نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 213573 / تحميل: 7614
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

سند حديث التشبيه

٢١ - ٢٩١

٢١

٢٢

أقول:

لقد كان الأحرى ( بالدهلوي ) أنْ لا يقلّد ( الكابلي ) في إنكار هذا الحديث الشريف، بل لقد كان ورعه وإنصافه!! يقتضيان أن لا يتّبع هذا السلف الصالح!! في هذه المزعمة الباطلة

أما كان يظنّ ( الدهلوي ) أنّه سيحاسب ويؤاخذ يوماً مّا بما يقول ويكتب؟ وهلّا ردعه الحق عن المكابرة أمام هذا الحديث الشريف والتفوّه بهذه الكلمات الفارغة؟

إنّ صحّة هذا الحديث تتجلّى بأدنى تتّبع ونظر في كتب الحديث، وإنّ هذه الحقيقة الراهنة تتّضح بأقلّ مراجعةٍ لمصادر الأخبار والرّوايات

لقد روى هذا الحديث الشّريف طائفة من الحفّاظ والأئمّة المعتمدين من أهل السنّة، من رجال الصّحاح، وأصحاب المسانيد، ومشاهير العلماء

ونحن نكتفي بذكر جماعةٍ من أعلام رواة هذا الحديث:

٢٣

أسماء أشهر الرواة والمخرجين لحديث التشبيه

١ - أبو بكر عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم، الصنعاني، شيخ البخاري وغيره، المتوفى سنة ٢١١.

٢ - أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أحد أئمتهم الأربعة المتوفى سنة ٢٤١.

٣ - أبو حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي الرّازي، المتوفى سنة ٢٧٧.

٤ - أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان المعروف بابن شاهين المحدّث المفسّر، المتوفى سنة ٣٨٥.

٥ - أبو عبدالله عبيدالله بن محمّد بن أحمد العكبري المعروف بابن بطّة المتوفى سنة ٣٨٧.

٦ - أبو عبدالله محمّد بن عبدالله بن حمدويه الضبّي الطهماني المعروف بالحاكم النيسابوري، المتوفى سنة ٤٠٥.

٧ - أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني، المتوفى سنة ٤١٠.

٨ - أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق بن موسى الإصبهاني المتوفى سنة ٤٣٠.

٩ - أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي الخسروجردي، المتوفى سنة ٤٥٨.

١٠ - أبو الحسن علي بن محمّد بن الطيّب الجلّابي المعروف بابن المغازلي المتوفى سنة ٤٨٣.

٢٤

١١ - أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني، المتوفى سنة ٥٠٩.

١٢ - أبو محمّد أحمد بن علي العاصمي، صاحب ( زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ).

١٣ - أبو الفتح محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي، صاحب ( الخصائص العلوية ).

١٤ - أبو المجد مجدود بن آدم المعروف بالحكيم السنائي، المتوفى سنة ٥٢٥.

١٥ - أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي، المتوفى سنة ٥٥٨.

١٦ - أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد بن أبي سعيد المكّي المعروف بأخطب خطباء خوارزم، المتوفى سنة ٥٦٩.

١٧ - أبو الخير رضي الدين أحمد بن إسماعيل الطالقاني القزويني الحاكمي، المتوفى سنة ٥٩٠.

١٨ - الشيخ عمر بن محمّد بن خضر المعروف بالملّا الإربلي، صاحب ( وسيلة المتعبّدين ).

١٩ - نور الدين أبو حامد محمود بن محمّد بن حسين الصالحاني، تلميذ أبي موسى المديني.

٢٠ - كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة القرشي، صاحب ( مطالب السئول ) المتوفى سنة ٦٥٢.

٢١ - أبو عبدالله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، صاحب ( كفاية الطالب ) المتوفى سنة ٦٥٨.

٢٥

٢٢ - محبّ الدين أحمد بن عبدالله بن محمّد الطبري الشافعي، صاحب ( الرياض النضرة ) المتوفى سنة ٦٩٤.

٢٣ - السيّد علي بن شهاب الدين الهمداني، صاحب ( المودّة في القربى ) المتوفى سنة ٧٧٦.

٢٤ - نور الدين جعفر بن سالار المعروف بأمير ملّا، خليفة الهمداني.

٢٥ - شهاب الدين أحمد صاحب ( توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ).

٢٦ - شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الزاولي الدولت آبادي المعروف بملك العلماء الهندي، المتوفى سنة ٨٣٩.

٢٧ - نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ المالكي، صاحب ( الفصول المهمّة ) المتوفى سنة ٨٥٥.

٢٨ - كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي، صاحب ( شرح الديوان ) المتوفى سنة ٨٧٠.

٢٩ - عبدالرحمن بن عبدالسلام بن عبدالرحمن الصفوري الشافعي.

٣٠ - إبراهيم بن عبدالله الوصابي اليمني الشّافعي، صاحب ( الإكتفاء في مناقب الخلفاء ).

٣١ - جمال الدين عطاء الله بن فضل الله بن عبدالرحمن الشيرازي المتوفى سنة ١٠٠٠.

٣٢ - أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي الشافعي، المتوفى سنة ١٠٤٧.

٣٣ - الميرزا محمّد بن معتمد خان بن رستم الحارثي البدخشي.

٣٤ - محمّد صدر العالم صاحب ( معارج العلى في مناقب المرتضى ).

٢٦

٣٥ - وليّ الله بن عبدالرحيم الدهلوي، والد ( الدهلوي ) المتوفى سنة ١١٧٦.

٣٦ - محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني المتوفى سنة ١١٨٢.

٣٧ - أحمد بن عبدالقادر الشافعي العجيلي.

٣٨ - المولوي ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي.

أقول:

هؤلاء بعض رواة حديث التشبيه، وسنورد بالترتيب نصوص رواياتهم

بل سيظهر صحّة هذا الحديث من كلام والد ( الدهلوي ) وهو الشيخ ولي الله الدهلوي، وجماعة من شيوخ ( الدهلوي )

كما ستعلم أن طائفةً من رواة هذا الحديث ونقلته هم من العلماء الذين يعتمد عليهم ( الدهلوي ) ويستشهد برواياتهم ويثني عليهم في كتبه

٢٧

(١)

رواية عبدالرزاق

روى عبدالرزاق بن همام الصنعاني حديث التشبيه، بسنده عن أبي هريرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد قال ياقوت الحموي في كتاب ( معجم الأدباء ) بترجمة « محمّد بن أحمد بن عبيدالله الكاتب المعروف بابن المفجّع » ما نصّه:

« وله قصيدة ذات الأشباه، وسمّيت بذات الأشباه لقصده فيما ذكره من الخبر الذي رواه: عبدالرزاق عن معمر عن الزّهري عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - وهو في محفلٍ من أصحابه -:

إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في همّه، وإبراهيم في خلقه، وموسى في مناجاته، وعيسى في سننه، ومحمّد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس، فإذا هو علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

فأورد المفجّع ذلك في قصيدته، وفيها مناقب كثيرة، وأوّلها:

أيُّها اللّائمي لحبّي عليّاً

قم ذميماً إلى الجحيم خزيّا

أبخير الأنام عرّضت لا

زلت مذوداً عن الهدى مزويّا

أشبه الأنبياء كهلاً وزولا

وفطيماً وراضعاً وغذياً

كان في علمه كآدم

إذْ عُلّم شرح الأسماء والمكنيّا

وكنوح نجّى من الهلك مَنْ

سيّر في الفلك إذ علا الجوديّا

وجفا في رضا الإله أباه(١)

واجتواه وعَدَّه أجنبيّا

كاعتزال الخليل آزر في الله

وهجرانه أباه مليّا

____________________

(١). هذا على زعم أعداء أهل البيت عليهم الصلاة والسّلام، فلا حجّة فيه علينا.

