تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-437-x
الصفحات: 392

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125736 / تحميل: 5777
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٧-x
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أُعطيت ما لم يعطه أحد من الانبياء ، فقلنا يا رسول اللّه ما هو؟ قال : نصرت بالرعب ، واعطيت مفاتيح الأرض ، وسميت أحمد ، وجعل التراب لي طهوراً ، وجعلت امتي خير الامم.

[مشكل الآثار ج ٢ ص ٢٦٣ ] روى بسنده عن مجاهد المكي عن ابي هريرة ، قال : كنا نحرس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في بعض مغازيه ذات ليلة فجئت الى المكان الذي فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يكون مضطجعا فلم أجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في مضجعه فظننت ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم انما اقامته الصلاة ، فتقلبت ورميت يمينا وشمالا فاذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قائم في الشجرة يصلي فهويت نحوه فاذا رجل قد أخرجه مثل الذي اخرجني فقمت أنا وهو خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم نصلي بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فصلى ما شاء اللّه أن يصلي حتى إذا كان بين ظهراني صلاته سجد سجدة ظننت انه قد قبض فيها ، فابتدرناه فجلسنا بين يديه أنا وصاحبي فساءلنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وساءلناه ثم قال : هل انكرتم من صلاتي الليلة شيئا ، فقلنا نعم يا رسول اللّه ، سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة حتى ظنننا انك قد قبضت فيها ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : إني أُعطيت فيها خمساً لم يعطها نبي قبلي ، اني بعثت الى الناس كافة أحمرهم وأسودهم ، وكان النبي قبلي يبعث الى أهل بيته أو الى أهل قريته ، ونصرت بالرعب على عدوي مسيرة شهر امامي وشهر خلفي وأحلت لي الغنائم والأخماس ولم تحل لنبي قبلي إنما تؤخذ فتوضع فتنزل عليها النار من السماء بيضاء فتحرقها ، وجعلت لي الارض مسجداً وطهوراً أصلي فيها حيث أدركتني الصلاة ، واعطيت حينئذ دعوة فذخرتها شفاعة لامتي يوم القيامة ، قال مجاهد : قال ابو هريرة : وكان صاحبي ـ وكان أفضل مني ـ نسيت أفضلها أو أخيرها ، قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وانا أرجو أن تنال من امتي من لا يشرك باللّه شيئاً.

٦١

باب

في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيد الانبياء وامامهم

وهم يؤمنون به

[مستدرك الصحيحين ج ٢ ص ٥٤٦ ] روى بسنده عن ابي هريرة قال : سيد الانبياء خمسة ومحمد صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم سيد الخمسة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم.

[كنز العمال ج ٦ ص ١٠٨ ] ولفظه : انا سيد المرسلين اذا بعثوا وسابقهم اذا وردوا ، ومبشرهم اذا يئسوا ، وامامهم اذا سجدوا ، وأقربهم مجلسا اذا اجتمعوا ، أتكلم فيصدقني ، وأشفع فيشفعني ، وأسأل فيعطيني (قال) أخرجه ابن النجار.

[مستدرك الصحيحين ج ٢ ص ٦١٤ ] روى بسنده عن ابن عباس قال : أوحى اللّه الى عيسى : يا عيسى آمن بمحمد ، وامر من أدركه من امتك ان يؤمنوا به ، فلو لا محمد ما خلقت ، ولو لا محمد ما خلقت الجنة والنار ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه فسكن.

[مستدرك الصحيحين ج ٢ ص ٦١٧ ] روى بسنده عن انس بن مالك قال : كنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في سفر فنزلنا منزلاً فاذا

٦٢

رجل في الوادي يقول : اللهم أجعلني من أمة محمد صلّى الله عليه و (آله) وسلم المرحومة المغفورة المثاب لها ، قال : فاشرقت على الوادي فاذا رجل طوله اكثر من ثلاث مائة ذراع فقال لي من أنت؟ قال : قلت أنا أنس بن مالك خادم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، قال : اين هو؟ قلت : هو ذا يسمع كلامك ، قال : فأته واقرأه مني السلام وقل له : أخوك الياس يقرئك السلام ، فاتيت النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فاخبرته فجاء حتى لقيه فعانقه وسلم عليه ثم قعد يتحدثان ، فقال له : يا رسول اللّه اني آكل في كل سنة يوماً وهذا يوم فطري فآكل انا وأنت ، فنزلت عليهما مائدة من السماء عليها خبز وحوت وكرفس فأكلا واطعماني وصلينا العصر ثم ودعه ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء.

[سنن الدارمي ج ١ ص ١١٥ ] روى بسنده عن جابر ان عمر بن الخطاب اني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بنسخة من التوراة ، فقال : يا رسول اللّه هذه نسخة من التوراة فسكت فجعل يقرأ ووجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يتغير ، فقال ابو بكر : ثكلتك أمك ما ترى بوجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقال : اعوذ باللّه من غضب اللّه ومن غضب رسوله ، رضينا باللّه رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم نبياً ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل ، ولو كان حياً وأدرك لا تبعني.

٦٣

بابٌ

في ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكثر الانبياء تبعا ً

[صحيح مسلم] في كتاب الايمان في باب قول النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا أول الناس يشفع في الجنة ، روى بسنده عن انس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا اكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة.

[صحيح مسلم] روى في الباب المتقدم بسنده عن أنس ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا أول الناس يشفع في الجنة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً.

[صحيح مسلم] روى في الباب المتقدم بسنده عن انس ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم : أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت ، وان من الانبياء ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد.

٦٤

باب

في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ختم به النبيون

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق ، في باب خاتم النبيين روى بسنده عن أبي هريرة ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : ان مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زواية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ، قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين.

[صحيح مسلم] في كتاب الفضائل في باب ذكر كونه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم خاتم النبيين ، روى بسنده عن جابر عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بني داراً فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون : لو لا موضع اللبنة ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء.

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٣٩٦ ] روى بسنده عن حذيفة ان نبي اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : في امتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون ، ومنهم اربع نسوة ، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي.

٦٥

باب

في ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرى من وراء ظهره

ويرى في الظلمة

[صحيح البخاري] في كتاب الصلاة ، في باب عظة الامام الناس في اتمام الصلاة ، روى بسنده عن أبي هريرة ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، قال : هل ترون قبلتي هاهنا؟ فو اللّه ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم ، إني لأراكم من وراء ظهري.

[صحيح البخاري] في الباب المتقدم ، روى بسنده عن أنس بن مالك قال : صلّى بنا النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ثم رقي المنبر فقال ـ في الصلاة وفي الركوع ـ اني لأراكم من ورائي كما أراكم.

[صحيح البخاري] في باب تسوية الصفوف ، روى بسنده عن انس قال : أُقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بوجهه فقال : اقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري.

[صحيح مسلم] في كتاب الصلاة في باب الأمر بتحسين الصلاة ، روى بسنده عن ابي هريرة ، قال : صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يوماً ثم انصرف فقال : يا فلان ألا تحسن صلاتك ، ألا ينظر المصلي اذا صلّى

٦٦

كيف يصلي؟ فانما يصلي لنفسه ، وإني واللّه لأبصر من ورائي كما ابصر من بين يدي.

[صحيح مسلم] في باب النهي عن سبق الامام ، بسنده عن انس قال : صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ذات يوم فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال : ايها الناس اني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف ، فاني أراكم امامي ومن خلفي ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً قالوا وما رأيت يا رسول اللّه؟ قال : رأيت الجنة والنار.

[تاريخ بغداد ج ٤ ص ٢٧٢ ] روى بسنده عن عائشة قالت : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يرى في الظلمة كما يرى في الضوء.

٦٧

بابٌ

في ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يتمثل الشيطان بصورته

[صحيح البخاري] في كتاب العلم في باب إثم من كذب على النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، روى بسنده عن ابي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، قال : تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ، ومن رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل في صورتي ، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.

[صحيح البخاري] في التعبير في باب من رأى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في المنام ، روى بسنده عن أنس ، قال : قال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتخيل بي ، ورؤيا المؤمن ستة واربعون جزءً من النبوة.

