نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار18%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 421

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 421 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 245617 / تحميل: 5860
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الراهب علامات النبوة ، فقال لعمه : ارجع بابن أخيك ، واحذر عليه من اليهود ، فرجع.

ولما صار عمره الشريف خمسا وعشرين سنة ، ذهب بتجارة إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد ، فربحت التجارة ضعف ما كانت تربح ، ورأى ميسرة منه صفات حميدة لا تحصى ، فأخبر خديجة بذلك. فأعجبت به وتزوجتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي بنت أربعين سنة. وكانت خديجةعليها‌السلام خير نساء قريش نسبا ، وأكثرهن مالا ، وأوفرهن جمالا ، وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة وبسيدة قريش. ولم يتزوجصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليها حتّى ماتت. وهي أول من آمن به على الإطلاق ، حين بعث بالنبوة ، وعمره أربعون سنة.

ـ أولاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(المصدر السابق)

أما أولادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد ذكر العلماء أنهم سبعة : ثلاثة ذكور وأربعة بنات ، وكلهم من خديجةعليها‌السلام ما عدا (إبراهيم) من مارية القبطية. فأما الذين من خديجة ، فأول من ولد منهم (القاسم) وبه كان يكنّى ،

ثم زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ، ثم الطاهر. وقد ولد هؤلاء كلهم بمكة.ثم ولد إبراهيم بالمدينة. وقد مات الذكور الثلاثة صغارا. أما (زينب) فتزوجت من ابن خالتها أبو العاص بن الربيع ، فولدت له عليا وأمامة ؛ فأما عليّ فمات مراهقا يوم الفتح ، وأما أمامة فتزوجها الإمام عليعليه‌السلام بعد وفاة فاطمةعليها‌السلام بوصية منها.وأما (رقية) فتزوجها عثمان بن عفان ، فولدت له عبد الله ، فمات وعمره ست سنين.وبعد وفاة رقية تزوج عثمان أختها (أم كلثوم) ، ولذلك سمّي ذو النورين ، ولم تنجب له ولدا.

وانحصر نسل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفاطمة الزهراءعليها‌السلام التي حاول كثير من الصحابة خطبتها ، حتّى نزل الأمر الإلهي بتزويجها من ابن عمها علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ليلتقي النوران المباركان في الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ويكون من هذه السلالة المختارة الأئمة الأطهارعليهم‌السلام .

تزوج الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة الزهراءعليها‌السلام في السنة الثانية من الهجرة وعمرها عشر سنين ، وعمرهعليه‌السلام ٢٥ سنة. ولما تزوجت فاطمةعليها‌السلام من

١٠١

عليعليه‌السلام نضح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الماء على رأسها وصدرها ، وقال : «إني أعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم».

وتوفيت فاطمةعليها‌السلام بعد وفاة أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أشهر ، وقيل ستة أشهر ، ودفنها الإمام عليعليه‌السلام ليلا سرا ، وعمرها الشريف على التحقيق ١٨ عاما ، وفي بعض روايات العامة ٢٨ عاما. ولم يتزوجعليه‌السلام غيرها في حياتها.

٦ ـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام وأولاده

١٥ ـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام :

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. ولم يكن في زمانه هاشمي ولد من هاشمية إلا هو وإخوته.

كنيته : أبو الحسن ، ولقبه : سيد الوصيين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، والإمام ، وأمير المؤمنين ، والصدّيق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وقسيم الجنة والنار ، والوصي ، وحيدرة ، وأبو تراب.

وهو أول من أسلم بعد خديجةعليها‌السلام وعمره اثنا عشر عاما.

هيئتهعليه‌السلام :(المختصر في أخبار البشر لابن الوردي ، ج ١ ص ٢٥٠)

كان الإمام عليعليه‌السلام شديد الأدمة ، عظيم العينين ، بطينا أصلع ، عظيم اللحية ، كثير شعر الصدر ، مائلا إلى القصر ، حسن الوجه ، لا يغيّر شيبه ، كثير التبسّم.

١٦ ـ شيء من فضائل الإمامعليه‌السلام :

(المصدر السابق ، ص ٢٥١)

فضائل الإمام عليعليه‌السلام أكثر من أن تحصى. منها مشاهده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حروبه كلها ، ومؤاخاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له عند الهجرة ، وسبق إسلامه ، ومبيته على فراش النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له يوم خيبر وقد عجزت الأقران عن فتح الحصن : «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله».وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم : «من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه». وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى؟». وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أقضاكم علي».

(أقول) : وإذا كانت مقوّمات الخلافة وقيادة الأمة تتركز في عاملين أساسيين

١٠٢

هما : العلم والقوة ، فقد اجتمعا فيهعليه‌السلام دون غيره. فأما في العلم والحكمة ، فيكفيه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه : «أنا مدينة العلم وعلي بابها». وأما في القوة والشجاعة ، فقد كان المجليّ في كل الحروب ، ويكفيه قول جبرئيل في معركة أحد : «لا فتى إلا علي ، ولا سيف إلا ذو الفقار». وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

في غزوة الخندق : «ضربة علي يوم الخندق ، تعدل عمل الثّقلين إلى يوم القيامة».

ولله درّ الشاعر الإيراني سعدي الشيرازي وهو من السنّة ، حين أراد أن يصوّر فضائل الإمام عليعليه‌السلام ، فقال :

كتاب فضل تو را آب بحر كافى نيست

كه تر كنند سرأنكشت وصفحه بشمارند

والمعنى : إذا أردت أن تعدّ صفحات كتاب فضائل عليعليه‌السلام فإن ماء البحر لن يكفيك لترطيب رؤوس أصابعك. وقد انتزع الشاعر هذا المعنى من قوله تعالى :( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) [لقمان: ٢٧] صدق الله العظيم.

١٧ ـ زوجات الإمام علي وأولادهعليهم‌السلام :

رزق الإمام عليعليه‌السلام من الأولاد الذكور ١٤ ، ومن الإناث ١٩ ، على خلاف في ذلك.

وأول أزواج الإمام عليعليه‌السلام فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، لم يتزوج عليها في حياتها ، وولدت له الحسن والحسين (والسقط محسن) وزينب العقيلة وأم كلثوم.

وبعد وفاة فاطمةعليه‌السلام تزوج أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية ، فولدت له أربعة بنين : العباس وجعفرا وعبد الله وعثمان. وقد قتل الأربعة مع الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، ولم يعقب منهم غير العباسعليه‌السلام .

وتزوج عليعليه‌السلام ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلية التميمية ، وولدت له عبيد الله وأبا بكر ، قتلا مع الحسينعليه‌السلام أيضا.

وتزوجعليه‌السلام أسماء بنت عميس الخثعمية ، وولدت له محمدا الأصغر ، ويحيى توفي في حياة أبيه.

وولد له من الصهباء (أم حبيب) بنت ربيعة التغلبية من سبي خالد بن الوليد بعين

١٠٣

نسل الإمام علي بن أبي طالب

١٠٤

١٠٥

بقية نسل الإمام علي (ع)[الذكور] :

١٠٦

التمر : عمر الأطرف ورقية (توأمان). وكان عمر المذكور آخر ولد أبيه ، وعاش خمسا وثمانين سنة ، وحاز نصف ميراث أبيهعليه‌السلام .

وتزوج عليعليه‌السلام أيضا أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ـ بناء على وصية فاطمةعليها‌السلام ـ وأمها زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وولدت له محمّد الأوسط ، ولا عقب له.

وولد لهعليه‌السلام من خولة بنت جعفر الحنيفة : محمّد الأكبر ابن الحنفية ، وله عقب.

البنات : وكانت لهعليه‌السلام بنات من أمهات شتى ، منهن : أم الحسن (أو أم الحسين) ورملة الكبرى ، من أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي. ومن بناته : أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الصغرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم سلمة وأم جعفر (جمانة) ونفيسة ، لأمهات أولاد شتى.

وبنوه الذكور لم يعقب منهم إلا خمسة : الحسن والحسينعليهما‌السلام ومحمد ابن الحنفية والعباس وعمر الأطراف رضي الله عنهم. [انظر مخطط نسل الإمام عليعليه‌السلام ص ١١٥].

وتوفي الإمام عليعليه‌السلام وخلفّ أربع حرائر : أمامة بنت زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وليلى التميمية ، وأسماء بنت عميس ، وفاطمة بنت حزام الكلابية (أم البنين) ، وثمانية عشر ولدا.

وكانت وفاتهعليه‌السلام سنة ٤٠ ه‍ وعمره الشريف ٦٣ عاما ، ودفن في الغريّ (النجف).

