التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف15%

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 368

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 185001 / تحميل: 6467
الحجم الحجم الحجم
التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أكله ، وليس بنجس إنّ مات فيما تولد فيه إجماعاً ، وإذا خرج فكذلك عندنا.

وللشافعي قولان ، وكذا في أكله عنده قولان : أظهرهما : التحريم مع الانفراد(1) .

الخامس : لو وقع الذباب وشبهه في ماءً قليل ومات فيه ، لم ينجسه عندنا ، وللشافعي قولان(2) .

ولو تغير الماء به فكذلك عندنا ، وللشافعي ـ على تقدير عدم النجاسة بالملاقاة ـ وجهان(3) ولو سلبه الاطلاق فمضاف طاهر.

السادس : حيوان الماء المحرم مما له نفس سائلة إذا مات في ماءً قليل نجسه عندنا ، لأنّفعال القليل بالنجاسة ، وبه قال الشافعي(4) .

وقال أبو حنيفة : لا ينجس ، لأنّه يعيش في الماء فلا ينجس بموته فيه ، كالسمك(5) . ويبطل بالفرق.

وما لا نفس له سائلة ـ كالضفدع ـ لا ينجس به الماء القليل ، وبه قال أبو حنيفة(6) ، خلافاً للشافعي(7) .

السابع : الجنين الذي يوجد ميتاً عند ذبح الاُم ـ إذا كان تاماً ـ حلال

__________________

1 ـ الوجيز 1 : 6 ، فتح العزيز 1 : 167 ـ 169 ، المجموع 1 : 131.

2 ـ الاُم 1 : 5 ، المجموع 1 : 129 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، المبسوط للسرخسي 1 : 51.

3 ـ المجموع 1 : 130.

4 ـ الاُم 1 : 5 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، المجموع 1 : 131.

5 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 19.

6 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، بدائع الصنائع 1 : 79.

7 ـ الاُم 1 : 5 ، فتح العزيز 1 : 163 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19.

٦١

طاهر ، وإن لم تتم خلقته كان حراماً نجساً.

الثامن : المتكون من النجاسات ـ كدود العذرة ـ طاهر ، للعموم ، وكذا الدود المتولد من الميتة ، وفي وجه للشافعي : أنّه نجس(1) .

التاسع : يكره ما مات فيه الوزغ والعقرب ، وقول ابن بابويه : إذا ماتت العضاء‌ة في اللبن حرم(2) ، لرواية عمار(3) ، ضعيف ، ويحمل على الكراهة ، أو على التحريم للتضرر ، لا للنجاسة.

العاشر : لو وقع الصيد المجروح الحلال في الماء فمات ، فإن كانت حياته مستقرة فالماء نجس ، والصيد حرام ، وإن كانت حياته غير مستقرة فالضد منهما ، وإن اشتبه حكم بالأصلين فيهما على إشكال ينشأ من تضادهما ، فالاحوط التحريم فيهما.

الحادي عشر : جلد الميتة نجس بإجماع العلماء ، إلّا الزهري ، والشافعي في وجه ، فإنه طاهر عندهما(4) .

الثاني عشر : عظم الحيوان وقرنه وظفره وسنه لا تحلها الحياة فهي طاهرة ، وبه وقال أبو حنيفة(5) ، وقال الشافعي : إنّها نجسة لنموها(6) .

الثالث عشر : الشعر والصوف والريش من الميتة طاهر ، إلّا من نجس العين على ما تقدم ، وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي ـ في أحد القولين ـ لأنّها

__________________

1 ـ المجموع 1 : 131.

2 ـ الفقيه 1 : 15 ذيل الحديث 32 ، والمقنع : 11.

3 ـ التي رواها الشيخ كاملة في التهذيب 1 : 285 / 832.

4 ـ المجموع : 217.

5 ـ المجموع 1 : 236 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21 ، شرح فتح القدير 1 : 84 ، اللباب 1 : 24.

6 ـ المجموع 1 : 236 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، شرح العناية 1 : 84.

٦٢

لا تحلها الحياة ، وفي الآخر : إنّها نجسة لنمائها(1) .

ولو جز من حيوان ـ لا يؤكل لحمه ـ حي فطاهر عندنا ، خلافاً له(2) ولو جز من مأكول فهو طاهر إجماعا.

ولو نتف منه حياًَ فكذلك عندنا ، وللشافعي وجهان : النجاسة لأنّه ترك طريق إباحته ، وهو الجز فصار كخنق الشاة ، والطهارة لكثرة الالم فهو كالتذكية(3) .

الرابع عشر : ما لا يؤكل لحمه إذا وقعت عليه الذكاة فذكي كان لحمه وجلده طاهرين ، عملاً بالأصل.

وقال الشافعي : نجسان ، لأنّ التذكية لم تبح اللحم ، فلا تفيده الطهارة(4) .

وقال أبو حنيفة : الجلد طاهر ، وفي اللحم روايتان(5) .

الخامس عشر : البيضة في الميتة طاهرة إنّ اكتست الجلد الفوقاني ، وإلّا فلا ، وقال الشافعي : إنّها نجسة(6) ، ورواه الجمهور عن عليعليه‌السلام (7) .

__________________

1 ـ المجموع 1 : 231 ـ 232 و 236 ، شرح العناية 1 : 84 ، بداية المجتهد 1 : 78.

2 ـ المجموع 1 : 241 ـ 242 ، المهذب للشيرازي 1 : 18.

3 ـ المجموع 1 : 241 ـ 242.

4 ـ المجموع 1 : 245 ، المهذب للشيرازي 1 : 18.

5 ـ المجموع 1 : 245 ، اللباب 3 : 230 ، شرح فتح القدير 1 : 84 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21.

6 ـ المجموع 1 : 244.

7 ـ المجموع 1 : 245.

٦٣

والمشيمة نجسة.

السادس عشر : في لبن الشاة الميتة روايتان(1) ، أقواهما : التحريم والنجاسة ، لملاقاة النجاسة ، وللشافعي وجهان(2) .

مسألة 20 : الخمر نجسة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلّا ابن بابويه ، وابن أبي عقيل(3) ، وقول عامة العلماء أيضاً إلّا داود ، وربيعة ، وأحد قولي الشافعي(4) . لقوله تعالى : (إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس )(5) والرجس لغة : النجس ، ولأنّ ما حرم على الاطلاق كان نجساً كالدم والبول ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى تغسله »(6) .

وقولهمعليهم‌السلام : « إنّ الله حرم شربها ، ولم يحرم الصلاة فيها »(7) . لا يدل على الطهارة ، واستصحاب حال كونه عصيراً ـ كما قاله داود ـ(8) ضعيف.

__________________

1 ـ فالدالة على الحلية ما في الكافي 6 : 258 / 3 ، الفقيه 3 : 216 / 1006 و 219 / 1011 ، التهذيب 9 : 75 / 320 و 76 / 324 ، الاستبصار 4 : 88 / 328 و 89 / 339 ، الخصال 2 : 434 / 19 وغيرها ، ومن الدالة على التحريم ما روي في التهذيب 9 : 77 / 325 ، الاستبصار 4 : 89 / 340 ، قرب الاسناد : 64 ، وغيرها.

2 ـ المجموع 1 : 244.

3 ـ الفقيه 1 : 160 / 752 ، علل الشرائع : 357 باب 72 ، وحكى المحقق قول ابن ابي عقيل في المعتبر : 117.

4 ـ المجموع 2 : 563 ، فتح العزيز 1 : 156 ، تفسير القرطبي 6 : 288 ، الميزان 1 : 105 ، مغني المحتاج 1 : 77.

5 ـ المائدة : 90.

6 ـ التهذيب 1 : 278 / 817 ، الاستبصار 1 : 189 / 660.

7 ـ الفقيه : 160 / 752 ، علل الشرائع : 357 باب 72 ، قرب الاسناد : 16.

8 ـ المجموع 2 : 563 ، الميزان 1 : 105.

٦٤

فروع :

الأول : كلّ المسكرات كالخمر في التحريم والنجاسة ، لقول الكاظمعليه‌السلام : « وما عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر »(1) وقول الباقرعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّ مسكر خمر »(2) .

وقال أبو حنيفة : النبيذ طاهر ، وهو أحد قولي الشافعي(3) .

الثاني : العصير إذا غلى حرم حتى يذهب ثلثاه ، وهل ينجس بالغليان أو يقف على الشدة؟ إشكال.

