تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 978-964-319-530-4
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156170 / تحميل: 5491
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٣١٩-٥٣٠-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

تَذْكِرَةُ الْفُقَهاء

الجزء السّابع عشر

تأليْفُ : العَلّامِةَ الحِليْ

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

٥

المقصد الرابع : في القراض‌

وفصوله خمسة :

الأوّل : الماهيّة‌

مسألة ١٩١ : القراض عقد شُرّع لتجارة الإنسان بمال غيره بحصّةٍ من الربح ، فإذا دفع الإنسان إلى غيره مالاً ليتّجر فيه ، فلا يخلو إمّا أن يشرطا قدر الربح بينهما أو لا ، فإن لم يشرطا شيئاً فالربح بأجمعه لصاحب المال ، وعليه أُجرة المثل للعامل.

وإن شرطا ، فإن جعلا جميعَ الربح للعامل كان المال قرضاً ودَيْناً عليه ، والربح له والخسارة عليه ، وإن جعلا الربحَ بأجمعه للمالك كان بضاعةً ، وإن جعلا الربحَ بينهما فهو القراض الذي عُقد الباب لأجله ، وسُمّي(١) المضاربة أيضاً.

والقراض لغة أهل الحجاز(٢) ، والمضاربة لغة أهل العراق(٣) .

____________________

(١) في « ج » : « ويُسمّى ».

(٢) كما في طلبة الطلبة : ٢٦٧ ، والزاهر : ٣٠٥ ، والحاوي الكبير ٧ : ٣٠٥ ، والمهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٢ ، وبحر المذهب ٩ : ١٨٦ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٧ ، والبيان ٧ : ١٥٧ ، والاستذكار ٢١ : ١١٩ / ٣٠٧٠٧ ، والمغني ٥ : ١٣٥ ، والشرح الكبير ٥ : ١٣٠.

(٣) كما في الزاهر : ٣٠٥ ، والحاوي الكبير ٧ : ٣٠٥ ، والمهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٢ ، وبحر المذهب ٩ : ١٨٦ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٨ ، والاستذكار ٢١ : ١١٩ / ٣٠٧٠٧.

٦

أمّا القراض فإنّه لفظ مأخوذ من القرض ، وهو القطع ، كما يقال : قرض الفأر الثوبَ ، أي قطعه ، ومنه المقراض ؛ لأنّه يُقطع به ، فكأنّ صاحب المال اقتطع من ماله قطعةً وسلّمها إلى العامل ، أو اقتطع له قطعةً من الربح.

وقيل : اشتقاقه من المقارضة ، وهي المساواة والموازنة ، يقال : تقارض الشاعران إذا وازن كلٌّ منهما الآخَر بشعره(١) .

وحكي عن أبي الدرداء أنّه قال : قارض الناس ما قارضوك ، فإن تركتهم لم يتركوك(٢) ، يريد ساوِهم فيما يقولون.

وهذا المعنى متحقّق هنا ؛ لأنّ المال من جهة ربّ المال ، ومن جهة العامل العمل ، فقد تساويا في قوام العقد بهما ، فمن هذا المالُ ، ومن هذا(٣) العملُ.

ويحتمل أن يكون ذلك لاشتراكهما في الربح.

وأمّا المضاربة فهي مأخوذة من الضرب ، قال الله تعالى :( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ ) (٤) والعامل يضرب في الأرض للتجارة يبتغي الربح.

وقيل : إنّه مأخوذ من ضرب كلٍّ منهما في الربح بسهمه ، أو لما فيه‌

____________________

(١) كما في بحر المذهب ٩ : ١٨٦ ، والبيان ٧ : ١٥٧ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ٣ ، والمغني ٥ : ١٣٥ ، والشرح الكبير ٥ : ١٣٠.

(٢) كما في البيان ٧ : ١٥٧ ، وحكاه عنه الأزهري في الزاهر : ٣٠٤ ، والروياني في بحر المذهب ٩ : ١٨٦ ، وابن منظور في لسان العرب ٧ : ٢١٧ « قرض ».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « ومن الآخَر » بدل « ومن هذا ».

(٤) سورة المزّمّل : ٢٠.

٧

من الضرب بالمال والتقليب(١) .

ويقال للمالك من اللفظة الأُولى : مقارِض ، بكسر الراء ، وللعامل : مقارَض ، بفتحها ، ومن اللفظة الثانية يقال للعامل : مضارِب ، بكسر الراء ؛ لأنّه الذي يضرب في الأرض بالمال ويقلبه ، ولم يشتق أهل اللغة لربّ المال من المضاربة اسماً ، بخلاف القراض.

مسألة ١٩٢ : وهذه المعاملة جائزة بالنصّ والإجماع ؛ لما روى العامّة : إنّ الصحابة أجمعوا عليها(٢) .

قال الشافعي : روى أبو حنيفة عن حميد بن عبد الله بن عبيد الله(٣) عن جدّه أنّ عمر بن الخطّاب أعطاه مالَ يتيمٍ مضاربةً ، فكان يعمل عليه في العراق(٤) .

وروى الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنّ عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطّاب خرجا في جيشٍ إلى البصرة ، وفي منصرفهما من غزوة نهاوند لقيا أبا موسى الأشعري وتسلّفا من أبي موسى الأشعري مالاً وابتاعا به متاعاً وقدما به إلى المدينة فباعاه وربحا ، فأراد عمر أخذ رأس المال والربح كلّه ، فقالا : لو تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا؟ فقال رجل : يا عمر لو جعلتَه قراضاً؟ فقال : قد جعلتُه ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤.

(٢) بحر المذهب ٩ : ١٨٨ ، البيان ٧ : ١٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٧ ، المغني ٥ : ١٣٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣١.

(٣) كذا قوله : « عبيد الله » في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي الأُم والعزيز شرح الوجيز : « عبيد الأنصاري ». وفي بحر المذهب : « عبيد ».

(٤) الأُم ٧ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤ ، بحر المذهب ٩ : ١٨٧ - ١٨٨.

٨

وأخذ منهما نصف الربح(١) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّ ما جرى كان قرضاً صحيحاً ، وكان الربح ورأس المال لهما ، لكن عمر استنزلهما عن نصف(٢) الربح خيفة أن يكون قد قصد أبو موسى إرفاقهما ، لا رعاية مصلحة بيت المال ، ولذلك قال في بعض الروايات : أو أسلف كلّ الجيش كما أسلفكما(٣) (٤) .

