تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 418898 / تحميل: 5483
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

تَذْكِرَةُ الْفُقَهاء

الجزء الرّابع عشر

تأليْفُ : العَلّامِةَ الحِليْ

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

٥

المقصد الثالث : في التفليس‌

وفيه فصول :

الأوّل : المفلس مَنْ ذهب خيار ماله وبقي دونه ، وصار ماله فلوساً زيوفاً.

والإفلاس مأخوذ من الفلوس. وقولهم : أفلس الرجل ، كقولهم : أخبث ، أي : صار أصحابه خُبثاء ؛ لأنّ ماله صار فلوساً وزيوفاً ، ولم يبق له مال خطير ، وكقولهم : أذلّ الرجل ، أي : صار إلى حالة يذلّ فيها. وكذا أفلس ، أي : صار إلى حالة يقال فيها : ليس معه فلس ، أو يقال : لم يبق معه إلّا الفلوس ، أو كقولهم : أسهل الرجل وأحزن : إذا وصل إلى السهل والحزن ؛ لأنّه انتهى أمره وما صرفه إلى الفلوس.

والأصل أنّ المفلس في العرف هو الذي لا مال له ولا ما يدفع به حاجته ، ولهذا لـمّا قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتدرون مَن المفلس؟ » قالوا : يا رسول الله المفلس فينا مَنْ لا درهم له ولا متاع ، قال : « ليس ذلك المفلس ، ولكن المفلس مَنْ يأتي يوم القيامة حسناته أمثال الجبال ويأتي‌

٦

وقد ظلم هذا وأخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن بقي عليه شي‌ء أخذ من سيّئاتهم فيردّ عليه ثمّ صلّ في النار »(١) .

هذا في عرف اللغة ، وأمّا في الشرع فقيل : مَنْ عليه الديون بحيث لا يفي بها ماله(٢) . وشمل مَنْ لا مال له البتّة ، ومَنْ له مالٌ قاصر.

وسُمّي مفلساً وإن كان ذا مال ؛ لأنّ ماله يستحقّ الصرف في جهة دَيْنه ، فكأنّه معدوم ، وقد دلّ عليه تفسير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : مفلس الآخرة ، فإنّه أخبر أنّ له حسنات كالجبال لكنّها دون ما عليه ، فقُسّمت بين الغرماء ، فبقي لا حسنة له. ومِثْلُ هذا الرجل يجوز للحاكم الحَجْر عليه بشرائط تأتي.

وهذا التعريف شامل لمن قصر ماله ومَنْ لا مال له ، فيحجر عليه في المتجدّد باحتطابٍ وشبهه.

والفلس سبب في الحجر بشروط خمسة : المديونيّة ، وثبوت الديون عند الحاكم ، وحلولها ، وقصور ما في يده عنها ، والتماس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه.

مسألة ٢٥٨ : إذا حجر الحاكم عليه ، ثبت حكمان :

[ أحدهما ](٣) : تعلّق الدَّيْن بماله وإن تجدّدت الماليّة بعد الحجر حتى لا ينفذ تصرّفه فيه بما يضرّ الغرماء ولا تزاحمها الديون الحادثة.

والثاني : أنّ مَنْ وجد عند المفلس عينَ ماله كان أحقَّ به من غيره.

ولو مات مفلساً قبل أن يحجر عليه ، تعلّقت الديون بالتركة [ و ](٤) لا فرق بين المفلس وغيره.

____________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٤ : ٤٩٢ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ ، وبمعناه في صحيح مسلم ٤ : ١٩٩٧ / ٢٥٨١ ، وسنن الترمذي ٤ : ٦١٣ / ٢٤١٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٢.

(٣ و ٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

٧

وهل يختصّ الغريم بعين ماله؟ الأقرب : أنّ له الرجوعَ إن كان ما تركه المفلس يفي بالديون ، وإن قصر فلا.

وقال أبو حنيفة : ليس للحاكم أن يحجر عليه ، فإن أدّى اجتهاده إلى الحجر عليه وفَعَل وأمضاه حاكمٌ ، ثبت الحجر ، وليس له التصرّف في ماله ، إلّا أنّ المبيع الذي يكون في يده يكون أُسوةَ الغرماء ، وليس للبائع الرجوعُ فيه(١) .

وهو خطأ ؛ فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حجر على معاذ.

قال عبد الرحمن بن كعب(٢) : كان معاذ بن جبل من أفضل شباب قومه [ و ](٣) لم يكن يمسك شيئاً ، فلم يزل يُدان حتى أغرق ماله في الدَّيْن ، فكلّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غرماءه ، فلو تُرك أحد من أجل أحدٍ لتُرك معاذ من أجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فباع لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مالَه حتى قام معاذ بغير شي‌ء(٤) .

قيل : إنّما لم يترك [ الغرماء ](٥) لمعاذ حين [ كلّمهم ](٦) النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّهم كانوا يهوداً(٧) .

مسألة ٢٥٩ : إذا مات المفلس ووجد البائع عين ماله‌ ، فقد نقلنا‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٥ و ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤ ، المغني ٤ : ٤٩٤ و ٥٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٠ و ٥٩٣.

(٢) في المصادر - ما عدا المغني - : « كعب بن مالك » لا « عبد الرحمن بن كعب ».

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) سنن البيهقي ٦ : ٤٨ ، المستدرك - للحاكم - ٣ : ٢٧٣ ، المصنّف - لعبد الرزّاق - ٨ : ٢٦٨ / ١٥١٧٧ ، المغني ٤ : ٤٩٣ و ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩٥.

(٥) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « كلّموا ». وما أثبتناه من المصدر ، وهو الموافق لما في بقيّة المصادر المذكورة في الهامش (٤)

(٧) المغني ٤ : ٤٩٣.

٨

الخلافَ فيه ، وقلنا : إنّه لا يختصّ به البائع إلّا مع الوفاء ، وبه قال مالك(١) ، خلافاً للشافعي وأحمد(٢) .

وذلك لأنّ الميّت قد انقطع تحصيله ولا ذمّة له ، فلو خصّصنا البائع بسلعته مع عدم وفاء التركة بالديون ، كان إضراراً بباقي الدُّيّان ؛ لحصول اليأس من استيفاء الحقّ منه ، فوجب اشتراك جميع الدُّيّان في جميع التركة ؛ عملاً بالعَدْل.

ولأنّ الأصل عدم الرجوع ؛ لانتقال العين إلى المفلس بالشراء ، تُرك العمل به في صورة الحيّ ؛ للإجماع والنصّ ، فيبقى الباقي على حكم الأصل.

