تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 431941 / تحميل: 5962
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

قال السمعاني: قرأت عليه الكتب الكبار والأجزاء، وسمعت أبا العلاء العطّار بهمدان يقول: ما أعدل بأبي القاسم ابن السمرقندي أحداً من شيوخ العراق وخراسان.

وقال عمر البسطامي: أبو القاسم إسناد خراسان والعراق

قال ابن عساكر: كان ثقة مكثراً، صاحب أُصول، دلّالاً في الكتب

قال السلفي: هو ثقة »(١) .

(١١٦)

رواية أبي الفتح الهروي

وهو: عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله الكروخي المتوفى سنة: ٥٤٨.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ الكنجي.

الذهبي : « الشيخ الإِمام الثقة قال السمعاني: هو شيخ صالح، ديّن خيّر، حسن السيرة، صدوق، ثقة، قرأت عليه »(٢) .

وله ترجمة في:

المنتظم ١٠ / ١٥٤، تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣١٣، الكامل في التاريخ ١١ / ١٩٠.

(١١٧)

رواية أبي سعد ابن أبي صالح

وهو: عبد الوهاب بن الحسن الكرماني المتوفى سنة: ٥٥٩.

وتعلم روايته من أسانيد ابن عساكر الحافظ.

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٨.

(٢). سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٧٣.

٨١

الذهبي : « الشيخ الصالح المعمر أبو سعد سمع من أبي بكر ابن خلف وتفرّد في وقته، حدّث عنه: السمعاني وجماعة. توفي سنة ٥٥٩ »(١) .

(١١٨)

رواية أبي الخير الباغبان

وهو: محمّد بن أحمد الأصبهاني المتوفى سنة: ٥٥٩.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ ابن عساكر.

الذهبي : « الشيخ المعمر الثقة الكبير حدّث عنه: السمعاني و قال ابن نقطة: هو ثقة صحيح السّماع »(٢) .

وله ترجمة في:

الوافي بالوفيات ٢ / ١١١، النجوم الزاهرة ٦ / ٣٦٦، العبر ٤ / ١٦٨.

(١١٩)

رواية أبي زرعة المقدسي

وهو: طاهر بن محمّد بن طاهر الشيباني المقدسي المتوفى سنة: ٥٦٦.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ الكنجي.

الذهبي : « الشيخ العالم المسند الصّدوق أبو زرعة كان يقدم بغداد، ويحدّث بها، وتفرّد بالكتب والأجزاء حدّث عنه: السمعاني، وابن الجوزي وأبو بكر محمّد بن سعيد ابن الخازن، وآخرون.

... قال ابن النجار كان شيخاً صالحاً »(٣) .

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٣٩.

(٢). سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٧٨.

(٣). سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٠٣.

٨٢

(١٢٠)

رواية ابن شاتيل

وهو: أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله البغدادي الدبّاس المتوفى سنة: ٥٨١.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ الكنجي.

الذهبي : « الشيخ الجليل المسند المعمر عمّر دهراً وتفرّد ورحلوا إليه انتهى إليه علوّ الإِسناد، حدّث عنه: السمعاني، وابن الأخضر، والشيخ الموفّق، و »(١) .

(١٢١)

رواية ابن الأخضر

وهو: عبد العزيز بن أبي نصر محمود الجنابذي البغدادي المتوفى سنة: ٦١١.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ الكنجي.

الذهبي : « الإمام العالم المحدّث الحافظ المعمر مفيد العراق صنّف وجمع وكتب عن أقرانه، وحدّث نحواً من ستّين عاماً، وكان ثقة فهماً خيّراً ديّناً عفيفاً » ثم نقل ثقته عن ابن نقطة وابن النّجار(٢) .

وله ترجمة في كثير من الكتب الرجاليّة، والتاريخية، مثل:

الكامل ١٢ / ١٢٦، تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٨٣، النجوم الزاهرة ٦ / ٢١١

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٧.

(٢). سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣١.

٨٣

(١٢٢)

رواية المراتبي

وهو: أبو غالب منصور بن أحمد الخلّال ابن المعوّج المتوفى سنة: ٦٤٣.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ الكنجي.

الذهبي : « الشيخ أبو غالب سمع روى عنه: مجد الدين ابن العديم وبالإِجازة الفخر ابن عساكر، وأبو المعالي ابن البالسي، والقاضي الحنبلي، وعيسى المطعّم، وابن سعد، وأحمد بن الشحنة، وستُّ الفقهاء الواسطية.

توفي في جمادى الآخرة سنة ٦٤٣ »(١) .

وله ترجمة في:

العبر ٥ / ١٨١، النجوم الزاهرة ٦ / ٣٥٥ وغيرهما.

(١٢٣)

رواية ابن الخازن

وهو: أبو بكر محمّد بن سعيد بن الموفق النيسابوري البغدادي المتوفى سنة: ٦٤٣.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ الكنجي.

الذهبي : « الشيخ الجليل الصالح المسند سمع أبا زرعة المقدسي و حدّث عنه وكان شيخاً صيّناً متديّناً مسمتاً »(٢) .

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٢٠.

(٢). سير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٢٤.

٨٤

وله ترجمة في:

تاريخ بغداد لا بن الدبيثي ١ / ٢٨٣، النجوم الزاهرة ٦ / ٣٥٥، العبر ٥ / ١٧٩.

(١٢٤)

رواية الباذرائي

وهو: أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن حسن البغدادي المتوفى سنة: ٦٥٥.

وتعلم روايته من أسانيد الحافظ الكنجي.

الذهبي : « الإِمام قاضي القضاة قال أبو شامة: وكان فقيهاً عالماً ديّناً متواضعاً دمث الأخلاق منبسطاً »(١) .

وله ترجمة في:

طبقات السبكي ٨ / ١٥٩، البداية والنهاية ١٣ / ١٩٦، ذيل مرآة الزمان ١ / ٧٠ - ٧٢، العبر ٥ / ٢٢٣.

(١٢٥)

رواية ابن كثير

وهو: إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي المتوفى سنة: ٧٧٤.

قال:

« حديث الطير: وهذا الحديث قد صنّف الناس فيه، وله طرق متعددة، في كلٍّ منها نظر، ونحن نشير إلى شيء من ذلك:

قال الترمذي: حدّثنا سفيان بن وكيع، ثنا عبد الله بن موسى، عن عيسى

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٣٢.

٨٥

ابن عمر، عن السدّي عن أنس قال: « كان عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء علي فأكل معه، ثم قال الترمذي: غريبُ لا نعرفه من حديث السدّي إلّا من هذا الوجه، قال: وقد روي من غير وجه عن أنس.

وقد رواه أبو يعلى: عن الحسن بن حمّاد، عن مسهر بن عبد الملك، عن عيسى بن عمر، به.

وقال أبو يعلى: ثنا قطن بن بشير، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا عبد الله بن مثنى، ثنا عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجل مشوي بخبزة وضيافة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام. فقالت عائشة: اللّهم اجعله أبي، وقالت حفصة: اللّهم اجعله أبي، وقال أنس: وقلت: اللّهم اجعله سعد بن عبادة، قال أنس: فسمعت حركةً بالباب، فقلت: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فانصرف. ثم سمعت حركة بالباب فخرجت فإذا علي بالباب، فقلت: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فانصرف. ثم سمعت حركة بالباب، فسلّم علي فسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوته فقال: انظر من هذا؟ فخرجت فإذا هو علي، فجئت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبرته فقال: ائذن له يدخل عليّ، فأذنت له فدخل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم وال من والاه ».

ورواه الحاكم في مستدركه، عن أبي علي الحافظ، عن محمّد بن أحمد الصفار وحميد بن يونس الزيات، كلاهما عن محمّد بن أحمد بن عياض، عن أبي غسان أحمد بن عياض، عن أبي ظبية، عن يحيى بن حسان، عن سليمان ابن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس فذكره، وهذا إسناد غريب. ثم قال الحاكم: هذا الحديث على شرط البخاري ومسلم. وهذا فيه نظر، فإن أبا

٨٦

علاثة محمّد بن أحمد بن عياض هذا غير معروف، لكن روى هذا الحديث عنه جماعة، عن أبيه، وممن رواه عنه أبو القاسم الطبراني ثم قال: تفرد به عن أبيه والله أعلم.

