مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مظلوميّة الزهراء عليها السلام50%

مظلوميّة الزهراء عليها السلام مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
ISBN: 964-319-261-X
الصفحات: 80

مظلوميّة الزهراء عليها السلام
  • البداية
  • السابق
  • 80 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23357 / تحميل: 5317
الحجم الحجم الحجم
مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مظلوميّة الزهراء عليها السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٢٦١-X
العربية

مظلوميّة الزهراء عليها السلام





السيّد علي الحسيني الميلاني

١

٢

دليل الكتاب :

مظلوميّة الزهراء عليها السلام................................................. ١

دليل الكتاب :.............................................................. ٣

مقدّمة المركز:.............................................................. ٥

تمهيد:.................................................................... ٧

المطلب الأول :........................................................... ١١

أحاديث في مقام الزهراء عليها‌السلام ومنزلتها...................................... ١١

عند الله وعند الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.............................................. ١١

المطلب الثاني :........................................................... ١٩

في أنّ من أذىٰ عليّاً عليه‌السلام فقدآذىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.......................... ١٩

المطلب الثالث :.......................................................... ٢١

في أنّ بغض علي عليه‌السلام نفاق............................................... ٢١

المطلب الرابع :........................................................... ٢٣

في إخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلمعليّاً عليه‌السلام............................................ ٢٣

بأنّ الأُمّة ستغدر به....................................................... ٢٣

المطلب الخامس :......................................................... ٢٥

ضغائن في صدور أقوام..................................................... ٢٥

المطلب السادس :........................................................ ٢٧

في أنّ قريشاً هم سبب هلاك الناس بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.......................... ٢٧

المطلب السابع :.......................................................... ٢٩

لم يروَ من الضغائن والغدر إلاّ القليل........................................ ٢٩

المطلب الثامن :.......................................................... ٣٧

أحقاد قريش وبني أُميّة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..................................... ٣٧

٣

وأهل بيته عليهم‌السلام.......................................................... ٣٧

المطلب التاسع :.......................................................... ٤١

في بعض ما كان منهم مع علي والزهراء عليهما‌السلام............................... ٤١

المسألة الاُولىٰ............................................................. ٤٥

مصادرة ملك الزهراء عليها‌السلام وتكذيبها........................................ ٤٥

المسألة الثانية............................................................. ٥٩

إحراق بيتها عليها‌السلام........................................................ ٥٩

١ ـ التهديد بالإحراق :.................................................... ٦٠

٢ ـ المجيء بقبس أو بفتيلة :................................................ ٦٢

٣ ـ إحضار الحَطَب ليحرّق الدار............................................ ٦٣

٤ ـ المجيء للإحراق :...................................................... ٦٤

المسألة الثالثة............................................................. ٦٧

إسقاط جنينها عليها‌السلام...................................................... ٦٧

المسألة الرابعة............................................................ ٧٣

كشف بيتها عليه‌السلام........................................................ ٧٣

قضايا أُخرىٰ............................................................. ٧٧

٤

  

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز:

لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلىٰ تكريس الجهود ومضاعفتها نحو  الفهم الصحيح والإفهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ،  ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد  حالة من المفاعلة الدائمة بين الأُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب  مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.

وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع  لمكتب سماحة آية الله العظمىٰ السيد السيستانيـمدّ ظلّهـإلىٰ اتّخاذ منهج ينتظم علىٰ عدّة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي علىٰ أوسع نطاق ممكن.

ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة  نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم  نوعاً علىٰ الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد

٥

والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك  الموضوعـبطبيعة الحالـللحوار المفتوح والمناقشات الحرّة  لغرض الحصول علىٰ أفضل النتائج.

ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلىٰ  شبكة الإنترنت العالمية صوتاً وكتابةً.

كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها علىٰ المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتىٰ أرجاء العالم.

وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها علىٰ  شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد  إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.

وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من  السلسلة المشار إليها.

سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.

 

مركز الأبحاث العقائدية

فارس الحسّون

٦

  

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام علىٰ سيدنا محمد  وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله علىٰ أعدائهم أجمعين من الأولين  والآخرين.

موضوع البحثـكما طلبتمـمظلوميّة الزهراءعليها‌السلام ، ولماذا لم  تقولوا مناقب الزهراء ؟ أو لم تقولوا حياة الزهراء ؟ وإنما عنونتم  مظلوميّة الزهراء.

قد يقالـكما قيلـقضايا الزهراء سلام الله عليها قضايا  تاريخية ، ولا ينبغي أن تثار ، والقضيّة التاريخية قد تكون صادقة  وقد تكون كاذبة.

سنحاول أن نبحث عن هذه القضية بلا أيّ تعصب وتشنج ، وإنْ  كان الصبر علىٰ ما وقع ، وقراءة ما وقع ، والحديث عمّا وقع ،

٧

وتحمل ذلك كلّه أمراً صعباً ، سترون أنّي لا أذكر شيئاً لا من مصادر  القوم فحسب ، بل من أعظم مصادرهم ، وأشهر كتبهم ، وأصح  كتبهم ، وأسبق كتبهم وأقدمها ، سأحاول ذلك قدر الإمكان.