ولما رواه العامّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البائع من ثمنه شيئاً فوجده بعينه ، فهو أحقّ به ، وإن مات فهو أُسوة الغرماء »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه أبو ولّاد - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل باع من رجل متاعاً إلى سنة فمات المشتري قبل أن يحلّ ماله وأصاب البائع متاعه بعينه ، له أن يأخذه إذا تحقّق له؟ قال : فقال :

____________________

(١) المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٣٧ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٨ ، المعونة ٢ : ١١٨٦ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤١٨ ، المغني ٤ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : (٣)

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٧٣ ، الوسيط ٤ : ٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٣ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٨ ، المغني ٤ : ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٨ ، وفي الأخيرين قول أحمد على العكس ، لا ما نُسب إليه في المتن ، وأمّا المنسوب إليه فهو في « العزيز شرح الوجيز » فلاحظ.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٦ - ٢٨٧ / ٣٥٢٠ و ٣٥٢٢.

٩

« إن كان عليه دَيْنٌ وترك نحواً ممّا عليه فيأخذ إن تحقّق له ، ولو لم يترك نحواً من دَيْنه فإنّ صاحب المتاع كواحدٍ ممّن له عليه شي‌ء ، يأخذ بحصّته ، ولا سبيل له على المتاع »(١) .

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ أكثر الشافعيّة ذهبوا إلى أنّه إذا مات وخلّف وفاءً ، لم يكن لصاحب السلعة الرجوعُ فيها(٢) .

وقال بعضهم : إنّ له أن يرجع فيها إذا مات المشتري وخلّف وفاءً(٣) ، كما ذهبنا إليه ؛ لما قلناه من حديث(٤) أبي هريرة ، وما رويناه من طريق الخاصّة عن الصادقعليه‌السلام .

ولأنّ قبض ثمن السلعة من التركة لا يستقرّ ؛ لأنّه ربما ظهر غريمٌ آخَر فيلزمه ردّ بعض ما أخذه أو كلّه.

واحتجّ الشافعي : بأنّ ماله يفي بقضاء ديونه ، فلم يكن لصاحب السلعة الرجوعُ فيها ، كما لو كان حيّاً(٥) .

والفرق ظاهرٌ ؛ فإنّ الحيّ يرجع إلى ذمّته لو خرج المقبوض مستحقّاً ، بخلاف الميّت.

واعلم أنّ الشافعي ردّ على مالك - حيث لم يجوّز له الرجوع بعين المال بعد موت المفلس - : قد جعلتم للورثة أكثر ممّا للموروث الذي عنه(٦)

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٩٣ / ٤٢١ ، الاستبصار ٣ : ٨ / ٢٠.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٣ ، المغني ٤ : ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٨.

(٤) تقدم تخريجه في ص ٨ ، الهامش (٣)

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٣.

(٦) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « عنه » : « عليه ». والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.

١٠

ملكوا ، وأكثر حال الوارث أن لا يكون له إلّا ما للميّت(١) .

وقد اعترضه المزني بأنّه قال في الحبس : إذا هلك أهله رجع إلى أقرب الناس بالمحبس. فجَعَل لأقرب الناس بالمحبس [ في حياته ] ما لم يجعل للمحبس(٢) .

وأُجيب عن كلام المزني : بأنّ الواقف إذا وقف وقفاً منقطعاً هل يصحّ؟ قولان ، فإن قلنا : يصحّ ، فإنّه يرجع إذا انقرض الموقوف عليهم إلى الفقراء من أقارب الواقف ، لا على سبيل الميراث عنه ، وإنّما جعله صدقة ، وسبيل الصدقة الفقراء والمساكين ، فجعل أقارب الواقف أولى من غيرهم ، فأمّا الواقف فلا ترجع إليه صدقته ؛ لأنّه لا يكون متصدّقاً على نفسه ، وفي مسألتنا هذه جعل حقّ الورثة آكد من حقّ مورّثهم ، فاختلفا(٣) .

مسألة ٢٦٠ : المنع من التصرّف يفتقر إلى حكم الحاكم بالحجر إجماعاً‌ ، فلو لم يحجر عليه الحاكم ، نفذت تصرّفات المفلس بأسرها ، وليس للغرماء منعه من شي‌ء منها إلّا بعد حجر الحاكم عليه.

أمّا الرجوع إلى عين المبيع أو عين القرض أو غير ذلك من أمواله التي هي معوّضات الديون فهل يفتقر صاحبها إلى سبق الحجر كمنع التصرّف أم لا؟ فيه إشكال ينشأ : من قولهعليه‌السلام : « أيّما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه إذا وجده بعينه »(٤) - الذي رواه العامّة - أثبت الأحقّيّة بمجرّد الإفلاس ، ومن طريق الخاصّة : رواية الكاظمعليه‌السلام وقد سأله‌

____________________

(١ و ٢) مختصر المزني : ١٠٢ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٢٧٤.

(٤) المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٠ / ٢٣٦٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٩ / ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : (٥)

١١

عمر بن يزيد عن الرجل يركبه الدَّيْن فيوجد متاع رجل عنده بعينه ، قال : « لا يحاصّه الغرماء »(١) ولم يشرط في ذلك الحجر ، ومن أنّه مالٌ انتقل إليه بعقدٍ شرعيّ ، فلا يخرج عنه إلاّ بوجهٍ شرعيّ ، ولا وجه إلّا الحجر ، فإنّه يمنعه من التصرّف فيه ، فيتحقّق حينئذٍ أولويّة البائع والمقرض وغيرهما بعين أموالهم.

على أنّ الأحقّيّة في حديث العامّة لا تقتضي الأخذ بدون الحجر ، فيجوز أن يكون « أحقّ » على معنى أنّ له التمكّن من الرجوع إلى عينه بسلوك الأسباب المفضية إليه ، ومن جملتها : طلب الحجر ، والإفلاس يفيد الأحقّيّة.

وكذا في حديث الكاظمعليه‌السلام في قوله : « لا يحاصّه الغرماء » فإنّه لا يقتضي جواز الأخذ من غير حجر.

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٩٣ / ٤٢٠ ، الاستبصار ٣ : ٨ / ١٩.

١٢

١٣

الفصل الثاني : في شرائط الحجر عليه‌

قد ذكرنا(١) أنّ الشرائط خمسة : المديونيّة - ولا بُدَّ منه ؛ فإنّ مَنْ لا دَيْن عليه لا يجوز الحجر عليه ، غنيّاً كان أو فقيراً - مع بلوغه ورشده وعدم سفهه ، فلو حجر عليه الحاكم ، كان لغواً. ولو استدان بعد ذلك ، لم يمنع من الاستدانة ، وكذا لا يمنع من سائر التصرّفات ، ولا يؤثّر الحجر في منعه من التصرّف فيما اكتسبه من الأموال. ولأنّ سؤال الغرماء شرط(٢) في الحجر ، فلا يتحقّق من دون الدَّيْن.

مسألة ٢٦١ : من شرائط الحجر قصور أموال المديون عن الديون‌ ، فلو ساوت الديون أو فضلت عنها ، لم يجز الحجر عند علمائنا - وهو أحد قولي الشافعي - لأصالة عدم الحجر ، ورفع اليد عن العاقل ، ثبت خلافه فيما إذا قصرت أمواله عن ديونه حفظاً لأموال الغرماء ، فبقي الباقي على الأصل. ولأنّ الغرماء يمكنهم المطالبة بحقوقهم واستيفاؤها في الحال.