قال الحاكم: وقد رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفساً. قال شيخنا الحافظ الكبير أبو عبد الله الذهبي: فصلهم بثقة يصحّ الإِسناد إليه. ثم قال الحاكم: وصحّت الرواية عن علي وأبي سعيد وسفينة، قال شيخنا أبو عبد الله: لا - والله - ما صح شيء من ذلك.

ورواه الحاكم من طريق إبراهيم بن ثابت القصار - وهو مجهول - عن ثابت البناني عن أنس قال: دخل محمّد بن الحجاج، فجعل يسب علياً، فقال أنس: اُسكت عن سب علي، فذكر الحديث مطولاً، وهو منكر سنداً ومتناً. لم يورد الحاكم في مستدركه غير هذين الحديثين.

وقد رواه ابن أبي حاتم، عن عمار بن خالد الواسطي، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس. وهذا أجود من إسناد الحاكم.

ورواه عبد الله بن زياد أبو العلاء، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أنس بن مالك. فقال: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير مشوي فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فذكر نحوه.

ورواه محمّد بن مصفى، عن حفص بن عمر، عن موسى بن سعيد، عن الحسن، عن أنس فذكره.

ورواه علي بن الحسن الشامي، عن خليل بن دعلج، عن قتادة، عن أنس بنحوه.

ورواه أحمد بن يزيد الورتنيس، عن زهير، عن عثمان الطويل، عن أنس فذكره.

٨٧

ورواه عبيد الله بن موسى، عن سكين بن عبد العزيز، عن ميمون أبي خلف، حدّثني أنس بن مالك فذكره. قال الدار قطني: من حديث ميمون أبي خلف تفرد به سكين بن عبد العزيز.

ورواه الحجاج بن يوسف بن قتيبة، عن بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس.

ورواه ابن يعقوب إسحاق بن الفيض، ثنا المضاء بن الجارود، عن عبد العزيز بن زياد: أن الحجاج بن يوسف دعا أنس بن مالك من البصرة، فسأله عن علي بن أبي طالب فقال: اهدي للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر فأمر به فطبخ وصنع فقال: اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليّ يأكل معي. فذكره.

وقال الخطيب البغدادي: أنا الحسن بن أبي بكير، أنا أبو بكر محمّد بن العباس بن نجيح، ثنا محمّد بن القاسم النحوي أبو عبد الله، ثنا أبو عاصم، عن أبي الهندي عن أنس فذكره.

ورواه الحاكم بن محمّد، عن محمّد بن سليم، عن أنس بن مالك. فذكره.

وقال أبو يعلى: حدّثنا الحسن بن حماد الوراق، ثنا مسهر بن عبد الملك ابن سلع - ثقة - ثنا عيسى بن عمر، عن إسماعيل السدي: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان عنده طائر فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء أبو بكر فردّه، ثم جاء عمر فردّه، ثم جاء عثمان فردّه، ثم جاء علي فأذن له.

وقال أبو القاسم بن عقدة: ثنا محمّد بن أحمد بن الحسن، ثنا يوسف ابن عدي، ثنا حماد بن المختار الكوفي، ثنا عبد الملك بن عمير، عن أنس بن مالك قال: اهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر فوضع بين يديه فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي قال: فجاء علي فدّق الباب، فقلت من ذا؟ فقال: أنا علي، فقلت: إن رسول الله على حاجة. حتى فعل ذلك

٨٨

ثلاثاً، فجاء الرابعة فضرب الباب برجله فدخل، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما حبسك؟ فقال: قد جئت ثلاث مرات فيحبسني أنس، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حملك على ذلك؟ قال قلت: كنت أحب أن يكون رجلاً من قومي.

وقد رواه الحاكم النيسابوري، عن عبدان بن يزيد، عن يعقوب الدقاق، عن إبراهيم بن الحسين الشامي، عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن حسين ابن سليمان، عن عبد الملك بن عمير، عن أنس فذكره. ثم قال الحاكم: لم نكتبه إلّا بهذا الإِسناد.

وساقه ابن عساكر من حديث الحرث بن نبهان، عن إسماعيل - رجل من أهل الكوفة - عن أنس بن مالك فذكره. ومن حديث حفص بن عمر المهرقاني، عن الحكم بن شبير بن إسماعيل أبي سليمان - أخي إسحاق بن سليمان الرازي - عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس فذكره، ومن حديث سليمان بن قرم، عن محمّد بن علي السلمي، عن أبي حذيفة العقيلي، عن أنس فذكره.

وقال أبو يعلى: ثنا أبو هشام، ثنا ابن فضيل، ثنا مسلم الملائي، عن أنس قال: أهدت أُم أيمن إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيراً مشوياً فقال: اللّهم ائتني بمن تحبه يأكل معي من هذا الطير، قال أنس: فجاء علي فاستأذن فقلت: هو على حاجته، فرجع ثم عاد فاستأذن فقلت: هو على حاجته فرجع، ثم عاد فاستأذن فسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوته فقال: ائذن له فدخل - وهو موضوع بين يديه - فأكل منه وحمد الله.

فهذه طرق متعددة عن أنس بن مالك، وكل منها فيه ضعف ومقال.

وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي - في جزء جمعه في هذا الحديث بعد ما أورد طرقاً متعددة نحواً مما ذكرنا -: ويروى هذا الحديث من وجوه باطلة أو مظلمة عن: حجاج بن يوسف، وأبى عاصم خالد بن عبيد، ودينار أبى كيسان،

٨٩

وزياد بن محمّد الثقفي، وزياد العبسي، وزياد بن المنذر، وسعد بن ميسرة البكري، وسليمان التيمي، وسليمان بن علي الأمير، وسلمة بن وردان، وصباح ابن محارب، وطلحة بن مصرف، وأبي الزناد، وعبد الأعلى بن عامر، وعمر بن راشد، وعمر بن أبي حفص الثقفي الضرير، وعمر بن سليم البجلي، وعمر بن يحيى الثقفي، وعثمان الطويل، وعلي بن أبي رافع، وعيسى بن طهمان، وعطية العوفي، وعباد بن عبد الصمد، وعمار الدّهني، وعباس بن علي، وفضيل بن غزوان، وقاسم بن جندب، وكلثوم بن جبر، ومحمّد بن علي الباقر، والزهري، ومحمّد بن عمرو بن علقمة، ومحمّد بن مالك الثقفي، ومحمّد بن جحادة، وميمون بن مهران، وموسى الطويل، وميمون بن جابر السلمي، ومنصور بن عبد الحميد، ومعلى بن أنس، وميمون أبي خلف الجراف، وقيل أبو خالد، ومطر بن خالد، ومعاوية بن عبد الله بن جعفر، وموسى بن عبد الله الجهني، ونافع مولى ابن عمر، والنضر بن أنس بن مالك، ويوسف بن إبراهيم، ويونس بن حيان، ويزيد بن سفيان، ويزيد بن أبي حبيب، وأبي المليح، وأبي الحكم، وأبي داود السبيعي، وأبي حمزة الواسطي، وأبي حذيفة العقيلي، وإبراهيم بن هدبة.

ثم قال بعد أن ذكر الجميع: الجميع بضعة وتسعون نفساً، أقربها غرائب ضعيفة، وأردؤها طرق مختلقة مفتعلة، وغالبها طرق واهية.

وقد روي من حديث سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال أبو القاسم البغوي وأبو يعلى الموصلي قالا: حدّثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا مطير بن أبي خالد، عن ثابت البجلي، عن سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أهدت امرأة من الأنصار طائرين بين رغيفين - ولم يكن في البيت غيري وغير أنس - فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا بغدائه. فقلت: يا رسول الله، قد أهدت لك امرأة من الأنصار هدية، فقدمت الطائرين إليه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك

٩٠

إليك وإلى رسولك، فجاء علي بن أبي طالب فضرب الباب خفياً فقلت: من هذا؟ قال أبو الحسن، ثم ضرب الباب ورفع صوته فقال رسول الله من هذا: قلت علي بن أبي طالب. قال: افتح له، ففتحت له فأكل معه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الطيرين حتى فنيا.

