نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار14%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 418

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216952 / تحميل: 8743
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

سند

حديث المنزلة

٢١

٢٢

أقول:

إنّ حديث المنزلة من أهم مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومن الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على خلافته وإمامته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلافصل.

وهو حديث في غاية الصحة والثبوت، مشهور مستفيض، بل متواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولقد أخرجه البخاري ومسلم اللّذان طالما سعيا وراء إخفاء مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام وفضائله السّامية، ومن المعلوم أنّ إخراج الواحد منهما كافٍ في الإلزام بصحّة الحديث، فكيف إذا اتّفقا على إخراجه؟

فكيف إذا وافقهما على ذلك سائر جهابذة المحدّثين فأخرجوه في صحاحهم ومسانيدهم ومجاميعهم؟ فكيف إذا نصّ المحقّقون منهم على صحّته ونفوا عنه الريب؟ فكيف إذا صرّح المنقّدون منهم بكثرة طرقه؟ فكيف إذا اعترف أعلامهم بتواتره؟

ونحن نذكر أوّلاً طرق الحديث، ثم نعقّبها بذكر كلمات القوم في صحته وكثرة طرقه وتواتره، فنقول:

أشهر مشاهير رواة حديث المنزلة

لقد روى حديث المنزلة أكثر مشاهير أئمة أهل السنّة في مختلف العلوم، عبر القرون المختلفة، وهذه أسماء أشهرهم:

٢٣

١ - محمد بن إسحاق صاحب السيرة، المتوفّى سنة ١٥١.

٢ - أبو داود سليمان بن داود الطّيالسي، المتوفّى سنة ٢٠٤.

٣ - محمد بن سعد صاحب الطبقات الكبرى، المتوفّى سنة ٢٣٠.

٤ - أبوبكر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة العبسي، المتوفّى سنة ٢٣٥.

٥ - أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، المتوفّى سنة ٢٤١.

٦ - محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح، المتوفّى سنة ٢٥٦.

٧ - أبو علي الحسن بن عرفة العبدي، المتوفّى سنة ٢٥٧.

٨ - مسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب الصحيح، المتوفّى سنة ٢٦١.

٩ - محمد بن يزيد بن ماجة القزويني صاحب السنن، المتوفّى سنة ٢٧٣.

١٠ - أبو حاتم محمد بن حبان البستي، المتوفّى سنة ٣٥٤.

١١ - محمد بن عيسى الترمذي صاحب الصحيح، المتوفّى سنة ٢٧٩.

١٢ - أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب، المتوفّى سنة ٢٧٩.

١٣ - عبدالله بن أحمد بن حنبل، المتوفّى سنة ٢٩١.

١٤ - أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البزار، المتوفّى سنة ٢٩٢.

١٥ - أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن، المتوفّى سنة ٣٠٣.

١٦ - أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، المتوفّى سنة ٣٠٧.

١٧ - محمد بن جرير الطبري، المتوفّى سنة ٣١٠.

١٨ - أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني، المتوفّى سنة ٣١٦.

١٩ - أبو الشيخ الإصبهاني عبدالله بن جعفر المتوفّى سنة ٣٦٩.

٢٠ - أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، المتوفّى سنة ٣٦٠.

٢١ - محمد بن عبدالرحمن المخلّص الذهبي، المتوفّى سنة ٣٩٣.

٢٢ - أبوبكر محمد بن جعفر المطيري، المتوفّى سنة ٣٣٥.

٢٤

٢٣ - أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي، المتوفّى سنة ٣٧٦.

٢٤ - الحسن بن بدر.

٢٥ - أبو عبدالله الحاكم محمد بن عبدالله النيسابوري صاحب المستدرك، المتوفّى سنة ٤٠٥.

٢٦ - أبو سعد عبدالملك بن محمد الخرگوشي، المتوفّى سنة ٤٠٧.

٢٧ - أبوبكر أحمد بن عبدالرحمن الشيرازي صاحب كتاب الألقاب، المتوفّى سنة ٤٠٧.

٢٨ - أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصفهاني، المتوفّى سنة ٤١٠.

٢٩ - أبو نعيم أحمد بن عبدالله الإصفهاني، المتوفّى سنة ٤٣٠.

٣٠ - إسماعيل بن علي الرازي المعروف بابن السمّان، المتوفّى سنة ٤٤٥.

٣١ - أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، المتوفّى سنة ٤٤٧.

٣٢ - أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، المتوفّى سنة ٤٦٣.

٣٣ - أبو عمر يوسف بن عبدالله المعروف بابن عبدالبر، المتوفّى سنة ٤٦٣.

٣٤ - أبو الحسن علي بن محمد الجلّابي المعروف بابن المغازلي، المتوفّى سنة ٤٨٣.

٣٥ - شيرويه بن شهردار الديلمي، المتوفّى سنة ٥٠٩.

٣٦ - حسين بن مسعود الفراء البغوي الملقب بمحيي السنة، المتوفّى سنة ٥١٦.

٣٧ - رزين بن معاوية العبدري، المتوفّى سنة ٥٣٥.

٢٥

٣٨ - أبومحمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي.

٣٩ - عمربن محمد بن خضر الأردبيلي المعروف بالملّا.

٤٠ - أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر، المتوفّى سنة ٥٧٣.

٤١ - أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الإصبهاني، المتوفّى سنة ٥٧٦.

٤٢ - أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي الشهير بأخطب خوارزم، المتوفّى سنة ٥٦٨.

٤٣ - سعد الدين أبو حامد محمود بن محمد الصالحاني، المتوفّى سنة ٦١٢.

٤٤ - محمد بن عمر الفخر الرازي، المتوفّى سنة ٦٠٦.

٤٥ - أبو السعادات المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير، المتوفّى سنة ٦٠٦.

٤٦ - أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن الأثير، المتوفّى سنة ٦٣٠.

٤٧ - أبو الربيع سليمان بن سالم البلنسي، المتوفّى سنة ٦٣٤.

٤٨ - محمد بن محمود محب الدين ابن النجار، المتوفّى سنة ٦٤٢.

٤٩ - كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة القرشي، المتوفّى سنة ٦٥٢.

٥٠ - أبو المظفر يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي، المتوفّى سنة ٦٥٤.

٥١ - أبو عبدالله محمد بن يوسف الكنجي، المتوفّى سنة ٦٥٨.

٥٢ - يحيى بن شرف النووي، المتوفّى سنة ٦٧٦.

٥٣ - أبو العباس محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري، المتوفّى سنة ٦٩٤.

٥٤ - إبراهيم بن عبدالله الوصّابي صاحب الاكتفاء في مناقب الخلفاء.

٢٦

٥٥ - صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد الحمويني، المتوفّى سنة ٧٢٢.

٥٦ - أبو الفتح محمد بن محمد المعروف بابن سيد الناس صاحب السيرة النبوية الشهيرة، المتوفّى سنة ٤٣٤.

٥٧ - شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيّم الجوزية، المتوفّى سنة ٧٥١.

٥٨ - عبدالله بن أسعد اليمني اليافعي، المتوفّى سنة ٧٦٨.

٥٩ - إسماعيل بن عمر الدمشقي المعروف بابن كثير، المتوفّى سنة ٧٧٤.

٦٠ - أحمد بن محمد الملقب بعلاء الدولة السمناني، المتوفّى سنة ٧٤٠ تقريباً.

٦١ - ولي الدين محمد بن عبدالله الخطيب التبريزي صاحب المشكاة.

٦٢ - جمال الدين يوسف بن عبدالرحمن المزي، المتوفّى سنة ٧٤٢.

٦٣ - محمد بن يوسف الزرندي، المتوفّى سنة ٧٥٣ تقريباً.

٦٤ - السيد علي الهمداني، المتوفّى سنة ٨٧٦.

٦٥ - محمد بن محمد الحلبي المعروف بابن الشحنة، المتوفّى سنة ٨١٥.

