تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 978-964-319-530-4
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156563 / تحميل: 5496
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٧

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٣١٩-٥٣٠-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

بعد إنهاء هذا البحث ، يأتي دور الإجابة على التساؤلات التي ذكرت في مقدمة البحث وهي :

التساؤل الأول :

لماذا يعبد الشيعة الإمامية تربة الحسين ؟

يمكن الإجابة على هذا التساؤل بما يأتي :

أولاً ـ كيف سمح السائل لنفسه أنْ يسأل هذا السؤال ؟

إذ يلزم عليه ، أنه كيف يسجد الشيعي الإمامي على معبوده كما يدعي ؟!

ثانياً ـ إنّ السائل لم يفرق بين السجود على التربة الحسينية والسجود لها ؛ إذ الشيعة الإمامية تعتقد بأنّ السجود لا يكون إلا لله ، وسجودهم على التربة خضوعاً وخشوعاً لله ، وقد أوضحناه في ما سبق من الأبحاث فراجع

التساؤل الثاني :

لماذا يخالف الشيعة الإمامية جمهور المسلمين بسجودهم على الأحجار ، يحملونها في جيوبهم ، ويُقَدِّسُونَها تقدسياً ؟

يتكون جواب هذا السؤال من ثلاث نقاط كالتالي :

الأولى ـ أنّ الشيعة الإمامية تُجوِّز السجود على كل أرض ، سواء في ذلك المتحجر أو التراب ، فالحصى من الأرض ويجوز السجود عليه بإتفاق المسلمين

وذكر ابن تيمية : « في سنن أبي داود : عن عبد الله بن الحارث قال :( سألت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن الحصى الذي كان في المسجد ؟ فقال : مُطِرْنَا ذات ليلة ؛ فأصبحت الأرض مبتلة ، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تحته ، فلما قضى رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ

١٨١

الصلاة ، قال : ما أحسن هذا ) وهذا بَيّنٌ أنهم كانوا يسجدون على التراب والحصى »(٣٢٥)

الثانية ـ قال تعالى :( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) [ المؤمنون / ٩ ] ومقتضى المحافظة على الصلاة ، المحافظة على أهم أركانها : وهو السجود الذي هو أقرب ما يكون الإنسان إلى ربه ، كما قال تعالى :( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) [ العلق / ١٩ ] وأيضاً ورد في الحديث المشهور :« أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد » (٣٢٦) ومقتضى الإحتياط ، أنه ينبغي للمسلم السجود على التراب والحصى الطاهر ؛ ولذا يأخذ الشيعة الإمامية معهم من التراب المتحجر الطاهر ، حذراً من السجود على التراب المجهول الطهارة ، فهل المسلم إذا فعل ذلك يُعَدُّ مخالفاً للمسلمين ، مع العلم أنّ الجميع متفق على ذلك ؟!

الثالثة ـ إن التقديس الحاصل لهذه التربة الزكية يرجع إلى إهتمام السماء بها ، حيث قبض جبرئيل قبضة منها وأعطاها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك إهتمام أهل بيتهعليهم‌السلام كما ذكرت ذلك في فصل التربة ، فراجع

التساؤل الثالث :

ما هذه الكلمات المكتوبة على التربة الحسينية التي يسجد عليها الشيعة الإمامية ؟

يتضح جواب هذا التساؤل بعد بيان الآتي :

______________________

(٣٢٥) ـ ابن تيمية ، أحمد بن عبد الحليم : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، م ٢٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥

(٣٢٦) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : البحار ، ج ٨٢ / ١٦٤

ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٠ / ٦٣

ـ الشوكاني ، محمد بن علي بن محمد : نيل الأوطار ، ج ٣ / ٩٠

١٨٢

أولاً ـ ليس جميع الترب الحسينية مكتوباً عليها ولا حرف واحد

ثانياً ـ مكتوب على بعضها( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) رمزاً لذكر السجود ، ونحوها من الكتابات ، فهل هذه الكتابات تستلزم الشرك ؟! أو تخرج التربة عن كونها تراباً جاهزاً للسجود عليه ؟

ثالثاً ـ إنّ هذا العمل تَصرُّف من عوام الناس لا من العلماء ، بل العلماء ينصحون بأن تكون خالية عن النقوش والكتابات ، وإليك بعض آرائهم كالتالي :

قال الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) : « ويلزم أن تكون التربة التي يسجد عليها المؤمن طاهرة نقية ، ساذجة لا نقش عليها ولا كتابة ولا مُصوّرة ، وما يصنعه بعض العوام من النقش والكتابة ؛ فهو غير مشروع ولا صحيح ، والأمل من إخواننا المؤمنين الإجابة لهذه النصيحة الغالية والله ولي التوفيق »(٣٢٧)

وقال سيدنا السيستاني ( دام ظله ) : « بسمه تعالى ، لا يضر ذلك بصحة السجود عليها ، ولكن ينبغي أن تكون التربة التي يسجد عليها خالية عن كل نقش وكتابة وصورة ، فان ذلك أبعد عن الشبهة »(٣٢٨)

وقال سيدنا الروحاني ( دام ظله ) : «نعم جايز ، لكن السجدة عليه مشكلة في بعض الصور والله العالم »(٣٢٩)

______________________

(٣٢٧) ـ القرشي ، الشيخ باقر شريف : السجود على التربة الحسينية عند الشيعة / ٥٨

(٣٢٨) ـ إستفتاء خطي بتاريخ ١٧ / ١٢ / ١٤١٦ هـ

(٣٢٩) ـ إستفتاء خطي رقم ٨٠٥ ، بتاريخ ١٧ / ٢ / ١٤١٧ هـ

١٨٣

وقال السيد محمد سعيد الحكيم ( دام ظله ) : « تجوز الكتابة المذكورة ويجوز السجود على التربة الحاوية لتلك الكتابة نعم يتأكد اللزوم إحترام التربة من أجل حرمة الأسماء المذكورة »(٣٣٠)

التساؤل الرابع :

هل السجود على تربة الحسين يجعل الصلاة مقبولة عند الله سبحانه وتعالى ولو كانت باطلة ؟

الشيعة الإمامية لا تقول بذلك ، بل تقول : إن الصلاة لا تخلو من لحاظين هما :

الأول : شرائط الصحة

الثاني : شرائط القبول

فإن كانت الصلاة فاقدة لشرط من شرائط الصحة ؛ فهي باطلة وغير مقبولة ، وإن كانت جامعة لشرائط الصحة ؛ فقد تكون مقبولة وقد لا تكون لكن إذا سجد المصلي على تربة الحسينعليه‌السلام في صلاته ، فقد تكون من أسباب قبول الصلاة ، فقد ورد عن إمامنا الصادقعليه‌السلام :( السجود على طين قبر الحسين عليه‌السلام يُنَوِّر إلى الأرضين السبع ) (٣٣١) ، وهذا إشارة إلى قبول العمل ، فالصلاة شيء وقبول العمل شيء آخر

التساؤل الخامس :

لماذا يضع الشيعة الإمامية تربة الحسين عليه‌السلام مع الميت في قبره ؟

______________________

(٣٣٠) ـ الفتاوى ، ج ١ / ٦٨

(٣٣١) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٣ / ٦٠٧ ـ ٦٠٨ ( باب ١٦ ، من ابواب ما يسجد عليه حديث ١)

١٨٤

إسمح لي ـ أيها السائل ـ أنْ أهمس في إذنك ولا تكن في غرابة حينما أقول لك : إنّ الشيعة الإمامية لم تصنع هذا الفعل إعتباطاً وخرافة كما يتصوره البعض ، بل إعتمدت على الأمور التالية :

أولاً ـ سيرة المصطفى في أمته :

ويمكن إستفادة هذه السيرة حسب الآتي :

أ ـ وضع الجريدة وما شابهها على القبر لتخفيف العذاب :

قال القرطبي : « ويُستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مَرّ على قبرين فقال : إنهما ليُعذَّبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما ؛ فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر ، فكان لا يستبرئ بالبول قال : فدعا بِعَسِيب رَطْبٍ فَشَقّه إثنين ، ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ، ثم قال : لعلّه يخفف عنهما ما لم ييبسا(٣٣٢) وفي مسند أبي داود الطّيالسي : فوضع على أحدهما نصفاً وعلى الآخر نصفاً وقال : يُهَوِّن عليهما العذاب ما دام فيهما من بَلْوَاهما شيء

قال علماؤنا : ويستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور ، وإذا خفف عنهم بالأشجار ؛ فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن ، وقد بَيّنا هذا المعنى في كتاب ( التذكرة ) بياناً شافياً ، وأنّه يصل إلى الميت ثواب ما يُهدَى إليه »(٣٣٣)

______________________

(٣٣٢) ـ راجع البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠

(٣٣٣) ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٠ / ٢٦٧

١٨٥

والذي يبدو للباحث الفقهي ، أنّ هذا من المُسَلّمَات عند المسلمين ، فقد ورد شبيه هذا العمل عند الشيعة الإمامية ، كما أشار إلى ذلك المحقق السيد بحر العلوم في منظومته :

وسُنَّ للميت جريدتان

من سعف النخل جديدتانِ

فالسدر فالخلاف فالرمانِ

وبعدها رطب من القضبان

نحو الذراع طول كلٍ والمحلْ

تُرْقُوة الميت وانزل ما نزلْ(٣٣٤)

ب ـ لباس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمان من عذاب القبر :

فقد وردت الروايات في ذلك في كتب الطوائف الإسلامية كالتالي :