الثالث : الفقاع كالخمر عندنا في التحريم والنجاسة ـ خلافاً للجمهور(4) ـ لقول الرضاعليه‌السلام : « هو خمر مجهول »(5) .

الرابع : الخمر إذا انقلبت خلاً طهر إجماعاً ، ولو لاقته نجاسة ، أو عصره مشرك لم يطهر بالأنّقلاب.

الخامس : بواطن حبات العنقود إذا استحال ما فيها خمراً كان نجساً ، وهو أحد قولي الشافعي(6) .

السادس : المسكرات الجامدة ليست نجسة وإن حرمت ، ولو تجمّد الخمر ، أو ما مازجه لم يخرج عن نجاسته ، وكذا لو سال الجامد بغير

__________________

1 ـ الكافي 6 : 412 / 2 ، التهذيب 9 : 112 / 486.

2 ـ الكافي 6 : 408 / 3 ، التهذيب 9 : 111 / 482.

3 ـ المجموع 1 : 93 و 2 : 564 ، فتح العزيز 1 : 158 ، مغني المحتاج 1 : 77 ، تفسير القرطبي 13 : 51 ، بداية المجتهد 1 : 33.

4 ـ بدائع الصنائع 5 : 117 ، المبسوط للسرخسي 24 : 17 ، المغني 10 : 337 ، رحمة الامة 2 : 170 ، المنتقى للباجي 3 : 150.

5 ـ الكافي 6 : 422 / 1 ، التهذيب 9 : 124 / 539 ، الاستبصار 4 : 95 / 368.

6 ـ المجموع 2 : 564 ، مغني المحتاج 1 : 77.

٦٥

ممازجة لم يخرج عن طهارته.

مسألة 21 : الكلب والخنزير نجسان عيناً ولعاباً ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعروة بن الزبير ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وأحمد(1) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات )(2) ، وقول الصادقعليه‌السلام عن الكلب : « رجس نجس »(3) .

وقال أبو حنيفة : الكلب طاهر ، والخنزير نجس ، لعدم وجوب غسل ما عضه الكلب من الصيد(4) ، وهو ممنوع.

وقال الزهري ، ومالك ، وداود : الكلب والخنزير طاهران(5) .

فروع :

الأول : الحيوان المتولد منهما يحتمل نجاسته مطلقاًً ، واعتبار اسم أحدهما ، والمتولد من أحدهما وما غايرهما يتبع الاسم.

الثاني : كلّ أجزاء الكلب والخنزير وان لم تحلها الحياة نجسة ، خلافاً للمرتضى(6) .

__________________

1 ـ السراج الوهاج : 22 ، المجموع 2 : 567 ـ 568 ، الاشباه والنظائر للسيوطي : 431 ، مغني المحتاج 1 : 78 ، المحلى 1 : 112 ، الاُم 1 : 5 ، نيل الأوطار 1 : 42.

2 ـ صحيح مسلم 1 : 234 / 91 و 92 ، سنن أبي داود 1 : 19 / 71 ، مسند أحمد 2 : 427.

3 ـ التهذيب 1 : 225 / 646 ، الاستبصار 1 : 19 / 40.

4 ـ شرح فتح القدير 1 : 82 ، الهداية للمرغيناني 1 : 20 ، الكفاية 1 : 82 ، شرح العناية 1 : 82 ، المبسوط للسرخسي 1 : 48 ، بدائع الصنائع 1 : 63.

5 ـ المجموع 2 : 567 ـ 568 ، مغني المحتاج 1 : 78 ، نيل الأوطار 1 : 43 ، الشرح الصغير 1 : 18 ، تفسير القرطبي 13 : 45 ، المبسوط للسرخسي 1 : 48 ، فتح العزيز 1 : 161 ، بداية المجتهد 1 : 29 ، المدونة الكبرى 1 : 5.

6 ـ الناصريات : 218 المسألة 19.

٦٦

الثالث : كلب الماء طاهر بالأصل ، خلافاً لابن ادريس(1) ، ولا يجوز حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز بغير قرينة.

الرابع : الأقرب طهارة الثعلب ، والأرنب ، والفأرة ، والوزغة ـ وهو قول المرتضى ، وأحد قولي الشيخ(2) ـ عملاً بالأصل ، والنص الدال على طهارة سؤر ما عدا الكلب والخنزير(3) .

احتج الشيخ بأمر الكاظمعليه‌السلام بغسل أثر ما أصابته الفأرة الرطبة(4) ، وأمر الصادقعليه‌السلام بغسل اليد من مسّ الثعلب والأرنب(5) وهو محمول على الاستحباب.

مسألة 22 : الكافر عندنا نجس لقوله تعالى :( إنّما المشركون نجس ) (6) والحذف على خلاف الأصل ، والوصف بالمصدر جائز لشدة المعنى ، وقوله تعالى :( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (7) ولقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد سئل إنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم؟ : ( لا تأكلوا فيها إلّا ان لا تجدوا غيرها ، فاغسلوها ثم كلوا فيها )(8) .

وسئل الصادقعليه‌السلام عن سؤر اليهودي والنصراني.

__________________

1 ـ السرائر : 208.

2 ـ الناصريات : 216 المسألة 9 ، جمل العلم والعمل : 49 ، الخلاف 1 : 187 مسألة 144.

3 ـ التهذيب 1 : 225 / 646 ـ 647 و 261 / 760 ، الاستبصار 1 : 19 / 40 ـ 41.

4 ـ التهذيب 1 : 261 / 761 ، الكافي 3 : 60 / 3.

5 ـ التهذيب 1 : 262 / 763 ، الكافي 3 : 61 / 4.

6 ـ التوبة : 28.

7 ـ الأنعام : 125.

8 ـ سنن البيهقي 1 : 33 ، مستدرك الحاكم 1 : 143.

٦٧

فقال : « لا »(1) .

فروع :

الأول : لا فرق بين أن يكون الكافر أصلياً أو مرتداً ، ولا بين أن يتدين بملة أو لا ، ولا بين المسلم إذا أنكر ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة وبينة ، وكذا لو اعتقد المسلم ما يعلم نفيه من الدين ضرورة.

الثاني : حكم الشيخ بنجاسة المجبرة والمجسمة(2) ، وقال ابن ادريس بنجاسة كلّ من لم يعتقد الحق إلّا المستضعف(3) ، لقوله تعالى :( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (4) .

والأقرب طهارة غير الناصب لأنّ علياًعليه‌السلام لم يجتنب سؤر من باينه من الصحابة.

الثالث : الناصب ـ وهو من يتظاهر ببغضه أحد من الائمةعليهم‌السلام ـ نجس ، وقد جعله الصادقعليه‌السلام شراً من اليهود والنصارى(5) ، والسر فيه أنهما منعا لطف النبوة وهو خاص ، ومنع هو لطف الامامة وهو عام.

وكذا الخوارج لانكارهم ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، والغلاة أيضاً أنجاس لخروجهم عن الإسلام وان انتحلوه.

الرابع : أولاد الكفار حكمهم حكم آبائهم ، وهل يتبع المسبي السابي

__________________

1 ـ الكافي 3 : 11 / 5 ، التهذيب 1 : 223 / 638 ، الاستبصار 1 : 18 / 36.

2 ـ المبسوط للطوسي 1 : 14.

3 ـ السرائر : 13.

4 ـ الأنعام : 125.

5 ـ الكافي 3 : 11 / 6 ، التهذيب 1 : 223 / 639 ، الاستبصار 1 : 18 / 37.

٦٨

في الإسلام؟ اشكال.

الخامس : قال ابن بابويه : لا يجوز الوضوء بسؤر ولد الزنا(1) ، وحكم ابن ادريس بنجاسته لأنّه كافر(2) ، وهو ممنوع ، والأقرب الطهارة.

تذنيب : ظهر مما قررناه أن النجاسات بالاصالة عشرة : البول ، والغائط ، والمني ، والدم ، والميتة ، والخمر ، والفقاع ، والكلب ، والخنزير ، والكافر ، وما عدا ذلك طاهر ، تعرض له النجاسة بملاقاة أحدها رطبا.

* * *

__________________

1 ـ الهداية : 14 ، الفقيه 1 : 8.

2 ـ السرائر : 81 ، 183 ، 241 ، 287.

٦٩
٧٠

الفصل الثاني : في أحكام النجاسات

مسألة 23 : النجاسات غير الدم يجب إزالة قليلها وكثيرها عن الثوب والبدن ، سواء قلّت أو كثرت عند علمائنا أجمع ، إلّا ابن الجنيد(1) ، وبه قال الشافعي(2) ، لقوله تعالى :( وثيابك فطُهر ) (3) وقولهعليه‌السلام : ( تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه )(4) .

