تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 431868 / تحميل: 5956
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

تَذْكِرَةُ الْفُقَهاء

الجزء الرّابع عشر

تأليْفُ : العَلّامِةَ الحِليْ

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

٥

المقصد الثالث : في التفليس‌

وفيه فصول :

الأوّل : المفلس مَنْ ذهب خيار ماله وبقي دونه ، وصار ماله فلوساً زيوفاً.

والإفلاس مأخوذ من الفلوس. وقولهم : أفلس الرجل ، كقولهم : أخبث ، أي : صار أصحابه خُبثاء ؛ لأنّ ماله صار فلوساً وزيوفاً ، ولم يبق له مال خطير ، وكقولهم : أذلّ الرجل ، أي : صار إلى حالة يذلّ فيها. وكذا أفلس ، أي : صار إلى حالة يقال فيها : ليس معه فلس ، أو يقال : لم يبق معه إلّا الفلوس ، أو كقولهم : أسهل الرجل وأحزن : إذا وصل إلى السهل والحزن ؛ لأنّه انتهى أمره وما صرفه إلى الفلوس.

والأصل أنّ المفلس في العرف هو الذي لا مال له ولا ما يدفع به حاجته ، ولهذا لـمّا قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتدرون مَن المفلس؟ » قالوا : يا رسول الله المفلس فينا مَنْ لا درهم له ولا متاع ، قال : « ليس ذلك المفلس ، ولكن المفلس مَنْ يأتي يوم القيامة حسناته أمثال الجبال ويأتي‌

٦

وقد ظلم هذا وأخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن بقي عليه شي‌ء أخذ من سيّئاتهم فيردّ عليه ثمّ صلّ في النار »(١) .

هذا في عرف اللغة ، وأمّا في الشرع فقيل : مَنْ عليه الديون بحيث لا يفي بها ماله(٢) . وشمل مَنْ لا مال له البتّة ، ومَنْ له مالٌ قاصر.

وسُمّي مفلساً وإن كان ذا مال ؛ لأنّ ماله يستحقّ الصرف في جهة دَيْنه ، فكأنّه معدوم ، وقد دلّ عليه تفسير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : مفلس الآخرة ، فإنّه أخبر أنّ له حسنات كالجبال لكنّها دون ما عليه ، فقُسّمت بين الغرماء ، فبقي لا حسنة له. ومِثْلُ هذا الرجل يجوز للحاكم الحَجْر عليه بشرائط تأتي.

وهذا التعريف شامل لمن قصر ماله ومَنْ لا مال له ، فيحجر عليه في المتجدّد باحتطابٍ وشبهه.

والفلس سبب في الحجر بشروط خمسة : المديونيّة ، وثبوت الديون عند الحاكم ، وحلولها ، وقصور ما في يده عنها ، والتماس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه.

مسألة ٢٥٨ : إذا حجر الحاكم عليه ، ثبت حكمان :

[ أحدهما ](٣) : تعلّق الدَّيْن بماله وإن تجدّدت الماليّة بعد الحجر حتى لا ينفذ تصرّفه فيه بما يضرّ الغرماء ولا تزاحمها الديون الحادثة.

والثاني : أنّ مَنْ وجد عند المفلس عينَ ماله كان أحقَّ به من غيره.

ولو مات مفلساً قبل أن يحجر عليه ، تعلّقت الديون بالتركة [ و ](٤) لا فرق بين المفلس وغيره.

____________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٤ : ٤٩٢ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ ، وبمعناه في صحيح مسلم ٤ : ١٩٩٧ / ٢٥٨١ ، وسنن الترمذي ٤ : ٦١٣ / ٢٤١٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٢.

(٣ و ٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

٧

وهل يختصّ الغريم بعين ماله؟ الأقرب : أنّ له الرجوعَ إن كان ما تركه المفلس يفي بالديون ، وإن قصر فلا.

وقال أبو حنيفة : ليس للحاكم أن يحجر عليه ، فإن أدّى اجتهاده إلى الحجر عليه وفَعَل وأمضاه حاكمٌ ، ثبت الحجر ، وليس له التصرّف في ماله ، إلّا أنّ المبيع الذي يكون في يده يكون أُسوةَ الغرماء ، وليس للبائع الرجوعُ فيه(١) .

وهو خطأ ؛ فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حجر على معاذ.

قال عبد الرحمن بن كعب(٢) : كان معاذ بن جبل من أفضل شباب قومه [ و ](٣) لم يكن يمسك شيئاً ، فلم يزل يُدان حتى أغرق ماله في الدَّيْن ، فكلّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غرماءه ، فلو تُرك أحد من أجل أحدٍ لتُرك معاذ من أجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فباع لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مالَه حتى قام معاذ بغير شي‌ء(٤) .

قيل : إنّما لم يترك [ الغرماء ](٥) لمعاذ حين [ كلّمهم ](٦) النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّهم كانوا يهوداً(٧) .

مسألة ٢٥٩ : إذا مات المفلس ووجد البائع عين ماله‌ ، فقد نقلنا‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٥ و ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤ ، المغني ٤ : ٤٩٤ و ٥٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٠ و ٥٩٣.

(٢) في المصادر - ما عدا المغني - : « كعب بن مالك » لا « عبد الرحمن بن كعب ».

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) سنن البيهقي ٦ : ٤٨ ، المستدرك - للحاكم - ٣ : ٢٧٣ ، المصنّف - لعبد الرزّاق - ٨ : ٢٦٨ / ١٥١٧٧ ، المغني ٤ : ٤٩٣ و ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٥.

(٥) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « كلّموا ». وما أثبتناه من المصدر ، وهو الموافق لما في بقيّة المصادر المذكورة في الهامش (٤)

(٧) المغني ٤ : ٤٩٣.

٨

الخلافَ فيه ، وقلنا : إنّه لا يختصّ به البائع إلّا مع الوفاء ، وبه قال مالك(١) ، خلافاً للشافعي وأحمد(٢) .

وذلك لأنّ الميّت قد انقطع تحصيله ولا ذمّة له ، فلو خصّصنا البائع بسلعته مع عدم وفاء التركة بالديون ، كان إضراراً بباقي الدُّيّان ؛ لحصول اليأس من استيفاء الحقّ منه ، فوجب اشتراك جميع الدُّيّان في جميع التركة ؛ عملاً بالعَدْل.

ولأنّ الأصل عدم الرجوع ؛ لانتقال العين إلى المفلس بالشراء ، تُرك العمل به في صورة الحيّ ؛ للإجماع والنصّ ، فيبقى الباقي على حكم الأصل.

