التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف15%

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 368

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184830 / تحميل: 6446
الحجم الحجم الحجم
التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

[١١٣٥٧] ٦ - الصدوق في الفقيه والمقنع والهداية: فإذا أتيت عرفات فاضرب خباءك بنمرة قريبا من المسجد، فإن ثم ضرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خباءه وقبته، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية، واغتسل، وصل بها الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وإنما تتعجل في الصلاة، وتجمع بينهما لتفرغ للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة.

[١١٣٥٨] ٧ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه غدا من منى من حين أصبح بعد صلاة الصبح يوم عرفة فنزل بنمرة، وهي منزل الإمام بعرفة، وراح مهجرا، وجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف الموقف بعرفة.

١٠ -( باب حدود عرفة التي يجب الوقوف بها يوم عرفة)

[١١٣٥٩] ١ - دعائم الاسلام: عن محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « حد عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف ».

وعنهعليه‌السلام : أنه نهى عن النزول والوقوف بالأراك.

[١١٣٦٠] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « فإن عرفات كلها موقف إلى بطن عرنة.

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: اجتنبوا الأراك »(١) .

__________________

٦ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٢، المقنع ص ٨٦، الهداية ص ٦٠.

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٦٤ ح ١٦٧.

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٨.

(١) بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١ ح ٣٢.

٢١

١١ -( باب استحباب الوقوف في مسيرة الجبل بعرفة، وإجزاء الوقوف بأي موضع كان منها، وجواز الارتفاع إلى الجبل مع الزحام)

[١١٣٦١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « عرفة كلها موقوف، وأفضل ذلك سفح الجبل ( ونهى عن النزول والوقوف بالأراك )(١) وقالعليه‌السلام : الجبال أفضل ».

وعنهعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلّ عرفة موقف ».

[١١٣٦٢] ٢ - السيد علي بن طاووس في مصباح الزائر: عن بشر، وبشير ابني غالب الأسديين قالا: وقفنا مع أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام بعرفة، فخرج عشية عرفة من فسطاطه في جماعة من أهل بيته وولده وشيعته ومواليه، متذللا خاشعا فجعل يمشي هونا حتى وقف في مسيرة الجبل، فاستقبل البيت ورفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين » الخبر.

[١١٣٦٣] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن وادي عرنة ».

__________________

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - مصباح الزائر، وعنه في البحار ج ٩٨ ص ٢١٤.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٤.

٢٢

١٢ -( باب جواز الوقوف راكبا)

[١١٣٦٤] ١ - عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد: عن محمد بن عيسى، عن حفص بن عمر مؤذن علي بن يقطين - في حديث يأتي - أنه قال: فإذا أبو عبد اللهعليه‌السلام واقف على بغل، أو بغلة له، الخبر.

١٣ -( باب استحباب سد الخلل في عرفات بنفسه، وأهله ورحله)

[١١٣٦٥] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: بإسناده إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، بإسناده إلى محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « كان علي بن الحسينعليهما‌السلام إذا دخل شهر رمضان - إلى أن قال - ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم حاجة، يأتي بهم عرفات فيسد بهم تلك الفرج والخلال، فإذا أفاض أمر بعتقهم وجوائز لهم من المال ».

١٤ -( باب استحباب الوقوف بعرفات على سكينة ووقار،والاكثار من ذكر الله، والاجتهاد في الدعاء بالمأثور وغيره، وجملة مما يستحب فيه)

[١١٣٦٦] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب الاقبال: بإسناده إلى محمد بن الحسن بن الوليد، بإسناده إلى القاسم بن الحسين النيسابوري قال: رأيت

__________________

الباب ١٢

١ - قرب الإسناد ص ٧٥.

الباب ١٣

١ - الاقبال ص ٢٦٠.

الباب ١٤

١ - إقبال الاعمال ص ٣٣٩.

٢٣

أبا جعفرعليه‌السلام عندما وقف بالموقف، مد يديه جميعا فما زالتا ممدودتين إلى أن أفاض، فما رأيت أحدا أقدر على ذلك منه.

[١١٣٦٧] ٢ - وبإسناده إلى محمد بن الحسن الصفار، بإسناده إلي علي بن داود قال: رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام بالموقف آخذا بلحيته، ومجامع ثوبه، وهو يقول بإصبعه اليمنى منكس الرأس: « هذه رمتي(١) بما جنيت ».

[١١٢٦٨] ٣ - وبإسناده إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري بإسناده إلى أياس بن سلمة بن(١) الأكوع، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام قال: سمعته يدعو يوم غرفة في الموقف بهذا الدعاء فنسخته:

« تقول إذا زالت الشمس من يوم عرفة، وأنت بها تصلي الظهر والعصر، ثم ائت الموقف وكبر الله مائة مرة، واحمده مائة مرة، وسبحه مائة مرة ( وهلله مائة مرة )(٢) واقرأ قل هو الله أحد مائة مرة، وإن أحببت أن تزيد على ذلك فزد، واقرأ سورة القدر مائة مرة، ثم قل: لا إله إلا الله الحليم الكريم. الدعاء، وهو طويل.

__________________

٢ - إقبال الاعمال ص ٣٣٩.

(١) الرمة بالضم والتشديد: قطعة من الجبل. ومنه قولهم: ( دفع الشئ برمته ) أي بجملته. ومنه: القاتل نفسا خطا يتل برمته ( مجمع البحرين ج ٦ ص ٧٦ ).

٣ - إقبال الاعمال ص ٣٣٧ و ٣٦٩.

(١) في المخطوط. عن. وما أثبتناه من المصدر. راجع تقريب التهذيب ج ١ ص ٨٧.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٤

قال ( رحمه الله )(٣) : ومن الدعوات يوم عرفة المرويات عن الصادقعليه‌السلام ، فقال:. تكبر الله مائة مرة، تهلله مائة مرة، وتسبحه مائة مرة، وتقدسه مائة مرة، وتقرأ آية الكرسي مائة مرة، وتصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مائة مرة، ثم تبدأ بالدعاء فتقول: إلهي وسيدي. الدعاء ذكره بطوله.

[١١٣٦٩] ٤ - وعن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام من أدعيته في يوم عرفة: « اللهم كما سترت علي ما لم أعلم فاغفر لي ما تعلم، وكما وسعني علمك فليسعني عفوك، وكما بدأتني بالاحسان فأتم نعمتك بالغفران.

وكما أكرمتني بمعرفتك فاشفعها بمغفرتك، وكما عرفتني وحدانيتك فأكرمني بطاعتك، وكما عصمتني مما لم أكن أعتصم منه إلا بعصمتك فاغفر لي ما لو شئت عصمتني منه، يا جواد ويا كريم، يا ذا الجلال والاكرام ».

[١١٣٧٠] ٥ - وفي مصباح الزائر: عن بشر وبشير - في المتقدم - قالا: ثم دعاعليه‌السلام فقال: « الحمد الله الذي ليس لقضائه دافع » - إلى أن قالا - ثم إنهعليه‌السلام اندفع في المسألة، واجتهد في الدعاء وعيناه تقطران دموعا ثم قال: « اللهم اجعلني أخشاك » - إلى أن قالا - ثم رفععليه‌السلام صوته وبصره إلى السماء، وعيناه قاطرتان كأنهما مزادتان(١) ، وقالعليه‌السلام بأعلى صوته: « يا أسمع السامعين - الدعاء إلى قوله - على كلّ شئ قدير، يا رب يا رب ».

ورواه الشيخ إبراهيم الكفعمي في البلد الأمين، مثله، وزاد: قال

__________________

(٣) الاقبال ص ٣٨٥.

٤ - إقبال الاعمال ص ٣٣٩، وعنه في البحار ج ٩٨ ص ٢١٦.

٥ - مصباح الزائر، وعنه في البحار ج ٩٨ ص ٢١٤ ح ٢.

(١) المزادة: الرواية ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٥٩ ).

