تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 978-964-319-530-4
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156832 / تحميل: 5508
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٣١٩-٥٣٠-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

اشترى للقراض وقع الشراء له ، ووجب الثمن عليه ، وإذا تلفت بعد الشراء فقد وقع الشراء للقراض ، ومَلَكه ربّ المال ، وإذا تلف الثمن كان الثمن على مالكه يسلّم إليه ألفاً أُخرى ليدفعها ، فإن هلكت أيضاً سلّم إليه أُخرى ، وعلى هذا.

واختلفوا في رأس مال القراض.

منهم مَنْ قال : إنّ الألفين الأوّلة والثانية تكونان رأس المال.

ومنهم مَنْ قال : الثانية خاصّةً ، والاولى انفسخ القراض فيها(١) .

وقال ابن سريج : إنّ الشراء يقع للعامل ، سواء تلفت الألف قبل الشراء أو بعده ، وحمل كلام الشافعي على عمومه(٢) .

وإنّما كان كذلك ؛ لأنّها إذا تلفت قبل الشراء فقد انفسخ القراض ، فإن اشترى قبل تلفها فقد صحّ الشراء للقراض ، إلّا أنّ إذنه تناول الشراء بها أو بعدها في الثمن ، فإذا تعذّر ذلك ، فقد حصل الشراء على غير الوجه الذي أذن ، فيصير الشراء للعامل.

قال : وهذا مثل أن يعقد الحجّ عن غيره ، فيصحّ الإحرام عنه ، فإذا أفسده الأجير ، صار عنه ؛ لأنّه خالف في الإذن ، كذا هنا.

لا يقال : لو وكّل وكيلاً ودفع إليه ألفاً ليشتري له سلعةً فاشتراها وقبل أن يدفع الثمن هلك في يده ، أليس يكون الشراء للموكّل والألف عليه؟

لأنّا نقول : قال ابن سريج : في ذلك وجهان :

____________________

(١) راجع : بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، وحلية العلماء ٥ : ٣٤٢ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨.

١٢١

أحدهما : إنّه يلزم الوكيل ، كمسألتنا.

والثاني : إنّه يلزم الموكّل(١) .

والفرق بينهما : إنّه أذن العاملَ في التصرّف في ألفٍ واحدة على أنّه لا يزيد عليها ؛ لأنّ إذنه تناول المال ، ولا يلزمه أن يزيد على ذلك ، وفي الوكالة تعلّق إذنه بشراء العبد وقد اشتراه له ، فكان ثمنه عليه.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ - ٢٣١.

١٢٢

١٢٣

الفصل الرابع : في التنازع‌

مسألة ٢٧٧ : لو ادّعى العامل التلفَ ، صُدّق باليمين وعدم البيّنة ، سواء ادّعاه قبل دورانه في التجارة أو بعدها(١) ؛ لأنّه أمين في المال ، كالمستودع.

والأصل فيه : إنّه يتصرّف في مال غيره بإذنه ، فكان أميناً ، كالوكيل.

ولما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام قال : « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان »(٢) .

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم أنّه سأل الباقرَعليه‌السلام عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلى صاحبه ضمان؟ قال : « ليس عليه غُرْمٌ بعد أن يكون الرجل أميناً »(٣) .

وبه قال الشافعي(٤) ، وفرّق بين العامل وبين المستعير حيث ذهب إلى أنّ المستعير ضامن(٥) : بأنّ المستعير قبضه لمنفعة نفسه خاصّةً بغير استحقاقٍ ، وهنا معظم المنفعة لربّ المال.

وفرّق أيضاً بين العامل وبين الأجير المشترك ، فإنّه عنده - على أحد القولين - ضامن ؛ لأنّ المنفعة تعجّلت له ، فكان قبضه للمال لمنفعةٍ حصلت‌

____________________

(١) الظاهر : « بعده ».

(٢) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٩٣ / ٨٧٨ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٩٠.

(٣) الكافي ٥ : ٢٣٨ - ٢٣٩ / ٤ ، التهذيب ٧ : ١٨٤ / ٨١٢.

(٤) مختصر المزني : ١٢٢ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٤ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠١ ، البيان ٧ : ٢٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٥) راجع : ج ١٦ - من هذا الكتاب - ص ٢٧٣ ، الهامش (٤)

١٢٤

له ، وهنا لم تحصل له بالقبض منفعة معجّلة ، فافترقا(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ قوله مقبول في التلف ، سواء ادّعى التلف بسببٍ ظاهر أو خفيّ أو لم يذكر سبباً ، وسواء أمكنه إقامة البيّنة على السبب أو لا.

وللشافعي تفصيل(٢) تقدّم مثله في الوديعة(٣) .

مسألة ٢٧٨ : لو اختلف المالك والعامل في ردّ المال ، فادّعاه العامل وأنكره المالك ، فالأقوى : تقديم قول المالك - وهو قول أحمد ، وأحد وجهي الشافعيّة(٤) - لأنّه قبض المال لنفع نفسه ، فلم يقبل قوله في ردّه إلى المالك ، كالمستعير ، ولأنّ صاحب المال منكر والعامل مدّعٍ ، فيُقدَّم قول المنكر مع اليمين إذا لم تكن هناك بيّنة.

والوجه الثاني لأصحاب الشافعي : إنّه يُقدَّم قول العامل مع اليمين ؛ لأنّه أمين ، ولأنّ معظم النفع لربّ المال ، والعامل كالمستودع(٥) .

ونمنع أنّه أمين في المتنازع ، ولا ينفع في غيره.

والفرق بينه وبين المستودع ظاهر ؛ فإنّ المستودع لا نفع له في الوديعة البتّة.

ونمنع أنّ معظم النفع لربّ المال. سلّمنا ، لكنّ العامل لم يقبضه إلّا لنفع نفسه ، ولم يأخذه لنفع ربّ المال.

____________________

(١) راجع : البيان ٧ : ٢٠٤.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٣) راجع : ج ١٦ - من هذا الكتاب - ص ٢١٢ ، المسألة ٦٢.

(٤ و ٥) الحاوي الكبير ٧ : ٣٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٤ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ ، البيان ٧ : ٢٠٣ - ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

١٢٥

مسألة ٢٧٩ : لو اختلفا في الربح ، فالقول قول العامل مع يمينه وعدم البيّنة - سواء اختلفا في أصله وحصوله بأن ادّعى المالك الربحَ وأنكر العامل وقال : ما ربحتُ شيئاً ، أو في مقداره بأن ادّعى المالك أنّه ربح ألفاً وادّعى العامل أنّه ربح مائة - لأنّه أمين.

وكذا لو قال : كنتُ ربحتُ كذا ثمّ خسرتُ وذهب الربح ، وادّعى المالك بقاءه في يده ، قُدّم قول العامل مع اليمين ؛ لأنّه أمين ، كما لو ادّعى المستودع التلفَ ، وكما لو ادّعاه العامل في أصل المال فكذا في ربحه ، ولأنّه أمين يُقبل قوله في التلف فيُقبل في الخسارة ، كالوكيل ، وبه قال الشافعي وغيره(١) .

وأمّا لو قال العامل : ربحتُ ألفاً ، ثمّ قال : غلطتُ في الحساب ، وإنّما الربح مائة ، أو تبيّنتُ أنّه لا ربح هنا ، أو قال : كذبتُ في الإخبار بالربح خوفاً من انتزاع المال من يدي فأخبرتُ بذلك ، لم يُقبل رجوعه ؛ لأنّه أقرّ بحقٍّ عليه ثمّ رجع عنه ، فلم يُقبل ، كسائر الأقارير ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال مالك : إن كان بين يديه موسم يتوقّع فيه ربح ، قُبِل قوله : كذبتُ ليترك المال في يدي فأربح في الموسم ، بخلاف ما إذا قال : خسرتُ بعد الربح الذي أخبرتُ عنه ، فإنّه لا يُقبل ، كما لو ادّعى عليه وديعة ، فقال له : ما أودعتَ عندي شيئاً ، ثمّ قامت البيّنة بالإيداع ، فادّعى التلف ، لم يُقبل قوله ، أمّا لو قال : ما تستحقّ علَيَّ شيئاً ، ثمّ قامت البيّنة بالإيداع ، فادّعى‌

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢ ، المغني ٥ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٦.

