تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 436639 / تحميل: 6087
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ابن محمّد بن الأشعث الكندي(١) ، قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل، عن أبيه، قال: حدّثني أبي، [ عن أبيه ] عن جدّه، عن عليّعليهم‌السلام . إلى آخره.

ورواه في الاستبصار أيضا، إلاّ أنّ في جملة من نسخه عبد الله بن المفضّل، عن محمّد بن هلال، عن محمّد بن محمّد(٢) . إلى آخره.

٥ - ومنهم: إبراهيم بن محمّد بن عبد الله القرشي ، ففي التهذيب: محمّد ابن أحمد بن داود، عن أبي أحمد إسماعيل بن عيسى بن محمّد المؤدب، قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد بن عبد الله القرشي، قال: حدثنا محمّد بن محمّد بن الأشعث بمصر، قال: حدثنا أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمّد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام (٣) . إلى آخره، كذا في نسخة، وفي نسخة محمّد بن محمّد بن هيثم بدل الأشعث.

وصرّح الفاضل الأردبيلي في جامع الرّواة: أنّه سهو، لعدم وجوده في كتب الرجال(٤) .

والخبر موجود في الكتاب كما رواه(٥) .

٦ - ومنهم: أبو محمد عبد الله بن محمّد بن عبد الله (٦) - المعروف بابن

__________________

النجاشي: ٢٣٢ / ٦١٦: عبيد الله بن الفضل بن محمّد بن هلال.

(١) جاء في هامش النسخة الحجرية منهقدس‌سره ما لفظه: كذا في نسخ التهذيب، ولعلّه اشتباه، فإنّ أحدا لم ينسب محمدا إلى كندة، وإنّما صرّحوا بكونه كوفيا، وكأن محمد بن أشعث الكندي الخبيث المعروف خلج في خاطره الشريف، فجرى القلم على ما حضر فيه، وقد وقع لهرحمه‌الله مثل ذلك في إسحاق بن عمّار من نسبته إلى الفطحية، بشرح لا يليق بالمقام.

(٢) الاستبصار ٣: ٢٤ / ٧٨، وما بين المعقوفين لم يرد في الحجرية.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣ / ١.

(٤) جامع الرواة ٢: ١٨٧.

(٥) الأشعثيات: ٧٦.

(٦) في المخطوط والحجري: أبو عبد الله محمد بن عبد الله. وهو خطأ والصحيح المثبت. لما يأتي بعد

٢١

السقّاء - كما هو موجود في أوّل النسخة التي وصلت إلينا، ففيه: أخبرنا القاضي أمين القضاة أبو عبد الله محمّد بن علي بن محمّد - قراءة عليه، وأنا حاضر أسمع. قيل له: حدّثكم والدكم أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد، والشيخ أبو نعيم محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن خلف الجمازي، قالا: أخبرنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن المظفّر العطار، قال: أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن عثمان - المعروف بابن السقّاء - قال: أخبرنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي من كتابه، سنة أربع عشرة وثلاثمائة، قال: حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل. إلى آخره(١) .

ثمّ قد يذكر في أوّل السّند فيقول: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد(٢) ، والأغلب أن يبتدئ بمحمّد، فيقول: أخبرنا محمّد، حدثني موسى. إلى آخره.

٧ - ومنهم: أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله (٣) ، قال العلاّمة المجلسيقدس‌سره في الفصل الرابع من أول البحار: وكلّ ما كان فيه نوادر الراوندي بإسناده، فهذا سنده نقلته كما وجدته: أخبرنا. إلى آخر ما يأتي في شرح حال النوادر(٤) ، وقال في الحاشية في هذا المقام: أقول أخبار الأشعثيات كانت مشهورة بين الخاصّة والعامّة، وقد جمع الشيخ محمّد بن ( محمّد بن )(٥) الجزري الشافعي أربعين حديثا، كلّها من تلك الأخبار المذكورة في النوادر بهذا السند، قال في أوّله: أردت جمع أربعين حديثا من رواية أهل البيت الطيّبين

__________________

أسطر، وانظر ترجمته في سير اعلام النبلاء ١٦: ٣٥١ / ٢٥٢.

(١) الجعفريات: ٢.

(٢) الجعفريات: ٦٦.

(٣) في الحجرية والمخطوط: عبد الله بن احمد بن عدي وهو خطأ والصحيح المثبت، إذ هو صاحب الكامل في الضعفاء.

(٤) بحار الأنوار ١: ٥٤. ويأتي في صفحة ١٧٣، رقم (٢٩)

(٥) ما بين الأقواس لم يرد في الجعفريات.

٢٢

الطاهرينعليهم‌السلام ، - حشرنا الله في زمرتهم وأماتنا على محبّتهم - من الصحيفة التي ساقها الحافظ أبو أحمد بن عدي.

ثم قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله المقدسي، عن سليمان بن حمزة المقدسي، عن محمود بن إبراهيم، عن محمّد بن أبي بكر المديني، عن يحيى بن عبد الوهّاب، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن أحمد بن محمّد الهروي، عن أبي أحمد عبد الله بن أحمد بن عدي(١) .

قال: وأخبرني أيضا أحمد بن محمّد الشيرازي، عن علي بن أحمد المقدسي، عن عمر بن معتمر، عن محمّد بن عبد الباقي، عن أحمد بن علي الحافظ، عن الحسن الحسيني الأسترابادي، عن عبد الله بن أحمد بن عديّ(٢) ، عن محمّد بن محمّد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه موسى، عن آبائهعليهم‌السلام ، ثم ذكر أسانيد الأخبار بهذا السند(٣) انتهى.

ومن الغريب بعد ذلك كلّه، ما ذكره الشيخ الجليل في جواهر الكلام في كتاب الأمر بالمعروف، ما لفظه: وأغرب من ذلك كلّه استدلال من حلّت الوسوسة في قلبه، بعد حكم أساطين المذهب بالأصل المقطوع، وإجماع ابني زهرة وإدريس - اللذين قد عرفت حالهما - وببعض النصوص الدالة على أنّ الحدود للإمامعليه‌السلام خصوصا المروي عن كتاب الأشعثيات، لمحمّد بن محمّد بن الأشعث - بإسناده عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام : « لا يصلح الحكم، ولا الحدود، ولا الجمعة إلاّ بالإمام »(٤) - الضعيف سندا، بل الكتاب المزبور على ما حكي عن بعض الأفاضل، ليس من

__________________

(١): تقدم ضبطه.

(٢): تقدم ضبطه.

(٣) النص في الجعفريات: ٤ - ٥.

(٤) الجعفريات: ٢٢.

٢٣

الأصول المشهورة، بل ولا المعتبرة، ولم يحكم أحد بصحّته من أصحابنا، بل لم تتواتر نسبته الى مصنّفه، بل ولم تصحّ على وجه تطمئنّ النفس بها، ولذا لم ينقل عنه الحرّ في الوسائل، ولا المجلسي في البحار، مع شدّة حرصهما - خصوصا الثاني - على كتب الحديث، ومن البعيد عدم عثورهما عليه، والشيخ والنجاشي، وإن ذكرا أنّ مصنّفه من أصحاب الكتب، إلاّ أنّهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، ومع ذلك فإنّ تتبّعه وتتبّع كتب الأصول يعطيان أنّه ليس جاريا على منوالها، فإنّ أكثره بخلافها، وإنّما تطابق روايته في الأكثر رواية العامّة. إلى آخره(١) ، انتهى موضع الحاجة، وفيه مواقع للنظر بل التعجب.

أمّا أولا : فقولهرحمه‌الله : « ضعيف(٢) سندا »، فإنّ الكتاب على ما زعمه لمحمّد بن الأشعث، وهو ثقة من أصحابنا، كما في رجال النجاشي والخلاصة(٣) والطريق إليه صحيح، كما عرفت.

والحقّ الذي لا مرية فيه أنّه لإسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام كما عرفت سابقا، وانّما وصل إلى محمّد بن محمّد بن الأشعث بتوسط ابنه موسى، ومنه انتشر هذا الكتاب، وعرف بالأشعثيات.

ويعرّف جلالة قدر إسماعيل وعلوّ مقامه - مضافا الى التأمّل ( فيما )(٤) في ترجمته - ما ذكره الكشي في ترجمة صفوان بن يحيى، أنّه مات في سنة عشر ومائتين بالمدينة، وبعث إليه أبو جعفرعليه‌السلام بحنوطه وكفنه، وأمر إسماعيل بن موسىعليه‌السلام بالصلاة عليه(٥) .

__________________

(١) جواهر الكلام ٢١: ٣٩٧ - ٣٩٨.

(٢) كذا في المخطوط والحجرية، ولكن هناك في الحجرية استظهار: الضعيف.

(٣) رجال النجاشي: ٣٧٩ / ١٠٣١ ورجال العلامة ١٦١ / ١٥٢.

(٤) كذا، وفي الحجرية وردت ك‍: نسخة بدل.

(٥) رجال الكشي ٢: ٧٩٢ / ٩٦١.

٢٤

وفي الكافي: عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان. وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، أنّ أبا الحسن موسىعليه‌السلام بعث إليه بوصيّة أبيه، وبصدقته، وساق الحديث(١) .

وفيه: وجعل صدقته هذه إلى عليعليه‌السلام وإبراهيم، فإذا انقرض أحدهما دخل القاسم مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما دخل إسماعيل مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما دخل العبّاس مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما فالأكبر من ولدي، فان لم يبق من ولدي إلاّ واحد فهو الذي يليه، وزعم أبو الحسنعليه‌السلام أنّ أباه قدم إسماعيل في صدقته على العباس، وهو أصغر منه(٢) .

وقال المفيدرحمه‌الله في الإرشاد - بعد ذكر أولاد موسىعليه‌السلام -: ولكلّ واحد من ولد أبي الحسن موسىعليه‌السلام فضل ومنقبة مشهورة(٣) .

وأمّا ابن إسماعيل أبو الحسن موسى، فقال الشيخ في الفهرست: موسى ابن إسماعيل له كتاب الصلاة، وكتاب الوضوء، رواهما عنه محمّد بن محمّد بن الأشعث، وله كتاب جامع التفسير(٤) .