٢٨

ودعا قومه فآمن لوط

أقرب الناس منه رحماً وريّا

وعليّ لمـّا دعاه أخوه

سبق الحاضرين والبدويّا

وله من أبيه ذي الأيد

إسماعيل شبه ما كان عنّي خفيّا

إنّه عاون الخليل على الكعبة

إذ شاد ركنها المبنيَّا

ولقد عاون الوصي حبيب الله

إذ يغسلان منها الصفيّا

رام حمل النبي كي يقطع

الأصنام من سطحها المثول الحبيّا

فحناه ثقل النبوّة حتّى

كاد ينآد تحته مثنيّا

فارتقى منكب النبي علي

صنوه ما أجلّ المرتقيّا

فأماط الأوثان عن ظاهر الـ

ـكعبة ينفي الرجاس عنها نفيّا

ولو أنّ الوصيّ حاول مسّ

النجم بالكف لم تجده قصيّا

أفهل تعرفون غير علي

وابنه استرحل النبيّ مطيّا »(١)

تراجم رجال السَّنَد

ورجال السّند كلّهم رجال الصّحاح، وناهيك بهم عدالةً واعتباراً وعظمةً وجلالة ولا بأس بذكر بعض الكلمات في حق كلّ واحدٍ منهم بالترتيب:

ترجمة عبدالرزاق

١ - اليافعي: « وفي هذه السنة، توفي الحافظ العلّامة المرتحل إليه من الآفاق، الشيخ الإمام عبدالرزاق بن همام اليمني الصنعاني الحميري، صاحب المصنّفات، عن ست وثمانين سنة.

روى عن معمر، وابن جريج، والأوزاعي، وطبقتهم.

____________________

(١). معجم الأدباء ١٧ / ٢٠٠ - ٢٠٣.

٢٩

ورحل إليه الأئمّة إلى اليمن، قيل: ما رحل الناس إلى أحدٍ بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما رحل الناس إليه.

روى عنه خلائق من أئمّة الإسلام، منهم الإمام سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، ومحمود بن غيلان »(١) .

٢ - السّمعاني: « أبو بكر عبدالرزاق بن همام الصنعاني، قيل: ما رحل الناس إلى أحدٍ بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل ما رحل إليه »(٢) .

٣ - ابن خلّكان: « أبو بكر عبدالرزاق بن همام بن نافع الصنعاني، مولى حمير، قال أبو سعد ابن السمعاني: قيل ما رحل الناس إلى أحدٍ بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل ما رحلوا إليه.

يروي عن معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري، والأوزاعي، وابن جريج، وغيرهم.

وروى عنه الأئمّة الإسلام في ذلك العصر، منهم سفيان بن عيينة وهو من شيوخه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم.

وكانت ولادته في سنة ١٢٦.

وتوفي في شوال سنة ٢١١ باليمن. رحمه الله تعالى »(٣) .

٤ - عبدالغني بن سعيد المقدسي (*) عن محمّد بن إسماعيل الفزاري: « بلغنا - ونحن بصنعاء عند عبدالرزاق - أنّ يحيى بن معين وأحمد بن حنبل

____________________

(١). مرآة الجنان: حوادث ٢١١.

(٢). الأنساب - الصنعاني.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٢١٦.

(*) وصفه الحافظ السّيوطي بالحافظ الإمام محدّث الإسلام. وذكر كتابه الكمال في مصنّفاته المعتمد عليها طبقات الحفّاظ: ٤٨٨.

٣٠

وغيرهما تركوا حديث عبدالرزاق وكرهوه، فدخلنا من ذلك غم شديد، فقلنا: فقد أنفقنا وتعبنا وآخر ذلك سقط حديثه، فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج، فخرجت من صنعاء إلى مكة، فوافقت بها يحيى بن معين فقلت: يا أبا زكريا ما الذي بلغنا عنكم في عبدالرزاق؟ فقال: ما هو؟ فقلت: بلغنا أنكم تركتم حديثه ورغبتم عنه. فقال: يا أبا صالح، لو ارتدَّ عن الإسلام عبدالرزاق ما تركنا حديثه ».

قال عبدالغني: « وروينا عن عبدالرزاق أنّه قال: قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيّام لا يجيئني أصحاب الحديث، فمضيت وطفت وتعلّقت بأستار الكعبة فقلت: يا رب ما لي أكذّاب، أمدلّس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاؤني

فقال أحمد بن صالح: قلت لأحمد بن حنبل: أرأيت أحداً أحسن حديثاً من عبدالرزاق؟ قال: لا.

وقال أبو زرعة: عبدالرزاق أحد من ثبت حديثه.

قال البخاري: مات سنة ٢١١.

روى له الجماعة »(١) .

٥ - ابن القيسراني المقدسي: « عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر الحميري مولاهم، الصنعاني.

سمع معمراً وابن جريج والثوري وغير واحدٍ عندهما.

روى عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وإسحاق بن منصور، ومحمود بن غيلان عندهما

أخبرنا أبو القاسم بنيسابور، أنا أبو الحسن الخفاف، انا أبو العباس السرّاج قال: سمعت محمّد بن سهل بن عسكر يقول: سمعت أحمد بن حنبل.

____________________

(١). الكمال في أسماء الرجال - مخطوط.

٣١

يقول:

إذا اختلف الناس في حديث معمر فالقول ما قال عبدالرزاق »(١) .

فعبد الرزاق من رجال الصحيحين.

وقد نصَّ ابن القيسراني في خطبة كتابه الذي جمع فيه ( أسماء رجال الصحيحين ) على أنّ حفاظ الحديث يذهبون إلى أنّ كلّ من أخرج له الشيخان في كتابيهما فحديثه حجّة، وهذه عبارته:

« ثمّ طائفة من حفّاظ الحديث مثل: أبي أحمد ابن عدي، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي عبدالله ابن مندة، وأبي عبدالله الحاكم، ثمّ من بعدهم إلى يومنا هذا، لما صح عندهم أن كل من أخرجا حديثه في هذين الكتابين وإنْ تكلّم فيه بعض الناس، يكون حديثه حجةً لروايتهما عنه في الصّحيح ».

أقول:

وبهذا تعرف شأن عبدالرزاق عند ابن عدي والدارقطني وابن مندة والحاكم ومن بعدهم من حفّاظ الحديث

٦ - الخوارزمي: « عبد الرزاق، قال البخاري في تاريخه: عبدالرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر مولى حمير، اليماني، سمع معمراً والثوري وابن جريج، مات سنة إحدى عشرة ومائتين. قال البخاري: ما حدّث عن كتابه فهو أصحّ.

يقول أضعف عباد الله: هو من مشاهير المحدّثين وشيوخ أحمد وأمثاله، نحو يحيى بن معين وغيرهما. ويروي عن الإمام أبو حنيفة في هذه المسانيد »(٢) .

____________________

(١). الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٢٨.

(٢). جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ / ٥١٢.

٣٢

وأمّا من روى عنهم أبو حنيفة في ( مسانيده ) فقد قال الشعراني فيهم:

« وقد منَّ الله تعالى عليَّ بمطالعة مسانيد الإمام أبي حنيفة الثلاثة، من نسخةٍ عليها خطوط الحفّاظ، آخرهم الحافظ الدمياطي، فرأيته لا يروي حديثاً إلّاعن خيار التابعين العدول الثقات، الذين هم من خير القرون، بشهادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كالأسود وعلقمة وعطا وعكرمة ومجاهد ومكحول والحسن البصري وأضرابهم رضي الله عنهم أجمعين، فكلّ الرواة الذين بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عدول ثقات، أعلام أخيار، ليس فيهم كذّاب ولا متّهم بكذب.