ولما رواه العامّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البائع من ثمنه شيئاً فوجده بعينه ، فهو أحقّ به ، وإن مات فهو أُسوة الغرماء »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه أبو ولّاد - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل باع من رجل متاعاً إلى سنة فمات المشتري قبل أن يحلّ ماله وأصاب البائع متاعه بعينه ، له أن يأخذه إذا تحقّق له؟ قال : فقال :

____________________

(١) المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٣٧ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٨ ، المعونة ٢ : ١١٨٦ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤١٨ ، المغني ٤ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : (٣)

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٧٣ ، الوسيط ٤ : ٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٣ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٨ ، المغني ٤ : ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٨ ، وفي الأخيرين قول أحمد على العكس ، لا ما نُسب إليه في المتن ، وأمّا المنسوب إليه فهو في « العزيز شرح الوجيز » فلاحظ.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٦ - ٢٨٧ / ٣٥٢٠ و ٣٥٢٢.

٩

« إن كان عليه دَيْنٌ وترك نحواً ممّا عليه فيأخذ إن تحقّق له ، ولو لم يترك نحواً من دَيْنه فإنّ صاحب المتاع كواحدٍ ممّن له عليه شي‌ء ، يأخذ بحصّته ، ولا سبيل له على المتاع »(١) .

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ أكثر الشافعيّة ذهبوا إلى أنّه إذا مات وخلّف وفاءً ، لم يكن لصاحب السلعة الرجوعُ فيها(٢) .

وقال بعضهم : إنّ له أن يرجع فيها إذا مات المشتري وخلّف وفاءً(٣) ، كما ذهبنا إليه ؛ لما قلناه من حديث(٤) أبي هريرة ، وما رويناه من طريق الخاصّة عن الصادقعليه‌السلام .

ولأنّ قبض ثمن السلعة من التركة لا يستقرّ ؛ لأنّه ربما ظهر غريمٌ آخَر فيلزمه ردّ بعض ما أخذه أو كلّه.

واحتجّ الشافعي : بأنّ ماله يفي بقضاء ديونه ، فلم يكن لصاحب السلعة الرجوعُ فيها ، كما لو كان حيّاً(٥) .

والفرق ظاهرٌ ؛ فإنّ الحيّ يرجع إلى ذمّته لو خرج المقبوض مستحقّاً ، بخلاف الميّت.

واعلم أنّ الشافعي ردّ على مالك - حيث لم يجوّز له الرجوع بعين المال بعد موت المفلس - : قد جعلتم للورثة أكثر ممّا للموروث الذي عنه(٦)

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٩٣ / ٤٢١ ، الاستبصار ٣ : ٨ / ٢٠.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٣ ، المغني ٤ : ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٨.

(٤) تقدم تخريجه في ص ٨ ، الهامش (٣)

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٣.

(٦) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « عنه » : « عليه ». والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.

١٠

ملكوا ، وأكثر حال الوارث أن لا يكون له إلّا ما للميّت(١) .

وقد اعترضه المزني بأنّه قال في الحبس : إذا هلك أهله رجع إلى أقرب الناس بالمحبس. فجَعَل لأقرب الناس بالمحبس [ في حياته ] ما لم يجعل للمحبس(٢) .

وأُجيب عن كلام المزني : بأنّ الواقف إذا وقف وقفاً منقطعاً هل يصحّ؟ قولان ، فإن قلنا : يصحّ ، فإنّه يرجع إذا انقرض الموقوف عليهم إلى الفقراء من أقارب الواقف ، لا على سبيل الميراث عنه ، وإنّما جعله صدقة ، وسبيل الصدقة الفقراء والمساكين ، فجعل أقارب الواقف أولى من غيرهم ، فأمّا الواقف فلا ترجع إليه صدقته ؛ لأنّه لا يكون متصدّقاً على نفسه ، وفي مسألتنا هذه جعل حقّ الورثة آكد من حقّ مورّثهم ، فاختلفا(٣) .

مسألة ٢٦٠ : المنع من التصرّف يفتقر إلى حكم الحاكم بالحجر إجماعاً‌ ، فلو لم يحجر عليه الحاكم ، نفذت تصرّفات المفلس بأسرها ، وليس للغرماء منعه من شي‌ء منها إلّا بعد حجر الحاكم عليه.

أمّا الرجوع إلى عين المبيع أو عين القرض أو غير ذلك من أمواله التي هي معوّضات الديون فهل يفتقر صاحبها إلى سبق الحجر كمنع التصرّف أم لا؟ فيه إشكال ينشأ : من قولهعليه‌السلام : « أيّما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه إذا وجده بعينه »(٤) - الذي رواه العامّة - أثبت الأحقّيّة بمجرّد الإفلاس ، ومن طريق الخاصّة : رواية الكاظمعليه‌السلام وقد سأله‌

____________________

(١ و ٢) مختصر المزني : ١٠٢ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٢٧٤.

(٤) المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٠ / ٢٣٦٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٩ / ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : (٥)

١١

عمر بن يزيد عن الرجل يركبه الدَّيْن فيوجد متاع رجل عنده بعينه ، قال : « لا يحاصّه الغرماء »(١) ولم يشرط في ذلك الحجر ، ومن أنّه مالٌ انتقل إليه بعقدٍ شرعيّ ، فلا يخرج عنه إلاّ بوجهٍ شرعيّ ، ولا وجه إلّا الحجر ، فإنّه يمنعه من التصرّف فيه ، فيتحقّق حينئذٍ أولويّة البائع والمقرض وغيرهما بعين أموالهم.

على أنّ الأحقّيّة في حديث العامّة لا تقتضي الأخذ بدون الحجر ، فيجوز أن يكون « أحقّ » على معنى أنّ له التمكّن من الرجوع إلى عينه بسلوك الأسباب المفضية إليه ، ومن جملتها : طلب الحجر ، والإفلاس يفيد الأحقّيّة.

وكذا في حديث الكاظمعليه‌السلام في قوله : « لا يحاصّه الغرماء » فإنّه لا يقتضي جواز الأخذ من غير حجر.

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٩٣ / ٤٢٠ ، الاستبصار ٣ : ٨ / ١٩.

١٢

١٣

الفصل الثاني : في شرائط الحجر عليه‌

قد ذكرنا(١) أنّ الشرائط خمسة : المديونيّة - ولا بُدَّ منه ؛ فإنّ مَنْ لا دَيْن عليه لا يجوز الحجر عليه ، غنيّاً كان أو فقيراً - مع بلوغه ورشده وعدم سفهه ، فلو حجر عليه الحاكم ، كان لغواً. ولو استدان بعد ذلك ، لم يمنع من الاستدانة ، وكذا لا يمنع من سائر التصرّفات ، ولا يؤثّر الحجر في منعه من التصرّف فيما اكتسبه من الأموال. ولأنّ سؤال الغرماء شرط(٢) في الحجر ، فلا يتحقّق من دون الدَّيْن.