وقال ابن الجنيد : إن قلّت عن الدرهم فمعفو ، كالدم(5) . وبه قال أبو حنيفة(6) ، وهو قياس في معارضة النص ، فيرد.

__________________

1 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 118.

2 ـ المجموع 3 : 131 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، كفاية الأخيار 1 : 55 ، الوجيز 1 : 8 ، الهداية للمرغيناني 1 : 35.

3 ـ المدثر : 4.

4 ـ سنن الدارقطني 1 : 127 و 128 / 2 و 7 و 9.

5 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 118.

6 ـ اللباب 1 : 52 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، فتح القدير 1 : 177 ، المحلى 1 : 94 ، بدائع الصنائع 1 : 80.

٧١

وقال مالك : لا يجب إزالة النجاسة مطلقاًً ، قلت أو كثرت(1) لقول ابن عباس : ليس على الثوب جنابة(2) ، ولا دلالة فيه.

وقال أبو حنيفة : النجاسة المغلظة يجب إزالة ما زاد على الدرهم ، والمخففة لا يجب إلّا أن يتفاحش(3) .

واختلف أصحابه في التفاحش ، قال الطحاوي : التفاحش أن يكون ربع الثوب(4) ، وقال بعضهم : ذراع في ذراع(5) ، وقال أبوبكر الرازي : شبر في شبر(6) ، وكل ذلك تخمين.

و أما الدم منها فإن كان حيضاً ، أو استحاضة ، أو نفاساً ، وجب ازالة قليله وكثيره ـ خلافاً لأحمد حيث عفى عن يسيره(7) ـ لقول الصادقعليه‌السلام عن الحائض : « تغسل ما أصاب ثيابها من الدم »(8) ولأنّه مقتضى الدليل.

وألحق به القطب الراوندي دم الكلب والخنزير ـ(9) ، واستبعده ابن ادريس(10) .

ــــــــــــــــــ

1 ـ الكافي في فقه أهل المدينة : 17 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، نيل الأوطار 2 : 119.

2 ـ مصنف عبدالرزاق 1 : 372 / 1450.

3 ـ اللباب 1 : 51 ـ 52 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، شرح فتح القدير 1 : 177 ـ 178.

4 ـ حلية العلماء 2 : 44.

5 ـ بدائع الصنائع 1 : 80 ، شرح فتح القدير 1 : 178 ، حلية العلماء 2 : 44.

6 ـ حلية العلماء 2 : 44.

7 ـ المغني 1 : 59 ، الشرح الكبير 1 : 61.

8 ـ الكافي 3 : 109 / 1 ، التهذيب 1 : 270 / 652 الاستبصار 1 : 186 / 652.

9 ـ حكاه ابن ادريس في السرائر : 35.

10 ـ السرائر : 35.

٧٢

والحق عندي اختيار القطب ، ويلحق به أيضاً دم الكافر ، والضابط دم نجس العين ، لحصول حكم طارئ للدم ، وهو ملاقاته لنجس العين ، وكذا كلّ دم أصابه نجاسة غيره.

وإن كان دم قرح أو جرح سائلا لازما لم تجب إزالته ـ وإن كثر مع نجاسته ، سواء الثوب والبدن في ذلك ـ للمشقة ، ولقولهمعليهم‌السلام عن دم القروح التي لا تزال تدمي : « يصلّي »(1) .

وان كانت الدماء تسيل ، فإن انقطع السيلان اعتبر بالدرهم ، لزوال حرج إزالته.

وإن كان مغايراً لهذين القسمين من المسفوح كدم الفصاد والبثور والذبيحة كان نجساً وتجب إزالته إنّ زاد على الدرهم البغلي إجماعاً ، لقول الباقرعليه‌السلام : « وان كان أكثر من قدر الدرهم ورآه ولم يغسله وصلّى فليعد صلاته »(2) .

وان نقص عنه لم تجب إزالته إجماعاً ، لقول الباقرعليه‌السلام : « ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم »(3) وفي الدرهم قولان لعلمائنا(4) ، أحوطهما : الوجوب.

__________________

1 ـ التهذيب 1 : 256 / 744 ، الاستبصار 1 : 177 / 615.

2 ـ التهذيب 1 : 255 / 739 ، الاستبصار 1 : 175 / 610.

3 ـ التهذيب 1 : 256 / 742 ، الاستبصار 1 : 176 / 612.

4 ـ ممن ذهب إلى الوجوب السيد المرتضى في الانتصار : 13 ، وابن أبي عقيل على ما حكاه المصنف عنه في مختلف الشيعة : 60 ، وسلار في المراسم : 55.

وإلى عدمه الشيخ في المبسوط 1 : 35 ، والمفيد في المقنعة : 10 ، والصدوق في الهداية : 15 ، وابن البراج في المهذب 1 : 51.

٧٣

فروع :

الأول : قسم الشافعي النجاسة إلى دم وغيره ، والأول : إن كان من ذي النفس السائلة ففي قول عنه : أنّه غير معفو عنه مطلقاً. وفي القديم : يعفى عما دون الكف ، وفي ثالث : يعفى عن قليله ، وهو ما لم يتفاحش.

وإن كان من غير ذي النفس فهو نجس يعفى عما قل ، دون المتفاحش ، وغير الدم لا يعفى عن قليله ولا كثيره(1) .

الثاني : الدرهم البغلي هو المضروب من درهم وثلث ، منسوب إلى قرية بالجامعين(2) ، وابن أبي عقيل قدّره بسعة الدينار(3) ، وابن الجنيد بأنملة الإبهام(4) .

الثالث : هذا التقدير في المجتمع ، والأقرب في المتفرق ذلك لو جمع ، فيجب إزالته ، أو ما يحصل معه القصور ، وقال الشيخ : ما لم يتفاحش(5) .

الرابع : لو لاقت نجاسة غير الدم ما عفي عنه منه لم يبق عفو ، سواء لاقت قبل الاتصال بالمحل أو بعده.

مسألة 24 : نجس العين لا يطهر بحال ، إلّا الخمر تتخلل ، والنطفة والعلقة [ والمضغة ](6) والدم في البيضة اذا صارت حيوانا إجماعاً ، ودخان

__________________

1 ـ المهذب للشيرازي 1 : 67 ، المجموع 3 : 133 ـ 135 ، حلية العلماء 2 : 42 ـ 43.

2 ـ الجامعين : هي حلة بني مزيد التي بأرض بابل على الفرات بين بغداد والكوفة. معجم البلدان 2 : 96. وللتوسعة في بحث الدرهم اُنظر : العقد المنير فيما يتعلق بالدراهم والدنانير.

3 ـ حكاه المحقق في المعتبر 119.

4 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 119.

5 ـ النهاية : 52.

6 ـ الزيادة من النسخة « م ».

٧٤

الاعيان النجسة عندنا ـ وهو أحد وجهي الشافعي(1) ـ وما أحالته النار عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(2) ، فإن الاستحالة أبلغ في الإزالة من الغسل ، خلافاً للشافعي(3) ، لأنّها لم تنجس بالاستحالة فلم تطهر بها ، والملازمة ممنوعة.

ولو وقع في القدر ـ وهي تغلي على النار ـ دم ، قال بعض علمائنا : تطهر بالغليان ، لأنّ النار تحيل الدم(4) ، وفيه ضعف ، ولو كان غير الدم لم تطهر إجماعا.

ولو استحال الخنزير ـ وغيره من العينيات ـ ملحاً في المملحة ، أو الزبل الممتزج بالتراب ـ حتى طال عهده ـ ترابا ، قال أبو حنيفة : يطهر ، وللشافعي وجهان(5) ، وعندي في ذلك تردد ، وللشيخ قولان في تراب القبر بعد صيرورة الميت رميماً(6) .

و أما النجس بالملاقاة فعلى أقسام :

الأول : الحصر ، والبواري ، والارض ، والثابت(7) فيها ، والأبنية ، تطهر بتجفيف الشمس خاصة من البول وشبهه ، كالماء النجس ، وإن كان خمراً إذا ذهبت الآثار.

____________

1 ـ المجموع 2 : 579.

2 ـ المجموع 2 : 579 ، بدائع الصنائع 1 : 85.

3 ـ المجموع 2 : 579.

4 ـ الصدوق في المقنع : 12.