٢٥

بشر وبشير: فلم يكن له جهد إلا جهد إلا قوله: يا رب يا رب بعد هذا الدعاء، وشغل من حضر ممن كان حوله، وشهد ذلك المحضر عن الدعاء لأنفسهم، واقبلوا على الاستماع له، والتأمين على دعائه قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم، ثم علت أصواتهم بالبكاء معه، وغربت الشمس، وأفاضعليه‌السلام وأفاض الناس معه(٢) .

[١١٣٧١] ٦ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن الرضاعليه‌السلام قال: « كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول: ما من بر ولا فاجر يقف بجبال عرفات فيدعو الله إلا استجاب الله له، أما البر ففي حوائج الدنيا والآخرة، وأما الفاجر ففي أمر الدنيا ».

[١١٣٧٢] ٧ - الصدوق في العلل: عن حمزة بن محمد(١) العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن عرفات، لم سميت عرفات؟ فقال: « إن جبرئيلعليه‌السلام خرج بإبراهيمعليه‌السلام يوم عرفة، فلما زالت الشمس قاله جبرئيل: يا إبراهيم اعترف بذنبك، واعرف مناسكك، فسميت عرفات لقول جبرئيل اعترف، فاعترف ».

ووراه البرقي في المحاسن، عن أبيه، عن ثعلبة بن ميمون، عن معاوية: مثله(٢) .

__________________

(٢) البلد الأمين ص ٢٥٣ و ٢٥٨.

٦ - قرب الإسناد ص ١٦٦.

٧ - علل الشرايع ص ٤٣٦.

(١) في المخطوط الحسن وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٨١.

(٢) المحاسن ص ٣٣٥ ح ١٠٩.

٢٦

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام :. ثم أئت الموقف فادع بدعاء الموقف، واجتهد في الدعاء والتضرع، وألح قائما وقاعدا إلى أن تغرب الشمس ».

[١١٣٧٤] ٩ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « يقف الناس بعرفة يدعون، ويرغبون ويسألون الله من كلّ فضله، وبما قدروا عليه حتى تغرب الشمس » الخبر.

[١١٣٧٥] ١٠ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن عبد الرحمن العنبري قال: خطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم عرفة وحث على الصدقة، فقال رجل: يا رسول الله ان إبلي هذه للفقراء، فنظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إليها، فقال: « اشتروها ( لي )(١) » فاشتريت الخبر.

١٥ -( باب أن الدعاء بعرفة مستحب مؤكد، وليس بواجب)

[١١٣٧٦] ١ - الصدوق في الهداية: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « سبعة مواطن ليس فيها دعاء مؤقت - إلى أن قال - والوقوف بعرفات، وركعتي الطواف ».

__________________

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٩ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٠.

١٠ - المناقب ج ص ٩٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٥

١ - الهداية ص ٤٠.

٢٧

١٦ -( باب استحباب كثرة دعاء الانسان بعرفة وغيرها لإخوانه واختياره على الدعاء لنفسه)

[١١٣٧٧] ١ - زيد النرسي في أصله قال: رأيت معاوية بن وهب البجلي في الموقف وهو قائم يدعو، فتفقدت دعاءه فما رأيته يدعو لنفسه بحرف واحد، وسمعته يعد رجلا رجلا من الآفاق يسميهم ويدعو لهم حتى نفر الناس، فقلت له: يا أبا القاسم أصلحك الله لقد رأيت منك عجبا، فقال: يا أبن أخي فما الذي أعجبك مما رأيت مني؟ فقال: رأيت لا تدعو لنفسك وأنا أرمقك حتى الساعة فلا أدري أي الامرين أعجب، ما أخطأت من حظك في الدعاء لنفسك في مثل هذا الموقف، أو عنايتك وإيثار إخوانك على نفسك حتى تدعو لهم في الآفاق؟

فقال: يا أبن أخي فلا تكثرن تعجبك من ذلك، إني سمعت مولاي ومولاك ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، وكان والله في زمانه سيد أهل السماء، وسيد أهل الأرض، وسيد من مضى منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة بعد آبائه رسول الله، وأمير المؤمنين، والأئمة من آبائه ( صلى الله عليهم ) يقول - وإلا صمت أذنا معاوية، وعميت عيناه، ولا نالته شفاعة محمد، وأمير المؤمنين ( صلوات الله عليهما ) -: من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب، ناداه ملك من السماء الدنيا: يا عبد الله لك مائة ألف مثل ما سألت، وناداه ملك من السماء الثانية: يا عبد الله لك مائة ألف مثل الذي دعوت، وكذلك ينادي من كلّ سماء تضاعف حتى ينتهي إلى السماء السابعة، فيناديه ملك: يا عبد الله لك سبعمائة ألف مثل الذي دعوت، فعند ذلك يناديه الله:

__________________

الباب ١٦

١ - أصل زيد النرسي ص ٤٤.

٢٨

عبدي أنا الله الواسع الكريم الذي لا ينفد خزائني، ولا ينقص رحمتي شئ، بل وسعت رحمتي كلّ شئ، لك ألف ألف مثل الذي دعوت » فأي حظ أكثر يا أبن أخي من الذي اخترته أنا لنفسي الخبر.

[١١٣٧٨] ٢ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: بإسناده إلى الشيخ الصدوق أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا أبي.

قال: رأيت عبد الله بن جندب بالموقف، فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه، ما زال مادا يده إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى بلغت(١) الأرض، فلما انصرف الناس قلت له: يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك، قال: والله ما دعوت فيه إلا لإخواني، وذلك أن أبا الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام أخبرني أنه. من دعا لأخيه بظهر الغيب، نودي من العرش ولك مائة(٢) ضعف مثله » فكرهت أن أدع مائة(٣) ضعف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا.

١٧ -( باب في وجوب حسن الظن بالله في المغفرة بعرفات، والمشعر، ومنى)

[١١٣٧٩] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « أعظم أهل عرفات جرما من انصرف وهو يظن أنه لم يغفر له ».

[١١٣٨٠] ٢ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن إدريس بن

__________________

٢ - فلاح السائل ص ٤٤.

(١) في المخطوط والمصدر: بلغ، وما أثبتناه هو الصواب.

(٢)، (٣) - في المصدر: مائة ألف.

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٠.

٢ - الغايات ص ٨٤.

٢٩

يوسف، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت: أي أهل عرفات أعظم جرما؟ قال: « المنصرف من عرفات وهو يظن أن الله لم يغفر له ».

[١١٣٨١] ٣ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه عن عليعليهم‌السلام قال: « قيل: يا رسول الله أي أهل عرفات أعظم جرما؟ قال: الذي ينصرف من عرفات وهو يظن أنه لم يغفر له، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : يعنى الذي يقنط من رحمة الله عز وجل ».

[١١٣٨٢] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الذنوب ذنوب لا تغفر إلا بعرفات ».

[١١٣٨٣] ٥ - زيد النرسي في أصله: قال سمعت علي بن مزيد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « ما أحد ينقلب من الموقف من بر الناس، وفاجرهم، ومؤمنهم وكافرهم إلا برحمة ومغفرة، يغفر للكافر ما عمل في سنته، ولا يغفر له ما قبله، ولا ما يفعل بعد ذلك، ويغفر للمؤمن من شيعتنا جميع ما عمل في عمره، وجميع ما يعمله في سنته بعد ما ينصرف إلى أهله من يوم يدخل إلى أهله سنة(١) ، ويقال له بعد ذلك: قد غفر لك، وطهرت من الدنس، فاستقبل، واستأنف العمل، وحاج غفر له ما عمل في عمره، ولا يكتب عليه سيئة فيما يستأنف، وذلك

__________________

٣ - الجعفريات ص ٦٥.

٤ - الجعفريات ص ٦٥.

٥ - أصل زيد النرسي ص ٤٩.

(١) في المصدر: سنته.

