تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 418584 / تحميل: 5472
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: يموت المؤمن بكلّ ميتة إلّا الصاعقة، لا تأخذه وهو يذكر الله عزّ وجلّ.

[ ٩٠٠٦ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن بريد بن معاوية العجلي قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : أنّ الصواعق لا تصيب ذاكراً، قال: قلت: وما الذاكر؟ قال: من قرأ مائة آية.

[ ٩٠٠٧ ] ٣ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن ميتة المؤمن؟ قال: يموت المؤمن بكل ميتة، يموت غرقاً، ويموت بالهدم، ويُبتلى بالسبع، ويموت بالصاعقة، ولا تصيب ذاكراً لله عزّ وجلّ.

[ ٩٠٠٨ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن عيسى بن محمّد، عن علي بن مهزيار، عن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن حمّاد قال: قال الصادق (عليه‌السلام ) : إنّ الصاعقة لا تصيب ذاكراً لله عزّ وجلّ.

[ ٩٠٠٩ ] ٥ - وفي( العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبدالله ( عليه‌السلام ) : إنّ الصاعقة تصيب المؤمن والكافر ولا تصيب ذاكراً.

____________________

٢ - الكافي ٢: ٣٦٣ / ٢.

٣ - الكافي ٢: ٣٦٣ / ٣.

٤ - أمالي الصدوق: ٣٧٥ / ٣.

٥ - علل الشرائع: ٤٦٣ / ٧، أورده في الحديث ٣ من الباب ١٥ من أبواب صلاة الكسوف.

١٦١

١٠ - باب استحباب الاشتغال بذكر الله عمّا سواه من العبادات المستحبّة حتى الدعاء وقراءة القرآن

[ ٩٠١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي من سألني.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، مثله (١) .

[ ٩٠١١ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ العبد ليكون له الحاجة إلى الله عزّ وجلّ فيبدأ بالثناء على الله والصلاة على محمّد وآل محمّد حتى ينسى حاجته فيقضيها الله له من غير أنّ يسأله إيّاها.

[ ٩٠١٢ ] ٣ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: اعلموا أنّ خير أعمالكم( عند مليككم) (٢) وأزكاها وأرفعها في درجاتكم وخير ما طلعت عليه الشمس ذكر الله سبحأنّه وتعالى، فإنّه أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني.

[ ٩٠١٣ ] ٤ - محمّد بن الحسن الصفّار في( بصائر الدرجات ): عن أحمد بن

____________________

الباب ١٠

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٦٣ / ١.

(١) المحاسن: ٣٩ / ٤٣.

٢ - الكافي ٢: ٣٦٣ / ٢.

٣ - عدّة الداعي: ٢٣٨ / ١٧، أورد نحوه عن المحاسن في الحديث ٨ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

(٢) ليس في المصدر.

٤ - بصائر الدرجات: ٣١ / ٤، وأورد ذيله في الحديث ٤ من الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات.

١٦٢

محمّد، عن البرقي، عن إبراهيم بن إسحاق الأزدي، عن أبي عثمان العبدي، عن جعفر، عن أبيه، عن علي( عليه‌السلام ) قال: قراءة القرأنّ في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وذكر الله أفضل( والصدقة جنّة) (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه في عدّة أحاديث كثيرة دالّة على تفضيل بعض الأذكار على جميع العبادات(٣) ، وقد تقدّم ما يدلّ على ترجيح الدعاء على غيره من العبادات، فامّا أن يخصّ بما عدا الذكر أو يحمل على اختلاف الحالات أو الأشخاص، أو الأوقات، أو على المبالغة، أو على أنّ أفعل التفضيل لإِثبات أصل الفضل، أو نحو ذلك، وكذلك جميع ما مضى، ويأتي من تفضيل بعض العبادات عموماً أو خصوصاً إذا وجد له معارض.

١١ - باب استحباب ذكر الله في النفس وفي السر، واختياره على الذكر علانية

[ ٩٠١٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) قال: لا يكتب الملك إلّا ما سمع، وقال الله عزّ وجلّ:( وَاذكُر ربّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ) (٤) فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله لعظمته.

____________________

(١) في المصدر هكذا: من الصدقة والصدقة أفضل من الصوم والصوم جنة.

(٢) تقدّم في الحديث ٢ من الباب ٥ من هذه الابواب.

(٣) يأتي في البابين ٢٦ و ٣٠ وفي الحديث ١ من الباب ٣٢، وفي الباب ٤٤، وفي الحديث ٢ من الباب ٤٥ من هذه الابواب.

الباب ١١

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٦٤ / ٤.

(٤) الأعراف ٧: ٢٠٥.

١٦٣

[ ٩٠١٥ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال الله عزّ وجلّ: من ذكرني سرّاً ذكرته علانية.

[ ٩٠١٦ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو، عن أبي المغرا الخصّاف، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) : من ذكر الله عزّ وجلّ في السرّ فقد ذكر الله كثيراً، إنّ المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السرّ، فقال الله عزّ وجلّ:( يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذكُرُونَ اللهَ إلّا قَلِيلاً ) (١) .

[ ٩٠١٧ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن ابن فضّال، رفعه قال: قال الله لعيسى (عليه‌السلام ) : يا عيسى، اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، الحديث.

[ ٩٠١٨ ] ٥ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، أنّه كان في غزاة فأشرفوا على واد، فجعل الناس يهلّلون ويكبّرون ويرفعون أصواتهم، فقال: أيها الناس، اربّعوا على أنفسكم، أما إنكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً، وإنّما تدعون سميعاً قريباً معكم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

٢ - الكافي ٢: ٣٦٣ / ١.

٣ - الكافي ٢: ٣٦٤ / ٢.

(١) النساء ٤: ١٤٢.

٤ - الكافي ٢: ٣٦٤ / ٣.

٥ - عدّة الداعي: ٢٤٤.

(٢) تقدّم في الحديث ٧ من الباب ٦٩ من أبواب احكام المساجد، وفي الباب ٦ وفي الحديث ٤ من الباب ٧ وغيرها من هذه الأبواب.

١٦٤

ويأتي ما يدلّ عليه(١) .

١٢ - باب استحباب ذكر الله في الغافلين

[ ٩٠١٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الذاكر لله عزّ وجلّ في الغافلين كالمقاتل في المحاربين.

[ ٩٠٢٠ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ذاكر الله عزّ وجلّ في الغافلين كالمقاتل عن الفاريّن، والمقاتل عن الفاريّن له الجنّة.

أحمد بن أبي عبدالله في( المحاسن ): عن النوفلي، مثله(٢) .

[ ٩٠٢١ ] ٣ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده الآتي عن أبي ذر، عن النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: يا أبا ذرّ، الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارّين في سبيل الله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

(١) يأتي ما يدل عليه بالاطلاق في الابواب ١٢ و ١٣ و ١٤ من هذه الابواب وفي الباب ٩٤ من أبواب جهاد النفس، وفي الحديث ١ من الباب ٢٣ من أبواب فعل المعروف.

الباب ١٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٦٤ / ١.

٢ - الكافي ٢: ٣٦٤ / ٢.

(٢) المحاسن: ٣٩ / ٤٥.

٣ - أمالي الطوسي ٢: ١٤٨، أورده في الحديث ١ من الباب ١١٨ من أبواب العشرة.

(٣) تقدّم في البابين ١، ٢ وغيرها من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الباب ١٣ وغيره من هذه الابواب.

١٦٥

١٣ - باب استحباب ذكر الله في السوق، وعند الصباح والمساء، وبعد الصبح والعصر

[ ٩٠٢٢ ] ١ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) قال: قال النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من ذكر الله في السوق مخلصاً عند غفلة الناس وشغلهم بما فيه كتب الله له ألف حسنة، ويغفر الله له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه في التجارة(٢) وغيرها(٣) ، وتقدّم ما يدلّ على بقيّة المقصود في التعقيب(٤) وفي الدعاء(٥) .

١٤ - باب استحباب ذكر الله عند غفلة القلب وسهوه

[ ٩٠٢٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن صباح الحذّاء، عن أبي أُسامة قال: زاملت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: فقال لي: اقرأ، فافتتحت سورة من القرآن فقرأتها فرّق وبكى، ثمّ قال: يا أبا أُسامة، ارعوا(١) قلوبكم ذكر الله عزّ وجلّ، واحذروا النكت، فإنّه يأتي على القلب تارات أو ساعات - الشك من

____________________

الباب ١٣

فيه حديث واحد

١ - عدّة الداعي: ٢٤٢.

(١) تقدّم في البابين ١، ٢ وغيرها من هذه الابواب.

(٢) يأتي في الباب ١٩ من أبواب آداب التجارة.

