تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-436-1
الصفحات: 501

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180055 / تحميل: 5852
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

قليلةً أو كثيرةً ، و سواء كانت الزيادة من الأثمان أو لا ؛ لأنّها زيادة تنفعه ولا تضرّه.

وقال أصحاب الشافعي : لا يصحّ بيعه بمائةٍ وثوبٍ - في أحد الوجهين - لأنّه من غير جنس الأثمان(١) .

وكونه من غير جنس الأثمان لا ينافي كونها زيادةً. ولأنّ الإذنَ في بيعه بمائة إذنٌ في بيعه بزيادة عليها عرفاً ، فإنّ مَنْ رضي بمائة لا يكره الزيادة عليها بثوبٍ ينفعه.

ولو باعه بمائة دينار ، أو بمائة ثوب ، أو بمائة دينار وعشرين درهماً ، أو بمهما كان غير ما عيّن له ، لم يجز ؛ لأنّ المأتيّ به غير المأمور بتحصيله ، ولا هو مشتمل على تحصيل ما أُمر بتحصيله ، والوكيل متصرّف بالإذن ، فإذا عدل عن المأذون فيه ، كان فضوليّاً.

ويحتمل عندي قويّاً : جواز بيعه بأكثر من المائة ولو من غير الجنس ، إلّا أن يكون له غرض صحيح في التخصيص بالدراهم خصوصاً إذا جعل مكان الدراهم دنانير أو مكان بعضها ؛ لأنّه مأذون فيه عرفاً ، فإنّ مَنْ رضي بدرهمٍ رضي مكانه بدينارٍ ، فجرى مجرى ما إذا باعه بمائة درهمٍ ودينارٍ ، بخلاف ما لو باعه بمائة ثوبٍ ؛ لأنّه من غير الجنس.

ويحتمل عندي مع الزيادة الجواز.

ولو باعه بالأزيد ولو قلّ - مثل أن يبيعه بمائة درهمٍ ودرهمٍ - صحّ ؛ لأنّ المقصود من التقدير أن لا ينقص منها في العرف.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٢ ، بحر المذهب ٨ : ١٩٥ ، البيان ٦ : ٣٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٠ ، المغني ٥ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٧.

١٠١

وقال بعض الشافعيّة : إذا أمره ببيعه بمائة درهم ، لم يجز أن يبيعه بالأزيد(١) ، سواء كان من الجنس أو لا ، وسواء نهاه عن الزيادة أو لم ينهه ؛ لأنّه لم يرض بعهدة ما فوق المائة. ولأنّ البيع بالمائتين غير البيع بالمائة ، ولهذا لو قال : بعت بمائة درهمٍ ، لم يصح القبول بمائتين ، كما لا يصحّ القبول بمائتي دينار.

والأولى الصحّة. والتغاير مسلّم ، لكنّ الإذنَ في أحدهما إذنٌ في الآخَر بطريق الأولى ، بخلاف القبول ؛ لأنّ من شرطه المطابقةَ ، فعلى هذا البيعُ بعرضٍ يساوي مائة دينارٍ كالبيع بمائة دينارٍ.

فروع :

أ - لو أمره ببيعه بمائة ونهاه عن البيع بالأزيد ، لم يكن له البيع بالأزيد قطعاً ؛ لاحتمال تعلّق غرضه بذلك ، فلا يجوز التخطّي.

ب - لو أمره ببيعه بمائة وهناك مَنْ يرغب بالزيادة على المائة ، جاز له بيعه بالمائة امتثالاً لأمره.

ويحتمل المنع ؛ لأنّه منصوب لمصلحة الموكّل ، وترك الزيادة مضرّة به.

وللشافعيّة وجهان :

أحدهما : الجواز ؛ لموافقته صريح إذنه.

والثاني : المنع ، كما لو أطلق الوكالة فباع بثمن المثل وهناك مَنْ يرغب بالزيادة ٢.

ج - لا فرق بين أن يكون المشتري قد عيّنه الموكّل أو لا إذا لم يقصد إرفاقه.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٧.

١٠٢

فلو قال : بِعْه من زيدٍ بمائةٍ وقصد إرفاق زيدٍ ، لم يبع بأكثر ، فإن باع كان فضوليّاً.

وإن لم يقصد إرفاقه ، بل قصد سهولة معاملته أو خلوص ماله عن الشبهة أو بُعْده عنها ، جاز أن يبيع بأكثر من المائة ، كما لو أطلق.

ولو جهل الأمر ، لم يبعه إلّا بالمائة ، مع احتمال الأزيد.

د - لو قال : بِعْ بكذا(١) ، ولا تبعه(٢) بأكثر من مائة ، لم يبِعْ بالأكثر ،

ويبيع(٣) بها وبأقلّ ؛ لاحتمال أمره الشيئين ، وشموله لهما.

نعم ، لا يبيع بأقلّ من ثمن المثل.

ولو كانت المائة أقلّ من ثمن المثل ، باع بها لا بالأقلّ.

ه- لو قال : بِعْه بمائةٍ ولا تبعه بمائةٍ وخمسين ، لم يبِعْ بأقلّ من مائةٍ ولا بمائةٍ وخمسين ؛ للنهي. وله بيعه بأزيد من مائةٍ وأقلّ من مائةٍ وخمسين ، وله بيعه أيضاً بأزيد من مائةٍ وخمسين.

وللشافعيّة في بيعه بأزيد من مائةٍ وخمسين وجهان ، أصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّه نهاه عن زيادة خمسين فما فوقها أولى(٤) .

و - البحث في طرف المشتري كالبحث في طرف البائع ، فلو قال له : اشتر كذا بمائة ، فله أن يشتري بما دونها ، إلّا مع النهي ، فلا يصحّ ؛ لأنّه خالفه ، وصريح قوله مقدَّم على دلالة العرف. وكذا لو قصد الإرفاق للبائع ، وليس له أن يشتري بأزيد من مائة.

____________________

(١) فيما عدا « ر » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « كذا ».

(٢) في « خ » : « لا تبع ».

(٣) في « ج ، ر » والطبعة الحجريّة : « بِيع ».

(٤) بحر المذهب ٨ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٧.

١٠٣

ولو قال : اشتر بمائة ، ولا تشتر بخمسين ، جاز له أن يشتري بما بين مائة وخمسين ، ولا يشتري بخمسين ؛ لأنّ إذنه في الشراء بمائة دلّ عرفاً على الشراء بما دونها ، خرج منه المحصور بصريح النهي [ و ] بقي فيما فوقها على مقتضى الإذن.

وفيما دونها للشافعيّة وجهان(١) .

والوجه عندي : الجواز ؛ لأنّه لم يخالف صريح نهيه ، فأشبه ما إذا زاد على الخمسين.

مسألة ٧١٨ : لو وكّله في بيع عبدٍ بمائة فباع نصفه بها ، أو وكّله مطلقاً فباع نصفه بثمن الكلّ ، جاز ؛ لأنّه مأذون فيه من جهة العرف ، فإنّ مَنْ رضي بمائة ثمناً للكلّ رضي بها ثمناً للنصف ، ولأنّه حصّل له المائة وأبقى له زيادة تنفعه ولا تضرّه ، فكان بمنزلة ما لو باعه بمائةٍ وثوبٍ أو عبد أو نصف عبدٍ.

إذا ثبت هذا ، فله بيع النصف الآخَر ؛ لأنّه مأذون له في بيعه ، فأشبه ما لو باع العبد كلّه بمثلَي ثمنه.

ويحتمل المنع ؛ لأنّه قد حصل للموكّل غرضه من الثمن ببيع نصفه ، فربما لا يؤثّر بيع باقيه ؛ للغنى عن باقيه بما حصل له من ثمن نصفه.

وكذا لو وكّله في بيع عبدين بمائة ، فباع أحدهما بالمائة ، صحّ.

وهل له بيع الآخَر؟ فيه الاحتمالان السابقان.

ولو وكّله في بيع عبدٍ بمائة ، فباع نصفه بأقلّ منها ، لم يجز ؛ لأنّه غير المأذون فيه.

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ١٩٤ ، البيان ٦ : ٣٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٧.

١٠٤

وإن وكّله مطلقاً ، فباع بعضه بأقلّ من ثمن الكلّ ، لم يجز ، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمّد(١) .

وقال أبو حنيفة : يجوز ، كما إذا أطلق الوكالة ؛ بناءً على أصله في أنّ للوكيل المطلق البيعَ(٢) .

وهو غلط ؛ لما فيه من الضرر على الموكّل ببيع بعضه ، ولم يوجد الإذن فيه نطقاً ولا عرفاً ، فلم يجز ، كما لو وكّله في شراء عبدٍ ، فاشترى نصفه.

ولو قال : اشتره بمائة دينارٍ ، فاشتراه بمائة درهمٍ ، فالحكم فيه كالحكم فيما لو قال : بِعْه بمائة درهمٍ ، فباعه بمائة دينارٍ.

والأقرب : الجواز.

ولو قال : اشتر نصفه بمائة ، فاشتراه كلّه أو أكثر من نصفه بالمائة ، صحّ ؛ لأنّه مأذون فيه عرفاً.

ولو قال : اشتر نصفه بمائة ولا تشتر جميعه ، فاشترى أكثر من النصف وأقلّ من الكلّ بمائة ، صحّ على ما تقدّم في البيع ؛ لأنّ دلالة العرف قاضية بالإذن في شراء كلّ ما زاد على النصف ، خرج الجميع بصريح نهيه ، فيبقى ما عداه على مقتضى الإذن.

مسألة ٧١٩ : لو وكّله في شراء عبدٍ موصوفٍ بمائة ، فاشتراه على الصفة بدونها ، جاز ؛ لأنّه مأذون فيه عرفاً ، فلو خالف في الصفة أو اشتراه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٢ ، بحر المذهب ٨ : ١٩٥ ، الوسيط ٣ : ٢٩٩ ، المغني ٥ : ٢٥٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٨ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٤ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٤٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٦١.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٤ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٤٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٦١ ، بحر المذهب ٨ : ١٩٥ ، المغني ٥ : ٢٥٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٨.

١٠٥

بأكثر منها ، لم يلز م الموكّل.

ولو قال : اشتر لي عبداً بمائة ، فاشترى عبداً يساوي مائةً بدونها ، جاز ؛ لأنّه لو اشتراه بمائةٍ جاز ، فإن اشتراه بدونها فقد زاده خيراً ، فيجوز.