(٢) مختصر المزني : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٤ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، البيان ٧ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

١٢٦

التلف ، كان القولُ قولَه مع يمينه ؛ لأنّه ليس فيه تكذيب لقوله الأوّل ، كذا هنا(١) .

هذا إذا كانت دعوى الخسران في موضعٍ يُحتمل بأن عرض في الأسواق كساد ، ولو لم يُحتمل لم يُقبل.

مسألة ٢٨٠ : إذا اشترى العامل سلعةً فظهر فيها ربح ثمّ اختلفا ، فقال صاحب المال : اشتريتَه للقراض ، وقال العامل : اشتريتُه لنفسي ، قُدّم قول العامل مع اليمين ، وكذا لو ظهر خسران فاختلفا ، فادّعى صاحب المال أنّه اشتراه لنفسه ، وادّعى العامل أنّه اشتراه للقراض ، قُدّم قول العامل مع اليمين ؛ لأنّ الاختلاف هنا في نيّة العامل ، وهو أبصر بما نواه ، ولا يطّلع على ذلك من البشر أحد سواه ، وإنّما يكون مال القراض بقصده ونيّته - وهو أحد قولَي الشافعي(٢) - ولأنّ في المسألة الأُولى المال في يد العامل ، فإذا ادّعى ملكه فالقول قوله.

وقد ذكر الشافعي في الوكيل والموكّل إذا اختلفا في بيع شي‌ءٍ أو شراء شي‌ءٍ ، فقال الموكّل : ما بعتَه ، أو قال : ما اشتريتَه ، وقال الوكيل : بعتُ أو اشتريتُ ، قولين(٣) .

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦.

(٢) مختصر المزني : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، البيان ٧ : ٢٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٥٢١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، الوسيط ٣ : ٣١٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٧ ، البيان ٦ : ٤١٥ ، و ٧ : ٢٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٤ - ٢٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨.

١٢٧

واختلف أصحابه.

فمنهم مَنْ قال هنا أيضاً : قولان ، يعني في المسألة الثانية التي ظهر فيها الخسران :

أحدهما : القول قول ربّ المال ؛ لأنّ الأصل أنّه ما اشتراه لمال القراض ، والأصل عدم وقوعه للقراض ، كأحد القولين فيما إذا قال الوكيل : بعتُ ما أمرتني ببيعه ، أو اشتريتُ ما أمرتني بشرائه ، فقال الموكّل : لم تفعل.

والثاني : القول قول الوكيل ؛ لأنّه أعلم بما نواه.

ومنهم مَنْ قال هنا : القول قول العامل قولاً واحداً ، بخلاف مسألة الوكالة.

والفرق بينهما : إنّ الموكّل والوكيل اختلفا في أصل البيع والشراء ، وهنا اتّفقا على أنّه اشتراه ، وإنّما اختلفا في صفة الشراء ، فكان القولُ قولَ مَنْ باشر الشراء(١) .

ولو أقام المالك بيّنةً في الصورة الثانية ، ففي الحكم بها للشافعيّة وجهان ، أحدهما : المنع ؛ لأنّه قد يشتري لنفسه بمال القراض متعدّياً ، فيبطل البيع ، ولا يكون للقراض(٢) .

مسألة ٢٨١ : لو اختلفا في قدر حصّة العامل من الربح ، فقال المالك : شرطتُ(٣) لك الثلث ، وقال العامل : بل النصف ، فالقول قول المالك مع‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، البيان ٧ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٦ ، البيان ٧ : ٢٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « اشترطتُ ».

١٢٨

يمينه وعدم البيّنة ، عند علمائنا - وبه قال الثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ المالك منكر لما ادّعاه العامل من زيادة السدس ، والقول قول المنكر مع اليمين.

وقال الشافعي : يتحالفان ؛ لأنّهما اختلفا في عوض العقد وصفته ، فأشبه اختلاف المتبايعين في قدر الثمن ، وكالإجارة ، فإذا حلفا فسخ العقد ، واختصّ الربح والخسران بالمالك ، وللعامل أُجرة المثل عن عمله ، كما لو كان القراض فاسداً - وفيه وجه : إنّها إن كانت أكثر من نصف الربح فليس له إلّا قدر النصف ؛ لأنّه لا يدّعي أكثر منه(٢) - ولو حلف أحدهما ونكل الآخَر حُكم للحالف بما ادّعاه(٣) .

وعن أحمد رواية ثانية : إنّ العامل إذا ادّعى أُجرة المثل وزيادة يتغابن الناس بمثلها فالقول قوله ، وإن ادّعى أكثر فالقول قوله فيما وافق أُجرة المثل(٤) .

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٠ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ ، المغني ٥ : ١٩٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٥ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٤ / ١٧٣٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٨٩ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٠٩ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٩٤ / ٣٤٨٣ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٦٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢ - ٢٢٣.

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ - ٢٢٨ ، الوجيز ١ : ٢٢٦ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، البيان ٧ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢ ، المغني ٥ : ١٩٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٥ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٤ / ١٧٣٨ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٩٤ / ٣٤٨٥.

(٤) المغني ٥ : ١٩٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٥.

١٢٩

والمعتمد ما قلناه ؛ لأنّ المالك منكر ، ولأنّه اختلاف في فعله ، وهو أبصر به وأعرف ، ولأنّ الأصل تبعيّة الربح للمال ، فالقول قول مَنْ يدّعيه ، وعلى مَنْ يدّعي خلافَه البيّنةُ.

مسألة ٢٨٢ : لو اختلفا في قدر رأس المال ، فقال المالك : دفعتُ إليك ألفين هي رأس المال ، وقال العامل : بل دفعتَ إلَيَّ ألفاً واحدة هي رأس المال ، قُدّم قول العامل مع اليمين.

قال ابن المنذر : أجمع كلّ مَنْ يُحفظ عنه من أهل العلم أنّ القول قول العامل في قدر رأس المال ، كذلك قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي(١) .

لأنّ المالك يدّعي عليه قبضاً وهو ينكره ، والقول قول المنكر ، والأصل عدم القبض إلّا فيما يُقرّ به ، ولأنّ المال في يد العامل وهو يدّعيه لنفسه ربحاً ، وربّ المال يدّعيه لنفسه ، فالقول قول صاحب اليد.

ولا فرق عندنا بين أن يختلفا وهناك ربح أو لم يكن ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) .

ولهم وجهٌ آخَر : إنّ الأمر كذلك إن لم يكن هناك ربح ، وإن كان تحالفا ؛ لأنّ قدر الربح يتفاوت به ، فأشبه الاختلاف في القدر المشروط من‌

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٣ ، المغني ٥ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٤ - ١٧٥ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٩٤ - ٥٩٥ / ٣٤٨٦ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٠٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٩١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٤.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ و ٣٥٥ ، البيان ٧ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٣.

١٣٠

الربح(١) .

والحكم في الأصل ممنوع على ما تقدّم ، مع أنّ الفرق ظاهر ؛ فإنّ الاختلاف في القدر المشروط من الربح اختلاف في كيفيّة العقد ، والاختلاف هنا اختلاف في القبض ، فيُصدَّق فيه النافي ، كما لو اختلف المتبايعان في قبض الثمن ، فإنّ المصدَّق البائع.