مسألة ٢٦١ : من شرائط الحجر قصور أموال المديون عن الديون‌ ، فلو ساوت الديون أو فضلت عنها ، لم يجز الحجر عند علمائنا - وهو أحد قولي الشافعي - لأصالة عدم الحجر ، ورفع اليد عن العاقل ، ثبت خلافه فيما إذا قصرت أمواله عن ديونه حفظاً لأموال الغرماء ، فبقي الباقي على الأصل. ولأنّ الغرماء يمكنهم المطالبة بحقوقهم واستيفاؤها في الحال.

والثاني له : الحجر إذا ظهرت عليه أمارات الفلس(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ في ماله وفاء ديونه ، فلم يحجر عليه ، كما لو لم تظهر أمارات الفلس.

____________________

(١) في ص ٦

(٢) هذا هو الشرط الخامس كما يأتي في ص ٢٠ ، المسألة ٢٦٧.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ - ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

١٤

وقال أبو حنيفة : لا يجوز الحجر مطلقاً ، بل يُحبس الغريم أبداً إلى أن يقضيه(١) .

فروع :

أ - لا فرق عندنا في المنع من الحجر مع وفاء ماله بديونه بين أن تظهر عليه أمارات الفلس‌ - مثل أن تكون نفقته من رأس ماله ، أو يكون ما في يده بإزاء دَيْنه ولا وجه لنفقته إلّا ما في يده - أو لا تظهر بأن تكون نفقته في كسبه أو ربح رأس ماله ، خلافاً للشافعي(٢) .

ب - إذا كان مالُه يفي بديونه ، لم يُحجر عليه إجماعاً‌ ، بل يُطالب بالديون ، فإن قضاها ، وإلّا تخيّر الحاكم مع طلب أربابها منه بين حبسه إلى أن يقضي المال ، وبين أن يبيع متاعه عليه ، ويقضى به الدَّيْن ، وبه قال الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة حيث أوجب الحبس ، ومَنَع من البيع(٤) .

ج - إذا رفع الغرماء الغريمَ إلى الحاكم وسألوه الحجر عليه ، لم يُجِبْهم إلى ذلك حتى تثبت عنده الديون وقصور أمواله‌ ، فينظر في ماله هل يفي بديونه أم لا؟ فينظر مقدار ما عليه من الديون ويقوم ماله بذلك؟

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٢٤ : ١٦٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٥ ، المغني ٤ : ٥٢٩ - ٥٣٠.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٦٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ - ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٤٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٢.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٢٤ : ١٦٤ و ١٦٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٥ ، المغني ٤ : ٥٢٩ - ٥٣٠ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨.

١٥

د - معوّضات الديون والأعيان التي أثمانها عليه تقوَّم من جملة أمواله‌ - وهو أحد قولي الشافعيّة(١) - لأنّ أصحابها بالخيار بين أن يرجعوا وبين أن لا يرجعوا ويطالبوه بالثمن.

وفي الثاني : لا تُقوَّم ؛ لأنّ لأربابها الرجوع فيها ، فلا تُحسب أثمانها عليه ولا يقوّمها مع ماله(٢) .

وما قلناه أقوى.

ه- قد قلنا : إنّه إذا كان في أمواله وفاء لديونه ، لم يُحجر عليه.

وللشافعي قولٌ آخَر : إنّه يُحجر عليه مع ظهور أمارات الفلس ، فحينئذٍ - على قوله - هل يكون لمن وجد متاعه بعينه أن يرجع فيه؟ له وجهان :

أحدهما : له ذلك ؛ لقولهعليه‌السلام : « فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه »(٣) ولم يفصّل. ولأنّ الحجر موجود.

والثاني : ليس له الرجوع فيها ؛ لأنّه يصل إلى ثمنها من مال المشتري من غير تبرّع الغرماء ، فلم يكن له الرجوع في العين ، كما قبل الحجر(٤) .

و - لو لم يكن له مالٌ البتّة ، ففي جواز الحجر عليه إشكال‌ ينشأ : من عدم فائدة الحجر ، وهي التحفّظ بما في يده عن الإتلاف ، ومن الاكتفاء بمجرّد الدَّيْن لجواز الحجر منعاً له من التصرّف فيما عساه يتجدّد في ملكه باصطيادٍ واتّهابٍ وظفر بركاز وغيرها.

مسألة ٢٦٢ : من شرائط الحجر ثبوتُ الدَّيْن عند الحاكم‌ ؛ لأنّ المتولّي‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٦.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٠ ، الهامش (٤)

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٢٦٥ - ٢٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ - ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥ - ٣٦٦.

١٦

للحجر الحاكم ، وليس له الحجر مجّاناً بقول مَنْ كان ، بل ما لم تثبت الديون - إمّا بالبيّنة أو بالإقرار - لم يجز له الحجر.

مسألة ٢٦٣ : ومن الشرائط كوْنُ الديون حالّةً‌ ، فلو كانت مؤجَّلةً ، لم يجز الحجر بها ، سواء كان مالُه يفي بها أو لا ؛ لأنّه ليس لهم المطالبة في الحال ، وربما يجد الوفاء عند توجّه المطالبة ، فلا تُعجَّل عقوبته بمنعه من التصرّف.

ولو كان البعض حالّاً والباقي مؤجَّلاً ، فإن وَفَتْ أمواله بالديون الحالّة ، فلا حجر ؛ لعدم اعتبار الديون المؤجَّلة. وإن قصرت عنها ، وجب الحجر.

وإذا حُجر عليه بالديون الحالّة ، لم تحلّ عليه الديون المؤجَّلة - وهو أصحّ قولي الشافعيّة ، واختاره المزني وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ المقصود من التأجيل التخفيفُ ليكتسب في مدّة الأجل ما يقضي به الدَّيْن ، وهذا المقصود غير ثابت ، بخلاف الميّت ؛ فإنّ توقّع الاكتساب منه قد بطل. ولأنّه دَيْنٌ مؤجَّل على حيّ ، فلا يحلّ قبل أجله ، كغير المفلَّس ، بخلاف الميّت ؛ فإنّ ذمّته قد بطلت.

والثاني للشافعي : أنّها تحلّ - وبه قال مالك وأحمد في الرواية الأُخرى - لأنّ الإفلاس سبب في تعلّق الدَّيْن بالمال ، فأسقط الأجل ، كالموت(٢)

____________________

(١) التنبيه : ١٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ٤٩٤ ، الوجيز ١ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٤ ، المغني ٤ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٣.