وإن كان لا يساوي مائةً ، لم يجز وإن كان يساوي أكثر ممّا اشتراه به ؛ لأنّه خالف أمره ، ولم يحصل غرضه.

مسألة ٧٢٠ : لو قال له : بِعْه إلى أجل ، وبيّن قدره ، فامتثل ، صحّ.

وإن باع حالّاً ، فإن باع بما يساويه حالّاً ، لم يصح ؛ لأنّه يكون ناقصاً عمّا أمره به ، فإنّ ما يشترى به الشي‌ء نقداً أقلّ ممّا يشترى به نسيئةً.

وإن باعه بما يساويه نسيئةً إلى ذلك الأجل الذي عيّنه ، فإن لم يكن هناك للموكّل غرض في النسيئة بأن يكون في وقتٍ لا يؤمن فيه من النهب أو السرقة ، أو كان لحفظه مئونة في الحال ، صحّ البيع ؛ لأنّه زاده خيراً وقد أحسن إليه ، وقال تعالى :( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

وفي الثاني : المنع ؛ لأنّه ربما كان يحتاج إلى الثمن في ذلك الوقت ، أو يخاف من التعجيل خروجه في النفقة(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّا فرضنا انتفاء الأغراض بأسرها ؛ إذ الكلام فيه.

وإن كان هناك غرض صحيح ممّا ذكرناه أو غيره ، لم يصح البيع ؛ لأنّه قد خالف ما أمره ، فيكون فضوليّاً فيه ، إن أجازه صحّ ، وإلّا فلا.

فروع :

أ - لا فرق فيما ذكرناه بين ثمن المثل عند الإطلاق ، وبين ما يقدّره‌

____________________

(١) التوبة : ٩١.

(٢) بحر المذهب ٨ : ١٨٤ ، البيان ٦ : ٣٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٨.

١٠٦

من الثمن بأن قال : بِعْ بمائةٍ نسيئةً ، فباع بمائةٍ نقداً.

ب - لو قال : بِعْه بكذا إلى شهرين ، فباعه به إلى شهر ، ففيه ما قدّمناه في النسيئة والحالّ.

ج - لو قال : اشتر حالّاً ، فاشتراه مؤجَّلاً ، فإن اشتراه بما يرغب به فيه(١) إلى ذلك الأجل ، لم يصح الشراء للموكّل ؛ لأنّ الثمن يكون أكثر ، فيكون فضوليّاً في هذا الشراء.

وإن اشتراه بما يرغب به فيه حالّاً إلى ذلك الأجل ، فللشافعيّة وجهان ، كما في طرف البيع(٢) .

والحقّ أن نقول : إن كان له غرض بأن يخاف هلاك المال وبقاء الدَّيْن عليه أو غير ذلك من الأغراض ، لم يصح ، وإلّا جاز.

وقال بعض الشافعيّة : هذا إذا قلنا : إنّ مستحقّ الدَّيْن المؤجَّل إذا عجّل حقّه ، يلزمه القبول ، أمّا إذا قلنا : لا يلزمه القبول ، لا يصحّ الشراء هنا للموكّل بحال(٣) .

وخرّجوا عليه أنّ الوكيل بالشراء مطلقاً لو اشترى نسيئةً بثمن مثله نقداً ، جاز ؛ لأنّه زاده خيراً ، والموكّل بسبيلٍ من تفريغ ذمّته بالتعجيل(٤) .

د - إذا وكّله في البيع نسيئةً ، ولم يعيّن الأجل ، صحّ عندنا ، وحُمل الإطلاق على المتعارف بين الناس. ولو عيّن له ، لم تجز الزيادة. وفي النقصان قولان.

مسألة ٧٢١ : لو وكّله في الشراء بخيار أو في البيع به ، فاشتراه منجّزاً أو باعه منجّزاً ، كان فضوليّا ؛ لأنّه خالف ما أُمر به ، فإن أمضاه الموكّل‌

____________________

(١) في « ث ، ر » : « بما يرغب فيه ». وفي « ج » والطبعة الحجريّة : « بما يرغب فيه به ».

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٨.

١٠٧

صحّ ، وإلّا فلا.

ولو أمره بالشراء بخيارٍ له ، فجَعَله للآخَر أو في البيع ، لم يلزم ، وكان فضوليّاً ؛ لأنّه خالف أمره ، وربما كان له غرض في ذلك صحيح.

أمّا لو قال : اجعل الخيار للآخَر ، فجَعَله له ، أو قال : اجعل الخيار للجميع ، فجَعَله للموكّل خاصّةً ، احتُمل الصحّة ؛ لأنّه زاده خيراً ، وهو الأقوى. والمنع ؛ للمخالفة.

مسألة ٧٢٢ : لو سلّم إلى وكيله ديناراً ليشتري له شاةً موصوفة ، فاشترى الوكيل بالدينار شاتين كلّ واحدةٍ بتلك الصفة تساوي ديناراً ، صح الشراء ، وحصل الملك للموكّل فيهما ؛ لأنّه إذا أذن له في شراء شاة بدينارٍ فإذا اشترى شاتين كلّ واحدةٍ منهما تساوي ديناراً بدينار ، فقد زاده خيراً مع تحصيل ما طلبه الموكّل ، فأشبه ما إذا أمره ببيع شاة بدينار ، فباعها بدينارين ، أو بشراء شاة تساوي ديناراً بدينار ، فاشتراها بنصفه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّ الشاتين معاً لا تقعان للموكّل ؛ لأنّه لم يأذن له إلّا في شراء واحدة ، ولكن يُنظر إن اشتراهما في الذمّة ، فللموكّل واحدة بنصف الدينار ، والأُخرى للوكيل ، ويردّ على الموكّل نصف دينارٍ ، وللموكّل أن ينتزع الثانية منه ، ويقرّر العقد فيهما ؛ لأنّه عقد العقد فيهما له. وإن اشتراهما بعين الدينار ، فكأنّه اشترى واحدةً بإذنه ، وأُخرى بغير إذنه ، فيبنى على أنّ العقود هل تتوقّف على الإجازة؟

إن قلنا : لا تتوقّف ، بطل العقد في واحدة ، وفي الثانية قولا تفريق الصفقة.

وإن قلنا : تتوقّف ، فإن شاء الموكّل أخذهما بالدينار ، وإن شاء اقتصر‌

١٠٨

على واحدةٍ ، وردّ الأُخرى على المالك(١) .

واستشكله بعض الشافعيّة ومَنَعه ؛ لأنّ تعيين واحدة للموكّل أو بطلان العقد فيها ليس بأولى من تعيين الأُخرى ، والتخيير شبيه بما إذا باع شاةً من شاتين على أن يتخيّر المشتري ، وهو باطل(٢) .

ونقل الجويني فيما إذا اشترى في الذمّة قولاً ثالثاً : إنّ الشراء لا يصحّ للموكّل في واحدةٍ منهما ، بل تقعان للوكيل(٣) .

ولو كانت كلّ واحدةٍ من الشاتين تساوي أقلّ من دينارٍ ، لم يلزم الشراء ، وكان فضوليّاً وإن كان مجموعهما تساوي أكثر من الدينار ؛ لأنّه لم يمتثل ما أمره به.

ولو كانت إحداهما تساوي ديناراً والأُخرى تساوي أقلّ من دينارٍ ، صحّ الشراء ؛ لأنّه امتثل وزاد خيراً.

واعلم أنّ الشافعي ذكر في كتاب الإجارات هذه المسألة ، وقال : إذا أعطاه ديناراً وقال : اشتر به شاةً ، فاشترى به شاتين ، ففيها قولان :

أحدهما : ينتقل ملك الشاتين معاً إلى الموكّل.

والثاني : ينتقل ملك إحداهما إلى الموكّل ، وملك الأُخرى إلى الوكيل ، ويكون الموكّل فيها بالخيار إن شاء أقرّها على ملك وكيله ، وإن شاء انتزعها(٤) .

قال القاضي أبو الطيّب من أصحابه : لا وجه لهذا القول ، إلّا أن يكون‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٢ ، بحر المذهب ٨ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٢٢ ، البيان ٦ : ٣٩٥ - ٣٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٩.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٩.

(٤) الأُم ٤ : ٣٢.

١٠٩

على قولٍ محكيٍّ عن الشافعي في المبيع الموقوف(١) .

وذكر أبو حامد أنّه إذا اشترى ذلك في الذمّة ، وقع للموكّل في أحد القولين و [ تقع ](٢) إحداهما للوكيل في القول الآخَر ، وللموكّل أخذها(٣) منه.

قال أبو العباس بن سريج : إنّ ذلك جارٍ مجرى الأخذ بالشفعة ؛ لتعلّقه بملكه ، ومشاركته له في العقد(٤) .

فأمّا إذا اشتراهما بعين مال الموكّل ، ففي أحد القولين يقع الكلّ للموكّل. وعلى القول الآخَر لا يصحّ العقد في الشاتين(٥) ؛ لأنّه لا يصحّ أن يقع الملك للوكيل والثمن عين ملك الموكّل(٦) .

والأوّل عندهم أشبه ؛ لأنّ المسألة إذا دفع إليه ديناراً وقال : اشتر به شاة.

والقول الصحيح عند الشافعيّة أنّ الشاتين تقعان للموكّل(٧) . وهو مذهبنا أيضاً نصّ عليه الشيخ في الخلاف(٨) .

وقال أبو حنيفة : تقع للموكّل إحدى الشاتين بنصف دينار ، وتقع الأُخرى للوكيل ، ويرجع الموكّل عليه بنصف دينار ؛ لأنّ الموكّل لم يرض إلّا بأن تلزمه عهدة شاة واحدة ، فلا تلزمه شاتان(٩) .

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٤.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وقع ». والأنسب ما أثبتناه. وفي المصدر بدلها : « يقع ».

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أخذه ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) بحر المذهب ٨ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٤.

(٥) في المصدر : بطلان العقد في إحدى الشاتين.

(٦) بحر المذهب ٨ : ١٩٨ ، البيان ٦ : ٣٩٧.

(٧) تقدّم تخريجه في ص ١٠٨ ، الهامش (١)

(٨) الخلاف ٣ : ٣٥٣ ، المسألة ٢٢ من كتاب الوكالة.

