نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 449

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 204188 / تحميل: 6987
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

تشقها خمراً بين الفواطم وهنّ: فاطمة ابنة حمزة وفاطمة بنت عتبة وفاطمة أمّ عليّ وفاطمة بنته صلّى الله عليه وسلّم، وإرساله لتلك الحلة كان بعد وصوله إلى المدينة، فليتأمّل.

قال في الفصول المهمّة: وقال له أي لعليّ: إذا أبرمت ما أمرتك به، كن على اُهبة الهجرة إلى الله ورسوله، ويقدم كتابي عليك، وإذا جاء أبو بكر توجّهه خلفي نحو بئر أمّ ميمون، وكان ذلك في فحمة العشاء والرصد من قريش قد أحاطوا بالدّار ينتظرون أنْ تنتصف اللّيلة وتنام الناس، ودخل أبو بكر على عليّ وهو يظنّه أي وأبو بكر يظنّ عليّاً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له علي: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج نحو بئر أُم ميمون وهو يقول لك أدركني، فلحقه أبو بكر، ومضيا جميعاً يتسايران حتّى أتيا جبل ثور، فدخلا الغار، فليتأمّل الجمع بينه وبين ما تقدّم »(١) .

قال: « وفي الفصول المهمّة: لما اتّصل خبر مسيره صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، وذلك في اليوم الثاني من خروجه صلّى الله عليه وسلّم من الغار، جمع الناس أبو جهل وقال: بلغني أنّ محمّداً قد مضى نحو يثرب على طريق السّاحل ومعه رجلان آخران، فأيّكم يأتيني بخبره، فوثب سراقة فقال: أنا لمحمّد يا أبا الحكم، ثمّ إنّه ركب راحلته واستجنب فرسه، وأخذ معه عبداً أسود، وكان ذلك العبد من الشجعان المشهورين، فسارا أي في أثر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سيراً عنيفاً حتّى لحقا به.

فقال أبو بكر: يا رسول الله قد دهينا، هذا سراقة قد أقبل في طلبنا ومعه غلامه الأسود المشهور.

____________________

(١). انسان العيون في سيرة الأمين المأمون ٢ / ٢٠٤.

٢٢١

فلمّا أبصرهم سراقة نزل عن راحلته وركب فرسه وتناول رمحه وأقبل نحوهم.

فلمـّا قرب منهم قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: اللّهمّ اكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت وأنّى شئت.

فغابت قوائم فرسه في الأرض حتّى لم يقدر الفرس أنْ يتحرّك.

فلمـّا نظر سراقة إلى ذلك هاله ورمى نفسه عن الفرس إلى الأرض، ورمى رمحه، وقال: يا محمّد أنت أنت وأصحابك أي أنت كما أنت أي آمن وأصحابك، فادع ربّك يطلق لي جوادي، ولك عهد وميثاق أن أرجع عنك.

فرفع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يديه إلى السّماء وقال: اللّهمّ إنْ كان صادقاً فيما يقول فأطلق له جواده. قال: فأطلق الله تعالى له قوائم فرسه حتّى وثب على الأرض سليماً، أي ولعلّ هذا في المرّة الثانية، أو المرّة الأخيرة من السّبع على ما تقدم، وتقدّم أنّ الإقتصار على القوائم لا ينافي الزيادة عليها، فلا يخالف ما سبق في هذه الرواية.

ورجع سراقة إلى مكّة، فاجتمع الناس عليه، فأنكر أنّه رآى محمّداً، فلا زال به أبو جهل حتّى اعترف وأخبرهم بالقصّة، وفي ذلك يقول سراقة مخاطباً لأبي جهل:

أبا حكم والله لو كنتَ شاهداً

لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأنّ محمّداً

رسول ببرهان فمن ذا يقاومه »(١)

وقال الصفوري: « رأيت في الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة بمكة المشرفة شرّفها الله تعالى لأبي الحسن المالكي، أنّ عليّاً ولدته أُمّه بجوف الكعبة شرّفها الله تعالى ».

____________________

(١). إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ٢ / ٢١٩.

٢٢٢

وقد ذكر إكرام الدين الدهلوي كتاب ( الفصول المهمّة ) في مصادر كتابه ( سعادة الكونين في فضائل الحسنين )، فأكثر من النقل عنه جدّاً، والمولوي إكرام الدين الدهلوي من كبار علماء الهند، ومن أجلّاء المعاصرين لمخاطبنا ( الدهلوي )، وهو معظّم لدى علماء أهل السنّة، إذ يذكرونه بكلّ تبجيل واحترام، حتّى أنّ المولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( إزالة الغين ) يذكره من أقران الشيخ عبدالحق الدهلوي، وشاه ولي الله الدهلوي، و ( الدهلوي ) وأمثالهم من مشاهير أئمّة أهل السنّة الّذين يفتون بجواز لعن يزيد بن معاوية، لعنة الله عليه وعلى أبيه.

كما أنّ رشيد الدين خان الدهلوي - وهو أفضل تلامذة ( الدهلوي ) - يذكر كتاب الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة في مصنّفات أهل السنّة في فضائل أهل البيت.

كما اعتمد على الفصول المهمّة: الشيخ حسن العدوي الحمزاوي في كتابه ( مشارق الأنوار ) الّذي نصّ على التزامه بنقل الأحاديث الصحيحة فيه

(٢٨)

رواية الميبدي

ورواه الحسين الميبدي اليزدي - في ( الفتواح - شرح ديوان علي ) - حيث قال: « روى البيهقي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب ».

٢٢٣

ترجمة الميبدي

١ - غياث الدين المدعو بخواند أمير، في تاريخه ( حبيب السير ) الّذي نصّ الكاتب الجلبي باعتباره، واعتمد عليه ( الدهلوي ) وحسام الدين صاحب ( المرافض ). قال: « القاضي كمال الدين مير حسين اليزدي. كان من أفاضل علماء العراق بل من أعاظم علماء الآفاق، ولي القضاء في يزد مع الأمانة، ومن مصنّفاته: شرح ديوان أمير المؤمنين. وهو كتاب غنّي بالعلم ومرغوب فيه لدى الفضلاء. وله أيضاً: شروح على الكافية والهداية في الحكمة، وعلى الطوالع والشمسيّة، وله تعليقات دقيقة ».

٢ - وقد اعتمد عليه الكفوي في طبقاته ( كتاب أعلام الأخيار في طبقات مذهب النعمان المختار ) هذا الكتاب الّذي استند إليه ( مخاطبنا ) في ( بستان المحدّثين ).

٣ - وذكره الكاتب الجلبي في الحكماء الإسلاميّين عند كلامه على الحكمة والحكماء وما يتعلّق بذلك.

٤ - وأيضاً نقل عنه ولي الله الدهلوي في ( رسالة النوادر ) له.

(٢٩)

رواية الصّفوري

ورواه الصفوري الشّافعي في ( نزهة المجالس ) بقوله: « وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في همّته، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في زهده، وإلى محمّد في بهائه، فلينظر إلى علي.

ذكره ابن الجوزي ».

