التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف15%

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 368

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 185063 / تحميل: 6488
الحجم الحجم الحجم
التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

القسم السابع

الأحاديث الواردة عنهمعليهم‌السلام في

أن ما بأيدي الناس هو القرآن النازل من عند الله

وصريح جملة من الأحاديث الواردة عن أئمّة أهل البيت، أنهمعليهم‌السلام كانوا يعتقدون في هذا القرآن الموجود بأنّه هو النازل من عند الله سبحانه على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذه الأحاديث كثيرة ننقل هنا بعضها:

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

«كتاب ربّكم فيكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصّه وعامّه، وعبره وأمثاله، ومرسله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه، مفسّراً مجمله، ومبيّناً غوامضه، بين مأخوذ ميثاق في علمه، وموسّع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكتاب فرضه، ومعلوم في السنّة نسخه، وواجب في السنّة أخذه، ومرخّص في الكتاب تركه، وبين واجب بوقته، وزائل في مستقبله، ومباين بين محارمه، من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبوله في أدناه، موسّع في أقصاه»(١) .

وقالعليه‌السلام : «أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصّر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تبليغه وأدائه؟ والله سبحانه يقول:( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) وقال:

__________________

(١) نهج البلاغة ٤٤ | ١.

٤١

( فيه تبيان لكل شيء ) وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضاً، وأنّه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه:( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تكشف الظلمات إلاّ به»(١) .

وعن الريان بن الصلت قال: «قلت للرضاعليه‌السلام يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟

فقال: كلام الله، لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا»(٢) .

وجاء فيما كتبه الإمام الرضاعليه‌السلام للمأمون في محض الإسلام وشرائع الدين:

«وإنّ جميع ما جاء به محمد بن عبدالله هو الحق المبين، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه.

والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) وأنه المهيمن على الكتب كلّها، وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته، نؤمن بمحكمه ومتشابهه، وخاصّه وعامّه، ووعده ووعيده، وناسخه ومنسوخه، وقصصه وأخباره، لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله»(٣) .

وعن علي بن سالم عن أبيه قال: «سألت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام فقلت له: يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟

__________________

(١) نفس المصدر ٦١ / ١٨.

(٢) عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ٢: ٥٧. الأمالي ٥٤٦.

(٣) عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ٢: ١٣٠.

٤٢

فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) »(١) .

(٣)

قول عمر بن خطاب: حسبنا كتاب الله

ومن الرزايا العظيمة والكوارث الفادحة التي قصمت ظهر المسلمين وأدّت إلى ضلال أكثرهم عن الهدى الذي أراده لهم الله ورسوله، ذلك الخلاف الذي حدث عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي اللحظات الأخيرة من عمره الشريف، بين صحابته الحاضرين عنده في تلك الحال.

ومجمل القضية هو: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لما حضرته الوفاة وعنده رجال من صحابته - فيهم عمر بن الخطاب - قال: هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده، وفي لفظ آخر: إئتوني بالكتف والدواة - أو: اللوح والدواة - أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً.

فقال عمر: إنّ النبي قد غلب عليه الوجع(٢) ، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله.

وفي لفظ آخر: فقالوا: إنّ رسول الله يهجر. - من دون تصريح

__________________

(١) الأمالي: ٥٤٥.

(١) قال سيدنا شرف الدين: «وقد تصرّفوا فيه: فنقوله بالمعنى، لأنّ لفظه الثابت: إنّ النبي يهجر. لكنهم ذكروا أنّه قال: إنّ النبي قد غلب عليه الوجع، تهذيباً للعبارة، واتقاء فظاعتها ...» النصّ والإجتهاد: ١٤٣.

٤٣

باسم المعارض -!

فاختلف الحاضرين، منهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر!

فلما أكثروا ذلك عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم: قوموا عنّي(١) .

وليس نحن الآن بصدد محاسبة هذا الرجل على كلامه هذا الذي غيّر مجرى التأريخ، وحال دون ما أراده الله والرسول لهذه الامة من الخير والصلاح والرشاد، إلى يوم القيامة، حتى أنّ ابن عباس كان يقول - فيما يروى عنه -:

«يوم الخميس وما يوم الخميس» ثم يبكي(٢) .

وكان رضي الله عنه يقول:

«إنّ الرزيّة كل الرزيّة ما حال بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين كتابه»(٣) .

وإنّما نريد الإستشهاد بقوله: «إن عندنا القرآن، حسبنا كتاب الله» الصريح في وجود القرآن عندهم مدوّناً مجموعاً حينذاك، ويدل على ذلك أنّه لم يعترض عليه أحد - لا من القائلين قرّبوا يكتب لكم النبي كتاباً، ولا من غيرهم - بأنّ سور القرآن وآياته متفرقة مبثوثة، وبهذا تم لعمر بن الخطاب والقائلين مقالته ما أرادوا من الحيلولة بينهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين كتابة الكتاب.

__________________

(١) راجع جميع الصحاح والمسانيد والتواريخ والسير وكتب الكلام، تجد القضية باختلاف ألفاظها وأسانيدها.

(٢) صحيح البخاري ٢: ١١٨.

(٣) نفس المصدر ج ١ كتاب العلم، باب كتابة العلم.

٤٤

(٤)

الإجماع

ومن الأدلّة على عدم نقصان القرآن: إجماع العلماء في كل الأزمان كما في كشف الغطاء وفي كلام جماعة من كبار العلماء، وهو ظاهر كلمة «إلينا» أي «الإمامية» في قول الشيخ الصدوق «ومن نسب إلينا فهو كاذب».

وقال العلاّمة الحلّي: «واتّفقوا على أنّ ما نقل إلينا متواتراً من القرآن، فهو حجة لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مكلّفاً بإشاعة ما نزل عليه من حجة لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مكلّفاً بإشاعة ما نزل عليه من القرآن إلى عدد التواتر، ليحصل القطع بنبوّته في أنّه المعجزة له. وحينئذ لا يمكن التوافق على ما نقل مما سمعوه منه بغير تواتر، وراوي الواحد إن ذكره على أنّه قرآن فهو خطأ والإجماع دلّ على وجوب إلقائهصلى‌الله‌عليه‌وآله على عدد التواتر، فإنه المعجزة الدالّة على صدقه، فلو لم يبلغه إلى حدّ التواتر انقطعت معجزته، فلا يبقى هناك حجّة على نبوّته»(١) .

وقال السيّد العاملي: «والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل القرآن من أجزائه وألفاظه وحركاته وسكناته ووضعه في محلّة، لتوفّر الدواعي على نقله من المقر لكونه أصلاً لجميع الأحكام، والمنكر لإبطاله لكونه معجزاً. فلا يعبأ بخلاف من خالف أو شك في المقام»(٢) .

وقال الشيخ البلاغي: «ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين

__________________

(١) نهاية الوصول - مبحث التواتر.

(٢) مفتاح الكرامة ٢: ٣٩٠.

٤٥

 عامة المسلمين جيلاً بعد جيل، استمرت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحو واحد، فلم يؤثّر شيئاً على مادّته وصورته ما يروى عن بعض الناس من الخلاف في قراءته من القراء السبع المعروفين وغيرهم»(١) .

ومن المعلوم أنّ الإجماع حجّة لدى المسلمين، أمّا عند الإمامية فلأنّه كاشف عن رأي المعصومعليه‌السلام (٢) بل عدم النقصان من الضروريّات كما في كلام السيد المرتضى، وقد نقل بعض الأكابر عباراته ووافقه على ما قال.