٣٠

أن تدركه العصمة من الله فلا يأتي بكبيرة أبدا، فما دون الكبائر(٢) مغفور له ».

[١١٣٨٤] ٦ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « سأل رجل ( من )(١) أبي ( عبد الله )عليه‌السلام )(٢) بعد منصرفه من الموقف، فقال: أترى يخيب(٤) الله هذا الخلق كله؟! فقال أبو ( عبد اللهعليه‌السلام (٥) : « ما وقف بهذا الموقف أحد من الناس، مؤمن ولا كافر إلا غفر الله له، إلا أنهم في مغفرتهم على ثلاث منازل: مؤمن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعتقه من النار، وذلك قوله تعالى:( وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) (٦) .

ومؤمن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وقيل له: أحسن فيما بقي، وذلك قوله:( فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ ) (٧) الكبائر.

وأما العامة فإنهم يقولون:( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى الصيد) ، افترى ان الله تعالى حرم الصيد

__________________

(٢) في نسخه ذلك، ( منه قده ).

٦ - تفسير القمي ج ١ ص ٧٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في النسخة: « عند »، ( منه قده ).

(٤) في المصدر: يجيب.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) البقرة ٢: ٢٠١.

(٧) البقرة ٢: ٢٠٣.

٣١

بعد ما أحله لقوله:( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) (٨) وفي تفسير العامة يقول: إذا حللتم فاتقوا الصيد، وكافر وقف هذا الموقف ( يريد )(٩) زينة الحياة الدنيا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه إن تاب من الشرك، وإن لم يتب وفاه الله أجره في الدنيا، ولم يحرمه ثواب هذا الموقف، وهو قوله:( مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (١٠) .

[١١٣٨٥] ٧ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا كانت عشية عرفة يقول الله لملائكته: انظروا إلى عبادي وإمائي شعثا غبرا، جاؤوني من كلّ فج عميق، لم يروا رحمتي، ولا عذابي - يعني الجنة والنار - أشهدكم ملائكتي إني قد غفرت لهم الحاج وغير الحاج، فلم ير يوما أكثر عتقاء من النار من يوم عرفة وليلتها ».

١٨ -( باب وجوب الوقوف بعرفات، وأن من تركه عمدا بطل حجه، وحكم من نسيه أو لم يدركه)

[١١٣٨٦] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن عبد الرحمن بن إبراهيم، عن الحسين بن مهران، عن الحسين بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن

__________________

(٨) المائدة ٥: ٢.

(٩) أثبتاه من المصدر.

(١٠) هود ١١: ١٥ و ١٦.

٧ - لب الباب: مخطوط.

الباب ١٨

١ - الاختصاص ص ٣٣ و ٣٩، ورواه الصدوق في الخصال ص ٣٥٥ ح ٣٦، وفي الأمالي ص ١٥٧ ح ١ وعنه في البحار ج ٩ ص ٢٩٤ ح ٥.

٣٢

جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل من اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا محمد - إلى أن قال - إني أسألك عن عشر كلمات أعطاها الله تعالى موسى في البقعة المباركة حيث ناجاه إلى أن قال - يا محمد فأخبرني عن التاسع لأي شئ أمر الله الوقوف بعرفات بعد العصر؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لان بعد العصر ساعة عصى آدمعليه‌السلام ربه: فافترض الله على أمتي الوقوف والتضرع والدعاء في أحب المواضع إلى الله، وهو موضع عرفات، وتكفل بالإجابة، والساعة التي ينصرف هي الساعة التي تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم، قال: صدقت يا محمد، فما ثواب من قام بها ودعا وتضرع إليه؟

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا، إن لله تبارك وتعالى في السماء سبعة أبواب: باب التوبة، وباب الرحمة، وباب التفضل، وباب الاحسان، وباب الجود، وباب الكرم، وباب العفو، لا يجتمع ( بعرفات )(١) أحد إلا تساهل من هذه الأبواب، وأخذ من الله هذه الخصال، فإن لله تبارك وتعالى مائة ألف ملك مع كلّ ملك مائة وعشرون ألف ملك، ولله مائة رحمة ينزلها على أهل عرفات، فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بعتق رقاب أهل عرفات، فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بأنه أوجب لهم الجنة، وينادي مناد: انصرفوا مغفورا لكم فقد أرضيتموني، ورضيت لكم، قال: صدقت يا محمد » الخبر.

[١١٣٨٧] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ،

__________________

(١) أثبتناه من الخصال والأمالي والبحار.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٠.

٣٣

أنه قال في قول الله عز وجل:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ) (١) قال: « كانت قريش تفيض من المزدلفة في الجاهلية، ويقولون: نحن أولى بالبيت من الناس، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات ».

[١١٣٨٨] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الحج عرفة ».

[١١٣٨٩] ٤ - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم النعماني في تفسيره: عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، عن جعفر بن أحمد بن يوسف الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله تعالى:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ) (١) ، وإنما أراد سبحانه بعض الناس، وذلك أن قريشا كانت في الجاهلية تفيض من المشعر الحرام، ولا يخرجون إلى عرفات كسائر العرب، فأمرهم سبحانه أن يفيضوا من حيث أفاض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه، وهم في هذا الموضع الناس على الخصوص ورجعوا عن سنتهم » الخبر.

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩٩.

٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٣٦ ح ٩٣.

٤ - تفسير النعماني ص ١٦ أ، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٢٤.

(١) البقرة ٢: ١٩٩.

٣٤

١٩ -( باب استحباب الوقوف بعرفه على طهارة)

[١١٣٩٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال:. لا يصلح الوقوف بعرفة على غير طهارة.

٢٠ -( باب كراهة سؤال الناس في الحرم، ويوم عرفة، وكراهة رد السائل فيها)

[١١٣٩١] ١ - الصدوق في الخصال: عن المظفر العلوي، عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، عن أبيه، عن محمد بن زياد الأزدي، عن حمزة بن حمران، عن أبيه عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « نظر علي بن الحسينعليهما‌السلام ، يوم عرفة إلى قوم يسألون الناس، فقال: ويحكم أغير الله تسألون في مثل هذا اليوم، إنه ليرجى في مثل هذا اليوم لما في بطون الحبالى أن ( يكون سعيدا )(١) ! ».

[١١٣٩٢] ٢ - نوادر علي بن أسباط: عن رجل من أصحابنا يكنى بأبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، أنه قال: كان علي بن الحسينعليهما‌السلام ، يقول: « يوم عرفة يوم لا يسأل فيه أحد أحدا إلا الله ».

__________________

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٠.

الباب ٢٠

١ - الخصال ص ٥١٧.

(١) في المصدر: يكونوا سعداء.

٢ - نوادر علي بن أسباط ص ١٢٣.

٣٥

٢١ -( باب عدم جواز الإفاضة من عرفات قبل الغروب، ويعلم بذهاب الحمرة المشرقية)

[١١٣٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، دفع من عرفة حين غربته الشمس.

[١١٣٩٤] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ثم ائت الموقف - إلى أن قال - إلى أن تغرب الشمس، ثم أفض منها بعد المغيب ».

[١١٣٩٥] ٣ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن محمد بن عيسى، عن حفص بن عمر مؤذن علي بن يقطين، قال: كنا نروي أنه يقف للناس في سنة أربعين ومائة خير الناس فحججت في تلك السنة فإذا إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس واقف، قال: فدخلنا من ذلك غم شديد لما كنا نرويه فلم نلبث إذا أبو عبد اللهعليه‌السلام واقف على بغل أو بغلة له، فرجعت أبشر أصحابنا، ورجعت، فقلت: هذا خير الناس الذي كنا نرويه، فلما أمسينا قال(١) إسماعيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما تقول يا أبا عبد الله سقط القرص؟ فدفع أبو عبد اللهعليه‌السلام بغلته، وقال له: « نعم » ودفع(٢) إسماعيل بن علي دابته على أثره، فسارا غير بعيد حتى سقط أبو عبد اللهعليه‌السلام عن بغله أو بغلته، فوقف إسماعيل عليه حتى ركب، فقال له أبو عبد الله

__________________

الباب ٢١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٠.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٥٥ ح ٢٧.

