تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

تذكرة الفقهاء16%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 978-964-319-530-4
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156564 / تحميل: 5496
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٣١٩-٥٣٠-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

بعد إنهاء هذا البحث ، يأتي دور الإجابة على التساؤلات التي ذكرت في مقدمة البحث وهي :

التساؤل الأول :

لماذا يعبد الشيعة الإمامية تربة الحسين ؟

يمكن الإجابة على هذا التساؤل بما يأتي :

أولاً ـ كيف سمح السائل لنفسه أنْ يسأل هذا السؤال ؟

إذ يلزم عليه ، أنه كيف يسجد الشيعي الإمامي على معبوده كما يدعي ؟!

ثانياً ـ إنّ السائل لم يفرق بين السجود على التربة الحسينية والسجود لها ؛ إذ الشيعة الإمامية تعتقد بأنّ السجود لا يكون إلا لله ، وسجودهم على التربة خضوعاً وخشوعاً لله ، وقد أوضحناه في ما سبق من الأبحاث فراجع

التساؤل الثاني :

لماذا يخالف الشيعة الإمامية جمهور المسلمين بسجودهم على الأحجار ، يحملونها في جيوبهم ، ويُقَدِّسُونَها تقدسياً ؟

يتكون جواب هذا السؤال من ثلاث نقاط كالتالي :

الأولى ـ أنّ الشيعة الإمامية تُجوِّز السجود على كل أرض ، سواء في ذلك المتحجر أو التراب ، فالحصى من الأرض ويجوز السجود عليه بإتفاق المسلمين

وذكر ابن تيمية : « في سنن أبي داود : عن عبد الله بن الحارث قال :( سألت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن الحصى الذي كان في المسجد ؟ فقال : مُطِرْنَا ذات ليلة ؛ فأصبحت الأرض مبتلة ، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تحته ، فلما قضى رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ

١٨١

الصلاة ، قال : ما أحسن هذا ) وهذا بَيّنٌ أنهم كانوا يسجدون على التراب والحصى »(٣٢٥)

الثانية ـ قال تعالى :( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) [ المؤمنون / ٩ ] ومقتضى المحافظة على الصلاة ، المحافظة على أهم أركانها : وهو السجود الذي هو أقرب ما يكون الإنسان إلى ربه ، كما قال تعالى :( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) [ العلق / ١٩ ] وأيضاً ورد في الحديث المشهور :« أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد » (٣٢٦) ومقتضى الإحتياط ، أنه ينبغي للمسلم السجود على التراب والحصى الطاهر ؛ ولذا يأخذ الشيعة الإمامية معهم من التراب المتحجر الطاهر ، حذراً من السجود على التراب المجهول الطهارة ، فهل المسلم إذا فعل ذلك يُعَدُّ مخالفاً للمسلمين ، مع العلم أنّ الجميع متفق على ذلك ؟!

الثالثة ـ إن التقديس الحاصل لهذه التربة الزكية يرجع إلى إهتمام السماء بها ، حيث قبض جبرئيل قبضة منها وأعطاها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك إهتمام أهل بيتهعليهم‌السلام كما ذكرت ذلك في فصل التربة ، فراجع

التساؤل الثالث :

ما هذه الكلمات المكتوبة على التربة الحسينية التي يسجد عليها الشيعة الإمامية ؟

يتضح جواب هذا التساؤل بعد بيان الآتي :

______________________

(٣٢٥) ـ ابن تيمية ، أحمد بن عبد الحليم : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، م ٢٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥

(٣٢٦) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : البحار ، ج ٨٢ / ١٦٤

ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٠ / ٦٣

ـ الشوكاني ، محمد بن علي بن محمد : نيل الأوطار ، ج ٣ / ٩٠

١٨٢

أولاً ـ ليس جميع الترب الحسينية مكتوباً عليها ولا حرف واحد

ثانياً ـ مكتوب على بعضها( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) رمزاً لذكر السجود ، ونحوها من الكتابات ، فهل هذه الكتابات تستلزم الشرك ؟! أو تخرج التربة عن كونها تراباً جاهزاً للسجود عليه ؟

ثالثاً ـ إنّ هذا العمل تَصرُّف من عوام الناس لا من العلماء ، بل العلماء ينصحون بأن تكون خالية عن النقوش والكتابات ، وإليك بعض آرائهم كالتالي :

قال الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) : « ويلزم أن تكون التربة التي يسجد عليها المؤمن طاهرة نقية ، ساذجة لا نقش عليها ولا كتابة ولا مُصوّرة ، وما يصنعه بعض العوام من النقش والكتابة ؛ فهو غير مشروع ولا صحيح ، والأمل من إخواننا المؤمنين الإجابة لهذه النصيحة الغالية والله ولي التوفيق »(٣٢٧)

وقال سيدنا السيستاني ( دام ظله ) : « بسمه تعالى ، لا يضر ذلك بصحة السجود عليها ، ولكن ينبغي أن تكون التربة التي يسجد عليها خالية عن كل نقش وكتابة وصورة ، فان ذلك أبعد عن الشبهة »(٣٢٨)

وقال سيدنا الروحاني ( دام ظله ) : «نعم جايز ، لكن السجدة عليه مشكلة في بعض الصور والله العالم »(٣٢٩)

______________________

(٣٢٧) ـ القرشي ، الشيخ باقر شريف : السجود على التربة الحسينية عند الشيعة / ٥٨

(٣٢٨) ـ إستفتاء خطي بتاريخ ١٧ / ١٢ / ١٤١٦ هـ

(٣٢٩) ـ إستفتاء خطي رقم ٨٠٥ ، بتاريخ ١٧ / ٢ / ١٤١٧ هـ

١٨٣

وقال السيد محمد سعيد الحكيم ( دام ظله ) : « تجوز الكتابة المذكورة ويجوز السجود على التربة الحاوية لتلك الكتابة نعم يتأكد اللزوم إحترام التربة من أجل حرمة الأسماء المذكورة »(٣٣٠)

التساؤل الرابع :

هل السجود على تربة الحسين يجعل الصلاة مقبولة عند الله سبحانه وتعالى ولو كانت باطلة ؟

الشيعة الإمامية لا تقول بذلك ، بل تقول : إن الصلاة لا تخلو من لحاظين هما :

الأول : شرائط الصحة

الثاني : شرائط القبول

فإن كانت الصلاة فاقدة لشرط من شرائط الصحة ؛ فهي باطلة وغير مقبولة ، وإن كانت جامعة لشرائط الصحة ؛ فقد تكون مقبولة وقد لا تكون لكن إذا سجد المصلي على تربة الحسينعليه‌السلام في صلاته ، فقد تكون من أسباب قبول الصلاة ، فقد ورد عن إمامنا الصادقعليه‌السلام :( السجود على طين قبر الحسين عليه‌السلام يُنَوِّر إلى الأرضين السبع ) (٣٣١) ، وهذا إشارة إلى قبول العمل ، فالصلاة شيء وقبول العمل شيء آخر

التساؤل الخامس :

لماذا يضع الشيعة الإمامية تربة الحسين عليه‌السلام مع الميت في قبره ؟

______________________

(٣٣٠) ـ الفتاوى ، ج ١ / ٦٨

(٣٣١) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٣ / ٦٠٧ ـ ٦٠٨ ( باب ١٦ ، من ابواب ما يسجد عليه حديث ١)

١٨٤

إسمح لي ـ أيها السائل ـ أنْ أهمس في إذنك ولا تكن في غرابة حينما أقول لك : إنّ الشيعة الإمامية لم تصنع هذا الفعل إعتباطاً وخرافة كما يتصوره البعض ، بل إعتمدت على الأمور التالية :

أولاً ـ سيرة المصطفى في أمته :

ويمكن إستفادة هذه السيرة حسب الآتي :

أ ـ وضع الجريدة وما شابهها على القبر لتخفيف العذاب :

قال القرطبي : « ويُستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مَرّ على قبرين فقال : إنهما ليُعذَّبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما ؛ فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر ، فكان لا يستبرئ بالبول قال : فدعا بِعَسِيب رَطْبٍ فَشَقّه إثنين ، ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ، ثم قال : لعلّه يخفف عنهما ما لم ييبسا(٣٣٢) وفي مسند أبي داود الطّيالسي : فوضع على أحدهما نصفاً وعلى الآخر نصفاً وقال : يُهَوِّن عليهما العذاب ما دام فيهما من بَلْوَاهما شيء

قال علماؤنا : ويستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور ، وإذا خفف عنهم بالأشجار ؛ فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن ، وقد بَيّنا هذا المعنى في كتاب ( التذكرة ) بياناً شافياً ، وأنّه يصل إلى الميت ثواب ما يُهدَى إليه »(٣٣٣)

______________________

(٣٣٢) ـ راجع البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠

(٣٣٣) ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٠ / ٢٦٧

١٨٥

والذي يبدو للباحث الفقهي ، أنّ هذا من المُسَلّمَات عند المسلمين ، فقد ورد شبيه هذا العمل عند الشيعة الإمامية ، كما أشار إلى ذلك المحقق السيد بحر العلوم في منظومته :