(٣) يأتي ما يدلّ عليه في الابواب الآتية من هذه الابواب.

(٤) تقدّم في الباب ١٨ وفي الحديث ٥ من الباب ٣٦ من أبواب التعقيب.

(٥) تقدّم ما يدل على بعض المقصود في الباب ٤٧ من أبواب الدعاء.

الباب ١٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٨: ١٦٧ / ١٨٨.

(٦) كذا في المصدر، لكن الاصل يحتمل( أوعوا ).

١٦٦

صباح - ليس فيه إيمان ولا كفر، شبه الخرقة البالية، أو العظم النخر، يا أبا أسامة، ألست ربّما تفقّدت قلبك فلا تذكر به خيراً ولا شرّاً، ولا تدري أين هو؟ قال: قلت: بلى، أنّه ليصيبني وأراه يصيب الناس، قال: أجل، ليس يعرى منه أحد، قال: فاذا كان ذلك فاذكروا الله عزّ وجلّ، واحذروا النكت، فأنّه إذا أراد بعبد خيراً نكت إيماناً، وإذا أراد به غير ذلك نكت غير ذلك، الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

١٥ - باب استحباب ذكر الله في كلّ واد

[ ٩٠٢٤ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن بنان بن محمّد، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر الصادق، عن أبيه( عليه‌السلام ) قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ما من عبد سلك وادياً فيبسط كفّيه فيذكر الله ويدعو إلّا ملأ الله ذلك الوادي حسنات، فليعظم ذلك الوادي أو ليصغر.

١٦ - باب استحباب ذكر الله عند الوسوسة وحديث النفس

[ ٩٠٢٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل ابن درّاج، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: إنّه يقع في قلبي أمر عظيم فقال: قل: لا إله إلّا الله، قال

____________________

(١) تقدّم في البابين ١، ٢ من هذه الأبواب باطلاقه.

الباب ١٥

فيه حديث واحد

١ - ثواب الأعمال: ١٨٣، تقدّم ما يدل عليه باطلاقه في البابين ١ و ٢ من هذه الأبواب.

الباب ١٦

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣١٠ / ٢.

١٦٧

جميل : فكلـمّا وقع في قلبي شيء قلت: لا إله إلّا الله، فيذهب عني.

[ ٩٠٢٦ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن محمّد، عن محمّد بن بكر بن جناح، عن زكريّا بن محمّد، عن أبي اليسع داود الأبزاري، عن حمران، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إنّ رجلاً أتى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا رسول الله، إنّي نافقت، فقال: والله ما نافقت، ولو نافقت ما أتيتني تعلمني، ما الذي رابك؟ أظنّ العدو الحاضر أتاك فقال لك: من خلقك؟ فقلت: الله خلقني، فقال لك: من خلق الله؟ فقال: إي والذي بعثك بالحقّ، لكان كذا، فقال: إنّ الشيطان أتاكم من قبل الأعمال فلم يقو عليكم، فأتاكم من هذا الوجه لكي يستزلّكم، فإذا كان كذلك فليذكر أحدكم الله وحده.

[ ٩٠٢٧ ] ٣ - وعنهم، عن سهل بن زياد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن علي بن مهزيار، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: شكى قوم إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ‌ ) لمماً يعرض لهم، لئن تهوى بهم الريح أو يقطّعوا أحبّ إليهم من أنّ يتكلّموا به - إلى أن قال - فقال: والذي نفسي بيده، إنّ ذلك لصريح الايمان، فاذا وجدتموه فقولوا: آمنّا بالله ورسوله، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

[ ٩٠٢٨ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن حمران قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الوسوسة، وأنّ كثرت؟ فقال: لا شيء فيها، تقول: لا إله إلّا الله.

____________________

٢ - الكافي ٢: ٣١١ / ٥.

٣ - الكافي ٢: ٣١٠ / ٤.

٤ - الكافي ٢: ٣١٠ / ١، تقدّم ما يدل على ذلك باطلاقه في البابين ١ و ٢ من هذه الأبواب.

١٦٨

١٧ - باب استحباب الابتداء بالبسملة مخلصاً لله مقبلاً بالقلب إليه في كلّ فعل، صغيراً كان أو كبيراً، وكلّ ما يحزن صاحبه، وكراهة ترك التسمية عند ذلك

[ ٩٠٢٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( التوحيد ): عن محمّد بن القاسم، عن يوسف بن محمّد بن زياد وعلي بن محمّد بن سيّار، وكانا من الشيعة الامامية، عن أبويهما، عن الحسن ابن علي العسكري، عن آبائه، عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنّ الله يقول: أنا أحق من سئل، وأولى من تضرع إليه، فقولوا عند افتتاح كلّ أمر صغير وعظيم: بسم الله الرحمن الرحيم، أي: أستعين على هذا الأمر بالله الذي لا تحقّ العبادة لغيره، المغيث إذا استغيث - إلى أنّ قال - وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من حزنه أمر يتعاطاه فقال: بسم الله الرحمن الرحيم وهو مخلص لله ويقبل بقلبه إليه لم ينفك من إحدى اثنتين، إما بلوغ حاجته في الدنيا، وإمّا يُعدّ له عند ربّه ويدّخر له لديه، وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين.

[ ٩٠٣٠ ] ٢ - وبهذا الإِسناد عن العسكري( عليه‌السلام ) قال: بسم الله، أي: أستعين على أُموري كلّها بالله - إلى أنّ قال - وقال الصادق( عليه‌السلام ) : ولربّما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بسم الله الرحمن الرحيم فيمتحنه الله بمكروه لينبّه على شكر الله والثناء عليه، ويمحق وصمة تقصيره عند تركه قول: بسم الله، قال: وقال الله عزّ وجلّ لعباده: أيّها الفقراء إلى رحمتي، قد ألزمتكم الحاجة إلي في كلّ حال، وذلّة العبوديّة في كلّ وقت، فإليّ

____________________

الباب ١٧

فيه ٤ أحاديث

١ - التوحيد: ٢٣٢، تفسير الامام العسكري (عليه‌السلام ) ٢٨ / ٩.

٢ - التوحيد: ٢٣١.

١٦٩

فافزعوا في كلّ أمر تأخذون فيه وترجون تمامه وبلوغ غايته، فقولوا عند افتتاح كلّ أمر صغير أو عظيم: بسم الله الرحمن الرحيم، أي: أستعين على هذا الأمر بالله، الحديث.

ورواه العسكري( عليه‌السلام ) في( تفسيره) إلى قوله: عند تركه قول: بسم الله، وكذا الذي قبله (١) .

[ ٩٠٣١ ] ٣ - أحمد بن أبي عبدالله البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا توضأ أحدكم ولم يسمّ كان للشيطان في وضوئه وصلاته(٢) شرك، وأنّ أكل أو شربّ أو لبس وكلّ شيء صنعه ينبغي له أن يسمّي عليه، فأنّ لم يفعل كان للشيطان فيه شرك.

وعن محمّد بن سنان، عن حمّاد بن عثمان، عن ربّعي بن عبدالله، عن الفضيل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، مثله.

وعن محمّد بن عيسى، عن العلاء، عن الفضيل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، مثله.

[ ٩٠٣٢ ] ٤ - الحسن بن علي العسكري( عليه‌السلام ) في( تفسيره ): عن آبائه، عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّ رجلاً قال له: إن رأيت أن تعرّفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس، فقال: تركك حين جلست أنّ تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، إنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) حدّثني عن الله عزّ وجلّ أنّه قال: كلّ أمر ذي بال لا يذكر بسم الله فيه فهو أبتر.

____________________

(١) تفسير الامام العسكري ( عليه‌السلام ) : ٢١، ٢٢ / ٥، ٧.

٣ - المحاسن: ٤٣٠ / ٢٥٢، أورده في الحديث ١٢ من الباب ٢٦ من أبواب الوضوء.

(٢) ليس في المصدر.

٤ - تفسير الامام العسكري( عليه‌السلام ) : ٢٤ و ٢٥.

١٧٠

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث القراءة وغيرها(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١٨ - باب استحباب التحميد كلّ يوم ثلاثمائة وستين مرّة، وكذا كلّ ليلة

[ ٩٠٣٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن علي بن الحسين، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن مروان قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : أي الأعمال أحب إلى الله عزّ وجلّ؟ فقال: أنّ تحمده(٣) .

[ ٩٠٣٤ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي الحسن الأنباري، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يحمد الله في كلّ يوم ثلاثمائة مرّة وستّين مرّة، عدد عروق الجسد، يقول: الحمد لله ربّ العالمين كثيراً على كلّ حال.