وعن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه(٥) أنّ عثمان أعطاه مالاً مقارضةً(٦) .

وروى قتادة عن الحسن عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال : « إذا خالف المضارب فلا ضمان ، وهُما على ما شرطا »(٧) .

وعن ابن مسعود وحكيم بن حزام أنّهما قارضا(٨) ، ولا مخالف لهما ، فصار ذلك إجماعاً.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يعطي الرجل مالاً مضاربةً وينهاه أن يخرج به إلى أرض أُخرى ، فعصاه ، فقال : « هو له ضامن ، والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه »(٩) .

____________________

(١) الأُم ٤ : ٣٣ - ٣٤ ، سنن البيهقي ٦ : ١١٠ ، بحر المذهب ٩ : ١٨٧ ، الموطّأ ٢ : ٦٨٧ - ٦٨٨ / ١ ، البيان ٧ : ١٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤ - ٥.

(٢) في المصدر و « خ » : « بعض » بدل « نصف ».

(٣) راجع : الهامش (١)

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٥.

(٥) فيما عدا الأُم وموضع من سنن البيهقي زيادة : « عن جدّه ».

(٦) الأُم ٧ : ١٠٨ ، الموطّأ ٢ : ٦٨٨ / ٢ ، سنن البيهقي ٦ : ١١١ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٠٧ ، بحر المذهب ٩ : ١٨٨ ، المغني ٥ : ١٣٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٠ - ١٣١.

(٧ و ٨) بحر المذهب ٩ : ١٨٨ ، المغني ٥ : ١٣٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣١.

(٩) التهذيب ٧ : ١٨٧ / ٨٢٧.

٩

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال : « المال [ الذي ] يعمل به مضاربة له من الربح ، وليس عليه من الوضيعة شي‌ء إلّا أن يخالف أمر صاحب المال »(١) .

وعن إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن مال المضاربة ، قال : « الربح بينهما ، والوضيعة على ربّ(٢) المال »(٣) .

والأخبار في ذلك كثيرة.

ولأنّ الحاجة ماسّة وداعية إلى المضاربة ، فإنّ الدراهم والدنانير لا تنمى إلّا بالتقليب ، ولا تُؤجر ، وليس كلّ مَنْ يملكها يمكنه التجارة ، ولا كلّ مَنْ يتمكّن من التجارة ويعرفها يتمكّن من المال ، فاقتضت الحكمة مراعاة طرفي العامل والمالك بتسويغ المضاربة.

ولأنّ السنّة الظاهرة وردت في المساقاة ، وإنّما جُوّزت المساقاة ؛ للحاجة من حيث إنّ مالك النخيل قد لا يُحسن تعهّدها أو لا يتفرّغ له ، ومَنْ يُحسن العمل قد لا يملك ما يعمل فيه ، وهذا المعنى موجود في القراض ، فوجب مشروعيّته.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٨٧ - ١٨٨ / ٨٢٨ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ / ٤٥١ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٢) كلمة « ربّ » لم ترد في المصدر.

(٣) التهذيب ٧ : ١٨٨ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ / ٤٥٢.

١٠

١١

الفصل الثاني : في أركانه‌

وهي خمسة تنظمها خمسة مباحث :

الأوّل : العقد.

مسألة ١٩٣ : لا بدّ في هذه المعاملة من لفظٍ دالٍّ على الرضا من المتعاقدين ؛ إذ الرضا من الأُمور الباطنة التي لا يطّلع عليها إلّا الله تعالى ، وهذه المعاملة وغيرها من المعاملات يعتبر فيها الرضا ؛ للآية(١) .

فاللفظ الدالّ على الإيجاب أن يقول ربّ المال : قارضتك ، أو : ضاربتك ، أو : عاملتك على أن يكون الربح بيننا نصفين أو أثلاثاً ، أو غير ذلك من الأجزاء ، بشرط تعيين الأكثر لمن هو منهما والأقلّ كذلك.

والقبول أن يقول العامل : قبلت ، أو : رضيت ، أو غيرهما من الألفاظ الدالّة على الرضا بالإيجاب.

وكذا الإيجاب لا يختصّ لفظاً ، فلو قال : خُذْه واتّجر به على أنّ ما سهّل الله تعالى في ذلك من ربحٍ وفائدةٍ يكون بيننا على السويّة أو متفاوتاً ، جاز.

مسألة ١٩٤ : ولا بدّ من القبول على التواصل المعتبر في سائر العقود.

وهل يعتبر اللّفظ؟ الأقرب : العدم ، فلو قال : خُذْ هذه الدراهم فاتّجر‌

____________________

(١) سورة النساء : ٢٩.

١٢

بها على أنّ الربح بيننا على كذا ، فأخذها واتّجر ، فالأقرب : الاكتفاء به في صحّة العقد ، كالوكالة ، ويكون قراضاً ، وهذا قول بعض الشافعيّة(١) .

قال الجويني : وقطع شيخي والطبقة العظمى من نَقَلة المذهب على أنّه لا بدّ من القبول ؛ بخلاف الجعالة والوكالة ، فإنّ القراض عقد معاوضةٍ يختصّ بمعيّنٍ ، فلا يشبه الوكالة التي هي إذن مجرّد ، والجعالة التي يبهم فيها العامل(٢) .

والوجه : الأوّل.

تذنيب : يجب التنجيز في العقد ، فلا يجوز تعليقه على شرطٍ أو صفةٍ ، مثل : إذا دخلت الدار ، أو : إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك بكذا [ كما ] لا يجوز تعليق البيع ونحوه ؛ لأنّ الأصل عصمة مال الغير.

مسألة ١٩٥ : وإنّما يصحّ العقد لو تعيّنت الحصّة في الربح لكلّ واحدٍ منهما ، فلو أبهما الحصّة لهما بأن يقول : على أنّ لي بعض الربح ولك البعض ، أو لأحدهما ، لم يصح قطعاً.

ولو عيّن حصّة العامل وسكت عن حصّته ، فقال : قارضتك بهذا المال على أنّ النصف لك ، صحّ ؛ لأنّ النماء والربح يتبع الأصل ، فهو بالأصالة للمالك ، وإنّما ينتقل إلى العامل بالشرط ، فإذا عيّن حصّة العامل بقي الباقي للمالك ؛ لأنّه تابع لماله.

وللشافعيّة وجهٌ ضعيف : إنّه لا يصحّ ، إلّا أن تجري الإضافة إلى المتعاملين في الجزءين من الجانبين ، فيقول : على أنّ الربح نصفه لك‌

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١١٤ ، التهذيب ٤ : ٣٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

١٣

ونصفه لي(١) .