وسُنَّ للميت جريدتان

من سعف النخل جديدتانِ

فالسدر فالخلاف فالرمانِ

وبعدها رطب من القضبان

نحو الذراع طول كلٍ والمحلْ

تُرْقُوة الميت وانزل ما نزلْ(٣٣٤)

ب ـ لباس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمان من عذاب القبر :

فقد وردت الروايات في ذلك في كتب الطوائف الإسلامية كالتالي :

١ ـ ( لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ألبسها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قميصه وإضجع في قبرها فقالوا : ما رأينا صنعت ما صنعت بهذه ؟ فقال : إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبَرّ لي منها ، إنما ألبستها قميصي لتكتسي من حلل الجنة ، وإضطجعت ليهون عليها ) هذا مضمون ما روته الكتب الإسلامية فراجع(٣٣٥)

٢ ـ وأيضاً صنع شبيه ذلك بصحابته أمثال عبد الله بن ابَيّ ، كما في رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنهما ـ قال :( أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبدالله بن أبيّ بعدما أدخل قبره ، فأمر به فأخرج ووضع على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه ) (٣٣٦)

______________________

(٣٣٤) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي : الدرة النجفية / ٧٦

(٣٣٥) ـ ابن الجوزي ، جمال الدين أبي الفرج : صفوة الصفوة ، ج ٢ / ٥٤

ـ السمهودي ، السيد نور الدين علي : وفاء الوفاء ، ج ٣ / ٨٩٧ ـ ٨٩٨

ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار / ج ٦ / ٢٣٢

(٣٣٦) ـ البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ١١٦ ، وج ٧ / ١٨٥

ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين بن علي : السنن الكبرى ، ج ٣ / ٤٠٢

١٨٦

ثانياً ـ سيرة أهل البيت (عليهم‌السلام ) :

فقد وردت الروايات عن أئمة الهدى عليهم‌السلام التي منها التالي :

١ ـ عن أبي الحسنعليه‌السلام يقول :( ما على أحدكم إذا دفن الميت ووسده التراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من طين الحسين عليه‌السلام ، ولا يضعها تحت رأسه ) (٣٣٧)

٢ ـ الحميري قال : كنت إلى الفقيه(٣٣٨) أسأله عن طين القبر بوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا ؟

( فأجاب توضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه )(٣٣٩) والى هذا أشار المحقق السيد بحر العلوم بقوله :

بطين مولانا الحسين إن وجد

وغيره غير السواد إن فقد

وأخلط به حنوطه فقد ورد

عن صاحب الزمان في عال السند(٣٤٠)

وبعد هذا البيان المتقدم ، هل تكون الشيعة الإمامية مُلَامَة حينما تضع التربة الحسينية مع موتاها في القبور أماناً من عذاب القبر ، تبركاً بهذه التربة الزكية ، وقد صنع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شبيه ذلك بأهل بيته وأصحابه ، وهو المُشَرِّع العارف بالأحكام ؟!

وهل العَسِيب الرّطَب الذي وضعه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القبرين أفضل من تربة الحسينعليه‌السلام التي سَلّمَها جبرئيل للمصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!.

______________________

(٣٣٧) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٢ / ٧٤٢ ( باب ١٢ ، من أبواب التكفين ، حديث ٣ )

(٣٣٨) ـ المراد به صاحب العصر والزمان ( عج ) المؤلف

(٣٣٩) ـ نفس المصدر ( الحديث (١) )

(٣٤٠) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي : الدر النجفية / ٧٧

١٨٧

التساؤل السادس :

المعروف عن الشيعة الإمامية أنها تقوم بتحنيك أولادها بتربة الحسين عليه‌السلام ، فما هذا التحنيك ؟ وما أسبابه ؟ وما فائدته ؟

يبتني هذا التساؤل على الأمور التالية :

أولاً : ما هو التحنيك ؟

« التحنيك مأخوذ من الحنك وهو : ما تحت الذقن من الإنسان وغيره أو الأعلى داخل الفم والأسفل في طرف مُقَدّم اللحيين من أسفلهما والجمع أحناك »(٣٤١)

« والتحنيك : أنْ يمضغ المحَنِّك التمر أو نحوه حتى يصير مائعاً بحيث يُبتلع ، ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها في جَوّفِه

قال النووي : إتفق العلماء على إستحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإنْ تعذر فما في معناه أو قريب منه من الحلو قال : ويستحب أنْ يكون من الصالحين وممن يُتَبَرّك به رجلاً كان أو إمرأة ، فإنْ لم يكن حاضراً عند المولود حُمِلَ إليه »(٣٤٢)

وقال المحقق الطريحي : « واتفقوا على تحنيك المولود عند الولادة بتمر فإنْ تعذر فبما في معناه من الحلو ؛ فيمضغ حتى يصير مائعاً فيوضع في فيه ليصل شيء إلى جوفه ويستحب كون المحنك من الصالحين ، وأنْ يدعو للمولود بالبركة ويستحب تحنيكه بالتربة الحسينية والماء ، كأن يدخل ذلك إلى حنكه وهو أعلى داخل الفم »(٣٤٣)

______________________

(٣٤١) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٥ / ٢٦٣

(٣٤٢) ـ الشوكاني ، محمد بن علي محمد : نيل الأوطار ، ج ٥ / ١٦٣

(٣٤٣) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٥ / ١٦٣

١٨٨

ويستفاد من كلمات بعض الفقهاء : « وتحنيكه بتربة الحسينعليه‌السلام وبماء الفرات وهو النهر المعروف للنصوص ( ومع عدمه ) أي ماء الفرات ، وما ذكروه من مطلق الماء الفرات بعد تعذر ماء الفرات لم نقف على نص ، ولا بأس بمتابعتهم حيث يتعذر ماء السماء فيحنك به مسامحة في أدلة السنن ، ( وإنْ لم يوجد ) الماء الفرات ولا غيره ـ ( إلا ماء مالح خلط بالعسل أو التمر ) لورود التحنيك بكل منهما »(٣٤٤)

ثانياً ـ ما هي أسبابه ؟

لعلّ أهم أسبابه ودواعيه ، ترجع إلى الأمور التالية :

الأول ـ ما صنعه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأهل بيته وأبناء المسلمين :

وردت كثير من المرويات في الكتب الإسلامية التي تذكر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام بتحنيك أطفال أهل بيته والمسلمين ، نذكر منها الآتي :

١ ـ في حديث ولادة الحسن بن علي« وألباه بريقه » أي صبّ في فيه ، كما يُصبّ اللَّبأ في فم الصبي ، وهو أول ما يحلب عند الولادة(٣٤٥)

وفي لفظ ابن كثير :« فَحَنّكَه رسول الله بريقه وسماه » (٣٤٦)

٢ ـ لما ولد إبراهيم بن أبي موسى الأشعري ، أتى به أبوه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فَسَمّاه إبراهيم ، وحنكه بتمرة ، وكان أكبر ولده(٣٤٧)

٣ ـ وعن أنس ، أنّ أم سليم ولدت غلاماً ، قال : فقال لي أبو طلحة : إحفظه حتى يأتي به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتاه به وأرسلت معه بتمرات ، فأخذها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

______________________

(٣٤٤) ـ الطباطبائي ، السيد علي : رياض المسائل ، ج ٧ / ٢٢٩

(٣٤٥) ـ ابن الأثير ، مجدالدين : المبارك بن محمد : النهاية في غريب الحديث ، ج ٤ / ٢٢

(٣٤٦) ـ ابن كثير ، عماد الدين ، إسماعيل بن عمر : البداية والنهاية ، ج ٨ / ٣٣

(٣٤٧) ـ البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٧ / ١٠٨ ، وج ٨ / ٥٤

١٨٩

فمضغها ، ثم أخذها من فيه فجعلها في فم الصبي وحنكه به وسمّاهُ عبدالله(٣٤٨)

هذه بعض الأمور التي ذكرها لنا التاريخ من سيرة المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل بيته وصحابته ، نعم أقام عليها سنة التحنيك وبارك عليهم ، وهكذا تعمل الإمامية بهذه السيرة عن طريق تربة ريحانته سيد الشهداءعليه‌السلام

الثاني ـ إتباع أهل البيت (عليه‌السلام ) :

قد وردت عنهم الروايات الحَاثّة على تحنيك أولاد الشيعة بتربة الحسين منها الآتي :

عن الحسين ابن العلاء قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول :( حنكوا أولادكم بتربة الحسين عليه‌السلام فإنها أمان ) (٣٤٩)

ثالثاً ـ فوائده :

وقد أشارت أبحاث عديدة ـ نشرت في المجلات والكتب الطبية ـ إلى فوائد التحنيك بالنسبة للأطفال ، وهذه بعض مقالات كبار الأطباء في العالم العربي وغيره :

يقول الدكتور حَسّان شَمْسِي باشا : « يقول ـ أخي وصديقي ـ الدكتور « فاروق مساهل » في كتابه « تكريم الإسلام للإنسان » : والتحنيك هو معجزة طبية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تظهر الحكمة من ورائها إلا حديثاً فالطفل ـ بعد ولادته ـ يجد نفسه وقد إنفصل عن أمه ، وإنقطع سبل الغذاء الجاهز إليه ، فيلجأ للإعتماد على ما إستطاع جسمه تخزينه من الطعام ـ وهذا ليس بالكثير ـ أثنا