ولو كانت قضيةً تاريخيةً فحسب ، فحروب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغزواته كلّها قضايا تاريخية ، ومواقف أمير المؤمنينعليه‌السلام في تلك  الغزوات والحروب قضايا تاريخية ، ومبيت أمير المؤمنين في ليلة  الهجرة علىٰ فراش رسول الله قضية تاريخية ، وزواج علي من  فاطمة الزهراءـبعد أن ردّ رسول الله غيرهـقضية تاريخية ،  وحروبه أيضاً قضايا تاريخية ، وقضية كربلاء وشهادة الحسينعليه‌السلام وأصحابه وأولاده قضية تاريخية ، فلماذا نبحث عنها ؟

وحتى عند أهل السنة أيضاً : كون أبي بكر مع رسول الله في  الغار قضية تاريخية ، صلاته التي يزعمونها في مكان رسول الله في  مرضه قضية تاريخية ، وهكذا بقية الأمور التي يستدلّون بها في  كتبهم بزعمهم علىٰ فضائل أئمّتهم ومناقب أُمرائهم وخلفائهم.

الحقيقة أنّ قضية الزهراء سلام الله عليها أساس مذهبنا ،  وجميع القضايا التي لحقت تلك القضية وتأخّرت عنها كلّها مترتبة علىٰ تلك القضية ، ومذهب الطائفة الإمامية الاثني عشرية بلا قضية  الزهراء سلام الله عليها وبلا تلك الآثار المترتبة علىٰ تلك القضيةـ

٨

هذا المذهبـيذهب ولا يبقىٰ ، ولا يكون فرقٌ بينه وبين المذهب  المقابل.

سنبحث عن قضية الزهراء سلام الله عليها في ضمن مطالب ،  وهذه المطالب مترتبة ، أي كل مطلب منها يترتب علىٰ المطلب  الذي قبله ، حتى نصل إلىٰ المطلب الأخير ، ونستنتج من جميع هذه  المطالب ، ثم نذكر أهمّ مسائل القضيّة ، وسترون أنها قضية علميّة  عقائدية مذهبية ، لها كلّ التأثير في مصير هذا المذهب ، ولها كلّ  التأثير في سلوك أبناء هذا المذهب ، وإليكم المطالب بالتفصيل :

٩

١٠

    

المطلب الأول :

أحاديث في مقام الزهراءعليها‌السلام ومنزلتها

عند الله وعند الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

الأحاديث في هذا الباب كثيرة ، حتى أن عدّةً من علماء  الفريقين دوّنوها في كتب مفردة ، وقد انتخبت من تلك الأحاديث هذه الأحاديث التي سأقرؤها ، وسترون أن مصادرها من أقدم  المصادر وأهمّها :

الحديث الأول :

« فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة » ، أو « سيّدة نساء هذه الأُمّة » ،  أو « سيّدة نساء المؤمنين » ، أو « سيّدة نساء العالمين ».

هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في : صحيح البخاري

١١

في كتاب بدء الخلق ، وفي مسند أحمد ، وفي الخصائص للنسائي ،  وفي مسند أبي داود الطيالسي ، وفي صحيح مسلم في باب فضائل  الزهراء ، وفي المستدرك وصحيح الترمذي ، وفي صحيح ابن  ماجة ، وغيرها من الكتب(١) .

ففاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين.

الحديث الثاني :

في أن فاطمة سلام الله عليها بضعة من النبي :

« فاطمة بضعة منّي من أغضبها أغضبني ».

هذا الحديث بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، وعدّة من  المصادر(٢) .

« فاطمة بضعة منّي يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ».

بهذا اللفظ في : صحيح البخاري ، ومسند أحمد ، وصحيح أبي  داود ، وصحيح مسلم ، وغيرها من المصادر(٣) .

 __________________

(١) الخصائص للنسائي : ٣٤ ، الطبقات ٢ / ٤٠ ، مسند أحمد ٦ / ٢٨٢ حلية الأولياء  ٢/٣٩ ، المستدرك ٣ / ١٥١.

(٢) صحيح البخاري ، كتاب بدء الخلق ، باب مناقب قرابة الرسول ومنقبة فاطمةعليها‌السلام .

(٣) مسند أحمد ٤ / ٣٢٨.

١٢

« إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ».

بهذا اللفظ في : صحيح مسلم(١) .

« إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها ».

بهذا اللفظ في : مسند أحمد وفي المستدرك وقال : صحيح علىٰ شرط الشيخين ، وفي صحيح الترمذي(٢) .

« فاطمة بضعة منّي يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها ».

بهذا اللفظ في : المسند ، وفي المستدرك وقال : صحيح  الإسناد ، وفي مصادر أُخرىٰ(٣) .