والمعتمد ما تقدّم.

ولو عيّن حصّة المالك خاصّةً ، فقال : قارضتك بهذا على أنّ نصف الربح لي ، وسكت عن حصّة العامل ، بطل ؛ لأنّه لم يعيّن للعامل شيئاً ؛ إذ النماء المسكوت عنه يتبع المال ، فيكون للمالك ، إلّا إذا نُسب شي‌ء منه إلى العامل ، والتقدير أنّه لم يُنسب إليه شي‌ء.

وقال بعض الشافعيّة : يصحّ أيضاً ، ويكون النصف الآخَر للعامل ؛ لأنّه الذي يسبق إلى الفهم منه(٢) .

ولو قال : على أنّ لك النصف ولي السدس ، وسكت عن الباقي ، صحّ على ما اخترناه ، وكان الربح بينهما بالسويّة ، كما لو سكت عن جميع النصف الذي للمالك ؛ لأنّ الباقي مسكوت عنه ، فيتبع رأس المال.

البحث الثاني : المتعاقدان.

وشرط كلّ واحدٍ منهما البلوغُ والعقلُ وجوازُ التصرّف ، فلا يصحّ القراض بين الصبي وغيره ، وكذا المجنون والسفيه والمحجور عليه للفلس.

والأصل فيه : إنّ القراض توكيل وتوكّل في شي‌ءٍ خاصّ ، وهو التجارة ، فيعتبر في العامل والمالك ما يعتبر في الوكيل والموكّل.

____________________

(١) التنبيه : ١١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٨ ، الوسيط ٤ : ١١٢ ، الوجيز ١ : ٢٢٢ ، البيان ٧ : ١٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٦ ، التنبيه : ١١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٨ ، الوسيط ٤ : ١١١ ، الوجيز ١ : ٢٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٠ ، البيان ٧ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

١٤

ولا نعلم فيه خلافاً.

مسألة ١٩٦ : لو قارض المريض في مرض موته ، صح ، وكان للعامل ما شُرط له ، سواء زاد عن أُجرة مثل عمله أو ساواه أو قصر عنه ، ولا يحسب من الثلث ؛ لأنّ المحسوب من الثلث إنّما هو ما يفوّته المريض من ماله ، والربح ليس بحاصلٍ حتى يفوّته ، وإنّما هو شي‌ء يتوقّع حصوله ، وإذا حصل حصل بتصرّفات العامل وكسبه.

ولو ساقى المريض في مرض الموت وزاد الحاصل عن أُجرة المثل ، فالأولى أنّ الزيادة عن أُجرة المثل تُحسب من الثلث ؛ لأنّ للنماء وقتاً معلوماً يُنتظر ، وهي حاصلة من عين النخل من غير عملٍ ، فكانت كالشي‌ء الحاصل ، بخلاف أرباح التجارات التي تحصل من عمل العامل ، وهذا أظهر وجهي الشافعيّة. والثاني : إنّه لا تُحتسب من الثلث أيضاً ؛ لأنّه وقت العقد لم تكن ثمرة ، وحصولها منسوب إلى عمل العامل وتعهّده(١) .

مسألة ١٩٧ : يجوز تعدّد كلٍّ من المالك والعامل ، فيضارب الواحد اثنين وبالعكس ، فإذا تعدّد العامل بأن قارض الواحد اثنين ، اشترط تعيين الحصّة لهما ، ولا يجب تفصيلهما ، بل يجوز أن يجعل النصف لهما ، فيحكم بالنصف لهما معاً بالسويّة ؛ لاقتضاء الإطلاق ذلك ، وأصالة عدم التفضيل.

ولو شرط التفاوت بينهما بأن جعل لأحدهما ثلث الربح وللآخَر ربعه وأبهم فلم يعيّن المستحقّ للثلث ، بطل.

وإن عيّن الثلث لواحدٍ بعينه والربع للآخَر ، جاز ؛ لأنّ عقد الواحد مع‌

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥.

١٥

اثنين كعقدين ، ويكون كأنّه قد قارض أحدهما في نصف المال بنصف الربح والآخَر في نصفه بثلث الربح ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال مالك : لا يجوز ؛ لأنّهما شريكان في العمل بأبدانهما ، فلا يجوز تفاضلهما في الربح ، كالمفردين(٢) .

والمعتمد : الأوّل ؛ لأنّ ذلك بمنزلة العقدين ، ولا شكّ أنّه لو ضارب اثنين في عقدين جاز أن يفاضل بينهما ، فكذا إذا جمعهما عقدٌ واحد ؛ لأنّه بمنزلتهما.

ولأنّه مع تعدّد العامل ووحدة العقد إمّا أن يُنظر إلى تعدّد العامل فيجوز التفاضل قطعاً ، وإمّا أن يُنظر إلى وحدة العقد فكذلك ؛ لأنّه في الحقيقة قد شرط للعاملَيْن - اللّذين هُما بمنزلة عاملٍ واحد - نصفاً وثلثاً ، ولا شكّ في أنّه يجوز ذلك في العامل الواحد ، فكذا ما هو بمنزلته.

وقياس مالك باطل عندنا ؛ فإنّه لا تصحّ شركة الأبدان.

تذنيب : يجوز أن يقارض الاثنين وإن لم يثبت لكلٍّ منهما الاستقلال ، بل شرط على كلّ واحدٍ منهما مراجعة الآخَر ؛ عملاً بمقتضى الشرط ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٣) .

وقال الجويني : إنّما يجوز أن يقارض اثنين إذا ثبت لكلّ واحدٍ منهما‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٤ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٣ / ١١١٨ ، الذخيرة ٦ : ٤٠.

(٢) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٣ - ٦٤٤ / ١١١٨ ، الذخيرة ٦ : ٤٠ ، النوادر والزيادات ٧ : ٢٧٢ - ٢٧٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥.

١٦

الاستقلال ، فإن شرط على كلّ واحدٍ منهما مراجعة الآخَر ، لم يجز(١) .

ولا وجه له.

مسألة ١٩٨ : يجوز أن يقارض الاثنان واحدا ، ويجب أن يُبيّنا نصيب العامل من الربح ، ويكون الباقي بينهما على ما يشترطانه ، سواء كان على نسبة المالين أو لا ، فلو شرطا له النصف من نصيب أحدهما والثلث من نصيب الآخَر من الربح ، فإن أبهما لم يجز قطعاً ؛ للغرر بالجهالة ، وإن عيّنا فإن كان عالماً بقدر كلّ واحدٍ منهما جاز ، وإلّا بطل.

