التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف15%

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 368

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184840 / تحميل: 6447
الحجم الحجم الحجم
التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

٨٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: الطريق ومعرفة الامام.

٨٩ ـ وباسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: والله نحن الصراط المستقيم.

٩٠ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: هو أمير المؤمنين ومعرفته، والدليل على أنّه أمير المؤمنين قول اللهعزوجل :( وَإِنَّهُ فِي أمّ الكتاب لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (١) وهو أمير المؤمنينعليه‌السلام في أمّ الكتاب في قوله:( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) .

٩١ ـ وباسناده إلى المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصراط فقال :

هو الطريق إلى معرفة اللهعزوجل . وهما صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الاخرة، فاما الصراط في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الاخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الاخرة، فتردى في نار جهنم.

٩٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى حفص بن غياث قال: وصف أبو عبد اللهعليه‌السلام الصراط فقال: ألف سنة صعود، والف سنة هبوط، وألف سنة حذاك.

٩٣ ـ وإلى سعدان بن مسلم عن أبي عبد الله قال: سألته عن الصراط، فقال: هو أدق من الشعر، وأحد من السيف، فمنهم من يمر عليه مثل البرق ومنهم من يمر عليه مثل عدو الفرس، ومنهم من يمر عليه ماشيا، ومنهم من يمر عليه حبوا(٢) ومنهم من يمر عليه متعلقا فتأخذ النار منه شيئا وتترك منه شيئا.

٩٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الصراط المستقيم أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٩٥ ـ حدّثنا محمد بن القاسم الأسترابادي المفسّر قال: حدّثني يوسف بن محمد بن

__________________

(١) سورة الزخرف: الاية ٤.

(٢) حبا الرجل حبوا: مشى على يديه وبطنه.

٢١

زياد وعلي بن محمد بن سيار(١) عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام في قوله:( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ما مضى من أيامنا، حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا، والصراط المستقيم هو صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الاخرة، فاما الطريق المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل، وأمّا الطريق الاخر [ة] طريق المؤمنين إلى الجنّة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار. ولا إلى غير النار سوى الجنة.

٩٦ ـ قال: وقال جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام في قولهعزوجل ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال: يقول: أرشدنا إلى الصراط المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدّى إلى محبتك، والمبلغ دينك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك.

٩٧ ـ وباسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: حدّثني ثابت الثمالي عن سيد العابدين عليّ بن الحسينعليهما‌السلام قال: نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم.

٩٨ ـ وباسناده إلى سعد بن طريف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليّ إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط فلم يجز أحد إلّا من كان معه كتاب فيه براءة بولايتك.

٩٩ ـ في أصول الكافي إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: أوحى الله إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٢) قال: إنّك على ولاية عليٍّ وعليٌّعليه‌السلام هو الصراط المستقيم.

١٠٠ ـ على بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ

__________________

(١) وفي المصدر على بن محمد بن سنان ولكن الظاهر هو المختار فان الذي يروى عنه محمد بن القاسم المفسّر هو على بن محمد بن سيار راجع تنقيح المقال وغيره.

(٢) الزخرف: ٤٢.

٢٢

يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١) قال؛ إنَّ الله ضرب مثل من حاد عن ولاية عليّ كمثل من يمشى على وجهه لا يهتدى لأمره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٠١ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال قول اللهعزوجل في الحمد:( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) يعنى محمّدا وذريته صلوات الله عليهم.

١٠٢ ـ حدّثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسّر قال: حدّثني يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) أي قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك، وهم الذين قال اللهعزوجل :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (٢) وحكى هذا بعينه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن وان كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة، ألا ترون أنَّ هؤلاء قد يكونون كفارا أو فسّاقا فما ندبتم إلى أن تدعو بأن ترشدوا إلى صراطهم وإنّما أمرتم بالدعاء بان ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالايمان بالله وتصديق رسوله وبالولاية لمحمّد وآله الطيبين، وأصحابه الخيرين المنتجبين، وبالتقية الحسنة التي يسلم بها من شرّ أعداء الله، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم، بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين، وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين.

١٠٣ ـ حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم، قال: حدّثني عبيد بن كثير، قال: حدّثنا محمد بن مروان، قال: حدّثنا عبيد بن يحيى بن مهران العطار قال: حدّثنا محمد بن الحسين عن أبيه عن جدّه، قال: قال رسول

__________________

(١) الملك: ٢٢.

(٢) النساء: ١٧.

٢٣

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قول اللهعزوجل :( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) قال: شيعة عليّعليه‌السلام ( الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) بولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لم يغضب عليهم ولم يضلوا.

١٠٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى خيثمة الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : ونحن الطريق الواضح والصراط المستقيم إلى اللهعزوجل ، ونحن من نعمة الله على خلقه.

١٠٥ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادقعليه‌السلام : وأمّا الغضب فهو منا إذا غضبنا تغيرت طبائعنا وترتعد أحيانا مفاصلنا، وحالت ألواننا، ثمّ نجيء من بعد ذلك بالعقوبات فسمّي غضبا فهذا كلام الناس المعروف، والغضب شيئان أحدهما في القلب، وامّا المعنى الذي هو في القلب فهو منفي عن الله جلّ جلاله، وكذلك رضاه وسخطه ورحمته على هذه الصفة.

١٠٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن حمّاد عن حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قرأ «اهدنا الصراط المستقيم، صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين» قال: المغضوب عليهم النصّاب والضالين اليهود والنصارى.

١٠٧ ـ وعنه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله: «غير المغضوب عليهم وغير الضالين» قال: المغضوب عليهم: النصّاب، والضالين: الشكاك الذين لا يعرفون الامام.

١٠٨ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وفيما ذكره الفضل من العلل عن الرضاعليه‌السلام أنّه قال: ( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) توكيد في السؤال والرغبة، وذكر لما تقدم من نعمه على أوليائه، ورغبة في مثل تلك النعم( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه( وَلَا الضَّالِّينَ ) اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله، من غير معرفة وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.

١٠٩ ـ في مجمع البيان وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الله تعالى من على بفاتحة الكتاب إلى قوله،( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) اليهود( وَلَا الضَّالِّينَ ) النصارى.

٢٤

١١٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي وروينا بالأسانيد المقدم ذكرها عن أبي الحسن العسكريعليه‌السلام ان أبا الحسن الرضاعليه‌السلام قال: إنَّ من تجاوز بأمير المؤمنينعليه‌السلام العبودية فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين.

١١١ ـ في الاستبصار روى الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أقول: آمين إذا قال الامام:( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) ؟ قال: هم اليهود والنصارى.(١)

١١٢ ـ في تهذيب الأحكام : محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسين بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن اسحق بن عمار عن جعفر عن أبيهعليهما‌السلام ان رجلين من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختلفا في صلوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكتبا إلى أبي بن كعب كم كانت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سكتة؟ فقال: كانت له سكتتان إذا فرغ من أم القرآن، وإذا فرغ من السورة.

١١٣ ـ في الكافي على عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا كنت خلف امام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت:( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ولا تقل آمين.

١١٤ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر أخلاق الرضاعليه‌السلام ووصف عبادته: وكان إذا فرغ من الفاتحة قال: الحمد لله رب العالمين.

__________________

(١) وزاد في المصدر بعده قوله (ع): «ولم يجب في هذا».

٢٥

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة البقرة وآل عمران جاء يوم القيمة تظلانه على رأسه مثل الغيابتين(١)

٢ ـ وفيه أيضا عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ أربع آيات من أوّل البقرة وآية الكرسي وآيتين بعدها، وثلث آيات من آخرها، لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه، ولا يقربه الشيطان ولا ينسى القرآن.

٣ ـ في مجمع البيان وسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أي سور القرآن أفضل؟ قال: البقرة قيل أي آي البقرة أفضل؟ قال: آية الكرسي.

٤ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : اما( الم ) في أوّل البقرة، فمعناه أنا الله الملك.

٥ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( الم ) هو حرف من حروف إسم الله الأعظم المقطع في القرآن؛ الذي يؤلفه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والامام، فاذا دعا به أجيب( ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) قال: بيان لشيعتنا( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) قال: مما علمناهم يبثون(٢) ومما علمناهم من القرآن يتلون.

٦ ـ وباسناده إلى محمد بن قيس قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يحدث ان حييا وأبا ياسر إبني اخطب ونفرا من يهود أهل نجران أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له: أليس فيما

__________________

(١) الغيابة من كل شيء: ما سترك منه.