(٩) بحر المذهب ٨ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٣ ، المغني ٥ : ٢٥٩ ، الشرح الكبير =

١١٠

واحتجّ الشيخ رحمه‌الله بحديث عروة البارقي ، فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى عروة ابن الجعد البارقي ديناراً وقال له : « اشتر لنا به شاة » قال : فأتيت الجلب فاشتريت به شاتين بدينار ، فجئت أسوقهما - أو أقودهما - فلقيني رجل بالطريق فساومني ، فبعت منه شاةً بدينار ، وأتيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالدينار وبالشاة ، فقلت : يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم ، فقال : « وصنعت كيف؟ » فحدّثته ، فقال : « اللهمّ بارك له في صفقة يمينه »(١) .

ولأنّه فَعَل المأذون فيه وزيادة من جنسه تنفع ولا تضرّ ، فوقع ذلك كلّه له ، كما لو قال : بِعْه بدينار ، فباعه بدينارين.

وما ذكره أبو حنيفة يبطل بالبيع.

مسألة ٧٢٣ : قد بيّنّا أنّه يصحّ شراء الشاتين للموكّل ؛ استدلالاً بحديث عروة البارقي ، فإذا باع الوكيل إحدى الشاتين من غير إذن الموكّل ، فالوجه عندي : إنّ بيعه يقع موقوفاً على إجازة الموكّل إن أجازه نفذ ، وإلّا بطل.

وللشافعيّة قولان :

أحدهما : المنع - كما قلناه - لأنّه لم يأذن له في البيع ، فأشبه ما إذا اشترى شاةً بدينارٍ ثمّ باعها بدينارين. ولأنّه باع مال موكّله بغير أمره فلم يجز ، كما لو باع الشاتين معاً.

والثاني : إنّه يصحّ ؛ لأنّه إذا جاء بالشاة ، فقد حصل مقصود الموكّل ، فلا فرق فيما زاد بين أن يكون ذهباً أو غيره ، هذا إذا كانت الباقية تساوي ديناراً(٢) .

____________________

= ٥ : ٢٣١ ، وانظر : المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ٦٥ ، والهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٤١ ، وبدائع الصنائع ٦ : ٣٠ ، والاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٥٩ - ٢٦٠.

(١) تقدّم تخريجه في ص ٦ ، الهامش (٥)

(٢) البيان ٦ : ٣٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٩.

١١١

وبالصحّة قال أحمد ؛ لحديث(١) عروة البارقي(٢) .

وعندنا أنّ بيع الفضولي يقع موقوفاً ، ولا يلزم من إجازة بيع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له ملكه لذلك ، فجاز أن يجيز عقد الفضولي. وأيضاً جاز أن يكون عروة وكيلاً عامّاً في البيع والشراء.

وعند الشافعي يُخرَّج على هذا ما إذا اشترى [ الشاة بدينار وباعها ](٣) بدينارين ، ويقال : هذا الخلاف هو بعينه القولان في بيع الفضولي ، فعلى الجديد يلغو ، وعلى القديم ينعقد موقوفاً على إجازة الموكّل(٤) .

لكن فعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من تقرير البارقي على الشراء والبيع يعطي صحّة وقوع العقد ، ولا يكون باطلاً في أصله.

واحتجّ أبو حنيفة(٥) للشافعي على أحد قوليه - من وقوع إحدى الشاتين للوكيل - بأنّ الشاتين لو وقعتا للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لما باع إحداهما قبل مراجعته ؛ إذ الإنسان لا يبيع مال الغير ، كيف! وقد سلّم وتصرّف الفضولي ، فإن حكم بانعقاده ، فلا كلام في أنّه ليس له التسليم قبل مراجعة المالك وإجازته ، فلمّا باع إحداهما دلّ على أنّها دخلت في ملكه(٦) .

وهذا ليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ عروة لـمّا عرف أنّ الاحتياج إلى الشاة للأُضحية لا إلى أزيد ، حصّل المطلوب وباع فضوليّاً وسلّم المبيع وقبض‌

____________________

(١) في « ث ، خ » والطبعة الحجريّة : « لرواية » بدل « لحديث ».

(٢) المغني ٥ : ٢٦٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٢.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الشاتين بدينار وباعهما ». وما أثبتناه من المصدر.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٩.

(٥) كذا قوله : « أبو حنيفة ». والظاهر أنّها إمّا تصحيف كنيةٍ أُخرى ، أو زائدة.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٢.

١١٢

الثمن كذلك ، ويكون موقوفاً على الإجازة ، فلمّا رضي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالبيع وما فَعَله البارقي ، لزم.

ولو سلّمنا أنّ إحداهما دخلت في ملكه ، لكنّها لا تتعيّن ما لم يختر الموكّل واحدةً منهما ، أو يجري بينهما اصطلاح في ذلك ، وإذا لم تكن التي ملكها متعيّنةً ، فكيف يبيع واحدةً على التعيين!؟.

والقائلون بالصحّة احتجّ مَنْ ذهب منهم إلى صحّة بيع إحدى الشاتين : بالحديث ، ومَنْ مَنَع حَمَل القضيّة(١) على أنّ عروة كان وكيلاً مطلقاً من جهة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيع أمواله ، فيبيع إذا رأى المصلحة فيه(٢) .

لكن في هذا التأويل بحث ؛ لأنّه إن كان قد وكّله في بيع أمواله ، لم يدخل فيه ما يملكه من بَعْدُ.

وإن قيل : وكّله في بيع أمواله وما سيملكه ، وقع في الخلاف المذكور في التوكيل ببيع ما سيملكه ، إلّا أن يقال : ذلك الخلاف فيما إذا خصّص بيع ما سيملكه بالتوكيل ، أمّا إذا جَعَله تابعاً لأمواله الموجودة في الحال ، فيجوز ، وهذا كما أنّه لو قال : وَقَفْتُ على مَنْ سيولد من أولادي ، لا يجوز. ولو قال : على أولادي ومَنْ سيولد ، جاز.

ولو قال له : بِعْ عبدي بمائة درهم ، فباعه بمائة وعبد أو ثوب يساوي مائة درهم ، قال ابن سريج : إنّه على قولين بالترتيب على مسألة الشاتين ، وأولى بالمنع ؛ لأنّه عدل عن الجنس الذي أمره بالبيع به ، إن منع منه فليمنع في القدر الذي يقابل غير الجنس - وهو النصف - أو في‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة : « القصّة » بدل « القضيّة ».

(٢) البيان ٦ : ٣٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٢.

١١٣

الجميع ؛ كي لا تتفر ّق الصفقة؟ فيه قولان(١) .

إن قلنا : في ذلك القدر خاصّةً ، قال بعضهم : إنّه لا خيار للبائع ؛ لأنّه إذا رضي ببيع الجميع بالمائة كان راضياً ببيع النصف بها ، وأمّا المشتري إن لم يعلم كونه وكيلاً بالبيع بالدراهم فله الخيار. وإن علم فوجهان ؛ لشروعه في العقد مع العلم بأنّ بعض المعقود لا يسلم له(٢) .

مسألة ٧٢٤ : لو دفع إليه ألفاً وقال : اشتر بها بعينها شيئاً ، فاشترى شيئاً في الذمّة لينقد ما سلّمه إليه في ثمنه ، لم يلزمه‌(٣) ، وكان الوكيل فضوليّاً ، إن رضي المالك بالبيع جاز ، وإلّا فلا - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه أمره بعقدٍ ينفسخ لو تلف ما سلّمه إليه ، والوكيل أتى بعقدٍ لا ينفسخ لو تلف ما سلّمه إليه ، ويلزم أن يؤدّي ألفاً أُخرى ، وقد لا يريد لزوم ألفٍ أُخرى.

ولو قال : اشتر في الذمّة وسلِّم هذا في ثمنه ، فاشترى بعينه ، لم يلزم أيضاً ، وكان الوكيل فضوليّاً ؛ لأنّه ربما يريد حصول ذلك المبيع له ، سواء سلّم ما سلّمه إليه أو تلف ، وهو أصحّ قولَي الشافعيّة.

وفي الثاني : أنّه يلزم الوكيل ؛ لأنّه زاد خيراً حيث عقد على وجهٍ لو تلف ما سلّمه إليه لم يلزمه شي‌ء آخَر(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٠.

(٣) فيما عدا « ث » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لم يلزم ».

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٠ ، التنبيه : ١٠٩ ، الوجيز ١ : ١٩٢ ، الوسيط ٣ : ٢٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٣.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٠ ، التنبيه : ١٠٩ ، الوجيز ١ : ١٩٢ ، الوسيط ٣ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٣.

١١٤

ولو سلّم إليه ألفاً وقال : اشتر كذا بألف ، ولم يقل : بعينه ، ولا قال : في الذمّة ، بل قال : اصرف هذا في الثمن ، فالأقرب : إنّ الوكيل يتخيّر بين أن يشتري بعينها أو في الذمّة ؛ لأنّه على التقديرين يكون آتياً بالمأمور به ، ويجوز أن يكون غرضه من تسليمه إليه مجرّد انصرافه إلى ثمن ذلك الشي‌ء ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه يشتري بالعين ، فإن اشترى في الذمّة لم يصح ، ويكون بمنزلة ما لو قال : اشتر بعينه ؛ لأنّ قرينة التسليم تشعر به(١) .

وهو ممنوع.

مسألة ٧٢٥ : إذا وكّله في بيع عينٍ أو شرائها ، لم يملك العقد على بعضه‌ ؛ لأنّ التوكيل إنّما وقع بالجميع ، وهو مغاير للأجزاء. ولأنّ في التبعيض إضراراً بالموكّل ، ولم يأذن له فيه ، فإن فَعَله(٢) كان فضوليّاً.

أمّا لو أذن له في بيع عبيدٍ أو شرائهم ، مَلَك العقد جملةً وفرادى ؛ لأنّ الإذن تناول العقد عليهم جملةً ، والعرف في بيعه وشرائه العقد على واحدٍ واحدٍ ، ولا ضرر في جمعهم ولا إفرادهم. ولو كان أحدهما أنفع ، وجب المصير إليه ؛ لأنّ الوكيل منصوب للمصلحة.