وروي عن ابن عباس، فقال أبو محمّد يحيى بن محمّد بن صاعد: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا حسين بن محمّد، ثنا سليمان بن قرم، عن محمّد بن شعيب، عن داود بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده ابن عباس قال: إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتي بطائر فقال: اللّهم ائتني برجل يحبه الله ورسوله. فجاء علي فقال: اللّهم وإليَّ.

وروي عن علي نفسه فقال عباد بن يعقوب: ثنا عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير يقال له الحبارى، فوضعت بين يديه - وكان أنس بن مالك يحجبه - فرفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده إلى الله ثم قال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. قال فجاء علي فاستأذن فقال له أنس: إن رسول الله يعني على حاجته، فرجع. ثم أعاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدعاء، فرجع. ثم دعا الثالثة فجاء علي فأدخله، فلما رآه رسول الله قال: اللّهم وإليَّ. فأكل معه. فلما أكل رسول الله وخرج علي قال أنس: تبعت علياً فقلت: يا أبا الحسن استغفر لي فإن لي إليك ذنباً، وإن عندي بشارة، فأخبرته بما كان من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحمد الله واستغفر لي ورضي عني، أذهب ذنبي عنده بشارتي إياه.

ومن حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، أورده ابن عساكر من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن ابن لهيعة.، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر. فذكره بطوله.

وقد روي أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري - وصححه الحاكم - ولكن

٩١

إسناده مظلم. وفيه ضعفاء.

وروي من حديث حبشي بن جنادة. ولا يصح أيضاً.

ومن حديث يعلى بن مرة، والإِسناد إليه مظلم.

ومن حديث أبي رافع نحوه. وليس بصحيح.

وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة منهم: أبو بكر بن مردويه، والحافظ أبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذّهبي، ورأيت فيه مجلداً في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر بن جرير الطبري المفسر صاحب التاريخ، ثم وقفت على مجلد كبير في ردّه وتضعيفه سنداً ومتناً للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم.

وبالجملة، ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه.

والله أعلم »(١) .

ترجمته:

وتوجد ترجمته والثناء عليه في:

١ - الدرر الكامنة ١ / ٣٩٩.

٢ - طبقات ابن قاضي شهبة ٢ / ١١٣.

٣ - طبقات الحفّاظ: ٥٢٩.

٤ - طبقات المفسّرين ١ / ١١٠.

وهي مشحونة بالثناء والإِكبار والتوثيق ولا حاجة إلى نقلها.

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥١ - ٣٥٤.

٩٢

(١٢٦)

رواية العاقولي

وهو: محمّد بن محمّد بن عبد الله العاقولي المتوفى سنة: ٧٩٧.

قال:

« عن أنس قال: كان عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال:

اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر. فجاء علي فأكل معه.

أخرجه الترمذي »(١) .

ترجمته:

وكان العاقولي فقيهاً، محدّثاً، أديباً، له مصنَّفات، منها الردّ على الرافضة، شرح المشكاة، وشرح منهاج البيضاوي، وغير ذلك(٢) .

(١٢٧)

رواية الهيثمي

وهو: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة: ٨٠٧.

قال:

« وعن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقدّم فرخاً مشويّاً فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليَّ يأكل معي من هذا الفرخ، فجاء علي ودقّ الباب. فقال

____________________

(١). الرصف فيما روي عن النبيّ من الفضل والوصف: باب عليعليه‌السلام : ٣٦٩.

(٢). بغية الوعاة: ٩٧، شذرات الذهب ٦ / ٣٥١ وغيرهما.

٩٣

أنس: من هذا؟ قال: علي. فقلت: النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فانصرف. ثمّ تنّحى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكل، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ. فجاء علي فدق الباب دقاً شديداً فسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا أنس، من هذا؟ قلت علي، قال: أدخله، فدخل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد سألت الله ثلاثاً أنْ يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليَّ يأكل معي من هذا الفرخ. فقال علي: وأنا - يا رسول الله - لقد جئت ثلاثاً، كلّ ذلك يردّني أنس. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟ قال: أحببت أن تدرك الدعوة رجلاً من قومي. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يلام الرجل على حبّ قومه.

وفي روايةٍ: كنت مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حائطٍ وقد اُتي بطائر.

وفي روايةٍ قال: أهدت اُم أيمن إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائراً بين رغيفين فجاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: هل عندك شيء؟ فجاءته بالطائر.

قلت : عند الترمذي طرف منه.

رواه الطبراني في الأوسط باختصار، و أبو يعلى باختصار كثيرٍ، إلّا أنه قال:

فجاء أبو بكر فردّه، ثمّ جاء عمر فردّه، ثمّ جاء علي فأذن له.

وفي إسناد الكبير: حماد بن المختار، ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

وفي أحد أسانيد الأوسط: أحمد بن عياض بن أبي طيبة، ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

ورجال أبي يعلى ثقات وفي بعضهم ضعف.

٩٤

و عن أنس بن مالك قال: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطيار فقسّمها بين نسائه، فأصاب كل امرأةٍ منها ثلاثة، فأصبح عند بعض نسائه - صفيّة أو غيرها - فأتته بهنَّ، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا. فقلت: اللّهم اجعله رجلا من الأنصار، فجاء علي -رضي‌الله‌عنه - فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس، أُنظر من على الباب، فنظرت فإذا علي، فقلت: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجةٍ، ثم جئت فقمت بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: أنظر من على الباب؟ فإذا علي، حتى فعل ذلك ثلاثاً، فدخل يمشي وأنا خلفه، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من حبسك - رحمك الله -؟ فقال هذا آخر ثلاث مرات يردّني أنس يزعم أنك على حاجة. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ما حملك على ما صنعت؟ قلت: يا رسول الله، سمعت دعاءك فأحببت أن يكون من قومي. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الرجل قد يحبُّ قومه، إنّ الرجل قد يحبُّ قومه. قالها ثلاثاً.

رواه البزار ، وفيه: إسماعيل بن سلمان، وهو متروك.

وعن سفينة - وكان خادماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طوائر، فصنعت له بعضها، فلمـّا أصبح أتيته به فقال: من أين لك هذا؟ فقتل: من التي أتيت به أمس: فقال: ألم أقل لك لا تدّخرّن لغد طعاما، لكلّ يوم رزقه؟ ثم قال: اللهم أدخل عليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فدخل عليرضي‌الله‌عنه عليه فقال: اللّهم وإليَّ.

رواه البزار والطبراني باختصار ورجال الطبراني رجال الصحيح غير فطر ابن خليفة، وهو ثقة.

وعن ابن عباس قال: أُتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك، فجاء علي فقال: اللّهم وإليَّ.

٩٥

رواه الطبراني، وفيه: محمّد بن سعيد، شيخ يروي عنه سليمان بن قرم، ولم أعرفه. وبقيّة رجاله وثّقوا وفيه ضعف »(١) .

ترجمته:

وقد ترجم له في الموسوعات الرجالية بكل تفخيم وتجليل:

السيوطي : « الهيثمي الحافظ قال الحافظ ابن حجر: كان خيّراً ساكناً، صيّناً ليّناً، سليم الفطرة، شديد الإِنكار للمنكر، لا يترك قيام الليل »(٢) .

السخاوي : « كان عجباً في الدين والتقوى والزهد، والإِقبال على العلم والعبادة والأوراد » ثم نقل كلمات الأعلام كإبن حجر، والحلبي، والفاسي، وابن خطيب الناصرية، والأقفهسي ثمّ قال:

« والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جداً، بل هو في ذلك كلمة اتفاق »(٣)

(١٢٨)

رواية الجزري

وهو: أبو الخير شمس الدين بن محمّد الجزري الشافعي المتوفى سنة: ٨٣٣.

وتعلم روايته من رواية العصامي.

____________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥ - ١٢٦.

(٢). طبقات الحفّاظ: ٥٤١.

(٣). الضوء اللامع ٥ / ٢٠٠

٩٦

ترجمته:

وتوجد ترجمته والثناء البالغ عليه في:

١ - أنباء الغمر ٣ / ٤٦٧.

٢ - البدر الطّالع ٢ / ٢٥٧.

٣ - شذرات الذهب ٧ / ٢٠٤.

(١٢٩)

رواية المغربي

وهو: محمّد بن محمّد المتوفى سنة: ١٠٩٤.