(٢) أي ينشرون.

٢٦

تذكر فيما انزل الله عليك( الم ) ؟ قال: بلى قالوا أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم؛ قالوا: لقد بعث أنبياء قبلك وما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك قال فأقبل حي بن اخطب على أصحابه فقال لهم: الالف واحد واللام ثلثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة، فعجب أن يدخل(١) في دين مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة: قال: ثم أقبل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال: نعم قال فهاته، قال:( المص ) قال: هذه أثقل وأطول «الالف» واحد، و «اللام» ثلثون «والميم» أربعون و «الصاد» تسعون، فهذه مائة واحدى وستون سنة. ثم قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: هاته. قال،( الر ) قال هذه أثقل وأطول، «الالف» واحد، و «اللام» ثلثون و «الراء» مائتان، ثم قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فهل مع هذا غيره قال: نعم، قال: هاته، قال( المر ) قال هذه أثقل وأطول «الالف» واحد «واللام» ثلثون «والميم» أربعون، و «الراء» مائتان، ثم قال له: هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قالوا قد التبس علينا أمرك فما ندري ما أعطيت ثم قاموا عنه، ثم قال أبو ياسر لحى أخيه ما يدريك :! لعل محمدا قد جمع له هذا كله وأكثر منه، قال: فذكر أبو جعفر (ع) ان هذه الآيات أنزلت فيهم( مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أمّ الكتاب وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ) (٢) قال: وهي تجري في وجه آخر على غير تأويل حي وأبى ياسر وأصحابهما.

٧ ـ حدّثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المعروف بابى الحسن الجرجاني المفسّر رضوان الله عليه قال: حدّثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن على بن محمد ابن سيار عن أبويهما عن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام أنّه قال؛ كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا: «سحر مبين تقوله» فقال الله:( الم ذلِكَ الْكِتابُ ) أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو بالحروف المقطعة التي منها «الف، لام، ميم» وهي بلغتكم وحروف هجائكم، فأتوا بمثله ان كنتم صادقين، واستعينوا على ذلك بساير شهدائكم، ثم بين انهم لا يقدرون

__________________

(١) وفي المصدر «ممن يدخل».

(٢) آل عمران: ٧.

٢٧

عليه بقوله:( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) (١) ثم قال الله،( الم ) هو القرآن الذي افتتح بألم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى فمن بعده من الأنبياء، فأخبروا بنى إسرائيل انى سأنزله عليك يا محمد كتابا عزيزا( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ )( لا رَيْبَ فِيهِ ) لا شك فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم انبياؤهم ان محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل، يقرئه هو وأمته على ساير أحوالهم هدى بيان من الضلالة للمتقين الذين يتقون الموبقات؛ ويتقون تسليط السفه على أنفسهم حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم قال: وقال الصادقعليه‌السلام : ثم الالف حرف من حروف، قولك الله، دل بالألف على قولك الله، ودل باللام على قول الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين، ودل بالميم على أنّه المجيد المحمود في كل أفعاله وجعل هذا القول حجة على اليهود، وذلك ان الله لما بعث موسى بن عمران ثم من بعده من الأنبياء إلى بنى إسرائيل لم يكن فيهم قوم الا أخذوا فيهم العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الأمي المبعوث بمكة الذي يهاجر إلى المدينة يأتى بكتاب الله بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره، يحفظه أمته فيقرءونه قياما وقعودا ومشاة، وعلى كل الأحوال يسهل اللهعزوجل حفظه عليهم، ويقرنون بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخاه ووصيه على بن أبي طالبعليه‌السلام الآخذ عنه علومه التي علمها، والمتقلد عنه الامانة التي قلدها، ومذلل كل من عاند محمدا بسيفه الباتر(٢) ويفحم كل من جادله وخاصم بدليله القاهر(٣) يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين، ثم إذا صار محمد إلى رضوان اللهعزوجل وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان، وحرفوا تأويلاته وغيروا معانيه، ووضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم بعد ذلك على تأويله حتى يكون إبليس الغاوي لهم هو الخاسئ(٤) الذليل المطرود المغلول. قال: فلما بعث الله محمدا

__________________

(١) الإسراء: ١٩.

(٢) الباتر: القاطع.

(٣) أفحمه: أسكته بالحجة في خصومة أو غيرها. وفي المصدر «الظاهر» بدل «القاهر».

(٤) وفي المصدر «هو الخاسر».

٢٨

وأظهره بمكة، ثم سيره منها إلى المدينة وأظهره بها، ثم أنزل عليه الكتاب وجعل افتتاح سوره الكبرى بألم يعنى( الم ذلِكَ الْكِتابُ ) وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت الأنبياء السالفين، انى سأنزله عليك يا محمد( لا رَيْبَ فِيهِ ) فقد ظهر كما أخبرهم به أنبيائهم ان محمدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو وأمته على ساير أحوالهم ثم اليهود يحرفونه عن جهته، ويتأولونه على غير وجهه، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال آجال هذه الامة، وكم مدة ملكهم، فجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جماعة منهم فولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام مخاطبتهم، فقال قائلهم: ان كان ما يقول محمد حقا لقد علمناكم قدر ملك أمته هو إحدى وسبعون سنة، «الالف» واحد، «واللام» ثلثون، «والميم» أربعون، فقال علىعليه‌السلام : فما تصنعون «بالمص» وقد أنزلت عليه؟ فقالوا: هذه إحدى وستون ومأة سنة. قال: فما ذا تصنعون «بالر» وقد أنزلت عليه؟ فقالوا: هذه أكثر، هذه مائتان واحدى وثلثون سنة فقال علىعليه‌السلام : فما تصنعون بما انزل إليه «المر»؟ قالوا: هذه مائتان واحدى وسبعون سنة فقال علىعليه‌السلام : فواحدة من هذه له أو جميعها له؟ فاختلط كلامهم، فبعضهم قال: له واحدة منها وبعضهم قال بل يجمع له كلها وذلك سبعمائة وأربع سنين، ثم يرجع الملك إلينا يعنى إلى اليهود، فقال علىعليه‌السلام أكتاب من كتب اللهعزوجل نطق بهذا أم آراؤكم دلتكم عليه فقال بعضهم كتاب الله نطق به وقال آخرون منهم بل آراؤنا دلت عليه، فقال علىعليه‌السلام فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون، فعجزوا عن إيراد ذلك، وقال للآخرين فدلونا على صواب هذا الرأى، فقالوا صواب رأينا دليله على ان هذا حساب الجمل، فقال علىعليه‌السلام كيف دل على ما تقولون وليس في هذه الحروف الا ما اقترحتم بلا بيان أرأيتم ان قيل لكم ان هذه الحروف ليست دالة على هذه المدة لملك امة محمد ولكنها دالة على ان [عند](١) كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب أو ان عدد ذلك لكل واحد منكم ومنا بعدد هذا الحساب دراهم أو دنانير أو ان لعلى على كل واحد منكم دينا عدد ماله مثل عدد هذا الحساب؟ فقالوا: يا أبا الحسن ليس شيء مما ذكرته منصوصا

__________________

(١) ما بين المقفتين غير موجود في المصدر والظاهر كونه زائدا.

٢٩

عليه في «الم، والمص، والر والمر» فقال علىعليه‌السلام ولا شيء مما ذكرتموه منصوصا عليه في «الم، والمص والر، والمر» فان بطل قولنا لما قلنا بطل قولك لما قلت، فقال خطيبهم ومنطيقهم(١) لا تفرح يا عليّ بأن عجزنا عن اقامة حجة على دعوانا فأي حجة لك في دعواك الا أن تجعل عجزنا حجتك، فاذا ما لنا حجة في ما نقول ولا لكم حجة فيما تقولون قال عليٌّ عليه السلام لا سواء ان لنا حجة هي المعجزة الباهرة، ثم نادى جمال اليهود يا أيتها الجمال اشهدي لمحمد ولوصيه فتبادرت الجمال صدقت صدقت يا وصى محمد، وكذب هؤلاء اليهود، فقال علىعليه‌السلام هؤلاء جنس من الشهود، يا ثياب اليهود التي عليهم اشهدي لمحمد ولوصيه فنطقت ثيابهم كلهم صدقت يا عليّ نشهد ان محمدا (ص) رسول الله حقا وانك يا عليّ وصيه حقا، لم يثبت محمد قدما في مكرمة الا وطيت على موضع قدمه بمثل مكرمته فأنتما شقيقان من أشرف أنوار الله، تميزتما اثنتين وأنتما في الفضايل شريكان، الا انه لا نبي بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعند ذلك خرست اليهود وآمن بعض النظارة منهم برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وغلب الشقاء على اليهود وساير النظارة الآخرين، فذلك ما قال الله تعالى( لا رَيْبَ فِيهِ ) انه كما قال محمد ووصى محمد عن قول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول رب العالمين، ثم قال «هدى» بيان وشفاء «للمتقين» من شيعة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى انهم اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها، واتقوا إظهار أسرار الله تعالى واسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فكتموها، واتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها وفيهم نشروها.