ولو نصّ على الجمع ، فقال : اشتر لي عبيداً صفقةً واحدة ، أو : بِعْهم كذلك ، أو على التفريق ، فقال : اشتر لي عبيداً واحداً واحداً ، أو : بِعْهم كذلك ، وجب الامتثال ، فإن خالف كان فضوليّاً ؛ لأنّ تنصيصه على أحدهما‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٠ ، بحر المذهب ٨ : ١٩٧ ، الوسيط ٣ : ٢٩٩ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٤ - ١٣٥ ، البيان ٦ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٣.

(٢) في « ث ، ج » : « فَعَل ».

١١٥

بعينه يدلّ على ثبوت غرضٍ له فيه ، فلا تجوز مخالفته ، ولم يتناول إذنه سوى ما عيّنه.

وإن قال : اشتر لي عبدين صفقةً ، فاشترى عبدين لاثنين مشتركين بينهما من وكيلهما أو من أحدهما وأجاز الآخَر ، جاز.

وإن كان لكلّ واحدٍ منهما عبد منفرد فاشتراهما من المالكين [ بأن ](١) أوجبا له البيع فيهما وقَبِل ذلك منهما بلفظٍ واحد ، صحّ.

وقال الشافعي : لا يصحّ ؛ لأنّ عقد الواحد مع الاثنين عقدان(٢) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ القبول من المشتري ، وهو متّحد ، والغرض لا يختلف.

ولو اشتراهما من وكيلهما وعيّن ثمن كلّ واحدٍ منهما ، مثل أن يقول : بعتك هذين العبدين هذا بمائة وهذا بمائتين ، فقال : قبلت ، صحّ.

ولبعض العامّة وجهان(٣) .

ولو لم يعيّن ثمن كلّ واحدٍ منهما ، صحّ عندنا - خلافاً لبعض العامّة(٤) - ويقسّط الثمن على قدر القيمتين.

مسألة ٧٢٦ : إذا أمره بشراء سلعةٍ ، لم يكن له أن يشتري غيرها ، فلو أمره بشراء جاريةٍ معيّنة أو عبدٍ معيّن ، فاشترى غير ما عيّن له ، فإن كان قد سمّاه أو نواه وصدّقه البائع وقف العقد على الإجازة ، وكان الوكيل فضوليّاً ؛ لأنّه اشترى له شيئاً لم يأذن له فيه ، فلا يلزمه ، ولا يقع عن الوكيل ، سواء‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فإن ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٥٤٩ ، بحر المذهب ٨ : ١٩٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٢٢ ، البيان ٦ : ٣٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦١ ، المغني ٥ : ٢٥٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٠.

(٣ و ٤) المغني ٥ : ٢٥٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٠.

١١٦

اشتراه بعين مال الم وكّل أو في ذمّته.

وإن أطلق العقد ولم يضفه إلى الموكّل ولا نواه ، فإن اشترى بالعين ، احتمل الوقوف على الإجازة ، فإن أجازه(١) المالك صحّ ، وإلّا بطل ؛ لحديث(٢) عروة البارقي ، فإنّه باع مال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والشراء بالعين كبيع مال الغير ، وأقرّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ودعا له. ولأنّه تصرّفٌ له مجيزٌ ، فصحّ ، ووقف على الإجازة كالوصيّة بالزائد على الثلث ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

وفي الأُخرى : يبطل - وبه قال الشافعي - لأنّه عقد على مال مَنْ لم يأذن له في العقد ، فلم يصح ، كما لو باع مال الصبي ثمّ بلغ فأجاز ، وقد نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حكيم بن حزام عن بيع ما ليس عنده ، فقال : « لا تبع ما ليس عندك »(٣) يعني ما لا تملك(٤) .

وإن اشترى في الذمّة ثمّ نقد ثمنه ، وقع البيع للوكيل ؛ لأنّه تصرّفٌ صدر من بالغٍ عاقلٍ غير محجورٍ عليه ، فصحّ ، ووقع للوكيل حيث لم ينو الموكّلَ ولا سمّاه ولا اشترى ما أذن له فيه.

وقال بعض الشافعيّة : إذا اشترى بمالٍ في ذمّته للموكّل ، فالشراء صحيح ؛ لأنّه إنّما اشترى بثمنٍ في ذمّته ، وليس ذلك ملكاً لغيره ، ويقع البيع للوكيل(٥) .

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة : « أجاز ».

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٦ ، الهامش (٥)

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٧ / ٢١٨٧ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٣ / ٣٥٠٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٤ / ١٢٣٢ ، سنن النسائي ٧ : ٢٨٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٧ و ٣١٧ و ٣٣٩ ، مسند أحمد ٤ : ٤٠٣ / ١٤٨٨٧ و ١٤٨٨٨ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ١٢٩ / ٥٤٠ ، المصنّف - لعبد الرزّاق - ٨ : ٣٨ / ١٤٢١٢ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٣ : ٢١٧ - ٢١٨ / ٣٠٩٧ - ٣٠٩٩ ، و ٣١٠٢ و ٣١٠٣.

(٤) المغني ٥ : ٢٤٩ - ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٨.

(٥) المغني ٥ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٨ - ٢٥٩.

١١٧

وقال بعضهم : لا يصحّ للموكّل ولا للوكيل ؛ لأنّه عقده على أنّه للموكّل ، فلم يقع عن الوكيل ، والموكّل لم يأذن له فيه ، فلم يقع عنه(١) .

وعن أحمد روايتان :

إحداهما : إنّ الشراء للوكيل ؛ لأنّه اشترى في ذمّته بغير إذنه ، فكان الشراء له ، كما لو لم ينو غيره.

والثانية : إنّه يقف على إجازة الموكّل - كما قلناه نحن - فإن أجازه ، صحّ ؛ لأنّه اشترى له وقد أجازه فلزمه ، كما لو اشترى بإذنه. وإن لم يُجزه ، قال : يلزم الوكيل ؛ لأنّه لا يجوز أن يلزم الموكّل ؛ لأنّه لم يأذن في شرائه ، ولزم الوكيل ؛ لأنّ الشراء صدر منه ، ولم يثبت لغيره ، فيثبت في حقّه ، كما لو اشتراه لنفسه(٢) .

وليس بحقٍّ ؛ لأنّه اشترى لغيره ، فإذا لم يرض الغير ، بطل العقد.

وهذا الحكم في كلّ مَن اشترى شيئاً في ذمّته لغيره بغير إذنه ، سواء كان وكيلاً للّذي قصد الشراء له ، أو لم يكن وكيلاً.

مسألة ٧٢٧ : إذا قال له : بِعْ هذا العبد ، فباع عبداً آخَر ، فهو فضوليّ في بيع الآخَر ؛ لأنّه غير مأذونٍ له فيه ، فكان كالأجنبيّ بالنسبة إليه ، فإن أمضى المالك البيعَ ، صحّ ، وإلّا بطل ؛ لأنّ المالك لم يرض بإزالة ملكه عنه.

وقال الشافعي في أحد القولين : إنّه باطل(٣) .

وأمّا الشراء : فإن وقع بعين مال الموكّل ، فهو كالبيع. وإن كان في الذمّة ، فإن لم يسمّ الموكّلَ ولا نواه ، فهو واقع عن الوكيل ؛ لجريان‌ الخطاب معه ، وإنّما ينصرف إلى الموكّل بشرط أن ينويه أو يوافق إذنه.

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٨ - ٢٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٣.

١١٨

وقال الشافعي : إذا نواه ، لم يعتبر بالنيّة ، ووقع الشراء للوكيل ، لأنّه لم يوافق أمره ، فلغت النيّة(١) .

وليس بجيّد.

قال : ولو سمّاه ، فوجهان :

أحدهما : إنّه يبطل العقد رأساً ؛ لأنّه صرّح بإضافته إلى الموكّل ، وامتنع إيقاعه عنه ، فيلغو(٢) . وهو الذي اخترناه.

والأظهر عندهم : إنّه يقع عن الوكيل ، وتلغو تسمية الموكّل ؛ لأنّ تسمية الموكّل غير معتبرة في الشراء(٣) ، فإذا سمّاه ولم يمكن صرف العقد إليه ، صار كأنّه لم يسمّه(٤) .

ونحن نمنع وقوعه عن الوكيل ؛ لأنّه لم يشتر لنفسه.

هذا كلّه فيما إذا قال البائع : بعت منك ، فقال المشتري : اشتريته لفلان ، يعني موكّله ، فأمّا إذا قال البائع : بعت من فلان ، وقال المشتري : اشتريته لفلان ، فظاهر مذهب الشافعيّة بطلان العقد ؛ لأنّه لم تجر بينهما مخاطبة ، ويخالف النكاح حيث يصحّ من الزوج ووكيل الزوج على هذه الصفة ، بل لا يجوز إلاّ ذلك ، وللبيع أحكام تتعلّق بمجلس العقد ، كالخيار وغيره ، وتلك الأحكام إنّما يمكن الاعتبار فيها بالمتعاقدين ، فاعتبر جريان المخاطبة بينهما ، والنكاح سفارة محضة(٥) .

ونحن لا فرق عندنا بين أن يوجب ويخاطب الوكيل أو يوجب‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٣ - ٥٥٤.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الشرع » بدل « الشراء ». والمثبت كما في المصدر.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٤.

١١٩

للموكّل في البطلان.

مسألة ٧٢٨ : وكيل المتّهب بالقبول يجب أن يسمّي موكّله‌ ، وإلّا وقع عنه ؛ لجريان الخطاب معه ، ولا ينصرف بالنيّة إلى الموكّل ؛ لأنّ الواهب قد يقصده بالتبرّع بعينه ، وما كلّ أحد تسمح النفس بالتبرّع عليه ، بخلاف المشتري ، فإنّ المقصود فيه حصول العوض ، هكذا قاله بعض الشافعيّة(١) ، ولا استبعاد في هذا القول.

البحث الخامس : في التوكيل بالخصومة

مسألة ٧٢٩ : الوكيل بالخصومة إمّا أن يتوكّل عن المدّعي أو عن المدّعى عليه.

فإن كان وكيلاً عن المدّعي ، مَلَك الدعوى وإقامة البيّنة وتعديلها والتحليف وطلب الحكم على الغريم والقضاء عليه. وبالجملة ، كلّ ما يقع وسيلةً إلى الإثبات.