الحديث الثالث :

« إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضىٰ لرضاها ».

هذا الحديث تجدونه في : المستدرك ، وفي الإصابة ، ويرويه  صاحب كنز العمال عن أبي يعلىٰ والطبراني وأبي نعيم ، ورواه  غيرهم(٤) .

 __________________

(١) صحيح مسلم ، باب مناقب فاطمةعليها‌السلام .

(٢) مسند أحمد ٤ / ٥ ، المستدرك ٣ / ١٥٩.

(٣) المستدرك ٣ / ١٥٨ ، مسند أحمد ٤ / ٣٢٣.

(٤) المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٥٣ ، كنز العمال ١٣ / ٦٧٤ ، ١٢ / ١١١.

١٣

الحديث الرابع :

في أنّ النبي أسرّ إليها أنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به.

هذا كان عند وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه دعاها فسارّها فبكت ، ثمّ  دعاها فسارّها فضحكت [ في بعض الالفاظ : فشقّ ذلك على  عائشة أن يكون سارّها دونها ] فلمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلّفتها  عائشة أنْ تخبرها ، فقالت : سارّني رسول الله أو سارّني النبي ،  فأخبرني أنّه يقبض في وجعه هذا فبكيتُ ، ثمّ سارّني فأخبرني أنّي  أوّل أهل بيته أتْبعه فضحكتُ.

هذا الحديث في : الصحيحين ، وعند الترمذي والحاكم ،  وغيرهما(١) .

الحديث الخامس :

عن عائشة قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها غير  أبيها.

هذا الحديث تجدونه في : المستدرك وقال : صحيح على 

__________________

(١) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ، صحيح مسلم فضائل فاطمة ، صحيح الترمذي ،  المستدرك ٤ / ٢٧٢.

١٤

شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي ، وفي الاستيعاب ، وفي حلية الأولياء(١) .

الحديث السادس :

عن عائشة أيضاً : كانت إذا دخلت عليهـعلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـقام إليها فقبّلها ورحّب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه.

قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي  أيضاً(٢) .

الحديث السابع :

أخرج الطبراني أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي : « فاطمة أحبّ إليّ منك  وأنت أعزّ عليّ منها ».

قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح(٣) .

هذه هي الأحاديث التي انتخبتها ، لتكون مقدمةً لبحوثنا 

__________________

(١) المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٦٠ ، حلية الأولياء ٢ / ٤١ ، الاستيعاب ٤ /  ١٨٩٦.

(٢) المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٥٤.

(٣) مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٢.

١٥

الآتية ، وسنستنتج من هذه الأحاديث في المطالب اللاحقة ، وفي  الحوادث الواقعة ، وهي أحاديثـكما رأيتمـفي المصادر المهمّة  بأسانيد صحيحة ، ودلالاتها أيضاً لا تقبل أيّ مناقشة.

ومن دلالات هذه الأحاديث : إنّ فاطمة سلام الله عليها  معصومة ، بالإضافة إلىٰ دلالة آية التطهير وغيرها من الأدلة.

مضافاً إلىٰ أن غير واحد من حفّاظ القوم وكبار علمائهم قالوا  بأفضليّة الزهراء سلام الله عليها من الشيخين ، بسبب هذه  الأحاديث وحديث « فاطمة بضعة منّي » بالخصوص ، بل قال  بعضهم بأفضليّتها من الخلفاء الأربعة كلّهم ، ولا مستند لهم إلاّ الأحاديث التي ذكرتها.

ولأقرأ لكم عبارة المنّاوي وكلامه المشتمل علىٰ بعض الأقوال من كبار علماء القوم ، ففي فيض القدير في شرح حديث  « فاطمة بضعة منّي » قال : استدل به السهيلي [ وهو حافظ كبير من  علمائهم ، وهو صاحب شرح سيرة ابن هشام وغيره من الكتب ] علىٰ أن من سبّها كفر [ ولماذا ؟ لاحظوا ] لأنّه يغضبه [ أي لأن سبّها  يغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! إستدل به السهيلي علىٰ أن من سبّها كفر لأنّه يغضبه ] وأنّها أفضل من الشيخين.

وإذا كانت هذه اللام لام تعليل « لأنّه يغضبه » ، والعلة إمّا

١٦

معمّمة وإمّا مخصّصة ، ولابد أنْ تكون هنا معمّمة ، يوجب الكفر ، لأنّه أي السب يغضبها ، فيكون أذاها أيضاً موجباً للكفر ، لأن الأذىٰـ

أذىٰ الزهراء سلام الله عليها ـ يغضب رسول الله بلا إشكال.

