التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف15%

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 368

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184795 / تحميل: 6441
الحجم الحجم الحجم
التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وفيه أيضاً في أوائل الكتاب: محمد بن قولويه، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، قال قال أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمد بن عبد الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا اليه؟

فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.

ثم ينادي المنادي: أين حواري علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقوم عمرو بن الحمق، ومحمد بن أبي بكر، وميثم التمار مولى بني أسد، وأويس القرني... الحديث. راجع أيضاً:معجم رجال الحديث: ٤/١٥٤

وقد نقل عن أويس أنه في بعض الليالي يقول: هذه ليلة الركوع ويتم الليلة بركوع واحد، وفي الليلة الأخرى يقول: هذه ليلة السجود ويتمها بسجدة، فقيل له: يا أويس كيف تطيق على مضي الليالي الطويلة على منوال واحد؟

فقال أويس: أين الليلة الطويلة؟ فياليت كان من الأزل الى الأبد ليلة واحدة حتى نتمها بسجدة واحدة، ونتوفر على الأنين والبكاء الى آخرها.

أويس ختام المسك الموعود في حرب الجمل

قال المفيد في الارشاد: ١/٣١٥:

نقلاً عن ابن عباس أن أمير المؤمنينعليه‌السلام جلس بذي قار لأخذ البيعة فقال:

يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً يبايعونني على الموت.

قال ابن عباس: فجزعت لذلك أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه، فيفسد الأمر علينا، ولم أزل مهموماً دأبي إحصاء القوم، حتى ورد أوايلهم فجعلت أحصيهم فاستوفيت عددهم تسعماة وتسعة وتسعون رجلاً، ثم انقطع مجيء القوم فقلت: إنا لله وإنا اليه راجعون، ماذا حمله على ماقال؟!

٦١

فبينما أنا مفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل، حتى إذا دنا وإذا هو رجل عليه قباء صوف معه سيفه وترسه وإداوته، فقرب من أميرالمؤمنينعليه‌السلام فقال له: أمدد يدك أبايعك، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : على م تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة، والقتال بين يديك حتى أموت، أو يفتح الله عليك.

فقال له: ما اسمك؟

قال: أويس.

قال: أنت أويس القرني؟

قال: نعم.

قال: الله أكبر، أخبرني حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني، يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر.

قال ابن عباس: فسرى والله عني. انتهى.

ورواه في الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠، وإعلام الورى/١٧٠، والثاقب في المناقب/٢٦٦، وبحار الأنوار: ٣٧/٢٩٩

وفي مناقب آل أبي طالب: ٢/١٠٤:

ابن عباس أنه قالعليه‌السلام يوم الجمل: لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين. وفي رواية: لنفتحن البصرة وليأتينكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف رجل وبضع وثلاثون رجلاً، فكان كما قال. وفي رواية ستة آلاف وخمسة وستون.

وقال المفيد في الجمل/٤٩:

ونحن نذكر الأن جملة من بايع أمير المؤمنينعليه‌السلام الراضين بإمامته الباذلين أنفسهم في طاعته بعد الذي أجملناه من الخبر عنهم ممن يعترف المنصف بوقوفه على أسمائهم تحقيق ما وصفناه، من غنايتهم في الدين وتقدمهم في الإسلام، ومكانهم

٦٢

من نبي الهدى، وأن الواحد منهم لو ولي العقد لامام لانعقد الأمر به، خاصة عند خصومنا فضلا عن جماعتهم، وعلى مذهبهم فيما يدعونه من ثبوت الإمامة بالاختيار وآراء الرجال، وتضمحل بذلك عنده شبهات الأموية فيما راموه من القدح في دليلنا، بما ذكروه من خلاف من سموه حسبما قدمنا.

ومن بايع أمير المؤمنين بغير ارتياب ودان بامامته على الاجماع والاتفاق، واعتقد فرض طاعته والتحريم لخلافه ومعصيته، والحاضرون معه في حرب البصرة ألف وخمسماية رجل، من وجوه المهاجرين الأولين والسابقين الى الإسلام والأنصار البدريين العقبيين، وأهل بيعة الرضوان، من جملتهم سبعمائة من المهاجرين وثمانمائة من الأنصار، سوى أبنائهم وخلفايهم ومواليهم، وغيرهم من بطون العرب والتابعين بإحسان، على ماجاء به الثبت من الأخبار... الى أن قال:

بيعة باقي الشيعة:

ومن يلحق منهم بالذكر من أوليائهم وعلية شيعتهم، وأهل الفضل في الدين والايمان والعلم والفقه والقرآن، المنقطعين الى الله تعالى بالعبادة والجهاد، والتمسك بحقائق الايمان: محمد بن أبي بكر، ربيب أمير المؤمنين وحبيبه. ومحمد بن أبي حذيفة وليه وخاصته المستشهد في طاعته.

ومالك ابن الحرث الاشتر النخعي، سيفه المخلص في ولايته.

وثابت بن قيس النخغي.

وعبد الله بن أرقم.

وزيد بن الملفق.

وسليمان بن صرد الخزاعي.

وقبيصة وجابر وعبد الله ومحمد بن بديل الخزاعي.

وعبد الرحمن بن عديس السلولي.

وأويس القرني...

٦٣

أويس ختام المسك الموعود في حرب صفين

في خصائص الأئمة/٥٣:

وبإسناد عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين فبايعه تسعة وتسعون رجلاً، ثم قال: أين تمام المائة؟ فقد عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( أنه ) يبايعني في هذا اليوم مائة رجل!

قال فجاء رجل عليه قباء صوف متقلد سيفين فقال: هلم يدك أبايعك.

فقال: على م تبايعني؟

قال: على بذل مهجة نفسي دونك!

قال: ومن أنت؟

قال: أويس القرني، فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل، فوجد في الرجالة مقتولاً.

وفي اختيار معرفة الرجال: ١/٣١٥:

وروى الحسن بن الحسين القمي، عن علي بن الحسن العرني، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال كنا مع عليعليه‌السلام بصفين، فبايعه تسعة وتسعون رجلا، ثم قال: أين المائة لقد عهد اليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبايعني في هذا اليوم مائة رجل. قال: إذ جاء رجل عليه قباء صوف متقلداً بسيفين فقال: أبسط يدك أبايعك.

قال عليعليه‌السلام : على م تبايعني؟ قال: على بذل مهجة نفسي دونك.

قال: من أنت؟ قال: أنا أويس القرني.

قال: فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل، فوجد في الرجالة.

وفي رواية اُخرى، قال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : كن أويساً.

قال: أنا أويس.

قال: كن قرنياً قال: أنا أويس القرني.

٦٤

وإياه يعني دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها على نزار، وينقض على الكميت بن زيد قصيدته التي يقول فيها:

ألا حييت عنا يـا مدينا

أويس ذو الشفاعة كان منا

فيوم البعث نحن الشافعونا

راجع أيضاً: الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠ والثاقب في المناقب/٢٦٦ وجامع الرواة: ١/ ١١٠، ومدينة المعاجز: ٢/٢٩٩، ومعجم رجال الحديث (ط. ج ): ٤/١٥٤

وفي بحار الأنوار: ٢٩/٥٨٣:

وبرز عبد الله بن جعفر في ألف رجل، فقتل خلقا حتى استغاث عمرو بن العاص. وأتى أويس القرني متقلداً بسيفين ويقال: كان معه مرماة ومخلاة من الحصى، فسلم على أمير المؤمنينعليه‌السلام وودعه، وبرز مع رجالة ربيعة، فقتل من يومه، فصلى عليه أمير المؤمنينعليه‌السلام ودفنه. انتهى.

وفي المناقب/٢٤٩:

وفي رواية: قتل من أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام في ذلك اليوم والليلة ألفا رجل وسبعون رجلاً، وفيهم أويس القرني زاهد زمانه، وخزيمة بن ثابت الأنصاري ذوالشهادتين، وقتل من أصحاب معاوية في ذلك اليوم سبعة آلاف رجل. انتهى.