وقال النجاشي: موسى بن إسماعيل له كتاب جوامع التفسير، وله كتاب الوضوء، روى هذه الكتب محمّد بن الأشعث(٥) .

ويظهر منهما أنّه من العلماء المؤلّفين، مع أنّه في المقام من مشايخ

__________________

(١) الكافي ٧: ٥٣ / ٨، مع بعض الاختلاف في السند.

(٢) الكافي ٧: ٥٤ / ٨.

(٣) الإرشاد ٢: ٢٤٦.

(٤) فهرست الشيخ: ١٦٣ / ٧٢١.

(٥) رجال النجاشي: ٤١ / ١٠٩١.

٢٥

الإجازة، والنسخة معلومة الانتساب إلى أبيه إسماعيل، ولذا تلقّاها الأصحاب بالقبول كما عرفت من حال(١) الرّواة والمحدّثين، ورووها عن محمّد بن الأشعث من غير تأمّل ونكير من أحد منهم، بل روى عنه هذه النسخة أيضا الثقة العين محمّد بن يحيى الخزاز، كما في المجلس الحادي والسبعين من أمالي الصدوققدس‌سره ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرحمه‌الله ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيى الخزاز، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام (٢) ، وساق الخبر، ثم قال: وبهذا الإسناد، وساق خبرين آخرين كلّها موجودة فيها(٣) .

ويروي عنه أيضا إبراهيم بن هاشم، كما في المجلس الرابع والخمسين منه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل ابن موسى بن جعفرعليهما‌السلام (٤) ، وساق النسب والإسناد. إلى آخره.

ويروي عنه أيضا أحمد بن عيسى، ففي المجلس الأربعين منه: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدثنا محمّد بن أحمد القشيري(٥) ، قال: حدّثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام (٦) ، وساق السند والمتن

__________________

(١) كذا وفي الحجرية: أحوال.

(٢) أمالي الصدوق: ٣٧٦ / ٦، ٧، ٨، والجعفريات: ١٨٢.

(٣) المصدر السابق: ٣٧٧ / ٧ و ٨ والجعفريات: ١٨٣.

(٤) المصدر السابق: ٢٧٧ / ٢١.

(٥) ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ٣: ٤٦٣ تحت رقم ٧١٦٩ وقال: محمّد بن أحمد بن حمدان ابن المغيرة القشيري، أبو جمزي. وجاء في النسخة الحجرية « القرشي » وعن نسخة « القشيري » ونحوه في المصدر، وعن نسخة « القشري ».

(٦) أمالي الصدوق: ١٨٩ / ١٠ والجعفريات: ١٧٦.

٢٦

كما في الأصل الموجود، ومثله في المجلس الثالث والخمسين إلاّ أنّ فيه أحمد بن عيسى الكلابي(١) .

وفي أمالي أبي عليّ ابن الشيخ: عن أبيه، عن المفيد، عن الصدوققدس‌سرهم ، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمران بن المغيرة القشيري، إلى آخر السند والمتن(٢) .

وأنت خبير أنّ رواية ثلاثة من الأجلاّء الثقات، عن موسى - وهم: محمّد ابن الأشعث، وابن يحيى، وإبراهيم بن هاشم الذي صرّح علي بن طاوس في فلاح السائل بأنّه من الثقات(٣) بالاتّفاق - ممّا يورث الظن القويّ بكونه من الثقات، ولعلّنا نشير إليه فيما يأتي ان شاء الله تعالى، مضافا إلى كونه من المؤلّفين.

ومن الغريب ما في منتهى المقال، فإنّه بعد نقل ما في الفهرست والنجاشي كما نقلنا، قال: أقول: يظهر ممّا ذكراه أنّه من العلماء الإماميّة فتأمّل(٤) ، فكأنّه لم يعرفه وأنّه سبط الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، واستظهر منهما كونه إماميّا ثم تأمّل فيه.

وأمّا ثانيا : فقوله: « حاكيا عن بعض الأفاضل أنّه ليس من الأصول المشهورة. » الى آخره ففساده واضح بعد التأمّل فيما ذكرناه، وليت شعري أيّ كتاب من الرواة الأقدمين أشهر منه، وأيّ مؤلّف لم ينقل منه، بل لم يذكروا كتابا مخصوصا منه في طيّ الإجازات سواه.

وقال ابن طاوس في كتاب عمل شهر رمضان - المدرج في الإقبال: فصل في تعظيم شهر رمضان(٥) -: رأيت ورويت من كتاب الجعفريات وهي

__________________

(١) أمالي الصدوق: ٢٦٨ / ٢.

(٢) أمالي الشيخ ٢: ٤٤.

(٣) فلاح السائل: ١٥٨.

(٤) منتهى المقال: ٣١٢.

(٥) ورد عنوان الفصل في الإقبال باللفظ التالي: فصل في تعظيم التلفظ بشهر رمضان.

٢٧

ألف حديث بإسناد واحد، عظيم الشأن، إلى مولانا موسى بن جعفر، عن مولانا جعفر بن محمّد، عن مولانا محمّد بن علي، عن مولانا علي بن الحسين، عن مولانا الحسين بن علي، عن مولانا علي [ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « لا تقولوا رمضان » الخبر. وهذا الحديث وقف فيه الإسناد في الأصل إلى مولانا عليعليه‌السلام (١) .

وقد روينا في غير هذا أنّ كل ما روي عن مولانا علي ](٢) عليه‌السلام فهو عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) ، انتهى.

ولا يخفى أنّ في قوله: عظيم الشأن، مدح عظيم لإسماعيل وابنه موسى ومحمّد بن الأشعث يقرب من التوثيق، فإنّه في مقام مدح هؤلاء لا الّذين فوقهم صلوات الله عليهم. وقد مرّ ما ذكره العلامة في إجازته الكبيرة(٤) .

وقال شمس الفقهاء الشهيد قدّس الله سرّه في البيان - في مسألة عدم منع الدين من الزكاة - ما لفظه: والدّين لا يمنع زكاة التجارة كما مرّ في العينية، وإن لم يكن الوفاء من غيره، لأنّها وإن تعلّقت بالقيمة فالأعيان مرادة، وكذا لا يمنع من زكاة الفطرة إذا كان مالكا مئونة السنة، ولا من الخمس إلاّ خمس الأرباح. نعم يمكن أن يقال: لا يتأكّد إخراج زكاة التجارة للمديون، لأنّه نفل يضرّ بالفرض، وفي الجعفريات: من كان له مال، وعليه مال، فليحسب ماله وما عليه، فإن كان له فضل مائتي درهم فليعط خمسه، وهذا نصّ في منع الدين الزكاة.

__________________

(١) الجعفريات: ٥٩.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في المخطوطة والظاهر أنّه سقط لسهو من كاتبها، كما وان هذه القطعة قد وردت في الحجرية وكذلك المصدر، وقد أثبتناها في المتن لضرورتها.

(٣) إقبال الأعمال: ٣.

(٤) لاحظ الإجازة الكبيرة في بحار الأنوار ١٠٧: ٦٠ - ١٣٧، وتقدم في صفحة ٢٠.

٢٨

والشيخ في الخلاف ما تمسّك على عدم منع الدين إلاّ بإطلاق الأخبار الموجبة للزكاة(١) ، انتهى.

وظاهره كما نسب إليه في المدارك(٢) التوقّف في هذا الحكم - الذي ادّعى العلاّمة عليه الإجماع في المنتهى(٣) ، كما حكي - لأجل الخبر المذكور، وهذا ينبئ عن شدّة اعتماده عليه، ولا يكون إلاّ بعد صحة نسبة الكتاب إلى مؤلّفه، وصحّة سنده.

وقال في الذكرى: إذا لم نقل بوجوب التحليل فالأولى استحبابه استظهارا، ولو مع الكثافة، لما رووه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله، وروينا في الجعفريات أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « أمرني جبرئيلعليه‌السلام ، عن ربّي أن أغسل فنكي عند الوضوء »، وهما جانبا العنفقة، أو طرف اللحيين عندها، وفي الغريبين: مجمع اللحيين ووسط الذقن، وقيل: هما العظمان الناشزان من الأذنين، وقيل: هما ما يتحركان من الماضغ، وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان ينضح غابته - وهي الشعر تحت الذقن - وأنّ علياعليه‌السلام كان يخلّل لحيته.

وما مرّ - مما يدلّ على نفي التخليل - يحمل على نفي الوجوب، جمعا بين الأخبار، وحينئذ بطريق الأولى استحباب إفاضة الماء على ظاهر اللحية طولا، انتهى(٤) .

فانظر كيف سلك بأخبار الجعفريات سلوكه بما في الكتب الأربعة.

__________________

(١) البيان: ١٩١ - ١٩٢، الجعفريات: ٥٤، الخلاف ٢: ١٠٨ مسألة ١٢٥.

(٢) مدارك الاحكام ٥: ١٨٤.

(٣) منتهى المطلب ١: ٥٠٦.

(٤) ذكري الشيعة: ٨٤، وفي النهاية ٣: ٤٧٦ الحديث باللفظ التالي: أمرني جبرئيل أن أتعاهد فنيكي بالماء عند الوضوء، الغريبين: مخطوط، وانظر الجعفريات: ١٨.

٢٩

وقالرحمه‌الله : في نكت الإرشاد في شرح الإرشاد - في كتاب الصوم -: فائدة نهى عن التلفّظ بلفظ رمضان، بل يقال « شهر » في أحاديث من أجودها ما أسنده بعض الأفاضل إلى الكاظمعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « لا تقولوا رمضان فإنّكم لا تدرون ما رمضان »(١) . ومراده الخبر الموجود في الجعفريات(٢) ، كما لا يخفى على من نظر سائر أخباره في الوسائل، في باب كراهة قول رمضان من غير إضافة الى الشهر(٣) .