قال المنّاوي : قال ابن حجر : وفيهـأي في هذا الحديثـ تحريم أذىٰ من يتأذّىٰ المصطفىٰ بأذيّته ، فكلّ من وقع منه في حقّ  فاطمة شيء فتأذّت به فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتأذّىٰ به بشهادة هذا الخبر ، ولا  شيء أعظم من إدخال الأذىٰ عليها في ولدها ، ولهذا عرف  بالاستقراء معاجلة من تعاطىٰ ذلك بالعقوبة بالدنيا ولعذاب الآخرة  أشد.

ففي هذا الحديث تحريم أذىٰ فاطمة ، وتحريم أذىٰ فاطمة لأنّها بضعة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل هو موجب للكفر كما تقدّم.

وقال المنّاوي : قال السبكي : الذي نختاره وندين الله به أنّ فاطمة أفضل من خديجة ثمّ عائشة.

قال المنّاوي : قال شهاب الدين ابن حجر : ولوضوح ما قاله  السبكي تبعه عليه المحققون.

قال المنّاوي : وذكر العَلَم العراقي : إنّ فاطمة وأخاها إبراهيم

١٧

أفضل من الخلفاء الأربعة باتفاق(١) .

إذن ، لا يبقىٰ خلاف بيننا وبينهم في أفضلية الزهراء من  الشيخين ، وأن أذاها موجب للدخول في النار.

ثمّ إنّ هذه الأحاديثـكما قرأنا وسمعتم وترونـأحاديث  مطلقة ليس فيها أي قيد ، عندما يقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الله  يغضب لغضب فاطمة » لا يقول إنْ كانت القضية كذا ، لا يقول بشرط  أن يكون كذا ، لا يقول إنْ كان غضبها بسبب كذا ، ليس في الحديث  أيّ تقييد ، إن الله يغضب لغضب فاطمة ، هذا الغضب بأيّ سبب كان ،  ومن أيّ أحد كان ، وفي أيّ زمان ، أو أيّ وقت كان. وعندما يقول :  « يؤذيني ما آذاها » ، لا يقول رسول الله : يؤذيني ما آذاها إنْ كان  كذا ، إنْ كان المؤذي فلاناً ، إن كان في وقت كذا ، ليس فيه أيّ قيد ،  بل الحديث مطلق « يؤذيني ما آذاها ».

ودلّت الأحاديث هذه علىٰ وجوب قبول قولها ، وحرمة  تكذيبها ، وقد شهدت عائشة بأنّها سلام الله عليها أصدق الناس  لهجةً ما عدا والدها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسول الله قال كلّ هذا وفَعَله  مع علمه بما سيكون من بعده.

 __________________

(١) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٤ / ٤٢١.

١٨

  

المطلب الثاني :

في أنّ من أذىٰ عليّاًعليه‌السلام فقدآذىٰ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

كان المطلب الأوّل في أنّ منآذىٰ فاطمة فقدآذىٰ رسول الله ،  وهذا المطلب الثاني في أنّ منآذىٰ عليّاً فقدآذىٰ رسول الله ، وذاك  قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « منآذىٰ عليّاً فقد آذاني ».

هذا الحديث تجدونه في : المسند ، وفي صحيح ابن حبّان ،  وفي المستدرك ، وفي الإصابة ، وأُسد الغابة ، وأورده صاحب كنز  العمّال عن ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني ،  وله أيضاً مصادر أُخرىٰ(١) .

 

__________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٤٨٣ ، المستدرك ٣ / ١٢٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٩ ، أُسد الغابة  والاصابة بترجمته عن عدّة من الأئمة ، كنز العمال ١١ / ٦٠١.

١٩
٢٠

  

المطلب الثالث :

في أنّ بغض عليعليه‌السلام نفاق

أخرج مسلم في صحيحه عن عليعليه‌السلام قال : « والذي فَلَقَ  الحَبَّةَ وبرأ النَسَمة ، إنّه لعهد النبي الاُمّي إليّ [ وهل يكون التأكيد  بأكثر من هذا ؟ ] أنْ لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق ».

تجدون هذا الحديث بهذا اللفظ أو بمعناه عند : النسائي ،  والترمذي ، وابن ماجة ، وفي مسند أحمد ، وفي المستدرك ، وفي  كنز العمال عن عدة من كبار الأئمّة(1) .

وفي مسند أحمد وصحيح الترمذي عن أُم سلمة : كان رسول  الله يقول [ هذه الصيغة تدل علىٰ الاستمرار ] كان رسول الله يقول : 

__________________

(1) مسند أحمد 1 / 84 ، 128 ، صحيح مسلم كتاب الايمان ، كنز العمال 13 / 120  رقم 36385.

٢١

« لا يحب عليّاً منافق ولا يبغضه مؤمن »(1) .

نستفيد من هذه الأحاديث في هذا المطلب : إنّ حبّ علي  وحبّ المنافقين لا يجتمعان ، لو أنّ أحداً يعتقد حتّى بإمامة علي  وولايته بعد رسول الله ، إلاّ أنّه لا يبغض المنافقين ، هذا الشخص هو  أيضاً منافق ، وهو مطرود من الطرفين ، أي من المؤمنين ومن  المنافقين ، لأنّالمنافقين لا يعتقدون بولاية علي وهذا يعتقد ، ولأنّ  المؤمنين لا يحبّون المنافقين وهذا يحب.