ولو شرط أحدهما للعامل النصفَ من حصّته من الربح وشرط الآخَر الثلثَ على أن يكون الباقي بينهما نصفين ، جاز عندنا - وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور(٢) - عملاً بالشرط ، وقد بيّنّا أنّه يجوز اشتراط أحد الشريكين لنفسه أكثر ممّا يحصل له بالنسبة من ماله.

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّ أحدهما يستحقّ ممّا بقي بعد شرطه النصفَ ، والآخَر الثلثين ، فلا يجوز أن يشترطا التساوي فيكون قد شرط أحدهما على الآخَر من ربح ماله بغير عملٍ عمله ولا مالٍ يملكه ، فلم يجز(٣) .

وهو غلط ؛ لأنّ الفاضل من حصّة العامل ، لا من حصّة شريكه.

مسألة ١٩٩ : يجوز لوليّ الطفل والمجنون أن يقارض على مالهما مع المصلحة ؛ لأنّه يجوز له أن يوكّل عنهما في أُمورهما ، فكذا يجوز أن يعامل على أموالهما قراضاً.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٦ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩ ، المغني ٥ : ١٤٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٤ - ١٣٥.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٥ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٦ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٥ ، المغني ٥ : ١٤٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٥.

١٧

ولا فرق بين الأب والجدّ له ووصيّهما والحاكم وأمينه.

ولو لم يكن الدافع وليّاً ، كان ضامناً ، والربح لليتيم ؛ لأنّه متعدٍّ بدفعه مالَ الغير.

وقد سأل بكرُ بن حبيب الباقرَعليه‌السلام عن رجلٍ دفع مال يتيمٍ مضاربةً ، فقال : « إن كان ربح فلليتيم ، وإن كانت وضيعة فالذي أعطاه(١) ضامن »(٢) .

إذا عرفت هذا ، فإن كان العامل جاهلاً كان الربح لليتيم ، وعلى الدافع إليه أُجرة المثل ، وإن كان عالماً فلا أُجرة له ، وعلى التقديرين فالعامل ضامن ، لكن في الصورة الأُولى يرجع على الدافع إليه ، وفي الصورة الثانية لا يرجع.

مسألة ٢٠٠ : يشترط أن يكون الدافع مالك المال أو مَنْ أذن له المالك فيه ؛ لأنّ غيرهما ممنوع منه ؛ لما فيه من التصرّف في مال الغير بغير إذنه ، وهذا العقد قابل للاستنابة ، فجاز أن يوقعه المالك بنفسه أو وكيله ؛ لأنّه نائبه في الحقيقة.

ويشترط في الوكيل الكماليّة المشترطة في باقي الوكلاء.

مسألة ٢٠١ : ليس للعامل في القراض أن يضارب غيره إلّا بإذن المالك ، فإن فَعَل كان فاسداً ؛ لأنّ المالك لم يأذن فيه ولا ائتمن على المال غيره ، ولا يجوز للعامل أن يتصرّف في مال ربّ المال بما لا يتناوله إذنه ، ولا يجوز له أن يسلّمه إلى مَنْ لم يأتمنه.

فإن قارض العامل غيرَه بغير إذن المالك ، كان ضامناً ؛ لأنّه متعدٍّ فيه.

____________________

(١) في المصدر : « أعطى ».

(٢) التهذيب ٧ : ١٩٠ / ٨٤٢.

١٨

وإن قارض بإذن المالك ، صحّ ، وكان المالك قد أذن له أن يقارض إن اختار أو عجز عن العمل ، فإذا قارض بإذنه كان العامل الأوّل وكيلاً لربّ المال في ذلك.

البحث الثالث : في رأس المال.

وله شروط ثلاثة :

الأوّل : أن يكون من النقدين : دراهم ودنانير مضروبة منقوشة ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة(١) - لأنّ القراض معاملة تشتمل على غررٍ عظيم ؛ إذ العمل مجهول غير منضبطٍ ، والربح غير متيقّن الحصول.

وإنّما سوّغنا هذه المعاملة مع الغرر الكثير ؛ للحاجة والضرورة ، فتختصّ بما تسهل التجارة عليه وتروج في كلّ حالٍ وكلّ وقتٍ ؛ لأنّ النقدين أثمان البياعات ، والناس يتداولون بالمعاملة عليها من عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) مختصر المزني : ١٢٢ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٣٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٠٧ ، التنبيه : ١١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، بحر المذهب ٩ : ١٨٨ ، الوجيز ١ : ٢٢١ ، الوسيط ٤ : ١٠٦ ، حلية العلماء ٥ : ٣٢٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٨ ، البيان ٧ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٧ ، منهاج الطالبين : ١٥٤ ، الموطّأ ٢ : ٦٨٩ ، ذيل الرقم ٤ ، الاستذكار ٢١ : ١٣٦ / ٣٠٧٩١ و ٣٠٧٩٣ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٨٦ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٠ / ١١١١ ، التلقين : ٤٠٧ ، التفريع ٢ : ١٩٤ ، الذخيرة ٦ : ٣٠ ، المعونة ٢ : ١١٢٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٨٤ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٠ ، بدائع الصنائع ٦ : ٨٢ ، الفقه النافع ٣ : ١٢٨٧ / ١٠٤٠ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٦١ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٢١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٧ / ١٧٠٢ ، النتف ١ : ٥٣٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٢ ، المغني ٥ : ١٢٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١١٢.

١٩

وقبله وبعده إلى زماننا هذا ، ويرجعون إليهما في قِيَم الـمُتلفات.

ولأنّ النقدين ثمنان لا يختلفان بالأزمنة والأصقاع إلّا قليلاً نادراً ، ولا يقوَّمان بغيرهما ، وأمّا غيرهما من العروض فإنّ قيمتها تختلف دائماً ، فلو جُعل شي‌ء منها رأس المال لزم إمّا أخذ المالك جميعَ الربح ، أو أخذ العامل بعضَ رأس المال ، والتالي بقسميه باطل ، فالمقدَّم مثله.

بيان الشرطيّة : إنّهما إذا جعلا رأس المال ثوباً مثلاً ، فإمّا أن يشترط(١) ردّ ثوبٍ بتلك الصفات ، أو ردّ قيمته.