[ ٩٠٣٥ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد جميعاً، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنّ في ابن آدم ثلاثمائة وستّين عرقاً، منها مائة وثمانون متحرّكة، ومنها مائة وثمانون ساكنة، فلو سكن المتحرّك لم ينم، ولو تحرّك الساكن لم ينم، وكان رسول الله

____________________

(١) تقدّم في الأبواب ١١ و ١٢ و ٢١ من أبواب القراءة، وفي الباب ١٩ من أبواب أحكام المساكن.

(٢) يأتي في الأبواب ٥٦ و ٥٧ و ٥٨ من أبواب آداب المائدة.

الباب ١٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٦٥ / ٢.

(٣) في نسخة: يحمد( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٢: ٣٦٥ / ٣.

٣ - الكافي ٢: ٣٦٥ / ٤.

١٧١

(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) إذا أصبح قال: الحمد لله رب العالمين كثيراً على كلّ حال ثلاثمائة وستّين مرّة، وإذا أمسى مثل ذلك.

محمّد بن علي بن الحسين في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، مثله (١) .

١٩ - باب استحباب التحميد أربع مرّات كلّ صباح ومساء

[ ٩٠٣٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن منصور بن العبّاس، عن سعيد بن جناح، عن أبي مسعود(٢) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من قال أربع مرّات إذا أصبح: الحمد لله ربّ العالمين، فقد أدّى شكر يومه، ومن قالها إذا أمسى فقد أدّى شكر ليلته.

محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن خالد، مثله(٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

____________________

(١) علل الشرائع: ٣٥٣ / ١ الباب ٦٥، يأتي ما يدلّ على ذلك في الحديث ١٩ من الباب ٤٨ من هذه الأبواب.

الباب ١٩

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٣٦٥ / ٥.

(٢) في ثواب الأعمال: أبو مسعر - هامش المخطوط -.

(٣) ثواب الأعمال: ٢٨.

(٤) تقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً في الحديث ١ من الباب ١٨، وفي الباب ٣٢ من أبواب التعقيب، ويأتي ما يدلّ على استحباب التحميد سبع مرّات في الحديث ١٣ من الباب ٤٨ من هذه الأبواب.

١٧٢

٢٠ - باب استحباب قول: الحمد لله كما هو أهله

[ ٩٠٣٧ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن زيد الشحّام، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من قال: الحمد لله كما هو أهله، شغل كتّاب السماء، قلت: وكيف يشغل كتّاب السماء؟ قال: يقولون: اللهمّ إنّا لا نعلم الغيب، فقال(١) : اكتبوها كما قالها عبدي وعليّ ثوابها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٢١ - باب استحباب حمد الله عند النظر في المرآة

[ ٩٠٣٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر، عن هارون ابن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، أنّ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ أوجب الجنّة لشابّ كان يكثر النظر في المرآة فيكثر حمد الله على ذلك.

____________________

الباب ٢٠

فيه حديث واحد

١ - ثواب الأعمال: ٢٨ / ١.

(١) في نسخة: فيقول( هامش المخطوط ).

(٢) تقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً في البابين ١٨ و ١٩ من هذه الأبواب.

الباب ٢١

فيه حديث واحد

١ - ثواب الأعمال: ٤٤.

١٧٣

٢٢ - باب استحباب كثرة حمد الله عند تظاهر النعم

[ ٩٠٣٩ ] ١ - أحمد بن محمّد بن خالد في( المحاسن ): عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، عن آبائه (عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من ظهرت عليه النعم فليكثر الحمد لله، الحديث.

[ ٩٠٤٠ ] ٢ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي ): عن أبيه، عن المفيد، عن ابن الجعابي، عن محمّد بن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن أبي العنبر، عن علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن أبي عمرو بن العلاء، عن عبدالله بن بريدة، عن بشير بن كعب، عن شدّاد بن أوس قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ): لا إله إلّا الله نصف الميزان، والحمد لله يملؤه.

[ ٩٠٤١ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال ): عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن الفضل بن عامر، عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، عن الهيثمّ بن واقد قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغت فحمد الله عليها إلّا كان حمده لله أفضل من تلك النعمة وأعظم وأوزن.

[ ٩٠٤٢ ] ٤ - وعن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف، عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الطاعم

____________________

الباب ٢٢

فيه ٧ أحاديث

١ - المحاسن: ٤٢ / ٥٦، يأتي صدره في الحديث ٤ من الباب ٢٣، وذيله في الحديث ٨ من الباب ٤٧ من هذه الأبواب.

٢ - أمالي الطوسي ١: ١٨.

٣ - ثواب الأعمال: ٢١٦.

٤ - ثواب الأعمال: ٢١٦.

١٧٤

الشاكر له أجر الصائم المحتسب، والمعافى الشاكر مثل المبتلى الصابر.

[ ٩٠٤٣ ] ٥ - وعن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن إسحاق بن سعيد، عن بكر بن إسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : يا إسحاق، ما أنعم الله على عبد نعمة فعرفها بقلبه وجهر بحمد الله عليها ففرغ منها حتى يؤمر له بالمزيد.

[ ٩٠٤٤ ] ٦ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطيّة، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله ( عليه‌السلام ) ، قال: سمعته يقول: شكر كلّ نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عزّ وجلّ.

[ ٩٠٤٥ ] ٧ - وفي( المجالس ): عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن محمّد بن يوسف، عن محمّد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من تظاهرت عليه النعم فليقل: الحمد لله ربّ العالمين، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول: لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، فإنّه كنز من كنوز الجنّة، وفيه شفاء من اثنين وسبعين داء أدناها الهمّ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

____________________

٥ - ثواب الأعمال: ٢٢٣.

٦ - الخصال: ٢١ / ٧٣.

٧ - أمالي الصدوق: ٤٤٧ / ١٣.

(١) تقدم في الحديثين ٤ و ٨ من الباب ٧٣ من أبواب الدفن، وفي الحديث ٣ من الباب ١٠ من أبواب الدعاء، ويأتي في الحديث ٨ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب وفي الباب ٤٤ من أبواب جهاد النفس، وفي البابين ٨ و ١٥ من أبواب فعل المعروف، وفي البابين ٥٦ و ٥٧ من أبواب آداب المائدة.

١٧٥

٢٣ - باب استحباب الإِكثار من الاستغفار

[ ٩٠٤٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم،( عن أبيه) (١) ، عن ياسر الخادم، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرّك فيتناثر، والمستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزىء بربّه.

[ ٩٠٤٧ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : خير الدعاء الاستغفار.

[ ٩٠٤٨ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن حسين بن سيف، عن أبي جميلة، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ.

[ ٩٠٤٩ ] ٤ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، عن آبائه - في حديث - قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من كثرت همومه فعليه بالاستغفار.

[ ٩٠٥٠ ] ٥ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي ): قال: قال( عليه‌السلام ) : أنّ للقلوب صدأ كصدأ النحاس فاجلوها بالاستغفار.

____________

الباب ٢٣

فيه ١٢ حديث

١ - الكافي ٢: ٣٦٦ / ٣.

(١) كتب المصنف على ما بين القوسين علامة نسخة.

٢ - الكافي ٢: ٣٦٥ / ١.

٣ - الكافي ٢: ٣٦٦ / ٢.

٤ - المحاسن: ٤٢ / ٥٦ تقدّم صدره في الحديث ١ من الباب ٢٢، ويأتي ذيله في الحديث ٨ من الباب ٤٧ من هذه الأبواب.

٥ - عدّة الداعي: ٢٤٩.

١٧٦

[ ٩٠٥١ ] ٦ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كلّ همّ فرجاً، ومن كلّ ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.

[ ٩٠٥٢ ] ٧ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن المفيد، عن محمّد بن الحسن (١) المقري، عن عبدالله بن محمّد البصري، عن عبد العزيز بن يحيى، عن موسى بن زكريّا، عن أبي خالد، عن العتبي، عن الشعبي قال: سمعت علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) يقول: العجب ممن يقنط ومعه الممحاة، قيل: وما الممحاة؟ قال: الاستغفار.

[ ٩٠٥٣ ] ٨ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار ): بإسناده عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس(٢) ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من اعطي أربعاً لم يحرم أربعاً: من أُعطي الدعاء لم يحرم الاجابة، ومن أُعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة، ومن اعطي التوبة لم يحرم القبول منه، ومن أُعطي الشكر لم يحرم الزيادة، وذلك في كتاب الله عزّ وجلّ.

[ ٩٠٥٤ ] ٩ - وعن علي بن عقبة، عن رجل، عن أيوب بن الحرّ، عن معاذ بن ثابت، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إنّ المؤمن ليذنب الذنب فيذكره بعد عشرين سنة فيستغفر منه فيغفر له، وإنمّا ذكره ليغفر له، وأنّ الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته.

