تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-436-1
الصفحات: 501

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 181221 / تحميل: 5863
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن حريز عمن ذكره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأتوسع عليهم قال لا تفعل يا شهاب إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم وإن أمسكوا أذللتهم فاصحب نظراءك.

٨ ـ أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرج القوم النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا فقال ما أحب أن يذل نفسه ليخرج مع من هو مثله.

(باب)

(الدعاء في الطريق)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال صحبت أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو متوجه إلى مكة فلما صلى

الحديث السادس : مرسل. والأصوب حماد بن عيسى لما ذكره الصدوق (ره) في آخر أسانيد الفقيه ولأن الشائع روايته عن حريز لا رواية ابن عثمان عنه.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

باب الدعاء في الطريق

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

١٨١

قال ـ اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأحسن عافيتنا وكلما صعد أكمة قال ـ اللهم لك الشرف على كل شرف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن قاسم الصيرفي ، عن حفص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن على ذروة كل جسر شيطان فإذا انتهيت إليه فقل ـ بسم الله يرحل عنك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عيسى بن عبد الله القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قل اللهم إني أسألك لنفسي اليقين والعفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي وأنت عضدي وأنت ناصري بك أحل وبك أسير قال ومن يخرج في سفر وحده فليقل «ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ » اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي.

قولهعليه‌السلام :(١) « وقال الفيروزآبادي »« الأكمة » محركة التل من القف من حجارة واحدة أو هي دون الجبال ، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، وقال : ـ الشرف محركة ـ العلو والمكان العالي فأريد هنا بالأول الأول وبالثاني الثاني.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « شيطان » لعله بتقدير ضمير الشأن والأظهر شيطانا كما في الفقيه.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « أحل » هو بكسر الحاء أي أنزل.

قوله عليه‌السلام : « وأد غيبتي » الإسناد مجازي أي أدنى عن غيبتي.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن الصحيح أنّ هنا سقط ولعله من النسّاخ « كما صعد أكمّة ».

١٨٢

٥ ـ أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حماد ، عن رجل ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبد الله قال إذا خرجت في سفر فقل ـ اللهم إني خرجت في وجهي هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء آوي إليه إلا إليك ولا قوة أتكل عليها ولا حيلة ألجأ إليها إلا طلب فضلك وابتغاء رزقك وتعرضا لرحمتك وسكونا إلى حسن عادتك وأنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا مما أحب أو أكره فإنما أوقعت عليه يا رب من قدرك فمحمود فيه بلاؤك ومنتصح عندي فيه قضاؤك وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب اللهم فاصرف عني مقادير كل بلاء ومقضي كل لاواء وابسط علي كنفا من رحمتك ولطفا من عفوك وسعة من رزقك وتماما من نعمتك وجماعا من معافاتك وأوقع علي فيه جميع قضائك على موافقة جميع هواي في حقيقة أحسن أملي وادفع ما أحذر فيه وما لا أحذر على نفسي وديني ومالي مما أنت أعلم به مني واجعل ذلك خيرا لآخرتي ودنياي مع ما أسألك يا رب

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إلى حسن عادتك » وفي مصباح الزائر : عائدتك.

قوله عليه‌السلام : « متنصح » مبالغة في النصح أي خالص عن الغش« والأوار » الشدة.

وقال في القاموس :الكنف محركة الجانب والظل والحرز والستر والناحية يقال انهزموا فما كانت لهم كأنفه أي حاجز يحجز العدو عنهم.

وقال :« جماع » الشيء جمعه يقال : جماع الخباء والأخبية أي جمعها لأن الجماع ما جمع عددا.

وقال في النهاية : ومنه الحديث « الخمر جماع الإثم » أي مجمعة ومظنة(١) قوله عليه‌السلام : « وادفع » في مصباح الزائر : وادفع عني ما أحذر وما لا أحذر.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٢٩٥.

١٨٣

أن تحفظني فيمن خلفت ورائي من ولدي وأهلي ومالي ومعيشتي وحزانتي وقرابتي وإخواني بأحسن ما خلفت به غائبا من المؤمنين في تحصين كل عورة وحفظ من كل مضيعة وتمام كل نعمة وكفاية كل مكروه وستر كل سيئة وصرف كل محذور وكمال كل ما يجمع لي الرضا والسرور في جميع أموري وافعل ذلك بي بحق محمد وآل محمد وصل على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.

(باب)

(أشهر الحج)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » ـ شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد أن يحج فيما سواهن.

وفي القاموس :« حزانتك » عيالك الذين تتحزن لأمرهم.

وفي المغرب :المضيعة والمضيعة وزن المعيشة والمطيبة كلاهما بمعنى الضياع.

يقال : ترك عيال بمضيعة.

باب أشهر الحج

الحديث الأول : ضعيف. ويدل على أن تمام ذي الحجة داخل في أشهر الحج كما هو ظاهر الآية فيكون المعنى الأشهر التي يمكن إيقاع أفعال الحج فيها لا إنشاء الحج وهذا أقرب الأقوال في ذلك.

وقال العلامة في التحرير : للشيخ أقوال في أشهر الحج : ففي النهاية شوال وذو القعدة وذو الحجة.

وفي المبسوط : شوال وذو القعدة إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة.

وفي الخلاف : إلى طلوع الفجر.

وفي الجمل : وتسعة من ذي الحجة.

والأقرب : الأول ، ولا يتعلق بهذا الاختلاف حكم للإجماع على فوات الحج

١٨٤

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ » والفرض التلبية والإشعار والتقليد فأي ذلك فعل فقد فرض الحج ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة.

٣ ـ علي بن إبراهيم بإسناده قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأشهر السياحة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع

بفوات الموقفين وصحة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

الحديث الثالث : مرسل. وقال في المنتقى : لا يخلو حال طريق هذا الخبر من نظر لأنه يحتمل أن يكون قوله بإسناده إشارة إلى طريق غير مذكور فيكون مرسلا.

ويحتمل كون : الإضافة إليه للعهد ، والمراد إسناده الواقع في الحديث الذي قبله وهذا أقرب لكنه لقلة استعماله ربما يتوقف فيه.

قوله عليه‌السلام : « وعشر من ذي الحجة » هذا مبني على أن أشهر الحج هي الأشهر التي يمكن إنشاء الحج فيها ، أو إدراك الحج فيها فإنه يمكن إدراكه في اليوم العاشر بإدراك اختياري المشعر أو اضطرارية على قول قوي فيكون إطلاق الأشهر عليها مجازا وقد مر أن أشهر السياحة هي الأشهر التي أمر الله تعالى المشركين أن يسيحوا في الأرض في تلك المدة آمنين بعد أن نبذ إليهم عهودهم ببعث سورة البراءة إليهم مع أمير المؤمنينعليه‌السلام فقرأها عليهم يوم النحر وفيه قرأ عليهم«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ »(١) فكان ابتداء السياحة من اليوم الحادي عشر

__________________

(١) سورة التوبة : ٢.

١٨٥

الأول وعشر من شهر ربيع الآخر.

(باب)

(الحج الأكبر والأصغر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن يوم «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فقال هو يوم النحر والحج الأصغر العمرة.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحج الأكبر يوم النحر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فإن ابن عباس كان يقول ـ يوم عرفة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الحج الأكبر يوم النحر ويحتج بقوله عز وجل : «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ

إلى تمام أربعة أشهر.

باب الحج الأكبر والأصغر

الحديث الأول : حسن. وقد مر الكلام فيه في باب فرض الحج والعمرة.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « الحج الأكبر » أي يوم الحج الأكبر ، والمراد أن اليوم الذي قال الله تعالى : «وَأَذانٌ مِنَ اللهِ » إلى الناس «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ »(١) أي يوم هو الأذان في أي يوم وقع ، وقالعليه‌السلام الأذان وقع في يوم النحر وهو المراد بيوم الحج الأكبر وأما القول في الحج الأكبر فقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : ضعيف.

__________________

(١) سورة التوبة : ٣.

١٨٦

أَشْهُرٍ » وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر ويوما.

(باب)

(أصناف الحج)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » وبها أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والفضل فيها ولا نأمر الناس إلا بها.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن منصور الصيقل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد سائق للهدي وحاج مفرد للحج.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أي أنواع الحج أفضل فقال التمتع وكيف يكون شيء أفضل منه ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس

قوله عليه‌السلام : « لكان أربعة أشهر ويوما » لعل الاستدلال مبني على أنه كان مسلما عندهم إن آخر أشهر السياحة كان عاشر ربيع الآخر.