[صحيح مسلم] في كتاب الرؤيا في باب قول النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم من رآني في المنام فقد رآني ، روى بسنده عن ابي هريرة قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يقول : من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، أو لكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي.

٦٨

بابٌ

في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطعمه ربه ويسقيه

[صحيح البخاري] في كتاب الصوم في باب الوصال ، روى بسنده عن انس عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : لا تواصلوا ، قالوا إنك تواصل ، قال : لست كأحد منكم ، إني أطعم وأسقي ، أو أبيت أطعم وأسقى.

[صحيح البخاري] في الباب المتقدم ، روى بسنده عن ابي سعيد انه سمع النبي صلّى اللّه عليه و (آله) يقول : لا تواصلوا فأيكم اذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر ، قالوا : فإنك تواصل يا رسول اللّه ، قال : إني لست كهيئتكم ، إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني.

[صحيح البخاري] في باب التنكيل لمن أكثر الوصال ، روى بسنده عن ابي هريرة ، قال : نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم عن الوصال في الصوم ، فقال له رجل من المسلمين : انك تواصل يا رسول اللّه قال : وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال ، فقال : لو تأخر لزدتكم كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا.

٦٩

[صحيح البخاري] في الباب المتقدم ، روى بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : إياكم والوصال مرتين ، قيل إنك تواصل ، قال : إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فأكلفوا من العمل ما تطيقون.

[صحيح البخاري] في كتاب الصيام في باب النهي عن الوصال روى بسنده عن انس ، قال : واصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في أول شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين ، فبلغه ذلك فقال لو مد لنا الشهر لو اصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم ، إنكم لستم مثلي ، أو قال : إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني.

٧٠

بابٌ

في اعجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ماء الوضوء

[صحيح البخاري] في كتاب الأشربة في باب شربة البركة والماء المبارك ، روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه ، قال : لقد رأيتني مع النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وقد حضرت العصر وليس معنا ماء غير فضلة فجعل في إناء ، فأتى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم به ، فأدخل يده فيه وفرج أصابعه ، ثم قال حي على أهل الوضوء البركة من اللّه ، فلقد رأيت الماء يتفجر من بين أصابعه ، فتوضأ الناس وشربوا ، فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه فعلمت أنه بركة ؛ قلت لجابر : كم كنتم يومئذٍ؟ قال : الفاً وأربعمائة.

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق في باب علامات النبوة في الاسلام ، روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه (رضي اللّه عنه) قال : عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بين يديه ركوة ، فتوضأ فجهش الناس نحوه ، فقال : ما لكم؟ قالوا : ليس عندنا ماء نتوضا ولا نشرب إلا ما بين يديك ، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون ، فشربنا وتوضأنا ، قلت : كم كنتم؟ قال : لو كنا مائة الف لكفانا كنا خمس عشرة مائة (اللغة) الركوة دلو صغير من جلد.

٧١

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٣ ص ٣٥٧ ] روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه ، قال : سافرنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قال : فحضرت الصلاة ، قال : فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم هل في القوم من طهور؟ قال : فجاء رجل بفضلة من أداوة قال فصبه في قدح قال : فتوضأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، ثم إن القوم اتوا بقية الطهور ، فقالوا : تمسحوا تمسحوا ، قال : فسمعهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقال : على رسلكم ، قال : فضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يده في القدح في جوف الماء ، قال : ثم قال أسبغوا الوضوء الطهور ، قال : فقال جابر بن عبد اللّه : والذي أذهب بصري ـ قال وكان ذهب بصره ـ لقد رأيت الماء يخرج من بين أصابع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فلم يرفع يده حتى توضأوا اجمعون ، قال الاسود ـ حسبته قال ـ كنا مائتين وزيادة.

[مسند الامام احمد بن حنبل ج ٣ ص ١٦٩ ] روى بسنده عن ثابت عن انس بن مالك ، قال : قلت حدثنا بشيء شهدته من هذه الأعاجيب لا تحدثنا به عن غيرك ، قال صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم الظهر وقعد على المقاعد التي كان يأتيه عليها جبريل (عليه‌السلام ) قال : فجاء بلال فآذنه بصلاة العصر ، فقال : من كان له أهل بعيد بالمدينة ليقضي حاجته ويصيب من الوضوء ، وبقي ناس من المهاجرين ليس لهم أهلون بالمدينة ، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بقدح أروح في أسفله شيء من ماء ، فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم كفه في القدح فما وسعت كفه فوضع أصابعه هؤلاء الاربع ثم قال ادنوا فتوضأوا ، قال فتوضأوا حتى ما بقي منهم أحد إلا توضأ ، فقلنا يا أبا حمزة كم تراهم كانوا؟ قال ما بين السبعين الى الثمانين (اقول) ولهذا الباب اخبار كثيرة اقتصرنا على ما ذكر حذراً من الاطالة.

٧٢

باب

في اعجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السقي

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق في باب علامات النبوة في الاسلام ، روى بسنده عن البراء ، قال كنا يوم الحديبية اربع عشرة مائة ـ والحديبية بئر ـ فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة ، فجلس النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم على شفير البئر فدعا بماء فمضمض ومج في البئر ، فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وروت ، أو صدرت ركائبنا.

[صحيح البخاري] في كتاب بدء الخلق في باب علامات النبوة في الاسلام روى بسنده عن عمران بن حصين انهم كانوا مع النبي صلّى اللّه عليه`و (آله) وسلم في مسير (ثم ساق الحديث) الى أن قال وقد عطشنا عطشاً شديداً فبينما نحن نسير اذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين فقلنا لها اين الماء؟ فقالت إنه لا ماء ، فقلنا كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت يوم وليلة فقلنا انطلقي الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم قالت وما رسول اللّه؟ فلم نملكها من أمرها حتى استقبلنا بها النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فحدثته بمثل الذي حدثتنا غير انها حدثته أنها مؤتمة فامر بمزادتيها فمسح في العز لاوين فشربنا عطاشاً أربعين رجلاً حتى روينا فملأنا كل قربة معنا وأداوة غير أنه لم

٧٣

نسق بعيراً وهي تكاد تنض من الملء ، ثم قال : هاتوا ما عندكم ، فجمع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها ، قالت : لقيت أسحر الناس أو هو نبي كما زعموا ، فهدى اللّه ذلك الصرم بتلك المرأة فأسلمت واسلموا (اللغة) المزادة الراوية ، العزلاوين مثني العزلاء ، وهو مصب الماء من القربة ونحوها ، سميت بذلك لأنها في أحد خصمي القربة لا في وسطها ، ولا هي كفمها الذي منه يستقي فيها. ويقال نضت القربة أو تنض من شدة الملء إذا انشقت ، والصرم بكسر الصاد المهملة وسكون الراء : الجماعة.

[صحيح الترمذي ج ٢ ص ٧٨ ] روى بسنده عن ابي هريرة ، قال : كان أهل الصفة أضياف أهل الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ، واللّه الذي لا إله إلا هو ان كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون فيه فمر بي ابو بكر فسألته عن آية من كتاب اللّه ، ما أسأله إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مربي عمر فسألته عن آية من كتاب اللّه ما أسأله إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مر أبو القاسم صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فتبسم حين رآني ، وقال : أبا هريرة قلت : لبيك يا رسول اللّه ، قال إلحق ومضى فأتبعته ودخل منزله فاستأذنت فاذن لي فوجدت قدحاً من لبن فقال : من أين هذا اللبن لكم؟ قيل : أهداه لنا فلان فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أبا هريرة؟ قلت : لبيك ، فقال : إلحق أهل الصفة فأدعهم وهم أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ومال ، إذا أتته صدقة بعث بها اليهم ولم يتناول منها شيئاً ، وإذا أتته هدية أرسل اليهم ، فاصاب منهم وأشركهم فيها فساءني ذلك وقلت : ما هذا القدح بين أهل الصفة؟ وانا رسوله اليهم فسيأمرني أن أديره عليهم ، فما عسى أن يصيبني منه؟ وقد كنت أوجو أن أصيب منه ما يغنيني ، ولم يكن بد من طاعة اللّه وطاعة رسوله ، فاتيتهم فدعوتهم فلما دخلوا عليه وأخذوا مجالسهم ، فقال : أبا هريرة خذ القدح وأعطهم فاخذت القدح فجعلت أناوله الرجل فيشرب حتى يروي ثم يرده فاناوله الآخر حتى انتهيت به الى رسول اللّه

٧٤

صلى اللّه عليه و (آله) وسلم وقد روى القوم كلهم فاخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم القدح فوضعه على يده ثم رفع رأسه فتبسم ، فقال : أبا هريرة إشرب فشربت ، ثم قال : اشرب فلم أزل أشرب ويقول : إشرب حتى قلت : والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكاً ، فأخذ القدح فحمد اللّه وسمي وشرب.