فإن شرطا الأوّل ، فربما كان قيمة الثوب في حال المعاملة يساوي ديناراً ويبيعه به ويتصرّف فيه حتى يبلغ المال عشرة دنانير ثمّ ترتفع قيمة الثياب حتى لا يوجد مثل ذلك الثوب إلّا بعشرة ، فيحتاج العامل إلى أن يصرف جميع ما معه إلى تحصيل رأس المال ، فيذهب الربح في رأس المال ، فيتضرّر العامل.

وبالعكس قد تكون قيمة الثوب عشرةً وقت المعاملة ، فيبيعه ولا يربح شيئاً ثمّ تتنازل قيمة الثياب حتى يوجد مثله بنصف دينارٍ فيدفعه إليه ويبقى نصف دينارٍ(٢) ويأخذ العامل منه حصّته ، فيحصل بعض رأس المال.

وإن شرطا ردّ القيمة ، فإمّا أن يشترطا قيمته حال المفاصلة أو قيمته حال الدفع ، والقسمان باطلان.

أمّا الأوّل : فلأنّها مجهولة ، ولأنّ القيمة قد تزيد بحيث تستوعب الأصل والنماء ، فيلزم المحذور السابق.

والثاني باطل ؛ لأنّه قد تكون قيمته في الحال عشرةً وتعود عند‌

____________________

(١) الظاهر : « يشترطا ».

(٢) الظاهر : « تسعة ونصف دينار ».

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كافية لوجوب قبول حديث الولاية المخرج في المسند، ووافية بالردّ على من طعن فيه

وقال ابن الجوزي في ( كتاب الموضوعات ): « فمتى رأيت حديثاً خارجاً عن دواوين الإِسلام: كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، ونحوها، فانظر فيه، فإن كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول فتأمّل رجال إسناده واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمّى بالضعفاء والمتروكين، فإنّك تعرف وجه القدح فيه »(١). .

وفي هذه العبارة عدّ المسند من دواوين الإسلام، وذكره في عداد الموطأ والصحيحين وغيرها من الكتب غير المحتاج إلى نظر والتأمّل في أسانيد أخبارها

اعتماد أبناء روزبهان وتيمية وحجر على ابن الجوزي

فهذا حكم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات ولكم اعتمد أمثال أبناء تيميّة وروزبهان وحجر على أحكام ابن الجوزي في كتابه المذكور، خاصّةً في باب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام وأهل البيت وكذلك صاحب الصواقع و ( الدهلوي ) وأتباعهما ولنذكر نبذة من موارد اعتماد القوم على آراء ابن الجوزي:

قال أبو المؤيد الخوارزمي في أوائل كتابه ( جامع مسانيد أبي حنيفة ): « والدليل على ما ذكرنا أن التعديل متى ترجّح على الجرح يجعل الجرح كأن لم يكن، وقد ذكر ذلك إمام أئمة التحقيق ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث التعليق ».

__________________

(١). الموضوعات ١ / ٩٩.

١٠١

وقال ابن الوزير الصنعاني - في الاُمور الدالة على عدم جواز تكفير أحمد بسبب الإِعتقاد بالتشبيه -: « ومنها - إنّه قد ثبت بالتواتر أنّ الحافظ ابن الجوزي من أئمّة الحنابلة وليس في ذلك نزاع، ولا شك أن تصانيفه في المواعظ وتواليفه في الرقائق مدرس فضلائهم وتحفة علمائهم، فبها يتواعظون ويخطبون، وعليها في جميع أحوالهم يعتمدون، وقد ذكر ابن الجوزي في كتبه هذه ما يقتضي نزاهتهم عن هذه العقيدة، وأنا أورد من كلامه في ذلك »(١). .

وقال ابن حجر المكي - بعد حديث أنا مدينة العلم -: « وقد اضطرب الناس في هذا الحديث، فجماعة منهم ابن الجوزي والنووي وناهيك بهما معرفةً بالحديث وطرقه »(٢). .

وقال ( الدهلوي ) في جواب حديث أنا مدينة العلم: « وذكره ابن الجوزي في الموضوعات».

وقال ابن روزبهان - في بحث حديث النور -: « ذكر ابن الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات »(٣). .

وقال ابن تيمية في حديث: « أنت أخي ووصيي »: « قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الموضوعات »(٤). .

ثناء ابن خلكان على ابن الجوزي

وأثنى ابن خلكان على ابن الجوزي وبالغ في إطرائه حيث ترجمه، وهذه خلاصتها:

__________________

(١). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

(٢). الصواعق المحرقة: ١٨٩.

(٣). إبطال الباطل - مخطوط.

(٤). منهاج السنّة ٤ / ٩٥.

١٠٢

« أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي الفقيه الحنبلي، الواعظ الملقب جمال الدين، الحافظ، كان علّامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون عديدة منها فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطّه شيئاً كثيراً وكانت له في مجالس الوعظ أجوبة نادرة وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة ٥٩٧ ببغداد، ودفن بباب حرب »(١). .

ثناء الذهبي على ابن الجوزي

وكذلك الذهبي حيث قال:

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق المفسّر صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم حدّث عنه: ابنه الصاحب محيي الدين، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي، والحافظ عبد الغني، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل والتقي البلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلق سواهم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنف هذا الرجل حصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط »(٢). .

ثناء السيوطي على ابن الجوزي

والسيوطي أيضاً أثنى عليه كذلك، قال:

__________________

(١). وفيات الأعيان ٣ / ١٤٠.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٤٢.

١٠٣

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق، جمال الدين أبو الفرج صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنّف، وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط. قيل: إنّه حضره في بعض المجالس مائة ألف، وحضره ملوك ووزراء وخلفاء، وقال: كتبت بإصبعي ألف مجلّد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفاً »(١). .

كلام ابن الوزير في مدح المسند

وقال محمّد بن إبراهيم الصّنعاني المعروف بابن الوزير - بعد ذكر عبارة ابن دحية حول استشهاد الإِمام الحسين بن عليعليهما‌السلام -: « وفيما ذكره ابن دحية اُوضح دليل على براءة المحدّثين وأهل السنّة فيما افتراه عليهم المعترض من نسبتهم إلى التشيع ليزيد وتصويب قتله الحسين. كيف؟ وهذه رواياتهم مفصحة بضد ذلك كما بيّناه، في مسند أحمد، وصحيح البخاري، وجامع الترمذي، وأمثالها.

وهذه الكتب هي مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها بخصوصها »(٢). .