**

وتدل هذه النصوص على أن أويساًرضي‌الله‌عنه ملهم من الله تعالى، حيث قال في بيعته لأمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الجمل ( على السمع والطاعة، والقتال بين يديك حتى أموت، أو يفتح الله عليك ) فكان الفتح.

وقال يوم صفين ( على بذل مهجة نفسي دونك ) ولم يذكر الفتح!

وتدل على مقادير الله تعالى لهذا الولي الكبير أن يكون تمام الألف في حرب الجمل، ثم تمام المئة في صفين، مبايعاً على الموت في سبيل الله تعالى.

٦٥

وتدل هي وغيرها على أنه وجماعته كانوا فوجاً مقاتلاً، وأنهم قاتلوا قتال الأبطال المستميتين، فقد كسر أويس جفن سيفه، ووجد فيه أربعون طعنة، وصلى عليه ودفنه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وليس كما ذكر أسير بن جابر أنه سرعان ماجاءه سهم فقتل، وأنه هو دفنه.. الخ.

متفرقات عن أويس

في طرائف المقال: ٢/٥٩٢:

وفي رجال الكشي: علي بن محمد بن قتيبة قال: سئل أبو محمد عن الزهاد الثمانية فقال: الربيع بن خيثم، وهرم بن حيان، وأويس القرني، وعامر بن عبد قيس، وكانوا مع عليعليه‌السلام ومن أصحابه، وكانوا زهاداً أتقياء.

وأما أبو مسلم أهبان بن صيفي، فإنه كان فاجراً مرائياً، وكان صاحب معاوية، وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي فقال لعليعليه‌السلام : إدفع الينا المهاجرين والأنصار حتى نقتلهم بعثمان، فأبى علي ذلك، فقال أبومسلم: الآن طاب الضراب إنما! كان وضع فخاً ومصيدة.

وأما مسروق، فانه كان عشاراً لمعاوية، ومات في عمله ذلك بموضع أسفل من واسط على دجلة يقال له الرصافة، وقبره هناك.

والحسن كان يلقي كل فرق بما يهوون، ويتصنع للرئاسة، وكان رئيس القدرية.

وأويس القرني مفضل عليهم كلهم.

قال أبومحمد: ثم عرف الناس بعد.

وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يصحبه، بل آمن به في الغياب، ولعدم المكنة وتفرق الحال والاشتغال على خدمات أمه لم يدرك صحبته، وكان شغله رعي الجمال وأخذ الأجرة. انتهى.

راجع أيضاً: خلاصة الاقوال/٢٤، والتحرير الطاووسي/٧٤، ووسائل الشيعة: ٢٠/١٤٤، ومعجم رجال الحديث: ٤/١٥٤، ولسان الميزان: ١/٤٧١

٦٦

وفي بحار الأنوار: ٦٣/٣٩٠:

قال أويس لهرم بن حيان: قد عمل الناس على رجاء، فقال: بل نعمل على الخوف والخوف خوفان ثابت وعارض، فالثابت من الخوف يورث الرجاء، والعارض منه يورث خوفاً ثابتاً.

والرجاء رجاءان: عاكف وباد، فالعاكف منه يقوى نسبة العبد، والبادي منه يصحح أمل العجز والتقصير والحياء.

مستدرك الوسائل: ١٦/٧٣:

مجموعة الشهيدرحمه‌الله : نقلاً من كتاب قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أويس القرني قال: كنا عند أمير المؤمنين إذ أقبلت امرأة متشبثة برجل، وهي تقول: يا أ مير المؤمنين لي على هذا الرجل أربعمائة دينار، فقالعليه‌السلام : للرجل: ما تقول المرأة؟

فقال: ما لها عندي إلا خمسون درهماً مهرها.

فقالت: يا أمير المؤمنين، أعرض عليه اليمين، فقالعليه‌السلام : تقول باركاً وتشخص ببصرك الى السماء:

اللهم إن كنت تعلم أن لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها وطلب نشوها وأنكر ما ذكر ته من مهرها، فلا استعنت بك من مصيبة، ولا سألتك فرج كربة، ولا احتجت اليك في حاجة، وإن كنت أعلم أنك تعلم أن ليس لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها فلا تقمني من مقامي هذا حتى تريها نقمتها منك.

فقال: والله يا أمير المؤمنين لا حلفت بهذا اليمين أبداً، وقد رأيت أعرابياً حلف بها بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسلط الله عليه ناراً فأحرقته من قبل أن يقوم من مقامه، وأنا أوفيها ما ادعته علي. انتهى.

ورواه في الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠، والثاقب في المناقب/٢٦٦، ومدينة المعاجز: ٢/٢٩٩

٦٧

من الأدعية المروية عن أويس

في مستدرك الوسائل: ٥/٤٨:

السيد رضي الدين علي بن طاووس في مهج الدعوات: عن موسى بن زيد، عن أويس القرني، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث أنه قال: من دعا بهذا الدعاء في منامه، فيذهب به النوم وهو يدعو بها، بعث الله جل ذكره، بكل حرف منه سبعين ألف ملك من الروحانية، وجوهم أحسن من الشمس بسبعين ألف مرة، يستغفرون الله، ويدعون له، ويكتبون له الحسنات... الخبر.

الدعاء: يا سلام المؤمن المهيمن، العزيز الجبار المتكبر، الطاهر المطهر، القاهر القادر المقتدر، يا من ينادى من كل فج عميق، بألسنة شتى ولغات مختلفة، وحوائج أخرى، يا من لا يشغله شأن عن شأن، أنت الذي لا تغيرك الازمنة، ولا تحيط بك الامكنة، ولا تأخذك نوم ولا سنة، يسر لي من أمري ما أخاف عسره، وفرج من أمري ما أخاف كربه، وسهل لي من أمري ما أخاف حزنه، سبحانك لا الَه إلا أنت، إني كنت من الظالمين، عملت سوءاً، وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى. ورواه في بحار الأنوار: ٨٨/٣٩٠

وفي حلية الأولياء: ٨/٥٦:

سفيان الثقفي الكوفي، ثنا أبو علي الحسن بن عبد الله الوزان، ثنا أبو سعيد عمران بن سهل، ثنا سليمان بن عيسى، عن سفيان الثوري، عن ابراهيم بن أدهم، عن موسى بن يزيد، عن أويس القرني عن عمر بن الخطاب عن علي بن أبي طالب قالا:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له دعاه. والذي بعثني بالحق لو دعا بهذه الأسماء على صفائح من الحديد لذابت بإذن الله، ولو دعا بها على ماء جار لسكن بإذن الله.

٦٨

والذي بعثني بالحق إنه من بلغ اليه الجوع والعطش، ثم دعا بهذه الأسماء أطعمه الله وسقاه، ولو دعا بهذه الأسماء على جبل بينه وبين الموضع الذي يريده الآن الله له شعب الجبل، حتى يسلك فيه إلي الموضع الذي يريده.

وإن دعا به على مجنون أفاق من جنونه، وإن دعا به على امرأة قد عسر عليها ولدها هون الله عليها، ولو أن رجلاً دعا به والمدينة تحرق وفيها منزله أنجاه الله ولم يحترق منزله.

وإن دعا أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر الله له كل ذنب بينه وبين الله عز وجل، ولو أن رجلاً دعا على سلطان جائر لخلصه الله من جوره.

ومن دعا بها عند منامه بعث الله اليه بكل اسم منها سبعين ألف ملك مرة يكتبون له الحسنات ومرة يمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات الى يوم ينفخ الصور.

فقال سلمان: يا رسول الله فكل هذا الثواب يعطيه الله؟

قال: نعم يا سلمان، ولولا أني أخشي أن تتركوا العمل وتقتصروا على ذلك لأخبرتك بأعجب من هذا!

قال سلمان: علمنا يا رسول الله.

قال: نعم، قل:

اللهم إنك حي لا تموت، وغالب لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وقهار لا تقهر، وأبدي لا تنفد، وقريب لا تبعد، وشاهد لا يغيب، والَه لا تضاد، وقاهر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، ومحتجب لا ترى، وجبار لا تضام، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم، وقوي لا تضعف، وجبار لا توصف، ووفي لا تخلف، وعدل لا تحيف، وغني لا تفتقر، وكنز لا تنفد، وحكم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تحقر، ووتر لا تستشار، وفرد لا يستشير، ووهاب لا ترد وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وعليم لا تجهل، وحافظ لا تغفل، وقيوم لا تنام، ومجيب لا تسأم، ودائم لا تفنى، وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه، ومقتدر لا تنازع .