______________________

(٣٤٨) ـ الشوكاني : محمد بن علي محمد بن علي محمد : نيل الأوطار ، ج ٥ / ١٦١

(٣٤٩) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ١٠ / ٤١٠ ( باب (٧٠) من أبواب المزار وما يناسبة ، حديث ٨ )

١٩٠

حمله في رحم أمه ، لحين إفراز اللبن من ثدي والدته ويستغرق إفراز اللبن وقتاً متفاوتاً من الزمن ( من يوم إلى يومين )

وبما أنّ نشاط أجهزة جسم المولود تكون في قمتها في محاولة لملاءمة الوضع الجديد وهو الخروج إلى هذا العالم ، فإنّ المخزون في جسمه يستهلك بسرعة ، وقد تنخفض تبعاً لذلك نسبة السكر في الدم وحيث أنّ الفترة الحرجة في إطعام الطفل تقع بين إنتهاء ولادته وبدء رضاعته ، فإننا نجد تكريم المولود على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتحنيكه بالتمر ( المملوء بالسكر ) والذي يمتص بسرعة في عروقه ، فيحافظ على مستوى السكر في دمه ، أو يرفعه إلى مستواه الطبيعي ويحتوي لبن الأم على كمية من السكر أكبر بكثير من تلك التي توجد في لبن الرضاعة لأي من مخلوقات الله الأخرى فنسبته في لبن الأم تبلغ ٧.٢ % ، بينما تبلغ نسبته ٤.٩ % عند البقر مثلاً ومن هنا تتضح أهمية السكر للمولود ، والأهمية العظمى للتحنيك في تغطية هذه الفجوة في تغذية المولود بين ولادته وبدء رضاعته من لبن أمه ومن التحنيك نشأت عند الناس عادة إعطاء المولود الماء المُحلّى بالسكر حتى يجهز اللبن في ثدي الأم »(٣٥٠)

ويقول الدكتور « عبدالمجيد قطمة » رئيس الجمعية الطبية الإسلامية في بريطانيا : « إنّ هذا الإكتشاف يؤكد أنّ الإسلام هو دين الرحمة والشفاء للبشرية جمعاء ، وأنّ طبيب البشرية محمداً ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ كان أوّل من وضع المادة السكرية في فم الوليد ، وذلك بتحنيكه بالتمر الممضوغ في فمه الطاهر ، وجعل هذا الفعل شائعاً بين المسلمين هذا وقد قامت مجموعة من العلماء والأطباء والباحثين الإنجليز في المستشفى الجامعي في مدينة ( ليدز )

______________________

(٣٥٠) ـ باشا ، د / حَسّان شَمسِي : الأسودان التمر والماء بين القرآن والسنة والطب والحديث / ٧٥ ـ ٧٦

١٩١

بشمال إنجلترا بإجراء تجارب على الأطفال حديثي الولادة لمعرفة تأثير إعطاء جرعات مختلفة من محلول السكر ( السكروز ) على بكاء الطفل وإحساسه بالألم بسبب غرز حقنه لسحب الدم ، وتوصلوا إلى أنه كلما زادت نسبة السكر في المحلول السكري في فم الطفل خَفّ البكاء والإحساس بالألم ، وخفَّت سرعة نبضات القلب كما أنّ وضع مادة سكرية في فم الطفل بعد ولادته تحمل بطريقة مدهشة على تخفيف أو منع الألم ، حيث توصل العلماء البريطانيون إلى أنّ إثنين ملليجرام من محلول سكري يخففان كثيراً من بكاء الطفل ، ويقلِّلان من إحساسه بالألم عند وَخْزِه بالحقنة لسحب عَيِّنة من الدم أو عند القيام بعملية الختان »(٣٥١)

وبعد هذا البيان المتقدم ، لا ملامة على الشيعة الإمامية فيما تقول به من تحنيك أولادها بهذه التربة الزكية ، ولا يعتبر عملها بدعة أو خرافة بعد أنْ ورد عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سُنَة التحنيك بالتمر ونحوه ، وبعد أنْ حَثّ أهل البيتعليهم‌السلام شيعتهم على تحنيك أولادهم بتربة الحسينعليه‌السلام ! والله على ما تقول شهيد ، والحمد لله على نعمة التوفيق بإنهاء هذا البحث ، ومسك ختامه الصلاة والسلام على أفضل الخلق محمد وآله الهداة

______________________

(٣٥١) ـ عبدالصمد ، محمد كامل : ثبت علمياً ، ج ٤ / ١٦

١٩٢

١٩٣
١٩٤

١ ـ تربة أرض المدينة المنورة تحمي من أورام الثدي والجلد

والبحث العلمي في مستهل الألفية الثالثة يؤكد مصداقية الطب النبوي دور الطاقة الحيوية الخاصة بـ ( ثاني أكسيد السليكون ) من أرض المدينة المنورة في علاج الوقاية من أورام الثدي والجلد

د سيد عباس إقبال

في تجربة مشتركة بين فريق من الأطباء السعوديين ـ والباكستانيين وكان الهدف منها تقديم بديل طبي ـ إيمان وروحاني ـ مجاني وعلاجي في حقل الأورام ، وذلك بإثبات الدور العلاجي والوقائي للطاقة الحيوية الخاصة بثاني أكسيد السليكون ـ وذلك من عينة تراب مأخوذة من أرض المدينة المنورة ـ ، وذلك في الجينp٥٣ في فئران التجارب ! مصداقاً لحديثه الشريف صلى الله عليه ( وآله ) وسلم عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض : ( باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا ) رواه البخاري

وكانت خطة العمل : إجراء دراسة تجريبية معملية على ( ثدي وجلد ) فئران التجارب البيضاء ( الفئران ذوات اللون الأمهق : لبني البشرة ، أبيض الشعر ، قرنفلي العينين ) وذلك بإحداق السرطان ـ فيها ـ كيميائياً بواسطة عناصر كيميائية مسرطنة

مكان ومدة الدراسة :

ثم تنفيذها في المعهد الطبي للدراسات العليا وكلية الطب جامعةKing Edward في لاهور ( باكستان ) ، وقد أجريت الدراسة لمدة ٢٠ أسبوعاً للوقاية ـ و١٠ أسابيع إضافية للمجموعات التي تلقت الجرعات العلاجية

١٩٥

المواد والطرائق المستخدمة : تم اختيار ٢٥ فأراً أمهق من الذكور والإناث ، وقسمت لـ ٥ مجموعات ( ٥ فئران لكل مجموعة ) ، وتم إستخدام العناصر الكيميائية الآتية لإحداث السرطان :

(DMBA: Dimethylobenz [a] Anthacene) , (TBA: Tetradecanoyl- phorol-١٣-Acetic acid)

كذا تم إعداد شكل من الطاقة الحيوية من ثاني أكسيد السليكون ، المأخوذ من تربة أرض المدينة المنورة لاستخدامه ( علاجياً ) ، وقد أعطي للمجموعة العلاجية قبل تعريض فئران التجارب للمسبّبات المسرطنة الكيميائية ، وقد تم إقتفاء الجين المسمىP٥٣ في كل فئران التجارب

خط سير التجربة :

بعد تقسيم الفئران ( ٥ مجموعات ـ ٥ في كل مجموعة ) أعطيت كل مجموعة حرفاً أبجدياً رمزاً لهاA,B,C,D,E وهكذا ولم تعطA أية مواد كيميائية ضارة ( فقد استخدمت المجموعةA كمجموعة حاكمة ضابطة للتجربة ) بينما تم إعطاء باقي المجموعات المواد الكيميائية المسرطنة(DMBA٧.١٢ TPA١٢.٠) وذلك لإحداث السرطان ، ( تتم إعطاء المواد الكيميائية المسرطنة فقط بدون المادة العلاجية لمجموعة B ذكور وC إناث ، بينما المجموعةE ذكور ،F إناث أعطيت عن طريق الفم الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون قبل تعريضها أيضاً للمسرطنات الكيميائية المذكورة ، أما المجموعةB وE ذكور ؛ فقد تم توظيفها لإحداث سرطانات الجلد فيها ، بينما إناثD فقد استخدمت لإحداث سرطان الثدي ) ، وبعد ٢٠ أسبوعاً تم اختيار ٤ فئران تجارب من المجموعةC , B لمجموعات إضافيةC٢ , C١ , B٢ , B١ لرؤية التأثير التطببي والعلاجي للطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون بينما تم التخلص من الباقي بالذبح ، وأخذت

١٩٦

الأنسجة للفحص من ناحية الأسباب والأعراض المرضية النسجية لبحث حالة الجين البروتينيP٥٣ ، وقد قورنت النتائج مع باقي مجموعة التجارب ، وقد إستمرت المجموعة العلاجية أو التي تم تطبيبها ١٠ أسابيع أخرى تالية ، وقد إستخدم مؤشر أو معيار دليل ( فوق صوتي ـ فوق سماعي ) لمعرفة إدراك كيفية الإستجابة للطاقة الحيوية ، وقد تم تحضير الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون باختيار تربة ( محددة معينة ) من أرض المدينة المنورة ، واستخدام ناقل ( باستعمال سكر اللبنLactose “Saccharum Lactis” لإيجاد طاقة حيوية تم نقلها بماء مقطر على أساس أو قاعدة إنتاج(Adinosine tri phosphate: ATP) المتعلق بتمثل الطاقة عبر ميتوكوندريا الخلية موقع توليد الطاقة ) وقد تم كل ذلك وفقاً للنظرية الإهتزازيةVibration ، وتم إعداد شكل الطاقة هذه ، إما بجرعات بالفم أو على شكل حقن أيضا !.