 (٥)

تواتر القرآن

ومن الأدلّة على عدم نقصان القرآن تواتره من طرق الإماميّة بجميع حركاته وسكناته، وحروفه وكلماته، وآياته وسورة، تواتراً قطعياً عن الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام عن جدّهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

فهم يعتقدون بأن هذا القرآن الموجود بأيدينا هو المنزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلا زيادة ولا نقصان. قال الصّدوق: «إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو ما بين الدفّتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشر سورة ...».

__________________

(١) آلاء الرحمن - الفصل الثالث من المقدمة.

(٢) يراجع بهذا الصدد كتب اصول الفقه.

(٣) أجوبة مسائل جار الله لشرف الدين، مجمع البيان عن السيد المرتضى.

٤٦

(٦)

إعجاز القرآن

ومن الأدلّة على عدم التحريف هو: أنّ التحريف ينافي كون القرآن معجزاً، لفوات المعنى بالتحريف، لأنّ مدار الإعجاز هو الفصاحة والبلاغة الدائرتان مدار المعنى، ومن المعلوم أنّ القرآن معجز باق.

وهذه عبارة «بشرى الوصول» في الوجه الثالث من الوجوه التي ذكرها على عدم تحريف القرآن.

وقد جاءت الإشارة إلى هذا الوجه في كلام السيد المرتضى حيث قال في استدلاله: «لأنّ القرآن معجزة النبوّة» وفي كلام العلاّمة الحلّي:

«إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنقولة بالتواتر».

وفي كلام كاشف الغطاء: «إنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه للإعجاز والتحدّي ...».

٤٧

 (٧)

صلاة الإمامية

ومن الأدلّة على اعتقاد الإماميّة بعدم سقوط شيء من القرآن الكريم: صلاتهم، لأنّهم يوجبون قراءة سورة كاملة(١) . بعد الحمد في الركعة الاولى والثانية(٢) من الصلوات الخمس اليوميّة من سائر سور القرآن عدا الفاتحة، ولا يجوز عند جماعة كبيرة منهم القران منهم القران بين سورتين(٣) .

قال السيد شرف الدين:

«وصلاتهم بهذه الكيفيّة والأحكام دليل ظاهر على اعتقادهم بكون سور القرآن بأجمعها زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على ما هي عليه الآن، وإلاّ لما تسنّى لهم هذا القول»(٤) .

__________________

(١) أجوبة مسائل جار الله، وهذا هو المشهور بين الفقهاء، بل ادّعى جماعة عليه الإجماع، أنظر مفتاح الكرامة ٢: ٣٥٠.

(٢) أما في الثالثة والرابعة فهو بالخيار إن شاء قرأ الحمد وان شاء سبح إجماعاً، وإن اختلفوا في أفضليّة أحد الفردين.

(٣) جواهر الكلام والرياض وغيرهما. وقد ذكر جماعة من قدعاء الفقهاء والمفسرين إستثناء سورتي (الضحى وألم نشرح) وسورتي (الفيل والأيلاف) من هذا الحكم، مصرّحين بوجوب قران كل سورة منها بصاحبتها. أنظر مفتاح الكرامة ٢: ٣٨٥.

(٤) أجوبة مسائل جار الله: ٢٨.

٤٨

(٨)

كون القرآن مجموعاً على عهد النبي (ص)

ومن الأدلّة على عدم وجود النقص في القرآن ثبوت كونه مجموعاً على عهد الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، موجوداً كذلك بين المسلمين كما يدل على ذلك من الأخبار في كتب الفريقين، ومن ذلك أخبار أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقراءة القرآن وتدبّره وعرض ما يروى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه وقد تقدم بعضها، وإنّ جماعة من الصحابة ختموا القرآن على عهده، وتلوه، وحفظوه، يجد أسماءهم من راجع كتب علوم القرآن، وإنّ جبرئيل كان يعارضهصلى‌الله‌عليه‌وآله به كل عام مرة، وقد عارضه به عام وفاته مرتين(١) .

وكل هذا الذي ذكرنا دليل واضح على أنّ القرآن الموجود بين أيدينا هو نفس القرآن الذي كان بين يدي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وصحابته على عهده فما بعد، من غير زيادة ولا نقصان.

وقد ذكر هذا الدليل جماعة.

__________________

(١) روى ذلك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع الكتب الحديثيّة وغيرها، حتى كاد يكون من الأمور الضرورية.

٤٩

(٩)

اهتمام النبي (ص) والمسلمين بالقرآن

وهل يمكن لأحد من المسلمين إنكار إهتمام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالقرآن؟!

لقد كان حريصاً على نشر سور القرآن بين المسلمين بمجرد نزولها، مؤكداً عليهم حفظها ودراستها وتعلّمها، مبيناً لهم فضل ذلك وثوابه وفوائده في الدنيا والآخرة.

فحثّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وترغيبه بحفظ القرآن في الصدور والقراطيس ونحوها، وأمره بتعليمه وتعلّمه رجالاً ونساءً وأطفالاً، مما ثبت بالضرورة بحيث لا يبقى مجال لإنكار المنكر وجدال المكابر.

وأمّا المسلمون، فقد كانت الدواعي لديهم لحفظ القرآن والعناية به متوفّرة، ولذا كانوا يقدّمونه على غيره في ذلك، لأنّه معجزة النبوة الخالدة ومرجعهم في الأحكام الشرعيّة والامور الدينيّة، فكيف يتصور سقوط شيء منه والحال هذه؟!

نعم، قد يقال: إنّه كما كانت الدواعي متوفّرة لحفظ القرآن وضبطه وحراسته، كذلك كانت الدواعي متوفّرة على تحريفه وتغييره من قبل المنافقين وأعداء الإسلام والمسلمين، الذين خابت ظنونهم في أن يأتوا بمثله أو بمثل عشر سور منه أو أية من أياته.

ولكن لا مجال لهذا الاحتمال بعد تأييد الله سبحانه المسلمين في العناية والإهتمام بالقرآن، وتعهّده بحفظه بحيث( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) .

٥٠

الفصل الثالث

أحاديث التحريف في كتب الشّيعة

قد ذكرنا في الفصل الأول شطراً من تصريحات كبار علماء الإمامية في القرون المختلفة في أنّ القرآن الكريم الموجود بين أيدينا مصون من التحريف، وهناك كلمات غير هذه لم نذكره اختصاراً، وربما تقف على تصريحات أو أسماء لجماعة آخرين منهم في غضون البحث.

وعرفت في الفصل الثاني أدلّة الإمامية على نفي التحريف وهي:

١ - آيات من القرآن العظيم.

٢ - أحاديث عن النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام، وهي على أقسام.

٣ - قول عمر بن الخطاب: حسبنا كتاب الله.

٤ - الإجماع.

٥ - تواتر القرآن.

٦ - إعجاز القرآن.

٧ - صلاة الإمامية.

٥١

٨ - كون القرآن مجموعاً على عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩ - عناية القرآن مجموعاً على عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا، ولم ينكر أحد من أولئك الأعلام وجود أحاديث في كتب الشيعة، تفيد بظاهرها سقوط شيء من القرآن، بل نصّ بعضهم على كثرتها - كما توجد في كتبهم روايات ظاهرة في الجبر والتفويض، وفي التشبيه والتجسيم، ونحو ذلك - لكنهم أعرضوا عن تلك الأحاديث ونفوا وقوع التحريف في القرآن، بل ذهب البعض منهم إلى قيام إجماع الطائفة على ذلك، ومجرد إعراضهم عن حديثٍ يوجب سقوطه عن درجة الإعتبار، كما تقرّر في علم اصول الفقه.