باب أصناف الحج

الحديث الأول : حسن وما يدل عليه من انقسام الحج إلى الأقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء ، وأما إنكار عمر : التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الإجماع بعده على جوازه.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : حسن.

١٨٧

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما نعلم حجا لله غير المتعة إنا إذا لقينا ربنا قلنا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ويقول القوم عملنا برأينا فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن معاوية

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أفضل » فإن قيل : هذا لا يستقيم في الآفاقي ولا في المكي لأن الآفاقي يجب عليه التمتع ولا يجزيه القرآن والإفراد فكيف يكون أفضل بالنسبة إليه والأفضلية لا تتحقق إلا بتحقق الفضل في المفضل عليه وأما في المكي لأنه مخير بين الإفراد والقران لا يجزيه التمتع فكيف يكون له أفضل.

قلنا : يمكن توجيهه بوجهين.

الأول : أن نخصه بالآفاقي ويكون التعبير بالأفضلية على سبيل المماشاة أي لو كان فيهما فضل كان التمتع خيرا منهما ومثله في الأخبار كثير كقولهمعليهم‌السلام قليل في سنة خير من كثير من بدعة.

والثاني : أن نحمله على غير حج الواجب ولا يستبعد كون التمتع في غير الواجب للمكي أيضا أفضل إن لم نقل : في حجة الإسلام له بذلك كما ذهب إليه جماعة.

والثالث : أن يكون المراد أن من يجوز له الإتيان بالتمتع ثوابه أكثر من ثواب القارن وإن لم يكونا بالنسبة إلى واحد ، وفيه بعد.

الحديث السادس : مجهول.

١٨٨

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من حج فليتمتع إنا لا نعدل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن بعض الناس يقول جرد الحج وبعض الناس يقول اقرن وسق وبعض الناس يقول تمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال لو حججت ألف عام لم أقرنها إلا متمتعا.

٨ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد قال كتب إليه علي بن ميسر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان ثم حضر له الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل فكتب إليه يتمتع أفضل.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحج فقال تمتع ثم قال إنا إذا وقفنا بين يدي الله عز وجل قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيك وقال الناس رأينا برأينا.

قوله عليه‌السلام : « لا نعدل » أي لا نعادل ولا نساوي بهما شيئا كما قال : تعالى «ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « لم أقرنها » (٢) وفي بعض النسخ بالباء الموحدة وفي بعضها بالنون ، وعلى الأول مبالغة في عدم الإتيان ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا ، ويحتمل أن يكون المراد أن القران يكون بسياق الهدي وبالقران بين الحج والعمرة فلو أتيت بالقرآن لم آت إلا بهذا النوع من القرآن ، وفي التهذيب ما قدمتها وهو أظهر.

الحديث الثامن : ضعيف.

الحديث التاسع : حسن.

__________________

(١) سورة الأنعام : ١.

(٢) هكذا في الأصل ولكن الصحيح أنّ هذا القول راجع إلى الحديث السابع وهو مخذوف ولعلّه من سهو النسّاخ.

١٨٩

١٠ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام في السنة التي حج فيها وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين فقلت جعلت فداك بأي شيء دخلت مكة مفردا أو متمتعا فقال متمتعا فقلت له أيما أفضل المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أو من أفرد وساق الهدي فقال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الملك بن عمرو أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال تمتع قال فقضى أنه أفرد الحج في ذلك العام أو بعده فقلت أصلحك الله سألتك فأمرتني بالتمتع وأراك قد أفردت الحج العام فقال أما والله إن الفضل لفي الذي أمرتك به ولكني ضعيف فشق علي طوافان بين الصفا والمروة فلذلك أفردت الحج.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمه عبيد الله أنه قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر فقال إني اعتمرت في الحرم وقدمت الآن متمتعا فسمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول نعم ما صنعت إنا لا نعدل ـ بكتاب الله عز وجل وسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا بعثنا ربنا

الحديث العاشر : مجهول كالصحيح.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « في الحرم » أي في الأشهر الحرم ، ويحتمل رجب وذو القعدة

١٩٠

أو وردنا على ربنا قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال الناس رأينا رأينا فصنع الله عز وجل بنا وبهم ما شاء.

١٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن درست ، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال دخلت مع إخوتي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلنا إنا نريد الحج وبعضنا صرورة فقال عليكم بالتمتع فإنا لا نتقي في التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » سلطانا واجتناب المسكر والمسح على الخفين.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني اعتمرت في رجب وأنا أريد الحج أفأسوق الهدي وأفرد الحج أو أتمتع فقال في كل فضل وكل حسن قلت فأي ذلك أفضل فقال تمتع هو

قوله عليه‌السلام : « أو وردنا » الترديد من الراوي.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فإنا لا نتقي » قيل : إن عدم التقية في تلك الأمور من خصائصهمعليهم‌السلام ولذا قال : فإنا لا نتقي وهو بعيد من سياق هذا الخبر. وقيل : إنما كانت التقية في تلك الأمور موضوعة عنهم لكون مذهبهم معلوما فيها ، أو لكون بعض المخالفين موافقا لهم فيها.

وقيل المراد : إن الإنسان لا يحتاج فيها إلى التقية أما في الحج فلاشتراك الطواف والسعي بين الجميع لإتيانهم بهما استحبابا للقدوم والنية والإحرام للحج لا يطلع عليهما أحد ، والتقصير يمكن إخفاؤه وأما اجتناب المسكر فيمكن الاعتدال في الترك بالضرر وغير ذلك وأما المسح فلان غسل الرجلين أحسن منه ، وظاهر الخبر عدم التقية فيها مطلقا ، ولم أر قائلا به من الأصحاب إلا أن الصدوقين روياه في كتابيهما.

الحديث الخامس عشر : حسن.

١٩١

والله أفضل ثم قال إن أهل مكة يقولون إن عمرته عراقية وحجته مكية كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجه لا يخرج حتى يقضيه ثم قال إني كنت أخرج لليلة أو لليلتين تبقيان من رجب فتقول ـ أم فروة أي أبه إن عمرتنا شعبانية وأقول لها أي بنية إنها فيما أهللت وليست فيما أحللت.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من لم يكن معه هدي وأفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين الله عز وجل.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عمير ، عن معاوية قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنهم يقولون في حجة المتمتع حجه مكية وعمرته عراقية فقال كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجته لا يخرج منها حتى يقضي حجته.

قوله عليه‌السلام : « وحجته مكية » أي أنهم يقولون لما أحرم بحج التمتع من مكة فصارت حجته كحجة أهل مكة لأنهم يحجون من منزلهم(١) فأجابهمعليه‌السلام بأن حج التمتع لما كان مرتبطا بعمرته فكأنهما فعل واحد فلما أحرم بالعمرة من الميقات ، وذكر الحج أيضا في تلبية العمرة كانت حجته أيضا عراقية كأنه أحرم بها من الميقات ثم ذكرعليه‌السلام قصة أم فروة مؤيدا لكون المدار على الإهلال بعد ما مهدعليه‌السلام على أن الإهلال بالحج أيضا وقع من الميقات وأم فروة كنية لأم الصادقعليه‌السلام بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، ويظهر من هذا الخبر أنه كانت لهعليه‌السلام ابنة مكناة بها أيضا.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع عشر : حسن.

__________________

(١) هكذا في الأصل : والأولى « من منازلهم ».

١٩٢

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الملك بن أعين قال حج جماعة من أصحابنا فلما قدموا المدينة دخلوا على أبي جعفرعليه‌السلام فقالوا إن زرارة أمرنا أن نهل بالحج إذا أحرمنا فقال لهم تمتعوا فلما خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت جعلت فداك لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة لنأتين الكوفة ولنصبحن به كذابا فقال ردهم فدخلوا عليه فقال صدق زرارة ثم قال أما والله لا يسمع هذا بعد هذا اليوم أحد مني.

(باب)

(ما على المتمتع من الطواف والسعي)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع

الحديث الثامن عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « صدق زرارة » لعلهعليه‌السلام إنما أراد بما أخبر به زرارة الإهلال بالحج مع تلبية العمرة ولم يفهم عبد الملك ، أو كان مرادهعليه‌السلام الإهلال بالحج ظاهرا تقية مع نية العمرة باطنا ولما لم يكن التقية في هذا الوقت شديدة لم يأمرهم بذلك فلما علم أنه يصير سببا لتكذيب زرارة أخبرهم وبين أنه لا حاجة إلى ذلك بعد اليوم.