٦٦ - زين الدين أحمد بن عبدالرحيم العراقي، المتوفّى سنة ٨٢٦.

٦٧ - ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي الهندي، المتوفّى سنة ٨٤٩.

٦٨ - أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، المتوفّى سنة ٨٥٢.

٦٩ - نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصبّاغ المالكي، المتوفّى سنة ٨٥٥.

٧٠ - جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفّى سنة ٩١١.

٢٧

٧١ - حسين بن محمد الدياربكري، المتوفّى سنة ٩٦٦.

٧٢ - أحمد بن محمد المعروف بابن حجر المكي، المتوفّى سنة ٩٧٣.

٧٣ - علي بن حسام الدين المتقي، المتوفّى سنة ٩٧٥.

٧٤ - شهاب الدين أحمد صاحب توضيح الدلائل.

٧٥ - عطاء الله بن فضل الله الشيرازي المعروف بجمال الدين المحدث، المتوفّى سنة ١٠٠٠.

٧٦ - محمد عبدالرؤف بن تاج الدين المناوي، المتوفّى سنة ١٠٣١.

٧٧ - شيخ بن عبدالله العيدروس، المتوفّى سنة ١٠٤١.

٧٨ - أحمد بن الفضل بن باكثير المكي، المتوفّى سنة ١٠٣٧.

٧٩ - محمد بن صفي الدين جعفر الملقب بمحبوب عالم.

٨٠ - محمد بن معتمد خان البدخشاني.

٨١ - محمد صدر العالم صاحب معارج العلى.

٨٢ - ولي الله أحمد بن عبدالرحيم الدهلوي، المتوفّى سنة ١١٧٦.

٨٣ - أحمد بن عبدالقادر العجيلي، المتوفّى سنة ١١٨٢.

٨٤ - رشيد الدين الدهلوي، تلميذ صاحب التحفة.

٨٥ - المولوي محمد مبين بن محب الله الكهنوي.

٨٦ - المولوي ولي الله بن حبيب الله الكهنوي، المتوفّى سنة ١٢٧٠.

٨٧ - أحمد بن زيني دحلان، المتوفّى سنة ١٣٠٤.

٨٨ - السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي، كان حيّاً سنة ١٣٢٢.

وإليك نصوص رواياتهم بالأسانيد:

٢٨

(١)

رواية محمّد بن إسحاق

أما رواية محمد بن إسحاق، فقد ذكرها ابن هشام في ( سيرته ) التي هي تلخيص سيرة ابن إسحاق، وهذه عبارته:

« قال ابن إسحاق: وضرب عبدالله بن أبي على حدة عسكره أسفل منه نحو ذباب، وكان - فيما يزعمون - ليس بأقل العسكرين. فلمـّا سار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تخلّف عنه عبدالله بن أبي فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الريب.

وخلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه على أهله، وأمره بالإقامة فيهم. فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلّفه إلّا استثقالاً له وتخفّفاً منه. فلمـّا قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه سلاحه، ثم خرج حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو نازل بالجرف فقال: يا نبيّ الله، زعم المنافقون أنك إنما خلّفتني أنك استثقلتني وتخفّفت منّي. فقال:

كذبوا، ولكنّي خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي؟

فرجع علي إلى المدينة، ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على سفره.

قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن إبراهيم ابن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد، أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

٢٩

يقول لعلي هذه المقالة.

قال ابن إسحاق: ثم رجع علي إلى المدينة، ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على سفره »(١) .

(٢)

رواية أبي داود الطيالسي

وأما رواية أبي داود الطّيا لسي، فهي عن سعد بن أبي وقاص، قال الحافظ ابن كثير: « ورواه أبو داود الطيالسي عن شعبة، عن عاصم، عن مصعب، عن أبيه ».

وروى الشيخ إبراهيم الوصابي الحديث: « عن سعد بن مالكرضي‌الله‌عنه قال: خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصّبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي » فقال:

« أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، والترمذي في جامعه، وابن ماجة في سننه، وأبو داود الطيالسي في مسنده، وأبو نعيم في فضائل الصّحابة »(٢) .

____________________

(١). السيرة النبوية لابن هشام ٥ / ١٩٩ - ٢٠٠.

(٢). تاريخ ابن كثير ٥ / ٧ وسيأتي. الاكتفاء في فضائل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

٣٠

(٣)

رواية ابن سعد

وأمّا رواية محمد بن سعد فهي في ( طبقاته ) حيث قال:

« ذكر قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

قال قال محمد بن عمر: وكان علي ممّن ثبت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم اُحد، حين انهزم الناس، وبايعه على الموت، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية إلى بني سعد بفدك في مائة رجل، وكانت معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة، وبعثه سريّة إلى الفلس إلى طي، وبعثه إلى اليمن.

ولم يتخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة غزاها إلّا غزوة تبوك، خلّفه في أهله(١) :

أخبرنا الفضل بن دكين، نافضيل بن مرزوق، عن عطيّة، حدثني أبو سعيد قال: غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غزوة تبوك، وخلّف علياً في أهله، فقال بعض الناس: ما منعه أن يخرج به إلّا أنه كره صحبته، فبلغ ذلك عليّاً، فذكره للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: أيا ابن أبي طالب، أما ترضى أن تنزل مني بمنزلة هارون من موسى(٢) .

أخبرنا الفضل بن دكين، نافطر بن خليفة، عن عبدالله بن شريك قال: سمعت عبدالله بن رقيم الكناني قال: قدمنا المدينة فلقينا سعد بن مالك فقال:

____________________

(١). الطبقات الكبرى ٣ / ٢٣.

(٢). الطبقات الكبرى ٣ / ٢٣.

٣١

خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك وخلّف علياً، فقال له: يا رسول الله خرجت وخلّفتني؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي(١) .

أخبرنا عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، أنا علي بن زيد، عن سعيد ابن المسيب قال قلت لسعد بن مالك: إني أريد أنْ أسألك عن حديث وأنا أهابك أن أسألك عنه، قال: لا تفعل يا ابن أخي، إذا علمت أن عندي علماً فسلني عنه ولا تهبني. فقلت: قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي حين خلّفه بالمدينة في غزوة تبوك قال: أتخلّفني في الخالفة في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ فأدبر علي مسرعاً كأني أنظر إلى غبار قدميه يسطع، وقد قال حماد: فرجع علي مسرعاً(٢) .

أخبرنا روح بن عبادة، ناعوف، عن ميمون، عن البراء بن عازب وزيد ابن أرقم قالا: لمـّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب: إنّه لابدّ من أن اقيم أو تقيم، فخلّفه، فلمـّا فصل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غازياً قال ناس: ما خلّفه رسول الله إلّا لشيء كرهه منه. فبلغ ذلك علياً، فأتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى انتهى إليه. فقال له: ما جاء بك يا علي؟ قال: لا يا رسول الله، إلّا أني سمعت ناساً يزعمون أنك إنما خلّفتني لشيء كرهته مني. فتضاحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: يا علي، أما ترضى أنْ تكون منّي كهارون من موسى غير أنّك لست بنبي؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: فإنه كذلك»(٣) .

____________________

(١). الطبقات الكبرى ٣ / ٢٤.

(٢). الطبقات الكبرى ٣ / ٢٤.

(٣). الطبقات الكبرى ٣ / ٢٤.

٣٢

(٤)

رواية ابن أبي شيبة

وأمّا رواية أبي بكر ابن أبي شيبة فهذا نصّها:

« حدّثنا غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟

فقال: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي.

حدّثنا غندر، عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت إبراهيم بن سعد، عن سعد، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى.

حدّثنا عبدالله بن نمير، عن موسى الجهني قال: حدّثتني فاطمة ابنة علي قالت: حدّثتني أسماء ابنة عميس قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى الّا أنه ليس نبي بعدي.

حدّثنا وكيع، عن فضيل بن مرزوق، عن زيد بن أرقم: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي.