[مسند الامام أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٢٩٨ ] روى بسنده عن ابي قتادة ، قال : كنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في سفر فقال : إنكم إن لا تدركوا الماء غداً تعطشوا ، وانطلق سرعان الناس يريدون الماء ـ ثم ساق الحديث ـ (إلى ان قال) : فركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فسار وسرنا هنيهة ، ثم نزل ، فقال : أمعكم ماء؟ قال : قلت : نعم معي ميضاة فيها شيء من ماء ، قال : إئت بها فأتيته بها ، فقال : مسوا منها مسوا منها ، فتوضأ القوم وبقيت جرعة ، فقال : ازدهر بها يا أبا قتادة فانه سيكون لها نبأ ، ثم ساق الحديث (الى أن قال) : فلما اشتدت الظهيرة رفع لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقالوا : يا رسول اللّه هلكنا عطشاً تقطعت الأعناق ، فقال لا أملك عليكم ، ثم قال : يا أبا قتادة إئت بالميضاة فأتيته بها ، فقال : احلل لي غمري ـ يعني قدحه ـ فحللته فاتيته به فجعل يصب فيه ويسقي الناس ، فازدحم الناس عليه ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، أحسنوا الملء فكلكم سيصدر عن ري فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، فصب لي ، فقال : أشرب يا أبا قتادة ، قال قلت : أشرب أنت يا رسول اللّه ، قال : إن ساقي القوم آخرهم ، فشربت وشرب بعدي ، وبقي في الميضاة نحو ما كان فيها ، وهم يومئذٍ ثلاثمائة (الحديث).

[مسند الإمام احمد بن حنبل ج ٥ ص ٢٣٧ ] روى بسنده عن معاذ إنهم خرجوا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم عام تبوك ، ثم ساق الحديث (إلى أن قال) ثم قال : ـ أي النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ـ

٧٥

إنكم ستأتون غداً ان شاء اللّه تعالى عين تبوك ، وإنكم لن تأتوا بها حتى يضحى النهار فمن جاء فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي فجئنا وقد سبقنا اليها رجلان والعين مثل الشراك تنض بشئ من ماء ثم ساق الحديث (إلى ان قال) ثم غرفوا بايديهم من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع في شيء ، ثم غسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فيه وجهه ويديه ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستسقى الناس ، ثم قال : رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يوشك يا معاذ ـ إن طالت بك حياة ـ أن ترى ماء هاهنا قد ملأ جناناً.

[مسند الامام احمد بن حنبل ج ٣ ص ٣٤٣ ] روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه ، قال : شكا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم اليه العطش ، قال : فدعا بعس فيه شيء من ماء فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فيه يده ، وقال : اسقوا فاستسقى الناس ، قال : فكنت أرى العيون تنبع من بين أصابع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم.

[طبقات ابن سعد ج ١ القسم ١ ص ٩٨ ] روى بسنده عن عمرو ابن سعيد ان ابا طالب قال : كنت بذي المجاز ومعي ابن أخي ـ يعني النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ـ فادركني العطش فشكوت اليه فقلت : يا بن اخي قد عطشت ، وما قلت له ذلك وأنا أري أن عنده شيئا إلا الجزع ، قال : فثنى وركه ثم نزل ، فقال : يا عم أعطشت؟ قال : قلت نعم ، قال : فأهوى بعقبه الى الأرض فإذا بالماء ، فقال : أشرب يا عم ، قال فشربت.

[تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٢٨٧ ] روى بسنده عن نافع ، ـ وكانت له صحبة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ـ قال : كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) في سفر كنا زهاء أربعمائة رجل فنزلنا في موضع ليس فيه ماء ، فشق ذلك على أصحابه ، فقالوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أعلم ، قال : فجاءت شويهة لها قرنان فقامت بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فحلبها فشرب حتى روى وسقى أصحابه حتى رووا ، ثم قال : صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يا نافع املكها الليلة وما

٧٦

اراك تملكها قال فأخذتها فوتدت لها وتداً ثم ربطتها بحبل ثم قمت في بعض الليل فلم أر الشاة ورأيت الحبل مطروحاً ، فجئت الى النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فأخبرته من قبل أن يسألني فقال لي : يا نافع ذهب بها الذي جاء بها.

[الآثار للشيباني] في باب فضل الصوم (ص٥٣ ) روى بسنده عن علي ابن الأقمر ، أن النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم كان يظل صائما ويبيت طاويا قائما ثم ينصرف الى شربة من لبن قد وضعت له فيشربها فتكون فطره وسحوره الى مثلها من القابلة ، قال فانصرف الى شربته فوجد بعض اصحابه قد بلغ مجهوده فشربها فطلب له في بيوت أزواجه طعام أو شراب فلم يوجد فطلبوا عند أصحابه فلم يجدوا عندهم شيئاً ، فقال من يطعمني أطعمه اللّه مرتين ، فلم يجدوا شيئاً يطعمونه إياه ، قال فأقبلوا على العنزة فوجدوها كأحفل ما كانت فحلبوا منها مثل شربة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم.

٧٧

باب

في اعجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الاطعام

[صحيح مسلم] في كتاب الضيافة ، في باب استحباب خلط الأزواد اذا قلّت ، روى بسنده عن اياس بن سلمة عن ابيه ، قال : خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم في غزوة فاصابنا جهد حتى هممنا ان ننحر بعض ظهرنا ، فأمر نبي اللّه فجمعنا تزوادنا فبسطنا له نطعاً فاجتمع زاد القوم على النطع ، قال : فتطاولت لأحرزه كم هو فحرزته كربضة العنز ونحن اربع عشرة مائة ، قال : فأكلنا حتى شبعنا جميعاً ثم حشونا جربنا ، فقال نبي اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ، فهل من وضوء؟ قال فجاء رجل بأداوة فيها نطفة فافرغها في قدح فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة اربع عشرة مائة ، قال : ثم جاء بعد ذلك ثمانية ، فقالوا : هل من طهور فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فرغ الوضوء. (اللغة) دغفق الماء إذا دفقه وصبه صبا كثيراً واسعا وفلان في عيش دفق أي واسع.

[صحيح مسلم] في كتاب الأشربة في باب جواز استتباعه غيره الى دار من يثق برضاه ، روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه يقول : لما حفر

٧٨

الخندق رأيت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم خمصاً فانكفأت الى امرأتي فقلت لها : هل عندك شئ؟ فاني رأيت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم خمصاً شديداً فأخرجت لي جراباً فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن ، قال : فذبحتها وطحنت ففرغت الى فراغي فقطعتها في برمتها ثم وليت الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقالت : لا تفضحني برسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ومن معه ، قال : فجئته فساررته فقلت : يا رسول اللّه إنا قد ذبحنا بهيمة لنا وطحنت صاعا من شعير كان عندنا فتعال أنت ونفر معك. فصاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم وقال يا أهل الخندق إن جابراً قد صنع لكم سواراً فحيهلا بكم ، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء ، فجئت وجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي فقالت : بك وبك ، فقلت : قد فعلت الذي قلت لي ، فاخرجت له عجينتنا فبصق فيها وبارك ، ثم عمد الى من برمتنا فبصق فيها وبارك ، ثم قال : ادعي خابزة فلتخبز معك ، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها وهم الف ، فأقسم باللّه لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وان برمتنا لتغط كما هي ، وان عجينتنا لتخبز كما هي (اللغة) البرمة بضم الباء الموحدة : القدر مطلقاً وجمعها برام بكسر الباء الموحدة وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن.