وأمّا الوكيل عن المدّعى عليه فيملك الإنكار والطعن في(٢) الشهود وإقامة بيّنة الجرح ومطالبة الحاكم بسماعها وتبيينها والحكم بها. وبالجملة ، عليه السعي في الدفع ما أمكن.

ولو ادّعى المنكر في أثناء حكومة وكيله الإقباضَ أو الإبراءَ ، انقلب مدّعياً ، ومَلَك وكيله الدعوى بذلك وإقامة البيّنة(٣) وطلب الحكم بها من الحاكم ، ومَلَك وكيل المدّعي الإنكار لذلك والطعن في بيّنة المشهود عليه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٤.

(٢) في « ر » والطبعة الحجريّة : « على » بدل « في ».

(٣) في « ث ، خ » والطبعة الحجريّة زيادة : « عليه ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

مال الموكّل ، أو اغرمه إن كان تالفاً ، لكنّه قد تعذّر ذلك بسبب اليمين فيأخذ حقّه من الجارية التي هي ماله.

وإن كان الموكّل صادقاً ، ففيه الوجوه الثلاثة السابقة :

أحدها : إنّها تكون للوكيل ظاهراً وباطناً حتى يحلّ له الوطء وكلّ تصرّفٍ - وبه قال أبو حنيفة - بناءً على أنّ الملك يثبت للوكيل أوّلاً ثمّ ينتقل منه إلى الموكّل ، فإذا تعذّر نقله منه ، بقي على ملكه.

ومنهم مَنْ خصّ هذا الوجه بما إذا كان الشراء في الذمّة ولم يطّرده في الحالتين ، وإليه مال الجويني(١) .

وثانيها : إنّه إن ترك الوكيل مخاصمة الموكّل ، فالجارية له ظاهراً وباطناً ، وكأنّه كذّب نفسه ، وإلّا فلا.

وثالثها - وهو الأصحّ - : إنّه لا يملكها باطناً ، بل هي للموكّل ، وللوكيل الثمن عليه ، فهو كمن له على رجلٍ دَيْنٌ لا يؤدّيه فظفر بغير جنس حقّه من ماله ، فيجي‌ء خلافٌ للشافعيّة في أنّه هل له بيعه وأخذ الحقّ من ثمنه؟ والأصحّ عندهم : إنّ له ذلك(٢) ، كما اخترناه نحن.

ثمّ يباشر البيع أو يرفع الأمر إلى القاضي؟ فيه لهم وجهان ، أصحّهما هنا : إنّ له بيعها بنفسه ؛ لأنّ القاضي لا يجيبه إلى البيع ، ولأنّ المظفور بماله في سائر الصور يدّعي المال لنفسه فيسلّط غيره عليه ، وقد يستبعد ، وهنا الموكّل لا يدّعي المال لنفسه(٣) .

وإذا قلنا : إنّه ليس له أن يأخذ الحقّ من ثمنها فتوقف في يده حتى‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٢ - ٢٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٦.

١٨١

يظهر مالكها ، أو يأ خذها القاضي فيحفظها؟ فيه للشافعيّة وجهان(١) .

مسألة ٧٨٠ : لو اشترى الوكيل جاريةً لموكّله ، فأنكر الموكّل الإذن في شرائها وقال : ما وكّلتُك في شراء هذه ، بل الجارية الأُخرى ، فالقول قول الموكّل على ما تقدّم ، فإذا حلف بقيت الجارية المشتراة في يد الوكيل ، والحكم على ما تقدّم في المسألة الأُولى ، فيرفق الحاكم ويتلطّف ، كما تقدّم.

مسألة ٧٨١ : لو باع الوكيل نسيئةً وادّعى إذن المالك فيه ، فإن صدّقه المالك صحّ البيع.

وإن كذّبه وقال : ما أذنتُ لك في بيعه نسيئةً ، بل في بيعه نقداً ، أو قلتُ لك : بِعْه ، ولم أذكر شيئاً [ فالقول قول المالك ](٢) لأنّ الإطلاق ينصرف إلى النقد.

ثمّ إن صدّقه الوكيل والمشتري جميعاً ، حكمنا بفساد البيع. فإن كانت السلعة قائمةً رجع بها ، وكان له أن يطالب أيّهما شاء ، وإلّا رجع بالقيمة على مَنْ شاء منهما.

وإن كذّباه ، فالقول قول المالك مع يمينه على القطع وعدم البيّنة.

فإن أنكر المشتري الوكالةَ وقال : إنّ البائع باع ملكه ، فالموكّل حينئذٍ يحتاج إلى إقامة البيّنة ، فإن لم تكن هناك بيّنة ، قُدّم قول المشتري مع يمينه على نفي العلم بالوكالة ؛ لأنّها يمين على نفي فعل الغير.

فإن حلف ، قُرّر المبيع في يده ، ويكون للمالك الرجوعُ على الوكيل إن كذّبه في عدم إذنه في النسيئة بعد حلف الموكّل له بالقيمة.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٦ - ٥٦٧.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

١٨٢

وإن نكل المشتري عن اليمين على نفي علم الوكالة ، حلف الموكّل على ثبوتها ، فإذا حلف حُكم ببطلان البيع. وإن لم يحلف ونكل ، فهو كما لو حلف المشتري ، ونكول الموكّل عن يمين الردّ في خصومة المشتري لا يمنعه من الحلف على الوكيل ، فإذا حلف عليه فله أن يغرم الوكيل قيمة المبيع أو مثله إن كان مثليّاً.

والوكيل لا يطالب المشتري بشي‌ء حتى يحلّ الأجل مؤاخذةً له بموجب تصرّفه.

فإذا حلّ ، نُظر إن رجع عن قوله الأوّل وصدّقه(١) الموكّل ، فلا يأخذ من المشتري إلاّ أقلّ الأمرين من الثمن أو القيمة ؛ لأنّه إن كان الثمن أقلَّ ، فهو موجب عقده وتصرّفه ، فلا يُقبل رجوعه فيما يلزمه من زيادة على العين(٢) ، وإن كانت القيمة أقلَّ فهي التي غرمها ، فلا يرجع إلّا بما غرم ؛ لأنّه قد اعترف أخيراً بفساد العقد.

وإن لم يرجع وأصرّ على قوله الأوّل ، فيطالبه بالثمن بتمامه ، فإن كان مِثْلَ القيمة أو أقلَّ فذلك ، وإن كان أكثر فالزيادة في يده للموكّل بزعمه ، والموكّل ينكرها ، فيحفظها أو يلزمه دفعها إلى القاضي؟ فيه للشافعيّة خلاف(٣) .

اعترض بعض الفقهاء بأنّ الموكّل إذا أنكر التوكيل بالنسيئة ، كان ذلك عزلاً للوكيل على رأي ، فكيف يملك الوكيل بعده استيفاء الثمن!؟

وأُجيب : بأنّه إنّما يستوفي الثمن لأنّ الموكّل ظلمه بتغريمه في‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة : « صدّق ».

(٢) في « ج » : « الغير. نسخة بدل ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٧.

١٨٣

زعمه ، وظفر بجنس حقّه من مال مَنْ ظلمه ، وإن كان من غير الجنس فيأخذه أيضاً(١) .

ولا يخرج على القولين في الظفر بغير جنس الحقّ في غير هذه الصورة ؛ لأنّ المالك يدّعيه لنفسه ، ويمنع الغير عنه ، والموكّل لا يدّعي الثمن هنا ، فأولى مصرفٍ يُفرض له التسليم إلى الوكيل الغارم.

مسألة ٧٨٢ : هذا كلّه إذا لم يعترف المشتري بالوكالة ، فإن اعترف بها فإن صدّق الموكّل ، فالبيع باطل ، وعليه ردّ المبيع إن كان باقياً. وإن تلف ، فالموكّل بالخيار إن شاء غرّم الوكيل ؛ لأنّه تعدّى ما أمره الموكّل ، وإن شاء غرّم المشتري ؛ لتفرّع يده على يدٍ مضمونة ، ولأنّه أتلف السلعة على الموكّل بشرائه من غير إذن مالكها ، وقرار الضمان على المشتري ؛ لحصول الهلاك في يده.

فإن رجع الموكّل عليه ، لم يرجع على الوكيل ؛ لحصول التلف في يده ، بل يرجع عليه بالثمن الذي سلّمه إليه ؛ لخروج المبيع مستحقّاً.

وإن صدّق الوكيل ، قُدّم قول الموكّل مع يمينه ، فإن حلف أخذ العين ، وإن نكل حلف المشتري وبقيت له.

وإن رجع على الوكيل ، لم يكن للوكيل أن يرجع في الحال ؛ لأنّه يُقرّ أنّه ظلمه بالرجوع عليه ، وإنّما يستحقّ عليه الثمن المؤجَّل.

فإذا حلّ الأجل ، كان للوكيل أن يرجع عليه بأقلّ الأمرين من القيمة والثمن ؛ لأنّ القيمة إن كانت أقلَّ ، فصاحب السلعة يقول : إنّه لا يستحقّ ذلك ولا يغرم إلّا القيمة. وإن كان الثمن المسمّى أقلَّ ، رجع به ؛ لأنّه‌

____________________

(١) المعترض والمجيب هو الإمام الجويني كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٤.

١٨٤

معترف بأنّ صاحب الس لعة ظلمه بأخذ القيمة ، وأنّ الذي يستحقّه الثمن ، فلا يرجع بأكثر منه.

وإن كذّبه أحدهما دون الآخَر ، رجع على المصدِّق ، وحلف على المكذِّب ، ويرجع حسب ما ذكرناه في تكذيبهما.

البحث الثاني : في المأذون

مسألة ٧٨٣ : إذا وكّله في بيعٍ أو هبةٍ أو صلحٍ أو طلاقٍ أو عتقٍ أو إبراءٍ أو غير ذلك ، ثمّ اختلف الوكيل والموكّل ، فادّعى الوكيل أنّه تصرّف كما أذن له ، وأنكر الموكّل وقال : لم تتصرّف البتّة بَعْدُ ، فإن جرى هذا النزاع بعد عزل الوكيل ، لم يُقبل قوله إلّا ببيّنةٍ ؛ لأنّ الأصل العدم ، وبقاء الحال كما كان ، والوكيل غير مالكٍ للتصرّف حينئذٍ.