٢٢٤

كلام الصّفوري في خطبة كتابه

وقد قال الصفوري في مقدّمة كتابه ( نزهة المجالس ): « فأحببت - لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: عند ذكر الصالحين يبارك عليكم وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عند ذكر الصالحين تتنزّل الرّحمة - أنْ أجمع ما تيسَّر من أخبارهم وما اشتملوا عليه من العبادة في ليلهم ونهارهم، وأنْ أطرّز ذلك باللطائف والفوائد السنيّة، والزواجر للنفوس الغويّة من المواعظ القويّة، مع ما أذكره من المسائل الفقهيّة والمنافع الطبيّة، وقطرة من مناقب خير البريّة ومن هو حيٌّ في قبره حياةً حقيقيّة، وذاته في ضريحه المكرم على العرش طريّة، وأزواجه وأصحابه وأمّته المرضيّة، وقد جعلته أبواباً وفصولاً حوت معاني قويّة، وسمّيته نزهة المجالس ومنتخب النفائس، وختمته بذكر الجنّة ».

ولهذا الكتاب تقريظ من العلّامة محمّد حسين الخشّاب.

(٣٠)

رواية الوصّابي اليماني

ورواه إبراهيم بن عبدالله الوصابي اليماني الشافعي في كتابه ( أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ) وهو اسم الباب الرابع من كتابه ( الإكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) ولكلٍّ من الأبواب الأخرى اسم يخصّه فرواه عن أنس حيث قال:

« عنه. قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من سرّه أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلقه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

٢٢٥

أخرجه أبو نعيم في فضائل الصّحابة »(١) .

كتاب الوصّابي

وقد اعتمد على كتاب الوصابي المذكور محمّد محبوب عالم في تفسيره ( تفسير شاهي )، وشهاب الدين العجيلي في كتابه ( ذخيرة المآل )، وبذلك يظهر كونه من الكتب المعتمدة المفيدة لدى أهل السنّة.

(٣١)

رواية الجمال المحدِّث

ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المعروف بالمحدِّث: « عن أبي الحمراء قال قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه - وفي رواية: إلى نوح في تقواه - وإلى يحيى ابن زكريّا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه - وفي رواية: وإلى موسى في هيبته - وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(٢) .

ترجمة الجمال المحدّث

والسيّد جمال الدّين المحدّث الشّيرازي من مشايخ ( الدّهلوي ) في الإجازة، وقد ذكر في مقدّمة كتابه ( الأربعين ) أنّه ينقل أحاديثه عن الكتب المعتبرة، وله كتاب ( روضة الأحباب في سيرة النبيّ والآل والأصحاب ).

____________________

(١). أسنى المطالب للوصابي - مخطوط.

(٢). الأربعين في مناقب أمير المؤمنين.

٢٢٦

وقد ذكره صاحب ( حبيب السّير ) بقوله: « مير جمال الدين بن عطاء الله سلّمه الله وأبقاه صار - كعمّه العظيم مير سيّد أصيل الدين - وحيداً في علم الحديث وسائر العلوم الدينيّة والفنون اليقينيّة، وحصل له التقدّم على جميع المحدّثين من أهل عصره، وكتابه روضة الأحباب في سيرة النّبيّ والآل والأصحاب مشهور في الأقطار، ولا يوجد له نظير ألبتة ».

وقال الشيخ علي القاري: « جمعت نسخ المصححة المقروّة المسموعة المصرّحة التي تصلح للإعتماد، وتصحّ عند الإختلاف للإستناد، فمنها نسخة هي أصل السيّد أصيل الدين والسيّد جمال الدين ونجله السعيد ميركشاه المحدثين المشهورين ثمّ إنّي قرأت أيضاً بعض أحاديث المشكاة على منبع بحر العرفان مولانا عطاء الله الشيرازي الشهير بمير كلان، وهو قرأ على زبدة المحقّقين وعمدة المدقّقين ميركشاه، وهو على والده السيّد السند مولانا جمال الدين المحدّث صاحب روضة الأحباب، وهو عن عمّه السيّد أصيل الدين، وهذا الإسناد لا يوجد أعلى منه للإعتماد»(١) .

وقال في ( المرقاة ) في شرح حديث « لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا »: « أمّا نسخ المشكاة المصحّحة المعتمدة المقروّة على المشايخ الكبار كالجزري والسيّد أصيل الدين وجمال الدين المحدّث وغيرها من النسخ الحاضرة، فكلّها بحذف النون ».

وقد ذكر الشنواني السيّد جمال الدين في طريق سند روايته لكتاب المشكاة، في كتابه ( الدرر السنيّة في الأسانيد الشنوانيّة ).

وكذا ( الدهلوي ) نفسه - في ( اُصول الحديث ) - حيث قال: « [ مشكاة المصابيح ]: الشيخ أبو طاهر، عن الشيخ إبراهيم الكردي، عن الشيخ أحمد

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة - مقدمة الكتاب.

٢٢٧

القشاشي، عن الشيخ أحمد بن عبدالقدوس الشناوي، عن السيّد غضنفر ابن السيّد جعفر النهرواني عن الشيخ محمّد سعيد المعروف بميركلان الذي كان شيخ مكة في وقته، وهو عن السيّد نسيم الدين ميركشاه، عن والده العظيم السيّد جمال الدين عطاء الله ».

كما وقع إسناد الشيخ أبي علي محمّد إرتضاء العمري الصفوي، كما لا يخفى على من راجع كتاب ( مدارج الإسناد ) له.

وقد اعتمد على السيّد جمال الدين ونقل عنه الشيخ عبدالحق الدهلوي في كتابه ( أسماء رجال المشكاة ).

وقال الصديق حسن خان القنوجي في ( الحطّة ): « وكتاب روضة الأحباب للسيّد جمال الدين المحدّث أحسن السير ».

(٣٢)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه أحمد بن الفضل بن باكثير الشافعي المكّي عن الحاكمي والملّا في سيرته، وهذا لفظه: « عن أبي الحمراءرضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريّا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى

٢٢٨

يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته »(١) .

ترجمة ابن باكثير

وقد ترجم له المحبّي قائلاً: « الشيخ أحمد بن الفضل بن محمّد بن باكثير، المكي الشافعي، من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين. كان فاضلاً أديباً، له مقدار عليّ وفضل جلّي، وكان له في العلوم الفلكيّة وعلم الآفاق والزايرجا يد عالية، وكان له عند أشراف مكّة منزلة وشهرة، وكان في الموسم مجلس في المكان الّذي يقسّم فيه الصرّ السلطاني بالحرم الشريف بدلاً عن شريف مكة. ومن مؤلفاته: حسن المآل في مناقب الآل »(٢) .

وقد ذكر في مقدّمة كتابه المذكور: « فرأيت أنْ أجمع في تأليفي هذا من درر الفوائد المثمنة وغرر الأحاديث الصحيحة والحسنة ممّا هو مختصّ بالعترة النبويّة والبضعة الفاطميّة، وأذكره بلفظ الإجمال، ثمّ ما ورد من مناقب أهل الكساء الأربعة نخبة الآل، واُصرّح فيه بأسمائهم، ثمّ ما ورد لكلّ واحدٍ منهم بصريح اسمه الشريف.

فجمعت في كتابي هذا زبدة ما دوّنوه وعمدة ما صحّحوه من ذلك وأتقنوه، وما رقموه في مؤلّفاتهم وقنوه فيه، مقتصراً على ما يؤدي المطلوب، ويوصل إليه بأحسن نمط وأسلوب، سالكاً في ذلك طريق السداد، ومقتصراً فيه على ما يحصلّ المراد وتركت ما اشتدّ ضعفه منها وما لم نجد له شاهداً يقويه، وجانبت عمّا تكلّم في سنده وقد عدّه الحفاظ من الموضوع الّذي يجب

____________________

(١). وسيلة المال في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

(٢). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٢٧١.

٢٢٩

أن نتّقيه، وأتيت بالمشهور من كتب التواريخ تتبّعت فيه من الأحاديث ما يشرح صدور المؤمنين، وتقرّ به عيون المتّقين، ويضيق بسببه ذرع المنافقين ».