[ ٩٠٥٥ ] ١٠ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيأنّ) عن الربّيع بن

____________________

٦ - عدّة الداعي: ٢٤٩.

٧ - أمالي الطوسي ١: ٨٦.

(١) في المصدر: الحسين.

٨ - أمالي الطوسي ٢: ٣٠٤.

(٢) في المصدر: ابي كهمش.

٩ - أمالي الطوسي ٢: ٣٠٥.

١٠ - مجمع البيأنّ ٥: ٣٦١.

١٧٧

صبيح، أنّ رجلاً أتى الحسن( عليه‌السلام ) فشكا إليه الجدوبة، فقال له الحسن: استغفر الله، وأتاه آخر فشكا إليه الفقر فقال له: استغفر الله، وأتاه آخر فقال له: ادع الله أنّ يرزقني ابناً، فقال: استغفر الله، فقلنا له: أتاك رجال يشكون أبواباً ويسألون أنواعاً فأمرتهم كلّهم بالاستغفار؟! فقال: ما قلت ذلك من ذات نفسي، إنّما اعتبرت فيه قول الله:( استَغفِرُوا ربّكُم أنّه كان غَفَّاراً ) (١) الآيات.

[ ٩٠٥٦ ] ١١ - وعن علي بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن محمّد بن يوسف، عن أبيه قال: سأل رجل أبا جعفر( عليه‌السلام ) وأنا عنده فقال: إنّي كثير المال وليس يولد لي ولد، فهل من حيلة؟ قال: استغفر ربّك سنة في آخر الليل مائة مرّة، فإن ضيّعت ذلك بالليل فاقضه بالنهار، فإن الله يقول:( استَغفِرُوا ربّكُم ) (٢) الآية.

[ ٩٠٥٧ ] ١٢ - ورام بن أبي فراس في كتابه قال: قال (عليه‌السلام ) : أكثروا الاستغفار، إنّ الله لم يعلّمكم الاستغفار إلّا وهو يريد أنّ يغفر لكم.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك هنا(٣) ، وفي جهاد النفس(٤) ، وغير ذلك(٥) .

____________________

(١) نوح ٧١: ١٠.

١١ - مجمع البيان ٥: ٣٦١.

(٢) نوح ٧١: ١٠.

١٢ - تنبيه الخواطر ١: ٥.

(٣) يأتي في الأبواب الآتية، وفي الحديث ٣ من الباب ٢٩، وفي الحديث ٢ من الباب ٤٤، وفي الحديثين ٢٠ و ٢١ من الباب ٤٨ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الباب ٨٥، وفي الحديث ٢١ من الباب ٤٩، وفي الابواب ٨٩ و ٩٣ من أبواب جهاد النفس.

(٥) يأتي في الحديث ٢١ من الباب ٣ من أبواب ما تجب فيه الزكاة، وفي الباب ١٨ من أبواب أحكام شهر رمضان، وفي الحديثين ٢ و ٣٥ من الباب ١ من أبواب الصوم المندوب، =

١٧٨

٢٤ - باب استحباب الاستغفار خمساً وعشرين مرّة في كل ّ مجلس وإن خف ّ

[ ٩٠٥٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) : أنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) كان لا يقوم من مجلس وأنّ خف حتى يستغفر الله خمساً وعشرين مرّة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٢٥ - باب استحباب الاستغفار في كلّ يوم سبعين مرّة ولو من غير ذنب

[ ٩٠٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يستغفر الله عزّ وجلّ كلّ يوم سبعين مرّة، ويتوب إلى الله عزّ وجلّ سبعين مرّة، قال: قلت:

____________________

= ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ٤ من الباب ٨ وفي الباب ١٠ من أبواب أحكام الاولاد، تقدم ما يدلّ على ذلك في الحديث ٣ من الباب ١٠، وفي الحديث ٥ من الباب ٣٠، وفي الحديث ٧ من الباب ٣١ من أبواب الدعاء.

الباب ٢٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٣٦٦ / ٤.

(١) تقدم ما يدلّ على ذلك بإطلاقه في الحديثين ٤ و ٦ من الباب ١٦، وفي الحديث ٤ من الباب ٢٤ من أبواب التعقيب وفي الباب ٢٣ من هذه الابواب.

(٢) يأتي بإطلاقه في الابواب الآتية من هذه الابواب.

الباب ٢٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٣٦٦ / ٥.

١٧٩

كان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال: كان يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، سبعين مرّة، ويقول: وأتوب إلى الله، أتوب إلى الله، سبعين مرّة.

أقول: وفي أحاديث أُخر أنّه كان يستغفر الله ويتوب إليه من غير ذنب.

ويأتي ما يدلّ على ذلك في جهاد النفس(١) .

٢٦ - باب استحباب الاستغفار والتهليل

[ ٩٠٦٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن حسين بن زيد(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ الاستغفار وقول: لا إله إلّا الله خير العبادة، وقال الله العزيز الجبّار:( فَاعلَم أنّه لَا إِلَهَ إلّا اللهُ وَاستَغفِر لِذَنبِكَ ) (٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

(١) يأتي في الباب ٩٢ من أبواب جهاد النفس وفي الحديث ٥ من الباب ٢٧ وفي الباب ٣٠ من أبواب الصوم المندوب وتقدّم في الباب ٢٧ من أبواب التعقيب.

الباب ٢٦

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٣٦٦ / ٦.

(١) في هامش المخطوط عن نسخة: يزيد.

(٢) سورة محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ٤٧: ١٩.

(٣) تقدّم في الحديث ١ من الباب ٣٤ من أبواب التعقيب، وفي الأبواب ٢٣، ٢٤، ٢٥ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الأبواب الآتية وفي الباب ١٨ من أبواب أحكام شهر رمضان، وفي البابين ٢٧، ٣٠ من أبواب الصوم المندوب.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

باطلة ؛ لأنّ مَنْ بالبصرة لا يلزمه الحضور ببغداد في الخصومات ، والكفيل فرع المكفول ببدنه ، فإذا لم يجب عليه الحضور ، لا يمكن إيجاب الإحضار على الكفيل(١) .

وهو حسن.

مسألة ٥٧٠ : كلّ مَنْ يستحقّ عليه الحضور إلى مجلس الشرع تجوز كفالته‌ ، فتصحّ كفالة مَن ادّعى عليه وإن لم تقم البيّنة عليه بالدَّيْن وإن جحد ؛ لاستحقاق الحضور عليه.

والأصل فيه : أنّ المنكر يجب عليه فصل الخصومة ، فإذا رضي بتأخيرها ، صحّت الكفالة عليه وإن كانت الكفالة في نفسها ليست لازمةً إذا طلب الفصل في الحال.

وأمّا كفالة الحقّ فالحقّ الذي يُدّعى على المكفول ببدنه إن ثبت بإقراره أو بالبيّنة ، فلا خلاف في صحّة الكفالة ببدنه.

وإن(٢) لم يثبت لكن ادّعى المدّعي عليه ، فإن لم ينكر ولم يصدِّق بل سكت ، صحّت الكفالة أيضاً.

وإن أنكر ، صحّت الكفالة أيضاً ؛ لأنّ الحضور مستحقّ(٣) عليه ، فجاز [ التزام ](٤) إحضاره ، ومعظم الكفالات إنّما تتّفق قبل ثبوت الحقوق ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : البطلان ؛ لأنّ الأصل براءة ذمّة المكفول ، وقد تأيّد ذلك بصريح الإنكار ، والكفالة ببدن مَنْ لا حقّ عليه باطلة(٥)

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

(٢) في « ث ، ر » : « فإن ».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « يستحقّ ».

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إلزام ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

٤٠١

والأوّل أقوى.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكفالة وإن صحّت لكن ليس للمدّعي قبل ثبوت دعواه إلزام الغريم بكفيلٍ على الحضور ، كما ليس له إلزامه بكفيلٍ على المال ، لكن لو كفله شخص على الحضور قبل ثبوت الدعوى ، صحّ.

إذا ثبت هذا ، فإنّ الكفالة تصحّ ببدن الغائب والمحبوس وإن تعذّر تحصيل الغرض في الحال ، كما يجوز من المعسر ضمان المال ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : لا تجوز(٢) .

وتصحّ كفالة مَنْ يُدّعى(٣) عليه الكفالة ، وكذا مَنْ يُدّعى عليه القصاص والحدّ ؛ لأنّ الحدّ وإن لم تصحّ الكفالة عليه فإنّه تصحّ الكفالة ببدن مَنْ يُدّعى عليه الحدّ ؛ لوجوب حضوره عند الحاكم ليثبت المدّعي عليه حقّه بالبيّنة أو الإقرار.

