ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه12%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169432 / تحميل: 5916
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

حكي انه كان في خدمة العزيز بن المعز العبيدي صاحب مصر، وصنف له كتبا، وكان له شعر مطبوع، وكانت وفاته بالحضرة-أي القيروان-سنة ٤ ١٢ (تيب).

و القزاز بالزاءين، كشداد، نسبة الى عمل القز وبيعه، والقيرواني يأتي في القيرواني.

(و قد يطلق القزاز) على أبى القاسم حبيب بن الحسن بن داود، سمع جماعة كثيرة من المشايخ، وروى عنه الدار قطني وابن شاهين، قال الخطيب وحبيب: عندنا من الثقات، وكان يؤثر عنه الصلاح

و قد سألت أبا نعيم عنه فقال: ثقة، توفى سنة ٣ ٥ ٩، وكان ثقة مستورا دفن في الشونيزية، ذكر ان قوما من الرافضة أخرجوه من قبره ليلا، وسلبوه كفنه الى ان اعاد له ابنه كفنا وأعاد دفنه، انتهى ملخصا

(القزوينى)

زكريا بن محمد بن محمود القزويني، ينتهي نسبه الى مالك بن انس خادم رسول اللّه (ص).

كان عالما فاضلا، ولد في قزوين، ورحل الى دمشق، وتولى قضاء واسط والحلة في زمن المستعصم، فسقطت بغداد وهو في ذلك المنصب.

له مؤلفات، اعجبها: عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات وآثار البلاد وأخبار العباد، جمع فيه ما عرف وسمع وشاهد من خصائص البلاد والعباد، ولكن فيه الغث والسمين كما يوجد في امثاله، توفى سنة ٦ ٨٣.

(و القزويني) نسبة الى قزوين، كتقويم وبكسر القاف ايضا مدينة كبيرة في عراق العجم عند قلاع الاسماعيلية، وهى من بلاد الجبل ثغر الديلم وبلاد الجبل مدن بين اذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس وبلاد الديلم،

٦١

و القزويني زكريا بن محمد كما علمت. وأما القزويني في هذا الشعر:

يا نصير الدين يا جفر

ألف قزويني ولا عمر

لو رماه اللّه في سقر

لاشتكت من ظلمه سقر

هو رجل ظالم ولاّه نصير الدين ابو سعيد جقر بن يعقوب صاحب الجزيرة والموصل بالموصل، فسار سيرة قبيحة، وكثر شكوى الناس منه فعزله وجعل مكانه عمر بن شكلة فأساء في السيرة ايضا، فعمل ابو عبد اللّه الحسين الموصلي هذا الشعر.

و ورد مدح قزوين في النبوي صلّى اللّه عليه وآله الذى وجد في اصل عتيق من اصول اصحابنا بأنه باب من ابواب الجنة، وللرافعي القزوينى كتاب في تاريخ علماء قزوين.

(ثم اعلم): انه ينسب الى قزوين جماعة كثيرة من علمائنا الربانيين لا مجال لذكر بعضهم، فضلا عن كثير منهم، نعم ينبغي لنا الاشارة الى قليل منهم:

(١) السيد الأجل السيد مهدي القزوينى الحلي، ذكره شيخنا صاحب المستدرك في مشايخ إجازته بالتعظيم والتبجيل بعبارات رائقة.

ثم قال: وهو من العصابة الذين فازوا بلقاء من إلى لقائه تمد الأعناق صلوات اللّه عليه ثلاث مرات، وشاهد الآيات البينات والمعجزات الباهرات.

ثم ذكر انه ورث العلم والعمل عن عمه الأجل الأكمل السيد باقر القزويني صاحب سرّ خاله بحر العلوم، وكان عمه أدبه ورباه واطلعه على أسراره، وذكر انه لما هاجر الى الحلة صار ببركة دعوته من داخل الحلة وأطرافها من طوائف الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا مواليا لأولياء اللّه معاديا لأعداء اللّه.

٦٢

ثم ذكر كمالاته النفسانية ومجاهداته وتصانيفه في الدين وغير ذلك، وقال: كنت معه في طريق الحج ذهابا وايابا، وصلينا معه في مسجد الغدير والجحفة، وتوفي (ره) في ١٢ ع ١ سنة ١٣٠٠ (غش) قبل الوصول الى السماوة بخمس فراسخ تقريبا، وظهر منه حينئذ كرامة باهرة بمحضر جماعة من الموافق والمخالف، انتهى ملخصا.

(٢) سلالة الفقهاء وسلافة الادباء ابو المعز السيد محمد بن السيد مهدي بن السيد حسن بن السيد احمد، الذي هو أول من انتقل من قزوين الى العراق وقطن النجف الأشرف ابن محمد بن الحسين بن الأمير ابى القاسم امير الحاج في الدولة الصفوية، ينتهي نسبه الى محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن ابى طالب عليه السلام.

ولد في الحلة سنة ١٢ ٦ ٢، وأخذ في التعلم الى ان راهق البلوغ، فهاجر هو وأخويه الاعلام وهم الميرزا جعفر والسيد حسين المتوفى سنة ١٣٢ ٥ الى النجف مقر العلم والعلماء، ومنتدى الأدب والأدباء، فأتقن العلوم العقلية والنقلية على كثير من الأساتذة العظام والفضلاء الفخام.

و كان بعكس أبيه قليل التأليف والتصنيف، لا يكاد يرتضى ما صنفه حتى يغيره بعد الملاحظة والمراجعة، فظهرت له منظومة في المواريث، ورسالة في علم التجويد، ومنسك في الحج، وديوان شعره.

و له آثار إصلاحية كاصلاح نهر الحلة، وتعمير قبور علماء الحلة، كقبر المحقق، وآل طاوس، وابن ادريس، والشيخ ورّام وغيرهم، ومقام الغيبة وتجديد مقام مشهد الشمس.

و لما خلت الحلة من اعلام هذه الأسرة، واستأصل الموت شأفتهم كتب إليه الحليون وحثّوه على المجيئي فلبى دعوتهم، فهاجر الى الحلة سنة ١٣١٣، فاستقبله جمهورهم على مسافة ميلين، وكان يوما مشهودا كيوم وفاته، وأخذت

٦٣

العلماء والشعراء يفدون عليه ليهنئوه، وكان في الحلة الى ان باغتته المنية وأنشبت فيه اظفارها وذلك في أول سنة ١٣٣ ٥ ، ونقل الى النجف الاشرف ودفن في مقبرة آل قزوين قدس اللّه سره.

(٣) السيد حسين بن ابراهيم بن العالم الكامل الأمير محمد معصوم الحسيني القزويني، وهو كما في المستدرك العالم الجليل والسيد النبيل صاحب الكرامات الباهرة، وصاحب كتاب معارج الاحكام في شرح مسالك الافهام، وشرايع الاسلام، وهو كتاب كبير شريف، له مقدمات حسنة نافعة وغير ذلك، وقبره الشريف بقزوين مزار معروف يتبرك به وتظهر منه الخوارق، ويروي عنه العلامة الطباطبائي بحر العلوم، وهو عن والده، وقد تقدم ذكره في جمال الدين عن جماعة أولهم العلامة المجلسي (ره).