وإن جرى قبل العزل ، فالأقرب أنّه كذلك ، وأنّ القول قول الموكّل ؛ لأنّ الأصل العدم ، ولأنّ الوكيل يقرّ عليه بزوال الملك عن السلعة ، فوجب أن لا يُقبل ، بخلاف ما إذا ادّعى الردّ أو التلف ، فإنّه يبغي [ دفع ](١) الضمان عن نفسه ، لا [ إلزام ](٢) الموكّل شيئاً ، وهو أحد قولَي الشافعي.

والثاني : إنّ القول قول الوكيل ؛ لأنّه ائتمنه ، فعليه تصديقه ، ولأنّه مالك لإنشاء التصرّف ، ومَنْ مَلَك الإنشاء قُبِل إقراره ، كالوليّ الـمُجبَر إذا أقرّ بنكاح مولّيته(٣) .

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « رفع ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « التزام ». والمثبت هو الصحيح.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٥٢١ - ٥٢٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٤ ، بحر المذهب =

١٨٥

وبهذا القول قال أبو حنيفة إلّا في النكاح إذا اختلف فيه الوكيل والموكّل ، فإنّ القول قول الموكّل(١) .

واختلف أصحاب الشافعي فيما هو الأصحّ من القولين وما كيفيّتهما؟

أمّا [ الأوّل ](٢) : فكلام أكثر الشافعيّة ترجيح قول تصديق الموكّل حتى أنّ بعضهم لم يورد غيره.

وقال بعضهم : الأصحّ تصديق الوكيل من جهة القياس.

وأمّا [ الثاني ](٣) : فإنّ قول تصديق الموكّل منقول عن الشافعي في مواضع.

واختلف الناقلون في القول الآخَر :

فقال بعضهم : إنّه منصوص الشافعي.

وقال آخَرون : إنّه مخرَّج خرَّجه ابن سريج وغيره.

وفي المسألة وجهٌ ثالث للشافعيّة ، وهو : إنّ ما يستقلّ به الوكيل - كالطلاق والإعتاق والإبراء - يُقبل فيه قوله مع يمينه ، وما لا يستقلّ - كالبيع - لا بدّ فيه من البيّنة(٤) .

مسألة ٧٨٤ : لو صدّق الموكّل الوكيلَ في البيع ونحوه ، ولكن قال : كنتُ عزلتُك قبل التصرّف‌. وقال الوكيل : بل كان العزل بعد التصرّف ، فهو‌

____________________

= ٨ : ١٦٩ ، البيان ٦ : ٤١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٤ - ٢٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨ ، المغني ٥ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٨.

(١) بحر المذهب ٨ : ١٦٩ ، البيان ٦ : ٤١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٥ ، المغني ٥ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٨.

(٢ و ٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الثاني الأوّل ». والمثبت كما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨.

١٨٦

كما لو قال الزوج : راجعتكِ قبل انقضاء العدّة ، وقالت : انقضت عدّتي قبل أن تراجعني.

وحينئذٍ يحتمل تقديم قول الوكيل ؛ لأصالة صحّة تصرّفه ، وتقديم قول الموكّل ؛ لأصالة عدم سبق العقد.

والتحقيق أنّ كلّ واحدٍ منهما يدّعي التقديم ، والأصل عدمه ، فلا أولويّة من هذه الحيثيّة ، فتبقى أصالة بقاء الملك على صاحبه خاليةً عن المعارض.

ولو قال الموكّل : قد باع الوكيل ، وقال الوكيل : لم أبِعْ ، فإن صدّق المشتري الموكّل ، حُكم بانتقال الملك إليه ، وإلّا فالقول قوله ؛ لأصالة عدم البيع.

مسألة ٧٨٥ : إذا ادّعى الوكيل تلفَ المال الذي في يده للموكّل أو تلفَ الثمن الذي قبضه عن متاعه في يده‌ ، وأنكر المالك ، قُدّم قول الوكيل مع يمينه وعدم البيّنة ؛ لأنّه أمينه ، فكان كالمودع. ولأنّه قد تتعذّر إقامة البيّنة عليه ، فلا يكلَّف ذلك.

ولا فرق بين أن يدّعي التلف بسببٍ ظاهر ، كالحرق والنهب ، أو بسببٍ خفيّ ، كالسرقة والتلف.

وكذا كلّ مَنْ في يده شي‌ء لغيره على سبيل الأمانة ، كالأب والوصي والحاكم وأمينه والودعي والشريك والمضارب والمرتهن والمستأجر والأجير المشترك ؛ لأنّه لو لا ذلك لامتنع الناس من الدخول في الأمانات(١) مع الحاجة إليها.

____________________

(١) في « ج ، ر » : « الأمانة ».

١٨٧

وقال بعض العامّة : إذا ادّعى التلف بأمرٍ ظاهر - كالحرق والنهب - كان عليه إقامة البيّنة على وجود هذا الأمر في تلك الناحية ، ثمّ يكون القولُ قولَه في تلفها بذلك - وبه قال الشافعي أيضاً - لأنّ وجود الأمر الظاهر ممّا لا يخفى ، ولا تتعذّر إقامة البيّنة عليه(١) .

مسألة ٧٨٦ : إذا اختلفا في الردّ فادّعاه الوكيل وأنكره الموكّل ، فإن كان وكيلاً بغير جُعْلٍ ، احتُمل تقديم قول الوكيل ؛ لأنّه قبض المال لنفع مالكه ، فكان القولُ قولَه مع اليمين ، كالودعي.

ويحتمل العدم ؛ لأصالة عدم الردّ. والحكم في الأصل ممنوع.

وإن كان وكيلاً بجُعْلٍ ، فالوجه : أنّه لا يُقبل قوله ؛ لأنّه قبض المال لنفع نفسه ، فلم يُقبلْ قوله في الردّ ، كالمستعير ، وهو أحد قولَي العامّة.

والثاني : إنّ القولَ قولُ الوكيل ؛ لأنّه وكيل ، فكان القولُ قولَه ، كالوكيل بغير جُعْلٍ ؛ لاشتراكهما في الأمانة(٢) .

وسواء اختلفا في ردّ العين أو ردّ ثمنها.

وجملة الأُمناء على ضربين :

أحدهما : مَنْ قبض المال لنفع مالكه لا غير ، كالمودع والوكيل بغير جُعْلٍ ، فيُقبل قولهم في الردّ عند بعض الفقهاء من علمائنا وغيرهم(٣) ؛ لأنّه لو لم يُقبل قولهم لامتنع الناس من قبول الأمانات ، فيلحق الناسَ الضررُ.

والثاني : مَنْ ينتفع بقبض الأمانة ، كالوكيل بجُعْلٍ والمضارب والأجير‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٢١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٨ ، البيان ٦ : ٤١٩.

(٢) البيان ٦ : ٤١٩ ، المغني ٥ : ٢٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٩.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٣٧٢ ، و ٤ : ١٤١ ، المغني ٥ : ٢٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨.

١٨٨

المشترك والمستأجر و المرتهن.

والوجه : إنّه لا يُقبل.

مسألة ٧٨٧ : لو أنكر الوكيلُ قبضَ المال ثمّ ثبت ذلك ببيّنةٍ أو اعترافٍ ، فادّعى الردَّ أو التلفَ ، لم يُقبل قوله‌ ؛ لثبوت خيانته بجحوده.

فإن أقام بيّنةً بما ادّعاه من الردّ أو التلف ، لم تُقبل بيّنته.

وللعامّة وجهان :

أحدهما : لا تُقبل - كما قلناه - لأنّه كذّبها بجحده ؛ فإنّ قوله : « ما قبضت » يتضمّن أنّه لم يردّ شيئاً.

والثاني : تُقبل ؛ لأنّه يدّعي الردّ والتلف قبل وجود خيانته(١) .

وإن كان صورة جحوده : أنّك لا تستحقّ علَيَّ شيئاً ، أو : ما لك عندي شي‌ء ، يُسمع قوله مع يمينه ؛ لأنّ جوابه لا يكذّب ذلك ، لأنّه إذا كان قد تلف أو ردّ ، فليس له عنده شي‌ء ، فلا تنافي بين القولين ، إلّا أن يدّعي أنّه ردّ أو تلف بعد قوله : « ما لك عندي شي‌ء » فلا يُسمع قوله ؛ لثبوت كذبه وخيانته.

هذا كلّه فيما إذا ادّعى الأمين الردَّ على مَن ائتمنه ، أمّا إذا ادّعى الردّ على غيره فلا.

ولو ادّعى القيّمُ الردَّ على اليتيم الذي كان يقوم بأمره ، فكذلك.

ولو ادّعى الوكيلُ الردَّ على رسول المالك لاسترداد ما عنده ، فلا خلاف في أنّ الرسول إذا أنكر القبضَ كان القولُ قولَه مع يمينه.

وأمّا الموكّل فإنّه لا يلزمه تصديق الوكيل ؛ لأنّه يدّعي الردّ على مَنْ‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٢٣ - ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٠.

١٨٩

لم يأتمنه فليُقم ال بيّنةَ ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) .

وفي وجهٍ : عليه تصديقه ؛ لأنّه معترف ، ويد رسوله يده ، فكأنّه يدّعي الردَّ عليه(٢) .

مسألة ٧٨٨ : إذا وكّل وكيلاً باستيفاء دَيْنٍ له على إنسان ، فقال له : قد استوفيتُه ، وأنكر الموكّل ، نُظر إن قال : استوفيتُه وهو قائم في يدي فخُذْه ، فعليه أخذه ، ولا معنى لهذا الاختلاف.

وإن قال : استوفيتُه وتلف في يدي ، فالقول قوله(٣) مع يمينه على نفي العلم باستيفاء الوكيل ؛ لأصالة بقاء الحقّ ، فلا يُقبل قول الوكيل والمديون إلّا ببيّنةٍ ؛ لأنّ قولهما على خلاف الأصل.

وهو الظاهر من مذهب الشافعي(٤) .

وجَعَله بعض الشافعيّة على الخلاف المذكور فيما إذا اختلفا في البيع ونحوه(٥) .

وعلى ما اخترناه إذا حلف الموكّل ، أخذ حقّه ممّن كان عليه ، ولا رجوع له على الوكيل ؛ لاعترافه بأنّه مظلوم.

