تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-437-x
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125774 / تحميل: 5780
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٧-x
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

السُّفْل في تجويز تثقيل السقف.

فعلى هذا فلهم وجهان :

أحدهما : إنّ التعليق الجائز هو الذي لا يحتاج إلى إثبات وتدٍ في السقف.

وأظهرهما : إنّه لا فرق.

فإن قلنا : ليس له إثبات الوتد والتعليق فيه ، فليس لصاحب العلوّ غرز الوتد في الوجه الذي يليه ؛ إذ لا ضرورة إليه.

وإن جوّزنا ذلك لصاحب السُّفْل ، ففي جوازه لصاحب العلوّ وجهان ؛ لندور الحاجة إليه ، بخلاف التعليق(١) .

وأمّا ما لا ثقل له يتأثّر به السقف فعند الشافعيّة قولاً واحداً أنّه لا منع منه(٢) .

مسألة ١٠٨٣ : تصوير اشتراك السقف سهل‌ ، وأمّا خلوصه لأحدهما :

فأمّا لصاحب العلوّ فبأن يبيعه صاحب السُّفْل السقفَ والغرفةَ عندنا ، أو يكون لصاحب السُّفْل جداران متقابلان فيأذن لغيره في وضع الجذوع عليهما والبناء على تلك الجذوع بعوضٍ أو بغير عوضٍ عندنا وعند الشافعي(٣) .

وأمّا لصاحب السُّفْل فبأن يبيعه جدران الغرفة دون سقفها ، عندنا ، أو يأذن لغيره في البناء على سقف ملكه فيبني عليه ، عندنا وعند الشافعي(٤) .

فإذا أذن المالك لغيره في البناء على ملكه بغير عوضٍ ، كان عاريةً.

وإن كان بعوضٍ ، فهو إمّا إجارة بأن يُكري أرضه أو رأس جداره أو‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٣.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٣.

٨١

سقفه مدّةً معلومة بأُجرةٍ معيّنة ، وهو جائز ، وبه قال الشافعي(١) ، وسبيل ذلك سبيل سائر الإجارات ، وإمّا بيعٌ بأن يأذن له فيه بصيغة البيع ويبيّن الثمن ، وهو صحيح عندنا وعند الشافعي(٢) ؛ للأصل ، ولعموم قوله تعالى :( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٣) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز. وبه قال المزني(٤) .

وطريق ذلك أن يبيعه سطحَ البيت للبناء عليه أو علوَّه بثمنٍ معيّن.

وليس له أن يبيع حقَّ البناء على ملكه - خلافاً لبعض الشافعيّة(٥) - لأنّ البيع إنّما يتناول الأعيان ، وحقّ البناء ليس منها.

قال بعض الشافعيّة : بيع سطح البيت أو علوّه للبناء بثمنٍ معلوم هو بعينه بيع حقّ البناء على ملكه ، فإنّ المراد منهما شي‌ء واحد وإن كان ظاهر اللفظ مشعراً بالمغايرة ؛ لأنّ بيع العلوّ للبناء إمّا أن يراد به جملة السقف ، أو الطبقة العليا منها ، وعلى التقديرين فهو بيع جزءٍ معيّن من البناء أو السقف.

وأيضاً فإنّهم صوّروا فيما إذا اشتراه ليبني عليه ، ومَن اشترى شيئاً انتفع به بحسب الإمكان ، ولم يحتج إلى التعرّض للانتفاع به.

وأيضاً ما حقيقة هذا العقد؟ إن كان بيعاً فليفد ملك عينٍ ، كسائر البيوع ، وإن كان إجارةً فليشترط التأقيت ، كسائر الإجارات.

واختلفت الشافعيّة فيه.

فقال بعضهم : يملك المشتري به مواضع رءوس الجذوع. وهو مشكل عند الباقين.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٣.

(٣) البقرة : ٢٧٥.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٣.

٨٢

والأصحّ عندهم : إنّه لا تُملك به عينٌ ، وحينئذٍ فوجهان :

أحدهما : إنّه إجارة ، وإنّما لم يشترط تقدير المدّة ؛ لأنّ العقد الوارد على المنفعة يتبع فيها الحاجة ، فإذا اقتضت الحاجة التأبيد ، أُبّد على خلاف سائر الإجارات ، وأُلحق بالنكاح.

وأظهرهما : إنّه ليس بإجارةٍ محضة ، بل فيه شائبة الإجارة ، وهي أنّ المستحقّ به منفعة ، وشائبةُ البيع ، وهي أنّ الاستحقاق فيه على التأبيد ، وكأنّ الشرع نظر إلى أنّ الحاجة تمسّ إلى ثبوت الاستحقاق المؤبَّد في مرافق الأملاك وحقوقها ، كما تمسّ إلى ثبوت الاستحقاق المؤبَّد في الأعيان ، فجوّز هذا العقدَ ، وأثبت فيه شبهاً من البيع وشبهاً من الإجارة.

وإذا قلنا : إنّه لا تُملك به عينٌ ، فلو عقد بلفظ الإجارة ولم يتعرّض للمدّة ، فوجهان عندهم ، أشبههما : إنّه ينعقد أيضاً ؛ لأنّه يخالف البيع في قضيّةٍ كما يخالف الإجارة في قضيّةٍ أُخرى(١) .

وهذا كلّه عندنا ليس بشي‌ءٍ ، بل الواجب إن أراد نقل السقف أن يبيعه إيّاه ، أو يؤجره ويعيّن المدّة.

مسألة ١٠٨٤ : إذا جرت هذه المعاملة على ما اخترناه نحن ، أو على ما اختاره الشافعيّة وبنى المشتري‌ ، لم يكن للبائع أن يكلّفه النقض ليغرم له أرش النقصان.

ولو انهدم الجدار أو السقف بعد بناء المشتري عليه فأعاده مالكه ، فللمشتري إعادة البناء بتلك الآلات أو بمثلها.

ولو انهدم قبل البناء ، فللمشتري البناء إذا أعاده.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٤ - ١١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٣.

٨٣

وهل يُجبر على إعادته؟ فيه خلافٌ تقدّم(١) .

ولو هدم صاحب السُّفْل أو غيره السُّفْلَ قبل بناء المشتري ، فعلى الهادم قيمة حقّ البناء ؛ لأنّه حالَ بينه وبين حقّه بالهدم ، فإذا أعاد مالك السُّفْلِ السُّفْلَ ، استرجع الهادم القيمةَ ؛ لارتفاع الحيلولة ، ولا يغرم أُجرة البناء لمدّة الحيلولة.

ولو كان الهدم بعد البناء ، فعلى قول مَنْ يوجب إعادة المهدوم يكون عليه إعادة السُّفْل والعلوّ ، وعلى قول مَنْ يوجب الأرش يكون عليه أرش نقص الآلات ، وقيمة حقّ البناء ؛ للحيلولة.

ولا تنفسخ هذه المعاملة بما يعرض من هَدْمٍ وانهدامٍ ؛ لأنّها ملتحقة بالبيوع.

مسألة ١٠٨٥ : إذا جرى الإذن في البناء بعوضٍ ، وجب معرفة قدر الموضع المبنيّ عليه طولاً وعرضاً.

وكذا إن كان بغير عوضٍ عند الشافعيّة(٢) .

وعندي فيه إشكال ؛ لأنّ ذلك عارية ، فلا يجب فيها ما شُرط في البيوع.

ولو كان البناء على الجدار أو السطح ، وجب مع ذلك بيان سمْك البناء وطوله وعرضه ، وكون الجدران منضّدةً أو خالية الأجواف ، وكيفيّة السقف المحمول عليها ؛ لاختلاف الأغراض في ذلك كلّه ، واختلاف حمل الجدران ، فإنّ الجدار لا يحمل كلّ شي‌ءٍ ، وكذا السقف ، فوجب البيان.

وقال بعض الشافعيّة : إذا أطلق ذكر البناء كفى ، وحُمل الإطلاق على‌

____________________

(١) في ص ٦٧ ، المسألة ١٠٧٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٤.

٨٤

العادة ، فما يحتمله المبنيّ عليه في العادة انصرف الإطلاق إليه ، وما لا فلا(١) .

وهل يشترط التعرّض لوزن ما يبنيه عليه؟ إشكال ينشأ من أنّ الإعلام في كلّ شي‌ءٍ على ما يليق به ويعتاد فيه من اختلاف المبنيّ بالثقل والخفّة اختلافاً يختلف بسببه الأغراض وحمل الجدران والسقوف.

والأقرب في الخشب ذلك ، دون الآجر واللبن ؛ للعادة.

ولو كانت الآلات حاضرةً ، استغنى بمشاهدتها عن كلّ وصفٍ وتعريفٍ.

ولو كان الإذن في البناء على أرضه ، لم يجب ذكر سمْك البناء وكيفيّته ؛ لأنّ الأرض تحتمل كلّ شي‌ءٍ.

وبعضُ الشافعيّة شَرَطه ؛ لأنّ الإذن إن كان على وجه الإعارة أو الإجارة فإنّ عند الرجوع عن الإعارة أو انقضاء مدّة الإجارة تطول مدّة التفريغ وتقصر بحسب كثرة النقض وقلّته ، ويختلف الغرض بذلك(٢) .

وليس بشي‌ءٍ.

مسألة ١٠٨٦ : لو ادّعى بيتاً في يد غيره فصالحه عليه‌ - إمّا مع إقراره ، عند الشافعي(٣) ، أو مطلقاً عندنا - على أن يبني الـمُقرّ أو المنكر على سطحه ، جاز ، ولم يكن ذلك فرعَ العارية ، خلافاً للشافعيّة ، وعندهم أنّه يكون قد أعاره الـمُقرّ له سطح بيته للبناء(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٥ - ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٤ ، وراجع : الهامش (١) من ص ٢٦.

(٤) بحر المذهب ٨ : ٤٤ ، البيان ٦ : ٢٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٤.

٨٥

فلو كان التنازع في سفله والعلوّ للمدّعى عليه فأقرّ للمدّعي بما ادّعاه فتصالحا على أن يبني المدّعي على السطح ويكون السُّفْل للمدّعى عليه جاز ، وكان عند الشافعي بيعَ السُّفْل بحقّ البناء على العلوّ(١) .