( ٤) قال (ضا) في ذيل احوال السيد الأجل المير السيد علي صاحب الشرح الكبير فيمن روى عنه.

و منهم الاخوان الفاضلان الكاملان الفقيهان الباذلان الحاج مولانا محمد تقي والحاج مولانا محمد صالح البرغيان القزوينيان المعاصران المتوفيان بالشهادة وحتف الأنف مع رعاية الترتيب في اللف والنشر في حدود السبعين والمائتين بعد الألف بفاصلة غير كثير اعني صاحبي المجالس ومخزن البكاء في الموعظة ومقاتل الشهداء، وكتب كثيرة في الفقه والاصول: مثل شرحيهما الكبيرين المعروفين في البلاد على الشرائع والارشاد وغير ذلك من المصنفات الجياد انتهى.

(القسطلانى)

ابو العباس شهاب الدين احمد بن محمد بن ابى بكر بن عبد الملك المصري الفاضل المحدث.

٦٤

اخذ عن خالد الأزهري، والفخر المقسمي، والجلال البكري وغيرهم، كان يعظ بالجامع العمري وغيره.

و كان قليل النظير في الوعظ، صنف التصانيف المقبولة، وشرحه على صحيح البخاري معروف اسمه إرشاد الساري، وله المواهب اللدنية بالمنح المحمدية صلّى اللّه عليه وآله.

يحكى ان السيوطي كان يغض منه، ويزعم انه يأخذ من كتبه ويستمد منها ولا ينسب النقل اليها، وانه ادعى عليه بذلك بين يدي شيخ الاسلام زكريا الانصاري، توفى سنة ٩٢٣ (ظكج).

و قد يطلق القسطلاني على قطب الدين أبي بكر محمد بن احمد المالكي صاحب كتاب عروة الوثيق في النار والحريق، صنف في حريق المسجد النبوي صلّى اللّه عليه وآله والنار الظاهرة في الحجاز.

و القسطلاني: نسبة الى قسطلة بلد بالأندلس.

(القشاشى)

صفي الدين احمد بن محمد بن يونس الحسيني المدني، لزم الشيخ الكبير احمد بن علي الشناوي، وتمذهب بمذهبه، وسلك طريقته، وأخذ عنه الحديث وغيره.

له السمط المجيد في تلقين الذكر، وسلاسل أهل التوحيد، توفى سنة ١٠٧١، (قيل) القشاشي نسبة الى القشاشة، وهي سفط المتاع، كان يبيع ذلك بالمدينة.

(القشيرى)

أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك النيسابوري الفقيه الشافعي الصوفي المحدث الفاضل الاديب، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية

٦٥

أستوا(١) من العرب الذين قدموا خراسان.

توفى أبوه وهو صغير، فقرأ الادب في صباه، وكانت له قرية مثقلة الخراج، فسافر الى نيسابور ليتعلم طرفا من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من مثقلة الخراج، فاتفق حضوره مجلس الشيخ ابى علي الدقاق، فلما سمع كلامه اعجبه ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك العزم وسلك طريق الارادة، فقبله الدقاق وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فأخذ عن ابى بكر محمد بن ابي بكر الطوسي وأبى بكر بن فورك، والحاكم بن البيع والاستاذ ابى اسحاق الاسفرايني، ويحضر مجلس أبى علي الدقاق، فزوجه الدقاق ابنته.

و بعد وفاة الدقاق سلك القشيري مسلك المجاهدة والتجريد وصنف التيسير في علم التفسير والرسالة القشيرية في رجال الطريقة.

حكي عن هذه الرسالة انه كتب في باب الجود والسخاء ان عبد اللّه بن جعفر خرج الى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلام اسود يعمل عليها إذ أتى الغلام بغذائه وهو ثلاثة اقراص، فرمى بقرص منها الى كلب كان هناك فأكله ثم رمى إليه الثانى والثالث فأكلهما وعبد اللّه بن جعفر ينظر، فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ قال ان هذه الارض ليست بأرض كلاب، وانه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت ردّه، فقال عبد اللّه بن جعفر: فما انت صانع اليوم؟ قال: اطوي يومي هذا، فقال عبد اللّه بن جعفر لأصحابه: ألام على السخاء وهذا اسخى مني، ثم اشترى الغلام فأعتقه، واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له انتهى.

و له مجالس الوعظ والتذكير، قال الباخرزي في الثناء عليه: لو قرع الصخر بصوت تحذيره لذاب، ولو ربط ابليس في مجلسه لتاب.

و ذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم علينا-يعني الى بغداد-في سنة

____________________

(١) استوا: بضم أوله وسكون ثانيه ناحية بنيسابور كثيرة القرى.

٦٦

٤٤ ٨، وحدث ببغداد وكتبنا عنه.

و كان ثقة حسن الموعظة مليح الاشارة، وكان يعرف الاصول على مذهب الأشعرى والفروع على مذهب الشافعي انتهى، وحكى عن القشيري انه كان كثيرا ما ينشد لبعضهم:

لو كنت ساعة بيننا ما بيننا

و شهدت كيف تكرر التوديعا

أيقنت ان من الدموع محدثا

و علمت ان من الحديث دموعا

ولد سنة ٣٧ ٦ ، وتوفى بنيسابور سنة ٤٦٥ ، ودفن بالمدرسة تحت شيخه أبى علي الدقاق.

(و ابنه) أبو نصر عبد الرحيم كان إماما كبيرا، اشبه أباه في علومه ومجالسه خرج الى بغداد وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وكان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وحضر الشيخ أبو اسحاق الشيرازى مجلسه، توفى بنيسابور سنة ٥ ١ ٤.

(و سبط القشيري) أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي كان إماما في الحديث والعربية، اخذ عن إمام الحرمين، وسمع على جده القشيري وجدته فاطمة بنت ابى الدقاق، وخاليه أبى علي سعد وأبى سعيد ولدي القشيرى ووالده اسماعيل، ووالدته امة الرحيم بنت القشيرى.

و صنف كتبا منها: المفهم لشرح غريب صحيح مسلم، والسياقى لتاريخ نيسابور، ومجمع الغرائب في غريب الحديث وغير ذلك، توفى بنيسابور سنة ٥ ٢٩ (ثكط).

(و القشيري) بضم القاف وفتح الشين المعجمة نسبة الى قشير بن كعب وهى قبيلة كبيرة.

(القضاعى)

انظر القاضي القضاعي

٦٧

(القطامى)

عمير بن شييم-مصغرا-ابن عمرو التغلبي، شاعر نصراني، كان معاصرا للأخطل، له ديوان يعد من الطبقة الاولى.

حكى انه قدم دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك ليمدحه، فقيل له: انه بخيل لا يعطي الشعراء، والشعر الا ينفق عنده، وهذا عبد الواحد بن سليمان فامدحه، فمدحه، فقال: كم أملت من امير المؤمنين؟ قال: املت ان يعطيني ثلاثين ناقة، فقال: قد امرت لك الخمسين ناقة موقرة برا وتمرا وثيابا، ثم امر بدفع ذلك اليه، توفى سنة ٧١٠ الميلادية.