٦٩

هذا حديث لا يعرف إلا من هذا الوجه، وموسى بن يزيد ومن دون ابراهيم وسفيان فيهم جهالة.

وفي حلية الأولياء: ١٠/٣٨٠:

ثنا عبد الله بن عبيدة العامري، ثنا سورة بن شداد الازهد، عن سفيان الثوري، هو عن ابراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس القرني عن علي بن أبي طالب، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة غير واحد، ما من عبد يدعو بهذه الأسماء إلا وجبت له الجنة، إنه وتر يحب الوتر هو الله الذي لا إلَه إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام.. الى قوله الرشيد الصبور.. مثل حديث الأعرج عن أبي هريرة حديث الأعرج عن أبي هريرة صحيح متفق عليه، وحديث الثوري عن ابراهيم فيه نظر لا صحة له.

وقال ابن الجوزي في الموضوعات: ٣/١٧٥:

دعاء منقول: أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة، أنبأنا أبي، أنبأنا ابراهيم بن محمد بن رجاء الوراق، حدثنا ابراهيم بن محمد بن يزيد بن خالد المروزي، حدثنا محمد بن موسى السلمي، حدثنا أحمد بن عبد الله النيسابوري، عن شقيق البلخي، عن ابراهيم بن أدهم، عن موسى بن يزيد، عن أويس القرني، عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له:

اللهم أنت حي لا تموت، وخالق لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وصادق لا تكذب، وقاهر لا تغلب، وندى لا تنفذ، وقريب لا تبعد، وغافر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، وجبار لا تقهر، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم، وقوي لا تضعف، وعليم لا توصف، ووفي لا تخلف، وعدل لا تحيف، وغني لا تفتقر، وحكيم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تحقر، وغالب

٧٠

لا تغلب، ووتر لا تستأمر، وفرد لا تستشير، ووهاب لا تمل، وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وحافظ لا تغفل، وقائم لا تنام، ومحتجب لا ترى، ودائم لا تفنى وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه ومقتدر لا تنازع.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني لو دعى بهذه الدعوات والأسماء على صفائح الحديد لذابت، ولو دعى بها على ماء جار لسكن، ومن أبلغ اليه الجوع والعطش ثم دعا به أطعمه الله وسقاه، ولو أن بينه وبين موضع يريده جبل لانشعب له الجبل حتى يسلكه الى الموضع الذى يريد، ولو دعى به على مجنون لافاق، ولو دعى على امرأة قد عسر عليها ولدها، ولو دعا بها والمدينة تحترق وفيها منزله لنجا ولم يحترق منزله، ولو دعى بها أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر له كل ذنب بينه وبين الله عزوجل، ولو أنه دخل على سلطان جائر ثم دعى بها قبل أن ينظر السلطان اليه لخلصه الله من شره، ومن دعى بها عند منامه بعث الله عز وجل بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك من الروحانيين، وجوههم أحسن من الشمس والقمر، يسبحون له ويستغفرون له ويدعون ويكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات.

فقال سلمان: يا رسول أيعطى الله بهذه الأسماء كل هذا الخير؟ فقال: لا تخبر به الناس حتى أخبرك بأعظم منها، فإني أخشى أن يدعوا العمل ويقتصروا على هذا. ثم قال: من نام وقد دعا بها، فإن مات مات شهيدا وإن عمل الكبائر وغفر لأهل بيته، ومن دعى بها قضى الله له ألف ألف حاجة.

وقد رواه سليمان بن عيسى عن سفيان الثوري، عن ابراهيم بن أدهم إلا أن الألفاظ تختلف. ورواه مختصراً الحسين بن داود البلخي، عن شقيق بن ابراهيم.

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي طرقه كلمات ركيكة يتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثلها وأسماء لله يتعالى الحق عنها، ولم نر التطويل بذكر الطرق لأنها من جنس واحد.

٧١

وفي الطريق الأول أحمد بن عبد الله وهو الجويباري.

وفي الطريق الثاني سليمان بن عيسى.

وفي الثالث الحسين بن داود، وثلاثتهم كانوا يضعون الحديث، والله أعلم أنهم ابتدوا بوضعه، ثم سرقه الآخران وبدّلا فيه وغيّرا.

وقد روى لنا من طريق مظلم فيه مجاهيل وفيه زيادات ونقصان. انتهى.

**

ونحن لا نحكم بصحة الأدعية المروية عن أويسرحمه‌الله ، وهي أكثر من هذه النماذج التي ذكرناها، فرواياتها خاضعة للبحث العلمي وقواعد الجرح والتعديل، ولكنها تدل على المكانة العميقة لهرحمه‌الله في نفوس المسلمين من الشيعة والسنة، وأنه ثبت عندهم أن أويساً من أولياء الله الخاصين النادرين، كما ثبتت عندهم أحاديث شفاعته الواسعة..

جعلنا الله ممن تشملهم شفاعة النبي وآله، وشيعتهم المقربين.

شفاعة أويس القرني لمئات الألوف أو الملايين

تقدم ذكر شفاعة أويس القرنيرحمه‌الله في أحاديث عديدة، ومنها أحاديث صحيحة من الدرجة الأولى عند الطرفين، ونورد هنا ما يلي:

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٨:

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبدالسلام، ثنا اسحاق بن ابراهيم، ثنا عبد الوهاب الثقفي، ثنا خالد الحذاء، عن عبدالله بن شقيق، عن عبدالله بن أبي الجدعاء أنه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم.

قال الثقفي قال هشام: سمعت الحسن يقول إنه أويس القرني. صحيح الاسناد ولم يخرجاه.ورواه في سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢

٧٢

وفي مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٥:

حدثنا أبو العباس أحمد بن زياد الفقيه بالدامغان، ثنا محمد بن أيوب، أنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا أبو بكر بن عياش، عن هشام عن الحسن قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر.

قال هشام فأخبرني حوشب عن الحسن أنه أويس القرني.

قال أبو بكر بن عياش: فقلت لرجل من قومه: أويس بأي شيء بلغ هذا؟

قال: فضل الله يؤتيه من يشاء.

وفي تاريخ الطبري: ١٠/١٤٥:

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو بكر قال حدثنا هشام، عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر: قال هشام: فأخبرني حوشب أنه قال: هو أويس القرني.

وفي تاريخ الطبري: ١١/٦٦٢:

عن هشام عن الحسن.. قال رسول الله ( ص ) ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر.. أنه قال هو أويس القرني.

وفي كنز العمال: ١٢/٧٣:

سيكون في أمتي رجل يقال له أويس بن عبد الله القرني، وإن شفاعته في أمتي مثل ربيعة ومضر ( عد، عن ابن عباس ).

وفي كنز العمال: ١٢/٧٦:

يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر ( ش، ك، هق، وابن عساكر عن الحسن مرسلاً، قال الحسن: هو أويس القرني ).

وفي كنز العمال: ١٤/٨:

عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل بشفاعة رجل من أمتي الجنة أكثر من ربيعة ومضر، أما أسمي لكم ذلك الرجل؟

٧٣

قالوا: بلى.

قال: ذاك أويس القرني...

وقال: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر، ثم سماك.. الحديث. وروى نحوه في ص ١٣

وفي كنز العمال: ١٢/٧٤:

سيقدم عليكم رجل يقال له أويس كان به بياض فدعا الله له فأذهبه الله، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر له ( ش، عن عمر ).

وفي كنز العمال: ١٤/٧:

مسند عمر، عن صعصعة بن معاوية قال: كان أويس بن عامر من التابعين رجل من قرن، وإن عمر بن الخطاب قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه فيقول: اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمتك عليّ، فيدع له في جسده ما يذكر به نعمته عليه، فمن أدرك منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له ( الحسن بن سفيان وأبو نعيم في المعرفة، ق، في الدلائل، كر ) راجع أيضاً: ١٤/٨ و ١٠. ونحوه في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٦

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢:

وروى هشام بن حسان عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة ومضر.