مسألة ١٠٨٧ : لا يجب على الجار إجراء ماء المطر من سطح جاره على سطحه‌ ولا إجراء الماء في أرضه عند علمائنا ؛ لأصالة البراءة ، ولتخصيص المالك التامّ ملكه بالانتفاع بملكه ، وهو قول أكثر الشافعيّة ، والجديد للشافعي.

وفي القديم له قول : إنّه يُجبر صاحب السطح والأرض على إجراء الماء من سطح الجار على سطحه وأرضه(٢) .

والحقّ خلافه.

ولو أذن له فيه جاز.

ولو باعه الإجراء لم يصح.

ولو آجره السطح للإجراء أو باعه إيّاه صحّ ، لكن إذا باعه السطح مَلَكه ملكاً مطلقاً يتصرّف فيه كيف شاء بما لا يتضرّر به.

وإن أعاره أو آجره ، جاز.

ويشترط بيان معرفة الموضع الذي يجري عليه الماء في الإعارة والإجارة والبيع ، والسطوح التي ينحدر منها الماء إليه في الإعارة والإجارة خاصّةً ، ولا يضرّ الجهل بقدر ماء المطر في ذلك كلّه ؛ إذ لا يمكن معرفته وضبطه ، وهذا عقدٌ جُوّز للحاجة.

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٤٤ ، البيان ٦ : ٢٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٤.

(٢) البيان ٦ : ٢٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٤.

٨٦

ولو صالحه على إجراء مائه على سطحه جاز ، ولم يكن هذا الصلح فرعَ غيره عندنا ، خلافاً للشافعي(١) .

ويشترط العلم بالسطح الذي يجري ماؤه ؛ لاختلاف الماء قلّةً وكثرةً باختلاف السطوح كبراً وصغراً.

وعند الشافعي أنّ هذا يكون فرعَ الإجارة ، ومع ذلك لا يحتاج إلى ذكر المدّة(٢) .

وإذا أذن له في إجراء الماء على سطحه ثمّ بنى على سطحه بما يمنع الماء من الجريان عليه ، فإن كان عاريةً كان ما فَعَله رجوعاً فيها ، وإن كان بيعاً أو إجارةً كان للمشتري أو المستأجر نقب البناء وإجراء الماء فيه.

مسألة ١٠٨٨ : لو ادّعى عليه مالاً فصالحه منه على مسيل ماءٍ في أرضه ، جاز إذا بيّنا موضعه وعيّناه وعرفا عرضه وطوله.

ولا يحتاجان إلى أن يُبيّنا عمقه إن كان قد عقد بلفظ البيع لذلك الموضع ؛ لأنّ مَنْ مَلَك الموضع كان له النزول فيه إلى تخومه ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والثاني : يجب بيانه ؛ بناءً على أنّ المشتري يملك موضع الجريان ، أو لا يملك إلّا حقّ الإجراء(٣) .

والحقّ : التفصيل ، فإن باعه مسيل الماء أو مكان إجراء الماء مَلَك موضع الجريان ، وإن باع حقّ مسيل الماء بطل عندنا إن كان بلفظ البيع ، وصحّ إن كان بلفظ الصلح.

ويصحّ عند الشافعيّة على الوجهين ؛ لأنّه كبيع حقّ البناء(٤) .

____________________

(١ و ٢) البيان ٦ : ٢٣٧.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٥.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٤ - ١٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٥.

٨٧

وكذا إن عقد بلفظ الصلح على تلك الأرض ، أمّا لو كان على إجراء الماء فإنّ الأرض باقية لمالكها ، وافتقر حينئذٍ إلى تعيين العمق وتقدير المدّة.

وإذا صالحه على أن يجري الماء في ساقيةٍ في أرض الـمُصالَح ، صحّ ولم يكن إجارةً.

وعند الشافعي أنّه يكون إجارةً(١) ، قال في الأُمّ : ويجب تقدير المدّة(٢) . وهو جيّد على مذهبنا.

وإنّما يصحّ إذا كانت الساقية محفورةً ، وإن لم تكن محفورةً لم يجز ؛ لأنّ المستأجر لا يتمكّن من إجراء الماء إلّا بالحفر ، والمستأجر لا يملك الحفر في ملك غيره ، ولأنّه إجارة لساقيةٍ غير موجودةٍ ، قاله بعض الشافعيّة(٣) .

وفيه نظر ؛ إذ التصرّف في مال الغير بإذنه جائز ، ولـمّا صالحه على الإجراء فقد أذن له فيه ، فيستلزم الإذن فيما هو من ضروراته ، والإجارة وقعت على إجراء الماء ، مع أنّا نمنع كونه إجارةً.

ولو حفر الساقية وصالحه ، جاز قطعاً.

ولو كانت الأرض في يد المدّعى عليه بإجارةٍ ، جاز أن يصالحه على إجراء الماء في ساقيةٍ فيها محفورةٍ مدّةً معلومةً لا تجاوز مدّة إجارته.

وإن لم تكن الساقية محفورةً ، لم يجز أن يصالحه على ذلك ؛ لأنّه‌

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٤٩ ، البيان ٦ : ٢٣٧ ، المغني ٥ : ٢٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠.

(٢) الأُمّ ٣ : ٢٢٧ ، وعنه أيضاً في بحر المذهب ٨ : ٤٩ - ٥٠ ، والبيان ٦ : ٢٣٧.

(٣) بحر المذهب ٨ : ٥٠ ، البيان ٦ : ٢٣٧.

٨٨

لا يجوز له إحداث ساقيةٍ في أرضٍ في يده بإجارةٍ.

ولو كانت الأرض وقفاً عليه ، جاز أن يصالح على إجراء الماء في ساقيةٍ محفورةٍ مدّةً معلومةً.

وإن أراد أن يحفر ساقيةً ، فالأقرب : الجواز.

ومَنَعه بعض الشافعيّة ؛ لأنّه لا يملكها ، وإنّما له أن يستوفي منفعتها ، كالأرض المستأجرة(١) .

والأولى أنّه يجوز له حفر الساقية ؛ لأنّ الأرض له ، وله التصرّف فيها كيف شاء ما لم ينتقل الملك فيها إلى غيره ، بخلاف المستأجر ، فإنّه إنّما يتصرّف فيها بالإذن له فيه.

فإن مات الموقوف عليه في أثناء المدّة ، فهل لمن انتقل إليه الفسخُ فيما بقي من المدّة؟ مبنيّ على ما إذا آجره مدّةً فمات في الأثناء.

ولو صالحه على أن يسقي أرضه من نهره أو عينه ، جاز مع التعيين.

ومَنَعه الشافعي ؛ لأنّ المعقود عليه هو الماء ، وهو مجهول(٢) .

وليس بجيّدٍ ؛ لانضباطه بالوقت.

ولو صالحه على سهمٍ من العين أو النهر - كالثلث أو الربع أو غير ذلك - وبيّنه ، جاز ، ولا يكون بيعاً وإن أفاد فائدته ، خلافاً للشافعي(٣) .

فروع :

أ - ليس لمستحقّ إجراء الماء بإجارةٍ أو صلحٍ أو بيعٍ الدخولُ إلى أرض الغير الذي تجري فيه الساقية‌ وإن مَلَك الساقية ، إلّا أن يأذن له المالك ؛ لأنّه يستلزم التصرّف في مال الغير ، وهو قبيح عقلاً ، إلّا أن يريد‌

____________________

(١) البيان ٦ : ٢٣٧.

(٢) الأُمّ ٣ : ٢٢٧ ، البيان ٦ : ٢٣٨.

(٣) الأُمّ ٣ : ٢٢١ و ٢٢٧ ، التنبيه : ١٠٣ ، الوسيط ٤ : ٤٩ ، البيان ٦ : ٢٣٨.

٨٩

تنقية النهر أو الساقية ، فإنّه يجوز ؛ لموضع الضرورة.

ب - إذا نقّى النهرَ أو الساقيةَ‌ ، وجب عليه أن يُخرج ما يخرج من النهر أو الساقية عن أرض المالك.

ج - المأذون له في إجراء ماء المطر على سطح الآذن أو أرضه أو ساقيته ليس له إلقاء الثلج‌ ، ولا أن يترك الثلج حتى يذوب فيسيل إليه ، ولا أن يجري فيه ما يغسل به ثيابه وأوانيه ، بل لو صالح على ترك الثلوج على السطح أو إجراء الغسالات على مالٍ ، فالأقرب عندي : الجواز.

ومَنَع منه بعضُ الشافعيّة ؛ لأنّ الحاجة لا تدعو إلى مثله(١) .

وهو ممنوع.

د - المأذون له في إلقاء الثلج ليس له إجراء الماء‌ ؛ لتغاير المنفعتين ، ولا يلزم من المصالحة على إحدى المنفعتين المصالحة على الأُخرى ، ولأنّه لا يجوز العكس فكذا هنا.

ه - تجوز المصالحة على قضاء [ الحاجة ](٢) في حُشّ الغير على مالٍ‌ ، وكذا على جمع الزبل والقمامة في ملكه ، ولا يكون ذلك إجارةً - خلافاً للشافعيّة - بل هو عقد مستقلّ برأسه.

وعندهم أنّه إجارة ، فيراعى فيه شرائطها(٣) .

و - تجوز المصالحة على البيتوتة على سطح الجار.

ثمّ لو باع مستحقّ البيتوتة منزله ، فليس للمشتري أن يبيت عليه ، بخلاف ما لو باع مستحقّ إجراء الماء على سطح الغير مدّةً دارَه ، فإنّ المشتري يستحقّ الإجراء بقيّة المدّة ؛ لأنّ إجراء الماء من مرافق الدار ، دون‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٥.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٥٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٦ - ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٥.

٩٠

البيتوتة.

ز - لا يجب على مستحقّ إجراء الماء في ملك غيره مشاركة المالك في عمارة سقف المجرى‌

وإن خرب من الماء ، ولا على المالك إصلاح القناة لو خرب بغير سببه.