وعندي مجموعة شريفة كلّها بخط الشيخ الجليل صاحب الكرامات شمس الدين محمّد بن علي الجباعي، جدّ شيخنا البهائيرحمه‌الله نقلها كلّها من خطّ شيخنا الشهيد طاب ثراه وممّا فيها ما اختصره من هذا الكتاب الشريف يقرب من ثلث هذا الكتاب، وكتب في آخر الأوراق التي فيها هذه الأخبار: يقول محمد بن علي الجباعي: إلى هاهنا وجدت من خطّ الشيخ محمد ابن مكيّقدس‌سره من الجعفريات، على أنّي تركت بعض الأحاديث وأوّلها ناقص، ولعلّ آخرها كذلك، وذلك يوم الاثنين سادس شهر ربيع الأوّل، سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، والحمد لله أولا وآخرا، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.

وأمّا ثالثا : فقولهرحمه‌الله : « ولذا لم ينقل عنه الحرّ في الوسائل » فإنّ فيه أنّه من أين علم أنّ الكتاب كان عنده ولم يعتمد عليه؟ ولذا لم ينقل عنه، بل المعلوم المتيقّن أنّه كغيره من الكتب المعتبرة لم يكن عنده، ولو كان لنقل عنه قطعا، فإنّه ينقل عن كتب هي دونه بمراتب من جهة المؤلّف، أو لعدم ثبوت النسبة إليه، أو ضعف الطريق إليه، كفضل الشيعة للصدوق، وتحف العقول،

__________________

(١) نكت الإرشاد: مخطوط.

(٢) الجعفريات: ٥٤.

(٣) وسائل الشيعة ١٠: ٣١٩.

٣٠

وتفسير فرات، وإرشاد الديلمي، ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى، والاختصاص للمفيد.

بل ذكر في أمل الآمل(١) جملة من الكتب لم يعرف مؤلفها، ولذا لم ينقل عنها، ولم يذكر هذا الكتاب مع أنّه يتشبّث في الاعتماد، أو النسبة بوجوه ضعيفة، وقرائن خفيّة، ولو كان الكتاب عنده مع اعتماد المشايخ وتصريح الأجلّة، حاشاه أن يهمله ويتجافى عنه.

هذا كتاب جامع الأخبار لم ينقل عنه في الوسائل لجهله بمؤلّفه، ثم بعده عرفه ونسبه إلى صاحب المكارم، وينقل عنه في كتاب الرجعة وغيرها(٢) ، مع أنّ هذه النسبة بمكان من الضعف، كما سنذكره ان شاء الله تعالى. مع أنّه نقل في كتاب الصوم - في ( باب كراهة قول رمضان من غير إضافة ) - عن السيّد في الإقبال الخبر الذي نقله عن الجعفريات، والمدح الذي ذكره(٣) ، فكيف يعتمد عليه مع الواسطة، ولم يعتمد عليه بدونها؟ وكأنّهرحمه‌الله تعالى زعم أنّ الأشعثيات غير الجعفريات، فوقع في هذا المحذور، مع أنّ اتحادهما من الواضحات لمن تأمّل فيما نقلناه عنهم، وفي الكتاب، وفي نوادر السيّد فضل الله.

وأمّا رابعا : فقولهرحمه‌الله : « ولا المجلسي في البحار ». الى آخره، فإنّه قد مرّ(٤) كلامهرحمه‌الله في أمر هذا الكتاب، وقال أيضا في الفصل الثاني من أول بحاره: ( و [ أما ](٥) كتاب النوادر فمؤلّفه من الأفاضل الكرام، قال الشيخ منتجب الدين [ في الفهرست ](٦) : علاّمة زمانه - إلى آخر ما يأتي(٧) ، ثم قال

__________________

(١) أمل الآمل ٢: ٣٦٤.

(٢) الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ٢٨.

(٣) وسائل الشيعة ١٠: ٣٢٠ / ١٣٥.

(٤) تقدم في الصفحة: ٢٤.

(٥) زيادة من بحار الأنوار.

(٦) زيادة من بحار الأنوار.

(٧) يأتي في الصفحة: ٣٢٤.

٣١

رحمه‌الله -: وأكثر أحاديث هذا الكتاب مأخوذ من كتاب موسى بن إسماعيل ابن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، الذي رواه سهل بن أحمد الديباجي، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عنه.

فأمّا سهل فمدحه النجاشي، وقال ابن الغضائري بعد ذمّه: لا بأس بما يروي عن الأشعثيات، وما يجري مجراها مما رواه غيره.

وابن الأشعث وثّقه النجاشي وقال: يروي نسخة عن موسى بن إسماعيل. وروى الصدوق في المجالس من كتابه بسند آخر هكذا: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن موسى بن إسماعيل، فبتلك القرائن يقوى العمل بأحاديثه )(١) انتهى.

وأمّا خامسا : فقولهرحمه‌الله ومن البعيد عدم عثورهما عليه إذ لا بعد فيه جدّا، فإنّه كان عند الثاني كتب كثيرة معتبرة لم تكن عند الأول، كما لا يخفى على من راجع البحار والوسائل، وكان عند ميرلوحي المعاصر للمجلسي، الساكن معه في أصبهان كتب نفيسة جليلة: ككتاب الرجعة لفضل بن شاذان، والفرج الكبير في الغيبة لأبي عبد الله محمد بن هبة الله بن جعفر الورّاق الطرابلسي، وكتاب الغيبة للحسن بن حمزة المرعشي، وغيرها، ولم يطلع عليه المجلسيرحمه‌الله مع كثرة احتياجه إليها، فإنّ لعدم العثور أسبابا كثيرة سوى عدم الفحص، منها: ضنّة صاحب الكتاب، كما في المورد المذكور، وهذا الكتاب لم نجد من نقل عنه بعد الشهيد، كجملة من كتب اخرى كانت عنده، وينقل عنها في الذكرى ومجاميعه التي سنشير إليها، ولو من الذين لا يبالون في مقام النقل بالمآخذ، ويعتمدون على الكتب المجهولة، والمراسيل الموجودة في ظهر الكتب، وبهذا يقوى الظن بعدم وجوده في تلك البلاد.

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣٦.

٣٢

وأمّا نحن فعثرنا عليه في الكتب التي جاء بها بعض السادة من أهل العلم من بلاد الهند، وكان مع قرب الإسناد، ومسائل علي بن جعفرعليه‌السلام ، وكتاب سليم في مجلد، والحمد لله على هذه النعمة الجليلة.

وأمّا سادسا : فقولهرحمه‌الله : « والشيخ والنجاشي. » الى آخره، فإنّ من نظر الى ترجمة محمّد بن الأشعث، وإسماعيل بن موسىعليه‌السلام ، وسهل ابن أحمد، لا يشكّ أنّ الكتاب المذكور نسخة كان يرويها إسماعيل، عن آبائه، ووصل الى ابن الأشعث بتوسّط ابنه موسى، ومنه تلقّى الأصحاب، ولذا عرف بالأشعثيات، فراجع ما نقلناه.

وليس لمحمّد كتاب إلاّ كتاب في الحج، فيما روته العامّة عن الصادقعليه‌السلام ، وإنّما ذكروا في ترجمته أنّه يروي هذه النسخة.

قال الشيخرحمه‌الله في الرجال: محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي يكنّى أبا علي، ومسكنه بمصر، يروي نسخة عن موسى بن إسماعيل.(١) إلى أخر ما تقدم، ولم يذكر له كتابا.

وفي رجال النجاشي - بعد الترجمة -: له كتاب الحجّ ذكر فيه ما روته العامّة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام (٢) . ولم يذكر غيره، وليس في هذا الكتاب منه خبر فضلا عن توهّم كونه هو.

وممّا يوضح ما ذكرنا ما في فلاح السائل للسيّد علي بن طاوسقدس‌سره ، قال: وفي كتاب محمّد بن محمّد بن الأشعث بإسناده أنّ مولانا علياعليه‌السلام ، قال: « ما رأيت إيمانا مع يقين أشبه منه بشكّ »(٣) . الى آخر ما في الجعفريات(٤) فلاحظ.

__________________

(١) رجال الشيخ الطوسي: ٥٠٠ / ٦٣.

(٢) رجال النجاشي: ٣٧٩ / ١٠٣١.

(٣) فلاح السائل: ٢١٤.

(٤) الجعفريات: ٢٣٧.

٣٣

وقال في جمال الأسبوع: ومن ذلك من كتاب رواية الأبناء عن الآباء، رواية أبي علي بن محمّد بن الأشعث الكندي الكوفي، من الجزء العاشر، بإسناده عن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من قرأ في دبر صلاة الجمعة »(١) . إلى آخر ما فيه.

وأمّا سابعا : فقولهرحمه‌الله : « فإن تتبّعه وتتبّع كتب الأصول ». الى آخره، فإنّه من الغرابة بمكان إذ هو أحسن كتاب رأيناه من كتب الأصول ترتيبا ووضعا، وجلّ متون أخباره موجود في الكتب الأربعة، وكتب الصدوقرحمه‌الله ، باختلاف يسير في بعضها، كما لا يخفى على من راجع كتابنا هذا، والوسائل. وليس فيه ما يوافق العامّة - ويجب حمله على التقية - إلاّ نزر يسير.

وفي الكتب الأربعة التي عليها تدور رحى مذهب الإماميّة من سنخ هذه الأخبار ما لا يحصى.

وهذا الكتاب لم يكن موجودا عنده يقينا، فكيف نسب إليه ما نسبه؟ ولعلّه من تتمّة كلام هذا الفاضل الذي نسب إليه ما ينبئ عن غاية بعده عن هذا الفن، بل الافتراء العظيم على هذا الكتاب الشريف، ولعمري لولا أنّ إسماعيل هاجر إلى مصر، البعيدة عن مجمع الرواة، ونقلة الأخبار، لكان هذا الكتاب من أشهر كتب الشيعة، ومع ذلك رأيت كيف تلقّوه منه بالمسافرة، والرسالة، والمكاتبة. وهذا واضح بحمد الله تعالى، ويزيده توضيحا إنكار العامّة ذلك الكتاب، ونسبتهم ما فيه إلى الوضع لاشتماله على المناكير.