٨ ـ في مجمع البيان اختلف العلماء في الحروف المعجمة المفتتح بها السور ،

فذهب بعضهم إلى انها من المتشابهات التي استأثر الله بعلمها ولا يعلم تأويلها الا هو، وهذا هو المروي عن أئمتناعليهم‌السلام و روى العامة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي.

٩ ـ وروى أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره مسندا إلى عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام قال سئل جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام عن قوله «الم» فقال في الالف ست صفات من صفات الله

__________________

(١) المنطيق: المتكلم البليغ.

٣٠

عزوجل : «الابتداء» فان اللهعزوجل ابتدأ جميع الخلق والالف ابتداء الحروف و «الاستواء» فهو عادل غير جائر، والالف مستوفى ذاته، و «لانفراد» فالله فرد والالف فرد و «اتصال الخلق بالله» والله لا يتصل بالخلق وكلهم يحتاجون إليه والله غنى عنهم، والالف كذلك لا يتصل بالحروف والحروف متصلة به وهو منقطع عن غيره، والله تعالى باين بجميع صفاته من خلقه، ومعناه «من الالفة» فكما ان اللهعزوجل سبب الفة الخلق فكذلك الالف عليه تألفت الحروف وهو سبب ألفتها.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن يحيى بن أبي عمران عن يونس(١) عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «الكتاب» علىعليه‌السلام لا شك فيه( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) قال، يصدقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد.

١١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عمر بن عبد العزيز عن غير واحد عن داود بن كثير الرقى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) قال: من أقر بقيام القائمعليه‌السلام انه حق.

١٢ ـ وباسناده إلى عليّ ابن أبي حمزة عن يحيى بن أبي القاسم قال، سألت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام عن قول اللهعزوجل :( الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) فقال: المتقون شيعة علىعليه‌السلام والغيب هو حجة الغايب، وشاهد ذلك قول اللهعزوجل و( يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (٢) فأخبرعزوجل ان الاية هي الغيب، والغيب هو الحجة وتصديق ذلك قول اللهعزوجل :( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ) (٣) يعنى حجة.

__________________

(١) وهو يونس بن عبد الرحمن مولى على بن يقطين وهو الذي يروى عنه يحيى بن أبي عمران وكان تلميذه ويروى عن سعدان بن مسلم لكن في المصدر «عن يحيى بن أبي عمران عن موسى بن يونس عن سعدان بن مسلم.» وهو غير صحيح.

(٢) يونس: ٢.

(٣) المؤمنون: ٥٠.

٣١

١٣ ـ في مجمع البيان :( يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) قيل: بما غاب عن العباد علمه عن ابن مسعود وجماعة عن الصحابة، وهو أولى(١) لعمومه، ويدخل فيه ما رواه أصحابنا عن زمان غيبة المهدي ووقت خروجه( وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) روى محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام ان معناه ومما علمناهم يبثون.

١٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت، أخبرنى عن وجوه الكفر في كتاب اللهعزوجل ؟ قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه فمنها كفر الجحود، والجحود على وجهين: فالكفر بترك ما أمر الله وكفر البراءة وكفر النعم، فاما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول: لا رب ولا جنة ولا نار، وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهرية، وهم الذين يقولون( وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ ) (٢) وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشيء مما يقولون، قال اللهعزوجل :( إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) «(٣) » ان ذلك كما يقولون وقال،( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) يعنى بتوحيد الله فهذا أحد وجوه الكفر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن بكر بن صالح عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الكفر في كتاب الله على خمسة وجوه، فمنه كفر الجحود وهو على وجهين جحود بعلم، وجحود بغير علم فاما الذين جحدوا بغير علم فهم الذين حكى الله عنهم في قوله،( وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) وقوله:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) فهؤلاء كفروا وجحدوا بغير علم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) أي أولى مما ذكره قبل هذا القول وهو ما نقله عن الحسن أنّه قال:( يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) أي يصدقون بالقيامة والجنة والنار.

(٢ ـ ٣) الجاثية: ٢٤.

٣٢

١٦ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال، سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل ( خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ ) قال، الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم، كما قالعزوجل ( بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً ) (١) ،

١٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي ره باسناده إلى أبي محمد العسكريعليه‌السلام أنّه قال في قوله تعالى.( خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) أي وسمها بسمة يعرفها من يشاء من ملائكته إذا نظروا إليها بأنهم الذين لا يؤمنون و «على سمعهم» كذلك سماة( وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ) وذلك انهم لما اعرضوا عن النظر فيما كلفوه، وقصروا فيما أريد منهم جهلوا ما لزمهم من الايمان فصاروا كمن على عينيه غطاء لا يبصر ما أمامه، فان اللهعزوجل يتعالى عن العبث والفساد، وعن مطالبة العباد بما منعهم بالقهر منه، فلا يأمرهم بمغالبته، ولا بالمصير إلى ما قد صدهم بالقسر عنه ثم قال،( وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) يعنى في الآخرة العذاب المعد للكافرين، وفي الدنيا أيضا لمن يريد ان يستصلحه بما ينزل به من عذاب الاستصلاح، لينبهه لطاعته أو من عذاب الاصطلام(٢) ليصيره إلى عدله وحكمته وروى أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام مثل ما قال هو في تأويل هذه الاية من المراد بالختم على قلوب الكفار عن الصادقعليه‌السلام بزيادة شرح لم نذكره مخافة التطويل لهذا الكتاب انتهى كلامه (ره).

١٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن معلى بن عثمان عن أبي بصير قال: قال لي، ان الحكم بن عتيبة(٣) ممن قال الله تعالى.( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ

__________________

(١) النساء الاية: ١٥٥.

(٢) الاصطلام: الاستيصال.

(٣) الحكم بن عتيبة كقتيبة الكوفي الكندي كان من فقهاء العامة وقيل انه كان زيديا تبريا: وحكى عن ابن فضال أنّه قال: كان الحكم من فقهاء العامة وكان استاد زرارة وحمران والطيار قبل أن يروا هذا الأمر، وقيل: كان مرجئا. مات حدود سنت ١١٥ وقد ورد ـ

٣٣

الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) فليشرق الحكم وليغرب، اما والله لا يصيب العلم الا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيلعليه‌السلام .

١٩ ـ في كتاب الخصال عن الأصبغ بن نباتة قال. قال أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل. والنفاق على أربع دعائم على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع(١) فالهوى على أربع شعب على البغي، والعدوان، والشهوة، والطغيان، فمن بغى كثرت غوائله. وعلاته(٢) علات ومن اعتدى لم تؤمن بوايقه ولم يسلم قلبه، ومن لم يعزل نفسه عن الشهوات خاص في الخبيثات، ومن طغى ضل على غير يقين ولا حجة له، وشعب الهوينا الهيبة والغرة والمماطلة(٣) والأمل، وذلك لان الهيبة ترد على دين الحق(٤) وتفرط المماطلة في العمل حتى يقدم الأجل، ولولا الأمل علم الإنسان حسب ما هو فيه ولو علم حسب ما هو فيه مات من الهول والوجل، وشعب الحفيظة الكبر والفخر والحمية والعصبية فمن استكبر أدبر، ومن فخر فجر، ومن حمى أصر، ومن أخذته العصبية جار، فبئس الأمر أمر بين الاستكبار والأدبار، وفجور وجور وشعب الطمع أربع: الفرح والمرح(٥) واللجاجة والتكاثر، فالفرح مكروه عند اللهعزوجل ، والمرح خيلاء(٦) واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حبائل الاثام، والتكاثر لهو وشغل، واستبدال الذي هو

__________________

ـ في ذمه روايات كثيرة منها هذه الروايات وان شئت تفصيل الحال فراجع تنقيح المقال وغيره من كتب الرجال.