النتائج :

في المجموعةA لم تكن هناك ثمة آفات أو تضررات أو أذى ، ولا تغير طفري جيني في الجينP٥٣ ( فئرانها كما ذكرنا استخدمت كمجموعة ضابطة وحاكمة معيارياً )

وفي المجموعةB نشأت قروح لدى كل الفئران ، وواحد منها نشأ عنده ورم حُليمي ، وآخر سرطانة خلوية بين ظاهرية كثيرة الحراشف ، وكذا ثلاثة نشأت لديهم سرطانات توسعية كثيرة الحراشف أما المجموعةC فقد نمت لدى ٤ فئران نتوءات ثديية ، وكذا سرطانات توسّعية في القناة اللبنية ، ولم نشاهد خباثة سرطانية فيD بينما نمت لدى فأر واحد من المجموعةE ورم غدي أنبوبي غير خطير ؛ أي أن معدلات التغيير الطفرية للجينP٥٣ كانت أعلى في

١٩٧

B , C التي لم تأخذ علاجاً مقارنة بباقي المجموعاتE , D , A وبقيت بوجه عام صحة فئران هاتين المجموعتينE, D طيبة وجيدة ، كذلك لم تكتشف أية أعراض جانبية أو آثار سُميّة من جراء إستعمال العلاج ، وكانت الأورام منخفضة المعدلات مقارنة بالمجموعات التي لم تتلق علاجاً ، ولقد كان الدور الوقائي للطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون جيداً ، بينما أظهر المعدل المنخفض أو حتى السلبي للجينp٥٣ وخاصة عند الفئرانC٢ , B٢ التي تلقت جرعات علاجية ، كل هذا اظهر دورp٥٣ التنبؤي والنذيري والتكهني عند الفئران التي نشأ لديها القليل من الآفات ، نعم فقد كانت درجة ـ وتدرج ـ وطبقة الورم منخفضة فيC٢ , B٢ مقارنة بـC١ , B١

وهكذا كشف المعدل المُحرز والمنخفض والعادي منp٥٣ رسوخ وتوازن الكروموسوم الصبغي١٧ والذي يقع فيه الجينp٥٣ وقد تم إحراز ذلك الثبات باستعمال الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون التي أثبتت دورها الجيد في منع والوقاية من التغيرات الطفرية للجينp٥٣ ، وبالتالي تأثيراتها الواقية ضد العناصر الكيميائية المسرطنة ، وربما أعطانا هذا أملاً في العلاج باستعمال التداوي بهذه الطاقة الحيوية ( مثلاً إذا تم إعطاءها لمرضى ما بعد العمليات الجراحية )

لقد ابتكرنا فكرة أنه إذا استطعنا استثمار طاقة ثاني أكسيد السليكون ولذا الترداد أو التكرار المقاس لهذه الطاقة ، وتم منحها عبر وسيط مناسب مثل الماء أو الزيت أو السكر إلخ ، فإنّ هذه الطاقة الحيوية قد تؤدي دوراً كمضاد أكسدة وكمضاد التهابات ، وربما أيضاً قد تؤدي في علاج السرطان ، وذلك بإمكان الحماية والوقاية من الأورام السرطانية بواسطة التحكم أو السيطرة على دورة الخلية ( بتثبيت التغيرات الخلوية على المستوى الجيني ، ومن أجل هكذا ؛

١٩٨

فقد تم إختيار تربة المدينة المنورة ( عينات منها ) ، والتي جاء ذكرها في حديثه الشريف عليه السلام ، والمذكور في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، كان يقول للمريض « باسم الله تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفي سقيمنا بإذن ربنا » رواه البخاري

وتم تنفيذ هذه الدراسة لرؤية العناصر التي تؤدي إلى الطفرة الخلوية للجينp٥٣ والوقاية منها ومنعها وكذا توظيفاً لمنحي في الطب البديل هو طب الطاقة الحيويةBioenergy Medicine ، ولقد أثبتت هذه الدراسة التجريبية المعملية أن الغير الطفري للجينp٥٣ مسئول عن إنتاج و إحداث سرطان الجليد سرطان الثدي ، وأن مسببات السرطان الكيميائية مثل المذكورة في التجربة " تسبب الطفرة في دورة خلية الجين الحارس على كروموسوم١٧ وقد تم إثبات أن الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون من أرض المدينة المنورة له دور إيجابي مؤكد في الوقاية والحماية من أورام سرطان الثدي والجلد

ما هو الجين البروتينيp٥٣ ؟

يقع هذا الجين في الكروموسوم ١٧ ويمثل الحارس والحامي لـDNA المكون الأساسي في المادة الحية وفي حالة حدوث ضرر لـDNA فإن هذا الجين يؤدي ثلاث وظائف حاسمة

أولاً : يوقف دورة الخلية مثلاً بزيادة قدرة التعديل للجينp٢١

ثانياً : يستهل ويبدأ في إصلاح الـDNA فالحين عامل نسج خلوي أيضاً

ثالثاً : وفي حالة عدم إمكانية إصلاح الـDNA فإنp٥٣ يبدأ ويستهل ما يسمى بـAPOPTOSIS وهو نمط تشكليMorpholic لموت الخلية ، يصيب الخلية الفردية وموسوم بانكماش الخلية بسبب دور الجينP٥٣ هذا في حماية الـDNA

١٩٩

وإيقاف دورة الخلية ، فإنه يحمي من السرطان ، فهو قامع وكابح أورام ، ومن ثم فإن التغير الطفري الجيني لـp٥٣ شائع جداً في الخلايا السرطانية ، فهو يتخذ بالذات هدفاً في التغيير الجيني الخاص بالأورام ، وعندما يغدو متغيراً طفرياًp٥٣ Mutated فإنه يصير غير قادر لأداء مهامه العادية ، وبالتالي يتيح للخلايا السرطانية أن تتوالد وتتكاثر بالانقسام الخلوي ، وكذا قيامها بزيادة الإنبثاث

وماذا عن ثان أكسيد السليكونSiO٢ :

السليكون عنصر رمزهSi ورقمه الذري١٤ ووزنه الذي٢٨.٠٨٦ والسليكون والأكسجين هما أكثر العناصر وفرة في قشرة أو أديم أو غلاف الأرض ، وجسيمات ورقائق السليكون موجودة في الأرض والحشائش وأوراق النباتات والحبوب ، وعندما تكون هذه الجسيمات متحدة بالماء ؛ فإنها تنتج ذرات أكسجين ، وربما كان لها دورها في عملية استخراج نسخ DNA مطابقة أو في إصلاح عملية الانقسام الخلوي غير المباشر إنّ نوعية التفاعل المباشر لجزئيات السليكون البلورية مع الـDNA مهم بسبب قيامها بتثبيتDNA في مكانها وهذا الأمر هام في التحولات السرطانية(٣٥٢)

٢ ـ الله أكبر والعزة للإسلام

في بحث علمي نشر في المجلة العلمية المشهورةJournal of Plant Molecular Biology ، وجد فريق من العلماء الأمريكيين ، إن بعض النباتات الإستوائية تصدر ذبذبات فوق صوتية تم رصدها وتسجيلها بأحدث الأجهزة العلمية المتخصصة

______________________

(٣٤١) ـ إقبال ، سيد عباس : ( تربة أرض المدينة المنورة تحمي من أورام الثدي والجلد ) ، مجلة الطب البديل ، العدد ٢٤ يناير ( كانون الثاني ) ٢٠٠٥ م ، ص / ١٦ ـ ١٨

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

إلى العلم به إلّا بالتعريف والإنشاد ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجباً ، فوجب التعريف ، ولأنّ ترك التعريف كتمانٌ مفوّتٌ للحقّ على المستحقّ.

وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه إن قصد الملتقط التملّكَ وجب التعريف حولاً ، وإن قصد الحفظَ أبداً لم يجب ؛ لأنّ التعريف إنّما يجب لتحقيق شرط التملّك(١) .

وهو ممنوع ، بل التعريف وجب لإيصال الحقّ إلى مستحقّه.

ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّةعليهم‌السلام لم يفرّقوا ، بل أطلقوا وجوب التعريف.

ولأنّ حفظها في يد الملتقط من غير إيصالها إلى مستحقّها مساوٍ لعدمها عنه ولهلاكها.

ولأنّ إمساكها من غير تعريفٍ تضييعٌ لها عن صاحبها ، فلم يجز ، كردّها إلى موضعها أو إلقائها في غيره.