٣ - قرب الإسناد ص ٧٥.

(١) في المصدر زيادة: قال.

(٢) دفع: أي شرع في السير، ( منه قده ).

٣٦

عليه‌السلام ، ورفع رأسه إليه فقال:. إن الامام إذا دفع لم يكن له أن يقف إلا بالمزدلفة. فلم يزل إسماعيل يتقصد حتى ركب أبو عبد اللهعليه‌السلام ، ولحق به.

٢٢ -( باب أن من أفاض من عرفات قبل الغروب جاهلا لميلزمه شئ وإن كان متعمدا لزمه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن عجز لزمه صوم ثمانية عشر يوما بمكة، أو في الطريق، أو في أهله)

[١١٣٩٦] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن وقت الإفاضة من عرفات، فقال: « إذا وجبت الشمس، فمن أفاض قبل غروب الشمس فعليه بدنة ينحرها ».

[١١٣٩٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تفيض قبل الغروب فيلزمك دم ».

[١١٣٩٨] ٣ - الصدوق في المقنع: إياك أن تفيض منها قبل غروب الشمس فيلزمك دم شاة، فإذا غربت الشمس فأفض.

٢٣ -( باب استحباب الدعاء عند غروب الشمس يوم عرفة بالمأثور)

[١١٣٩٩] ١ - السيد علي بن طاووس في الاقبال: بإسناده عن محمد بن الحسن

__________________

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٣ - المقنع ص ٨٦.

الباب ٢٣

١ - إقبال الاعمال ص ٣٣٩.

٣٧

ابن الوليد، بإسناده إلى حماد بن عبد الله، قال كنت قريبا من أبي الحسن موسىعليه‌السلام بالموقف، فلما همت الشمس ( للغروب )(١) أخذ بيده اليسرى بمجامع ثوبه، ثم قال:. اللهم إني عبدك وابن عبدك، إن تعذبني فبأمور قد سلفت مني، وأنا بين يديك وإن تعف عني فأهل العفو أنت ( يا )(٢) أهل العفو، يا أحق من عفا، اغفر لي ولأصحابي حرك دابته.

[١١٤٠٠] ٢ - وفيه دعاء آخر في عشية عرفة: يا رب إن ذنوبي لا تضرك، وإن مغفرتك لي لا تنقصك، ( فأعطني ما لا ينقصك )(١) واغفر لي ما لا يضرك.

[١١٤٠١] ٣ - وفيه دعاء آخر في عشية عرفة: اللهم لا تحرمني خير ما عندك بشر ما عندي، فإن أنت لم ترحمني وتعبي(١) ونصبي، فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته.

[١١٤٠٢] ٤ - بعض نسخ الرضوي: « أبي العالمعليه‌السلام أنا سمعته يقول عند غروب الشمس: اللهم أعتق رقبتي من النار، يكررها حتى أفاض(١) الناس ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - إقبال الاعمال ص ٤٢٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - إقبال الاعمال ص ٤٢٠.

(١) في المصدر: بتعبي.

٤ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤ ضمن كتاب نوادر أحمد بن محمد بن عيسى.

(١) في المخطوط والمصدر. أقام.، وما أثبتناه استظهار المصنف ( قده ).

٣٨

[١١٤٠٣] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ثم أفض منها بعد المغيب، وتقول: لا إله إلا الله ».

٢٤ -( باب نوادر ما يتعلق بإحرام الحج، والوقوف بعرفة)

[١١٤٠٤] ١ - بعض نسخ الرضوي في سياق إحرام الحج: « ويدخل البيت، ويحرم منه، أو من الحجر إلى أن قال ثم تطوف بالبيت سبعا لوداعك البيت عند خروجك إلى منى لا رمل عليك فيها، وتصلي وافرا » الخ.

[١١٤٠٥] ٢ - تفسير الإمامعليه‌السلام قال: « قال علي بن الحسينعليهما‌السلام وهو واقف بعرفات للزهري: كم تقدر هاهنا من الناس؟ قال: أقدر أربعة آلاف ألف وخمسمائة ألف كلهم حجاج قصدوا الله بآمالهم ويدعونه بضجيج أصواتهم ( فقال له: يا زهري ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، فقال الزهري: كلهم حجاج، أفهم قليل )(١) فقال له: يا زهري ادن لي وجهك، فأدناه إليه، فمسح بيده وجهه، ثم قال: أنظر فنظر إلى الناس، قال الزهري: فرأيت أولئك الخلق كلهم قردة لا أرى فيهم إنسانا إلا في كلّ عشرة آلاف واحدا من الناس، ثم قال لي: ادن يا زهري فدنوت منه، فمسح بيده وجهي، ثم قال: انظر فنظرت إلى الناس، قال الزهري فرأيت أولئك الخلق(٢) ذئبة إلا تلك

__________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

الباب ٢٤

١ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٧.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٥٦.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة:. كلهم خنازير، ثم قال لي: أدن إلي وجهك فأدنيت منه فمسح بيده وجهي فإذا هم كلهم.

٣٩

الخصائص من الناس نفرا يسيرا، فقلت: بأبي وأمي يا أبن رسول الله قد أدهشتني آياتك وحيرتني عجائبك!

قال: يا زهري ما الحجيج من هؤلاء إلا النفر اليسير الذين رأيتهم بين هذا الخلق الجم الغفير، ثم قال لي: إمسح يدك على وجهك، ففعلت فعاد أولئك الخلق في عيني ناسا كما كانوا أولا.

ثم قال: من حج ووالى موالينا، وهجر معادينا، ووطن نفسه على طاعتنا، ثم حضر هذا الموقف مسلما إلى الحجر الأسود ما قلده الله من أماناتنا، ووفيا بما لزمه من عهودنا، فذلك هو الحاج، والباقون هم من قد رأيتهم يا زهري.

يا زهري: حدثني أبي، عن جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ليس الحاج المنافقين المعادين لمحمد وعلي ومحبيهما ( صلوات الله عليهما )، الموالين لشانئهما وإنما الحاج المؤمنون المخلصون الموالون لمحمد وعلي ( صلوات الله عليهما ) ومحبيهما، المعادون لشانئهما، إن هؤلاء المؤمنين الموالين لنا المعادين لأعدائنا لتسطع أنوارهم في عرصات القيامة على قدر موالاتهم لنا، فمنهم من يسطع نوره مسيرة ألف سنة، ومنهم من يسطع نوره مسيرة ثلاثمائة ألف سنة، وهو جميع مسافة تلك العرصات، ومنهم من يسطع نوره إلى مسافات بين ذلك يزيد بعضها على بعض على قدر مراتبهم في موالاتنا، ومعاداة أعدائنا، يعرفهم أهل العرصات من المسلمين والكافرين بأنهم الموالون المتولون والمتبرئون، يقال لكل واحد منهم: يا ولي الله أنظر في هذه العرصات إلى كلّ من أسدى إليك في الدنيا معروفا، أو نفس عنك كربا، أو أغاثك إذ كنت ملهوفا، أو كف عنك عدوا، أو أحسن إليك في معاملته فأنت شفيعه، فإن كان من المؤمنين المحقين زيد بشفاعته في نعم الله عليه، وإن كان من المقصرين

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

رجل - وأنا شاهد - بكتاب مسلم، فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر فقال: ما أبعد هذا عن الصحيح! ثم رأى قطن بن نسير فقال لي: وهذا أطمّ من الأول، قطن بن نسير يصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس ثم نظر فقال: يروي عن أحمد ابن عيسى في الصحيح! ما رأيت أهل مصر يشكّون في أنّه - وأشار إلى لسانه -»(١) .