والثاني له : الحجر إذا ظهرت عليه أمارات الفلس(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ في ماله وفاء ديونه ، فلم يحجر عليه ، كما لو لم تظهر أمارات الفلس.

____________________

(١) في ص ٦

(٢) هذا هو الشرط الخامس كما يأتي في ص ٢٠ ، المسألة ٢٦٧.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ - ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

١٤

وقال أبو حنيفة : لا يجوز الحجر مطلقاً ، بل يُحبس الغريم أبداً إلى أن يقضيه(١) .

فروع :

أ - لا فرق عندنا في المنع من الحجر مع وفاء ماله بديونه بين أن تظهر عليه أمارات الفلس‌ - مثل أن تكون نفقته من رأس ماله ، أو يكون ما في يده بإزاء دَيْنه ولا وجه لنفقته إلّا ما في يده - أو لا تظهر بأن تكون نفقته في كسبه أو ربح رأس ماله ، خلافاً للشافعي(٢) .

ب - إذا كان مالُه يفي بديونه ، لم يُحجر عليه إجماعاً‌ ، بل يُطالب بالديون ، فإن قضاها ، وإلّا تخيّر الحاكم مع طلب أربابها منه بين حبسه إلى أن يقضي المال ، وبين أن يبيع متاعه عليه ، ويقضى به الدَّيْن ، وبه قال الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة حيث أوجب الحبس ، ومَنَع من البيع(٤) .

ج - إذا رفع الغرماء الغريمَ إلى الحاكم وسألوه الحجر عليه ، لم يُجِبْهم إلى ذلك حتى تثبت عنده الديون وقصور أمواله‌ ، فينظر في ماله هل يفي بديونه أم لا؟ فينظر مقدار ما عليه من الديون ويقوم ماله بذلك؟

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٢٤ : ١٦٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٥ ، المغني ٤ : ٥٢٩ - ٥٣٠.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٢٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٢٦٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ - ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٤٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٢.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٢٤ : ١٦٤ و ١٦٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٥ ، المغني ٤ : ٥٢٩ - ٥٣٠ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨.

١٥

د - معوّضات الديون والأعيان التي أثمانها عليه تقوَّم من جملة أمواله‌ - وهو أحد قولي الشافعيّة(١) - لأنّ أصحابها بالخيار بين أن يرجعوا وبين أن لا يرجعوا ويطالبوه بالثمن.

وفي الثاني : لا تُقوَّم ؛ لأنّ لأربابها الرجوع فيها ، فلا تُحسب أثمانها عليه ولا يقوّمها مع ماله(٢) .

وما قلناه أقوى.

ه- قد قلنا : إنّه إذا كان في أمواله وفاء لديونه ، لم يُحجر عليه.

وللشافعي قولٌ آخَر : إنّه يُحجر عليه مع ظهور أمارات الفلس ، فحينئذٍ - على قوله - هل يكون لمن وجد متاعه بعينه أن يرجع فيه؟ له وجهان :

أحدهما : له ذلك ؛ لقولهعليه‌السلام : « فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه »(٣) ولم يفصّل. ولأنّ الحجر موجود.

والثاني : ليس له الرجوع فيها ؛ لأنّه يصل إلى ثمنها من مال المشتري من غير تبرّع الغرماء ، فلم يكن له الرجوع في العين ، كما قبل الحجر(٤) .

و - لو لم يكن له مالٌ البتّة ، ففي جواز الحجر عليه إشكال‌ ينشأ : من عدم فائدة الحجر ، وهي التحفّظ بما في يده عن الإتلاف ، ومن الاكتفاء بمجرّد الدَّيْن لجواز الحجر منعاً له من التصرّف فيما عساه يتجدّد في ملكه باصطيادٍ واتّهابٍ وظفر بركاز وغيرها.

مسألة ٢٦٢ : من شرائط الحجر ثبوتُ الدَّيْن عند الحاكم‌ ؛ لأنّ المتولّي‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٦.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٠ ، الهامش (٤)

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٢٦٥ - ٢٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ - ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥ - ٣٦٦.

١٦

للحجر الحاكم ، وليس له الحجر مجّاناً بقول مَنْ كان ، بل ما لم تثبت الديون - إمّا بالبيّنة أو بالإقرار - لم يجز له الحجر.

مسألة ٢٦٣ : ومن الشرائط كوْنُ الديون حالّةً‌ ، فلو كانت مؤجَّلةً ، لم يجز الحجر بها ، سواء كان مالُه يفي بها أو لا ؛ لأنّه ليس لهم المطالبة في الحال ، وربما يجد الوفاء عند توجّه المطالبة ، فلا تُعجَّل عقوبته بمنعه من التصرّف.

ولو كان البعض حالّاً والباقي مؤجَّلاً ، فإن وَفَتْ أمواله بالديون الحالّة ، فلا حجر ؛ لعدم اعتبار الديون المؤجَّلة. وإن قصرت عنها ، وجب الحجر.

وإذا حُجر عليه بالديون الحالّة ، لم تحلّ عليه الديون المؤجَّلة - وهو أصحّ قولي الشافعيّة ، واختاره المزني وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ المقصود من التأجيل التخفيفُ ليكتسب في مدّة الأجل ما يقضي به الدَّيْن ، وهذا المقصود غير ثابت ، بخلاف الميّت ؛ فإنّ توقّع الاكتساب منه قد بطل. ولأنّه دَيْنٌ مؤجَّل على حيّ ، فلا يحلّ قبل أجله ، كغير المفلَّس ، بخلاف الميّت ؛ فإنّ ذمّته قد بطلت.

والثاني للشافعي : أنّها تحلّ - وبه قال مالك وأحمد في الرواية الأُخرى - لأنّ الإفلاس سبب في تعلّق الدَّيْن بالمال ، فأسقط الأجل ، كالموت(٢)

____________________

(١) التنبيه : ١٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ٤٩٤ ، الوجيز ١ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٤ ، المغني ٤ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٣.

(٢) التنبيه : ١٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ٤٩٤ ، العزيز =

١٧

وقد مرّ الفرق.

ورتَّب بعضُ الشافعيّة هذين القولين على القولين في أنّ مَنْ عليه الدَّيْنُ المؤجَّل لو جُنّ هل يحلّ الأجل؟ وأنّ الحلول في صورة الجنون أولى ؛ لأنّ المجنون لا استقلال له كالميّت ، ووليُّه ينوب عنه كما ينوب الوارث عن الميّت(١) .

ورأى الجويني الترتيبَ بالعكس أولى ؛ لأنّ وليَّ المجنون له أن يبتاع له بثمنٍ مؤجَّل عند ظهور المصلحة ، فإذا لم يمنع الجنونُ التأجيلَ ابتداءً فلأن لا يقطع الأجلَ دواماً كان أولى(٢) .