(٣٣)

رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمّد بن معتمد خان البدخشاني عن البيهقي حيث قال:

« أخرج البيهقي في فضائل الصحابة عن أنس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة البدخشاني

والبدخشاني من علماء أهل السنّة الّذين يفتخر محمّد رشيد تلميذ ( الدّهلوي ) بتأليفهم كتباً خاصّة بفضائل أهل البيت، ويقول بأنّ علماء أهل السنّة لا يبغضون ولا يعادون أهل البيت.

وذكره المولوي حيدر علي الفيض آبادي، في جملة كبار علماء أهل السنّة الّذين يفتون بجواز لعن يزيد بن معاوية.

و ( الدهلوي ) نفسه اعتمد على البدخشاني في جواب سؤالٍ ورد عليه حول السبب في تلقيب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمصطفى، وتلقيب

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

٢٣٠

أمير المؤمنين بالمرتضى فقال: « والميرزا محمّد بن معتمد خان الحارثي المؤرّخ الشهير في هذه البلاد أيضاً يلقّب عليّاً بالمرتضى، في رسالتيه في فضائل الخلفا وفضائل أهل البيت، وهما من عمدة مصنّفاته ».

(٣٤)

رواية محمّد صدر العالم

ورواه الشيخ محمّد صدر العالم بقوله: « أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة مرفوعاً: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: من سرّه أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوحٍ في فهمه، وإلى إبراهيم في خلّته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(١) .

شعر ولي الله الدهلوي بمدح محمّد صدر العالم

قال الشيخ ولي الله والد مخاطبنا ( الدهلوي ) وإمامه ومقتداه في ( التفهيمات الإلهيّة ):

إنّ محمّد صدر العالم ألّف كتاباً - وهو معارج العلى - فضّل فيه عليّاً على الخلفاء تفضيلاً كليّاً، وكان من جملة ما ذكر فيه قصة شقّ القمر له كرّم الله وجهه، ثمّ أرسله إليَّ وطالعته، ونظمت هذه الأبيات:

رعاك الله يا صدر العوالي

وطول الدهر كان لك البقاء

لقد أوتيت في الآباء فخراً

وبالأبناء يرتفع العلاء

وجدّك آية لا ريب فيها

وبحر لا تكدّره الدلاء

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

٢٣١

وفي كشف المعارف كان فرداً

وما في القوم كان له كفاء

لقد كوشفت ما كوشفت حقّاً

وفضل الله ليس له انتهاء

أتاك الثلج والإتقان لمـّا

رأيت الشق وانكشف اللواء

وإذ أدناك سيّدنا علي

بإكرام وعلم ما يشاء

تؤلف في مناقبه كتاباً

وعند الله في ذاك الجزاء

ومكثر مدح مولانا علي

مقلّ لا يكون له وفاء

فما من مشهدٍ إلّا وفيه

له فخر كبير وازدهاء

وما من منهل إلّا وفيه

له شرب عظيم وارتواء

وللقرآن تنزيل وظهر

يقاتلهم عليه الأنبياء

وللقرآن تأويل وبطن

يخاصمهم عليه الأوصياء

قبول الناس للتنزيل فيه

سياسات له منها نماء

فمنها ردّ تحريف ومدّ

لأسباب له منها انتشاء

وصلح واختصام وائتلاف

بأقوام قلوبهم هواء

لهذا القسم أسرار عظام

وللشيخين فيه اعتلاء

وفي علم النبوة إنّ هذا

ملاك الأمر ليس بها خفاء

وما زال الصحابة عارفيه

يقيناً مثل ما طلعت ذكاء

فأثبت ذاك للشيخين واختر

من الأوصاف مدحاً ما تشاء ».

٢٣٢

(٣٥)

رواية وليّ الله الدّهلوي

قال وليّ الله الدّهلوي والد مخاطبنا ( الدهلوي ) - في ( قرة العينين ) - بعد جوابه على كلام المحقّق نصير الدين الطوسي في أفضليّة أمير المؤمنين:

« وبعد هذا كلّه، فإنّ جميع ما ذكره المتأخّرون من المعتزلة - كما ينقل عن الإمام الرازي في كتاب الأربعين، واختصره نصير الدين الطوسي - حججنا في أفضليّة المرتضى ممّن كان في أيّام خلافته، ونعترف بأصله ونتمسّك بثبوته في محلّه، لا بالنسبة إلى الشيخين ».

هذا كلام ولي الله الدهلوي، ومن راجع الأربعين للرازي وكلام النصير الطوسي، وجد فيه حديث التشبيه. قال الرازي:

« الحجة التاسعة عشر - روى أحمد والبيهقي في فضائل الصحابة قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

ظاهر الحديث يدلّ على أنّ عليّاً كان مساوياً لهؤلاء الأنبياء في هذه الصفات، ولا شكّ أنّ هؤلاء الأنبياء في هذه الصفات كانوا أفضل من أبي بكر وسائر الصحابة، والمساوي للأفضل أفضل، فيكون علي أفضل منهم »(١) .

____________________

(١). الأربعين في أصول الدين: ٣١٣.

٢٣٣

(٣٦)

رواية محمّد الأمير

وقال العلّامة محمّد الأمير الصنعاني في ( الروضة النديّة - شرح التحفة العلويّة ) ما نصّه: « فائدة: قد شبهه بخمسة من الأنبياء كما قال المحبّ الطبريرحمه‌الله ما لفظه: ذكر تشبيه عليرضي‌الله‌عنه بخمسةٍ من الأنبياء:

عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى ابن زكريّا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملّا في سيرته.

قلت: وقد شبّهه صلّى الله عليه وسلّم بهؤلاء الخمسة الرسل في اكتسابه للخصال الشريفة من خصالهم ».

ترجمة الأمير

١ - الحفظي الشافعي: « وأولاد الإمام المتوكِّل علماء جهابذة وأبرار، أعظمهم ولده الإمام المؤيّد بالله محمّد بن إسماعيل، قرأ كتب الحديث وبرع فيها، كان إماماً في الزهد والورع، يعتقده العامّة والخاصّة.

٢٣٤

ومن أعيان آل الإمام: السيّد المجتهد الشهير، والمحدّث الكبير، السراج المنير، محمّد بن إسماعيل الأمير، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار، صنّف أكثر من مائة مؤلَّف، وهو لا ينسب إلى مذهب، بل مذهبه الحديث »(١) .

٢ - الشوكاني: « الإمام الكبير، المجتهد المطلق، صاحب التصانيف

برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرّد برياسة العلم في صنعاء، وتظهّر بالإجتهاد، وعمل بالأدلّة، ونفر عن التقليد، وزيّف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهيّة وبالجملة، فهو من الأئمّة المجدّدين لمعالم الدين »(٢) .

٣ - القنوجي: « وهو الإمام الكبير، المحدّث الأصولي، المتكلّم الشهير، قرأ كتب الحديث وبرع فيها، وكان إماماً في الزهد والورع، وكان ذا علم كير ورياسة عالية، وله في النظم اليد الطولى، بلغ رتبة الإجتهاد المطلق، ولم يقلَّد أحداً من أهل المذاهب، وصار إماماً كاملاً مكملاً بنفسه ...»(٣) .

(٣٧)

رواية الحفظي الشافعي

ورواه شهاب الدين الحفظي العجيلي الشافعي بقوله: « روى البيهقي يرفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زهادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(٤) .

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٢). البدر الطالع ٢ / ١٣٣.