١٨ ـ زواج أمير المؤمنينعليه‌السلام بأم البنين رضي الله عنها :

(المجالس السّنيّة للسيد محسن الأمين ، ج ١ ص ١٣٣)

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لأخيه عقيل ، وكان نسّابة عالما بأخبار العرب وأنسابهم : إبغني امرأة قد ولدتها الشجعان من العرب ، لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا. فقال له عقيل : أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية (وهي المكنّاة أم البنين) فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس. فتزوجها عليعليه‌السلام فولدت له : العباس ثم عبد الله ثم جعفر ثم عثمان. وحضر هؤلاء الإخوة الأربعة مع أخيهم الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، وأبلوا في نصرته بلاء حسنا ، وجاهدوا أمامه حتّى قتلوا

١٠٧

جميعهم. وكان أحسنهم بلاء وأعظمهم جهادا ومواساة لأخيه الحسينعليه‌السلام أبو الفضل العباس وهو أكبرهم ، وكان عمره يومئذ أربعا وثلاثين سنة.

١٩ ـ عقب بنات الإمام عليعليه‌السلام :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٤٥)

١ ـ كانت رقية الصغرى بنت عليعليه‌السلام عند مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : عبد الله قتل يوم الطف ، وعليا ومحمدا. وقد انقرض ولد مسلمعليه‌السلام .

٢ ـ كانت زينب الصغرى بنت عليعليه‌السلام عند محمّد بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فولدت له : عبد الله وعبد الرحمن والقاسم.

٣ ـ كانت أم هانئ بنت عليعليه‌السلام عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : محمدا قتل بالطف ، وعبد الرحمن ومسلما وأم كلثوم.

٤ ـ وكانت ميمونة بنت عليعليه‌السلام عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له عقيلا.

٥ ـ وكانت أم كلثوم الصغرى (نفيسة) عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : أم عقيل.

٦ ـ وكانت خديجة بنت عليعليه‌السلام عند عبد الرحمن بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : سعيدا وعقيلا.

٧ ـ وكانت فاطمة بنت عليعليه‌السلام عند محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : حميدة.

٨ ـ وكانت أمامة بنت عليعليه‌السلام عند الصلت بن عبد الله.

٧ ـ أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام وزوجاته

٢٠ ـ أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام :

(إسعاف الراغبين لمحمد الصبان بهامش نور الأبصار للشبلنجي ص ١٨٣) نقل سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) عن ابن سعد في طبقاته ، أنه كان للحسنعليه‌السلام من الأولاد :

محمّد الأصغر ـ جعفر ـ حمزة ـ محمّد الأكبر ـ زيد ـ الحسن المثنى ـ

١٠٨

إسماعيل ـ يعقوب ـ القاسم ـ أبو بكر ـ طلحة ـ عبد الله. فاطمة ـ أم الحسن ـ أم الخير ـ أم عبد الرحمن ـ أم سلمة ـ أم عبد الله.

وعن الأسلمي أنهم : علي الأكبر ـ علي الأصغر ـ جعفر ـ عبد الله ـ القاسم ـ زيد ـ عبد الرحمن ـ إسماعيل ـ الحسين الأثرم ـ عقيل ـ الحسن المثنى. فاطمة ـ سكينة ـ أم الحسن.

واقتصر البلاذري في (أنساب الأشراف) على ذكر :

الحسن المثنى ـ زيد ـ حسين ـ عبد الله ـ أبي بكر ـ عبد الرحمن ـ القاسم ـ طلحة ـ عمرو.

رواية أخرى : (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة ص ٥٥)

وفي رواية شيخ الشرف العبيدلي أنه ولد للحسنعليه‌السلام تسعة عشر ولدا : منهم خمس بنات ، وأحد عشر ذكرا ، هم :

زيد ـ الحسن المثنى ـ الحسين (الأثرم) ـ طلحة ـ إسماعيل ـ عبد الله ـ حمزة ـ يعقوب ـ عبد الرحمن ـ أبو بكر ـ عمر.

وزاد الموضّح النسابة : القاسم ، وهي زيادة صحيحة. وقال : عبد الله هو أبو بكر.

وأما البنات فهن : أم الحسين (أو أم الخير أو رملة) ـ أم الحسن ـ فاطمة ـ أم سلمة ـ أم عبد الله. وزاد الموضّح : رقية.

وقال أبو نصر البخاري : أولد الحسن بن عليعليه‌السلام ١٣ ذكرا وست بنات.أعقب من ولد الحسنعليه‌السلام أربعة : زيد والحسن المثنى والحسين الأثرم وعمر.

إلا أن الحسين الأثرم وعمر انقرضا سريعا ، وبقي عقب الحسنعليه‌السلام من رجلين لا غير : زيد والحسن المثنى ، وزيد هو أكبر أولاد الحسنعليه‌السلام .

٢١ ـ أولاد الحسنعليه‌السلام وأمهاتهم :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٤٦)

ـ الحسن بن الحسنعليه‌السلام : أمه خولة بنت منظور بن زبّان.

١٠٩

ـ زيد بن الحسنعليه‌السلام ، أم الخير : أمهما أم بشر بنت أبي مسعود بن عقبة الأنصاري.

ـ القاسم ، أبو بكر (عبد الله) : قتلا يوم الطف ، أمهما أم ولد اسمها (نفيلة).

ـ طلحة بن الحسنعليه‌السلام درج : أمه أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي.

ـ عمرو ، عبد الرحمن ، الحسين الأثرم : لأمهات أولاد شتى.

ـ أم عبد الله ، فاطمة ، أم سلمة ، رقية : لأمهات أولاد شتى.

٢٢ ـ عقب بنات الحسنعليه‌السلام :

ـ كانت أم الحسين عند عبد الله بن الزبير بن العوام.

ـ وكانت أم عبد الله عند زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام فولدت له الحسن والحسين الأكبر ، ومحمد الباقرعليه‌السلام ، وعبيد الله.

ـ وكانت رقية عند عمرو بن المنذر بن الزبير بن العوام.

ـ وكانت أم سلمة عند عمر بن زين العابدينعليه‌السلام .

٨ ـ أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام وزوجاته

تمهيد حول تعدد الأسماء :

يظهر جليّا أن عدد أولاد الحسينعليه‌السلام أقل بشكل ملحوظ من أولاد أخيه الحسنعليه‌السلام أو من أولاد أي شخص آخر من الهاشميين ، كأبناء الإمام عليعليه‌السلام وأبناء عقيل وأبناء عبد الله بن جعفر. ورغم هذا فقد قدّم الإمام الحسينعليه‌السلام كل أولاده في كربلاء ، ولم يبق منهم إلا زين العابدينعليه‌السلام الّذي شاء الله أن تدوم منه ذرية الإمامة.

قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : ما أقلّ ولد أبيك؟. قال : العجب كيف ولدت له.إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يفرغ للنساء؟!.

وعند تعداد أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام نجد ظاهرة غريبة عند أهل البيتعليهم‌السلام . فقد كان الواحد منهم يسمّي بنفس الاسم أكثر من ولد من أولاده. فلسنا نغالي إذا قلنا : إن كل أولاد الحسينعليه‌السلام كان اسمهم (علي) ، ومن هنا كانوا يضطرون للتمييز بينهم أن يقولوا : علي الأكبر ، وعلي الأوسط ، وعلي الأصغر.

١١٠

في كتاب (النسب) عن يحيى بن الحسن ، قال يزيد لعلي بن الحسينعليه‌السلام :واعجبا لأبيك سمّى عليّا وعليا!. فقالعليه‌السلام : إن أبي أحبّ أباه فسمّى باسمه مرارا. (وفي رواية أخرى) قال زين العابدينعليه‌السلام : إنه لو كان للحسينعليه‌السلام مائة ولد لسمّى كل واحد منهم عليا ، باسم أبيهعليه‌السلام .

وهذا الأمر ينطبق أيضا على بنات الإمام عليعليه‌السلام ، فلقد سمّى الإمام ثلاثة من بناته باسم (زينب) تيمّنا باسم زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولا يخفى كم سبّب هذا من خلط عند الرواة حين يذكرون اسم زينب بدون تحديد. وهذه الزينبات الثلاث هن :زينب الكبرى وهي العقيلة ، وزينب الصغرى أم كلثوم ، وكلتاهما من بنات السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، ثم زينب ثالثة أصغر منهما لأم أخرى. وحصل الالتباس أيضا من أن زينب العقيلةعليها‌السلام يطلق عليها البعض اسم زينب الصغرى ، تمييزا لها عن خالتها زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي اعتبروها الكبرى ، بينما يطلق البعض عليها اسم زينب الكبرى تمييزا لها عن أختها زينب الصغرى أم كلثوم.

ومن هذا القبيل ما حصل من خلط كبير بين أبناء الحسينعليه‌السلام الثلاثة الذين كانوا معه في كربلاء ، والذين هم باسم واحد (علي) ؛ أيهم الأكبر وأيهم الأوسط وأيهم الأصغر ، وأيهم في ترتيب الكبر زين العابدينعليه‌السلام . مما سنناقشه في الفقرة التالية.

٢٣ ـ أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام :

أغلب الروايات على أن عدد أولاد سيدنا الحسينعليه‌السلام عشرة ؛ منهم ستة ذكور وأربع بنات ، وإن كان أكثرهم لم يذكروا اسم البنت الرابعة.