قال الذهبي في ميزان الاعتدال: محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي [ أبو الحسن ](٢) نزيل مصر، قال ابن عدي: كتبت عنه بها، حمله [ شدة تشيّعه أن ](٣) ، أخرج إلينا نسخة قريبا من ألف حديث، عن موسى بن إسماعيل بن

__________________

(١) جمال الأسبوع: ٤١٩.

(٢) زيادة من المصدر.

(٣) في المخطوط والحجري: جملة، وما بين المعقوفين زيادة من المصدر.

٣٤

موسى بن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن آبائهعليهم‌السلام ، بخطّ طريّ عامّتها مناكير، فذكرنا ذلك للحسين بن علي بن الحسين العلوي(١) ، شيخ أهل البيت بمصر، فقال: كان موسى هذا جاري بالمدينة أربعين سنة، ما ذكر قطّ أنّ عنده رواية، لا عن أبيه، ولا عن غيره.

فمن النسخة: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « نعم الفصّ البلور » ومنها « شرّ البقاع دور الأمراء الذين لا يقضون بالحق » ومنها: « ثلاثة ذهبت منهم الرحمة: الصيّاد، والقصّاب، وبائع الحيوان » ومنها: « لا خيل أبقى من الدهم، ولا امرأة كابنة العمّ » ومنها: « اشتدّ غضب الله على من أهرق دمي وآذاني في عترتي » وساق له ابن عدي عدة موضوعات.

قال السهمي: سألت الدار قطني، فقال: آية من آيات الله وضع ذلك الكتاب - يعني العلويات(٢) - انتهى زخرف قوله، وصرف الوقت في ردّه تضييع للعمر مع خروجه عن وضع الكتاب.

وأمّا ثامنا : ففي الكتاب المذكور خبر آخر، لعلّه أدلّ على المطلوب من الخبر المذكور، ففيه بالسند المعهود، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: « ثلاثة إن أنتم فعلتموهن لم ينزل بكم بلاء: جهاد عدوّكم، وإذا رفعتم إلى أئمتكم حدودكم فحكموا فيها بالعدل »(٣) الخبر.

والخبر الذي ذكره لا ينحصر مأخذه في الأشعثيات، فقد رواه القاضي نعمان المصريقدس‌سره في دعائم الإسلام، ويأتي ما يدلّ على الاعتماد عليه، حتى عندهرحمه‌الله . وأمّا حكم أصل المسألة فمحلّه الفقه.

__________________

(١) كذا وفي المصدر: « الحسين بن علي الحسني العلوي » وفي هامش الصفحة عن بعض نسخ الميزان: « بن علي بن الحسين العلوي ». وذكره ابن حجر في لسان الميزان ٥: ٣٦٢ وقال: « ابن علي بن الحسين بن عمر بن علي بن الحسين بن علي العلوي ».

(٢) ميزان الاعتدال ٤: ٢٧ - ٢٨.

(٣) الجعفريات: ٢٤٥.

٣٥

هذا وينبغي التنبيه على أمور:

الأول : إنّ أخبار هذا الكتاب كلّها مروية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو عن عليعليه‌السلام بالسند المتقدم، وقد ينتهي إلى السجّاد، والباقر، والصادقعليهم‌السلام في موارد قليلة. وفي الكتاب أخبار قليلة متفرّقة بغير طريق أهل البيتعليهم‌السلام رواها محمّد بن الأشعث، بإسناده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي آخره أيضا عشرون حديثا كذلك، والظاهر أنّ طرقها عاميّة ألحقها بهذا الكتاب، وصرّح في عنوان بعضها بأنّه من غير طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، وقد نقلناها ووزّعناها على الأبواب تأسّيا بصاحب الوسائل، من نقله كلّ ما وجد في كتب الصدوق، وغيره، وإن كان تمام رجال سنده عاميّة مع أنّها ممّا يتسامح فيه من الأحكام والآداب، أو له شواهد من أخبار الأصحاب.

الثاني : إنّ جامع الكتاب ذكر تمام السند في كل خبر، إلاّ إنّه تفنّن في المقامات.

ففي كتاب الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، وقليل من الحجّ هكذا: أخبرنا محمّد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر ابن محمّدعليهما‌السلام . إلى آخره.

وفي كتاب الحجّ، والجهاد، والنكاح، والطلاق، والحدود، والديات، وقليل من السير والآداب هكذا: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى إلى آخره(١) .

وفي باقيها: أخبرنا عبد الله بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي. الى آخره، وهكذا في كتاب

__________________

(١) هنا زيادة في الحجرية لم ترد في المخطوط هي: وفي جملة من أبواب كتاب السير والآداب هكذا: وبإسناده عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام . الى آخره.

٣٦

الجنائز، وكتاب الدعاء، وكتاب الرؤيا. وفي كتاب غير مترجم مثل كتاب السير هكذا: وبإسناده.

ونحن أخرجنا الخبر منه كما وجدناه، متبرّكين بذكر تمام السند كما فيه، إلاّ في بعض المواضع، فبعد ذكر خبر بسنده نقول: وبهذا السند. إلى آخره.

الثالث : إنّك تجد - بعد النظر في أبواب الوسائل، وما استدركناه - إنّ كثيرا ممّا نقلناه من هذا الكتاب مرويّ في الكتب الأربعة، بطرق المشايخقدس‌سرهم إلى النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام كما فيه، ويظهر من هذا أنّ السكوني كان حاضرا في المجلس الذي كان أبو عبد اللهعليه‌السلام يلقي إلى ابنه الكاظمعليه‌السلام سنّة جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق(١) التحديث، فألقاه إلى ابنه إسماعيل على النحو الذي تلقّاه، وهذا ممّا ينبئ عن علوّ مقام السكوني عندهعليه‌السلام ، ولطفه به، واختصاصه بهذا التشريف، ويضعّف جعل أسلوب رواياته قرينة على عامّيته فإنّها - عن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام - وهذا ظاهر على المنصف البصير، ولا ينبّئك مثل خبير.

__________________

(١) في المخطوطة: بطرق.

٣٧

٢ - وكتاب درست:

وأخواته، إلى جزء من نوادر عليّ بن أسباط، وجدناها مجموعة منقولة كلّها من نسخة عتيقة صحيحة بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي، وهو نقلها من خط الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي، وكان تأريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وذكر أنّه أخذ الأصول المذكورة من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري، وهذه النسخة كانت عند العلاّمة المجلسيقدس‌سره ، كما صرّح به في أوّل البحار(١) ومنها انتشرت النسخ، وفي أوّل جملة منها وآخرها يذكر صورة النقل(٢) .

أمّا كتاب درست : فهو ساقط من أوّله، وفي آخره: تمّ كتاب درست، وفرغت من نسخه من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن أيّوب القمّي أيّده الله سماعا له عن الشيخ أبي محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيّده الله بالموصل، في يوم الأربعاء، لثلاث ليال بقين من ذي القعدة، سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليما.

ودرست هذا رمي بالوقف، وفي رجال النجاشي: درست بن أبي منصور محمّد الواسطي، روى عن أبي عبد الله، وأبي الحسنعليهما‌السلام ، ومعنى درست أي صحيح. له كتاب يرويه جماعة: منهم سعد بن محمّد الطاطري عمّ عليّ بن الحسن الطاطري، ومنهم محمّد بن أبي عمير.

أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: حدثنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٤٣.

(٢) هنا زيادة في الحجرية هي: المذكور.

٣٨

حميد بن زياد، قال: حدّثنا محمّد بن غالب الصيرفي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن الطاطري، قال: حدّثنا عمّي سعد بن محمّد أبو القاسم، قال: حدّثنا درست بكتابه.

وأخبرنا محمّد بن عثمان، قال: حدثنا جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا عبيد الله ابن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا محمّد بن أبي عمير، عن درست بكتابه(١) . وقال الشيخ في الفهرست: درست الواسطي له كتاب، وهو ابن أبي منصور، أخبرنا بكتابه أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي، عن أحمد ابن عمر بن كيسبة، عن علي بن الحسن الطاطري، عن درست.

ورواه حميد، عن ابن نهيك، عن درست(٢) .

وظاهر النجاشي أنّ علي بن الحسن يروي عنه بتوسط عمّه. وصريح الشيخرحمه‌الله أنّه يروي عنه بلا واسطة، ويؤيد الأخير ما في الاستبصار، في باب الطيب من أبواب ما يجب على المحرم اجتنابه، روايته عنه بعنوان علي الجرمي(٣) .

وفي التهذيب في باب ما يجب على المحرم اجتنابه(٤) ، وفيه في باب الطواف قريبا من آخره روايته عنه بعنوان الطاطري(٥) ، وفيه في باب الكفارة عن خطأ المحرم، روايته عنه مرّتين بعنوان علي بن الحسن الجرمي(٦) .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٦٢ / ٤٣٠.

(٢) فهرست الشيخ: ٦٩ / ٢٧٨.

(٣) الاستبصار ٢: ١٧٨ / ٥٩٢.

(٤) التهذيب ٥: ٢٩٨ / ١٠٠٨.

(٥) التهذيب ٥: ١٣٩ / ٢٥٩.

(٦) التهذيب ٥: ٣٥١ / ١٢٢٠. أمّا الحديث الثاني الذي أشار إليه المصنفقدس‌سره في التهذيب ٥: ٣٤٢ / ١١٨٦ في النسخة المطبوعة بواسطة محمد، ولعلّ المصنف اعتمد نسخة من التهذيب خالية من هذه الواسطة والله أعلم بالصواب.

٣٩

ثم لا يخفى أنّه يروي عنه غير هؤلاء جماعة من أجلاّء الرواة، والمشايخ الثقات:

كنضر بن سويد: في التهذيب في باب ضروب الحجّ(١) ، وفي الكافي في باب ثواب المرض(٢) ، وفي باب تعجيل عقوبة الذنب(٣) ، وفي الاستبصار في باب أنّ التمتع فرض من نأى عن الحرم(٤) ، وفي الكافي في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(٥) .