١ ـ ( لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ألبسها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قميصه وإضجع في قبرها فقالوا : ما رأينا صنعت ما صنعت بهذه ؟ فقال : إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبَرّ لي منها ، إنما ألبستها قميصي لتكتسي من حلل الجنة ، وإضطجعت ليهون عليها ) هذا مضمون ما روته الكتب الإسلامية فراجع(٣٣٥)

٢ ـ وأيضاً صنع شبيه ذلك بصحابته أمثال عبد الله بن ابَيّ ، كما في رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنهما ـ قال :( أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبدالله بن أبيّ بعدما أدخل قبره ، فأمر به فأخرج ووضع على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه ) (٣٣٦)

______________________

(٣٣٤) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي : الدرة النجفية / ٧٦

(٣٣٥) ـ ابن الجوزي ، جمال الدين أبي الفرج : صفوة الصفوة ، ج ٢ / ٥٤

ـ السمهودي ، السيد نور الدين علي : وفاء الوفاء ، ج ٣ / ٨٩٧ ـ ٨٩٨

ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار / ج ٦ / ٢٣٢

(٣٣٦) ـ البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ١١٦ ، وج ٧ / ١٨٥

ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين بن علي : السنن الكبرى ، ج ٣ / ٤٠٢

١٨٦

ثانياً ـ سيرة أهل البيت (عليهم‌السلام ) :

فقد وردت الروايات عن أئمة الهدى عليهم‌السلام التي منها التالي :

١ ـ عن أبي الحسنعليه‌السلام يقول :( ما على أحدكم إذا دفن الميت ووسده التراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من طين الحسين عليه‌السلام ، ولا يضعها تحت رأسه ) (٣٣٧)

٢ ـ الحميري قال : كنت إلى الفقيه(٣٣٨) أسأله عن طين القبر بوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا ؟

( فأجاب توضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه )(٣٣٩) والى هذا أشار المحقق السيد بحر العلوم بقوله :

بطين مولانا الحسين إن وجد

وغيره غير السواد إن فقد

وأخلط به حنوطه فقد ورد

عن صاحب الزمان في عال السند(٣٤٠)

وبعد هذا البيان المتقدم ، هل تكون الشيعة الإمامية مُلَامَة حينما تضع التربة الحسينية مع موتاها في القبور أماناً من عذاب القبر ، تبركاً بهذه التربة الزكية ، وقد صنع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شبيه ذلك بأهل بيته وأصحابه ، وهو المُشَرِّع العارف بالأحكام ؟!

وهل العَسِيب الرّطَب الذي وضعه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القبرين أفضل من تربة الحسينعليه‌السلام التي سَلّمَها جبرئيل للمصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!.

______________________

(٣٣٧) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٢ / ٧٤٢ ( باب ١٢ ، من أبواب التكفين ، حديث ٣ )

(٣٣٨) ـ المراد به صاحب العصر والزمان ( عج ) المؤلف

(٣٣٩) ـ نفس المصدر ( الحديث (١) )

(٣٤٠) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي : الدر النجفية / ٧٧

١٨٧

التساؤل السادس :

المعروف عن الشيعة الإمامية أنها تقوم بتحنيك أولادها بتربة الحسين عليه‌السلام ، فما هذا التحنيك ؟ وما أسبابه ؟ وما فائدته ؟

يبتني هذا التساؤل على الأمور التالية :

أولاً : ما هو التحنيك ؟

« التحنيك مأخوذ من الحنك وهو : ما تحت الذقن من الإنسان وغيره أو الأعلى داخل الفم والأسفل في طرف مُقَدّم اللحيين من أسفلهما والجمع أحناك »(٣٤١)

« والتحنيك : أنْ يمضغ المحَنِّك التمر أو نحوه حتى يصير مائعاً بحيث يُبتلع ، ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها في جَوّفِه

قال النووي : إتفق العلماء على إستحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإنْ تعذر فما في معناه أو قريب منه من الحلو قال : ويستحب أنْ يكون من الصالحين وممن يُتَبَرّك به رجلاً كان أو إمرأة ، فإنْ لم يكن حاضراً عند المولود حُمِلَ إليه »(٣٤٢)

وقال المحقق الطريحي : « واتفقوا على تحنيك المولود عند الولادة بتمر فإنْ تعذر فبما في معناه من الحلو ؛ فيمضغ حتى يصير مائعاً فيوضع في فيه ليصل شيء إلى جوفه ويستحب كون المحنك من الصالحين ، وأنْ يدعو للمولود بالبركة ويستحب تحنيكه بالتربة الحسينية والماء ، كأن يدخل ذلك إلى حنكه وهو أعلى داخل الفم »(٣٤٣)

______________________

(٣٤١) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٥ / ٢٦٣

(٣٤٢) ـ الشوكاني ، محمد بن علي محمد : نيل الأوطار ، ج ٥ / ١٦٣

(٣٤٣) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٥ / ١٦٣

١٨٨

ويستفاد من كلمات بعض الفقهاء : « وتحنيكه بتربة الحسينعليه‌السلام وبماء الفرات وهو النهر المعروف للنصوص ( ومع عدمه ) أي ماء الفرات ، وما ذكروه من مطلق الماء الفرات بعد تعذر ماء الفرات لم نقف على نص ، ولا بأس بمتابعتهم حيث يتعذر ماء السماء فيحنك به مسامحة في أدلة السنن ، ( وإنْ لم يوجد ) الماء الفرات ولا غيره ـ ( إلا ماء مالح خلط بالعسل أو التمر ) لورود التحنيك بكل منهما »(٣٤٤)

ثانياً ـ ما هي أسبابه ؟

لعلّ أهم أسبابه ودواعيه ، ترجع إلى الأمور التالية :

الأول ـ ما صنعه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأهل بيته وأبناء المسلمين :

وردت كثير من المرويات في الكتب الإسلامية التي تذكر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام بتحنيك أطفال أهل بيته والمسلمين ، نذكر منها الآتي :

١ ـ في حديث ولادة الحسن بن علي« وألباه بريقه » أي صبّ في فيه ، كما يُصبّ اللَّبأ في فم الصبي ، وهو أول ما يحلب عند الولادة(٣٤٥)

وفي لفظ ابن كثير :« فَحَنّكَه رسول الله بريقه وسماه » (٣٤٦)

٢ ـ لما ولد إبراهيم بن أبي موسى الأشعري ، أتى به أبوه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فَسَمّاه إبراهيم ، وحنكه بتمرة ، وكان أكبر ولده(٣٤٧)

٣ ـ وعن أنس ، أنّ أم سليم ولدت غلاماً ، قال : فقال لي أبو طلحة : إحفظه حتى يأتي به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتاه به وأرسلت معه بتمرات ، فأخذها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

______________________

(٣٤٤) ـ الطباطبائي ، السيد علي : رياض المسائل ، ج ٧ / ٢٢٩

(٣٤٥) ـ ابن الأثير ، مجدالدين : المبارك بن محمد : النهاية في غريب الحديث ، ج ٤ / ٢٢

(٣٤٦) ـ ابن كثير ، عماد الدين ، إسماعيل بن عمر : البداية والنهاية ، ج ٨ / ٣٣

(٣٤٧) ـ البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٧ / ١٠٨ ، وج ٨ / ٥٤

١٨٩

فمضغها ، ثم أخذها من فيه فجعلها في فم الصبي وحنكه به وسمّاهُ عبدالله(٣٤٨)

هذه بعض الأمور التي ذكرها لنا التاريخ من سيرة المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل بيته وصحابته ، نعم أقام عليها سنة التحنيك وبارك عليهم ، وهكذا تعمل الإمامية بهذه السيرة عن طريق تربة ريحانته سيد الشهداءعليه‌السلام

الثاني ـ إتباع أهل البيت (عليه‌السلام ) :

قد وردت عنهم الروايات الحَاثّة على تحنيك أولاد الشيعة بتربة الحسين منها الآتي :

عن الحسين ابن العلاء قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول :( حنكوا أولادكم بتربة الحسين عليه‌السلام فإنها أمان ) (٣٤٩)

ثالثاً ـ فوائده :

وقد أشارت أبحاث عديدة ـ نشرت في المجلات والكتب الطبية ـ إلى فوائد التحنيك بالنسبة للأطفال ، وهذه بعض مقالات كبار الأطباء في العالم العربي وغيره :

يقول الدكتور حَسّان شَمْسِي باشا : « يقول ـ أخي وصديقي ـ الدكتور « فاروق مساهل » في كتابه « تكريم الإسلام للإنسان » : والتحنيك هو معجزة طبية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تظهر الحكمة من ورائها إلا حديثاً فالطفل ـ بعد ولادته ـ يجد نفسه وقد إنفصل عن أمه ، وإنقطع سبل الغذاء الجاهز إليه ، فيلجأ للإعتماد على ما إستطاع جسمه تخزينه من الطعام ـ وهذا ليس بالكثير ـ أثنا

______________________

(٣٤٨) ـ الشوكاني : محمد بن علي محمد بن علي محمد : نيل الأوطار ، ج ٥ / ١٦١

(٣٤٩) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ١٠ / ٤١٠ ( باب (٧٠) من أبواب المزار وما يناسبة ، حديث ٨ )

١٩٠

حمله في رحم أمه ، لحين إفراز اللبن من ثدي والدته ويستغرق إفراز اللبن وقتاً متفاوتاً من الزمن ( من يوم إلى يومين )