وناهيك - يا أخي - بعدالة من ارتضاهم الإمام أبو حنيفةرضي‌الله‌عنه لأنْ يأخذ منهم أحكام دينه، مع شدّة تورّعه وتحرّزه وشفقته على الاُمة المحمّدية »(١) .

٧ - ابن تيميّة ، في جواب بعض الأحاديث: « وأصحاب السّير كابن وغيره يذكرون من فضائله ( أي فضائل عليعليه‌السلام ) شيئاً ضعيفاً، ولم يذكروا مثل هذا، ولا رووا ما تقدّم فيه أنّه موضوع باتّفاق أهل النقل، من أئمّة التفسير الذين ينقلونه بالأسانيد المعروفة، كتفسير ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وأحمد، وإسحاق، وبقي بن مخلد، وابن جرير الطبري، ومحمّد بن أسلم الطوسي، و عبد الرحمن ابن أبي حاتم، وابن المنذر، وغيرهم من العلماء الأكابر السادة الذين لهم في الاُمة لسان صدق، وتفاسيرهم متضمّنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير »(٢) .

____________________

(١). الميزان للشعراني: ٤٦.

(٢). منهاج السنة ٧ / ١٧٨.

٣٣

٨ - الذهبي: « أخبار ابن المديني مستقصاة في تاريخ بغداد، وقد بدت منه هفوة ثمّ تاب منها، وهذا أبو عبدالله البخاري وناهيك به قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني وقال: ما استصغرت نفسي بين يدي أحدٍ إلّابين يدي علي بن المديني، ولو ترك حديث علي وصاحبه محمّد وشيخه عبدالرزاق وعثمان بن أبي شيبة وإبراهيم بن سعد لغلّقنا الباب وانقطع الخطاب، ولماتت الآثار واستولت الزنادقة ولخرج الدجّالون، أفمالك عقل يا عقيلي؟! أتدري فيمن تتكلّم؟! وإنّما تبعناك في هذا النمط لنذبَّ عنهم، ولنزيّف ما قيل فيهم، كأنّك لا تدري أنّ كلّ واحدٍ من هؤلاء أوثق منك بطبقات، بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك، وهذا ممّا لا يرتاب فيه محدّث »(١) .

٩ - الذهبي: « عبدالرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر، أحد الأعلام »(٢) .

١٠ - أبو الوفاء الطرابلسي: « وكيف لا يكون ثقة؟! وقد روى له الأئمّة الستّة فضلاً عن الشيخين، ومن روى له الشيخان فقد جاز القنطرة كما قال علي ابن المفضل المقدسي »(٣) .

١١ - ولي الله الدهلوي: قال في بيان أسباب الإختلاف بين أهل الحديث وأصحاب الرأي، وأنّ أهل الحديث اهتمّوا بجمع أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط: « بل صحّ عن البخاري أنّه اختصر صحيحه من ستمائة ألف حديث. وعن أبي داود أنّه اختصر سننه من خمسمائة ألف حديث، وجعل أحمد مسنده ميزاناً يعرف به حديث رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). ميزان الإعتدال ٣ / ١٤٠.

(٢). الكاشف عمّن روي عنه في الصّحاح الستّة ٢ / ١٩٤.

(٣). الكشف الحثيث عمّن رمي بوضع الحديث ترجمة داود بن الحصين: ١٧١.

٣٤

وسلّم، فما وجد فيه ولو بطريقٍ واحدٍ من طرقه فله أصل وإلّا فلا أصل له.

وكان رؤوس هؤلاء: عبدالرحمن بن مهدي، ويحيى القطّان، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومسدّد، وهنّاد، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والفضل بن دكين، وعلي المديني، وأقرانهم.

وهذه الطبقة هي الطراز الأوّل من طبقات المحدّثين، فرجع المحقّقون منهم بعد إحكام فن الرواية ومعرفة مراتب الأحاديث إلى الفقه، فلم يكن عندهم من الرأي أن يجتمع على تقليد رجلٍ ممّن مضى، مع ما يروون من الأحاديث والآثار المناقضة لكلّ مذهبٍ من تلك المذاهب، فأخذوا يتّبعون أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وآثار الصّحابة والتابعين والمجتهدين على قواعد أحكموها في نفوسهم »(١) .

١٢ - تصديق الله تعالى عبدالرزاق!

قال السّيوطي: « أخرج الخطيب في تاريخه عن محمّد بن سالم [ سلم ] الخواص الشيخ الصالح،، قال: رأيت يحيى بن أكثم القاضي في النّوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه، ثمّ قال لي: يا شيخ السّوء، لولا شيبتك لأحرقنك بالنار، [ فأخذني ما يأخذ العبد بين يدي مولاه، فلمـّا أفقت قال لي: يا شيخ السوء. فذكر الثالثة مثل الأوّلين. فلمـّا أفقت ] فقلت: يا رب ما هكذا حدثت عنك. قال: وما حدّثتُ عني؟ - وهو أعلم بذلك -؟ قال: حدّثني عبدالرزاق بن همام [ قال: ] حدّثنا معمر بن راشد، عن ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك، عن نبيّك، عن جبرئيل عنك يا عظيم أنّك قلت: ما شاب لي عبدفي الإسلام شيبة إلّا استحييت منه أن أعذّبه بالنار. فقال: صدق عبدالرزاق، وصدق معمر، وصدق الزهري، وصدق أنس،

____________________

(١). الإنصاف في بيان سبب الإختلاف: ٤٦.

٣٥

وصدق نبيّي، وصدق جبرئيل، أنا قلت ذلك. إنطلقوا به إلى الجنّة »(١) .

ترجمة معمر بن راشد

وأمّا « معمر بن راشد » البصري شيخ عبدالرزاق بن همام الصنعاني، فهذا موجز ترجمته والثناء عليه في كتب أهل السنّة:

١ - السمعاني: « ومن القدماء أبو عروة معمر بن راشد البصري المهلّبي مولى الأزد، من أهل البصرة، سكن اليمن، وهو معمر بن أبي عمر.

وكان من ثقات العلماء.

يروي عن: الزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وأبي إسحاق الهمداني، والأعمش.

روى عنه: الثوري، وشعبة، وابن أبي عروبة، وابن عيينة، وابن المبارك، وإسماعيل بن علّية، ومروان الفزاري، ورباح الصنعاني، وهشام بن يوسف، ومحمّد بن ثور، وعبد الرزاق بن همام.

قال ابن جريج: عليكم بهذا الرجل - يعني معمراً - فإنّه لم يبق من أهل زمانه أعلم منه.

وسئل ابن جريج عن شيء من التفسير فأجابني، فقلت: إنّ معمراً قال كذا وكذا، قال: إنّ معمراً شرب من العلم با نفع.

قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما سمعت منه حديثا إلّاكأنه منقش في صدري.

وقال معمر: خرجت مع الصبيان وأنا غلام إلى جنازةِ الحسن، وطلبت العلم سنة مات الحسن.

____________________

(١). اللآلي المصنوعة ١ / ١٣٦ مع اختلافٍ في مواضع أخرى.

٣٦

قال علي بن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، فلأهل البصرة: شعبة وسعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر بن راشد ويكنّى أبا عروة مولى حدّان.

ومات باليمن سنة ١٥٤.