مسألة ٢٨٣ : لو كان العامل اثنين وشرط المالك لهما نصفَ الربح بينهما بالسويّة وله النصف ، وتصرّفا واتّجرا فنضّ المال ثلاثة آلاف ، ثمّ اختلفوا فقال ربّ المال : إنّ رأس المال ألفان ، فصدّقه أحد العاملين وكذّبه الآخَر وقال : بل دفعتَ إلينا ألفاً واحدة ، لزم الـمُقرّ ما أقرّ به ، ثمّ يحلف المنكر ؛ لما بيّنّا من تقديم قول العامل في قدر رأس المال ، ويُقضى للمنكر بموجب قوله ، فالربح بزعم المنكر ألفان وقد استحقّ بيمينه منهما خمسمائة ، فتُسلّم إليه ، ويأخذ المالك من الباقي ألفين عن رأس المال ؛ لاتّفاق المالك والـمُقرّ عليه ، تبقى خمسمائة تُقسَّم بين المالك والمصدِّق أثلاثاً ؛ لاتّفاقهم على أنّ ما يأخذه المالك مِثْلا ما يأخذه كلّ واحدٍ من العاملين ، وما أخذه المنكر كالتالف منهما ، فيأخذ المالك ثلثي خمسمائة والمصدِّق ثلثها ؛ لأنّ نصيب ربّ المال من الربح نصفه ، ونصيب المصدِّق الربع ، فيقسّم بينهما على ثلاثة أسهم ، وما أخذه الحالف كالتالف ، والتالف في المضاربة يُحسب من الربح.

ولو كان الحاصل ألفين لا غير ، فادّعاها المالك رأسَ المال ، فصدّقه أحدهما وكذّبه الآخَر وادّعى أنّ رأس المال ألف والألف الأُخرى ربح ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ - ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٥ ، البيان ٧ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٣.

١٣١

صُدّق المكذِّب بيمينه ، فإذا حلف أخذ ربعها مائتين وخمسين الزائدة على ما أقرّ به ، والباقي يأخذه المالك.

مسألة ٢٨٤ : لو اختلفا في جنس مال القراض ، فادّعى المالك أنّ رأس المال كان دنانير ، وقال العامل : بل دراهم ، فالقول قول العامل مع يمينه ؛ لما تقدّم من أنّه أمين.

ولو اختلفا في أصل القراض ، مثل : أن يدفع إلى رجلٍ مالاً يتّجر به ، فربح ، فقال المالك : إنّ المال الذي في يدك كان قراضاً والربح بيننا ، وقال التاجر : بل كان قرضاً علَيَّ ، ربحه كلّه لي ، فالقول قول المالك مع يمينه ؛ لأنّه ملكه ، والأصل تبعيّة الربح له ، فمدّعي خلافه يفتقر الى البيّنة ، ولأنّه ملكه فالقول قوله في صفة خروجه عن يده ، فإذا حلف قُسّم الربح بينهما.

وقال بعض العامّة : يتحالفان ، ويكون للعامل أكثر الأمرين ممّا شُرط له أو أُجرة مثله ؛ لأنّه إن كان الأكثر نصيبه من الربح ، فربّ المال يعترف له به ، وهو يدّعي كلّه ، وإن كان أُجرة مثله أكثر ، فالقول قوله مع يمينه في عمله ، كما أنّ القول قول ربّ المال في ماله ، فإذا حلف قُبِل قوله في أنّه ما عمل بهذا الشرط ، وإنّما عمل لعوضٍ لم يسلم له ، فتكون له أُجرة المثل(١) .

ولو أقام كلٌّ منهما بيّنةً بدعواه ، فالأقوى : إنّه يُحكم ببيّنة العامل ؛ لأنّ القول قول المالك ، فتكون البيّنة بيّنة العامل.

وقال أحمد : إنّهما يتعارضان ، ويُقسّم الربح بينهما نصفين(٢) .

ولو قال ربّ المال : كان بضاعةً فالربح كلّه لي ، وقال العامل : كان قراضاً ، فالأقرب : إنّهما يتحالفان ، ويكون للعامل أقلّ الأمرين من نصيبه‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٧.

(٢) المغني ٥ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٧ - ١٧٨.

١٣٢

من الربح أو أُجرة مثله ؛ لأنّه لا يدّعي أكثر من نصيبه من الربح ، فلا يستحقّ زيادةً عليه وإن كان الأقلّ أُجرة مثله ، فلم يثبت كونه قراضاً ، فيكون له أُجرة عمله.

ويحتمل أن يكون القول قولَ العامل ؛ لأنّ عمله له ، فيكون القولُ قولَه فيه.

ولو قال المالك : كان بضاعةً ، وقال العامل : كان قرضاً علَيَّ ، حلف كلٌّ منهما على إنكار ما ادّعاه خصمه ، وكان للعامل أُجرة عمله لا غير.

ولو خسر المال أو تلف ، فقال المالك : كان قرضاً ، وقال العامل : كان قراضاً أو بضاعةً ، فالقول قول المالك.

وكذا لو كان هناك ربح فادّعى العامل القراضَ والمالك الغصبَ ، فإنّه يُقدّم قول المالك مع يمينه.

* * *

١٣٣

الفصل الخامس : في التفاسخ واللواحق‌

مسألة ٢٨٥ : قد بيّنّا أنّ القراض من العقود الجائزة من الطرفين ، كالوكالة والشركة ، بل هو عينهما ؛ فإنّه وكالة في الابتداء ، ثمّ قد يصير شركةً في الأثناء ، فلكلّ واحدٍ من المالك والعامل فسخه والخروج منه متى شاء ، ولا يحتاج فيه إلى حضور الآخَر ورضاه ؛ لأنّ العامل يشتري ويبيع لربّ المال بإذنه ، فكان له فسخه ، كالوكالة ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : يعتبر الحضور كما ذكر في خيار الشرط(٢) .

والحكم في الأصل ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإن فسخا العقد أو أحدهما ، فإن كان قبل العمل عاد المالك في رأس المال ، ولم يكن للعامل أن يشتري بعده.

وإن كان قد عمل ، فإن كان المال ناضّاً ولا ربح فيه أخذه المالك أيضاً ، وكان للعامل أُجرة عمله إلى ذلك الوقت ، وإن كان فيه ربح أخذ رأس ماله وحصّته من الربح ، وأخذ العامل حصّته منه.

وإن لم يكن المال ناضّاً ، فإن كان دَيْناً بأن باع نسيئةً بإذن المالك ، فإن كان في المال ربح كان على العامل جبايته ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٣) .

____________________

(١) البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٧٧ و ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٩ ، المغني ٥ : ١٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٣٤

وإن لم يكن هناك ربح ، قال الشيخرحمه‌الله : يجب على العامل جبايته أيضاً(١) ، وبه قال الشافعي ؛ لأنّ المضاربة تقتضي ردّ رأس المال على صفته ، والديون لا تجري مجرى المال الناضّ ، فيجب(٢) عليه أن ينضّه إذا أمكنه ، كما لو كانت عروضاً فإنّه يجب عليه بيعها(٣) .

والأصل فيه : إنّ الدَّيْن ملك ناقص ، والذي أخذه كان ملكاً تامّاً ، فليردّ كما أخذ.

وقال أبو حنيفة : إن كان في المال ربح كان عليه أن يجبيه ، وإن لم يكن فيه ربح لم يجب عليه أن يقتضيه ؛ لأنّه إذا لم يكن فيه ربح لم يكن له غرض في العمل ، فصار(٤) كالوكيل(٥) .

والفرق : إنّ الوكيل لا يلزمه بيع العروض ، والعامل يلزمه.

مسألة ٢٨٦ : لو فسخ المالك القراض والحاصل دراهم مكسّرة وكان رأس المال صحاحا ، فإن قدر على إبدالها بالصحاح وزناً أبدلها ، وإلّا باعها بغير جنسها من النقد ، واشترى بها الصحاح.