5 ـ المجموع 2 : 579 ، السراج الوهاج : 23 ، مغني المحتاج 1 : 81 ، بدائع الصنائع 1 : 85 ، حلية العلماء 1 : 245.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 32 و 93.

7 ـ في نسخة « ش » : والنابت ، والصحيح ظاهراً ما اثبت من نسخة « م ».

٧٥

وقال بعض علمائنا : لا يطهر ، وان جازت الصلاة عليها(1) .

ولو جفّ بغير الشمس أو بقيت عينه لم يطهر إجماعاً ، وللشيخ منع في غير البول(2) .

وما اخترناه قول أبي حنيفة وصاحبيه ، والشافعي في القديم(3) ، لأنّ الأرض والشمس من شأنهما الاحالة ، وهي أبلغ من تأثير الماء ، ولأنّ الشمس تفيد سخونة ، وهي تقتضي تصاعد أجزاء النجاسة ومفارقتها.

وقال مالك والشافعي ـ في الجديد ـ وأحمد وإسحاق : لا يطهر بتجفيف الشمس(4) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بصب الذنوب(5) ، ولو سلم لم يمنع.

وهل تطهر الأرض من بول الرجل بإلقاء ذنوب عليها ، بحيث يغمرها ، ويستهلك فيه البول ، فتذهب رائحته ولونه؟ قال الشيخ : نعم(6) ، وبه قال الشافعي(7) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بإراقة ذنوب من ماءً على بول

__________________

1 ـ ذهب إليه الشيخ في المبسوط 1 : 93 ، والمحقق في المعتبر : 124 ، وابن حمزة في الوسيلة : 79.

2 ـ المبسوط للطوسي 1 : 93.

3 ـ المجموع 2 : 596 ، الاُم 1 : 52 ـ 53 ، النتف 1 : 33 ، البحر الزخار 2 : 25.

4 ـ الاُم 1 : 52 و 53 ، المجموع 2 : 596 ، القواعد في الفقه الاسلامي : 344 ، نيل الأوطار 1 : 52.

5 ـ صحيح البخاري 1 : 65 ، سنن أبي داود 1 : 103 / 380 ، صحيح مسلم 1 : 236 / 284 ، الموطأ 1 : 65 / 111.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 92.

7 ـ المجموع 2 : 591 ، الاُم 1 : 52 ، الوجيز 1 : 9 ، مغني المحتاج 1 : 85.

٧٦

الأعرابي(1) .

وقال أبو حنيفة : إنّ كانت رخوة ينزل فيها الماء كفاه الصب ، وإن كانت صلبة لم يجد فيها إلّا حفرها ونقل التراب ، لأنّ الماء المزال به النجاسة نجس ، فاذا لم يزل من الأرض كان على وجهها نجساً ، والأقرب أنها تطهر بتجفيف الشمس ، أو بإلقاء الكر ، أو الجاري ، أو المطر عليها(2) .

ولو سلم حديث الأعرابي حمل على الجفاف بالهواء ، فاعيدت الرطوبة لتجف بالشمس ، مع أن بعضهم روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بأخذ التراب الذي أصابه البول فيلقى ، ويصب على مكانه ماء‌اً(3) ، ونحن نقول بذلك.

فروع :

الأول : قال الشيخ : يحكم بطهارة الأرض التي يجري عليها وإليها(4) .

الثاني : قال الشيخ : لو بال اثنان وجب أن يطرح مثل ذلك ، وعلى هذا أبداً(5) .

__________________

1 ـ صحيح البخاري 1 : 65 ، سنن أبي داود 1 : 103 / 380 ، سنن الترمذي 1 : 296 / 147 ، سنن الدارمي 1 : 189 ، صحيح مسلم 1 : 236 / 99 ، الموطأ 1 : 64 / 111 ، مسند أحمد 2 : 239 ، سنن ابن ماجة 1 : 176 / 529 و 530.

2 ـ المجموع 2 : 592 ، نيل الأوطار 1 : 52 ، فتح الباري 1 : 259 ، بدائع الصنائع 1 : 89.

3 ـ سنن أبي داود 1 : 103 / 381 ، سنن الدارقطني 1 : 132 / 4.

4 ـ المبسوط للطوسي 1 : 93.

5 ـ المبسوط للطوسي 1 : 92.

٧٧

الثالث : ليس للذنوب تقدير ، بل ما يقهر البول ويزيل لونه وريحه.

وقال الشافعي : يطرح سبعة أضعاف البول(1) .

الرابع : لو جفت هذه الاشياء بغير الشمس لم تطهر ، فإن رمي عليها ماءً طاهر ، أو نجس ، أو بول ، وجفت بالشمس طهرت باطناً وظاهراً.

وقال الشافعي في القديم : تطهر لو جفت بغير الشمس ـ كالريح ، وطول الزمان ـ ظاهرها ، وفي باطنها قولان(2) .

الخامس : ليس الثوب كالارض ، وهو أظهر وجهي الشافعي(3) ، لأنّ في أجزاء التراب فوة محيلة إلى صفة نفسها ، بخلاف الثوب ، فلا يطهر إلّا بالغسل بالماء.

الثاني : الجسم الصقيل كالمرآة والسيف ، قال المرتضى : يطهر بالمسح إذا أزال العين ، لأنّ المقتضي للنجاسة قد زال فيزول معلوله(4) ، وقال الشيخ : لا يطهر(5) . وهو الأقوى لأنّها حكم شرعي فيقف على مورده.

الثالث : العجين بالماء النجس لايطهر بالخبز ، لقول الصادقعليه‌السلام : « يدفن ولا يباع »(6) وللشيخ قولان(7) : أحدهما : الطهارة ، لقول

__________________

1 ـ الاُم 1 : 52 ، المجموع 2 : 592.

2 ـ اُنظر الاُم 1 : 52 ـ 53.

3 ـ الاُم 1 : 55 ، المجموع 2 : 596.

4 ـ حكاه عنه في الخلاف 1 : 479 مسألة 222 ، والمعتبر : 125.

5 ـ الخلاف 1 : 479 مسألة 222.

6 ـ الاستبصار 1 : 29 / 77 ، التهذيب 1 : 414 / 1306.

7 ـ قال بالطهارة في الاستبصار 1 : 29 ـ 30 حيث رجح في ذيل أخبار الباب القول بالطهارة ، والنهاية : 8. وبالنجاسة في التهذيب 1 : 414 ذيل الحديث 1306 والمبسوط 1 : 13.

٧٨

الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أكلت النار ما فيه »(1) وهو محمول على الاحالة ، إذ بدونها لم تأكل.

واللبن المضروب بماء نجس ، أو ببول يطهر بإحراقه آجراً ، قاله الشيخ(2) ، لأنّ النار أحالت الاجزاء الرطبة.

وقال الشافعي : لا يطهر ، إلّا أن يكاثره الماء فيطهر ظاهره ، أما باطنه فإن تفتت ترابا وكاثره الماء طهر ، ولا يطهر بالاحراق(3) .

الرابع : أسفل القدم والنعل ، وباطن الخف يطهر بالارض مع زوال النجاسة ، وبه قال أبو حنيفة(4) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فإن رأى في نعله أثرا ، أو أذى فليمسحها وليصل فيها )(5) .

وقالعليه‌السلام : ( إذا وطأ أحدكم الاذى بخفيه فإن التراب له طهور )(6) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس » وقد سئل عن وطئ العذرة بالخف ثم مسحت حتى لم ير شيئاً(7) .

ولا يشترط جفاف النجاسة ، ولا أن يكون لها جرم ، خلافاً لابي

__________________

1 ـ الاستبصار 1 : 29 / 75 ، التهذيب 1 : 414 / 1304 ، الفقيه 1 : 11 / 19.

2 ـ الخلاف 1 : 501 مسألة 241.

3 ـ المجموع 2 : 597 ، الاُم 1 : 53 ، فتح العزيز 1 : 251.

4 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 82 ، اللباب 1 : 50 ، الهداية للمرغيناني 1 : 34 ، نيل الأوطار 1 : 54 ، المجموع 2 : 598 ، المحلى 1 : 94.

5 ـ سنن ابي داود 1 : 175 / 650.

6 ـ سنن ابي داود 1 : 105 / 385 ، مستدرك الحاكم 1 : 166.

7 ـ التهذيب 1 : 274 / 808.

٧٩

حنيفة(1) ، للعموم والاولوية.