حدّثنا أبو معاوية، عن موسى بن مسلم، عن عبدالرحمن بن سابط، عن سعد، قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فأتاه سعد، فذكروا علياً، فنال منه معاوية، فغضب سعد، فقال: تقول هذا لرجلٍ سمعت رسول الله يقول له ثلاث خصال، لأنْ تكون لي خصلة منها أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها، سمعت رسول الله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. وسمعت النبي يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. وسمعت رسول الله يقول: لاُعطين الراية

٣٣

رجلاً يحب الله ورسوله »(١) .

(٥)

رواية أحمد بن حنبل

وأما رواية أحمد بن حنبل فهي في ( المسند ) وفي ( المناقب ) وإليك نصوص رواياته:

« نا يحيى بن سعيد، عن موسى الجهني قال: دخلت على فاطمة ابنة علي فقال لها رفيقي أبو مهدي: كم لك؟ قالت ستة وثمانون سنة. قال: ما سمعت من أبيك شيئاً؟ قالت: حدثتني أسماء بنت عميس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه ليس نبي بعدي »(٢) .

« حدثني وكيع قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي»(٣) .

« حدثنا سفيان بن عيينة، عن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن سعد: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى. قيل لسفيان: غير أنّه لا نبي بعدي؟ قال: نعم»(٤) .

« حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك. قال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ قال: أما

____________________

(١). الكتاب المصنف ٧ / ٣٩٦ رقم ٣٢٠٦٥ - ٣٢٠٦٩.

(٢). مسند أحمد ٧ / ٥١٣ رقم ٢٦٥٤١.

(٣). مسند أحمد ٣ / ٤١٧ رقم ١٠٨٧٩ – الطبعة الجديدة.

(٤). مسند أحمد ١ / ٢٩٢ رقم ١٥٥٠ – الطبعة الجديدة.

٣٤

ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي »(١) .

« أخبرنا محمد بن جعفر قال: أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم يحدّث عن سعد، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: ألا ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى »(٢) .

« حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا سليمان بن بلال قال: حدّثنا جعيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها سعد: إن علياً خرج مع النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى جاء ثنيّة الوداع وعلي يبكي ويقول: تخلّفني مع الخوالف؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة »(٣) .

« حدثني يحيى بن سعيد، عن موسى الجهني قال: دخلت على فاطمة فقال رفيقي أبو مهدي: كم لك؟ فقالت: ست وثمانون سنة. قال: ما سمعت من أبيك شيئاً؟ قالت: حدثتني أسماء بنت عميس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه ليس بعدي نبي »(٤) .

« وفيما كتب إلينا محمد بن عبدالله يذكر أنّ يزيد بن مهران حدّثهم قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأجلح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن السمّان، عن سعيد بن زيد قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى »(٥) .

____________________

(١). مسند أحمد ١ / ٢٩٨ رقم ١٥٨٧ - الطبعة الجديدة.

(٢). مسند أحمد ١ / ٢٨٤ رقم ١٥٠٨ - الطبعة الجديدة.

(٣). فضائل علي لأحمد - مخطوط.

(٤). فضائل علي لأحمد - مخطوط.

(٥). فضائل علي لأحمد - مخطوط.

٣٥

(٦)

رواية البخاري

وأخرجه البخاري في ( صحيحه ) حيث قال: « حدّثنا محمد بن بشار، ثنا غندر، ثنا شعبة، عن سعد قال: سمعت إبراهيم بن سعد، عن أبيه قال قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ».

وقال: « حدثنا مسدد، قال حدثنا يحيى، عن شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى تبوك فاستخلف عليّاً فقال: أتخلّفني في الصّبيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه ليس بعدي نبي.

وقال أبو داود: حدثنا شعبة عن الحكم قال: سمعت مصعباً »(١) .

(٧)

رواية ابن عرفة

وأمّا رواية ابن عرفة، فهي كما في ( تاريخ ابن كثير ) حيث قال: « قال الحسن بن عرفة العبدي: ثنا محمد بن حازم أبو معاوية الضرير، عن موسى بن مسلم الشيباني، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعد بن أبي وقاص قال:

قدم معاوية في بعض حِجّاته، فدخل عليه سعد، فذكروا عليّاً، فقال سعد: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول له ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها، سمعته يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه. وسمعته يقول: لأعطينَّ الرّاية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه ورسوله.

____________________

(١). صحيح البخاري ٥ / ٢٤ باب غزوة تبوك من كتاب المغازي.

٣٦

وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي.

لم يخرجوه، وإسناده حسن »(١) .

(٨)

رواية مسلم بن الحجّاج

وأخرجه مسلم في ( صحيحه ) بقوله: « حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو جعفر محمد بن الصباح وعبيد الله القواريري وسريح بن يونس، كلّهم عن يوسف بن الماجشون - واللفظ لابن الصباح - قال: نا يوسف أبو سلمة الماجشون، قال: ثنا محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي.

قال سعيد: فأحببت أنْ أشافه بها سعداً، فلقيت سعداً فحدّثته بما حدثني به عامر. فقال: أنا سمعته. قلت: أنت سمعته؟ قال: فوضع إصبعيه على أذنيه فقال: نعم وإلّا فأستكّتا(٢) .

حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال: نا غندر، عن شعبة.

ح وحدّثنا محمد بن مثنى وابن بشار قالا: نا محمد بن جعفر قال: نا شعبة: عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طاب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصّبيان؟ فقال: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

____________________

(١). البداية والنهاية ٧ / ٢٧١.

(٢). صحيح المسلم ٤ / ٣٠ رقم ١٨٧٠.

٣٧

حدّثناه عبيد الله بن معاذ قال نا أبي قال نا شعبة في هذا الإسناد(٢) .

حدّثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد - وتقاربا في اللفظ - قالا: نا حاتم - وهو ابن إسماعيل - عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أنْ تسبّ أبا التراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلنْ أسبّه. لأن تكون لي واحدة منهنَّ أحبّ إليّ من حمر النعم:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول له - زياده خلّفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينَّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. قال: فتطاولنا لها. فقال: أدعوا لي علياً، فاُتي به أرمد، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه.

ولمـّا نزلت هذه الآية:( نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) (١) دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: أللّهم هؤلاء أهلي.

حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا غندر، عن شعبة.

ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة: عن سعد بن إبراهيم، قال سمعت إبراهيم بن سعد، عن سعد، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لعلي: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى »(٢) .

____________________

(١). صحيح مسلم ٤ / ٣١ رقم ١٨٧٠.

(٢). صحيح مسلم ٤ / ٣٢ رقم ١٨٧١.

٣٨

(٩)

رواية ابن ماجة

وابن ماجة في ( سننه ) بقوله: « حدّثنا علي بن محمد، ثنا أبو معاوية، ثنا موسى بن مسلم، عن ابن سابط - وهو عبد الرحمن - عن سعد بن أبي وقاص قال:

قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل عليه سعد فذكروا علياً فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجلٍ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: من كنت مولاه فعليٌ مولاه. وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. وسمعته يقول: لأعطينّ الراية اليوم رجلاً يحبّ الله ورسوله »(٣) .

(١٠)

رواية أبي حاتم ابن حبّان

وأما رواية أبي حاتم محمد بن حبان، فقد أخرج في ( صحيحه ): « أخبرنا أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا يوسف بن الماجشون، حدثنا محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن سعد: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى قال: فأحببت أن أسأله سعداً، فقلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله؟ قال: نعم ».

أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: خلّف

____________________

(١). سنن ابن ماجة ١ / ٤٥ رقم ١٢١.

٣٩

رسول الله علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي »(١) .

هذا، وسنذكر روايته فيما بعد أيضاً.

وفي ( الرياض النضرة ): « عنه ( أي عن سعد ) قال: خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً في غزوة تبوك. فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان؟ قال: أما ترضى بأنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي؟

خرجه أحمد ومسلم وأبو حاتم.