[صحيح مسلم] في كتاب النكاح في باب زواج زينب بنت جحش روى بسنده عن انس بن مالك ، قال تزوج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فدخل باهله ، قال : فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور ، فقالت يا انس اذهب بهذا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم فقل بعثت بهذا اليك أهي وهي تقرئك السلام وتقول ان هذا لك منا قليل يا رسول اللّه (ثم قال) : فذهبت بها الى رسول اللّه

٧٩

صلى اللّه عليه و (آله) وسلم فقلت : إن امي تقرئك السلام وتقول : إن هذا لك منا قليل يا رسول اللّه ، فقال : ضعه ثم قال : إذهب فأدع لي فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيت وسمى رجالاً ، قال فدعوت من سمى ومن لقيت ، قال : قلت لأنس : عددكم كانوا؟ قال زهاء ثلاثمائة ، وقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم يا أنس هات التور قال : فدخلوا حتى امتلأت الصفة والحجرة ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ليتحلق عشرة عشرة وليأكل كل انسان مما يليه ، قال فأكلوا حتى شبعوا ، قال : فخرجت طائفة ودخل طائفة حتى أكلوا كلهم ، فقال لي : يا أنس أرفع ، قال : فرفعت فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت (الحديث) ـ (اللغة) التور إناء صغير.

[صحيح مسلم] في كتاب الأشربة في باب اكرام الضيف (روى) بسنده عن عبد الرحمن بن ابي بكر ، قال : كنا مع النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم ثلاثين ومائة فقال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم هل مع أحد منكم طعام؟ فاذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه ، ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها ، فقال النبي صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم أبيع أم عطية؟ (أو قال) أم هبة؟ قال : لا بل بيع ، فاشترى منه شاة فصنعت وأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم بسوار البطن أن يشوى ، قال : وأيم اللّه ما من الثلاثين ومائة إلا حز له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و (آله) وسلم حزة حزة من سوار بطنها ، إن كان شاهداً أعطاه ، وإن كان غائباً خبأ له قال : وجعل قصعتين فأكلنا منهما اجمعون وشبعنا وفضل في القصعتين ، فحملته على البعير (أو كما قال).

[صحيح مسلم] في كتاب الأشربة ، في باب جواز استتباعه غيره الى دار من يثق برضاه (روى) بسنده عن أنس بن مالك يقول : قال أبو طلحة لأم سليم : قد سمعت صوت رسول اللّه صلّى اللّه عليه

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

وقال أبو حنيفة : يقع المشترى مشتركاً بمجرّد الشركة وإن لم يوجد قصدٌ من المشتري ولا إذنٌ من صاحبه(١) . وقد سلف(٢) بطلانه.

مسألة ١٦٠ : قد بيّنّا توقّف تحقّق الشركة على مزج المالين‌ ، فلو لم يحصل لم تتحقّق الشركة ، فلا تصحّ في المال الغائب ؛ لانتفاء المزج فيه ، لتوقّفه على الحضور عند المالكين أو وكيلهما.

ولا تصحّ الشركة في الدَّيْن أيضاً ؛ لعدم تحقّق هذا المعنى فيه.

ولا يكفي في المزج الاختلاطُ مع إمكان التخليص ، كحبّاتٍ من الحنطة مع حبّات الشعير ، والدخن مع السمسم وإن شقّ التمييز بينهما ، وكما لو مزج الصحيح من الدراهم بالقراضة أو السمسم ببذر الكتّان ، أو اختلفت السكّة في بعض النقدين. وبالجملة ، متى حصل المائز بين المالين انتفت الشركة.

ولو اشتركا بالأبدان ، لم تصح على ما تقدّم(٣) ، فإن تميّز عمل كلٍّ منهما من عمل صاحبه اختصّ كلّ واحدٍ منهما بأُجرة عمله.

وإن اشتبه ، احتُمل تساويهما ؛ لأصالته ، والصلحُ ؛ إذ لكلّ واحدٍ منهما في المال حقٌّ لا يعلم قدره ، ولا مخلص إلّا عقد الصلح.

مسألة ١٦١ : قد بيّنّا أنّ الشركة لا تصحّ إلّا بالمال الممتزج من الشريكين ، ولا تصحّ بالأعمال.

إذا تقرّر هذا ، فلو دفع واحد إلى رجلٍ دابّةً ليعمل عليها فما رزق الله تعالى كان بينهما بالسويّة أو أثلاثاً أو على ما يتّفقان عليه ، لم يصح عند‌

____________________

= ١٢٨ - ١٢٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٩ ، البيان ٦ : ٣٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٣.

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٣.

(٢) في ص ٣٣٢ ، ضمن المسألة ١٥٠.

(٣) في ص ٣١٢ ، المسألة ١٤٢.

٣٤١

علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي(١) - لأنّ الحمل الذي يستحقّ به العوض حصل من الدابّة ، فالأُجرة لصاحبها ، وعليه للعامل أُجرة المثل ؛ لأنّ هذا ليس من أقسام الشركة ، والمضاربة بالأعواض غير صحيحةٍ.

فعلى هذا إن كان الأجر المدفوع للدابّة بعينها ، فالأُجرة لمالكها.

وأمّا إن كان قد تقبّل حمل شي‌ءٍ ، فحمله عليها ، أو حمل عليها شيئاً مباحاً فباعه ، فالأُجرة له والثمن له ، وعليه أُجرة المثل للدابّة في الموضعين.

ونُقل عن الأوزاعي صحّة ذلك ، وبه قال أحمد - وكرهه الحسن والشعبي(٢) (٣) - لأنّها عين تنمي بالعمل عليها ، فصحّ العقد عليها ، كالشجرة في المساقاة والأرض في المزارعة والدراهم والدنانير ، وهذه المعاملة وإن لم تكن شركةً ولا مضاربةً إلّا أنّها تشبه المساقاة والمزارعة ؛ لأنّه دفع العين إلى مَنْ يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ المساقاة والمزارعة خرجا عن الأصل بالنصّ ، فلا يقاس عليهما غيرهما إلّا بدليلٍ.

مسألة ١٦٢ : ولو استأجر دابّةً ليحمل عليها بنصف ما يرزقه الله تعالى ، لم يصح عند علمائنا وعند أكثر العامّة(٥) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩١ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٠٣ / ١٢٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ٢١٩ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٦٢٥.

(٢) في المصادر : « النخعي » بدل « الشعبي ».

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٠٣ / ١٢٥ ، المغني ٥ : ١١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩١.

(٤) المغني ٥ : ١١٦ و ١١٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩١ و ١٩٢.

(٥) المغني ٥ : ١١٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٢.

٣٤٢

وقال أحمد في روايةٍ : إنّه يصحّ(١) .

وهو غلط ؛ لأنّ من شرط الإجارة وصحّتها العلمَ بالعوض وتقدير المدّة أو العمل ، ولو يوجد ، ولأنّه عقد غير منصوصٍ عليه ولا هو في معنى المنصوص ، فيكون كغيره من العقود الفاسدة.

ولو أعطى شخص فرسَه على النصف من الغنيمة ، قال أحمد : أرجو أن لا يكون به بأس. وبه قال الأوزاعي(٢) .

والحقّ : إنّ السهم من الغنيمة له أو الأُجرة.

وكذا لو دفع عبده إلى غيره ليكتسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه ، فإنّه لا يصحّ عندنا ، خلافاً له(٣) .

وكذا لا يصحّ لو دفع إلى رجلٍ ثوباً ليفصله ويخيطه قميصاً ويبيعه وله نصف الربح ، وكذا لو دفع غزلاً إلى حائكٍ لينسجه بثلث ثمنه أو ربعه ، فإنّ ذلك كلّه عندنا باطل ، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعى(٤) .

وقال أحمد : يصحّ ذلك كلّه(٥) .

وهو خطأ ؛ لأنّه عوضٌ مجهول عن عملٍ مجهول.

ولو دفع إليه الثوب لينسجه وجعل له [ مع ](٦) ذلك(٧) دراهم معلومة ، قال أحمد : لا يجوز. [ وعنه الجواز ](٨) (٩) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١١٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٢.

(٢ - ٥) المغني ٥ : ١١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٣.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ربع ». والصحيح ما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٧) أي : ثلث الثمن أو ربعه.

(٨) ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

(٩) الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٥٠ ، المغني ٥ : ١١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٣.