ففي (مطالب السّؤول) لمحمد بن طلحة الشافعي (ص ٧٠ ط حجر إيران) أنهم :

الذكور : علي الأكبر ـ علي الأوسط (زين العابدين) ـ علي الأصغر ـ محمّد ـ عبد الله ـ جعفر. وقد مات محمّد في حياة أبيه ، كما مات جعفر في حياة أبيه صغيرا.

البنات : زينب ـ فاطمة ـ سكينة (ولم يذكر الرابعة) وهي رقية التي توفيت في دمشق صغيرة.

وذكر أن المقتول في كربلاء بالسهم هو الطفل علي الأصغر ، وأن عبد الله قتل مع أبيه شهيدا.

١١١

وقال : ويذكر البعض أن زين العابدينعليه‌السلام هو الأصغر ، ومنهم من يزعم أنه الأكبر ، كما سترى!.

٢٤ ـ أيّهم علي الأكبر؟ :

بالنسبة لأبناء الحسينعليه‌السلام الذكور ، باعتبار أن محمدا وجعفرا توفيّا في حياة أبيهما الحسينعليه‌السلام وكذلك السقط محسن ، فالذين حضروا الطف منهم هم : علي الأكبر وعلي الأوسط وعلي الأصغر وعبد الله الرضيع.

وقد مال البعض إلى اعتبار الأكبر هو زين العابدينعليه‌السلام ، والأصغر شهيد كربلاء ، ولم يذكر الأوسط مطلقا ، وهذا ما اعتمده الشيخ المفيد فقط.

كما مال البعض الآخر إلى تسمية زين العابدينعليه‌السلام عليا الأصغر ، وفي هذه الحالة لا يعتبر ولدا ثالثا باسم (علي). منهم مصعب الزبيري في (نسب قريش) ، واليعقوبي في تاريخه ، وسبط ابن الجوزي في تذكرته ، والمنّاوي في طبقاته.

إلا أن الأكثرية على أن زين العابدينعليه‌السلام هو علي الأوسط ، وأن أول المستشهدين من أهل البيتعليهم‌السلام في كربلاء هو علي الأكبرعليه‌السلام . منهم ابن شهراشوب وابن طلحة الشافعي وغيرهما.

يقول العلامة المجلسي في (البحار ، ج ٤٥ ص ٣٣٢ ، ط ٣) بعد استعراض جملة من الروايات : الصحيح أن للحسينعليه‌السلام ثلاثة أولاد باسم علي ، وزين العابدينعليه‌السلام هو علي الأوسط ، كما ذكر ابن طلحة الشافعي.

٢٥ ـ أيهم علي الأصغر؟ :

الناحية الثانية في الموضوع ، هي أن الذين اعتبروا الأكبر شهيد كربلاء ، والأوسط زين العابدينعليه‌السلام ، اعتبر بعضهم عبد الله الرضيع باسم علي الأصغرعليه‌السلام ، وهو الّذي جاءه سهم وهو في حجر أبيه فذبحه ، والبعض الآخر اعتبر طفلا آخر باسم علي الأصغر ، أكبر من عبد الله الرضيع ، استشهد مع أبيهعليه‌السلام جاءه سهم فمات. وفي حين اعتبر البعض أن عمر عبد الله الرضيع عدة أشهر ، اعتبر بعضهم أنه ولد في نفس اليوم الّذي قتل فيه ، أي يوم عاشوراء (ذكر ذلك صاحب الحدائق الوردية) ، وهي رواية نادرة.

والخلاصة : إنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام ثلاثة أبناء باسم (علي) غير عبد الله الرضيع ، كما دلت على ذلك رواية ابن طلحة الشافعي وروايات أخرى ، وكلهم استشهدوا في كربلاء ما عدا زين العابدينعليه‌السلام ، وهو علي الأوسط.

١١٢

٢٦ ـ بنات الحسينعليه‌السلام :

أما بنات الحسينعليه‌السلام فقد ذكر بعضهم أنهن اثنتان : فاطمة وسكينة ، والكبرى فاطمة. وذكر آخرون أنهن أربعة : زينب وفاطمة وسكينة ، ولم يذكروا الرابعة ، وهي حتما رقيةعليها‌السلام التي ماتت في دمشق ، ودفنت في الخربة قرب دار يزيد.

قال الحمزاوي في كتاب (النفحات) : وكانت للحسينعليه‌السلام بنت تسمى رقية ، وأمها شاه زنان بنت كسرى ، خرجت مع أبيها الحسينعليه‌السلام من المدينة حين خرج ، وكان لها من العمر خمس سنين ، وقيل سبع سنين ، حتّى جاءت معه إلى كربلاء (المصدر : معالي السبطين ، ص ١٢٨).

ولكن زينب بنت الحسينعليها‌السلام لم يرد ذكرها في وقعة الطف ، إنما ورد ذكر عمتها زينب العقيلة بنت الإمام عليعليها‌السلام ، وهي بطلة كربلاء.

وفي بعض الأخبار أن الحسينعليه‌السلام ترك في المدينة ابنة صغيرة له اسمها (فاطمة الصغرى) تركها عند أم سلمة ، (وفي رواية) عند أسماء بنت عميس ، لأنها كانت مريضة ، وهي التي جاء الغراب المتمرغ في دمه يوم عاشوراء فوقع بالمدينة على جدار دارها ، مخبرا إياها بوفاة أبيها ، فهي غير فاطمة بنت الحسينعليها‌السلام السابقة.

٢٧ ـ أولاد الحسينعليه‌السلام وأمهاتهم :

الذكور :

اسم الولد

اسم أمّه

١ ـ علي بن الحسين الأكبر (شهيد كربلاء)

أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأمها بنت أبي سفيان ابن حرب

٢ ـ علي بن الحسين الأوسط (زين العابدينعليه‌السلام )

أمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد بن شهريار بن أبرويز ملك الفرس.وكان الحسينعليه‌السلام سمّاها :غزالة (تاريخ اليعقوبي)

٣ ـ علي بن الحسين الأصغر

أمه سلافة (ابن قتيبة) ، أو شهربانويه (ابن شهراشوب)

١١٣

٤ ـ عبد الله الرضيع

أمه الرباب بنت امرئ القيس الكلبية

٥ ـ جعفر

أمه السلافة [قضاعية] من بليّ (تذكرة الخواص)

٦ ـ محمّد

أمه الرباب (ابن شهراشوب)

٧ ـ السقط محسن

دفن في جبل الجوشن غربي حلب

والمعقب الوحيد من ولد الحسينعليه‌السلام هو زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام ، فلم يكن على وجه الأرض حسيني إلا من نسله.

البنات :

١ ـ زينب (أم كلثوم)

لم نعثر على أحوالها

٢ ـ فاطمة (أم الحسن)

أمها أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية

٣ ـ سكينة

أمها الرباب بنت امرئ القيس الكلبية ، أم عبد الله الرضيع

٤ ـ رقية

أمها شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ، أم الإمام زين العابدينعليه‌السلام (مشارق الأنوار عن درر الأصداف)

٥ ـ فاطمة الصغرى

لم نعثر على أحوالها.

نسل بنات الحسينعليه‌السلام :

١ ـ فاطمة بنت الحسينعليها‌السلام

تزوجت بابن عمها الحسن المثنى ، ثم بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فأولدها الديباج.

١١٤

٢ ـ سكينة بنت الحسينعليها‌السلام

تزوجت بابن عمها عبد الله بن الحسنعليه‌السلام فقتل عنها يوم كربلاء قبل أن يبني بها ، ثم تزوجها مصعب بن الزبير قهرا ، ولما قتل تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله ، ثم خلف عليها زيد بن عمرو ابن عثمان بن عفان

٢٨ ـ زوجات الإمام الحسينعليه‌السلام :

(أدب الطف لجواد شبّر ، ص ٤٦)

١ ـ شاهزنان (أو شهربانويه) بنت يزدجرد بن شهريار كسرى : وهي أم زين العابدينعليه‌السلام . و (شاه زنان) تعني بالفارسية : ملكة النساء. وسوف تأتي قصة زواج الإمامعليه‌السلام منها.

٢ ـ ليلى بنت أبي مرة بن عروة الثقفي ، عظيم القريتين الّذي قالت فيه قريش :

( لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) وعنوا بالقريتين مكة والطائف.وليلى هي أم علي الأكبرعليه‌السلام أول المستشهدين يوم الطف من آل أبي طالبعليهم‌السلام .

٣ ـ الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية : وهي أم عبد الله الرضيع وسكينة.

٤ ـ أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية : وهي أم فاطمة (أم الحسن).وكانت أولا عند الإمام الحسنعليه‌السلام . وإنما تزوجها الحسينعليه‌السلام بوصية أخيه الحسنعليه‌السلام ، إذ قال له عند وفاته : لا أريد أن تخرج هذه المرأة من بيتكم ، وإني راض عنها.

٥ ـ المرأة القضاعية (سلافة) : وهي أم جعفر ، وقد مات جعفر في حياة أبيهعليه‌السلام .