ح - لو استحقّ وضع خُشُبه على حائط الغير فسقطت أو وقع الحائط ، استحقّ بعد عوده الوضع ، بخلاف الإعارة.

ولو خِيف على الحائط السقوطُ ، فالأقوى : تحريم الإبقاء ؛ لما فيه من الضرر العظيم.

ط - لو وجد بناءه أو خُشُبه أو مجرى مائه في ملك غيره أو سطحه ولم يعلم السبب ، احتُمل تقديم قول مالك الأرض والحائط في عدم الاستحقاق.

وقال بعض العامّة : يُقدَّم قول صاحب البناء والخشبة والمسيل ؛ لأنّ الظاهر أنّه حقٌّ له ، فجرى مجرى اليد الثابتة. ولو اختلفا في ذلك هل هو بحقٍّ أو عدوان؟ فالقول قول صاحب البناء والخشبة والمسيل ؛ لأنّ الظاهر معه ، ولو زال الحائط أو السطح ثمّ عاد فله إعادته ؛ لأنّ الظاهر أنّ هذا الوضع بحقٍّ من صلحٍ أو غيره(١) .

وفيه نظر.

ي - لا يجوز بيع حقّ الهواء ولا مسيل الماء ولا الاستطراق‌ ، خلافاً للشافعيّة في الأخيرين(٢) .

وفرّق بعضهم بين بيع حقّ الهواء وحقّ البناء بأنّ بيع حقّ الهواء اعتياض عن مجرّد الهواء ، وحقّ البناء يتعلّق بعين الموضع المبنيّ عليه ،

____________________

(١) المغني ٥ : ٤١ ، الشرح الكبير ٥ : ٤١ - ٤٢.

(٢) الوجيز ١ : ١٨٠.

٩١

حتى لو صالحه عن وضع الجذوع المشرعة على جداره يصحّ ، ولهذا تجوز إجارة الملك للبناء إجماعاً ، ولا تجوز إجارة الهواء ، وكلّ حقٍّ يتعلّق بعينٍ - كمجرى الماء والممرّ - فهو كحقّ البناء.

وبالجملة ، الحقوق المتعلّقة بالأعيان لـمّا كانت عندهم مقصورةً على التأبيد ، أُلحقت بالأعيان حتى استغنى العقد الوارد عليها عن التأقيت(١) .

وهو عندنا باطل.

مسألة ١٠٨٩ : لو خرجت أغصان شجرة الجار إلى هواء داره المختصّة به أو المشتركة بينهما‌ ، أو على هواء جدارٍ له أو بينهما ، أو على بناءٍ أو على نفس الجدار ، كان له المطالبة بإزالة الأغصان عن هواء الدار.

فإن لم يفعل مالك الشجرة من الإزالة لم يُجبر ؛ لأنّه من غير فعله ، فلم يُجبر على إزالته ، كما إذا لم يكن ملكاً له ، وإن تلف بها شي‌ء لم يضمنه ؛ لذلك.

ويحتمل إلزامه ، كما إذا مالَ حائطه.

وعلى التقديرين إذا امتنع فله تحويلها عن ملكه ، فإن لم يمكن عطفها عنه كان له قطعها.

ولا يحتاج فيه إلى إذن القاضي ؛ لأنّه عدوان عليه ، فكان له إزالته عنه وإن لم يأذن القاضي ، وهو أقوى وجهي الشافعيّة(٢) .

فإن صالحه مالك الشجرة على الإبقاء على الجدار بعوضٍ ، صحّ مع تقدير الزيادة أو انتهائها وتعيين المدّة.

وكذا له أن يصالحه على الإبقاء في الهواء ، عندنا.

خلافاً للشافعيّة ؛ فإنّهم قالوا : إن صالحه على الإبقاء من غير أن يستند‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٦.

٩٢

الغصن إلى شي‌ءٍ لم يجز ؛ لأنّه اعتياض عن مجرّد الهواء ، وإن استند إلى جدارٍ فإن كان بعد الجفاف جاز ، وإن كان رطباً لم يجز ؛ لأنّه يزيد ولا يعرف قدر ثقله وضرره(١) .

وجوّزه بعضهم ؛ لأنّ ما ينمو يكون تابعاً(٢) .

تذنيبان :

أ : لو سرت عروق الشجرة إلى أرض الجار ، كان حكمها حكم سريان الأغصان من جواز عطفها‌ ، فإن تعذّر قَطَعها ؛ لأنّه ليس له التصرّف في ملك غيره إلّا بإذنه ، ولأنّه عِرْق ظالمٍ فله الإزالة ؛ لقولهعليه‌السلام : « ليس لعِرْق ظالمٍ حقٌّ »(٣) .

ب : لو مالَ جداره إلى هواء الجار ، كان له الإزالة‌ ، كالأغصان والعروق ؛ لأنّه شَغَل ملك الغير ومَنَعه من التصرّف فيه بغير حقٍّ.

مسألة ١٠٩٠ : يجوز للرجل التصرّف في ملكه بأيّ أنواع التصرّفات شاء‌ ، سواء حصل به تضرّرٌ للجار أو لا ، فله أن يبني ملكه حمّاماً بين الدور ، وأن يفتح خبّازاً بين العطّارين ، أو يجعله دكّان قصارة بين المساكن وإن أضرّت الحيطان بالدقّ وأخربها ، وأن يحفر بئراً إلى جانب بئر جاره يجتذب ماءها ، أو يحفر بالوعة أو مرتفقاً يجري ماؤه إلى بئر جاره - وبه قال الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة ، وأحمد في إحدى الروايتين(٤) - لقولهعليه‌السلام : « الناس مسلّطون على أموالهم »(٥) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٦.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ١٧٨ / ٣٠٧٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٦٢ / ١٣٧٨ ، سنن الدارقطني ٤ : ٢١٧ / ٥٠ ، سنن البيهقي ٦ : ٩٩ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٧ : ١٣ - ١٤ / ٤ و ٥ ، الموطّأ ٢ : ٧٤٣ / ٢٦.

(٤) بحر المذهب ٨ : ٥٠ ، البيان ٦ : ٢٤٢ ، المغني ٥ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١.

(٥) أورده الطوسي في الخلاف ٣ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المسألة ٢٩٠ من كتاب البيوع.

٩٣

ولأنّه تصرّف في ملكه المختصّ ولم يتعلّق به حقّ غيره ، فلم يُمنع منه ، كما لو طبخ في داره أو خبز فيها ، فإنّه لا يُمنع منهما تحرّزاً من وصول دخانه إلى جاره وإن تأذّى به ، كذا هنا.

وقال أحمد في الرواية الأُخرى : إنّه يُمنع من ذلك كلّه - وهو قول بعض الحنفيّة - لقولهعليه‌السلام : « لا ضرر ولا إضرار »(١) وهذا الفعل يضرّ بجيرانه ، ولأنّ هذا إضرار بالجيران فمُنع منه ، كما يُمنع من إرسال الماء في ملكه بحيث يضرّ بجاره ويتعدّى إلى هدم حيطانه ، ومن إشعال نارٍ تتعدّى إلى احتراق الجيران(٢) .

والجواب : الحديث مشترك ؛ لأنّ منع المالك عن عمل مصلحةٍ له في ملكه يعود نفعها إليه إضرار غير مستحقّ ، فالضرر مشترك ، وليس مراعاة أحدهما أولى من مراعاة الآخَر ، بل مراعاة المالك أولى ، والنار التي أضرمها والماء الذي أرسله تعدّيا فكان مرسلاً لذلك في ملك غيره ، فأشبه ما لو أرسلها إليه قصداً ، ولأنّ ذلك غير عامٍّ ؛ إذ الممنوع منه الإضرام عند هبوب الرياح بحيث يعلم التعدّي ، وليس ذلك دائماً ، فلهذا مُنع. وكذا إرسال الماء على وجه الكثرة.

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٦٨ ، الهامش (١)

(٢) المغني ٥ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١ ، بحر المذهب ٨ : ٥٠ ، البيان ٦ : ٢٤٢.

٩٤

٩٥

الفصل الرابع : في التنازع‌

مسألة ١٠٩١ : إذا تنازعا عيناً في يد أحدهما ، حُكم بها لصاحب اليد مع اليمين وعدم البيّنة‌ ؛ لأنّه منكر.

فإن صالحه عنها على شي‌ءٍ منها أو من غيرها جاز ، سواء كان عقيب إقرارٍ أو إنكارٍ ، عند علمائنا ، خلافاً للشافعي(١) ، وقد سبق(٢) .

ولو كانت العين في يد اثنين [ فادّعاها ثالث ](٣) فصدّقه أحدهما وكذّبه الآخَر ، ثبت له النصف بإقرار المصدّق ، وكان على المكذّب اليمين مع عدم البيّنة ؛ لأنّه منكر.

فلو صالح المدّعي [ الـمُقرّ ] ٤ على مالٍ فأراد المكذّب أخذه بالشفعة ، لم يكن له ذلك عندنا ؛ لأنّ الشفعة تتبع البيع خاصّةً ، والصلح عندنا ليس بيعاً وإن كان على مالٍ ، بل هو عقد مستقلّ برأسه.

أمّا مَنْ يعتقده بيعاً كالشافعي(٥) فقد اختلف طُرق الناقلين عنه في الجواب.

قال بعضهم : إن مَلَكاها في الظاهر بسببين مختلفين فله ذلك ؛ لأنّه لا تعلّق لأحد المِلْكين بالآخَر ، وإن مَلَكاها بسببٍ واحد من إرثٍ أو شراءٍ فوجهان :

أحدهما : المنع ؛ لأنّ الدار بزعم المكذّب ليست للمدّعي ، فإنّ في‌

____________________

(١) راجع الهامش (١) من ص ٢٦.

(٢) في ص ٢٦ ، ضمن المسألة ١٠٣٢.

(٣ و ٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٥) راجع الهامش (٣) من ص ٨٨.

٩٦

ضمن إنكاره تكذيبَ المدّعي في نصيب الـمُقرّ أيضاً ، وحينئذٍ يبطل الصلح.

