر متروك » عمّا تدل عليه جزماً، وإرجاعها إلى « الفرض » - أن مراد صاحب ( المواقف ) من « الظّاهر » ظهور دلالة الحديث على عموم المنازل فيبطل مزعوم ( الدهلوي ).

____________________

(١). شرح المواقف ٨ / ٣٦٣.

٣٣٣

رد التمسّك بانتفاء النبوّة لإثبات الإنقطاع

وأمّا التمسّك - بانتفاء شركة أمير المؤمنينعليه‌السلام مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النبوّة - لإثبات إنقطاع الإستثناء، فمن غرائب الإستدلالات

أمّا أولاً: فلأن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إلّا أنّه لا نبي بعدي » المروي في الصحيحين وغيرهما، دليل على نفي النبوة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال أبو شكور السّلمي:

« وأما من قال: إنّ علياً كان شريكاً في النبوة، احتجوا بقولهعليه‌السلام حيث قال: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى. ثم هارون كان نبياً، فكذلك علي وجب أن يكون نبياً. الجواب: قلنا: إن تمام الخبر إلى أن قال: إلّا أنه لا نبي بعدي. وأما قوله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. أراد به القرابة والخلافة غير النبوة »(١) .

وإذا كان إستثناء النبوّة موجوداً في نفس الحديث، لم يحسن القدح في دلالته على عموم المنازل بانتفاء النبوة، فإنّ هذا لا يصدر من عاقل فضلاً عن عالم إنه نظير أن يقال بعدم دلالة « جاءني القوم إلا زيد » على العموم لخروج زيد وهل ذلك إلّاسفسطة!!

فالعجب من ( الدهلوي )، يحمل استثناء النبوة الصريح في الدلالة على العموم على الإستثناء المنقطع خلافاً للأحاديث الصريحة المذكور فيها لفظ « إلّا النبوة »، وشقاقاً لإفادات أكابرهم الأعيان ووالده البارع في هذا الشان

____________________

(١). التمهيد في بيان التوحيد، الباب الحادي عشر، القول الثاني: في خلافة أبي بكر.

٣٣٤

ثم يزيد على ذلك دعوى دلالة عدم نبوّة أمير المؤمنين على عدم عموم المنازل فى الحديث!!

وأمّا ثانياً: فلأن هذا التمسّك ينافي كلمات أكابر أئمة قومه

وذلك: لأنّ القاضي عضد الدين - بعد أن اعترف بظهور الحديث في العموم - قال: « الظاهر متروك، لأنّ من منازل هارون كونه أخاً ونبياً » أي: وكلا الأمرين منتفيان في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فالعموم منتف لكن تمسّكه بالأمرين لنفي العموم مندفع بتصريحات كبار الائمة المحققين

أمّا الأول - وهو انتفاء الأخوة النسبية - فقد عرفت جوابه من كلمات التفتازاني والقوشجي وأمّا الثاني وهو انتفاء النبوة، فجوابه ظاهر من عبارة الشريف الجرجاني حيث قال بشرحه:

« كيف؟ والظاهر متروك.

أي: وإنْ فرض أنّ الحديث يعم المنازل، كلها كان عاماً مخصوصاً، لأن من منازل هارون كونه أخاً نسبيّاً ونبيّاً، والعام المخصوص ليس حجةً في الباقي أو حجيته ضعيفة، ولو ترك قوله « نبياً » لكان أولى »(١) .

أقول:

أي:

إن قول العضد « نبياً » في غير محلّه ووجه ذلك: إنّه لمـّا كان استثناء النبوة موجوداً في نصّ الحديث، فلا يلزم من انتفاء النبوّة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام تخصيص في المستثنى منه العام، بل يبقى المستثنى منه على عمومه، كما هو معلوم لدى أهل العلم

فظهر سقوط تمسك ( الدهلوي ) بانتفاء الأخوة النسبية من كلام التفتازاني

____________________

(١). شرح المواقف ٨ / ٣٦٣.

٣٣٥

والقوشجي، وسقوط تمسّكه بانتفاء النبوّة من كلام الشريف الجرجاني وهؤلاء أعلام علماء طائفته في مختلف العلوم.