٢٩ ـ قصة زواج الحسينعليه‌السلام من شاهزنان والدة زين العابدينعليه‌السلام :

قال ابن هشام في (السيرة الحلبية) :

لما جيء ببنات كسرى أسارى وكنّ ثلاثا ، مع أمواله وذخائره إلى عمر ، وقفن

١١٥

بين يديه ، وأمر المنادي أن ينادي عليهن ، وأن يزيل نقابهن عن وجوههن ، ليزيد المسلمون في ثمنهن ، فامتنعن من كشف نقابهن ، ووكزن المنادي في صدره.

فغضب عمر وأراد أن يعلوهن بالدرّة وهن يبكين. فقال له الإمام عليعليه‌السلام :مهلا يا أمير المؤمنين ، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «ارحموا عزيز قوم ذلّ ، وغنيّ قوم افتقر». فسكن غضبه. فقال له عليعليه‌السلام : بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السّوقة. فقال له عمر : كيف الطريق إلى العمل معهن؟.فقالعليه‌السلام : يقوّمن ، ومهما بلغ ثمنهن يقوّم به من يختارهن. فقوّمن ، وأخذهن عليعليه‌السلام ؛ فدفع واحدة لعبد الله بن عمر ، فجاء منها بولده سالم ؛ وأخرى لمحمد بن أبي بكر ، فجاء منها بولده القاسم ؛ والثالثة لولده الحسينعليه‌السلام ، فجاء منها بولده علي زين العابدينعليه‌السلام .

وهؤلاء الأولاد الثلاثة فاقوا أهل المدينة علما وورعا. وكان أهل المدينة قبل ذلك يرغبون عن التسري ، فلما نشأ هؤلاء الثلاثة منهن رغبوا في اتخاذ الجواري.

(أقول) : إن أسماء بنات يزدجرد الثلاث :

ـ شاهزنان (وتعني ملكة النساء) : التي تزوجها الإمام الحسينعليه‌السلام .

ـ شهر بانو (وتعني سيدة البلد) : التي تزوجها عبد الله بن عمر.

ـ كيهان بانو (وتعني سيدة العصر) : التي تزوجها محمّد بن أبي بكر.

وقد مرّ معي في إحدى الروايات أن الحسينعليه‌السلام بعد أن توفيت شاهزنان تزوج شهربانو أو شهربانويه ، ولذلك حصل خلط بين الاسمين. وفي رواية أن شاهزنان توفيت وهي تلد زين العابدينعليه‌السلام ، وهي رواية شاذة.

٣٠ ـ قصة زواج الحسينعليه‌السلام من الرباب ، ومدى إخلاصها له :

(ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ ص ١٤٢)

جاء في (الإصابة) أن امرأ القيس بن عدي الكلبي ، كان أميرا على قضاعة الشام.

فقال له عليعليه‌السلام : هذان ابناي ، وقد رغبنا في صهرك ، فأنكحنا بناتك. فقال امرؤ القيس : قد أنكحتك يا علي [المحياة] ابنتي ، وأنكحتك يا حسن

[سلمى] ابنتي ، وأنكحتك يا حسين [الرباب] ابنتي ، وهي أم سكينةعليها‌السلام .

وفي الرباب وابنتها سكينة يقول الحسينعليه‌السلام شعرا يدل على حبه الشديد لها :

١١٦

لعمرك إنني لأحبّ دارا

تحلّ بها سكينة والرباب

والرباب هي التي أقامت على الروضة المكرمة للحسينعليه‌السلام في كربلاء حولا كاملا ، تبكي على الحسينعليه‌السلام . ثم أنشدت :

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

ومن يبك حولا كاملا فلقد عذر

والمخاطب بالسلام عليكما في هذا البيت هما : زوجها الحسينعليه‌السلام وابنها عبد الله الرضيععليه‌السلام .

١١٧
١١٨

الفصل الثالث

توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم

١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

ـ من هم آل الرسولعليهم‌السلام ؟

ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

ـ من هم العترة؟

ـ من هم ذوو القربى؟

٢ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

٣ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء :

حديث الكساء ـ آية المباهلة ـ آية المودة

٤ ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

ـ بعض فضائل الإمام عليعليه‌السلام

ـ جملة من فضائل فاطمة الزهراءعليها‌السلام

ـ فضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام

ـ فضائل الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام

٥ ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام : تفسير آية المودة

ـ عقاب من يبغض أهل البيتعليهم‌السلام

ـ موالاة أهل البيتعليهم‌السلام : حديث الثقلين وحديث الغدير

ـ أشعار في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام .

١١٩
١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

لعدم الخلافة أسباب أخر غير الموت، لكنا نمنع نظراً إلى أن من قال السّلطان في حقه أنه ابني بمنزلة زيد ابني، وأنه أميري ومن أركان دولتي بمنزلة زيد أميري، وأنه وليّ عهدي كما كان الرضاعليه‌السلام ولي عهد المأمون، وهارون ولي عهد موسىعليه‌السلام ، ونحو ذلك، وفرضنا في كلّ من تلك الصور أنّ المشبّه به والمنزّل عليه فات وحلّه الموت، وبقي الذي اثبت له تلك المناصب، لم يخطر ببال أحدٍ من وكلائه وكتب ذلك المالك إليه أن أعط زيداً الصديق لي ألف دينار من مالي، وأحسن إلى عمرو بتلك المنزلة، فإنه أيضاً صديق لي بمنزلة زيد، وفرضنا أنه قبل أنْ يصل كتابه إلى وكيله مات زيد، لم يحكم أحد من العلماء والعقلاء أنّ فوت ذلك الإعطاء بالنسبة إلى زيد بسبب موته، أوجب فوت الإعطاء بالنسبة إلى عمرو الذي هو موجود حي، وهذا كله ظاهر لا يخفى ».

وأمّا قول الرازي - لإثبات دخول نفي الخلافة في عموم « المنزلة » -:

« لأنّا نقول: أمّا الأول فجوابه: ان معنى قوله: أنت مني ».

فنقول:

أوّلاً : لا يخفى أن هذا الكلام مبطل لكلّ ما ذكره الرازي من قبل في ردّ عموم المنازل، لأنه إذا كان معنى الحديث - كما قال -: « إن حالك معي أو عندي كحال هارون من موسى، وهذا القول يدخل تحته أحوال هارون نفياً وإثباتاً » كان الحديث دالّاً على عمومٍ يزيد على العموم المطلوب للإماميّة، لأنّهم يقولون بعموم الأحوال إثباتاً، والرازي يثبت العموم بالنسبة إلى أحواله نفياً أيضاً.

وثانياً : قد عرفت سابقاً - حسب كلمات المحقّقين من علماء الحديث -

١٤١

أن لفظ « المنزلة » لا يتناول نفي الخلافة التي معناها - كما نصّوا - مراتب القرب والإتّصال، فلا يدخل نفي الفضل والكمال تحت الحديث أبداً.

وثالثاً : إنه يَبطُلُ إدخالُ الأحوال المنفيّة بما ذكره الرازي نفسه من حمل الحديث على السبب، ولزوم التوقّف فيما عدا ذلك.

ورابعاً : إنه باطل بكلمات ( الدهلوي ) ووالده، وبتحقيقات تلميذه الرشيد والكابلي وغيرهم وقد تقدّمت نصوص تلك الكلمات.

وخامساً : إن مَدلول لفظ « المنزلة » لا يدخل فيه « النفي » كما عرفت من نصوص كبار علماء اللغة.

وسادساً : لو سلّمنا شمول مدلول لفظ « المنزلة » للأحوال المنفيّة، لكن المتبادر من الحديث إثبات الفضائل والمناقب، فلا يتناول نفي الخلافة، ويشهد بما ذكرنا: أنّ علماء أهل السنّة - قديماً وحديثاً - يصرّحون بأنّ هذا الحديث إنما صدر من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تسليةً لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ودفعاً لطعن المنافقين والمرجفين، فلو كان مدلوله نفي الخلافة والإمامة لم يكن لإيراده في مقام التسلية وجه، بل يكون حينئذٍ تأييداً لإرجاف المرجفين وطعن المنافقين!

هذا، وكأنّ الرازي إلتفت إلى سخافة ما ذكره وما يترتب عليه من الفساد فقال: « إن إفادة الكلام لهذا النفي لا يمنع من دلالته على الفضل » ثم قرّر ذلك بكلامٍ ظاهر الإختلال غير مرتبط بالبحث لأن عدم استقباح الكلام الذي ذكره عن الإمام الثاني إنّما هو لطلب الإنسان الآخر منه تولية بلدةٍ أخرى. وليس فيما نحن فيه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام طلب ولاية، حتّى يقاس أحدهما على الآخر، وكلّ ما فيه - كما يظهر من روايات أئمة أهل السنّة - أنّ المنافقين زعموا أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما خلّفهعليه‌السلام إستثقالاً

١٤٢

وتخفّفاً منه، فخرجعليه‌السلام حتى لحق به فأخبره بما قالوا، فقال: كذبوا فهل يعقل أنْ يخبره في هذه الحالة بنفي الخلافة التي هي أعظم المنازل وأجلّ الفضائل؟!

وبالجملة، في المثال الذي ذكره يوجد طلب وافتراح من الإنسان الآخر، ولا يوجد طعنٌ عليه من أحد، فلم يقبح من الإمام الثاني عدم توليته البلدة الأخرى فالمثال لا علاقة له بما نحن فيه.