وقال: «قال أبو قريش الحافظ: كنت عند أبي زرعة فجاء مسلم بن الحجّاج فسلّم عليه وجلس ساعة وتذاكرا، فلمّا قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح. قال: فلمن ترك الباقي؟! ثمّ قال: هذا ليس له عقل، لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلاً»(٢) .

وقال الذهبي في ترجمة على بن المديني شيخ البخاري: «علي بن عبدالله بن جعفر ابن الحسن الحافظ، أحد الأعلام الأثبات، وحافظ العصر، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع، فقال: جنح إلى ابن داود والجهمية، وحديثه مستقيم إن شاء الله. قال لي عبدالله بن أحمد: كان أبي حدّثنا عنه، ثم أمسك عن اسمه وكان يقول: حدّثنا رجل، ثمّ ترك حديثه بعد ذلك. قلت: بل حديثه عنه في مسنده، وقد تركه إبراهيم الحربي وذلك لميلة إلى أحمد بن أبي داود، فقد كان محسناً إليه.

وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحة لهذا المعنى، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه محمد(٣) لأجل مسألة اللفظ. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كان أبو زرعة ترك الرواية عنه من

__________________

(١) تذهيب التهذيب - ترجمة أحمد بن عيسى المصري، ميزان الاعتدال ١: ١٢٥.

(٢) سير أعلام النبلاء - ترجمة محمد بن يحيى الذهلي ١٢: ٢٨٠.

(٣) هو محمد بن إسماعيل البخاري.

٣٠١

أجل ما كان منه في المحنة»(١) .

وقال المناوي في ترجمة البخاري: «زين الامّة، إفتخار الأئمّة، صاحب أصحّ الكتب بعد القرآن وقال المذهبي: كان من أفراد العالم مع الدين والورع والمتانة. هذه عبارته في الكاشف. ومع ذلك غلب عليه الغضّ من أهل السنّة، فقال في كتاب الضعفاء والمتروكين: ما سلم من الكلام لأجل مسألة اللفظ، تركه لأجلها الرازيّان(٢) . هذه عبارته واستغفر الله تعالى، نسأل الله السلامة ونعوذ به من الخذلان»(٣) .

ترجمة أبي زرعة الرازي

وقد ترجم الذهبي وابن حجر وغيرهما أبا زرعة ترجمة حافلة وأوردوا كلمات القوم في إمامته وثقته وحفظه وورعه بما يطول ذكره، والجدير بالذكر قول الذهبي في آخر ترجمته: «قلت: يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والخبرة»(٤) .

وقول أبي حاتم في حقّه: «إذا رأيت الرازي ينتقص أبا زرعة فاعلم أنّه مبتدع»(٥) .

وقول ابن حبّان: «كان أحد أئمّة الدنيا في الحديث، مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣: ١٣٨.

(٢) هما: أبو زرعة الرازي وأبو حاتم الرازي.

(٣) فيض القدير ١: ٢٤.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٣: ٨١.

(٥) تهذيب التهذيب ٧: ٣٠.

٣٠٢

الناس»(١) .

وقول ابن راهويه: «كلّ حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل»(٢) .

إمتناع أبي حاتم من الرواية عن البخاري

٢ - وامتنع أبو حاتم الرازي من الرواية عن البخاري كما عرفت.

تكلّم الذهلي في البخاري ومسلم

٣ - وتكلّم محمد بن يحيى الذهلي في البخاري، وكذا إخراجه مسلماً من مجلس بحثه، مذكور في جميع كتب التراجم

قال الذهبي عن الحاكم: «وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: لمّا استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجّاج الإختلاف إليه، فلمّا وقع بين الذهلي وبين البخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس عنه، انقطع عنه أكثر الناس غير مسلم، فقال الذهلي يوماً: ألا من قال باللفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس، وبعث إلى الذهلي ما كتب عنه على ظهر حمّال، وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.

قال: وسمعت محمد بن يوسف المؤذّن: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: حضرت مجلس محمد بن يحيى، فقال: ألا من قال: لفظي

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٧: ٣٠.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٣: ٧١، تهذيب التهذيب ٧: ٢٩، الكاشف ٢: ٢٠١.

٣٠٣

بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا، فقام مسلم بن الحجّاج عن المجلس، رواها أحمد بن منصور الشيرازي عن محمد بن يعقوب، فزاد: وتبعه أحمد بن سلمة.

قال أحمد بن منصور الشيرازي: سمعت محمد بن يعقوب الأخرم، سمعت أصحابنا يقولون: لمّا قام مسلم وأحمد بن سلمة من مجلس الذهلي قال: لا يساكنني هذا الرجل في البلد. فخشي البخاري وسافر»(١) .

ترجمة الذهلي

وترجم له الخطيب فقال: «كان أحد الآئمة والعارفين والحفّاظ المتقنين والثقات المأمونين، صنّف حديث الزهري وجوّده، وقدم بغداد وجالس شيوخها وحدّث بها، وكان الإمام أحمد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله، وقد حدّث عنه جماعة من الكبراء» فذكر كلمات الثناء عليه حتى نقل عن بعضهم قوله: «كان أمير المؤمنين في الحديث»(٢) .

والجدير بالذكر رواية البخاري عنه بالرغم ممّا كان منه في حقّه، لكن مع تدليس في اسمه، قال الذهبي: «روى عنه خلائق منهم محمد بن إسماعيل البخاري، ويدلّسه كثيراً، لا يقول: محمد بن يحيى، بل يقول: محمد فقط، أو محمد ابن خالد، أو محمد بن عبدالله، ينسبه إلى الجدّ ويعمّي اسمه لمكان الواقع بينهما»(٣) .

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٢: ٤٦٠، هدى الساري في مقدّمة فتح الباري ٢: ٢٦٤.

(٢) تاريخ بغداد ٣: ٤١٥.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٢: ٢٧٤.

٣٠٤

البخاري في كتاب (الجرح والتعديل).

٤ - وأورد بن أبي حاتم البخاريّ في كتاب (الجرح والتعديل) وقال ما نصّه: «قدم محمد بن إسماعيل الريّ سنة ٢٥٠ وسمع منه أبي وأبو زرعة، وتركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى أنّه أظهر عندهم بنيسابور أنّ لفظه بالقرآن مخلوق»(١) .

ترجمة ابن أبي حاتم

وقد وصفوا ابن أبي حاتم بالإمامة والحفظ والثقة والزهد، بل قالوا: «كان يعدّ من الأبدال»(٢) . وقال الذهبي: «له كتاب نفيس في الجرح والتعديل»(٣) . وعن ابن مندة: «له الجرح والتعديل في عدّة مجلّدات، تدلّ على سعة حفظه وإمامته»(٤) .

طعن إبن الأعين في البخاري.

٥ - وقال أبو بكر ابن الأعين: «مشايخ خراسان ثلاثة: قتيبة، وعلي بن حجر، ومحمد بن مهران الرازي. ورجالها أربعة: عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي، ومحمد بن إسماعيل البخاري - قبل أن يظهر -،

__________________

(١) الجرح والتعديل ٧: ١٩١.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٠٣: ٢٦٤، مرآة الجنان ٢: ٢٨٩، فوات الوفيات ٢: ٢٨٨.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٣: ٢٦٤.

(٤) فوات الوفيات ٢: ٢٨٨.

٣٠٥

ومحمد بن يحيى، وأبو زرعة»(١) .

وقوله: «قبل أن يظهر» طعن كما هو ظاهر.

وابن الأعين من أكابر الحفّاظ الأعلام.

البخاري في كتاب (الضعفاء للذهبي)

٦ - وأورد الذهبي البخاري في كتاب «ميزان الإعتدال في نقد الرجال» وكتاب «المغني في الضعفاء»(٢) وهو ما استنكره المناوي في عبارته آنفة الذكر.