قال أبو حاتم الرازي: إنتهى الإسناد إلى ستة نفرٍ أدركهم معمر وكتب عنهم، لا أعلم اجتمع لأحدٍ غير معمر، من الحجاز: الزهري وعمرو بن دينار، ومن الكوفة أبو إسحاق والأعمش، ومن البصرة قتادة، ومن اليمامة يحيى بن أبي كثير.

وقال أحمد بن حنبل: لا تُضمّ أحداً إلى معمر إلّا وجدت معمراً أطلب للعلم منه »(١) .

٢ - النووي: « معمر بن راشد. الإمام المحدّث المشهور، مذكور في مواضع من المختصر وهو صاحب الزهري وشيخ عبدالرزاق

قال ابن معين: معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة. وقال: أثبت الناس في الزهري: مالك ومعمر ويونس

قال أحمد بن عبدالله: سكن معمر صنعاء اليمن، وتزوّج بها، رحل إليه سفيان، وسمع منه هناك، وسمع هو من سفيان، ولمـّا دخل معمر صنعاء كرهوا خروجه من عندهم [ فقال رجل: نقيده ] فزوّجوه.

واتّفقوا على توثيقه وجلالته.

روى له البخاري ومسلم »(٢) .

٣ - الذهبي: « معمر بن راشد، الإمام الحجّة، أبو عروة، الأزدي

____________________

(١). الأنساب - المهلّبي.

(٢). تهذيب الأسماء واللّغات ٢ / ١٠٧.

٣٧

مولاهم، البصري، أحد الأعلام، وعالم اليمن، حدّث عن الزهري قال عبدالرزاق: كتبت عن معمر عشرة آلاف حديث. وقال عبدالواحد بن زياد: قلت لمعمر: كيف سمعت من ابن شهاب؟ قال: كنت مملوكاً لقومٍ من طاحية، فبعثوني ببزّ أبيعه، فقدمت المدينة، فنزلت داراً، فرأيت شيخا والناس يعرضون عليه العلم، فعرضت معهم

قال سفيان بن عيينة: قال لي سعيد بن أبي عروبة: روينا عن معمركم فشرفناه وقال عبدالرزاق: بعث معن بن زائدة إلى معمر بذهب فردّه وكتم ذلك »(١) .

٤ - الذهبي: « معمر بن راشد، أبو عروة، الأزدي مولاهم، عالم اليمن. عن الزهري وهمام. وعنه: غندر وابن المبارك وعبد الرزاق »(٢) .

٥ - الخطيب التبريزي: « معمر بن راشد، يكنّى أبا عروة، الأزدي مولاهم، عالم اليمن ...»(٣) .

ترجمة الزّهري

و « ابن شهاب الزهري » شيخ معمر بن راشد المذكور، أحد الأعلام المشاهير عندهم، وإليك بعض الكلمات في حقّه:

١ - ابن حبّان: « محمّد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن شهاب ابن عبدالله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، الزهري، القرشي، كنيته أبو بكر، رأى عشرةً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان من أحفظ أهل

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ١٧٨.

(٢). الكاشف ٣ / ١٤٦.

(٣). الإكمال في أسماء الرجال. وهو أسماء رجال المشكاة مطبوع معه ٣ / ٧٦٥.

٣٨

زمانه، وأحسنهم سياقاً لمتون الأخبار، وكان فقيهاً فاضلاً، روى عنه النّاس »(١) .

٢ - السمعاني: « الزهري من تابعي المدينة، رأى عشرةً من أصحاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان من أحفظ أهل زمانه روى عنه الناس.

مات ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ١٢٤ في ناحية الشام، وقبره ببيداء شعب، مشهور يزار »(٢) .

٣ - الذهبي: « أحد الأعلام. عن أبن عمر وأنس وسهل، وحديثه عن أبي هريرة في الترمذي. وعن رافع بن خديج في النسائي.

وعنه: يونس ومعمر ومالك

قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث. وقال أبو داود: أسند أكثر من ألف.

وحديثه ألفان ومائة حديث نصفها مسنده. مات في رمضان سنة ١٢٤ »(٣) .

٤ - اليافعي: « الإمام أبو بكر محمّد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله ابن شهاب الزهري، أحد الفقهاء والمحدّثين، والأعلام التابعين، حفظ علم الفقهاء السبعة، ورأى عشرة من الصحابة رضي الله عنهم، وسمع من سهل ابن سعد، وأنس بن مالك، وخلائق.

وروى عنه جماعة من الأئمّة، منهم مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة.

قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث، وكان قد حفظ علم الفقهاء السبعة. وقال عمر بن عبدالعزيز: لم يبق أعلم بسنةٍ ماضية من الزهري، وكذا

____________________

(١). كتاب الثقات ٥ / ٣٤٩.

(٢). الأنساب للسمعاني - الزهري.

(٣). الكاشف للذهبي ٣ / ٩٦.

٣٩

قال مكحول. وقال الليث: قال ابن شهاب: ما استودعت قلبي علماً فنسيته. وقال غيره من أهل العلم: كان معظّماً وافر الحرمة عند هشام بن عبدالملك، أعطاه مرّة سبعة آلاف دينار، وقال عمرو بن دينار: ما رأيت الدينار والدرهم عند أحدٍ أهون منه عند الزهري، كأنّها عنده بمنزلة البعر »(١) .

٥ - الخطيب التبريزي: « الزهري، منسوب إلى زهرة بن كلاب، ممّن اشتهر بالنسب إليهم. هو: أبو بكر محمّد بن عبدالله بن شهاب، أحد الفقهاء والمحدثين، والعلماء الأعلام من التابعين بالمدينة، المشار إليه في فنون علوم الشريعة، سمع نفراً من الصحابة، روى عنه خلق كثير، منهم قتادة ومالك بن أنس. قال عمر بن عبدالعزيز: لا أعلم أحداً أعلم بسنّةٍ ماضية منه. قيل لمكحول: من أعلم من رأيت؟ قال: ابن شهاب. قيل له:

ثمّ من؟ قال: ابن شهاب. قيل له: ثمّ من؟ قال: ابن شهاب »(٢) .

٦ - ابن حجر: « محمّد بن مسلم الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرّابعة »(٣) .

٧ - السّيوطي: « أحد الأعلام قال الليث: ما رأيت عالماً قط أجمع من ابن شهاب و أكثر علماً منه »(٤) .

ترجمة سعيد بن المسيّب

وأمّا « سعيد بن المسيب » الذي روى عنه الزهري الحديث الشريف، فهو فقيه المدينة المنورة، وإمام أهل السنّة، ومن كبار التّابعين، وإليك بعض

____________________

(١). مرآة الجنان حوادث سنة ١٢٤.

(٢). الإكمال في أسماء رجال المشكاة. مطبوع معها. ٣ / ٦٥٣.

(٣). تقريب التهذيب ٢ / ٢٠٧.

(٤). إسعاف المبطأ برجال الموطأ: ٧، طبع مع تنوير الحوالك.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الاشعري. ثم انصرف فقال: ردوا على! ردوا على! فجاء فقال: يا أبا موسى! ما ردّك؟ كنّا في شغل، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الاستيذان ثلاثاً فان اذن والا فارجع، قال: لتأتينى على هذا ببينة والا فعلت وفعلت!، فذهب أبو موسى. قال عمر: ان وجد بيّنة تجدوه عند المنبر عشية وان لم يجد بيّنة فلم تجدوه، فلما ان جاء بالعشي وجدوه قال: يا أبا موسى ما تقول؟ أقد وجدت؟ قال: نعم! أبي بن كعب، قال: عدل، قال: يا ابا الطفيل! ما يقول هذا؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك يا ابن الخطاب، فلا تكونن عذاباً على أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال سبحان الله! انما سمعت شيئاً. فأحببت أن أتثبت! ».