(٣). أبجد العلوم، التاج المكلّل.

(٤). ذخيرة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

٢٣٥

ترجمة العجيلي

وترجم الصديق حسن القنوجي: « وله مناقب وفضائل شهيرة، وكان لا يسمع بذي فضيلة من جهةٍ من الجهات إلّاوتعرّف به واستطلع حقيقة فضيلته، ومكث على هذه الحالة دهراً طويلاً، ثمّ آثر الخلوة والعزلة إلى أنْ انتقل إلى جوار رحمة الله تعالى »(١) .

(٣٨)

رواية وليّ الله اللّكهنوي

ورواه المولوي ولي الله اللكهنوي بقوله: « قال صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زهادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(٢) .

أقول:

قد عرفت بما تلوناه عليك ونقلناه لك من كلمات أساطين أئمّة أهل السنّة، وكبار حفّاظهم، ومشاهير علمائهم في مختلف العلوم أنّ حديث التشبيه - بمختلف ألفاظه وأسانيده - حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك يعتريه

____________________

(١). التاج المكلل: ٥٠٩.

(٢). مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيّد المرسلين - مخطوط.

٢٣٦

إنّه حديث رووه بأسانيدهم عن عدّةٍ من الصحابة عن النبيّ الأكرم والرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

رووه وأخرجوه في كتبهم، واستشهدوا به في كلماتهم، ونظموه في أشعارهم

فكيف ينفي ( الدهلوي ) صحّته! وينكر وجوده في كتب أهل السنّة! ويزعم عدم قبولهم إيّاه؟!

فالله حسيبه على ما قال وكفى به حسيباً.

لكن الّذي نتوخّاه ونرجوه أنْ لا يقدم أحد على ما أقدم عليه، ولا يغترّ بما قاله وتقوّله، فإنّ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) و( اللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ ) .

هذا كلّه بالنسبة إلى سند هذا الحديث.

وقس عليه في البطلان كلماته في الدلالة، كما سيتّضح لك، وعلى الله التكلان:

٢٣٧

٢٣٨

نقض كلمات الدهلوي

حول سند حديث التشبيه

٢٣٩

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

تجزئ عنه عند الشافعي وأحمد(١) .

أمّا عندنا فإن كان المدفوع قرضاً سقطت الزكاة ، لأنّها تتمة النصاب ، وإن كان زكاةً معجَّلة لم تقع ، وكانت باقيةً على ملك صاحبها إن كان المال بحاله جاز أن يحتسبه من الزكاة وأن يعدل بها إلى غيره.

وأمّا عندهما : فلأنّه نصاب تجب فيه الزكاة بحلول الحول ، فجاز تعجيلها منه ، كما لو كان أكثر من أربعين ، ولأنّ المعجَّل في حكم الموجود(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب الزكاة ، ولا يكون ما عجّله زكاة ؛ لأنّ المعجَّل زال ملكه عنه فلم يحتسب من ماله ، كما لو باعه أو أتلفه(٣) .

الثانية : لو كان معه مائة وعشرون فعجَّل منها شاةً ثم نتجت شاة ثم حال الحول لم يكن عليه شاة اُخرى عندنا ؛ لعدم ضمّ السخال إلى الاُمّهات عند علمائنا ، فالنصاب لا يجب فيه أكثر من شاة ، فله الاحتساب والدفع إلى غير الآخذ.

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة اُخرى(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب اُخرى(٥) ، كما قلناه.

الثالثة : لو كان معه مائتا شاة فعجَّل منها شاتين ثم نتجت شاة ، وحال عليها الحول لم تجب عليه شاة اُخرى عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، المغني ٢ : ٤٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢) اُنظر : المغني ٢ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المغني ٢ : ٤٩٩ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ - ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤ - ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٦) شرح فتح القدير ٢ : ١٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

٣٠١

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة أخرى ، لأنّه لو لم يعجّل الشاتين وجب عليه ثلاث شياه ، والتعجيل رفق بالمساكين ، فلا يكون سببا في إسقاط حقوقهم(١) .

وينتقض بالبيع والإتلاف.

مسألة ٢١٢ : لو كان معه خمس من الإِبل فعجّل زكاتها‌ وله أربعون من الغنم فهلكت الإِبل فأراد أن يجعل الشاة معجَّلة عن الغنم ابتني على ما إذا عيّن الزكاة من مال هل له أن يصرفه إلى غيره؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّها لم تصر زكاةً بعدُ ، وسيأتي.

مسألة ٢١٣ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة في النقدين والمواشي فكذا في الزروع والثمار‌ - وهو قول بعض الشافعية(٢) - لأنّ زكاتها متعلّقة بسبب واحد وهو الإِدراك ، فإذا قدّم الزكاة فقد قدّمها قبل وجود سببها.

وقال ابن أبي هريرة منهم : يجوز(٣) ؛ لأنّ وجود الزرع سبب فيها ، وإدراكه بمنزلة حؤول الحول فجاز تقديمها.

مسألة ٢١٤ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة عندنا لحول واحد فالحولان فصاعداً أولى بالمنع‌.

واختلف المـُجوّزون في الأول هل يجوز تعجيل أكثر من زكاة حول واحد فقال الحسن البصري : يجوز لسنتين وثلاث - وهو المشهور عند الشافعية ، وهو قول أبي إسحاق منهم - لأنّ النصاب سبب في إيجاب الزكاة في هذين العامين فجاز تقديم الزكاة كالعام الأول ( ولأنّ العباس استلف صدقة عامين‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

٣٠٢

من الناس )(١) (٢) .

وقال بعض الشافعية : لا يجوز - كما قلناه - لأنّه قدّم الزكاة على الحول الثاني ( فلم يجز )(٣) كما لو قدّمه على الحول الأول(٤) .

وفرّق الأولون : بأنّ التقديم على الحول الأول تقديم على النصاب ، بخلاف صورة النزاع.

إذا ثبت هذا فإن كان معه نصاب لا غير لم يجز له أن يعجّل أكثر من صدقة سنة واحدة إجماعاً منهم ؛ لأنّه إذا عجّل أكثر من ذلك نقص النصاب في الحول الثاني بوقوع زكاة الحول الأول موقعها ، وانقطاع حكمها عن ماله.

وعلى قولنا إن احتسب عند الحول الأول المدفوع من الزكاة سقطت في الثاني ، وإن لم يحتسب سقطت أيضاً ؛ لتعلّق الزكاة بالعين فينقص عن النصاب حكماً في الثاني.

مسألة ٢١٥ : إذا مات المالك قبل الحول انتقل المال إلى الوارث‌ ، واستأنف الحول ، وبطل حكم الأول ، وانقطع الحول بموت المالك عند علمائنا - وهو الجديد للشافعي(٥) - لأنّه بموته خرج عن أهلية التملّك ، وبقاء مال بغير مالك محال ، فينتقل إلى الوارث ، فيستأنف الحول كما لو باعه.

____________________

(١) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية ، خلافاً لما في المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، وفتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١١ ، حيث ورد فيها : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تسلّف من العباس صدقة عامين. فلاحظ.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ - ٥٣٢ ، والمغني ٢ : ٤٩٨.

(٣) في « ط » : فلم يجزئه.

(٤) راجع المصادر في الهامش (٢)

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦ - ٢٧.

٣٠٣

ولقوله تعالى :( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١) أضاف بلام التملّك.

وقال في القديم : لا ينقطع بموته ، ويبنى حول الوارث على حول الموروث(٢) .