أبو بكر الأعين: حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وتميم. قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: أويس القرني. هذا حديث منكر تفرد به الأعين، وهو ثقة.

ونحوه في ميزان الاعتدال: ٢/٤٤٥

٧٤

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: ٣/٥٥٨:

عن عمر قال: قال رسول الله ( ص ): يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومضر.

وفي بدء الإسلام لابن سلام الأباضي/٧٩:

أويس القرني... جاء في الأثر عن النبي ( ص ) قال لأبي بكر وعمر: أوصيكم أن تقرؤوا مني أويس القرني السلام، يقدم المدينة بعدي... يدخل في شفاعته يوم القيامة عدد ربيعة ومضر...

وفي ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢:

عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي، أكثر من ربيعة ومضر.

قال هشام عن الحسن: هو أويس.

وقال عبد الوهاب الثقفي: حدثنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.

وفي ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢ ولسان الميزان: ١/٤٧٤:

يونس وهشام عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي أكثر من ربيعة ومضر. قال هشام عن الحسن هو أويس.

وقال عبد الوهاب الثقفي ثنا خالد الحذاء، عن عبدالله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.

وفي لسان الميزان: ١/٤٧٣:

وقال أبو صالح: ثنا الليث، حدثني المقبري، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ليشفعن رجل من أمتي في أكثر من مضر. قال تميم: ومضر، وأنه أويس القرني. انتهى.

٧٥

نتيجــة

النتيجة التي يخرج منها الباحث في أحاديث أويس وشفاعته:

أن الله تعالى أعطى هذه الكرامة العظيمة لراعي إبل من جبال اليمن، فجعله بسبب طاعته وإخلاصه له، موعوداً مبشراً به، على لسان أشرف الأنبياء والمرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل المسلمين يتبركون به ويطمعون منه بكلمة ( غفر الله لك ) فيبخل بها على أكثرهم! وينطق بها لمن أدركته الرحمة منهم.

ثم جعله يوم القيامة شفيعاً لمئات الألوف أو لملايين المذنبين، يدخلون ببركته جنة النعيم.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يشفع في مثل ربيعة ومضر.. أكثر من مضر وتميم.. أكثر من ربيعة وبني تميم ) إنما هو إشارة الى الكثرة وتفهيمها للناس بجمهور قبائل كانت تمثل الكثرة في ذلك المجتمع.. ولذلك قد يبلغ عدد من يشفع لهم أويس الملايين..

ومما يثير العجب، أن هذا الانسان الكريم على ربه، صاحب المقام العظيم عنده، الذي لا ينطق بكلمة ( غفر الله لك ) في غير محلها.. تراه يقول لعليعليه‌السلام : مد يدك أبايعك على بذل مهجة نفسي دونك!!

فما هو مقام علي؟! الذي يتقرب كبار الأولياء الى الله بالموت دونه، ودون نصرة حقه وقضيته؟ !!

وهل يستطيع مسلم بعد هذا أن يشكك في مقام الشفاعة العظيمة لعلي وبقية أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .. وهو يرى أن أويساً صاحب الشفاعة العظيمة، فدائي لهم!!

وختاماً، فإن شفيع المحشر على الاطلاق، هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .. بل يفهم من أحاديثنا أن الشفاعة بالأصل إنما هي كرامة من الله تعالى لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأن الأنبياء الآخرين إنما يشفعون بما يعطيهم سيد المحشر وصاحب لوائه مما أعطاه ربه عز وجل! وهذه الشفاعة العظمى لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ملكٌ كبيرٌ.. لا بد له من مدراء

٧٦

وهذه الشفاعة العظمى لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ملكٌ كبيرٌ.. لابد له من مدراء ومفوضين يوم القيامة.. وهؤلاء إنما هم عترة النبي الذين نص عليهم أنهم يكونون معه، وهم علي وفاطمة والمعصومون من أولادهم، صلى الله على رسوله وعليهم.

ولا بد أن يكون لهم أعوان من الملائكة والصالحين.

وقد خصصنا هذا الفصل بشفاعة أويسرحمه‌الله ، لأنه شيعي ثبتت له هذه الشفاعة العظيمة بإجماع المسلمين، وكفى بها دليلاً على شفاعة أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

**

٧٧

٧٨

الفصل الخامس عشر

النواصب مطرودون من الشفاعة والجنة

حكم النواصب في الفقه الإسلامي

عقدنا هذا الفصل لاستعراض الأحاديث التي رواها الجميع في قرار الحرمان الالَهي من الشفاعة والجنة، لمن أبغض أهل البيت النبويعليهم‌السلام ، أو نصب العداوة والبغضاء، لهم أو لمن أحبهم، أو حمل في نفسه غلاً عليهم، أو كرهاً أو حسداً.. ولو بمقدار ذرة!!

فقد اتفقت مذاهب السنيين على أن من يعادي علياً، أو أهل البيت النبويعليهم‌السلام ، فهو منافق.

أما في فقهنا فمبغض أهل البيتعليهم‌السلام الناصب لهم، كافرٌ نجس..

ويسمى المبغض والمعادي في الفقه الإسلامي ( الناصب والناصبي )

وهو اسم مشتق من: نصب له العداوة، أي أبغضه، وتكلم عليه، أو عمل ضده، شبيهاً بقولك: نصب له الحرب!

والمبغض والمخالف والمعادي والناصب، كلمات متقاربة، ولكنها متفاوتة.. فالمخالف ناظرةٌ الى مخالفة الشخص في الرأي والمسلك.

٧٩

والمبغض ناظرة الى حالة النفرة النفسية المضادة للحب.

والمعادي ناظرة الى الموقف النفسي والعملي المضاد.

والناصب تزيد عليهما بأن البغض والعداء يصير هم الناصب!

هذا في أصل اللغة، أما في الشرع فقد وردت استعمالاتها بمعنى واحد وكأن المصطلح الإسلامي للمبغض يشملها جميعاً.

والذي يدخل في بحثنا من أحكام النواصب، أن الشفاعة النبوية الكبرى على سعتها يوم القيامة لا تنالهم، بل يؤمر بهم الى النار!!

وهذا يعني أن بغض أهل البيت جريمةٌ كبرى في نظر الإسلام، جزاؤها الطرد من الرحمة الالَهية والنبوية، واستحقاق العذاب في جهنم!

ونورد فيما يلي عدداً من أحاديث هذه المسألة، وفيها أحاديث صحيحةٌ عند الجميع:

عليعليه‌السلام ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق

روى الحاكم: ٣/١٢٩:

عن أبي ذررضي‌الله‌عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه . هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

ورواه أحمد في فضائل الصحابة: ٢/٦٣٩، والدارقطني في المؤتلف والمختلف: ١٣٧٦٣، والهيثمي فيمجمع الزوائد: ٩/١٣٢

وروى الترمذي: ٤/٣٢٧، و: ٥/٢٩٣ و٢٩٨ - باب مناقب علي:

عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي، وقد روى هذا عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

حيث كتب في الرقاع والعسب والثانية: على عهد أبي بكر، وكان بانتساخه من العسب والرقاع وغيرها وجعله في مكان واحد والثالثة: على عهد عثمان، والذي فعله ترتيبه وحمل الناس على قراءة واحدة هذا ما كادت تجمع عليه كلماتهم.

والجمع في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان «حفظاً» و «كتابة» معاً، أمّا حفظاً فإنّ الّذين جمعوا القرآن في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرون(١) . وأمّا كتابةً فإنّ القرآن لم يكن كاملاً في الكتابة على عهده عند الّذين حفظوه كاملاً، لكن كانت كتابته كاملة عند الجميع، فهو مكتوب كلّه عند جميعهم، وما ينقص من عند واحد يكمله ما عند الآخر، إلاّ إنّه كان متواتراً كلّه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في عصره حفظاً(٢) .