وعليه، فمسند أحمد مفزع المحدّثين وإليه مرجعهم وهم خاضعون لنصوصه والأحاديث المروية فيه فويل ( للدهلوي ) المقلّد ( للكابلي ) التابع ( لابن تيمية ) هؤلاء الذين أبطلوا حديث الولاية المخرّج في ( المسند ) و ( جامع الترمذي ) وأمثالهما فإنّهم خرجوا عن طريقة المحدّثين،

__________________

(١). طبقات الحفّاظ: ٤٨٠.

(٢). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

١٠٤

وشقّوا عصا المجمعين، وخالفوا سنّة رسول ربّ العالمين.

كلام أبي مهدي المغربي في مدح المسند

وقال أبو مهدي عيسى بن محمّد المغربي - وهو أحد المشايخ السبعة الذين يفتخر شاه ولي الله الدهلوي باتّصال أسناده إليهم - في مدح كتاب ( المسند ) ما نصّه:

« وألّف مسنده، وهو أصل من اُصول هذه الاُمة، جمع فيه ما لم يتّفق لغيره وله التصانيف الفائقة، فمنها المسند، وهو ثلاثون ألفاً وبزيادة ابنه عبد الله أربعون ألف حديث وقال فيه - وقد جمع أولاده وقرأه عليهم -: هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فارجعوا إليه، فإنْ وجدتموه فيه وإلّا ليس بحجة »(١). .

كلام عبد الحق الدهلوي في مدح المسند

وقال الشيخ عبد الحقّ الدّهلوي في وصف المسند:

« ومسند الإِمام أحمد معروف بين الناس، جمع فيه أكثر من ثلاثين ألف حديث، وكان كتابه في زمانه أعلى وأرفع وأجمع الكتب »(٢). .

__________________

(١). مقاليد الأسانيد - ترجمة أحمد بن حنبل

(٢). رجال المشكاة - ترجمة أحمد بن حنبل

١٠٥

كلام ولي الله الدهلوي في مدح المسند

وقال عبد الرحيم الدهلوي والد ( الدهلوي ): « الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها، كان مصنّفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث، لم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدّثون والفقهاء طبقة بعد طبقةً، واشتهرت فيما بين الناس وتعلّق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها، وعلى تلك الأحاديث بناء عامّة العلوم، كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهذه الكتب مع الطبقة الاُولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصّحاح، وابن الأثير في جامع الأصول.

وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإن الإِمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم. قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه »(١). .

كلام ( الدهلوي ) في مدح المسند

و ( الدهلوي ) نفسه مدح المسند كذلك، ونقل حكاية جمع أحمد أولاده وقراءته عليهم المسند وما قال لهم في وصفه(٢). .

__________________

(١). حجّة الله البالغة - طبقات كتب الحديث.

(٢). بستان المحدّثين - ترجمة أحمد

١٠٦

(٤)

رواية الترمذي

وأخرج الترمذي حديث الولاية في صحيحه قائلاً:

« حدّثنا قتيبة بن سعيد، نا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جاريةً، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفرٍ بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلّموا على النبيّ، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا: فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال:

ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! إن علياً منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمنٍ من بعدي.

هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث جعفر بن سليمان »(١). .

__________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٦٣٢.

١٠٧

وثاقة رجال الإِسناد

ورجال هذا السند كلّهم ثقات بلا كلام:

١ - الترمذي

أما الترمذي نفسه، فغني عن التعريف، وإنْ شئت الوقوف على طرفٍ من كلماتهم في مدحه والثناء عليه وتوثيقه والإِستناد إليه، فراجع الكتب الرجاليّة وغيرها، مثل:

١ - سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٠.

٢ - تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٣٣.

٣ - الوافي بالوفيات ٤ / ٢٩٤.

٤ - تهذيب التهذيب ٩ / ٣٨٧.

٥ - البداية والنهاية ١١ / ٦٦.

٦ - العبر ٢ / ٦٢.

٧ - النجوم الزاهرة ٣ / ٨٨.

٨ - طبقات الحفّاظ: ٢٧٨.

٩ - وفيات الأعيان ٤ / ٢٧٨.

١٠ - شذرات الذهب ٢ / ١٧٤.

١١ - مرآة الجنان ٢ / ١٩٣.

١٢ - الكامل في التاريخ ٧ / ١٥٢.

١٣ - المختصر في أخبار البشر ٢ / ٥٩.

١٤ - اللباب في الأنساب ١ / ١٧٤.

١٠٨

٢ - قتيبة بن سعيد

وأما قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، فهو محدّث جليل القدر، روى عنه الشيخان وغيرهما:

السمعاني: « قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله البغلاني، المحدّث المشهور في الشرق والغرب، له رحلة إلى: العراق، والحجاز، والشام، وديار مصر، وعمّر العمر الطويل حتى كتب عنه البطون، ورحل إليه أئمة الدنيا من الأمصار.

سمع مالك بن أنس، والليث، وأقرانهما.

روى عنه الأئمّة الخمسة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو عيسى، وأبو عبد الرحمن، ومن لا يحصى كثرة »(١). .

الذهبي: « قال أبو بكر الأثرم: وسمعته - يعني أحمد بن حنبل - ذكر قتيبة فأثنى عليه وقال: هو آخر من سمع من ابن لهيعة. وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة. زاد النسائي: صدوق. وقال أبو داود: قدم قتيبة بغداد سنة ١٦ فجاء، أحمد ويحيى، وقال ابن خراش: صدوق وقال عبد الله بن محمّد بن سيّار الفرهاني: قتيبة صدوق ليس أحد من الكبار إلّا وقد حمل عنه بالعراق »(٢). .

٣ - جعفر بن سليمان

٤ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - البغلاني ٢ / ٢٥٧.

(٢). تذهيب تهذيب الكمال - مخطوط

١٠٩

٥ - مطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفتهم سابقاً فلا نكرّر

(٥)

رواية النسائي

ورواه أبو عبد الرحمن النسائي بإسناده قائلاً:

« ثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا جعفر - يعني ابن سليمان - عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ».

« ثنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إلى اليمن مع خالد ابن الوليد وبعث علياً على آخر، وقال: إن التقيتما فعليّ على الناس، وإن تفرّقتما فكل واحدٍ منكما على جنده، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن، وظفر المسلمون على المشركين، فقاتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - وأمرني أن أنال منه. قال: فدفعت الكتاب إليه ونلت من علي، فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت: هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجلٍ وألزمتني بطاعته فبلّغت ما اُرسلت به. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لي:

لا تقعنَّ يا بريدة في علي، فإنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي »(١). .