والحسن بن علي الوشّاء: في مشيخة الفقيه(٦) ، وفي الكافي في باب التقية(٧) . وفي التهذيب في باب العتق(٨) ، وفي الاستبصار في باب الرجل يعتق عبدا له وعلى العبد دين بعنوان الحسن بن علي(٩) ، والظاهر أنّه الوشاء بقرينة ما في الفقيه(١٠) .

وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي: في الكافي في باب ثواب المرض(١١) وفي التهذيب في باب الصيد والذكاة(١٢) .

__________________

(١) التهذيب ٥: ٢٦ / ٧٧.

(٢) الكافي ٣: ١١٤ / ٦.

(٣) المصدر السابق ٢: ٣٢٣ / ١١.

(٤) الاستبصار ٢: ١٥١ / ٤٩٥.

(٥) الكافي ٥: ٥٨ / ٨.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٤: ٧٨.

(٧) الكافي ٢: ١٧٣ / ٨.

(٨) التهذيب ٨: ٢٤٨ / ٨٩٥.

(٩) الاستبصار ٤: ٢٠ / ٦٢٩.

(١٠) من لا يحضره الفقيه ٤: ٧٨.

(١١) الكافي ٣: ١١٤ / ٧.

(١٢) النسخة المطبوعة من التهذيب ( في الباب المذكور ) خالية من رواية البزنطي عن درست، ولعلّه من سهو قلم المصنف، والله أعلم بالصواب. وسبب السهو أنه نقل في جامع الرواة رواية البزنطي عن درست في الكافي في باب ثواب المرض. ثم قال: أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن علي عنه في التهذيب في باب الصيد والذكاة. نسبه المصنف إلى البزنطي.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

« المؤمنون عند شروطهم »(١) .

ولأنّ مبنى الحوالة على الإرفاق ، وهذا مناسب لمقتضى العقد ، فيكون لازماً.

وكذا يصحّ لو كان الدَّيْنُ المحال به مؤجَّلاً ، فشرط المحتال في الحوالة الحلول ، ورضي الثلاثة به ، صحّ ولزم ؛ عملاً بالشرط.

و - لو اجتمعت شرائط الحوالة وجرى بينهما عقدها ثمّ رضي المحتال بأخذ الأقلّ أو الأردأ أو الصبر إلى أجلٍ ، صحّ إجماعاً‌ ، ولم يكن للمحيل الرجوعُ على المحال عليه بتمام دَيْنه.

وكذا لو رضي المحال عليه بدفع الأجود والأكثر والمعجَّل ، صحّ ، ولا نعلم فيه خلافاً.

ز - لو احتال بالحقّ الذي له على مَنْ عليه مثله فتعاوضا عن الحقّ بمخالفه ، جاز‌ ؛ لأنّه يجوز اقتضاء أحد الجنسين من الآخَر مع التراضي.

وقد روى داوُد بن سرحان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال :

سألته عن الرجل كانت له على رجل دنانير فأحال عليه رجلاً بدنانير أيأخذ بها دراهم؟ قال : « نعم »(٢) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٦١٨ : إذا جرت الحوالة بشرائطها ، برىء المحيل من دَيْن المحتال‌ ، وتحوّل حقّ المحتال إلى ذمّة المحال عليه ، وبرئ المحال عليه‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٢) التهذيب ٦ : ٢١٢ / ٤٩٩.

٤٦١

من دَيْن المحيل ، حتى لو أفلس المحال عليه ومات أو لم يمت أو جحد وحلف ، لم يكن للمحتال الرجوعُ على المحيل ، كما لو أخذ عوضاً عن الدَّيْن وتلف في يده ، وقد سبق(١) .

ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تعرّض للملاءة ، فقال : « إذا أُحيل أحدكم على ملي‌ء فليحتل »(٢) ولو تمكّن المحتال من الرجوع ، لما كان للتعرّض للملاءة كثير فائدةٍ.

ولأنّ الحوالة إمّا أن يتحوّل بها الحقّ ، فقد برئت ذمّته ، فوجب أن لا يعود إليه ، كما لو أبرأه. وإن لم يتحوّل ، فلتدم المطالبة كما في الضمان.

ولو شرط في الحوالة الرجوع بتقدير الإفلاس أو الجحود ، ففي صحّة الحوالة إشكال.

وللشافعيّة وجهان ، فإن صحّت ، ففي صحّة الشرط وجهان لهم إذا طرأ الإفلاس(٣) .

أمّا لو اقترن الإفلاس بعقد الحوالة وجَهِلَه المحيل ، فللمحتال هنا الرجوع - عندنا - على المحيل على ما تقدّم.

وعند الشافعيّة يُنظر إن لم يَجْر شرط الملاءة ، فالمشهور أنّه لا رجوع للمحتال ، ولا خيار له ، وما يلحقه من الضرر فهو نتيجة ترك التفحّص(٤) .

ولهم وجهٌ نَقَله الجويني : أنّه يثبت له الخيار تداركاً لما لحقه من الخسران ، كما لو اشترى شيئاً فبانَ معيباً(٥) .

____________________

(١) في ص ٤٣٥.

(٢) سنن البيهقي ٦ : ٧٠.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣‌

٤٦٢

وإن شرط ملاءة المحال عليه ، فبانَ معسراً ، فإن قلنا بثبوت الخيار عند الإطلاق ، فهنا أولى. وإن منعناه ثَمَّ ، ففي الحكم هنا قولٌ للمزني : إنّه لا يرجع(١) .

وقال ابن سريج : يرجع ، نقلاً عن الشافعي ، كما لو اشترى عبداً بشرط أنّه كاتب فبانَ خلافه ، يثبت له الخيار(٢) .

واختار أكثرهم نَقْلَ المزني ؛ لأنّه لو ثبت الرجوع بالحلف في شرط اليسار ، لثبت عند الإطلاق ؛ لأنّ الإعسار نقصٌ في الذمّة ، كالعيب في المبيع يثبت الخيار ، سواء شرطت السلامة أو لا ، بخلاف شرط الكتابة ؛ فإنّ فواتها ليس نقصاً ، وإنّما هو عدم فضيلةٍ(٣) .

فإذا جمع بين [ صورتي ](٤) الإطلاق والاشتراط ، حصل للشافعيّة في ثبوت الخيار ثلاثة أوجُه ثالثها : الفرق بين الصورتين(٥) .

تذنيب : لو صالح مع أجنبيّ عن دَيْنٍ على عينٍ ثمّ جحد الأجنبيّ وحلف ، هل يعود إلى مَنْ كان عليه الدَّيْن؟ قال بعض الشافعيّة : نعم ، ويفسخ الصلح(٦) .

وقال بعضهم : لا يعود(٧) .

مسألة ٦١٩ : لو خرج المحال عليه عبداً ، فإن كان لأجنبيٍّ وللمحيل دَيْنٌ في ذمّته ، صحّت الحوالة‌ ، كما لو أحال على معسر ، ويتخيّر المحتال عندنا ؛ لأنّ إعسار العبوديّة أعظم إعسارٍ ، فإن رضي بالحوالة عليه ، تبعه‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣‌

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « صورة ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣.

(٦ و ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٧.

٤٦٣

المحتال بعد العتق.

ولو كان الدَّيْن الذي على العبد للمحيل ممّا يجب قضاؤه من كسبه أو من رقبته وصحّت الحوالة برضا المحتال ، كان له مطالبته على حدّ ما كان للمحيل.

وهل يلحق بالمعسر في تخيّر المحتال لو كان الدَّيْن ممّا يتعلّق بالرقبة كأرش الجناية؟ الأقرب ذلك أيضاً.

ولو كان عبداً للمحيل ، فالحوالة عليه حوالة على مَنْ لا دَيْن عليه ، فإن صحّحناها وقلنا : إنّها ضمان ، فهذا ضمان العبد عن سيّده بإذنه ، وقد سبق(١) .

وإنّما قلنا : إنّها حوالة على مَنْ لا دَيْن عليه ؛ لاستحالة ثبوت دَيْن السيّد في ذمّة عبده.

وأمّا الشافعيّة فقالوا : إن كان في ذمّته دَيْنٌ - بأن ثبت قبل أن مَلَكه - وفرّعنا على أنّه لا يسقط إذا مَلَكه ، فهو كما لو كان لأجنبيّ(٢) .

مسألة ٦٢٠ : لو اشترى عبداً وأحال المشتري البائعَ بالثمن على رجلٍ ثمّ اطّلع على عيبٍ قديم في العبد فردّه ، قال الشيخ : تبطل الحوالة‌ ؛ لأنّها فرع البيع ، فإذا بطل الأصل بطل الفرع(٣) (٤) .

وقال المزني : إنّها لا تبطل(٥) .

____________________

(١) في ص ٣٠٣ ، ضمن المسألة ٤٩١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « فرعه » بدل « الفرع ».

(٤) الخلاف ٣ : ٣٠٨ ، المسألة ٧ ، المبسوط ٢ : ٣١٣.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٤ ، الوسيط ٣ : ٢٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٤.

٤٦٤

وله قولٌ آخَر : إنّها تبطل(١) .

ولأصحاب الشافعي في ذلك ثلاثة طُرق ، أظهرها عندهم : أنّ في بطلان الحوالة قولين ، أظهرهما : البطلان.

وهُما مبنيّان على أنّ الحوالة استيفاء أو اعتياض؟

إن قلنا : إنّها استيفاء ، بطلت وانقطعت ؛ لأنّ الحوالة على هذا التقدير نوع إرفاقٍ ومسامحة ، فإذا بطل الأصل ، بطلت هيئة الإرفاق ، التابعة له ، كما لو اشترى شيئاً بدراهم مكسَّرة وتطوّع بأداء الصحاح ثمّ ردّه بالعيب ، فإنّه يستردّ الصحاح ، ولا يقال : يطالب بمثل المكسَّرة ليبقى التبرّع بصفة الصحّة.

وإن قلنا : إنّها اعتياض ، لم تبطل ، كما لو استبدل عن الثمن ثوباً ثمّ ردّ المبيع بالعيب ، فإنّه لا يبطل الاستبدال ، بل يرجع بمثل الثمن. على أنّ بعض الشافعيّة مَنَع هذه المسألة ، وجَعَلها كمسألة الحوالة.