مسألة ٧٨٩ : لو وكّله في البيع وقبض الثمن ، أو بالبيع مطلقاً وقلنا : إنّ الوكيل يملك بالوكالة في البيع قبضَ الثمن ، واتّفقا على البيع واختلفا في قبض الثمن ، فقال الوكيل : قبضتُه وتلف في يدي ، وأنكر الموكّل ، أو قال الوكيل : قبضتُه ودفعتُه إليك ، وأنكر الموكّل القبضَ ، فالأقوى : عدم قبول قول الوكيل في ذلك.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨.

(٣) أي : قول الموكّل.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨.

١٩٠

وللشافعيّة في ذلك طر يقان :

أحدهما : إنّه على الخلاف المذكور في البيع وسائر التصرّفات.

وأظهرهما عندهم : إنّ هذا الاختلاف إن كان قبل تسليم المبيع ، فالقول قول الموكّل ، كما في المسألة السابقة.

وإن كان بعد تسليمه ، فوجهان :

أحدهما : إنّ الجواب كذلك ؛ لأنّ الأصل بقاء حقّه.

وأصحّهما : إنّ القولَ قولُ الوكيل ؛ لأنّ الموكّل ينسبه إلى الخيانة بالتسليم قبل قبض الثمن ، ويلزمه الضمان ، والوكيل ينكره ، فأشبه ما إذا قال الموكّل : طالبتُك بردّ المال الذي دفعتُه إليك ، أو بثمن المبيع الذي قبضتَه فامتنعتَ مقصّراً إلى أن تلف ، وقال الوكيل : لم تطالبني بذلك ، أو لم أكن مقصّراً ، فإنّ القولَ قولُه.

وهذا التفصيل فيما إذا أذن في البيع مطلقاً أو حالّاً ، فإن أذن في التسليم قبل قبض الثمن ، أو أذن في البيع بثمنٍ مؤجَّل ، وفي القبض بعد الأجل ، فهنا لا يكون خائناً بالتسليم قبل القبض ، فالاختلاف كالاختلاف قبل التسليم(١) .

مسألة ٧٩٠ : إذا صدّقنا الوكيلَ فحلف ، فالأقوى : براءة ذمّة المشتري ؛ لأنّا قَبِلنا قول الوكيل في قبض الثمن فكيف نوجبه؟ وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : لا تبرأ ذمّة المشتري ؛ لأصالة عدم الأداء ، وإنّما قَبِلنا من الوكيل في حقّه ؛ لائتمانه إيّاه(٢) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٦ - ٢٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٩.

١٩١

ولا بأس به.

فعلى الأوّل إذا حلف الوكيل وقلنا ببراءة ذمّة المشتري ثمّ وجد المشتري بالمبيع عيباً.

فإن ردّه على الموكّل وغرمه الثمن ، لم يكن له الرجوعُ على الوكيل ؛ لاعترافه بأنّ الوكيل لم يأخذ شيئاً.

وإن ردّه على الوكيل وغرمه ، لم يرجع على الموكّل ، والقول قوله مع يمينه في أنّه لم يأخذ منه شيئاً ، ولا يلزم من تصديقنا الوكيلَ في الدفع عن نفسه بيمينه أن نثبت بها حقّاً على غيره.

ولو خرج المبيع مستحقّاً ، يرجع المشتري بالثمن على الوكيل ؛ لأنّه دفعه إليه ، ولا رجوع له على الموكّل ؛ لما مرّ.

ولو اتّفقا على قبض الوكيل الثمنَ ، وقال الوكيل : دفعتُه إليك ، وقال الموكّل : بل هو باقٍ عندك ، فهو كما لو اختلفا في ردّ المال المسلَّم إليه.

والظاهر أنّ القول قول الوكيل.

ولو قال الموكّل : قبضتَ الثمن فادفعه إلَيَّ ، وقال الوكيل : لم أقبضْه بَعْدُ ، فالقول قول الوكيل ، وليس للموكّل طلب الثمن من المشتري ؛ لاعترافه بأنّ وكيله قد قبض.

نعم ، لو سلّم الوكيل المبيعَ حيث لا يجوز التسليم قبل قبض الثمن ، فهو متعدٍّ بفعله ، فللموكّل أن يغرمه قيمة المبيع.

البحث الثالث : في الوكالة بالقضاء

مسألة ٧٩١ : إذا دفع إليه مالاً ووكّله في قضاء دَيْنه ، ثمّ قال الوكيل : دفعتُه إلى ربِّ الدَّيْن ، فأنكر ربُّ الدَّيْن ، فالقول قوله مع يمينه ؛ لأنّه‌

١٩٢

لم يأتمن الوكيل حتى يلزمه تصديقه ، والأصل عدم الدفع ، فإذا حلف طالَب الموكّل بحقّه ، وليس له مطالبة الوكيل.

ولا يُقبل قول الوكي ل على الموكّل ، بل لا بدّ من البيّنة ؛ لأنّه أمره بالدفع إلى مَنْ لم يأتمنه ، فكان من حقّه الإشهادُ عليه ، فإذا لم يفعل ، كان مفرّطاً غارماً ، وهو أصحّ قولَي الشافعي.

والثاني : إنّه يُقبل - وبه قال أبو حنيفة - لأنّ الموكّل قد ائتمنه ، فأشبه ما إذا ادّعى الردَّ عليه(١) .

فعلى الأوّل إن ترك الإشهاد على الدفع ، فإن دفع بحضرة الموكّل ، فلا رجوع للموكّل عليه - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) - وإن دفع في غيبته ، فله الرجوع.

ولا فرق بين أن يصدّقه الموكّل على الدفع ، أو لا يصدّقه.

وعن بعض الشافعيّة وجهٌ : إنّه لا يرجع عند التصديق(٣) .

وعلى الثاني يحلف الوكيل ، وتنقطع مطالبة المالك عنه ، ولا يغنيه تصديق المدفوع إليه عن اليمين.

وعلى قولنا لو اختلفا ، فقال الوكيل : دفعتُه بحضرتك ، فأنكر الموكّل ، فالقول قول الموكّل مع يمينه.

وإن كان قد أشهد عليه ولكن مات الشهود أو عرض لهم جنون أو فسق أو غيبة ، فلا رجوع.

وإن كان قد أشهد شاهداً واحداً أو مستورين فبانا فاسقين ، فالأقرب : عدم الرجوع.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧٠.

١٩٣

وللشافعيّة قولان (١) .

ولكن ذلك على ما تقدّم في رجوع الضامن على الأصيل.

ولو أمره بإيداع ماله ، ففي لزوم الإشهاد إشكال يأتي إن شاء الله تعالى.

مسألة ٧٩٢ : لو ادّعى قيّم اليتيم أو الوصي دَفْعَ المال إليه عند البلوغ ، لم يُقبل قوله‌ إلّا بالبيّنة ؛ لأصالة عدم الدفع ، وهو لم يأتمنه حتى يكلّف تصديقه.

ولقوله تعالى :( فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ) (٢) أمر بالإشهاد ، ولو كان قوله مقبولاً ، لما أمر به ؛ لقوله تعالى :( فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ ) (٣) ولم يأمره بالإشهاد.

ولأنّ الصبي لم يأتمنه عليه ، فلم يُقبل قوله عليه ، كما إذا ادّعى المودَع أو الوكيل التسليمَ إلى غير المستودع والموكّل ، لم يُقبل قولهما عليه ، كما يُقبل على المودِع والموكّل.

وهو أظهر مذهب الشافعي(٤) .

وله آخَر : إنّه يُقبل قوله مع اليمين ؛ لأنّه أمين. ولأنّه يُقبل قوله في النفقة عليه ، والإشهاد للإرشاد إلى التورّع عن اليمين(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧٠.

(٢) النساء : ٦.

(٣) البقرة : ٢٨٣.

(٤) بحر المذهب ٨ : ١٦٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٢٦ - ٢٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧٠.

(٥) بحر المذهب ٨ : ١٦٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٨.

١٩٤

والأوّل أقوى.

والفر ق : إنّ النفقة تتعذّر عليه إقامة البيّنة عليها ، بخلاف الدفع.

إذا عرفت هذا ، فكلّ مَن ادّعى الردَّ على مَنْ لم يأتمنه ، لم يُقبل قوله عليه ، مثل أن يدّعي الأب والجدّ ردَّ المال إلى الصبي ، أو يدّعي المودع الردَّ على ورثة المستودع ، أو يدّعي الملتقط الردَّ على مالك اللقطة أو ورثته ، أو مَنْ أطارت الريح ثوباً إلى داره فادّعى ردَّه ، لم يُقبل قوله.

وكذا الشريك والمضارب إذا ادّعيا الردَّ على ورثة شريكه.

مسألة ٧٩٣ : كلّ مَنْ عليه حقٌّ أو في يده مالٌ لغيره يجب عليه ردّه إلى مالكه عند الطلب.

فلو قال مَنْ في يده المال أو عليه : لا أدفع المال إليه إلّا بالإشهاد ، فالأقرب : إنّ له ذلك ، سواء كان ممّا يُقبل قوله فيه ، كالوديعة وشبهها ، أو لم يكن ، كالدَّيْن والغصب وشبههما ، وسواء كان على مَنْ في يده المالُ بيّنةٌ بالمال أو لا بيّنة عليه ، احترازاً من لزوم اليمين ، وللإنسان غرض في التحرّز من الإقدام على اليمين وإن كان صادقاً ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) (١) وعادة الأُمناء التحرّز من الأيمان.

وللشافعيّة تفصيلٌ هنا واختلاف.

قال أكثرهم : ننظر في ذلك ، فإن كان الذي عنده المال أميناً لصاحب الحقّ إذا ادّعى الردَّ قُبل قوله ، كالوكيل والودعيّ ، كان عليه تسليم ما في يده من غير إشهادٍ ، فإن أخّر الدفع لأجل الإشهاد ، ضمن ؛ لأنّه لا ضرر عليه في التسليم ، لأنّ قوله مقبول في الردّ ، فلا حاجة به إلى البيّنة.

____________________

(١) البقرة : ٢٢٤.