ولا يمكن الجمع بينهما بأيّ حال من الأحوال ، وبأيّ شكلٍ من الأشكال.

         

__________________

(1) مسند أحمد 6 / 292.

٢٢

  

المطلب الرابع :

في إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاًعليه‌السلام

بأنّ الأُمّة ستغدر به

قال عليعليه‌السلام : « إنّه ممّا عهد إليّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الأُمّة ستغدر بي  بعده ».

قال الحاكم : صحيح الإسناد ، وقال الذهبي في تلخيصه :  صحيح(1) ، وقد قرّروا أنّ كلّ حديث وافق الذهبي فيه الحاكم  النيسابوري في التصحيح فهو بحكم الصحيحين.

ومن رواة هذا الحديث أيضاً : ابن أبي شيبة ، والبزّار ،  والدارقطني والخطيب البغدادي ، والبيهقي ، وغيرهم.

 

__________________

(1) المستدرك علىٰ الصحيحين 3 / 140 ، 142.

٢٣
٢٤

  

المطلب الخامس :

ضغائن في صدور أقوام

أخرج أبو يعلىٰ والبزّارـبسند صحّحه : الحاكم ، والذهبي ،  وابن حبّان ، وغيرهمـعن عليعليه‌السلام قال : « بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم آخذ  بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة ، إذ أتينا علىٰ حديقة ،  فقلت : يا رسول الله ما أحسنها من حديقة ! فقال : إنّ لك في الجنّة  أحسن منها ، ثمّ مررنا بأُخرىٰ فقلت : يا رسول الله ما أحسنها من  حديقة ! قال : لك في الجنّة أحسن منها ، حتّى مررنا بسبع حدائق ،  كلّ ذلك أقول ما أحسنها ويقول : لك في الجنّة أحسن منها ، فلمّا  خلا لي الطريق اعتنقني ثمّ أجهش باكياً ، قلت : يا رسول الله ما  يبكيك ؟ قال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ من بعدي ،  قال : قلت يا رسول الله في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من  دينك ».

٢٥

هذا اللفظ في : مجمع الزوائد عن : أبي يعلىٰ والبزّار(1) ، ونفس  السند موجود في المستدرك وقد صحّحه الحاكم ) والذهبي(2) ،  فيكون سنده صحيحاً يقيناً ، لكن اللفظ في المستدرك مختصر  وذيله غير مذكور ، والله أعلم ممّن هذا التصرف ، هل من الحاكم أو  من الناسخين أو من الناشرين ؟ فراجعوا ، السند نفس السند عند  أبي يعلىٰ وعند البزّار وعند الحاكم ، والحاكم يصحّحه والذهبي  يوافقه ، إلاّ أنّ الحديث في المستدرك أبتر مقطوع الذيل ، لأنّه إلىٰ  حدّ « إنّ لك في الجنّة أحسن منها » لا أكثر.

وهناك أحاديث أيضاً صريحة في أنّ « الأقوام » المراد منهم  في هذا الحديث « هم قريش » ، وفي المطلب السادس أيضاً بعض  الأحاديث تدلّ علىٰ ذلك ، فلاحظوا.

      

__________________

(1) مجمع الزوائد 9 / 118.

(2) المستدرك علىٰ الصحيحين 3 / 139.

٢٦

  

المطلب السادس :

في أنّ قريشاً هم سبب هلاك الناس بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « يهلك أُمّتي هذا الحي من  قريش » ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : « لو أنّ الناس اعتزلوهم ».

وعن أبي هريرة أيضاً قال : سمعت الصادق المصدوق يقول :  « هلاك أُمّتي علىٰ يدي غلمة من قريش » ، فقالوا : مروان غلمة ؟  قال أبو هريرة : إن شئت أنْ أُسمّيه ، بني فلان ، بني فلان.

والحديثان في الصحيحين(1) .

   

__________________

(1) وأخرجه أحمد 2 / 324 ، 288 ، 299 ، 520.

٢٧
٢٨

  

المطلب السابع :

لم يروَ من الضغائن والغدر إلاّ القليل

وهذا المطلب مهم جدّاً ، فالغدر الذي كان ، والضغائن التي  بدتـالتي سبق وأنْ أخبر عنها رسول اللهـلم يروَ منها في الكتب  إلاّ القليل ، والسبب واضح ، لأنّهم منعوا من تدوين الحديث ،  وعندما دُوّن ، فقد دوّن علىٰ يد بني أُميّة وفي عهدهم ، وهذا حال  السنّة ، أي السنّة عند أهل السنّة.