٣٤٣

ولو أعطاه الثوب بالثلث ودرهم أو درهمين ، فروايتان(١) .

وجوّز ذلك ابن سيرين والنخعي والزهري وأيّوب(٢) .

وقال ابن المنذر : كره هذا كلَّه الحسنُ(٣) .

وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : هذا كلّه فاسد(٤) - كما قلناه - واختاره ابن المنذر(٥) .

ولو دفع شبكةً إلى الصيّاد ليصطاد بها على النصف أو غيره من الأجزاء المعلومة ، لم يصح ، وعليه أُجرة الشبكة ، والحاصل للصيّاد.

قال أصحاب أحمد : وقياس مذهب أحمد صحّة الشركة ، فيكون الحاصل بينهما على ما شرطاه ؛ لأنّها عين تنمي بالعمل فيها ، فجاز دفعها ببعض نمائها ، كالأرض(٦) .

مسألة ١٦٣ : لو كان لواحدٍ دابّة ولآخَر راوية فتشاركا مع ثالثٍ ليستقي الماء ويكون الحاصل بينهم ، فلا شركة هنا عندنا‌ ؛ لأنّها منافع أبدانٍ متميّزة ، وشركة الأبدان باطلة ، ولا يصحّ أن يكون مضاربةً ؛ لأنّ رأس مالها العروض والعمل ، ولأنّ من شرطها عود رأس المال سليماً على معنى أنّه لا يستحقّ شيئاً من الربح حتى يستوفي رأس المال بكماله ، والراوية هنا تخلق‌

____________________

(١) راجع المغني ٥ : ١١٨ ، والشرح الكبير ٥ : ١٩٣ - ١٩٤.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٣٣ / ٣٦٦ ، المغني ٥ : ١١٨ - ١١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٤.

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٣٢ / ٣٦٦ ، المغني ٥ : ١١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٤.

(٤) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٣٢ - ٢٣٣ / ٣٦٦ ، المغني ٥ : ١١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٤.

(٥) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٣٣ / ٣٦٦ ، المغني ٥ : ١١٩.

(٦) المغني ٥ : ١١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٤.

٣٤٤

وتنقص ، وليس ذلك أيضاً إجارةً ؛ لافتقار الإجارة إلى مدّةٍ معيّنة وأُجرةٍ معلومة ، فتكون فاسدةً.

إذا تقرّر هذا ، فلو آجروا عليه واستقى الثالث ، فنقول : إن كان الماء مملوكاً للسقّاء ، فالثمن له ، وعليه أُجرة المثل للدابّة والراوية.

وإن كان مباحاً ، فإن أخذه بنيّة أنّه له فكالأوّل.

وإن أخذه بنيّة الشركة ، فإن قلنا : إنّه لا تجوز النيابة في تملّك المباحات ، فكالأوّل أيضاً ؛ لأنّ السقّاء يكون قد مَلَكه بمجرّد الحيازة والأخذ ، وإن قلنا : إنّه تجوز النيابة في مثل ذلك ، فالماء بينهم.

وكيف يُقسّم؟ يحتمل أن يُقسّم على نسبة أُجور أمثالهم ؛ لأنّه حصل بالمنافع المختلفة ، وأن يُقسّم بينهم بالسويّة اتّباعاً لقصده ، فحينئذٍ يكون للسقّاء أن يطالب كلّ واحدٍ من صاحبيه بثلث أُجرة منفعته ؛ لأنّ منفعته لم ينصرف إليه منها سوى الثلث.

وكذا يرجع كلّ واحدٍ من صاحب الدابّة والراوية على كلّ واحدٍ من الآخَر والسقّاء بثلث أُجرة منفعة ملكه.

وعلى الوجه الأوّل لا تراجع بينهم في الأُجرة ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهم قد أخذ حقّه - وهو أُجرة مثل عمله - لا أزيد.

مسألة ١٦٤ : لو استأجر رجلٌ الدابّةَ من صاحبها والراويةَ من صاحبها والسقّاءَ لحمل الماء وهو مباح ، فإن أفرد كلّ واحدٍ منهم بعقدٍ صحّ‌ ، والماء للمستأجر ، وعليه لكلّ واحدٍ من الثلاثة ما عيّنه من الأُجرة.

وإن جمع بين الجميع في عقدٍ واحد ، صحّ عندنا ، وحينئذٍ تُوزَّع الأُجرة المسمّاة على أُجور الأمثال ، وهو أحد قولَي الشافعي.

والثاني : بطلان الإجارة ، فلكلّ واحدٍ من الثلاثة أُجرة المثل عليه ،

٣٤٥

والماء للمستأجر ، سواء قلنا : إنّ الإجارة صحيحة ، أو لا.

أمّا على تقدير الصحّة : فظاهر.

وأمّا على تقدير الفساد : فلأنّ منافعهم مضمونة عليه بأُجرة المثل(١) .

فإن نوى السقّاء نفسه وقلنا بفساد الإجارة ، قال بعض الشافعيّة : يكون للمستأجر أيضاً(٢) .

وتوقّف الجويني فيه ؛ لأنّ منفعته غير مستحقّةٍ للمستأجر ، فليكن الحاصل له(٣) .

وموضع القولين للشافعي : ما إذا وردت الإجارة على عين السقّاء والدابّة والراوية ، فأمّا إذا ألزم ذمّتهم نقلَ الماء صحّت الإجارة لا محالة ؛ إذ ليست هنا أعيان مختلفة تُفرض جهالة في أُجورها ، وإنّما على كلّ واحدٍ منهم ثلث العمل(٤) .

مسألة ١٦٥ : لو اشترك أربعة لأحدهم بيت الرحى‌ ، ولآخَر حجر الرحى ، ولآخَر دابّة تديره ، والرابع يعمل الصِّماد للدوابّ في الحجر(٥) على أنّ الحاصل من أُجرة الطحن بينهم ، فهي شركة فاسدة على ما عُرف.

ثمّ إن استأجر مالك الحنطة العاملَ والآلات من أربابها وأفراد كلّ واحدٍ منهم بعقدٍ ، لزمه ما سمّى لكلّ واحدٍ منهم ، ولا شركة.

وإن جمع بين الجميع في عقدٍ واحد ، فإن ألزم ذمّتهم الطحن صحّ العقد ، وكانت الأُجرة المسمّاة بينهم أرباعاً ، ويتراجعون أُجرة المثل ؛ لأنّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٣ - ١٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٤.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٤.

(٥) كذا قوله : « يعمل الصّماد للدوابّ في الحجر » في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ٥١٤ : « يعمل في الرحى ».

٣٤٦

المنفعة المملوكة لكلّ واحدٍ منهم قد استوفى ربعها حيث أخذ ربع المسمّى ، وانصرف ثلاثة أرباعها إلى أصحابه ، فيأخذ منهم ثلاثة أرباع أُجرة المثل.

وإن استأجر عين العامل وعين الآلات ، صحّ عندنا.

وللشافعي قولان :

أحدهما : فساد الإجارة ، فلكلّ واحدٍ أُجرة مثله.

والثاني : الصحّة : فيُوزّع المسمّى عليهم ، ويكون التراجع بينهم على ما سبق(١) .

ولو ألزم صاحب الحنطة ذمّةَ العامل الطحن ، لزمه ، وعليه إذا استعمل ما لأصحابه أُجرة المثل لهم ، إلّا أن يستأجرها بعقدٍ صحيح ، فيكون عليه المسمّى.

وقد روى العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن قفيز الطحّان(٢) ، وهو أن يعطى الطحّان أقفزة معلومة ليطحنها بقفيز دقيق منها.

وعلّة المنع : أنّه جعل له بعض معموله أجراً لعمله ، فيصير الطحن مستحقّاً عليه.

وقد أنكر جماعةٌ منهم(٣) هذا الحديثَ.

وقياس قول أحمد جوازه(٤) .

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ١٣٣ - ١٣٤ ، البيان ٦ : ٣٣٨ - ٣٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٤.

(٢) سنن الدارقطني ٣ : ٤٧ / ١٩٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٩ ، المغني ٥ : ١١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٤.

(٣) منهم : ابنا قدامة في المغني ٥ : ١١٩ ، والشرح الكبير ٥ : ١٩٤.