وقال في المنتقى : كأنهعليه‌السلام أراد للجماعة تحصيل فضيلة التمتع فلما علم أنهم يذيعون وينكرون على زرارة فيما أخبر به على سبيل التقية عدلعليه‌السلام من كلامه وردهم إلى حكم التقية.

باب ما على المتمتع من الطواف والسعي

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

١٩٣

«بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة وعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام .

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت وطوافان بين الصفا والمروة وقطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكة ويحرم بالحج يوم التروية ويقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة.

قوله عليه‌السلام : « وعليه » الأولى عدم « الواو » وفي بعض نسخ الكتاب والتهذيب [ فعليه ] ولعله الصحيح لأنه تفصيل لما سبقة.

ثم اعلم أن هذه الأخبار تدل على عدم طواف النساء في العمرة المتمتع بها كما هو المشهور ، وفيه قول نادر بالوجوب وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

١٩٤

(باب)

(صفة الإقران وما يجب على القارن)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يكون القارن إلا بسياق الهدي وعليه طوافان بالبيت وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد ليس بأفضل من المفرد إلا بسياق الهدي.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القارن لا يكون إلا بسياق الهدي وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف بعد الحج وهو طواف النساء.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إني سقت الهدي وقرنت قال ولم فعلت ذلك التمتع أفضل ثم

باب صفة الأقران وما يجب على القارن

الحديث الأول : حسن كالصحيح. وما دل عليه الخبر من عدم التفاوت بين القارن والمفرد إلا بسياق الهدي ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال ابن أبي عقيل : القارن من ساق وجمع بين الحج والعمرة فلا يتحلل منها حتى يتحلل بالحج ونحوه قال الجعفي.

وحكي في المعتبر عن الشيخ في الخلاف أنه قال : إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد صار محلا فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن.

١٩٥

قال يجزئك فيه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة واحد وقال طف بالكعبة يوم النحر.

(باب)

(صفة الإشعار والتقليد)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني قد اشتريت بدنة فكيف أصنع بها فقال انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبيك ثم أنخها مستقبل القبلة ثم ادخل المسجد فصل ثم افرض بعد صلاتك ثم اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ثم قل بسم الله اللهم منك ولك اللهم تقبل مني ثم انطلق حتى تأتي البيداء فلبه.

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن

قوله عليه‌السلام : « طواف » لعله محمول على التقية ، أو المراد به جنس الطواف بقرينة عدم التقييد بالوحدة كما قيد في مقابله ، أو المراد بقوله « طف بالكعبة » طواف النساء وإن كان بعيدا ، أو كان طوافان فوقع التصحيف من النساخ أو الرواة.

باب صفة الإشعار والتقليد

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « ثم افرض » ظاهره التلبية ، ويحتمل نية الإحرام.

ثم اعلم : أن المشهور بين الأصحاب أن عقد الإحرام لغير القارن لا يكون إلا بالتلبية وأما القارن فيتخير في عقد إحرامه بينها وبين الإشعار والتقليد فبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا.

وقال المرتضى ، وابن إدريس : لا عقد في الجميع إلا بالتلبية وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

١٩٦

محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تجليل الهدي وتقليدها فقال لا تبالي أي ذلك فعلت وسألته عن إشعار الهدي فقال نعم من الشق الأيمن فقلت متى نشعرها قال حين تريد أن تحرم.

٣ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله وزرارة قالا سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البدن كيف تشعر ومتى يحرم صاحبها ومن أي جانب تشعر ومعقولة تنحر أو باركة فقال تنحر معقولة وتشعر من الجانب الأيمن.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن البدن كيف تشعر قال تشعر وهي معقولة وتنحر وهي قائمة تشعر من جانبها الأيمن ويحرم صاحبها إذا قلدت وأشعرت.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كانت البدن كثيرة قام فيما بين ثنتين ثم أشعر اليمنى ثم اليسرى ولا يشعر أبدا حتى يتهيأ للإحرام لأنه إذا أشعر وقلد وجلل وجب عليه الإحرام وهي بمنزلة التلبية.

قوله عليه‌السلام : « عن تجليل الهدي » أي إذا أردت أن أعلمها علامة لا تشتبه بغيرها ألبسها الجل أفضل ، أم أقلد في عنقها نعلا ، وتجويزهعليه‌السلام كلا منهما لا يدل على أنه ينعقد الإحرام بالتحليل ، وأما الإشعار من الجانب الأيمن فلا خلاف فيه مع وحدتها ، وأما مع التعدد فالمشهور بين الأصحاب أنه يدخل بينها ويشعرها يمينا وشمالا.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « وجلل » يدل على أن التجليل كاف لعقد الإحرام ويشترط مع التقليد ولم أر بهما قائلا إلا أن يقال : ذكر استطرادا ، نعم اكتفى ابن الجنيد بالتقليد بسير أو خيط صلى فيه.

١٩٧

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله قال البدن تشعر من الجانب الأيمن ويقوم الرجل في جانب الأيسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها.

(باب الإفراد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المفرد بالحج عليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أضحية قال وسألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء ويجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد صلى فيها » من الأصحاب من قرأه على بناء المعلوم فعين كون القارن صلى فيها ومنهم من قرأها على بناء المجهول فاكتفى بما إذا صلى فيه غيره أيضا.

باب الإفراد

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وهو طواف النساء » تسمية طواف النساء بطواف الزيارة خلاف المشهور ، وقال في الدروس : روى معاوية بن عمار عنهعليه‌السلام تسمية طواف النساء بطواف الزيارة(١) .

قوله عليه‌السلام : « ويجدد التلبية » ذهب الشيخ في النهاية ، وموضع من المبسوط إلى أن القارن والمفرد إذا طافا قبل المضي إلى عرفات الطواف الواجب أو غيره جددا التلبية عند فراغهما من الطواف وبدونهما يحلان وينقلب حجهما عمرة. وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٥٦ ح ١٣.

١٩٨

بالتلبية.

(باب)

(فيمن لم ينو المتعة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن رجل لبى بالحج مفردا فقدم مكة وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعى بين الصفا والمروة قال فليحل وليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن

في التهذيب : إن المفرد يحل بترك التلبية دون القارن وقال المفيد ، والمرتضى : إن التلبية بعد الطواف يلزم القارن لا المفرد ولم يتعرضا للتحلل بترك التلبية ولا عدمه ، ونقل عن ابن إدريس : أنه أنكر ذلك كله ، وقال : إن التحلل إنما يحصل بالنية لا بالطواف والسعي وليس تجديد التلبية بواجب وتركها مؤثرا في انقلاب الحج عمرة واختاره المحقق في كتبه الثلاثة والعلامة في المختلف.

باب فيمن لم ينو المتعة

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فليحل » جواز عدول المفرد اختيارا إلى التمتع كما دل عليه الخبر مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ادعى في المعتبر عليه الإجماع لكن الأكثر خصوه بما إذا لم يتعين عليه الإفراد.

وذهب الشهيد الثاني :رحمه‌الله إلى جواز العدول مطلقا وكذا عدم جواز عدول القارن مجمع عليه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : موثق.

١٩٩

بكير ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره.

٣ ـ أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب عمن أخبره ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ما طاف بين هذين الحجرين ـ الصفا والمروة أحد إلا أحل إلا سائق الهدي.

(باب)

(حج المجاورين وقطان مكة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس لأهل سرف ولا لأهل مر ولا لأهل مكة متعة يقول الله عز وجل : «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ».

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت لأهل مكة متعة قال لا ولا لأهل

ويدل على ما ذهب الشيخ مع الحمل على عدم التلبية كما سبق.

الحديث الثالث : مرسل.

باب حج المجاورين وقطان مكة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وقال الفيروزآبادي :سرف ـ بالسين المهملة ككتف ـ : موضع قرب التنعيم ، وقال في النهاية : هو موضوع من مكة على عشرة أميال ، وقيل أقل وأكثر(١) ، وقال الجوهريالمر ـ بالفتح ـ الجبل وبطن مر أيضا وهو من مكة على مرحلة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. وقال في المغرب :بستان بني عامر موضع قرب مكة انتهى.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٣٦٢.