ثمّ إنّ من كان عنده شيء من تلك الأمور التي أشار إليها رسول  اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يروه ، وإذا رواه لم ينقلوه ولم يكتبوه ومنعوا من نشره ،  ومن نقله إلىٰ الآخرين ، حتّى أنّ من كان عنده كتاب فيه شيء من  تلك القضايا ، أخذوه منه ، أو أخفاه ولم يظهره لأحد ، أذكر لكم  موارد من هذا القبيل :

قال ابن عدي في آخر ترجمة عبد الرزاق بن همّام الصنعاني

٢٩

في كتاب الكامل : ولعبد الرزاق بن همّام [ هذا شيخ البخاري ]  أصناف حديث كثير ، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمّتهم  وكتبوا عنه ، ولم يروا بحديثه بأساً ، إلاّ أنّهم نسبوه إلىٰ التشيّع ، وقد  روىٰ أحاديث في الفضائل ممّا لا يوافقه عليها أحد من الثقات ،  فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث ، ولما رواه في  مثالب غيرهم ممّا لم أذكره في كتابي هذا ، وأمّا في باب الصدق  فأرجو أنّه لا بأس به ، إلاّ أنّه قد سبق عنه أحاديث في فضائل أهل  البيت ومثالب آخرين مناكير(1) .

وبترجمة عبد الرحمن بن يوسف بن خراشـالحافظ الكبيرـ يقول ابن عدي : سمعت عبدان يقول : وحمل ابن خراش إلى بندار  جزئين صنّفهما في مثالب الشيخين فأجازه بألفي درهم.

فأين هذا الكتاب الذي هو في جزئين ؟

قال ابن عدي : فأمّا الحديث فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب(2) .

فالرجل ليس بكاذب ، ولو راجعتم سير أعلام النبلاء للذهبي  أو راجعتم تذكرة الحفّاظ للذهبي ، لرأيتم الذهبي ينقل هذا  المطلب ، ويتهجّم علىٰ ابن خراش ويشتمه ويسبّه سبّ الذين

__________________

(1) الكامل في الضعفاء 6 / 545.

(2) الكامل في الضعفاء 5 / 519.

٣٠

كفروا(1) .

ولا يتوهمنّ أحد أنّ هذا الرجلـابن خراشـمن الشيعة ،  وذلك ، لأنّهذا الرجل من كبار علماء القوم ومن أعلامهم في  الجرح والتعديل ، ويعتمدون علىٰ آرائه في ردّ الراوي أو قبوله ،  أذكر لكم مورداً واحداً ، يقول ابن خراش بترجمة عبدالله بن شقيق ،  وعند ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب يقول : قال ابن  خراش : كانـعبدالله بن شقيق ـ ثقة وكان عثمانياً يبغض عليّاً(2) .

فابن خراش ليس بشيعي ، لأنّه يوثق هذا الرجل مع تصريحه  بأنّه كان عثمانيّاً يبغض عليّاً.

فلا يتوهّم أنّ هذا الرجلـابن خراشـمن الشيعة ، بل هو من  أعلام أهل السنّة ومن كبار حفّاظهم ، إلاّ أنّه ألّف جزئين في مثالب  الشيخين.

مورد آخر في كتاب العلل لأحمد بن حنبل ، قال أحمد : كان  أبو عوانة [ الذي هو من كبار محدّثيهم وحفّاظهم ، وله كتاب في  الصحيح اسمه : صحيح أبي عوانة ] وضع كتاباً فيه معايب أصحاب 

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 13 / 509 ، تذكرة الحفاظ 2 / 684 ، ميزان الإعتدال 2 / 600.

(2) تهذيب التهذيب 5 / 223.

٣١

رسول الله ، وفيه بلايا ، فجاء سلاّم بن أبي مطيع(1) فقال : يا أبا  عوانة ، أعطني ذاك الكتاب فأعطاه ، فأخذه سلاّم فأحرقه(2) .

ويروي أحمد بن حنبل في نفس الكتاب عن عبدالرحمن بن  مهدي(3) قال : فنظرت في كتاب أبي عوانة وأنا أستغفر الله(4) .

فهذا يستغفر الله من أنّه نظر في هذا الكتاب ، والشخص الآخر  جاء إليه وأخذ الكتاب منه وأحرقه بلا إذن منه ولا رضا.

مورد آخر : ذكروا بترجمة الحسين بن الحسن الأشقر : أنّ  أحمد بن حنبل حدّث عنه وقال : لم يكن عندي ممّن يكذب [ فهو  حدّث عنه وقال : لم يكن عندي ممّن يكذب ] فقيل له : إنّه يحدّث  في أبي بكر وعمر ، وإنّه صنّف باباً في معايبهما ، فقال : ليس هذا  بأهلٍ أنْ يحدَّث عنه(5) !

أوّلاً : أين ذاك الباب الذي اشتمل علىٰ هذه القضايا ؟ ولماذا لم  يصل إلينا؟

وثانياً : إنّه بمجرَّد أنْ علم أحمد بن حنبل بأنّ الرجل يحدّث

__________________

(1) الإمام الثقة القدوة ، من رجال الصحيحين. سير أعلام النبلاء 7 / 428.