(٢)

آراء العلماء في الصحيحين

وتضمّنت الكلمات السالفة الذكر - عن جمع من أعلام الجرح والتعديل الّذين يكفي قدح الواحد منهم للسقوط عن درجة الاعتبار - الطعن في الصحيحين أو أحدهما. وفي ذلك كفاية في وهن دعوى الإجماع على تلقّي الامّة(٣) أحاديثهما بالقبول وهنا نتعرّض لآراء عدّة من الأكابر السابقين واللاحقين في حكم أحاديث الصحيحين.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء - ترجمة على بن حجر ١١: ٥٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٣: ٤٨٥، المغني ٢: ٥٥٧.

(٣) مضافاً إلى أنّ الشيعة الاثني عشرية، والزيدية والحنفية، والظاهرية لا يقولون بذلك وهم من هذه الأمّة.

٣٠٦

معلومات عن الصحيحين

وقبل الورود في ذلك نذكر معلوماتٍ نقلاً عن شرّاح الكتابين والعلماء المحقّقين في الحديث:

١ - قد انتقد حفّاظ الحديث البخاري في «١١٠» أحاديث، منها «٣٢» حديثاً وافقه مسلم فيها، و «٧٨» انفرد هو بها(١) .

٢ - الّذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم «أربعمائة وبضعه وثلاثون» رجلاً. المتكلّم فيه بالضعف منهم «٨٠» رجلاً. والّذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري «٦٢٠» رجلاً، المتكلّم فيه بالضعف منهم «١٦٠» رجلاً(٢) .

٣ - الأحاديث المنتقدة المخرّجة عندهما معاً بلغت «٢١٠» حديثاً، اختصّ البخاري منها بأقلّ من «٨٠» حديثاً، والباقي يختصّ بمسلم(٣) .

٤ - هناك رواة يروي عنهم البخاري، ومسلم لا يرتضيهم ولايروي عنهم، ومن أشهرهم: عكرمة مولى ابن عبّاس.

٥ - قد اتفّق الشيخان على الرواية عن أقوام انتقدهم أصحاب الصحاح الاخرى وأئمّة المذاهب ومن أشهرهم: محمد بن بشّار حتى نسب إلى الكذب(٤) .

__________________

(١) مقدّمة فتح الباري: ٩.

(٢) مقدّمة فتح الباري: ٩.

(٣) مقدّمة فتح الباري: ٩.

(٤) ميزان الاعتدال: ٣ / ٤٩٠.

٣٠٧

٦ - إنّه قد اختلف عدد أحاديث البخاري في روايات أصحابه لكتابه، وقال ابن حجر: عدة ما في البخاري من المتون الموصولة بلا تكرار «٢٦٠٢» ومن المتون المعلّقة المرفوعة «١٥٩»، فالمجموع «٢٧٦١»، وقال في شرح البخاري: إنّ عدّته على التحرير «٢٥١٣» حديث(١) .

٧ - إنّ البخاري ما قبل أن يبيّض كتابه، ولذا اختلفت نسخه ورواياته(٢) .

٨ - إن البخاري لم يكن يكتب الحديث في مجلس سماعه، بل بلده؛ فعن البخاري أنّه قال: ربّ حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، وربّ حديث سمعته بالشام كتبته بمصر، فقيل له: يا أبا عبدالله بكماله؟! فسكت»(٣) .

أمّا مسلم فقد «صنّف كتابه في بلده بحضور اصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرّ في الألفاظ ويتحرّى في السياق ...»(٤) .

وبعد، فإنّ دعوى تلقّي الامّة أحاديث الصحيحين بالقبول وقيام الإجماع عن صحّتها لا أساس لها من الصحّة لما تقدّم ويأتي:

النووي

١ - النووي: «ليس كلّ حديث صحيح يجوز العمل به فضلاً عن أن

__________________

(١) أضواء على السنّة المحمّدية: ٣٠٧.

(٢) انظر: مقدّمة فتح الباري: ٦، أضواء على السنّة المحمّدية: ٣٠١.

(٣) تاريخ بغداد ٢: ١١.

(٤) مقدّمة فتح الباري: ١٠.

٣٠٨

يكون العمل به واجباً»(١) وقال: «وما يقوله الناس: إنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة، هذا من التجوّه ولا يقوى»(٢) .

ابن الهمام

٢ - كمال الدين ابن لهمام: «وقول من قال: أصحّ الأحاديث ما في الصحيحين، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شرطهما، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما، تحكّم لا يجوز التقليد فيه، إذا الأصحّيّة ليست إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها، فإن فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين، أفلا يكون الحكم بأصحيّة ما في الكتابين عين التحكّم؟!»(٣) .

أبو الوفاء القرشي(٤)

٣ - أبو الوفاء القرشي: «فائدة: حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسلم وغيره - يشتمل على أنواع منها التورّك في الجلسة الثانية - ضعّفه الطحاوي ولا يحنق علينا لمجيئه في مسلم، وقد وقع في مسلم أشياء لا تقوى عند الإصطلاح، فقد وضع الحافظ الرشيد العطّار على الأحاديث المقطوعة المخرّجة في مسلم كتاباً

__________________

(١) التقريب في علم الحديث، عنه في منتهى الكلام في الردّ على الشيعة: ٢٧.

(٢) المنهاج في شرح صحيح مسلم، وعنه أضواء على السنّة المحمّدية: ٣١٣، «والتجّوه» طلب الجاه بتكلّف.

(٣) شرح الهداية في الفقه، وعنه في أضواء على السنّة المحمّدية: ٣١٢.

(٤) ترجمته في: حسن المحاضرة ١: ٤٧١، الدرر الكامنة ٢: ٣٩٢، شذرات الذهب ٦: ٢٣٨.

٣٠٩

سماّه بـ (غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة) وبيّنها الشيخ محيي الدين في أوّل شرح مسلم.

وما يقوله الناس: إن من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة، هذا أيضاً من التحنّق ولا يقوى، فقد روى مسلم في كتابه عن ليث بن أبي مسلم وغيره من الضعفاء، فيقولون: إنّما روى في كتابه للإعتبار والشواهد والمتابعات والإعتبارات، وهذا لا يقوى، لأنّ الحفّاظ قالوا: الإعتبار والشواهد والمتابعات والإعتبارات امور يتعرّفون بها حال الحديث، وكتاب مسلم التزم فيه الصحّة، فكيف يتعرّف حال الحديث الذي فيه بطرق ضعيفة.

واعلم أنّ (عن) مقتضية للإنقطاع عند أهل الحديث، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شيء كثير، فيقولون على سبيل التحنّق: ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع، وما كان في الصحيحين فمحمول على الإتّصال.

وروى مسلم في كتابه عن أبي الزبير عن جابر أحاديث كثيرة بالعنعنة، وقال الحافظ: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكّي يدلّس في حديث جابر، فما كان يصفه بالعنعة لا يقبل، وقد ذكر ابن حزم وعبدالحقّ عن الليث بن سعد أنّه قال لأبي الزبير: علّم لي أحاديث سمعتها من جابر حتى أسمعها منك، فعلّم لي أحاديث أظنّ أنّها سبعة عشر حديثاً فسمعتها منه، قال الحافظ: فما كان من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر صحيح.

وقد روى مسلم في كتابه أيضاً عن جابر وابن عمر في حجّة الوداع: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله توجّه إلى مكّة يوم النحر، وطاف

٣١٠

طواف الإفاضة، ثم رجع فصلّى الظهر بمنى، فينحنقون ويقولون: أعادها لبيان الجواز، وغير ذلك من التأويلات، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين: إحداهما كذب بلا شكّ.

وروى مسلم أيضاً حديث الإسراء وفيه: «وذلك قبل أن يوحى إليه» وقد تكلّم الحفّاظ في هذه اللفظة وبيّنوا ضعفها.

وروى مسلم أيضأ: «خلق الله التربة يوم السبت»، واتفّق الناس على أنّ يوم السبت لم يقع فيه خلق.