(١) الهوينا، تصغير الهونى مؤنث الأهون والمراد منه التهاون في امر الدين وترك الاهتمام فيه. والحفيظة: الحمية والغضب.

(٢) علات: جمع العلة.

(٣) وفي المصدر «الهينة» بالنون بدل «الهيبة» والغرة ـ بتشديد الراء ـ الغفلة وما طلحة بحقه مماطلة: سوفه بأدائه مرة بعد أخرى.

(٤) وفي المصدر «ترد عن دين الحق» وهو الظاهر في الكافي «ترد عن الحق».

(٥) مرح مرحا الرجل: اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.

(٦) الخيلاء: ـ كعلماء ـ العجب والكبر.

٣٤

ادنى بالذي هو خير، فذلك النفاق ودعائمه وشعبه!

٢٠ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيهعليه‌السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل فيما النجاة غدا؟ قال: انما النجاة في ان لا تخادعوا الله فيخدعكم، فانه من يخادع الله ويخدعه يخلع منه الايمان ونفسه يخدع لو يشعر، قيل له: وكيف يخادع الله؟ قال: يعمل ما امر اللهعزوجل ثم يريد به غيره، فاتقوا الله والرياء فانه شرك بالله.

٢١ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : واعلم انك لا تقدر على إخفاء شيء من باطنك عليه [تعالى] وتصيره مخدوعا بنفسك، قال الله تعالى:( يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ ) .

٢٢ ـ في مجمع البيان في قوله:( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا ) الاية وروى عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انهم كهانهم(١) قالوا انا معكم أي على دينكم انما نحن مستهزؤن أي نستهزئ بأصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونسخر بهم في قولنا آمنا.

٢٣ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى الحسن بن عليّ بن فضال عن أبيه قال: سألت الرضاعليه‌السلام إلى أن قال: فقال «ان الله تعالى لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا ـ يخادع، ولكنه تعالى يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه، لو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما اسقطوا منه، ولكن الله تبارك اسمه، ماض حكمه بإيجاب الحجة على خلقه، كما قال:( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) (٢) أغشى أبصارهم وجعل على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك فتركوه بحاله وحجبوا عن تأكيد الملتبس بابطاله، فالسعداء

__________________

(١) أي المراد من الشياطين في قوله تعالى بعده( وَإِذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ ) كهانهم وكهان جمع الكهنة.

(٢) الانعام: ١٤٩.

٣٥

يتنبهون عليه والأشقياء يعمهون عنه.

٢٥ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام (١) قال: وقال اللهعزوجل لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) (٢) قال: لو انى أمرت ان أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي: فكان مثلكم كما قال اللهعزوجل ،( كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ) يقول: أضائت الأرض بنور محمد كما تضيء الشمس، فضرب الله مثل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشمس، ومثل الوصي القمر، وهو قول اللهعزوجل :( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) (٣) وقوله:( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ ) (٤) وقولهعزوجل ،( ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ) يعنى قبض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وظهرت الظلمة، فلم يبصروا فضل أهل بيته، والحديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى:( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ) فقال: إنَّ الله تعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه، ولكنه متى علم أنهم لا يرجعون عن الكفر والضلالة منعهم المعاونة واللطف، وخلى بينهم وبين اختيارهم.

٢٧ ـ في روضة الكافي محمد بن يعقوب الكليني قال حدّثني علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وعن محمد بن إسمعيل بن بزيع عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في رسالة طويلة إلى أصحابه

__________________

(١) في تفسير بعض الآيات.

(٢) الانعام: ٨٥.

(٣) يونس: ٥.

(٤) يس: ٣٧.

٣٦

فان زلق اللسان(١) فيما يكره الله وفيما ينهى عنه مرادة(٢) للعبد عند الله ومقت من الله وصم وعمى وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة فيصيروا كما قال الله( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) يعنى( لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) .

٢٨ ـ في مجمع البيان وقيل: الرعد هو ملك موكل بالسحاب يسبح، وهو المروي عن أئمتنا (ع).

٢٩ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقال علىعليه‌السلام (٣) الرعد صوت الملك، والبرق سوطه.

٣٠ ـ وروى ان الرعد صوت ملك أكبر من الذباب وأصغر من الزنبور

٣١ ـ وسأل أبو بصير أبا عبد الله عن الرعد أي شيء يقول؟ قال، انه بمنزلة الرجل يكون في الإبل فيزجرها هاي هاي كهيئة ذلك، قال: قلت جعلت فداك فما حال البرق؟ قال: تلك مخاريق الملئكة(٤) تضرب السحاب فتسوقه إلى الموضع الذي قضى اللهعزوجل فيه المطر.

__________________

(١) وقبل هذا الكلام قوله (ع) وإياكم ان تزلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان والإثم والعدوان. والزلق. بالزاي المعجمة ـ، بمعنى الزينة وكذا تزلق بمعنى، تزين وتنعم وفي بعض النسخ بالذال المعجمة وهو من قولهم لسان ذلق أي فصيح بليغ ذرب.

(٢) من الردى بمعنى الهلاك.

(٣) كذا في النسخ لكن في المصدر نقل قبل هذا الحديث حديث أبي بصير ـ الآتي ـ عن الصادق عليه‌السلام ثم ذكر هذا الحديث بقوله: وقال عليه‌السلام: «الرعد صوت الملك. إلخ». وظاهره ان القائل هو الصادق عليه‌السلام وقد راجعت نسخة أخرى من نسخ المصدر وفيها أيضا مثل ما في النسخة المطبوعة بالغري فلعل المؤلف (ره) اطلع على نسخة مصححة روى فيها الحديث عن على (ع)

(٤) قال ابن الأثير في النهاية: وفي حديث على: «البرق مخاريق الملائكة» هي جمع مخراق وهو في الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا، أرادا انه آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه ثم ذكر في تأييده حديثا عن ابن عباس.

٣٧

قال عز من قائل،( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

٣٢ ـ في كتاب التوحيد بإسناد إلى أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : قولك ان الله قدير خبرت انه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه.

٣٣ ـ وباسناده إلى أبي بصير وقال: سمعت أبا عبد الله يقول لم يزل اللهعزوجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة ذاته ولا مقدور فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور.

٣٤ ـ وباسناده إلى محمد بن أبي إسحاق الخفاف قال: حدّثني عدة من أصحابنا ان عبد الله الديصاني أتى هشام بن الحكم فقال له: ألك رب؟ فقال: بلى قال قادر قال نعم قادر قاهر قال يقدر ان يدخل الدنيا كلها في البيضة لا تكبر البيضة ولا تصغر الدنيا؟ فقال هشام. النظرة، فقال له. قد أنظرتك حولا، ثم خرج عنه فركب هشام إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فاستأذن عليه (ع) فاذن له، فقال له. يا ابن رسول الله أتانى عبد الله الديصاني بمسئلة ليس المعول فيها الا على الله وعليك، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام . عما ذا سألك؟ فقال: قال لي كيت وكيت فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام . يا هشام كم حواسك؟ قال خمس قال: أيها الأصغر؟ قال: الناظر، قال: وكم قدر الناظر قال مثل العدسة أو أقل منها، فقال له. يا هشام فانظر أمامك وفوقك وأخبرنى بما ترى، فقال: أرى سماء وأرضا ودرا وقصورا وترابا وجبالا وأنهارا، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام . ان الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة، فانكب هشام عليه وقبل يديه ورأسه ورجليه وقال. حسبي يا ابن رسول الله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٥ ـ وباسناده إلى ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنَّ إبليس قال لعيسى ابن مريمعليه‌السلام : أيقدر ربك على أن يدخل الأرض بيضة لا تصغر الأرض ولا تكبر البيضة؟ فقال عيسىعليه‌السلام . ويلك ان الله تعالى لا يوصف بعجز، ومن أقدر ممن يلطف الأرض ويعظم البيضة.

٣٨

٣٦ ـ وباسناده إلى عمرو بن أذينة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام . هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير ان تصغر الدنيا أو تكبر البيضة؟ قال: إنَّ الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز والذي سألتنى لا يكون ،

٣٧ ـ وباسناده إلى أبان بن عثمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى أمير ـ المؤمنينعليه‌السلام فقال أيقدر الله أن يدخل الأرض في بيضة ولا تصغر الأرض ولا تكبر البيضة؟ فقال له ويلك ان الله لا يوصف بالعجز ومن أقدر ممن يلطف الأرض ويعظم البيضة.