فعمد أبو بكر إلى جمعه، إذ أمر - بعد يوم اليمامة - بجمع تلك الكتابات وجمع القرآن منها بتأليفه وتدوينه(٣) .

ثمّ لمّا كثرت فيه القراءات ووقعت في لفظه الإختلافات جمع عثمان المصاحف من أصحابها، وحمل الناس على قراءة واحدة من بينها، وأعدم سائر المصاحف المخالفة لها.

دفع الشبهات

لكنّ استخلاص هذه النتائج من تلك الأحاديث، ودفع

__________________

(١) مباحث في علوم القرآن: ٦٥.

(٢) المعجزة الكبرى: ٢٨.

(٣) الاتقان ١ | ٦٢، مناهل العرفان ١: ٢٤٢، إعجاز القرآن: ٢٣٦.

٢٢١

الشبهات التي تلحق بالقرآن، يتوقف على النظر في ما ورد في هذا الباب سنداً ومتناً، والجمع بينها بحمل بعضها على البعض بقدر الإمكان، وهذا أمر لابدّ منه فنقول:

أوّلاً: لقد وردت عن بعض الصحابة أحاديث فيها حصر من جمع القرآن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عدد معيّن، إتّفق عبدالله بن عمرو وأنس بن مالك على أنّهم «أربعة» على اختلاف بينهم في بعض أشخاصهم

فعن عبدالله بن عمرو أنّهم: عبدالله بن مسعود، سالم، معاذ بن جبل، أبيّ ابن كعب(١) .

وعن أنس بن مالك - في حديث عن قتادة عنه - هم: اُبيّ بن كعب، معاذ ابن جبل، زيد بن ثابت، أبو زيد. قال: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي(٢) .

وفي آخر - عن ثابت عنه - قال: «مات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد».

فأيّ توجيه صحيح لحصر جمّاع القرآن في أربعة؟ وكيف الجمع بين ما روي عن الصحابّيين، ثمّ بين الحديثين عن أنس؟

قال السيوطي: «قد استنكر جماعة من الأئمّة الحصر في الأربعة، وقال المازري: لا يلزم من قول أنس «لم يجمعه غيرهم» أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك قال: وقد تمسّك بقول أنس هذا

__________________

(١) صحيح البخاري ٦: ١٠٢، صحيح مسلم ٧: ١٤٩.

(٢) صحيح البخاري ٦: ١٠٢. واختلف في اسم أبي زيدٍ هذا. انظر الاتقان ١: ٧٤.

٢٢٢

جماعة من الملاحدة ولا مستمسك لهم فيه، فإنّا لا نسلّم حمله على ظاهره» ثمّ ذكر السيوطي كلاماً للقرطبي ونقل عن الباقلاّني وجوهاً من الجواب عن حديث أنس ثمّ قال: «قال ابن حجر: وفي غالب هذه الإحتمالات تكلّف»(١) .

ثانياً: قد اختلفت أحاديثهم في «أوّل من جمع القرآن» ففي بعضها أنّه «أبو بكر» وفي آخر «عمر» وفي ثالث «سالم مولى أبي حذيفة» وفي رابع «عثمان».

وطريق الجمع بينها أن يقال: إنّ أبا بكر أول من جمع القرآن أي دوّنه تدويناً، وأنّ المراد من: «فكان [ عمر ] أول من جمعه في المصحف» أي: أشار على أبي بكر أن يجمعه، وأنّ المراد فيما ورد في «سالم»: أنّه من الجامعين للقرآن بأمر أبي بكر، وأمّا «عثمان» فجمع الناس على قراءة واحدة.

ثالثاً: في بيان الأحاديث الواردة في كيفية الجمع وخصوصيّاته في كلّ مرحلة. أمّا في المرحلة الأولى، فقد رووا عن زيد قوله: «كنّا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يكن القرآن جمع شيء»(٢) وأنّه قال لأبي بكر لمّا أمره بجمع القرآن: «كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله؟!»(٣) .

إلاّ أنّه يمكن الجمع بين هذه الأخبار بحمل النافية على عدم تأليف القرآن وجمعه بصورة كاملة في مكان واحد، بل كانت كتابته

__________________

(١) الاتقان ١ | ٢٤٤ - ٢٤٧.

(٢) المستدرك ٢: ٦٦٢.

(٣) الاتقان ١: ٢٠٢.

٢٢٣

كاملة عند الجميع

وهكذا تندفع الشبهة الاولى.

وأمّا في المرحلة الثانية: فإنّه وإن كان أمر أبي بكر بجمع القرآن وتدوينه بعد حرب اليمامة، لكنّ الواقع كثرة من بقي بعدها من حفّاظ القرآن وقرّائه، مضافاً إلى وجود القرآن مكتوباً على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا تطرق الشبهة من هذه الناحية في تواتره. وأمّا الحديث: «إنّ عمر سأل عن آيةٍ من كتاب الله كانت مع فلان قتل يوم اليمامة ...» فإسناده منقطع(١) .

فالشبهة الثانية مندفعة كذلك.

وأمّا جمع القرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال - كما عن زيد - فإنّه لم يكن لأنّ القرآن كان معدوماً، وإنّما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكتبوا من حفظهم. وأمّا قوله: وصدور الرجال: فإنّه كتب الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، فكان يتتبّعها من صدور الرجال ليحيط بها علماً(١) .

وأمّا قول أبي بكر لعمر وزيد: «اقعدا على باب المسجد فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه» فقد قال الشيخ أبوالحسن السخاوي في (جمال القراء): معنى هذا الحديث - والله أعلم - من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله الذي كتب بين

__________________

(١) الاتقان ١: ٥٩.

(٢) المرشد الوجيز: ٥٧.

٢٢٤

يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلاّ فقد كان زيد جامعاً للقرآن. ويجوز أن يكون معناه: من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى. أي: من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن ولم يزد على شيء ممّا لم يقرأ أصلاً ولم يعلم بوجه آخر(١) .

وأمّا معنى قوله في الآية التي وجدها عند خزيمة، فقال ابن شامة: «ومعنى قوله: فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان؛ أنّه كان يطلّب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي، فلم يجد كتابة تلك الآية إلاّ مع ذلك الشخص، وإلاّ فالآية كانت محفوظة عنده وعند غيره. وهذا المعنى أولى ممّا ذكره مكّي وغيره(٢) : إنّهم كانوا يحفظون الآية لكنّهم نسوها، فوجدوها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها واثبتوها، لسماعهم إيّاها من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٣) .

وأمّا أنّ عمر أتي بآية الرجم فلم يكتبها لأنّها كان وحده، فهي رواية مخالفة للمعقول والمنقول(٤) وإن أمكن تأويلها ببعض الوجوه.

وهكذا تندفع الشبهة الثالثة.

وأمّا في المرحلة الثالثة: فإن عثمان - عندما اختلف المسلمون في القراءة - أرسل إلى حفصة يطلب منها ما جمع بأمر أبي بكر قائلاً: «أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثمّ نردّها عليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد ابن ثابت و فنسخوها في

__________________

(١) المرشد الوجيز: ٧٥.

(٢) كالزركشي في البرهان ١: ٢٣٤.

(٣) المرشد الوجيز: ٧٥.

(٤) الجواب المنيف في الردّ على مدّعي التحريف: ١٢١.

٢٢٥

المصاحف ...»(١) .

هذا هو الواقع في هذه المرحلة، وما خالفه يطرح أو يؤوّل كالحديث الذي روي: أنّه كان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان. أوّله ابن حجر على أنّ المراد من «الشاهدين» هو «الحفظ والكتابة»، وناقش البيهقي في سنده وتبعه ابن شامة وصبحي الصالح(٢) ، قال ابن شامة بعد أن رواه: «وأخرج هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتاب المدخل بمخالفة لهذا في بعض الألفاظ وبزيادة ونقصان فقال: جلس عثمان على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: إنّما عهدكم بنبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله منذ ثلاث عشرة سنة، وأنتم تختلفون في القراءة، يقول الرجل لصاحبه: والله ما تقيم قراءتك. قال: فعزم على كل من كان عنده شيء من القرآن إلاّ جاء به، فجاء الناس بما عندهم، فجعل يسألهم عليه البيّنة أنّهم سمعوه من رسول الله. ثمّ قال: من أعرب الناس؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال: فمن أكتب الناس؟ قالوا: زيد بن ثابت كاتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: فليمل سعيد وليكتب زيد قال: فكتب مصاحف ففرّقها في الأجناد، فلقد سمعت رجالاً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقولون: لقد أحسن.