مسألة ٥٧١ : إذا عيّن الكفيل في كفالته مكانَ التسليم ، تعيّن ، ولم يجب عليه تسليمه في غير ذلك المكان‌ ، سواء كان أرفق له أو لا.

ولو طلب ذلك المكفولُ له ، لم تجب له إجابته.

وإن أطلق ، فالأقرب : وجوب تسليمه في موضع العقد ؛ لأنّه المفهوم عند الإطلاق.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ فيه قولين ، كما لو أطلق السَّلَم ولم يعيّن‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « ادّعي » بدل « يدّعى ».

٤٠٢

مكان التسليم(١) .

وقال الجويني : يُحمل على مكان الكفالة ، ولا يجي‌ء فيه ذلك الخلاف(٢) .

وعلى كلّ تقدير فالأقوى جواز الإطلاق ، وحمله على مكان العقد ، وقد بيّنّا أنّه إذا عيّن المكان أو أطلق وحملنا الإطلاق على موضع العقد فأحضره في غيره ، لم يلزمه تسلّمه ، سواء كان عليه مئونة أو مشقّة في حمله إلى المعيّن أو لا.

وقال الشافعي : إن كان عليه مؤونة أو مشقّة في حمله إلى الموضع الذي عيّنه ، لم يلزمه تسلّمه ، وإن لم يكن عليه في ذلك ضرر ، لزمه قبوله(٣) .

وحكى أبو العباس ابن سريج فيه وجهين(٤) .

والحقّ ما قلناه من أنّه لا يبرأ بالتسليم في غير المعيّن ، وبه قال أبو يوسف ومحمّد(٥) .

وقال بعض العامّة : إن أحضره بمكانٍ آخَر من البلد وسلّمه ، برئ من الكفالة(٦) .

وقال بعضهم : متى أحضره في أيّ مكانٍ كان وفي ذلك الموضع‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٨٠.

(٤) حلية العلماء ٥ : ٨١.

(٥) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٥ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ١٦٦ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٢ ، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٥٧ ، المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

(٦) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

٤٠٣

سلطان ، برئ من الكفالة ؛ لكونه لا يمكنه الامتناع من مجلس الحكم ، ويمكن إثبات الحجّة فيه(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه سلّم ما شرط تسليمه في مكانٍ في غير ذلك المكان ، فلم يبرأ بهذا التسليم ، كما لو أحضر المُسْلَم فيه في غير المكان المشترط. ولأنّه قد سلّمه في موضعٍ لا يقدر على إثبات الحجّة فيه إمّا لغيبة شهوده ، أو لعدم(٢) معرفة الحاكم وأهل بلده بحالهم(٣) أو غير ذلك ، وقد يهرب منه ولا يقدر على إمساكه.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكفيل إذا أتى بالمكفول [ به ] في غير الموضع ، لم يلزم المكفول له قبوله ، لكن يجوز له قبوله ، وله أن يمتنع وإن لم يكن له غرض ، خلافاً للشافعي(٤) ، كما تقدّم ، أو كان(٥) بأن كان قد عيّن مجلس الحكم أو بقعة يجد فيها مَنْ يعينه على خصمه.

مسألة ٥٧٢ : إذا دفع الكفيلُ المكفولَ ببدنه إلى المكفول له من غير حائلٍ من يد سلطان أو شبهه ، بل تسليماً تامّاً ، لزمه قبوله‌ ، أو إبراء ذمّة الكفيل من الكفالة ، فإن امتنع ، دَفَعه إلى الحاكم وسلّمه إليه ليبرأ. وإن لم يجد حاكماً ، أشهد عَدْلين بإحضاره إلى المكفول له وامتناع المكفول له.

والأقوى : أنّه يكفي الإشهاد على الامتناع ، وأنّه سلّمه إليه فلم يتسلّمه ، ولا يجب دفعه إلى الحاكم ؛ لأنّ مع وجود صاحب الحقّ لا يلزمه دَفْعه إلى مَنْ ينوب عنه من حاكمٍ أو غيره.

____________________

(١) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

(٢) في « ث ، ج » : « عدم ».

(٣) أي : حال الشهود.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩.

(٥) أي : كان له غرض.

٤٠٤

وللشافعيّة القولان(١) .

ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول [ به ] في المكان الذي وجب التسليم فيه ، سواء طلبه المستحقّ أو لم يطلبه بل أتاه به ، بشرط أن لا يكون هناك حائل من يد سلطانٍ ومتغلّبٍ وحبسٍ بغير حقٍّ لينتفع بتسليمه ويطالب الخصم.

ولو كان المكفول [ به ] محبوساً في حبس ظالمٍ ، لم يكن له أن يسلّمه إليه محبوساً ، ولا يبرأ بذلك ، ولا يلزمه أن يتسلّمه محبوساً ؛ لأنّ ذلك الحبس يمنعه من استيفاء حقّه(٢) .

وإن كان محبوساً عند الحاكم فسلّمه إليه محبوساً ، لزمه تسلّمه ، وبرئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّ حبس الحاكم لا يمنعه من استيفاء حقّه ، لإمكان إحضاره ومطالبته بالحقّ ، فإذا طالَب الحاكم بإحضاره ، أحضره بمجلسه ، وحَكَم بينهما ، فإذا فرغت الحكومة ، ردّه إلى الحبس بالحقّ الأوّل.

وإن توجّه عليه حقّ المكفول له ، حَبَسه بالحقّ الأوّل وحقّ المكفول له ، ومن أيّهما خلص بقي محبوساً على الآخَر.

فروع :

أ - لو ارتدّ المكفول به ولحق بدار الحرب ، لزم الكفيل إحضاره إن تمكّن منه ، وإلّا فلا‌. وكذا المحبوس عند غير الحاكم.

ب - لا يُشترط تسليم المكفول به من الكفيل في براءة ذمّة الكفيل‌ ،

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٩.

(٢) في « ث ، خ ، ر » والطبعة الحجريّة : « من الاستيفاء بحقّه ».

٤٠٥

بل لو جاء المكفول به وسلّم نفسه إلى المكفول له تسليماً تامّاً ، برئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّ القصد ردّه إلى المكفول له ، فلا فرق بين حصوله في يده بالكفيل أو بغيره نائباً عنه.

ج - لو أخذ المكفولُ له المكفولَ به إمّا طوعاً أو كرهاً وأحضره مجلس الحكم‌ ، برئ الكفيل من الكفالة ؛ لما تقدّم.

د - لو حضر المكفول به وقال : سلّمت نفسي إليك عن جهة الكفيل ، برئ الكفيل‌ ، كما يبرأ الضامنُ بأداء الأصيل الدَّيْنَ.

ولو لم يُسلّمه نَفْسَه عن جهة الكفيل ، لم(١) يبرأ الكفيل ؛ لأنّه لم يسلّمه إليه ولا أحد من جهته ، حتى قال بعض الشافعيّة : لو ظفر به المكفول له في مجلس الحكم وادّعى عليه ، لم يبرأ الكفيل(٢) .

وليس بجيّد ، والوجه : ما قلناه أوّلاً.

ه- لو سلّمه أجنبيّ لا عن جهة الكفيل ، لم يبرأ الكفيل.

ولو(٣) سلّمه عن جهة الكفيل ، فإن كان بإذنه ، فهو كما لو سلّمه بنفسه ؛ إذ لا تُشترط المباشرة. وإن كان بغير إذنه ، لم يجب على المكفول له القبولُ ؛ إذ لا يجب عليه قبض الحقّ إلاّ ممّن عليه. لكن لو قَبِل ، برئ الكفيل.

مسألة ٥٧٣ : لو تكفّل واحد ببدن رجلٍ لاثنين فسلّمه(٤) إلى أحدهما ، لم يبرأ من كفالة الآخَر‌ ، فإنّ العقد مع اثنين بمنزلة العقدين ، فهو كما لو‌

____________________

(١) في « ج ، ر » والطبعة الحجريّة : « لا » بدل « لم ».

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٨ - ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣ - ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « وإن » بدل « ولو ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فسلّم ». والظاهر ما أثبتناه.

٤٠٦

تكفّل لكلّ واحدٍ منهما به على الانفراد ، وكما لو ضمن دَيْنين لشخصين فأدّى دَيْن أحدهما ، لم يبرأ من دَيْن الآخَر.

ولو كفل رجلان برجلٍ لرجلٍ ، صحّت الكفالة ، كما يصحّ أن يضمن اثنان واحداً. فإن ردّه أحدهما إلى المكفول له ، فهل يبرأ الآخَر؟ الأقرب : البراءة ، كما لو أدّى الدَّيْنَ أحدُ الضمناء ، برئ الباقون ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني لهم : أنّهما إن كفلا على الترتيب ، وقع تسليمه عن المُسلِّم دون صاحبه ، سواء قال : سلّمتُ عن صاحبي ، أم لم يقل(١) .