(٤) كما في المغني ٥ : ١١٩ ، والشرح الكبير ٥ : ١٩٤.

٣٤٧

مسألة ١٦٦ : لو دفع إلى شخصٍ عيناً على أن يؤجرها المدفوع إليه وتكون الأُجرة بينهما ، لم يصح‌ ، وتكون الإجارة لصاحب العين إن استؤجرت العين ، أو تكون للمدفوع إليه ، فالأجر له ، ولصاحب العين أُجرة المثل.

ولو كان لرجلٍ دابّة ، ولآخَر أُكاف وجوالقات ، فاشتركا على أن يؤاجراهما ، والأُجرة بينهما نصفان ، فهو فاسد ؛ لأنّ هذه أعيان لا يصحّ الاشتراك فيها وكذلك في منافعها ؛ إذ تقديره : آجِر دابّتك ليكون أجرها بيننا ، وأؤجر جوالقاتي لتكون أُجرتها بيننا ، وذلك باطل ، فتكون الأُجرة بأسرها لصاحب الدابّة ؛ لأنّه مالك الأصل ، وللآخَر أُجرة المثل على صاحب البهيمة ؛ لأنّه استوفى منافع ملكه بعقدٍ فاسد.

هذا إذا آجرا الدابّة بما عليها من الأُكاف والجوالقات في عقدٍ واحد ، فأمّا إن آجر كلّ واحدٍ منهما ملكه منفرداً ، فلكلّ واحدٍ منهما أُجرة ملكه.

والتحقيق أن نقول : لا اعتبار بهذه الشركة ، فوجودها كالعدم.

ثمّ المستعمل للدابّة والجوالقات إن كان قد عقد معهما أو مع أحدهما بإذن الآخَر عَقْد إجارةٍ شرعيّة ، كان عليه المسمّى يقسّط على أُجرة مثل الدابّة وأُجرة المثل للجوالقات والأُكاف ، وإن لم يعقد معهما عَقْد إجارةٍ ، كان عليه أُجرة مثل الدابّة لصاحبها ، وأُجرة مثل الأُكاف والجوالقات لصاحبها.

مسألة ١٦٧ : لو كان لواحدٍ البذرُ ولآخَر دوابُّ الحرث ولثالثٍ الأرضُ ، فاشتركوا مع رابعٍ ليعمل ويكون الحاصل بينهم ، فالشركة باطلة‌ ، والنماء لصاحب البذر ، وعليه أُجرة المثل لصاحب الأرض عن أرضه ، ولصاحب الدوابّ عن عملها ، ولصاحب العمل عن عمله.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٥.

٣٤٨

فإن أصاب الزرع آفة ولم يحصل شي‌ء من الغلّة ، لم يسقط حقّهم من أُجرة المثل.

وقال بعض الشافعيّة : لا شي‌ء لهم ؛ لأنّهم لم يحصّلوا له شيئاً(١) .

وهو غلط ظاهر ؛ لأنّه قد تصرّف في مال الغير بعملٍ له أُجرة ؛ فكان عليه الأُجرة.

٣٤٩

الفصل الثالث : في الأحكام‌

مسألة ١٦٨ : الشركة عقد جائز من الطرفين‌ ، وليست من العقود اللازمة بالإجماع ، فإذا اشتركا بمزج المالين وأذن كلٌّ منهما لصاحبه في التصرّف فلكلٍّ من الشريكين فسخها ؛ لأنّ الشركة في الحقيقة توكيل وتوكّل.

فلو قال أحدهما للآخَر : عزلتك عن التصرّف ، أو : لا تتصرّف في نصيبي ، انعزل المخاطب عن التصرّف في نصيب العازل ، ويبقى له التصرّف في نصيبه ، ولا ينعزل العازل عن التصرّف في نصيب المعزول إلّا بعزلٍ متجدّد منه.

ولو فسخاها معاً ، فإنّ الاشتراك باقٍ وإن لم يكن لأحدهما التصرّف في نصيب الآخَر.

ولو قال أحدهما : فسختُ الشركة ، ارتفع العقد ، وانفسخ من تلك الحال ، وانعزلا جميعاً عن التصرّف ؛ لارتفاع العقد.

وقال بعض الشافعيّة : انعزالهما مبنيٌّ على أنّه يجوز التصرّف بمجرّد عقد الشركة ، أم لا بدّ من التصريح بالإذن؟ إن قلنا بالأوّل ، فإذا ارتفع العقد انعزلا ، وإن قلنا بالثاني وكانا قد صرّحا بالإذن ، فلكلٍّ منهما التصرّف إلى أن يعزل(١) .

وكيفما كان فالشافعيّة على ترجيح القول بانعزالهما(٢) .

مسألة ١٦٩ : إذا عقدا الشركةَ ومزجا المالين‌ ، فإن وُجد من كلٍّ منهما‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٥ - ٥١٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٥.

٣٥٠

الإذنُ لصاحبه في التصرّف في جميع المال ، تسلّط كلٌّ منهما على ذلك ، وكان حكمُ تصرّفه حكمَ تصرّف الوكيل مع الإطلاق ، فلا يبيع بالنسيئة ولا بغير نقد البلد ، ولا يبيع ولا يشتري بالغبن الفاحش إلّا مع إذن الشريك.

فإن خالف وباع بالغبن الفاحش ، لم يصح في نصيب الشريك ، ويصحّ في نصيبه عندنا ، ويتخيّر المشتري مع فسخ الشريك للبيع.

وعند الشافعي قولان مبنيّان على تفريق الصفقة ، فإن قالوا ببطلان البيع ، بقي المبيع على ملكهما والشركة بحالها ، وإن قالوا بالصحّة على ما هو مذهبنا ، انفسخت الشركة في المبيع ، وصار مشتركاً بين المشتري والشريك الذي بطل في نصيبه(١) .

ولو اشترى بالغبن ، فإن كان الشراء بعين مال الشركة ، كان حكمُه حكمَ ما لو باع بالغبن ، وقد سلف(٢) ، وإن اشترى في الذمّة لم يقع للشريك ، وكان عليه دفع الثمن من خالص ماله.

مسألة ١٧٠ : ليس لواحدٍ من الشريكين التصرّفُ في المال الممتزج إلّا بإذن صاحبه‌ ، فإن اختصّ أحدهما بالإذن اختصّ بالتصرّف ؛ لأصالة عصمة مال الشخص على غيره ، ولو اشترك الإذن اشترك جواز التصرّف.

وإذا حصل الإذن عامّاً من كلّ واحدٍ منهما ، تصرّف بحسبه في مال شريكه ، كما يتصرّف الوكيل في مال موكّله.

وإن كان عامّاً من أحدهما وخاصّاً من الآخَر ، استفاد مَنْ عمّم له الإذن‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٨٨ ، بحر المذهب ٨ : ١٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٠٢ ، البيان ٦ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٥.

(٢) آنفاً.

٣٥١

جواز التصرّف عامّاً ، والآخَر ما عُيّن له.

وكذا لو كان الإذن من كلٍّ منهما خاصّاً ، لم يجز له التخطّي إلى غير المأذون.

وإذا عيّن له جهة السفر أو البيع على وجهٍ أو شراء جنسٍ بعينه ، لم يجز التجاوز.

ولو شرطا الاجتماع ، لم يجز لأحدهما الانفراد.

ولو أطلق الإذن ، تصرّف كيف شاء.

فإن عيّن جهةً فتجاوزها ، كان ضامناً.

ويجوز الرجوع في الإذن ، فيحرم التصرّف ؛ لأنّه إنّما تصرّف بالإذن وقد زال.

وليس لأحدهما السفر بمال الشركة ، ولا أن يبيعه إلّا بإذن صاحبه ، فإن فَعَل بغير الإذن ضمن.

مسألة ١٧١ : قد بيّنّا أنّ الشركة من العقود الجائزة لكلٍّ منهما فسخها ، فتنفسخ حينئذٍ.

وكذا تنفسخ بموت أحدهما وجنونه وإغمائه والحجر عليه للسفه ، كالوكالة.

ثمّ في صورة الموت إن لم يكن على الميّت دَيْنٌ ولا هناك وصيّة ، تخيّر الوارث بين القسمة مع الشريك وفسخها ، وبين تقرير الشركة إن كان بالغاً رشيداً ، وإن كان صغيراً أو مجنوناً فعلى الوليّ ما فيه الحظّ من فسخ الشركة أو إبقائها.