وبما أنّ نشاط أجهزة جسم المولود تكون في قمتها في محاولة لملاءمة الوضع الجديد وهو الخروج إلى هذا العالم ، فإنّ المخزون في جسمه يستهلك بسرعة ، وقد تنخفض تبعاً لذلك نسبة السكر في الدم وحيث أنّ الفترة الحرجة في إطعام الطفل تقع بين إنتهاء ولادته وبدء رضاعته ، فإننا نجد تكريم المولود على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتحنيكه بالتمر ( المملوء بالسكر ) والذي يمتص بسرعة في عروقه ، فيحافظ على مستوى السكر في دمه ، أو يرفعه إلى مستواه الطبيعي ويحتوي لبن الأم على كمية من السكر أكبر بكثير من تلك التي توجد في لبن الرضاعة لأي من مخلوقات الله الأخرى فنسبته في لبن الأم تبلغ ٧.٢ % ، بينما تبلغ نسبته ٤.٩ % عند البقر مثلاً ومن هنا تتضح أهمية السكر للمولود ، والأهمية العظمى للتحنيك في تغطية هذه الفجوة في تغذية المولود بين ولادته وبدء رضاعته من لبن أمه ومن التحنيك نشأت عند الناس عادة إعطاء المولود الماء المُحلّى بالسكر حتى يجهز اللبن في ثدي الأم »(٣٥٠)

ويقول الدكتور « عبدالمجيد قطمة » رئيس الجمعية الطبية الإسلامية في بريطانيا : « إنّ هذا الإكتشاف يؤكد أنّ الإسلام هو دين الرحمة والشفاء للبشرية جمعاء ، وأنّ طبيب البشرية محمداً ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ كان أوّل من وضع المادة السكرية في فم الوليد ، وذلك بتحنيكه بالتمر الممضوغ في فمه الطاهر ، وجعل هذا الفعل شائعاً بين المسلمين هذا وقد قامت مجموعة من العلماء والأطباء والباحثين الإنجليز في المستشفى الجامعي في مدينة ( ليدز )

______________________

(٣٥٠) ـ باشا ، د / حَسّان شَمسِي : الأسودان التمر والماء بين القرآن والسنة والطب والحديث / ٧٥ ـ ٧٦

١٩١

بشمال إنجلترا بإجراء تجارب على الأطفال حديثي الولادة لمعرفة تأثير إعطاء جرعات مختلفة من محلول السكر ( السكروز ) على بكاء الطفل وإحساسه بالألم بسبب غرز حقنه لسحب الدم ، وتوصلوا إلى أنه كلما زادت نسبة السكر في المحلول السكري في فم الطفل خَفّ البكاء والإحساس بالألم ، وخفَّت سرعة نبضات القلب كما أنّ وضع مادة سكرية في فم الطفل بعد ولادته تحمل بطريقة مدهشة على تخفيف أو منع الألم ، حيث توصل العلماء البريطانيون إلى أنّ إثنين ملليجرام من محلول سكري يخففان كثيراً من بكاء الطفل ، ويقلِّلان من إحساسه بالألم عند وَخْزِه بالحقنة لسحب عَيِّنة من الدم أو عند القيام بعملية الختان »(٣٥١)

وبعد هذا البيان المتقدم ، لا ملامة على الشيعة الإمامية فيما تقول به من تحنيك أولادها بهذه التربة الزكية ، ولا يعتبر عملها بدعة أو خرافة بعد أنْ ورد عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سُنَة التحنيك بالتمر ونحوه ، وبعد أنْ حَثّ أهل البيتعليهم‌السلام شيعتهم على تحنيك أولادهم بتربة الحسينعليه‌السلام ! والله على ما تقول شهيد ، والحمد لله على نعمة التوفيق بإنهاء هذا البحث ، ومسك ختامه الصلاة والسلام على أفضل الخلق محمد وآله الهداة

______________________

(٣٥١) ـ عبدالصمد ، محمد كامل : ثبت علمياً ، ج ٤ / ١٦

١٩٢

١٩٣
١٩٤

١ ـ تربة أرض المدينة المنورة تحمي من أورام الثدي والجلد

والبحث العلمي في مستهل الألفية الثالثة يؤكد مصداقية الطب النبوي دور الطاقة الحيوية الخاصة بـ ( ثاني أكسيد السليكون ) من أرض المدينة المنورة في علاج الوقاية من أورام الثدي والجلد

د سيد عباس إقبال

في تجربة مشتركة بين فريق من الأطباء السعوديين ـ والباكستانيين وكان الهدف منها تقديم بديل طبي ـ إيمان وروحاني ـ مجاني وعلاجي في حقل الأورام ، وذلك بإثبات الدور العلاجي والوقائي للطاقة الحيوية الخاصة بثاني أكسيد السليكون ـ وذلك من عينة تراب مأخوذة من أرض المدينة المنورة ـ ، وذلك في الجينp٥٣ في فئران التجارب ! مصداقاً لحديثه الشريف صلى الله عليه ( وآله ) وسلم عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض : ( باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا ) رواه البخاري

وكانت خطة العمل : إجراء دراسة تجريبية معملية على ( ثدي وجلد ) فئران التجارب البيضاء ( الفئران ذوات اللون الأمهق : لبني البشرة ، أبيض الشعر ، قرنفلي العينين ) وذلك بإحداق السرطان ـ فيها ـ كيميائياً بواسطة عناصر كيميائية مسرطنة

مكان ومدة الدراسة :

ثم تنفيذها في المعهد الطبي للدراسات العليا وكلية الطب جامعةKing Edward في لاهور ( باكستان ) ، وقد أجريت الدراسة لمدة ٢٠ أسبوعاً للوقاية ـ و١٠ أسابيع إضافية للمجموعات التي تلقت الجرعات العلاجية

١٩٥

المواد والطرائق المستخدمة : تم اختيار ٢٥ فأراً أمهق من الذكور والإناث ، وقسمت لـ ٥ مجموعات ( ٥ فئران لكل مجموعة ) ، وتم إستخدام العناصر الكيميائية الآتية لإحداث السرطان :

(DMBA: Dimethylobenz [a] Anthacene) , (TBA: Tetradecanoyl- phorol-١٣-Acetic acid)

كذا تم إعداد شكل من الطاقة الحيوية من ثاني أكسيد السليكون ، المأخوذ من تربة أرض المدينة المنورة لاستخدامه ( علاجياً ) ، وقد أعطي للمجموعة العلاجية قبل تعريض فئران التجارب للمسبّبات المسرطنة الكيميائية ، وقد تم إقتفاء الجين المسمىP٥٣ في كل فئران التجارب

خط سير التجربة :

بعد تقسيم الفئران ( ٥ مجموعات ـ ٥ في كل مجموعة ) أعطيت كل مجموعة حرفاً أبجدياً رمزاً لهاA,B,C,D,E وهكذا ولم تعطA أية مواد كيميائية ضارة ( فقد استخدمت المجموعةA كمجموعة حاكمة ضابطة للتجربة ) بينما تم إعطاء باقي المجموعات المواد الكيميائية المسرطنة(DMBA٧.١٢ TPA١٢.٠) وذلك لإحداث السرطان ، ( تتم إعطاء المواد الكيميائية المسرطنة فقط بدون المادة العلاجية لمجموعة B ذكور وC إناث ، بينما المجموعةE ذكور ،F إناث أعطيت عن طريق الفم الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون قبل تعريضها أيضاً للمسرطنات الكيميائية المذكورة ، أما المجموعةB وE ذكور ؛ فقد تم توظيفها لإحداث سرطانات الجلد فيها ، بينما إناثD فقد استخدمت لإحداث سرطان الثدي ) ، وبعد ٢٠ أسبوعاً تم اختيار ٤ فئران تجارب من المجموعةC , B لمجموعات إضافيةC٢ , C١ , B٢ , B١ لرؤية التأثير التطببي والعلاجي للطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون بينما تم التخلص من الباقي بالذبح ، وأخذت

١٩٦

الأنسجة للفحص من ناحية الأسباب والأعراض المرضية النسجية لبحث حالة الجين البروتينيP٥٣ ، وقد قورنت النتائج مع باقي مجموعة التجارب ، وقد إستمرت المجموعة العلاجية أو التي تم تطبيبها ١٠ أسابيع أخرى تالية ، وقد إستخدم مؤشر أو معيار دليل ( فوق صوتي ـ فوق سماعي ) لمعرفة إدراك كيفية الإستجابة للطاقة الحيوية ، وقد تم تحضير الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون باختيار تربة ( محددة معينة ) من أرض المدينة المنورة ، واستخدام ناقل ( باستعمال سكر اللبنLactose “Saccharum Lactis” لإيجاد طاقة حيوية تم نقلها بماء مقطر على أساس أو قاعدة إنتاج(Adinosine tri phosphate: ATP) المتعلق بتمثل الطاقة عبر ميتوكوندريا الخلية موقع توليد الطاقة ) وقد تم كل ذلك وفقاً للنظرية الإهتزازيةVibration ، وتم إعداد شكل الطاقة هذه ، إما بجرعات بالفم أو على شكل حقن أيضا !.