وإن كفلا معاً ، فوجهان.

قال المزني : يبرأ المسلِّم والآخَر أيضاً ، كالضامنين إذا أدّى أحدهما.

وقال ابن سريج والأكثر : لا يبرأ ، كما لو كان بالدَّيْن رهنان فانفكّ أحدهما ، لا ينفكّ الآخَر ، بخلاف ما إذا أدّى أحد الضامنين الدَّيْنَ ، فإنّه يوجب براءة الأصيل ، وإذا برئ الأصيل برئ كلّ ضامنٍ ، وهنا سقطت الوثيقة عن أحدهما مع بقاء الحقّ(٢) .

ولو كفل اثنان بواحدٍ وكفل كلٌّ من الكفيلين ببدن صاحبه ، صحّت الكفالات كلّها ؛ لأنّ كلّ مكفولٍ هنا عليه حقٌّ. فعلى ما قلناه إذا أحضر أحدُهما المكفولَ به وسلّمه ، يبرأ كلّ واحدٍ منهما عن كفالة صاحبه وكفالة الذي كفلا به.

وعلى قول ابن سريج وجهان :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩ - ٤٩٠.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

٤٠٧

أحدهما : يبرأ الأصيل والكفيل.

والثاني : أنّ الذي أحضره تسقط كفالته بالمكفول به ، وتسقط عن الآخَر كفالته بالكفيل الذي أحضره ، وبقي عليه وجوب إحضار المكفول به(١) .

مسألة ٥٧٤ : يصحّ ترامي الكفالات‌ ، فلو تكفّل رجل ببدن مَنْ عليه الحقُّ ثمّ تكفّل آخَر ببدن الكفيل وتكفّل ثالثٌ ببدن الكفيل الثاني ، جاز ، كالضمان يصحّ أن يضمن الضامن الحقَّ ويضمن ثانٍ عن الضامن ويضمن عن ضامن الضامن ضامنٌ آخَر ، وهكذا.

فإذا أحضر الكفيلُ الأوّل مَنْ عليه الحقُّ ، برئ وبرئ الكفيلان الآخَران ؛ لأنّهما فرعاه.

وإن أحضر الكفيل الثاني الكفيلَ الأوّل ، برئ وبرئ الثالث ؛ لأنّه فرعه ، ولم يبرأ الأوّل ولا مَنْ عليه الحقُّ.

فإن مات مَنْ عليه الحقُّ ، فعندنا وعند الشافعي(٢) يبرأ الكفلاء الثلاثة ، ولا شي‌ء عليهم.

وإن مات الكفيل الأوّل ، برئ الكفيلان الآخَران.

وإن مات الثاني ، برئ الثالث ، دون الأوّل.

وإن مات الثالث ، لم يبرأ الأوّلان.

مسألة ٥٧٥ : إذا مات المكفول به ، بطلت الكفالة ، ولم يلزم الكفيل شي‌ء‌ ، عند علمائنا - وبه قال شريح والشعبي وحمّاد بن أبي سليمان وأبو حنيفة والشافعي وأحمد(٣) - لأنّه تكفّل ببدنه على أن يُحضره ، وقد‌

____________________

(١) لاحظ : العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٢) في « ث » : « الشافعيّة ». ولاحظ الهامش التالي.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٧٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٥ ، المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

٤٠٨

سقط الحضور عن المكفول [ به ] فيبرأ الكفيل ، كما لو برئ من الدَّيْن. ولأنّ ما التزم به من أجله يسقط عن الأصل(١) فيبرأ الفرع ، كالضامن إذا قضى المضمون عنه الدَّيْنَ أو أُبرئ منه عندهم(٢) . ولأنّه تكفّل ببدنه ، فلا يلزمه ما في ذمّته ، كما لو غاب غيبةً منقطعة. ولأنّه لا يلزمه بذل نفسه فما في ذمّته أولى.

وقال مالك والحكم والليث : يجب على الكفيل المال الذي كان في ذمّته - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة - لأنّ الكفيل وثيقة على الحقّ ، فإذا تعذّر استيفاء الحقّ ممّن هو عليه ، استوفي من الوثيقة كالرهن(٣) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الرهن تعلّق بالمال ، فاستوفى منه.

وقال بعض الشافعيّة : لا تبطل الكفالة ، ولا ينقطع طلب الإحضار عن الكفيل - وهو أصحّ قولَي الشافعيّة عندهم - بل عليه إحضاره ما لم يُدفن - وقلنا بتحريم النبش لأخذ المال - إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته ، كما لو تكفّل ابتداءً ببدن الميّت(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الكفالة على الإحضار إنّما يُفهم منها إحضاره حالَ الحياة ، وهو المتعارف بين الناس والذي يخطر بالبال ، فيُحمل الإطلاق عليه.

وعلى قول ابن سريج ومالك هل يطالَب بالدَّيْن أو بالأقلّ من الدَّيْن‌

____________________

(١) فيما عدا « ج » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الأصيل ».

(٢) المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٩٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١ ، المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١.

٤٠٩

ودية المقتول؟ وجهان مبنيّان على القولين في أنّ السيّد يفدي العبد الجاني بالأرش أو بالأقلّ من الأرش وقيمة العبد؟(١) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٥٧٦ : إذا كانت الكفالة حالّةً أو مؤجَّلةً وحلّ أجلها ، فإن كان المكفول به حاضراً ، وجب على الكفيل إحضاره‌ إذا طلبه المكفول له ، فإن أحضره ، وإلّا حُبس. وإن كان غائباً فإن كان موضعه معلوماً يمكنه ردّه منه ، أُمهل الكفيل بقدر ذهابه ومجيئه ، فإذا مضى قدر ذلك ولم يأت به من غير عذرٍ ، حُبس ، ولا يُحبس في الحال ، وبه قال عامّة أهل العلم.

وقال ابن شبرمة : يُحبس في الحال ؛ لأنّ الحقّ قد توجّه عليه(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ الحقّ وإن كان قد حلّ فإنّه يُعتبر فيه إمكان التسليم ، وإنّما يجب عليه إحضار الغائب عند إمكان ذلك.

وإن كان غائباً غيبةً منقطعة - والمراد منها أن لا يُعرف موضعه وينقطع خبره - لم يكلَّف الكفيل إحضاره ؛ لعدم الإمكان ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه لم يكفل المال ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أحمد : يجب عليه المال(٤) ، مع أنّه قال : إذا مات المكفول برئ الكفيل ، ولا شي‌ء عليه(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٨٠ ، المغني ٥ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٤) المغني ٥ : ٩٨ - ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٥) المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

٤١٠

فروع :

أ - لو عرف موضعه ، فقد بيّنّا أنّه يجب عليه إحضاره‌ ، سواء كان على أزيد من مسافة القصر أو أنقص.

وقال بعض الشافعيّة : إن كان دون مسافة القصر ، فعليه إحضاره ويُمهَل مدّة الذهاب والإياب ليتبعه. وإن كان على مسافة القصر ، فوجهان :

أظهرهما عندهم : أنّه كما لو كان دون مسافة القصر ، كما لو كان المديون غائباً إلى هذه المسافة ، يؤمر بإحضاره.

والثاني : أنّه لا يُطالَب بإحضاره ، إلحاقاً لهذه الغيبة بالغيبة المنقطعة ، كما لو غاب [ الولي ](١) أو شاهدا(٢) الأصل إلى مسافة القصر ، يكون كما لو غاب غيبةً منقطعة(٣) .

ب - لو كان غائباً حين كفل‌ ، فالحكم في إحضاره كما لو غاب بعد الكفالة.

ج - لو كانت الكفالة مؤجَّلةً ، لم يكن للمكفول له مطالبة الكفيل بالإحضار قبل الأجل‌ ، سواء كان عليه مئونة في التقديم أو لا.

ولو دَفَعه قبل الأجل ، لم يجب على المكفول له أخذه ، سواء كان عليه ضرر في أخذه ، أو انتفى الضرر.

وقال بعض العامّة : إذا انتفى الضرر ، وجب عليه أخذه(٤) .

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المولى ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في « ث ، ج ، ر » : « شاهد ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٤) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣ - ١٠٤.

٤١١

وليس بمعتمد.

د - لو فرّط الكفيل في تحصيله بأن طالَبه المكفول له بإحضاره وكان متمكّناً منه‌

فهرّبه أو ماطَل بإحضاره حتى غاب غيبةً منقطعة ولم يُعرف له خبر ، فإن أوجبنا المال ، وجب هنا ، وإلّا فإشكال.