إذا عرفت هذا ، فلو عجّل زكاة ماله قبل الحول ثم مات ، وانتقل المال إلى ورثته ، لم يجزئه التعجيل عندنا ؛ لما مرّ ، وهو قول بعض الشافعية ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن تكون الزكاة معجّلةً قبل ملك النصاب.

وعلى القديم يجزئه ما عجّله ؛ لأنّه لمـّا قام الوارث مقام الميت في ملكه قام مقامه في حقّه ، ولهذا يرث منه الشفعة ( فيأخذها )(٣) بسبب ملك متجدّد(٤) .

وهو ممنوعٌ ؛ لأنّه يأخذها إرثاً لا بسبب ملكه.

إذا ثبت هذا ، فإن كان المالك حين الدفع شرط التعجيل رجع بها الوارث ، وإلّا فلا.

وفرّع الشافعي على الإِجزاء إن كان نصيب كلّ واحد يبلغ نصابا أجزأت عنهم إذا حال الحول ، وإن قصر فإن اقتسموا بطل الحول ، وكان لهم ارتجاع الزكاة إن شرط فيها التعجيل ، وإن لم يقتسموا وبقي مختلطاً إلى آخر الحول ، فإن كانت ماشيةً أجزأت عنهم الزكاة ، وإن كان غيرها ( بني )(٥) على القولين في الخلطة فيه ، إن جوّزناها كان كالماشية ، وإلّا كان كما لو اقتسموا(٦) .

____________________

(١) النساء : ١١.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧.

(٣) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : فيأخذ.

وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ و ٥٣٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

(٥) في « ط » : يبنى.

(٦) اُنظر : المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٦.

٣٠٤

مسألة ٢١٦ : إذا تسلّف الساعي أو الإِمام الزكاة‌ ، فإن كان بغير مسألة أهل السُّهمان ولا أرباب الأموال فتلفت في يده ضمن - وبه قال الشافعي(١) - لأنّهم أهل رشد لا يولّى عليهم ، فإذا قبض لهم بغير إذنهم كان ضامناً ، كالأب يقبض لابنه الكبير بغير إذنه.

لا يقال : الأب ليس له القبض ، وهنا يجوز لحاجتهم.

لأنّا نقول : جواز القبض لا يدفع الضمان.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يضمن ، لأنّ للإِمام ولاية على أهل السُّهمان ، فإذا استقرض لهم وتلف في يده من غير تفريط لم يضمن كولي اليتيم(٢) .

ونمنع ولاية الإِمام إذا لم يكن المالك مانعاً ، ويخالف ولي اليتيم ؛ لأنّه لا إذن للمولّى عليه ، بخلاف أهل السُّهمان.

وإن قبضها بسؤال أهل السُّهمان فتلفت ( في يده )(٣) من غير تفريط لم يضمن ، وأجزأت عن رب المال ؛ لأنّ يده كيدهم إذا نوى في القبض ، والمالك مأمور بالدفع إليه ، فحصل الإِجزاء؛ للامتثال.

وإن قبضها بسؤال أرباب الأموال فلا ضمان عليه ؛ لأنّه أمين قبض المال بإذن ربه على سبيل الأمانة ولا تجزئ عن أربابها ، بل تكون من أموالهم ؛ لأنّه وكيل لهم فيها.

وإن كان بسؤالهما معاً قال الشيخ : الأولى أن يكون منهما ؛ لأنّ كلّ واحد منهما له إذن في ذلك ، ولا ترجيح لأحدهما على صاحبه في ذلك(٤) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧ ، المغني ٢ : ٥٠٢.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٨.

٣٠٥

وللشافعي وجهان : أحدهما : يكون من ضمان أرباب الأموال ؛ لأنّهم أقوى جنبة فإنّهم المالكون للمال. والثاني : يكون من ضمان الفقراء ، لأنّه قبضه لمنفعتهم بإذنٍ ، فكان من ضمانهم. وهو أصحّهما عند الشافعية(١) .

مسألة ٢١٧ : ما يتعجّله الوالي من الصدقة يقع متردّداً بين أن يقع زكاةً أو يستردّ‌ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّا قد بيّنّا أنّه لا يجوز تقديم الزكاة إلّا على جهة القرض ، فإذا حال الحول فإن تمّت الشرائط والدافع والمدفوع إليه على الصفات ، كان للمالك احتسابه من الزكاة والاسترداد على ما اخترناه نحن.

وعند الشافعي يقع زكاةً معجّلة ، فإن تغيّرت الأحوال لم يسقط عنه الدّين ، بل يتأكّد قضاؤه عليه(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه متردّد بين أن يقع زكاةً أو تطوّعاً(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ المالك لم يقصد التطوّع ، فلا ينصرف إلى غير ما قصده.

مسألة ٢١٨ : إذا تسلّف الساعي الزكاة‌ ، فبعد الحول إن لم يتغيّر الحال في المال والدافع والمدفوع إليه ، فعلى ما اخترناه نحن من أنّها قرض لا زكاة معجّلة ، للمالك استرجاعها منه ، ودفعها إلى غيره ، أو دفع عوضها ، أو احتسابها من الزكاة ، وللمدفوع إليه دفع المثل أو القيمة وإن كره المالك ؛ لأنّه قرض.

وعند القائلين بأنّها زكاة معجّلة يقع الدفع موقعه ويجزئ ، وليس للمالك انتزاعها منه(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٩ ، و ٥ : ٥٣٧ و ٥٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٨ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٤) حلية العلماء ٣ : ١٣٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٢.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

٣٠٦

وإن تغيّرت حال المالك فمات قبل الأجل أو نقص النصاب أو ارتدّ لم يقع ما دفعه زكاةً ، وله استرجاعه - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّه مال دفعه عمّا يستحقّه القابض في الثاني(٢) ، فإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق وجب الردّ ، كما لو دفع اُجرةً في سكنى دار فانهدمت. ولأنّه دفع على أنّها زكاة واجبة وقد ظهر البطلان.

وقال أبو حنيفة : ليس له استرجاعه إلّا أن يكون في يد الإِمام أو الساعي ؛ لأنّها وصلت إلى يد الفقير ، فلم يكن له استرجاعها ، كما لو لم يشترط ؛ لأنّه زكاة معجّلة(٣) .

والفرق أنّه إذا لم يشترط التعجيل احتمل أن يكون تطوعاً ، فلم يقبل قوله في الرجوع.

وإن تغيّرت حال الفقير بأن يستغني بغير الزكاة ، أو يرتدّ ، فإنها لا تجزئ ، ويجب استرجاعها ليدفعها إلى مستحقّها - وبه قال الشافعي(٤) وأحمد(٥) - لأنّ ما كان شرطاً في إجزاء الزكاة إذا ( عدم )(٦) قبل حلول الحول لم يجزئ كما لو مات رب المال.

وقال أبو حنيفة : وقعت موقعها ؛ لأنّ تغيّر حال الفقير بعد وصول الزكاة‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) أي : في العام القابل.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

(٥) يظهر من المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، أنّ قول أحمد موافق لقول أبي حنيفة ومخالف لرأي المصنّف ، والشافعي. فلاحظ.

(٦) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : ( تقدّم ) والصحيح - كما يقتضيه السياق - ما أثبتناه.

٣٠٧

إلى يده لا يمنع من إجزائها ، كما لو استغنى بها(١) .

والفرق : أنّه إذا استغنى بها حصل المقصود بالدفع ، فلم يمنع ذلك من إجزائها.

فروع :

أ - لو مات المدفوع إليه جاز الاحتساب من الزكاة بعد الحول ؛ لأنّ قضاء الدَّين عن الميت من الزكاة سائغ على ما أوضحناه. ولأنّه من سبيل الله.