وأمّا ثالثاً: ففي جملةٍ من طرق الحديث: « إلّا أنّك لست بنبي » رواه: أحمد بن حنبل، والحاكم، والنسائي، وغيرهم فاستثناء النبوة وانتفاؤها عن أمير المؤمنينعليه‌السلام موجود بصراحةٍ في ألفاظ الحديث فأين المخصّص لعموم المنزلة؟!

٣٣٦

ردّ التمسّك بانتفاء الأكبريّة والأفصحيّة لإثبات الإنقطاع

وأما تمسّكه بانتفاء الأكبرية في السن، والأفصحيّة في اللسان، فأوهن مما تقدم:

١ - على ضوء كلمات العلماء في معنى الحديث

(١) إن جوابه ظاهر من كلام القوشجي والتفتازاني أيضاً لأنّه كما كانت الأخوة النسبية في حكم المستثنى لظهور انتفائها غير القادح في عموم المنازل الثابت للمستثنى منه، كذلك انتفاء كبر السن والأفصحيّة لا يقدح في العموم، لظهور هذا الإنتفاء وكون الأمرين لذلك في حكم المستثنى

وعلى الجملة، فإنّ انتفاء هذين الأمرين - كانتفاء الأخوة - غير قادح في عموم المنزِلة فضلاً عن أن يكون مثبتاً لانقطاع الإستثناء

(٢) على أنّ صريح ولي الله الدهلوي هو: إنّ التنزيل بمنزلة هارون من موسى نوع من التشبيه، والمعتبر في التشبيه هو المشابهة في الأوصاف المشهورة المذكورة على الألسنة وقد جعلها ثلاثة وهي: الخلافة مدة الغيبة، وكونه من أهل البيت، والنبوّة

هكذا قال ولي الله الدهلوي في البحث حول هذا الحديث، وجواب إستدلال الإمامية به(١) وهو أيضاً وجه آخر على بطلان توهّم ولده ( الدهلوي ) دخول الأكبرية في السّن والأفصحيّة في اللّسان بل الأخوة

____________________

(١). إزالة الخفا - المقصد الأول من المسلك الأول، مبحث حديث المنزلة.

٣٣٧

النسبيّة في منازل هارونعليه‌السلام

ولو تدبّرت في كلام ولي الله الدهلوي وجدته دالّاً على مطلوب الإماميّة لضرورة كون « وجوب الإتّباع والإطاعة » و « العصمة » و « الأفضلية » من أبرز الصفات المشهورة لهارونعليه‌السلام في الاُمة الموسويّة فكذلك سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام في الاُمة المحمّدية

(٣) أمّا القاضي سناء الله تلميذ والد ( الدهلوي )، فحصر منازل هارونعليه‌السلام في أمرين هما: الإستخلاف والنبوّة وقد تقدّمت عبارته فليس الأخوة النسبية ولا الأكبرية في السن ولا الأفصحية في اللسان من منازل هارون حتى يكون انتفاؤها عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قادحاً في عموم المنزلة

وهذا وجه آخر لسقوط توهّم ( الدهلوي )

(٤) وكما خالف ( الدهلوي ) والده وتلميذ والده فقد خالف شيخه المنتحل كتابه فالكابلي خصّ منزلة هارون وحصرها في الأمرين: الإستخلاف والنبوّة كما علمت سابقاً فخالفه في هذا المقام، بجعل الأكبرية في السن والاخوة النسبيّة والأفصحية في اللسان من المنازل، كما خالفه من قبل، بدعوى أن « إلّا أنّه لا نبي بعدي » في حكم « إلّا عدم النبوة »، مع أن عبارة الكابلي صريحة في أنّها بحكم « إلّا النبوة »

فهذا الموضع أيضاً من المواضع التي خالف ( الدهلوي ) فيها والده وكبار مشايخه وأئمّة قومه وهناك مواضع أخرى سننبّه عليها إن شاء الله تعالى