ولأنّه لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط ؛ لأنّ بقاءها في مكانها إذَنْ أقرب إلى وصولها إلى صاحبها إمّا بأن يطلبها في الموضع الذي ضاعت منه فيجدها ، وإمّا أن يجدها مَنْ يعرفها ، وأخذ هذا لها يُفوّت الأمرين معاً ، فكان محرَّماً ، لكن الالتقاط جائز ، فلزم التعريف كي لا يحصل هذا الضرر.

ولأنّ التعريف واجب على مَنْ أراد تملّكها ، فكذا يجب على مَنْ أراد حفظها ، فإنّ التملّك غير واجبٍ ، فلا تجب الوسيلة إليه ، فيلزم أن يكون الوجوب في المحلّ المتّفق عليه ، لصيانتها عن الضياع عن صاحبها ، وهذا موجود في محلّ النزاع.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ - ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢.

٢٢١

مسألة ٣٣٩ : لا يراد بالتعريف سنةً استيعاب السنة وصَرفها بأسرها في التعريف ، بل يسقط التعريف في الليل ؛ لأنّ النهار مجمع الناس وملتقاهم ، دون الليل ، ولا يستوعب الأيّام أيضاً ، بل على المعتاد ، فيُعرّف في ابتداء أخذ اللّقطة في كلّ يومٍ مرّتين في طرفي النهار ، ثمّ في كلّ يومٍ مرّةً ، ثمّ في كلّ أُسبوعٍ مرّةً أو مرّتين ، ثمّ في كلّ شهرٍ مرّةً بحيث لا ينسى كونه تكراراً لما مضى.

وبالجملة ، فلم يقدّر الشرع في ذلك سوى المدّة التي قلنا : إنّه لا يجب شغلها به ، فالمرجع حينئذٍ في ذلك إلى العادة.

وينبغي المبادرة إلى التعريف من حيث الالتقاط ؛ لأنّ العثور على المالك في ابتداء الضياع أقرب ، ويكرّر ذلك طول الأُسبوع ؛ لأنّ الطلب فيه أكثر.

وللشافعيّة في وجوب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط قولان :

أحدهما : الوجوب ؛ لما تقدّم.

والثاني : عدمه ، بل الواجب تعريفها سنةً مطلقاً ، وبه ورد الأمر(١) .

مسألة ٣٤٠ : قدر مدّة التعريف سنة فيما بلغ درهماً فصاعداً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال عليٌّعليه‌السلام وابن عباس وعمر وابن المسيّب والشعبي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي(٢) - لحديث زيد بن‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٢ و ١٥٣ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٢ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٦ و ٥٢٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٨ ، البيان ٧ : ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١ ، التمهيد ٣ : ١١٧ - ١١٨ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٤.

٢٢٢

خالد ، الذي رواه العامّة ، وقد تقدّم(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما تقدّم(٢) .

وما رواه محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن اللّقطة ، قال : « لا ترفعوها ، فإن ابتليتَ فعرِّفها سنةً ، فإن جاء طالبها ، وإلّا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري على مالك إلى أن يجي‌ء لها طالب »(٣) .

ولأنّ السنة لا تتأخّر عنها القوافل وتمضي فيها الأزمان التي تقصد فيها البلاد من الحَرّ والبرد والاعتدال.

وروي عن عمر روايتان أُخريان :

إحداهما : يُعرّفها ثلاثة أشهر.

والأُخرى : ثلاثة أعوام(٤) ؛ لأنّ أُبيّ بن كعب روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمره بتعريف مائة دينارٍ ثلاثة أعوام ؛ لأنّه قد روي في حديث أُبيّ بن كعب أنّه قال له : « عرِّفها حولاً » فعرَّفها ، ثمّ عاد إليه ، فقال له : « عرِّفها [ حولاً ] » فعرَّفها ، ثمّ عاد إليه ، فقال له : « عرِّفها حولاً »(٥) فأمره أن يعرِّفها ثلاثة أحوال.

____________________

(١) في ص ١٦٥ و ٢١٩.

(٢) في ص ١٦٦ و ٢١٩.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٩٠ / ١١٦٥ ، الاستبصار ٣ : ٦٨ - ٦٩ / ٢٢٩.

(٤) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٣ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ١٦٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٥٠ / ١٧٢٣ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٤ / ١٧٠١ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٥٨ / ١٣٧٤ ، سنن البيهقي ٦ : ١٨٦ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.

٢٢٣

قال أبو داوُد : شكّ الراوي في ذلك فقال : قال له : حولاً ، أو ثلاثاً(١) .

قال ابن المنذر : قد ثبت الإجماع بخلاف هذا الحديث ، وعلى أنّ [ في ] حديث زيد بن خالد أمره بسنةٍ واحدة ، فدلّ على إجزاء ذلك(٢) .

وقال أبو أيّوب الهاشمي : ما دون الخمسين درهماً يعرّفها ثلاثة أيّام إلى سبعة أيّام(٣) .

وقد روي عن أبان بن تغلب قال : أصبتُ يوماً ثلاثين ديناراً ، فسألتُ الصادقَعليه‌السلام عن ذلك ، فقال لي : « أين أصبتَه؟ » قال : فقلت : كنتُ منصرفاً إلى منزلي فأصبتُها ، قال : فقال : « صِرْ إلى المكان الذي أصبتَ فيه فتعرّفه ، فإن جاء طالبه بعد ثلاثة أيّام فأعطه ، وإلّا تصدّق به »(٤) .

والرواية في سندها قولٌ ، فلا تعويل عليها ، على أنّه يحتمل تعريفها سنةً ثمّ يتصدّق بها بعد ثلاثة أيّام من تمام الحول استظهاراً في الحفظ لصاحبها.

وقال الثوري : في الدرهم يُعرّفه أربعة أيّام(٥) .

وقال الحسن بن صالح بن حي : ما دون عشرة دراهم يُعرّفها ثلاثة أيّام(٦) .

____________________

(١) سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٤ ، ذيل ح ١٧٠١ ، وعنه في المغني ٦ : ٣٤٩ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٧٥.

(٢) البيان ٧ : ٤٤٨.

(٣) المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٩٧ / ١١٩٥.

(٥) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٩ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٣٦ / ٢٠٤٢ ، التمهيد ٣ : ١١٧.

(٦) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥١ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٦ ، المغني ٦ : =

٢٢٤

وقال إسحاق : ما دون الدينار يُعرّفه جمعةً أو نحوها(١) .

وروى أبو إسحاق الجوزجاني بإسناده عن يعلى بن أُميّة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَن التقط درهماً أو حبلاً أو شبه ذلك فليعرّفه ثلاثة أيّام ، وإن كان فوق ذلك فليعرّفه سبعة أيّام »(٢) .

وهذا الحديث لم يُعلم به قائل على وجهه ، فإذَنْ الأحاديث التي أوردناها أولى بالعمل من هذا ، فإنّ إطراح الفقهاء من العامّة والخاصّة له يدلّ على الضعف في الرواية.

مسألة ٣٤١ : لا يجب التوالي في التعريف ، فلو فرّقه جاز بأن يُعرّف شهرين ويترك شهرين ، وهكذا - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) - كما لو نذر صوم سنةٍ ، يجوز أن يوالي وأن يُفرّق ، كذا هنا.

وفي الآخَر : لا يجوز التفريق ؛ لأنّه إذا فرّق لم تظهر فائدة التعريف ، فعلى هذا لو قطع التعريف مدّةً وجب الاستئناف عندهم(٤) .

والأقرب : وجوب المبادرة في التعريف ؛ تحصيلاً لغرض وقوف المالك عليها ، وهو في الغالب يعجّل الطلب ، فإذا أخفاها عن مالكها فات الغرض المطلوب شرعاً ، فإن فرّط في المبادرة فَعَل محرَّماً ، فإذا عرّف متفرّقاً لم يجب الاستئناف ، وكفاه التلفيق.

____________________

= ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٣٦ / ٢٠٤٢ ، التمهيد ٣ : ١١٧.

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٨ : ١٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٩ ، المغني ٦ : ٣٤٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٤.

(٢) نقله عنه ابنا قدامة في المغني ٦ : ٣٤٨ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٧٤ - ٣٧٥.

(٣ و ٤) حلية العلماء ٥ : ٥٢٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٩ ، البيان ٧ : ٤٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦١ - ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

٢٢٥

مسألة ٣٤٢ : الأحوط في التعريف الإيغال في الإبهام ، فلا يذكر الجنس فضلاً عن النوع ووصفه ، بل يقول : مَنْ ضاع له شي‌ء أو مال ؛ لأنّه أبعد أن يدخل عليه بالتخمين وأحفظ لها من ادّعاء كاذبٍ.

ولو ذكر الجنس جاز ، كأن يقول : مَنْ ضاع له ذهب أو فضّة أو ثوب ، ولا يزيد عليه ، فإنّه ربما ادّعاها الكاذب.

ولو ذكر بعض صفاتها ، لم يستقص على الجميع ؛ لئلّا يعلم بصفتها مَنْ يسمع تلك الأوصاف المفصّلة ، فلا تبقى صفتها دليلاً على ملكها ؛ لمشاركة غير المالكِ [ المالكَ ](١) في ذلك ، ولا يؤمن أن يدّعيها بعض مَنْ سمع صفتها ويذكر صفتها التي تُدفع اللّقطة بها فيأخذها وهو غير مالكٍ لها فتضيع على مالكها.