مسألة 25 : ما عدا هذه الاشياء على أقسام :

الأول : الثوب يغسل من النجاسة العينية حتى يذهب العين والاثر ، وإن بقيت الرائحة واللون لعسر الإزالة ، وكذا غيره ، والمستحب صبغ أثر الحيض مع المشقة ، بالمشق وشبهه ، ويجب في الغسل أن يورد الماء على النجاسة ويغلبه عليها ، فلو أدخل الثوب أو غيره على الإناء لم يطهر ، ونجس الماء.

وللشافعي قول بعدم الطهارة مع بقاء الرائحة أو اللون وإن عسر زواله(2) ، وهو مردود ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لخولة وقد سألته عن دم الحيض يبقى أثره : ( لا بأس به يكفيك ولا يضرك أثره )(3) .

ولو كانت النجاسة حكمية ، وهي التي لا تدرك بالحواس ، كالبول إذا جفّ على الثوب ، ولم يوجد له أثر ، يجب غسلها أيضاً عن الثوب والبدن وغيرهما.

ولا بد في غسل الثوب من العصر ـ وهو أحد قولىّ الشافعي(4) ـ لأنّ الغسالة نجسة ، فلا يطهر مع بقائها فيه ، ولا يكفي صب الماء ، ولا بد من الغسل مرتين.

__________________

1 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 82 ، الهداية للمرغيناني 1 : 34 ، فتح القدير 1 : 172 ، اللباب 1 : 50 ، المحلى 1 : 94.

2 ـ فتح العزيز 1 : 240 ، مغني المحتاج 1 : 85.

3 ـ سنن ابي داود 1 : 100 / 365 ، مسند أحمد 2 : 364 و 380.

4 ـ السراج الوهاج : 24 ، مغني المحتاج 1 : 85 ، المجموع 2 : 593 ، فتح العزيز 1 : 244.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

رجل - وأنا شاهد - بكتاب مسلم، فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر فقال: ما أبعد هذا عن الصحيح! ثم رأى قطن بن نسير فقال لي: وهذا أطمّ من الأول، قطن بن نسير يصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس ثم نظر فقال: يروي عن أحمد ابن عيسى في الصحيح! ما رأيت أهل مصر يشكّون في أنّه - وأشار إلى لسانه -»(١) .

وقال: «قال أبو قريش الحافظ: كنت عند أبي زرعة فجاء مسلم بن الحجّاج فسلّم عليه وجلس ساعة وتذاكرا، فلمّا قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح. قال: فلمن ترك الباقي؟! ثمّ قال: هذا ليس له عقل، لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلاً»(٢) .

وقال الذهبي في ترجمة على بن المديني شيخ البخاري: «علي بن عبدالله بن جعفر ابن الحسن الحافظ، أحد الأعلام الأثبات، وحافظ العصر، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع، فقال: جنح إلى ابن داود والجهمية، وحديثه مستقيم إن شاء الله. قال لي عبدالله بن أحمد: كان أبي حدّثنا عنه، ثم أمسك عن اسمه وكان يقول: حدّثنا رجل، ثمّ ترك حديثه بعد ذلك. قلت: بل حديثه عنه في مسنده، وقد تركه إبراهيم الحربي وذلك لميلة إلى أحمد بن أبي داود، فقد كان محسناً إليه.

وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحة لهذا المعنى، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه محمد(٣) لأجل مسألة اللفظ. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كان أبو زرعة ترك الرواية عنه من

__________________

(١) تذهيب التهذيب - ترجمة أحمد بن عيسى المصري، ميزان الاعتدال ١: ١٢٥.

(٢) سير أعلام النبلاء - ترجمة محمد بن يحيى الذهلي ١٢: ٢٨٠.

(٣) هو محمد بن إسماعيل البخاري.

٣٠١

أجل ما كان منه في المحنة»(١) .

وقال المناوي في ترجمة البخاري: «زين الامّة، إفتخار الأئمّة، صاحب أصحّ الكتب بعد القرآن وقال المذهبي: كان من أفراد العالم مع الدين والورع والمتانة. هذه عبارته في الكاشف. ومع ذلك غلب عليه الغضّ من أهل السنّة، فقال في كتاب الضعفاء والمتروكين: ما سلم من الكلام لأجل مسألة اللفظ، تركه لأجلها الرازيّان(٢) . هذه عبارته واستغفر الله تعالى، نسأل الله السلامة ونعوذ به من الخذلان»(٣) .

ترجمة أبي زرعة الرازي

وقد ترجم الذهبي وابن حجر وغيرهما أبا زرعة ترجمة حافلة وأوردوا كلمات القوم في إمامته وثقته وحفظه وورعه بما يطول ذكره، والجدير بالذكر قول الذهبي في آخر ترجمته: «قلت: يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والخبرة»(٤) .

وقول أبي حاتم في حقّه: «إذا رأيت الرازي ينتقص أبا زرعة فاعلم أنّه مبتدع»(٥) .

وقول ابن حبّان: «كان أحد أئمّة الدنيا في الحديث، مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣: ١٣٨.

(٢) هما: أبو زرعة الرازي وأبو حاتم الرازي.

(٣) فيض القدير ١: ٢٤.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٣: ٨١.

(٥) تهذيب التهذيب ٧: ٣٠.

٣٠٢

الناس»(١) .

وقول ابن راهويه: «كلّ حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل»(٢) .

إمتناع أبي حاتم من الرواية عن البخاري

٢ - وامتنع أبو حاتم الرازي من الرواية عن البخاري كما عرفت.

تكلّم الذهلي في البخاري ومسلم

٣ - وتكلّم محمد بن يحيى الذهلي في البخاري، وكذا إخراجه مسلماً من مجلس بحثه، مذكور في جميع كتب التراجم

قال الذهبي عن الحاكم: «وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: لمّا استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجّاج الإختلاف إليه، فلمّا وقع بين الذهلي وبين البخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس عنه، انقطع عنه أكثر الناس غير مسلم، فقال الذهلي يوماً: ألا من قال باللفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس، وبعث إلى الذهلي ما كتب عنه على ظهر حمّال، وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.

قال: وسمعت محمد بن يوسف المؤذّن: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: حضرت مجلس محمد بن يحيى، فقال: ألا من قال: لفظي

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٧: ٣٠.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٣: ٧١، تهذيب التهذيب ٧: ٢٩، الكاشف ٢: ٢٠١.

٣٠٣

بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا، فقام مسلم بن الحجّاج عن المجلس، رواها أحمد بن منصور الشيرازي عن محمد بن يعقوب، فزاد: وتبعه أحمد بن سلمة.

قال أحمد بن منصور الشيرازي: سمعت محمد بن يعقوب الأخرم، سمعت أصحابنا يقولون: لمّا قام مسلم وأحمد بن سلمة من مجلس الذهلي قال: لا يساكنني هذا الرجل في البلد. فخشي البخاري وسافر»(١) .

ترجمة الذهلي

وترجم له الخطيب فقال: «كان أحد الآئمة والعارفين والحفّاظ المتقنين والثقات المأمونين، صنّف حديث الزهري وجوّده، وقدم بغداد وجالس شيوخها وحدّث بها، وكان الإمام أحمد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله، وقد حدّث عنه جماعة من الكبراء» فذكر كلمات الثناء عليه حتى نقل عن بعضهم قوله: «كان أمير المؤمنين في الحديث»(٢) .

والجدير بالذكر رواية البخاري عنه بالرغم ممّا كان منه في حقّه، لكن مع تدليس في اسمه، قال الذهبي: «روى عنه خلائق منهم محمد بن إسماعيل البخاري، ويدلّسه كثيراً، لا يقول: محمد بن يحيى، بل يقول: محمد فقط، أو محمد ابن خالد، أو محمد بن عبدالله، ينسبه إلى الجدّ ويعمّي اسمه لمكان الواقع بينهما»(٣) .

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٢: ٤٦٠، هدى الساري في مقدّمة فتح الباري ٢: ٢٦٤.

(٢) تاريخ بغداد ٣: ٤١٥.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٢: ٢٧٤.

٣٠٤

البخاري في كتاب (الجرح والتعديل).

٤ - وأورد بن أبي حاتم البخاريّ في كتاب (الجرح والتعديل) وقال ما نصّه: «قدم محمد بن إسماعيل الريّ سنة ٢٥٠ وسمع منه أبي وأبو زرعة، وتركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى أنّه أظهر عندهم بنيسابور أنّ لفظه بالقرآن مخلوق»(١) .