وعندنا أنّ الجنون لا يوجب الحلول.

مسألة ٢٦٤ : إنّما يقسّم الحاكمُ أموالَه على الديون الحالّة خاصّةً على ما اخترناه من عدم حلول المؤجَّلة‌ ، فيبيع أمواله ويقسّمها على الحالّة بالنسبة ، ولا يدّخر شيئاً لأصحاب الديون المؤجَّلة ، ولا يدام الحجر بعد القسمة لأصحاب الديون المؤجَّلة ، كما لا يُحجر بها ابتداءً ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الآخَر : أنّها تحلّ الديون المؤجَّلة ، فيقسّم المال بين أصحاب هذه الديون والديون الحالّة ابتداءً ، كما لو مات(٣) .

وإن كان في الديون المؤجَّلة ما كان ثمن مبيعٍ وهو قائم عند المفلس ، فلصاحبه الرجوع إلى عين ماله - عنده(٤) - كما لو كان حالّاً ابتداءً.

____________________

= شرح الوجيز ٥ : ٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٤ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٣٥ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٦ ، الذخيرة ٨ : ١٧٢ ، المغني ٤ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٣.

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : (٦)

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

١٨

وقال بعض الشافعيّة : فائدة الحلول أن لا يتعلّق بذلك المتاع حقُّ غير بائعه ، ويكون محفوظاً إلى مضيّ المدّة ، فإن وجد المفلس وفاءً فذلك ، وإلّا فحينئذ يفسخ(١) .

وقيل : لا يفسخ حينئذٍ أيضاً ، بل لو باع بثمنٍ مؤجَّل وحَلَّ الأجل ثمّ أفلس المشتري وحُجر عليه ، فليس للبائع الفسخُ والرجوعُ إلى المبيع ؛ لأنّ البيع بالثمن المؤجَّل يقطع حقّ البائع عن المبيع بالكلّيّة ، ولهذا [ لا ](٢) يثبت فيه حقّ الحبس للبائع(٣) .

والأصحّ عندهم : الأوّل(٤) .

وقال أحمد : يكون موقوفاً إلى أن يحلّ الدَّيْن ، فيفسخ البائع إن شاء ، أو يترك(٥) .

مسألة ٢٦٥ : لو اشترى بعد الحجر عليه أمتعةً بأثمان مؤجَّلة أو حالّة ، دخلت في البيع في قضاء الديون‌ ، كسائر أموال المفلس ؛ لأنّه مَلَكها بالبيع ، فكانت كغيرها ، وليس لبائعها تعلّقٌ بها ؛ لأنّه لا مطالبة له في الحال إن كانت مؤجَّلةً على ما اخترناه من عدم حلول المؤجَّل بالحجر ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة على القول بعدم الحلول.

والثاني : أنّها لا تُباع ، فإنّها كالمرهونة بحقوق بائعها ، بل تُوقف إلى انقضاء الأجل ، فإن انقضى والحجر باقٍ ، يثبت حقّ الفسخ. وإن أطلق ، فكذلك ولا حاجة إلى إعادة الحجر ، بل عزلها وانتظار الأجل كإبقاء الحجر‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٥) المغني ٤ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٣ - ٥٣٤.

١٩

بالإضافة إلى المبيع(١) .

وعلى ما اخترناه من جواز بيعها لو لم يتّفق بيعها وقسمتها حتى حلّ الأجل ، فالأقرب : جواز الفسخ الآن.

وللشافعيّة وجهان(٢) .

ولو اشتراها بثمنٍ حالّ ، كان لصاحبها الاختصاصُ أو الضرب بالثمن مع الجهل ، ومع العلم الصبرُ. ويُحتمل الضربُ. وكذا المقرض.

ونقل الجويني وجهاً آخَر فيما إذا كان الثمن مؤجَّلاً : أنّه لا بُدَّ من إعادة الحجر ليثبت حقّ الفسخ(٣) .

ولو لم يكن عليه إلّا ديون مؤجَّلة وطلب أصحابُها الحجْرَ ، لم يُجابوا - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٤) - لأنّ طلب الحجر فرع طلب الدَّيْن وعسر تخليصه فلا يتقدّم عليه.

والثاني : نعم ؛ لأنّهم يتوسّلون به إلى الحلول أو(٥) المطالبة(٦) .

مسألة ٢٦٦ : قد ذكرنا أنّه يشترط كون الديون زائدةً على قدر ماله‌ ، فلو كانت مساويةً والرجل كسوبٌ ينفق من كسبه ، فلا حجر وإن ظهرت أمارات الإفلاس.

وقد تقدّم(٧) أنّ للشافعي وجهين فيما إذا ظهرت أمارات الإفلاس.

ويجري الوجهان فيما إذا كانت الديون أقلَّ وكانت بحيث يغلب على‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : (٧)

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و» بدل « أو ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : (٧)

(٧) في ص ١٢ ، ضمن المسألة ٢٦١ ، وص ١٤ ، الفرع « أ ».

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

الكوفي، نا زيد بن الحسين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: أيها الناس انّي تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي. وفي الباب عن أبي ذر وابى سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد. هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من اهل العلم ».

كما يظهر من ( نوادر الأصول ) للحكيم الترمذي روايته هذا الحديث الثقلين الشريف.

*(٣٢)*

رواية ابى محمد عبد بن حميد الكسى

روى حديث الثقلين في ( مسنده ) حيث قال: « أخبرنا جعفر بن عون أنا أبو حيان التيمي عن يزيد بن حبّان قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد: أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه. ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرّات - فقال حصين: يا زيد ومن أهل بيته؟ »(١) .

و قال الحافظ السيوطي: « الحديث السابع: اخرج عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(٢) .

____________________

(١). المنتخب من مسند عبد بن حميد: ٢٦٥.

(٢). احياء الميت بذكر فضائل أهل البيت: ١٢.

٢٨١

وقال نور الدين السمهودي ما نصه: « عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم خليفتين، كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. أخرجه احمد في مسنده، وعبد ابن حميد بسند جيد ولفظه: انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ومثله قال الشيخاني القادري في [ الصراط السوي ] والميرزا محمد خان البدخشي في [ مفتاح النجا - مخطوط ] في ذكر طرق الحديث.

هذا وقد روى عبد بن حميد هذا الحديث عن زيد بن أرقم أيضا، فقد قال الحافظ السيوطي ما نصه: « أما بعد، الا أيها الناس فإنما انا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضل، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ( حم ) وعبد بن حميد ( م ) عن زيد بن أرقم »(٢) .

وقد ذكر الملا علي المتقى رواية عبد بن حميد لحديث الثقلين هذا في ( كنز العمال ).

ترجمته:

١ - المقدسي : « عبد بن حميد بن نصر، ابو حميد الكسي، وكان اسمه عبد الحميد في الأصل، سمع عثمان بن عمر عند البخاري، وابا عاصم

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الجامع الصغير - بشرح المناوى ٢ / ١٧٤ - ١٧٥.