(و القطامي): بالفتح ويضم الصقر أو اللحم منه، قاله الفيروزابادي، ثم قال: وشاعر كلبي اسمه الحصين بن جمال أبو الشرقي وآخر تغلبي واسمه عمير بن شييم.

(القطان)

يطلق على جماعة كثيرة لا يحصى، (منهم) ابو سعيد يحيى بن سعيد البصري محدث زمانه، عده الشيخ من اصحاب الصادق عليه السلام وقال: كان من أئمة الحديث، وظاهره كونه إماميا.

و عده ابن قتيبة من رجال الشيعة واحتج به اصحاب الصحاح الستة وغيرهم توفى سنة ١٩٨ (قصح).

(و قد يطلق) على ابن ابنه احمد بن محمد بن يحيى بن سعيد البصرى، سكن بغداد، وحدث بها عن جده يحيى بن سعيد وغيره.

روى الخطيب عنه باسناده عن زيد بن اسلم عن ابيه قال: ما رجل ضل بعيره بأرض فلاة بأشد اتباعا لأثر بعده من ابن عمر لعمر، توفى سنة ٢ ٥ ٨.

(و قد يطلق) على احمد بن الحسن القطان المعدل، يروي عنه الشيخ الصدوق

٦٨

(رحمه اللّه) وقال: كان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الري، ويعرف بأبي علي بن عبد ربه.

(و قد يطلق) على ابى احمد بن ابى منصور بن علي القطيفي صاحب القصيدة اللامية:

يا أيها المنزل المحيل

عادتك مستحفر هطول

ازرى عليك الزمان لما

شجاك من اهلك الرحيل

لا تغترر بالزمان واعلم

ان يد الدهر تستطيل

فان آجالنا قصار

فيه وآمالنا طويل

تفني الليالي وليس يفني

شوقى ولا حسرتي تزول

لا صاحب منصف فأسلو

به ولا حافظ وصول

(الأبيات)

(و قد يطلق) على ابى بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد بن احمد بن ايوب القطان، سمع من محمد بن جرير الطبري وجماعة كثيرة ذكرهم الخطيب في تاريخه وقال سمعت الازهري ذكره فقال: كان سماعه صحيحا من ابى جعفر الطبرى إلا انه كان رافضيا خبيث المذهب، سألت القاضى ابا بكر محمد بن عمر الداودى عن ابن ايوب فقال: كان ثقة صحيح السماع، قلت: ذكر انه كان سيّئ المذهب في الرفض فقال ما سمعت منه في هذا المعنى شيئا انكره لكني احسبه كان يذهب الى تفضيل علي حسب، توفى سنة ٣٧٨.

(و قد يطلق) على احمد بن محمد بن عبد اللّه بن زياد ابي سهل القطان سكن دار القطن ببغداد، وحدث عن خلق كثير.

ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال: كان صدوقا اديبا شاعرا راوية للأدب عن ابى العباس ثعلب والمبرد وأبى سعيد السكري، وكان يميل الى التشيع.

٦٩

و روى عنه الدار قطني والمرزباني وغيرهما من المتقدمين، ثم روى عن ابى عبد اللّه ابن بشر القطان قال: ما رأيت رجلا احسن انتزاعا لما اراد من آي القرآن من ابى سهل بن زياد، فقيل له: ما السبب في ذلك؟ فقال: كان جارنا وكان يديم صلاة الليل وتلاوة القرآن، فلكثرة درسه صار كأن القرآن نصب عينيه ينتزع منه ما شاء من غير تعب.

قال الخطيب: وكان في ابى سهل مزاح ودعابة، وقال: سئل ابو بكر البرقاني عن ابى سهل بن زياد فقال صدوق.

و قد روى عنه الدار قطني في الصحيح وإنما كرهوه لمزاح كان فيه، توفى سنة ٣ ٥ ٠ (شن) ودفن بقرب قبر المعروف الكرخي.

(و قد يطلق) على شمس الدين محمد بن شجاع القطان مؤلف كتاب معالم الدين في فقه آل يس، وقد تقدم في ابن القطان، والقطان كشداد بياع القطن.

(قطب الدين الاشكورى)

محمد بن شيخ علي الشريف الديلمي اللاهجي الحكيم العارف المتأله الفاضل صاحب كتاب محبوب القلوب ورسالة في العالم المثالي، تلميذ المحقق الداماد (ره)

(قطب الدين الرازى)

الشيخ الأجل ابو جعفر محمد بن محمد البويهي الحكيم الفقيه المتأله المحقق المدقق صاحب شرح الشمسية، وشرح المطالع، وشرح القواعد والمحاكمات وحاشيتين للكشاف: الأصغر بحر الأصداف، والأكبر تحفة الاشراف وغير ذلك أصله من ورامين الري من جهة المولد والبلد، ينتهي نسبه الى آل بويه سلاطين الديالمة، كما عن الشيخ علي بن عبد العالي، أو إلى بابويه القمي، كما عن بعض إجازات الشهيد الثانى.

٧٠

و نقل عن كتاب محبوب القلوب انه قال: المولى العلامة البهي الألمعى قطب الدين الرازى شمس فضله عن مطلع شرح المطالع طالع ومحكمات حكمة من افق كتاب المحاكمات ساطع.

مولده ومنشأه في الورامين من الري، وبعد استفادته عندجم من الاعلام قد فاز بالتلمذية عند العلامة العلم جمال الملة والدين الحلي طاب ثراه، وقد انتسخ كتاب قواعد الاحكام من مصنفات العلامة بخطه وقرأه عنده.

وقد اجازه العلامة في ظهر كتابه بخطه، وعبر عنه بالشيخ الفقيه العالم الفاضل المحقق المدقق زبدة العلماء والافضل قطب الملة والدين محمد بن الرازى وأرخ الاجازة بثالث شعبان سنة ٧١٣ (ذيج) إنتهى.

ونقل شيخناعن الشهيد محمد بن مكى قدس الله روحه قال: اتفق اجتماعي به بدمشق آخريات شعبان سنة ٧٧٦ (ذعو) فاذابحر لاينزف، وأجازني جميع مايجوزعنه روايته.

ثم توفى في (يب) (قع) من السنة المذكورة بدمشق ودفن بالصالحية، قال: وكان إمامى المذهب بغيرشك وريبة صرح بذلك وسمعته منه، وانقطاعه إلى بقية اهل البيت عليهم السلام معلوم.

وقال الشهيد ايضافي إجازته لابن الخازن: ومنهم الامام العلامة سلطان العلماء وملك الفضلاء الحبر البحرقطب الدين محمد بن محمد الرازى البويهي، فاني حضرت في خدمته قدس الله لطيفته بدمشق عام ثمانية وستين وسبعمائة، واستفدت من انفاسه، وأجازلي جميع مصنقاته في المعقول والمنقول ان أرويها عنه وجميع مروياته، وكان تلميذا خاصا للشيخ الامام جمال الدين المشار إليه إنتهى.