ترجمة ابن أبي حاتم

وقد وصفوا ابن أبي حاتم بالإمامة والحفظ والثقة والزهد، بل قالوا: «كان يعدّ من الأبدال»(٢) . وقال الذهبي: «له كتاب نفيس في الجرح والتعديل»(٣) . وعن ابن مندة: «له الجرح والتعديل في عدّة مجلّدات، تدلّ على سعة حفظه وإمامته»(٤) .

طعن إبن الأعين في البخاري.

٥ - وقال أبو بكر ابن الأعين: «مشايخ خراسان ثلاثة: قتيبة، وعلي بن حجر، ومحمد بن مهران الرازي. ورجالها أربعة: عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي، ومحمد بن إسماعيل البخاري - قبل أن يظهر -،

__________________

(١) الجرح والتعديل ٧: ١٩١.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٠٣: ٢٦٤، مرآة الجنان ٢: ٢٨٩، فوات الوفيات ٢: ٢٨٨.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٣: ٢٦٤.

(٤) فوات الوفيات ٢: ٢٨٨.

٣٠٥

ومحمد بن يحيى، وأبو زرعة»(١) .

وقوله: «قبل أن يظهر» طعن كما هو ظاهر.

وابن الأعين من أكابر الحفّاظ الأعلام.

البخاري في كتاب (الضعفاء للذهبي)

٦ - وأورد الذهبي البخاري في كتاب «ميزان الإعتدال في نقد الرجال» وكتاب «المغني في الضعفاء»(٢) وهو ما استنكره المناوي في عبارته آنفة الذكر.

(٢)

آراء العلماء في الصحيحين

وتضمّنت الكلمات السالفة الذكر - عن جمع من أعلام الجرح والتعديل الّذين يكفي قدح الواحد منهم للسقوط عن درجة الاعتبار - الطعن في الصحيحين أو أحدهما. وفي ذلك كفاية في وهن دعوى الإجماع على تلقّي الامّة(٣) أحاديثهما بالقبول وهنا نتعرّض لآراء عدّة من الأكابر السابقين واللاحقين في حكم أحاديث الصحيحين.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء - ترجمة على بن حجر ١١: ٥٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٣: ٤٨٥، المغني ٢: ٥٥٧.

(٣) مضافاً إلى أنّ الشيعة الاثني عشرية، والزيدية والحنفية، والظاهرية لا يقولون بذلك وهم من هذه الأمّة.

٣٠٦

معلومات عن الصحيحين

وقبل الورود في ذلك نذكر معلوماتٍ نقلاً عن شرّاح الكتابين والعلماء المحقّقين في الحديث:

١ - قد انتقد حفّاظ الحديث البخاري في «١١٠» أحاديث، منها «٣٢» حديثاً وافقه مسلم فيها، و «٧٨» انفرد هو بها(١) .

٢ - الّذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم «أربعمائة وبضعه وثلاثون» رجلاً. المتكلّم فيه بالضعف منهم «٨٠» رجلاً. والّذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري «٦٢٠» رجلاً، المتكلّم فيه بالضعف منهم «١٦٠» رجلاً(٢) .

٣ - الأحاديث المنتقدة المخرّجة عندهما معاً بلغت «٢١٠» حديثاً، اختصّ البخاري منها بأقلّ من «٨٠» حديثاً، والباقي يختصّ بمسلم(٣) .

٤ - هناك رواة يروي عنهم البخاري، ومسلم لا يرتضيهم ولايروي عنهم، ومن أشهرهم: عكرمة مولى ابن عبّاس.

٥ - قد اتفّق الشيخان على الرواية عن أقوام انتقدهم أصحاب الصحاح الاخرى وأئمّة المذاهب ومن أشهرهم: محمد بن بشّار حتى نسب إلى الكذب(٤) .

__________________

(١) مقدّمة فتح الباري: ٩.

(٢) مقدّمة فتح الباري: ٩.

(٣) مقدّمة فتح الباري: ٩.

(٤) ميزان الاعتدال: ٣ / ٤٩٠.

٣٠٧

٦ - إنّه قد اختلف عدد أحاديث البخاري في روايات أصحابه لكتابه، وقال ابن حجر: عدة ما في البخاري من المتون الموصولة بلا تكرار «٢٦٠٢» ومن المتون المعلّقة المرفوعة «١٥٩»، فالمجموع «٢٧٦١»، وقال في شرح البخاري: إنّ عدّته على التحرير «٢٥١٣» حديث(١) .

٧ - إنّ البخاري ما قبل أن يبيّض كتابه، ولذا اختلفت نسخه ورواياته(٢) .

٨ - إن البخاري لم يكن يكتب الحديث في مجلس سماعه، بل بلده؛ فعن البخاري أنّه قال: ربّ حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، وربّ حديث سمعته بالشام كتبته بمصر، فقيل له: يا أبا عبدالله بكماله؟! فسكت»(٣) .

أمّا مسلم فقد «صنّف كتابه في بلده بحضور اصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرّ في الألفاظ ويتحرّى في السياق ...»(٤) .

وبعد، فإنّ دعوى تلقّي الامّة أحاديث الصحيحين بالقبول وقيام الإجماع عن صحّتها لا أساس لها من الصحّة لما تقدّم ويأتي:

النووي

١ - النووي: «ليس كلّ حديث صحيح يجوز العمل به فضلاً عن أن

__________________

(١) أضواء على السنّة المحمّدية: ٣٠٧.

(٢) انظر: مقدّمة فتح الباري: ٦، أضواء على السنّة المحمّدية: ٣٠١.

(٣) تاريخ بغداد ٢: ١١.

(٤) مقدّمة فتح الباري: ١٠.

٣٠٨

يكون العمل به واجباً»(١) وقال: «وما يقوله الناس: إنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة، هذا من التجوّه ولا يقوى»(٢) .

ابن الهمام

٢ - كمال الدين ابن لهمام: «وقول من قال: أصحّ الأحاديث ما في الصحيحين، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شرطهما، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما، تحكّم لا يجوز التقليد فيه، إذا الأصحّيّة ليست إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها، فإن فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين، أفلا يكون الحكم بأصحيّة ما في الكتابين عين التحكّم؟!»(٣) .

أبو الوفاء القرشي(٤)

٣ - أبو الوفاء القرشي: «فائدة: حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسلم وغيره - يشتمل على أنواع منها التورّك في الجلسة الثانية - ضعّفه الطحاوي ولا يحنق علينا لمجيئه في مسلم، وقد وقع في مسلم أشياء لا تقوى عند الإصطلاح، فقد وضع الحافظ الرشيد العطّار على الأحاديث المقطوعة المخرّجة في مسلم كتاباً

__________________

(١) التقريب في علم الحديث، عنه في منتهى الكلام في الردّ على الشيعة: ٢٧.

(٢) المنهاج في شرح صحيح مسلم، وعنه أضواء على السنّة المحمّدية: ٣١٣، «والتجّوه» طلب الجاه بتكلّف.

(٣) شرح الهداية في الفقه، وعنه في أضواء على السنّة المحمّدية: ٣١٢.

(٤) ترجمته في: حسن المحاضرة ١: ٤٧١، الدرر الكامنة ٢: ٣٩٢، شذرات الذهب ٦: ٢٣٨.

٣٠٩

سماّه بـ (غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة) وبيّنها الشيخ محيي الدين في أوّل شرح مسلم.

وما يقوله الناس: إن من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة، هذا أيضاً من التحنّق ولا يقوى، فقد روى مسلم في كتابه عن ليث بن أبي مسلم وغيره من الضعفاء، فيقولون: إنّما روى في كتابه للإعتبار والشواهد والمتابعات والإعتبارات، وهذا لا يقوى، لأنّ الحفّاظ قالوا: الإعتبار والشواهد والمتابعات والإعتبارات امور يتعرّفون بها حال الحديث، وكتاب مسلم التزم فيه الصحّة، فكيف يتعرّف حال الحديث الذي فيه بطرق ضعيفة.

واعلم أنّ (عن) مقتضية للإنقطاع عند أهل الحديث، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شيء كثير، فيقولون على سبيل التحنّق: ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع، وما كان في الصحيحين فمحمول على الإتّصال.

وروى مسلم في كتابه عن أبي الزبير عن جابر أحاديث كثيرة بالعنعنة، وقال الحافظ: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكّي يدلّس في حديث جابر، فما كان يصفه بالعنعة لا يقبل، وقد ذكر ابن حزم وعبدالحقّ عن الليث بن سعد أنّه قال لأبي الزبير: علّم لي أحاديث سمعتها من جابر حتى أسمعها منك، فعلّم لي أحاديث أظنّ أنّها سبعة عشر حديثاً فسمعتها منه، قال الحافظ: فما كان من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر صحيح.