والطريق الثاني : القطع بالبطلان.

والثالث : القطع بعدم البطلان.

وقد تأوّل أصحاب الطريقين الأخيرين ، وجمعوا بين قولَي المزني بوجوه :

أحدها : حَمْلُ قوله بالبطلان على ما إذا كان العيب لا يمكن حدوثه في يد المشتري ، أو كان بحيث يمكن حدوثه ، إلّا أنّ البائع أقرّ بقِدَمه ، وحَمْلُ قوله بالصحّة على ما إذا ثبت قِدَمه بالبيّنة وردَّه.

____________________

(١) مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، الوسيط ٣ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٤.

٤٦٥

والفرق : أنّ في الحالة الأُولى اعترف البائع بسقوط الثمن عند الفسخ ، وأمّا في الحالة الثانية فإنّه يزعم بقاء حقّه واستمرار الحوالة ، فلا يمنع من مطالبة المحال عليه بدعوى المشتري.

والثاني : حَمْلُ الأوّل على ما إذا ذكر المحيل أنّه يحيله من جهة الثمن ، وحَمْلُ الثاني على ما إذا لم يذكر ذلك ، فإنّه إذا لم يذكر ، لا ينبغي العود إليه ؛ لبراءة ذمّته عن حقّه ظاهراً.

والثالث : أنّ البطلان مفرَّع على أنّ الحوالة تفتقر إلى رضا المحال عليه ، فإنّ الحوالة حينئذٍ تتمّ برضا الثلاثة ، فلا تنقطع بموافقة اثنين.

والرابع : حَمْلُ البطلان على ما إذا كانت الحوالة على مَنْ لا دَيْن عليه ورضي المحال عليه ، فإنّه إذا أسقط الثمن انقطع تطوّعه ، وسقطت المطالبة عنه(١) .

وعندي في قول الشيخرحمه‌الله بالبطلان نظر.

مسألة (٢) ٦٢١ : لم يفرّق الشيخرحمه‌الله بين ما إذا كان الردّ بالعيب بعد قبض المبيع أو قبله‌(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّ محلّ الخلاف ما إذا كان الردّ بعد قبض المبيع ، فإن كان قبله ، انقطعت الحوالة بلا خلافٍ ؛ لكون المبيع معرضَ الانفساخ ، وعدم تأكّده ، ولهذا جعلنا الفسخ قبل القبض ردّاً للعقد من أصله على رأي. ثمّ زيَّف ذلك ، وقضى بطرد القولين في الحالتين(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٤ - ١٣٥.

(٢) في « ث » : « تذنيب » بدل « مسألة ».

(٣) لاحظ : الهامش (٤) من ص ٤٦٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٥.

٤٦٦

وقضيّة الطريقين معاً تجويز الإحالة بالثمن قبل قبض المبيع ، لكنّه قبل قبض المبيع غير مستقرّ.

والمشهور في كتب الشافعيّة(١) أنّ من شرط الحوالة استقرار ما يحال عليه(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : لا تجوز الحوالة بالثمن قبل قبض المبيع(٣) .

مسألة ٦٢٢ : فرّق بعض الشافعيّة بين أن يتّفق الردّ بعد قبض المحتال مالَ الحوالة ، أو قبله.

وفيه للشافعيّة طريقان :

أحدهما : أنّ الحوالة لا تنقطع إذا اتّفق الردّ بعد القبض جزماً ، والخلاف مخصوص بما إذا كان [ ذلك ](٤) قبل القبض. والفرق تأكّد الأمر بالقبض ، وبراءة ذمّة المحال عليه.

والثاني : طرد القولين في الحالتين ، وهو قول أكثرهم(٥) .

قال المزني : إذا ردّه قبل قبض المحتال مالَ الحوالة ، بطلت الحوالة ، وتعدّى حقّ المشتري إلى ذمّة المحال عليه ، و [ به ](٦) قال أبو إسحاق(٧) .

____________________

(١) كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٥ - ١٣٦.

(٢) في المصدر : « ما يحال به ويحال عليه ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٦.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٦.

(٦) ما بين المعقوفين أضفناه لاقتضاء ما في المصادر إيّاه.

(٧) مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٤ و ١٣٥.

٤٦٧

[ وقال أبو علي : ](١) لا تبطل(٢) .

وإن كان الردّ في مدّة الخيار ، فالحوالة باطلة ؛ لأنّها كانت بالثمن ، فصار له الثمن في ذمّة المحال عليه ، وانتقل إليها من ذمّة المحيل ، فإذا انفسخ البيع ، سقط الثمن ، فوجب أن يسقط عن ذمّة المحال عليه.

واحتجّ القائل بعدم البطلان : بأنّ المشتري دفع إلى البائع بدل ما لَه في ذمّته ، وعاوضه عنه بما في ذمّة المحال عليه ، فإذا انفسخ العقد الأوّل ، لم ينفسخ ، كما لو أعطاه بالثمن ثوباً وسلّمه إليه ثمّ فسخ ، لم يرجع عليه بالثوب ، كذا هنا.

وقد عرفت ما اخترناه هنا.

مسألة ٦٢٣ : لو أحال البائع رجلاً على المشتري بالثمن ثمّ ظهر عيب فردَّه المشتري بالعيب ، فالأقرب : عدم بطلان الحوالة‌ ، بل هو أولى بعدم البطلان من المسألة السابقة التي احتال البائع فيها ؛ لأنّ الحوالة هنا تعلّقت بالأجنبيّ غير المتعاقدين.

واختلفت الشافعيّة هنا.

فمنهم مَنْ طرّد القولين.

والجمهور منهم قطعوا هنا بأنّه لا تنقطع الحوالة ، سواء قبض المحتال مالَ الحوالة من المشتري أو لم يقبضه ؛ لأنّ الحوالة هنا تعلّق بها حقّ غير المتعاقدين ، وهو الأجنبيّ المحتال ، فيؤخذ ارتفاعها بفسخٍ يخصّ المتعاقدين ، وصار كما لو اشترى عبداً بجارية وقبضه وباعه ثمّ وجد بائع‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاقتضاء ما في المصادر إيّاه.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٧.

٤٦٨

العبد بالجارية عيباً فردّها ، لا يفسخ البيع الثاني ؛ لتعلّق حقّ الثالث به ، بخلاف المسألة الأُولى ، فإنّ المحال عليه لا حقّ له في الحوالة(١) .

ولو ظهر بطلان البيع من أصله ، بطلت الحوالة في المسألتين ، فيتخيّر المشتري في الرجوع على مَنْ شاء من المحتال والبائع.

مسألة ٦٢٤ : لو أحال المشتري البائعَ بالثمن ثمّ فسخ بالعيب‌ ، فإن قلنا : لا تبطل الحوالة ، برئ المحال عليه ، ولم يكن للمشتري مطالبة المحال عليه بشي‌ء بحال ؛ لأنّه قبض منه بإذنه ، بل يرجع على البائع فيطالبه إن كان قد قبض مال الحوالة ، ولا يتعيّن حقّ المشتري فيما أخذه البائع من المحال عليه ، بل للبائع أن يدفع إليه عوضه ؛ لبقاء الحوالة صحيحةً. وإن لم يكن البائع قد قبض ، فله أن يقبضه.

وهل للمشتري الرجوع عليه قبل قبضه؟ وجهان للشافعيّة :

أحدهما : نعم ؛ لأنّ الحوالة كالمقبوضة ، ألا ترى أنّ المشتري إذا أحال البائع بالثمن ، سقط حقّ الحبس(٢) ، والزوج إذا أحال المرأة [ بالصداق ](٣) سقط حقّ حبسها(٤) .

وأصحّهما عندهم : أنّه لا يرجع ؛ لأنّه لم توجد حقيقة القبض(٥) .

وإن كان للحوالة حكم القبض ، والغرامة إنّما تكون بحسب القبض ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٦ ، الوسيط ٣ : ٢٢٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٧ - ٤٦٨.

(٢) أي : حبس المبيع.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من « التهذيب » - للبغوي - و« العزيز شرح الوجيز ».

(٤) أي : حبس نفسها عن الزوج.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٨.

٤٦٩

فإن قلنا : لا يرجع المشتري عليه قبل أن يقبض ، فله مطالبته بتحصيل مال الحوالة ليرجع عليه ؛ لأنّ البائع إنّما ملك مطالبة المحال عليه من جهته ، فكيف يمنعه من المطالبة مطلقاً!؟

وفيه للشافعيّة وجهٌ بعيد : أنّه لا يملك المطالبة بالتحصيل أيضاً(١) .

وإن قلنا : تبطل الحوالة ، فإن كان قد قبض المالَ من المحال عليه ، فليس له ردّه عليه ؛ لأنّه قبضه(٢) بإذن المشتري ، ولو ردّ لم تسقط مطالبة المشتري عنه ، بل حقّه الردّ على المشتري ويبقى حقّه فيما قبضه ، وإن كان تالفاً ، فعليه بدله.

وإن لم يكن قبضه ، فليس له قبضه ؛ لأنّه عاد إلى ملك المشتري كما كان ، ولو خالف وقبض ، لم يقع عنه.

وهل يقع عن المشتري؟ وجهان :

أحدهما : يقع ؛ لأنّه كان مأذوناً في القبض بحقّه(٣) ، فإذا بطلت تلك الجهة ، بقي أصل الإذن.

وأصحّهما : المنع ؛ لأنّ الحوالة قد بطلت ، والوكالة عقدٌ آخَر يخالفها ، فإذا بطل عقدٌ ، لم ينعكس عقداً آخَر(٤) .

وقد قرّب بعضُهم هذا الخلافَ من الخلاف في أنّ مَنْ يُحرم بالظهر قبل الزوال هل تنعقد صلاته نَفْلاً؟(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٨.

(٢) في « ث ، ج ، خ » : « قبض ».

(٣) في « العزيز شرح الوجيز » : « بجهة » بدل « بحقّه ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٧.

٤٧٠

وأمّا في صورة المسألة الثانية - وهي التي أحال البائع فيها ثالثاً على المشتري بالثمن - إن قلنا بصحّة الحوالة مع فسخ البيع بالعيب - على ما هو الأصحّ عندنا - فإن كان المحتال قد قبض الحقّ من المشتري ، رجع المشتري على البائع.