قال البيهقي: فيه انقطاع بين مصعب وعثمان. وقد روينا عن زيد بن ثابت أنّ التأليف كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وروينا عنه أنّ الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر والنسخ في

__________________

(١) صحيح البخاري ٦: ٢٢٥ - ٢٢٦.

(٢) مباحث في علوم القرآن: ٧٦.

٢٢٦

 المصاحف كان في زمن عثمان، وكان ما يجمعون أو ينسخون معلوماً لهم، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البيّنة.

قلت: لم تكن البيّنة على أصل القرآن، فقد كان معلوماً كما ذكروا، إنّما كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة، فطلب البيّنة عليها أنّها كانت كتبت بين يدي رسول الله، وبإذنه على ما سمع من لفظه على ما سبق بيانه، ولهذا قال: فليمل سعيد. يعني من الرقاع التي احضرت، ولو كانوا اكتبوا من حفظهم لم يحتج زيد فيما كتبه إلى من يمليه عليه.

فإن قلت: كان قد جمع من الرقاع في أيّام أبي بكر، فأيّ حاجة إلى استحضارها في أيّام عثمان؟

قلت: يأتي جواب هذا في آخر الباب»(١) .

قال أبو شامة: «وأمّا ما روي من أنّ عثمان جمع القرآن أيضاً من الرقاع كما فعل أبو بكر فرواية لم تثبت، ولم يكن له إلى ذلك حاجة وقد كفيه بغيره ويمكن أن يقال: إنّ عثمان طلب إحضار الرقاع ممّن هي عنده وجمع منها وعارض بما جمعه أبو بكر أو نسخ ممّا جمعه أبو بكر، وعارض بتلك الرقاع أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ، ففعل كل ذلك أو بعضه استظهاراً ودفعاً لوهم من يتوهّم خلاف الصواب، وسدّاً لباب القالة: إنّ الصحف غيّرت أو زيد فيها أو نقص»(٢) .

وأمّا ما رووا عن ابن مسعود من الطعن في زيد بن ثابت فكلّه

__________________

(١) المرشد الوجيز: ٥٨ - ٥٩.

(٢) المرشد الوجيز: ٧٥.

٢٢٧

موضوع(١) . وإنّ عمل زيد لم يكن كتابةً مبتدأةً ولكنّة إعادة لمكتوب، فقد كتب في عصر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّ عمله له يكن عملاً احادياً بل كان عملاً جماعياً(٢) .

وأمّا المصاحف التي أمر بتحريقها - قال بعضهم -: «فإنّها - والله أعلم - كانت على هذا النظم أيضاً، إلاّ أنّها كانت مختلفة الحروف على حسب ما كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سوّغ لهم في القراءة بالوجوه إذا اتّفقت في المعنى - وإن اختلفت في اللفظ -»(٣) .

قال: «ويشهد بذلك ما روي عن محمد بن كعب القرظي، قال: رأيت مصاحف ثلاثة: مصحفاً فيه قراءة ابن مسعود، ومصحفاً فيه قراءة اُبيّ، ومصحفاً فيه قراءة زيد. فلم أجد في كلّ منها ما يخالف بعضها بعضاً»(٤) .

وهكذا تندفع الشبهة الرابعة.

ردّ أحاديث نقصان القرآن:

وأمّا أحاديث نقصان القرآن فالمعروف بينهم حملها على نسخ التلاوة، لئلا يلزم ضياع شيء من القرآن، ولا الطعن فيما أخرجه الشيخان وما رواه الأئمّة الأعيان، وقد ذكروا لها أيضاً وجوهاً من

__________________

(١) مباحث في علوم القرآن: ٨٢.

(٢) المعجزة الكبرى: ٣٣.

(٣) مقدّمتان في علوم القرآن: ٤٥.

(٤) مقدّمتان في علوم القرآن: ٤٧.

٢٢٨

التأويل سنذكرها.

ولكن - مع ذلك - نجد فيهم من يطعن في بعض تلك الأحاديث، فعن ابن الأنباري في: «ابن آدم وادياً»، ورواية عكرمة: «قرأ عليّ عاصم( لم يكن ) ثلاثين آية هذا فيها»:

«إنّ هذا باطل عند أهل العلم، لأنّ قراءتي ابن كثير وأبي عمرو متّصلتان بابيّ بن كعب لا يفرقان فيهما هذا المذكور في: لم يمكن»(١) .

وقال بعضهم في «آية الحميّة»: «روي عن عطيّة بن قيس، عن أبي إدريس الخولاني: إنّ أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ومعهم المصحف ليعرضوه على ابيّ بن كعب وزيد وغيرهما، فغدوا على عمر، فلمّا قرؤوا بهذه الآية: إذ جعل الّذين كفروا في قلوبهم الحميّة قال عمر: ما هذه القراءة؟ فقالوا: أقرأنا اُبيّ ...، فهذه وما يشبهها أحاديث لم تشتهر بين نقلة الحديث، وإنّما يرغب فيما من يكتبها طلباً للغريب»(٢) .

وقال فيما ورد عن زرّ عن ابيّ بن كعب في عدد سورة الأحزاب(٣) : «يحمل - إن صحّ، لأنّ أهل النقل ضعّفوا سنده - على أنّ تفسيرها ...»(٤) .

وقال الطحاوي في «آية الرضاع»: «هذا ممّا لا نعلم أحداً رواه كما ذكرنا غير عبدالله بن أبي بكر، وهو عندنا وهم منه، أعني ما فيه

__________________

(١) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨٥.

(٢) مقدّمتان في علوم القرآن: ٩٢.

(٣) في لفظ رواية كتاب «مقدّمتان في علوم القرآن»: «الأعراف».

(٤) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨٢.

٢٢٩

ممّا حكاه عن عائشة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توفي وهنّ ممّا يقرأ من القرآن. لأنّ ذلك لو كان كذلك لكان كسائر القرآن، ولجاز أن يقرأ به في الصلوات، وحاشا لله أن يكون كذلك، أو يكون قد بقي من القرآن ما ليس في المصاحف التي قامت بها الحجّة علينا ونعوذ بالله من هذا القول ممّن يقوله.

ولكن حقيقة هذا الحديث عندنا - والله أعلم - ما قد رواه من أهل العلم عن عمرة من مقداره في العلم وضبطه له فوق مقدار عبدالله بن أبي بكر وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر فهذا الحديث أولى من الحديث الذي ذكرناه قبله لأنّ محالاً أن يكون عائشة تعلم أن قد بقي من القرآن شيء لم يكتب في المصاحف، ولا تنبّه على ذلك من اغفله

وممّا يدلّ على فساد ما قد زاده عبدالله بن أبي بكر على القاسم بن محمد ويحيى بن سعيد في هذا الحديث: أنّا لا نعلم أحداً من أئمة أهل العلم روى هذا الحديث مع عبدالله بن أبي بكر غير مالك بن أنس. ثمّ تركه مالك فلم يقل به وقال بضدّه، وذهب إلى أنّ قليل الرضاع وكثيره يحرّم. ولو كان ما في هذا الحديث صحياً أنّ ذلك في كتاب الله لكان ممّا لا يخالفه ولا يقول بغيره»(١) .

وقال النحّاس بعد ذكر حديث آية الرضاع: «فتنازع العلماء هذا الحديث لما فيه من الإشكال، فمنهم من تركه وهو مالك بن أنس وهو راوي الحديث وممّن تركه أحمد بن حنبل وأبو ثور

وفي الحديث لفظة شديدة الإشكال، وهو قولها: فتوفي رسول الله

__________________

(١) مشكل الآثار ٣: ٧ - ٨.