وفي رواية: غير أنه ليس معي نبي. خرجها ابن الجرّاح »(٢) .

(١١)

رواية التّرمذي

ورواه الترمذي في ( صحيحه ) حيث قال: « حدثنا القاسم بن دينار الكوفي، نا أبو نعيم، عن عبد السلام بن حرب، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى.

هذا حديث صحيح، قد روي من غير وجه عن سعد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. ويستغرب هذا الحديث من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري »(٣) .

____________________

(١). الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٦ / ٢٦٨ رقم ٦٩٣٥ - ٦٩٣٦.

(٢). الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة ٣ / ١١٧.

(٣). صحيح الترمذي ٥ / ٦٤١ رقم ٣٧٣١.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وفي لفظ : ( إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففي كلّ أربعين بنت لبون ، وفي كلّ خمسين حقه )(١) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون »(٢) .

ولأنّ سائر ما جعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غايةً للفرض إذا زاد عليه واحدة تغيّر الفرض.

وقال أحمد - في الرواية الاُخرى - وأبو عبيد : لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ مائة وثلاثين فيكون فيها حقّة وبنتا لبون ، لأنّ الفرض لا يتغيّر بزيادة الواحدة كسائر الفروض ، ولو سلّم فكذا هنا ، لأنّ الواحدة إنّما ( تغيّر )(٣) بها مع ما قبلها فأشبهت الواحدة الزائدة على الستين ( والتسعين )(٤) (٥) .

وقال مالك في الرواية الاُخرى : إذا زادت تغيّر الفرض إلى تخيير الساعي بين الحِقّتين وثلاث بنات لبون(٦) .

وقال ابن مسعود والنخعي والثوري وأبو حنيفة : إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة في كلّ خمسٍ شاةٌ إلى مائة وأربعين ففيها‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ١١٥ / ٣.

(٢) الكافي ٣ : ٥٣١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩.

(٣) أي : تغيّر الفرض. وورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : يعتبر. وفي الطبعة الحجرية : يعتد. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير. لاحظ : المصادر في الهامش (٥) الآتي.

(٤) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية والطبعة الحجرية : السبعين. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير. لاحظ : الهامش التالي.

(٥) المغني ٢ : ٤٤٥ - ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٧ ، والمجموع ٥ : ٤٠٠ ، وفتح العزيز ٥ : ٣٢٠.

(٦) التفريع ١ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦.

٦١

حقّتان وأربع شياه إلى خمس وأربعين ومائة ، فيكون فيها حقّتان وبنت مخاض إلى مائة وخمسين ، ففيها ثلاث حقاق ، ثم تستأنف الفريضة أيضاً بالغنم ، ثم بنت مخاض ، ثم بنت لبون ، ثم حقّة ، فيكون في كلّ خمسٍ شاةٌ إلى مائة وسبعين ، فيكون فيها ثلاث حقاق وأربع شياه ، فإذا بلغت خمساً وسبعين ففيها ثلاث حقاق وبنت مخاض إلى مائة وخمس وثمانين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون إلى مائة وخمس وتسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع حقاق إلى مائتين ، ثم يعمل في كلّ خمسين ما عمل في الخمسين التي بعد مائة وخمسين إلى أن ينتهي إلى الحقاق ، فإذا انتهى إليها انتقل إلى الغنم ، ثم بنت مخاض ، ثم بنت لبون ، ثمّ حقّة ، وعلى هذا أبداً(١) .

لما روي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كتب لعمرو بن حزم كتاباً ذكر فيه الصدقات والديات وغيرها ، فذكر فيه : ( إن الإِبل إذا زادت على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة في كلّ خمسٍ شاةٌ ، وفي عشر شاتان )(٢) .

وقد روي عن عمرو بن حزم(٣) مثل قولنا وإذا اختلفت روايته سقطت ، أو تزاد إذا زادت في أثناء الحول ، فإنّ الزيادة لها حكم نفسها ، أو نقول : استؤنفت بمعنى استقرّت على هذين الشيئين.

وقوله : ( في كلّ خمس شاة ) يحتمل أن يكون تفسير الراوي على ظنّه.

ولأنّ ما قلناه موافق للقياس ، فإن الجنس إذا وجب فيه من جنسه لا يجب فيه من غير جنسه ، وإنّما جاز ذلك في الابتداء ، لأنّه لم يحتمل أن يجب فيه‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٧ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٥١ ، اللباب ١ : ١٣٩ - ١٤٠ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦.

(٢) المراسيل - لأبي داود - : ١١١ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٤ بتفاوت.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ٨٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٣٩٦.

٦٢

من جنسه وقد زال هذا المعنى.

وروى الجمهور عن عليعليه‌السلام وعبد الله مثل قول أبي حنيفة(١) ولم يثبت عنهما.

وقال ابن جرير : هو مخيّر بين مذهب الشافعي وأبي حنيفة(٢) .

مسألة ٣٨ : لو كانت الزيادة على عشرين ومائة بجزء من بعير لم يتغيّر به الفرض‌ إجماعاً ، لأنّ الأحاديث تضمّنت اعتبار الواحدة ، ولأنّ الأوقاص كلّها لا يتغيّر فرضها بالجزء كذا هنا.

وقال أبو سعيد الإِصطخري : يتغيّر الفرض به ، لأنّ الزيادة مطلقة عامّة(٣) . وما ذكرناه أخص.

مسألة ٣٩ : إذا اجتمع في نصابٍ الفريضتان كمائتين وكاربعمائة تخيّر المالك‌ بين إخراج الحقاق وبنات اللبون عند علمائنا ، وبه قال أحمد في إحدى الروايتين(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتاب الصدقات : ( فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أيّ السنين وجدت أخذت )(٥) .

ولأنّه قد اجتمع عددان كلّ واحد منهما سبب في إيجاب ما تعلّق به الفرض ، والجمع باطل ، وتخصيص أحدهما ترجيح من غير مرجِّح فوجب التخيير.

____________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٢٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٢.

(٢) المجموع ٥ : ٤٠٠ - ٤٠١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧.

(٣) المهذّب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٩٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧.

(٤) المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٩.

(٥) المستدرك - للحاكم - ١ : ٣٩٣ - ٣٩٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ - ٩٩ / ١٥٧٠ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩١.

٦٣

وقال الشافعي في القديم : تجب الحقاق لا غير ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد في رواية(١) ، لأنّ الفرض يتغيّر بالسنّ في فرائض الإِبل أكثر من تغيّره بالعدد ، فإنّ في مائة وستين أربع بنات لبون ، ثمّ كلّما زاد عشراً زاد سنّاً فيكون في مائة وتسعين ثلاث حقاق.

وليس بشي‌ء ، لأنّ كلّ عدد تغيّر الفرض فيه بالسنّ فإنّما تغيّر لقصوره عن إيجاب عدد الفرض.

فروع :

أ - الخيار إلى المالك عندنا ، وبه قال أحمد في رواية(٢) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمعاذ : « إيّاك وكرائم أموالهم »(٣) .

ولأنّها زكاة ثبت فيها الخيار فكان ذلك لربّ المال ، كالخيار في الجبران بين شاتين أو عشرين درهماً وبين النزول والصعود وتعيين المخرج.

وقال الشافعي في الجديد : يتخيّر الساعي فيأخذ أحظّهما للفقراء ، فإن أخرج المالك لزمه أعلى الفرضين(٤) ، لقوله تعالى( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (٥) .

ولأنّه وجد سبب الفرضين فكانت الخيرة إلى مستحقّه أو نائبه كقتل العمد الموجب للقصاص أو الدية.

ولا دلالة في الآية ، لأنّه إنّما يأخذ الفرض بصفة المال فيأخذ من الكرائم‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤١١ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٤٧ ، المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٩ - ٤٩٠.

(٢) المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٠.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٥٠ / ٢٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ / ١٥٨٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١ / ٦٢٥ ، مسند أحمد ١ : ٢٣٣ ، ومصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٢٦.

(٤) المغني ٢ : ٤٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٠‌

(٥) البقرة : ٢٦٧.