٣٨ ـ وباسناده إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال جاء رجل إلى الرضاعليه‌السلام فقال له هل يقدر ربك أن يجعل السموات والأرض وما بينهما في بيضة؟ فقال: نعم، وفي أصغر من البيضة قد جعلها في عينك وهو أقل من البيضة، لأنك إذا فتحتها عاينت السماء والأرض وما بينهما، فلو شاء لأعماك عنها. قال عز من قائل:( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ) «الاية».

٣٩ ـ في عيون الأخبار فيما ذكره الفضل بن شاذان من العلل عن الرضاعليه‌السلام أنّه قال: فان قال، فلم يعبدوه؟(١) «قيل». لئلا يكونوا ناسين لذكره ولا تاركين لادبه، ولا لاهين عن أمره ونهيه، إذا كان فيه صلاحهم وقوامهم، فلو تركوا بغير تعبد لطال عليهم الأمد فقست قلوبهم.

٤٠ـ في كتاب التوحيد خطبة للرضاعليه‌السلام يقول فيها. أوّل عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيد الله نفى الصفات عنه، بشهادة العقول ان كل صفة وموصوف مخلوق وشهادة كل مخلوق ان له خالقا ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث.

٤١ ـ في أصول الكافي ـ علي بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام ـ أوقلت له ـ: جعلني الله فداك نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد الصمد؟ قال. فقال: إنَّ من عبد الاسم دون المسمى بالأسماء فقد أشرك وكفر وجحد ولم يعبد شيئا، بل اعبد الله الواحد الأحد الصمد المسمى

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «فلم تعبدهم» وهو الأنسب بسياق الحديث.

٣٩

بهذه الأسماء دون الأسماء، ان الأسماء صفات وصف بها نفسه تعالى.

٤٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض رجاله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته.

٤٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول: ليس العبادة كثرة الصلوة والصوم، انما العبادة التفكر في أمر اللهعزوجل .

٤٤ ـ وباسناده إلى الفضيل بن يسار قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام . ان أشد العبادة الورع.

٤٥ ـ وباسناده إلى عليّ بن الحسينعليه‌السلام قال: من عمل بما افترض الله عليه فهو من أعبد الناس.

٤٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: العبادة ثلثة، قوم عبدوا اللهعزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا اللهعزوجل حبا له فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة.

٤٧ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى إسمعيل بن مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العبادة سبعون جزءا أفضلها جزءا طلب الحلال.

٤٨ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى الرضاعليه‌السلام أنّه قال: النظر إلى ذريتنا عبادة، فقيل له: يا بن رسول الله النظر إلى الائمة منكم عبادة أو النظر إلى جميع ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: بل النظر إلى جميع ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبادة ما لم يفارقوا منهاجه، ولم يتلوثوا بالمعاصي.

٤٩ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت والمشي إلى بيته.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

آبائهم، وما ترك أبولهب إلاّ للإزراء على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّه عمه»(١) .

١٤ - عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قول الله عزّوجلّ: «من يطع الله ورسوله - في ولاية علي والأئمة من بعده - فقد فاز فوزاً عظيماً. هكذا نزلت»(٢) .

١٥ - عن منخّل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: «نزل جبرئيل على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الآية هكذا:( يا أيا الذين اوتوا الكتاب آمنا بما أنزلنا - في علي -نوراً مبيناً ) (٣) .

١٦ - عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله في قوله:

( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات - في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم -فنسي ... ) (٤) .

فهذه طائفة من تلك الأحاديث، ولنلق الأضواء عليها واحداً واحداً، لنرى ما قيل في الجواب عن كلّ واحد أو ما جاء فيه من تأويل.

الكلام على هذه الأخبار

الحديث الأول:

رواه الشيخ الكليني والشيخ الصفار، كلاهما بسند فيه «عمرو بن أبي المقدام» وقد اختلف علماء الرجال فيه على قولين، كما

__________________

(١) الغيبة للنعماني: ٣١٨.

(٢) الكافي ١: ٣٤٢.

(٣) الكافي ١: ٣٤٤.

(٤) الكافي ١: ٣٤٥.

٦١

اعترف بذلك بعضهم(١) .

الحديث الثاني:

رواه الشيخ الكليني والصفار أيضاً بسند فيه «المنخّل بن جميل الأسدي»

وقد ضعّفه أكثر علماء الرجال، بل كلّهم، وقالوا: إنّه فاسد العقيدة، وإنّه يروي الأحاديث الدالّة على الغلو في الأئمةعليهم‌السلام (٢) .

هذا بالإضافة إلى أنّه يمكن نفسير هذا الحديث وسابقة بمعنى آخر يساعد عليه اللفظ فيهما.

ولذا فقد قال السيد الطباطبائي في الخبرين ما نصّه:

«قولهعليه‌السلام : إنّ عنده القرآن كلّه إلى آخره، الجملة وإن كانت ظاهرة في لفظ القرآن ومشعرة بوقوع التحريف فيه، لكنّ تقييدها بقوله: (ظاهره وباطنه) يفيد أنّ المراد هو العلم بجميع القرآن من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادي ومعانيه المستبطنة على الفهم العادي.

وكذا قوله في الرواية السابقة (وما جمعه وحفظه إلى آخره) حيث قيّد الجمع بالحفظ، فافهم»(٣) .

وقد أورد السيد على بن معصوم المدني هذين الخبرين ضمن الأحاديث التي استشهد بها على أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام والأوصياء من أبنائه، علموا جميع ما في القرآن علماً قطعيّاً بتأييد إلهي وإلهام رباني وتعليم نبوي، وذكر أنّ الأحاديث في ذلك متواترة بين الفريقين، وعليه

__________________

(١) تنقيح المقال ٢: ٣٢٣.

(٢) تنقيح المقال ٣: ٢٤٧.

(٣) حاشية الكافي ١: ٢٢٨.

٦٢

إجماع الفرقة الناجية، وأنّه قد طابق العقل في ذلك النقل(١) .

وقد روى الشيخ الصفّار القمي حديثاً آخر في معنى الحديثين المذكورين هذا نصه بسنده:

«جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي القرشي، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ما أحد من هذه الامة جمع القرآن إلاّ وصي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٢) . ولكن في سنده «محمد بن علي القرشي»(٣) .

الحديث الثالث:

فإن راويه هو «سالم بن سلمة» أو «سالم بن أبي سلمة» ومراجعة واحدة لكتب الرجال تكفي للوقوف على رأيهم في هذا الرجل. فقد ضعّفه ابن الغضائري والنجاشي والعلاّمة الحلّي والشيخ المجلسي وغيرهم(٤) . ويفيد الحديث مخالفة القرآن الذي جمعه أمير المؤمنينعليه‌السلام مع القرآن الموجود بين أيدينا، وسيأتي الكلام على ذلك في فصل (الشبهات). كما يفيد أيضاً مخالفة القرآن الكريم على عهد سيدنا الإمام المهديعليه‌السلام لهذا القرآن، وسيأتي الكلام على هذا أيضاً في الفصل المذكور.

__________________

(١) شرح الصحيفة السجادية: ٤٠١.

(٢) بصائر الدرجات للصّفار، وعنه في البحار٨٩: ٤٨، وانظر مرآة العقول المجلد ٢: ٥٣٥.

(٣) تنتيح المقال ٣: ١٥١.

(٤) نفس المصدر ٢: ٤.

٦٣

الحديث الرابع:

هو من رويات الشيخ العياشي في تفسيره(١) ، وقد رواه عنه الشيخ الحرّ العاملي على النحو التالي:

«وعن ميسر - أي وروى العياشي عن ميسر - عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقّنا على ذي حجا،

ولو قد قام قائمنا قنطق صدّقه القرآن»(٢) .

ويبطل هذا الحديث إجماع المسلمين كافّة على عدم وقوع الزيادة في القرآن، وقد ادّعى هذا الإجماع: السيد المرتضى، وشيخ الطائفة، والشيخ الطبرسي، رضي الله تعالى عنهم.

وقال سيدنا الجدّ الميلاني: «هذا على أنذ أحداً لم يقل بالزيادة». وقال السيد الخوئي في بيان معاني التحريف: «الخامس: التحريف بالزيادة، بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل، والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين، بل هو مما علم بطلانه بالضرورة»(٣) .

الحديث الخامس:

وقد صرّح الشيخ المجلسيرحمه‌الله بأنّه مجهول(٤) .