٢٣٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهنّ ممّا يقرأ في القرآن. فقال بعض أجلّة أصحاب الحديث: قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبدالله بن أبي بكر، فلم يذكرا أنّ هذا فيما، وهما: القاسم بن محمد بن أبي بكر، ويحيى بن سعيد الأنصاري. وممّن قال بهذا الحديث وأنّه لا يحرم إلاّ بخمس رضعات: الشافعي.

وأمّا القول في تأويل «وهنّ ممّا يقرأ في القرآن» فقد ذكرنا ردّ من ردّه، ومن صحّحه قال: الذي يقرأ من القرآن:( وأخواتكم من الرضاعة ) .

وأمّا قول من قال: إنّ هذا كان يقرأ بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعظيم، لأنّه لو كان ممّا يقرأ لكانت عائشة قد نبّهت عليه، ولكان قد نقل إلينا في المصاحف التي نقلها الجماعة الّذين لا يجوز عليهم الغلط. وقد قال الله تعالى:( إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ) وقال:( إنّ علينا جمعه وقرآنه .. ) ولو كان بقي منه شيء لم ينقل إلينا لجاز أن يكون ممّا لم ينقل ناسخاً لما نقل، فيبطل العمل بما نقل، ونعوذ بالله من هذا فإنّه كفر»(١) .

وقال السرخسي: «والدليل على بطلان هذا القول قوله تعالى:( إنّا نحن نزّلنا الذكر ) وبه يتبيّن أنّه لا يجوز نسخ شيء منه بعد وفاته - صّى الله عليه وآله - وما ينقل من أخبار الآحاد شاذّ لا يكاد يصحّ شيء منها، وحديث عائشة لا يكاد يصحّ»(٢) .

وقال الزركشي في الكلام على آية الرضاع: «وحكى القاضي أبو بكر في الإنتصار عن قوم إنكار هذا القسم، لأنّ الأخبار فيه أخبار

__________________

(١) الناسخ والمنسوخ: ١٠ - ١١.

(٢) الاصول ٢: ٧٨.

٢٣١

آحاد، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجّيّة فيها»(١) .

وقال صاحب المنار: «وروي عنها أيضاً أنّها قالت: كان فيما نزل من القرآن: (عشر رضعات معلومات يحرمن) ثمّ نسخن بـ (خمس رضعات معلومات يحرمن) فتوفي النبي وهي فيما يقرأ من القرآن. وقد اختلف علماء السلف والخلف في هذه المسألة ورواية الخمس هي المعتمدة عن عائشة وعليها العمل عندها قال الذاهبون إلى الإطلاق أو إلى التحريم بالثلاث فما فوقها: إنّ عائشة نقلت آية الخمس نقل قرآن لا نقل حديث، فهي لم تثبت قرآناً لأنّ القرآن لا يثبت إلاّ بالتواتر، ولم تثبت سنّة فتجعلها بياناً للقرآن، ولابدّ من القول بنسخها لئلاّ يلزم ضياع شيء من القرآن، وقد تكفّل الله بحفظه وانعقد الإجماع على عدم ضياع شيء منه، والأصل أن ينسخ المدلول بنسخ الدالّ لا أن يثبت خلافه. وعمل عائشة به ليس حجّة على إثباته. وظاهر الرواية عنها أنّها لا تقول بنسخ تلاوته فيكون من هذا الباب.

ويزاد على ذلك أنّه لو صحّ أنّ ذلك كان قرآناً يتلى لما بقي علمه خاصّاً بعائشة، بل كانت الروايات تكثر فيه ويعمل به جماهير الناس ويحكم به الخلفاء الراشدون، وكل ذلك لم يكن، بل المرويّ عن رابع الخلفاء وأول الأئمة الأصفياء القول بالإطلاق كما تقدّم، وإذا كان ابن مسعود قد قال بالخمس فلا يبعد أنّه أخذ ذلك عنها، وأمّا عبدالله بن الزبير فلا شك في أنّ قوله بذلك اتّباع لها، لأنّها خالته معلّمته، واتّباعه لها لا يزيد قولها قوّة ولا يجعله حجّة.

__________________

(١) البرهان في علوم القرآن ٢: ٣٩ - ٤٠.

٢٣٢

ثمّ إنّ الرواية عنها في ذلك مضطربة، فاللفظ الذي الذي أوردناه في أول السياق رواه عنها مسلم وكذا أبو داود ولانسائي، وفي رواية لمسلم: نزل في القرآن عشر رضعات معلومات ثمّ نزل أيضاً خمس معلومات. وفي رواية الترمذي: نزل في القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس رضعات إلى خمس رضعات معلومات، فتوفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والأمر على ذلك. وفي رواية ابن ماجة: كان فيما أنزل الله - عزّ وجلّ - من القرآن ثمّ سقط: لا يحرّم إلاّ عشر وضعات أو خمس رضعات.

فهي لم تبيّن في شيء من هذه الروايات لفظ القرآن ولا السورة التي كان فيها، إلاّ أن يراد برواية ابن ماجة أنّ ذلك لفظ القرآن

- ثمّ قال بعد إيراد تأويلٍ قاله «الجامدون على الروايات من غير تمحيص» كما وصفهم -:

إنّ ردّ هذه الرواية عن عائشة لأهون من قبولها مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها كما علمت. فإن لم نعتمد روايتها فلنا اسوة بمثل البخاري وبمن قالوا باضطرابها، خلافاً للنووي، وإن لم نعتمد معناها فلنا اسوة بمن ذكرنا من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في ذلك كالحنفية. وهي عند مسلم من رواية عمرة عن عائشة. أو ليس ردّ رواية عمرة وعدم الثقة بها أولى من القول بنزول شيء من القرآن لا تظهر له حكمة ولا فائدة، ثمّ نسخة أو سقوطه أو ضياعه، فإنّ عمرة زعمت أنّ عائشة كانت ترى أنّ الخمس لم تنسخ؟! وإذاً نعتدّ بروايتها»(١) .

__________________

(١) المنار٤: ٤٧١ - ٤٧٤.

٢٣٣

وأبطل صاحب الفرقان الأحاديث الواردة في «الرضاع» و «الرجم» و «لو كان لابن آدم ...» ونصّ على «دسّ الأباطيل في الصحاح»(١) .

وقال بعض المعاصرين: «نحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار بالرغم من ورودها في الكتب الصحاح وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تنّفق ومكانه عمر ولا عائشة، ممّا يجعلنا نطمئنّ إلى اختلاقها ودسّها على المسلمين»(٢) .

وقال آخر في خبر ابن أشبة في المصاحف: إنّ عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها زيد لأنّه كان وحده: «هذه الرواية مخالفة للمعقول والمنقول»(٣) .

وتنازع العلماء حديث إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوّذتين، ففي (الإتقان) عن الفخر الرازي: «نقل في بعض الكتب القديمة أنّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن. وهو في غاية الصعوبة، لأنّا إن قلنا: إنّ النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة يكون ذلك من القرآن، فإنكاره يوجب الكفر، وإن قلنا: لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان فيلزم أنّ القرآن ليس بمتواتر في الأصل. قال: والأغلب على الظنّ أنّ نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة».

قال السيوطي: «وكذا قال القاضي أبو بكر: لم يصحّ عنه أنّها ليست من القرآن ولا حفظ عنه، وإنّما حكّها وأسقطها من مصحفه

__________________

(١) الفرقان: ١٥٧.

(٢) النسخ في القرآن ١: ٢٨٣.

(٣) الجواب المنيف في الردّ على مدّعي التحريف: ١٢١.

٢٣٤

إنكاراً لكتابتها لا حجداً لكونها قرآناً

وقال النووي في شرح المهذّب: أجمع المسلمون على أنّ المعوّذتين والفاتحة من القرآن، وأنّ من جحد منها شيئاً كفر. وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.

وقال ابن حزم في المحلّى: هذا كذب على ابن مسعود وموضوع، وإنّما صحّ عنه قراءة عاصم، عن زّر، عنه؛ وفيها المعوّذتان والفاتحة».