ويجوز أن يبيعها بعرضٍ ويشتري به الصحاح ؛ لأنّه سعي في إنضاض المال ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة ، والثاني : لا يجوز ؛ لأنّه قد‌

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٤٦٣ - ٤٦٤ ، المسألة ١٠ من كتاب القراض.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « فوجب ».

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٩ ، البيان ٧ : ١٩٨ و ١٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ ، المغني ٥ : ١٨٠ - ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٤) في النُّسَخ الخطّيّة : « فكان » بدل « فصار ».

(٥) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٩ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ ، البيان ٧ : ١٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، المغني ٥ : ١٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٣٥

يتعوّق عليه بيع العرض(١) .

ولو كان رأس المال دنانير والحاصل دراهم ، أو بالعكس ، أو كان رأس المال أحد النقدين والحاصل متاع ، فإن لم يكن هناك ربح فعلى العامل بيعه إن طلبه المالك.

وللعامل أيضاً بيعه وإن كره المالك - وبه قال الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق(٢) - لأنّ حقّ العامل في الربح لا يظهر إلّا بالبيع.

ولا يجب على المالك الصبر وتأخير البيع إلى موسم رواج المتاع - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ حقّ المالك معجَّل.

وقال مالك : للعامل أن يؤخّر البيع إلى الموسم(٤) .

ولو طلب المالك أن يأخذه بقيمته ، جاز ، وما يبقى بعد ذلك بينهما يتقاسمانه.

وإن لم يطلب ذلك ، وطلب أن يباع بجنس رأس المال ، لزم ذلك ، ويباع منه بقدر رأس المال ، ولا يُجبر العامل على بيع الباقي.

ولو قال العامل : قد تركتُ حقّي منه فخُذْه على صفته ولا تكلّفني البيع ، فالأقرب : إنّه لا يُجبر المالك على القبول ؛ لأنّ له طلب ردّ المال كما أخذه ، وفي الإنضاض مشقّة ومئونة ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، والثاني :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨.

(٢) المغني ٥ : ١٧٩ - ١٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ - ٢١٩.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

(٤) بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ - ٢٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠.

١٣٦

إنّه يجب على المالك القبول(١) .

وقد اختلفت الشافعيّة في مأخذ الوجهين هنا وفي كيفيّة خروجهما.

فقال بعضهم : إنّ هذا مبنيّ على الخلاف في أنّه متى يملك العامل الربحَ؟ إن قلنا بالظهور ، لم يلزم المالك قبول ملكه ، ولم يسقط به طلب البيع ، وإن قلنا بالقسمة ، أُجيب ؛ لأنّه لم يبق له توقّع فائدةٍ ، فلا معنى لتكليفه تحمّل مشقّةٍ(٢) .

وقال بعضهم : بل هُما مفرَّعان أوّلاً على أنّ حقّ العامل هل يسقط بالترك والإسقاط؟ وهو مبنيّ على أنّ الربح متى يملك؟ إن قلنا بالظهور ، لم يسقط كسائر المملوكات ، وإن قلنا بالقسمة ، سقط على أصحّ الوجهين ؛ لأنّه مَلَك أن يملك ، فكان له العفو والإسقاط كالشفعة ، فإن قلنا : لا يسقط حقّه بالترك ، لم يسقط بتركه المطالبة بالبيع ، وإذا قلنا : يسقط ، ففيه خلاف - سيأتي - في أنّه هل يُكلّف البيع إذا لم يكن في المال ربح؟(٣) .

ولو قال المالك : لا تبع ونقتسم العروض بتقويم عَدْلين ، أو قال : أُعطيك نصيبك من الربح ناضّاً ، فالأقوى : إنّ للعامل الامتناع ؛ لأنّه قد يجد زبوناً(٤) يشتريه بأكثر من قيمته.

وللشافعيّة وجهان بناهما قومٌ منهم على أنّ الربح متى يملك؟ إن قلنا بالظهور ، فله البيع ، وإن قلنا بالقسمة ، فلا ؛ لوصوله إلى حقّه بما يقوله المالك(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ - ٤١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١.

(٤) راجع : ج ١٤ - من هذا الكتاب - ص ١٦١ ، الهامش (٥)

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٣٧

وقطع بعضهم على الثاني ، وقال : إذا غرس المستعير في أرض العارية ، كان للمعير أن يتملّكه بالقيمة ؛ لأنّ الضرر مندفع عنه بأخذ القيمة ، فهنا أولى(١) .

والأصل ممنوع.

ثمّ اختلفوا ، فالذي قطع به محقّقوهم أنّ الذي يلزمه بيعه وإنضاضه قدر رأس المال خاصّةً ، أمّا الزائد فحكمه حكم عرضٍ آخَر يشترك فيه اثنان ، لا يكلّف واحد منهما بيعه ؛ لأنّه في الحقيقة مشترك بين المالك والعامل ، ولا يلزم الشريك أن ينضّ مال شريكه ، ولأنّ الواجب عليه أن ينضّ رأس المال ليردّ عليه رأس ماله على صفته ، ولا يوجد هذا المعنى في الربح.

وإذا باع بطلب المالك أو بدونه ، باع بنقد البلد إن كان من جنس رأس المال ، ولو لم يكن من جنسه باعه بما يرى من المصلحة إمّا برأس المال أو بنقد البلد ، فإن اقتضت بيعه بنقد البلد باعه به ، وحصل به رأس المال(٢) .

مسألة ٢٨٧ : لو لم يكن في المال ربح ، ففي وجوب البيع على العامل وإنضاض المال لو كلّفه المالك إشكال ينشأ : من أنّ غرض البيع أن يظهر الربح ليصل العامل إلى حقّه منه ، فإذا لم يكن ربح وارتفع العقد لم يحسن تكليفه تعباً بلا فائدة ، ومن أنّ العامل في عهدة أن يردّ المال كما أخذه ؛ لئلّا يلزم المالك في ردّه إلى ما كان مئونة وكلفة.

وللشافعيّة وجهان(٣) كهذين.

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٣٨

وهل للعامل البيع لو رضي المالك بإمساك المتاع؟ إشكال ينشأ : من أنّه قد يجد زبوناً يشتريه بزيادةٍ ، فيحصل له ربحٌ ما ، ومن أنّ المالك قد كفاه مئونة البيع ، وهو شغل لا فائدة فيه.

وللشافعيّة وجهان(١) .

والثاني عندي أقوى ؛ لأنّ المضارب إنّما يستحقّ الربح إلى حين الفسخ ، وحصول راغبٍ يزيد إنّما حصل بعد فسخ العقد ، فلا يستحقّها العامل.

وقال بعضهم : إنّ العامل ليس له البيع بما يساويه بعد الفسخ قطعاً ، وله أن يبيع بأكثر ممّا يساويه عند الظفر بزبونٍ(٢) .

وتردّد بعضهم في ذلك ؛ لأنّ هذه الزيادة ليست ربحاً في الحقيقة ، وإنّما هو رزق يساق إلى مالك العروض(٣) .

وعلى القول بأنّه ليس للعامل البيع إذا أراد المالك إمساك العروض أو اتّفقا على أخذ المالك العروض ثمّ ظهر ربح بارتفاع السوق ، فهل للعامل نصيبٌ فيه ؛ لحصوله بكسبه ، أو لا ؛ لظهوره بعد الفسخ؟ الأقوى : الثاني ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٤) .

مسألة ٢٨٨ : يرتفع القراض بقول المالك : « فسختُ القراض » و « رفعتُه » و « أبطلتُه » وما أدّى هذا المعنى ، وبقوله للعامل : « لا تتصرّف بعد هذا » أو « قد أزلتُ يدك عنه » أو « أبطلتُ حكمك فيه » وباسترجاع المال من العامل لقصد رفع القراض.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٣٩

ولو باع المالك ما اشتراه العامل للقراض ، فإن قصد بذلك إعانة العامل لم يرتفع ، وإن قصد رفع حكم العامل فيه ارتفع ، كما أنّ الموكّل لو باع ما وكّل في بيعه ، فإنّ الوكيل ينعزل ، كذا العامل هنا ؛ لأنّه في الحقيقة وكيلٌ خاصّ ، ولو لم يقصد شيئاً منهما احتُمل حمله على الأوّل وعلى الثاني.