٢٠٠

صاحبُ الدَّيْن بكذا ، فصدّقه وقلنا : إذا صدّق مدّعي الوكالة فلا يلزمه الدفع إليه ، فالأقرب : إنّه يلزمه الدفع إليه ؛ لأنّه يقول : الحقّ لك وأنّه لا حقّ لغيرك علَيَّ ، فصار كالوارث ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : لا يلزمه الدفع إليه ؛ لأنّه دَفْعٌ غير مبرئ ، فلا يأمن أن يجحد المحيل الحوالةَ فيحلف ، ويستحقّ الرجوع عليه ، كما قلنا في الوكالة قد ينكر الموكّل الوكالةَ.

ويفارق الميراث ؛ لأنّه آمن من ذلك ، لأنّه إذا لم يكن وارث غيره فقد أمن الغرامة.

ويبنى على الوجهين أنّه لو كذّبه ولم تكن بيّنة هل له تحليفه؟ إن ألزمناه الدفع إليه فله تحليفه ، وإلّا فكما سبق(١) .

مسألة ٧٩٩ : لو قال : مات زيد وله عندي كذا وهذا وصيّه ، فهو كما لو قال : هذا وارثه‌. ولو قال : مات وقد أوصى به لهذا الرجل ، فهو كما لو أقرّ بالحوالة.

وإذا أوجبنا الدفع إلى الوارث والوصي أو لم نوجب فدفع ثمّ بانَ أنّ المالك حيّ وغرم الدافع ، فله الرجوع على المدفوع إليه ، بخلاف صورة الوكالة ؛ لأنّه صدّقه على الوكالة ، وإنكار صاحب الحقّ لا يرفع تصديقه ، فصدق الوكيل لاحتمال أنّه وكّل ثمّ جحد ، وهنا بخلافه ، والحوالة في ذلك كالوكالة.

مسألة ٨٠٠ : إذا ادّعى على إنسان أنّه دفع إليه متاعاً ليبيعه ويقبض ثمنه وطالَبه بردّه‌ ، أو قال : بعتَه وقبضتَ ثمنه فسلِّمه إلَيَّ ، فأنكر المدّعى عليه ، فأقام المدّعي بيّنةً على أنّه ما أدّاه ، فادّعى المدّعى عليه أنّه كان قد تلف أو ردّه ، فيُنظر في صيغة جحوده.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٣ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠٦ ، البيان ٦ : ٤٠٦ - ٤٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٠ - ٢٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧١.

٢٠١

فإن قال : « ما لك ع ندي شي‌ء » أو « لا يلزمني تسليم شي‌ء إليك » قُبِل قوله في الردّ والتلف ؛ لأنّه إذا كان قد تلف أو ردّه ، كان صادقاً في إنكاره ، ولم يكن بين كلاميه تناقضٌ. وإن أقام عليه بيّنةً سُمعت بيّنته.

وإن كانت صيغة جحوده : « أنّك ما وكّلتني » أو « ما دفعتَ إلَيَّ شيئاً » أو « ما قبضت الثمن » نُظر إن ادّعى التلفَ أو الردَّ قبل أن يجحد ، لم يُصدَّقْ ؛ لأنّه مناقض للقول الأوّل ، ولزمه الضمان.

وإن أقام بيّنةً على ما ادّعاه ، فوجهان للشافعيّة :

أوّلهما عندهم : إنّها تُسمع ؛ لأنّه لو صدّقه المدّعي لسقط الضمان عنه ، فكذلك إذا قامت الحجّة عليه. وأيضاً فلما يأتي في الوديعة.

والثاني - وهو الأظهر عند الجويني - : أنّها لا تُسمع ؛ لأنّه بجحوده الأوّل كذّب هذه البيّنةَ ، ولأنّه لا تُسمع دعواه ، وكلّ بيّنةٍ تقام فإنّ قيامها يستدعي دعوى مَنْ يقيمها ، فإذا فسدت الدعوى استقلّت البيّنة ، وهي غير مسموعةٍ من غير دعوى.

لكن عدم سماع الدعوى ليس متّفقاً عليه ، ومَنْ يسمع البيّنة يسمع الدعوى لا محالة ، فإذَنْ الخلاف في سماع البيّنة يجري في سماع الدعوى ، بل يجوز أن تكون الدعوى مسموعةً جزماً ، مع الخلاف في سماع البيّنة ؛ إذ الدعوى قد تُسمع بمجرّد تحليف الخصم(١) .

وإن ادّعى الردَّ بعد الجحود ، لم يُصدَّقْ ؛ لصيرورته خائناً.

لكن لو أقام بيّنةً ، فالمشهور عند الشافعيّة في هذا الباب أنّها تُسمع ؛ لأنّ غايته أن يكون كالغاصب في ابتداء الأمر ، ومعلومٌ أنّه لو أقام بيّنةً على‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧٢.

٢٠٢

الردّ تُسمع (١) .

ور أى الجويني أن يكون سماع بيّنته على الوجهين السابقين ؛ لتناقض دعوى الردّ والجحود(٢) .

وإن ادّعى التلف بعد الجحود ، صُدّق بيمينه لتنقطع عنه المطالبة بردّ العين ، ولكن يلزمه الضمان ؛ لخيانته ، كما لو ادّعى الغاصب التلفَ.

مسألة ٨٠١ : قد بيّنّا أنّه يجب على الوكيل رعاية تنصيص الموكّل واتّباع أمره والعدول عن مخالفته‌ ، فإذا قال له : بِعْ هذا ثمّ هذا ، وجب عليه الامتثال في الترتيب.

ولو جَعَل للوكيل بالبيع جُعْلاً فباع ، استحقّه ؛ لأنّه فَعَل ما أمره به وإن تلف الثمن في يده ؛ لأنّ استحقاقه بالعمل وقد عمل.

فإذا ادّعى خيانةً عليه ، لم تُسمع حتى يبيّن القدر الذي خان به بأن يقول : بعتَ بعشرةٍ وما دفعتَ إلَيَّ إلّا خمسةً.

وإذا وكّل بقبض دَيْنٍ أو استرداد وديعةٍ ، فقال المديون والمودع : دفعتُ ، وصدّقه الموكّل وأنكر الوكيل ، غرم الدافع بترك الإشهاد - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) - كما لو ترك الوكيل بقضاء الدَّيْن الإشهادَ.

وإذا قال شخص : أنا وكيل في بيعٍ أو نكاحٍ ، وصدّقه مَنْ يعامله ، صحّ العقد. فلو قال الوكيل بعد العقد : لم أكن مأذوناً فيه ، لم يلتفت إلى قوله ، ولم يُحكم ببطلان العقد ، وكذا لو صدّقه المشتري بحقّ مَنْ توكّل عنه ، إلّا أن يقيم المشتري بيّنةً على إقراره بأنّه لم يكن مأذوناً من جهته في ذلك التصرّف.

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧٢.

٢٠٣

الفصل الخامس : في ا للواحق‌

مسألة ٨٠٢ : إذا ولّى الإمام رجلاً القضاء في ناحيةٍ ، فإن أذن له في الاستنابة ، جاز له ذلك.

وإن لم يأذن له ، نُظر فإن كان المتولّي يمكنه النظر بنفسه ، لم يجز له الاستنابة.

وإن كان العمل كثيراً لا يمكنه النظر فيه بنفسه ، جازت له الاستنابة ؛ عملاً بقرينة الحال وظاهر الأمر.

وإذا جازت له ، فهل تجوز في جميع العمل ، أو فيما يتعذّر عليه أن يتولّاه؟ الأقوى : الأوّل.

وللشافعيّة فيه وجهان(١) .

والحكم في ذلك كما تقدّم(٢) في الوكالة.

مسألة ٨٠٣ : إذا ادّعى الوكيل الردَّ إلى الموكّل ، فالأقوى أنّه يفتقر إلى البيّنة.

وقسّم الشافعيّة الأُمناءَ في ذلك على ثلاثة أضرُبٍ :

منهم مَنْ يُقبل قوله في الردّ مع يمينه ، وهُم المودعون والوكلاء بغير جُعْلٍ.

ومنهم مَنْ لا يُقبل قوله في الردّ إلّا ببيّنةٍ ، وهُم المرتهن والمستأجر.

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٦ : ٣٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٨ : ١٢٠ ، التهذيب - للبغوي - ٨ : ١٩٥ ، البيان ١٣ : ٢١ ، العزيز شرح الوجيز ١٢ : ٤٣٣ ، روضة الطالبين ٨ : ١٠٢.

(٢) في ص ٢٥ وما بعدها.