وأظهرهما عندهم : إنّ له الأخذَ ؛ لحُكمنا في الظاهر بصحّة الصلح ، وانتقال الملك إلى الـمُقرّ ، ولا استبعاد في انتقال نصيب أحدهما إلى المدّعي دون الآخَر وإن مَلَكاها بسببٍ واحد(١) .

وأشكل على بعضهم هذه الطريقة : بأنّا لا نحكم بالملك إلّا بظاهر اليد ، ولا دلالة لليد على اختلاف السبب واتّحاده ، فأيّ طريقٍ يعرف به الحاكم الاختلاف والاتّحاد؟ وإلى قول مَنْ يرجع؟ ومَن الذي يُقيم البيّنة عليه؟(٢) .

وقال بعضهم : إن ادّعى عليهما عن جهتين فللمكذّب الأخذ بالشفعة ، وإن ادّعى عن جهةٍ واحدة ففيه الوجهان ، ولا يخلو من إشكالٍ ؛ لأنّه ليس من شرط المدّعي التعرّض لسبب الملك ، وبتقدير تعرّضه له فليس من شرط الإنكار نفي السبب ، بل يكفي نفي الملك ، وبتقدير تعرّضه له فلا يلزم من تكذيبه المدّعي في قوله : « ورثت هذه الدار » زعم أنّه لم يرث نصفها(٣) .

وقال بعضهم : إن اقتصر المكذّب على أنّه لا شي‌ء لك في يدي ، أو : لا يلزمني تسليم شي‌ءٍ إليك ، أخذ بالشفعة ، وإن قال مع ذلك : وهذه الدار ورثناها ، ففيه الوجهان(٤) .

وقد عرفتَ أنّ هذا كلّه لا يتأتّى على مذهبنا من الاقتصار في طلب الشفعة على الانتقال بالبيع خاصّةً.

مسألة ١٠٩٢ : لو ادّعى اثنان داراً في يد رجلٍ ، فأقرّ لأحدهما بنصفها وكذّب الآخَر‌ ، نُظر فإن كانا قد ادّعياها بسببٍ يوجب الشركة - كالإرث ،

____________________

(١ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٦.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٨.

٩٧

وشراء وكيلهما في عقدٍ واحد - تشاركا في النصف الذي دفعه المدّعى عليه إلى الـمُقرّ له ؛ لأنّ الإرث يقتضي إشاعة التركة بين الورثة ، فكلّ ما يخلص يكون بينهما ، وذلك كما لو تلف بعض التركة وحصل البعض ، فإنّ التالف يكون منهما ، والحاصل لهما ، وكذا لو تلف بعض المال المشترك.

هذا إذا لم يتعرّضا لقبض الدار ، أمّا لو قالا : ورثناها وقبضناها ثمّ غصبتَها منّا ، فالأقرب : إنّه كذلك أيضاً يشتركان فيما يقبضه الـمُقرّ له منه ؛ لأنّ إيجاب الإرثِ الشيوعَ(١) لا يختلف ، وهو أحد قولَي الشافعيّة ، ومحكيٌّ عن أبي حنيفة ومالك.

والقول الآخَر لهم : إنّه لا يشاركه ؛ لأنّ التركة إذا حصلت في يد الورثة صار كلّ واحدٍ منهما قابضاً لحقّه ، وانقطع حقّه عمّا في يد الآخَرين ، ولهذا يجوز أن يطرأ الغصب على نصيب أحدهما خاصّةً بأن تزال يده ، فإنّ المغصوب لا يكون مشتركاً بينهما(٢) .

وإن ادّعياها بجهةٍ غير الإرث من شراءٍ وغيره ، فإن لم يقولا : اشترينا معاً ، أو : اتّهبنا وقبضنا معاً ، فالأقرب عندي : عدم الشركة في المقبوض حيث لم تثبت الشركة في السبب ولم يدّعياه.

وإن قالا : اشتريناها معاً ، أو اتّهبناها وقبضنا معاً ، فالأقرب : إنّه كالإرث ؛ لاشتراك السبب ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : إنّهما لا يشتركان فيما أقرّ به ؛ لأنّ البيع بين اثنين بمنزلة الصفقتين ، فإنّ تعدّد المشتري يقتضي تعدّد العقد ، فكان بمنزلة ما لو مَلَكا بعقدين(٣) .

ولو لم يتعرّضا لسبب الاستحقاق ، فلا شركة بحالٍ.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة زيادة : « وهو ». والظاهر أنّ المناسب للعبارة عدمها.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٨ - ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٧.

٩٨

مسألة ١٠٩٣ : كلّ موضعٍ قلنا بالشركة في هذه الصُّور لو صدّق المدّعى عليه أحدهما‌ وكذّب الآخَر وصالح المصدَّق [ المدّعى ](١) عليه عن الـمُقرّ به على مالٍ ، فإن كان بإذن الشريك صحّ ، وتشارك المدّعيان في مال الصلح ، سواء كان بعين النصف أو غيره ، وإن كان بغير إذنه بطل الصلح في نصيب الشريك ، وصحّ في نصيبه.

وللشافعيّة في صحّته في نصيبه قولا تفريق الصفقة(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : يصحّ الصلح في جميع الـمُقرّ به ؛ لتوافق المتعاقدين وتقاربهما(٣) .

وليس بجيّدٍ.

مسألة ١٠٩٤ : لو ادّعيا داراً في يد الغير فأقرّ لأحدهما بجميعها‌ ، فإن كان قد وُجد من الـمُقرّ له في الدعوى ما يتضمّن إقراراً لصاحبه بأن قال : هذه الدار بيننا ، وما أشبه ذلك ، شاركه صاحبه فيها.

وكذا إن كان الـمُقرّ له قد تقدّم إقراره بالنصف لصاحبه.

وإن لم يتلفّظ بما يتضمّن الإقرار ، بل اقتصر على دعوى النصف ، نُظر فإن قال بعد إقرار المدّعى عليه بالكلّ : إنّ الكلّ لي ، سلّم الجميع إليه ، وكان هو والآخَر خصمين في النصف الذي ادّعاه الآخَر ، ويكون القولُ قولَ مدّعي الكلّ مع اليمين ، وعلى الآخَر البيّنة.

ولا يلزم من ادّعائه النصفَ أن ينتفي ملكه عن الباقي ؛ لجواز أن تكون معه بيّنة بالنصف ولا تساعده البيّنة على الجميع في الحال ، بل على النصف ، و(٤) يخاف الجحود الكلّي لو ادّعى الجميع.

____________________

(١) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٧.

(٤) الظاهر : « أو » بدل « و».

٩٩

ولو قال : النصف الآخَر لصاحبي ، سلّم إليه.

وإن لم يقل شيئاً ولا أثبت النصفَ الآخَر لنفسه ولا لصاحبه ولا نفاه ، فالأقرب : إنّه يُترك في يد المدّعى عليه ؛ لأنّ الآخَر ادّعى خلافَ الظاهر ولا بيّنة له ، وهو أصحّ وجوه الشافعيّة.

والثاني : إنّه ينتزع من يد المدّعى عليه ، ويحفظه الحاكم لمن يثبت له.

والثالث : إنّه يُسلّم إلى المدّعي ؛ لأنّه يدّعي ما لا يدّعيه أحد(١) .

ويُضعّف الثاني : بأنّه يؤدّي إلى إسقاط دعوى هذا المدّعي عن الـمُقرّ بغير حجّةٍ ، والثالث : بأنّه يُثبت حقّاً للمدّعي بغير بيّنةٍ ولا إقرار.

وإذا قلنا : ينتزعه الحاكم ، فإنّه يؤجره ويحفظ الأُجرة ، كالأصل.

وقال بعض الشافعيّة : يصرفه في مصالح المسلمين(٢) .

وليس بصحيحٍ ؛ لأنّ الأصل إذا كان موقوفاً فالنماء كذلك.

مسألة ١٠٩٥ : لو تداعى اثنان حائطاً بين ملكيهما‌ ، فإن كان متّصلاً ببناء أحدهما خاصّةً دون الآخَر اتّصالاً لا يمكن إحداثه بعد بنائه - بأن يكون لأحدهما عليه أزج أو قبّة لا يتصوّر إحداثهما بعد تمام الجدار ، وذلك بأن أُميل البناء من مبدأ ارتفاعه عن الأرض قليلاً قليلاً ، أو كان متّصلاً ببناء أحدهما في تربيعه وعلوّه وسَمْكه دون الآخَر ، أو دخل رَصْف من لَبِنات فيه في جداره الخاصّ ، ورَصْف من جداره الخاصّ في المتنازع فيه ، ويظهر ذلك في الزوايا - كان القولُ قولَه مع يمينه ؛ لأنّ ذلك ظاهر يشهد له.

ويحتمل أن يكون بناء القبّة والأزج ورَصْف اللَّبِن برضا الآخَر أو إجازته ، فلهذا أوجبنا اليمين ، وحُكم له بها ، إلّا أن تقوم البيّنة على خلافه.

ولو كان رَصْف اللَّبِن في مواضع معدودة من طرف الجدار ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٧.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٢٧.

١٠٠

لم يُحكم له به ؛ لإمكان إحداثه بعد بناء الجدار بنزع لَبِنةٍ وإدراج أُخرى.

ولو كان الحائط مبنيّاً على خشبةٍ طويلة طرفها تحت الحائط المتنازع فيه وطرفها الآخَر تحت حائطٍ آخَر ينفرد به أحدهما ، كان ذلك ظاهراً أنّه لـمَن بعض الخشب في ملكه والجدار المبنيّ عليها تحت يده ، فيحلف ، ويُحكم له به.

وإن كان الحائط غيرَ متّصلٍ ببناء أحدهما ، بل كان منفصلاً عنهما معاً حائلاً بين ملكيهما لا غير ، أو متّصلاً ببنائهما معاً ، فهو في أيديهما ، فإن أقام أحدهما بيّنةً أنّه له قُضي له به ، وإن لم يكن لأحدهما بيّنةٌ حلف كلّ واحدٍ منهما للآخَر على النصف الذي في يده ، وحُكم به لهما ، وكذا إن نكلا معاً ؛ عملاً بظاهر اليد.