ولو فرضنا أنّ الإنسان الآخر لم يطلب من الإمام الثاني تولية بلدةٍ أخرى، بل طعن أعداؤه فيه بسبب توليته البلدة المعيّنة فقط، وقالوا: بأن الإمام الثاني إنما ولّاه أمارة تلك البلدة لأجل إبعاده وطرده عن مركز الخلافة والإمامة، لشدّة كراهيّته له فتألّم هذا الإنسان ممّا قالوا في حقّه وانكسر خاطره، حتى حضر عند الإمام الثاني فأبلغه مقالتهم ففي هذه الحالة لو قال الإمام الثاني: أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة من تولّى هذه البلدة في حال حياة الإمام الأول ولم يكن خليفةً عنه من بعده، فلا تنال ولاية هذه البلدة وغيرها من البلاد من بعدي؟! كان هذا الكلام مستقبحاً مستنكراً جدّاً، لا يسلّيه ولا يطيّب خاطره أصلاً، بل كان بالعكس مؤيّداً ومؤكّداً لما قاله الأعداء فيه لا سيّما وأنه إذا كان هذا الإنسان الآخر من أخص خواص هذا الإمام الثاني، وكان متّصفاً من أوّل يومٍ بعوالي الفضائل السامية، وجلائل المناقب الراقية، باذلاً في امتثال أوامره ونواهيه من مهجته، مدافعاً عنه في جميع المواقف أعدائه وكان الإمام الثاني مشيداً دائماً بخدمات هذا الإنسان الآخر - وهو صهره وابن عمه أيضاً - معلناً مكارمه ومناقبه حتى نزّله منزلة نفسه،

١٤٣

(٢)

إمامة هارون ووصياته

١ - من التواريخ

لقد فوّض موسى إلى هارون -عليهما‌السلام - الإمامة والخلافة المطلقة الدائمة من بعده، وكذا جميع الأعمال الموقوفة على الإمامة، وفرض على بني إسرائيل جميعهم طاعته، وحرَّم عليهم مخالفته ومخالفة أولاده وهذا ما رواه وأكّد عليه المؤرّخون وأرباب السّير:

قال المؤرّخ مير خواند شاه: « إن موسى فوّض الإمامة والخلافة إلى هارون، وقرّر بقاء ذلك بحسب الوصاية في نسله وذريّته بطناً بعد بطن، وأشهد على ذلك جميع بني إسرائيل، وحرّم عليهم مخالفته ومخالفة أولاده، وأباح قتل المخالفين لهم »(١) .

كتاب « روضة الصفا » واعتباره

وذكر كاشف الظنون كتاب ( روضة الصفا ) بقوله: « روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا. فارسي، لمير خواند المؤرّخ محمد بن خاوند شاه بن محمود، المتوفى سنة ٩٠٣. ذكر في ديباجته: إن جمعاً من إخوانه التمسوا تأليف كتابٍ منقّح محتوٍ على معظم وقائع الأنبياء والملوك والخلفاء، ثم دخل صحبة الوزير مير علي شير وأشار إليه أيضاً، فباشر مشتملاً على مقدمةٍ وسبعة

___________________

(١). روضة الصفا - في أخبار موسى وهارون -.

١٤٤

أقسامٍ وخاتمة »(١) .

واعتمد العلماء والمؤلّفون على كتاب ( روضة الصفا ) ومنهم ( الدهلوي ) نفسه وأضاف بأنْ وصفه بكونه من التواريخ المعتبرة(٢) فيكون النصّ الذي ذكرناه حجةً معتبرة على ( الدهلوي ) وغيره.

وقال بدر الدين العيني: « إعلم أن التوراة اُنزلت على اليهود على يد موسى بن عمرانعليه‌السلام ، لقوله تعالى:( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً ) الآية. وهو أول كتاب نزل من السماء، لأن الذي نزل على إبراهيم وغيره من الأنبياء -عليهم‌السلام - ما كان يسمّى كتاباً، بل صحفاً

قالوا: وكان موسىعليه‌السلام قد أفضى أسرار التوراة والألواح إلى يوشع بن نون وصيّه من بعده، ليفضي إلى أولاد هارون، لأنّ الأمر كان مشتركاً بينه وبين أخيه هارونعليه‌السلام ، إذ قال:( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) وهو كان الوصي، فلمـّا مات هارون في حال حياة موسىعليه‌السلام انتقلت الوصاية إلى يوشع بن نون، وكانوا يحكمون بها وهم متمسّكون بها برهةً من الزمان »(٣) .

العيني وتاريخه

والعيني من أعيان علماء القوم، كما في كلماتهم في حقّه:

قال شمس الدين السخاوي: « محمود بن أحمد، القاضي الحنفي، أحد الأعيان، ويعرف بابن العيني.

اشتغل بالعلوم من سائر الفنون على العلماء والكبار، وكان إماماً عالماً علّامةً عارفاً بالتصريف والعربية وغيرهما، حافظاً للتاريخ واللغة، كثير

___________________

(١). كشف الظنون ١ / ٩٢٦.

(٢). التحفة الاثنا عشرية: ٢٦٤.

(٣). عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان، فصل في تحريف أهل الكتاب - مخطوط.

١٤٥

الإستعمال لها، مشاركاً في الفنون، لا يملّ من المطالعة والكتابة، كتب بخطّه جملةً وصنّف الكثير، وكان نادرةً بحيث لا أعلم بعد شيخنا أكثر تصانيف منه، وقلمه أجود من تقريره، وكتابته طريفة حسنة مع السرعة.

وحدّث وأفتى ودرّس، مع لطف العشرة والتواضع، واشتهر اسمه وبعد صيته، وأخذ عنه الفضلاء من كلّ مذهب، وممّن وسمع عليه من القدماء الكمال الشمنّي، وعلّق شيخنا من فوائده بل سمع عليه.

وذكره العلاء ابن خطيب الناصرية في تاريخه فقال: وهو إمام عالم فاضل مشارك في علوم، وعنده حشمة ومروّة وعصبيّة وديانة.

وقد قرأت عليه الأربعين التي انتقاها شيخيرحمه‌الله من صحيح مسلم، في خامس صفر سنة ٥١، وعرضت عليه قبل ذلك محافيظي، وسمعت عدّةً من دروسه »(١) .

وقال السيوطي: « العيني، قاضي القضاة بدر الدين، محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين بن يوسف بن محمود. ولد في رمضان سنة ٧٦٢ وتفقّه واشتغل بالفنون، وبرع ومهر، ودخل القاهرة، وولي الحسبة مراراً، وقضاء الحنفيّة. وله تصانيف مات في ذي الحجة سنة ٨٥٥ »(٢) .

قال: « وكان إماماً عالماً علّامة »(٣) .

وقال الأزنيقي: « ومن التواريخ: تاريخ قاضي القضاة العيني وكان إماماً عالماً علّامة بالعربية والتصريف وغيرهما »(٤) .

وقال أبو الفتح الشّهرستاني: « اليهود خاصّة هاد الرجل أي رجع وتاب،

___________________

(١). الذيل الطاهر. وانظر: الضوء اللامع ١٠ / ١٣١.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٧٣.

(٣). بغية الوعاة ٢ / ٢٧٥.

(٤). مدينة العلوم في ذكر علم التواريخ.

١٤٦

وإنما لزمهم هذا الاسم لقول موسىعليه‌السلام ( إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ ) أي: رجعنا وتضرّعنا، وهم اُمّة موسىعليه‌السلام وكتابهم التوراة، وهو أوّل كتاب نزل من السّماء، أعني أن ما كان ينزل على إبراهيم وغيره من الأنبياء -عليهم‌السلام - ما كان يسمّى كتاباً بل صحفاً، وقد ورد في الخبر عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنه قال: إنّ الله تعالى خلق آدم بيده، وخلق جنّة عدنٍ بيده، وكتب التوراة بيده. فأثبت لها اختصاصاً آخر سوى سائر الكتب.

وقد اشتمل ذلك على أسفار

وأنزل علي الألواح

قالو: كان موسى -عليه‌السلام - قد أفضى بأسرار التوراة والألواح إلى يوشع بن نون وصيّه من بعده، ليفضي إلى أولاد هارون، لأن الأمر كان مشتركاً بينه وبين أخيه هارون -عليهما‌السلام - إذ قال:( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) طه ٢٠: ٣٢ وكان هو الوصي، فلمـّا مات هارون في حال حياته انتقلت الوصاية إلى يوشع بن نون وديعةً ليوصلها إلى شبر وشبير ابني هارون قراراً، وذلك أنّ الوصية والإمامة بعضها مستقر وبعضها مستودع، واليهود تدّعي أنّ الشريعة لا تكون إلّاواحدة، وهي ابتدأت بموسىعليه‌السلام وتمّت به، فلم يكن قبله شريعة إلّاحدود عقليّة وأحكام مصلحيّة، ولم يجيزوا النسخ أصلاً »(١) .

الثناء على الشهرستاني

والثناء على أبي الفتح الشهرستاني في كلمات المترجمين له كثير، لا بأس بذكر طرفٍ منه في هذا المقام:

قال ابن خلّكان: « أبو الفتح محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر

___________________

(١). الملل والنحل ١ / ٢١٠ - ٢١١.