قال:

« أنس - كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه. هما للترمذي.

زاد رزين: إن أنساً قال لعلي: استغفر لي ذلك، عندي بشارة، ففعل، فأخبره بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

ترجمته:

المحبّي : « الإِمام الجليل، المحدّث المفنّن، فرد الدنيا في العلوم كلّها، الجامع بين منطوقها ومفهومها، والمالك لمجهولها ومعلومها، ولد سنة ١٠٣٧ نقلت عن شيخنا المرحوم عبد القادر بن عبد الهادي - وهو ممّن أخذ عنه، وسافر إلى الروم في صحبته وانتفع به - وكان يصفه بأوصاف بالغة حدّ الغلو فإنّه كان يقول: إنّه يعرف الحديث والاُصول معرفةً ما رأينا من يعرفها

____________________

(١). جمع الفوائد ٣ / ٢٢٠.

٩٧

ممّن أدركناه وقد أخذ عنه بمكة والمدينة والروم خلق، ومدحه جماعة وأثنوا عليه »(١) .

(١٣٠)

رواية العصامي

وهو: عبد الملك بن حسين المكّي، المتوفى سنة: ١١١١.

قال - في: الأحاديث في شأن أبي الحسنين كرّم الله تعالى وجهه -:

« الحديث الحادي عشر: عن أنسرضي‌الله‌عنه قال: كان عنده طير اُهدي إليه وكان مما يعجبه أكله، فقال: اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي، فأكل معه. خرّجه الترمذي، والبغوي في المصابيح. وخرّجه الجزري وزاد بعد قوله: فجاء علي: فقال: استأذن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقلت: ما عليه إذن. ثمّ جاء فرددته، ثمّ دخل الثالثة أو الرابعة. فقال عليه الصلاة والسلام: ما حبسك عنّي، أو ما أبطأك عنّي، يا علي؟ قال: جئت فردّني أنس. وكان أنس خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول الله: يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟

قلت: رجوت أنْ يكون رجلاً من الأنصار. فقال: يا أنس أوَفي الأنصار خير من علي، أو أفضل من علي؟ خرّجه البخاري »(٢) .

ترجمته:

١ - الشوكاني: البدر الطالع ١ / ٤٠٢.

٢ - المرادي: سلك الدرر ٣ / ١٣٩.

____________________

(١). خلاصة الأثر ٤ / ٢٠٤.

(٢). سمط النجوم العوالي فضائل علي، الحديث: ١١.

٩٨

(١٣١)

رواية النابلسي

وهو: عبد الغني بن إسماعيل المتوفّى سنة: ١١٤٣.

رواه في كتابه ( ذخائر المواريث ١ / ١٢٨ ).

وتوجد ترجمته في:

١ - نفحة الريحانة ٢ / ١٣٧.

٢ - سلك الدرر ٣ / ٣٠.

(١٣٢)

رواية الشبراويّ

وهو: عبد الله بن محمّد بن عامر المتوفى سنة: ١١٧١.

قال:

« وأخرج الحاكم عن ثابت البناني: إن أنساً كان شاكياً، فأتاه محمّد بن الحجاج يعوده في أصحابٍ له، فجرى بينهم الحديث، حتى ذكروا عليّاً، فانتقصه ابن الحجاج، فقال أنس: من هذا؟ أقعدوني فأقعدوه. فقال: يا ابن الحجاج! أراك تنقص علي بن أبي طالب؟ والذي بعث محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحق، لقد كنت خادم رسول الله بين يديه، فجاءت اُم أيمن بطيرٍ فوضعته بين يدي رسول الله. فقال: يا اُم أيمن ما هذا؟ قالت: طير أصبته فصنعته لك. فقال: اللّهم جئني بأحبّ خلقك إليَّ وإليك يأكل معي من هذا الطير، فضرب الباب. فقال: يا أنس، أُنظر من بالباب؟ فقلت: اللّهم اجعله رجلاً من الأنصار، فذهبت فإذا علي بالباب فقلت له: إنّ رسول الله على حاجة، وجئت حتى قمت مقامي، فلم ألبث أن ضرب الباب فقال رسول الله:

٩٩

إذهب فانظر من على الباب؟ فقلت: اللّهم اجعله رجلاً من الأنصار، فإذا علي بالباب، فقلت: إن رسول الله على حاجة، وجئت حتى قمت مقامي، فلم ألبث أن ضرب الباب. فقال: يا أنس، أدخله فلست بأوّل رجلٍ أحب قومه، ليس هو من الأنصار، فذهبت فأدخلته. فقال: يا أنس قرّب إليه الطير، فوضعته فأكلا جميعاً.

قال ابن الحجاج: يا أنس، كان هذا بمحضر منك؟ قال: نعم. قال:

أعطي الله عهدا أن لا انتقص عليّاً بعد مقامي هذا، ولا أسمع أحداً ينقصه إلّا أشنت له وجهه»(١) .

ترجمته:

والشبراويّ: محدّث، فقيه، أُصولي، متكلّم، أديب، ولي مشيخة الجامع الأزهر، وله مصنفات منها: الإِتحاف بحبّ الأشراف(٢) .

(١٣٣)

رواية عبد القادر بدران

الحنبلي المتوفى سنة: ١٣٤٦، صاحب تهذيب تاريخ دمشق.

رواه بترجمة حمزة بن حراس. قال:

« فقال القشيري: حدّثني أنس بن مالك فقال: كنت أصحب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمعته وهو يقول: اللّهم أطعمنا من طعام الجنّة. قال: فأُتي بلحم طير مشوي فوضع بين يديه فقال: اللّهم ائتنا بمن نحبه ويحبّك ويحبّ نبيك ويحبّه نبيك. قال أنس: فخرجت فإذا علي بن أبي طالب

____________________

(١). الإتحاف بحب الأشراف: ٢٨.

(٢). سلك الدرر ٣ / ١٠٧ عنه: معجم المؤلفين ٦ / ١٢٤.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

- عندنا وعند الشافعيّة(١) - عن الجميع بالأداء ، ورجع على الذي ضمن عنه بخمسة ؛ لأنّها هي التي تثبت في ذمّته ، ولم يرجع على الآخَر بشي‌ء ؛ لأنّه لم يضمن عنه ، وإنّما قضى الدَّيْن عنه تبرّعاً.

وعند الشافعيّة يكون له الرجوع على الذي ضمن عنه بالعشرة ، ولا يرجع على الآخَر بشي‌ء ؛ لأنّه لم يضمن عنه ، وإذا رجع على الذي ضمن عنه ، رجع على الآخَر بنصفها ؛ لأنّه ضمنها عنه وقضاها(٢) .

ولو كان المضمون عنه دفع مال الضمان إلى الضامن بإذنه وقال له : اقض هذا المال للمضمون له عنّي ، فقضاه ، كان أمانةً في يده ؛ لأنّه نائب عنه في دفعه إلى صاحب الدَّيْن ، فإن(٣) تلف قبل الدفع بغير تفريطٍ منه ، لم يضمنه.

وإن دفعه إليه عن الذي ضمنه وقال له : خُذْ هذا عوضاً عمّا ضمنته ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : يصحّ ويملكه ؛ لأنّ رجوعه عليه يتعلّق بسبب الضمان والغرم ، فإذا وجد أحد السببين ، جاز أن يدفعه ، كالزكاة.

والثاني : لا يصحّ ولا يملكه ؛ لأنّه يدفعه عوضاً عمّا يغرم ، ولم يغرم بَعْدُ ، فلا تصحّ المعاوضة على ما لم يجب له(٤) .

ويمكن أن يقال : هذا لا يجي‌ء على مذهب الشافعيّة ؛ لأنّ لصاحب الحقّ أن يطالب مَنْ عليه الدَّيْن بذلك ، فكيف تصحّ المعاوضة عنه مع‌

____________________

(١ و ٢) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر ، وراجع : المغني والشرح الكبير ٥ : ٨٩ - ٩٠.

(٣) في « ج » : « وإن ».

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٧.

٣٨١

توجّه المطالبة به!؟ فإن قلنا : إنّه يملك ، صحّ له التصرّف فيه ، وإلّا فلا ، ويكون مضموناً عليه ؛ لأنّه قبضه على وجه المعاوضة.