وذكره المحقق الثاني " ره " وقال انه من اجل تلامذه العلامة، ومن اعيان اصحابنا الامامية قدس الله تعالى ارواحهم ورضى عنهم اجمعين.

٧١

(قطب الدين الراوندى)

ابو الحسن سعيدبن هبة الله بن الحسن، العالم المتبحر الفقيه المحدث المفسر المحقق الثقة الجليل صاحب الخرائج والجرائح وقصص الانبياء ولب اللباب وشرح النهج وغيره.

كان من اعاظم محدثي الشيعة، قال شيخنا في المستدرك: فضائل القطب ومناقبه وترويجه للمذهب بأنواع المؤلفات المتعلقة به اظهروأشهر من ان يذكر وكان له ايضا طبع لطيف، ولكن اغفل عن ذكر بعض اشعاره المترجمون له، إنتهى.

وهو احد مشايخ ابن شهراشوب، يروى جماعة كثيرة من المشايخ كأمين الاسلام والسيد المرتضى والرازى وأخيه السيد مجتبى وعماد الدين الطبرى وابن الشجري والآمدى، ووالد المحقق الطوسي، وغيرهم رضوان الله عليهم اجمعين.

ويروي عن الشيخ عبد الرحيم البغدادى المعروف بابن الاخوة، عن الفاضلة الجليلة السيدة النقية بنت السيد المرتضى علم الهدى عن عمها الشريف الرضي (ره) وكان والد القطب الراواندى وجده وأولاده كلهم علماء.

وصرح الشيخ منتجب الدين بأن اباالفضل محمد بن القطب الراوندى وأخاه عماد الدين عليا كانا فقيهين ثقتين.

توفى القطب ٤ شوال سنة ٥٧٣ (ثعج) كمافي البحارنقلا عن خط الشهيد (ره)، وقبره ببلدة قم جوار الحضرة الفاطمية عليها السلام، مزار معروف.

ولا يخفى انه غير سعيد بن هبة الله بن محمد بن الحسين الفاضل المشتهرفي العلوم الحكمية، فانه كان من الاطباء المتميزين في صناعة الطب، خدم المقتدى

٧٢

بأمرالله، والمستظهر بالله بصناعة الطب، وكان يتولى مداواة المرضى في البيمارستان العضدي.

له كتاب المغني في الطب، صنفه للمقتدى، وكتاب خلق الانسان، توفى سنة ٤٩٥.

(قطب الدين الشيرازى)

محمودبن مسعودبن مصلح الكازروني الفارسي الشافعي الفاضل الفهامة الملقب بالعلامة، تلميذ الخواجة نصير الدين الطوسي (ره).

قيل: كان وحيد عصره في المعقول، وكان في غاية الذكاء، وله تلاميذ كثيرة وتصانيف شهيرة، منها: شروحه على القسم الثالث من المفتاح وعلى المختصر الحاجبي، وعلى كليات ابن سينا، كان مولده بشيراز، ودخل بغداد ودمشق واستوطن بالآخرة تبريز.

حكي عن شدة ذكائه انه سئل في مجمع من الشيعة والسنة عن افضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله هل هو أمير المؤمنين عليه السلام أو ابوبكر؟ فأجاب:

خير الورى من بعدالنبي من بنته في بيته

من في دجى ليل العمى ضوء‌الهدى في زيته

(قلت): تقدم في ابن الجوزي مايشبه ذلك، حكي انه كان مواظبا على الجماعة، لا يصلي فرائضه إلا بالجماعة.

توفى بتبريزسنة ٧١٠ (ذي)، ودفن بقرب البيضاوي، ورثاه ابن الوردي بقوله:

لقد عدم الاعلام حبرا مبرزا

كريم السجايا فيه من بعده قرب

عجيب وقد دارت رحى العلم بعده

وهل للرحى دوروقد عدم القطب

٧٣

(قطب الدين الكوشكنارى)

محمد المعروف بالقطب المحيي، استاذ المولى جلال الدواني، المتوفى في اوائل المائة العاشرة.

وهو أحد مشايخ الصوفية السنية، صاحب المكاتبات المعروفة بمكاتبات القطب المحيي بالفارسية.

(قطب الدين الكيدرى)

ابو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابورى الامامى، الشيخ الفقيه، الفاضل الماهر، والاديب الاريب، البحر الزاخر، صاحب الاصباح في الفقه، وأنوار العقول في جمع اشعار أمير المؤمنين عليه السلام، وشرح النهج، وغيرذلك.

وله اشعار لطيفة، وكان معاصرا للقطب الراوندي، وتلميذا لابن حمزة الطوسي، فرع من شرحه على النهج سنة ٥٧٦ (ثعو).

والكيدر قرية من قرى بيهق، وعن طراز اللغة للسيد عليخان انه ضبطه بالذال المعجمة، وعدل بعض الاعلام (أي كاشف اللثام) عن ذلك، وضبطه بالنون نسبة إلى كندر قرية بنيسابور وقرية قرب قزوين.

(قطران)

إمام الشعراء أبومنصور التبريزي الترمذي، قيل: كان في أول أمره دهقانا، فاشتغل بنظم الشعرفصار شاعرا معروفا. وقد اشار الى ذلك بقوله:

يكى دهقان بدم شاها شدم شاعر بناداني

مرا از شاعري كردن توكردى باز دهقاني

له اشعار كثيرة في مدح الاميرابى منصور وهسودان الذى كانت له السلطنة

٧٤

في تبريز إلى حدود ٤٥٠، ومن شعره في الشكر:

گر هزار ستم دهان در هر يكى سيصد زبان

شكر نيكيهات نتوانم يكى گفت از هزار

قيل انه توفي سنة ٤٦٥.

(قطرب)

ابوعلي محمد بن المستنير بن احمد البصرى النحوى اللغوى الاديب البارع اخذ الادب عن سيبويه، فصارمن أئمة عصره.

يروى عن الصادق " ع " روى الشيخ في (يب) في باب (النفرمن منى) عن الحسن بن محبوب عنه عن ابى عبد الله " ع " له مصنفات منها كتاب معاني القرآن وكتاب الرد على الملحدين في متشابه القرآن، وكتاب العلل في النحو وغير ذلك، وهو اول من وضع المثلث في اللغة، وكان معلم اولاد ابى دلف العجلى، وينسب إليه هذان البيتان:

إن كنت لست معى فالذ كرمنك معي

يراك قلبي اذا ما غبت عن بصرى

والعين تبصرمن تهوى وتفقده

وباطن القلب لا يخلو من النظر

قال الدميرى في حياة الحيوان: قطرب طائر يجول الليل كله لا ينام وقالوا: اجول من قطرب واسهر من قطرب.

وقطرب لقب محمد بن المستنير النحوى صاحب المثلث وغيره، وكان من اهل العربية، وكان حريصا على الاشتغال والتعلم، فكان يبكرالى سيبوية قبل حضوراحد من التلامذة، فقال له يوما: ماانت إلا قطرب ليل، فبقى عليه هذا اللقلب توفي سنة ست ومائتين.