(٢) التنبيه : ١٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ٤٩٤ ، العزيز =

١٧

وقد مرّ الفرق.

ورتَّب بعضُ الشافعيّة هذين القولين على القولين في أنّ مَنْ عليه الدَّيْنُ المؤجَّل لو جُنّ هل يحلّ الأجل؟ وأنّ الحلول في صورة الجنون أولى ؛ لأنّ المجنون لا استقلال له كالميّت ، ووليُّه ينوب عنه كما ينوب الوارث عن الميّت(١) .

ورأى الجويني الترتيبَ بالعكس أولى ؛ لأنّ وليَّ المجنون له أن يبتاع له بثمنٍ مؤجَّل عند ظهور المصلحة ، فإذا لم يمنع الجنونُ التأجيلَ ابتداءً فلأن لا يقطع الأجلَ دواماً كان أولى(٢) .

وعندنا أنّ الجنون لا يوجب الحلول.

مسألة ٢٦٤ : إنّما يقسّم الحاكمُ أموالَه على الديون الحالّة خاصّةً على ما اخترناه من عدم حلول المؤجَّلة‌ ، فيبيع أمواله ويقسّمها على الحالّة بالنسبة ، ولا يدّخر شيئاً لأصحاب الديون المؤجَّلة ، ولا يدام الحجر بعد القسمة لأصحاب الديون المؤجَّلة ، كما لا يُحجر بها ابتداءً ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الآخَر : أنّها تحلّ الديون المؤجَّلة ، فيقسّم المال بين أصحاب هذه الديون والديون الحالّة ابتداءً ، كما لو مات(٣) .

وإن كان في الديون المؤجَّلة ما كان ثمن مبيعٍ وهو قائم عند المفلس ، فلصاحبه الرجوع إلى عين ماله - عنده(٤) - كما لو كان حالّاً ابتداءً.

____________________

= شرح الوجيز ٥ : ٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٤ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٣٥ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٦ ، الذخيرة ٨ : ١٧٢ ، المغني ٤ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٣.

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : (٦)

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

١٨

وقال بعض الشافعيّة : فائدة الحلول أن لا يتعلّق بذلك المتاع حقُّ غير بائعه ، ويكون محفوظاً إلى مضيّ المدّة ، فإن وجد المفلس وفاءً فذلك ، وإلّا فحينئذ يفسخ(١) .

وقيل : لا يفسخ حينئذٍ أيضاً ، بل لو باع بثمنٍ مؤجَّل وحَلَّ الأجل ثمّ أفلس المشتري وحُجر عليه ، فليس للبائع الفسخُ والرجوعُ إلى المبيع ؛ لأنّ البيع بالثمن المؤجَّل يقطع حقّ البائع عن المبيع بالكلّيّة ، ولهذا [ لا ](٢) يثبت فيه حقّ الحبس للبائع(٣) .

والأصحّ عندهم : الأوّل(٤) .

وقال أحمد : يكون موقوفاً إلى أن يحلّ الدَّيْن ، فيفسخ البائع إن شاء ، أو يترك(٥) .

مسألة ٢٦٥ : لو اشترى بعد الحجر عليه أمتعةً بأثمان مؤجَّلة أو حالّة ، دخلت في البيع في قضاء الديون‌ ، كسائر أموال المفلس ؛ لأنّه مَلَكها بالبيع ، فكانت كغيرها ، وليس لبائعها تعلّقٌ بها ؛ لأنّه لا مطالبة له في الحال إن كانت مؤجَّلةً على ما اخترناه من عدم حلول المؤجَّل بالحجر ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة على القول بعدم الحلول.

والثاني : أنّها لا تُباع ، فإنّها كالمرهونة بحقوق بائعها ، بل تُوقف إلى انقضاء الأجل ، فإن انقضى والحجر باقٍ ، يثبت حقّ الفسخ. وإن أطلق ، فكذلك ولا حاجة إلى إعادة الحجر ، بل عزلها وانتظار الأجل كإبقاء الحجر‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٥) المغني ٤ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٣ - ٥٣٤.

١٩

بالإضافة إلى المبيع(١) .

وعلى ما اخترناه من جواز بيعها لو لم يتّفق بيعها وقسمتها حتى حلّ الأجل ، فالأقرب : جواز الفسخ الآن.

وللشافعيّة وجهان(٢) .

ولو اشتراها بثمنٍ حالّ ، كان لصاحبها الاختصاصُ أو الضرب بالثمن مع الجهل ، ومع العلم الصبرُ. ويُحتمل الضربُ. وكذا المقرض.

ونقل الجويني وجهاً آخَر فيما إذا كان الثمن مؤجَّلاً : أنّه لا بُدَّ من إعادة الحجر ليثبت حقّ الفسخ(٣) .

ولو لم يكن عليه إلّا ديون مؤجَّلة وطلب أصحابُها الحجْرَ ، لم يُجابوا - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٤) - لأنّ طلب الحجر فرع طلب الدَّيْن وعسر تخليصه فلا يتقدّم عليه.

والثاني : نعم ؛ لأنّهم يتوسّلون به إلى الحلول أو(٥) المطالبة(٦) .

مسألة ٢٦٦ : قد ذكرنا أنّه يشترط كون الديون زائدةً على قدر ماله‌ ، فلو كانت مساويةً والرجل كسوبٌ ينفق من كسبه ، فلا حجر وإن ظهرت أمارات الإفلاس.

وقد تقدّم(٧) أنّ للشافعي وجهين فيما إذا ظهرت أمارات الإفلاس.

ويجري الوجهان فيما إذا كانت الديون أقلَّ وكانت بحيث يغلب على‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : (٧)

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و» بدل « أو ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : (٧)

(٧) في ص ١٢ ، ضمن المسألة ٢٦١ ، وص ١٤ ، الفرع « أ ».

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ترجمته

قالابن خلكان: « أبو اسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري، المفسّر المشهور، كان أوحد زمانه في علم التفسير، وصنّف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور، وأثنى ليه وقال: هو صحيح النقل موثوق به وتوفي في سنة ٤٢٧ وقال غيره: توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧. رحمه الله تعالى »(١) .

(٧٠)

رواية الحافظ أبي نعيم

رواه في كتاب ( معرفة الصحابة ) حيث قال:

« حدثنا عبدالله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبدالله، ثنا الفضل بن دكين ثنا ابن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكرت علياً فتنّقصته فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، وقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

رواه أبوبكر بن ابي شيبة عن الفضل مثله » ٣ / ١٦٤.

ورواه في كتاب ( حلية الأولياء ) حيث قال:

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٦.