وفي الأول من تالييه: إنّه مرسل(٥) .

__________________

(١) تفسير العياشي ١: ١٣.

(٢) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ٣: ٤٣.

(٣) البيان: ٢١٨.

(٤) مرآة العقول ١٢: ٥١٧.

(٥) مرآة العقول ١٢: ٥١٧.

٦٤

وفي الثاني منهما بأنّه: موثّق(١) .

وظاهر هذه الأحاديث - وإن أنكر جماعة كالمجلسي والفيض وشارح الكافي - منافاة بعضها للبعض، كما اعترف بذلك السيد عبدالله شبر(٢) وأوضح ذلك السيد هاشم معروف الحسني في دراساته.

الحديث السادس:

ضعّفه الشيخ المجلسي(٣) ، وأوّله المحدّث الكاشاني في الوافي: على أنّ المراد من تلك الآيات، ما كان مأخوذاً من الوحي من قبيل التفسير وتبيين المراد، لا من القرآن الكريم على حقيقته، حتى يقال إنّه يدلّ نقصان القرآن.

الحديث السابع:

هو من روايات الشيخ الصفار القمي والشيخ العياشي، وسيأتي الكلام عن رواياتهما، على أنّهما روياه عن «إبراهيم بن عمر» وقد اختلفوا في تضعيفه وتوثيقه على قولين(٤) .

ومن الممكن القول: بأنّ تلك الأسماء التي القيت إنما كانت مثبتة فيه على وجه التفسير لألفاظ القرآن، وتبيين الغرض منها، لا أنّها نزلت في أصل القرآن كذلك، كما قيل نظائره.

الحديث الثامن:

رواه الشيخ العياشي مرسلاً عن داود بن فرقد عمّن أخبره، عنه

__________________

(١) نفس المصدر ١٢: ٥١٧.

(٢) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار ١: ٢٩٤.

(٣) مرآة العقول ١٢: ٥٠٦.

(٤) تنقيح المقال ١: ٢٧.

٦٥

عليه‌السلام ، وقد يجاب عنه أيضاً بمثل ما يجاب به عن الأحاديث الآتية.

الحديث التاسع:

رواه الشيخ الكليني عن البزنطي، وقد قال الشيخ المجلسي: إنّه مرسل(١) .

واعترف شارح الكافي بكونه: مرفوعاً.

وروى نحوه الشيخ الكشي عنه أيضاً(٢) وسيأتي ما في رواياته.

هذا ولقد قال المحدّث الكاشاني بعده ما نصّه:

«لعلّ المراد أنّه وجد تلك الأسماء مكتوبة في ذلك المصحف تفسيراً للذين كفروا وللمشركين، مأخوذة من الوحي، لا أنّها كانت من أجزاء القرآن

وكذلك كل ما ورد من هذا القبيلعليهم‌السلام »(٣) .

الحديث العاشر:

ونظائره التي رواها الشيخان القمي والكليني وغيرهما، من الأحاديث الدالّة على حذف اسم أمير المؤمنين عليعليه‌السلام و «آل محمد» وكلمة «الولاية» وأسماء «المنافقين» وغير ذلك.

ويغنينا عن النظر في أسانيد هذه الأحاديث واحداً واحداً اعتراف المحدّث الكاشاني بعدم صحتها، وحملها - على فرض الصحة - على أنّه بهذا المعنى نزلت، وليس المراد أنّها كذلك نزلت في أصل القرآن فحذف ذلك.

__________________

(١) مرآة العقول ١٢: ٥٢١.

(٢) رجال الكشّي: ٤٩٢.

(٣) الوافي ٢: ٢٧٣.

٦٦

ثم قال - رحمة الله تعالى -: «كذلك يخطر ببالي في تأويل تلك الأخبار إن صحت ...»(١) .

وقال السيد الخوئي:

«والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة: إنّا قد أو ضحنا فيما تقدّم أنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن، وليس من القرآن نفسه، فلا بدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الأئمة في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بدّ من طرح هذه الروايات، لمخالفتها الكتاب والسنّة والأدلّة المتقدّمة على نفي التحريف.

وقد دلّت الأخبار المتواترة على وجوب عرض الروايات على الكتاب والسنّة، وإن ما خالف الكتاب منها يجب طرحه وضربه على الجدار».

وقال أيضاً: «ومما يدلّ على أنّ اسم أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يذكر صريحاً في القرآن: حديث الغدير، فإنّه صريح في أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما نصب علياً بأمر الله، وبعد أن ورد عليه التأكيد في ذلك وبعد أن وعده الله بالعصمة من الناس، ولو كان اسم «علي» مذكوراً في القرآن لم يحتج إلى ذلك النصب، ولا إلى تهيئة ذلك الاجتماع الحافل بالمسلمين، ولما خشي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من إظهار ذلك، ليحتاج إلى التأكيد في أمر التبليغ».

وقال بالنسبة إلى هذا الحديث بالذات:

«على أنّ الرواية الآخيرة المرويّة في الكافي مما لا يحتمل صدقه في نفسه، فإنّ ذكر اسم عليعليه‌السلام في مقام إثبات النبوّة والتحدى على

__________________

(١) نفس المصدر ٢: ٢٧٤.

٦٧

الإتيان بمثل القرآن لا يناسب مقتضى الحال».

قال: «ويعارض جميع هذه الروايات صحيحة أبي بصير المروية في الكافي، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن قول الله:( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .

قال: فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسينعليهم‌السلام .

فقلت له: إنّ الناس يقولون لهم: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسّم لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسّر لهم ذلك.

فتكون هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الروايات، وموضّحة للمراد

منها»(١) .

هذا، وقد تقدّم عن الشيخ البهائي قوله:

«وما اشتهر بين الناس من إسقاط اسم أمير المؤمنينعليه‌السلام منه في بعض المواضع، مثل تعالى:( يا ايّها الذين الرسول بلّغ ما انزل إليك - في علي -) وغير ذلك فهو غير معتبر عند العلماء»(٢) .

الحديث الحادي عشر:

فيجاب عنه - بعد غضّ النظر عن سنده - بأنّ الشيخ الطبرسي رحمة الله وغيره رووه عن ابن سنان بدون زيادة «ثم قال ...»(٣) .

__________________

(١) البيان ١٧٨ - ١٧٩.

(٢) نقله عنه في آلاء الرحمن: ٢٦.

(٣) مجمع البيان ٤: ٣٣٤.

٦٨

على أنّ نفس هذا الحديث، وكذا الحديثان الآخران(١) عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دليل على أنّ سورة الأحزاب كانت مدوّنة على عهدهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

كما يجاب عنه - إن صح - بما اجيب عن نظائره فيما تقدّم.

ولنا أن نطالب - بعد ذلك كلّه - من يصحّح هذا الحديث ويعتمد عليه، أن يثبت لنا أن ذهبت هذه الكثرة من الآيات؟ وأن يذكر كيفيّة سقوطها - أو إسقاطها - من دون أن يعلم سائر المسلمين؟

ألم تكن الدواعي متوفّرة على أخذ القرآن وتعلّمه كلّما نزل من السماء؟ ألم

تكن السورة تنتشر بمجرد نزولها بأمر النبي(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله بين المسلمين وتقرأ في بيوتهم؟

الحديث الثاني عشر:

من روايات الشيخ الكشي، وسيأتي الكلام عنها بصورة عامة.

الحديث الثالث عشر:

سنده غير قويّ كما يتّصح ذلك لمن راجعه، ثمّ إنّ الشيخ النعماني نفسه قد روى حديثين آخرين:

أحدهما: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أيضاً، قال: «كأنّي أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة، وقد ضربوا الفساطيط يعلّمون الناس القرآن كما أنزل»(٣) .

__________________

(١) مجمع البيان، ورواه أهل السنة في كتبهم المعتبرة. انظر منها الدر المنثور ٥: ١٧٩ عن جملة من كتب الحديث.

(٢) نصّ على هذا أكابر الطائفة، منهم العلامة الحلّي في كتابة نهاية الوصول، وقد تقدمت عبارته في الفصل الثاني من الكتاب.

(٣) الغيبة للنعماني: ٣١٧.

٦٩

والثاني منهما: عن أبي عبدالله الصادقعليه‌السلام ، قال: «كأنّي بشيعة علي في أيديهم المثاني يعلّمون القرآن»(١) .

وهذان الحديثان يعارضان الحديث المذكور.