وللشافعيّة وجهان(١) .

ولو حبس العامل ومنعه من التصرّف ، أو قال : لا قراض بيننا ، فالأقرب : الانعزال.

مسألة ٢٨٩ : القراض من العقود الجائزة يبطل بموت المالك أو العامل أو جنون أحدهما أو إغمائه أو الحجر عليه للسفه ؛ لأنّه متصرّف في مال غيره بإذنه ، فهو كالوكيل.

ولا فرق بين ما قبل التصرّف وبعده.

فإذا مات المالك ، فإن كان المال ناضّاً لا ربح فيه أخذه الوارث ، وإن كان فيه ربح اقتسماه.

وتُقدَّم حصّة العامل على جميع الغرماء ، ولم يأخذوا شيئاً من نصيبه ؛ لأنّه يملك الربح بالظهور ، فكان شريكاً للمالك ، وليس لربّ المال شي‌ء من نصيبه ، فهو كالشريك ، ولأنّ حقّه متعلّق بعين المال دون الذمّة ، فكان مقدَّماً ، كحقّ الجناية ، ولأنّه متعلّق بالمال قبل الموت ، فكان أسبق ، كحقّ الرهن.

وإن كان المال عرضاً ، فالمطالبة بالبيع والتنضيض كما في حالة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

الكوفي، نا زيد بن الحسين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: أيها الناس انّي تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي. وفي الباب عن أبي ذر وابى سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد. هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من اهل العلم ».

كما يظهر من ( نوادر الأصول ) للحكيم الترمذي روايته هذا الحديث الثقلين الشريف.

*(٣٢)*

رواية ابى محمد عبد بن حميد الكسى

روى حديث الثقلين في ( مسنده ) حيث قال: « أخبرنا جعفر بن عون أنا أبو حيان التيمي عن يزيد بن حبّان قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد: أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه. ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرّات - فقال حصين: يا زيد ومن أهل بيته؟ »(١) .

و قال الحافظ السيوطي: « الحديث السابع: اخرج عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(٢) .

____________________

(١). المنتخب من مسند عبد بن حميد: ٢٦٥.

(٢). احياء الميت بذكر فضائل أهل البيت: ١٢.

٢٨١

وقال نور الدين السمهودي ما نصه: « عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم خليفتين، كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. أخرجه احمد في مسنده، وعبد ابن حميد بسند جيد ولفظه: انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ومثله قال الشيخاني القادري في [ الصراط السوي ] والميرزا محمد خان البدخشي في [ مفتاح النجا - مخطوط ] في ذكر طرق الحديث.

هذا وقد روى عبد بن حميد هذا الحديث عن زيد بن أرقم أيضا، فقد قال الحافظ السيوطي ما نصه: « أما بعد، الا أيها الناس فإنما انا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضل، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ( حم ) وعبد بن حميد ( م ) عن زيد بن أرقم »(٢) .

وقد ذكر الملا علي المتقى رواية عبد بن حميد لحديث الثقلين هذا في ( كنز العمال ).

ترجمته:

١ - المقدسي : « عبد بن حميد بن نصر، ابو حميد الكسي، وكان اسمه عبد الحميد في الأصل، سمع عثمان بن عمر عند البخاري، وابا عاصم

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الجامع الصغير - بشرح المناوى ٢ / ١٧٤ - ١٧٥.

٢٨٢

وعبد الرزاق ويعقوب بن ابراهيم وأبا عامر العقدى وجعفر بن عون ويونس المؤدب وابا نعيم وسعيد بن عامر واحمد بن إسحاق وعمر بن يونس والحسن بن موسى روى عنه مسلم واكثر. وقال البخاري: وقال عبد الحميد [ عبد ابن حميد ] ذكره بغير سماع »(١) .

٢ - السمعاني : « الكسي بكسر الكاف وتشديد السين المهملة، هذه النسبة الى بلدة بما وراء النهر يقال لها كس، غير أن المشهور كش بفتح الكاف والشين المنقوطة، ويعرف بنخشب. والمعروف من هذه البلدة: ابو محمد عبد الحميد بن حميد بن نصر الكسي، وهو المعروف بعبد بن حميد، امام جليل القدر، ممن جمع وصنف وكانت اليه الرحلة من أقطار الأرض، مات في شهر رمضان ٢٤٩ »(٢) .

٣ - الميرزا محمد البدخشانى مثله(٣) .

٤ - عبد الغنى المقدسي : « وروى عنه مسلم فأكثر، وقال البخاري في حنين الجذع، وزاد عبد الحميد عن عثمان بن عمر، قيل انه عبد بن حميد، روى عنه الترمذي »(٤) .

٥ - الذهبي : « عبد بن حميد بن نصر، الامام الحافظ ابو محمد الكسي، مصنف المسند الكبير والتفسير وغير ذلك وكان من الأئمة الثقات، وقع المنتخب من مسنده لنا ولصغار أولادنا بعلو، مات سنة ٢٤٩ »(٥) .

٦ - الذهبي أيضا في ( الكاشف ٢ / ٢٢٢ ) و ( العبر ١ / ٤٥٤ ) بنحو ما مر.

____________________

(١). أسماء رجال الصحيحين ١ / ٣٣٧ - ٣٣٨.

(٢). الأنساب - الكسى.

(٣). تراجم الحفاظ - مخطوط.

(٤). الكمال - مخطوط.

(٥). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٣٤.

٢٨٣

٧ - اليافعي: « عبد الحميد الحافظ، أبو محمد، صاحب المسند والتفسير »(١) .

٨ - ابن حجر العسقلاني: « قال البخاري في دلائل النبوة عقيب حديث ابن عمر: شيخ ثقة، قال عبد الحميد، حدثنا عثمان بن عمر حدثنا معاذ بن العلاء، عن نافع هذا، فقيل انه عبد بن حميد هذا. وقال ابو حاتم بن حبان في الثقات: عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشي، وهو الذي يقال له عبد بن حميد، كان ممن جمع وصنف »(٢) .

٩ - ابن حجر أيضا: « ثقة حافظ من الحادية عشرة »(٣) .

١٠ - وترجم لهالجلال السيوطي معبرا عنه ب- ( الحافظ ) ومترجما له بنحو ما مر(٤) .

*(٣٣)*

رواية عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي

قال الحافظ الطبراني ما نصه: « حدثنا الحسن بن محمد بن مصعب الاشناني الكوفي، حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، حدثنا عبد الرحمن المسعودي عن كثير النواء، عن عطية العوفي، عن ابى سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما اكبر من الآخر: كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يتفرقا [ يفترقا ] حتى يردا علي الحوض. لم يروه عن كثير النواء الا المسعودي »(٥) .

____________________

(١). مرآة الجنان ٢ / ١٥٥.

(٢). تهذيب التهذيب ٦ / ٤٥٥.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٥٢٩.

(٤). طبقات الحفاظ: ٢٣٤.

(٥). المعجم الصغير ١ / ١٣١.

٢٨٤

*(٣٤)*

رواية نصر بن على بن نصر بن على الجهضمي

فقد قال الحكيم الترمذي ما نصه: « حدثنا نصر بن علي، قال حدثنا زيد بن الحسن، قال حدثنا معروف بن خربوذ المكي، عن ابى الطفيل عامر ابن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: لما صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع خطب فقال: أيها الناس انه قد نبأنى اللطيف الخبير انه لن يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه من قبل، واني أظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، واني فرطكم على الحوض، واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فاني قد نبأنى اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ترجمته:

١ - المقدسي : « نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري يكنى أبا عمرو، والد علي، سمع أباه وعبد الاعلى وأبا احمد الزبيري عندهما وغير واحد، روى عنه البخاري ومسلم. قال ابو العباس السراج: مات سنة ٢٥٠ [ بالبصرة ]، وقال البخاري: في شهر ربيع الاول [ الآخر ] من هذه السنة »(٢) .