وإن حلف أحدهما ونكل الآخَر ، أعدنا اليمين على الحالف في النصف الذي في يد صاحبه ، فإن حلف قُضي له بالجميع ، وإن نكل ونكل الآخَر فهو لهما.

هذا إن حلّفنا كلّ واحدٍ منهما على النصف الذي في يده.

وللشافعي في الحلف وجهان :

أحدهما : إنّ كلّ واحدٍ منهما يحلف على النصف الذي يسلم له ، وهو أظهر وجهيه.

والثاني : إنّه يحلف كلّ واحدٍ منهما على الجميع ؛ لأنّه ادّعى الجميع(١) .

فإن قلنا بالثاني فإذا حلّف الحاكمُ أحدَهما على الجميع ، لم يمنع ذلك حلف الآخَر عليه ، بل يحلّفه الحاكم على الجميع أيضاً ، فإن حلف الآخَر أيضاً على الجميع قسّم الجدار بينهما ؛ لأنّه لا أولويّة في الحكم به لأحدهما دون الآخَر ، وإن نكل الآخَر بعد أن حلف الأوّل على الجميع‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٨.

١٠١

حُكم للحالف به من غير يمينٍ أُخرى.

ولو حلف الثاني على النصف بعد أن حلف الأوّل على الجميع والتماس الحاكم من الثاني الحلف على الجميع أيضاً ، احتُمل عدمُ الاعتداد بهذه اليمين ؛ حيث إنّه حلف على ما لم يحلّفه الحاكم عليه. والاعتدادُ ؛ حيث إنّ طلب الحلف على الجميع يستلزم طلب الحلف على أبعاضه ، فإن قلنا : يُعتدّ بها ، كان النصف بينهما ، مع احتمال أنّه للثاني خاصّةً.

وإن التمس الحاكم من الثاني الحلفَ على الجميع ، فقال : أنا لا أحلف إلّا على النصف ، كان في الحقيقة مدّعياً للنصف.

تذنيب : كلّ مَنْ قُضي له بالحائط إمّا بالبيّنة أو باليمين أو بشاهد الحال فإنّه يُحكم له بالأساس الذي تحته.

مسألة ١٠٩٦ : إذا لم يكن الحائط متّصلاً ببناء أحدهما أو كان متّصلاً بهما معاً وكان لأحدهما عليه بناء‌ كحائطٍ مبنيّ عليه ويعتمد عليه وتداعياه ، حُكم به لصاحب البناء - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ وضع البناء عليه بمنزلة اليد الثابتة عليه ، وهو نوعٌ من التصرّف فيه ، فأشبه الحمل على الدابّة والزرع في الأرض ، ولأنّ الظاهر أنّ الإنسان لا يُمكِّن غيرَه من البناء على حائطه ، وكذا لو كانت له سترة على الحائط ؛ قضاءً للتصرّف الدالّ بالظاهر على الملك.

مسألة ١٠٩٧ : لو كان لأحدهما على هذا الجدار المحلول عنهما أو المتّصل بهما جذوعٌ دون صاحبه‌ ، قال الشيخرحمه‌الله في الخلاف : لا يُحكم بالحائط لصاحب الجذوع ؛ لأنّه لا دلالة عليه(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) ، ولأنّ‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٤٣ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٦٨.

(٢) الخلاف ٣ : ٢٩٥ - ٢٩٦ ، المسألة ٤ من كتاب الصلح.

(٣) الأُمّ ٣ : ٢٢٥ ، مختصر المزني : ١٠٦ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٨٩ ، المهذّب =

١٠٢

العادة السماح بذلك للجار ، وقد ورد النهي عن المنع منه(١) .

وعند مالك(٢) وأحمد أنّه حقٌّ على مالك الجدار ، ويجب التمكين منه ، فلم تترجّح به الدعوى كإسناد متاعه إليه وتجصيصه وتزويقه(٣) .

والوجه عندي : الحكم به لصاحب الجذوع - وبه قال أبو حنيفة(٤) - لما تقدّم من دلالة الاختصاص بالتصرّف على الاختصاص بالملكيّة ، ولأنّهما لو تنازعا في العرصة والجدار لأحدهما ، حُكم بها لصاحبه.

والنهي لو ثبت صحّته عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لكان محمولاً على الكراهة ؛

____________________

= - للشيرازي - ٢ : ٣١٧ ، الوسيط ٤ : ٦٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٦ ، و ٨ : ٢١٠ ، البيان ١٣ : ١٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٨ ، مختصر الخلافيّات ٣ : ٢١٥ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٧ / ١٠٠٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٥٣ / ١١٦٦ ، المغني ٥ : ٤٣ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٦٨.

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٧٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٣٠ / ١٣٦ ، الموطّأ ٢ : ٧٤٥ / ٣٢ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٣١٤ - ٣١٥ / ٣٦٣٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٣٥ / ١٣٥٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٨ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ١٤ : ٢٢٢ / ١٨١٥٧ ، مسند أحمد ٣ : ١٠٧ / ٨٩٠٠.

(٢) في المصادر التي تأتي الإشارة إليها ذيلاً : إنّ رأي مالك هو أنّه تترجّح الدعوى بوضع الجذوع ويُحكم بالجدار لصاحب الجذوع ، راجع : الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٧ / ١٠٠٤ ، وعيون المجالس ٤ : ١٦٥٢ - ١٦٥٣ / ١١٦٦ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢١ ، والإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ، والمغني ٥ : ٤٣ ، والشرح الكبير ١٢ : ١٦٨.

(٣) المغني ٥ : ٤٣ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٧٤ ، تحفة الفقهاء ٣ : ١٩٠ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٨٩ ، الوسيط ٤ : ٦٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٥٢ - ١٦٥٣ / ١١٦٦ ، مختصر الخلافيّات ٣ : ٢١٥ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٧ / ١٠٠٤ ، حلية العلماء ٨ : ٢١٠.

١٠٣

لأصالة البراءة ، على أنّ النهي عن المنع منه لا يمنع كونه دليلاً على الاستحقاق ؛ لأنّا نستدلّ بوضعه على كون الوضع مستحقّاً على الدوام حتى لو زالت جازت إعادتها.

ولأنّ كونه مستحقّاً مشروطٌ له الحاجة إلى وضعه ، ففيما لا حاجة إليه له منعه من وضعه ، وأكثر الناس لا يتسامحون به ، ولهذا لـمّا روى أبو هريرة الحديثَ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله طأطئوا رءوسهم كراهةً لذلك ، فقال : مالي أراكم عنها معرضين ، والله لأرمينّ بها بين أكتافكم(١) ، وأكثر العلماء منعوا من التمكّن من هذا(٢) .

ولأنّ الأزج يرجّح به فكذا هذا ؛ لجامع الاشتراك في التصرّف.

ولأنّهما لو تنازعا في الحائط وثبت بالبيّنة لأحدهما ، حُكم بالأساس [ له ](٣) ؛ لأنّه صار صاحب يدٍ فيه ، فإذا [ اقتضى ](٤) الجدار على الأساس الترجيحَ في الأساس ، وجب أن [ تقتضي ](٥) الجذوع على الجدار الترجيحَ في الجدار.

تذنيب : لا فرق بين الجذع الواحد في ذلك وما زاد عليه‌ عند عامّة أهل العلم في الدلالة على الاختصاص والمنع منها.

ورجّح مالك بالجذع الواحد(٦) ، كقولنا.

وفرّق أبو حنيفة بين الجذع الواحد والجذعين فما زاد ، فرجّح بما زاد على الواحد ؛ لأنّ الحائط يبنى لوضع الجذوع عليه ، فرجّح به الدعوى ،

____________________

(١) راجع الهامش (١) من ص ١٠٢.

(٢) راجع المغني ٥ : ٤٤ ، والشرح الكبير ١٢ : ١٦٩.

(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٤ و ٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « قضى يقضي ».

(٦) حلية العلماء ٥ : ٢٦ ، البيان ١٣ : ١٩٣ ، وراجع أيضاً الهامش (٢) من ص ١٠٢.

١٠٤

كبناء الأزج ، بخلاف الجذع الواحد ؛ لأنّ الحائط لا يبنى له في العادة(١) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ الوضع يتبع الحاجة ، وقد تدعو إلى وضع الواحد ، وإنّما استدللنا باختصاص التصرّف ، وهو ثابت في الواحد كثبوته في الأزيد.

مسألة ١٠٩٨ : ولا يُحكم بالحائط المحلول عنهما أو المتّصل بهما [ بالخوارج ](٢) وهي الصُّور والكتابات المتّخذة في ظاهر الجدار بلَبِناتٍ تخرج أو بجصٍّ أو آجرٍ أو خشبٍ ، ولا بالدواخل ، وهي الطاقات والمحاريب في باطن الجدار ، ولا بأنصاف اللَّبِن ، وذلك لأنّ الجدار من لَبِنات مقطعة ، فتُجعل الأطراف الصحاح إلى جانبٍ ، ومواضع الكسر إلى جانبٍ ، أو أنصاف اللَّبِن من أحد الجانبين ومن الآخَر الشكيك(٣) والمدر - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٤) - لأنّه لا بدّ وأن يكون وجه الحائط إلى أحدهما وإن كانا [ شريكين ](٥) فيه ، ولا يمكن أن يكون إليهما ، فبطلت دلالته ، وجرى مجرى تزويق الحائط.

وقال مالك وأبو يوسف : يُحكم به لمن إليه وجه الحائط ؛ لأنّ العرف‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٢٦ ، البيان ١٣ : ١٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢ ، المغني ٥ : ٤٤ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٦٩ ، وراجع أيضاً الهامش (٤) من ص ١٠٢.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بالدواخل ». والمثبت هو الصحيح.

(٣) لم نجده في اللغة.

(٤) الأُم ٣ : ٢٢٥ ، مختصر المزني : ١٠٦ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٨٨ ، حلية العلماء ٥ : ٢٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٦ ، البيان ١٣ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٠ - ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٨ ، روضة القضاة ٢ : ٧٧٣ / ٥٢٠٦ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٧ / ١٠٠٣ ، المعونة ٢ : ١٢٠٠ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ، المغني ٥ : ٤٤ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٦ (٩)

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « شركاء ».