و قال أبوجعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي في كتاب ( مشكل الآثار ): « حدثنا يونس بن عبد الاعلى. ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو ابن الحارث عن بكير بن الاشجّ أن بسر بن سعيد حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: كنا في مجلس عند أبي بن كعب فجاء ابو موسى الاشعري مغضباً حتى وقف فقال: أنشدكم الله! هل سمع منكم أحد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الاستيذان ثلاث فان أذن لك فادخل وإلا فارجع؟ فقال أبي: وما ذاك؟ فقال: استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئته أمس فسلمت ثلاثاً ثم انصرفت، فقال: قد سمعنا ونحن حينئذ على شغل فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك؟ قال: استأذنت كما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: فقال: والله لأضربن بطنك وظهرك أو لتأتينّي بمن يشهد لك على هذا! فقال أبيّ بن كعب: فو الله لا يقوم معك أحد الا أحدثنا سنّا الذي بجنبك، قم يا أبا سعيد! فقمت حتى أتيت عمر فقلت: قد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول هذا ».

وقال: « حدثنا ابراهيم بن مرزوق حدثنا أبو عاصم عن ابن جريح عن عطاء عن عبيد بن عمير أن أبا موسى استأذن على عمرو كان مشغولا في

١٦١

بعض الامر فلما فرغ قال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس، قالوا: رجع، قال: ردوه! فجاء فقال: كنا نؤمر بمثل هذا في الاستيذان ثلاثاً، قال: لتأتينى على هذا ببينة أو لافعلن، فجاء الى مجلس الأنصار فأخبرهم فقالوا: لا يقوم معك الا أصغرنا فقام أبو سعيد الخدري، فجاء فقال: نعم! فقال عمر: خفى على هذا من أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشغلني التسويف بالأسواق، قال ابراهيم: وجدت على ظهر كتابي: وشغلني شغلي بالأسواق ».

و قال: « حدثنا فهد بن سليمان ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل ثنا عبد السلام ابن حرب عن طلحة بن يحيى القرشي عن ابى بردة عن أبي موسى قال: جئت باب عمررضي‌الله‌عنه فقلت: السلام عليكم، يدخل عبد الله بن قيس؟ فلم يؤذن، فرجعت فأنتبه عمر فقال: علي بأبي موسى فأتيت قال: أنى ذهبت؟ فقلت استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ليستأذن الرجل المسلم على أخيه ثلاثاً، فان أذن له، والا رجع فقال: لتجيئني على ما قلت بشاهد أو لينالنك مني عقوبة، قال: فخرجت فلقيت أبي ابن كعب فأخبرته فقال: نعم! فجاء فأخبره، فقال له عمر: يا أبا الطفيل! سمعت ما قال أبو موسى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال: نعم! وأعوذ بالله عز وجل أن تكون عذاباً على أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال: وأعوذ بالله من ذلك».

و قال البغوي في ( معالم التنزيل ): « أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا: أبو الحسن على بن محمد بن عبد الله بن بشران، أن اسمعيل بن محمد الصفار، أنا أحمد بن منصور الرمادي، أنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن سعيد الحريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: قال: سلم عبد الله بن قيس على عمر بن الخطاب ثلاث مرات فلم يأذن له فرجع، فأرسل عمر في أثره فقال: لم رجعت؟ قال: اني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إذا سلم أحدكم ثلاثاً فلم يجب فليرجع، قال: لتأتين على ما تقول ببينة والا لأفعلن بك كذا وكذا، غير أنه قد أوعده، قال: فجاء أبو موسى ممتقعاً لونه

١٦٢

وأنا في حلقة جالس فقلنا: ما شأنك؟ فقال: سلمت على عمر، فأخبرنا خبره، فهل سمع منكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالوا كلنا قد سمعه. قال: فأرسلوا معه رجلا منهم حتى أتى عمر فأخبره بذلك ».

وقال برهان الدين عبيد الله بن محمد الفرغاني العبري في ( شرح منهاج البيضاوي ):

« قال أبوعلي في بيان اشتراط العدد: ان الصحابة طلبوا العدد فان أبابكر (رض) لم يقبل خبر مغيرة بن شعبة في الجدة حتى رواه محمد بن مسلمة الانصاري، ولم يعمل عمر (رض) بخبر أبي موسى الاشعري في الاستيذان حتى رواه أبوسعيد الخدري، ورد أبوبكر وعمر خبر عثمان في رد الحكم بن العاص. وأمثال ( ذلك. صح. ظ ) كثيرة، وطلب العدد منهم في الروايات الكثيرة دليل اشتراطه. قلنا في الجواب عنه انهم انما طلبوا العدد عند التهمة لا مطلقاً، ونحن انما ندعى أن خبر العدل الواحد حيث لا تهمة في روايته مقبول، فلا يرد ما ذكرتم من الصور نقضاً ».

وقال ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري ): « واحتج من رد الخبر الواحد: بتوقفهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قبول خبر ذي اليدين، ولا حجة فيه لأنه عارض علمه وكل خبر واحد إذا عارض العلم لم يقبل، وبتوقف أبي بكر وعمر في حديثي المغيرة في الجدة وفي ميراث الجنين حتى شهد بهما محمد ابن مسلمة، وبوقف عمر في خبر أبي موسى في الاستيذان حتى شهد له أبو سعيد، وبتوقف عائشة في خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء الحي، وأجيب بأن ذلك انما وقع منهم اما عند الارتياب كما في قصة أبي موسى فانه أورد الخبر عند انكار عمر عليه رجوعه بعد الثلاث وتوعده، فأراد عمر الاستثبات خشية أن يكون دفع بذلك عن نفسه، وقد أو ضحت ذلك بدلائله في كتاب الاستيذان، واما عند معارضة الدليل القطعي كما في انكار عائشة حيث استدلت بقوله تعالى:( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) .

١٦٣

نهى عمر أباموسى وأباهريرة عن الحديث

بل ان أبا موسى كان متهماً في حديثه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مطلقاً، لا في حديث الاستيذان فحسب، ولذا نهاه وابا هريرة عمر بن الخطاب عن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما نص عليه الغزالي حيث قال:

« ثم اعلم أن المخالف في المسأله له شبهتان: الشبهة الاولى قولهم: لا مستند في اثبات خبر الواحد الا الاجماع، فكيف يدعى ذلك؟ وما من أحد من الصحابة الا وقد رد الخبر الواحد، فمن ذلك توقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قبول خبر ذي اليدين حيث سلم عن اثنتين حتى سأل أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وشهدا بذلك وصدقاه، ثم قبل وسجد للسهو، ومن ذلك رد أبي بكررضي‌الله‌عنه خبر المغيرة بن شعبة من ميراث الجد [ ة ] حتى أخبره معه محمد بن مسلمة، ومن ذلك: رد أبي بكر وعمر خبر عثمان رضي الله عنهم فيما رواه من استئذانه الرسول في الحكم بن أبي العاص وطالباه بمن يشهد معه بذلك. ومن ذلك: ما اشتهر من رد عمررضي‌الله‌عنه خبر أبي موسى الاشعري في الاستيذان حتى شهد له أبو سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه ومن ذلك: رد عليرضي‌الله‌عنه خبر أبي سنان الأشجعي في قصة بروع بنت واشق وقد ظهر منه أنه كان يحلف على الحديث، ومن ذلك: رد عائشة رضي الله عنها خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه، وظهر من عمر نهيه لابي موسى وأبي هريرة عن الحديث عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! وأمثال ذلك مما يكثر، وأكثر هذه الاخبار تدل على مذهب من يشترط عدداً في الراوي، لا على مذهب من يشترط التواتر فإنهم لم يجتمعوا فينتظروا التواتر »(١) .