ولا بدّ في تقرير الشركة من عقدٍ مستأنف.

وإن كان على الميّت دَيْنٌ ، لم يكن للوارث التقرير على الشركة ، إلّا‌

٣٥٢

أن يقضي الدَّيْن من غير مال الشركة.

ولو كان هناك وصيّة ، فإن كانت لمعيّنٍ فهو كأحد الورثة يتخيّر بين التقرير والفسخ إن تعلّقت الوصيّة بذلك المال.

وإن كانت لغير معيّنٍ كالفقراء ، لم يجز تقرير الشركة إلّا بعد خروج الوصيّة ، فإذا خرجت الوصيّة بقي المال كما لو لم تكن وصيّةٌ يتخيّر فيه الوارث بين التقرير والفسخ.

مسألة ١٧٢ : إطلاق الشركة يقتضي بسط الربح والخسران على قدر رؤوس الأموال‌ ؛ لأنّه نماء مالهما ، فكان بينهما على نسبة المالين ، وكذا إذا خسرا ، كالتلف.

ولو شرطا التفاوت في الربح مع تساوي المالين ، أو تساويهما فيه مع تفاوت المالين ، قال الشيخرحمه‌الله : تبطل الشركة ، وجَعَل من شرط الشركة كونَ الربح والخسران على قدر رأس المالين ، فلا يجوز أن يتفاضلا مع التساوي في المال ، ولا أن يتساويا مع التفاضل فيه(١) ، وبه قال مالك والشافعي ؛ لأنّ هذا الربح في هذه الشركة تبع للمال ؛ بدليل أنّه يصحّ عقد الشركة وإطلاق الربح ، فلا يجوز تغييره بالشرط ، كالخسران ، فإنّهما لو شرطا التفاوت في الخسران مع تساوي المالين أو التساوي فيه مع تفاوتهما ، لغا الشرط ، ويتوزّع الخسران على المال(٢) .

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٣٣٢ ، المسألة ٩ من كتاب الشركة.

(٢) المدوّنة الكبرى ٥ : ٦٢ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٥٣ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٠٦ / ١٠٢٨ ، الذخيرة ٨ : ٥٢ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٧٩ / ١١٨٣ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٦١ - ٦٢ / ٤٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٣ ، بحر المذهب ٨ : ١٣١ ، الوجيز ١ : ١٨٧ ، الوسيط ٣ : ٢٦٦ ، حلية العلماء =

٣٥٣

والمعتمد : جواز الشرط ولزومه ؛ لعموم قولهعليه‌السلام : « المسلمون عند شروطهم »(١) .

ولأنّه شرط لا ينافي الكتاب والسنّة ، فكان لازماً كغيره من الشروط السائغة - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٢) - لأنّه قد يكون أبصر بالتجارة من الآخَر ، أو أجلد منه وأقوى في العمل ، فيشترط له زيادة الربح في مقابلة عمله ذلك ، وهو أمر سائغ ، كما لو شرط الربح في مقابلة عمل المضارب ، يحقّقه أنّ هذه الشركة معقودة على المال والعمل معاً ، ولكلّ واحدٍ منهما حصّة من الربح إذا كان مفرداً ، فكذا إذا اجتمعا ، وأمّا حالة الإطلاق فإنّه لـمّا لم يكن بينهما شرط يقسّم الربح عليه وبقدره ، قدّرناه بالمال ؛ لعدم الشرط ، فإذا وجد الشرط فهو الأصل ، فيصار إليه ، كالمضاربة يصار فيه إلى الشرط ، فإذا عدم وقالا : الربح بيننا ، كان بينهما نصفين.

والحكم في الأصل ممنوع ، مع الفرق ؛ فإنّ الوضيعة لا تتعلّق إلّا بالمال ؛ بدليل المضاربة.

____________________

= ٥ : ٩٦ ، البيان ٦ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٥ - ١٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٦ ، المغني ٥ : ١٤٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١١٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٤ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٦٨ / ٣٣٥٨ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٥٧ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٧ / ١٦٦٦.

(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٥٨ ، الهامش (٤)

(٢) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٢ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٦٨ / ٣٣٥٧ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ١٥٦ ، المحيط البرهاني ٦ : ٣٢ - ٣٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٧ / ١٦٦٦ ، النتف ١ : ٥٣٣ ، المغني ٥ : ١٤٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١١٤ - ١١٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٤ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٠٦ / ١٠٢٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٧٩ / ١١٨٣ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٦١ - ٦٢ / ٤٢ ، بحر المذهب ٨ : ١٣١ ، الوسيط ٣ : ٢٦٦ ، حلية العلماء ٥ : ٩٦ ، البيان ٦ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٧.

٣٥٤

مسألة ١٧٣ : لو اختصّ أحدهما بمزيد عملٍ ، وشرط مزيد ربحٍ له ، صحّ عندنا‌ ، وهو ظاهرٌ على أصلنا وأصل أبي حنيفة.

وللشافعي قولان :

أحدهما : صحّة الشرط ، ويكون القدر الذي يناسب ملكه له بحقّ الملك ، والزائد يقع في مقابلة العمل ، ويتركّب العقد من الشركة والقراض.

وأصحّهما عندهم : البطلان ، كما لو شرطا التفاوت في الخسران ، فإنّه يلغو ، ويتوزّع الخسران على المال ، ولا يمكن جَعْله شركةً وقراضاً ؛ فإنّ العمل في القراض مختصٌّ بمال المالك ، وهنا يتعلّق بملكه وملك صاحبه(١) . وقد تقدّم.

إذا عرفت هذا ، فلو شرطا زيادة الربح لقاصر العمل ، جاز عندنا ؛ عملاً بالشرط - ويجي‌ء على قول الشافعي البطلان ؛ لأنّه لا يجوز مع التساوي في العمل فمع القصور أولى - ولأنّه يجوز التساوي في الربح مع التفاوت في العمل.

مسألة ١٧٤ : قد بيّنّا أنّه يجوز التساوي في الربح مع تفاوت المالين‌ ، والتفاوتُ في الربح مع تساوي المالين بالشرط.

والشيخرحمه‌الله قال : إذا شرطا ذلك بطلت الشركة(٢) . وهو قول الشافعي(٣) .

وإذا فسد الشرط عند الشافعي ، لم يؤثّر ذلك في فساد التصرّفات ؛ لوجود الإذن ، ويكون الربح على نسبة المالين ، ثمّ يرجع كلٌّ منهما على‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٦.

(٢) راجع الهامش (١) من ص ٣٥٢.

(٣) راجع الهامش (٢) من ص ٣٥٢.

٣٥٥

صاحبه بأُجرة مثل عمله في ماله.

فإن تساوى المالان والعملان ، كان نصف عمل كلّ واحدٍ منهما يقع في ماله ، فلا يستحقّ به أُجرةً ، والنصف الواقع في مال صاحبه يستحقّ صاحبه مثل بدله عليه ، فيتقاصّان.

وإن تفاوتا في العمل خاصّةً ، فكان عمل أحدهما يساوي مائةً ، وعمل الآخَر يساوي مائتين ، فإن كان عمل المشروط له الزيادة أكثر ، فنصف عمله مائة ، ونصف عمل الآخَر خمسون ، فيبقى له خمسون بعد المقاصّة.

وإن كان عمل صاحبه أكثر ، ففي رجوعه بالخمسين على المشروط له الزيادة وجهان للشافعيّة:

أحدهما : الرجوع ، كما لو فسد القراض يستحقّ العامل أُجرة المثل.

وأصحّهما عندهم : المنع - وهو محكيٌّ عن أبي حنيفة(١) - لأنّه عمل وُجد من أحد الشريكين لم يشترط عليه عوض ، والعمل في الشركة لا يقابله عوض ؛ بدليل ما إذا كانت الشركة صحيحةً وزاد عمل أحدهما ، فإنّه لا يستحقّ على الآخَر شيئاً.