١٢١

« حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، ثنا العباس بن علي النسائي، ثنا محمد بن علي بن خلف، ثنا حسين الأشقر، ثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بريدة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه غريب من حديث طاوس، لم نكتبه إلّا من هذا الوجه » ٤ / ٢٣.

وقال: « حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف عن عميرة ابن سعد قال: شهدت علياً على المنبر ناشداً أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وفيهم: أبو سعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك - وهم حول المنبر وعلي على المنبر، وحول المنبر اثنا عشر رجلاً هؤلاء منهم. فقال علي: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقاموا كلّهم فقالوا: اللهم نعم. وقعد رجل فقال: ما منعك أن تقوم؟ قال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت. فقال: أللهم إنْ كان كاذباً فاضربه ببلاءٍ حسن. قال: فما مات حتى رأينا بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة. غريب من حديث طلحة، تفرّد به مسعود عنه مطوّلاً. ورواه ابن عائشة عن إسماعيل مثله. ورواه الأجلح وهانئ ابن أيوب عن طلحة » ٥ / ٢٧.

ورواه في كتاب ( أخبار أصبهان ) حيث قال:

« حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبدالله بن كيسان المديني سنة ٢٩٠ ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر عن طلحة بن مصرف عن عميرة بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر يناشد أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول ما قال فيشهد. فقام اثنا عشر رجلاً منهم: أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١ / ١٠٧.

قال المتقي: « ألا إنّ الله وليّي وأنا ولي كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي

١٢٢

مولاه، أبو نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معاً »(١) .

وقال: « من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه طب عن ابن عمر. ش عن أبي هريرة وأثني عشر من الصحابة حم. طب عن أبي أيوب وجمع من الصحابة، ك عن علي وطلحة. حم طب ص. عن علي وزيد بن أرقم وثلاثين رجلاً من الصحابة. أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد. الخطيب عن أنس »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: وفيها: « توفي أبو نعيم الاصبهاني أحمد بن عبدالله بن احمد بن إسحاق الحافظ الصوفي تفرّد في الدنيا بعلوّ الإِسناد، مع الحفظ والاستبحار في الحديث وفنونه وصنّف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار »(٣) .

٢ - اليافعي: « فيها: توفي الحافظ الشيخ العارف أبو نعيم الاصفهاني كان من أعلام المحدّثين وأكابر الحفاظ المفيدين، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به »(٤) .

____________________

(١). كنز العمال ١١ / ٦٠٨.

(٢). نفس المصدر ١١ / ٦٠٩.

(٣). العبر حوادث سنة ٤٣٠.

(٤). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٣٠.

١٢٣

(٧١)

رواية ابن السّمان

قال الحافظ محبّ الدين الطبري بعد ذكر حديث رباح: « وعنه قال: بينما علي جالس، إذ جاء رجل فدخل وعليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي، قال: من هذا؟ فقال: أبو أيوب الأنصاري. قال علي: أفرجوا له، ففرجوا. فقال أبو أيوب: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه.

وعن البراء بن عازب قال: كنّا عند النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلّى الظهر، وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعملون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، فأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وعن زيد بن أرقم مثله.

خرّجهما أحمد في مسنده، وخرّج الأول ابن السمّان، وأخرج أحمد في كتاب المناقب معناه »(١) .

وقال الطبري: « وخرج ابن السمّان عن عمر منه: من كنت مولاه فعلي مولاه. وخرّجه المخلّص الذهبي »(٢) .

____________________

(١). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.

(٢). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.

١٢٤

وقال الطبري: « وعن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولاه.

وعن سالم قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال: إنه مولاي.

وعن عمر - وقد جاء أعرابيان يختصمان فقال لعلي: اقض بينهما يا ابا الحسن، فقضى علي بينهما. فقال أحدهما: أهذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا!! هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، ومن لم يكن علي مولاه فليس بمؤمن.

وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينك هذا الجالس، وأشار إلى علي بن أبي طالب. فقال الرجل: هذا الأبطن!! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال: أتدري من صغّرت؟ إنّه مولاي ومولى كل مؤمن.

خرّجهنّ ابن السمّان »(١) .

ترجمته

١ - الرافعي: « إسماعيل بن علي بن الحسين السمّان أبو سعد الرازي، حافظ مكثر، سمع وجمع وكتب وطاف الكثير، ومعجم شيوخه ومعجم البلدان من جمعه يوضّحان سعة رحلته وطلبه وسماعه، وورد قزوين »(٢) .

٢ - الذهبي: « أبو سعد السّمان إسماعيل بن علي الرّازي الحافظ قال الكناني: كان من الحفّاظ الكبار، زاهداً عابداً، يذهب إلى الاعتزال، قلت: كان متبحّراً في العلوم، وهو القائل: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإِسلام.

وله تصانيف كثيرة، يقال: إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ، وكان رأساً في القراءة

____________________

(١). نفس المصدر ٢ / ٢٢٤ - ٢٢٥.

(٢). التدوين في أهل العلم بقزوين ٢ / ٢٩٨.

١٢٥

والحديث والفقه، بصيراً بمذهبي أبي حنيفة والشافعي، لكنه من رؤس المعتزلة، وكان يقال: إنه ما رأى مثل نفسه »(١) .

٣ - اليافعي: « الحافظ أبو سعد السّمان إسماعيل بن علي الرازي، قال الكناني: كان من الحفاظ الكبار زاهداً عابداً »(٢) .

٤ - السيوطي: « السّمان الحافظ الكبير المتقن أبو سعد وكان من الحفاظ الكبار، إماماً بلا مدافعة في القرآن والحديث والرجال والفرائض والشروط وفقه أبي حنيفة والخلاف، زاهداً ورعاً معتزلياً ومات في شعبان سنة ٤٤٣ »(٣) .

(٧٢)

رواية أبي بكر البيهقي

قال الشيخ نور الدين ابن الصباغ المالكي المكي: « وروى الامام أحمد بن حنبل في مسنده عن البراء بن عازب أنه قال: كنا [ مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصّلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أني أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. وروى الحافظ أبوبكر

____________________

(١). طبقات الحفاظ ٤٣٠.

(٢). العبر حوادث سنة ٤٤٥.

(٣). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٤٥.

١٢٦

أحمد بن الحسين البيهقي رحمه الله تعالى أيضاً هذا الحديث بلفظه مرفوعاً إلى البراء ابن عازب »(١) .