٦٤

مثلها ، والأدنى ليس بخبيث ، ولهذا لو لم يوجد إلّا سببه وجب إخراجه ، ونمنع الأصل ، ويبطل بشاة الجبران ، وقياس الزكاة على الزكاة أولى من قياسها على الدية.

ب - التخيير إذا وجد الفرضان عنده ، فإن وجد أحدهما احتمل تعيّن الفرض فيه ، لعدم الآخر ، وهو قول الشافعي(١) بناءً على التخيير ، وتخيير المالك في إخراجه وشراء الآخر ، لأنّ الزكاة لا تجب في العين ، وهو قول بعض الجمهور(٢) ، وهو أقوى.

ولو عدمهما تخيّر في شراء أيّهما كان ، لاستقلال كلّ منهما بالإِبراء ، ولأنّه إذا اشترى أحدهما تعيّن الفرض فيه ، لعدم الآخر ، وبه قال الشافعي(٣) .

ج - لو أراد إخراج الفرض من النوعين ، فإن لم يحتج إلى تشقيص جاز مثل أن يخرج عن أربعمائة أربع حقاق وخمس بنات لبون ، وبه قال أكثر الشافعية(٤) .

وقال أبو سعيد الإِصطخري : لا يجوز ، لما فيه من تفريق الفريضة(٥) .

وهو غلط لأنّ كلّ واحدة من المائتين منفردة بفرضها.

وإن احتاج بأن يخرج عن المائتين حِقّتين وبنتي لبون ونصف جاز بالقيمة لا بدونها ، لعدم ورود الشرع بالتشقيص إلّا من حاجة ، ولهذا جعل لها أوقاصاً دفعاً للتشقيص عن الواجب فيها ، وعدل فيما نقص عن ستّ وعشرين من الإِبل عن إيجاب الإِبل إلى إيجاب الغنم ، فلا يصار إليه مع إمكان العدول عنه إلى إيجاب فريضة كاملة ، أمّا بالقيمة فيجوز ، لتسويغ إخراجها.

____________________

(١) الاُم ٢ : ٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤١١.

(٢) قال به ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٤٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٩١.

(٣) المجموع ٥ : ٤١١ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٢.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٤٩.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٤٩.

٦٥

د - لو أخذ الساعي الأدنى جاز ، ولا يخرج ربّ المال الفضل وجوباً ، لما بيّنا من تخيير المالك.

وقال الشافعي : يخرج الفضل وجوباً - في أحد الوجهين - لأنّه أخرج دون الواجب فكان عليه الإِكمال ، وفي الآخر : مستحب(١) ، كما بيّنّاه.

فعلى الأول لو كان يسيراً لا يمكن شراء جزء حيوان به أخرجه دراهم ، وإن أمكن فوجهان(٢) : الشراء ، لعدم جواز إخراج القيمة عنده ، وإخراج الدراهم ، لمشقّة شراء الجزء وإخراجه وعدم النص فيه ، بخلاف الكلّ.

وقال بعض الشافعية : إن كان المأخوذ باقياً ردّه الساعي وأخذ الأعلى وإلّا ردّ قيمته وأخذ الأعلى(٣) .

وقال بعضهم : يخرج الفضل مع التلف(٤) .

مسألة ٤٠ : لو وجد أحد الفرضين ناقصاً والآخر كاملاً أخذ الكامل‌ ، مثل : أن يجد في المائتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق تعيّن أخذ الفريضة الكاملة ، لأنّ الجبران بدل يشترط له عدم المبدل ، نعم لو ساوت قيمته جاز.

ولو كانا ناقصين بأن كان فيه ثلاث حقاق وأربع بنات لبون تخيّر ، إن شاء أخرج بنات اللبون وحقّة وأخذ الجبران ، وإن شاء أخرج الحقاق وبنت اللبون مع الجبران.

ولو قال : خُذ منّي حقّة وثلاث بنات لبون مع الجبران لكلّ واحدة لم يجز إلّا على القيمة.

وللشافعي وجهان : المنع ، لأنّه يعدل عن الفرض مع وجوده إلى‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤١٢ - ٤١٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ٤٧ - ٤٨.

(٢ و ٣ ) فتح العزيز ٥ : ٣٥٤.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٤٨.

٦٦

الجبران ، والجواز ، لأنّه لا بدّ من الجبران ، فكما جاز مع واحدة جاز مع أكثر(١) .

ولو لم يجد إلّا حقّة وأربع بنات لبون أدّاها وأخذ الجبران ، وهل له دفع الحِقّة وثلاث مع الجبران؟ إشكال.

مسألة ٤١ : من وجب عليه سنّ وليست عنده ، وعنده أعلى بمرتبة‌ كان له دفعها واستعادة الجبر بينهما وهو شاتان أو عشرون درهما.

وإن كان عنده أدون بمرتبة دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهماً ، كمن وجب عليه بنت مخاض وعنده بنت لبون دفعها واستعاد ، وبالعكس يدفع بنت المخاض والجبران.

وكذا لو وجب عليه بنت لبون وعنده حقّة ، أو بالعكس ، أو وجب عليه حقّة وعنده جذعة ، أو بالعكس عند علمائنا أجمع ، وبه قال النخعي والشافعي وابن المنذر وأحمد(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( ومن بلغت عنده من الإِبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة فإنّها تقبل منه الحقّة ، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له ، أو عشرين درهماً ، ومن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده وعنده الجذعة فإنّها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدّق عشرين درهماً أو شاتين )(٣) وساق الحديث إلى باقي المراتب.

ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتابه الذي كتبه بخطّه لعامله على الصدقة : « من بلغت عنده من إبل الصدقة الجذعة وليست‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٤١٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٢.

(٢) المجموع ٥ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٣ : ٤٥ - ٤٦ ، المغني ٢ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٤.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٣ / ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٨٥.

٦٧

عنده وعنده حقّة فإنّها تقبل منه ، ويجعل معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت عنده صدقة الحقّة وليست عنده وعنده جذعة قبلت منه ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته الحقّة وليست عنده وعنده ابنة لبون قبلت منه ويعطي معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده حقّة قبلت منه ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت مخاض قبلت منه ، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون قبلت منه ويعطيه المصدّق شاتين أو عشرين درهماً »(١) .

وحكي عن الثوري وأبي عبيد وإسحاق في إحدى الروايتين ، أنهم قالوا : الجبران شاتان أو عشرة دراهم.

لأنّ عليّاًعليه‌السلام قال : « إذا أخذ الساعي في الإِبل سنّاً فوق سنّ أعطى شاتين أو عشرة دراهم»(٢) .

ولأنّ الشاة مقوَّمة في الشرع بخمسة دراهم ، لأنّ نصابها أربعون ونصاب الدراهم مائتان(٣) .

والحديث ضعيف السند عندهم ، ولا اعتبار بما ذكروه في النُصب ، فإنّ نصاب الإِبل خمسة ، والذهب عشرون ، وليس البعير مقوَّماً بأربعة.

وقال أصحاب الرأي : يدفع قيمة ما وجب عليه أو دون السنّ الواجبة وفضل ما بينهما دراهم احترازاً من ضرر المالك أو الفقراء(٤) .

وليس بمعتمد ، فإنّ التخريج لا يصار إليه مع وجود النصّ.

إذا ثبت هذا ، فإنّ ابن اللبون يجزئ عن بنت المخاض وإن كان قادراً

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٩ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧٣ ، والمقنعة : ٤١.

(٢) مصنّف عبد الرزاق ٤ : ٣٩ / ٦٩٠٢.

(٣) المغني ٢ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٤ ، المجموع ٥ : ٤١٠.

(٤) المغني ٢ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٠١.

٦٨

على شراء بنت المخاض ، ولا جبران إجماعاً.

لقولهعليه‌السلام : ( فإن لم تكن فيها بنت مخاض فابن لبون )(١) .

ومن طريق الخاصة قول عليعليه‌السلام : « ومن لم تكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنّه يقبل منه وليس معه شي‌ء »(٢) ولأنّ علوّ السنّ جبر نقص الذكورة.