٢ - السمعاني : « قاضي البصرة، من العلماء المتقنين، كان ثقة ثبتا حجة »(٣) .

____________________

(١). نوادر الأصول: ٦٨ - ٦٩.

(٢). أسماء رجال الصحيحين ٢ / ٥٣١.

(٣). الأنساب - الجهضمي.

٢٨٥

٣ - الذهبي : « كان أحد الحفاظ والأئمة بالبصرة. قال عبد الله بن احمد: سألت ابى عنه فرضيه وقال ما به بأس. وقال ابو حاتم: هو أحب الي من الفلاس وأوثق وأحفظ. وقال ابن خراش وغيره: ثقة. وقال آخر: كان من نبلاء الناس »(١) .

٤ - الذهبي : « الحافظ العلامة قال احمد: ما به بأس. وقال ابو حاتم: هو أحب الي من الفلاس وأحفظ وأوثق. وقال النسائي: ثقة »(٢) .

٥ - الذهبي أيضا: « الحافظ أحد أوعية العلم »(٣) .

٦ - اليافعي كذلك(٤) .

٧ - السيوطي : « روى عن أبيه وابن عيينة ويزيد بن زريع وخلق، وعنه الأئمة الستة وأبو حاتم وخلق، مات سنة ٢٥٠ »(٥) .

*(٣٥)*

رواية محمد بن المثنى العنزي

بعلم روايته لحديث الثقلين من عبارة ( الخصائص ) للنسائي الآتية.

ترجمته:

١ - المقدسي : « محمد بن المثنى بن عبد قيس ابو موسى العنزي، يعرف بالزمن، من اهل البصرة، سمع ابن عيينة وغندرا وجماعة عندهما. روى عنه البخاري ومسلم واكثرا عنه »(٦) .

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥١٩.

(٣). العبر ١ / ٤٥٧.

(٤). مرآة الجنان ٢ / ١٥٦.

(٥). طبقات الحفاظ: ٢٢٧.

(٦). أسماء رجال الصحيحين ١ / ٤٥١.

٢٨٦

٢ - السمعاني : « روى عنه البخاري ومسلم وابو داود وابو عيسى والنسائي، كان من الثقات »(١) .

٣ - المزي : « قال محمد بن يحيى النيسابوري: حجة، وقال صالح بن محمد الحافظ: صدوق اللهجة وكان في عقله شيء وكنت أقدمه على بندار. وقال (س): لا بأس به كان يغير في كتابه. وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال: كان صاحب كتاب لا يقرأ الا من كتابه »(٢) .

٤ - الذهبي : « قال يحيى بن محمد الذهلي: حجة. وقال ابو حاتم: صدوق وقال ابن خراش: كان من الإثبات، وقال الخطيب: كان صدوقا ورعا فاضلا ثقة قدم بغداد وحدث بها »(٣) .

٥ - الذهبي أيضا في [ تذكرة الحفاظ ٢ / ٥١٢ ] و [ العبر ٢ / ٤ ].

٦ - وفي ( الكاشف ) : « ثقة، ورع »(٤) .

٧ - العسقلاني : « ثقة ثبت، من العاشرة »(٥) .

٨ - السيوطي بنحو ما تقدم(٦) .

*(٣٦)*

رواية ابى محمد الدارمي

روى الحديث في ( سننه ) حيث قال:

« حدّثنا جعفر بن عون ثنا أبو حيان عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خطيبا، فحمد الله وأثنى

____________________

(١). الأنساب - العنزي.

(٢). تذهيب الكمال - مخطوط.

(٣). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٤). الكاشف ٣ / ٩٣.

(٥). تقريب التهذيب ٢ / ٢٠٤.

(٦). طبقات الحفاظ: ٢٢٢.

٢٨٧

عليه ثمّ قال: يا أيّها الناس، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به. فحثّ عليه ورغّب فيه. ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي. ثلاث مرات »(١) .

ولقد قال السخاوي بعد أن أورد حديث الثقلين عن صحيح مسلم: « وفي لفظ: قيل لزيدرضي‌الله‌عنه : من اهل بيته: نساؤه؟ فقال: لا ايم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أمها. وفي رواية غيره: الى أبيها وأمها. اهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

أخرجه مسلم أيضا وكذا النسائي باللفظ الاول، وأحمد، والدارمي في مسنديهما وابن خزيمة في صحيحه وآخرون كلهم من حديث ابى حيان التيمي يحيى بن سعيد بن حيان عن يزيد بن حيان »(٢) .

ترجمته:

١ - المقدسي : « عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي، يكنى ابا محمد، سمع ابا اليمان الحكم بن نافع، ويحيى بن حسان، ومحمد بن عبد الله الرقاشي ومروان، ومحمدا وأبا المغيرة، وعبد الله بن جعفر الرقى، وحجاج بن منهال، والفريابي، وابا نعيم، وعفان، وأبا علي عبد [ عبيد ] الله الحنفي، وأبا معمر [ و ] عبد الله بن عمر المقري، وأبا الوليد الطيالسي، ومحمد ابن المبارك، ومسلم بن ابراهيم، ومحمد بن كثير، وحبان بن هلال، وموسى ابن خالد ختن الفريابي. روى عنه مسلم »(٣) .

٢ - السمعاني : « احد الرحالين في الحديث، والموصوفين بجمعه

____________________

(١). سنن الدارمي ٢ / ٤٣١.

(٢). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.

(٣). اسماء رجال الصحيحين ١ / ٢٧٠.

٢٨٨

وحفظه والإتقان له، مع الثقة والصدق والورع والزهد. واستقضي على سمرقند فأبى فألح عليه السلطان حتى يقلده [ تقلده ] وقضى قضية واحدة ثم استعفى فأعفي، وكان على غاية العقل وفي نهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم والرزانة والاجتهاد والعبادة والتقلل والزهادة، وصنف ( المسند ) و ( التفسير ) و ( الجامع ) »(١) .

٣ - عبد الغنى المقدسي بنحو ما تقدم(٢) .

٤ - المزي : « وسأل انسان احمد عن أبى المنذر، فقال: لا أعرفه، قد طالت غيبة إخواننا عنا لكن اين أنت عن عبد الله بن عبد الرحمن؟ عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، فقال عثمان بن ابى شيبة: أمره ظاهر من الصبر والحفظ وصيانة النفس عافاه الله.

وقال بندار: حفّاظ الدنيا أربعة: ابو زرعة بالري، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن اسماعيل ببخارى.

وقال ابو حاتم بن حبان: كان من الحفاظ المتقنين واهل الورع في الدين، ممن حفظ وجمع وتفقه وصنف وحدث، واظهر السنة في بلده ودعا إليها وذب عن حريمها وقمع من خالفها »(٣) .

٥ - الذهبي : « الدارمي - الامام الحافظ شيخ الإسلام بسمرقند صاحب المسند العالي الذي في طبقته منتخب مسند عبد بن حميد »(٤) .

____________________

(١). الأنساب - الدارمي.

(٢). الكمال - مخطوط.

(٣). تهذيب الكمال - مخطوط.

(٤). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٣٥.

٢٨٩

٦ - الذهبي أيضا: « قال ابو حاتم: هو امام اهل زمانه »(١) .

٧ - في ( العبر ٢ / ٨ ) نحوه.

٨ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٦١ ).

٩ - ولى الدين الخطيب ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

١٠ - العسقلاني ( تهذيب التهذيب ٥ / ٢٩٤ ).