النتائج :

في المجموعةA لم تكن هناك ثمة آفات أو تضررات أو أذى ، ولا تغير طفري جيني في الجينP٥٣ ( فئرانها كما ذكرنا استخدمت كمجموعة ضابطة وحاكمة معيارياً )

وفي المجموعةB نشأت قروح لدى كل الفئران ، وواحد منها نشأ عنده ورم حُليمي ، وآخر سرطانة خلوية بين ظاهرية كثيرة الحراشف ، وكذا ثلاثة نشأت لديهم سرطانات توسعية كثيرة الحراشف أما المجموعةC فقد نمت لدى ٤ فئران نتوءات ثديية ، وكذا سرطانات توسّعية في القناة اللبنية ، ولم نشاهد خباثة سرطانية فيD بينما نمت لدى فأر واحد من المجموعةE ورم غدي أنبوبي غير خطير ؛ أي أن معدلات التغيير الطفرية للجينP٥٣ كانت أعلى في

١٩٧

B , C التي لم تأخذ علاجاً مقارنة بباقي المجموعاتE , D , A وبقيت بوجه عام صحة فئران هاتين المجموعتينE, D طيبة وجيدة ، كذلك لم تكتشف أية أعراض جانبية أو آثار سُميّة من جراء إستعمال العلاج ، وكانت الأورام منخفضة المعدلات مقارنة بالمجموعات التي لم تتلق علاجاً ، ولقد كان الدور الوقائي للطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون جيداً ، بينما أظهر المعدل المنخفض أو حتى السلبي للجينp٥٣ وخاصة عند الفئرانC٢ , B٢ التي تلقت جرعات علاجية ، كل هذا اظهر دورp٥٣ التنبؤي والنذيري والتكهني عند الفئران التي نشأ لديها القليل من الآفات ، نعم فقد كانت درجة ـ وتدرج ـ وطبقة الورم منخفضة فيC٢ , B٢ مقارنة بـC١ , B١

وهكذا كشف المعدل المُحرز والمنخفض والعادي منp٥٣ رسوخ وتوازن الكروموسوم الصبغي١٧ والذي يقع فيه الجينp٥٣ وقد تم إحراز ذلك الثبات باستعمال الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون التي أثبتت دورها الجيد في منع والوقاية من التغيرات الطفرية للجينp٥٣ ، وبالتالي تأثيراتها الواقية ضد العناصر الكيميائية المسرطنة ، وربما أعطانا هذا أملاً في العلاج باستعمال التداوي بهذه الطاقة الحيوية ( مثلاً إذا تم إعطاءها لمرضى ما بعد العمليات الجراحية )

لقد ابتكرنا فكرة أنه إذا استطعنا استثمار طاقة ثاني أكسيد السليكون ولذا الترداد أو التكرار المقاس لهذه الطاقة ، وتم منحها عبر وسيط مناسب مثل الماء أو الزيت أو السكر إلخ ، فإنّ هذه الطاقة الحيوية قد تؤدي دوراً كمضاد أكسدة وكمضاد التهابات ، وربما أيضاً قد تؤدي في علاج السرطان ، وذلك بإمكان الحماية والوقاية من الأورام السرطانية بواسطة التحكم أو السيطرة على دورة الخلية ( بتثبيت التغيرات الخلوية على المستوى الجيني ، ومن أجل هكذا ؛

١٩٨

فقد تم إختيار تربة المدينة المنورة ( عينات منها ) ، والتي جاء ذكرها في حديثه الشريف عليه السلام ، والمذكور في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، كان يقول للمريض « باسم الله تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفي سقيمنا بإذن ربنا » رواه البخاري

وتم تنفيذ هذه الدراسة لرؤية العناصر التي تؤدي إلى الطفرة الخلوية للجينp٥٣ والوقاية منها ومنعها وكذا توظيفاً لمنحي في الطب البديل هو طب الطاقة الحيويةBioenergy Medicine ، ولقد أثبتت هذه الدراسة التجريبية المعملية أن الغير الطفري للجينp٥٣ مسئول عن إنتاج و إحداث سرطان الجليد سرطان الثدي ، وأن مسببات السرطان الكيميائية مثل المذكورة في التجربة " تسبب الطفرة في دورة خلية الجين الحارس على كروموسوم١٧ وقد تم إثبات أن الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون من أرض المدينة المنورة له دور إيجابي مؤكد في الوقاية والحماية من أورام سرطان الثدي والجلد

ما هو الجين البروتينيp٥٣ ؟

يقع هذا الجين في الكروموسوم ١٧ ويمثل الحارس والحامي لـDNA المكون الأساسي في المادة الحية وفي حالة حدوث ضرر لـDNA فإن هذا الجين يؤدي ثلاث وظائف حاسمة

أولاً : يوقف دورة الخلية مثلاً بزيادة قدرة التعديل للجينp٢١

ثانياً : يستهل ويبدأ في إصلاح الـDNA فالحين عامل نسج خلوي أيضاً

ثالثاً : وفي حالة عدم إمكانية إصلاح الـDNA فإنp٥٣ يبدأ ويستهل ما يسمى بـAPOPTOSIS وهو نمط تشكليMorpholic لموت الخلية ، يصيب الخلية الفردية وموسوم بانكماش الخلية بسبب دور الجينP٥٣ هذا في حماية الـDNA

١٩٩

وإيقاف دورة الخلية ، فإنه يحمي من السرطان ، فهو قامع وكابح أورام ، ومن ثم فإن التغير الطفري الجيني لـp٥٣ شائع جداً في الخلايا السرطانية ، فهو يتخذ بالذات هدفاً في التغيير الجيني الخاص بالأورام ، وعندما يغدو متغيراً طفرياًp٥٣ Mutated فإنه يصير غير قادر لأداء مهامه العادية ، وبالتالي يتيح للخلايا السرطانية أن تتوالد وتتكاثر بالانقسام الخلوي ، وكذا قيامها بزيادة الإنبثاث

وماذا عن ثان أكسيد السليكونSiO٢ :

السليكون عنصر رمزهSi ورقمه الذري١٤ ووزنه الذي٢٨.٠٨٦ والسليكون والأكسجين هما أكثر العناصر وفرة في قشرة أو أديم أو غلاف الأرض ، وجسيمات ورقائق السليكون موجودة في الأرض والحشائش وأوراق النباتات والحبوب ، وعندما تكون هذه الجسيمات متحدة بالماء ؛ فإنها تنتج ذرات أكسجين ، وربما كان لها دورها في عملية استخراج نسخ DNA مطابقة أو في إصلاح عملية الانقسام الخلوي غير المباشر إنّ نوعية التفاعل المباشر لجزئيات السليكون البلورية مع الـDNA مهم بسبب قيامها بتثبيتDNA في مكانها وهذا الأمر هام في التحولات السرطانية(٣٥٢)

٢ ـ الله أكبر والعزة للإسلام

في بحث علمي نشر في المجلة العلمية المشهورةJournal of Plant Molecular Biology ، وجد فريق من العلماء الأمريكيين ، إن بعض النباتات الإستوائية تصدر ذبذبات فوق صوتية تم رصدها وتسجيلها بأحدث الأجهزة العلمية المتخصصة

______________________

(٣٤١) ـ إقبال ، سيد عباس : ( تربة أرض المدينة المنورة تحمي من أورام الثدي والجلد ) ، مجلة الطب البديل ، العدد ٢٤ يناير ( كانون الثاني ) ٢٠٠٥ م ، ص / ١٦ ـ ١٨

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

بالغير ، وما يتعلّق برقبته لا يضرّ المجنيّ عليه ، بل ينفعه ، فامّا أن يتبع ذلك تعلّقه ببيت المال فلا ضرر به ، فإنّ(١) قطع التعلّق عن بيت المال إضرار(٢) .

ولو زاد الأرش على قيمة الرقبة ، فالزيادة في بيت المال على القول الثاني(٣) .

مسألة ٤٨١ : لو جُني على اللقيط بأن قُطع طرفه ، ثمّ أقرّ بالرقّ ، فإن كانت الجناية عمداً ، فإن كان الجاني عبداً اقتُصّ منه ، وإن كان حُرّاً لم يُقتَصّ منه ؛ لأنّ قوله مقبول فيما يضرّ به ، ويكون الحكم كما لو كانت الجناية خطأً [ وإن كانت خطأً ](٤) فإن قبلنا إقراره في كلّ شي‌ءٍ فعلى الجاني كمال قيمته إن صادفت قتلاً ، وإلّا فما تقتضيه جراحة العبد.

وإن قبلنا إقراره فيما يضرّه خاصّةً دون ما يضرّ بغيره وكانت الجناية قَطْعَ يدٍ ، فإن كان نصف القيمة مثلَ نصف الدية ، أو كان نصف القيمة أقلَّ ، فهو الواجب.

وإن كان نصف الدية أقلَّ ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّا نوجب نصف القيمة ، ونغلّظ على الجاني ؛ لأنّ أرش الجناية يتبيّن مقداره بالأخرة ، وقد بانَ رقّه ، فلو نقصنا عن نصف القيمة لتضرّر السيّد.

وأصحّهما عنده(٥) : إنّه لا يجب إلّا نصف الدية ؛ لأنّ قبول قوله في الزيادة إضرار بالحال ، ونحن نفرع على أنّ قوله لا يُقبل فيما يضرّ بالغير ،

____________________

(١) كذا قوله : « فامّا أن يتبع ذلك فلا ضرر به ، فإنّ ». وبدله في المصدر : « وله أن يمنع ذلك بأنّ ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٤.

(٣) البيان ٨ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٧.

(٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٥) الظاهر : « عندهم ».

٤٢١

وعلى هذا فالواجب أقلّ الأمرين من نصف الدية أو نصف القيمة(١) .

وهذا كلّه تفريع على تعلّق الدية بقتل اللقيط.

وفيه وجهٌ آخَر للشافعيّة ، وهو : إنّ الواجب الأقلّ من الدية أو القيمة(٢) .

وهذا الوجه مطّرد في الطرف من غير أن يُقرّ بالرقّيّة.