٢٨٢

وعبد الرزاق ويعقوب بن ابراهيم وأبا عامر العقدى وجعفر بن عون ويونس المؤدب وابا نعيم وسعيد بن عامر واحمد بن إسحاق وعمر بن يونس والحسن بن موسى روى عنه مسلم واكثر. وقال البخاري: وقال عبد الحميد [ عبد ابن حميد ] ذكره بغير سماع »(١) .

٢ - السمعاني : « الكسي بكسر الكاف وتشديد السين المهملة، هذه النسبة الى بلدة بما وراء النهر يقال لها كس، غير أن المشهور كش بفتح الكاف والشين المنقوطة، ويعرف بنخشب. والمعروف من هذه البلدة: ابو محمد عبد الحميد بن حميد بن نصر الكسي، وهو المعروف بعبد بن حميد، امام جليل القدر، ممن جمع وصنف وكانت اليه الرحلة من أقطار الأرض، مات في شهر رمضان ٢٤٩ »(٢) .

٣ - الميرزا محمد البدخشانى مثله(٣) .

٤ - عبد الغنى المقدسي : « وروى عنه مسلم فأكثر، وقال البخاري في حنين الجذع، وزاد عبد الحميد عن عثمان بن عمر، قيل انه عبد بن حميد، روى عنه الترمذي »(٤) .

٥ - الذهبي : « عبد بن حميد بن نصر، الامام الحافظ ابو محمد الكسي، مصنف المسند الكبير والتفسير وغير ذلك وكان من الأئمة الثقات، وقع المنتخب من مسنده لنا ولصغار أولادنا بعلو، مات سنة ٢٤٩ »(٥) .

٦ - الذهبي أيضا في ( الكاشف ٢ / ٢٢٢ ) و ( العبر ١ / ٤٥٤ ) بنحو ما مر.

____________________

(١). أسماء رجال الصحيحين ١ / ٣٣٧ - ٣٣٨.

(٢). الأنساب - الكسى.

(٣). تراجم الحفاظ - مخطوط.

(٤). الكمال - مخطوط.

(٥). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٣٤.

٢٨٣

٧ - اليافعي: « عبد الحميد الحافظ، أبو محمد، صاحب المسند والتفسير »(١) .

٨ - ابن حجر العسقلاني: « قال البخاري في دلائل النبوة عقيب حديث ابن عمر: شيخ ثقة، قال عبد الحميد، حدثنا عثمان بن عمر حدثنا معاذ بن العلاء، عن نافع هذا، فقيل انه عبد بن حميد هذا. وقال ابو حاتم بن حبان في الثقات: عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشي، وهو الذي يقال له عبد بن حميد، كان ممن جمع وصنف »(٢) .

٩ - ابن حجر أيضا: « ثقة حافظ من الحادية عشرة »(٣) .

١٠ - وترجم لهالجلال السيوطي معبرا عنه ب- ( الحافظ ) ومترجما له بنحو ما مر(٤) .

*(٣٣)*

رواية عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي

قال الحافظ الطبراني ما نصه: « حدثنا الحسن بن محمد بن مصعب الاشناني الكوفي، حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، حدثنا عبد الرحمن المسعودي عن كثير النواء، عن عطية العوفي، عن ابى سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما اكبر من الآخر: كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يتفرقا [ يفترقا ] حتى يردا علي الحوض. لم يروه عن كثير النواء الا المسعودي »(٥) .

____________________

(١). مرآة الجنان ٢ / ١٥٥.

(٢). تهذيب التهذيب ٦ / ٤٥٥.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٥٢٩.

(٤). طبقات الحفاظ: ٢٣٤.

(٥). المعجم الصغير ١ / ١٣١.

٢٨٤

*(٣٤)*

رواية نصر بن على بن نصر بن على الجهضمي

فقد قال الحكيم الترمذي ما نصه: « حدثنا نصر بن علي، قال حدثنا زيد بن الحسن، قال حدثنا معروف بن خربوذ المكي، عن ابى الطفيل عامر ابن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: لما صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع خطب فقال: أيها الناس انه قد نبأنى اللطيف الخبير انه لن يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه من قبل، واني أظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، واني فرطكم على الحوض، واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فاني قد نبأنى اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ترجمته:

١ - المقدسي : « نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري يكنى أبا عمرو، والد علي، سمع أباه وعبد الاعلى وأبا احمد الزبيري عندهما وغير واحد، روى عنه البخاري ومسلم. قال ابو العباس السراج: مات سنة ٢٥٠ [ بالبصرة ]، وقال البخاري: في شهر ربيع الاول [ الآخر ] من هذه السنة »(٢) .

٢ - السمعاني : « قاضي البصرة، من العلماء المتقنين، كان ثقة ثبتا حجة »(٣) .

____________________

(١). نوادر الأصول: ٦٨ - ٦٩.

(٢). أسماء رجال الصحيحين ٢ / ٥٣١.

(٣). الأنساب - الجهضمي.

٢٨٥

٣ - الذهبي : « كان أحد الحفاظ والأئمة بالبصرة. قال عبد الله بن احمد: سألت ابى عنه فرضيه وقال ما به بأس. وقال ابو حاتم: هو أحب الي من الفلاس وأوثق وأحفظ. وقال ابن خراش وغيره: ثقة. وقال آخر: كان من نبلاء الناس »(١) .

٤ - الذهبي : « الحافظ العلامة قال احمد: ما به بأس. وقال ابو حاتم: هو أحب الي من الفلاس وأحفظ وأوثق. وقال النسائي: ثقة »(٢) .

٥ - الذهبي أيضا: « الحافظ أحد أوعية العلم »(٣) .

٦ - اليافعي كذلك(٤) .

٧ - السيوطي : « روى عن أبيه وابن عيينة ويزيد بن زريع وخلق، وعنه الأئمة الستة وأبو حاتم وخلق، مات سنة ٢٥٠ »(٥) .

*(٣٥)*

رواية محمد بن المثنى العنزي

بعلم روايته لحديث الثقلين من عبارة ( الخصائص ) للنسائي الآتية.

ترجمته:

١ - المقدسي : « محمد بن المثنى بن عبد قيس ابو موسى العنزي، يعرف بالزمن، من اهل البصرة، سمع ابن عيينة وغندرا وجماعة عندهما. روى عنه البخاري ومسلم واكثرا عنه »(٦) .

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥١٩.

(٣). العبر ١ / ٤٥٧.

(٤). مرآة الجنان ٢ / ١٥٦.

(٥). طبقات الحفاظ: ٢٢٧.

(٦). أسماء رجال الصحيحين ١ / ٤٥١.

٢٨٦

٢ - السمعاني : « روى عنه البخاري ومسلم وابو داود وابو عيسى والنسائي، كان من الثقات »(١) .