مسألة ٥٧٧ : قال الشيخرحمه‌الله : ومَنْ ضمن لغيره نفسَ إنسان إلى أجلٍ معلوم بشرط ضمان النفس ثمّ لم يأت به عند الأجل ، كان للمضمون له حبسه حتى يُحضِر المضمونَ‌ ، أو يخرج إليه ممّا عليه(١) .

وهذا يقتضي وجوب أحد الأمرين على الكفيل : الإحضار ، أو الأداء.

فإن طلب المكفول له الإحضار لا غير ، فالأقرب عندي : إلزامه به ؛ لأنّه قد يكون له غرض لا يتعلّق بالأداء ، وقد يرغب المكفول له في القبض من غير الغريم.

وعلى ظاهر كلام الشيخ يبرأ الكفيل بأداء المال.

إذا عرفت هذا ، فإذا أدّى الكفيل المالَ فإن كان قد كفل بإذنه أو أدّى بإذنه ، كان له الرجوع عليه ، بخلاف ما قلنا في الضمان : إنّه لو ضمن متبرّعاً وأدّى بالإذن ، لم يكن له الرجوع ؛ لأنّ الكفالة ليست بالمال ، فيكون حكمه حكمَ الأجنبيّ إذا أدّى بإذن مَنْ عليه الدَّيْنُ ، كان له الرجوع - على ما تقدّم - إن شرط الرجوع ، أو مطلقاً على الخلاف.

وإنّما أوجبنا الرجوع هنا فيما إذا كفل بإذنه ؛ لأنّ الإذن في الكفالة إذنٌ في لوازمها ، ومن لوازمها الأداء مع عدم الإحضار.

إذا ثبت هذا ، فإن تمكّن من الإحضار وأدّى المال من غير حبسٍ أو‌

____________________

(١) النهاية : ٣١٥.

٤١٢

معه ، فالأقرب : أنّه لا يرجع وإن كفل بإذنه ؛ لأنّ الواجب في الكفالة الإحضار مع المكنة ، وقد أمكنه الإحضار ، فيكون في أداء المال متبرّعاً.

مسألة ٥٧٨ : قد بيّنّا أنّه لا يُعتبر رضا المكفول به عندنا ، وهو أحد قولَي الشافعي. وفي الثاني : يشترط‌(١) .

وإذا كفل بإذن المكفول به فأراد الكفيل إحضاره إمّا لطلب المكفول له أو ابتداءً ليخرج عن العهدة ، فعليه الإجابة ، ومئونة الإحضار على الكفيل.

وإن كفل بغير إذنه عندنا أو على قوله بالصحّة فطالَبه المكفول له بالإحضار ، فللكفيل مطالبته بالحضور على جهة التوكيل من المضمون له.

ولو قال : أُخرج من حقّي ، للشافعيّة وجهان :

أحدهما : قال ابن سريج : لم يكن له مطالبة المكفول به بالإحضار ، كما لو ضمن بغير إذنه مالاً وطالَب المضمون له الضامنَ ، فإنّه لا يطالب الأصيل.

والثاني : نعم ؛ لتضمّنه التوكيلَ في الإحضار(٢) .

مسألة ٥٧٩ : لو مات المكفول له ، انتقل حقّه من الكفالة إلى ورثته ، وتكون الكفالة باقيةً ، وتقوم ورثته مقامه ، كما لو ضمن له المال ، وهو أظهر وجوه الشافعيّة.

والثاني : أنّ الكفالة تنقطع ؛ لأنّها ضعيفة ، فلا يُحكم بتوريثها.

والثالث : إن كان له وصيٌّ أو عليه دَيْنٌ ، بقيت الكفالة ؛ لأنّ الوصيّ نائبه ، وتمسّ حاجته إلى قضاء الدَّيْن ، فإن لم يكن وصيٌّ ولا دَيْنٌ ، انقطعت الكفالة(٣) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٣٩٣ ، الهامش ( ٢ و ٥ ).

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٩٤ ، الهامش (١)

(٣) الوسيط ٣ : ٢٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

٤١٣

والصحيح عندنا : الأوّل ؛ لأنّه حقٌّ للميّت ، فانتقل عنه إلى ورثته ، كغيره من الحقوق.

ونمنع ضعفها. سلّمنا ، لكن تُنتقل إلى الوارث ضعيفةً.

والثالث لا وجه له ؛ لأنّ الكفالة إمّا أن تورث وتكون حقّاً متروكاً للميّت ، أو لا ، فإن كانت ، وُرثت على التقديرين. وإن لم تكن ، لم يُصيّرها الدَّيْن والوصيّ حقّاً موروثاً.

مسألة ٥٨٠ : إذا تكفّل برجلٍ إلى أجلٍ إن جاء به ، وإلّا لزمه ما عليه ، فإن قدّم كفالة النفس بأن قال : إن لم أُحضره كان علَيَّ كذا ، لم يلزمه إلّا الإحضار ، عند علمائنا ؛ لأنّ الضمان لا يقبل التعليق بخطر ، فإنّه لا يصحّ لو علّقه بقدوم زيدٍ ، فلهذا بطل ضمان المال ، ووجب عليه الإحضار بالكفالة ، ولا يضرّ ضميمة الضمان الباطل ؛ لأنّه قصد بالضمان تأكيد الحجّة عليه بالإحضار وتقوية حقّ الإحضار عليه.

وإن قدّم ضمانَ المال ، فقال : علَيَّ كذا إلى كذا إن لم أُحضره ، ولم يُحضره ، وجب عليه ما ذكره من المال ؛ لما رواه الخاصّة عن أبي العباس عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهماً ، قال : « إن جاء به إلى أجلٍ فليس عليه مال ، وهو كفيل بنفسه أبداً إلّا أن يبدأ بالدراهم ، فإن بدأ بالدراهم فهو له ضامن إن لم يأت [ به ] إلى الأجل الذي أجّله »(١) .

وعن أبي العباس أيضاً عن الصادقعليه‌السلام : رجل كفل لرجلٍ بنفس رجلٍ ، فقال : إن جئتُ به وإلّا فعلَيَّ خمسمائة درهم ، قال : « عليه نفسه ،

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٩ - ٢١٠ / ٤٨٨ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

٤١٤

ولا شي‌ء عليه من الدراهم » فإن قال : علَيّ خمسمائة درهم إن لم أدفعه إليه ، فقال : « تلزمه الدراهم إن لم يدفعه إليه »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الشافعي ومحمّد بن الحسن قالا : إذا تكفّل برجلٍ إلى أجلٍ إن جاء به فيه وإلّا لزمه ما عليه ، لا تصحّ الكفالة ، ولا يلزمه ما عليه. وكذا لو قال : متى لم أُحضره كان علَيَّ كذا وكذا ؛ لأنّ هذا خطر ، ولا يجوز تعليق الضمان به ، كما لو قال : إن جاء المطر فأنا ضامن ، لم يصح(٢) .

وقال أبو يوسف وأبو حنيفة وأحمد : تصحّ الكفالة ، فإن جاء به في الوقت وإلّا لزمه ما عليه ؛ لأنّ هذا موجَب الكفالة ومقتضاها ، فصحّ اشتراطه ، كما لو قال : إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فلك حبسي(٣) .

ولا بأس به عندي.

أمّا لو قال : إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فأنا كفيل ببدن فلان ، أو : فأنا ضامن ما لك على فلان ، أو قال : إذا جاء زيد فأنا ضامن ما عليه ، أو : إذا قدم الحاج فأنا كفيل فلان ، أو قال : أنا كفيل بهذا شهراً ، على إشكالٍ في الأخير ، لم تصح الكفالة - وبه قال الشافعي ومحمّد بن الحسن(٤) - لأنّ الضمان خطر ، فلا يجوز تعليقه على شرطٍ ، كالهبة.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : فتصحّ ؛ لأنّه أضاف الضمان إلى سبب‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢١٠ / ٤٩٣.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، المغني ٥ : ١٠٠ - ١٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

٤١٥

الوجوب ، فتصحّ ، كضمان الدرك(١) .

وقال بعض العامّة : إذا قال : كفلتُ بفلان إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فأنا كفيل بفلان ، أو ضامنٌ المالَ الذي على فلان ، يصحّ(٢) .

والحقّ : البطلان ؛ لأنّ الأوّل موقوف ، والثاني معلَّق على شرط.

مسألة ٥٨١ : لو قال : كفلتُ ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل ، أو على أن تبرئه من الكفالة ، فالأقوى عندي : الصحّة‌ ؛ عملاً بقوله تعالى :

( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) وبقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٤) وهذا شرط تمسّ الحاجة إليه ، ولا وجه لفساده ؛ لأنّه شرط تحوّل الوثيقة التي على الكفيل إليه.

وقالت الشافعيّة : لا تصحّ الكفالة ؛ لأنّه شرط فيها شرطاً لا يلزمه الوفاء به ، فيكون فاسداً ، فتفسد به الكفالة(٥) .