١١ - العسقلاني أيضا : « الحافظ صاحب المسند، ثقة فاضل متقن من الحادية عشر »(٢) .

١٢ - السيوطي ( طبقات الحفاظ ) والداودي ( طبقات المفسرين ١ / ٢٣٥ ) الملا على القاري ( المرقاة ١ / ٢٣ ) بنحو ما تقدم.

*(٣٧)*

رواية على بن المنذر الطريقي

تتضح روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة ( صحيح الترمذي ) في رواية الأعمش المتقدمة، ومن رواية ابن الأثير في ( اسد الغابة ).

ترجمته:

١ - السمعاني ( الأنساب - الطريقي ).

٢ - المزي : « قال ابن ابى حاتم: سمعت منه مع ابى، وهو صدوق ثقة، وسئل ابى عنه فقال: حج خمسا وخمسين حجة ومحله الصدق، وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال ابن نمير: ثقة صدوق »(٣) .

____________________

(١). الكاشف ١ / ١٠٣.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٢٩.

(٣). تهذيب الكمال - مخطوط.

٢٩٠

٣ - الذهبي : « قال (س): شيعى محض، ثقة مات ٢٥٦ )(١) .

٤ - ولى الدين الخطيب ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

٥ - العسقلاني : « صدوق يتشيع، من العاشرة »(٢) .

٦ - الشيخ عبد الحق الدهلوي ( أسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

*(٣٨)*

رواية مسلم بن الحجاج القشيري

لقد أورد حديث الثقلين بطرق عديدة، وأسانيد كثيرة، فقال:

« حدثني زهير بن حرب، وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية، قال زهير: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم، حدثني ابو حيان، حدثني يزيد بن حيان، قال: انطلقت انا وحصين بن سبرة وعمر [ و ] بن مسلم الى زيد بن أرقم، فلما جلسنا اليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سنى وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوه [ فاقبلوا ] ومالا فلا تكلفونيه.

ثم قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: اما بعد، الا يا ايها الناس، فإنما انا بشر يوشك ان يأتى رسول ربى فأجيب، وانا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا

____________________

(١). الكاشف ٢ / ٢٩٦.

(٢). تقريب التهذيب ٢ / ٤٤.

٢٩١

به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: واهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي. فقال له حصين: ومن اهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من اهل بيته؟ فقال: نساؤه من اهل بيته ولكن اهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.

حدثنا ابو بكر بن ابى شيبة، ثنا: محمد بن فضيل ( ح ) وحدثنا إسحاق ابن ابراهيم، أنا جرير، كلاهما عن ابى حيان بهذا الاسناد نحو حديث اسماعيل وزاد في حديث جرير: كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل.

حدثنا محمد بن بكار بن الريان، ثنا حسان، يعنى ابن ابراهيم، عن سعيد وهو ابن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: دخلنا عليه فقلنا له: لقد رأيت خيرا، لقد صاحبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصليت خلفه. وساق الحديث بنحو حديث أبى حيان، غير انه قال: ألا وإنّي تارك فيكم الثقلين [ ثقلين ] أحدهما كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. وفيه: فقلنا: من اهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، [ و ] ايم الله ان المرأة تكون من الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أبيها وقومها. اهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده »(١) .

ترجمته:

١ - ابن خلكان : « أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صاحب ( الصحيح ) احد الأئمة الحفاظ واعلام المحدثين، رحل

____________________

(١). صحيح مسلم ٢ / ٢٣٧ - ٢٣٨.

٢٩٢

الى الحجاز والعراق والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري، واحمد ابن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وعبد الله بن مسلمة القعنبي وغيرهم. وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أهلها وآخر قدومه إليها في سنة ٢٥٩. وروى عنه الترمذي، وكان من الثقات.

وقال محمد الماسرخسي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، وقال الحافظ ابو علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. وقال الخطيب البغدادي كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه.

وقال ابو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لما استوطن البخاري نيسابور اكثر مسلم من الاختلاف اليه فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس من الاختلاف اليه حتى هجر وخرج من نيسابور في تلك المحنة قطعه اكثر الناس غير مسلم فانه لم يتخلف عن زيارته فأنهي الى محمد بن يحيى ان مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا وانه عوتب على ذلك بالحجاز والعراق ولم يرجع عنه. فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له ان يحضر مجلسنا فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رءوس الناس وخرج من مجلسه وجمع كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمال الى باب محمد بن يحيى فاستحكمت بذلك الوحشة وتخلف عنه وعن زيارته »(١) .

٢ - الذهبي : « قال ابو عمرو حمدان: سألت ابن عقدة: أيهما احفظ، البخاري او مسلم؟ فقال: كان محمد عالما ومسلم عالما. فأعدت عليه مرارا، فقال: يقع لمحمد الغلط في اهل الشام وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها فربما ذكر الرجل بكنيته ويذكره في موضع آخر يظنهما اثنين. واما مسلم فقل ما

____________________

(١). وفيات الأعيان ٤ / ٢٨٠.

٢٩٣

يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل »(١) .

٣ - وفي ( الكاشف ٣ / ١٤٠ ) و ( العبر ١ / ٢٣ ) كذلك.

٤ - اليافعي . ثم ذكر المقارنة التالية: « وقد اختلف أئمة الحديث المتأخرون في تفضيل الصحيحين، فالأكثرون منهم فضلوا صحيح البخاري على صحيح مسلم وبعضهم فضلوا صحيح مسلم، حتى قال ابو علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. قلت: والمعروف ان كتاب البخاري افقه وكتاب مسلم احسن سياقا للروايات »(٢) .

٥ - ابن الوردي ( تتمة المختصر في اخبار البشر ١ / ٣٢٧ ).

٦ - الملا على القاري ( المرقاة ١ / ١٦ - ١٧ ).

٧ - الشيخ عبد الحق الدهلوي ( اسماء رجال المشكاة ): « احد الأئمة الحفاظ من المتقنين المبرزين وأستاذ علماء الحديث وقدوتهم وعمدتهم، رحل في طلب الحديث الى اقطار العالم وأكنافه وأمصار الإسلام ».

*(٣٩)*

رواية ابن ماجة القزويني

ذكر الكنجي بعد روايته لحديث الثقلين بسنده ما يلي: « أخرجه مسلم في صحيحه كما أخرجناه، ورواه ابو داود وابن ماجة القزويني في كتابيهما »(٣) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٨٨ - ٥٩٠.

(٢). مرآة الجنان ٢ / ١٧٤.

(٣). كفاية الطالب: ٥٣.

٢٩٤

ترجمته:

في ( وفيات الأعيان ٣ / ٤٠٧ ) و ( تهذيب الكمال - مخطوط ) و ( اسماء رجال المشكاة ٣ / ٨٠٤ ) و ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٣٦ ) و ( سير اعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٧ ) و ( العبر في خبر من غير ٢ / ٥١ ) و ( الكاشف ٣ / ١١٠ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ١٨٨ ) و ( المختصر في اخبار البشر ٢ / ٥٤ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٣٣٢ ) و ( تهذيب التهذيب ٩ / ٥٣٠ ) و ( تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٠ ) و ( طبقات الحفاظ ٢٧٨ ) وغيرها من كتب الرجال والسير.

وهنا نكتفي بترجمته عن ابن خلكان، فانه قال: « ابو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة الربعي بالولاء، القزويني، الحافظ المشهور، مصنف كتاب ( السنن ) في الحديث، كان اماما في الحديث عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به، ارتحل الى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة وشام ومصر والري لكتب الحديث، وله تفسير القرآن وتاريخ مليح. وكتابه في الحديث احد الصحاح الستة ».