٣ - المزي : « قال محمد بن يحيى النيسابوري: حجة، وقال صالح بن محمد الحافظ: صدوق اللهجة وكان في عقله شيء وكنت أقدمه على بندار. وقال (س): لا بأس به كان يغير في كتابه. وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال: كان صاحب كتاب لا يقرأ الا من كتابه »(٢) .

٤ - الذهبي : « قال يحيى بن محمد الذهلي: حجة. وقال ابو حاتم: صدوق وقال ابن خراش: كان من الإثبات، وقال الخطيب: كان صدوقا ورعا فاضلا ثقة قدم بغداد وحدث بها »(٣) .

٥ - الذهبي أيضا في [ تذكرة الحفاظ ٢ / ٥١٢ ] و [ العبر ٢ / ٤ ].

٦ - وفي ( الكاشف ) : « ثقة، ورع »(٤) .

٧ - العسقلاني : « ثقة ثبت، من العاشرة »(٥) .

٨ - السيوطي بنحو ما تقدم(٦) .

*(٣٦)*

رواية ابى محمد الدارمي

روى الحديث في ( سننه ) حيث قال:

« حدّثنا جعفر بن عون ثنا أبو حيان عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خطيبا، فحمد الله وأثنى

____________________

(١). الأنساب - العنزي.

(٢). تذهيب الكمال - مخطوط.

(٣). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٤). الكاشف ٣ / ٩٣.

(٥). تقريب التهذيب ٢ / ٢٠٤.

(٦). طبقات الحفاظ: ٢٢٢.

٢٨٧

عليه ثمّ قال: يا أيّها الناس، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به. فحثّ عليه ورغّب فيه. ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي. ثلاث مرات »(١) .

ولقد قال السخاوي بعد أن أورد حديث الثقلين عن صحيح مسلم: « وفي لفظ: قيل لزيدرضي‌الله‌عنه : من اهل بيته: نساؤه؟ فقال: لا ايم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أمها. وفي رواية غيره: الى أبيها وأمها. اهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

أخرجه مسلم أيضا وكذا النسائي باللفظ الاول، وأحمد، والدارمي في مسنديهما وابن خزيمة في صحيحه وآخرون كلهم من حديث ابى حيان التيمي يحيى بن سعيد بن حيان عن يزيد بن حيان »(٢) .

ترجمته:

١ - المقدسي : « عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي، يكنى ابا محمد، سمع ابا اليمان الحكم بن نافع، ويحيى بن حسان، ومحمد بن عبد الله الرقاشي ومروان، ومحمدا وأبا المغيرة، وعبد الله بن جعفر الرقى، وحجاج بن منهال، والفريابي، وابا نعيم، وعفان، وأبا علي عبد [ عبيد ] الله الحنفي، وأبا معمر [ و ] عبد الله بن عمر المقري، وأبا الوليد الطيالسي، ومحمد ابن المبارك، ومسلم بن ابراهيم، ومحمد بن كثير، وحبان بن هلال، وموسى ابن خالد ختن الفريابي. روى عنه مسلم »(٣) .

٢ - السمعاني : « احد الرحالين في الحديث، والموصوفين بجمعه

____________________

(١). سنن الدارمي ٢ / ٤٣١.

(٢). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.

(٣). اسماء رجال الصحيحين ١ / ٢٧٠.

٢٨٨

وحفظه والإتقان له، مع الثقة والصدق والورع والزهد. واستقضي على سمرقند فأبى فألح عليه السلطان حتى يقلده [ تقلده ] وقضى قضية واحدة ثم استعفى فأعفي، وكان على غاية العقل وفي نهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم والرزانة والاجتهاد والعبادة والتقلل والزهادة، وصنف ( المسند ) و ( التفسير ) و ( الجامع ) »(١) .

٣ - عبد الغنى المقدسي بنحو ما تقدم(٢) .

٤ - المزي : « وسأل انسان احمد عن أبى المنذر، فقال: لا أعرفه، قد طالت غيبة إخواننا عنا لكن اين أنت عن عبد الله بن عبد الرحمن؟ عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، فقال عثمان بن ابى شيبة: أمره ظاهر من الصبر والحفظ وصيانة النفس عافاه الله.

وقال بندار: حفّاظ الدنيا أربعة: ابو زرعة بالري، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن اسماعيل ببخارى.

وقال ابو حاتم بن حبان: كان من الحفاظ المتقنين واهل الورع في الدين، ممن حفظ وجمع وتفقه وصنف وحدث، واظهر السنة في بلده ودعا إليها وذب عن حريمها وقمع من خالفها »(٣) .

٥ - الذهبي : « الدارمي - الامام الحافظ شيخ الإسلام بسمرقند صاحب المسند العالي الذي في طبقته منتخب مسند عبد بن حميد »(٤) .

____________________

(١). الأنساب - الدارمي.

(٢). الكمال - مخطوط.

(٣). تهذيب الكمال - مخطوط.

(٤). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٣٥.

٢٨٩

٦ - الذهبي أيضا: « قال ابو حاتم: هو امام اهل زمانه »(١) .

٧ - في ( العبر ٢ / ٨ ) نحوه.

٨ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٦١ ).

٩ - ولى الدين الخطيب ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

١٠ - العسقلاني ( تهذيب التهذيب ٥ / ٢٩٤ ).

١١ - العسقلاني أيضا : « الحافظ صاحب المسند، ثقة فاضل متقن من الحادية عشر »(٢) .

١٢ - السيوطي ( طبقات الحفاظ ) والداودي ( طبقات المفسرين ١ / ٢٣٥ ) الملا على القاري ( المرقاة ١ / ٢٣ ) بنحو ما تقدم.

*(٣٧)*

رواية على بن المنذر الطريقي

تتضح روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة ( صحيح الترمذي ) في رواية الأعمش المتقدمة، ومن رواية ابن الأثير في ( اسد الغابة ).

ترجمته:

١ - السمعاني ( الأنساب - الطريقي ).

٢ - المزي : « قال ابن ابى حاتم: سمعت منه مع ابى، وهو صدوق ثقة، وسئل ابى عنه فقال: حج خمسا وخمسين حجة ومحله الصدق، وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال ابن نمير: ثقة صدوق »(٣) .

____________________

(١). الكاشف ١ / ١٠٣.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٢٩.

(٣). تهذيب الكمال - مخطوط.

٢٩٠

٣ - الذهبي : « قال (س): شيعى محض، ثقة مات ٢٥٦ )(١) .

٤ - ولى الدين الخطيب ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

٥ - العسقلاني : « صدوق يتشيع، من العاشرة »(٢) .

٦ - الشيخ عبد الحق الدهلوي ( أسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

*(٣٨)*

رواية مسلم بن الحجاج القشيري

لقد أورد حديث الثقلين بطرق عديدة، وأسانيد كثيرة، فقال:

« حدثني زهير بن حرب، وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية، قال زهير: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم، حدثني ابو حيان، حدثني يزيد بن حيان، قال: انطلقت انا وحصين بن سبرة وعمر [ و ] بن مسلم الى زيد بن أرقم، فلما جلسنا اليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سنى وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوه [ فاقبلوا ] ومالا فلا تكلفونيه.