١٠٥

والعادة قاضيان بأنّ مَنْ بنى حائطاً فإنّه يجعل وجه الحائط إليه(١) .

وهو ممنوع ؛ فإنّ العادة جارية بأنّ وجه الحائط يُجعل إلى خارج الدار ليشاهده الناس ، فلا يكون في كون وجهه إلى أحدهما دليلٌ.

مسألة ١٠٩٩ : لو كان الحاجز بين الدارين أو السطحين خُصّاً فتنازعا فيه‌ ، فعند علمائنا أنّه يُحكم به لمن إليه معاقد القِمْط التي تكون في الجدران المتّخذة من القصب وشبهه ، وأغلب ما يكون ذلك في السور بين السطوح ، فتُشدّ بحبال أو بخيوط ، وربما جعل عليها خشبة معترضة ، ويكون العقد من جانبٍ والوجه المستوي من جانبٍ - قال ابن بابويهرحمه‌الله : الخُصّ الطُّنّ(٢) الذي يكون في السواد بين الدور ، والقِمْط هو شدّ الحبل(٣) - وبه قال مالك وأبو يوسف(٤) .

واختلف النقل عن الشافعي.

فقال بعض أصحابه عنه : إنّ معاقد القِمْط مرجّحة ، يُحكم بالخُصّ لمن المعاقد إليه - كما قلناه - لأنّه إذا كانت المعاقد إليه فالظاهر أنّه وقف في ملكه وعقد(٥) .

ولما رواه العامّة عن جارية التميمي أنّ قوماً اختصموا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خُصٍّ ، فبعث حذيفة بن اليمان ليحكم بينهم ، فحكم به لمن تليه معاقد‌

____________________

(١) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٧ / ١٠٠٣ ، التلقين : ٤٣٣ ، المعونة ٢ : ١٢٠٠ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٨٨ ، حلية العلماء ٥ : ٢٦ - ٢٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٦ ، البيان ١٣ : ١٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢١ ، روضة القضاة ٢ : ٧٧٣ / ٥٢٠٦ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ، المغني ٥ : ٤٤ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٦٩.

(٢) الطُّنّ - بالضمّ - : الحزمة من الحطب والقصب. لسان العرب ١٣ : ٢٦٩ « طنن ».

(٣) الفقيه ٣ : ٥٧ ، ذيل ح ١٩٧.

(٤) البيان ١٣ : ١٩٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٨٨ ، المغني ٥ : ٤٤ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٦٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢١.

١٠٦

القِمْط ، ثمّ رجع إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره ، فقال : « أصبتَ وأحسنتَ »(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه جابر عن الباقرعليه‌السلام عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام أنّه قضى في رجلين اختصما [ إليه ] في خُصٍّ ، فقال : « إنّ الخُصّ للّذي إليه القِمْط »(٢) .

وسأل منصور بن حازم الصادقَعليه‌السلام عن حظيرة بين دارين ، فذكر أنّ عليّاًعليه‌السلام قضى [ بها ] لصاحب الدار الذي من قِبَله القماط(٣) .

والقول الثاني للشافعي : إنّه يرجّح من الوجه المستوي مَن المعاقد تليه ، لا مَنْ إليه المعاقد(٤) .

وليس بمشهورٍ ، والقول المشهور عنه - وبه قال أبو حنيفة - أنّه لا ترجيح لأحدهما على الآخَر ؛ لأنّ كونه حائلاً بين الملكين علامةٌ قويّة في الاشتراك(٥) .

وهو ممنوع.

تذنيبان :

الأوّل : لو كان الأزج مبنيّاً على رأس الجدار ، رُجّح به‌ ؛ لأنّه تصرّفٌ من صاحبه في الجدار ، فيقضى له بملكيّته.

وقال الشافعي : لا يقضى له بذلك ؛ لاحتمال بناء الأزج بعد تمام الجدار(٦) .

____________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٥ / ٢٣٤٣.

(٢) الفقيه ٣ : ٥٧ / ١٩٧ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٣) الفقيه ٣ : ٥٦ / ١٩٦ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢١.

(٥) الأُمّ ٣ : ٢٢٥ ، مختصر المزني : ١٠٦ ، حلية العلماء ٥ : ٢٥ ، البيان ١٣ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٠ - ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٨.

(٦) الحاوي الكبير ٦ : ٣٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢.

١٠٧

الثاني : قد بيّنّا أنّه يُرجّح بالجذوع الموضوعة عليه.

وقال الشافعي : لا يُرجّح بذلك ، والجدار في أيديهما معاً ، فيحلفان ويكون الجدار بينهما ، ولا تُرفع الجذوع عنه ، بل تُترك بحالها ؛ لاحتمال أنّها وُضعت بحقٍّ(١) .

مسألة ١١٠٠ : لو تنازع صاحب العلوّ والسُّفْل في السقف المتوسّط بين علوّ أحدهما وسُفْل الآخَر‌ ، فإن لم يمكن إحداثه بعد بناء العلوّ - كالأزج الذي لا يمكن عقده على وسط الجدار بعد امتداده في العلوّ - جُعل لصاحب السُّفْل ؛ لاتّصاله ببنائه على سبيل الترصيف.

وإن أمكن إحداثه بعد بناء العلوّ بأن يكون السقف عالياً فيثقب وسط الجدار وتوضع رءوس الجذوع في الثقب فيصير السقف بينهما ، قال الشيخرحمه‌الله في الخلاف : يُقرع بين صاحب العلوّ وصاحب السُّفْل فيه إذا لم تكن هناك بيّنة ، فمَنْ خرج اسمه حلف لصاحبه ، وحُكم له به ؛ لإجماع الفرقة على أنّ كلّ مجهولٍ تُستعمل فيه القرعة. ثمّ قال : وإن قلنا : يُقسم بين صاحب البيت وصاحب الغرفة ، كان جائزاً(٢) .

وقال الشافعي : يُحكم به بينهما ؛ لأنّه في يدهما معاً ، فالقول قول صاحب البيت في نصفه مع يمينه ، وقول صاحب الغرفة مع يمينه في نصفه ؛ لأنّه حاجز بين ملكيهما غير متّصلٍ ببناء أحدهما اتّصالَ البنيان ، فكان بينهما ، كالحائط بين الملكين ، وكلّ واحدٍ منهما ينتفع به ، فإنّه سماء لصاحب السُّفْل يظلّه ، وأرض لصاحب الغرفة تُقلّه ، فاستويا فيه. وبه قال‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٩ ، وراجع أيضاً الهامش (٣) من ص ١٠١.

(٢) الخلاف ٣ : ٢٩٨ ، المسألة ٨ من كتاب الصلح.

١٠٨

أحمد(١) .

وقال أبو حنيفة : يُحكم به لصاحب السُّفْل ؛ لأنّ السقف على ملك صاحب السُّفْل ، فكان القولُ قولَه فيه ، كما لو تنازعا سرجاً على دابّة أحدهما ، فإنّ القولَ قولُ صاحب الدابّة(٢) .

ويبطل بحيطان الغرفة ، ولا يشبه السرج ؛ لأنّه لا ينتفع به غير صاحب الدابّة ، فكان في يده ، وهنا السقف ينتفع به كلاهما على ما تقدّم.

وهذا القول حكاه أصحاب مالك مذهباً له عنه(٣) .

وحكى الشافعيّة عن مالك أنّه لصاحب العلوّ(٤) .

ولا بأس به عندي ؛ لأنّه ينتفع به ، دون صاحب السُّفْل ، وينفرد بالتصرّف فيه ، فإنّه أرض غرفته ويجلس عليه ويضع عليه متاعه ، ويمكن‌

____________________

(١) الأُمّ ٣ : ٢٢٦ ، مختصر المزني : ١٠٦ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٩٨ - ٣٩٩ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣١٧ ، الوسيط ٤ : ٦٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٨ ، البيان ١٣ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٢ - ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٩ ، المغني ٥ : ٤٥ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٧١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٨ / ١٠٠٦ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٥٥ / ١١٦٩ ، المعونة ٢ : ١١٩٩ ، روضة القُضاة ٢ : ٧٧٣ / ٥٢٠٨.

(٢) روضة القُضاة ٢ : ٧٧٣ / ٥٢٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٩ ، البيان ١٣ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٣ ، المغني ٥ : ٤٥ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٧١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨.

(٣) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٨ / ١٠٠٦ ، التلقين : ٤٣٣ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٥٥ / ١١٦٩ ، المعونة ٢ : ١١٩٩ ، حلية العلماء ٥ : ٢٢ ، البيان ١٣ : ١٩٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٣ ، المغني ٥ : ٤٥ ، الشرح الكبير ١٢ : ١٧١.

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٣٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٩ ، البيان ١٣ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٣ ، وأيضاً في المغني ٥ : ٤٥ ، والشرح الكبير ١٢ : ١٧١.

١٠٩

وجود بيتٍ لا سقف له ، ولا يمكن وجود ملكٍ لا أرض له.

مسألة ١١٠١ : لو تنازع صاحب البيت والغرفة في جدران البيت ، حُكم بها لصاحب البيت مع يمينه‌ ؛ لأنّ الحيطان في يده ، وهو المنتفع بها.

وإن تنازعا في جدران الغرفة ، فهي لمن الغرفة في يده.

والأوّل لا يخلو من إشكالٍ ؛ لمشاركة صاحب الغرفة له في الانتفاع والتصرّف معاً ، بل تصرّفه وانتفاعه أكثر.

مسألة ١١٠٢ : لو تنازع صاحب علوّ الخان وصاحب سُفْله ، أو صاحب علوّ الدار وصاحب سُفْلها في العرصة أو الدهليز‌ ، فإن كانت الدرجة وشبهها في صدر الخان أو الدار أو في الدهليز ، جُعلت العرصة والدهليز بينهما ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ منهما فيهما يداً وتصرّفاً من الممرّ ووضع الأمتعة وغيرهما.

قال الجويني : ولا يبعد أن يقال : ليس لصاحب العلوّ إلّا حقّ الممرّ ، وتُجعل الرقبة لصاحب السُّفْل(١) .

ولكن لم يصر إليه أحد من الشافعيّة(٢) .