ونحن في هذا المقام نوضّح سبب إعراضهم عن أخبار التحريف وندلّل على حصته ونقول:

تعيين موضوع البحث

هناك في كتب الإمامية روايات ظاهرة في تحريف القرآن، لكنّ دعوى كثرتها لا تخلو من نظر، لأنّ الذي يمكن قبوله كثرة ما دلّ على التحريف بالمعنى الأعم(١) وقد جاء هذا في كلام الشيخ أبي جعفر

 __________________

(١) يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدّة معان على سبيل الإشتراك:

أ - نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره.

ب - النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات مع حفظ القرآن وعدم ضياعه، وإن لم يكن متميزاً في الخارج عن غيره.

جـ - النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفّظ على نفس القرآن المنزل.

٥٢

الطوسي، فإنّه - بعد أن استظهر عدم النقصان من الروايات - قال: «غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع».

وأما ما دلّ على التحريف بالمعنى الأخصّ الذي نبحث عنه وهو «النقصان» فلا يوافق على دعوى كثرته في كتب الامامية، ومن هنا وصفت تلك الروايات في كلمات بعض المحقّقين كالشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ محمد جواد البلاغي بالشذوذ والندرة.

وروايات الشيعة في هذا الباب يمكن تقسيمها إلى قسمين:

الأول: الرويات الضعيفة أو المرسلة أو المقطوعة. وبكلمة جامعة: غير المعتبرة سنداً. والظاهر أنّ هذا القسم هو القسم هو الغالب فيها، ويتضح ذلك بملاحظة أسانيدها، ويكفي للوقوف على حال أحاديث الشيخ الكليني منها - ولعلّها هي عمدتها - مراجعة كتاب (مرآة العقول) للشيخ محمد باقر المجلسي، الذي هو من أهمّ كتب الحديث لدى الإماميّة، ومن أشهر شروح «الكافي» وأهمّها.

ومن الأعلام الذين دقّقوا النظر في أسانيد هذه الروايات ونصّوا على عدم اعتبارها: الشيخ البلاغي في (آلاء الرحمن) والسيد الخوئي

__________________

 د - التحريف بالزيادة والنقصية في الآية والسورة مع التحفّظ على القرآن المنزل.

هـ - التحريف بالزيادة، بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل.

و - التحريف بالنقيصة، بمعنى أنّ المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن المنزل.

وموضوع بحثنا هو التحريف بالمعنى الأخير، ونعني بالمعني الأعمّ ما يعمّ جميع المعاني المذكورة.

٥٣

في (البيان) والسيد الطباطبائي في (الميزان). ومن المعلوم عدم جواز الإستناد إلى هكذا روايات في أيّ مسألة من المسائل، فكيف بمثل هذه المسألة الاصولية الإعتقادية؟!

والثاني: الروايات الواردة عن رجال ثقات وبأسانيد لا مجال للخدش فيها.

ولكن هذا القسم يمكن تقسيمه إلى طائفتين:

الاولى: ما يمكن حمله وتأويله على بعض الوجوه، بحيث يرتفع التنافي بينها وبين الروايات والأدلّة الاخرى القائمة على عدم التحريف.

والثانية: ما لا يمكن حمله وتوجيهه.

وبهذا الترتيب يتّضح لنا أنّ ما روي من جهة الشيعة بنقصان آي القرآن قليل جداً، لانّ المفروض خروج الضعيف سنداً والمؤوّل دلالة عن دائرة البحث.

إنّها مصادمة للضرورة

وأوّل ما في هذه الروايات القليلة أنّها مصادمة للضرورة، ففي كلمات عدّة من أئمة الإمامية دعوى الضرورة على كون القرآن مجموعاً على عهد النبّوة، فقد قال السيد المرتضى: «إنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة إنّ العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة»(١) .

وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء: «لا عبرة بالنادر، وما ورد

__________________

(١) المسائل الطرابلسيات، نقلاً عن مجمع البيان للطبرسي ١: ١٥.

٥٤

من أخبار النقص تمنع البديهة من العمل بظاهرها»(١) .

وقال السيد شرف الدين العاملي: «إنّ القرآن عندنا كان مجموعاً على عهد الوحي والنبوة، مؤلفاً على ما هو عليه الآن وهذا كلّه من الامور الضرورية لدى المحقّقين من علماء الإمامية»(٢) .

وقال السيد الخوئي: «إنّ من يدّعي التحريف يخالف بداهة العقل»(٣) .

إنها مخالفة لظاهر الكتاب

فإن نوقش في هذا، فلا كلام في مخالفة روايات التحريف لظاهر الكتاب حيث قال عزّ من قائل:( إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ) ليكون قدوة للامة وبرنامجاً لأعمالها، ومستقى لأحكامها ومعارفها، ومعجزة خالدة. ومن المعلوم المتسالم عليه: سقوط كل حديث خالف الكتاب وإن بلغ في الصحّة وكثرة الأسانيد ما بلغ، وبهذا صرّحت النصوص عن النبي والأئمةعليهم‌السلام ، ومن هنا أعرض علماء الإمامية الفطاحل - الأصوليّون والمحدّثون - عن هذه الأحاديث قال المحدّث الكاشاني في (الصافي): «إنّ خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذّب له فيجب ردّه»(٤) .

فإن نوقش في هذا أيضاً فقيل بأنّه استدلال مستلزم للدور، أو

__________________

(١) كشف الغطاء في الفقه، ونقله عنه شرف الدين في أجوبة المسائل: ٣٣.

(٢) أجوبة مسائل جار الله: ٣٠.

(٣) البيان: ٢٧.

(٤) تفسير الصافي ١: ٤٦.

٥٥

قيل بأن الضمير في «له» عائد إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن هذه الروايات تطرح لما يلي:

إنها موافقة لأخبار العامة

أولاً: إنّها موافقة للعامة، فإنّ القول بالتحريف منقول عن الذين يقتدون بهم من مشاهير الصحابة، وعن مشاهير أئمتهم وحفاظهم، وأحاديثه مخرّجة في أهمّ كتبهم وأوثق مصادرهم كما سيأتي في بابه، وهذا وجه آخر لسقوط أخبار التحريف عند فرض التعارض بينها وبين روايات العدم، كما تقرّر ذلك في علم اصول الفقه.

إنها نادرة

ثانياً: إنّها شاذة ونادرة، والروايات الدالّة على عدم التحريف مشهورة أو متواترة، كما في كلمات الأعلام كالشيخ كاشف الغطاء وغيره، وسيأتي الجواب عن شبهة تواتر ما دلّ على التحريف، فلا تصلح لمعارضة تلك الروايات، بل مقتضى القاعدة المقرّرة في علم الاصول لزوم الأخذ بما اشتهر ورفع اليد به عن الشاذ النادر.

إنها أخبار آحاد

ثالثاً: إنّه بعد التنزّل عن كلّ ما ذكر، فلا ريب فلا ريب في أنّ روايات التحريف أخبار آحاد، وقد ذهب جماعة من أعلام الإمامية إلى عدم حجّية الآحاد مطلقاً ومن يقول بحجّيتها لا يعبأ بها في المسائل الإعتقادية، وهذا ما نصّ عليه جماعة.

٥٦

من اخبار التحريف

وبعد، فلا بأس بذكر عدد من أهمّ الروايات الموجودة في كتاب الإمامية - التي ادّعى بعض العلماء ظهورها في النقصان - وعلى هذه فقس ما سواها.