وأوضح من ذلك قول الإمام الباقرعليه‌السلام : «إذا قام القائم من آل محمد ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن على أنزله الله عزّ وجلّ، فاصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنّه يخالف فيه التأليف»(٢) .

وليتأمّل في قولهعليه‌السلام : «لأنّه يخالف فيه التأليف» فإنّه يفيد فيما

سيأتي.

أمّا الأحاديث المتبقية - ١٤، ١٥، ١٦ - فقد ضعّفها الشيخ المجلسي جميعها(٣) ، بالإضافة إلى أنّه يجاب عنها بما يجاب عن نظائرها.

__________________

(١) الغيبة للنعماني: ٣١٨.

(٢) روضة الواعظين: ٢٦٥، الإرشاد للشيخ المفيد: ٣٦٥.

(٣) مرآة العقول ٥: ١٤، ٢٩، ٢٩.

٧٠

الفصل الرابع

شبهات حول القرآن

على ضوء روايات الشيعة

وهناك شبهات تعرض للناظر في أحاديث الشيعة الإمامية حول القرآن الحكيم، فعلينا - بالرغم من ثبوت بطلان تلك الأحاديث المتقدّمة وأمثالها، وعدم صلاحيتها للإستناد إليها، بالأدلّة المذكورة على عدم وقوع التحريف في القرآن، وبالأجوبة السالفة عن كل منها - أن نتعرض لتلك الشبهات، ونبيّن وجه اندفاعها:

الشبهة الاولى: تواتر أحاديث تحريف القرآن

لما رأى بعض محدّثي الإمامية كثرة الأحاديث الظاهرة في تحريف القرآن، ووجدوا كثيراً منها في المجاميع الحديثيّة المعروفة، عرضت لهم شبهة تواتر تلك الأحاديث - ولا سيمّا الأخباريون الظاهريون ممن يرى صحّة كل حديث منسوب إلى أئمة الهدىعليهم‌السلام من غير تحقيق - وهؤلاءهم:

١ - المحدّث الجزائري، فإنّه قال في وجوه ردّه على القول بتواتر

٧١

القراءات: «الثالث: إنّ تسليم تواترها عن الوحي الإلهي، وكون الكلّ قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلى طرح الأخبار المستقيضة بل المتواترة الدالّة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن، كلاماً ومادة وإعراباً»(١) .

ولكن يردّه تصريح جماعة من كبار العلماء المحقّقين - وفيهم الأخباريون الفطاحل - بأنّ أحاديث التحريف أخبار آحاد، لا يمكن الركون إليها والإعتماد عليها في هذه المسألة الإعتقادية.

فقد قال شيخ الطائفة: «غير أنّه رويت كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها».

وقال الشيخ المجلسي عن الشيخ المفيد: «إنّ الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد يقطع على الله تعالى بصحتها».

وكذا قال غيرهما من أعلام الطائفة.

على أنّ كلام هذا المحدّث نفسه يدل على أنّ دعواه تلك بعيدة كلّ البعد عما نحن بصدده، لأنّه يدّعي التواتر في أحاديث التحريف بمختلف معانيه كلاماً ومادة وإعراباً.

ومن المعلوم: إنّ طائفة من الأحاديث جاءت ظاهرة في أنّ المسلمين حرّفوا القرآن من جهة المعنى دون اللفظ، وحملوا آياته على خلاف مراد الله تعالى، وإن طائفة اخرى من الأحاديث جاءت ظاهرة في وقوع التحريف في القرآن نتيجة اختلاف القراءات. إلى غير ذلك من

__________________

(١) الأنوار النعمانية ٢: ٣٥٧.

٧٢

طوائف الأحاديث الراجعة إلى تحريف القرآن، وتبقى الطائفة الدالّة منها على التحريف بمعنى «نقصان القرآن» وهو موضوع بحثنا، وقد ذكرنا نحن طائفة من تلك الأحاديث ونبّهنا على ما فيها.

٢ - الشيخ المجلسي في كتابه (مرآة العقول) فإنّه قال بعد حديث قال إنّه موثق:

«ولا يخفى أنّ هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره. وعندى أنّ الأخبار في هذا الباب متواترة معنىً، وطرح جميعها يوجب رفع الإعتماد على الأخبار رأساً، بل ظنّي أنّ الأخبار في هذا الباب لا تقصر عن أخبار الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر».

ويردّه ما ذكره هو في «بحار الأنوار» وقد تقدّم نصّة.

على أنّ قوله: «وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن» غريب، فإنّ السيد المرتضى قال: «نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته».

كما أنكر صحتها الطوسي شيخ الطائفة والمحدّث الكاشاني، بل جاء في العبارة التي نقلناها عن بحاره «إنّ الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحّتها».

ومن قبلهم قال شيخ المحدّثين ما نصّه: «إعتقادنا أنّ القرآن الذين أنزله الله على نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو ما بين الدفّتين وما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذاك ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب». ولو كانت أحاديث النقيصة صحيحة ومقبولة لما قال الصدوق ذلك كما لا يخفى.

وأما قوله: «وطرح جميعها يوجب رفع الإعتماد على الأخبار

٧٣

رأساً» ففيه: إنّ قبول جميعها أيضاً يوجب رفع الإعتماد على الأحاديث رأساً، على أنّه رحمة الله قد حكم في أكثر الأحاديث المخرّجة في «الكافي» والمفيدة نقص القرآن إمّا بالضعف وإمّا بالإرسال، كما تقدّم ذلك كلّه.

ومن العجيب قوله: «بل ظنّي ...» إذ إثبات الإمامية ليس دليلة منحصراً بالأحاديث حتى يقال ذلك، وكيف أنّ تلك الأحاديث لا تقصر عن أحاديث الإمامة؟ وهل يقصد الكثرة في الورود؟ أو القوة في الدلالة؟ أو الصحة في الأسانيد؟

٣ - المحدّث الحر العاملي، فإنّه قال بعد أن روى حديثين عن تفسير العياشي:

«أقول: هذه الأحاديث وأمثالها دالّة على النصّ على الأئمةعليهم‌السلام وكذا التصريح بأسمائهم، وقد تواترت الأخبار بأنّ القرآن نقص منه كثير وسقط منه آيات لمّا تكتب».

ويكفي لدفع دعوى التواتر هذه نصوص العلماء، وما تقدّم نقله عنه في الفصل الأول.

ولعلّ قوله رحمة الله بعد ذلك: «وبعضهم يحمل تلك الأخبار عن أنّ ما نقص وسقط كان تأويلاً نزل مع التنزيل، وبعضهم على أنّه وحي لا قرآن» يدلّ على أنّه لا يعتقد بوقوع التحريف في القرآن الشريف.

وكأنّه إنّما يدّعي التواتر في هذه الأحاديث للإحتجاج بها على وجود النصوص العامة على إمامة الأئمةعليهم‌السلام ، ولذا فإنّه قال: «وعلى كلّ حال، فهو حجّة في النصّ، وتلك الأخبار متواترة من طريق

٧٤

العامة والخاصة»(١) .

والخلاصة: إنّه لا مجال لدعوى التواتر في أحاديث تحريف القرآن بهذا المعنى المتنازع فيه.

الشبهة الثانية: اختلاف مصحف عليعليه‌السلام مع المصحف الموجود

وتفيد طائفة من أحاديث الشيعة أنّ علياً أمير المؤمنينعليه‌السلام اعتزل الناس بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليجمع القرآن العظيم، وفي حديث رواه الشيخ بن إبراهيم القمي - رحمة الله تعالى - في تفسيره: إنّ عمله ذاك كان بأمر من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، حتى روي أنّهعليه‌السلام لم يرتد رداءه إلاّ للصلاة إلى أن فرغ من هذه المهمّة.

وأضافت تلك الأحاديث - ومنها الحديث الثالث من الأحاديث المتقدّمة وحديثان رواهما الشيخ أبو منصور الطبرسي في «الإحتجاج» - إنّهعليه‌السلام حمل ذاك المصحف الذي جمعه إلى الناس، وأخبرهم بأنّه الذي نزل من عندالله سبحانه على النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنّ الناس ردوّه وأعرضوا عنه زاعمين أنّهم في غنىً عنه، فعند ذلك قال الإمامعليه‌السلام : إنّكم لن تروه بعد اليوم.