وإن لم يكن قد قبضه ، فهل يرجع المشتري عليه ، أم لا يرجع إلّا بعد القبض؟ فيه الوجهان السابقان(١) .

فروع :

أ - لا فرق في هاتين المسألتين بين أن يكون الردّ بالعيب أو التحالف‌ أو الإقالة أو الخيار أو غير ذلك.

ب - إذا قلنا بعدم بطلان إحالة المشتري البائعَ بالثمن ، فللمشتري مطالبة البائع بأمرين‌ : إمّا التحصيل ليغرم ، وإمّا الغُرْم في الحال ، فإذا قلنا : له الرجوع قبل أن يقبض البائع مالَ الحوالة ، فله أن يقول : اغرم لي ، وله أن يقول تسهيلاً : خُذْه ثمّ اغرم لي. وإن قلنا : لا رجوع له قبل أن يقبض مالَ الحوالة ، فله أن يقول : خُذْه لتغرم لي ، وإن رضيت بذمّته فشأنك ، فاغرم لي.

ج - الحوالة إذا انفسخت ، فالإذن الذي كان ضمناً لا يقوم بنفسه ، فيبطل أيضاً.

لكن يشكل بالشركة والوكالة إذا فسدتا ، فإنّ الإذن الضمني يبقى ، ويصحّ التصرّف.

ويمكن الفرق بأنّ الحوالة تنقل الحقّ إلى المحتال ، فإذا صار الحقّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٨.

٤٧١

له ، ملك قبضه لنفسه بالاستحقاق ، لا للمحيل بالإذن ، بخلاف الوكالة والشركة ، فإنّه إذا بطل خصوص الإذن ، جاز أن يبقى عمومه.

مسألة ٦٢٥ : لو أحالت المرأة على زوجها بالصداق قبل الدخول ، صحّ ؛ لثبوته في ذمّته بالعقد وإن كان متزلزلاً.

ومَنْ شرط اللزومَ أبطله.

ولو أحال الزوج زوجته بالصداق على غريمٍ ، صحّ ؛ لأنّ له تسليمه إليها ، وحوالته به تقوم مقام تسليمه ، فإذا أحالها على الغريم ثمّ طلّق قبل الدخول ، لم تبطل الحوالة ، وللزوج أخذها بنصف المهر.

وهذه المسألة مترتّبة على ما إذا أحال المشتري البائعَ على غريمه ، إن قلنا : لا تبطل الحوالة هناك ، فهنا أولى. وإن قلنا : تبطل ، ففي البطلان هنا في نصف الصداق وجهان للشافعيّة(١) .

والفرق : أنّ الطلاق سبب حادث لا استناد له إلى ما تقدّم ، بخلاف الفسخ ، والصداق أثبت من غيره ، ولهذا لو زاد الصداق زيادةً متّصلة ، لم يرجع في نصفه إلاّ برضاها ، بخلاف ما إذا كان(٢) في المبيع.

ولو أحالها ثمّ ارتدّت قبل الدخول ، أو فسخ أحدهما النكاح بعيب الآخَر ، ففي بطلان الحوالة هذان الوجهان(٣) .

والأظهر : أنّها لا تبطل ، ويرجع الزوج عليها بنصف الصداق في صورة الطلاق ، وبجميعه في الردّة والفسخ بالعيب.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٨.

(٢) الظاهر : « كانت ».

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٨.

٤٧٢

وإذا قلنا بالبطلان ، فليس لها مطالبة المحال عليه ، بل تطالب الزوجَ بالنصف في الطلاق.

مسألة (١) ٦٢٦ : قد بيّنّا الخلافَ فيما إذا أحال المشتري البائعَ بالثمن ثمّ فسخ بعيبٍ وشبهه‌ ، فإنّ المزني أبطل الحوالة ؛ لأنّها كانت بالثمن ، فصار له الثمن في ذمّة المحال عليه ، وانتقل إليها من ذمّة المحيل ، فإذا انفسخ البيع ، سقط الثمن ، فيسقط عن ذمّة المحال عليه(٢) .

وقال غيره : لا تبطل(٣) ؛ لأنّ المشتري دفع مالاً بدل ما لَه في ذمّته ، وعاوضه بما في ذمّة المحال عليه ، فإذا انفسخ الأوّل ، لم تنفسخ المعاوضة ، كما لو أعطاه بالثمن ثوباً ثمّ فسخ بالعيب ، لم يرجع عليه بالثوب ، كذا هنا.

وأُجيب : بأنّ الثوب مَلَكه بعقدٍ آخَر ، بخلاف الحوالة ، فإنّ نفس الحقّ تحوّل إلى ذمّة المحال عليه ، ولهذا لا يجوز أن يختلف ما في ذمّة المحيل والمحال عليه.

وقال بعضهم : لا نسلّم مسألة الثوب أيضاً ، بل إذا فسخ العقد ، وجب ردّ الثوب الذي أخذه بدلاً من الثمن(٤) .

لا يقال : قد قال الشافعي : إذا باع عبداً بثوبٍ ثمّ سلّم العبد وتصرّف المشتري ، ثمّ وجد بالثوب عيباً ، فإنّه يردّه ، ولا يبطل التصرّف في العبد(٥) .

لأنّا نقول : إنّ العبد تعلّق به حقٌّ لغير المتعاقدين ، فلم يكن لهما إبطاله ، وهنا لم يخرج الحقّ عنهما ، فلهذا إذا فسخا البيع ، بطلت الحوالة.

____________________

(١) في « ث » : « تذنيب » بدل « مسألة ».

(٢) راجع الهامش (١) من ص ٤٦٤.

(٣) راجع الهامش (١) من ص ٤٦٥.

(٤ و ٥) لم نعثر عليه في مظانّه.

٤٧٣

لا يقال : المحال عليه قد كانت برئت ذمّته من المحيل.

لأنّا نقول : الحقّ في ذمّته لا يتغيّر للمحيل أو للمحتال ، فلهذا لا تفتقر الحوالة إلى رضاه عند بعضهم(١) .

إذا ثبت هذا ، فإن كان المحتال قد قبض الحوالة ، فعلى الاختلاف ، إن قلنا : ينفسخ ، ردّ على المشتري ما أخذه. وإن قلنا : لا ينفسخ ، رجع عليه بالثمن.

وكذا يجري الوجهان(٢) لو أحال الزوجة بالصداق ثمّ ارتدّت قبل الدخول ، فهل تبطل الحوالة؟ على ما تقدّم(٣) من الخلاف.

مسألة ٦٢٧ : لو كان المبيع عبداً وأحال البائعُ غريمَه بالثمن على المشتري‌ ثمّ تصادق المتبايعان على أنّه حُرّ الأصل إمّا ابتداءً أو ادّعى العبد الحُرّيّةَ فصدّقاه ، فإن وافقهما المحتال ، بطلت الحوالة ؛ لاتّفاقهم على بطلان البيع ، وإذا بطل البيع من أصله ، لم يكن على المشتري ثمنٌ ، وإذا بطلت الحوالة ، ردّ المحتال على المشتري ، وبقي حقّه على البائع كما كان.

وإن كذّبهما المحتال ، فإمّا أن تقوم بيّنة على الحُرّيّة أولا.

فإن قامت ، بطلت الحوالة ، كما لو تصادقوا.

وهذه البيّنة يتصوّر أن يُقيمها العبد ؛ لأنّ العتق حقّه ، وأن يبتدئ الشهود على سبيل الحسبة ، ولا يمكن أن يُقيمها المتبايعان ؛ لأنّهما كذّباها بالدخول في البيع.

____________________

(١) راجع المصادر في الهامش (١) من ص ٤٤٣.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٨.

(٣) في ص ٤٧١ ، ذيل المسألة ٦٢٥.

٤٧٤

ويحتمل أن يقيماها إذا أظهرا عذراً بأن يكون البائع قد وكّل في العتق وصادف البيع العبد معتوقاً ، فإنّ للبائع هنا إقامةَ البيّنة حيث لم يكن في إقامته تكذيبٌ لها.

وكذا لو ادّعى المشتري عتق البائع وجهله.

وإن لم تكن بيّنة ، لم يلتفت إلى تصادقهما في حقّ المحتال ، كما لو باع المشتري العبد ثمّ اعترف هو وبائعه أنّه كان حُرّاً ، لم يقبل قوله على المشتري ، لكن لهما تحليف المحتال على نفي علم العتق ، فإن حلف ، بقيت الحوالة في حقّه ، ولم يكن تصادقهما حجّةً عليه ، وإذا بقيت الحوالة ، فله أخذ المال من المشتري.

وهل يرجع المشتري على البائع المحيل؟ الوجه : ذلك ؛ لأنّه قضى دَيْنه بإذنه ، وعلى هذا فيرجع إذا دفع المال إلى المحتال.

وهل يرجع قبله؟ الأقرب : لا.

ولو نكل المحتال ، حلف المشتري.

ثمّ إن جعلنا اليمين المردودة كالإقرار ، بطلت الحوالة. وإن جعلناها كالبيّنة ، فالحكم كما لو لم يحلف ؛ لأنّه ليس للمشتري إقامة البيّنة.

ولو نكل المشتري ، فهل للعبد الحلف؟ الأقرب : ذلك إن ادّعاه ولا بيّنة ونكل المحتال عن اليمين التي وجبت عليه للعبد.

وكذا للبائع الحلف أيضاً.

هذا إذا اتّفقوا على أنّ الحوالة بالثمن ، ولو لم يقع التعرّض لكون الحوالة بالثمن وزعم البائع أنّ الحوالة على المشتري بدَيْنٍ آخَر له على المشتري ، فإن أنكر المشتري أصل الدَّيْن ، فالقول قوله مع يمينه ؛ لأصالة‌

٤٧٥

براءة ذمّته.