ولا بدّ من عرض تلك الأحاديث بنصوصها، ثم الكلام عليها بالنظر إلى اسانيدها وفي مدى دلالتها على المدعى، وما يترتّب عليها من شبهات ووجوه الجواب عنها.

وأهمّ الأحاديث التي قد يستند إليها للقول بتحريف القرآن هي الأحاديث التالية:

١ - عن جابر، قال:

«سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلاّ كذّاب، وما جمعه وحفظه كما أنزل الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام والأئمّة من بعدهعليهم‌السلام »(١) .

٢ - عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنّه قال:

«ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الأوصياء»(٢) .

٣ - عن سالم بن سلمة، قال:

«قرأ رجل على أبي عبداللهعليه‌السلام - وأنا أسمع - حروفاً من

__________________

(١) الكافي ١: ١٧٨، ورواه الصّفار في بصائر الدرجات: ١٣.

(٢) الكافي ١: ١٧٨، بصائر الدرجات: ٢١٣.

٥٧

القرآن ليس على ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبداللهعليه‌السلام :

مه، كفّ عن هذه القراءة، إقرأ كما يقرأ الناس، حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم قرأ كتاب الله تعالى على حدّه وأخرج المصحف الذي كتبه عليعليه‌السلام .

وقال: أخرجه علي إلى الناس حين فرغ منه وكتبه، فقال لهم: هذا كتاب الله تعالى كما أنزله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد جمعته بين اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه. فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنّما كان عليّ أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه»(١) .

٤ - عن ميسر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال:

«لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص عنه، ما خفي حقّنا على ذي حجا، ولو قد قام قائمنا فنظق صدّقه القرآن»(٢) .

٥ - عن الأصبغ بن نباتة، قال:

«سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام»(٣) .

وعن أبي عبداللهعليه‌السلام قال:

«إنّ القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال، وربع حرام، وربع سنن وأحكام، وربع خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم، وفصل ما بينكم»(٤) .

__________________

(١) الكافي ٢: ٤٦٢.

(٢) تفسير العياشي ١٠: ١٣.

(٣) الكافي ٢: ٤٥٩.

(٤) الكافي ٢: ٤٥٩.

٥٨

وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال:

«نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام»(١) .

٦ - عن محمد بن سليمان، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال:

«قلت له: جعلت فداك، إنّا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم؟

فقال: لا، إقرؤوا كما تعلّمتم، فسيجيئكم من يعلّمكم»(٢) .

٧ - عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

«إنّ في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فالقيت، إنّما الإسم الواحد منه في وجوه لا تحصى، يعرف ذلك الوصاة»(٣) .

٨ - عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

«لو قد قرئ القرآن كما انزل لألفينا فيه مسمّين»(٤) .

٩ - عن البزنطي، قال: «دفع إليّ أبو الحسنعليه‌السلام مصحفاً فقال - وقال -: لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه( لم يكن الذين كفروا ... ) فوجدت فيه - فيها - اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم

__________________

(١) الكافي ٢: ٤٥٩.

(٢) الكافي ٢: ٤٥٣.

(٣) تفسير العياشي ١: ١٢.

(٤) تفسير العياشي ١: ١٣.

٥٩

وأسماء آبائهم، قال: فبعث إليّ: إبعث إليّ بالمصحف»(١) .

١٠ - عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، قال:

«نزل جبرئيل بهذه الآية على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا:( وإن كنتم في ريب ممّا نزّلنا على عبدنا - في علي -فأتوا بسورة من مثله ) (٢) .

١١ - عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

«من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأزواجه، ثم قال: سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم، يا ابن سنان: إنّ سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من سورة البقرة، ولكن نقصوها وحرّفوها»(٣) .

١٢ - عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

«أنزل الله في القرآن سبعة بأسمائهم، فمحت قريش ستة وتركوا أبا لهب»(٤) .

١٣ - عن ابن نباتة قال:

«سمعت علياًعليه‌السلام يقول: كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلّمون الناس القرآن كما انزل، قلت: يا أمير المؤمنين أو ليس هو كما انزل؟

فقال: لا، محي منه سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء

__________________

(١) الكافي ٢: ٤٦١، وانظر البحار ٩٢: ٥٤.

(٢) الكافي ١: ٣٤٥.

(٣) ثواب الاعمال: ١٠٠، وعنه في البحار ٨٩: ٥٠.

(٤) رجال الكشي ٢٤٧، وعنه في البحار ٨٩: ٥٤.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أيها الناس: إن المنية قبل الدنية، والتجلد قبل التبلد، والحساب قبل العقاب والقبر خير من الفقر، وغض البصر خير من كثير من النظر، والدهر يومٌ لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر، فبكليهما تمتحن.

أيها الناس: أعجب ما في الانسان قلبه، وله موادُّ من الحكمة، وأضدادٌ من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته الغرة، وإن جددت له نعمة أخذته العزة، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة.. فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد.

أيها الناس: إنه من فل ذل، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رأس، ومن كثر حلمه نبل، ومن أفكر في ذات الله تزندق، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر مزاحه استخف به، ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته، فسد حسب من ليس له أدب، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال، ليس من جالس الجاهل بذي معقول، من جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال، لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لإقلاله.

أيها الناس: لو أن الموت يشترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج، واللئيم الملهوج.

أيها الناس: إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة الفهم. للمواعظ ما يدعو النفس الى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر للهوى، والعقول تزجر وتنهى، وفي التجارب علم مستأنف، والاعتبار يقود الى الرشاد، وكفاك أدباً لنفسك ما تكرهه لغيرك، وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه، لقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبر قبل العمل، فإنه يؤمنك من الندم، ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول، ومن

٣٠١

حصن شهوته فقد صان قدره، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال، والأيام توضح لك السرائر الكامنة، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة، وأشرف الغنى ترك المنى، والصبر جنة من الفاقة، والحرص علامة الفقر، والبخل جلباب المسكنة، والمودة قرابة مستفادة، ووصول معدم خير من جاف مكثر، والموعظة كهف لمن وعاها، ومن أطلق طرفه كثر أسفه، وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله، وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو إحسان، ومن ضاق خلقه مله أهله، ومن نال استطال، وقل ما تصدقك الأمنية، والتواضع يكسوك المهابة، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق.

كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه، وانح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن، وفي خلاف النفس رشدك، من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد.

ألا وإن مع كل جرعة شرقاً وإن في كل أكلة غصصاً، لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى ولكل ذي رمق قوت، ولكل حبة آكل، وأنت قوت الموت.

أعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير الى بطنها، والليل والنهار يتنازعان في هدم الأعمار.

يا أيها الناس: كفر النعمة لؤم، وصحبة الجاهل شؤم، إن من الكرم لين الكلام ومن العبادة إظهار اللسان وإفشاء السلام. إياك والخديعة فإنها من خلق اللئيم، ليس كل طالب يصيب، ولا كل غائب يؤوب. لا ترغب فيمن زهد فيك. رب بعيد هو أقرب من قريب. سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار.

ألا ومن أسرع في المسير أدركه المقيل. أستر عورة أخيك كما تعلمها فيك. اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك.

من غضب على من لا يقدر على ضره، طال حزنه وعذب نفسه. من خاف ربه

٣٠٢

كف ظلمه، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة.

إن من الفساد إضاعة الزاد. ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غداً هيهات هيهات. وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم، وما شرٌ بشر بعده الجنة، وما خيرٌ بخير بعده النار. كل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر.

تصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد. هيهات لو لا التقى لكنت أدهى العرب.