وروى مسلم عن أبي سفيان أنّه قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا أسلم: يا رسول الله اعطني ثلاثاً: تزوّج ابنتي أمّ حبيبة، وابني معاوية اجعله كاتباً، وأمّرني أن اقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، فأعطاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحديث معروف مشهور. وفي هذا من الوهم ما لا يخفى، فامّ حبيبة تزوّجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعمائة دينار، وحضر وخطب وأطعم، والقصّة مشهورة. وأبو سفيان إنّما أسلم عام الفتح وبين الهجرة إلى الحبشة والفتح عدّة سنين، ومعاوية كان كاتباً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل، وأمّا إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ: إنّهم لا يعرفونها.

فيجيبون على سبيل التحنّق بأجوبة غير طائلة فيقولون في نكاح ابنته: إعتقد أن نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر، فأراد من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تجديد النكاح. ويذكرون عن الزبير بن بكّار بأسانيد ضعيفة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمّره في بعض الغزوات، وهذا لا يعرف.

وما حملهم على هذا كلّه بعض التعصّب، وقد قال الحافظ:

٣١١

إنّ مسلماً لمّا وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي فأنكر عليه وقال: سمّيته الصحيح فجعلت سلّماً لأهل البدع وغيرهم، فإذا روى لهم المخالف حديثاً يقولون: هذا ليس في صحيح مسلم؛ فرحم الله تعالى أبا زرعة فقد نطق بالصواب، فقد وقع هذا.

وما ذكرت ذلك كلّه إلاّ أنّه وقع بيني وبين بعض المخالفين بحث في مسألة التورّك، فذكر لي حديث أبي حميد المذكور أولاً، فأجبته بتضعيف الطحاوي فما تلفّظ وقال: مسلم يصحّح والطحاوي يضعّف، والله تعالى يغفر لنا وله آمين»(١) .

الأدفوي

٤ - أبو الفضل الأدفوي(٢) : «ثم أقول: إنّ الامّة تلقّت كلّ حديث صحيح وحسن بالقبول، وعملت به عند عدم المعارض، وحينئذ لا يختصّ بالصحيحين، وقد تلقّت الامّة الكتب الخمسة أو الستّة بالقبول وأطلق عليها جماعة اسم (الصحيح) ورجّح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره.

قال أبو سليمان أحمد الخطّابي: كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في حكم الدين كتاب مثله، وقد زرق من الناس القبول كافّة، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وكتاب السنن أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من كتب البخاري

__________________

(١) الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ٢: ٤٢٨ - ٤٣٠.

(٢) ترجمته في: الدرر الكامنة ٢: ٧٢، النجوم الزاهرة ١٠: ٢٣٧، البدر الطالع ١: ١٨٢، حسن المحاضرة ١: ٣٢٠، شذرات الذهب ٦: ١٥٣.

٣١٢

ومسلم.

وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: سمعت الإمام أبا الفضل عبدالله بن محمد الأنصاري بهراة يقول: وقد جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه فقال -: كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم.

وقال الإمام أبو القاسم سعيد بن علي الزنجاني: إنّ لأبي عبدالرحمن النسائي شرطاً في الرجال أشدّ من شرط البخاري ومسلم.

وقال أبو زرعة الرازي لمّا عرض عليه ابن ماجة السنن كتابه: أظنّ إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلّها، أو قال: أكثرها.

ووراء هذا بحث آخر وهو: أنّ قول الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح: إنّ الامّة تلقّت الكتابين بالقبول، إن أراد كلّ الامّة فلا يخفى فساد ذلك، إذ الكتابان إنّما صنّفا في المائة الثالثة بعد عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وأئمّة المذاهب الأربعة، ورؤوس حفّاظ الأخبار ونقّاد الآثار المتكلّمين في الطرق والرجال، المميّزين بين الصحيح والسقيم.

وإن أراد بالأمّة الّذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الامّة، فلا يستقيم له دليله الذي قرّره من تلقّي الامّة وثبوت العصمة لهم، والظاهرية إنّما يعتنون بإجماع الصحابة خاصة، والشيعة لا تعتدّ بالكتابين وطعنت فيهما، وقد اختلف في اعتبار قولهم في الإجماع والإنعقاد.

ثم إن أراد كلّ حديث فيهما تلقّي بالقبول من الناس كافّة فغير مستقيم، فقد تكلّم جماعة من الحفّاظ في أحاديث فيهما، فتكلّم الدار قطني في أحاديث وعلّلها، وتكلّم ابن حزم في أحاديث كحديث

٣١٣

شريك في الإسراء، قال: إنّه خلط، ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها، والقطع لا يقع التعارض فيه.

وقد اتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديث «محمد بن بشّار بندار» وأكثرا من الإحتجاج بحديثه، وتكلّم فيه غير واحد من الحفّاظ، أئمّة الجرح والتعديل، ونسب إلى الكذب، وحلف عمرو بن علي الفلاس شيخ البخاري أنّ بندار يكذب في حديثه عن يحيى، وتكلّم فيه أبو موسى، وقال علي بن المديني في الحديث الذي رواه في السجود: هذا كذب، وكان يحيى لا يعبأ به ويستضعفه، وكان القواريري لا يرضاه.

وأكثرا من حديث «عبد الرزّاق» والإحتجاج به، وتكلّم فيه ونسب إلى الكذب.

وأخرج مسلم عن «أسباط بن نصر» وتكلّم فيه أبو زرعة وغيره.

وأخرج أيضاً عن «سماك بن حرب» وأكثر عنه، وتكلّم فيه غير واحد، وقال الإمام أحمد بن حنبل: هو مضطرب الحديث، وضعّفه أمير المؤمنين في الحديث شعبة، وسفيان الثوري؛ وقال يعقوب بن شعبة: لم يكن من المتثبّتين؛ وقال النسائي: في حديثه ضعف؛ قال شعبة: كان سماك يقول في التفسير عكرمة، ولو شئت لقلت له: ابن عبّاس، لقاله: وقال ابن المبارك: سماك ضعيف في الحديث؛ وضعّفه ابن حزم قال: وكان يلقّن فيتلقّن.

وكان أبو زرعة يذمّ وضع كتاب مسلم ويقول: كيف تسمّيه الصحيح وفيه فلان وفلان وذكر جماعة.

وأمثال ذلك يستغرق أوراقاً، فتلك الأحاديث عندهما ولم يتلقّوهما بالقبول.

٣١٤

وإنّ أراد غالب ما فيهما سالم من ذلك لم يبق له حجّة»(١) .

القاري

٥ - الشيخ علي القاري حول صحيح مسلم: «وقد وقع منه أشياء لا تقوى عند المعارضة، وقد وضع الرشيد العطّار كتاباً على الأحاديث المقطوعة فيه، وبيّنها الشيخ محيي الدين في أول شرح مسلم.

وما يقوله الناس: إنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة، هذا أيضاً من التجاهل والتساهل فقد روى مسلم في كتابه عن الليث ...» إلى آخر ما ذكره من الأمثلة لما قاله، بعبارات تشبه عبارات الأدفوي(٢) .

محبّ الله بن عبد الشكور

٦ - الشيخ محبّ الله بن عبدالشكور صاحب «مسلّم الثبوت».

عبدالعلي الأنصاري

٧ - الشيخ عبدالعلي الأنصاري الهندي - شارح مسلّم الثبوت -، وهذا كلامه مازجاً بالمتن: «(فرع: إبن الصلاح وطائفة) من الملقّبين بأهل الحديث (زعموا أنّ رواية الشيخين) محمد بن إسماعيل (البخاري ومسلم) بن الحجّاج صاحبي الصحيحين (تفيد العلم النظري، للإجماع

__________________

(١) الإمتاع في أحكام السماع، عنه في خلاصة عبقات الأنوار - تأليف: علي الحسيني الميلاني - ٦ / ١٦٩

(٢) اُنظر: خلاصة عبقات الأنوار ٦ / ١٦٧.

٣١٥

على أنّ للصحيحين مزيّة) على غيرهما، وتلقّت الامّة بقبولهما، والإجماع قطعي.