١٤٧

أحمد الشهرستاني، المتكلّم على مذهب الأشعري. كان إماماً مبرّزاً فقيهاً متكلّماً، تفقّه على أحمد الخوافي وعلى أبي نصر القشيري، وغيرهما. وبرع في الفقه، وقرأ الكلام على أبي القاسم الأنصاري، وتفرّد فيه، وصنّف كتباً منها كتاب نهاية الإقدام في علم الكلام، والبينات والملل والنحل، والمناهج والبينات، وكتاب المضارعة توفي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وقيل سنة تسع وأربعين. والأول أصح »(١) .

وقال اليافعي: « كان إماماً مبرّزاً، فقيهاً، متكلّماً »(٢) .

وقال الأسنوي: « قال ابن خلكان: كان إماماً مبرّزاً فقيهاً متكلّماً، واعظاً، تفقّه على الخوافي تلميذ إمام الحرمين، وعلى أبي نصر القشيري وغيرهما، وبرع في الفقه، وقرأ الكلام على أبي القاسم الأنصاري، وتفرَّد فيه في عصره، صنّف كتباً كثيرةً مشهورة »(٣) .

وقال أبو الفداء: « كان إماماً في علم الكلام والفقه، وله عدّة مصنّفات »(٤) .

وقال الأزنيقي: « وممّن أورد فرق المذاهب في العالم كلّها محمّد الشهرستاني في كتاب الملل والنحل كان إماماً مبرّزاً فقيهاً متكلّماً »(٥) .

وقال كاشف الظنون بعد ذكر الملل والنحل لابن حزم: « قال التاج السبكي في الطبقات: كتابه هذا من أشد الكتب، وما برح المحققون من أصحابنا ينهون عن النظر فيه، لما فيه من الإزراء بأهل السنّة، وقد أفرط فيه في التعصّب على أبي الحسن الأشعري، حتى صرح بنسبته إلى البدعة. وأمّا أبو الفتح الإمام محمّد بن

___________________

(١). وفيات الأعيان ٤ / ٢٧٣.

(٢). مرآة الجنان ٣ / ٢٨٩.

(٣). طبقات الشافعية ٢/١٠٦.

(٤). المختصر في أحوال البشر ٣ / ٢٧.

(٥). مدينة العلوم - في كتب الفرق.

١٤٨

عبد الكريم الشهرستاني المتوفى سنة ٥٤٨ فقد قال فيه أيضاً: هو عندي خير كتابٍ صنّف في هذا الباب، ومصنّف ابن حزم - وإنْ كان أبسط منه إلّا أنّه مبدّد ليس له نظام »(١) .

فوائد في كلام الشهرستاني

كانت العبارات المنقولة عن الكتب المذكورة صريحةً في إمامة هارون ووصياته عن موسى، وأنّه قد أفضى موسى علم التوراة والألواح وأسرارها إلى هارون، فكذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام المنزّل منزلة هارون يكون هو الإمام والوصي بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والعارف بأسرار الكتاب الإلهي دون غيره، وأنّ هذه المنازل مختصّة به وبأولاده.

لكن في عبارة الشّهرستاني فوائد:

١ - إن موسى عليه السلام أفضى بأسرار التوراة والألواح إلى يوشع ليفضي إلى أولاد هارون، فيظهر أنّ إفضاء الأسرار كان أمراً مقصوداً لموسى، وأنّ هارون هو الذي كان يختص بتلك الأسرار، ولأجل ذلك اختص أولاده بها.

٢ - وأنّ السبب في الإختصاص المذكور اشتراك هارون مع موسى في أمر الرسالة والهداية كما قال:( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) .

٣ - وأنّ هارون كان هو الوصيّ لموسى، ومن الواضح لدى كلّ مسلم أن وصاية النبي المعصوم لا تقبل الزوال والإنقطاع.

٤ - لكنّه لـمّا مات في حياة موسى انتقلت الوصاية إلى يوشع وديعةً، وأما الوصاية الأصليّة فكانت لهارون.

___________________

(١). كشف الظنون: ٥٧ ، ٢٩١.

١٤٩

٥ - وأن وصاية يوشع إنّما كانت لأجل إيصالها إلى ابني هارون، فهذا وجه آخر لكون الوصاية الأصليّة لهارون.

٦ - وأن الوصاية والإمامة تنقسم إلى مستودع ومستقر، وكانت وصاية أولاد هارون وإمامتهم مستقرّة.

وعلى ضوء هذه الاُمور نقول:

إنّ الوصاية والإمامة العامّة ثابتة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، بمقتضى عموم المنزلة، ولا أقل من حمل التشبيه على الأوصاف الظاهرة المشهورة، كما ظهر من إفادة ولي الله الدهلوي أمّا ( الدهلوي ) نفسه فيرى ضرورة الحمل على المشابهة الكاملة.

وأيضاً، إنّ ثبوت افتراض طاعة شبر وشبير، وثبوت إمامتهما ووصياتهما، يقتضي أن يكون الحسنان -عليهما‌السلام - مثلهما في جميع ذلك، وهو مقتضي تسميتهما باسم ابني هارون، كما في الحديث وستعرفه وإذا ثبت ذلك لهما ثبت لوالدهما الإمامة العامة بلا فصل، بالإجماع المركّب.

ولا يتوهّم: أنّ المراد من « قالوا » في عبارة الشهرستاني وغيره هم اليهود، فلا يتم الإستدلال.

لأنّ المراد قطعاً علماء الإسلام، لوجود الإستدلال في الكلام بالقرآن الكريم، وأيضاً قوله بعد ذلك: « واليهود تدّعي » يشهد بأنّ فاعل « قالوا » ليس اليهود. وأيضاً سكوت الشهرستاني وغيره عن مقول « قالوا » وعدم ردّهم عليه دليل على قبولهم له، فلو فرض كون القائل هم اليهود لم يسقط الإستدلال بالمقول.

وكما سكت الشهرستاني والعيني عمّا قالوا وسكوتهم دليل القبول، فإنّ بعض علماء أهل السنّة نقلوا الكلام من دون نسبةٍ إلى قائل، ممّا يدلُّ على القبول

١٥٠

له والإذعان به أيضاً ومنهم عَبد الوهاب الروداوري في ( نقاوة الملل وطراوة النحل ) ومصطفى بن خالقداد الهاشمي العبّاسي في ( توضيح الملل ).

٢ - من التّوراة

وإمامة هارون وأولاده صريح التوراة في مقامات كثيرة:

ففي الفصل الأول من السفر الرّابع:

« فكلّم الله موسى قائلاً: قدّم لسبط ليوي، فقفهم بين يدي هارون الإمام، فيخدموه ويحفظوا محفظه ومحفظ الجماعة بين بدي خباء المحضر، ويخدموا خدمة المسكن، ويحفظوا جميع آنية خباء المحضر، ومحفظ بني إسرائيل، ويخدموا خدمة المسكن، وادفع الليوانيين إلى هارون وبنيه مسلمون معطون هم له من بني إسرائيل، ووكّل هارون وينيه على أنْ يحفظوا إمامتهم، وأيّ أجنبي تقدم إليها فليقتل ».

أقول:

وكذلك أمير المؤمنين وأولاده -عليهم‌السلام - بحكم حديث المنزلة، وأنّ أي أجنبي عن الإمامة تقدّم إليها فليقتل

وفي السفر الرابع:

« الفصل الثامن عشر: فقال الله لهارون: أنت وابناك وآل أبيك معك تحملون وزر المقدس؛ وأنت وابناك معك يحملان وزر إمامتكم، وأيضاً إخوتك سبط ليوي سبط أبيك، قدّمه إلينا فينضافوا إليك ويخدموك، وأنت وابناك معك فقط بين يدي خباء الشهادة، ويحفظوا محفظك ومحفظ كل المضرب، لكن لا يتقدموا إلى آلة القدس والمذبح لئلّا يموتوا هم وأنتم والمنضافون إليك يحفظون

١٥١

حفظ خباء المضحر وجميع خدمته، وأجنبي لا يتقدم إليكم، وليحفظوا حفظ المقدس وحفظ المذبح، ولا يكون زيادة سخط على بني اسرائيل، فإني إنما أخذت إخوتكم الليوانيين من بين بني إسرائيل، وجعلتهم هبة لكم الله، ليخدموا خدمة خباء المحضر، وأنت وبنوك معك تحفظون إمامتكم لجميع أمور المذبح وداخل السِجف فتخدمونه، فقد جعلت إمامتكم خدمة موهونة، وأيّ أجنبي تقدم إليها فليقتل، ثم وكّل الله هارون فقال: إني قد أعطيتك حفظ رفائعي من جميع أقداس بني إسرائيل، أعطيتك إيّاها مسحاً وبنيك رسم الدهر، هذا يكون لك من خواص الأقداس من بعد المحرق، من جميع قرابينهم وبرّهم وذكاتهم وقربان الاثم الذي يأتوني به، فهو من خواص الأقداس لك ولبنيك ».