**

أيها الناس: إن الله تعالى وعد نبيه محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله الوسيلة ووعده الحق، ولن يخلف الله وعده.

ألا وإن الوسيلة على درج الجنة وذروةُ ذوائب الزلفة، ونهاية غاية الأمنية، لها ألف مرقاة، ما بين المرقاة الى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام. وما بين مرقاة درة الى مرقاة جوهرة، الى مرقاة زبرجدة، الى مرقاة لؤلؤة، الى مرقاة ياقوته، الى مرقاة زمردة، الى مرقاة مرجانة، الى مرقاة كافور، الى مرقاة عنبر، الى مرقاة يلنجوج، الى مرقاة ذهب، الى مرقاة غمام، الى مرقاة هواء، الى مرقاة نور!!

قد أنافت على كل الجنان، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ قاعدٌ عليها، مرتد بريطتين، ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله، عليه تاج النبوة واكليل الرسالة، قد أشرق بنوره الموقف، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته، وعليَّ ريطتان، ريطة من أرجوان النور، وريطة من كافور.

والرسل والأنبياء، قد وقفوا على المراقي، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور، عن أيماننا وقد تجللهم حلل النور والكرامة، لا يرانا ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل إلا بهت بأنوارنا وعجب من ضيائنا وجلالتنا.

٣٠٣

وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله غمامةٌ بسطة البصر، يأتي منها النداء:

يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الاٌمي العربي، ومن كفر فالنار موعده!

وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ظلةٌ يأتي منها النداء:

يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي، والذي له الملك الأعلى لا فاز أحد ولا نال الروح والجنة إلا من لقي خالقه بالاخلاص لهما والاقتداء بنجومهما. فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم، وشرف مقعدكم، وكرم مآبكم وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين. ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة، أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاءً بما كنتم تعملون.

وما من رسول خلفَ ولا نبي مضى إلا وقد كان مخبراً أمته بالمرسل الوارد من بعده، ومبشراً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وموصياً قومه باتباعه ومحله عند قومه، ليعرفوه بصفته وليتبعوه على شريعته، ولئلا يضلوا فيه من بعده، فيكون من هلك أو ضل بعد وقوع الاعذار والانذار عن بينة وتعيين حجة، فكانت الأمم في رجاء من الرسل وورود من الأنبياء.

ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي، على عظم مصائبهم وفجائعها بهم فقد كانت على سعة من الأمل، ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأن الله ختم به الانذار والاعذار، وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه، وجعله بابه الذي بينه وبين عباده، ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به، ولا قربة اليه إلا بطاعته، وقال: في محكم كتابه: من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا. فقرن طاعته بطاعته، ومعصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلاً على ما فوض اليه، وشاهداً له على من اتبعه وعصاه، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه، والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم.

٣٠٤

فاتباعهصلى‌الله‌عليه‌وآله محبة الله، ورضاه غفران الذنوب، وكمال الفوز، ووجوب الجنة.

وفي التولي عنه والاعراض محادة الله وغضبه وسخطه، والبعد منه مسكن النار وذلك قوله: ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده، يعني الجحود به والعصيان له. فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده، وقتل بيدي أضداده، وأفنى بسيفي جحاده، وجعلني زلفة للمؤمنين، وحياض موت على الجبارين، وسيفه على المجرمين، وشد بي أزر رسوله، وأكرمنى بنصره، وشرفني بعلمه، وحباني بأحكامه، واختصني بوصيته، واصطفاني بخلافته في أمته، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد حشد المهاجرون والأنصار وانغصت بهم المحافل: أيها الناس إن علياً مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول، إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه، كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه، ولا كنت نبياً فاقتضى نبوة، ولكن كان ذلك منه استخلافاً لي، كما استخلف موسى هارون، حيث يقول: أخلفني في قومي وأصلح، ولا تتبع سبيل المفسدين، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين تكلمت طائفة فقالت: نحن موالي رسول الله، فخرج رسول الله الى حجة الوادع، ثم صار الى غدير خم فأمر فأصلح له شبه المنبر، ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعاً صوته قائلاً في محفله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فكانت على ولايتي ولاية الله، وعلى عداوتي عداوة الله. وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره، وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصاً لي وتكرماً نحلنيه، وإعظاماً وتفضيلاً من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منحنيه، وهو قوله تعالى منحنيه وهو قوله تعالى: ثم ردوا الى الله موليهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين. في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع.

ولئن تقمصها دوني...

إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان، يقيمون لها المناسك، وينصبون لها العتائر، ويتخذون لها القربان، ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام،

٣٠٥

ويستقسمون بالأزلام، عامهين عن الله عز ذكره، حائرين عن الرشاد، مهطعين الى العباد، وقد استحوذ عليهم الشيطان، وغمرتهم سوداء الجاهلية، ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة، فأخرجنا الله اليهم رحمة وأطلعنا عليهم رأفة، وأسفر بنا عن الحجب نوراً لمن اقتبسه، وفضلاً لمن اتبعه، وتأييداً لمن صدقه، فتبوؤوا العز بعد الذلة، والكثرة بعد القلة، وهابتهم القلوب والأبصار، وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها وصاروا أهل نعمة مذكورة، وكرامة ميسورة، وأمن بعد خوف، وجمع بعد كوف، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان، وأولجناهم باب الهدى، وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الايمان، وفلجوا بنا في العالمين، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين، من حام مجاهد، ومصل قانت، ومعتكف زاهد، يظهرون الأمانة، ويأتون المثابة.

حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه ورفعه اليه، لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة، أو وميض من برقة، الى أن رجعوا على الأعقاب، وانتكصوا على الأدبار، وطلبوا بالأوتار، وأظهروا الكتائب، وردموا الباب، وفلوا الديار، وغيروا آثار رسول الله، ورغبوا عن أحكامه، وبعدوا من أنواره، واستبدلوا بمستخلفه بديلا، اتخذوه وكانوا ظالمين، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله ممن اختار رسول الله لمقامه، وأن مهاجر آل أبي قحافة خيرٌ من المهاجري والأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف.

ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان، رجعوا عن ذلك وقالوا: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مضى ولم يستخلف، فكان رسول الله الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام، وعن قليل يجدون غب ما أسسه الأولون.

ولئن كانوا في مندوحة من المهل، وشفاء من الأجل وسعة من المنقلب، واستدراج من الغرور، وسكون من الحال، وإدراك من الأمل، فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد، وثمود بن عبود، وبلعم بن باعور، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة،

٣٠٦

وأمدهم بالأموال والأعمار، وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله، وليعرفوا الاهابة له، والانابة اليه، ولينتهوا عن الاستكبار، فلما بلغوا المدة، واستتموا الأكلة أخذهم الله عز وجل واصطلمهم، فمنهم من حصب، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أحرقته الظلة، ومنهم من أودته الرجفة، ومنهم من أردته الخسفة: وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

ألا وإن لكل أجل كتاباً، فاذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لك عما هوى اليه الظالمون، وآل اليه الأخسرون، لهربت الى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون، واليه صائرون.

ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون، وكباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح. إني النبأ العظيم، والصديق الأكبر، وعن قليل ستعلمون ما توعدون وهل هي إلا كلعقة الآكل ومذقة الشارب، وخفقة الوسنان، ثم تلزمهم المعرات خزياً في الدنيا، ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب، وما الله بغافل عما يعملون.