مسألة ٥٥٣ : لو ادّعى على رجلٍ حاضرٍ أنّه باع منه ومن الغائب شيئاً بألفٍ وكلٌّ منهما ضامن لصاحبه‌ ، فإن أقرّ الحاضر ، لم يلزمه عندنا إلّا النصف الذي ضمنه ، بناءً على أصلنا من انتقال المال إلى ذمّة الضامن ، وعند الشافعيّة من اشتراك الذمّتين في المال(١) : يؤدّي الحاضر الألف ، فإذا قدم الغائب وصدّقه ، رجع عليه. وإن أنكره وحلف ، لم يكن له الرجوع عليه(٢) .

وأمّا إن أنكر الحاضر الضمانَ ، فإن لم يكن للمدّعي بيّنةٌ ، قُدّم قول المنكر مع يمينه. فإذا(٣) حلف ، سقطت الدعوى عنه.

فإذا قدم الغائب فإن أنكر(٤) ، حلف وبرئ ، وإن اعترف ، لزمه خمسمائة التي ادّعاها عليه ، ويسقط(٥) عنه الباقي ؛ لأنّ المضمون عنه سقطت عنه بيمينه ، قاله بعض الشافعيّة(٦) .

وقال بعضهم : إنّه غير صحيح ؛ لأنّ اليمين لم تبرئه من الحقّ ، وإنّما أسقطت عنه في الظاهر ، فإذا أقرّ به الضامن ، لزمه ، ولهذا لو أقام البيّنة عليه بعد يمينه ، لزمه ولزم الضامن ، فإذَنْ الحقُّ لم يسقط عنه ولا عن الضامن(٧) .

وأمّا إذا أقام على الحاضر البيّنة ، وجب عليه الألف عندهم ، فإذا قدم‌

____________________

(١) راجع المصادر في الهامش (٢) من ص ٣٤٤.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٨٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٣ - ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٣ - ٥٠٤.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « وإذا ».

(٤) في الطبعة الحجريّة : « فأنكر » بدل « فإن أنكر ».

(٥) في « ر » والطبعة الحجريّة : « سقط ».

(٦ و ٧) حلية العلماء ٥ : ٨٧.

٣٨٢

الغائب ، لم يكن للحاضر الرجوعُ على الغائب ؛ لأنّه منكرٌ لما شهدت به البيّنة ، مكذّبٌ لها ، مدّعٍ أنّ ما أخذه ظلم ، فلم يرجع(١) .

ونقل المزني أنّه يرجع بالنصف على الغائب(٢) .

وتأوّله الشافعيّة بأُمور ، أحدها : أنّه يجوز أن تُسمع البيّنة مع إقراره ؛ لأنّه يثبت بذلك الحقُّ على الغائب ، فتُسمع عليهما ، أو يكون أنكر شراءه ولم ينكر شراء شريكه والضمان عنه ، بل سكت(٣) .

مسألة ٥٥٤ : لو شرط في الضمان الأداء من مالٍ بعينه ، صحّ الضمان والشرط معاً‌ ؛ لتفاوت الأغراض في أعيان الأموال ، فلو تلف المال قبل الأداء بغير تفريط الضامن ، فالأقرب : فساد الضمان ؛ لفوات شرطه ، فيرجع صاحب المال على الأصيل.

وهل يتعلّق الضمان بالمال المشروط تعلُّقُه به تعلُّقَ الدَّيْن بالرهن أو الأرش بالجاني؟ الأقرب : الأوّل ، فيرجع على الضامن لو تلف.

وعلى الثاني يرجع على المضمون عنه.

وكذا لو ضمن مطلقاً ومات معسراً على إشكالٍ.

ولو بِيع متعلَّق الضمان بأقلّ من قيمته ؛ لعدم الراغب ، رجع الضامن بتمام القيمة ؛ لأنّه يرجع بما أدّى.

ويُحتمل بالثمن خاصّةً ؛ لأنّه الذي قضاه.

ولو لم يساو المال قدر الدَّيْن ، فالأقرب : الرجوع على الضامن ، ويرجع على المضمون عنه.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٨٨.

(٢) مختصر المزني : ١٠٨ ، حلية العلماء ٥ : ٨٨.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٨٨.

٣٨٣

وقد بيّنّا أنّ ضمان المجهول صحيح ، فلو ضمن عنه ما في ذمّته ، صحّ ، ولزمه ما تقوم به البيّنة على ثبوته وقت الضمان ، لا ما يتجدّد ، ولا ما يوجد في دفتر وكتاب ، ولا ما يُقرّ به المضمون عنه أو يحلف عليه المالك بردّ اليمين من المديون.

ولو ضمن ما تقوم به البيّنة ، لم يصح ؛ لعدم العلم بثبوته حينئذٍ.

مسألة ٥٥٥ : لو ضمن الدَّيْنَ اثنان على التعاقب مع صاحب الحقّ عن المديون ، طُولب الضامن الأوّل ، وبطل الثاني‌ ؛ لأنّ الحقّ انتقل من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، فالضامن الثاني لم يصادف ضمانه حقّاً على المضمون عنه للمضمون له.

ولو قال الضامن الثاني : ضمنت لك هذا الدَّيْن على مَنْ كان ، فإن قلنا : يصحّ الضمان عن المجهول ، صحّ هذا الضمان ، وكان ضامناً عن الضامن السابق ، وإلّا بطل.

ولو ضمن الثاني من وكيل صاحب الحقّ ، بطل الثاني.

ولو اتّفق ضمان الأوّل مع صاحب الحقّ وضمان الثاني مع وكيله في الزمان الواحد ، بطل الضمانان معاً ؛ لعدم أولويّة أحدهما بالصحّة والآخَر بالبطلان.

مسألة ٥٥٦ : لو شرط الضمان في مالٍ بعينه ثمّ أفلس وحجر عليه الحاكم ، كان حقّ الضمان في العين التي تعلّق الضمان بها - كالرهن - مقدّماً على حقّ الغرماء‌ ، فإن فضل شي‌ء من حقّ الضمان ، تعلّق حقّ الغرماء بالفاضل ، وإلّا فلا.

٣٨٤

ولو ضمن كلٌّ من المديونين ما على صاحبه ، تعاكست الأصالة والفرعيّة فيهما إن أجازهما المضمون له على ما بيّنّاه ، وتتساقطان إذا أدّى كلّ واحدٍ منهما مالَ الضمان عن صاحبه ، فلو شرط أحدهما كونَ الضمان من مالٍ بعينه وحُجر عليه بفلسٍ قبل الأداء ، رجع على الموسر بما أدّى ، ويضرب الموسر مع الغرماء.

ولو أجاز ضمانَ أحدهما خاصّةً ، رجع عليه بالجميع ، ويرجع المؤدّي على الآخَر بنصيبه ، فإن دفع النصف ، انصرف إلى ما قصده ، ويُصدَّق باليمين ، وينصرف الإبراء إلى ما قصده المبرئ ، فإن أطلق فالتقسيط.

ولو ادّعى الأصيل قصده ، ففي توجّه اليمين عليه أو على الضامن إشكال ينشأ : من عدم توجّه اليمين لحقّ الغير ، ومن خفاء القصد.

ولو تبرّع بالضمان ثمّ سأل ثالثاً الضمانَ عنه فضمن ، رجع عليه ، دون الأصيل وإن أذن له الأصيل في الضمان والأداء.

مسألة ٥٥٧ : لو دفع الأصيل الدَّيْنَ إلى المستحقّ أو إلى الضامن ، فقد برئ ، سواء أذن له الضامن في الدفع أو لا.

ولو ضمن فأنكر الأصيل الإذنَ في الضمان ، قُدّم قوله مع اليمين ، وعلى الضامن البيّنة بالإذن ؛ لأصالة عدمه.

وكذا لو أنكر الأصيل الدَّيْنَ الذي ضمنه عنه الضامن ؛ لأصالة براءة ذمّته.

ولو أنكر الضامن الضمانَ فاستوفى المستحقّ بالبيّنة ، لم يرجع على‌

٣٨٥

الأصيل إن أنكر الدَّيْنَ أيضاً أو الإذنَ ، وإلّا رجع اقتصاصاً ، إلّا أن ينكر الأصيل الإذنَ ولا بيّنة.

ولو أنكر المستحقّ دفع الضامن بسؤالٍ ، قُدّم إنكاره.