وإن كانت الدرجة في دهليز الخان أو في الوسط ، فمن أوّل الباب إلى المرقى بينهما ؛ لأنّه في تصرّفهما.

وفيما وراء ذلك للشافعيّة وجهان :

أصحّهما : إنّه لصاحب السُّفْل ؛ لانقطاع الآخَر عنه ، واختصاص صاحب السُّفْل باليد والتصرّف.

والثاني : إنّه يُجعل بينهما ؛ لأنّه قد ينتفع به صاحب العلوّ بإلقاء الأمتعة فيه وطرح القمامات(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٩.

(٢) كما في المصدرين في الهامش السابق.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٤ ، بحر المذهب ٨ : ٤٦ ، حلية العلماء ٨ : ٢١١ ، =

١١٠

والمعتمد عندي : الأوّل.

وإن كانت الدرجة خارجةً عن خطّة الخان والدار ، فالعرصة بأجمعها لصاحب السُّفْل ، ولا تعلّق [ لصاحب العلوّ ](١) بها بحالٍ.

قالت الشافعيّة : ومثال ما إذا كانت الدرجة في وسط الخان لا في صدره ولا خارجة عنه الزقاقُ المنقطع إذا كان فيه بابان لرجلين ، أحدهما في وسطه والآخَر في صدره ، فمن أوّله إلى الباب الأوّل بينهما ، وما جاوزه إذا تداعياه فعلى الوجهين(٢) .

وقد عرفت مذهبنا فيه فيما تقدّم(٣) .

مسألة ١١٠٣ : إذا تنازع صاحب العلوّ وصاحب السُّفْل في الدَرَج‌(٤) فادّعاها كلٌّ منهما ، فإن كانت دكّة غير معقودةٍ أو كانت سُلّماً ، حُكم بها لصاحب العلوّ ؛ لأنّها في انتفاعه خاصّةً.

وإن كانت معقودةً تحتها موضع ينتفع به صاحب السُّفْل ، فالأقرب : إنّها لصاحب العلوّ أيضاً ؛ لأنّ الدرجة إنّما تُبنى للارتقاء بها إلى العلوّ ، ولا تُبنى لما تحتها بالعادة ، بل القصد بها السلوك إلى فوق ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّها بينهما ؛ لأنّ صاحب السُّفْل ينتفع بها [ بظلّها ](٥) وصاحب العلوّ ينتفع بها ويرتقي عليها ، فهي كالسقف يتنازعه صاحب العلوّ‌

____________________

= التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٩ ، البيان ١٣ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٩ - ٤٦٠.

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « للعلوّ ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) بحر المذهب ٨ : ٤٦ ، البيان ١٣ : ١٩٤.

(٣) راجع ص ٥١ وما بعدها.

(٤) الدَرَج : مصطلح يطلق على الآلة التي يستعان بها للصعود.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بظلّه ». والصحيح ما أثبتناه.

١١١

والسُّفْل(١) .

وقد سبق(٢) كلامنا في السقف ، وأنّ الأولى الحكم به لصاحب العلوّ ، مع قيام الفرق بينهما ؛ لأنّ السقف يُبنى للبيت وإن لم يكن له غرفة ، بخلاف الدرجة.

وبعضهم فصّل فقال : إن كان تحتها بيت يقصد بنيانها عليه كانت بينهما ، وإن كان تحتها عقد صغير يوضع فيه الحُبّ أو شبهه فوجهان(٣) .

ولو تنازعا في السُّلَّم وهو غير خارجٍ عن الخان ، فإن كان منقولاً - كالسلاليم التي تُوضع وتُرفع - فإن كان في بيتٍ لصاحب السُّفْل فهو في يده ، وإن كان في غرفةٍ لصاحب العلوّ فهو في يده ، فيُحكم به في الحالين لكلّ مَنْ هو في يده.

وإن كان منصوباً في المرقى ، فهو لصاحب العلوّ ؛ لعود منفعته إليه وظهور تصرّفه فيه ، دون الآخَر ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٤) .

وقال بعضهم : إنّه لصاحب السُّفْل ، كسائر المنقولات(٥) .

وهو المعتمد عندي ، ولهذا لا يندرج السُّلَّم الذي لم يُسمر تحت بيع الدار.

ولو كان السُّلَّم مسمراً في موضع المرقى ، فهو لصاحب العلوّ ؛ لعود‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٥ ، بحر المذهب ٨ : ٤٧ ، البيان ١٣ : ١٩٥.

(٢) في ص ١٠٧ وما بعدها ، المسألة ١١٠٠.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٥ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣١٧ - ٣١٨ ، بحر المذهب ٨ : ٤٧ ، حلية العلماء ٨ : ٢١١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٥٩ ، البيان ١٣ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٠.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣١٨ ، البيان ١٣ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٣ - ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٠.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٠.

١١٢

فائدته إليه ، وكذا الأخشاب المعقودة في المرقى ، وكذا إن كان مبنيّاً من لَبِن أو آجر أو شبههما إذا لم يكن تحته بيت.

ولو تنازعا في البيت الذي تحت الدرجة ، احتُمل اختصاص صاحبِ السُّفْل به كسائر البيوت ، وصاحبِ العلوّ ؛ لأنّ ملك الهواء يستتبع ملك القرار والشركة فيه.

ولو تنازعا في السقف الأعلى للغرفة ، فهو لصاحب الغرفة ؛ لاختصاصه بالانتفاع به ، دون صاحب السُّفْل.

* * *

١١٣

الفصل الخامس : في اللواحق‌

مسألة ١١٠٤ : قد بيّنّا أنّ الصلح يصحّ عن الإنكار كما يصحّ عن الإقرار.

وخالف فيه الشافعي ومَنَع من صحّة الصلح عن الإنكار(١) . وقد سلف(٢) دليله وضعفه.

وربما احتجّ بعضهم : بقولهعليه‌السلام : « الصلح بين المسلمين جائز إلّا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً »(٣) وهذا الصلح قد أحلّ الحرام ؛ لأنّه لم يكن له أن يأخذ من مال المدّعى عليه وقد حلّ بالصلح(٤) .

وهو ضعيف ؛ لأنّ المعنى الذي ذكروه آتٍ في الصلح بمعنى البيع ؛ لأنّه يحلّ لكلّ واحدٍ منهما ما كان محرَّماً عليه ، وكذا الصلح بمعنى الهبة ، فإنّه يحلّ للموهوب له ما كان محرَّماً عليه ، والإسقاط يحلّ له ترك أداء ما كان واجباً عليه.

ولأنّ الصلح الصحيح هو الذي يحلّل ما كان حراماً لولاه ، كغيره من العقود ، والصلح الفاسد لا يحلّ به الحرام ، والمراد المنع من صلحٍ يتوصّل به إلى تناول المحرَّم مع بقائه بعد الصلح على تحريمه ، كما لو صالحه على استرقاق حُرٍّ أو شرب خمرٍ ، أو إذا كان المدّعي كاذباً في دعواه أو المنكر في إنكاره ، ويتوصّل الكاذب إلى أخذ المال بالصلح من غير رضا الآخَر باطناً ، فإنّه صلحٌ باطل.

____________________

(١) راجع الهامش (١) من ص ٢٦.

(٢) في ص ٢٦.

(٣) تقدّم تخريجه في الهامش (٣) من ص ٥.

(٤) راجع المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠ ، والبيان ٦ : ٢٢٦.

١١٤

ولأنّه يباح لمن له حقٌّ يجحده غريمه أن يأخذ من ماله بقدره أو دونه ، وإذا حلّ له ذلك من غير اختياره ولا علمه ، فلأن يحلّ برضاه وبذله أولى.

ولأنّه يحلّ مع اعتراف الغريم ، فلأن يحلّ به مع جحده وعجزه عن الوصول إلى حقّه إلّا بذلك أولى.

ولأنّ المدّعي هنا يأخذ عوض حقّه الثابت له ، والمدّعى عليه يدفعه لدفع الشرّ عنه وقطع الخصومة ، وليس في الشرع ما يدلّ على تحريم ذلك في موضعٍ.

ولأنّ الصلح مع الإنكار يصحّ مع الأجنبيّ ، فصحّ مع الغريم ، كالصلح مع الإقرار ، بل هو أولى ؛ لأنّه إذا صحّ مع الأجنبيّ مع غناه ، فلأن يصحّ مع الخصم مع حاجته إليه أولى.

واحتجاجهم بأنّه معاوضة(١) ، قلنا : إن أردتم أنّه معاوضة في حقّهما فهو ممنوع ، وإن أردتم أنّه معاوضة في حقّ أحدهما فمسلَّم ؛ لأنّ المدّعي يأخذ عوض حقّه من المنكر ؛ لعلمه بثبوت حقّه عنده ، فهو معاوضة في حقّه ، والمنكر يعتقد أنّه يدفع المال المدفوع لدفع الخصومة والمنازعة وتخليصه من شرّ المدّعي ، فهو إبراء في حقّه ، وغير ممتنعٍ ثبوت المعاوضة في حقّ أحد المتعاقدين دون الآخَر ، كما لو اشترى عبداً شهد بحُرّيّته ، فإنّه يصحّ ، ويكون معاوضةً في حقّ البائع ، واستنقاذاً في حقّ المشتري.

إذا ثبت هذا ، فإنّما يصحّ الصلح لو اعتقد المدّعي حقّيّة دعواه ، والمدّعى عليه يعتقد براءة ذمّته ، وأنّه لا شي‌ء عليه للمدّعي ، فيدفع إلى المدّعي شيئاً ليدفع عنه اليمين ويقطع الخصومة ويصون نفسه عن التبذّل وحضور مجلس الحكم ، فإنّ أرباب النفوس الشريفة والمروءات‌

____________________

(١) راجع المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠ ، والبيان ٦ : ٢٢٦.

١١٥

والمناصب الجليلة يترفّعون عن ذلك ، ويصعب عليهم الحضور للمنازعة ، ويرون دفع ذلك عنهم من أعظم مصالحهم ، والشرع لا يمنع من وقاية النفس وصيانتها ودفع الشرّ عنها ببذل الأموال ، والمدّعي يأخذ ذلك عوضاً عن حقّه الثابت له في زعمه ، ولا يمنعه الشرع من ذلك أيضاً.