وقال بعض الشافعيّة : لا بدّ وأن يصف الملتقط بعض أوصاف اللّقطة ؛ فإنّه أفضى إلى الظفر بالمالك(٢) .

وهل ذلك شرطٌ أو مستحبٌّ؟ فيه وجهان ، الأظهر منهما عندهم : الثاني(٣) .

وعلى القول بكونه شرطاً فهل يكفي ذكر الجنس بأن يقول : مَنْ ضاع منه دراهم؟ قال الجويني : ما عندي أنّه يكفي ، ولكن يتعرّض للعفاص والوكاء ومكان الالتقاط وتأريخه ، ولا يستوعب الصفات ولا يبالغ لئلّا يدّعيها الكاذب(٤) .

فإن استوعب جميع الصفات ، ففي الضمان عندهم وجهان :

____________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المغني ٦ : ٣٥٠.

(٢) الوجيز ١ : ٢٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

٢٢٦

أحدهما : المنع ؛ لأنّه لا يلزمه الدفع إلّا بالبيّنة.

والثاني : الثبوت ؛ لأنّ المدّعي قد يرفع الملتقط إلى حاكمٍ يعتقد وجوب الدفع إلى الواصف(١) .

مسألة ٣٤٣ : لا يجب على الملتقط مباشرة التعريف ؛ إذ الغرض به الإشهار والإعلان ، ولا غرض للشارع متعلّق بمباشرٍ دون آخَر ، فيجوز أن يباشر النداء بنفسه ، وأن يولّيه غلامه وولده ومَنْ يستعين به ويستأجره عليه ، ولا نعلم فيه خلافاً.

فإن تبرّع الملتقط بالتعريف أو بذل مئونته فذاك ، وإلّا فإن أخذها للحفظ أبداً وجب التعريف أيضاً عندنا ، وعلى أحد قولَي الشافعي لا يجب حينئذٍ ، فهو متبرّع إذا عرّف(٢) .

فإن قلنا : يجب - وهو الحقّ عندنا - إذا احتاج التعريف إلى مئونةٍ ، فإن أخذها للتملّك واتّصل الأمر بالتملّك ، فمئونة التعريف على الملتقط ؛ لأنّه إنّما يفعل التعريف ليتشبّث به إلى إباحة تملّكه لها ، فكانت مئونة التعريف عليه ؛ لأنّها لمصلحته ونفعه ، وإن ظهر المالك فهي على الملتقط أيضاً ؛ لقصده التملّك ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّها على المالك ؛ لعود الفائدة إليه(٣) .

ولو قصد الحفظ حين الالتقاط أبداً ، فالأقرب : إنّه لا يجب على‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢ ، المغني ٦ : ٣٤٧ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٣.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢.

٢٢٧

الملتقط أُجرة التعريف ، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليبذل أُجرته من بيت المال ، أو يستقرض على المالك ، أو يأمر الملتقط بالاقتراض ليرجع ، أو يبيع بعضها إن رآه أصلح أو لم يمكن إلّا به.

ولو قصد الأمانة أوّلاً دائماً ثمّ قصد التملّك ، ففيه للشافعيّة وجهان مبنيّان على أنّ النظر هل هو إلى منتهى الأمر ومستقرّه ، أو إلى حالة ابتدائه؟(١) .

ويحتمل عندي أنّه إذا قصد التملّك دائماً أن تكون مئونة التعريف عليه أيضاً ؛ لأنّه واجب عليه ، فإذا لم يتمّ إلّا بالأجر وجب ؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون - لا شكّ - واجباً.

وكذا البحث في أُجرة لقطة الحرم.

أمّا أُجرة مخزنها ونشرها وطيّها وتجفيفها فإنّه على المالك.

ولو وليه الملتقط بنفسه ، لم يكن له أُجرة.

وقال مالك : إذا دفع الملتقط من اللّقطة شيئاً لمن عرّفها ، لم يكن عليه غُرم ، كما لو دفع منها شيئاً لمن يحفظها(٢) .

والأصل ممنوع.

مسألة ٣٤٤ : مكان التعريف في مجتمع الناس ، كالأسواق وأبواب المساجد عند خروج الناس من الجماعات ، وفي الجوامع في الوقت الذي يجتمعون فيها ، وفي مجامع الناس ؛ لأنّ المقصود إشاعة ذكرها وإظهارها ليظهر عليها مالكها ، فيجب تحرّي مجامع الناس.

ولا ينشدها في وسط المسجد ؛ لأنّ المسجد لم يُبْنَ لهذا ، وقد روي‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٢.

(٢) المغني ٦ : ٣٥٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٧.

٢٢٨

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « مَنْ سمع رجلاً ينشد ضالّةً في المسجد فليقل : لا أدّاها الله إليك ، فإنّ المساجد لم تُبْن لهذا »(١) وكراهة تعريف الضالّة ككراهة طلبها في المساجد.

وقال بعض الشافعيّة : الأصحّ من الوجهين : جواز التعريف في المسجد الحرام ، بخلاف سائر المساجد(٢) .

ثمّ إذا التقط في بلدٍ أو قريةٍ فلا بدّ من التعريف فيها ، وليكن أكثر تعريفه في البقعة بالمحلّة التي وُجد فيها ، فإنّ طلب الشي‌ء في موضع فقدانه أكثر ، فإن اتّفق له سفر فوّض التعريف إلى غيره ، ولا يسافر بها.

ولو التقط في الصحراء ، فإن اجتازت به قافلة يتبعهم وعرّفها فيهم ، وإلّا فلا فائدة في التعريف في المواضع الخالية ، ولكن يعرّف عند الوصول إليها.

ولا يلزمه أن يغيّر قصده ويعدل إلى أقرب البلاد إلى ذلك الموضع ، أو يرجع إلى مكانه الذي أنشأ السفر منه.

وقال بعض الشافعيّة : يُعرّفها في أقرب البلدان إليه(٣) .

نعم ، لو التقطها في منزل قومٍ رجع إليه وعرّفهم ، فإن عرفوها فهي لهم ، وإلّا فلا ؛ لما رواه إسحاق بن عمّار أنّه سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجلٍ نزل في بعض بيوت مكة فوجد [ فيها ] نحواً من سبعين درهماً مدفونة ، فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال : « يسأل عنها‌

____________________

(١) سنن أبي داوُد ١ : ١٢٨ / ٤٧٣ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٦ ، مسند أحمد ٣ : ١٥٠ / ٩١٦١.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٢٣ - ٥٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٣.

٢٢٩

أهل المنزل لعلّهم يعرفونها » قلت : فإن لم يعرفوها؟ قال : « يتصدّق بها »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يصحب اللّقطة في السفر ، كما لا يصحب الوديعة ، ولكن يُعرّف في أيّ بلدٍ دَخَله.

مسألة ٣٤٥ : ينبغي أن يتولّى التعريفَ شخصٌ أمين ثقة عاقل غير مشهورٍ بالخلاعة واللعب ؛ ليحصل الوثوق بإخباره ، ولا يتولّاه الفاسق ؛ لئلّا يفقد فائدة التعريف ، وهذا على الكراهة دون التحريم.

وليس للملتقط تسليم اللّقطة إلى غيره إلّا بإذن الحاكم ، فإن فَعَل ضمن ، إلّا مع الحاجة بأن يريد السفر ولا يجد حاكماً يستأذنه ، فيجوز أن يسلّمها إلى الثقة.

وكذا لو التقط في الصحراء ولم يتمكّن من حفظها ومراعاتها ، فإنّه يجوز له الاستعانة بغيره وتسليمها إليه مع عدم القدرة على الاستقلال بحفظها والمشاركة فيه.

مسألة ٣٤٦ : قد بيّنّا أنّ التعريف سنةً يجب في قليل المال وكثيره ما لم يقصر عن درهمٍ فلا يجب - وهو أحد وجوه الشافعيّة(٢) - لما رواه العامّة عن عائشة أنّه لا بأس بما دون الدرهم أن يستنفع به(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « وما [ كان ] دون الدرهم فلا يعرّف »(٤) .

الثاني للشافعيّة : إنّ القليل إن انتهت قلّته إلى أن يسقط تموّله كالحبّة‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٩١ / ١١٧١ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٢٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٠ ، البيان ٧ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٧ - ٣٤٨.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٨ ، الهامش (٣)

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٨ ، الهامش (٨) ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

٢٣٠

من الحنطة والزبيبة الواحدة ، فلا تعريف على واجده ، وله الاستبداد به - وبينهم خلاف في أنّ مَنْ أتلف ممّا لا يتموّل ما هو من قبيل المثليّات هل يغرمه؟ والظاهر بينهم أنّه لا يغرمه ، كما لا يجوز بيعه وهبته - وإن كان متموّلاً مع القلّة فيجب تعريفه ؛ لأنّ فاقده يطلبه(١) ، خلافاً لأبي حنيفة ومالك(٢) .

واختلفوا في قدر مدّة تعريفه على وجهين :

أحدهما : سنة ؛ لإطلاق الأخبار.