٢٠٤

ومنهم : مَن اختُلف فيه على وجهين ، وهُم الوكلاء بجُعْلٍ والشريك والمضارب والأجير المشترك إذا قلنا : إنّه أمين.

أحدهما : إنّه لا يُقبل قولهم في الردّ ؛ لأنّهم قبضوا لمنفعة أنفسهم ، فصاروا كالمرتهن والمستأجر والمستعير.

والثاني : إنّه لا منفعة لهم في العين المقبوضة ؛ لأنّ الوكيل ينتفع بالجُعْل دون العين التي قبضها. وكذلك الشريك والمضارب [ والأجير ](١) ينتفعون بالربح وعوض عملهم ، بخلاف المرتهن ، فإنّه يتوثّق بالعين. وكذلك المستأجر ؛ فإنّه يستوفي منفعتها ، فافترقا(٢) .

مسألة ٨٠٤ : لو ادّعى الوكيل بيعَ العين التي أذن الموكّل له في بيعها ، فقال الموكّل : لم تبعها ، أو يدّعي قبض الثمن من المشتري ، فيصدّقه في الإذن وينكر قبضه إيّاه ، فللشافعي قولان :

أحدهما : يُقبل إقرار الوكيل في ذلك ، وبه قال أبو حنيفة.

إلّا أنّ أبا حنيفة ناقَضَ في مسألةٍ ، وهي : إذا قال لوكيله : زوّجني من امرأة ، فأقرّ الوكيل أنّه تزوّجها له وادّعت ذلك المرأةُ ، وأنكر الموكّل العقد ، لم يُقبل قول الوكيل. قال : لأنّه يمكنه إقامة البيّنة على النكاح ، لأنّه لا يعقد حتى تحضر البيّنة.

والثاني للشافعي : إنّه لا يُقبل إقراره على موكّله ؛ لأنّ الوكيل يُقرّ بحقٍّ لغيره على موكّله ، فلم ينتقل إليه(٣) ، كما لو أقرّ بدَيْنٍ عليه أو إبراءٍ من‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٢) راجع : المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٥.

(٣) كذا قوله : « فلم ينتقل إليه » في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وبدلها في المغني والشرح الكبير : « فلم يقبل ».

٢٠٥

حقٍّ (١) .

وهذا يلزم عليه إقرار أب البكر.

فأمّا أبو حنيفة فلا يصحّ ما فرّق به ؛ لأنّ النكاح عنده ينعقد بفاسقين ولا يثبت بهما(٢) ، وقد تموت الشهود وتتعذّر البيّنة.

مسألة ٨٠٥ : إذا وكّله في البيع وقبض الثمن فقبضه ، كان أمانةً في يده قبل أن يطالبه الموكّل ، فإذا لم يسلّمه إليه لم يضمنه بتأخيره عنده ، وإن طالَبه وجب عليه ردّه على حسب إمكانه.

فإن أخّر لعذرٍ - مثل أن يكون في الحمّام ، أو يأكل الطعام ، أو يصلّي ، أو ما أشبه ذلك - لم يصر مفرّطاً ؛ لأنّه لا يلزمه في ردّ الأمانة ما يضرّ به. فإن تلفت الوديعة قبل زوال عذره أو بعد زوال عذره حالَ اشتغاله بردّها ، فلا ضمان ؛ لما بيّنّاه.

وإن أخّر بغير عذرٍ ، ضمن سواء تلفت قبل مضيّ زمان إمكان الردّ ، أو لم يمض ؛ لأنّه خرج من الأمانة بمنعه الدفع من غير عذرٍ.

ولو طالَبه الموكّل بالدفع فوعده به ثمّ ادّعى أنّه كان قد تلف قبل مطالبته ، أو قال : كنتُ رددتُه قبل مطالبته ، لم يُقبل قوله ؛ لأنّه مكذّب لنفسه ، وضامن في الظاهر بدفعه.

فإن أقام البيّنةَ ، احتُمل سماعها ؛ لأنّ الموكّل لو صدّقه على ما ادّعاه ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٤ ، بحر المذهب ٨ : ١٦٩ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٧ - ١٥٨ ، البيان ٦ : ٤١٥ ، المغني ٥ : ٢٢٢ و ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٨ و ٢٥٦.

(٢) تحفة الفقهاء ٢ : ١٣٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٥٥ ، و ٦ : ٢٧٠ - ٢٧١ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٩٠ ، و ٣ : ١١٧ - ١١٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٢٤ - ٢٢٥ ، و ٣ : ١١٩ ، روضة القضاة ١ : ٢١٣ / ٩٤٠ ، بحر المذهب ٨ : ١٦٩ ، عيون المجالس ٣ : ١٠٤٩ / ٧٤٣.

٢٠٦

سقط عنه الضمان ، فإ ذا أقام البيّنةَ على ذلك قُبل. وعدمُه ؛ لأنّه يكذّب بيّنته ، فإنّه كان وَعَده بدفعه إليه ، وإذا كذّب بيّنته لم تُسمع له.

ويفارق ما إذا صدّقه ، فإنّه إذا صدّقه فقد أقرّ ببراءته ، فلم يستحقّ مطالبته.

وإن ادّعى أنّه تلف بعد ما دفعه عن تسليمه ، أو أنّه ردّه إليه لم يُقبل قوله ؛ لأنّه صار بالدفع ضامناً ، ولا يُقبل قوله في الردّ ؛ لأنّه خرج من الأمانة ، فيحتاج إلى بيّنةٍ بذلك.

وللشافعيّة وجهان(١) كالاحتمالين.

فإن كان قد تلف قبل أن مَنَعَه ولم يعلم ، فلا ضمان عليه.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر : إنّه يضمن ؛ لأنّه لـمّا منعه تبيّنّا أنّه كان ممسكاً على نفسه(٢) .

وليس بشي‌ء.

مسألة ٨٠٦ : لو دفع إلى وكيله عيناً وأمره بإيداعها عند زيدٍ ، فأودعها ، وأنكر زيد ، فالقول قوله مع اليمين ، فإذا حلف برئ.

وأمّا الوكيل فإن كان قد سلّمها بحضرة الموكّل لم يضمن ، وإن كان بغيبته ففي الضمان إشكال.

وللشافعيّة وجهان :

أحدهما : يضمن كما في الدَّيْن ؛ لأنّ الوديعة لا تثبت إلّا بالبيّنة.

والثاني : لا يضمن ؛ لأنّ الودعي إذا ثبتت عليه البيّنة بالإيداع ، كان القولُ قولَه في التلف والردّ ، فلم تُفد البيّنة شيئاً ، بخلاف الدَّيْن ؛ لأنّ‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ١٦٢.

(٢) حلية العلماء ٥ : ١٦٤.

٢٠٧

القضاء لا يثبت إلّا بها(١) .

وإن صدّقه الـمُودَع وادّعى التلف وحلف ، لم يضمنها.

وأمّا الوكيل فإن سلّم بحضرة الموكّل ، لم يضمن. وإن سلّم في غيبته ، فالوجهان.

فأمّا إذا قال الوكيل : دُفع(٢) بحضرتك ، وقال الموكّل : لم تدفع بحضرتي ، أو قال : لم تدفعها إلى المودَع ، وقال : دفعتُها على الوجه الذي تقول ، لا يضمن إذا دفع بغير إشهادٍ.

قال بعض الشافعيّة : القول قول الوكيل مع اليمين ، كما إذا ادّعى الردَّ إليه وأنكره ، ولا يشبه هذا [ ما ](٣) إذا أقرّ بأنّه باع أو قبض وأنكر الموكّل ، فإنّه لا يُقبل قوله في أحد القولين ؛ لأنّه يُثبت حقّاً على موكّله لغيره ، وهنا يُسقط عن نفسه الضمانَ بما ذكره ، فكان القولُ قولَه مع يمينه فيه(٤) .

مسألة ٨٠٧ : إذا دفع إلى وكيله دراهم ليشتري له بها شيئاً ، فاستقرضها الوكيل وأخرجها ، بطلت الوكالة ؛ لأنّه إن كان أمره بأن يشتري له بعين تلك الدراهم ، فقد تعذّر بتلفها ، كما لو مات العبد الموكَّل ببيعه. وإن كان قد وكّله في الشراء مطلقاً ونقد الدراهم في الثمن ، بطلت أيضاً ؛ لأنّه إنّما أمره بالشراء على أن ينقد ذلك الثمن ، فإذا تعذّر نقد ذلك لم يكن له أن يشتري.