ولو وجدهما لم يجزئ ابن اللبون وإن كانت بنت المخاض أعلى من صفة الواجب ، بل يخرجها أو يبتاع بنت مخاض مجزئة.

ولو كانت بنت المخاض مريضةً أجزأه ابن اللبون ، لأنّ المريضة غير مقبولة عن الصحاح فكانت كالمعدومة.

ولو عدمهما جاز أن يشتري مهما شاء ، وبه قال الشافعي(٣) ، لأنّه مع ابتياعه يكون له ابن لبون فيجزئه.

وقال مالك : يجب شراء بنت مخاض ، لأنّهما استويا في العدم فلا يجزئ ابن اللبون كما لو استويا في الوجود(٤) .

والفرق : وجود بنت المخاض هنا ، بخلاف العدم.

فروع :

أ - لو عدم السن الواجبة والتي تليها كمن وجبت عليه جذعة فعدمها وعدم الحقّة ووجد بنت لبون ، أو وجب عليه بنت مخاض فعدمها وعدم بنت اللبون ووجد الحقّة فالأقرب جواز الانتقال إلى الثالث مع الجبران فيخرج بنت اللبون عن الجذعة ، ويدفع معها أربع شياه أو أربعين درهماً ، ويخرج الحقّة عن بنت‌

____________________

(١) سنن الدارمي ١ : ٣٨٢.

(٢) الكافي ٣ : ٥٣٩ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧٣ ، والمقنعة : ٤١.

(٣) فتح العزيز ٥ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٣ : ٤٣.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٣ : ٤٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦١ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٨.

٦٩

المخاض ويستردّ أربع شياه أو أربعين درهماً - وهو اختيار الشيخ(١) والشافعي(٢) - لأنّه قد جوّز الانتقال إلى السنّ الذي يليه مع الجبران ، وجوّز العدول عن ذلك أيضاً إذا عدم مع الجبران إذا كان هو الفرض ، وهنا لو كان موجوداً أجزأ ، فإذا عدم جاز العدول إلى ما يليه مع الجبران.

ولأنّ الأوسط يجزئ بدله ، لتساويهما في المصالح المطلوبة شرعاً ، وإلّا لقبح قيامه مقامه ، ومساوي المساوي مساو.

وقال ابن المنذر : لا يجوز الانتقال إلّا بالقيمة ، لأنّ النصّ ورد بالعدول إلى سنّ واحدة فيجب الاقتصار عليه(٣) . وهو ممنوع.

ب - يجوز العدول عن الجذعة إلى بنت المخاض ، وبالعكس مع عدم الأسنان المتوسطة بينهما ، فيؤدّي مع دفع الناقصة ستّ شياه أو ستّين درهماً ، ويستردّ مع دفع الكاملة ستّ شياه أو ستّين درهماً.

ج - إذا وجد السنّ الذي يلي الواجب لم يجز العدول إلى سنّ لا يليه ؛ لأنّ الانتقال عن السنّ التي تليه إلى السنّ الاُخرى بدل فلا يجوز مع إمكان الأصل ، فلو عدم الحقّة وبنت اللبون ، ووجد الجذعة وبنت المخاض ، وكان الواجب الحقّة لم يجز العدول إلى بنت المخاض ، وإن كان الواجب بنت اللبون لم يجز إخراج الجذعة.

د - لو أراد في الجبر أن يعطي شاةً وعشرةً ، فالأقرب عندي الجواز ، لتساوي كلّ من الشاتين والعشرين.

ومنعه الشافعي ، لأنّه تبعيض للجبران فلا يجوز ، كما لا يجوز تبعيض الكفّارة(٤) .

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٤ ، النهاية : ١٨٠ - ١٨١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٣٦٦ - ٣٦٧ ، المغني ٢ : ٤٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٦.

(٣) المجموع ٥ : ٤٠٨ ، المغني ٢ : ٤٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٤٦.

(٤) المجموع ٥ : ٤٠٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٩.

٧٠

والفرق : جواز إخراج قيمة المنصوص هنا ، بخلاف ثمّ.

ويجوز أن يُخرج عن أربع شياه جبراناً شاتين وعشرين درهماً ، لأنّهما جبرانان فهما كالكفّارتين.

ه- لو أراد في فرض المائتين أن يخرج عن خمس بنات لبون خمس بنات مخاض ، أو عن أربع حقاق أربع جذعات جاز أن يخرج بعض الجبران دراهم وبعضه شياهاً.

و - لو عدم الفريضة ووجد ما يليها من الطرفين تخيّر في إخراج أيّهما شاء ، ويدفع مع الناقص ويستعيد مع الزائد ، فلو وجب عليه بنت لبون وعنده بنت مخاض وحقّة تخيّر ، والأقرب إخراج ما فيه الغبطة للمساكين.

ز - لا اعتبار بالقيمة السوقية هنا ، فلو زاد الجبران الشرعي أو نقص عن التفاوت السوقي لم يعتدّ به ، لأنّه ساقط في نظر الشرع.

والأقرب عندي أنّ ذلك مع التقارب أو الاشتباه ، أمّا مع علم التفاوت الكثير فإشكال ، لأدائه إلى عدم الإِخراج بأن تكون بنت اللبون التي يدفعها عوضاً عن بنت المخاض تساوي شاتين أو عشرين درهما.

ح - الأقرب إجزاء بنت مخاض عن خمس شياه مع قصور القيمة عنها ، لأنّها تجزئ عن ستّ وعشرين فعن خمس وعشرين أولى.

ويحتمل عدمه ، لأنّ الواجب الفريضة أو قيمتها وليست إحداهما.

وكذا الإِشكال في إجزائها عن شاة في الخمس مع قصور القيمة ، لأنّها تجزئ عن ستّ وعشرين فعن خمس أولى.

ط - لا جبران بين ما نقص عن سنّ بنت المخاض وبينها ولا بين ما زاد عن سن الجذعة وبينها ، لأنّ الاُولى أقلّ أسنان الإِبل في الزكاة ، والثانية أعلاها ، نعم يجبر بالقيمة.

ي - الجبران مختص بالزكاة دون غيرها من المقادير ، فلا جبران في الديات ، ولا في المنذورات.

٧١

يا - لا مدخل للجبران في غير الإِبل اقتصاراً على مورد النص ، وليس غيرها في معناها ، ولا نعلم فيه خلافاً ، فمن عدم فريضة البقر أو الغنم ووجد الأدون أو الأعلى أخرجها مع التفاوت أو استردّه بالتقويم السوقي.

ومن منع من القيمة أوجب في الأدون شراءها ، فإن تطوّع بالأعلى جاز ، وإن وجب الأعلى كلّف شراؤه(١) .

يب - لو كان النصاب كلّه مراضاً وفريضته معدومة جاز له العدول إلى السفلى مع دفع الجبران المنصوص عليه ، وليس له الصعود مع أخذ الجبران ، لأنّ الجبران أكثر من الفضل الذي بين الفرضين ، وقد يكون الجبران خيراً(٢) من الأصل فإنّ قيمة الصحيحين أكثر من قيمة المريضين فكذلك قيمة ما بينهما.

يج - لو كان المخرج ولي اليتيم وقلنا بالوجوب ، فالأولى إخراج القيمة إن كان فيه الحظّ ، وإلّا أخرج الناقص مع الجبران ، أو دفع الزائد وأخذ الجبران ، ولو كان إخراج القيمة أولى لم يجز للولي دفع الناقص مع الجبران ، أمّا لو كان إخراج القيمة أولى من العين فإنّه يجوز إخراج العين.

يد - لو أخرج بدل الجذعة ثنيّة فالأقرب عدم إجابة أخذ الجبران لو طلبه ، لأنّ المؤدّى ليس من أسنان الزكاة فلا يؤخذ له الجبران ، كما لو أخرج فصيلاً مع الجبران ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : الجواز ، لزيادة السنّ(٣) .