ومنع الشافعي من ذلك(٢) . وليس بمعتمد.

ب - قال الشيخ : إذا عجّل الزكاة لمسكين ثم حال الحول وقد أيسر ، فإن كان من هذا المال مثل أن كانت ماشيةً فتوالدت ، أو مالاً فاتّجر به وربح ، وقعت موقعها ، ولا يجب استرجاعها ؛ لأنّه يجوز أن يعطيه ما يغنيه ، لقول الصادقعليه‌السلام : « أعطه وأغنه »(٣) .

ولأنّا لو استرجعناها منه افتقر وصار مستحقّاً للإِعطاء ، ويجوز أن تردّ عليه ، وإذا جاز ذلك جاز أن يحتسب به.

وإن كان قد أيسر بغير هذا المال بأن ورث أو غنم أو وجد كنزاً ، لم تقع موقعها ، ووجب استرجاعها ، أو إخراج عوضها ؛ لأنّ ما أعطاه كان دَيْناً عليه ، وإنّما تحتسب عليه بعد حوؤل الحول ، وفي هذه الحال لا يستحق الزكاة ، لغنائه ، فلا تحتسب له(٤) .

وفي قول الشيخ إشكال ، أمّا أوّلاً : فلأنّ نماء المدفوع يقع ملكاً

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٣) نقله الشيخ الطوسي بالمعنى ، وانظر : الكافي ٣ : ٥٤٨ / ٣ و ٤ ، والتهذيب ٤ : ٦٣ / ١٧٠ و ٦٤ / ١٧٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٠.

٣٠٨

للقابض ؛ لأنّه قرض على ما تقدّم ، ونماء القرض لمالكه ، فإذا كان النماء موجباً للغناء لم يجز صرف الزكاة إليه كما لو كان غنياً بغيره.

وأمّا ثانياً : فلأنّ ما يأخذه على سبيل القرض يملكه المقترض ، ويخرج عن ملك الدافع ، فلا يكون محسوباً من النصاب ، فيجب على المالك زكاة ما في يده إن كان نصاباً ، ولا يضمّ إليه ما أخذه القابض.

ج - إنّما يكون له الرجوع في موضعه إذا شرط حالة الدفع ثم ظهر الخلاف على ما يأتي.

مسألة ٢١٩ : إذا تسلّف الساعي الزكاة ، وتغيّرت الحال‌ ، وحكمنا باسترداد المدفوع ، فإن كان باقياً بحاله استرجعه إن شرط حالة الدفع أنّها زكاة معجّلة ؛ لفساد الدفع عندنا ، ولفوات شرط الاستحقاق عند من سوّغه.

وإن كان قد زاد زيادةً متصلةً كالسمن ردّ العين مع الزيادة ، لأنّها تابعة لها ، وإن كانت منفصلةً كالولد ردّه أيضاً مع العين ؛ لفساد الدفع.

وقال الشافعي : لا يستردّ النماء ؛ لأنّها حدثت في ملك الفقير(١) . وهو ممنوع.

نعم لو دفعها قرضاً ملكها الفقير ، ولم يكن له الرجوع في العين ، بل يطالب بالمثل أو القيمة سواء زادت أو لا ، والنماء المنفصل للفقير حينئذٍ ؛ لأنّه نماء ملكه.

ولو كانت العين ناقصةً لم يضمن النقصان لفساد الدفع ، فكانت العين أمانةً في يده ، أمّا لو قبضها قرضاً فإنّه يضمن النقصان.

وقال الشافعي في الاُم : لا يضمنها ؛ لأنّ النقص حدث في ملكه فلا يضمنه(٢) .

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ وعنه في فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

٣٠٩

وله آخر : الضمان ؛ لأنّ من ضمن القيمة عند التلف ضمن النقص(١) .

ولو كانت العين تالفةً ، فإن كان لها مثل وجب المثل وإلّا القيمة.

ومتى يعتبر؟ قال الشيخ : يوم القبض ؛ لأنّه قبض العين على جهة القرض ، فيلزمه قيمة يوم القبض(٢) .

وهو حقّ إن دفعها على جهة القرض ، أمّا لو دفعها على أنّها زكاة معجّلة فإنّ الدفع يقع فاسداً ، والملك باقٍ على مالكه.

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه تعتبر القيمة يوم القبض - وبه قال أحمد - لأنّ ما زاد بعد ذلك أو نقص فإنّما كانت في ملكه فلم يضمنه ، كما لو تلف الصداق في يد المرأة ثم طلّقها فإنّها تضمن نصيبه يوم القبض.

والثاني : يضمنه يوم التلف(٣) ، لأنّ حقّه انتقل من العين الى القيمة بالتلف ، فاعتبر يوم التلف كالعارية ، بخلاف الصداق ؛ فإنّ حقّه في المسمّى خاصة ، ولهذا لو زاد الصداق لم يرجع في العين مع الزيادة المتصلة والمنفصلة ، فافترقا.

إذا عرفت هذا ، فإن استرجع المدفوع بعينه ضمّ إلى ماله ، وأخرج زكاته إن كان قد دفع على أنّها زكاة معجّلة ؛ لبقاء الملك على ربّه ، وتمكّنه من أخذه ، وبه قال الشافعي(٤) .

وبعض أصحابه قال : إن كان غير الحيوان ضمّه كما يضمّ الدَّين الى ماله ، وإن كان حيواناً لم يضمّه ؛ لأنّه لمـّا استغنى الفقير زال حكم الزكاة فيها ،

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٠

وتعلّق حقّه بعينها ، ولم يملكها إلا بالرجوع فيها ، فانقطع حكم الحول فيها(١) .

وإن استرجع القيمة لم يضمّها الى ماله ؛ لأنّه تجدّد ملكه عليها ، ولم يكن حكمها حكم ماله.

مسألة ٢٢٠ : إذا عجّل الزكاة إلى فقير حال الدفع ثم استغنى بغير الزكاة ثم افتقر‌ فحال الحول وهو فقير ، جاز له أن يحتسب من الزكاة ؛ لأنّ الاعتبار بحال الدفع وحال الحول ، وإذا كان حال الدفع فقيراً حصل المقصود بالدفع ، وإذا كان فقيرا حال الحول فهو ممّن يجوز دفع الصدقة إليه فيجزئه ، ولا اعتبار بما بينهما ، وهو أحد وجهي الشافعي(٢) .

وفي الثاني : لا يجزئ(٣) ، لأنّه بالاستغناء بطل قبضه ، فصار كما لو دفعها إلى غني ثم صار فقيراً عند الحول.

ونمنع الحكم في الأصل.

ولو دفعها إلى غني إلّا أنّه افتقر حال الحول ، فالوجه الإِجزاء ؛ لأنّ الاعتبار إنّما هو بالحول ، وهو حينئذٍ ممّن يستحقّ الزكاة.

وقال الشافعي : لا يجوز(٤) ؛ لأنّ التعجيل جاز للإِرفاق ، فإذا لم يكن من أهله لم يصح التعجيل.

وينتقض عليهم : بما لو أوصى لوارث ثم تغيّرت حاله(٥) فمات وهو غير وارث ، فإنّها تصح الوصية عندهم(٦) اعتباراً بحال نفاذها. ولأنّه لا فائدة في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٦.

(٥) بارتداد مثلاً.

(٦) لم نعثر عليه في مظانّه.

٣١١

استعادتها منه ثم دفعها إليه.