ويجري الوجهان فيما إذا فسدت الشركة واختصّ أحدهما بأصل التصرّف والعمل ، هل يرجع بنصف أُجرة عمله على الآخَر؟

وإن تفاوتا في المال خاصّةً ، فكان لأحدهما - مثلاً - ألف وللآخَر ألفان ، فلصاحب الأقلّ ثلثا المائة على صاحب الأكثر ، ولصاحب الأكثر ثلث المائة عليه ، فيكون الثلث بالثلث قصاصاً ، يبقى لصاحب الأقلّ ثلث المائة :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٦.

٣٥٦

ثلاثة وثلاثون وثلث.

وإن تفاوتا فيهما بأن كان لأحدهما ألف وللآخَر ألفان ، فإن كان عمل صاحب الأكثر أكثر بأن كان عمله يساوي مائتين وعمل الآخَر مائة ، فثلثا عمله في ماله ، وثلثه في مال صاحبه ، وعمل صاحبه على العكس ، فيكون لصاحب الأكثر ثلث المائتين على صاحب الأقلّ ، ولصاحب الأقلّ ثلثا المائة على صاحب الأكثر ، وقدرهما واحد ، فيقع في التقاصّ.

وإن كان عمل صاحب الأقلّ أكثر والتفاوت كما صوّرناه ، فثلث عمل صاحب الأقلّ في ماله ، وثلثاه في مال شريكه ، وثلثا عمل صاحب الأكثر في ماله ، وثلثه في مال شريكه ، فلصاحب الأقلّ ثلثا المائتين على صاحب الأكثر ، وهُما : مائة وثلاثة وثلاثون وثلث ، ولصاحب الأكثر ثلث المائة على صاحب الأقلّ ، وهو : ثلاثة وثلاثون وثلث ، فيبقى بعد التقاصّ لصاحب الأقلّ مائة على الآخَر(١) .

وللشافعيّة قولٌ آخَر : إنّ الشركة تفسد بهذا الشرط ، فتبطل التصرّفات(٢) .

والأكثر جزموا بنفوذ التصرّفات ، ويوزّع الربح على المالين ، وتجب الأُجرة في الجملة.

ومعنى الفساد أنّ كلّ واحدٍ منهما يرجع على صاحبه بأُجرة عمله في ماله ، ولو صحّ عقد الشركة لم يرجع ؛ لأنّه لا يثبت استحقاق الأُجرة(٣) .

وهذا لا يتأتّى على مذهبنا حيث اخترنا صحّة هذا الشرط. ومعنى هذا الفساد المذكور عند تغيّر نسبة الربح جارٍ في سائر أسباب فساد الشركة.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٦ - ١٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٦ - ٥١٧.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٧.

٣٥٧

ولو لم يكن بين المالين شيوع ولا خلط ، فلا شركة على التحقيق ، وثمن كلّ واحدٍ من المالين يختصّ بمالكه ، ولا يقع مشتركاً.

مسألة ١٧٥ : لو تفاوتا في المال ولم يشترطا التساوي ولا التفاوت والتوزيع على قدر المالين‌ ، بل أطلقا ، فإنّ الربح يكون على نسبة المالين ، وتكون زيادة العمل تبرّعاً من صاحبه.

ويحتمل أن تثبت للزيادة أُجرة المثل ، كما لو استعمل صانعاً ولم يذكر له أُجرةً.

ولو شُرط(١) زيادة الربح لمن ازداد عمله ، ففي اشتراط استبداده باليد للشافعيّة وجهان(٢) .

وكذا لو شرطا انفراد أحدهما بالعمل في وجهٍ لهم ، كشرطه في القراض(٣) .

وفي وجهٍ : لا [ جرياً ](٤) على قضيّة الشركة(٥) .

والخلاف في جواز اشتراط زيادة الربح لمن زاد عمله [ جارٍ ](٦) فيما إذا اشترطا انفراد أحدهما بالتصرّف وجعلا له زيادة ربحٍ(٧) .

وفي وجهٍ لهم : يجوز هنا ، ولا يجوز فيما إذا اشتركا في أصل العمل ؛ لأنّه لا يدري أنّ الربح بأيّ عملٍ حصل فيحال به على المال؟(٨) .

____________________

(١) الظاهر : « شرطا ».

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٨.

(٤ و ٦) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٧.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٧ - ١٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٨.

(٨) الوسيط ٣ : ٢٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٨.

٣٥٨

مسألة ١٧٦ : كلّ واحدٍ من الشريكين أمين يده يد أمانةٍ على ما تحت يده‌ - كالمستودع والوكيل - يُقبل قوله في الخسران والتلف مع اليمين ، كالمستودع إذا ادّعى التلف ، سواء أسند التلف إلى سببٍ ظاهرٍ أو خفيّ.

وقال الشافعي : إذا أسند التلف هو أو المستودع إلى سببٍ ظاهر ، طُولب بالبيّنة عليه ، فإذا أقامها صُدّق في الهلاك(١) .

وإذا ادّعى أحد الشريكين خيانةً على الآخَر ، لم تُسمع الدعوى حتى يحرّرها بأن يعيّن القدر الذي ادّعاه من الخيانة على إشكالٍ ، فإذا بيّن القدر سُمعت ، وكان عليه البيّنة ، فإن فُقدت كان له إحلاف الشريك.

ولو ادّعى ردَّ المال إلى الشريك ، قُبِل قوله مع اليمين ، كالمستودع والوكيل بغير جُعْلٍ ، وبه قال الشافعي(٢) .

وعندي فيه نظر.

مسألة ١٧٧ : لو كان في يد أحد الشريكين مالٌ واختلفا فيه‌ ، فقال المكتسب : إنّه لي خاصّةً ، وقال الآخَر : بل هو من مال الشركة ، فالقول قول المتشبّث مع اليمين ؛ قضاءً لليد.

وكذا لو انعكس الفرض ، فقال المتشبّث : إنّه من مال الشركة ، وقال الآخَر : بل هو لي خاصّةً ، قُدّم قول المتشبّث مع اليمين.

ولو قال الآخَر : بل هو لك ، كان في النصف حكمه حكم مَنْ أقرّ لغيره بعينٍ في يده وأنكر الـمُقرّ له.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٤ ، الوسيط ٣ : ٢٦٩ ، البيان ٦ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٨.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١٨.

٣٥٩

ولو اشترى أحد الشريكين شيئاً ثمّ اختلفا ، فقال المشتري : إنّما اشتريتُه لنفسي ، وقال الآخَر : بل للشركة ، قُدّم قول المباشر للعقد ؛ لأنّه أبصر بنيّته ، وهذا الاختلاف يقع عند ظهور الربح.

ولو قال المباشر : إنّما اشتريتُه للشركة ، وقال الآخَر : بل اشتريتَه لنفسك ، فالقول قول مباشر العقد ؛ لأنّه أبصر بنيّته ، وهذا الاختلاف يقع عند ظهور الخسران.

ولو قال صاحب اليد : اقتسمنا مالَ الشركة وهذا قد خلص لي ، وقال الآخَر : لم نقتسم بَعْدُ وهو مشترك ، فالقول قول الثاني ؛ لأصالة بقاء الشركة وعدم القسمة ، فعلى مدّعيها البيّنة.

ولو كان في أيديهما أو في يد أحدهما مالٌ وقال كلّ واحدٍ منهما : هذا نصيبي من مال الشركة وأنت أخذتَ نصيبك ، حلف كلٌّ منهما لصاحبه ، وجُعل المال بينهما ، فإن حلف أحدهما ونكل الآخَر ، قضي للحالف.

مسألة ١٧٨ : لو كان بينهما عبد مشترك فباعه أحدهما بإذن الثاني وأذن له في قبض الثمن‌ ، ثمّ اختلف الشريكان في قبض الثمن ، فادّعى الآذن على البائع قبض الثمن بأسره وطالَبه بدفع نصيبه إليه ، وصدّقه المشتري على أنّ البائع قبض ، وأنكر البائع القبضَ ، برئ المشتري من نصيب الآذن في البيع ؛ لاعترافه بأنّ البائع - الذي هو وكيله بالقبض - قد قبض.

ثمّ هنا خصومتان ، إحداهما : بين البائع والمشتري ، والثانية : بين الشريكين.

فإن تقدّمت الأُولى على الثانية ، فطالَب البائع المشتري بنصيبه من الثمن ، وادّعى المشتري أنّه أدّاه ، نُظر فإن قامت للمشتري بيّنة على الأداء ،

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392