٧٥

(القطونى)

خالد بن مخلد أبوالهيثم الكوفي، شيخ البخارى في صحيحه، ذكره ابن سعد في محكي طبقاته من الجزء السادس ص ٢٨٣ فقال: وكان متشيعا توفى بالكوفة في النصف من المحرم سنة ٢١٣ في خلافة المأمون، وكان في التشيع مفرطا وكتبواعنه إنتهى.

وعن ابى داودانه ذكره فقال: صدوق لكنه يتشيع، ونقل البخارى ومسلم في مواضع من صحيحيهما، بل اصحاب السنن كلهم يحتجون بحديثه وهم يعلمون بمذهبه.

(القطيفى)

الشيخ ابراهيم بن سليمان البحراني، المجاورحيا وميتا بالغري السريكان عالما فاضلا ورعاصالحا من كبار المجتهدين، وأعلام الفقهاء والمحدثين، كان في غاية الفضل، معاصرا للشيخ نور الدين المحقق الكركي، ويروي عنه بالاجازة ايضا، وكانت بينهما مناظرات.

نقل ان الامام الحجة القائم صلوات الله عليه دخل عليه في صورة رجل كان يعرفه وسأله عن ابلغ آية في الموعظة، فقرأ الشيخ قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) الآية فقال له الامام عليه السلام: صدقت ياشيخ ثم خرج فسأل عنه اهل بيته فقالوا: مارأينا داخلا ولاخارجا إنتهى.

(وله) مصهفات كثيرة منها: السراج الوهاج، والهادي إلى سبيل الرشاد وكتاب تعيين الفرقة الناجية من اخبار المعصومين (ع) ونفحات الفوائد ورسالة في احكام الرضاع، ورسالة في الصوم، ورسالة في ادعية سعة الرزق وقضاء الدين، وشرح ألفية الشهيد، وشرح اسماء الله الحسنى، فرغ منه سنة ٩٣٤.

٧٦

وكان عندي رسالة منه الموسومة بالنجفية، وكان في آخرها خطه الشريف وتاريخ كتابته سنة ٩٢٧.

قال (ضا): وله اجازة لتلميذه معز الدين محمد بن تقي الدين الاصفهاني يظهر منها ان الشيخ علي بن هلال الجزائري عمه، وتاريخ الاجازة سنة ٩٢٨ وفيها: انه اجازه عدة من المشايخ أوثقهم الشيخ ابراهيم بن حسن الوزاق عن الشيخ علي بن هلال وتاريخها سنة عشرين وتسعمائة إنتهى.

(والقطيفى) نسبة إلى قطيف، كشريف بلد بالبحرين.

(القعبى)

أبوعبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني، اخذ العلم والحديث عن الامام مالك، وهو من جملة اصحابه وأحد رواة الموطأعنه، وكان يسمى الراهب لعبادته وفضله، وكان يسكن البصرة، وتوفى بها أوبمكة سنة ٢٢١ (ركا).

(القفال الشاشي)

ابوبكر محمد بن علي بن اسماعيل الفقيه الشافعي المحدث اللفوي، الشاعر الاصولي.

رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام، وأخذعن ابن سريج، وروى عن ابن جرير الطبرى، وروى عنه الحاكم وابن مندة وجماعة كثيرة، وكان من اعيان تلامذته أبوعبد الله محمد بن احمد الخضرى المروزى الفقيه الشافعي الذى يضرب به المثل في قوة الحفظ، وتوفى في عشر الثمانين والثلثمائة وتوفي الفقال المذكور بالشاش في سنة ٣٣٦ وقيل ٣٦٥ وكان والد القاسم صاحب كتاب التقريب (والشاشي) نسبة إلى الشاش مدينة وراء نهر سيحون.

٧٧

(القفال المروزى)

أبوبكر عبد الله بن احمد بن عبد الله الفقيه الشافعي، كان وحيد زمانه، وله في مذهب الامام الشافعي من الآثار ماليس لغيره من ابناء عصره، كان ابتداء إشتغاله بالعلم على كبر السن بعد ماافنى شبيبته في عمل الاقفال، ولذلك قيل له القفال، وكان ماهرا في عملها.

ويقال: انه لماشرع في الفقه كان عمره ثلاثين سنة، توفى سنة ٤١٧ (تيز) ودفن بسجستان، وهو الذى صلى بين يدى السلطان محمود سبكتكين ركعتين على مذهب الشافعي وركعتين على مذهب ابى حنيفة، فاختار السلطان محمود مذهب الشافعي لذلك، وقصته مشهورة ذكرها الدميري وابن خلكان، ونحن ننقلها هاهنا من ابن خلكان: قال في ترجمة يمين الدولة السلطان ناصر الدولة محمود بن سبكتكين المتوفى سنة ٤٣٣ بغزنة نقلا من كتاب مغيث الخلق في اختيار الاحق لامام الحرمين الجويني ان السلطان محمود المذكور كان على مذهب ابى حنيفة.

وكان مولعا بعلم الحديث، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع.

وكان يستفسر الاحاديث فوجد اكثرها موافقا لمذهب الشافعي فوقع في خلده حكة فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو والتمس منهم ماالكلام في ترجيح احد المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على ان يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الامام الشافعي وعلى مذهب ابى جنيفة لينظر فيه السلطان ويتفكر ويختار ماهو أحسنهما، فصلى القفال المروزى بطهارة مسبغة وشرائط معتبرة من الطهارة والسترة واستقبال القبلة، وأتى بالاركان والهيئات والسنن والآداب والفرائض على وجوه الكمال والتمام، وقال: هذه صلاة لايجوز الامام الشافعي

٧٨

دونها، ثم صلى ركعتين على مايجوز ابوحنيفة رضي الله عنه فلبس جلد كلب مدبوغا ثم لطخ ربعه بالنجاسة وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة واجتمع عليه الذباب والبعوض، وكان وضوء‌ه منكسا منعكسا، ثم استقبل القبلة وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء، وكبر بالفارسية ثم قرأ آية بالفارسية (دوبرك سبز) ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غيرركوع وتشهد، وضرط في آخره من غير نية السلام وقال: أيها السلطان هذه صلاة ابى حنيفة.

فقال السلطان: لولم يكن هذه الصلاة ابى حنيفة لقتلتك لان مثل هذه الصلاة لايجوزها ذو دين، فأنكرت الحنفية ان تكون هذه صلاة ابى حنيفة فأمر القفال باخضار كتب ابى حنيفة، وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا فوجدت الصلاة على مذهب ابى حنيفة على ماحكاه القفال، فأعرض السلطان عن مذهب ابى حنيفة، وتمسك بمذهب الشافعي " رضي الله عنهما " إنتهى.