مسألة ٢٢١ : إذا عجّل الزكاة ثم تلف ماله قبل الحول‌ بطل الحول ، وسقطت الزكاة عنه ، وله الرجوع فيما دفعه إن كان حين الدفع قال : هذه صدقة مالي عجّلتها أو زكاة مالي عجّلتها ؛ لأنّه دفع دفعاً مشروطاً لا مطلقاً ، وقد ظهر بطلانه ، فله الاستعادة.

وإن قال : هذه زكاة مالي ، أو صدقة مالي ، وأطلق ، لم يكن له أن يرجع فيها ، قاله الشيخ(١) - وهو مذهب الشافعي(٢) - لأنّه إذا قال : هذه زكاة مالي ، كان الظاهر أنّها واجبة عليه ، واحتمل أن يكون عن هذا المال وعن غيره.

وإذا قال : هذه صدقة ؛ كان الظاهر أنّها صدقة في الحال إمّا واجبة أو تطوّع.

فإن ادّعى علم المدفوع إليه أنّها معجّلة ، كان له إحلافه ؛ لأنّ المدفوع إليه منكر لو اعترف بما قاله الدافع وجب عليه ردّ ذلك ، فإذا أنكره وادّعى علمه اُحلف ، كمن يدّعي على ورثة الميت دَيناً عليه ، وهو أحد وجهي الشافعي.

وفي الثاني : لا يحلف ؛ لأنّ دعوى الدافع يخالف ظاهر قوله فلم يسمع(٣) .

لا يقال : ألا جعلتم القول قول الدافع ؛ لأنّه أعلم بنيّته ، كما لو دفع مالا وقال : إنّه قرض ، وقال المدفوع إليه : إنّه هبة ، فالقول قول الدافع ، وكما لو قضى أحد الدينين وادّعى القابض قضاء الآخر ، قدّم قول الدافع.

لأنّا نقول : إنّما كان القول في هاتين قول الدافع ؛ لأنّه لا يخالف الظاهر ، فكان أولى ، وفي مسألة الزكاة قول الدافع يخالف الظاهر ؛ لأنّ الزكاة‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ - ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٠ ، مغني المحتاج ١ : ٤١٧.

(٣) المجموع ٦ : ١٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٠.

٣١٢

ظاهرة في الوجوب ، والمعجّلة ليست زكاةً في الحال ، فلم يقبل قوله.

أمّا الوالي إذا أطلق وكانت معجّلةً ، فإنّ له الرجوع ؛ لأنّه نائب عن الفقراء ، فيقبل قوله عليهم ، ورب المال يدّعيها لنفسه ، فلم يقبل قوله.

إذا ثبت هذا ، فالدافع أعرف بنيّته إن كان صادقاً وتمكّن من الاستيفاء ، كان له ذلك ، وإلّا فلا. ولو علم الفقير ذلك وجب عليه الردّ مع الطلب وإن كان مستحقّاً ولم يتغيّر الحال.

مسألة ٢٢٢ : قد بيّنا أنّه لا يجوز أن يعجّل الزكاة قبل إكمال النصاب‌ عند المجوّزين ، فلو كان معه مائتا شاة فعجّل زكاة أربعمائة عن المائتين الموجودة وعمّا تتوالد ، فتوالدت وبلغت أربعمائة لم تجزئ إلّا عن المائتين عند القائلين منّا بالتعجيل - وهو أحد وجهي الشافعي(١) - لأنّها لم توجد في ملكه ، فأشبه ما إذا زكّى مائتي درهم قبل حصولها.

والثاني : الإِجزاء ؛ لأنّ السخال تابعة للاُمّهات ، فإذا سلف عنها مع وجود الاُمّهات صار ذلك كوجودها(٢) .

ولو كان عنده عشرون من الغنم حوامل ، فعجّل شاةً عنها وعن أولادها ، فتوالدت وبلغت أربعين ، لم تجزئ ؛ لأنّها لا تتبع ما دون النصاب ، وبه قال الشافعي(٣) .

ولو كان معه سلعة للتجارة قيمتها مائتان ، فأخرج زكاة أربعمائة ، ثم زادت قيمتها ، وصارت أربعمائة عند الحول ، لم يجزئه عندنا ، لما تقدّم.

وقال الشافعي : يجزئه ؛ لأنّ الواجب في قيمة العرض ، والاعتبار بالقيمة في آخر الحول دون غيره ، ولهذا لو نقصت القيمة ثم زادت لم ينقطع الحول(٤) .

____________________

(١ و ٢ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٣) اُنظر : فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، والمجموع ٦ : ١٤٦.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣.

٣١٣

وكذا لو كان معه أقلّ من نصاب للتجارة ، فأخرج خمسة دراهم ، وزادت القيمة ، وبلغت نصاباً ، أجزأه(١) .

وعندنا أنّ النصاب معتبر في أول الحول إلى آخره في القيمة ، فلهذا قلنا بعدم الإِجزاء.

ولو كان معه مائتا درهم فعجّل منها خمسة ، فلمـّا دنا الحول أتلف منها درهماً انقطع الحول ، وسقطت الزكاة عنه ؛ لقصور المال عن النصاب ، وله أن يرجع فيما عجّله إذا شرط أنّه زكاة معجّلة ؛ لأنّ الزكاة لم تجب عليه.

ولا فرق في النقصان قبل الحول بين التفريط وعدمه ، ولهذا نمنع وجوب الزكاة ، وهو أحد وجهي الشافعية.

والثاني : ليس له ، لأنّه مفرط في ذلك ، قاصد لاسترجاع ما عجّله ، فلم يكن له الرجوع(٢) .

وقد تقدّم أنّ التفريط لا يمنع الرجوع.

* * *

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ و ١٤٨.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٤

٣١٥

الفصل الثالث

في المُخرج‌

مسألة ٢٢٣ : يجوز أن يتولّى المالك الإِخراج بنفسه في الأموال كلّها‌ ، سواء كانت ظاهرةً أو باطنةً ، وإن كان الأفضل في الظاهرة صرفها إلى الإمام أو الساعي ؛ ليتولّيا تفريقها ، عند علمائنا - وبه قال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والثوري وطاوس وعطاء والشعبي والنخعي وأحمد والشافعي في أحد القولين(١) - لأنّها حق لأهل السُّهمان ، فجاز دفعه إليهم ؛ لأنّهم المستحقّون كسائر الحقوق ، وكالدَّين إذا دفعه إلى مالكه ، وكالزكاة الباطنة. ولأنّه أحد نوعي الزكاة ، فأشبه الآخر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لو أنّ رجلاً حمل زكاته على عاتقه فقسّمها علانيةً كان ذلك حسناً جميلاً »(٢) .

وقال مالك : لا يفرّق الأموال الظاهرة إلّا الإِمام - وبه قال أبو حنيفة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٠٥ و ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ / ٢٩٧.

٣١٦

والشافعي في أحد القولين(١) - لقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ ) (٢) .

ولأنّ أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها ، وقال : لو منعوني عناقاً كانوا يؤدّونه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقاتلتهم عليها. ووافقه الصحابة على هذا(٣) .

ولأنّ ما للإِمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولّى عليه كولي اليتيم(٤) .

والجواب : نقول بموجب الآية ، فإنّها تدلّ على أنّ للإِمام أخذها ، ولا خلاف فيه.

ومطالبة أبي بكر ؛ لمنعهم ، ولو أدّوها إلى مستحقّها لم يقاتلهم.

وإنّما يطالب الإِمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقّها ، وإذا دفعها إليهم جاز ، لأنّهم أهل رشد ، فجاز الدفع إليهم ، بخلاف اليتيم.