والثاني : المنع ؛ لأنّ الشي‌ء الحقير لا يدوم فاقده على طلبه سنةً ، بخلاف الخطير.

وعلى هذا فأوجُه :

أحدها : قال الاصطخري : إنّه يكفي التعريف مرّةً ؛ لأنّه يخرج بها عن حدّ الكاتم ، وليس بعدها ضبط يعتمد.

والثاني : يُعرّف ثلاثة أيّام ؛ لأنّه قد روي في بعض الأخبار : « مَن التقط لقطةً يسيرة فليعرّفها ثلاثة أيّام »(٣) .

والثالث - وهو الأظهر بينهم - : إنّه يُعرّف مدّةً يُظنّ في مثلها طلب الفاقد له ، فإذا غلب على الظنّ إعراضه سقط التعريف(٤) .

ويختلف ذلك باختلاف قدر المال.

قال بعض الشافعيّة : دانق الفضّة يُعرَّف في الحال ، ودانق الذهب‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤.

(٣) سنن البيهقي ٦ : ١٩٥ ، مسند أحمد ٥ : ١٨٣ / ١٧١١٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٤ - ٣٦٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

٢٣١

يُعرَّف يوماً أو يومين أو ثلاثة(١) .

واختلفوا في الفرق بين القليل المتموّل وبين الكثير على أوجُه :

أحدها : إنّه لا يتقدّر بمقدارٍ ، ولكن ما يغلب على الظنّ أنّ فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له في الغالب فهو قليل.

والثاني : إنّ القليل ما دون نصاب السرقة ، فإنّه تافه في الشرع ، وقد قالت عائشة : ما كانت الأيدي تُقطع على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الشي‌ء التافه(٢) ، وبه قال أبو حنيفة ومالك(٣) .

والثالث : إنّ القليل دينار فما دون ؛ لما رواه العامّة أنّ عليّاًعليه‌السلام وجد ديناراً فسأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : « هذا رزق الله » فاشترى به دقيقاً ولحماً ، فأكل منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ وفاطمةعليهما‌السلام ، ثمّ جاء صاحب الدينار ينشد الدينار ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي أدِّ الدينار »(٤) (٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الفضيل بن غزوان عن الصادقعليه‌السلام ، قال : كنتُ عنده فقال له الطيّار : إنّ حمزة ابني وجد ديناراً في الطواف قد انسحق كتابته ، قال : « هو له »(٦) .

ويحتمل أن يكون الدينار التي طمست كتابته قصرت عن الدرهم ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢١٠ ، الهامش (١)

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ ، المغني ٦ : ٣٥١.

(٤) سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٧ / ١٧١٤ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٤.

(٥) الوسيط ٤ : ٢٩٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٠ ، البيان ٧ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ - ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤ ، المغني ٦ : ٣٥١ - ٣٥٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٧ - ٣٤٨.

(٦) التهذيب ٦ : ٣٩٤ - ٣٩٥ / ١١٨٧.

٢٣٢

وعليه تُحمل رواية العامّة.

تذنيب : قال بعض الشافعيّة : يحلّ التقاط السنابل وقت الحصاد إن أذن فيه المالك أو كان قدر ما لا يشقّ عليه أن يلتقط وإن كان يلتقط بنفسه لو اطّلع عليه ، وإلّا لم يحل(١) .

مسألة ٣٤٧ : لو التقط ما لا بقاء له ممّا يفسد بسرعةٍ ، كالطبائخ والرطب الذي لا يتتمّر والبقول ، فإن كان في برّيّةٍ تخيّر بين أن يبيعه ويأخذ ثمنه فيعرّفه ، وبين أن يتملّكه في الحال فيأكله ويغرم قيمته لصاحبه إن وجده ؛ لما رواه العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « فمَنْ وجد طعاماً أكله ولم يُعرّفه »(٢) .

وإن وجده في قريةٍ أو بلدةٍ ، فكذلك عندنا يتخيّر بين البيع وتعريف الثمن ، وبين التقويم والتملّك والتعريف حولاً.

وقال المزني : إن وجده في الصحراء فكذلك ، وإن وجده في القرية أو البلد فقولان :

أحدهما : ليس له الأكل ، بل يبيعه ويأخذ ثمنه لمالكه ؛ لأنّ البيع يتيسّر في العمران.

والثاني : إنّه كما لو وجده في الصحراء ؛ لإطلاق الخبر.

وهو أشهر عند الشافعيّة ، ومنهم مَنْ قطع به(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه إذا أراد بيعه إمّا في الصحراء أو في العمران فإنّه يدفعه إلى الحاكم ليتولّى ذلك أو يأذن له فيه ؛ لأنّه منصوب للمصالح ، وهذا منها ، فإن تعذّر الحاكم تولّاه الملتقط ، وإذا دفعه إلى الحاكم فلا ضمان.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

٢٣٣

وعلى أحد قولَي الشافعيّة من عدم جواز الأكل في العمران لو أكل كان غاصباً عندهم(١) .

وعلى القول الثاني بجواز الأكل فلهم في وجوب التعريف بعده وجهان ، أصحّهما عندهم : الوجوب إذا كان في البلد ، كما أنّه لو باع يُعرّف(٢) .

وإذا كان في الصحراء ، قال الجويني : لا يجب ؛ لأنّه لا فائدة فيه في الصحراء(٣) .

وعندنا أنّ تعريف ما بلغ قدر الدرهم واجب ، سواء كان المأكول في الصحراء أو العمران ، وإذا أكله وجب عليه القيمة ؛ لأنّه أتلف مال غيره بغير إذنه.

ثمّ بعد الوقوف على المستحقّ هل يجب إفراز القيمة المغرومة؟

للشافعيّة قولان :

أظهرهما : إنّه لا يجب ؛ لأنّ ما في الذمّة لا يخاف هلاكه ، وإذا أفرز كان المفروز أمانةً في يده ، فربما تلف ، فما في الذمّة أحفظ ، ولأنّ كلّ موضعٍ جاز له التصرّف في اللّقطة لا يجب عليه عزل قيمتها ، كما بعد الحول.

والثاني : إنّه يجب ؛ احتياطاً لصاحب المال ؛ لتقدّم صاحب المال بتلك القيمة لو أفلس الملتقط ، ولأنّه لو باعها كان الثمن عنده معزولاً ، فكذا إذا أكلها ، فحينئذٍ يجب أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليقبض عن صاحب‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٧ - ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

٢٣٤

المال(١) .

فإن لم يجد حاكماً ، فهل للملتقط بسلطنة الالتقاط أن ينيب عنه؟ فيه عند الجويني احتمال ، وذكر أنّه إذا أفرزها لم تصر ملكاً لصاحب المال ، لكنّه أولى بتملّكها ، لكنّه لو كان كذلك لما سقط حقّه بهلاك القيمة المفروزة ، وقد نصّ الشافعي على السقوط ، وأيضاً نصّ على أنّه إذا مضت مدّة التعريف فله أن يتملّك تلك القيمة ، كما يتملّك نفس اللّقطة ، وكما يتملّك الثمن إذا باع الطعام ، وهو يقتضي صيرورتها ملكاً لصاحب اللّقطة(٢) .

ولو اختلفت القيمة يوم الأخذ ويوم الأكل ، قال بعض الشافعيّة : إنّه إن أخذ للأكل اعتُبرت قيمته يوم الأخذ ، وإن أخذ للتعريف اعتُبرت قيمته يوم الأكل(٣) .

ولا بأس به عندي.

ولو افتقر ما يمكن إبقاؤه إلى المعالجة ، كتجفيف الرطب بحيث يصير تمراً ، فإن كان الحظّ لصاحبه في بيعه رطباً ، بِيع إمّا بأمر الحاكم إن وُجد ، أو يتولّاه الملتقط إن لم يمكن الوصول إليه.

وإن لم يكن الحظّ في بيعه ، فإن تبرّع أحد بتجفيفه فذاك ، وإلّا باع الحاكم أو الملتقط مع تعذّره بعضَه ، وأنفق على تجفيف الباقي ، بخلاف الحيوان حيث يُباع بأجمعه ؛ لأنّ النفقة قد تُكرّر فيؤدّي إلى أن يأكل نفسه.

تذنيب : إذا باع الطعام عرّف المبيعَ دون الثمن ، كما أنّه إذا أكل يعرّف المأكولَ دون القيمة.

مسألة ٣٤٨ : ما لا يبقى عاماً كالطبيخ والبطّيخ والفاكهة التي لا تُجفّف‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٦.

٢٣٥

والخضروات يتخيّر ملتقطها بين أكلها وحفظ ثمنها ، وبين دفعها إلى الحاكم ليبيعها إن تمكّن منه على ما قدّمناه.

ولا يجوز له إبقاؤه ؛ لأنّه يتلف ، فإن تركه حتى تلف ضمن ؛ لأنّه فرّط في حفظه ، فلزمه ضمانه ، كالوديعة.

وليس له بيعه بنفسه مع وجود الحاكم.

خلافاً لأحمد في الشي‌ء القليل(١) .

وهو يبطل بالكثير ، ولأنّه مال الغير ، ولا ولاية له عليه ولا على مالكه ، فلم يجز بيعه إلّا بالحاكم ، كغير اللّقطة.