(قفطان)

كقربان، لقب لجماعة، منهم الشيخ احمد بن الشيخ حسن بن الشيخ علي النجفى، الفاضل الاديب الشاعر، له اشعار وقصائد كثيرة، اشار اليها في اعيان الشيعة، وفيه وروى شيخنا الشيخ محمد طه نجف النجفي عنه انه رأى الامام المنتظر عليه السلام فيما يرى النائم وعاتبه، فأجابه بهذين البيتين:

لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى

فنملاها عدلا كماملئت ظلما

سينجز وعدي قل لمن يكفرون لي

لقد كان ذاحقا على ربنا حتما

توفي بالنجف سنة ١٢٩٣ (غرصج) وأخوه الشيخ ابراهيم من الفضلاء المعروفين.

٧٩

(القفطى)

جمال الدين ابو الحسن علي بن يوسف بن ابراهيم الشيبانى الوزير احد الكتاب المشهورين، كان أبوه القاضي الاشرف كاتبا ايضا بمصر.

ولد بقفط سنة ٥٦٣، وسمع الحديث من ابى طاهر بن بنان بمصر وبحلب من جماعة، فصار مشاركا لارباب كل علم من النحو واللغة والفقه والحديث وعلم القرآن والاصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ.

أسكنه أبوه القاهرة طفلا ثم خرج إلى الشام فأقام بحلب، وصحب بها الامير الميمون القيصري، وبعد وفاة الامير لزم منزله فألزم بالخدمة في امور الديوان في ايام الملك الظاهر، ولمامات الملك انقطع في منزله فقلده الملك العزيز وزارته سنة ٦٣٣.

حكي انه اجتمع لديه من الكتب مالا يوصف، وكان لا يحب من الدنيا سواها، ولم يكن له دار ولازوجة، وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب وكانت تساوي خمسين ألف دينار، له تاريخ مصر، وأخبا ر العلماء بأخبار الحكماء، توفى سنة ٦٤٦.

(القلقشندى)

شهاب الدين احمد بن علي بن احمد المصري الشافعي، كان اديبا منشيا قوي الحافظة.

له صبح الاعشى في صناعة الانشاء، ونهاية الارب في معرفة قبائل العرب وضوء الصبح المسفر وجني الدوح المثمز، وهو مختصر صبح الاعشى، قال في أوائل الجزء الثاني من صبح الاعشى ماهذا لفظه: ومن غريب مايحكى ان رجلا اخذ خطرا من قوم على ان يغضب معاوية ابن ابى سفيان مع غلبة حلمه، فعمدالى معاوية وهو ساجد في الصلاة فوضع

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أقوال العلماء في الحديث: الگنجيّ الشافعيّ:

نعتضد بالله ونقول: منكر ذلك إمّا أن يُنكره من حيث الإمكان، أو من حيث صحّة النقل من عدالة الرواة. أما القسم الأوّل، فإنّ المتكلّم فيه أحد رجلين: إمّا أن يُثبت الشرايع أو ينفيها. فأمّا نُفاتها، كالدّهريّة، والفلاسفة والمنجّمين، فلا كلام معهم. وأمّا مثبتوها، فلا يتمكّنون من ذلك؛ للحديث الذي خرّجه مسلم في صحيحه في حبس الشمس:

____________________

= سعد بن جنادة العوفيّ من جديلة قيس، يكنّى أبا الحسن. قال سعد بن محمد بن الحسن بن عطيّة قال: جاء سعد بن حنادة إلى عليّ بن أبي طالب وهو بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه ولد لي غلام فسمّه. قال: هذا عطيّة الله، فسمّي عطيّة. وخرج عطيّة مع ابن الأشعث علي الحجّاج، فلمّا انهزم جيش الأشعث هرب عطيّة إلى فارس، فكتب الحجّاج إلى محمّد بن القاسم الثقفيّ أن ادع عطيّة، فإن لعن عليّ بن أبي طالب وإلا فاضربه أربعمائة سوط واحلق رأسه ولحيته. فدعاه فأقرأه كتاب الحجّاج، فأبى عطيّة أن يفعل فضربه أربعمائة سوط وحلق رأسه ولحيته. قدم الكوفة بعد ذلك وتوفّي بها سنة إحدي عشرة ومائة ]. وكان ثقة إن شاء الله (الطبقات الكبرى ٦: ٣٠٥ / ٢٣٧٥). وذكره الطوسيّ والبرقيّ في أصحاب الباقرعليه‌السلام (رجال الطوسيّ: ١٢٩، رجال البرقيّ: ١٤): قال له أبو جعفرعليه‌السلام : اجلس في مسجد المدينة وافت الناس؛ فإنّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك. وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام لمّا اتاه نعيه: والله لقد أوجع قلبي موت أبان. وذكره أبو زرعة الرازيّ في كتابه: ذكر من روى عن جعفر بن محمّد من التابعين ومن قاربهم، فقال: أبان بن تغلب روى عن أنس بن مالك، وروى عن الأعمش وعن محمّد بن المنكدر، وعن سماك بن حرب، وعن إبراهيم النّخعيّ... (رجال النجاشيّ ٧ - ٨، رجال ابن داود ١٠ - ١١). وذكره ابن سعد في الطبقة الخامسة وقال: ثقة، روى عنه شعبة (الطبقات الكبرى: ٣٤٢٦ / ٢٥٩٤)، عن عامر بن واثلة، وذكر المناشدة.

٢٠١

عن أبي هريرة عن رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «غزا نبيّ من الأنبياء حين صلاة العصر أو قريباً من ذلك فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللّهمّ احبِسْها عليّ شيئاً، فحبست عليه حتّى فتح الله عليه».

قلت - أي الگنجيّ - هذا حديث متّفق على صحّته، رواه البخاريّ في الغلول وأخرجه مسلم في الجهاد، كما سقناه.(١)

قال: ورواه أحمد بن حنبل في مسنده وقال: إنّ الشمس حبست ليوشع ابن نونعليه‌السلام . ورواه الطبرانيّ في معجمه، ولا يخلو إمّا أن يكون ذلك معجزةً لموسىعليه‌السلام ، أو ليوشععليه‌السلام ؛ فإن كان لموسى فنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل، وعليّعليه‌السلام أقرب إليه من يوشع إلى موسى. وإن كان معجزةً ليوشععليه‌السلام ، فإن كان نبيّاً فعليّ مِثْلُه، وإن لم يكن نبيّاً فعليّ أفضل منه، إذ قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل»، وفي لفظ آخر: «أنبياءُ بني إسرائيل» وحذف الكاف لقوّة المشابهة.

والمعنى: أنّ أنبياء بني إسرائيل دعاةٌ إلى الله سبحانه، بالوعظ والزجر والتحذير والترغيب والترهيب، وعلماء أمّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائمون في هذا المقام، مُنخرطون في سلك هذا النظام، وعليّعليه‌السلام أولى بهذا النصّ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أقضاكم عليّ»(٢) .

____________________

(١) صحيح البخاريّ ٢: الحديث ١١٩، وصحيح مسلم ٢: ٤٩، ومسند أحمد ٢: ٣١٨، وكفاية الطالب: ٣٨٢ / ١٠٥٨.