وقد روى الخطيب الخوارزمي روايات عديدة عن البيهقي، وكذا جمال الدين الزرندي كما ستسمع فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

ترجمته

قالالسيوطي: « البيهقي - الإِمام الحافظ العلّامة شيخ خراسان، أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي، صاحب التّصانيف. ولد سنة ٣٨٤ في شعبان، ولزم الحاكم، وتخرّج به، وأكثر عنه جدّاً، وهو من كبار أصحابه، بل زاد عليه بأنواع من العلوم، كتب الحديث وحفظه من صباه وبرع، وأخذ في الأصول، وانفرد بالإِتقان والضبط والحفظ مات في عاشر جمادى الأولى سنة ٤٥٨ بنيسابور، ونقل في تابوت إلى بيهق مسيرة يومين »(٢) .

(٧٣)

رواية ابن عبد البر

قال أبو عمر ابن عبد البر: « وروى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كلّ واحد منهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وبعضهم لا

____________________

(١). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤٠.

(٢). طبقات الحفاظ ٤٣٣ وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٢ وتاريخ ابن كثير ١٢ / ٩٤ طبقات السبكي ٤ / ٨ وفيات الأعيان ١ / ٢٠ وشذرات الذهب ٣ / ٣٠٤ والنجوم الزاهرة ٥ / ٧٧ والمنتظم ٨ / ٢٤٢

١٢٧

يزيد عن: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ترجمته

قالاليافعي: « الحافظ أبو عمر ابن عبد البر القرطبي، أحد الأعلام وصاحب التصانيف، وعمره خمس وتسعون سنة وخمسة أيام، قيل: وليس لأهل المغرب أحفظ منه، مع الثقة والدين والنزاهة والتبحّر في الفقه والعربية والأخبار وكان له بسطة كثيرة في علم النسب، مع ما تقدّم من الفقه والأخبار والعربية »(٢) .

(٧٤)

رواية الخطيب البغدادي

أخرج في ( تاريخ بغداد ) بقوله:

« الحسن بن علي بن سهل العاقولي، حدّث عن حمدان بن المختار. روى عنه القاضي أبوبكر ابن الجعابي. أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين العطار - قطيط - أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدل بإصبهان، حدّثنا محمد بن عمر التميمي الحافظ، حدثنا الحسن بن علي بن سهل العاقولي، حدّثنا حمدان بن المختار، حدثنا حفص بن عبيدالله بن عمر عن سفيان الثوري، عن علي بن زيد، عن أنس قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ٧ / ٣٧٧.

____________________

(١). الاستيعاب ٣ / ١٠٩٩.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٤٦٣ وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٨ ووفيات الأعيان ٢ / ٣٤٨ وشذرات الذهب ٣ / ٣١٤ والعبر ٣ / ٢٥٥ والديباج المذهّب: ٣٧٥.

١٢٨

« أخبرنا ابن بكر، أخبرنا أبو عمر يحيى بن محمد بن عمر بن عبدالله بن عمر ابن حفص بن بيان بن دينار الأخباري - في منزله بدرب الساج، في جوار ابن الشونيزي، في سنة ٣٦٣ - حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي، حدثنا عبدالله بن سعيد الكندي أبو سعيد الأشج، حدثنا العلاء بن سالم العطّار، عن يزيد أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: سمعت علياً - بالرحبة - ينشد الناس: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدرّياً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١٤ / ٢٣٦.

قال المتقي الهندي: « عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة ينشد الناس: أنشد الله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير: من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام، فشهد اثنا عشر بدرياً. قالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. عم ع وابن جرير خط ص »(١) .

ترجمته

١ - اليافعي: « والحافظ أحد أئمة الأعلام، صاحب التواليف المنتشرة في الإِسلام، أبوبكر الخطيب، أحمد بن علي بن ثابت البغدادي صنّف قريباً من مائة مصنّف، وفضله أشهر من أن يوصف وكان فقيهاً يغلب عليه الحديث والتاريخ، توفي يوم الاثنين سابع ذي الحجة، وقال السمعاني: في شوال وكان قد انتهى إليه علم الحديث وحفظه، قال ابن ماكولا: لم يكن

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٧١.

١٢٩

للبغداديين بعد الدار قطني مثل الخطيب »(١) .

٢ - ابن قاضي شهبة: « أحد حفاظ الحديث وضابطيه المتقنين، وشهرته في الحديث تغني عن الإِطناب في ذكر مشايخه فيه، وتعداد البلدان التي رحل إليها وسمع فيها، وذكر مصنفاته في ذلك، فإنها تزيد على ستين مصنفاً، منها تاريخ بغداد، قال ابن ماكولا: كان آخر الأعيان ممّن شاهدناه معرفة وحفظاً وإتقاناً وضبطاً لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتفنّناً في علله وأسانيده، وعلماً بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره، وقال: ولم يكن للبغداديين بعد الدار قطني مثله، وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: كان أبوبكر الخطيب يشبّه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه، قال ابن السمعاني: كان مهيباً وقوراً، ثقة متحرّياً، حجة حسن الخط، كثير الضبط فصيحاً ختم به الحافظ »(٢) .

(٧٥)

رواية أبي الحسن الواحدي

سيأتي نص عبارته في وجوه دلالة حديث الغدير إنْ شاء الله تعالى.

ترجمته

قال ابن خلكان: « علي بن أحمد بن علي بن متوّيه الواحدي، صاحب التفاسير المشهورة، كان أستاد عصره في النحو والتفسير، ورزق السّعادة في تصانيفه، وأجمع الناس على حسنها، وذكرها المدرّسون في تدريسهم، منها: البسيط في تفسير القرآن الكريم، وكذلك الوسيط، وكذلك الوجيز، ومنه أخذ أبو حامد الغزّالي أسماء كتبه الثلاثة، وله كتاب أسباب النزول، والتحبير في التفسير وكان الواحدي المذكور تلميذ الثعلبي صاحب التفسير المقدّم ذكره في حرف

____________________

(١). مرآة الجنان حوادث ٤٦٣.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ٢٤٦.

١٣٠

الهمزة، وعنه أخذ علم التفسير وأربى عليه، وتوفي عن مرض طويل في جمادى الآخرة سنة ٤٦٨ بمدينة نيسابور. رحمه الله تعالى »(١) .