وثاقة رجال السند

هذا، وقد روى النسائي في هذا الحديث بطريقين، أوّلهما هو عين سند

__________________

(١). خصائص علي بن أبي طالب: ٧٥.

١١٠

الترمذي المتقدّم الذي عرفت وثاقة رجاله فلا حاجة إلى الإِعادة.

ترجمة النسائي

والنسائي نفسه، وإنْ كان غنياً عن التّعريف، لإِجماع القوم على توثيقه والثناء عليه وعلى كتبه وعلومه حتى أنّ الدار قطني قدّمه على جميع محدّثي زمانه كما في ( تذكرة الحفّاظ )، وقال الذهبي ووالد السبكي: بأنّه أحفظ من مسلم بن الحجاج كما في ( مقاليد الأسانيد ) ولكن لا بأس بإيراد بعض الكلمات في حقّه عن كتاب تذكرة الحفّاظ للذهبي باختصار:

« النسائي، الحافظ الإِمام، شيخ الإِسلام، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب برع في هذا الشأن وتفرّد بالمعرفة والإِتقان وعلوّ الإِسناد قال حافظ خراسان أبو علي النيسابوري: ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. قال أحمد بن نصر أبو طالب الحافظ: من يصبر على ما يصبر عليه النسائي؟ قال الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدّم على كلّ من يذكر بهذا العلم من أهل عصره. وقال محمّد بن المظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار قال الدار قطني: كان أبو بكر الشافعي كثير الحديث ولم يحدّث عن غير النسائي وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله وكانت وفاته في شعبان سنة ٣٠٣. وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان النسائي إماماً حافظاً ثبتاً »(١). .

وإنْ شئت المزيد فراجع:

وفيات الأعيان ١ / ٧٧.

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٩٨.

١١١

الوافي بالوفيات ٦ / ٤١٦.

مرآة الجنان ٢ / ٢٤٠.

طبقات الشّافعية للسبكي ٣ / ١٤.

طبقات الحفّاظ: ٣٠٣.

وغيرها من كتب التاريخ والرجال

اعتبار كتاب الخصائص

وكتاب ( خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ) للنسائي من أنفس الكتب وأجلّها وأشهرها ألّفه النسائي لمـّا دخل دمشق ووجد المنحرف بها عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كثيراً

وقد اعتمد علماء أهل السنّة على هذا الكتاب ونقلوا عنه، كما أنّ غير واحدٍ منهم ذكروه في بحوثهم مستشهدين به على ولاء أهل السنّة لأهل البيتعليهم‌السلام كما أنّا قد بيّنا في بعض المجلّدات السّابقة - وعلى ضوء كلمات القوم - أن ( خصائص أمير المؤمنين ) للحافظ النسائي إنّما هو قطعة من ( سننه ) الكبير، فتكون الأحاديث الواردة فيه من أحد ( الصحّاح الستّة ) عندهم.

١١٢

(٦)

رواية الحسن بن سفيان النسوي

ورواه الحسن بن سفيان النسوي البالوزي، كما جاء في كتاب الوصابي اليمني حيث روى:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة »(١). .

ترجمة الحسن بن سفيان

والحسن بن سفيان من أكابر المحدّثين الثقات كما يظهر من ترجمته:

١ - السمعاني: « البالوزي - بفتح الباء الموحّدة بعدها الألف واللّام والواو وفي آخرها الزاء - هذه النسبة إلى بالوز، وهي قرية من قرى نسا على ثلاث أو أربع فراسخ منها.

خرجت إليها لزيارة قبر أبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني البالوزي النسوي من قرية بالوز.

كان محدّث خراسان في عصره، وكان مقدّماً في الفقه والعلم والأدب، وله الرحلة إلى: العراق، والشام، ومصر، والكوفة وصنّف: المسند

__________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

١١٣

الكبير، والجامع، والمعجم. وهو الرّاوية بخراسان لمصنفات الأئمة وكانت إليه الرحلة بخراسان من أقطار الأرض. سمع منه: أبو حاتم محمّد بن حبان البستي، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ، وإمام الأئمة أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة ومات في سنة ٣٠٣ وقبره بقرية بالوز مشهور يزار، زرته »(١). .

٢ - الذهبي: « الحسن بن سفيان بن عامر، الحافظ الإِمام، شيخ خراسان قال الحاكم: كان محدّث خراسان في عصره، متقدّماً في التثبّت والكثرة والفهم والفقه والأدب. وقال ابن حبان: كان الحسن ممّن رحل وصنّف وحدّث على تيقّظ، مع صحة الديانة والصلابة في السنّة. وقال أبو بكر أحمد ابن الرازي الحافظ: ليس للحسن في الدنيا نظير »(٢). .

وكذلك ترجم له السبكي وابن قاضي شهبة في ( طبقاتهما ) والسيوطي في ( طبقات الحفّاظ ) حيث ذكروا كلمة الحاكم وغيره في مدحه، ووصفوه بالحفظ والأمامة والتثبّت، وكذلك تجد ترجمته في غيرها من الكتب.

(٧)

رواية أبي يعلى الموصلي

ورواه أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي حيث قال:

« حدّثنا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين، قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -

__________________

(١). الأنساب - البالوزي ٢ / ٥٨.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٣.

١١٤

سرية، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، قال: فمضى على السرية. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ أو من غزوةٍ أتوا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قبل أنْ يأتوا منازلهم، فأخبروه بمسيرهم. قال: فأصاب علي جاريةً، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا قدموا على رسول الله ليخبروا به. قال: فقدمت السرية على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فأخبروه بمسيرهم، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، أصاب علي جاريةً. فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

قال: ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله، صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا.

قال: فأقبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - مغضباً والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ علي منّي فأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١). .

وثاقة رجال الإسناد

ولا يخفى وثاقة رجال هذا السند:

١ - عبيد الله القواريري

أمّا عبيد الله، فهو عبيد الله بن عمر القواريري:

__________________

(١). مسند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ رقم ٣٥٥.

١١٥

السمعاني: « كان ثقةً صدوقاً، مكثراً من الحديث روى عنه: أبو قدامة السرخسي، ومحمّد بن إسحاق الصنعاني، وأبو داود السجستاني، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وغيرهم.