فما جزاء من تنكب محجته، وأنكر حجته، وخالف هداته، وحاد عن نوره، واقتحم في ظلمه، واستبدل بالماء السراب، وبالنعيم العذاب، وبالفوز الشقاء، وبالسراء الضراء، وبالسعة الضنك، إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه، فليوقنوا بالوعد على حقيقته، وليستيقنوا بما يوعدون: يوم تأتي الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج. إنا نحن نحيي ونميت والينا المصير. يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً...الى آخر السورة.

العلاقة بين التوسل والاستشفاع وبين درجة الوسيلة في الجنة

لا بد أن يكون اسم ( الوسيلة ) لتلك المنطقة والدرجة العالية من الجنة، بسبب أنها مسكن أقرب المخلوقات وسيلةً الى الله تعالى.

وبذلك تكون الشفاعة التي يعطاها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نوعاً من الوسيلة، التي استحقها لأنه أقرب الناس الى اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستحق معها مسكن الفردوس والوسيلة، أعلى مراتب الجنة.

٣٠٧

٣٠٨

الفصل الثالث

التوسل الى الله في مصادرنا

١ - التوسل الى الله بالأعمال الصالحة

تقدم في المسألة السابعة: التوسل العملي الى الله تعالى بالأعمال الصالحة وقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله، ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة، وأقام الصلاة فإنها الملة، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله، وصيام شهر رمضان فانه جنة من عذاب الله، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب، وصلة الرحم فانها مثراة للمال، ومنسأة للأجل، والصدقة في السر فانها تذهب الخطيئة وتطفيَ غضب الرب، وصنايع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء، وتقي مصارع الهوان. انتهى.

وذكرنا هناك أن التوسل بالأعمال الصالحة لا ينافي التوسل اليه بدعائه بأسمائه وصفاته، وبمن أمر بالتوسل بهم من أنبيائه وأوصيائه.. لأن ذلك من الأعمال الصالحة أيضاً.

٣٠٩

٢ - التوسل الى الله بذاته وصفاته عز وجل

في الكافي: ٤/٧٤:

علي، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرار، عن يونس، عن ابراهيم، عن محمد بن مسلم والحسين بن محمد، عن أحمد بن اسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان:

اللهم إني بك أتوسل ومنك أطلب حاجتي. من طلب حاجته الى الناس، فإني لا أطلب حاجتي إلا منك، وحدك لا شريك لك.

وأسألك بفضلك ورضوانك أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تجعل لي في عامي هذا الى بيتك الحرام سبيلا، حجة مبرورة متقبلة زاكية خالصة لك، تقر بها عيني وترفع بها درجتي، وترزقني أن أغض بصري، وأن أحفظ فرجي، وأن أكف بها عن جميع محارمك، حتى لا يكون شيء آثر عندي من طاعتك وخشيتك، والعمل بما أحببت والترك لما كرهت ونهيت عنه.

واجعل ذلك في يسر ويسار وعافية، وأوزعني شكر ما أنعمت به علي.

وأسألك أن تجعل وفاتي قتلاً في سبيلك تحت راية نبيك مع أوليائك.

وأسألك أن تقتل بي أعدائك وأعداء رسولك. وأسألك أن تكرمني بهوان من شئت من خلقك، ولا تهني بكرامة أحد من أوليائك.

اللهم اجعل لي مع الرسول سبيلا. حسبي الله، ما شاء الله.

وفي الصحيفة السجادية: ١/ ٤٠٨:

إلَهي استشفعت بك اليك، واستجرت بك منك، أتيتك طامعاً في إحسانك، راغباً في امتنانك، مستسقياً وابل طولك، مستمطراً غمام فضلك، طالباً مرضاتك، قاصداً جنابك، وارداً شريعة رفدك، ملتمساً سني الخيرات من عندك.

وفي الصحيفة السجادية: ١/ ١٥١:

دعاؤهعليه‌السلام في ذكر التوبة وطلبها:

٣١٠

اللهم صل على محمد وآله، وشفع في خطاياي كرمك، وعد على سيئاتي بعفوك، ولا تجزني جزائي من عقوبتك، وابسط علي طولك، وجللني بسترك، وافعل بي فعل عزيز تضرع اليه عبد ذليل فرحمه، أو غني تعرض له عبد فقير فنعشه.

اللهم لا خفير لي منك فليخفرني عزك، ولا شفيع لي فليشفع لي فضلك، وقد أوجلتني خطاياي فليؤمني عفوك..

وفي الصحيفة السجادية: ١/ ٤٠٢:

يا مجيب المضطر، يا كاشف الضر، يا عظيم البر، يا عليماً بما في السر، يا جميل الستر استشفعت بجودك وكرمك اليك، وتوسلت بحنانك وترحمك لديك فاستجب دعائي، ولا تخيب فيك رجائي، وتقبل توبتي، وكفر خطيئتي بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

وفي الصحيفة السجادية: ١/٤٤١:

يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين، ولا يزيد جبروته إيمان الموحدين، اليك أستشفع بقديم كرمك، أن لا تسلبني مامنحتني من جسيم نعمك.

٣ - الاستشفاع الى الله تعالى بحبه ومعرفته

وفي الصحيفة السجادية: ١/ ٢١٦:

فيا من رباني في الدنيا بإحسانه وتفضله ونعمه، وأشار لي في الآخرة الى عفوه وكرمه. معرفتي يا مولاي دلتني عليك، وحبي لك شفيعي اليك، وأنا واثقٌ من دليلي بدلالتك، وساكنٌ من شفيعي الى شفاعتك.

وفي الصحيفة السجادية: ١/٢٤٩:

ياذا المن ولا يمن عليك، يا ذا الطول، ويا ذا الجلال والاكرام، لاالَه الا أنت، ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين، اليك فررت بنفسي يا ملجأ الخائفين، لا أجد شافعا اليك إلا معرفتي بأنك أفضل من قصد اليه المقصرون، وآمل من لجأ اليه الخائفون.

٣١١

٤ - افتتاح الصلاة بالتوجّه إلى الله بالنبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله

في الكافي: ٢/٥٤٤:

- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: من قال هذا القول كان مع محمد وآل محمد إذا قام قبل أن يستفتح الصلاة:

اللهم إني أتوجه اليك بمحمد وآل محمد، وأقدمهم بين يدي صلاتي، وأتقرب بهم اليك، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين.

مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم ومعرفتهم وولايتهم فإنها السعادة، واختم لي بها، فإنك على كل شيء قدير.

ثم تصلي فإذا انصرفت قلت:

اللهم اجعلني مع محمد وآل محمد في كل عافية وبلاء، واجعلني مع محمد وآل محمد في كل مثوى ومنقلب، اللهم اجعل محياي محياهم، ومماتي مماتهم، واجعلني معهم في المواطن كلها، ولا تفرق بيني وبينهم، إنك على كل شيء قدير.

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه قال: تقول قبل دخولك في الصلاة:

اللهم إني أقدم محمداً نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله بين يدي حاجتي، وأتوجه به اليك في طلبتي، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين. اللهم اجعل صلاتي بهم متقبلة، وذنبي بهم مغفوراً، ودعائي بهم مستجاباً، يا أرحم الراحمين.

وفي الكافي: ٣/٣٠٩:

وعنه، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، ومعاوية بن وهب قالا: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا قمت الى الصلاة فقل:

اللهم إني أقدم اليك محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله بين يدي حاجتي وأتوجه به اليك، فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين. إجعل صلاتي به مقبولة، وذنبي به

٣١٢

مغفوراً، ودعائي به مستجاباً. إنك أنت الغفور الرحيم...