(٢) الطبقات الكبرى ٢: ٣٣٩، أنساب الأشراف ٢: ٩٧، المستدرك على الصحيحين ٣: ١٣٥، فضائل الصحابة لأحمد ٢: ٥٨، المناقب للخوارزميّ ٨١، ذخائر العقبى ٨٣.

٢٠٢

وأمّا القسم الثاني، وهو الإنكار من حيث عدالة من نقل ذلك وذكره في كتابه، فقد عدّه جماعة من العلماء في معجزاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنهم: ابن سبع ذكره في «شفاء الصدور» وحكم بصحّته، ومنهم القاضي عياض ذكره في «الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢٤٠» وحكى فيه عن الطّحاويّ أنّه ذكر ذلك في «مشكل الآثار ٢: ٨ و ٤: ٣٨٨». وكان أحمد بن صالح - شيخ البخاريّ - يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء - من رواة الحديث - بنت عميس في ردّ الشمس؛ لأنّه من علامات نبوّة نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد شفى الصدور الإمام الحافظ أبو الفتح الموصليّ في جمع طرقه في كتابٍ مفرد، ورواه الحافظ أبو عبد الله الحاكم.(١)

سبط ابن الجوزيّ

يوسف بن فرغليّ بن عبد الله البغداديّ الحنفيّ، سبط أبي الفرج عبد الرحمان بن الجوزيّ؛ ردّ على جدّه لأمّه تكذيبه للحديث، قال: فإن قيل: فقد قال جدّك في «الموضوعات»: هذا حديث موضوع بلا شكّ، وروايته مضطربة؛ فإنّ في إسناده أحمد بن داود، وليس بشيء، وكذا فيه فضيل بن مرزوق وهو ضعيف، وجماعة منهم عبد الرحمان بن شريك ضعّفه أبو حاتم؛ وقال جدّك: أنا لا أتّهم به إلاّ ابن عقدة؛ فإنّه كان رافضيّاً. ولو سُلِّم فصلاة العصر صارت قضاءً بغيبوبة الشمس، فرجوع الشمس لا يفيد؛ لأنّها - أي الصلاة - لا تصير أداءً. قالوا: وفي

____________________

(١) كفاية الطالب: ٣٨٧.

٢٠٣

الصحيح أنّ الشمس لم تُحبَس على أحدٍ إلاّ على يوشع بن نون.

والجواب: إنّ قول جدّي: «هذا حديث موضوع بلا شكّ» دعوى بلا دليل؛ لأنّ قدحه في رواته الجواب عنه ظاهر، لأنّا ما رويناه إلاّ عن العدول الثّقات الذين لا مغمز فيهم، وليس في إسناده أحدٌ ممّن ضعّفه. وكذا قول جدّي: «أنا لا أتّهم به إلاّ ابن عقدة» من باب الظنّ والشّكّ، لا من باب القطع واليقين، وابن عقدة مشهور بالعدالة، كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها، ولا يتعرّض للصحابة بمدحٍ ولا ذمّ. فنسبوه إلى الرفض.

وقوله: صارت صلاة العصر قضاءً؛ قلنا: أرباب العقول السليمة والفِطَر الصحيحة لا يعتقدون أنّها غابت ثمّ عادت وإنّما وقفتْ عن سيرها المعتاد، ولو ردّت على الحقيقة لم يكن عجباً؛ لأنّ ذلك يكون معجزةً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكرامةً لعليّعليه‌السلام ، وقد حُبست بالإجماع ليوشع، ولا يخلو أن يكون ذلك معجزةً لموسى أو كرامةً ليوشع؛ فإن كان لموسى فنبيّنا أفضل منه، وإن كان ليوشع فعليّ أفضل منه. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل». وهذا في حقّ الآحاد فما ظنّك بعليّ؟! والدليل عليه أيضاً ما ذكره أحمد في الفضائل: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الصّدّيقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار وهو مؤمن آل ياسين، وعليّ بن أبي طالب وهو أفضلهم».(١) وحزقيل كان نبيّاً من بني إسرائيل مثل

____________________

(١) المناقب لأحمد ١٥٦ / ١٩٣، و ١٩٤ / ٢٣٩؛ وأخرجه عنه المعتزليّ في شرح نهج البلاغة ٢: ٤٥١، والمحبّ الطبريّ في ذخائر العقبى: ٥٩، والمتّقيّ في منتخب العمّال ٥: ٣١، والقندوزيّ في ينابيع المودّة ١٢٤. وأخرجه ابن عساكر بنفس اللّفظ عن ابن أبي ليلى: =

٢٠٤

يوشع؛ فدلّ على فضل عليّ على أنبياء بني إسرائيل. وفي وقوف الشمس يقول الصّاحب بن عبّاد كافي الكُفاة:

من كمولايَ عليٍّ

والوغى تحمي لظاها؟!

من يصيد الصِّيدَ فيها

بالظّبى حين انتضاها؟!

من له في كلِّ يوم

وَقَعاتٌ لا تُضاهى؟!

كم وكم حرب ضروس

سدَّ بالـمُرهَف فاها!

اذكروا أفعال بدر

لستُ أبغي ماسواها

اذكروا غزوة أُحْد

إنّه شمسُ ضُحاها

اذكروا حربَ حُنين

إنّه بدرُ دُجاها

اُذكروا الأحزاب قدْماَ

إنّه ليثُ شَراها

اذكروا مهجة عمرو

كيف أفناها شجاها

اذكروا أمر براءة

واصدقوني من تلاها؟

اذكروا من زوجُه الز

هراءُ قد طابَ ثراها

حالهُ حالةُ هارون

لموسى، فافهماها

أعلى حبّ عليٍّ لا

مَني القومُ سفاها؟!

أوّلُ الناس صلاةً

جعل التقوى حُلاها

ردّت الشمسُ عليه

بعدما غاب سَناها

____________________

= مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣٧٨، وأخرجه الحسكانيّ الحنفيّ (ت ٤٩٠ هـ) في شواهد التنزيل ٢: ٢٢٤، أخرجه بطرقٍ كثيرة. وأخرجه ابن المغازليّ بنفس السند وفيه: (... وخِرْبيل - براءٍ غير منقوطة)، وفي العرائس للثعلبيّ: ٩٩، والسيرة الحلبيّة ١: ٢٧٠: (سُبّاق الأمم ثلاثة، لم يكفروا بالله طرفة عين: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار صاحب ياسين، وعليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وهو أفضلهم). والعرائس: ١٠٧: (سبّاق الأمم...، وعليّ مؤمن آل محمّد، وهو أفضلهم).