١٩٥

وإن كان لا يُقبل قو له في الردّ ، كالمرتهن والشريك والمضارب والوكيل بجُعْلٍ - في أحد الوجهين - والمستعير ، نُظر فإن كان الحقّ لا بيّنة لصاحبه به ، وجب عليه الدفع من غير إشهادٍ ؛ لأنّه إن ادّعاه عليه بعد ردّه ، أمكنه الجواب بأنّك لا تستحقّ علَيَّ شيئاً ، ويكون القولُ قولَه مع يمينه.

وإن كان لصاحبه به بيّنةٌ ، لم يجب عليه الردّ إلّا بعد الإشهاد ؛ لأنّه لا يأمن أن يطالبه به بعد الردّ وتقوم به عليه البيّنة ، ولا يُقبل قوله في الردّ ، فيلزمه غرمه(١) .

وللشافعيّة وجهٌ آخَر ، وهو : إنّه إن كان التوقّف إلى الإشهاد يورث تأخيراً أو تعويقاً في التسليم ، لم يكن له الامتناع ، وإلّا فله ذلك(٢) .

ولا فرق بين المديون والغاصب في هذا الباب.

ولو قال الموكّل للوكيل : إنّني طلبته منك فمنعتَني فأنت ضامن ؛ لأنّه كان يمكنك الردّ ، فأنكر الوكيل ولا بيّنة ، قُدّم قوله مع اليمين.

فإذا حلف ، كان على أمانته.

وهل يجب الردّ حينئذٍ؟ الأقرب ذلك.

وإن نكل ، حلف الموكّل بالله بأنّه لقد طالَبه فمنَعَه من غير عذرٍ ، وصار الوكيل ضامناً ، فإن كان المال قد تلف في يده ، وجب عليه ضمانه.

مسألة ٧٩٤ : إذا كان لرجلٍ على زيدٍ دَيْنٌ ، أو كان له في يده عين ، فجاء شخص إلى زيدٍ وقال : إنّ الرجل وكّلني في استيفاء دَيْنه منك ، أو في أخذ العين التي في يدك له ، فإن قامت للوكيل بيّنةٌ بذلك ثبتت وكالته ، واستحقّ المطالبة.

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ١٧٠ ، البيان ٦ : ٤٢٠.

(٢) بحر المذهب ٨ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧٠.

١٩٦

وإن لم تكن بيّنةٌ ، فإن صدّقه الغريم في دعوى الوكالة ، فإن كانت الدعوى عيناً ، لم يؤمر بالتسليم إليه ؛ لجواز كذبهما معاً ، ولصاحب العين تكذيبهما معاً ، لكن لو دفع لم يمنع منه أيضاً ؛ لأنّه إذا علم أنّه وكيله ، جاز له الدفع إليه.

وإن كان(١) دَيْناً ، احتُمل وجوب الدفع إليه ؛ لاعترافه بأنّه مستحقٌّ للمطالبة.

والفرق(٢) بين الدَّيْن والعين ظاهر ، فإنّ المدفوع في الدَّيْن ليس عين مال الموكّل ، وأمّا العين فإنّها عين مال الغير ، ولم يثبت عند الحاكم أنّه وكيل ، فلم يكن له أمره بالدفع.

قال(٣) بعض الشافعيّة : إن كان هناك بيّنة تثبت الوكالة ، وإن لم تكن فإنّه لا يجب على مَنْ عليه الدَّيْن تسليمه إليه ، سواء صدّقه أو كذّبه ، فإذا كذّبه لم يكن له إحلافه.

ثمّ قال : والذي يجي‌ء على أصلنا أنّه لا تُسمع دعواه عليه ؛ لأنّ عندنا أنّ الوكيل في الخصومة لا يصحّ أن يدّعي قبل ثبوت وكالته(٤) .

وقال أبو حنيفة : إذا صدّقه ، وجب عليه تسليم الدَّيْن.

وله في تسليم العين روايتان ، أشهرهما : إنّه لا يجب عليه تسليمها.

وإن كذّبه ، كان له إحلافه.

وعنده لا تُسمع بيّنة الوكيل إلّا بعد الدعوى.

____________________

(١) تذكير الفعل باعتبار الحقّ.

(٢) في النسخ الخطّيّة : « وفرق ».

(٣) في « ث ، ر ، خ » : « وقال ».

(٤) بحر المذهب ٨ : ٢٠٤.

١٩٧

واحتجّ بأنّه أقرّ بحقّ الاستيفاء ، فكان له مطالبته ، كما لو كان الحقّ عيناً ، وكما لو أقرّ بأنّ هذا وصيٌّ لصغيرٍ(١) .

مسألة ٧٩٥ : إذا دفع المديون الدَّيْنَ أو المستودع الوديعةَ إلى مدّعي الوكالة بعد أن صدّقه عليها ، فإذا حضر المستحقّ وأنكر الوكالة ، فالقول قوله مع يمينه.

فإن كان الحقّ عيناً أخذها إن كانت باقيةً. وإن تلفت فله إلزام مَنْ شاء منهما ، ولا رجوع للغارم منهما على الآخَر ؛ لأنّه مظلوم بزعمه ، والمظلوم لا يؤاخذ إلّا ظالمه.

هذا إذا تلف من غير تفريطٍ منهما ، فأمّا إذا تلف بتفريطٍ من القابض ، فيُنظر إن غرّم المستحقّ القابضَ فلا رجوع ، وإن غرّم الدافعَ فله الرجوع ؛ لأنّ القابض وكيل عنده ، والوكيل يضمن بالتفريط ، والمستحقّ ظلمه بأخذ القيمة منه ، وما لَه في ذمّة القابض فيستوفيه بحقّه.

مسألة ٧٩٦ : إذا كان الحقّ دَيْناً وكذّب الموكّلُ الوكيلَ في الوكالة بعد أن قبض الوكيل ، كان للموكّل مطالبةُ الدافع بحقّه.

وإذا غرمه فإن كان المدفوع باقياً ، فله استرداده وإن صار ذلك للمستحقّ في زعمه ؛ لأنّه ظلمه بتغريمه ، وذلك مالٌ له ظَفَر به ، فكان له أخذه قصاصاً.

وإن كان تالفاً فإن فرّط فيه ، غرمه ، وإلّا فلا.

وهل للمستحقّ مطالبة القابض؟ يُنظر إن تلف المدفوع عنده ،

____________________

(١) بدائع الصنائع ٦ : ٢٦ ، الحاوي الكبير ٦ : ٥٥٢ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٢ و ١٥١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٠ ، البيان ٦ : ٤٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧١ ، المغني ٥ : ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦١.

١٩٨

لم يكن له المطالبة ؛ لأنّ المال للدافع بزعمه ، وضمانه له.

وإن كان باقياً ، احتُمل ذلك أيضاً ؛ لأنّ الآخذ فضوليٌّ بزعمه ، والمأخوذ ليس حقّاً له ، وإنّما هو مال المديون ، فلا تعلّق للمستحقّ به ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : إنّ له المطالبة بتسليمه إليه ؛ لأنّه إنّما دفعه إليه ليدفعه إلى المستحقّ ، وكأنّه انتصب وكيلاً في الدفع من جهته(٢) (٣) .

ولا بأس به.

وإن قلنا به فإذا أخذه المستحقّ ، برئ الدافع عن الدَّيْن.

وهل يلزم مَنْ عنده الحقّ دفعه إليه بعد التصديق ، أم له الامتناع إلى قيام البيّنة على الوكالة؟ الأقرب : الأوّل.

ونصّ الشافعي : إنّه لا يلزمه الدفع إلّا بعد البيّنة(٤) .

ونصّ فيما إذا أقرّ بدَيْنٍ أو عينٍ من تركة إنسانٍ وبأنّه مات ووارثه فلان : إنّه يلزمه الدفع إليه ، ولا يكلّف البيّنة(٥) .

ولأصحابه في ذلك طريقان :

أحدهما : إنّ المسألتين على قولين :

في قولٍ : يلزمه الدفع إلى الوكيل والوارث ؛ لأنّه اعترف باستحقاقه الأخذَ ، فلا يجوز له منع الحقّ عن المستحقّ.

وفي قولٍ : لا يلزمه الدفع إلى واحدٍ منهما إلّا بالبيّنة.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧١.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « حقه » بدل « جهته ». والمثبت من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٩ - ٢٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧١.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧١.

١٩٩

أمّا في الصورة الأُ ولى : فلاحتمال إنكار الموكّل الوكالة. وأمّا في الثانية : فلاحتمال استناد إقراره بالموت إلى ظنٍّ خطأً.

وأصحّهما عندهم : تقرير الحقّ للوارث ، وعدم اليأس عن إنكار الموكّل للوكالة وبقاء الحقّ له(١) .

مسألة ٧٩٧ : لو ادّعى الوكالة فكذّبه المديون أو مَنْ عنده الوديعة أو المال ، لم يكلّف المديون والودعيّ الدفع إليه‌ ؛ لتجرّد دعواه عن البيّنة ، وعدم اعتضادها بالتصديق.

فإن دفع ثمّ حضر الموكّل وأنكر الوكالة ، فالقول قوله مع اليمين.

فإذا حلف على نفي الوكالة وغرم الدافع ، كان له أن يرجع على القابض ، دَيْناً كان أو عيناً ؛ لأنّه لم يصرّح بتصديقه ، وإنّما دفع بناءً على الظاهر من قوله ، فإذا تبيّن خلافه غرم ما غرم.

ولو أنكر الوكالة أو الحقّ وكان الوكيل مأذوناً(٢) في إقامة البيّنة ، أو قلنا : إنّ الوكيل بالقبض مطلقاً يملك إقامة البيّنة ، فله أن يقيم البيّنة ويأخذ.

فإن لم تكن بيّنة ، فهل له التحليف؟ يبنى الأمر فيه على أنّه إذا صدّقه هل يلزمه الدفع إليه؟ إن قلنا : نعم ، فله تحليفه ، فلعلّه يصدق إذا عُرضت اليمين عليه.

وإن قلنا : لا ، فيبنى على أنّ النكول وردّ اليمين كإقامة البيّنة من المدّعي أو الإقرار من المدّعى عليه؟ إن قلنا بالأوّل فله تحليفه طمعاً في أن ينكل ، فيحلف الوكيل. وإن قلنا بالثاني فلا.

مسألة ٧٩٨ : لو جاء رجل إلى المديون وقال : قد أحالني عليك‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧١.

(٢) في الطبعة الحجريّة زيادة : « له ».

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501