وكان أحمد بن سيّار المروزي يقول: لم أر في جميع من رأيت مثل مسدّد بالبصرة، والقواريري ببغداد، وصدقة بمرو. وثّقه يحيى بن معين وغيره. وقال أبو علي جزرة الحافظ: القواريري. أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة، وما رأيت أحدا أعلم بحديث البصرة منه.

وتوفي في ذي الحجة سنة ٢٣٥ »(١). .

الذهبي: « خ م د س - عبيد الله بن عمر القواريري، أبو سعيد البصري الحافظ. حدّث بمائة ألف حديث. سمع: حماد بن زيد، وأبا عوانة، وخلقا. وعنه: خ م د، والفريابي، والبغوي، وخلق. وكان يذكر مع مسدّد والزهراني. مات في ذي الحجة ٢٣٥ »(٢). .

ابن حجر: « وعنه: البخاري ومسلم وأبو داود قال ابن معين والعجلي والنسائي: ثقة. وقال صالح جزرة: ثقة صدوق قال: وهو أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مسلمة بن قاسم: ثقة. وفي الزهرة: روى عنه البخاري خمسة، ومسلم أربعين »(٣). .

٢ - جعفر بن سليمان

٣ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - القواريري

(٢). الكاشف ٢ / ٢٠٣ وانظر العبر ودول الإسلام حوادث سنة ٢٣٥.

(٣). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٦ وانظر تقريب التهذيب أيضاً ١ / ٥٣٧.

١١٦

٤ - المطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفت وثاقتهم وشيئاً من مناقبهم فيما سبق.

ترجمة أبي يعلى

ولنذكر طرفاً من كلماتهم في الثناء على أبي يعلى الموصلي:

١ - ابن حبّان: « أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي أبو يعلى، من أهل الموصل، من المتقنين في الروايات والمواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعات. مات سنة ٣٠٧ »(١). .

٢ - الذهبي: « أبو يعلى الموصلي، الحافظ الثقة، محدّث الجزيرة قال يزيد بن محمّد الأزدي: كان أبو يعلى من أهل الصّدق والأمانة والدين والعلم ووثقه ابن حبان ووصفه بالإِتقان والدين ثم قال: وبينه وبين النبيّ ثلاثة أنفس. وقال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه حتى كان لا يخفى عليه منه إلّا اليسير. قال الحاكم: هو ثقة مأمون »(٢). .

٣ - الذهبي أيضاً: « كان ثقة صالحاً متقناً يحفظ حديثه. توفي وله ٩٧ سنة »(٣). .

٤ - الصفدي: « الحافظ صاحب المسند، سمع جماعةً كباراً، وله تصانيف في الزهد وغيره. غلّقت له الأسواق يوم جنازته. وكانت وفاته سنة ٣٠٧ وكنيته أبو يعلى »(٤). .

__________________

(١). الثقات ٨ / ٥٥.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٧.

(٣). العبر حوادث ٣٠٧.

(٤). الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.

١١٧

وكذلك تجد ترجمته في المصادر الاُخرى، وقد وصفوه جميعاً: بالحافظ الثبت الثقة محدّث الجزيرة صاحب المسند

(٨)

رواية ابن جرير الطبري وتصحيحه

رواه محمد بن جرير الطبري في ( تهذيب الآثار ). فقد ذكر المتّقي ما نصه:

« عن عمران بن حصين: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سرية واستعمل عليها علياً، فغنموا، فصنع علي شيئاً أنكروه. وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جاريةً، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن علياً قد أخذ من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع. فأقبل إليه رسول الله يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي! علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

ش. وابن جرير وصحّحه »(١). .

__________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٤٢ رقم ٣٦٤٤٤.

١١٨

ترجمة الطبري

ولابن جرير الطبري في كتب القوم تراجم مفصّلة، نلخص بعضها فيما يلي:

١ - ياقوت الحموي: « قال أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه، لجمعه من علوم الإِسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحدٍ من هذه الاُمة، ولا ظهر من كتب المصنّفين وانتشر من كتب المؤلّفين ما انتشر له.

وكان راجحاً في علوم القرآن، والقراءات، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك، واختلاف الفقهاء، مع الرواية لذلك على ما في كتابه:

البسيط، والتهذيب، وأحكام القراءات، من غير تعويل على المناولات والإجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة.

وقد بان فضله في علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبراً عن حاله فيه.

وقد كان له قدم في علم الجدل، يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به.

وكان فيه من الزهد والورع والخشوع والأمانة، وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دل عليه كتابه في آداب النفوس ».

« كان أبو جعفر يذهب في جلّ مذاهبه إلى ما عليه الجماعة من السلف وطريق أهل العلم المتمسكين بالسّنن، شديداً على مخالفيهم، ماضياً على منهاجهم، لا تأخذه في ذلك ولا في شيء لومة لائم ».

« كان أبو جعفر يذهب في الإِمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وما عليه أصحاب الحديث في التفضيل، وكان يكفّر من خالفه في كلّ مذهب

١١٩

إذا كانت أدلّة العقول تدفع كالقول في القدر، وقول من كفّر أصحاب رسول الله من الروافض والخوارج، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات، وفي الرسالة، وفي أول ذيل المذيّل »(١). .

٢ - السمعاني: « وكان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحدُ من أهل عصره، وكان حافظاً لكتاب الله، عارفاً بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسّنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفاً بأيّام الناس وأخبارهم قال أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن جرير وتوفي سنة ٣١٠ »(٢). .

٣ - النووي: « هو الإِمام البارع في أنواع العلوم، وهو في طبقة الترمذي والنسائي. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: إستوطن الطبري بغداد فأقام بها حتى توفي، وكان أحد الأئمة والعلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه »(٣). .

٤ - الذهبي: « الإِمام العلم الفرد الحافظ أبو جعفر الطبري، أحد الأعلام وصاحب التصانيف قال أبو بكر الخطيب: كان ابن جرير أحد الأئمة وقال أبو حامد الإسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصّين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيراً قال الفرغاني: بثّ مذهب الشافعي ببغداد سنتين واقتدى به، ثمّ اتّسع علمه وأدّاه اجتهاده إلى ما اختاره في كتبه. وقد عرض عليه القضاء فأبى. قال محمّد بن علي بن سهل الإِمام: سمعت ابن جرير قال: من

__________________

(١). معجم الأدباء ٥ / ٢٥٤ - ٢٦٨.

(٢). الأنساب - الطّبري ٨ / ٢٠٥ - ٢٠٧.

(٣). تهذيب الأسماء واللّغات ١ / ٧٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466