مسألة ٤٢ : شرط سلّار منّا في زكاة الإِبل والبقر والغنم الاُنوثة‌ في‌

____________________

(١) اُنظر : المغني ٢ : ٤٥٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٩٨.

(٢) ورد في النسخ الخطية « ط وف ون » : جزءاً. وهو تصحيف. وما أثبتناه من نسخة « م » وهو الصحيح كما ورد كذلك في المنتهى ١ : ٤٨٥ ومخطوطة نهاية الإِحكام ، كلاهما للمصنّف ، والكلمة ساقطة من مطبوعة النهاية ، راجع ج ٢ ص ٣٢٦.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٤ ، المجموع ٥ : ٤٠٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٥ - ٣٦٦.

٧٢

النصاب ، فلا زكاة في الذكران وإن بلغت النصاب(١) ، لدلالة الأحاديث على أنّ في خمس من الإِبل شاة(٢) ، وإنما يتناول الإِناث إذ مدلول إسقاط التاء من العدد ذلك ، ولأنّ الشرط اتّخاذها للدرّ والنسل وإنّما يتحقّق في الإِناث ، وللبراءة الأصلية.

وباقي الأصحاب لم يشترطوا ذلك ، لعموم قول الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الأربعين من الغنم شي‌ء ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة »(٣) .

ولا دلالة في الحديث ، إذ ليس فيه منع من الوجوب في الذكورة فيبقى ما قلناه سالماً عن المعارض ، ونمنع الشرط ، بل السوم وأن لا تكون عوامل ، والبراءة معارضة بالاحتياط خصوصاً مع ورود العمومات.

* * *

____________________

(١) المراسم : ١٢٩.

(٢) اُنظر على سبيل المثال : الكافي ٣ : ٥٣١ / ١ ، والتهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، والاستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢.

٧٣

الفصل الثاني

في زكاة البقر‌

مسألة ٤٣ : زكاة البقر واجبة‌بالسنّة والإِجماع.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدّي زكاتها إلّا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمن تنطحه بقرنها وتطؤه بأخفافها ، كلّما نفدت اُخراها عادت عليه اُولاها حتى يقضى بين الناس )(١) .

وقد أجمع المسلمون كافّة على وجوب الزكاة فيها ، ولأنّها أحد أصناف بهيمة الأنعام فوجبت الزكاة في سائمتها كالإِبل.

مسألة ٤٤ : وشروطها أربعة كالابل : الملك ، والنصاب ، والسوم ، والحول‌ ، وهما متساويان فيها إلّا النصاب فإنّ في البقر نصابين.

الأوّل : ثلاثون ، فلا زكاة فيما نقص عن ثلاثين من البقر بإجماع علمائنا ، وهو قول عامّة أهل العلم ، لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث معاذاً إلى اليمن وأمره أن يأخذ من البقر من كلّ ثلاثين تبيعاً أو تبيعةً ، ومن كلّ أربعين مسنّةً(٢) .

____________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٩ / ١٧٨٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، مسند أحمد ٥ : ١٥٧ - ١٥٨ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٧.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ٢٠ / ٦٢٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠٣ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥ - ٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠١ / ١٥٧٦.

٧٤

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في البقر في كلّ ثلاثين بقرة تبيع حولي ، وليس في أقلّ من ذلك شي‌ء ، وفي أربعين بقرة بقرة مسنّة »(١) .

وحكي عن سعيد بن المسيب والزهري أنهما قالا : في كلّ خمس من البقر شاة إلى أن تبلغ ثلاثين ، فإذا بلغت ففيها تبيع(٢) ، لأنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سوّى بين البقرة والبدنة في الهدي ، وجعل كلَّ واحدة منهما بسبع شياه(٣) ، فينبغي أن يقاس البقر عليها في إيجاب الشاة.

وهو غلط ، لأنّ خمساً من الإِبل تقوم مقامها خمس وثلاثون من الغنم ، ولا تجب فيها الشاة الواجبة في الإِبل.

النصاب الثاني : أربعون ، وعليه الإِجماع فإنّا لا نعلم فيه مخالفاً.

مسألة ٤٥ : والسوم شرط هنا كما تقدّم في الإِبل‌عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر الجمهور(٤) .

لقول عليعليه‌السلام : « ليس في العوامل شي‌ء »(٥) .

وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ليس في البقر العوامل صدقة )(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء ، ولا على العوامل شي‌ء ، إنّما الصدقة على السائمة الراعية »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ باب صدقة البقر الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٢) المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠١ ، المجموع ٥ : ٤١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٥١.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٥٥ / ٣٥٠ - ٣٥٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٤٨ / ٩٠٤.

(٤) المغني ٢ : ٤٥٦.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٩٩ - ١٠٠ / ١٥٧٢.

(٦) المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٤٠ / ١٠٩٧٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٠٣ / ٢.

(٧) راجع : الهامش (١) من هذه الصفحة.

٧٥

ولأنّ صفة النماء معتبرة في الزكاة ولا توجد إلّا في السائمة.

وقال مالك : إنّ في العوامل والمعلوفة صدقة(١) . كقوله في الإِبل ، وقد تقدّم(٢) .

مسألة ٤٦ : والفريضة في الثلاثين تبيع أو تبيعة‌ يتخيّر المالك في إخراج أيّهما شاء ، وفي الأربعين مسنّة ، ثم ليس في الزائد شي‌ء حتى تبلغ ستّين ، فإذا بلغت ذلك ففيها تبيعان أو تبيعتان إلى سبعين ، ففيها تبيع أو تبيعة ومسنّة ، فإذا زادت ففي كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة ، وفي كلّ أربعين مسنّة عند علمائنا أجمع ، وهو قول الشعبي ، والنخعي ، والحسن ، ومالك ، والليث ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأبي يوسف ، ومحمد ، وأبي ثور ،(٣) لأنّ معاذاً قال : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اُصدّق أهل اليمن ، فعرضوا عليَّ أن آخذ ممّا بين الأربعين والخمسين ، وبين الستّين والسبعين ، وما بين الثمانين والتسعين ، فأبيت ذلك وقلت لهم : حتى أسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقدمت وأخبرته فأمرني أن آخذ من كلّ ثلاثين تبيعاً ، ومن كلّ أربعين مسنّةً ، ومن الستّين تبيعين ، ومن السبعين مسنّة وتبيعاً ، ومن الثمانين مسنّتين ، ومن التسعين ثلاثة أتباع ، ومن المائة مسنّة وتبيعين ، ومن العشرة ومائة مسنّتين وتبيعاً ، ومن العشرين ومائة ثلاث مسنّات أو أربعة أتباع ، وأمرني أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئاً إلّا أن تبلغ مسنّةً أو جذعاً يعني تبيعاً(٤) .

____________________

(١) المدوّنة الكبرى ١ : ٣١٣ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٧ ، المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٢) تقدّم في المسألة ٢٩.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٦ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ٥٠ ، المجموع ٥ : ٤١٦ ، المغني ٢ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠١ - ٥٠٢.

(٤) مسند أحمد ٥ : ٢٤٠.

٧٦

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس فيما بين الأربعين إلى الستّين شي‌ء ، فإذا بلغت الستّين ففيها تبيعان »(١) .

وعن أبي حنيفة ثلاث روايات : إحداها هذا ، والثانية : أنّ فيما زاد على الأربعين بحسابه في كلّ بقرة ربع عشر مسنّة ، لأنّه لا يمكن أن يجعل الوقص تسعة عشر فإنّ جمع أوقاصها تسعة تسعة ، ولا يمكن أن يجعل تسعة ، لأنّه يكون إثباتاً للوقص بالقياس ، فيجب في الزيادة بحصّتها.

والثالثة : أنّه لا شي‌ء فيها حتى تبلغ خمسين فيكون فيها مسنّة وربع ، لأنّ سائر الأوقاص لا يزيد على تسعة كذا هنا(٢) .

وكلاهما في مقابلة النص فلا يسمع ، على أنّ الزيادة لا يتمّ بها أحد العددين فلا يجب بها شي‌ء ، كما لو زاد على الثلاثين ولم يبلغ الأربعين.