مسألة ٤٨٢ : لو ادّعى مدّعٍ رقَّه فأنكره ولا بيّنة للمدّعي ، كان عليه اليمين لإنكاره.

وقالت الشافعيّة : إن قلنا بقبول أصل الإقرار منه ، فله أن يحلّفه لرجاء أن يُقرّ ، وإن منعنا أصل الإقرار لم يكن له تحليفه ؛ لأنّ التحليف لطلب الإقرار ، وإقراره غير مقبولٍ(٣) .

هذا إن جعلنا اليمين مع النكول كإقرار المدّعى عليه ، فإن جعلناها كالبيّنة فله التحليف فلعلّه ينكل فيحلف المدّعي ويستحقّ ، كما لو أقام البيّنة.

واعلم أنّه لا فرق فيما تقدّم بأسره بين أن يُقرّ اللقيط بالرقّ ابتداءً وبين أن يدّعي رقَّه فيُصدَّق المدّعي.

ولو ادّعى إنسان رقَّه فأنكره ثمّ أقرّ ، ففي قبول قوله وجهان ؛ لأنّه بالإنكار لزمه أحكام الأحرار.

مسألة ٤٨٣ : ولاء اللقيط لمن يتولّى إليه ، فإن لم يتوال أحداً كان ميراثه للإمام عندنا ؛ لأنّه وارث مَنْ لا وارث له.

وعند أكثر العامّة ولاؤه لسائر المسلمين ؛ لأنّ ميراثه لهم(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٥١٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٣٥.

(٤) المغني ٦ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١٧.

٤٢٢

ولا ولاء للملتقط عليه عند علمائنا أجمع - وبه قال عليٌّعليه‌السلام وأهل بيتهعليهم‌السلام ، وأكثر الصحابة ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم(١) - لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « إنّما الولاء لمن أعتق »(٢) و « إنّما » للحصر.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « المنبوذ إن شاء جعل ولاءه للّذين ربّوه وإن شاء لغيرهم »(٣) .

ولأنّه حُرٌّ في الأصل لم يثبت عليه رقٌّ ولا على آبائه ، فلم يثبت عليه الولاء ، كالمعروف نسبه.

وقال شريح وإسحاق : عليه الولاء لملتقطه(٤) .

لما رواه واثلة بن الأسقع عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المرأة تحوز ثلاث مواريث : عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه »(٥) .

ولقول عمر لأبي جميلة في لقيطه : هو حُرٌّ ، لك ولاؤه وعلينا نفقته(٦) .

وهُما ممنوعان ، قال ابن المنذر : حديث واثلة لم يثبت ، وأبو جميلة مجهول(٧) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١٧ ، حلية العلماء ٥ : ٥٧٣.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٩٤ و ٢٠٠ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤٤ - ١١٤٥ / ١٤ ، سنن أبي داوُد ٤ : ٢١ - ٢٢ / ٣٩٣٠ ، سنن الترمذي ٤ : ٤٣٦ / ٢١٢٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٢ / ٧٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٨.

(٣) الفقيه ٣ : ٨٦ / ٣١٨ ، التهذيب ٨ : ٢٢٧ / ٨٢٠.

(٤) المغني ٦ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١٧.

(٥) سنن أبي داوُد ٣ : ١٢٥ / ٢٩٠٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٤٢٩ / ٢١١٥ ، سنن البيهقي ٦ : ٢٥٩ ، مسند أحمد ٤ : ٥٤٤ / ١٥٥٧٤.

(٦) تقدّم تخريجه في ص ٣١٠ ، الهامش (١)

(٧) المغني ٦ : ٤١٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١٧.

٤٢٣

المقصد السادس : في الجعالة‌

وفيه فصول :

الأوّل : الماهيّة‌

لـمّا كانت الحاجة غالباً إنّما تقع في ردّ الضوالّ والأموال المنبوذة ، وجب ذكر الجعالة بعقب اللّقطة والضوالّ.

والجعالة في اللّغة ما يجعل للإنسان على شي‌ءٍ يفعله ، وكذلك الجُعْل والجعيلة.

وأمّا في الشرع فصورة عقد الجعالة أن يقول : مَنْ ردّ عبدي الآبق ، أو : دابّتي الضالّة ، أو : مَنْ خاط لي ثوباً ، أو : مَنْ قضى لي الحاجة المعيّنة ، وبالجملة ، كلّ عملٍ محلَّلٍ مقصودٍ ، فله كذا.

وهي جائزة ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لقوله تعالى :( وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) (١) .

وروى العامّة عن أبي عمرو الشيباني قال : قلت لعبد الله بن مسعود : إنّي أصبتُ عبيداً أُبّاقاً(٢) ، فقال : لك أجر وغنيمة ، فقلت : هذا الأجر فما الغنيمة؟ فقال : من كلّ رأسٍ أربعين درهماً(٣) ، وهذا لا يقوله إلّا توقيفاً.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه وهب بن وهب عن الصادق عن‌

____________________

(١) سورة يوسف : ٧٢.

(٢) في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « عبداً آبقاً ». والمثبت كما في المصدر ويقتضيه السياق.

(٣) المغني ٦ : ٣٨٢.

٤٢٤

الباقرعليهما‌السلام ، قال : سألته عن جُعْل الآبق والضالّة ، فقال : « لا بأس »(١) .

وعن مسمع بن عبد الملك عن الصادقعليه‌السلام قال : « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل في جُعْل الآبق ديناراً إذا أُخذ في مصره ، وإن أُخذ في غير مصره فأربعة دنانير »(٢) .

ولأنّ الحاجة تدعو إلى ذلك ، فإنّ العمل قد يكون مجهولاً ، كردّ الآبق والضالّة ونحو ذلك ، فلا يمكن عقد الإجارة فيه ، والحاجة داعية إلى ردّهم ، وقلّ أن يوجد متبرّع به ، فدعت الضرورة إلى إباحة بذل الجُعْل فيه مع جهالة العمل ؛ لأنّها غير لازمةٍ ، بخلاف الإجارة ، فإنّ الإجارة لـمّا كانت لازمةً افتقرت إلى تقدير مدّةٍ معيّنةٍ مضبوطةٍ لا يتطرّق إليها الزيادة والنقصان ، وأمّا العقود الجائزة - كالشركة والوكالة - فلا يجب لها ضرب المدّة ، ولأنّ كلّ عقدٍ جائزٍ يتمكّن كلٌّ من المتعاقدين فيه من فسخه وتركه.

____________________

(١) الفقيه ٣ : ١٨٩ / ٨٥١ ، التهذيب ٦ : ٣٩٦ / ١١٩٣.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٩٨ - ٣٩٩ / ١٢٠٣.

٤٢٥

الفصل الثاني : في الأركان‌

وهي أربعة :

الأوّل : الصيغة.

وهي كلّ لفظٍ دالٍّ على الإذن في العمل واستدعائه بعوضٍ يلتزمه ، كقوله : مَنْ ردّ عبدي أو ضالّتي ، أو : خاط لي ثوباً ، أو : بنى لي حائطاً ، أو ما أشبه ذلك من الأعمال المحلّلة المقصودة في نظر العقلاء ، سواء كان العمل مجهولاً أو معلوماً ؛ لأنّه عقد جائز كالمضاربة.

ولا بدّ من الإيجاب الصادر من الجاعل ، فلو عمل لغيره عملاً أو ضاع لغيره مالٌ غير الآبق والضالّة فردّه غيره تبرّعاً ، لم يكن له شي‌ء ، سواء كان معروفاً بردّ اللّقطة ، أو لم يكن ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّه عمل يستحقّ العوض مع المعاوضة ، فلا يستحقّ مع عدمها ، كالعمل في الإجارة.

مسألة ٤٨٤ : وأمّا الآبق والضالّة من الحيوانات فإن تبرّع الرادّ بالردّ أو حصل في يده قبل الجُعْل ، فلا شي‌ء له عند أكثر علمائنا(١) ، كما في غيرهما من الأموال - وبه قال الشافعي والنخعي وأحمد في إحدى الروايتين ، وابن المنذر(٢) - لأنّه عمل لغيره عملاً من غير أن يشترط له عوضاً ،

____________________

(١) منهم : ابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٥٧٠ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ١٠٩ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٣٢٦.

(٢) الأُم ٤ : ٧١ ، مختصر المزني : ١٣٦ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦٩ ، الحاوي الكبير ٨ : ٢٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤١٨ ، الوسيط ٤ : ٢١٠ ، حلية العلماء ٥ : ٤٥٨ - ٤٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٤ ، البيان ٧ : ٣٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٥ ، المغني ٦ : ٣٨١ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٣٥٦ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٥٢ / ٢٠٤٩ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٩ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٨١ / ١٢١٦ ، الذخيرة ٦ : ٦ و ٧.

٤٢٦

فلم يستحق شيئاً ، كما لو ردّ لقطته من الأموال.

وقال الشيخرحمه‌الله : لم ينص أصحابنا على شي‌ءٍ من جُعْل اللّقط والضوالّ إلّا على إباق العبد ، فإنّهم رووا أنّه إن ردّه من خارج البلد استحقّ الأُجرة أربعين درهماً قيمتها أربعة دنانير ، وإن كان من البلد فعشرة دراهم قيمتها دينار ، وفيما عدا ذلك يستحقّ الأُجرة بحسب العادة.