فإن شهد الأصيل ولا تهمة ، قُبلت ، ومع التهمة يغرم ثانياً ، ويرجع على الأصيل بالأوّل مع مساواته الحقّ أو قصوره.

ولو لم يشهد ، رجع بالأقلّ من الثاني والأوّل والحقّ.

مسألة ٥٥٨ : كما ينبغي التنزّه عن الدَّيْن ينبغي التنزّه عن الضمان مع الإعسار ؛ لما فيه من التغرير بمال الغير.

وقد روى أبو الحسن الخزّاز عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول لأبي العباس الفضل : « ما مَنَعك من الحجّ؟ » قال : كفالة تكفّلت بها ، قال : « ما لك والكفالات؟ أما علمت أنّ الكفالة هي التي أهلكت القرون الأُولى؟ »(١) .

وعن داوُد الرقّي عن الصادقعليه‌السلام قال : « مكتوب في التوراة : كفالة ندامة غرامة »(٢) .

وقد روى الحسن(٣) بن خالد عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : قلت له : جُعلت فداك ، قول الناس : الضامن غارم ، قال : فقال : « ليس على الضامن غُرْمٌ ، الغُرْم على مَنْ أكل المال »(٤) . والمراد منه أنّ الضمان يستقرّ على الأصيل.

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٤.

(٢) التهذيب ٦ : ٢١٠ / ٤٩٢.

(٣) في المصدر : « الحسين ».

(٤) الكافي ٥ : ١٠٤ - ١٠٥ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٥.

٣٨٦

٣٨٧

الفصل الثاني : في الكفالة‌

وفيه مباحث :

الأوّل : العقد.

مسألة ٥٥٩ : الكفالة عقد شُرّع للتعهّد بالنفس ، ويشابه الضمان ، فإنّ الشي‌ء المضمون قد يكون حقّاً على الشخص ، وقد يكون نفسَ الشخص.

وهي عقد صحيح عند عامّة أهل العلم ، وبه قال الثوري ومالك والليث وأبو حنيفة وأحمد والشافعي(١) ، ولا نعرف فيه مخالفاً ، إلّا ما نُقل عن الشافعي من قوله في كتاب الدعاوي : إنّ الكفالة بالبدن ضعيفة(٢) .

وقال في اختلاف العراقيّين وفي الإقرار وفي المواهب وفي كتاب اللعان : إنّ الكفالة بالبدن جائزة(٣) .

واختلف أصحابه.

فقال بعضهم : إنّ الكفالة صحيحة قولاً واحداً ، وأراد بقوله : « إنّها‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٥ ، المعونة ٢ : ١٢٣٠ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٥٣ / ١٩٧٥ ، النتف ٢ : ٧٥٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٠ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، الوجيز ١ : ١٨٤ ، الوسيط ٣ : ٢٣٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) الأُم ٣ : ٢٣١ ، و ٦ : ٢٢٩ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨.

(٣) الأُم ٧ : ١١٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩.

٣٨٨

ضعيفة » أي ضعيفة في القياس وإن كانت ثابتةً بالإجماع والأثر.

ومنهم مَنْ قال : إنّ فيها قولين :

أحدهما : أنّها صحيحة ، وهو قول عامّة العلماء.

والثاني : أنّها غير صحيحة ؛ لأنّها كفالة بعين فلم تصح ، كالكفالة بالزوجة وبدن الشاهدَيْن(١) .

والحقّ : الأوّل ؛ لقوله تعالى :( قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ ) (٢) فطلب يعقوبعليه‌السلام من بنيه كفيلاً ببدن يوسفعليه‌السلام ، وقالوا ليوسفعليه‌السلام :( إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ ) (٣) وذلك كفالة بالبدن.

وما رواه العامّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الزعيم غارم »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « إنّ عليّاًعليه‌السلام أُتي برجل كفل برجلٍ بعينه فأخذ الكفيل ، فقال : احبسوه حتى يأتي بصاحبه »(٥) .

ولإطباق الناس عليه في جميع الأعصار في كلّ الأصقاع ، ولو لم تكن صحيحةً امتنع إطباق الخلق الكثير عليه. ولأنّ الحاجة تدعو إليه ، وتشتدّ الضرورة إليه ، فلو لم يكن سائغاً لزم الحرج والضرورة. ولأنّ ما وجب تسليمه بعقدٍ وجب تسليمه بعقد الكفالة ، كالمال ووجوب تسليم البدن‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٨٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨.

(٢) يوسف : ٦٦.

(٣) يوسف : ٧٨.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٤ / ٢٤٠٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٧ / ٣٥٦٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٥ / ١٢٦٥ ، سنن الدار قطني ٤ : ٧٠ / ٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٢ ، سنن سعيد ابن منصور ١ : ١٢٥ - ١٢٦ / ٤٢٧ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩٢ ، و ٣٩٧ / ٢٢٠٠١.

(٥) التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٦ ، وفيه : « بالمكفول » بدل « الكفيل ».

٣٨٩

يكون بعقد النكاح والإجارة.

مسألة ٥٦٠ : ويصحّ عقد الكفالة حالّةً ومؤجَّلةً عند أكثر علمائنا‌(١) - وبه قال الشافعي(٢) - للأصل الدالّ على الجواز.

وقال الشيخرحمه‌الله : لا يصحّ ضمان مال ولا نفس إلّا بأجلٍ معلوم(٣) .

وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإذا أطلق عقد الكفالة أو شرط الحلول ، كانت حالّةً ؛ لأنّ كلّ عقدٍ دَخَله الحلول إذا أطلق اقتضى الحلول ، كالثمن.

وإذا ذكر أجلاً ، وجب تعيينه ، فإن أبهم ، كان العقد باطلاً عندنا - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لما فيه من الغرر بجهالة الأجل. ولأنّه ليس له وقت يستحقّ مطالبته فيه.

وكذا الضمان.

فإن جَعَله إلى الحصاد والجذاذ والقطاع(٥) ، لم يصح عندنا ، وهو أحد قولَي الحنابلة(٦) .

والأولى عندهم : صحّته ؛ لأنّه تبرّع من غير عوضٍ جعل له أجلاً لا يمنع من حصول المقصود فيه ، فصحّ(٧) .

وعن أحمد رواية : أنّه إذا قيّد الكفالة بساعةٍ ، صحّ ، ولزمه. وتوقّف‌

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ٣٣٧ ، والحلّي في السرائر ٢ : ٧٧ ، والمحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ١١٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠.

(٣) النهاية : ٣١٥.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، الوسيط ٣ : ٢٤٤ ، الوجيز ١ : ١٨٥ ، حلية العلماء ٥ : ٧٢ و ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣ ، المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٥) في « ث » : « القطاف » بدل « القطاع ».

(٦ و ٧) المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

٣٩٠

لو عيّن الوقت المتّسع(١) .

ولأنّه شرط فيها شرطاً فاسداً فلم يصح مطلقها ؛ لعدم الرضا به ، ولا مقيّدها بهذا الشرط ؛ لفساده.

وللشافعي وجهٌ آخَر : أنّها تصحّ كالعاريّة بأجلٍ مجهول(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ العاريّة لا تلزم ، ولهذا لو قال له : أعرتك أحد هذين الثوبين ، جاز ، وكان له الانتفاع بأحدهما ، ولو قال : كفلت لك بأحد هذين ، لم يصح ، كذا هنا.

مسألة ٥٦١ : عقد الكفالة يصحّ دخول الخيار فيه‌ ، فإن شرط الخيار فيها مدّة معيّنة ، صحّ ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٣) .

وقولِه تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤) أمر بالوفاء بالعقد ، وإنّما وقع العقد على هذا الشرط ، وليس منافياً لمقتضاه ، كما لا ينافي غيره من العقود.

وقال الشافعي : إذا شرط في الكفالة الخيار ، بطل العقد ؛ لأنّه عقد لا يجوز فيه شرط الخيار ، فإذا شرطه بطل ، كالسَّلَم والصرف(٥) .

والمقدّمة الأُولى ممنوعة ، والحكم في المقيس عليه ممنوع.

وقال أبو حنيفة : إذا شرط الخيار في الكفالة ، صحّ العقد ، وبطل الشرط ؛ لأنّ الضمان يتعلّق بغرر وخطر ، فلم يفسد بالشرط الفاسد ،

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٢ و ٧٧.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٤) المائدة : ١.