(2) كتاب العلل والرجال 1 / 60.

(3) الإمام الناقد المجوّد سيد الحفاظ. سير أعلام النبلاء 9 / 192.

(4) كتاب العلل والرجال 3 / 92 الطبعة الحديثة.

(5) تهذيب التهذيب 2 / 291.

٣٢

في الشيخين ، وبأنّه صنّف مثل هذه الأحاديث في كتاب ، سقط من  عين أحمد وأصبح كذّاباً لا يعتمد عليه ولا يروىٰ عنه !

مورد آخر : في ميزان الإعتدال بترجمة إبراهيم بن الحكم بن  زهير الكوفي : قال أبو حاتم : روى في مثالب معاوية فمزّقنا ما  كتبنا عنه(1) .

روى في مثالب معاوية فمزّقنا ما كتبنا عنه ، فراحت تلك  الروايات.

وهذا بعض ما ذكروا في هذا الباب.

ثمّ إنّهم ذكروا في تراجم رجال كثيرين من أعلام الحديث  والرواة الذين هم من رجال الصحاح ، ذكروا أنّه كان يشتم أبا بكر  وعمر ، لاحظوا هذه العبارة بترجمة إسماعيل بن عبدالرحمن  السُدّي(2) ، وبترجمة تليد بن سليمان(3) ، وبترجمة جعفر بن  سليمان الضبعي(4) ، وغير هؤلاء.

ولماذا كان هؤلاء يشتمون ؟ هل بلغهم شيء أو أشياء ، ممّا

__________________

(1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 27.

(2) تهذيب التهذيب 1 / 274.

(3) تهذيب الكمال 4 / 322.

(4) تهذيب التهذيب 2 / 82 ـ 83.

٣٣

أدّىٰ وسبّب في أنْ يجوّزوا لانفسهم أن يشتموا ويسبّوا ؟ وأين تلك  القضايا وماهي ؟

وأمّا ما ذكروه بترجمة الرجال وكبار علمائهم وحفّاظهم من  شتم عثمان وشتم معاوية ، فكثير جدّاً ، وأعتقد أنّه لا يحصىٰ لكثرته.

ولقد فشىٰ وكثر اللعن أو الطعن في الشيخين في النصف الثاني  من القرن الثالث ، يقول زائدة بن قدامةـووفاته في النصف الثاني  من القرن الثالث ـ : متى كان الناس يشتمون أبا بكر وعمر ؟!(1) .

وكثر وكثر حتى القرن السادس من الهجرة ، جاء أحدهمـوهو  الحافظ المحدّث عبد المغيث بن زهير بن حرب الحنبلي البغدادي ـفألّف كتاباً في فضل يزيد بن معاوية وفي الدفاع عنه والمنع عن  لعنه ، فلمّا سئل عن ذلك ، قال بلفظ العبارة : إنّما قصدت كفّ  الألسنة عن لعن الخلفاء(2) .

حتى جاء التفتازاني في أواخر القرن الثامن من الهجرة وقال  في شرح المقاصد ما نصّه : فإن قيل : فمن علماء المذهب من لم  يجوّز اللعن علىٰ يزيد مع علمهم بأنّه يستحقّ ما يربو علىٰ ذلك

__________________

(1) تهذيب التهذيب 3 / 264.

(2) سير أعلام النبلاء 21 / 161.

٣٤

ويزيد ؟ قلنا : تحامياً عن أن يرتقىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ(1) .

حتّى جاء كتّاب عصرنا ، فألّفوا في مناقب يزيد ، وألّفوا في  مناقب الحجّاج ، وألّفوا في مناقب هند !!

وإنّي أعتقد أنّهم يعلمون بأنّ هذه المناقب والفضائل ، والذي  يذكرونه في الدفاع عن هؤلاء وأمثالهم ، كلّه كذب ، وإنّ هؤلاء  يستحقّون اللعن ، إلاّ أنّ الغرض هو إشغال الكتّاب والباحثين  والمفكّرين وسائر الناس بمثل هذه الأُمور ، ولكي لا يبقىٰ هناك  مجال لأن يرتقىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ.

ومن هنا نفهم : إنّ محاربتهم لقضايا الحسينعليه‌السلام ومحاربتم  لمآتم الحسينعليه‌السلام ولقضايا عاشوراء ، كلّ ذلك ، لئلاّ يلعن يزيد ،  ولئلاّ ينتهىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ.

      

__________________

(1) شرح المقاصد 5 / 311.