ثم قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: اما بعد، الا يا ايها الناس، فإنما انا بشر يوشك ان يأتى رسول ربى فأجيب، وانا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا

____________________

(١). الكاشف ٢ / ٢٩٦.

(٢). تقريب التهذيب ٢ / ٤٤.

٢٩١

به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: واهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي. فقال له حصين: ومن اهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من اهل بيته؟ فقال: نساؤه من اهل بيته ولكن اهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.

حدثنا ابو بكر بن ابى شيبة، ثنا: محمد بن فضيل ( ح ) وحدثنا إسحاق ابن ابراهيم، أنا جرير، كلاهما عن ابى حيان بهذا الاسناد نحو حديث اسماعيل وزاد في حديث جرير: كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل.

حدثنا محمد بن بكار بن الريان، ثنا حسان، يعنى ابن ابراهيم، عن سعيد وهو ابن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: دخلنا عليه فقلنا له: لقد رأيت خيرا، لقد صاحبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصليت خلفه. وساق الحديث بنحو حديث أبى حيان، غير انه قال: ألا وإنّي تارك فيكم الثقلين [ ثقلين ] أحدهما كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. وفيه: فقلنا: من اهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، [ و ] ايم الله ان المرأة تكون من الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أبيها وقومها. اهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده »(١) .

ترجمته:

١ - ابن خلكان : « أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صاحب ( الصحيح ) احد الأئمة الحفاظ واعلام المحدثين، رحل

____________________

(١). صحيح مسلم ٢ / ٢٣٧ - ٢٣٨.

٢٩٢

الى الحجاز والعراق والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري، واحمد ابن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وعبد الله بن مسلمة القعنبي وغيرهم. وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أهلها وآخر قدومه إليها في سنة ٢٥٩. وروى عنه الترمذي، وكان من الثقات.

وقال محمد الماسرخسي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، وقال الحافظ ابو علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. وقال الخطيب البغدادي كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه.

وقال ابو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لما استوطن البخاري نيسابور اكثر مسلم من الاختلاف اليه فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس من الاختلاف اليه حتى هجر وخرج من نيسابور في تلك المحنة قطعه اكثر الناس غير مسلم فانه لم يتخلف عن زيارته فأنهي الى محمد بن يحيى ان مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا وانه عوتب على ذلك بالحجاز والعراق ولم يرجع عنه. فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له ان يحضر مجلسنا فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رءوس الناس وخرج من مجلسه وجمع كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمال الى باب محمد بن يحيى فاستحكمت بذلك الوحشة وتخلف عنه وعن زيارته »(١) .

٢ - الذهبي : « قال ابو عمرو حمدان: سألت ابن عقدة: أيهما احفظ، البخاري او مسلم؟ فقال: كان محمد عالما ومسلم عالما. فأعدت عليه مرارا، فقال: يقع لمحمد الغلط في اهل الشام وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها فربما ذكر الرجل بكنيته ويذكره في موضع آخر يظنهما اثنين. واما مسلم فقل ما

____________________

(١). وفيات الأعيان ٤ / ٢٨٠.

٢٩٣

يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل »(١) .

٣ - وفي ( الكاشف ٣ / ١٤٠ ) و ( العبر ١ / ٢٣ ) كذلك.

٤ - اليافعي . ثم ذكر المقارنة التالية: « وقد اختلف أئمة الحديث المتأخرون في تفضيل الصحيحين، فالأكثرون منهم فضلوا صحيح البخاري على صحيح مسلم وبعضهم فضلوا صحيح مسلم، حتى قال ابو علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. قلت: والمعروف ان كتاب البخاري افقه وكتاب مسلم احسن سياقا للروايات »(٢) .

٥ - ابن الوردي ( تتمة المختصر في اخبار البشر ١ / ٣٢٧ ).

٦ - الملا على القاري ( المرقاة ١ / ١٦ - ١٧ ).

٧ - الشيخ عبد الحق الدهلوي ( اسماء رجال المشكاة ): « احد الأئمة الحفاظ من المتقنين المبرزين وأستاذ علماء الحديث وقدوتهم وعمدتهم، رحل في طلب الحديث الى اقطار العالم وأكنافه وأمصار الإسلام ».

*(٣٩)*

رواية ابن ماجة القزويني

ذكر الكنجي بعد روايته لحديث الثقلين بسنده ما يلي: « أخرجه مسلم في صحيحه كما أخرجناه، ورواه ابو داود وابن ماجة القزويني في كتابيهما »(٣) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٨٨ - ٥٩٠.

(٢). مرآة الجنان ٢ / ١٧٤.

(٣). كفاية الطالب: ٥٣.

٢٩٤

ترجمته:

في ( وفيات الأعيان ٣ / ٤٠٧ ) و ( تهذيب الكمال - مخطوط ) و ( اسماء رجال المشكاة ٣ / ٨٠٤ ) و ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٣٦ ) و ( سير اعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٧ ) و ( العبر في خبر من غير ٢ / ٥١ ) و ( الكاشف ٣ / ١١٠ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ١٨٨ ) و ( المختصر في اخبار البشر ٢ / ٥٤ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٣٣٢ ) و ( تهذيب التهذيب ٩ / ٥٣٠ ) و ( تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٠ ) و ( طبقات الحفاظ ٢٧٨ ) وغيرها من كتب الرجال والسير.

وهنا نكتفي بترجمته عن ابن خلكان، فانه قال: « ابو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة الربعي بالولاء، القزويني، الحافظ المشهور، مصنف كتاب ( السنن ) في الحديث، كان اماما في الحديث عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به، ارتحل الى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة وشام ومصر والري لكتب الحديث، وله تفسير القرآن وتاريخ مليح. وكتابه في الحديث احد الصحاح الستة ».

*(٤٠)*

رواية ابى داود السجستاني

لقد ظهر لك روايته لحديث الثقلين من عبارة الحافظ الكنجي المتقدمة، كما يظهر ذلك ايضا من كلام سبط ابن الجوزي حيث يقول: « وقد أخرجه ابو داود في سننه، والترمذي وعامة المحدثين، وذكره رزين في الجمع بين الصحاح »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني : « أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وحفظا ونسكا وورعا

____________________

(١). تذكرة خواص الامة: ٣٢٢.

٢٩٥

واتقانا ممن جمع وصنف وذب عن السنن وقمع من خالفها وانتحل ضدها، توفى بالبصرة في شوال ٢٧٥ »(١) .

٢ - ابن خلكان : « قال ابراهيم الحربي لما صنف ابو داود كتاب السنن: ألين لابي داود الحديث كما ألين لداود الحديد، وكان يقول: كتبت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمس مائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب، يعني ( السنن ) جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه. ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: أحدها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( انما الاعمال بالنيات ) والثاني قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) والثالث قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه ) والرابع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات ) »(٢) .