وقال أبو حنيفة : لا تفسد الوكالة ، ولا يتعيّن الشراء بتلك الدراهم ،

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٣١١ ، المغني ٥ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٥ - ٢٤٦.

(٢) كذا قوله : « دُفع ». والظاهر : « دفعتُ ».

(٣) ما بين المعقوفين أثبتناه لأجل السياق.

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٥٢٨ ، الوجيز ١ : ١٩٣ ، الوسيط ٣ : ٢١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨.

٢٠٨

ويجوز أن يشتري من م ال نفسه ، ويأخذ الدراهم(١) .

وهو غير صحيح ؛ لأنّه وكّله في الشراء بتلك الدراهم ، فإذا تلفت سقط الإذن ، كما قلناه في العبد.

فإن اشترى للموكّل بمثل تلك الدراهم من مال نفسه ، فإذا(٢) أضاف العقد إليه لم يصح ، وإلّا وقع الشراء له لا للموكّل ؛ لأنّه اشترى لغيره شيئاً بعين مال نفسه ؛ لأنّه لا يصحّ أن يقبض للموكّل من نفسه بدل المال الذي أتلفه.

والثاني(٣) : إنّه اشترى له بغير المال الذي عيّنه.

وإن اشترى له في الذمّة ، وقع أيضاً للوكيل ؛ لأنّه على غير الصفة التي أذن له فيها.

ويجب على الوكيل ردّ مثل الدراهم التي قبضها من الموكّل.

تذنيب : إذا دفع إليه دراهم ليشتري بها سلعة ولم ينص على الشراء بالعين ، بل ينقدها عن الثمن الذي يشتري به ، فاشترى في الذمّة على أنّه ينقد تلك الدراهم كما أمره الموكّل ، صحّ الشراء. فإن استقرض بعد ذلك الدراهمَ وأخرجها ، وجب عليه دفع عوضها في الثمن ، ولم يخرج المبيع عن ملك الموكّل بالتفريط اللاحق.

مسألة ٨٠٨ : إذا وكّله في شراء عبدٍ بدراهم في الذمّة ثمّ دفع إليه دراهم لينقدها في الثمن ، ففرّط فيها بأن ترك حفظها ، ضمنها ، فإذا اشترى العبدَ صحّ الشراء قولاً واحداً ؛ لأنّه لم يتعدّ فيما تناوله العقد ، فإذا نقد تلك‌

____________________

(١) فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٨.

(٢) في « ج » : « فإن » بدل « فإذا ».

(٣) كذا قوله : « والثاني ». ولم يسبق ذِكْر الأوّل.

٢٠٩

الدراهم بعينها برئ من ضمانها.

ولا فرق في ذلك بين مَنْ قال : إنّ الوكيل بالتعدّي يخرج من الأمانة - وفي صحّة بيعه وجهان عنده - وبين مَنْ قال : إنّه يصحّ بيعه مع التعدّي.

لا يقال : لِمَ لا يبطل بيعه عند القائل بعدم صحّة بيع الوكيل إذا تعدّى؟

لأنّا نقول : إنّما يخرج من الأمانة فيما تعدّى فيه ، فإنّه لو استودع شيئين ففرّط في أحدهما ، لم يضمن الآخَر ، ولم يخرج من حكم الأمانة جملةً ، كذا هنا.

مسألة ٨٠٩ : لو وكّله في تزويج امرأةٍ فزوّجه غيرها ، بطل العقد عند العامة(١) ، أو كان فضوليّاً عندنا ؛ لأنّ من شرط صحّة النكاح ذكر الزوج ، فإذا كان بغير أمره لم يقع له ولا للوكيل ؛ لأنّ المقصود من النكاح أعيان الزوجين ، بخلاف البيع ، ولهذا يجوز أن يشتري من غير تسمية المشتري ، فافترقا.

وإذا عيّن الموكّل للوكيل الزوجةَ ، صحّ إجماعاً.

ولو وكّله في أن يزوّجه بمن شاء ، فالأقرب : الجواز ، وهو قول بعض الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : لا يجوز ؛ لأنّ الأغراض تختلف ، فلا يجوز حتى يصف(٣) . واختار الزهري(٤) (٥) هذا الوجه.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٥٤٧ ، المغني ٥ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٩.

(٢) حلية العلماء ٥ : ١١٨ ، البيان ٦ : ٣٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٨.

(٣) حلية العلماء ٥ : ١١٨ ، البيان ٦ : ٣٦٥.

(٤) كذا قوله : « الزهري » في جميع النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وبدلها في المصدر : « الزبيري ».

(٥) حلية العلماء ٥ : ١١٨.

٢١٠

والمعتمد : الأوّل.

فعلى هذا هل له أن يزوّجه ابنته؟ الأقرب : الجواز ، وبه قال أبو يوسف ومحمّد(١) .

وقال بعض العامّة : لا يجوز له ذلك(٢) .

ولو أذنت المرأة له في تزويجها ، لم يكن له أن يزوّجها من نفسه ؛ لأنّ القرينة اقتضت التزويج بالغير.

وقد روى الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال في المرأة ولّت أمرها رجلاً ، فقالت : زوّجني فلاناً ، فقال : لا زوّجتكِ حتى تُشهدي أنّ أمركِ بيدي ، فأشهدت له ، فقال عند التزويج للّذي يخطبها : يا فلان عليك كذا وكذا ، فقال : نعم ، فقال هو للقوم : أشهدوا أنّ ذلك لها عندي وقد زوّجتها من نفسي ، فقالت المرأة : ما كنت أتزوّجك ولا كرامة وما أمري إلاّ بيدي وما ولّيتك أمري إلّا حياءً ، قال : « تنزع منه ، ويوجع رأسه »(٣) .

ويحتمل مع إطلاق الإذن صحّة أن يزوّجها من نفسه.

وكذا له أن يزوّجها من ولده ووالده.

ولبعض العامّة وجهان(٤) .

مسألة ٨١٠ : إذا وكّله في شراء عبدٍ فاشتراه ، ثمّ اختلف الوكيل والموكّل ، فقال الوكيل : اشتريته بألف ، وقال الموكّل : بخمسمائة ، فالقول فيه كما قلنا فيما إذا اختلف الوكيل والموكّل في تصرّفه ؛ لأنّ ذلك إثباتٌ‌

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ١١٨ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٤٧ ، المغني ٥ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٣.

(٢) المغني ٥ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٣.

(٣) الفقيه ٣ : ٥٠ / ١٧١ ، التهذيب ٦ : ٢١٦ / ٥٠٨.

(٤) المغني ٥ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٣.

٢١١

لحقّ البائع على الموكّل .

وقال أبو حنيفة : إن كان الشراء في الذمّة ، فالقول قول الموكّل ، فإن كان اشترى ذلك بمال الموكّل ، فالقول قول الوكيل.

وفرّق بينهما بأنّ الشراء إذا كان في الذمّة ، فالموكّل هو الغارم ؛ لأنّه يطالبه بالثمن. وإذا اشتراه بما في يده للموكّل ، فإنّ الغارم الوكيل ؛ لأنّه يطالبه بردّ ما زاد على خمسمائة ، فالقول في الأُصول قول الغارم(١) .

وقد بيّنّا أنّ إقرار الوكيل لا يصحّ على موكّله.

وما ذكره من الفرق ليس بصحيحٍ ؛ لأنّ في الموضعين يثبت بذلك الغرم على الموكّل ؛ لأنّه إمّا أن يطالبه به ، أو يؤدّي من ماله الذي في يد الوكيل ، والحقّ يثبت بقول الوكيل عليه في الموضعين.

مسألة ٨١١ : إذا دفع إلى الوكيل ألفاً ليشتري بها سلعة ، فاشترى بالعين ، ثمّ ظهر فيها عيب ، فردّها البائع على الوكيل ، كانت أمانةً في يده لموكّله.

وإن كان [ اشتراها ](٢) بألفٍ في الذمّة ، فإن بانَ العيب في الألف التي دفعها وقبضها الوكيل ، فهي أيضاً على الأمانة ، ويبدلها من الموكّل إن امتنع البائع من قبضها.

وإن بانَ العيب بعد أن قبضها البائع فردّها على الوكيل فتلفت عنده ، لم يضمنها عندنا.

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٤٤ ، حلية العلماء ٥ : ١٥١ ، المغني ٥ : ٢٢٢ - ٢٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٤٩.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « اشتراه ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

٢١٢

وللشافعيّة قولان مب نيّان على ما ذكروه في الثمن.