ونمنع من عدم لزومه مع الشرط.

وقال ابن سريج كما قلناه ؛ لأنّه طلب تحويل الحقّ في الكفالة إليه(٦) .

فعلى هذا لا تلزمه الكفالة إلاّ أن يُبرئ المكفول له الكفيلَ الأوّل من‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٢) المغني ٥ : ١٠١ - ١٠٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٣) المائدة : ١.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ - ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ - ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦ ، ولاحظ : المغني ٥ : ١٠٢ ، والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ - ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦.

٤١٦

الكفالة ؛ لأنّه إنّما كفل بهذا الشرط ، فلا تثبت كفالته بدون شرطه.

ولو قال : كفلتُ لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان ، أو : ضمنتُ لك هذا الدَّيْن بشرط أن تُبرئني من ضمان الدَّيْن الآخَر ، أو : على أن تُبرئني من الكفالة بفلان ، خرج فيه الوجهان.

والأولى عندي : الصحّة.

وقال بعض العامّة : لا تصحّ ؛ لأنّه شرط فسخ عقدٍ في عقدٍ ، فلم تصح ، كالبيع بشرط فسخ بيعٍ آخَر(١) .

ونمنع ثبوت الحكم في الأصل.

ولو شرط في الكفالة أو الضمان أن يتكفّل المكفول له أو المكفول به بآخَر أو يضمن دَيْناً عنه أو يبيعه شيئاً أو يؤجره داره ، فالأقرب : الصحّة ، خلافاً لبعض العامّة(٢) .

مسألة ٥٨٢ : تصحّ الكفالة ببدن المحبوس والغائب‌ ؛ لأنّ كلّ وثيقة صحّت مع الحضور صحّت مع الغيبة والحبس ، كالرهن والضمان. ولأنّ الحبس لا يمنع من التسليم ؛ لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم أو أمر مَنْ حَبَسه ثمّ يعيده إلى الحبس بالحقّين جميعاً ، والغائب يمضي إليه فيُحضره إن كانت الغيبة غيرَ منقطعة. وإن لم يعلم خبره ، لزمه ما عليه عند بعض العامّة(٣) .

وقال أبو حنيفة : لا تصحّ(٤) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٢) المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٣) المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

٤١٧

مسألة ٥٨٣ : إذا دفع الكفيلُ المكفولَ به إلى المكفول له في وقته ومكانه وسلّمه تسليماً تامّاً ، برئ من الكفالة عند أكثر أهل العلم‌؛ لأنّه عقد على عملٍ ، فيبرأ منه بعمل المعقود عليه ، كالإجارة(١) .

وقال ابن أبي موسى : لا يبرأ حتى يقول : قد برئت يدي منه ، أو : قد سلّمتُه إليك ، أو : قد أخرجتُ نفسي من كفالته(٢) .

وإذا أبرأ المكفول له الكفيلَ من الكفالة أو اعترف بذلك بأن يقول : أبرأتُه ، أو : برئ إليَّ ، أو : ردّ إليَّ المكفول به ، برئ من الكفالة ، وإذا أُبرئ الكفيل ، لم يبرأ المكفول به من الدَّيْن ، بخلاف الضمان.

ولو أُبرئ المكفول به من الحقّ الذي كفل الكفيل عليه ، برئ الكفيل أيضاً.

ولو ادّعى الكفيل أنّ المكفول به برئ من الحقّ وأنّ الكفالة سقطت عنه ، وأنكر ذلك المكفولُ له ، فالقول قوله مع يمينه إذا لم تكن للكفيل بيّنة ، فإذا حلف برئ من دعوى الكفيل ، فإن جاء المكفول به فادّعى الإبراء ، لم يكتف باليمين التي حلفها للكفيل ، بل كان عليه يمينٌ أُخرى.

ولو نكل في دعوى الكفيل ، حلف الكفيل ، وبرئ من الكفالة ، ولا يبرأ المكفول به من الحقّ ؛ لأنّه لا يجوز أن يبرأ بيمين غيره.

ولو نكل عن يمين المكفول به ، حلف المكفول به ، وبرئ هو والكفيل وإن كان قد حلف على عدم الإبراء له.

ولو قال : تكفّلتُ لك به ولا حقّ لك عليه ، أو ضمنتُ ما عليه ولا شي‌ء عليه ، فالقول قول المكفول له ؛ لأنّ الظاهر صحّة الكفالة والضمان.

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

٤١٨

وهل يحلف؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : لا يحلف ؛ لأنّ دعوى الكفيل تخالف ظاهر قوله.

والثاني : يحلف ؛ لأنّ ما يدّعيه ممكن(١) .

فإن حلف ، فلا كلام. وإن نكل ، رددنا اليمين على الكفيل ؛ لجواز أن يعلم أنّه لا حقّ له عليه بقول المكفول له : إنّه لا حقّ لي عليه.

فإن قال : تكفّلتُ به بشرط الخيار ، لم يُقبل منه في قوله : « بشرط الخيار » وحُكم عليه بالكفالة ، سواء قلنا : إنّه يدخلها الخيار أو لا ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : يسقط إقراره(٢) .

والأصل فيه أنّه إذا عقّب إقراره بما يُبطله ، هل يبطل الإقرار أو المُبطل؟

ولو قال رجل لآخَر : إنّ فلاناً يلازم فلاناً ويضايقه على حقّه فاذهب وتكفّل به ، ففَعَل ، كانت الكفالة لازمةً للمباشر دون الآمر ؛ لأنّ المباشر فَعَل باختياره ، والأمر بذلك حثّ وإرشاد.

مسألة ٥٨٤ : مَنْ خلّى غريماً من يد صاحبه قهراً وإجباراً ، ضمن إحضاره‌ أو أداء ما عليه ؛ لأنّه غصب اليد المستولية المستحقّة من صاحبها ، فكان عليه إعادتها أو أداء الحقّ الذي بسببه تثبت اليد عليه.

ولو خلّى قاتلاً من يد الوليّ ، لزمه إحضاره أو الدية وإن كان القتل عمداً ، ولا نوجب عليه عين حقّ القصاص ؛ إذ لا يجب إلّا على المباشر ، فلمّا تعذّر استيفاؤه وجبت الدية ، كما لو هرب القاتل عمداً أو مات ، فإن‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ - ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥ - ٤٩٦.

٤١٩

دفع الدية ثمّ حضر القاتل ، تسلّط الوارث على قتله ، ويدفع ما أخذه من المخلّص ؛ لأنّ الدية إنّما أخذها لمكان الحيلولة وقد زالت.

وإن لم يقتل وتمكّن من استيفاء القصاص ، وجب دفع المال أيضاً إلى صاحبه ، ولا يتسلّط الكفيل لو رضي هو والوارث بالمدفوع بديةٍ ولا قصاص.

ولو تعذّر عليه استيفاء الحقّ من قصاصٍ أو مالٍ وأخذنا المال أو الدية من الكفيل ، كان للكفيل الرجوعُ على الغريم الذي خلّصه قصاصاً.

مسألة ٥٨٥ : إذا كفل بدن شخصٍ ادّعي عليه مال ثمّ قال الكفيل : لا حقّ لك عليه ، قُدّم قول المكفول له‌ ؛ لاستدعاء الكفالة ثبوت المال.

فإن تعذّر إحضاره ، فهل يجب عليه أداء المال من غير بيّنةٍ؟ إشكال أقربه : عدم الوجوب.

وإن أوجبناه فدفع المال ، لم يكن له الرجوعُ على المكفول به ؛ لأنّه اعترف ببراءة ذمّته وأنّه مظلوم في أخذ المال منه ، والمظلوم إنّما يرجع على مَنْ ظَلَمه.

مسألة ٥٨٦ : لو كان لذمّيٍّ على ذمّيٍّ خمرٌ وتكفّل به ذمّيٌّ آخَر ، فأسلم المكفول له أو المكفول عنه ، برئ الكفيل والمكفول عنه.

وقال أبو حنيفة : إذا أسلم المكفول عنه ، لم يبرأ واحد منهما ، ويلزمهما قيمة الخمر ؛ لأنّه كان واجباً ، ولم يوجد إسقاط ولا استيفاء ، ولا وُجد من المكفول له ما أسقط حقّه ، فبقي بحاله(١) .

وهو غلط ؛ لأنّ المكفول به مسلم ، فلم يجب عليه الخمر ، كما لو كان مسلماً قبل الكفالة ، وإذا برئ المكفول به ، برئ كفيله ، كما لو أدّى الدَّيْن أو أُبرئ منه.

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٢٤ ، اختلاف الفقهاء : ٢٦٩ ، المغني ٥ : ١٠٧.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510