٣٥
٣٦

 

المطلب الثامن :

أحقاد قريش وبني أُميّة علىٰ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وأهل بيتهعليهم‌السلام

وهنا ننقل بعض الشواهد علىٰ أحقاد قريش وبني أُميّة  بالخصوص ، وضغائنهم علىٰ النبي وأهل البيت ، حتّى أنّهم كانت  تصدر منهم أشياء في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولمّا لم يتمكّنوا من الإنتقام  من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالذات ، انتقموا من أهل بيته لينتقموا منه.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اللهمّ إنّي أستعديك على قريش ،  فإنّهم أضمروا لرسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضروباً من الشر والغدر ، فعجزوا  عنها ، وحُلت بينهم وبينها ، فكانت الوجبة بي والدائرة عليّ ، اللهمّ  احفظ حسناً وحسيناً ، ولا تمكّن فجرة قريش منهما ما دمت حيّاً ،  فإذا توفّيتني فأنت الرقيب عليهم وأنت علىٰ كلّ شيء شهيد »(1) .

فيقول أمير المؤمنين : إنّ قريشاً أضمروا لرسول الله ضروباً من

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 20 / 298.

٣٧

الشر والغدر وعجزوا عنها ، والله سبحانه وتعالىٰ حال بينه وبين تلك  الشرور أن تصيبه ، إلى أنْ توفّيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكانت الوجبة بأمير  المؤمنين والدائرة عليه ، كما أنّه في هذا الكلام يشير بأنّ قريشاً  ستقتل الحسن والحسين أيضاً انتقاماً من النبي.

وقالعليه‌السلام في خطبة له : « وقال قائل : إنّك يا ابن أبي طالب على  هذا الأمر لحريص ، فقلت : بل أنتمـواللهـأحرص وأبعد ، وأنا  أخص وأقرب ، وإنّما طلبت حقّاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه ،  وتضربون وجهي دونه ، فلما قرّعته بالحجة في الملأ الحاضرين  هبّ كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به.

اللهم إني استعديك علىٰ قريش ومن أعانهم ، فانهم قطعوا  رحمي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا علىٰ منازعتي أمراً هو  لي ، ثم قالوا : ألا إنَّ في الحق أنْ تأخذه وفي الحق أن تتركه »(1) .

وفي كتاب لهعليه‌السلام إلى عقيل : « فدع عنك قريشاً وتركاضهم في  الضلال ، وتجوالهم في الشقاق ، وجماحهم في التيه ، فإنّهم قد  أجمعوا علىٰ حربي إجماعهم على حرب رسول الله قبلي ، فجزت  قريشاً عنّي الجوازي ، فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطان ابن 

__________________

(1) نهج البلاغة ، الخطبة : 172.

٣٨

أُمّي »(1) .

وروىٰ ابن عدي في الكامل في حديثٍ : فقال أبو سفيان : مثل  محمّد في بني هاشم مثل ريحانة وسط نتن ، فانطلق بعض الناس إلىالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبروا النبي ، فجاءصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـيعرف في وجهه الغضبـ  حتّى قام فقال : « ما بال أقوال تبلغني عن أقوام » إلىآخر الحديث.

هذا في الكامل لابن عدي(2) بهذا النص ، والقائل أبو سفيان.

وهو بنفس السند واللفظ موجود أيضاً في بعض المصادر  الاُخرىٰ ، إلا أنّهم رفعوا كلمة : « فقال أبو سفيان » ، ووضعوا كلمة :  « فقال رجل ».

لاحظوا مجمع الزوائد(3) .

وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال :  أتىٰ ناس من الأنصار إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : إنّا نسمع من قومك ، حتّى  يقول القائل منهم إنّما مثل محمّد مثل نخلة نبتت في الكبا(4) .

والكبا الأرض غير النظيفة.

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 16 / 151.

(2) الكامل في الضعفاء 3 / 28.

(3) مجمع الزوائد 8 / 215.

(4) مجمع الزوائد 8 / 215.

٣٩

لكن هذا الحديث أيضاً في بعض المصادر محرّف.

ثمّ إنّ السبب في هذه الضغائن ماذا ؟ ليس السبب إلاّ أقربية  أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فينتقمون منه انتقاماً من النبيّ ،  مضافاً إلى مواقف أمير المؤمنينعليه‌السلام في الحروب وقتله أبطال  قريش ، وهذا ما صرّح به عثمان لأمير المؤمنين في كلام له معه  عليه الصلاة والسلام ، أذكر لكم النص الكامل.

ذكر الآبي في كتاب نثر الدررـوهو كتاب مطبوع موجودـ وعنه أيضاً ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن ابن عباس  قال : وقع بين عثمان وعلي كلام ، فقال عثمان : ما أصنع إن كانت  قريش لا تحبّكم ، وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأنّ وجوههم  شنوف الذهب(1) .

هذه هي الأحقاد والضغائن ، ولم يتمكّنوا من الإنتقام من  رسول الله ، فانتقموا من أهل بيته كما أخبر هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهكذا توالت القضايا ، انتقموا من الزهراء وأمير المؤمنين ،  وانتقموا ، وانتقموا ، إلىٰ يوم الحسينعليه‌السلام وبعد يوم الحسينعليه‌السلام  وإلىٰ اليوم .

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 9 / 22.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80