(٧٦)

رواية أبي سعيد السجستاني

لقد علم فيما تقدم ان أبا سعيد مسعود بن ناصر السجستاني ممّن قد جمع طرق حديث الغدير وأسانيده، وقد أسمى كتابه بـ « الدراية في حديث الولاية » ومن ذلك الحديث التالي عن عبدالله بن عباس: « قال: لمـّا خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى حجة الوداع، نزل بالجحفة، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأمره أن يقوم بعلي فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّها الناس ألستم تزعمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره وأعزّ من أعزه، وأعن من أعانه. قال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم »

(٧٧)

رواية ابن المغازلي

روى حديث الغدير حيث قال: « قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه: - أخبرنا أبو يعلى علي بن عبيدالله بن العلاف البزار إذناً قال: إخبرنا عبد السلام بن حبيب البزار قال: أخبرنا عبدالله بن محمد ابن عثمان قال: حدثنا محمد بن بكر بن عبد الرزاق، حدثنا أبو حاتم مغيرة بن محمد المهلبي قال: حدثني مسلم بن إبراهيم، حدثنا نوح بن قيس الحداني، حدثنا الوليد بن صالح

____________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ٤٦٤.

١٣١

عن امرأة زيد بن أرقم قالت:

أقبل نبيّ الله من مكة في حجة الوداع، حتى نزلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير الجحفة، بين مكة والمدينة، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك، ثم نادى الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في يوم شديد الحر، وإنّ منا لمن يضع رداءه على رأسه، وبعضه على قدميه، من شدة الرمضاء، حتى انتهينا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بنا الظهر، ثم انصرف إلينا فقال:

الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل، ولا مضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله.

أمّا بعد، أيّها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلّا نصف من عمر من قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أسرعت في العشرين، ألا وإنّي يوشك أن أفارقكم، ألا وإنّي وأنتم مسؤلون، فهل بلّغتكم، فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب، يقولون: نشهد أنك عبدالله ورسوله، قد بلّغت رسالته، وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنّا خير ما جزى نبيّاً عن أمته.

فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأن الجنّة حق وأن النار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى، قال: فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني.

ألا وإني فرطكم وإنكم تبعي، توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ. كيف خلفتموني فيهما. قال: فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين وقال: بأبي وأمي أنت يا نبيّ الله ما الثقلان؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأكبر منهما كتاب الله تعالى، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسّكوا به ولا تضلوا، والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي

١٣٢

وأجاب دعوتي، فلا تقتلوهم، ولا تقهروهم، ولا قصّروا عنهم، فإني قد سألت لهم اللّطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي وليّ وعدوهما لي عدوّ.

ألا وإنها لم تهلك أمّة قبلكم حتى تتدين بأهوائها، وتظاهر على نبوتها، وتقتل من قام بالقسط.

ثم أخذ بيد علي بن أبي طالبعليه‌السلام فرفعها، ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليّه فهذا وليّه، اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه، قالها ثلاثاً. هذا آخر الخطبة ».

« أخبرنا أبوبكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن الحسين ابن السماك قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي حدثنا علي بن سعيد بن قتيبة الرملي، قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي، عن ابن شوذب عن مطر الورّاق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثماني عشرة خلت من ذي الحجة كتب له صيام ستّين شهراً، وهو يوم غدير خم، لمـّا أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا علي بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن، فأنزل الله تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) .

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال: حدثنا أبو الحسين عبيدالله ابن أحمد بن البوّاب قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي حدثنا وهبان قال: أخبرنا خالد بن عبدالله، عن الحسن بن عبدالله، عن أبي الضحى عن زيد ابن أرقم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت وليّه فعلي وليّه - أو مولاه - ».

« أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي البيّع قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الصلت الأهوازي، قال حدثنا محمد بن جعفر المطيري قال: حدثنا علي بن

١٣٣

الحسين الهاشمي، حدثنا أبي، حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن المظفر ابن موسى بن عيسى الحافظ البغدادي قال: حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا الحسين بن علي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش قاضي الري، عن الجراح الكندي عن أبي إسحاق الهمداني عن عبد خير وعمرو ذي مر وحبة العرني قالوا: سمعنا علي بن أبي طالبعليه‌السلام ينشد الناس في الرحبة: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقام اثنا عشر رجلا من أهل بدر منهم زيد بن أرقم قالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبو عبدالله الحسين ابن محمد العدل العلوي الواسطي قال: حدثنا أبو عيسى جبير بن محمد الواسطي قال: حدثنا حسين بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سريّة، واستعمل علينا عليّاعليه‌السلام ، فلما رجعنا قال لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف وجدتم صحبة صاحبكم؟ قال: فشكوته - أو شكاه غيري - وكنت رجلا مكبابا، فرفعت رأسي فإذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد احمرّ وجهه وهو يقول: من كنت وليّه فعلي وليّه ».

« أخبرنا أبو الفضل محمد بن حسين بن عبيدالله البرجي الاصفهاني فيما كتب إلي أن أحمد بن عبد الرحمن بن العباس الأسدي حدّثهم: حدثنا أبو حامد احمد بن جعفر الأشعري قال: حدثنا يعلى بن محمد ابن جمهور، عن أحمد بن حمزة عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه

١٣٤

عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد البزار، قال حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن محمد العدل قال: حدثنا علي بن عبدالله بن مبشر قال: حدثنا الرمادي قال حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا حنش بن الحارث عن رباح بن الحارث قال: كنا مع عليعليه‌السلام في الرحبة، إذ جاء ركب من الأنصار فقالوا: السلام عليك يا مولانا قال: كيف ذا وأنتم قوم من العرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم انصرفوا. فقلت: من القوم؟ قالوا: قوم من الأنصار وفينا أبو أيوب الأنصاري ».

« أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسين بن محمد العدل قال: حدثنا الجورابي قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا إسماعيل بن أبي الحكم الثقفي قال: حدثني شاذان عن عمران بن مسلم عن سويد بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال: حدثنا أبو الحسين محمد ابن المظفّر بن موسى بن عيسى الحافظ، قال: حدثنا محمد يعني ابن علي بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن نهار بن عمار، قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، قال: حدثنا يحيى الحماني، حدثنا أبو محمد قيس بن الربيع، عن الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبدالله بن مسعود: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن عبدالله بن شوذب قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن يحيى بن عبد الحميد، حدثنا أبو إسرائيل الملّائي عن الحكم، عن أبي سليمان المؤذن، عن زيد بن أرقم قال: نشد عليعليه‌السلام الناس في المسجد قال: أنشد الله رجلاً