إذا ثبت هذا ، فإنّ المالك يتخيّر في الصرف إلى الإِمام أو العامل أو المساكين أو الوكيل ؛ لأنّه فِعْلٌ تدخله النيابة فجاز التوكيل فيه.

مسألة ٢٢٤ : الأفضل أن تدفع زكاة الأموال الظاهرة إلى الإِمام العادل‌ ، وبه قال الباقرعليه‌السلام والشعبي والأوزاعي وأحمد(٥) - لأنّ الإِمام أعلم بمصارفها ، ودفعها إليه يبرئه ظاهراً وباطناً ؛ لاحتمال أن يكون الفقير غير مستحق ، ويزيل التهمة عنه في منع الحق ، ولأنّه يخرج من الخلاف.

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) التوبة : ١٠٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٣١ ، سنن البيهقي ٤ : ١١٤.

(٤) المنتقى - للباجي - ٢ : ٩٤ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ - ٦٧٢.

٣١٧

وقال بعض الجمهور : الأفضل أن يفرّقها بنفسه ؛ لما فيه من توفير أجر العمالة وصيانة الحق عن خطر الخيانة ومباشرة تفريج كربة مستحقّها وإغنائه بها ، مع إعطائها الأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة الرحم بها فكان أفضل(١) .

ولو تعذّر الصرف إلى الإِمام حال الغيبة استحب دفعها إلى الفقيه المأمون من الإِمامية ؛ لأنّه أبصر بمواقعها. ولأنّه إذا دفعها إلى الإِمام أو الفقيه برئ لو تلفت قبل التسليم ؛ لأنّ الإِمام أو نائبه كالوكيل لأهل السُّهمان ، فجرى مجرى قبض المستحقّ.

مسألة ٢٢٥ : لو طلب الإِمام الزكاة منه وجب دفعها إليه‌ إجماعاً منّا ؛ لأنّه معصوم تجب طاعته وتحرم مخالفته ، فلو دفعها المالك إلى المستحقّين بعد طلبه وإمكان دفعها إليه فقولان لعلمائنا : الإِجزاء - وهو الوجه عندي - لأنّه دفع المال إلى مستحقّه ، فخرج عن العهدة ، كالدَّين إذا دفعه الى مستحقّه.

وعدمه ؛ لأنّ الإِخراج عبادة لم يوقعها على وجهها ؛ لوجوب الصرف إلى الإِمام بالطلب ، فيبقى في عهدة التكليف. ولا خلاف في أنّه يأثم بذلك.

مسألة ٢٢٦ : الطفل والمجنون إن أوجبنا الزكاة في مالهما أو قلنا باستحبابها فالولي هو المتولّي للإِخراج‌ ، وحكم الولي هنا حكم المالك ، إن شاء فرّقها بنفسه ، وإن شاء دفعها إلى الساعي أو إلى الإِمام ، وكذا الوكيل في الدفع له أن يدفع إلى الفقراء وإلى الإِمام وإلى الساعي.

ولو أمره المالك بالمباشرة ، فإن دفع الى الإِمام العادل برئ ؛ لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وإن دفعها إلى الساعي فالوجه الضمان ؛ للمخالفة.

مسألة ٢٢٧ : يجب أن ينصب الإِمام عاملاً لقبض الصدقات‌ ؛ لأنّه من الأمر بالمعروف ، ومن المصالح التي تشتد الحاجة إليها من الفقراء‌

____________________

(١) قاله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٠٦ - ٥٠٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٢.

٣١٨

للانتفاع ، ومن المالك لتخليص ذمته من الحقّ.

ويجب الدفع إليه مع طلبها ؛ لأنّه كالنائب للإِمام ، وأمره مستند إلى أمره ولمـّا كان امتثال أمر الإِمام واجباً فكذا أمر نائبه.

ولقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) والأمر بالأخذ يستلزم الأمر بالإِعطاء.

مسألة ٢٢٨ : وليس للعامل أن يتولّى تفريق الصدقة إلّا بإذن الإِمام‌ ؛ لأنّه لا ولاية له إلّا من قِبَلهعليه‌السلام ، فتختص ولايته بما قصرها عليه ، فإن فوّض إليه ذلك جاز.

ثم إن عيّن له الإِمام الصرف إلى أقوام معيّنين على التفضيل أو التسوية ، لم يجز التخطّي(٢) ، فإن تخطّى الى غيرهم أو فضّل وقد اُمر بالتسوية أو بالعكس ، ضمن القدر الذي فرّط فيه خاصة، وإن أطلق تصرّف هو كيف شاء ممّا يبرئ المالك.

ولو عيّن له المالك وعيّن له الإِمام أيضاً ، واختلف المحل أو التقسيط اتّبع تعيين الإِمام خاصة.

ومع إطلاق الإِمام وتعيين المالك هل يجوز له التخطّي(٣) الى غير من عيّنه المالك؟ إشكال ينشأ من أنّ للمالك التخيير لا لغيره ، ومن زوال ولايته بالدفع إلى الساعي.

إذا عرفت هذا ، فإذا أذن الإِمام في التفريق وأطلق ، جاز أن يأخذ نصيبه من تحت يده ؛ لأنّه أحد المستحقّين وقد أذن له في الدفع إليهم ، فيندرج تحت الإِذن كغيره.

مسألة ٢٢٩ : واذا بعث الإِمام الساعي لم يتسلّط على أرباب المال‌ ، بل يطلب منهم الحقّ إن كان عليهم ، فإن قال المالك : أخرجت الزكاة ، أو‌

____________________

(١) التوبة : ١٠٣.

(٢ و ٣ ) في النسخ الخطيّة والحجرية : التخطية. والصحيح ما أثبتناه.

٣١٩

لم يَحُلْ على مالي الحول ، أو أبدلته ؛ صدَّقه من غير يمين ، خلافاً للشافعي(١) ، على ما تقدّم.

ولا يلزم المالك أن يدفع من خيار ماله ، ولا يقبل منه الأدون ، بل يؤخذ الأوسط ، ويقسّم الشياه قسمين عندنا ، ويخيّر المالك حتى تبقى الفريضة.

وقال بعض الجمهور : يقسّم ثلاثة أقسام : أجود وأدون وأوسط ، وتؤخذ الفريضة من الأوسط(٢) .

وقولنا أعدل ؛ لأنّ فيه توصّلاً إلى الحقّ من غير تسلّط على أرباب الأموال.

مسألة ٢٣٠ : وينبغي أن يخرج العامل في أخذ صدقة الثمار والغلّات عند كمالها وقطفها‌ وجذاذها وتصفيتها ، والناحية الواحدة لا تختلف زروعها اختلافاً كثيراً ، وأمّا ما يعتبر فيه الحول فيخرج في رأس الحول استحباباً ؛ لتنضبط الأحوال.

فإذا قدم العامل فإن كان حول الأموال قد تمّ ، قبض الزكاة ، وإن كان فيهم من لم يتمّ حوله وصّى عدلاً ثقةً يقبض الصدقة منه عند حلولها ، ويفرّقها في أهلها إن أذن له الإِمام دفعاً لحرج العود.

وإن رأى أن يكتبها ديناً عليه ليأخذ من قابل ، فالوجه المنع ، خلافاً للشافعي(٣) .

وإن أراد أن يرجع في وقت حلولها لقبضها كان أولى.

ولا يكلّف أرباب الأموال أن يجلبوا المواشي إليه ليعدّها ، ولا يكلّف الساعي أن يتبعها في مراتعها ؛ لما فيه من المشقة ، بل يقصد الساعي موارد‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٢.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٧٦.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٣.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449