(٥) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

٣٩١

كالنكاح(١) .

مسألة ٥٦٢ : لا بدَّ في العقد من صيغةٍ دالّةٍ على الإيجاب والقبول ، فيقول الكفيل : كفلت لك بدنَ فلان ، أو : أنا كفيل بإحضاره ، أو : كفيل به ، أو بنفسه ، أو ببدنه ، أو بوجهه ، أو برأسه ؛ لأنّ كلّ ذلك يُعبَّر به عن الجملة.

ولو كفل رأسه أو كبده أو عضواً لا تبقى الحياة بدونه ، أو بجزء شائع فيه ، كثلثه أو ربعه ، قال بعض علمائنا : لا يصحّ ؛ إذ لا يمكن إحضار ما شرط مجرّداً ، ولا يسري العقد إلى الجملة(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : تصحّ الكفالة ؛ لأنّه لا يمكن إحضار ذلك المكفول إلّا بإحضار كلّه(٣) . وهو الوجه عندي.

ولو تكفّل بعضو تبقى الحياة بعد زواله ، كيده ورِجْله وإصبعه وغيرها ، للشافعيّة وجهان :

أحدهما : الصحّة ؛ لأنّه لا يمكنه إحضار هذه الأعضاء على صفتها إلّا بإحضار البدن كلّه ، فأشبه الكفالة بالوجه والقلب. ولأنّه حكم تعلّق بالجملة ، فيثبت حكمه إذا أُضيف إلى البعض ، كالعتق.

والثاني : لا تصحّ ؛ لأنّه لا يمكن(٤) إحضاره بدون الجملة مع بقائها(٥) .

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧.

(٢) راجع : شرائع الإسلام ٢ : ١١٨.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٤) في المغني والشرح الكبير : « يمكن » بدون « لا » النافية.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، =

٣٩٢

وقال بعض الشافعيّة : لا تصحّ الكفالة في جميع ذلك كلّه ، سواء بقيت الحياة بدونه أو لا ، وسواء كان جزءاً مشاعاً أو لا ؛ لأنّ ما لا يسري إذا خصّ به عضواً لم يصح ، كالبيع والإعارة والوصيّة والإجارة(١) .

البحث الثاني : في الكفيل والمكفول والمكفول له.

مسألة ٥٦٣ : يُشترط في الكفيل البلوغُ والعقلُ والحُرّيّةُ وجوازُ التصرّف‌ ، فلا تصحّ كفالة الصبي ولا المجنون ولا العبد ولا مَنْ لا يجوز تصرّفه ، كالسكران والغافل والنائم والساهي والمحجور عليه للسفه والفلس ؛ لأنّ الكفالة تستلزم غرم المال مع عدم الإحضار ، وهؤلاء كلّهم ممنوعون من التصرّف في أموالهم.

ولا يُشترط ذلك في المكفول ولا في المكفول له ، فإنّه تجوز الكفالة للصبي والمجنون وغيرهما إذا قَبِل الوليّ.

مسألة ٥٦٤ : يُشترط رضا الكفيل ، فلا تصحّ كفالة المكره على الكفالة‌ ؛ لأنّه لا يصحّ أن يلزمه الحقّ ابتداءً إلّا برضاه. ولا نعلم فيه خلافاً.

وكذا يُعتبر رضا المكفول له ؛ لأنّه صاحب الحقّ ، فلا يجوز إلزامه شيئاً بغير رضاه ، وكما يُعتبر رضا المرتهن في الارتهان ، كذا المكفول له يُعتبر رضاه في الكفالة.

وقال أحمد : لا يُعتبر رضاه ؛ لأنّها(٢) التزام حقٍّ له من غير عوض ،

____________________

= التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥ ، المغني ٥ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٠ - ١٠١.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لأنّه ». وما أثبتناه كما في المصدر.

٣٩٣

فلم يُعتبر رضاه فيها(١) .

وليس بصحيح.

أمّا المكفول به فلا يُعتبر رضاه ، بل تصحّ الكفالة وإن كره المكفول به ، عند علمائنا - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة(٢) - لأنّها وثيقة على الحقّ ، فصحّت بغير أمر مَنْ عليه ، كالضمان.

وقال عامّة الشافعيّة - وهو منقول عن الشافعي - : إنّه يُعتبر رضا المكفول(٣) به ؛ لأنّه إذا لم يأذن المكفول به في الكفالة لم يلزمه الحضور معه ، فلم يتمكّن من إحضاره ، فلم تصحّ(٤) كفالته ؛ لأنّها كفالة بغير المقدور عليه ، بخلاف الضمان ؛ لأنّه يمكنه الدفع من ماله ، ولا يمكنه أن ينوب عنه في الحضور(٥) .

ونمنع عدم لزوم الحضور.

وخلاف الشافعيّة هنا مبنيّ على أنّ الكفيل هل يغرم عند العجز؟ إن قلنا : لا يغرم ، لم تصح الكفالة ؛ لأنّه إذا تبرّع لم يتمكّن من إحضاره ؛ إذ لا تلزمه الإجابة ، فلا تفضي الكفالة إلى مقصودٍ. وإن قلنا : نعم ، يغرم عند العجز(٦) .

فعلى قولنا إذا تكفّل به بغير أمره فطالَبه المكفول له بإحضاره ، وجب‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٤ ، حلية العلماء ٥ : ٧٣.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المضمون » بدل « المكفول ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في النسخ الخطّيّة : « فلا تصحّ ».

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١ ، المغني ٥ : ١٠٣ - ١٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥.

٣٩٤

عليه إحضاره ، ووجب على المكفول به الحضورُ ، لا من جهة الكفالة ، ولكن لأنّ المكفول له أمره بإحضاره ، فهو بمنزلة وكيله في مطالبته بحضوره.

ولو لم يقل المكفول له : أحضره ، ولكن قال : أُخرج إليَّ من كفالتك ، أو : أُخرج عن حقّي ، فهل يجب على المكفول به الحضور؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّ ذلك يتضمّن الإذن له في إحضاره ، وهو أحد وجهي الشافعيّة على قول ابن سريج.

والثاني : لا يلزمه ؛ لأنّه طالَبه بما عليه من الإحضار ، فعلى هذا له حبسه ، ولا يلزم المكفول به الحضور(١) .

وهو باطل ؛ لأنّه يحبس على ما لا يقدر عليه.

مسألة ٥٦٥ : يُشترط في المكفول به التعيينُ ، فلو قال : كفلت أحد هذين ، أو كفلت زيداً أو عمرواً ، لم يصح ؛ لأنّه لم يلتزم بإحضار أحدهما بعينه.

وكذا لو قال : كفلت لك ببدن زيد على أنّي إن جئت به وإلّا فأنا كفيل بعمرو ، لم يصح ؛ لأنّه لم يلتزم إحضار أحدهما بعينه. ولأنّه علّق الكفالة في عمرو بشرطٍ ، والكفالة لا تتعلّق بالشرط ، فلو قال : إن جئت فأنا كفيل به ، لم يصح. وكذا لو قال : إن جاء زيد فأنا كفيل به ، أو : إن طلعت الشمس ، وبذلك كلّه قال الشافعي(٢) .

ولو قال : أنا أُحضره ، أو أُؤدّي ما عليه ، لم يكن كفالةً.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ - ١٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨١ و ١٩٠ و ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ و ١٦٧ و ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧ و ٤٩٣ و ٤٩٦.

٣٩٥

مسألة ٥٦٦ : كلّ مَنْ عليه حقٌّ ماليٌّ صحّت الكفالة ببدنه‌ ، ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال ؛ لأنّ الكفالة إنّما هي بالبدن لا بذلك المال ، والبدن معلوم ، فلا تبطل الكفالة لاحتمال عارضٍ. ولأنّا قد بيّنّا أنّ ضمان المجهول صحيح ، وهو التزام المال ابتداءً ، فالكفالة التي لا تتعلّق بالمال ابتداءً أولى ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا تصحّ كفالة مَنْ عليه حقٌّ مجهول ؛ لأنّه قد يتعذّر إحضار المكفول به ، فيلزمه الدَّيْن ، ولا يمكن طلبه منه ؛ لجهله. ولأنّهم قالوا ذلك بناءً على أنّه لو مات ، غرم الكفيل ما عليه(٢) .