إن قلنا : إنّ الثمن يثبت في ذمّة الموكّل ، كان الوكيل وسيطاً في الدفع ، وكان ذلك في يده أمانةً.

وإن قلنا : يثبت في ذمّة الوكيل دون الموكّل ، وعلى الموكّل أن يسقط ذلك عن ذمّته ، فإذا دفع إليه ألفاً ليقضيها عن نفسه ، كانت أمانةً ما لم يدفعها إلى البائع ، فإذا دفعها وقضى بها دَيْنه ، وجب مثلها عليه للموكّل ، وله الرجوع على الموكّل بألفٍ تقاصّاً ، وصارت مضمونةً عليه ، فإذا عادت إليه بردّ البائع ، كانت مضمونةً عليه للموكّل ألف معيبة ، وعليه للبائع ألف سليمة ، فإذا قضاها رجع على الموكّل بألف سليمة(١) .

مسألة ٨١٢ : إذا دفع إليه ألفاً ليُسلمها في كُرّ طعامٍ ، تناول المتعارف عند الموكّل.

ويحتمل عند الوكيل.

وقال بعض الشافعيّة : ينصرف إلى الحنطة خاصّةً ؛ لانطلاقه إليه عرفاً(٢) .

وهو غير سديدٍ ؛ لاختلاف العرف فيه.

ولو كان لرجلٍ في ذمّة آخَر ألف ، فقال : أسلفها في طعامٍ ، فأسلفها فيه ، صحّ ، وإذا أسلمها برئ من الدَّيْن. وإذا قبض الطعام كان أمانةً في يد الوكيل إن تلف فلا ضمان عليه.

قال أبو العباس من الشافعيّة : وإن لم يكن عليه شي‌ء ، فقال له : أسلف من مالك ألفاً في كُرٍّ من طعامٍ ويكون لك ألف قرضاً علَيَّ ، ففَعَل ،

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٢١١ ، البيان ٦ : ٣٨٤ - ٣٨٥.

(٢) بحر المذهب ٨ : ١٩٣ ، البيان ٦ : ٣٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٤.

٢١٣

صحّ (١) .

وقال بعضهم : هاتان المسألتان سهو من أبي العباس ؛ لأنّه لا يجوز أن يُسلم ماله في طعامٍ لغيره ، ومذهب الشافعي أنّه لا يجوز أن يكون العوض لواحدٍ ويقع المعوَّض لغيره(٢) .

وتأوّلوا المسألتين بأن يقول : إن أسلمت ألفاً في كُرٍّ من طعامٍ ، ولا يعيّنه بالدَّيْن ، ثمّ يأذن له أن يُسلم الدَّيْن عنه ، ويبرأ. هذا في المسألة الأُولى ، وفي الثانية : أسلم ألفاً في ذمّتي في كُرٍّ من طعامٍ ، فإذا فَعَل هذا ، قال : اقض عنّي الألف لأدفع إليك عوضها(٣) .

قال بعض الشافعيّة : إنّ الذي أراد أبو العباس أن يسلم هكذا ، ولا يحتاج إلى ما شرطه من تأخّر الإذن(٤) .

ويجوز أن يأذن له قبل أن يعقد بدفع الثمن من عنده أو بدفع الدَّيْن الذي عليه ؛ لأنّ التصرّف من الوكيل يجوز تعليقه بالشرط.

وكذا لو قال له : اشتر به عبداً ، سواء عيّنه أو لم يعيّنه ، وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمّد(٥) .

وقال أبو حنيفة : إن عيّن العبد ، جاز. وإن لم يعيّنه ، لم يجز ؛ لأنّه إذا [ لم ](٦) يعيّن ، فقد وكّل في قبض الدَّيْن من ذمّة البائع ، وهو مجهول(٧) .

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ١٩٩ ، البيان ٦ : ٣٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٣.

(٢) بحر المذهب ٨ : ١٩٩ ، البيان ٦ : ٣٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٣ - ٥٦٤.

(٣ و ٤) البيان ٦ : ٣٩٥.

(٥) البيان ٦ : ٣٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٧.

(٦) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٧) البيان ٦ : ٣٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٧.

٢١٤

ولنا : إنّه دفع بإذ نه ، فأشبه ما إذا عيّن. وقول أبي حنيفة باطل ؛ لأنّ المدفوع له ليس بوكيلٍ له ، ولا يتعيّن بالشراء منه ، ويبطل عليه به إذا قال : أطعم عنّي عشرة مساكين ، فإنّهم غير معيّنين ، ويصحّ عنه.

مسألة ٨١٣ : إذا دفع إليه ألفاً ليشتري بها سلعةً أو يسلف بها في طعام ، فاشترى السلعة واستسلف ولم يُسمّ الموكّلَ في العقد ، ثمّ اختلفا ، فقال الوكيل : إنّما اشتريت لنفسي ، وقال الموكّل : بل لي ، فالقول قول الوكيل مع يمينه ، فإذا حلف حُكم له بذلك في الظاهر ، وكان للموكّل الرجوع عليه بالألف.

وقال أصحاب أبي حنيفة : يكون السَّلَم للموكّل؟ لأنّه دفع دراهمه(١) . واختلفوا إذا [ تصادقا ](٢) أنّه لم يَنْو لا لَه ولا للموكّل.

فقال أبو يوسف : يكون بحكم الدراهم(٣) .

وقال محمّد : يكون للوكيل(٤) .

أمّا الأوّل : فلأنّهما إذا اختلفا ، رجّح قول الموكّل ؛ لأنّه دفع دراهمه ، فكان الظاهر معه.

وإذا أطلق قال أيضاً : يرجّح بالدراهم(٥) .

ودليلنا : إذا نوى ذلك عن نفسه وصدّقه عليه ، وقع لنفسه ، فإذا أطلق‌ واختلفا كان القولُ قولَه ، كما لو لم ينقد دراهم.

وما ذكروه فليس بصحيحٍ ؛ لأنّ إذن الدراهم بعد حصول العقد ،

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ١٤٨.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « تصادقوا ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣ - ٥) بحر المذهب ٨ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٨.

٢١٥

فلا يؤثّر فيه.

مسألة ٨١٤ : إذا كان وليّاً عن امرأةٍ في التزويج بأن يكون أباً أو جدّاً له‌ ، كان له أن يوكّل ؛ لأنّه وليٌّ بالأصالة ولايةَ الإجبار.

أمّا غيرهما - كالوكيل - هل له أن يوكّل؟ الوجه عندنا : لا ، إلّا مع الإذن - ولأصحاب [ الشافعي ](١) فيه وجهان(٢) ، وعن أحمد روايتان(٣) - لأنّه لا يملك التزويج إلّا بإذنها ، فلا يملك التوكيل فيه إلّا بإذنها.

احتجّ أحمد بأنّ ولايته من غير جهتها ، فلم يعتبر إذنها في توكيله ، كالأب ٤.

وأمّا الحاكم فيملك تفويض عقود الأنكحة إلى غيره بغير إذن المولّى عليه.

مسألة ٨١٥ : لو أنكر الموكّل الوكالةَ بعد عقد النكاح على المرأة ، فالقول قول الموكّل مع يمينه‌ ، فإذا حلف برئ من الصداق ، وبطلت الزوجيّة بينهما ، وكان على الوكيل أن يدفع إليها نصف المهر ؛ لأنّه أتلف عليها البُضْع.

ثمّ إن كان الوكيل صادقاً ، وجب على الموكّل طلاقها ؛ لئلّا يحصل الزنا بنكاحها مع الغير.

ولما رواه عمر بن حنظلة عن الصادقعليه‌السلام في رجلٍ قال لآخَر :

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الشافعيّة ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) البيان ٦ : ٣٦٠ ، الوسيط ٥ : ٧٩ ، الوجيز ٢ : ٧ ، حلية العلماء ٦ : ٣٤٤ - ٣٤٥ ، التهذيب - للبغوي - ٥ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٥٦٧ ، روضة الطالبين ٥ : ٤١٨ - ٤١٩ ، المغني ٥ : ٢١٧ ، و ٧ : ٣٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١١ ، و ٧ : ٤٣٩.

(٣ و ٤) المغني ٥ : ٢١٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١١.