وفي السّفر الرابع:

« الفصل السادس عشر: وتقدّم قورح بين يِصهار بن قهاث بن ليوي، وداثان وأبيرام ابنا الياب واون بن فالث بنوراوبين، فقاموا أمام موسى وأناس من بني إسرائيل خمسون ومائتان اشراف الجماعة دعاة محضر وذوو أسماء، فتجوَّقوا على موسى وهارون وقالوا لهما: ما حسبكما رياسة، إذ الجماعة كلهم مقدسون، وفيما بينهم نور الله، فما بالكما تتشرفان على جوق الله؟ فسمع ذلك موسى ووقع على وجهه، فكلّم قورح، وكلّ جموعه وقال لهم: غداً يعرف الله من هوله ومن المقدس فيقرّ به إليه، ومن يختاره يقرّبه إليه، إصنعوا خلّة خذوا مجامر ياقورج وكلّ جموعه، واجعلوا عليها ناراً وألقوا فيها بين يدي الله غداً فاي رجل اختاره الله، فهو المقدس، حسبكم ذلك يا بني ليوي، ثم قال لهم موسى: اسمعوا يا بني ليوي، أقليل عندكم أنْ أفرزكم إله اسرائيل من جماعتكم، فقرّبكم إليه لتخدموا خدمة مسكنة، وتقفوا بين يدي الجماعة تخدمونهم، فكذاك قرّبك وسائر إخوتك بني ليوي معك، حتى طلبتم الإمامة أيضاً

١٥٢

فكلّم الله موسى قائلاً: مر الجماعة وقل لهم: ارتفقوا من حوالي مسكن قورح وداثان وابيرام. فقام موسى ومضى إلى داثان وابيرام، ومضى معه شيوخ بني إسرائيل، فكلّم الجماعة وقال لهم: اجتنبوا أخبية هؤلاء اقوم الظالمين، ولا تدقوا بشيء ممّا هو لهم، كيلا تتساقوا بجميع خطاياهم، فارتفعوا عن حوالي مسكن قورح وداثان وابيرام، وهما خرجا أيضاً وانتصبا على ابواب خيمهما ونساؤهما وبنوهما وأطفالهما. فقال موسى: بهذه تعلمون أن الله بعث بي لأعمل جميع هذه الأعمال، وليس ذلك من تلقاء نفسي، إنْ مات هؤلاء كموت كلّ الناس، وطولبوا كمطالبتهم، فليس الله بعث بي، وإنْ خلق الله خلقاً بأنْ تفتح الأرض فاهاً فتبلعهم وجميع مالهم، فينزلون أحياء إلى الثرى، علمتم أن هؤلاء قد عصوا الله.

فكان عند فراغه من قول هذا الكلام أنْ انشقّت الأرض التي تحتهم، وفتحت فاهاً فابتلعتهم وبيوتهم، وكل إنسان لقودح وجميع السرح، فنزلوا هم وجميع ما لهم أحياء إلى الثرى وتعطّعت عليهم الأرض وبادوا من جميع الجوق وجميع بني إسرائيل الذين حواليهم هربوا من شدة صوتهم، قالوا: كيلا تبتلعنا الأرض، ونار أخرجت من عند الله وأحرقت المائتين وخمسين رجلاً مقربي البخور.

وكلّم الله موسى قائلاً: مر العازار بن هارون الإمام بأنْ يرفع المجامر من بين يدي المحرقين ويذر النار هناك، لأنها قد تقدست، وأما مجامر أولئك المخطئين على نفوسهم فيصنعونها صفائح رقاقاً غشاء للمذبح، فإنهم لما قدّموها بين يدي الله قد تقدست وتصير علامةً لبني إسرائيل.

وأخذ العارزار الإمام مجامر النحاس التي قدّمها المحرقون فارقوها صفائح للمذبح ذكراً لبني إسرائيل، كي لا يتقدم رجل أجنبي ممّن ليس هو من

١٥٣

نسل هارون، ليبخّر بخوراً بين يدي الله ولا يكون كقورح وكجموعه كما نزّل الله على يد موسى فيه».

وفي الفصل الثلاثون من السفر الثاني:

« والمائدة وجميع آنيتها والمنارة وآنيتها ومذبح البخور ومذبح الصعيدة وجميع آنيته والحوض ومقعده وقدس جميعها تكن من خواص الأقداس، كل من دنا بها تقدس وتمسح هارون وبنيه وقدسهم، ليؤمّوا لي، ومر بني إسرائيل قائلاً: يكون هذا دهن مسح القدس لي لأجيالكم لا يدهن به بدن إنسان، ولا تصنعو مثله على هيئته، وكما هو قدس كذاك فليكن قدساً لكم، أي إنسانٍ تعطّر بمثله أو جعل منه على أجنبي ينقطع من قومه ».

وفي السفر الثاني:

« الفصل الخامس والثلاثون وثياب القدس لهارون الإمام وثياب بنيه للإمانة ».

وفي السفر الثاني:

« الفصل التاسع والثلاثون صنعوا ثياب القدس التي لهان كما أمر الله موسى به

الفصل الأربعون: ثم كلّم الله موسى قائلاً وقدّم هارون وبنيه إلى باب خباء المحضر، فاغسلهم بالماء، وألبس لهارون ثياب القدس وامسحه وقدّسه، ليؤمَّ لي، وقدّم بنيه وألبسهم تونيات وأمسحهم كما مسحت أباهم، ليؤموا لي، ويكون مسحهم لهم إمامة الدهر لأجيالهم.

وعمل موسى بجميع ما أمره الله به ».

وفي السفر الثالث:

« الفصل الأول: ودعا الله موسى فخاطبه من خباء المحضر قائلاً: خاطب

١٥٤

بني إسرائيل قائلاً: أي إنسان منكم قرّب قرباناً من البهائم فليقرّبه وليقدم بنو هارون الأئمة الدم، ويرشح الإمام عند المذبح الذي عند باب خباء المحضر مستديراً، ويسلخ الصعيدة وبعّضها أعضاء، ويشعل بنو هارون الإمام ناراً على المذبح، وينضدوا عليها حَطباً وينضدوا بنو هارون الإمام الأعضاء والرأس والقصبة على الحطب الذي على النار ».

وفي السفر الرابع:

« الفصل الرابع: ثم كلّم الله موسى وهارون قائلاً: ارفعوا جملة بني قهّاث من بني ليوي بعشائرهم وبيوت آبائهم ».

أقول:

فقد جاء في هذه النصوص وغيرها أنّ الله كلّم موسى عن هارون ووصف هارون وبنيه بالإمامة، وأمرهم بالقيام بشئون الإمامة ووظائفها وهذه الإمامة لم تكن مؤقتةً بوقتٍ بل كانت دائمةً غير منقطعة أبداً.

ولـمّا كان أمير المؤمنين -عليه‌السلام - نازلاً منزلة هارونعليه‌السلام ، فإنّ رتبة الإمامة ثابتة له في حياة الرسول وبعد وفاته -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وكذا الحسنان من بعده، وأن على الاُمة مراجتهم في جميع الاُمور والإنصياع لأوامرهم، وأن تقدّم الأجنبي عليهم في أمر الإمامة حرام.

احتجاج الدهلوي بالعهدين

فإنْ قيل: إنّ الإستدلال بعبارت التوراة لإثبات إمامة الأميرعليه‌السلام ليس في محله، لوجود التحريف والتّبديل في التوراة، وسقوطها عن درجة الإعتبار لدى العلماء الكبار.

١٥٥

قلنا:

أولاً : إنّ ( الدهلوي ) إحتج بالتوراة في العقيدة التاسعة، من باب النبوة، من كتابه ( التحفة )، وكذا بالإنجيل والزّبور(١) لإثبات أن نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبعوث إلى الخلق كافّة فكما أن عبارات هذه الكتب في إثبات مطلبه حجة، كذلك هي حجة في إثبات مطلبنا.

مؤيّدات الإمامية في التوراة كما نقل السنّة

وثانياً : إنّ السبب الوحيد لعدم قبول القوم تلك العبارات الدالّة على الامامة، هو كونها مؤيّدةً مذهب الإمامية، وإلّا ففي التوراة وغيرها من الكتب السابقة عبارات أخرى تؤيّد مذهب الإمامية، نقلها الأعلام أهل السنّة ووافقوا عليها واستشهدوا بها فكما تلك مقبولة عندهم فكذا ما ذكرنا من العبارات

ومن العبارات المؤيّدة لمذهب الإمامية الموجودة في التوراة كما نقل أعلام السنّة.

ما ذكره الرازي ( في تفسيره ) - في تعداد البشارات بنبوّة نبيّنا الأكرم:

« الخامس - روى السّمان في تفسيره، عن السفر الأول من التوراة: إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم صلوات الله عليه وقال: قد أجَبتُ دعاءك في إسماعيل وباركت عليه فكبّرته وعظّمته جدّاً جدّاً، واجعله لاُمة عظيمة، وسيلد اثني عشر عظيماً، والإستدلال به: إنه لم يكن في ولد إسماعيل من كان لاُمّة عظيمة غير نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم ».