٣٣٨

المراد من المنازل الفضائل النفسانيّة

(٥) إن المراد من المنازل التي أثبتها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهارونعليه‌السلام ، هي الفضائل النفسانيّة والمقامات المعنويّة فإنّ عليها - لا على غيرها - مدار التفضيل والتقديم، وبها يحصل القرب عند الله والثواب منه وهي الملاك والمناط في الإصطفاء للنبوة والخلافة والإمامة وهي الصّفات المختصّة بأهل الإيمان، ولا حظّ لأهل الكفر بشيءٍ منها

وأمّا الاخوة النسبية، والأكبرية في السن، والأفصحية في اللّسان، وأمثالها - وإنْ كانت فضائل - فلا تقتضي التقدّم والتّرجيح، وليست المعيار في الإصطفاء للنبوة والإمامة

وإنّ هذا المطلب الذي ذكرناه من الوضوح بمكان وهو المتبادر من الأحاديث والأخبار الواردة في هذا الشأن وقد تعرّض له والد ( الدهلوي ) وشرحه، وأقام عليه الدليل والبرهان في كتابه ( ازالة الخفا ) فراجعه(١) .

وهذا الموضع أيضاً من المواضع التي خالف فيها ( الدهلوي ) أباه

على ضوء ما قاله علماء الأدب في أحكام الإستثناء

(٦) وإنّه يندفع التمسّك بانتفاء الأخوة والأكبرية والأفصحية لإثبات انقطاع الإستثناء في الحديث الشريف بما قرّره المحقّقون من النحاة وعلماء البلاغة والاصول من أحكام الإستثناء ونحن نستشهد هنا ببعض الكلمات، ونبيّن وجه اندفاع تلك التمسّكات:

قال ابن الحاجب بشرح قول الزمخشري: « وإذا قلت: ما مررت بأحدٍ إلّا

____________________

(١). إزالة الخفا - المقصد الأول من المسلك الأول، مبحث حديث المنزلة.

٣٣٩

زيد خير منه. فكان ما بعد إلّاجملة ابتدائية واقعة صفة لأحد، وإلاّ لغو في اللفظ، معطية في المعنى فائدتها، جاعلة زيداً خيراً من جميع من مررت بهم » قال:

« هذا راجع إلى الإستثناء المفرّغ باعتبار الصفات، لأنّ التفريغ في الصفات وغيرها. قال الله تعالى:( وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ ) (١) وحكم الجملة والمفرد واحد في الصحّة، فعلى هذا تقول: ما جاء في أحد إلاّقائم. وما جاء في أحد إلاّ أبوه قائم. وكل ذلك مستقيم.

فإن قيل: معنى الإستثناء المفرّغ نفي الحكم عن كل ما عدا المستثنى. وهذا لا يستقيم في الصفة في: ما جاءنى أحد إلاّراكب. إذ لم تنف جميع الصفات حتى لا يكون عالماً ولا حيّاً مما لا يستقيم أن ينفكّ عنه.

فالجواب من وجهين: أحدهما: إن الصفات لا ينتفي منها إلّاما يمكن انتفاؤه ممّا يضادّ المثبت، لأنه قد علم أن جميع الصفات لا يصح انتفاؤها، وإنما الغرض نفي ما يضاد المذكور بعد إلّا. ولمـّا كان ذلك معلوماً اغتفر استعماله بلفظ النفي والإثبات المفيد للحصر. الثاني: أنْ يقال: إنّ هذا الكلام يرد جواباً لمن ينفي تلك الصفة، فيجاب على قصد المبالغة والردّ جواباً لمن يناقض ما قاله، لغرض إظهار إثبات تلك الصفة ووضوحها وإظهارها دون غيرها »(١) .

أقول:

ونحن نقول في هذا المقام - كما قال ابن الحاجب في الجواب الأول - إن الغرض من إثبات عموم المنزلة إثبات المنازل الممكن إثباتها، ولمـّا كان معلوماً عدم إمكان إثبات الأفصحية والأكبرية والاُخوة النسبية، لم يضر خروج هذه

____________________

(١). شرح المفصّل، فصل المنصوب على الاستثناء من مباحث المنصوبات.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418