ثمّ نقل عن الشافعي أنّه لا يستحقّ الأُجرة على شي‌ءٍ من ذلك إلّا أن يجعل له الجاعل(١) ، وعن مالك : إن كان معروفاً بردّ الضوالّ وممّن يستأجر لذلك فإنّه يستحقّ الجُعْل ، وإن لم يكن معروفاً به لم يستحق(٢) ، وعن أبي حنيفة : إن كان ضالّةً أو لقطةً فإنّه لا يستحقّ شيئاً ، وإن كان آبقاً فردّه من مسيرة ثلاثة أيّام فأكثر - وهو ثمانية وأربعون ميلاً وزيادة - استحقّ أربعين درهماً ، وإن نقص أحد الشرطين بأن جاء به من مسيرة أقلّ من ثلاثة أيّام فبحسابه ، وإن كان من مسيرة يومٍ فثلث الأربعين ، وإن كان من مسيرة يومين فثلثا الأربعين(٣) .

____________________

(١) راجع : الهامش السابق.

(٢) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٨١ / ١٢١٦ ، الذخيرة ٦ : ٦ و ٧ ، عيون المجالس ٤ : ١٨٤٤ / ١٣٠٤ ، المحلّى ٨ : ٢٠٦ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٩ ، المغني ٦ : ٣٨٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٥٢ / ٢٠٤٩ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٧٠ ، الحاوي الكبير ٨ : ٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٤٦٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٤ ، البيان ٧ : ٣٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٦.

(٣) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥١ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٣٥٦ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٣ - =

٤٢٧

وإن كان قيمته أقلّ من أربعين ، قال أبو حنيفة ومحمّد : ينقص عن قيمته درهم ، ويستحقّ الباقي إن كان قيمته أربعين ، فيستحقّ تسعة وثلاثين ، وإن كان قيمته ثلاثين يستحقّ تسعة وعشرين(١) .

وقال أبو يوسف : يستحقّ أربعين وإن كان يسوى عشرة دراهم ، والقياس أنّه لا يستحقّ شيئاً ، لكن أعطيناه استحساناً(٢) ، هكذا حكاه الشيخرحمه‌الله عن الساجي(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ قول الشيخ يحتمل استحقاق الرادّ للآبق وإن لم يشترط المالك له جُعْلاً ، ورواه العامّة عن عليٍّعليه‌السلام وابن مسعود وعمر وشريح وعمر بن عبد العزيز ومالك وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى‌

____________________

= ٢٠٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ٢١ - ٢٢ ، المحيط البرهاني ٥ : ٤٤٦ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٥١ / ٢٠٤٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٨ ، المغني ٦ : ٣٨٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٩ ، المحلّى ٨ : ٢٠٦ ، عيون المجالس ٤ : ١٨٤٤ / ١٣٠٤ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٨٢ / ١٢١٧ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٧٠ ، الحاوي الكبير ٨ : ٢٩ ، حلية العلماء ٥ : ٤٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٤ ، البيان ٧ : ٣٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٦.

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ٣٥٦ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ٣٢ ، المحيط البرهاني ٥ : ٤٤٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥١ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٥١ / ٢٠٤٩ ، المحلّى ٨ : ٢٠٦ ، المغني ٦ : ٣٨٣ ، حلية العلماء ٥ : ٤٦٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٤ ، البيان ٧ : ٣٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٦.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٣٥٦ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١١ : ٣٢ ، المحيط البرهاني ٥ : ٤٤٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥١ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٣٥٢ / ٢٠٤٩ ، المحلّى ٨ : ٢٠٦ ، المغني ٦ : ٣٨٣ ، حلية العلماء ٥ : ٤٦٠ ، البيان ٧ : ٣٥٩.

(٣) الخلاف ٣ : ٥٨٩ - ٥٩٠ ، المسألة ١٧.

٤٢٨

الروايتين(١) ؛ لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه جعل في جُعْل الآبق إذا جاء به خارجاً من الحرم ديناراً(٢) .

ولأنّه قول مَنْ سمّيناه من الصحابة ، ولم نعرف لهم في زمنهم مخالفاً ، فكان إجماعاً ، ولأنّ في شرط الجُعْل في ردّهم حثّاً على ردّ الأُبّاق وصيانةً لهم عن الرجوع إلى دار الحرب وردّتهم عن دينهم(٣) وتقوية أهل الحرب بهم ، فيكون مشروعاً لهذه المصلحة ، بخلاف ردّ اللقط من الأموال فإنّه لا يفضي إلى ذلك.

والقول الأوّل أقوى ؛ لأنّ الأصل عدم الوجوب.

مسألة ٤٨٥ : لو استدعى الردّ فقال لغيره : رُدّ آبقي ، استحقّ الجُعْل ؛ لأنّه عمل يستحقّ في مثله الأُجرة ، فكان عليه الجُعْل ، كما لو استدعى ردّ اللّقطة ، كان عليه أُجرة المثل وإن لم ينص له على الأُجرة.

وكذا إذا أذن لرجلٍ في ردّ عبده الآبق ولم يشترط له عوضاً بردّه ، فالأقوى : استحقاق الجُعْل.

وللشافعيّة قولان :

منهم مَنْ قال : إن كان معروفاً بردّ الأُبّاق بالأُجرة ، استحقّ.

ومنهم مَنْ قال : لا يستحقّ ، وهو ظاهر كلام الشافعي ؛ لأنّه قال : إلّا أن يجعل له جُعْلاً(٤) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٨١.

(٢) المغني ٦ : ٣٨١ - ٣٨٢.

(٣) في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « وردّهم دينهم » بدل « وردّتهم عن دينهم ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) الحاوي الكبير ٨ : ٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤١٨ ، حلية العلماء ٥ : ٤٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٥ ، البيان ٧ : ٣٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٦ - ١٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٦ ، وراجع : الأُم ٤ : ٧١ ، ومختصر المزني : ١٣٦.

٤٢٩

وفيه الخلاف المذكور لهم فيما لو دفع ثوباً إلى غسّالٍ فغسله ، ولم يَجْر للأُجرة ذكر(١) .

ولو حصلت الضالّة في يد إنسانٍ قبل الجعل ، وجب دفعها إلى مالكها ، ولا شي‌ء عليه ، وكذا المتبرّع ، سواء عُرف بردّ الأُبّاق أو لا ، وسواء جعل المالك وقصد العامل التبرّع ، أو لم يجعل وإن لم يقصد التبرّع.

تذنيب : لا فرق في صيغة المالك بين أن يقول : مَنْ ردّ عبدي ، وبين أن يقول : إن ردّه إنسان ، أو : إن رددتَه ، أو : رُدّه ولك كذا.

ويصحّ التقييد بالزمان والمكان وأحدهما ، والإطلاق ، فيقول : مَنْ ردّ عبدي من بغداد في شهر كذا ، أو : خاط ثوبي في بغداد ، أو في يومٍ فله كذا.

الركن الثاني : العاقد.

ويشترط فيه أن يكون من أهل الاستئجار مطلق التصرّف ، فلا ينفذ جعل الصبي والمجنون والسفيه والمحجور عليه لفلسٍ والمكره وغير القاصد ، ولا نعلم فيه خلافاً.

ولا يشترط أن يكون الملتزم هو المالك ، ولا أن يقع العمل في ملكه ، فلو قال شخص : مَنْ ردّ عبد فلانٍ فله كذا ، استحقّه الرادّ عليه ؛ لأنّه التزمه ، فلزمه ، بخلاف ما إذا التزم الثمن في بيع غيره والثواب على هبة غيره ؛ لأنّه عوض تمليكٍ ، فلا يتصوّر وجوبه على غير مَنْ حصل له‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٦.

٤٣٠

الملك ، والجُعْل ليس عوض تمليكٍ.

مسألة ٤٨٦ : لو قال فضوليٌّ : قال فلانٌ : مَنْ ردّ عبدي فله كذا ، لم يستحقّ الرادّ على الفضوليّ شيئا ؛ لأنّه لم يلتزم ، أقصى ما في الباب أنّه كذب ، وهو لا يوجب الضمان.

وأمّا المالك فإن كان الفضوليّ قد كذب عليه ، لم يكن [ عليه ] شي‌ء أيضاً ، وكان من حقّ الرادّ أن يتثبّت ويتفحّص ويسأل ، فالتفريط وقع منه.

وإن كان قد صدق ، فالأقوى : وجوب المال عليه ، خلافاً لبعض الشافعيّة حيث قال بذلك إن كان المُخبر ممّن يُعتمد على قوله ، وإلّا فهو كما لو ردّ غير عالمٍ بإذنه والتزامه(١) .

مسألة ٤٨٧ : لا يشترط تعيين العامل ، فيجوز أن يكون شخصاً معيّناً أو جماعةً معيّنين ، مثل أن يقول : إن ردّ زيدٌ عبدي فله كذا ، وإن ردّ زيد وعمرو وخالد فلهم كذا ، ويجوز أن يكون مجهولاً ، كقوله : مَنْ ردّ عبدي من هؤلاء العشرة فله كذا ، أو : مَنْ ردّ عبدي مطلقاً فله كذا ؛ لأنّ الغرض ردّ الآبق ، ولا تعلّق للمالك بخصوصيّة الرادّ ، فلم يكن شرطاً ، ولأنّ ردّ الآبق وما في معناه قد لا يتمكّن منه معيّن ، ومَنْ يتمكّن منه [ ربما ] لا يكون حاضراً ، وربما لا يعرفه المالك ، فإذا أطلق الاشتراط وشاع ذلك سارع مَنْ تمكّن منه إلى تحصيله فيحصل الغرض ، فاقتضت مصلحة العقد احتمال التجهيل فيه.

مسألة ٤٨٨ : لو عيّن واحداً فردّ غيره ، لم يستحق شيئا ، كما لو قال لزيدٍ : رُدّ عبدي ولك كذا ، أو قال : إن ردّه زيد فله كذا ، فردّه عمرو ؛ لأنّه‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٦.