__________________

(١). المستصفى في علم الاصول ٢ / ١٣٥.

١٦٤

٢ - في سنده ابوبردة وهو فاسق

وفي رجال حديث مسلم « أبوبردة بن أبي موسى » وهو ممن عرف واشتهر بالجرائم الموبقة، فقد كان له يد في قتل الصحابي العظيم « حجر بن عدي » وأصحابه إذ شهد عليهم زوراً.

قال الطبري: « ثم بعث زياد الى أصحاب حجر، حتى جمع منهم اثنى عشر رجلا في السجن، ثم انه دعا رءوس الارباع فقال: اشهدوا على حجر بما رأيتم منه، وكان رؤوس الارباع يومئذ عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة، وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة، وأبو بردة بن أبي موسى على مذحج وأسد، فشهد هؤلاء الأربعة أن حجرا جمع اليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا الى حرب أمير المؤمنين، وزعم أن هذا الأمر لا يصلح الا في آل أبي طالب ووثب بالمصر، وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه، وان هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه وأمره »(١) .

وهذا نص شهادة أبي بردة: « بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما شهد عليه أبوبردة بن أبي موسى لله رب العالمين: شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا الى الحرب الفتنة، وجمع اليه الجموع يدعوهم الى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء.

فقال زياد: على مثل هذه الشهادة فاشهدوا، أنا [ أما ] والله لأجهدن على قطع خيط عنق الخائن الأحمق، فشهد رؤوس الارباع على مثل شهادته وكانوا أربعة، ثم ان زياداً دعا الناس فقال: اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الارباع »(٢) .

__________________

(١). تاريخ الطبري ٤ / ١٩٩.

(٢). تاريخ الطبري ٤ / ٢٠٠.

١٦٥

ابو بردة من المنحرفين عن امير المؤمنين

وذكره ابن أبي الحديد في المنحرفين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « ومن المبغضين القالين: أبوبردة بن أبي موسى الاشعري، يرث البغض [ البغضة ] له لا عن كلالة، [ و ] روى عبد الرحمن بن جندب قال: قال أبو بردة لزياد: اشهد ان حجر بن عدي قد كفر بالله كفرة صلعاء [ أصلع ]. قال عبد الرحمن: انما عنى بذلك نسبة الكفر الى علي بن أبي طالبعليه‌السلام لأنه كان أصلع.

قال: وقد روى عبد الرحمن المسعودي عن ابن عياش المنتوف قال: رأيت ابا بردة قال لابي الغادية الجهني قاتل عمار بن ياسر: أأنت قتلت عمار ابن ياسر؟ قال: نعم، قال: فناولني يدك، فقبلها وقال: لا تمسك النار أبداً!!

وروى أبو نعيم عن هشام بن المغيرة عن الغضبان بن يزيد قال: رأيت ابا بردة قال لابي الغادية قاتل عمار: مرحباً بأخي ههنا ههنا، فأجلسه الى جانبه »(١) .

دلالة حديث مسلم

وأما دلالة فان حديث مسلم هذا لا يفيد مطلوبهم - وهو جواز الاقتداء بالصحابة - لان معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون » هو: ان الاصحاب لا يبقون بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما كانوا عليه في عهده، فتقع بينهم الفتن والحروب، وتختلف آراؤهم وأهواؤهم وقلوبهم، ويتشاجرون فيما بينهم، مما يؤدي الى ارتداد بعض العرب فهذا معنى الحديث وهو يفيد الذم:

قال النووي بشرحه: « و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أمنة لاصحابي فاذا

__________________

(١). شرح نهج البلاغة ٤ / ٩٩.

١٦٦

ذهبت اتى اصحابي ما يوعدون، أي: من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الاعراب واختلاف القلوب، ونحو ذلك مما انذر به صريحاً، وقد وقع كل ذلك »(١) .

وقال الطيبي: « والاشارة في الجملة الى مجيء الشر عند ذهاب اهل الخير فانه لما كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرهم كان يبين ما يختلفون فيه، فلما توفيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حالت الآراء واختلفت الأهواء»(٢) .

وقال القاري: « فاذا ذهبت أنا اتى أصحابي ما يوعدون. أي من الفتن والمخالفات والمحن»(٣) .

هذا واذا دل هذا الحديث على ما سمعت فلا مجال لان يذكر بصدد تأييد حديث النجوم، وأن يعد من فضائل الصحابة.

التحريف في حديث النجوم

وبعد، فقد ظهر لدى التحقيق أن لأصحاب الخدع والضلال وأولى الأيدي الاثيمة تحريفاً عظيماً في هذا الحديث، وذلك لان أصله هكذا: « وأهل بيتي أمان لامتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون » فجعل « أصحابي » في مكان « أهل بيتي » وهذا نص الحديث: « حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن ابن الحسن القاضي بهمدان من أصل كتابه، ثنا محمد ابن المغيرة اليشكري، ثنا القاسم بن الحكيم [ الحكم ] العرني ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة، حدثني محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن أبيه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه خرج ذات ليلة وقد أخر صلاة العشاء حتى ذهب من الليل هنيهة أو ساعة والناس ينتظرون في المسجد فقال: ما تنظرون؟ فقالوا: ننتظر الصلاة، فقال: انكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها. ثم قال: أما

__________________

(١). المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ٩ / ٤٢٤.

(٢). الكاشف - مخطوط.

(٣). المرقاة ٥ / ٥١٩.

١٦٧

انها صلاة لم يصلها احد ممن قبلكم من الأمم، ثم رفع رأسه الى السماء فقال: النجوم أمان لأهل السماء فان طمست النجوم أتى السماء ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي فإذا قبضت أتى أصحابي ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لامتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون »(١) .

فليلاحظ ممن هذا التحريف؟ أمن أبي موسى؟ من ولده أبي بردة؟ من غيرهما من المحرفين المنحرفين؟

سيأتي إن شاء الله تعالى ان اهل البيتعليهم‌السلام هم كالنجوم في هداية الامة، وهم الذين يمتنع الاختلاف والهلاك باتباعهم كل ذلك من أحاديث عديدة بطرق وسياقات متكاثرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي كل ذلك ما يرغم آناف أولي البغي والعناد، ويوضح للسالكين محجة الصواب والرشاد.

حديث النجوم باطل

وحديث النجوم باطل من جهة متنه ودلالته كذلك ولنوضح ذلك في وجوه:

١ - مخالفته للاجماع والضرورة

ان حديث النجوم يدل على صلاح جميع اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهذا باطل بالإجماع.

ويدل على أنهم جميعاً هادون للامة. وهذا باطل أيضاً، لان طائفة كبيرة منهم أضلت كثيراً من الناس.

ويدل على أهلية جميع الصحابة لاقتداء الامة بهم، وهذا ايضاً ظاهر البطلان إذ لا يصلح كثير منهم - بل أكثرهم - لذلك.

__________________

(١). المستدرك ٣ / ٤٥٧.

١٦٨

واذا ثبت بطلان ذلك كله ثبت بطلان الحديث من أصله.

٢ - اقتراف بعض الصحابة للكبائر

لقد اقترف جماعة كبيرة من الصحابة كبائر الذنوب، مثل الزنا وقتل النفس المحترمة وشهادة الزور ونحو ذلك مما هو مشهور ومعروف لمن نظر في أحوالهم، فهل يعقل أن يجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل واحد منهم قائداً للامة وهادياً للملة؟

٣ - مخالفته للكتاب

لقد وردت آيات في كتاب الله عز وجل صريحة في سوء حال جم غفير من الصحابة، ولا سيما الايات في سورة الانفال، وسورة البراءة، وسورة الأحزاب، وسورة الجمعة، وسورة المنافقين.