ورواه في تهذيب الاحكام: ٢ /٢٨٧، وفي الفقيه: ١/٣٠٢

وفي الفقيه: ١ /٤٨٣: القول عند القيام الى صلاة الليل:

قال الصادقعليه‌السلام : إذا أردت أن تقوم الى صلاة الليل فقل: اللهم إني أتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة وآله، وأقدمهم بين يدي حوائجي، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين، اللهم ارحمني بهم ولا تعذبني بهم، واهدني بهم ولا تضلني بهم، وارزقني بهم ولا تحرمني بهم، واقض لي حوائجي للدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم.

باب الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن:

من السنة التوجه في ست صلوات وهي: أول ركعة من صلاة الليل، والمفردة من الوتر، وأول ركعة من ركعتي الزوال، وأول ركعة من ركعتي الاحرام، وأول ركعة من نوافل المغرب، وأول ركعة من الفريضة. كذلك ذكره أبيرضي‌الله‌عنه في رسالته الي.

وفي الصحيفة السجادية: ٢/٢٥٨:

أسألك يا سيدي، وليس مثلك شيء بكل دعوة دعاك بها نبي مرسل، أو ملك مقرب، أومؤمن امتحنت قلبه بالايمان، واستجبت دعوته، وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة، وأقدمه بين يدي حوائجي.

يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأهل بيتك الطيبين، إني أتوجه بك الى ربك، وأقدمك بين يدي حوائجي.

وفي الصحيفة السجادية: ٢/٣٤٤:

أسألك بحق نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأتوسل اليك بالأئمةعليهم‌السلام الذين اخترتهم لسرك، وأطلعتهم على خفيك، واخترتهم بعلمك، وطهرتهم وأخلصتهم واصطفيتهم وأصفيتهم وجعلتهم هداة مهديين، وائتمنتهم على وحيك، وعصمتهم عن معاصيك، ورضيتهم لخلقك، وخصصتهم بعلمك، واجتبيتهم وحبوتهم، وجعلتهم

٣١٣

حججا على خلقك، وأمرت بطاعتهم على من برأت.

وأتوسل اليك في موقفي اليوم أن تجعلني من خيار وفدك.

دلالة استحباب التوسل عند الأذان وافتتاح الصلاة

من الأمور التي تهز الانسان وهو يبحث في آيات التوسل وأحاديثه:

أن الله تعالى أنزل آية الأمر بالتوسل في آخر سورة من قرآنه ( المائدة ) بعبارة موجزة مقتضبة( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) ولكن بصيغة قوية تأمر المسلمين بالارتفاع الى نوع راق من السلوك الايماني يتميز بالتعامل اليومي مع النبي وأهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أنهم وسيلةُ المسلم الى ربه تعالى!!

ثم بين الرسول للمسلمين كيفية تنفيذ الطلب الالَهي، بأن يصلوا عليه عندما يذكر اسمه.. وعندما يسمعون الأذان.. وعندما يقفون للصلاة بين يدي ربهم.. وفي ختام صلاتهم.. وعندما تمسهم شدة أو حاجة!!

وهذا يعني أن يعيش المسلم يومياً وفي أقدس لحظات حياته، التوجه الى الله تعالى بنبيه وآله والتوسل بهم اليه، لأنهم الواسطة التي اختارها الله وأمر أن يتوسط العباد اليه بها!! وهي حقيقةٌ كبيرةٌ.. تدل على أبعاد النبوة وأعماق الولاية، لمحمد وآله الطيبين الطاهرين.

ومما تدل عليه أن الله تعالى جذَّر مقامهم في الكون والحياة، حتى قرنهم بألوهيته فلم يقبل مدخلاً اليه إلا بهم.. وهو مقامٌ عظيمٌ، وشرفٌ رفيعٌ، ما عليه من مزيد!!

٥ - التوجه بالنبي وآله لدفع شر السلطان

في الكافي: ٢/٥٥٨:

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من دخل على سلطان يهابه فليقل: بالله أستفتح، وبالله أستنجح، وبمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أتوجه، اللهم ذلل لي صعوبته، وسهل لي حزونته، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب.

ونحوه في الصحيفة السجادية: ٢ /٦٥

٣١٤

٦ - التوجه إلى الله بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الحاجة والشدة

في الكافي: ٢/٥٥٢:

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي داود عن أبي حمزة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: جاء رجل الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله إني ذو عيال وعلي دين، وقد اشتدت حالي، فعلمني دعاء أدعو الله عز وجل به ليرزقني ما أقضي به ديني، وأستعين به على عيالي.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبدالله توضأ وأسبغ وضوءك، ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود، ثم قل: يا ماجد يا واحد يا كريم يا دائم، أتوجه اليك بمحمد نبيك نبي الرحمة.

يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك الى الله ربك وربي ورب كل شيء أن يصلي على محمد وأهل بيته.

وأسألك نفحة كريمة من نفحاتك وفتحا يسيراً ورزقاً واسعاً ألمُّ به شعثي، وأقضي به ديني، وأستعين به على عيالي. ورواه في الكافي: ٣/٤٧٣

وروى نحوه في التهذيب: ٣ /٣١١:

أحمد بن محمد، عن أحمد بن أبي داود، عن ابن أبي حمزة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: جاء رجل الى الرضاعليه‌السلام فقال له: يابن رسول الله إني ذو عيال وعليَّ دينٌ، وقد اشتدت حالي، فعلمني دعاءً إذا دعوت الله عز وجل به رزقني الله، فقال: يا عبد الله توضأ واسبغ وضوءك ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود فيهما، ثم قل... وذكره .

وفي الكافي: ٢/٥٨٢:

علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ابتداءً منه: يا معاوية أما علمت أن رجلاً أتى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فشكى الابطاء عليه في الجواب في دعائه فقال له:

أين أنت عن الدعاء السريع الاجابة؟

فقال له الرجل: ما هو؟

٣١٥

قال قل: اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الاكرم، المخزون المكن ون، النور الحق البرهان المبين، الذي هو نورٌ مع نور، ونورٌ من نور، ونورٌ في نور، ونورٌ على نور، ونورٌ فوق كل نور، ونورٌ يضيىَ به كل ظلمة، ويكسر به كل شدة وكل شيطان مريد، وكل جبار عنيد.

لا تقرُّ به أرض، ولا تقوم به سماء، ويأمن به كل خائف، ويبطل به سحر كل ساحر، وبغي كل باغ، وحسد كل حاسد، ويتصدع لعظمته البر والبحر، ويستقل به الفلك حين يتكلم به الملك، فلا يكون للموج عليه سبيل.

وهو اسمك الأعظم الأعظم الأجل الأجل، النور الأكبر، الذي سميت به نفسك، واستويت به على عرشك.

وأتوجه اليك بمحمد وأهل بيته، أسألك بك وبهم، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي.. كذا وكذا.

وفي الكافي: ٣/٤٧٦:

علي بن ابراهيم، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله، عن زياد القندي، عن عبد الرحيم القصير قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلت جعلت فداك إني اخترعت دعاء، قال: دعني من اختراعك! إذا نزل بك أمر فافزع الى رسول الله، وصل ركعتين تهديهما الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قلت: كيف أصنع؟

قال: تغتسل وتصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة، وتشهد تشهد الفريضة فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت:

اللهم أنت السلام، ومنك السلام، واليك يرجع السلام، اللهم صل على محمد وآل محمد، وبلغ روح محمد مني السلام، وأرواح الأئمة الصادقين سلامي، واردد عليَّ منهم السلام، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته.

اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأثبني عليهما ما أملت ورجوت، فيك وفي رسولك، يا ولي المؤمنين.

٣١٦

ثم تخر ساجداً وتقول:

يا حي يا قيوم، ياحي لا يموت، ياحي لا الَه إلا أنت، ياذا الجلال والاكرام، ياأرحم الراحمين. أربعين مرة.

ثم ضع خدك الأيمن، فتقولها أربعين مرة.

ثم ضع خدك الأيسر، فتقولها أربعين مرة.

ثم ترفع رأسك وتمد يدك، وتقول أربعين مرة.

ثم ترد يدك الى رقبتك وتلوذ بسبابتك، وتقول ذلك أربعين مرة.

ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى وابك أو تباك، وقل:

يا محمد يا رسول الله أشكو الى الله واليك حاجتي، والى أهل بيتك الراشدين حاجتي، وبكم أتوجه الى الله في حاجتي.

ثم تسجد وتقول: يا ألله يا ألله، حتى ينقطع نفسك.. صل على محمد وآل محمد وافعل بي.. كذا وكذا.

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فأنا الضامن على الله عزوجل أن لا يبرح حتى تقضى حاجته. ورواه في الفقيه: ١/٥٥٦

وفي الكافي: ٣/٤٧٨:

وبهذا الاسناد، عن أبي اسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن شرحبيل الكندي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إذا أردت أمراً تسأله ربك، فتوضأ وأحسن الوضوء ثم صل ركعتين، وعظم الله وصل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقل بعد التسليم:

اللهم إني أسألك بأنك ملك، وأنك على كل شيء قدير مقتدر، وبأنك ما تشاء من أمر يكون. اللهم إني أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة.

يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك الى الله ربك وربي، لينجح لي طلبتي.

اللهم بنبيك أنجح لي طلبتي بمحمد.. ثم سل حاجتك.

ورواه في تهذيب الأحكام: ٣/٣١٣

٣١٧

وفي الفقيه: ١/٥٥٦:

روى موسى بن القاسم البجلي، عن صفوان بن يحيى، ومحمد بن سهل عن أشياخهما عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال:

إذا حضرت لك حاجة مهمة الى الله عز وجل فصم ثلاثة أيام متوالية: الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء الله تعالى فاغتسل والبس ثوباً جديداً، ثم اصعد الى أعلى بيت في دارك وصل فيه ركعتين، وارفع يديك الى السماء ثم قل:

اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك، وإنه لا قادر على حاجتي غيرك، وقد علمت يارب أنه كلما تظاهرت نعمتك علي اشتدت فاقتي اليك، وقد طرقني هم كذا وكذا وأنت بكشفه، عالمٌ غير معلم، واسعٌ غير متكلف، فأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت، ووضعته على السماء فانشقت، وعلى النجوم فانتثرت، وعلى الأرض فسطحت، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد والأئمةعليهم‌السلام وتسمهم الى آخرهم، أن تصلي على محمد وأهل بيته، وأن تقضي حاجتي، وأن تيسر لي عسيرها، وتكفيني مهمها، فإن فعلت فلك الحمد، وإن لم تفعل فلك الحمد، غير جائر في حكمك، ولا متهم في قضائك، ولا حائف في عدلك.

وتلصق خدك بالأرض وتقول:

اللهم أن يونس بن متي عبدك دعاك في بطن الحوت وهو عبدك فاستجبت له، وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي.

ثم قال أبو عبداللهعليه‌السلام : لربما كانت الحاجة لي فأدعو بهذا الدعاء فأرجع وقد قضيت.

صلاة أخرى للحاجة:

روى سماعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال:

إن أحدكم إذا مرض دعا الطبيب وأعطاه، وإذا كانت له حاجة الى سلطان، رشا البواب وأعطاه!

٣١٨

ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع الى الله تعالى، فتطهر وتصدق بصدقة قلَّت أو كثرت ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وأهل بيته ثم قال: اللهم إن عافيتني من مرضي، أو ردتني من سفري، أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا.. إلا آتاه الله ذلك.

وفي الصحيفة السجادية: ١/٢٩٣:

اللهم فإني أتقرب اليك بالمحمدية الرفيعة، والعلوية البيضاء، وأتوجه اليك بهما أن تعيذني من شر كذا وكذا، فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك، ولا يتكأدك في قدرتك وأنت على كل شيء قدير...

وفي الصحيفة السجادية: ٢/ ٢٥٨:

أسألك يا سيدي وليس مثلك شيء بكل دعوة دعاه بها نبي مرسل، أو ملكٌ مقرب أو مؤمنٌ امتحنت قلبه بالايمان، واستجبت دعوته.

وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة، وأقدمه بين يدي حوائجي.

يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأهل بيتك الطيبين، إني أتوجه بك الى ربك، وأقدمك بين يدي حوائجي.

يا رباه يا الله، يا رباه يا الله، إني أسألك بك فليس كمثلك شيء، وأتوجه اليك بمحمد نبي الرحمة وبعترته الطيبين، وأقدمهم بين يدي حوائجي، أن تعتقني من النار، وتكفيني وجميع المؤمنين والمؤمنات كل ما أهمنا من أمر الدنيا والآخرة.. انتهى.

والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وفيها صحاحٌ متواترة، تجدها في أبواب افتتاح الصلاة من الفقه، وأبواب صلاة الحاجة، وفي كتب المزار والأدعية.

٧ - الاستشفاع بالنبي والأئمة عند زيارة قبورهم الشريفة

ستأتي أحاديث الاستشفاع والتوسل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير قوله تعالى( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ ) .

٣١٩

وفي المقنعة/٤٦٣:

وتحول الى عند الرأس فقف عليه، وقل:

السلام عليك يا وصي الأوصياء، ووارث علم الأنبياء، أشهد لك يا ولي الله بالبلاغ والأداء. أتيتك بأبي أنت وأمي زائراً عارفاً بحقك، مستبصراً بشأنك، موالياً لأوليائك، معادياً لأعدائك، متقرباً الى الله بزيارتك، في خلاص نفسي، وفكاك رقبتي من النار، وقضاء حوائجي للآخرة والدنيا، فاشفع لي عند ربك، صلوات الله عليك ورحمة الله وبركاته.

وفي الكافي: ٤/٥٦٩:

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أورمة، عمن حدثه، عن الصادق وأبي الحسن الثالثعليهما‌السلام ، قال يقول:

السلام عليك ياولي الله أنت أول مظلوم، وأول من غصب حقه، صبرت واحتسبت، حتى أتاك اليقين، فأشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب، وجدد عليه العذاب.

جئتك عارفاً بحقك مستبصراً بشأنك، معادياً لأعدائك ومن ظلمك، ألقى على ذلك ربي إن شاء الله.

يا ولي الله: إن لي ذنوباً كثيرة، فاشفع لي الى ربك، فإن لك عند الله مقاماً محمودا معلوماً، وإن لك عند الله جاهاً وشفاعة وقد قال تعالى: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى.

ورواه في تهذيب الأحكام: ٦/ ٢٨

وفي مصباح المتهجد/٦٩٤:

اللهم لا قوة لي على سخطك ولا صبر لي على عذابك ولا غنى لي عن رحمتك تجد من تعذب غيري ولا أجد من يرحمني غيرك ولا قوة لي على البلاء ولا طاقة لي على الجهد، أسألك بحق محمد نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأتوسل اليك بالأئمة الذين اخترتهم لسرك وأطلعتهم على خفيك وأخبرتهم بعلمك وطهرتهم وخلصتهم واصطفيتهم

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368