٤٣١

لم يشترط لغير ذلك المعيّن ، فكان متبرّعاً.

ولو ردّه عبد ذلك المعيّن ، استحقّ المولى الجُعْل ؛ لأنّ ردّ عبده كردّه ، ويده كيده.

ولو قال : مَنْ ردّه فله كذا ، استحقّ الرادّ ، سواء سمع نداءه أو لا ؛ لأنّه قد حصل المقصود ، وشمله اللفظ بعمومه ، ولم يقصد بقوله شخصاً معيّناً ولا جماعةً معيّنين ، بل أطلق ، فيُعمل بمقتضى إطلاقه ، كما لو قال : مَنْ صلّى فأعطه ديناراً ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني - وهو الأظهر عندهم - : إنّه لا يستحقّ شيئاً ؛ لأنّه قصد التبرّع ، فإن قصد العوض ؛ لاعتقاده أنّ مثل هذا العمل لا يحبط ويستحقّ به الأُجرة ، فكذلك(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّا نمنع قصد التبرّع ، ولو قصد التبرّع لم يستحق شيئاً ، كما لو عيّنه وقال : إن رددتَ عبدي فلك كذا ، أو : إن ردّ زيد عبدي فله كذا ، فردّه زيد متبرّعاً بعد سماعه بالجعالة ، لم يستحق شيئاً ؛ لتبرّعه.

وكذا لو عيّنه وكان غائباً فقال : إن ردّه فلان فله كذا ، فردّه غير عالمٍ بإذنه والتزامه ، فإن نوى التبرّع لم يستحق شيئاً ، وإن لم يَنْوه استحقّ على ما تقدّم.

مسألة ٤٨٩ : لا يشترط القبول لفظا ، فلو قال : مَنْ ردّ عبدي فله كذا ، فاشتغل واحد بالردّ من غير أن يقول : قبلت ، أو : أنا أردّ ، صحّ العقد وتمّ ، سواء كان العامل معيّناً أو غير معيّنٍ.

وقالت الشافعيّة : إذا لم يكن العامل معيّناً فلا يتصوّر للعقد قبول ، وإن كان معيّناً فلا يشترط قبوله أيضاً على المشهور ، ويكفي الإتيان‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٦.

٤٣٢

بالعمل(١) ، كما ذهبنا إليه.

وقال الجويني : لا يمتنع أن يكون كالوكيل في اشتراط القبول(٢) .

ونحن نمنع اشتراط القبول لفظاً في الوكيل.

نعم ، يشترط في العامل المعيّن أن يكون له أهليّة العمل ، فلو قال المسلم : مَنْ طالَب بدَيْني الذي على فلان المسلم فله كذا ، لم يدخل الذمّي تحته ؛ لما بيّنّا من أنّ الذمّي ليس أهلاً للتوكيل على المسلم.

مسألة ٤٩٠ : لو قال : مَنْ ردّ عبدي فله كذا ، وكان العبد مسلماً ، فهل للكافر ردّه؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّه ليس بتوكيل عليه ، فلا يندرج تحت النهي ، مع احتمال اندراجه ؛ لاستلزامه إثبات السبيل للكافر على المسلم ، وهو منفيٌّ بالآية(٣) .

ويدخل تحته الرجل والمرأة والحُرّ والعبد والصبي والمسلم والكافر قطعاً في غير ردّ العبد المسلم ، وعلى إشكالٍ فيه(٤) .

ويدخل تحته الصبي والمجنون على إشكالٍ ينشأ : من عدم اشتراط التبرّع المشروط بالقصد المشروط بالعقل ، ومن اشتراط عدم التبرّع.

ويدخل تحته أيضاً الواحد والمتعدّد.

مسألة ٤٩١ : لو كان العوض شيئاً لا يصلح للكافر تملّكه ، كما لو قال : مَنْ ردّ عبدي ، أو : ضالّتي ، أو : فَعَل كذا فله عبدي فلان ، وكان عبده مسلماً ، أو : فله المصحف الفلاني ، ففي دخول الكافر إشكال ينشأ : من العموم الشامل للكافر ، ومن عدم صحّة تملّكه للجُعْل ، فيكون قرينة تصرف‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٧.

(٣) سورة النساء : ١٤١.

(٤) أي : في ردّ العبد المسلم.

٤٣٣

اللفظ عن عمومه.

فإن قلنا بالدخول ، ففي ملكه إشكال أقربه : العدم ، فحينئذٍ هل يثبت له القيمة أو لا؟ إشكال.

الركن الثالث : العمل.

ويشترط فيه أن يكون محلّلاً ، فلا تصحّ الجعالة على المُحرَّم ، فلو قال : مَنْ زنى ، أو : قتل ، أو : سرق ، أو : ظلم ، أو : شرب خمراً ، أو : أكل محرَّماً ، أو : غصب ، أو غير ذلك من الأفعال الـمُحرَّمة فله كذا ، لم يصح ، ولو فَعَل المجعول له ذلك لم يستحق العوض ، سواء كان المجعول له معيّناً أو مجهولاً ، ولا نعلم فيه خلافاً.

ويشترط أيضاً أن يكون مقصوداً للعقلاء ، فلو قال : مَن استقى من دجلةٍ ورماه في الفرات ، أو : حفر نهراً وطمّه ، أو : بئراً وطمّها ، أو غير ذلك ممّا لا يعدّه العقلاء مقصوداً ، لم يصح.

ويشترط أن لا يكون واجباً ، فلو قال : مَنْ صلّى الفريضة ، أو : صام شهر رمضان فله كذا ، لم يصح ؛ لأنّ الواجب لا يصحّ أخذ العوض عليه.

مسألة ٤٩٢ : لا يشترط في العمل العلمُ إجماعا ؛ لأنّ الغرض الكلّي في الجعالة بذل العوض على ما لا يمكن التوصّل بعقد الإجارة إليه ؛ لجهالته ، فما لا تجوز الإجارة عليه من الأعمال لكونه مجهولاً يجوز عقد الجعالة عليه ؛ لأنّ مسافة ردّ الآبق قد لا تُعرف ، فتدعو الحاجة إلى احتمال الجهالة فيه ، كما تدعو إلى احتمالها في العامل ، فإذا احتُملت الجهالة في القراض لتحصيل زيادةٍ فلأن تُحتمل في الجعالة أولى.

وهل يشترط الجهل في العمل؟ الأصحّ : العدم ، فلو قال : مَنْ خاط‌

٤٣٤

ثوبي فله درهم ، أو قال : مَنْ حجَّ عنّي ، أو : مَنْ ردّ عبدي من بغداد فله مائة ، صحّ ، واستحقّ العامل الجُعْل ؛ لأنّه إذا جاز مع الجهل فمع العلم أولى ؛ لانتفاء الغرر فيه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) .

ولهم وجهٌ آخَر : إنّه لا تجوز الجعالة على العمل المعلوم ، وإنّما تصحّ على المجهول ؛ لإمكان التوصّل في المعلوم بالإجارة(٢) .

وهو غير جيّدٍ ؛ لعدم المنافاة ، ولا استبعاد في التوصّل بأمرين أو أُمور.

ولو قيّد المعلوم بالمدّة المعلومة ، فقال : مَنْ ردّ عبدي الآبق من البصرة في الشهر فله كذا ، فالأقرب : الجواز.

ومَنَع منه بعض الشافعيّة ؛ لأنّه يكثر بذلك الغررُ(٣) .

مسألة ٤٩٣ : لو قال : مَنْ ردّ علَيَّ مالي فله كذا ، فردّه مَنْ كان المال في يده ، نُظر فإن كان في ردّه من يده كلفة ومئونة كالعبد الآبق ، استحقّ الجُعْل ، وإن لم يكن كالدراهم والدنانير ، فلا ؛ لأنّ ما لا كلفة فيه لا يُقابَل بالعوض.

ولو قال : مَنْ دلّني على مالي فله كذا ، فدلّه مَن المالُ في يده ، لم يستحق الجُعْل ؛ لأنّ ذلك واجب عليه بالشرع ، فلا يجوز أخذ العوض عليه ، أمّا لو كان في يد غيره فدلّه عليه ، استحقّ ؛ لأنّ الغالب أنّه يلحقه مشقّة في البحث عنه.

واعلم أنّ كلّ ما يجوز الاستئجار عليه تجوز الجعالة فيه ، ويعتبر فيما‌

____________________

(١ و ٢) الوسيط ٤ : ٢١١ ، الوجيز ١ : ٢٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٣ - ٢٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٤٢.

٤٣٥

تجوز الجعالة فيه ما يعتبر في جواز الإجارة ، سوى كونه معلوماً ، فلو قال : مَنْ ردّ عبدي ، أو : جاريتي فله دينار ، صحّ جعالةً ؛ لأنّ الجهالة غير ضائرةٍ في الجعالة ، ولا يجوز عقد الإجارة على ذلك ؛ لجهالة العمل ، المبطلة للإجارة.

الركن الرابع : في الجُعْل.

مسألة ٤٩٤ : يشترط في الجُعْل أن يكون مملوكاً مباحاً للعامل معلوما ، فلو شرط جُعْلاً لا يصحّ تملّكه - كالكلب والخنزير والخمر والعذرة وسائر ما لا يتملّك - لم يصح العقد ، ولم يستحقّ العامل شيئاً لا المسمّى ولا غيره.

نعم ، لو توهّم التملّك بذلك أو الاستحقاق ، فالأقرب : أُجرة المثل ؛ لأنّه غير متبرّعٍ بالعمل ، والمسمّى لا يصحّ أن يكون عوضاً وهو مغرور ، فاستحقّ أُجرة مثل عمله.