وإن سلّمه وأنكر الحوالة به ، فإن لم نعتبر رضا المحال عليه ، فلا عبرة بإنكاره. وإن اعتبرناه ، فالقول قول مَنْ يدّعي صحّة الحوالة ، أو قول مَنْ يدّعي فسادها؟ فيه للشافعيّة قولان(١) ، أكثرهم على تقديم مدّعي صحّة الحوالة ؛ لأنّ الأصل صحّتها ، وهُما يدّعيان ما يفسدها ، فكانت حيثيّته أقوى ، فإن أقاما البيّنة بأنّ الحوالة كانت بالثمن ، سُمعت البيّنة في ذلك ؛ لأنّهما لم يكذّباها.

ولو اتّفق المحيل والمحتال على حُرّيّة العبد وكذّبهما المحال عليه ، لم يُقبل قولهما عليه في حُرّيّة العبد ؛ لأنّه إقرار على غيرهما ، وتبطل الحوالة ؛ لاتّفاق المرجوع عليه بالدَّيْن والراجع به على عدم استحقاق الرجوع ، والمحال عليه يعترف للمحتال بدَيْنٍ لا يصدّقه فيه ، فلا يأخذ منه شيئاً ، وإن كان قد أخذ ، لم يكن للمأخوذ منه الرجوعُ.

ولو اعترف المحتال والمحال عليه بحُرّيّة العبد ، عُتق ؛ لإقرار مَنْ هو في يده بحُرّيّته ، وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما ، وكان للمحيل الرجوعُ على المحال عليه بمال الحوالة ، ولم يكن للمحتال الرجوعُ على المحيل بشي‌ء ؛ لأنّ دخوله في قبول الحوالة بالثمن اعتراف ببراءته ، فلم يكن له الرجوعُ عليه.

ولو اتّفق المحيل والمحتال على الحُرّيّة وكذّبهما المحال عليه ، لم تبطل العبوديّة ، وسقط الثمن عنه ؛ لاعتراف البائع والمحتال ببراءة ذمّته ، لكنّه يعترف للمحتال بالثمن ، فليس للمحتال قبضه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٠.

٤٧٦

وإن كان قد قبضه ، لم يكن للمحال عليه استعادته ، لكن إن كان قد قبضه ، برئ المحيل على إشكالٍ أقربه : العدم ؛ لاعترافه بأنّ المحتال قد ظلم المحال عليه بأخذ المال منه ، فيجب عليه الدفع إلى المحتال.

مسألة ٦٢٨ : إذا كان لرجلٍ على آخَر دَيْنٌ فأذن المديون له في قبض دَيْنٍ له على ثالثٍ ثمّ اختلفا‌ ، فقال المديون للقابض : وكّلتك في قبض حقّي من الثالث لي ، وقال القابض : بل أحلتني على الثالث ، فإن اختلفا في أصل اللفظ فزعم المديون أنّه وكّله بلفظ الوكالة ، وزعم القابض أنّ الجاري لفظ الحوالة وهي مقصودة ، فالقول قول المديون مع اليمين وعدم البيّنة ؛ لأنّ الأصل استمرار حقّ القابض على المديون ، واستمرار حقّ المديون على الثالث ، فالموكّل يدّعي بقاء الأصل ، والآخَر يدّعي خلافه ، فكان المقدَّم مدّعي الوكالة.

ولو كان مع أحدهما بيّنة ، حُكم بها ؛ لأنّ اختلافهما في اللفظ ، ويمكن إقامة البيّنة عليه.

ولو اتّفقا على جريان لفظ الحوالة ثمّ ادّعى المديون أنّه قصد التسليط بالوكالة ، وعبّر عن الوكالة بلفظ الحوالة ، وادّعى القابض أنّه قصد حقيقة اللفظ ، وهو معنى الحوالة ، احتُمل تقديم قول المديون ؛ لأنّه أعرف بلفظه ، وأخبَر من غيره بقصده.

ولأنّ الأصل بقاء حقّ المحيل على المحال عليه ، وبقاء حقّ المحتال عليه ، والمحتال يدّعي نقلهما والمحيل ينكرهما ، والقول قول المنكر مع اليمين ، وكما يُستعمل اللفظ في معناه الحقيقي ، يُستعمل في معناه المجازي ، والتعويل في إرادة أحدهما إلى المتكلّم.

وهذا قول بعض الشافعيّة وأبي حنيفة وأصحابه ؛ لأنّ اللفظ محتمل‌

٤٧٧

لما يدّعيه المديون ، وهو أعرف بنيّته وإرادته ، فأشبه ما إذا قال له المديون : اقبض ، ثمّ اختلفا في المراد منه(١) .

ويحتمل تقديم قول المحتال ؛ عملاً بالظاهر من حمل الألفاظ على حقائقها ، ومَنْ يدّعي حملها على مجازاتها فقد ادّعى خلاف الظاهر لا يُقبل منه ، كما لو ادّعى ثوباً في يد زيد ، فإنّا نقضي لزيد به ؛ عملاً بظاهر اليد ، كذا هنا ، فيُقدَّم قول مدّعي الحوالة ؛ عملاً بظاهر اللفظ بشهادة لفظ الحوالة له.

هذا إذا قال له المديون : أحلتك بمائة على الثالث ، أمّا لو قال : أحلتك بالمائة التي لك علَيَّ على المائة التي لي على الثالث ، فهذا لا يحتمل إلّا حقيقة الحوالة ، فالقول قول مدّعيها قطعاً.

مسألة ٦٢٩ : إذا قدّمنا قول القابض باعتبار حمل اللفظ على حقيقته ، يحلف ، فإن حلف ، ثبتت الحوالة ، وبرئت ذمّته. وإن نكل ، حلف المديون ، وبطلت الحوالة.

وإن قدّمنا قول المديون فيما إذا اختلفا في اللفظ أو اتّفقا على جريان لفظ الحوالة واختلفا في المراد ، يحلف ، فإن حلف ، نُظر فإن كان القابض قبض ما على الثالث ، برئت ذمّة الثالث ؛ لأنّ القابض إمّا وكيل كما زعم المديون ، أو محتال كما زعم القابض ، وعلى كلا التقديرين يبرأ الثالث بالدفع إليه.

وحكى الجويني وجهاً ضعيفاً : أنّه لا يبرأ في صورة ما إذا اتّفقا على جريان لفظ الحوالة(٢) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٠.

٤٧٨

ثمّ يُنظر فإن كان المقبوض باقياً ، فعليه تسليمه.

وهل للقابض مطالبة المحيل؟ الوجه : ذلك ؛ لأنّه إن كان وكيلاً ، فحقّه باقٍ على المديون. وإن كان محتالاً ، فقد استرجع المحيل ماله منه ظلماً ، فلا وجه لتضييع حقّه ، وبه قال أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : ليس للقابض مطالبة المحيل بحقّه ؛ لاعترافه ببراءة المديون بدعوى الحوالة(٢) .

وليس شيئاً.

هذا كلّه من حيث الظاهر ، فأمّا فيما بينه وبين الله تعالى فإنّه إذا لم يصل إلى المحتال حقُّه من المحيل ، فله إمساك المأخوذ ؛ لأنّه ظفر بجنس حقّه من مال المديون ، والمديون ظالمٌ له.

وإن كان المقبوض تالفاً ، فإن لم يكن بتفريطٍ من القابض ، احتُمل أن لا يضمن ؛ لأنّه وكيل بقول المحيل ، والوكيل أمين ، وليس للقابض مطالبة المديون بحقّه ؛ لأنّه قد استوفاه بزعمه وهلك عنده.

ويحتمل الضمان ؛ لأنّه وكيل بحلف المحيل ، وتثبت وكالته ، والوكيل إذا أخذ المال لنفسه ، ضمن.

وإن كان المحتال لم يقبض من الثالث شيئاً ، فليس له القبض بعد حلف المحيل ؛ لأنّ الحوالة قد اندفعت بيمين المحيل ، وصار المحتال معزولاً عن الوكالة بإنكاره.

وللمديون أن يطالب الثالث بما كان له عليه ، وللمحتال مطالبة المديون بحقّه ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٠ - ١٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٠.

٤٧٩

والثاني لهم : أنّه ليس له المطالبة(١) .

وقطع بعضهم على أنّه لا يطالب هنا وجهاً واحداً ؛ لاعترافه بأنّ حقّه ثابت على الثالث ، وأنّ ما يقبضه المديون من الثالث ليس حقّاً ، بخلاف ما إذا كان قد قبض ، فإنّ حقّه قد تعيّن في المقبوض ، فإذا أخذه المديون ، يكون قد أخذ مال المحتال ، فافترقا(٢) .

تذنيب : إذا ادّعى المحتال جريان لفظ الحوالة ، وصدّقه المحيل على ذلك وادّعى قصد الوكالة‌ وأنّه لا حقّ عليه للمحتال ، وادّعى المحتال ثبوت الحقّ في ذمّته ، فالوجه : أنّه لا يثبت الحقّ بمجرّد جري لفظ الحوالة.

مسألة ٦٣٠ : لو انعكس الفرض ، فقال المديون لزيد : أحلتك على عمرو ، وقال القابض : بل وكّلتني بقبض ما عليه ، وحقّي باقٍ عليك‌ - وتظهر الفائدة عند إفلاس عمرو - فإن اختلفا في أصل اللفظ ، قُدّم قول مدّعي الوكالة مع يمينه ؛ عملاً بأصالة بقاء الحقّين ، والمديون يدّعي خلافهما وانتقالهما ، فكان عليه البيّنة.

ولو اتّفقا على جريان لفظ الحوالة ، فالوجهان في المسألة الأُولى على العكس هنا ، فكلّ مَنْ قال في المسألة الأُولى : القول قول مدّعي الحوالة يقول هنا : القول قول مدّعي الوكالة ، وبالعكس مع اليمين فيهما ؛ لما مرّ في الوجهين السابقين.

فإذا قلنا : يُقدّم قول مدّعي الحوالة فحلف ، برئ من دَيْن المحتال ، وكان لزيد مطالبة عمرو إمّا بالوكالة أو بالحوالة ، وما يأخذه يكون له ؛ لأنّ المديون يقول : إنّه حقّه ، وعلى زعم زيد إنّه للمديون وحقّ زيد على‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٠.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510