١٣٥

سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وكنت أنا ممن كتم فذهب بصري ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان قال: حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل الواسطي قال: حدثنا ابن مبشر، قال: حدثنا عمار بن خالد قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن عبد الملك عن عطية العوفي قال: رأيت ابن أبي أوفى وهو في دهليز له بعد ما ذهب بصره فسألته عن حديث فقال: إنّكم يا أهل الكوفة فيكم ما فيكم قال: قلت: أصلحك الله إني لست منهم، ليس عليك مني عار، قال: أيّ حديث؟ قال قلت: حديث علي يوم غدير خم، فقال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم غدير خم، وهو آخذ بعض علي، فقال: يا أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فهذا مولاه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان، قال حدثنا أبو عبدالله الحسين بن العلوي العدل، قال حدثنا أبو الحسن علي بن مبشر، قال حدثنا الحسن بن عرفة، قال حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت وليه فعلي وليه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل، قال حدثنا أبو الحسين بن أخي كبير الزيّات قال: حدثنا إسحاق الحربي قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا ابن أبي غنية، عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة، قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرت عليّا فتنقّصته، فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، قال: يا بريدة أو لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان قال: حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل قال: حدثنا علي بن عبدالله بن مبشر قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي

١٣٦

قال: حدثنا عبدالله بن صالح عن ابن لهيعة عن أبي هبيرة وبكر بن سوادة، عن قبيصة بن ذويب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبدالله، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل بخم فتنحّى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب فشقّ على النبي تأخّر الناس، فأمر عليّاً فجمعهم، فلما اجتمعوا قام فهم متوسّداً علي بن أبي طالب، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

أيها الناس إنه قد كرهت تخلّفكم عني، حتى خيّل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني. ثم قال: لكن علي بن أبي طالب أنزله الله منّي بمنزلتي منه، فرضي ‌الله ‌عنه كما أنا عنه راض، فإنّه لا يختار علي قربي، ومحبّتي شيئاً، ثم رفع يديه وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال: فابتدر الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبكون ويتضرعون، ويقولون: يا رسول الله ما تنحّينا عنك إلّا كراهية أن نثقل عليك، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسخط رسول الله، فرضي رسول الله عنهم عند ذلك ».

« وحدثني أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبدالله الإِصفهاني - قدم علينا واسطاً - إملاءاً من كتابه لعشر بقين من شهر رمضان سنة ٤٣٤، قال حدثنا محمد بن علي بن عمر بن المهدي قال: حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي الاصفهاني، قال: حدثنا إسماعيل ابن عمر البجلي قال: حدثنا مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف، عن عميرة ابن سعد قال: شهدت عليّاًعليه‌السلام على المنبر ناشداً أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول ما قال فليشهد، فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال أبو القاسم الفضل بن محمد: هذا حديث صحيح عن رسول الله صلّى

١٣٧

الله عليه وسلّم، وقد روى حديث غدير خم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحو من مائة نفس منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا أعرف له علة. تفرّد عليعليه‌السلام بهذه الفضيلة ليس يشركه فيها أحد»(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « كان فاضلاً، عارفاً برجالات واسط وحديثهم، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه، رأيت له ذيل التاريخ الواسط وطالعته، وانتخب منه، سمع: أبا الحسن علي بن عبد الصمد الهاشمي، وأبا بكر أحمد بن محمد الخطيب، وأبا الحسن أحمد بن المظفر العطار وغيرهم. روى عنه: ابنه بواسط، وأبو القاسم علي بن طراد الوزير ببغداد. وغرق ببغداد في دجلة، في صفر سنة ٤٨٣، وحمل ميتاً إلى واسط، ودفن بها »(٢) .

٢ - الزبيدي: « وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الطيّب الجلّابي، عالم مؤرّخ، سمع الكثير من أبي بكر الخطيب، وله ذيل تاريخ واسط »(٣) .

٣ - محمد بن عبدالله الحضرمي: « كان محدثاً يسند إليه في زمانه، روى عنه الكثير، وهو عن جماعة، وكان ثقة أميناً، صدوقاً معتمداً في منقولاته مسنداً اليه في مروياته، له كتب منها ذيل تاريخ واسط لأسلم المشهور ببحشل وكتاب في مناقب سيدنا علي كرم الله وجهه، جمع فيه فأوعى، نقل فيه عن ثقاة الرواة »(٤) .

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب ١٦ - ٢٧.

(٢). الأنساب - الجلّابي.

(٣). تاج العروس ١ / ١٨٦.

(٤). الميزان القاسط في ترجمة مؤرخ واسط: ١٩ عن طبقات الحضرمي.

١٣٨

(٧٨)

رواية الحسكاني

ولقد علم فيما تقدم أن عبيدالله بن الحسكاني، ممّن ألف في جمع طرق حديث الغدير مؤلفاً خاصاً، وقد أسماه بـ « دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة »(١) .

(٧٩)

رواية السمعاني

ورواه أبو المظفّر منصور بن محمد بن عبد الجبّار السّمعاني، المتوفّى ٤٨٩. فقد روى السيد هاشم بن سليمان الحسيني البحرانيرحمه‌الله عن كتاب ( فضائل الصحابة ) له ما نصّه: « عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع، حتى إذا كنّا بغدير خم نودي فينا: الصّلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ثم قال رسول الله: فإنّ هذا مولى من أنا مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت

____________________

(١). وتوجد ترجمة القاضي الحسكاني في تذكرة الحفاظ ٤ / ٣٩٠، وطبقات الحفاظ للسيوطي، وتاريخ نيسابور لعبد الغافر النيسابوري، وغيرها.

١٣٩

وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(١) .

و عنه: « عن أبي هريرة عن عمر بن الخطّاب: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢) .

و عنه: « عن البراء: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل بغدير خم، وأمر فكسح بين شجرتين، وصيح بين الناس فاجتمعوا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى بالمؤمنين من آبائهم؟ قالوا: بلى. فدعا عليّاً فأخذ بعضده ثمّ قال: هذا وليّكم من بعدي. أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام عمر إلى علي فقال ليهنئك يا ابن أبي طالب، أصبحت - أوقال: أمسيت - مولى كلّ مؤمن »(٣) .

وعنه: « عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعمر: إنّك تصنع بعلي ما لا تصنع بأحد من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال: لأنّه مولاي »(٤) .

وقال السيد البحراني: « ومن كتاب الفضائل لأبي المظفّر السّمعاني أيضاً باسناده قال: قدم أبو هريرة ودخل المسجد، فاجتمعنا حوله، وقام رجل وقال: أنشدك - أي أسألك - إنّ حديثا سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. قال: فإنّي رأيتك واليت أعدائه وعاديت أوليائه »(٥) .

ترجمته

والسمعاني: من أكابر المحدثين ومشاهيرهم. ترجم له:

الأسنوي: في طبقاته ٢ / ٢٩.

والسبكي: في طبقاته ٥ / ٣٢٥.

والذهبي: في العبر ودول الإسلام حوادث ٤٨٩.

____________________

(١ - ٤) غاية المرام: ٨٤.

(٥). غاية المرام: ٨٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510