وقد روى مسلم في كتابه أيضاً عن جابر وابن عمر في حجّة الوداع: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله توجّه إلى مكّة يوم النحر، وطاف

٣١٠

طواف الإفاضة، ثم رجع فصلّى الظهر بمنى، فينحنقون ويقولون: أعادها لبيان الجواز، وغير ذلك من التأويلات، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين: إحداهما كذب بلا شكّ.

وروى مسلم أيضاً حديث الإسراء وفيه: «وذلك قبل أن يوحى إليه» وقد تكلّم الحفّاظ في هذه اللفظة وبيّنوا ضعفها.

وروى مسلم أيضأ: «خلق الله التربة يوم السبت»، واتفّق الناس على أنّ يوم السبت لم يقع فيه خلق.

وروى مسلم عن أبي سفيان أنّه قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا أسلم: يا رسول الله اعطني ثلاثاً: تزوّج ابنتي أمّ حبيبة، وابني معاوية اجعله كاتباً، وأمّرني أن اقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، فأعطاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحديث معروف مشهور. وفي هذا من الوهم ما لا يخفى، فامّ حبيبة تزوّجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعمائة دينار، وحضر وخطب وأطعم، والقصّة مشهورة. وأبو سفيان إنّما أسلم عام الفتح وبين الهجرة إلى الحبشة والفتح عدّة سنين، ومعاوية كان كاتباً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل، وأمّا إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ: إنّهم لا يعرفونها.

فيجيبون على سبيل التحنّق بأجوبة غير طائلة فيقولون في نكاح ابنته: إعتقد أن نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر، فأراد من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تجديد النكاح. ويذكرون عن الزبير بن بكّار بأسانيد ضعيفة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمّره في بعض الغزوات، وهذا لا يعرف.

وما حملهم على هذا كلّه بعض التعصّب، وقد قال الحافظ:

٣١١

إنّ مسلماً لمّا وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي فأنكر عليه وقال: سمّيته الصحيح فجعلت سلّماً لأهل البدع وغيرهم، فإذا روى لهم المخالف حديثاً يقولون: هذا ليس في صحيح مسلم؛ فرحم الله تعالى أبا زرعة فقد نطق بالصواب، فقد وقع هذا.

وما ذكرت ذلك كلّه إلاّ أنّه وقع بيني وبين بعض المخالفين بحث في مسألة التورّك، فذكر لي حديث أبي حميد المذكور أولاً، فأجبته بتضعيف الطحاوي فما تلفّظ وقال: مسلم يصحّح والطحاوي يضعّف، والله تعالى يغفر لنا وله آمين»(١) .

الأدفوي

٤ - أبو الفضل الأدفوي(٢) : «ثم أقول: إنّ الامّة تلقّت كلّ حديث صحيح وحسن بالقبول، وعملت به عند عدم المعارض، وحينئذ لا يختصّ بالصحيحين، وقد تلقّت الامّة الكتب الخمسة أو الستّة بالقبول وأطلق عليها جماعة اسم (الصحيح) ورجّح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره.

قال أبو سليمان أحمد الخطّابي: كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في حكم الدين كتاب مثله، وقد زرق من الناس القبول كافّة، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وكتاب السنن أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من كتب البخاري

__________________

(١) الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ٢: ٤٢٨ - ٤٣٠.

(٢) ترجمته في: الدرر الكامنة ٢: ٧٢، النجوم الزاهرة ١٠: ٢٣٧، البدر الطالع ١: ١٨٢، حسن المحاضرة ١: ٣٢٠، شذرات الذهب ٦: ١٥٣.

٣١٢

ومسلم.

وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: سمعت الإمام أبا الفضل عبدالله بن محمد الأنصاري بهراة يقول: وقد جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه فقال -: كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم.

وقال الإمام أبو القاسم سعيد بن علي الزنجاني: إنّ لأبي عبدالرحمن النسائي شرطاً في الرجال أشدّ من شرط البخاري ومسلم.

وقال أبو زرعة الرازي لمّا عرض عليه ابن ماجة السنن كتابه: أظنّ إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلّها، أو قال: أكثرها.

ووراء هذا بحث آخر وهو: أنّ قول الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح: إنّ الامّة تلقّت الكتابين بالقبول، إن أراد كلّ الامّة فلا يخفى فساد ذلك، إذ الكتابان إنّما صنّفا في المائة الثالثة بعد عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وأئمّة المذاهب الأربعة، ورؤوس حفّاظ الأخبار ونقّاد الآثار المتكلّمين في الطرق والرجال، المميّزين بين الصحيح والسقيم.

وإن أراد بالأمّة الّذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الامّة، فلا يستقيم له دليله الذي قرّره من تلقّي الامّة وثبوت العصمة لهم، والظاهرية إنّما يعتنون بإجماع الصحابة خاصة، والشيعة لا تعتدّ بالكتابين وطعنت فيهما، وقد اختلف في اعتبار قولهم في الإجماع والإنعقاد.

ثم إن أراد كلّ حديث فيهما تلقّي بالقبول من الناس كافّة فغير مستقيم، فقد تكلّم جماعة من الحفّاظ في أحاديث فيهما، فتكلّم الدار قطني في أحاديث وعلّلها، وتكلّم ابن حزم في أحاديث كحديث

٣١٣

شريك في الإسراء، قال: إنّه خلط، ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها، والقطع لا يقع التعارض فيه.

وقد اتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديث «محمد بن بشّار بندار» وأكثرا من الإحتجاج بحديثه، وتكلّم فيه غير واحد من الحفّاظ، أئمّة الجرح والتعديل، ونسب إلى الكذب، وحلف عمرو بن علي الفلاس شيخ البخاري أنّ بندار يكذب في حديثه عن يحيى، وتكلّم فيه أبو موسى، وقال علي بن المديني في الحديث الذي رواه في السجود: هذا كذب، وكان يحيى لا يعبأ به ويستضعفه، وكان القواريري لا يرضاه.

وأكثرا من حديث «عبد الرزّاق» والإحتجاج به، وتكلّم فيه ونسب إلى الكذب.

وأخرج مسلم عن «أسباط بن نصر» وتكلّم فيه أبو زرعة وغيره.

وأخرج أيضاً عن «سماك بن حرب» وأكثر عنه، وتكلّم فيه غير واحد، وقال الإمام أحمد بن حنبل: هو مضطرب الحديث، وضعّفه أمير المؤمنين في الحديث شعبة، وسفيان الثوري؛ وقال يعقوب بن شعبة: لم يكن من المتثبّتين؛ وقال النسائي: في حديثه ضعف؛ قال شعبة: كان سماك يقول في التفسير عكرمة، ولو شئت لقلت له: ابن عبّاس، لقاله: وقال ابن المبارك: سماك ضعيف في الحديث؛ وضعّفه ابن حزم قال: وكان يلقّن فيتلقّن.

وكان أبو زرعة يذمّ وضع كتاب مسلم ويقول: كيف تسمّيه الصحيح وفيه فلان وفلان وذكر جماعة.

وأمثال ذلك يستغرق أوراقاً، فتلك الأحاديث عندهما ولم يتلقّوهما بالقبول.

٣١٤

وإنّ أراد غالب ما فيهما سالم من ذلك لم يبق له حجّة»(١) .

القاري

٥ - الشيخ علي القاري حول صحيح مسلم: «وقد وقع منه أشياء لا تقوى عند المعارضة، وقد وضع الرشيد العطّار كتاباً على الأحاديث المقطوعة فيه، وبيّنها الشيخ محيي الدين في أول شرح مسلم.

وما يقوله الناس: إنّ من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة، هذا أيضاً من التجاهل والتساهل فقد روى مسلم في كتابه عن الليث ...» إلى آخر ما ذكره من الأمثلة لما قاله، بعبارات تشبه عبارات الأدفوي(٢) .

محبّ الله بن عبد الشكور

٦ - الشيخ محبّ الله بن عبدالشكور صاحب «مسلّم الثبوت».