أفيصح ان ينصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميع الصحابة قادة للامة والحال هذه؟

٤ - مخالفته للاحاديث الاخرى

لقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث كثيرة تفيد ذم الصحابة والحط من شأنهم تجدها في الصحاح والمسانيد المعتبرة، ومنها:

حديث الحوض.

وحديث الارتداد.

و حديث: لا ترجعوا بعدي كفاراً.

و حديث: الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل.

و حديث: لا ادري ما تحدثون بعدي.

و حديث: اتباع سنن اليهود والنصارى.

وحديث: التنافس.

١٦٩

و حديث: ان من اصحابي من لا يراني بعدي ولا أراه.

و حديث: ان في اصحابي منافقين.

و حديث: قد كثرت علي الكذابة.

الى غير ذلك من الاحاديث التي وردت في ذم الصحابة مجتمعين وفرادى. وقد جاوزت حد الحصر، ويكفيك منها ما ذكر في كتاب ( تشييد المطاعن ).

وهذه الاحاديث تعارض حديث النجوم - ان صح - فلا يجوز العمل به.

٥ - نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الاقتداء بهم

لقد جاء في كتب القوم أحاديث تدل بصراحة على منع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الاقتداء بالصحابة، وفيها « ان من اقتداهم في النار ».

قال العاصمي: « وقالعليه‌السلام إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، يعني عن الوقيعة فيهم، عن ذكر زلاتهم وما كان منهم في مقاماتهم، وأي عبد من عباد الله لم يزل ولو بطرفة!!. فليحذر العاقل في هذا الموضوع عن الوقيعة فيهم وذكر زلاتهم ومساويهم.

و أخبرني جدي احمد بن المهاجررحمه‌الله قال اخبر أبوعلى الهروي قال أخبرنا المأمون قال أخبرنا عطية عن ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب قال قال رسول الله صلّى الله عليه: يكون من أصحابي احداث بعدي، يعني الفتنة التي كانت بينهم، فيغفرها الله لهم لسابقتهم، ان اقتدى بهم قوم من بعدهم كبهم الله في نار جهنم.

قال ابن لهيعة: هذا رأيي منذ سمعت هذا الحديث »(١) .

و قال المتقي: « تكون بين أصحابي فتنة يغفر الله لهم لسابقتهم، ان

__________________

(١). زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط.

١٧٠

اقتدى بهم قوم من بعدهم كبهم الله تعالى في نار جهنم. نعيم عن [ ابن ] يزيد ابن أبي حبيب، مرسلا »(١) .

٦ - اعترافهم بعدم أهليتهم للاقتداء بهم

ان في كتب أهل السنة أحاديث كثيرة فيها اعتراف الصحابة أنفسهم بعدم أهليتهم للاقتداء بهم، ويكفي من أقوال أبي بكر بن أبي قحافة:

قوله: ان لي شيطاناً يعتريني.

- لست بخير من أحدكم فراعوني، فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني، وإذا رأيتموني زغت فقوموني.

- أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم.

- أفتظنون أنى أعمل بسنة رسول الله، اذاً لا أقوم بها؟.

ومن أقوال عمر بن الخطاب:

قوله: يا حذيفة بالله أنا من المنافقين.

- لولا علي لهلك عمر ( في قضايا كثيرة ).

- لولاك لافتضحنا ( قاله لعليعليه‌السلام ).

- امرأة خاصمت عمر فخصمته ( في مسألة المهر ).

- امرأة أصابت ورجل أخطأ.

- ألا تعجبون من امام أخطأ ومن امرأة أصابت؟ ناضلت امامكم فنضلته.

- تسمعوننى أقول مثل هذا فلا تنكرونه، حتى تردّ علي امرأة ليست من أعلم النساء؟

- كل أحد أفقه مني.

- كل أحد أفقه من عمر.

__________________

(١). كنز العمال ٢٢ / ١٧٤.

١٧١

- كل أحد أعلم من عمر.

- كل أحد أعلم وأفقه من عمر.

- كل أحد أعلم منك حتى النساء.

- كل أحد افقه من عمر حتى النساء.

- كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال.

- كل الناس أعلم من عمر حتى العجائز.

وهذه كلها موجودة في كتب أهل السنة كما لا يخفى على من راجع ( تشييد المطاعن ) وغيره.

فهل يصح تشبيه هكذا أناس بالنجوم؟!

١٧٢

تفنيد كلام الدّهلوى

في حاشية التّحفة

١٧٣

١٧٤

ومن الغريب قول ( الدهلوي ) في حاشية ( التحفة ) في هذا المقام:

فان قلت: اجتهاد بعض الصحابة خطأ بيقين، فكيف وعد الهداية في اتباعهم جميعاً؟.

قلنا: محل اتباعهم ما كان غير منصوص في الكتاب والسنة، ولا شبهة ان تيقن الخطأ انما يكون في المنصوصات، وهي ليست محلا لاتباعهم.

والحاصل: ان اتباعهم دليل الهداية ما لم يظهر خطؤهم بمقتضى الكتاب والسنة، فلا إشكال. شرح الارشاد.

أقول: وهذا الكلام مردود بوجوه:

١ - المخطىء لا يكون هاديا ً

من كان اجتهاده خاطئاً بيقين لا يجوز ان يكون هادياً.

٢ - الخطأ في غير المنصوصات أكثر

اذا كان بعضهم يخطأ في اجتهاده فيخالف منصوصات الكتاب، فانه

١٧٥

يكون خطؤه في غير المنصوصات أكبر وأكثر.

٣ - لا يجوز متابعة المخطىء مع وجود المعصوم

انه لا ريب في عصمة أئمة اهل البيتعليهم‌السلام عن الخطأ، لدلالة آية التطهير وحديث الثقلين وغيرهما من الآيات والروايات على ذلك - ومع وجود هؤلاء لا يعقل ان يجعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخاطئين بمنزلة النجوم

على ان في اصحابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تتلو مرتبتهم مرتبة الأئمةعليهم‌السلام . امثال أبي ذر وسلمان والمقداد وعمار رضي الله عنهم أجمعين فترك هؤلاء واتباع الخاطئين ظلم عظيم. تعالى الله عن ذلك ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ - الاختلاف بين الاصحاب في الاحكام

انه لا شك في وقوع الاختلاف بين الصحابة في الاحكام الشرعية - المنصوصة منها وغيرها - وهو موضوع كتاب ( الانصاف في بيان سبب الاختلاف لشاه ولى الله والد الدهلوي ) وجعل هؤلاء قادة للامة وتشبيههم بالنجوم من حيث الهداية قبيح في الغاية، يجل عنه كل عاقل فضلا عن خاتم النبيين واشرف الخلائق أجمعينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ - تخطئة الاصحاب بعضهم لبعض

لقد كان باب التخطئة مفتوحاً لدى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل قد تجاوزت تخطئة بعضهم البعض حد الاعتدال وبلغت التكذيب والتجهيل التكفير، وتلك قضاياهم مدونة في كتب أهل السنة وأسفارهم، فكيف يصدق عاقل ان يكونوا جميعاً - والحالة هذه - أئمة في الدين وقادة المسلمين؟!

١٧٦

٦ - استعمالهم القياس

لقد كان في الاصحاب من يستعمل القياس ويتبع في ذلك سبيل أول من قاس ومن كان مخطئاً بيقين في المنصوصات ومستعملا للقياس في غيرها لا يستحق ان يكون نجم هداية.