*(٤٠)*

رواية ابى داود السجستاني

لقد ظهر لك روايته لحديث الثقلين من عبارة الحافظ الكنجي المتقدمة، كما يظهر ذلك ايضا من كلام سبط ابن الجوزي حيث يقول: « وقد أخرجه ابو داود في سننه، والترمذي وعامة المحدثين، وذكره رزين في الجمع بين الصحاح »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني : « أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وحفظا ونسكا وورعا

____________________

(١). تذكرة خواص الامة: ٣٢٢.

٢٩٥

واتقانا ممن جمع وصنف وذب عن السنن وقمع من خالفها وانتحل ضدها، توفى بالبصرة في شوال ٢٧٥ »(١) .

٢ - ابن خلكان : « قال ابراهيم الحربي لما صنف ابو داود كتاب السنن: ألين لابي داود الحديث كما ألين لداود الحديد، وكان يقول: كتبت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمس مائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب، يعني ( السنن ) جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه. ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: أحدها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( انما الاعمال بالنيات ) والثاني قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) والثالث قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه ) والرابع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات ) »(٢) .

٣ - المزي في ( تهذيب الكمال ) بنحو ما تقدم.

٤ - الذهبي : « ابو داود الامام الثبت سيد الحفاظ »(٣) .

٥ - وايضا: « ثبت حجة امام عامل، مات في شوال ٢٧٥ »(٤) .

٦ - وفي ( العبر ): « وكان رأسا في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع حتى كان يشبه بشيخه الامام احمد بن حنبل »(٥) .

٧ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٨٩ ).

٨ - السبكى : « وقال احمد بن محمد بن ياسين الهروي في تاريخ هراة: ابو داود كان أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان

____________________

(١). الأنساب - السجستاني.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ١٣٨.

(٣). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٩١.

(٤). الكاشف ١ / ٣٩٠.

(٥). العبر ٢ / ٥٤.

٢٩٦

الحديث. وقال الحاكم ابو عبد الله: ابو داود امام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة. وقال ابو بكر الخلال: ابو داود الامام المقدم في زمانه، لم يسبق الى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه، رجل ورع مقدم.

وقال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي، حدثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود قال: كنت مع أبي داود ببغداد فصليت المغرب فجاء الأمير أبو أحمد الموفق فدخل، فأقبل عليه ابو داود وقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت؟ فقال: خلال ثلاث. قال: وما هي؟ قال: تنتقل الى البصرة فتتخذها وطنا لترحل إليك طلبة العلم فتعمر بك فإنها قد خربت وانقطع عنها الناس لما جرى عليها من محنة الزنج. قال: هذه واحدة. قال: وتروى لاولادى ( السنن ) فقال: نعم، هات الثالث؟ قال: وتفرد لهم مجلسا فان اولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة. قال: اما هذه فلا سبيل إليها لان الناس في العلم سواء: قال ابن جابر: فكانوا يحضرون ويقعدون وبينهم وبين العامة ستر »(١) .

٩ - القاري : « قال الخطابي شارحه: لم يصنف في علم الدين مثله، وهو أحسن وضعا واكثر فقها من الصحيحين. وقال ابو داود: ما ذكرت فيه حديثا اجمع الناس على تركه. وقال ابن الاعرابي: من عنده القرآن وكتاب أبي داود لم يحتج معهما الى شيء من العلم البتة، وقال الناجي: كتاب الله أصل الإسلام وكتاب ابى داود عيد الإسلام.

ومن ثم صرح حجة الإسلام الغزالي باكتفاء المجتهد به في الأحاديث، وتبعه أئمة الشافعية على ذلك »(٢) .

١٠ - عبد الحق الدهلوي ( اسماء رجال المشكاة ) بنحو ما تقدم.

١١ - الثعالبي : ( مقاليد الأسانيد ) « هو الامام الأوحد الحجة الحافظ

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٢٩٥.

(٢). المرقاة في شرح المشكاة ١ / ٢٢.

٢٩٧

النقاد سليمان بن الأشعث بن إسحاق وكان اليه المنتهى في الحفظ والإتقان وكان في الدرجة العالية من النسك والعفاف والصلاح والورع ».

*(٤١)*

رواية عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري

تظهر روايته لحديث الثقلين من عبارة الحاكم في ( المستدرك ) الآتية.

ترجمته:

١ - السمعاني : « أبو محمد عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي كان يكنى ابا محمد فكني بأبي قلابة، وغلبت عليه. سمع أباه ويزيد بن هارون وعبد الله بن بكر السهيمي، وابا داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وروح بن عبادة، وبشر بن عمر الزهراني، وأبا عامر العقدي، واشهل بن حاتم، وحجاج بن منهال، والقعنبي، ومعلى بن اسد.

روى عنه محمد بن إسحاق الصغاني، ويحيى بن محمد بن صاعد، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي المروزي، وابو عمرو بن السماك، وابو بكر احمد بن سلمان النجاد، وابو سهل ابن زياد القطان وجماعة آخرهم: ابو بكر محمد بن عبد الله الشافعي

كان مذكورا بالصلاح والخير وكان سمج الوجه. وقال الدارقطني: هو صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون »(١) .

٢ - عبد الغنى المقدسي : « ذكره ابن حبان في الثقات فقال: كان يحفظ اكثر حديثه، ويقال: انه حدث من حفظ ستين ألف حديث. وقال

____________________

(١). الأنساب - الرقاشي.

٢٩٨

ابو داود السجستاني: رجل صدوق أمين مأمون »(١) .

٣ - المزي ( تهذيب الكمال ) بنحو ما مر.

٤ - الذهبي ( تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٨٠ ) بمثل ذلك.

٥ - وأيضا في ( العبر ٢ / ٥٦ ).

٦ - وفي ( دول الإسلام حوادث سنة ٢٧٦ ).

٧ - اليافعي ( مرآة الجنان ٢ / ١٩٠ ).

٨ - السيوطي ( طبقات الحفاظ ٢٥٨ ).

*(٤٢)*

رواية ابن أبى العوام التميمي

لقد اثبت روايته لحديث الثقلين ابن المغازلي في ( المناقب ) فليراجع.

ترجمته:

السمعاني: « أبو بكر محمد بن احمد بن ابى العوام بن يزيد بن دينار الرياحي التميمي، من أهل بغداد. سمع يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وقريش بن انس، وابا عامر العقدى، وعبد العزيز بن أبان القرشي وغيرهم.

روى عنه القاضي ابو عبد الله المحاملي، وابو العباس ابن عقدة الكوفي، واسماعيل بن محمد الصفار، ومحمد بن عمرو الرزاز، وابو عمرو بن السماك، واحمد بن سلمان النجاد، واحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي، وابو بكر الشافعي، ومحمد بن جعفر بن الهيثم وهو آخر من حدث عنه. وقال ابو الحسن الدارقطني: هو صدوق، ومات في شهر رمضان سنة ٢٧٦ »(٢) .

____________________

(١). الكمال - مخطوط.

(٢). الأنساب - الرياحي.

٢٩٩

*(٤٣)*

رواية محمد بن عيسى الترمذي

لقد أورد حديث الثقلين بالسند الآتي: « حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي، ثنا: زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا ايها الناس، اني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي اهل بيتي.

وفي الباب عن أبى ذر، وأبى سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد. هذا حديث حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من اهل العلم »(١) .

و قد روى هذا الحديث بسند آخر فقال: « حدثنا علي بن المنذر الكوفي، ثنا: محمد بن فضيل، ثنا: الأعمش، عن عطية، عن ابى سعيد، والأعمش، عن حبيب بن أبى ثابت، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي اهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. هذا حديث حسن غريب »(٢) .

ترجمته:

في كافة معاجم التراجم، وهو احد ارباب الصحاح الستة المعول عليهم في الحديث فهو غني عن الاشارة الى فضله وبيان منزلته عند القوم.

____________________

(١). صحيح الترمذي ٢ / ٢١٩.

(٢). صحيح الترمذي ٢ / ٢٢٠.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466