احتجّ : بأنّه أُبيح له أكله فأُبيح له بيعه ، كماله ، ولأنّه أُبيح له بيعه عند العجز عن الحاكم ، فجاز عند القدرة عليه(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ في البيع ولايةً على مال الغير ، بخلاف الأكل ؛ لأنّ القصد به مع الانتفاع أداء القيمة إلى المالك ، وحالة العجز لا قدرة على الحاكم ، فأُبيح له البيع ؛ تخلّصاً من ضررها ، بخلاف حال القدرة.

إذا تقرّر هذا ، فإن أراد الأكل أو البيع ، عرف صفاته وحفظها ، ثمّ عرّفه عاماً ، فإن جاء صاحبه فإن كان قد باعه دفع ثمنه إليه ، وإن كان قد أكله غرمه له بقيمته.

ولو تلف الثمن منه بغير تفريطه قبل تملّكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت بغير تفريطٍ ، فلا ضمان على الملتقط ، وإن تلفت أو نقصت أو نقص الثمن أو تلف بتفريطه ، لزمه ضمانه.

وكذا لو تلف الثمن بعد أن تملّكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٦ : ٣٩٥.

٢٣٦

بعد أن تملّكها.

مسألة ٣٤٩ : ما يفتقر إلى العلاج يُنظر الحظّ لصاحبه فيفعل كما قلناه أوّلا ، فإن كان في التجفيف جفّفه أو رفعه إلى الحاكم ليس له إلّا ذلك ؛ لأنّه مال غيره ، فلزمه الحظّ فيه لصاحبه ، كالوليّ عن اليتيم.

ولو افتقر إلى غرامةٍ ، باع بعضه في ذلك.

ولو كان الحظّ في بيعه ، باعه وحفظ ثمنه ، ولو تعذّر بيعه ولم يمكن تجفيفه ، تعيّن أكله ، كالبطّيخ.

وعن أحمد رواية أُخرى : إنّه لا يؤكل ، بل إمّا أن يبيعه أو يتصدّق به ، وكذا كلّ طعامٍ يتغيّر لو بقي لا يجوز أكله ، بل يتخيّر بين الصدقة به والبيع ، وبه قال مالك وأصحاب الرأي(١) .

وقال الثوري : يبيعه ويتصدّق بثمنه(٢) .

والكلّ باطل بما روي من طُرق العامّة والخاصّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ضالّة الغنم : « خُذْها فإنّما هي لك أو لأخيك أو للذئب »(٣) وهذا تجويز للأكل ، فإذا جاز فيما هو محفوظ بنفسه ففيما يفسد ببقائه أولى.

تذنيب : إذا باع الطعام الذي يخشى فساده أو الذي يحتاج إلى العلاج ، تولّاه الحاكم ، فإن تعذّر تولّاه بنفسه ؛ لأنّه موضع ضرورةٍ ، وإذا باع وعرف صاحبه ، لم يكن له الاعتراض في البيع ؛ لأنّه وقع جائزاً.

أمّا لو باعه بدون إذن الحاكم وفي البلد حاكم ، كان البيع باطلاً ، فإذا جاء صاحبه ، كان له مطالبة المشتري به ، فإن كان تالفاً رجع بالقيمة على مَنْ شاء ؛ لأنّ الملتقط ضمنه بالبيع والتسليم ، والمشتري بالتسلّم ، فإن رجع‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٦ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٢.

(٣) راجع : الهامش ( ١ و ٢ ) من ص ١٦٦.

٢٣٧

على الملتقط رجع الملتقط على المشتري ؛ لأنّ التلف حصل في يده ، ويده ضامنة ، وإن رجع على المشتري لم يرجع على الملتقط.

مسألة ٣٥٠ : قد بيّنّا أنّه تجب المبادرة إلى التعريف ، فلو أخّره عن الحول الأوّل مع الإمكان أثم ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر به(١) ، وقال : « لا يكتم ولا يغيّب »(٢) .

ولأنّ ذلك وسيلة إلى أن لا يعرفها صاحبها ، فإنّ الظاهر أنّ صاحبها بعد الحول ييأس منها ويسلو(٣) عنها ويترك طلبها.

ولا يسقط التعريف بتأخيره عن الحول الأوّل ؛ لأنّه واجب ، فلا يسقط بتأخّره عن وقته ، كالعبادات وسائر الواجبات ، ولأنّ المقصود يحصل بالتعريف في الحول الثاني على نعت من القصور ، فيجب الإتيان به ؛ لقولهعليه‌السلام : « إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم »(٤) .

وقال أحمد : يسقط التعريف بتأخّره عن ذلك الحول الأوّل ؛ لأنّ حكمة التعريف لا تحصل بعد الحول الأوّل(٥) .

وهو ممنوع.

فعلى هذا لو ترك التعريف في بعض الحول الأوّل ، عرّف بقيّته وأكمله من الحول الثاني.

وعن أحمد : يكتفي بالتعريف باقي الحول خاصّةً(٦) .

____________________

(١) راجع : الهامش (١) من ص ١٦٦.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٧٤ ، الهامش (١)

(٣) أي : ينسى. لسان العرب ١٤ : ٣٩٤ « سلا ».

(٤) صحيح البخاري ٩ : ١١٧ ، مسند أحمد ٣ : ١٦٢ / ٩٢٣٩ ، و ٣٠٧ / ١٠٢٢٩.

(٥) المغني ٦ : ٣٥٢ - ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٧.

(٦) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٧.

٢٣٨

وإذا عرّفها حولاً بعد الحول الأوّل ، جاز له أن يتملّكها بعده.

وكذا لو أخّر بعض الحول عرّف باقيه وأتمّه من الثاني ، وتملّكها بعد الإتمام عندنا.

وقال أحمد : ليس له أن يتملّكها بعد إهماله ، سواء قلنا بسقوط التعريف في الحول الثاني ، أو قلنا بوجوبه ، وسواء عرّفها الحول الثاني أو بعض الأوّل وأكمل من الثاني ؛ لأنّ شرط الملك التعريفُ في الحول الأوّل وقد فات ، فيسقط ؛ لفوات شرطه(١) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ العبادات لا تسقط بفوات أوقاتها ، فكيف إذا تعلّق بها حقّ الغير!

إذا عرفت هذا ، فقال أحمد : إنّه يجب عليه إمّا حفظها أبداً أو الصدقة بها على روايتين(٢) .

وقال بعض أصحابه : يجوز أن يدفعها إلى الحاكم ، كما إذا التقط ما لا يجوز التقاطه(٣) .

ولو ترك التعريف في بعض الحول الأوّل ، لم يملكها أيضاً بالتعريف فيما بعده عنده ؛ لأنّ الشرط لم يكمل ، وعدم بعض الشرط كعدم جميعه ، كما لو أخلّ ببعض الطهارة(٤) .

ولو ترك التعريف في الحول الأوّل ؛ لعجزه عنه بأن يتركه لمرضٍ أو حبسٍ أو نسيانٍ ونحوه ، لم يسقط التعريف عندنا ، وجاز ومَلَك بعد‌ التعريف في الحول الثاني.

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٨.

(٢ و ٣) المغني ٦ : ٣٥٣.

(٤) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٨.

٢٣٩

وللحنابلة وجهان :

أحدهما : إنّ حكمه حكم ما لو تركه مع إمكانه ، ليس له التملّك بعد التعريف في الحول الثاني ؛ لأنّ تعريفه في الحول الأوّل سبب الملك ، والحكم ينتفي لانتفاء سببه ، سواء كان انتفاؤه لعذرٍ أو لغير عذرٍ.

والثاني : إنّه يُعرّفه في الحول الثاني ويملكه ؛ لأنّه لم يؤخّر التعريف عن وقت إمكانه ، فأشبه ما لو عرّفه في الحول الأوّل(١) .

البحث الثالث : في التملّك.

مسألة ٣٥١ : إذا عرّف الملتقط حولاً ولم يكن من لقطة الحرم ، تخيّر بين أُمور ثلاثة : إمّا أن يستديم حفظها لمالكها أبداً إلى أن يظهر فيسلّمها إليه ، ولا ضمان عليه إلّا مع التفريط أو التعدّي ، أو نيّة التملّك بعده(٢) ، أو يتصدّق بها ، ويضمن إذا جاء صاحبها خيّره بين الأجر والقيمة ، أو يتملّكها ويتصرّف فيها كيف شاء ، ويضمنها ، وتكون في ذمّته ، سواء كان الملتقط غنيّاً أو فقيراً أو مَنْ تحلّ له الصدقة أو تحرم عند علمائنا - وبه قال عليٌّعليه‌السلام وابن عباس والشعبي والنخعي وعمر وابن مسعود وعائشة وطاوُوس وعكرمة والشافعي(٣) - لما رواه العامّة في حديث زيد بن خالد : « فإن لم تعرف فاستنفقها »(٤) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٥٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٨.

(٢) أي : بعد الحول.

(٣) المغني ٦ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٠ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٠ ، البيان ٧ : ٤٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٦.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٣٤٩ / ٥ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٠ ، المغني ٦ : ٣٥٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٠.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466