عبدالعلي الأنصاري

٧ - الشيخ عبدالعلي الأنصاري الهندي - شارح مسلّم الثبوت -، وهذا كلامه مازجاً بالمتن: «(فرع: إبن الصلاح وطائفة) من الملقّبين بأهل الحديث (زعموا أنّ رواية الشيخين) محمد بن إسماعيل (البخاري ومسلم) بن الحجّاج صاحبي الصحيحين (تفيد العلم النظري، للإجماع

__________________

(١) الإمتاع في أحكام السماع، عنه في خلاصة عبقات الأنوار - تأليف: علي الحسيني الميلاني - ٦ / ١٦٩

(٢) اُنظر: خلاصة عبقات الأنوار ٦ / ١٦٧.

٣١٥

على أنّ للصحيحين مزيّة) على غيرهما، وتلقّت الامّة بقبولهما، والإجماع قطعي.

وهذا بهت، فإنّ من رجع إلى وجدانه يعلم بالضرورة أنّ مجرّد روايتهما لا يوجب اليقين ألبتّة، وقد روي فيهما أخبار متناقضة، فلو أفادت روايتهما علماً لزم تحقّق النقيضين في الواقع (وهذا) أي ما ذهب إليه ابن الصلاح وأتباعه (بخلاف ما قاله الجمهور) من الفقهاء والمحدّثين، لأنّ انعقاد الإجماع على المزيّة على غيرهما من مرويّات ثقات آخرين ممنوع، والإجماع على مزيّتهما في أنفسهما لا يفيد و (لأنّ جلالة شأنهما وتلقّي الأمّة لكتابيهما والإجماع على المزيّة لو سلم لا يستلزم ذلك) القطع والعلم، فإنّ القدر المسلّم المتلقّى بين الامّة ليس إلاّ أنّ رجال مرويّاتهما جامعة للشروط التي اشترطها الجمهور لقبول روايتهم، وهذا لا يفيد إلاّ الظنّ، وأمّا أنّ مرويّاتهما ثابتة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا إجماع عليه أصلاً. كيف ولا إجماع على صحّة جميع ما في كتابيهما، لأنّ روايتهما منهم قدريّون وغيرهم من أهل البدع، وقبول رواية أهل البدع مختلف فيه، فأين الإجماع على صحّة مرويّات القدريّة؟!»(١) .

ابن أمير الحاج

٨ - ابن أمير الحاجّ(٢) : «ثم ممّا ينبغي التنبّه له أنّ أصحّيّتهما

__________________

(١) فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت ٢ / ١٢٣.

(٢) ترجمته في: شذرات الذهب ٦ / ٣٢٨، الضوء اللامع ٩ / ٢١٠، البدر الطالع ٢ / ٢٥٤.

٣١٦

على ما سواهم تنزّلاً إنّما تكون بالنظر إلى من بعدهما، لا المجتهدين المتقدّمين عليهما، فإنّ هذا مع ظهوره قد يخفى على بعضهم أو يغالط به»(١) .

المقبلي

٩ - المقبلي(٢) في كتابه (العلم الشامخ): «في رجال الصحيحين من صرّح كثير من الأئمة بجرحهم، وتكلّم فيهم من تكلّم بالكلام الشديد، وإن كان لا يلزمهما إلاّ العمل باجتهادهما»(٣) .

محمد رشيد رضا

١٠ - السيّد محمد رشيد رضا، بعد أن عرض للأحاديث المنتقدة على البخاري: «وإذا قرأت ما قاله الحافظ(٤) فيها رأيتها كلّها في صناعة الفنّ ولكنّك إذا قرأت الشرح نفسه (فتح الباري) رأيت له في أحاديث كثيرة إشكالات(٥) في معانيها أو تعارضها مع غيرها، مع محاولة الجمع بين المختلفات وحلّ المشكلات بما يرضيك بعضه دون بعض»(٦) .

__________________

(١) التقرير والتحبير في شرح التحرير في اصول الفقه، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣١٤.

(٢) صالح بن مهدي ترجمته في: الأعلام ٣: ١٩٧.

(٣) العلم الشامخ، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣١٠.

(٤) هو الحافظ ابن حجر العسقلاني.

(٥) قلت: سنشير على مواضع منها فيما سيأتي.

(٦) المنار ٢٩: ٤١.

٣١٧

وقال: «ممّا لا شكّ فيه أيضاً أنّه يوجد في غيرهما من دواوين السنّة أحاديث أصحّ من بعض ما فيهما ولا يخلو [ البخاري ] من أحاديث قليلة في متونها نظر قد يصدق عليه بعض ما عدّوه من علامة الوضع، كحديث سحر بعضهم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أنكره بعض العلماء كالإمام الجصّاص من المفسّرين المتقدّمين والاستاذ الإمام محمد عبده من المتأخّرين، لأنّه معارض بقوله تعالى:( إذ يقول الظالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحوراً * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً ) [ الإسراء ١٧: ٤٧ و ٤٨ ].

هذا، وإنّ في البخاري أحاديث في امور العادات والغرائز ليست من اصول الدين ولا فروعه، فإذا تأمّلتم هذا وذاك علمتم أنّه ليس من اصول الدين ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه، بل لم يشترط أحد في صحّة الإسلام ولا في معرفته التفصيلية، الإطّلاع على صحيح البخاري والإقرار بكلّ ما فيه.

وعلمتم أيضاً أنّ المسلم لا يمكن أن ينكر حديثاً من هذه الأحاديث بعد العلم به إلاّ بدليل يقوم عنده على عدم صحّته متناً أو سنداً، فالعلماء الّذين أنكروا صحّة بعض هذه الأحاديث لم ينكروها إلاّ بأدلّة قامت عندهم، قد يكون بعضها صواباً وبعضها خطأً، ولا يعدّ أحدهم طاعناً في دين الإسلام»(١) .

أبورية

١١ - الشيخ محمود أبو ريّة فإنّه انتقد الصحيحين انتقاداً

__________________

(١) المنار ٢: ١٠٤ - ١٠٥.

٣١٨

علمياً، واستشهد في بحثه بكلمات العلماء من المتقدّمين والمتأخرين(١) .

أحمد أمين

١٢ - الدكتور أحمد أمين - حول البخاري -: «إنّ بعض الرجال الّذين روى لهم ثقات، وقد ضعّف الحفّاظ من رجال البخاري نحو الثمانين، وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل ...»(٢) .

شكيب أرسلان

١٣ - الأمير شكيب أرسلان: «إنّ كثير بن من المسلمين ومن ذوي الحميّة الإسلامية وممّن لا ينقصهم شيء من الإيمان والإيقان لا يرون من الواجب الديني الإيمان بكلّ ما جاء في الصحيحين وغيرهما من الأحاديث، لاحتمال أن يكون تطرّق إليها التبديل والتغيير أو دخلها الزيادة والنقصان ...»(٣) .

أحمد محمد شاكر

١٤ - الشيخ أحمد محمد شاكر: «قد وقع في الصحيحين أحاديث كثيرة من رواية بعض المدلّسين»(٤) .

__________________

(١) أضواء على السنّة المحمديّة: ٢٩٩ - ٣١٦.

(٢) ضحى الإسلام ٢: ١١٧ - ١١٨.

(٣) حاضر العالم الإسلامي ١: ٤٤ - ٥١، وعنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣٢٦.

(٤) شرح ألفيّة السيوطي، عنه في أضواء على السنّة المحمديّة: ٣١١.

٣١٩

(٣)

الصحيحان في الميزان

هذا وقد ألّف بعض أعاظم القوم «علل الحديث» المخّرج في الصحيحين كالدار قطني.

وآخر «غريب الصحيحين» كالضياء المقدسي.

وثالث: «نقد الصحيح» كالفيروز آبادي.

ورابع «التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح» كالزركشي.

وخامس «غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة» كالعطّار

ودافع ابن حجر العسقلاني عن البخاري وحاول رفع مشكلات حديثه في مقدّمة شرحه، لكنّه أخفق في موضع واعترف بالإشكال وستعلم بعض ذلك ...

مقدّمة فيها مطلبان

وقبل الشروع في ذكر نماذج من الأحاديث المحكوم عليها بالوضع أو الضعف أو الخطأ المخرّجة في الصحيحين نذكّر بمطلبين:

١ - إنّا عندما نلاحظ كتب الحديث وعلومه عند القوم، ونستعرض أحوال محدّثيهم ورواتهم، نجد أنّهم يهتمّون برواية الحديث ونقله بسنده ومتنه، ولا يعتنون بالنظر في معناه ومدلوله، وأنّ الأوصاف والألقاب والمناقب والمراتب تعطى لمن كان أوسع جمعاً وأكثر رواية، لا لمن أدقّ نظراً وأوفر درايةً ومن هنا كثرت منهم الأغلاظ الفاحشة، حتى

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368