وقال شهاب الدين القرافي المالكي(٢) : « الباب الرابع - فيما يدل من كتب

___________________

(١). التحفة الاثنا عشرية: ١٦٩.

(٢). شهاب الدين أحمد بن إدريس، المتوفّى سنة ٦٨٤.

١٥٦

القوم على صحة ديننا ونبوّة نبيّناعليه‌السلام ، وأنهم لمخالفته كافرون، ولمعاندة الله تعالى مبعدون عن رحمته، معارضةً لاستدلالاتهم بكتابنا على صحة دينهم وأنا أذكر من البشائر الدالّة على صحة ديننا خمسين بشارة:

البشارة الأولى - في السفر الأول من التوراة، في الفصل العاشر: قال الله تعالى لإبراهيمعليه‌السلام : في هذا العام يولد لك ولد اسمه إسحاق، فقال إبراهيم: لست إسماعيل، هذا يحيى بين يديك بمجدك. فقال الله تعالى: قد استجيب لك في اسماعيل، إني اُباركه واُعظّمه جدّاً جدّاً بما قد استجبت فيه، وأصيّره لاُمة كثيرة، اُعطيه شعباً جليلاً، وسيلد اثني عشر عظيماً »(١) .

وقال رحمة الله الهندي: « البشارة الرابعة » في الآية العشرين، من الباب السابع عشر، سفر التكوين: وعد الله في حق إسماعيلعليه‌السلام لأبراهيمعليه‌السلام في الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨٤٤ هكذا: وعلى إسماعيل استجيب لك هو ذا اُباركه واُكبره واُكثّره جدّاً، فسيلد اثني عشر رئيساً، وأجعله لشعبٍ كبير »(٢) .

البشارة بالأئمة الاثنى عشر كما نقل السنة واعترفوا

ولا يخفى، أنّ ما جاء في نقلهم عن التوراة من أنه سيلد إسماعيل اثني عشر عظيماً، إنّما هو بشارة بالأئمة الاثني عشر من أهل بيت النبي والعترة الطاهرة وهذا وإنْ لم يعترف ويصرّح به كلّهم، فقد جاء في اعتراف بعضٍ منهم:

فقد قال العلامة جواد بن إبراهيم ساباط الحنفي: « وترجمته بالعربية: وأمّا إسماعيل فإني قد سمعت دعاءك له، وها أنا ذا قد باركت فيه وجعلته

___________________

(١). الاجوبة الفاخرة عن الاسئلة الفاجرة - الباب الرابع.

(٢). اظهار الحق: ٢١٣.

١٥٧

مثمراً، وساُكثّره تكثيراً، وسيلد اثني عشر ملكاً، وساُصيّرهم اُمّةً عظيمة.

أقول: ذهب اليهود والنصارى إلى أن المراد بالملاك الاثني عشْر أولاد إسماعيل الاثنا عشر، وهو باطل، لأنهم لم يتملّكوا، ولم يدّعوا الملكيّة.

والحق: إنه في شأن الأئمة الاثني عشر، التي تعتقد الشيعة عصمتها، وسيأتي بيان ذلك في ذكر المهدي، عجل الله بظهوره »(١) .

وممّا جاء في الكتب السابقة مؤيّداً لمذهب الإمامية: ما ذكره الشيخ جواد ساباط في كتابه تحت عنوان « فيما يخص بمحمد وأولاده على الإجمال وما يخص مكة شرّفها الله ». فإنه أورد عبارةً من سفر رؤيا يوحنا وترجمها إلى العربية فقال:

« أقول: هذه سبعة براهين متواترة مترادفة، في الإصحاح - ٢ و ٣ - من رؤيا يوحنا بن زيدي، تدل دلالةً صريحةً على بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وعلى نبوّته العامة، وقبلته الجديدة، وعلوّ درجته، تغافل النصارى عنها، وأوّلوها تأويلاتٍ ركيكة لا تستقيم على شيء منها حجة، ولا يثبت برهان ».

ثم ذكر رؤيا يوحنا ثم قال:

« فاعلم: أن هذه الرّؤيا على ما يعتقده النصارى رؤيا رآها يوحناعليه‌السلام ، تشتمل على الأخبار التي حدثت في العالم، من ارتفاع المسيحعليه‌السلام إلى بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ومن وفاته إلى ظهور المهديرضي‌الله‌عنه ، ومن وفاته إلى قيام الساعة. ولا شك في أنها تدل على جميع ذلك، وأنها كلام الله تعالى، لكني لست بمطمئن الخاطر من تحريفها، ومع ذلك لا شك أن أماكن الإستدلال فيها قائمة على دعائمها الأصلية، فمن جملة ذلك الموتة الثانية.

___________________

(١). البراهين الساباطية فيما تستقيم به الملة المحمدية.

١٥٨

وهي عند النصارى عبارة من موت الإنسان في الذنب، أي انهماكه فيه لا غير. وأما البعث فإنهم يعترفون بقيام جميع الناس عند ظهور المسيح، وبخلود أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، ولم يتعرّضوا للبحث في هذا المقام.

وعند اليهود عبارة عن الموتة التي لا تكون بعدها موتة وفيه ما فيه

وعند المسلمين، أما أهل السنّة والجماعة، فالظاهر أنهم لا يعترفون بموتةٍ ثانية، ولم يذكروا إلّا الموتة الاُولى والحياة الثانية، وبعدها يساق الذين آمنوا إلى الجنة والذين كفروا إلى النار، وقالوا: إن الاستثناء في مثل( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى ) منقطع.

وأمّا الاماميّة فيقولون: إنه إذا ظهر المهدي -رضي‌الله‌عنه - ونزل عيسىعليه‌السلام ، يرجع حينئذٍ محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلي وفاطمة والحسنان - رضي الله عنهم -، ويرجع معهم الأبرار والفجار، وتستقلّ لهم المملكة. واستدلّوا بآيات كثيرة منها قوله تعالى:( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ) وقالوا: إنّ علي بن إبراهيم وسهل بن عبدالله، قد رويا عن الصادقرضي‌الله‌عنه : إن يوم يقوم الأشهاد يوم رجعة محمد صلّى الله عليه وسلّم. وبقوله تعالى:( رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) وفيه بحث »(١) .

فالموتة الثانية التي ذكرها يوحنا لا تنطبق إلّاعلى مذهب الإمامية وأما قوله: « وفيه بحث » فكلام مجمل، فإنْ أراد الإشكال في مذهب الإمامية، ففي كلماته الآتية الخالية من هذا التشكيك كفاية

وذكر جواد ساباط في بيان الاُمور المستفادة من رؤيا يوحنا:

« ومنها - الحصاة البيضاء، وهي يدفعها عيسى أو روح القدسعليها‌السلام إلى المظفّر، وهو الذي يكون بعده، ولا يفهم ما كتب عليها إلّا من

___________________

(١). البراهين الساباطية. البرهان الأول من المقالة الثالثة من التبصرة الثالثة.

١٥٩

يأخذها، ولا شيء يشابه ذلك في مذاهب أهل السنّة والجماعة. وذهب الإمامية إلى أنّ جبرئيلعليه‌السلام قد أعطى ذلك محمداً صلّى الله عليه وسلّم، وهو دفعه إلى علي -رضي‌الله‌عنه - وهلمّ جرّاً إلى الحسن بن عليرضي‌الله‌عنه - وهو دفعها إلى المهدي ».

وقال في ( البراهين الساباطيّة ):

« قوله: المظفّر لا تضرّه الموتة الثانية، يريد به محمداً صلّى الله عليه وسلّم، والموتة الثانية مرّ ذكرها في مقدمة البحث ».

وقال في ( البراهين الساباطية ):

« قوله: واكتب إلى ملك كنيسة بيرغاموس، وهي بلد في عرض ٣٩ درجة و ٢٠ دقيقة من الشمال، وطول ٤٠ درجة من الطول الجديد. قوله: هذا ما يقول ذو السيف الحاد إني قد عرفت الخ. إشارة إلى حسن اعتقادهم وعدم انحرافهم عن دينه في أوان الشبهات، إلّا أن بعضهم كانوا يستعملون الرياضات والطلاسم، مثل بلعام باعور، فمنع عن ذلك وجرحهم به، وبعضهم ببدع النيقود يمسيين، وهي إضافة إلى نيقود يمس وهو شماس دهري، فمنعهمعليه‌السلام عن اتّباع شبهاته، ونيقوديمس هذا ليس بنيقوديمس الذي ذكر في ٣ - ١ - من يوحنا، فإن ذلك كان من مقدسي النصارىرحمه‌الله . ثم قال:

إن تركت هذين الأمرين، وسلكت في سبيل الرشاد الذي أمرتك بسلوكه، وإلّا جئت وحاربتك بسيف فمي. قال بعض النصارى: إنه يريد بسيف فمه سيف الله أبيه، فعلى هذا التقرير يكون المراد به عليّاً -رضي‌الله‌عنه - لأنه هو سيف الله الذي قاتل مشركي اليهود والنصارى ».

وقال في ( البراهين الساباطية ):

« قوله: إنّي ساُطعم المظفّر من المن المكتوم. يريد به محمداً صلّى الله

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421