ولو كان المجعول محرَّماً ولم يُعلم ، مثل أن يقول : مَنْ ردّ عبدي فله ما في هذا الدَّن ، أو الزِّق ، أو ما في يدي ، وكان ذلك خمراً أو ما لا يتملّك ، وجب أُجرة المثل قطعاً.

ولو كان ممّا لا تقع المعاوضة عليه كحبّةٍ من حنطةٍ أو زبيبةٍ واحدة ، احتُمل استحقاق ذلك خاصّةً ، وعدم استحقاق شي‌ءٍ البتّة.

وشرطنا كونه مباحاً بالنسبة إلى العامل ؛ لأنّ الملك يقع له ، فإذا لم يصح له تملّكه لم يصح العقد ، وقد سبق ذكره.

مسألة ٤٩٥ : لا يجوز أن يكون العوض مجهولا ، بل يجب أن يكون معلوماً بالكيل أو الوزن أو العدد إن كانت العادة جاريةً بعدّه ، كالأُجرة ، فلو‌

٤٣٦

كان مجهولاً فسد العقد ، ووجب بالعمل أُجرة المثل ؛ لانتفاء الحاجة إلى احتمال الجهالة فيه.

والفرق بينه وبين العمل حيث جاز أن يكون هنا مجهولاً دعوى الحاجة إلى كون العمل هنا مجهولاً ، فإنّ الغالب أنّه لا يُعلم موضع الآبق والضالّ ، فلو شرطنا العلم لزم الحرج وعدم دعوى الحاجة إلى كون العوض مجهولاً.

وأيضاً العمل في الجعالة لا يصير لازماً ، فلهذا لم يجب كونه معلوماً ، وليس كذلك العوض ، فإنّه يصير بوجود العمل لازماً ، فوجب كونه معلوماً.

وأيضاً فإنّه لا يكاد يرغب أحد في العمل إذا لم يعلم الجُعْل ، فلا يحصل مقصود العقد ، فإن شرط جُعْلاً مجهولاً بأن قال : مَنْ ردّ عبدي الآبق فله ثوب ، أو : دابّة ، أو قال لغيره : إن رددتَ عبدي فعلَيَّ أن أُرضيك أو أُعطيك شيئاً ، فسد العقد ، ووجب بالعمل أُجرة المثل.

وكذا لو جعل العوض خمراً أو خنزيراً وكانا أو أحدهما مسلمين.

ولو جعل العوض شيئاً مغصوباً ، فسد العقد ، ووجب أُجرة المثل أيضاً.

وللشافعيّة هنا احتمالان :

أحدهما : تخريجه على القولين فيما إذا جعل المغصوب صداقاً حتى يرجع في قولٍ إلى قيمة ما يقابل الجُعْل وهو أُجرة المثل ، وفي قولٍ إلى قيمة المسمّى.

والثاني : القطع بأُجرة المثل ؛ لأنّ العوض ركن في هذه المعاملة ، بخلاف الصداق(١) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٨.

٤٣٧

ولو قال : مَنْ ردّ عبدي فله ثيابه أو سَلَبه ، فإن كانت معلومةً ، أو وصفها بما يفيد العلم ، فللرادّ المشروط ، وإلّا فله أُجرة المثل.

ولو قال : مَنْ ردّ عبدي فله نصفه أو ربعه ، فالأقوى : الجواز ؛ للأصل ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : المنع(١) .

وهو قريب من استئجار المرضعة بجزءٍ من المرتضع الرقيق بعد الفطام.

مسألة ٤٩٦ : لو قال : مَنْ ردّ عبدي من بغداد - مثلاً - فله دينار ، صحّ عندنا وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) .

فإن ردّه من نصف الطريق ، استحقّ نصف الجُعْل ، وإن ردّه من ثلثه فله الثلث ؛ لأنّه عمل نصف العمل أو ثلثه ، فكان له من الجُعْل مقابل عمله.

وإن ردّه من مكانٍ أبعد ، لم يستحق زيادةً ؛ لأنّ المالك لم يلتزم ذلك ، فيكون العامل فيه متبرّعاً بالزيادة ، فلا عوض له عنها.

ولو ردّه من غير ذلك البلد ، لم يستحق شيئاً ؛ لأنّه لم يجعل في ردّه منه شيئاً ، فأشبه ما لو جعل في ردّ عبدٍ شيئاً ، فردّ جاريةً.

ولو قال : مَنْ ردّ عبدَيَّ فله كذا ، فردّ أحدهما ، استحقّ نصف الجُعْل ، قاله بعض الشافعيّة(٣) .

وعندي فيه نظر.

أمّا لو كان الجُعْل على شي‌ءٍ تتساوى أجزاؤه ويقسّط عليها بالسويّة ؛ لتساوي العمل فيها ، كان الحكم ذلك.

ولو قال لاثنين : إن رددتما عبدي الآبق فلكما كذا ، فردّه أحدهما ،

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٩٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٨.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٨.

٤٣٨

استحقّ النصف ؛ لأنّه لم يلتزم له أكثر من ذلك ، لأنّه جعل الجُعْل لاثنين ، فقد جعل لكلّ واحدٍ منهما النصف على نصف العمل ، فيكون كلّ واحدٍ منهما في النصف الآخَر لو باشره متبرّعاً.

ولو قال لهما : إن رددتما عبدَيَّ الآبقين فلكما كذا ، فردّ أحدُهما أحدَهما ، لم يستحق إلّا الربع.

ويشكل بأنّ الالتزام متعلّق بالردّ من ذلك البلد وبردّ العبدين ، ولو توزّع الجُعْل في الجعالة على العمل لاستحقّ النصف إذا ردّ من ذلك البلد إلى نصف الطريق ، ولما وقع النظر إلى كون المأتيّ به نافعاً أو غير نافعٍ ، كما في الإجارة.

مسألة ٤٩٧ : لو قال : مَنْ ردّ عبدي فله كذا ، فإن ردّه واحد كان الجُعْل بأسره له ، وإن ردّه اثنان كان بينهما بالسويّة ، وإن ردّه جماعة اشترك الجُعْل بينهم كذلك ؛ لصدق لفظة « مَنْ » على كلّ واحدةٍ من هذه المراتب.

ولو قال لجماعةٍ : إن رددتم عبدي فلكم كذا ، فردّوه ، فالجُعْل بينهم بالسويّة على عدد الرءوس وإن تعاونوا في العمل ؛ لأنّ العمل في أصله مجهول ، فلا يُنظر إلى مقداره في التوزيع ، قاله بعض الشافعيّة(١) .

والمعتمد خلافه ، بل يُوزّع الجُعْل على قدر العمل كالإجارة ؛ لأنّا إنّما ندفع الجُعْل إليهم عند تمام العمل ، وحينئذٍ فقد انضبط العمل ، فيُوزّع على أُجور أمثالهم.

مسألة ٤٩٨ : يجوز أن يخصّص الجُعْل لواحدٍ بعينه ، كما يجوز تعميمه ، فلو قال لزيدٍ : إن رددتَ عبدي فلك دينار ، فردّه غيره ، لم يستحق الرادّ شيئاً ؛ لأنّه متبرّع به ، ولا زيد ؛ لأنّه لم يعمل.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٨.

٤٣٩

نعم ، يجوز الاستعانة ، فإن استعان زيد المجعول له بغيره إمّا من عبدٍ أو غيره ، استحقّ زيد.

ولو قال لزيدٍ : إن رددته فلك دينار ، فردّه زيد وعمرو ، لم يكن لعمرو شي‌ء ؛ لتبرّعه ، ولم يلتزم المالك بشي‌ءٍ.

وإن قصد عمرو معاونة زيدٍ إمّا بعوضٍ أو مجّاناً ، فلزيدٍ تمام الجُعْل ؛ لأنّه قد يحتاج إلى الاستعانة بالغير ، ومقصود المالك ردّ العبد بأيّ وجهٍ أمكن ، فلا يُحمل لفظه على قصر العمل على المخاطب بالمباشرة.

ثمّ ذلك الغير إن تبرّع على زيدٍ بالإعانة ، لم يكن له شي‌ء.

وإن قصد العمل بالأُجرة فاستعمله زيد عليها ، فإن عيّن قدر الأُجرة استحقّ ما عيّنه له ، سواء زاد على مال الجعالة أو نقص ، وإن لم يعيّن له شيئاً كان له أُجرة المثل على زيدٍ وإن زادت على ما حصل له بالجعالة.

ولو قال عمرو : عملتُ للمالك ، لم يكن لزيدٍ تمام الجُعْل ، بل ما قابَل عمله.

ثمّ هل يُوزَّع مال الجعالة على الرءوس أو على قدر العمل؟ الأقرب : الثاني ، وهو قول بعض الشافعيّة. والمشهور عندهم : الأوّل(١) .

وكذا البحث لو عمل المالك مع زيدٍ فإنّه لا يستحقّ زيد كمالَ الجعالة ، إلّا أن يقصد المالك إعانته ، على إشكالٍ.

ولو قصد عمرو العمل للمالك ، لم يكن له شي‌ء ، سواء قصد التبرّع أو الشركة في الجُعْل ؛ لأنّ المالك لم يلتزم له شيئاً.

مسألة ٤٩٩ : لو قال لزيدٍ : إن رددتَ عبدي فلك كذا ، اختصّ بمال الجعالة مع كمال العمل ، فإن شاركه في العمل اثنان ، فإن قصدا معاً إعانةَ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٣٩.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466