قال السيوطي: «وقال ابن حجر في شرح البخاري: قد صحّ عن ابن مسعود إنكار ذلك، فأخرج أحمد وابن حبّان عنه: أنّه كان لا يكتب المعوّذتين في مصحفه. وأخرج عبدالله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبدالرحمن بن يزيد النخعي، قال: كان عبدالله بن مسعود يحكّ المعوّذتين من مصحفه ويقول: إنّهما ليستا من كتاب الله. وأخرج البزّار والطبراني من وده آخر عنه أنّه: كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول: إنّما أم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتعوّذ بهما وكان لا يقرأ بهما. أسانيده صحيحة. قال البزّار: لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة، وقد صحّ أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ بهما في الصلاة.

قال ابن حجر: فقول من قال: إنّه كذب عليه مردود، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الروايات صحيحة والتأويل محتمل»(١) .

أقول: لكن لم نر من ابن حجر تأويلاً لهذه الأحاديث، فهو إحالة

__________________

(١) الاتقان في علوم القرآن ١: ٢٧٠ - ٢٧٢.

٢٣٥

إلى غيره كما فعل بالنسبة إلى الأحاديث السابقة!!

تأويل أحاديث نقصان القرآن

قال السيوطي: «وقد أوّله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق. وهو تأويل حسن، إلاّ إنّ الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك، حيث جاء فيها: ويقول: إنّهما ليستا من كتاب الله».

قال: ويمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتمّ التأويل المذكور.

لكن من تأمّل سياق الطرق المذكورة إستبعد هذا الجمع.

وقد أجاب ابن الصبّاغ بأنّه لم يستقرّ عنده القطع بذلك ثمّ حصل الاتّفاق بعد ذلك، وحاصله: أنّهما كانتا متواترتين في عصره لكنّهما لم يتواترا عنده.

وقال ابن قتيبة في «مشكل القرآن»: «ظنّ ابن مسعود أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن، لأنّه رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعوّذ بهما الحسن والحسين، فأقام على ظنّه، ولا نقول: إنّه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار».

قال السيوطي: «وأمّا إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنّه أنّها ليست من القرآن، معاذ الله، ولكنّه ذهب إلى أنّ القرآن إنّما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشكّ والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى أنّ ذلك مأمون في الحمد لقصرها ووجوب تعلّمها على كلّ واحد»(١) .

أقول: هذه وجوه التأويل في حديث إنكار ابن مسعود كون

__________________

(١) الاتقان في علوم القرآن ١: ٢٧٢.

٢٣٦

الفاتحة والمعوّذتين من القرآن، ولهم في حمل الأحاديث الاخرى وجوه:

١ - الحمل على التفسير:

وقد حمل بعضهم عليه عدداً من الأحاديث، من ذلك ما ورد حول ما أسميناه بآية الجهاد فقال: يحمل على التفسير. والمراد من «أسقط من القرآن» أي: أسقط من لفظه فلم تنزل الآية بهذا اللفظ، لا أنّها كانت منزلة ثمّ اسقطت، وإلاّ فما منع عمر وعبد الرحمن من الشهادة على أنّ الآية من القرآن وإثباتها فيه؟!(١) .

ومن ذلك: ما ورد حول آية المحافظة على الصلوات عن عائشة وحفصة من إلحاق كلمة «وصلاة العصر» بقوله تعالى:( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) بأنّ الكلمة ادرجت على سبيل التفسير والإيضاح(٢) .

ومن ذلك: ما ورد عن أبي موسى الأشعري حول سورة كانوا يشبّهونها في الطول والشدّة بسورة براءة، فقد ذكر بعضهم له وجوهاً منها: أنّه يجوز أن يكون تفسيراً، وحفظ منها أي من تفسيرها ومعناها(٣) .

ومن ذلك: ما ورد عن زرّ بن حبيش، عن اُبيّ بن كعب، أنّه قال له: «كم تقرأ سورة الأعراف(٤) ؟ قلت: ثلاثاً وسبعين آية ...»:

__________________

(١) مقدّمتان في علوم القرآن: ١٠٠.

(٢) البرهان في علوم القرآن ١: ٢١٥، مباحث في علوم القرآن: ١١٢، الناسخ والمنسوخ: ١٥.

(٣) مقدّمتان في علوم القرآن: ٩٧.

(٤) كذا، والذي نقلناه سابقاً عن الدرّ المنثور عن طائفة من أهمّ مصادرهم: «الأحزاب».

٢٣٧

فقد قيل: «يحمل إن صحّ - لأنّ أهل النقل صعّفوا سنده - على أنّ تفسيرها كان يوازي سورة البقرة، وأنّ في تفسيرها ذكر الرجم الذي وردت به السنّة»(١) .

٢ - الحمل على السنّة

وهذا وجه آخر اعتمد عليه بعض العلماء بالنسبة إلى عدد من الأحاديث:

ومن ذلك: قول أبي جعفر النحّاس وبعضهم في آية الرجم: «إسناد الحديث صحيح، إلاّ أنّه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة، ولكنّها سنّة ثابتة وقد يقول الإنسان: «كنت أقرأ كذا» لغير القرآن، والدليل على هذا أنّه قال: ولولا أني أكره أن يقال: زاد عمر في القرآن، لزدته»(٢) .

ومن ذلك: قول بعضهم حول آية: «لو كان لابن آدم ...»: «إنّ هذا معروف في حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على أنّه من كلام الرسول لا يحكيه عن ربّ العالمين في القرآن ويؤيده حديث روي عن العبّاس بن سهل، قال: سمعت ابن الزبير على المنبر يقول: قال رسول الله: لو أنّ ابن آدم اعطي واديان ...»(٣) .

وهو قال العلاّمة الزّبيدي حيث ذكره في كتابه في الأحاديث المتواترة قال: «الحديث الرابع والأربعون: لو أنّ لابن آدم وادياً من

__________________

(١) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨٣.

(٢) الناسخ والمنسوخ: ٨، مقدّمتان في علوم القرآن: ٧٨.

(٣) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨٥.

٢٣٨

ذهب لأحبّ رواه من الصحابة خمسة عشر نفساً: أنس بن مالك وابن الزبير وابن عبّاس وابن كعب وبريدة بن الخصيب وأبو سعيد الخدري وسمرة بن جندب وعائشة وجابر بن عبد الله وزيد بن أرقم وأبو موسى الأشعري وسعد بن أبي وقّاص وأبو واقد الليثي وأبو امامة الباهلي وكعب بن عياض الأشعري ...»(١) .

٣ - الحمل على الحديث القدسي - (٢):

وعليه حمل بعضهم آية الرضاع حيث قال: «يحمل على الحكم النازل سنّة لا على جهة القرآنية، وإلاّ لما أكله الداجن، والله يقول:( إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ) ولو كان من القرآن لما اجتمع فيه الناسخ والمنسوخ في آية واحدة، بل كانت الآية الناسخة تتأخّر عن المنسوخة، كما لا يجوز أن يجتمع حكمان مختلفان في وقت واحد وحال واحدة. وكيف يجوز أن يكون قرآن يتلى على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - على ما أخبرت به عائشة - ولا يحفظه واحد من الصحابة»(٢) قال: «ويدلّ على ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أوتيت القرآن ومثله معه، إنّه الحكمة»(٣) .

وكذا حمل عليه آية الرجم، قال: «وهو الذي اعتمده، شيخي أبو جعفر محمد بن أحمد بن جعفر»(٤) .

__________________

(١) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨٧ - ٨٨.

(٢) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨١.

(٣) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨٥ - ٨٦.

(٤) مقدّمتان في علوم القرآن: ٨٦.

٢٣٩

٤ - الحمل على الدعاء

وهذا ما قاله بعضهم في ما سمّي بـ «سورة الحفد» و «سورة الخلع» فقال: «وأمّا ما ذكر عن اُبيّ بن كعب أنّه عدّ دعاء القنوت: اللهمّ إنّا نستعينك سورةً من القرآن، فإنّه - إن صحّ ذلك - كتبها في مصحفه لا على أنّها من القرآن، بل ليحفظها ولا ينساها احتياطاً، لأنّه سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقنت بها في صلاة الوتر - وكانت صلاة الوتر أوكد السنن ...»(١) .

__________________

(١) مقدّمتان في علوم القرآن: ٧٥.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368