ولا فرق بين أن يكون المأخوذ من جنس حقّه أو من غير جنسه ، ولا بين أن يكون بقدر حقّه أو أقلّ ، فإن أخذ من جنس حقّه بقدره فهو مستوفٍ لحقّه ، وإن أخذ دونه فقد استوفى بعض حقّه وترك البعض.

وإن أخذ من غير جنس حقّه ، فقد أخذ عوضه ، فيجوز أن يأخذ أزيد حينئذٍ.

وإن أخذ من جنس حقّه أزيد ، فالأقرب : الجواز.

ومَنَع منه بعضُ الجمهور ؛ بناءً على أنّ الزائد لا عوض له ، فيكون ظالماً(١) .

وهو غلط إذا رضي الدافع باطناً وظاهراً ، وقد سبق(٢) .

مسألة ١١٠٥ : إذا ادّعى على غيره مالَ الأمانة ، فأنكر أو اعترف‌ ، ثمّ صالح عنه إمّا بجنسه أو بغير جنسه ، جاز ، كالمضمون ؛ عملاً بعموم قوله تعالى :( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) (٣) .

وقولهعليه‌السلام : « الصلح جائز بين المسلمين »(٤) .

فلو ادّعى على رجلٍ وديعةً أو قراضاً أو لقطةً أو غيرها من الأمانات ، أو ادّعى تفريطاً في وديعةٍ أو في قراضٍ أو غير ذلك فصالح ، جاز ؛ لما‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١١ - ١٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢.

(٢) في ص ٣٧ - ٣٨ ، المسألة ١٠٤٥.

(٣) النساء : ١٢٨.

(٤) تقدّم تخريجه في الهامش (٣) من ص ٢٠.

١١٦

تقدّم.

مسألة ١١٠٦ : قد ذكرنا أنّه يصحّ الصلح من الأجنبيّ عن المنكر أو المعترف‌ ، سواء اعترف الأجنبيّ للمدّعي بصحّة دعواه أو لم يعترف ، وسواء كان بإذنه أو بغير إذنه.

وقال أصحاب الشافعي : إنّما يصحّ إذا اعترف للمدّعي بصحّة دعواه(١) .

وهو بناءً على أنّ الصلح عن الإنكار باطل ، وقد بيّنّا بطلانه.

ثمّ إن كان الصلح عن دَيْنٍ ، صحّ ، سواء كان بإذن المنكر أو بغير إذنه ؛ لأنّ قضاء الدَّيْن عن غيره جائز بإذنه وبغير إذنه ؛ فإنّ عليّاًعليه‌السلام وأبا قتادة قضيا عن الميّت ، فأجازه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وإن كان الصلح عن عينٍ بإذن المنكر فهو كالصلح منه ؛ لأنّ الوكيل يقوم مقام الموكّل ، وإن كان بغير إذنه فهو افتداء للمنكر من الخصومة واعتياض للمدّعي(٣) ، وهو جائز في الموضعين.

وإذا صالح عنه بغير إذنه ، لم يرجع عليه بشي‌ءٍ ؛ لأنّه أدّى عنه ما لا يلزمه أداؤه ، ولأنّه لم يثبت وجوبه على المنكر ولا يلزمه أداؤه إلى المدّعي ، فكيف يلزمه أداؤه إلى غيره!؟ ولأنّه متبرّع بأدائه غير ما يجب عليه.

وقال بعض الحنابلة : يرجع. ويجعله كالمدّعي(٤) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٠ ، الوجيز ١ : ١٧٨ ، الوسيط ٤ : ٥٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٤٥ ، البيان ٦ : ٢٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٣.

(٢) مرّ تخريجه في ج ١٤ ، ص ٢٨١ ، الهامش ( ٥ و ٦ ) وص ٢٨٢ ، الهامش (١)

(٣) في النسخ الخطّيّة : « من المدّعي » بدل « للمدّعي ».

(٤) المغني والشرح الكبير ٥ : ١٤.

١١٧

وهو غلط ؛ لأنّه يجعله كالمدّعي في الدعوى على المنكر ، أمّا أنّه يجب له الرجوع بما أدّاه فلا وجه له أصلاً ، وأكثر ما يجب لمن قضى دَيْن غيره أن يقوم مقام صاحب الدَّيْن ، وصاحب الدَّيْن هنا لم يجب له حقٌّ ، ولا يلزم الأداء إليه ، ولا يثبت له أكثر من جواز الدعوى ، فكذلك هنا.

ويشترط في جواز الدعوى أن يعلم صدق المدّعي ، فإن لم يعلم لم يجز له دعوى شي‌ءٍ لا يعلم ثبوته.

وإذا صالح عنه بإذنه ، فهو وكيله ، والتوكيل في ذلك جائز.

ثمّ إن أدّى عنه بإذنه رجع عليه ، وهذا قول الشافعي(١) ، وإن أدّى عنه بغير إذنه متبرّعاً لم يرجع بشي‌ءٍ.

وإن قضاه محتسباً بالرجوع ، احتُمل الرجوع ؛ لأنّه قد وجب عليه أداؤه بعقد الصلح ، بخلاف ما إذا صالح وقضى بغير إذنه ، فإنّه قضى ما لا يجب على المنكر قضاؤه.

مسألة ١١٠٧ : إذا صالحه على سكنى دارٍ أو خدمة عبدٍ ونحوه من المنافع المتعلّقة بالأعيان ، صحّ‌ بشرط ضبط المدّة ، ولا يكون ذلك إجارةً ، بل عقداً مستقلّاً بنفسه ، خلافاً للشافعي(٢) .

فإن تلفت الدار أو العبد قبل استيفاء شي‌ءٍ من المنفعة ، انفسخ الصلح ، ورجع بما صالح عنه.

وإن تلف بعد استيفاء بعض المنفعة ، انفسخ فيما بقي من المدّة ، ورجع بقسط ما بقي.

ولو صالحه على أن يزوّجه جاريته ، لم يصح ؛ لأنّ البُضْع لا يقع في‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٧٣ ، البيان ٦ : ٢٢٨ ، المغني ٥ : ١٤.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٤٣ ، البيان ٦ : ٢٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٨.

١١٨

مقابله شي‌ء.

وقال بعض الجمهور : يصحّ ، ويكون المصالَح عنه صداقها(١) .

وليس بشي‌ءٍ.

فإن انفسخ النكاح قبل الدخول بأمرٍ يُسقط الصداقَ ، رجع الزوج بما صالَح عنه. فإن [ طلّقها ](٢) قبل الدخول ، رجع بنصفه.

وإن كان المعترف امرأةً فصالحت المدّعي على أن تزوّجه نفسها على أن يكون بُضْعها عوضاً ، لم يصح ، خلافاً لبعض الحنابلة(٣) .

وكذا لو كان الصلح عن عيبٍ في مبيعها فصالحته على نكاحها ، قال : فإن زال العيب رجعت بأرشه ؛ لأنّ ذلك صداقها ، فرجعت به ، لا بمهر مثلها ، وإن لم يزل العيب لكن انفسخ نكاحها بما يُسقط صداقَها ، رجع عليها بأرشه(٤) .

وهو مبنيّ على جواز جَعْل البُضْع عوضاً في الصلح.

مسألة ١١٠٨ : قد بيّنّا أنّه يصحّ الصلح عن الدَّيْن ببعضه مع الرضا الباطن‌ ؛ لأنّ كعباً تقاضى ابن أبي حدْرد دَيْناً - كان له عليه - في المسجد ، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرج إليهما ثمّ نادى : « يا كعب » قال : لبّيك ، فأشار إليه أن ضَع الشطر من دَيْنك ، قال : قد فعلتُ يا رسول الله(٥) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١٨.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « طالب ». والمثبت هو الصحيح.

(٣) المغني ٥ : ١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧.

(٤) المغني ٥ : ١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧ - ٨.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ٢٤٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٩٢ / ١٥٥٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٩ : ٦٧ - ٦٨ / ١٢٨.

١١٩

وفي الذي أُصيب في حديقته فمرّ به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ملزوم ، فأشار إلى غرمائه بالنصف ، فأخذوا منه(١) .

وهذا يدلّ على تسويغه مع الرضا الباطن.

ولو قال : على أن توفيني ما بقي ، صحّ أيضاً عندنا.

ومَنَعه الحنابلة ؛ لأنّه ما أبرأه عن بعض الحقّ إلّا ليوفيه بقيّته ، فكأنّه عاوض بعض حقّه ببعضٍ(٢) . وهو ممنوع.

ولو كان له في يد غيره عيناً ، فقال : قد وهبتك نصفها فأعطني نصفها ، صحّ ، واعتُبر في ذلك شروط الهبة.

ولو أخرجه مخرج الشرط ، صحّ عندنا.

خلافاً للشافعي وأحمد ؛ لأنّه إذا شرط الهبة في الوفاء ، جَعَل الهبة عوضاً عن الوفاء ، فكأنّه عاوض بعض حقّه ببعضٍ(٣) .

وهذا ليس بشي‌ءٍ.

ولو قال : صالحني بنصف دَيْنك علَيَّ أو بنصف دارك هذه ، فيقول : صالحتك بذلك ، صحّ عندنا ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٤) - ومَنَع منه بعض الشافعيّة والحنابلة(٥) - لأنّه إذا لم يجز بلفظ الصلح خرج عن أن يكون صلحاً ، ولا يبقى له تعلّقٌ به ، فلا يُسمّى صلحاً ، وأمّا إذا كان بلفظ الصلح سُمّي صلحاً ؛ لوجود اللفظ و [ إن تخلّف ](٦) المعنى ، كالهبة بشرط الثواب ، وإنّما يقتضي لفظ الصلح المعاوضةَ إذا كان هناك عوضٌ ، أمّا مع عدمه فلا ، وإنّما معنى الصلح الرضا والاتّفاق ، وقد يحصل من غير عوضٍ ، كالتمليك‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤.

(٣ - ٥) المغني ٥ : ١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤‌

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لم يختلف ». والمثبت هو الصحيح.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392