وهذا عندنا غير صحيح.

مسألة ٥٦٧ : يُشترط أن يكون ذلك المال ثابتاً في الذمّة بحيث يصحّ ضمانه‌ ، فلو تكفّل ببدن مَنْ لا دَيْن عليه أو مَنْ جعل جعالة قبل الفعل والشروع فيه ، لم يصح.

ولو تكفّل ببدن المكاتب للنجوم التي عليه ، صحّ عندنا ؛ لأنّ مال الكتابة عندنا ثابت في ذمّة المكاتب على ما سلف(٣) .

وللشيخ قولٌ بعدم الثبوت ؛ لأنّ له أن يُعجّز نفسه(٤) ، وبه قال الشافعي(٥) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ - ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٣) في ص ٣١٦ ، المسألة ٥٠٧.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٩٧ و ٣٢٠.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٧ ، الوسيط ٣ : ٢٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٢.

٣٩٦

فعلى هذا لا تصحّ كفالة بدن المكاتب للنجوم التي عليه ؛ لأنّه لو ضمن النجوم لم يصح ، فالكفالة بالبدن للنجوم أولى أن لا تصحّ. ولأنّ الحضور لا يجب على المكاتب ، فلا تجوز الكفالة به ، كدَيْن الكتابة.

مسألة ٥٦٨ : إذا كان عليه عقوبة ، فإن كانت من حقوق الله تعالى - كحدّ الزنا والسرقة والشرب - لم تصح الكفالة ببدنه عليها‌ عند علمائنا - وهو المشهور من مذهب الشافعي(١) - لأنّ الكفالة للتوثيق ، وحقوق الله تعالى مبنيّة على الإسقاط ، وينبغي السعي في دفعها ما أمكن ، ولهذا لـمّا أقرّ ماعز بالزنا عرض له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرجوع والإنكار ، فقال له : « لعلّك قبّلتها ، لعلّك لامَسْتَها » وأعرض بوجههصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه(٢) .

وطرّد القاضي ابن سلمة وابن خيران من الشافعيّة القولين فيه(٣) .

والخلاف في هذا الباب شبيه الخلاف في ثبوت العقوبات بالشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي.

وأمّا إن كانت العقوبة من حقوق الآدميّين - كالقصاص وحدّ القذف - فالأقرب عندي : ثبوتها في القصاص ، أمّا الحدّ فلا تصحّ الكفالة به ؛ لما رواه العامّة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ( عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه )(٤) قال : « لا كفالة في حدٍّ »(٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الصدوقرحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ،

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) صحيح البخاري ٨ : ٢٠٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٢١ / ١٣١ و ١٣٢ ، مسند أحمد ١ : ٣٩٤ / ٢١٣٠ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ٣٣٨ / ١١٩٣٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

(٤) بدل ما بين القوسين في « ج ، ر » : « أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٥) الكامل - لابن عدي - ٥ : ١٦٨١ ، تاريخ بغداد ٣ : ٣٩١.

٣٩٧

قال : قضى أنّه لا كفالة في حدٍّ(١) .

وهذا القول بعدم صحّة الكفالة في الحدّ قولُ أكثر العلماء ، وبه قال شريح والحسن البصري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد(٢) .

واختلف قول الشافعي فيه.

فقال في باب اللعان : إنّه لا يكفل رجل في حدٍّ ولا لعان(٣) .

ونقل المزني عنه أنّه قال : تجوز الكفالة بمن(٤) عليه حقّ أو حدّ(٥) .

واختلف أصحابه في ذلك على طُرق أظهرها عندهم - ويُحكى عن ابن سريج - أنّه على قولين :

أحدهما : الجواز ؛ لأنّه حقٌّ لازم لآدميٍّ ، فصحّت الكفالة به ، كسائر حقوق الآدميّين. ولأنّ الحضور مستحقٌّ عليه ، فجاز التزام إحضاره.

والثاني : المنع ؛ لأنّ العقوبات مبنيّة على الدفع ، ولهذا قالعليه‌السلام : « ادرءوا الحدود بالشبهات »(٦) فينبغي إبطال الذرائع المؤدّية إلى توسيعها وتحصيلها. ولأنّه حقٌّ لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذّر إحضار المكفول به ، فلم تصح الكفالة بمن(٧) هو عليه ، كحدّ الزنا(٨) .

____________________

(١) الفقيه ٣ : ٥٤ / ١٨٤.

(٢) المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٣) الأُم ٥ : ٢٩٧ ، مختصر المزني : ٢١٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٠.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لمن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٠.

(٦) تاريخ بغداد ٩ : ٣٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٣ : ٣٤٧.

(٧) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ممّن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

٣٩٨

وأبو حامد من الشافعيّة بنى القولين على أنّه إذا مات المكفول ببدنه هل يغرم الكفيل ما عليه من الدَّيْن؟ إن قلنا : نعم ، لم تصح الكفالة ؛ لأنّه لا يمكن مؤاخذته بما عليه. وإن قلنا : لا ، صحّت ، كما لو تكفّل ببدن مَنْ عليه مالٌ(١) .

وقضيّة هذا البناء أن يكون قول التصحيح أظهر.

وهو اختيار القفّال(٢) .

وادّعى الروياني أنّ المذهب المنعُ(٣) .

الطريق الثاني للشافعيّة : القطع بالجواز ، وحَمْلُ ما ذكره في اللعان على الكفالة بنفس الحدّ(٤) .

الطريق الثالث : القطع بالمنع ؛ لأنّه لا تجوز الكفالة بما عليه ، فلا تجوز ببدنه(٥) .

والضابط في ذلك أن نقول : حاصل كفالة البدن التزام إحضار المكفول ببدنه ، فكلّ مَنْ يلزمه حضور مجلس الحكم عند [ الاستدعاء ](٦) أو يستحقّ إحضاره تجوز الكفالة ببدنه.

مسألة ٥٦٩ : لو ادّعى شخصٌ زوجيّةَ امرأةٍ ، صحّت الكفالة ببدنها ؛ لوجوب الحضور عليها إلى مجلس الحكم. وكذلك الكفالة بها [ لمن ](٧) ثبتت زوجيّته.

وقال بعض الشافعيّة : الظاهر أنّ حكم هذه الكفالة حكم الكفالة ببدن‌

____________________

(١ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الاستعداء ». والظاهر ما أثبتناه.

(٧) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ثمّ ». والصحيح ما أثبتناه.

٣٩٩

مَنْ عليه القصاص ؛ لأنّ المستحقّ عليها لا يقبل النيابة(١) .

ولو تكفّل ببدن عبدٍ آبقٍ لمالكه ، صحّ ، ويلزمه السعي في ردّه.

ويتأتّى فيه ما قيل في الزوجة.

ومَنْ في يده مالٌ مضمون - كالغصب والمستام والعارية بشرط الضمان - تصحّ كفالتُه وضمانُ عين المغصوب والمستام ليردّها على مالكها ، فإن ردَّ ، برئ من الضمان. وإن تلفت ، ففي إلزامه بالقيمة وجهان ، الأقرب : العدم.

وتصحّ كفالة المستودع والأمين ؛ لوجوب ردّ الوديعة عليه.

والميّت قد يستحقّ إحضاره ليقيم الشهود الشهادة على صورته إذا تحمّلوها كذلك من غير معرفة النسب ولا الاسم ، فتصحّ الكفالة على إحضار بدنه.

وأيضاً الصبي والمجنون قد يستحقّ إحضارهما لإقامة الشهادة على صورتهما في الإتلاف وغيره ، فتجوز الكفالة ببدنهما.

ثمّ إن كفل بإذن وليّهما ، فله مطالبة وليّهما بإحضارهما عند الحاجة.

وإن كفل بغير إذنه ، فهو كالكفالة ببدن العاقل بغير إذنه ، وقد بيّنّا(٢) جوازه عندنا.

وللشافعي قولان(٣) .

قال(٤) الجويني : لو كفل رجل ببغداد ببدن رجل بالبصرة ، فالكفالة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) في ص ٣٩٣ ، ضمن المسألة ٥٦٤.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧ ، وراجع الهامش ( ٢ و ٥ ) من ص ٣٩٣.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « وقال ».

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510