٧ - جهلهم بالاحكام

لقد كان في الاصحاب - ومنهم المشايخ الثلاثة - من يرجع في الحوادث الواقعة الى غيره ملتمساً الحكم الشرعي فيها، بل كان فيهم من يعترف بأن « كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في الحجال ».

ومن المستحيل ان ينصب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هؤلاء الجهال مراجع للامة في الاحكام وغيرها

بل كان فيهم من يحكم - لفرط جهله - احكاماً مختلفة متناقضة في الواقعة الواحدة

بل كان فيهم من لم يعرف معنى « الكلالة » رغم وجودها في القرآن الكريم وتفسير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها، وقد روي عن أبي بكر انه قال: « انى قد رأيت في الكلالة رأياً، فان كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له وان يكن خطأ فمني والشيطان، والله بريء منه »(١) .

وقد روي في هذا المقام عن عمر بن الخطاب عجائب، رواها الطبري في تفسيره، وقد ذكرت بالتفصيل في ( تشييد المطاعن ).

والأعجب أنه كان الخليفة متى قرأ قوله تعالى:( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ) قال: « اللهم من تبينت له الكلالة فلم تتبين لي ».

ولقد كان يقول « ما اراني أعلمها أبداً، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال » يشير الى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحفصة: « ما أرى أباك يعلمها

__________________

(١). راجع تفسير الطبري ٤ / ٢٨٣ - ٢٨٤.

١٧٧

أبداً ».

بل روي عنه أنه كان يقول « ثلاث لان يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينهن لنا أحبّ الىّ من الدنيا وما فيها: الخلافة والكلالة والربا ».

٨ - اقدام بعضهم على معاملة محرمة

لقد أقدم بعض كبار الصحابة في بعض معاملاته على أمر محرّم باطل، سبب بطلان حجّه وجهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، على حدّ تعبير عائشة بنت أبي بكر.

وقد روى هذا الاثر كبار المحدثين في كتب المحدثين، وأئمة الفقه في كتبهم ومشاهير العلماء في التفسير وعلم الاصول في مؤلفاتهم، وإليك نصوص عبارات طائفة من هؤلاء الاعلام:

قال عبد الرحمن بن القاسم المالكي في كتاب ( المدوّنة الكبرى ): « وأخبرني ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أم يونس أن عائشة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت لها أم محبة أم ولد لزيد بن أرقم الانصاري: يا أم المؤمنين! أتعرفين زيد بن أرقم؟ قالت: نعم! قالت: فاني بعته عبداً الى العطاء بثمان مائة، فاحتاج الى ثمنه فاشتريته منه قبل الأجل بستمائة. فقالت بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لم يتب. قالت: فقلت: أفرأيت ان تركت المائتين وأخذت الستمائة؟ قالت: فنعم! من جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ».

وقال عبد الرزاق بن همام الصنعاني في ( المصنف ) « أخبرنا معمر والثوري عن أبي اسحق السبيعي، عن امرأة دخلت على عائشة في نسوة فسألتها امرأة فقالت: يا أم المؤمنين! كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمان مائة درهم ثم ابتعتها منه بستمائة فنقدته الستمائة وكتب عليه ثمان مائة فقالت عائشة: بئس ما اشتريت وما بئس ما اشترى! أخبري زيد بن

١٧٨

أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم الا أن يتوب، فقالت المرأة لعائشة: أرأيت ان أخذت رأس مالي ورددت اليه الفضل! فقالت: فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ».

وقال أحمد بن حنبل الشيباني في ( مسنده ) « حدّثنا محمد بن جعفر: حدّثنا شعبة، عن أبي اسحاق، عن امرأة ( امرأته. ظ ) أنها دخلت على عائشة - هي وأم ولد زيد بن أرقم - فقالت أم ولد زيد بن أرقم لعائشة: اني بعت من زيد غلاماً بثمان مائة درهم نسية واشتريت بستمائة نقداً، فقالت عائشة: أبلغي زيداً أنك قد أبطلت جهادك مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا أن تتوب! بئس ما اشتريت وبئس ما شريت! ».

وقال أبو بكر أحمد بن محمد المعروف بالجصاص الرازي الحنفي في كتاب ( أحكام القرآن ) في شرح أحكام آية الربا: « ومن الربا المراد من الاية شرى ما يباع بأقل من ثمنه قبل نقد الثمن. والدليل على أن ذلك رباً حديث يونس ابن اسحاق ( أبى اسحق. ظ ) عن أبيه عن أبي العالية قال ( العالية، قالت. ظ ) كنت عند عائشة فقالت لها امرأة: اني بعت زيد بن أرقم جارية لي الى عطائه بثمان مائة درهم وأنه أراد أن يبيعها فاشتريتها منه بستمائة، فقالت: بئسما شريت وبئسما اشتريت أبلغى زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لم يتب! فقالت: يا أم المؤمنين! أرأيت ان لم آخذ الا رأس مالي فقالت:( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ ) ، فدلّت تلاوتها لاية الربا عند قولها « أرأيت ان لم آخذ الا رأس مالي » أن ذلك كان عندها من الربا، وهذه التسمية طريقها التوقيف ».

وقال أبوزيد عبيد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي الحنفي في كتاب ( تأسيس النظر ) في مسائل مبحث تقديم قول الصحابي على القياس: « ومنها اذا اشترى ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن لا يجوز، أخذنا بحديث عائشة رضي الله عنها وحديث زيد بن أرقم فحكمنا بفساد البيع وتركنا القياس،

١٧٩

وعند الامام أبي عبد الله الشافعي: البيع جائز، وأخذ فيه بالقياس ».

وقال شمس الائمة أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي في كتاب ( المبسوط ): « واذا باع رجل شيئاً بنقد أو بنسية فلم يستوف ثمنه حتى اشتراه بمثل ذلك الثمن أو أكثر منه جاز، وان اشتراه بأقل من ذلك الثمن لم يجز ذلك في قول علمائنارحمهم‌الله استحساناً، وفي القياس يجوز ذلك وهو قول الشافعي، لان ملك المشتري قد تأكد في المبيع بالقبض فيصح بيعه بعد ذلك بأي مقدار من الثمن باعه، كما لو باعه من غير البائع، ألا ترى أنه لو وهبه من البائع جاز ذلك، فكذلك اذا باعه منه بثمن يسير، ولأنه لو باعه من انسان آخر ثم باعه ذلك الرجل من البائع الاول بأقل من الثمن الاول جاز، فكذلك اذا باعه المشتري منه.

الا أنّا استحسنا لحديث عائشة، رضي الله عنها، فان امرأة دخلت عليها وقالت: اني بعت من زيد بن أرقم جارية لي بثمان مائة درهم الى العطاء ثم اشتريتها منه بستمائة درهم قبل محل الاجل. فقالت عايشة رضي الله عنها: بئسما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم شريت وبئس أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لم يتب فأتاها زيد بن أرقم معتذراً، فتلت قوله تعالى:( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ) .

فهذا دليل على أن فساد هذا العقد كان معروفاً بينهم، وأنها سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لان أجزية الجرائم لا تعرف بالرأي، وقد جعلت جزاءه على مباشرة هذا العقد بطلان الحج والجهاد، فعرفنا من ذلك كالمسموع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعتذار زيدرضي‌الله‌عنه اليها دليل على ذلك لانّ في المجتهدات كان يخالف بعضهم بعضاً، وما كان يعتذر أحدهم الى صاحبه فيها ».

وقال ملك العلماء علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاشاني الحنفي في كتاب ( بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ) في مسألة « شراء ما باع بأقل من ثمنه قبل نقد الثمن »: « ولنا ما روي أن امرأة جاءت الى سيدتنا عائشة

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449