٣ - المزي في ( تهذيب الكمال ) بنحو ما تقدم.

٤ - الذهبي : « ابو داود الامام الثبت سيد الحفاظ »(٣) .

٥ - وايضا: « ثبت حجة امام عامل، مات في شوال ٢٧٥ »(٤) .

٦ - وفي ( العبر ): « وكان رأسا في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع حتى كان يشبه بشيخه الامام احمد بن حنبل »(٥) .

٧ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٨٩ ).

٨ - السبكى : « وقال احمد بن محمد بن ياسين الهروي في تاريخ هراة: ابو داود كان أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان

____________________

(١). الأنساب - السجستاني.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٨.

(٣). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٩١.

(٤). الكاشف ١ / ٣٩٠.

(٥). العبر ٢ / ٥٤.

٢٩٦

الحديث. وقال الحاكم ابو عبد الله: ابو داود امام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة. وقال ابو بكر الخلال: ابو داود الامام المقدم في زمانه، لم يسبق الى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه، رجل ورع مقدم.

وقال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي، حدثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود قال: كنت مع أبي داود ببغداد فصليت المغرب فجاء الأمير أبو أحمد الموفق فدخل، فأقبل عليه ابو داود وقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت؟ فقال: خلال ثلاث. قال: وما هي؟ قال: تنتقل الى البصرة فتتخذها وطنا لترحل إليك طلبة العلم فتعمر بك فإنها قد خربت وانقطع عنها الناس لما جرى عليها من محنة الزنج. قال: هذه واحدة. قال: وتروى لاولادى ( السنن ) فقال: نعم، هات الثالث؟ قال: وتفرد لهم مجلسا فان اولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة. قال: اما هذه فلا سبيل إليها لان الناس في العلم سواء: قال ابن جابر: فكانوا يحضرون ويقعدون وبينهم وبين العامة ستر »(١) .

٩ - القاري : « قال الخطابي شارحه: لم يصنف في علم الدين مثله، وهو أحسن وضعا واكثر فقها من الصحيحين. وقال ابو داود: ما ذكرت فيه حديثا اجمع الناس على تركه. وقال ابن الاعرابي: من عنده القرآن وكتاب أبي داود لم يحتج معهما الى شيء من العلم البتة، وقال الناجي: كتاب الله أصل الإسلام وكتاب ابى داود عيد الإسلام.

ومن ثم صرح حجة الإسلام الغزالي باكتفاء المجتهد به في الأحاديث، وتبعه أئمة الشافعية على ذلك »(٢) .

١٠ - عبد الحق الدهلوي ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

١١ - الثعالبي : ( مقاليد الأسانيد ) « هو الامام الأوحد الحجة الحافظ

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٢٩٥.

(٢). المرقاة في شرح المشكاة ١ / ٢٢.

٢٩٧

النقاد سليمان بن الأشعث بن إسحاق وكان اليه المنتهى في الحفظ والإتقان وكان في الدرجة العالية من النسك والعفاف والصلاح والورع ».

*(٤١)*

رواية عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري

تظهر روايته لحديث الثقلين من عبارة الحاكم في ( المستدرك ) الآتية.

ترجمته:

١ - السمعاني : « أبو محمد عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي كان يكنى ابا محمد فكني بأبي قلابة، وغلبت عليه. سمع أباه ويزيد بن هارون وعبد الله بن بكر السهيمي، وابا داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وروح بن عبادة، وبشر بن عمر الزهراني، وأبا عامر العقدي، واشهل بن حاتم، وحجاج بن منهال، والقعنبي، ومعلى بن اسد.

روى عنه محمد بن إسحاق الصغاني، ويحيى بن محمد بن صاعد، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي المروزي، وابو عمرو بن السماك، وابو بكر احمد بن سلمان النجاد، وابو سهل ابن زياد القطان وجماعة آخرهم: ابو بكر محمد بن عبد الله الشافعي

كان مذكورا بالصلاح والخير وكان سمج الوجه. وقال الدارقطني: هو صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون »(١) .

٢ - عبد الغنى المقدسي : « ذكره ابن حبان في الثقات فقال: كان يحفظ اكثر حديثه، ويقال: انه حدث من حفظ ستين ألف حديث. وقال

____________________

(١). الأنساب - الرقاشي.

٢٩٨

ابو داود السجستاني: رجل صدوق أمين مأمون »(١) .

٣ - المزي ( تهذيب الكمال ) بنحو ما مر.

٤ - الذهبي ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٨٠ ) بمثل ذلك.

٥ - وأيضا في ( العبر ٢ / ٥٦ ).

٦ - وفي ( دول الإسلام حوادث سنة ٢٧٦ ).

٧ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٩٠ ).

٨ - السيوطي ( طبقات الحفاظ ٢٥٨ ).

*(٤٢)*

رواية ابن أبى العوام التميمي

لقد اثبت روايته لحديث الثقلين ابن المغازلي في ( المناقب ) فليراجع.

ترجمته:

السمعاني: « أبو بكر محمد بن احمد بن ابى العوام بن يزيد بن دينار الرياحي التميمي، من أهل بغداد. سمع يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وقريش بن انس، وابا عامر العقدى، وعبد العزيز بن أبان القرشي وغيرهم.

روى عنه القاضي ابو عبد الله المحاملي، وابو العباس ابن عقدة الكوفي، واسماعيل بن محمد الصفار، ومحمد بن عمرو الرزاز، وابو عمرو بن السماك، واحمد بن سلمان النجاد، واحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي، وابو بكر الشافعي، ومحمد بن جعفر بن الهيثم وهو آخر من حدث عنه. وقال ابو الحسن الدارقطني: هو صدوق، ومات في شهر رمضان سنة ٢٧٦ »(٢) .

____________________

(١). الكمال - مخطوط.

(٢). الأنساب - الرياحي.

٢٩٩

*(٤٣)*

رواية محمد بن عيسى الترمذي

لقد أورد حديث الثقلين بالسند الآتي: « حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي، ثنا: زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا ايها الناس، اني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي اهل بيتي.

وفي الباب عن أبى ذر، وأبى سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد. هذا حديث حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من اهل العلم »(١) .

و قد روى هذا الحديث بسند آخر فقال: « حدثنا علي بن المنذر الكوفي، ثنا: محمد بن فضيل، ثنا: الأعمش، عن عطية، عن ابى سعيد، والأعمش، عن حبيب بن أبى ثابت، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي اهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. هذا حديث حسن غريب »(٢) .

ترجمته:

في كافة معاجم التراجم، وهو احد ارباب الصحاح الستة المعول عليهم في الحديث فهو غني عن الاشارة الى فضله وبيان منزلته عند القوم.

____________________

(١). صحيح الترمذي ٢ / ٢١٩.

(٢). صحيح الترمذي ٢ / ٢٢٠.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510