والذي يستنتجه الناظر في هذه الأحاديث مخالفة ما جمعه الإمامعليه‌السلام مع القرآن الموجود، ولو لم يكن بعض ما فيه مخالفاً لبعض ذلك المصحف لما حمله إليهم، ولما دعاهم إلى تلاوته والأخذ به وجعله

__________________

(١) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ٣: ٤٣.

٧٥

القرآن المتّبع لدى جميع المسلمين.

ومن هنا تأتي الشبهة في هذا المصحف الذي بين أيدينا، إذ لا يشك مسلم في أعلميّة الإمامعليه‌السلام بالكتاب ودرايته بحقائقه وأسراره ودقائقه.

ولكنّ هذه الشبهة تندفع - بعد التسليم بصحّة هذه الأخبار - بما ذكره جماعة من أنّ القرآن الكريم كان مجموعاً على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يكن في عهده مبثوثاً متفرقاً هنا وهناك حتى يحتاج إلى جمع، ويؤيد ذلك أنّ غاية ما تدلّ عليه هذه الأحاديث هو الخالفة بين المصحفين إجمالاً، وهي كما يحتمل أن تكون بالزيادة والنقصان في أصل الآيات والسور المنزلة، كذلك يحتمل أن تكون:

أولاّ: بالإختلاف في الترتيب والتأليف، كما يدلّ عليه الحديث في (الإرشاد) و (روضة الواعظين) وذهب إليه جماعة، فقد قال السيد الطباطبائي: «إنّ جمعهعليه‌السلام القرآن وحمله إليهم وعرضه عليهم لا يدلّ على مخالفة ما جمعه لما جمعوه في شيء من الحقائق الدينيّة الأصليّة أو الفرعية، إلاّ أن يكون في شيء من ترتيب السور أو الآيات من السور التي نزل نجوماً، بحيث لا يرجع إلى مخالفة في بعض الحقائق الدينيّة.

ولو كان كذلك لعارضهم بالإحتجاج ودافع فيه ولم يقنع بمجرد إعراضهم عمّا جمعه واستغنائهم عنه، كما روي عنهعليه‌السلام في موارد شتى، ولم ينقل عنهعليه‌السلام فيما روي من احتجاجاته أنّه قرأ في أمر ولايته ولا غيرها آية أو سورة تدلّ على ذلك، وجبّهم على إسقاطها أو تحريفها»(١) .

__________________

(١) الميزان ١٢: ١١٩.

٧٦

وثانياً: بالإختلاف بالزيادة والنقصان من جهة الأحاديث القدسيّة، بأن يكون مصحف الإمامعليه‌السلام مشتملاً عليها، ومصحفهم خالياً عنها، كما ذهب إليه شيخ المحدّثين الصدوق حيث قال: «وقد نزل من الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغة مقدار سبع عشرة ألف آية، وذلك قول جبرئيلعليه‌السلام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله تعالى يقول لك: يا محمّد دار خلقي: ومثل قوله: عش ما شئت فإنّك ميت، وأحبب ما شئت فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت فإنّك ملاقيه، وشرف المؤمن صلاته بالليل وعزّه كفّ الأذى عن الناس».

قال: «ومثل هذا كثير، كلّه وحي وليس بقرآن ولو كان قرآناً لكان مقروناً به وموصولاً إليه غير مفصول عنه، كما كان أمير المؤمنينعليه‌السلام جمعه، فلما جاء به قال: هذا كتاب ربّكم كما أنزل على نبيّكم، لم يزد فيه حرف ولا ينقص منه حرف، قالوا: لا حاجة لنا فيه، عندنا مثل الذي عندك، فانصرف وهو يقول: فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً، فبئس ما يشترون»(١) .

وثالثاً: بالإختلاف بالزيادة والنقصان من جهة التأويل والتفسير، بأن يكون مصحفهعليه‌السلام مشتملاً على تأويل الآيات وتفسيرها، والمصحف الموجود خال عن ذلك، كما ذهب إلى ذلك جماعة.

قال الشيخ المفيد: «ولكنّ حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنينعليه‌السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله،

__________________

(١) الاعتقادات: ٩٣.

٧٧

وذلك كان ثابتاً منزلاً، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً، قال الله تعالى:( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربّ زدني علماً ) فسمّى تأويل القرآن قرآناً، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف، وعندي أنّ هذا القول أشبه»(١) .

وقال المحدّث الكاشاني: «ولا يبعد أيضاً أن يقال: إن بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان، ولم يكن من أجزاء القرآن، فيكون التبديل من حيث المعنى، أي: حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله، أعني: حملوه على خلاف ما هو به، فمعنى قولهمعليهم‌السلام : (كذا أنزلت) أنّ المراد به ذلك، لا أنّها نزلت مع هذه الزيادة في لفظها، فحذف منها ذلك اللفظ.

وممّا يدلّ على هذا ما رواه في (الكافي) بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه كتب في رسالته إلى سعد الخير: وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية الحديث.

وما رواه العامّة: إنّ علياًعليه‌السلام كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ.

ومعلوم أنّ الحكم بالنسخ لا يكون إلاّ من قبيل التفسير والبيان، ولا يكون جزءاً من القرآن، فيحتمل أن يكون بعض المحذوفات أيضاً

__________________

(١) أوائل المقالات في المذاهب المختارات، وكذا قال في غيره كما سيأتي عن تاريخ القرآن.

٧٨

كذلك»(١) .

وإلى ذلك ذهب السيد الخوئي(٢) .

وقال الزنجاني: «ويظهر من بعض الروايات إنّ علياً أمير المؤمنينعليه‌السلام كتب القرآن وقدّم المنسوخ والناسخ. خرّج إبن أشته في المصاحف عن ابن سيرين: إنّ علياًعليه‌السلام كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ. وإن ابن سيرين قال: تطلبت ذلك وكتبت فيه إلى المدينة فلم أقدر عليه. وقال ابن حجر: قد ورد عن عليعليه‌السلام أنّه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وخرّجه ابن أبي داود.

وفي شرح الكافي عن كتاب سليم بن قيس الهلالي: إنّ علياًعليه‌السلام بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لزم بيته وأقبل على القرآن يجمعه ويؤلّفه فلم يخرج من بيته حتى جمعه كلّه، وكتب على تنزيله الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه.

ذكر الشيخ الإمام محمد بن محمد بن النعمان المفيد في كتاب الإرشاد والرسالة السروية: إنّ علياً قدّم في مصحفه المنسوخ على الناسخ، وكتب في تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل.

يقول الشهرستاني في مقدّمة تفسيره: كان الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - متفقين على إنّ علم القرآن مخصوص لأهل البيتعليهم‌السلام إذا كانوا يسألون علي بن أبي طالب هل خصصتم أهل البيت دوننا بشيء سوى القرآن؟ فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على

__________________

(١) الصافي ١: ٤٦، علم اليقين: ١٣٠.

(٢) البيان: ١٩٧.

٧٩

إجماعهم بأنّ القرآن وعلمه وتنزيله وتأويله مخصوص بهم»(١) .

وقال بعض الأعلام من أهل السنّة: إنّ قرآن على كان يشتمل على علم كثير(٢) .

بل عن الإمامعليه‌السلام نفسه أنّه قال للزنديق: انّه أحضر الكتاب كملاً مشتملاً على التنزيل والتأويل، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، لم يسقط منه حرف»(٣) .

ويؤيّده: ما اشتهر من أن الذي جاءهم به كان مشتملاً على جميع ما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش(٤) .

الشبهة الثالثة: القرآن في عهد الإمام المهديعليه‌السلام .

ومن الأحاديث المتقدّمة وغيرها ما يفيد: أنّ القرآن الكريم على عهد الإمام الحجّة المهديّ المنتظر السّلام يختلف عما هو عليه الآن، وهذا يفضي - بلا ريب - إلى الشك في هذا القرآن الموجود.

ولكنّ هذه الشبهة أيضاً مندفعة، لعلمنا بضعف تلك الأحاديث، ومخالفتها للكتاب والسنّة والإجماع.

على أنّ المستفاد من هذه الأحاديث إختلاف قراءة أهل البيتعليهم‌السلام مع القراءات المشهورة، إلاّ إنّهم كانوا يمنعون عن تلك القراءة، ويأمرون شيعتهم بقراءة القرآن كما يقرأ الناس حتى يظهر

__________________

(١) تاريخ القرآن: ٢٥ - ٢٦.

(٢) التسهيل لعلوم التنزيل ١: ٣.

(٣) الصافي ١: ٤٢.

(٤) بحر الفوائد ٩٩ عن شرح الوافية.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368