٢١٦

اخطب لي فلانة فما ف علتَ من شي‌ء ممّا قاولتَ من صداقٍ أو ضمنتَ من شي‌ء أو شرطتَ فذلك رضاً لي وهو لازم لي ، ولم يُشهدْ على ذلك ، فذهب فخطب وبذل عنه الصداق وغير ذلك ممّا طالبوه وسألوه ، فلمّا رجع إليه أنكر ذلك كلّه ، قال : « يغرم لها نصف الصداق عنه ، وذلك أنّه هو الذي ضيّع حقّها ، فلمّا أن لم يُشهدْ لها عليه بذلك الذي قال ، حلّ لها أن تتزوّج ، ولا تحلّ للأوّل فيما بينه وبين الله ، إلّا أن يطلّقها ، لأنّ الله تعالى يقول :( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (١) فإن لم يفعل فإنّه مأثوم فيما بينه وبين الله تعالى ، وكان الحكم الظاهر حُكْمَ الإسلام قد أباح [ الله تعالى ](٢) لها أن تتزوّج »(٣) .

مسألة ٨١٦ : للأب أن يقبض صداق ابنته الصغيرة تحت حجره‌ ؛ لأنّه الوليّ عليها ، فكان له طلب حقّها أين كان.

ولو كانت كبيرةً فوكّلته بالقبض ، كان له ذلك أيضاً.

وإن لم توكّله ، لم تكن له المطالبة ؛ لزوال ولايته عنها بالبلوغ والرشد.

فإن أقبضه الزوج ، كان لها مطالبة الزوج بحقّها ، ويرجع الزوج على الأب بما قبضه منه ؛ لأنّ ذمّته لم تبرأ بدفع حقّها إلى غيرها وغير وكيلها ، ولم يقع القبض موقعه ، فكان للزوج الرجوعُ به.

ولو مات الأب ، كان له الرجوعُ به في تركته إن خلّف مالاً. ولو مات معسراً ، ضاع ماله ؛ لما رواه ابن أبي عمير عن غير واحدٍ من أصحابنا عن‌

____________________

(١) البقرة : ٢٢٩.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٣) الفقيه ٣ : ٤٩ / ١٦٩ ، التهذيب ٦ : ٢١٣ - ٢١٤ / ٥٠٤ بتفاوت يسير.

٢١٧

الصادق عليه‌السلام في رجلٍ قبض صداق ابنته من زوجها ثمّ مات هل لها أن تطالب زوجها بصداقها ، أو قبضُ أبيها قبضُها؟ فقالعليه‌السلام : « إن كانت وكّلته بقبض صداقها من زوجها فليس لها أن تطالبه ، وإن لم تكن وكّلته فلها ذلك ، ويرجع الزوج على ورثة أبيها بذلك ، إلّا أن تكون حينئذٍ صبيّةً في حجره ، فيجوز لأبيها أن يقبض عنها ، ومتى طلّقها قبل الدخول بها فلأبيها أن يعفو عن بعض الصداق ويأخذ بعضاً ، وليس له أن يدع كلّه ، وذلك قول الله عزّ وجلّ :( إِلّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) (١) يعني الأب والذي توكّله المرأة وتولّيه أمرها من أخ أو قرابة أو غيرهما »(٢) .

مسألة ٨١٧ : لو زوّجها الوليّ أو الوكيل وكانت قد دلّست نفسها وأخفت عيبها الذي يجب ردّ النكاح به ، فإذا ردّها الزوج ، كان له الرجوعُ عليها بالمهر ، ولا يغرم الوكيل شيئاً إذا لم يعلم حالها ؛ لعدم التفريط منه ، واستناد الغشّ إليها خاصّةً.

ولما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في رجل ولّته امرأة أمرها إمّا ذات قرابة أو جارة له لا يعلم دخيلة أمرها ، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها ، قال : « يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شي‌ء »(٣) .

مسألة ٨١٨ : لو قال رجل لآخَر : وكّلتَني أن أتزوّج لك فلانة بصداق كذا ، ففَعَلتُ ، وادّعت المرأة ذلك ، فأنكر الموكّل ، فالقول قوله.

فإن أقام الوكيل أو المرأة البيّنةَ ، وإلّا حلف المدّعى عليه عقد النكاح.

____________________

(١) البقرة : ٢٣٧.

(٢) الفقيه ٣ : ٥٠ - ٥١ / ١٧٢ ، التهذيب ٦ : ٢١٥ - ٢١٦ / ٥٠٧.

(٣) الكافي ٥ : ٤٠٧ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٥٠ / ١٧١ ، التهذيب ٦ : ٢١٦ / ٥٠٨.

٢١٨

وقال أحمد بن حنبل : لا يستحلف ؛ لأنّ الوكيل يدّعي حقّاً لغيره(١) .

هذا إن ادّعى الوكيل ، وإن ادّعته المرأة ، استحلف ؛ لأنّها تدّعي الصداق في ذمّته.

ونحن لـمّا أوجبنا نص ف المهر على الوكيل ، كان له إحلاف الموكّل.

وقال أحمد : لا يلزم الوكيل شي‌ء ؛ لأنّ دعوى المرأة على الموكّل ، وحقوق العقد لا تتعلّق بالوكيل(٢) .

وعنه رواية أُخرى : إنّه يلزمه نصف الصداق - كما قلناه - لأنّ الوكيل في الشراء ضامن [ للثمن و ](٣) للبائع مطالبته به ، كذا هنا(٤) .

أمّا لو ضمن الوكيل المهر ، فلها الرجوع عليه بنصفه ؛ لأنّه ضمنه للموكّل ، وهو مُقرٌّ بأنّه في ذمّته.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي : لا يلزم الوكيل شي‌ء(٥) .

وقال محمّد بن الحسن : يلزم الوكيل جميع الصداق ؛ لأنّ الفرقة لم تقع بإنكاره ، فيكون ثابتاً في الباطن ، فيجب جميع الصداق(٦) .

واحتجّ أحمد بأنّه يملك الطلاق ، فإذا أنكر فقد أقرّ بتحريمها عليه ، فصار بمنزلة إيقاعه لما تحرم به(٧) .

إذا ثبت هذا ، فإنّ المرأة تتزوّج وإن لم يطلّق الموكّل ؛ لأنّه لم يثبت عقده.

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٤ - ٢٥٥.

(٢ و ٤) المغني ٥ : ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٥.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٥ و ٦) المغني ٥ : ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٥.

(٧) المغني ٥ : ٢٢٤ - ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٥.

٢١٩

وقال أحمد : لا تتزوّج حتى يطلّق ، لعلّه يكون كاذباً في إنكاره(١) .

قال أصحابه : ظاهر هذا تحريم نكاحها قبل طلاقها ؛ لأنّها معترفة بأنّها زوجة له ، فيؤخذ بإقرارها ، وإنكاره ليس بطلاقٍ(٢) .

وهل يلزم الموكّل طلاقها؟ الأقوى : الإلزام ؛ لإزالة الاحتمال ، وإزالة الضرر عنها بما لا ضرر عليه فيه ، فأشبه النكاح الفاسد.

ويحتمل عدم اللزوم ؛ لأنّه لم يثبت في حقّه نكاح ، ولو ثبت لم يكلَّف الطلاق.

مسألة ٨١٩ : لو ادّعى أنّ فلاناً الغائب وكّله في تزويج امرأةٍ فزوّجها منه ثمّ مات الغائب ، فإن صدّقه الورثة على التوكيل أو قامت له البيّنة به ، ورثت المرأة نصيبها من تركته. وإن لم تصدّقه الورثة ولا قامت البيّنة ، لم يكن لها ميراث ، ولها إحلاف الوارث إن ادّعت علمه بالتوكيل ، فإن حلف فلا ميراث ، وإلّا حلفت وأخذت.

ولو أقرّ الموكّل بالتوكيل في التزويج وأنكر أن يكون تزوّج له ، فهنا الاختلاف في تصرّف الوكيل ، وقد سبق(٣) .

فقيل : القول قول الموكّل مع اليمين ، وبه قال أبو حنيفة(٤) ، وهو المعتمد ؛ لأنّه مدّعٍ لما لا تتعذّر إقامة البيّنة عليه خصوصاً عند العامّة ؛ حيث إنّ البيّنة شرط في العقد عندهم(٥) ، فأشبه ما لو أنكر الموكّل الوكالة من‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٥.

(٢) المغني ٥ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٥ - ٢٥٦.

(٣) في ص ١٨٤ ، المسألة ٧٨٣.

(٤) المغني ٥ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٦.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٢٩ ، و ٥ : ٢٥٧ ، المغني ٥ : ٢٢٥ و ٧ : ٣٣٩ ، الشرح =

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501