مسألة ٤٧ : لا يخرج الذكر في الزكاة إلّا في البقر‌ فإنّ ابن اللبون ليس بأصل ، إنّما هو بدل عن بنت مخاض ، ولهذا لا يجزئ مع وجودها ، وإنّما يجزئ الذكر في البقر عن الثلاثين وما تكرّر منها كالستّين والتسعين ، وما تركّب من الثلاثين وغيرها كالسبعين فيها تبيع أو تبيعة ومسنّة ، والمائة فيها مسنّة وتبيعان أو تبيعتان ، ولا يجزئ في الأربعين وما تكرّر منها كالثمانين إلّا الإِناث ، وكذا في الإِبل غير ابن اللبون ، فلو أخرج عن الحقّة حقّاً ، أو عن الجذعة جذعاً ، أو عن بنت المخاض ابن مخاض لم يُجزئ.

ويجوز أن يخرج عن الذكر اُنثى أعلى أو مساوياً ، فيجوز إخراج المسنّة عن التبيع ، ويجوز أن يخرج تبيعين ذكرين عن المسنّة ، لأنّهما يجزيان عن الستّين فعن الأربعين أولى ، ولو أخرج أكبر من المسنّة جاز.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ باب صدقة البقر ، الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٢) حلية العلماء ٣ : ٥١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٧ ، اللباب ١ : ١٤١ ، المغني ٢ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٢.

٧٧

ولا مدخل للجبران هنا فلو وجبت عليه مسنّة ولم تكن عنده فأراد النزول إلى التبيع وإعطاء الجبران لم يجز إلّا بالقيمة السوقية ، لأنّ الزكاة لا يعدل فيها عن النصوص إلى غيره بقياس ولا نصّ هنا.

ولو أخرج مسنّاً عن المسنّة لم يجز إلّا مع ضمّ قيمة التفاوت ، لأنّ الاُنثى خير من الذكر ، لفضيلتها بالدرّ والنسل.

مسألة ٤٨ : لو اجتمع الفرضان تخيّر المالك‌ كمائة وعشرين إن شاء أخرج ثلاث مسنّات أو أربعة أتبعة ، لأنّ الواجب أحدهما فيتخيّر ، والخيرة إلى ربّ المال كما قلنا في زكاة الإِبل ، وهذا إنّما يكون لو كانت إناثاً ، فإن كانت كلّها ذكوراً أجزأ الذكر بكلّ حال ، لأنّ الزكاة مواساة فلا يكلّف المواساة من غير ماله.

وقال بعض الجمهور : لا يجزئه في الأربعينيّات إلّا الإِناث ، لأنّهعليه‌السلام نصّ على المسنّات(١) .

وليس بجيّد ، لأنّا أجزنا الذكر في الغنم ، مع أنّه لا مدخل له في زكاتها مع وجود الإِناث فالبقر أولى ، لأنّ للذكر فيها مدخلاً.

مسألة ٤٩ : الجواميس كالبقر‌ بإجماع العلماء ، لأنّها من نوعها ، كما أنّ البخاتي من نوع الإِبل ، فإن اتّفق النصاب كلّه جواميس وجبت فيه الزكاة ، وإن اتّفق الصنفان أخرج الفرض من أحدهما على قدر المالين ، فلو كان عنده عشرون بقرة عراباً ، وعشرون جواميس ، وقيمة المسنّة من أحدهما اثنا عشر ، ومن الآخر خمسة عشر أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف.

ولو كان ثُلث بقرة سوسيّاً ، وثُلثه نبطيّاً ، وثُلثه جواميس ، وقيمة التبيع السوسي أربعة وعشرون ، والنبطي ثلاثون ، والجاموس اثنا عشر ، أخرج تبيعاً

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٤.

٧٨

قيمته اثنان وعشرون ثُلث قيمة كلّ واحد ، اختاره الشيخ(١) ، وبه قال أحمد(٢) ، لأنّها أنواع جنس من الماشية فجاز الإِخراج من أيّها شاء.

وقال الشافعي : القياس أن يؤخذ من كلّ نوع ما يخصّه ، واختاره ابن المنذر ، لأنّها أنواع تجب فيها الزكاة فتجب زكاة كلّ نوع منه كأنواع الثمرة والحبوب(٣) .

ويشكل بأدائه إلى تشقيص الفرض ، وقد عدل إلى غير الجنس فيما دون ستّ وعشرين لأجل التشقيص فالعدول إلى النوع أولى.

وقال عكرمة ومالك وإسحاق والشافعي في قول : يخرج من أكثر العددين ، فإن استويا أخرج من أيّهما شاء كالغلّات(٤) .

وكذا البحث في الضأن والمعز والإِبل البخاتي والعراب ، والسمان والمهازيل ، والكرام واللئام.

وأما الصحاح مع المراض ، والذكور مع الإِناث ، والكبار مع الصغار فيتعيّن صحيحة كبيرة اُنثى على قدر قيمة المالين إلّا أن يتطوّع بالفضل.

ولو أخرج عن النصاب من غير نوعه ممّا ليس في ماله منه شي‌ء أجزأ إن ساوى القيمة ، لأنّه أخرج من جنسه فجاز ، كما لو كان المال نوعين فأخرج من أحدهما.

وكذا ( من منعه )(٥) من إخراج القيمة ، ويحتمل عنده العدم ، لأنّه‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٠١.

(٢) المغني ٢ : ٤٧٤ و ٤٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٢ - ٥١٣ ، كشاف القناع ٢ : ١٩٣.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٤ و ٤٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٢ ، الاُم ٢ : ١٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٦ ، المجموع ٥ : ٤٢٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٥ ، وحلية العلماء ٣ : ٥٦.

(٤) المغني ٢ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٢ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٣ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٦ ، المجموع ٥ : ٤٢٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٥ ، وحلية العلماء ٣ : ٥٦.

(٥) كذا في النسخ الخطية والطبعة الحجرية ، وحقّ العبارة أن تكون هكذا : وكذا عند من منع من =

٧٩

أخرج من غير نوع ماله ، فأشبه ما لو أخرج من غير الجنس(١) .

مسألة ٥٠ : ولا زكاة في بقر الوحش ، ولا يجبر بها النصاب‌ ، وهو قول أكثر العلماء(٢) ، لأنّ اسم البقر يطلق عليه مجازاً ، ولا يفهم منه عند الإِطلاق ، ولا يحمل عليه إلّا مع القيد ، فيقال : بقر الوحش.

ولعدم تحقّق نصاب منها سائماً حولاً.

ولأنّه حيوان لا يجزئ نوعه في الأضحية والهدي فلا تجب فيه الزكاة كالظباء.

ولأنّها ليست من بهم الأنعام فلا تجب فيها الزكاة كسائر الوحوش.

والأصل أنّ وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام لكثرة النماء فيها من الدرّ والنسل وكثرة الانتفاع بها لكثرتها وخفّة مؤونتها.

وعن أحمد رواية بوجوب الزكاة في بقر الوحش ، لتناول اسم البقر لها فيدخل في مطلق الخبر(٣) .

وقد بيّنا أنّه مجاز ، ولا خلاف في أنّه لا زكاة في الظباء.

مسألة ٥١ : المتولّد من الوحشي والانسي تجب الزكاة فيه‌ إن اُطلق عليه اسم الانسي من غير حاجة إلى قيد وإلّا فلا ، كالمتولّد من بقر الوحش والانس ، وكذا المتولّد من الظباء والغنم.

وقال أحمد : تجب فيه الزكاة سواء كانت الوحشية الفحول أو الاُمّهات ، لأنّها متولّدة ممّا تجب فيه الزكاة وما لا تجب ، فوجبت فيها الزكاة كالمتولّد من السائمة والمعلوفة ، ولأنّ غنم مكّة يقال : إنّها متولّدة من الظباء والغنم ، وفيها الزكاة إجماعاً(٤) .

____________________

= إخراج القيمة.

(١) راجع المغني ٢ : ٤٧٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٣.

( ٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٦.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418