وهذا بهت، فإنّ من رجع إلى وجدانه يعلم بالضرورة أنّ مجرّد روايتهما لا يوجب اليقين ألبتّة، وقد روي فيهما أخبار متناقضة، فلو أفادت روايتهما علماً لزم تحقّق النقيضين في الواقع (وهذا) أي ما ذهب إليه ابن الصلاح وأتباعه (بخلاف ما قاله الجمهور) من الفقهاء والمحدّثين، لأنّ انعقاد الإجماع على المزيّة على غيرهما من مرويّات ثقات آخرين ممنوع، والإجماع على مزيّتهما في أنفسهما لا يفيد و (لأنّ جلالة شأنهما وتلقّي الأمّة لكتابيهما والإجماع على المزيّة لو سلم لا يستلزم ذلك) القطع والعلم، فإنّ القدر المسلّم المتلقّى بين الامّة ليس إلاّ أنّ رجال مرويّاتهما جامعة للشروط التي اشترطها الجمهور لقبول روايتهم، وهذا لا يفيد إلاّ الظنّ، وأمّا أنّ مرويّاتهما ثابتة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا إجماع عليه أصلاً. كيف ولا إجماع على صحّة جميع ما في كتابيهما، لأنّ روايتهما منهم قدريّون وغيرهم من أهل البدع، وقبول رواية أهل البدع مختلف فيه، فأين الإجماع على صحّة مرويّات القدريّة؟!»(١) .

ابن أمير الحاج

٨ - ابن أمير الحاجّ(٢) : «ثم ممّا ينبغي التنبّه له أنّ أصحّيّتهما

__________________

(١) فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت ٢ / ١٢٣.

(٢) ترجمته في: شذرات الذهب ٦ / ٣٢٨، الضوء اللامع ٩ / ٢١٠، البدر الطالع ٢ / ٢٥٤.

٣١٦

على ما سواهم تنزّلاً إنّما تكون بالنظر إلى من بعدهما، لا المجتهدين المتقدّمين عليهما، فإنّ هذا مع ظهوره قد يخفى على بعضهم أو يغالط به»(١) .

المقبلي

٩ - المقبلي(٢) في كتابه (العلم الشامخ): «في رجال الصحيحين من صرّح كثير من الأئمة بجرحهم، وتكلّم فيهم من تكلّم بالكلام الشديد، وإن كان لا يلزمهما إلاّ العمل باجتهادهما»(٣) .

محمد رشيد رضا

١٠ - السيّد محمد رشيد رضا، بعد أن عرض للأحاديث المنتقدة على البخاري: «وإذا قرأت ما قاله الحافظ(٤) فيها رأيتها كلّها في صناعة الفنّ ولكنّك إذا قرأت الشرح نفسه (فتح الباري) رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالات(٥) في معانيها أو تعارضها مع غيرها، مع محاولة الجمع بين المختلفات وحلّ المشكلات بما يرضيك بعضه دون بعض»(٦) .

__________________

(١) التقرير والتحبير في شرح التحرير في اصول الفقه، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣١٤.

(٢) صالح بن مهدي ترجمته في: الأعلام ٣: ١٩٧.

(٣) العلم الشامخ، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣١٠.

(٤) هو الحافظ ابن حجر العسقلاني.

(٥) قلت: سنشير على مواضع منها فيما سيأتي.

(٦) المنار ٢٩: ٤١.

٣١٧

وقال: «ممّا لا شكّ فيه أيضاً أنّه يوجد في غيرهما من دواوين السنّة أحاديث أصحّ من بعض ما فيهما ولا يخلو [ البخاري ] من أحاديث قليلة في متونها نظر قد يصدق عليه بعض ما عدّوه من علامة الوضع، كحديث سحر بعضهم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أنكره بعض العلماء كالإمام الجصّاص من المفسّرين المتقدّمين والاستاذ الإمام محمد عبده من المتأخّرين، لأنّه معارض بقوله تعالى:( إذ يقول الظالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحوراً * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً ) [ الإسراء ١٧: ٤٧ و ٤٨ ].

هذا، وإنّ في البخاري أحاديث في امور العادات والغرائز ليست من اصول الدين ولا فروعه، فإذا تأمّلتم هذا وذاك علمتم أنّه ليس من اصول الدين ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه، بل لم يشترط أحد في صحّة الإسلام ولا في معرفته التفصيلية، الإطّلاع على صحيح البخاري والإقرار بكلّ ما فيه.

وعلمتم أيضاً أنّ المسلم لا يمكن أن ينكر حديثاً من هذه الأحاديث بعد العلم به إلاّ بدليل يقوم عنده على عدم صحّته متناً أو سنداً، فالعلماء الّذين أنكروا صحّة بعض هذه الأحاديث لم ينكروها إلاّ بأدلّة قامت عندهم، قد يكون بعضها صواباً وبعضها خطأً، ولا يعدّ أحدهم طاعناً في دين الإسلام»(١) .

أبورية

١١ - الشيخ محمود أبو ريّة فإنّه انتقد الصحيحين انتقاداً

__________________

(١) المنار ٢: ١٠٤ - ١٠٥.

٣١٨

علمياً، واستشهد في بحثه بكلمات العلماء من المتقدّمين والمتأخرين(١) .

أحمد أمين

١٢ - الدكتور أحمد أمين - حول البخاري -: «إنّ بعض الرجال الّذين روى لهم ثقات، وقد ضعّف الحفّاظ من رجال البخاري نحو الثمانين، وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل ...»(٢) .

شكيب أرسلان

١٣ - الأمير شكيب أرسلان: «إنّ كثير بن من المسلمين ومن ذوي الحميّة الإسلامية وممّن لا ينقصهم شيء من الإيمان والإيقان لا يرون من الواجب الديني الإيمان بكلّ ما جاء في الصحيحين وغيرهما من الأحاديث، لاحتمال أن يكون تطرّق إليها التبديل والتغيير أو دخلها الزيادة والنقصان ...»(٣) .

أحمد محمد شاكر

١٤ - الشيخ أحمد محمد شاكر: «قد وقع في الصحيحين أحاديث كثيرة من رواية بعض المدلّسين»(٤) .

__________________

(١) أضواء على السنّة المحمديّة: ٢٩٩ - ٣١٦.

(٢) ضحى الإسلام ٢: ١١٧ - ١١٨.

(٣) حاضر العالم الإسلامي ١: ٤٤ - ٥١، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣٢٦.

(٤) شرح ألفيّة السيوطي، عنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣١١.

٣١٩

(٣)

الصحيحان في الميزان

هذا وقد ألّف بعض أعاظم القوم «علل الحديث» المخّرج في الصحيحين كالدار قطني.

وآخر «غريب الصحيحين» كالضياء المقدسي.

وثالث: «نقد الصحيح» كالفيروز آبادي.

ورابع «التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح» كالزركشي.

وخامس «غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة» كالعطّار

ودافع ابن حجر العسقلاني عن البخاري وحاول رفع مشكلات حديثه في مقدّمة شرحه، لكنّه أخفق في موضع واعترف بالإشكال وستعلم بعض ذلك ...

مقدّمة فيها مطلبان

وقبل الشروع في ذكر نماذج من الأحاديث المحكوم عليها بالوضع أو الضعف أو الخطأ المخرّجة في الصحيحين نذكّر بمطلبين:

١ - إنّا عندما نلاحظ كتب الحديث وعلومه عند القوم، ونستعرض أحوال محدّثيهم ورواتهم، نجد أنّهم يهتمّون برواية الحديث ونقله بسنده ومتنه، ولا يعتنون بالنظر في معناه ومدلوله، وأنّ الأوصاف والألقاب والمناقب والمراتب تعطى لمن كان أوسع جمعاً وأكثر رواية، لا لمن أدقّ نظراً وأوفر درايةً ومن هنا كثرت منهم الأغلاظ الفاحشة، حتى

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368