٢٠٥

قال: وفي الباب حكاية عجيبة حدّثني بها جماعة من مشايخنا بالعراق، قالوا: شاهدنا أبا منصور المظفّر بن أردشير العباديّ الواعظ، وقد جلس بالتاجيّة مدرسة بباب أبرز، محلّة ببغداد، وكان بعد العصر، وذكر حديث ردّ الشمس لعليّعليه‌السلام ، وطرّزه بعبارته ونمّقه بألفاظه، ثمّ ذكر فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ، فنشأت سحابة غطّت الشمس حتّى ظنّ الناس أنّها قد غابت، فقام أبو منصور على المنبر قائماً وأومى إلى الشمس وأنشد:

لا تَغْرُبي يا شمسُ حتّى ينتهي

مدحي لآل المصطفى ولنجله

واثني عَنَانَك إن أردتُ ثاءَهم

أنسيت إن كان الوقوف لأجله

إن كان للمولى وقوفُك فليكن

هذا الوقوف لخَيله ولرَجْله

قال: فانجاب السّحاب عن الشمس، وطلعت!(١)

الطّحاويّ: الحافظ أحمد بن محمّد الطّحاويّ الحنفيّ (توفّي سنة ٣٢١ هـ). أخرجه بلفظين، وقال: هذان الحديثان ثابتان، ورواتهما ثقات.(٢)

قال: فقال قائل: كيف تقبلون هذا وأنتم تُرْوُون عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يدفعه، فعن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لم تَحْتَبس الشمس على أحدٍ إلاّ ليوشع». وأيضاً عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لم تُرَدّ الشمس منذ رُدّت على يوشع بن نون، لياليَ سار إلى بيت الـمَقْدِس».

فكان جوابنا - أي الطحاويّ - له في ذلك بتوفيق الله تعالى وعونه: إنّ هذا

____________________

(١) تذكرة الخواصّ: ٥٣ - ٥٦، وكفاية الطالب: ٣٨٨، والشعر في ديوان الصاحب بن عبّاد: ١١٤ - ١١٩.

(٢) مشكل الآثار للطحاويّ ٢: ٨ - ٩، و ٤: ٣٨٨ - ٣٨٩.

٢٠٦

الحديث قد اختلف علينا راوياه، فأمّا ما رواه لنا عليّ بن الحسين فهو أنّ الشمس لم تحتبس على أحد إلاّ على يوشع. فإنّ كان حقيقة الحديث كذلك، فليس فيه خلاف؛ لما في الحديثين الأوّلَين؛ لأنّ الذي فيه هو حبس الشمس عن الغيبوبة، والذي في الحديثين الأوّلين هو ردُّها بعد الغيبوبة. وأمّا ما رواه لنا يحيى بن زكريّا فهو على أنّها لم تُردّ مذ رُدّت على يوشع بن نون إلى الوقت الذي قال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا القول، فذلك غير دافع أن يكون: لم تُردّ إلى يومئذ، ثم رُدّت بعد هذا، وهو غير مستنكَر من أفعال الله عزّوجلّ... وكلّ هذه الأحاديث من علامات النبوّة. وقد حكى عليّ بن عبد الرحمان بن المـُغيرة،(١) عن أحمد بن صالح أنّه كان يقول: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلّفُ عن حفظ حديث أسماء الذي رُوِي لنا عنه؛ لأنّه من أجلّ علامات النبوّة. قال الطحاويّ: وهذا كما قال، وفيه لمن كان دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اللهَ عزّ وجلّ - أي لعليّعليه‌السلام - بما دعا به له حتّى يكون له ذلك المقدار الجليل والرّتبة الرفيعة؛ لأنّ ذلك كان من رسول الله ليصلّي صلاته تلك التي احتبس نفسه على رسول الله حتّى غربت الشمس في وقتها على غير فوتٍ منها إيّاه؛ وفي ذلك ما قد دلّ على التغليظ في فوات العصر. ومن ذلك ما روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: «من فاتته صلاة العصر فكأنّما وتر

____________________

(١) عليّ بن عبد الرحمان بن محمّد بن المغيرة المخزوميّ مولاهم، المصريّ لقبه علاّن، وكان أصله من الكوفة، صدوق. (التقريب / الترجمة رقم ٤٧٦٥). قال في التحرير: بل ثقة، فقد روى عنه جمع من الثقات، منهم ابن أبي حاتم.

٢٠٧

أهله وماله»، فوقى الله عزّ وجلّ عليّاً ذلك؛ لطاعته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .(١)

وذكره القاضي أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفيّ من مختصر الباجيّ المالكيّ المتوفّى سنة ٤٧٤ هـ.(٢)

فعودة الشمس إنّما كانت إرادةً من الله تعالى وحكمته، واستجابةً لدعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكرامةً لوليّ الله وصنو رسوله ونفسه وأخيهعليه‌السلام ، والعلّة: أن يؤدّي طاعة الله في الصلاة بعد أن كان في طاعة النبيّ، ويكونَ عبرة لغيره: فبقدر القرب من الله تعالى ومن طاعة رسوله، يُكرمَ المرء وتعلو رتبته.

نور الدين الحلبيّ الشافعيّ، ذكره في كتابه (السيرة الحلبية ١: ٤١٣)، قال: وأمّا عَوْد الشمس بعد غروبها، فقد وقع لهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خيبر.

وذكر حديثَ أسماء وقال: قال بعضهم: لا ينبغي لمن سبيلهُ العلم أن يتخلّف عن حفظ هذا الحديث؛ لأنّه من أجَلّ أعلام النّبوّة وهو حديث متّصل.

الحافظ أبوبكر البيهقيّ (المتوفى سنة ٤٥٨ هـ)، رواه في كتاب «دلائل النّبوّة».

شهاب الدّين الخفاجيّ الحنفيّ (المتوفى سنة ١٠٦٩ هـ)، له ردّ مفحم على ابن الجوزيّ وابن تيميه، وقال: رواه الطبرانيّ بأسانيد مختلفة، رجال أكثرها ثقات. وقد اعترض عليه - أي على الحديث - بعض الشّرّاح، وقال: «إنّه موضوع، ورجاله مطعونٌ فيهم، كذّابون وضّاعون». ولم يَدْرِ أنّ الحقّ خلافُه،

____________________

(١) مشكل الآثار ٢: ٩ - ١٢.

(٢) المعتصر من المختصر للقاضي أبي المحاسن ١: ٩.

٢٠٨

والذي غرّه كلام ابن الجوزيّ، ولم يقف على أنّ كتابه أكثره مردود. وقد قال خاتمة الحفّاظ السيوطيّ وكذا السخاويّ: إنّ ابن الجوزيّ في موضوعاته تحامل تحاملاً كثيراً، حتّى أدرج فيه كثيراً من الأحاديث الصحيحة، كما أشار إليه ابن الصّلاح.

وهذا الحديث صحّحه المصنّفرحمه‌الله ، أشار إلى أنّ تعدّد طرقه شاهد صدقٍ على صحّته، وقد صحّحه قبله كثير من الأئمّة، كالطحاويّ، وأخرجه ابن شاهين وابن منده وابن مردويه، والطبرانيّ في معجمه وقال: إنّه حسن، وحكاه العراقيّ في «التقريب» فقال: وإنكار ابن الجوزيّ فائدةَ ردِّها - أي ردّ الشمس - مع القضاء، لا وجه له؛ فإنّها فاتته بعذرٍ مانعٍ من الأداء، وهو عدم تشويشه على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهذه فضيلةٌ أيُّ فضيلة! فلمّا عادت الشمس حاز فضيلة الأداء أيضاً. وقد صنّف السيوطيّ (شافعيّ ت ٩١١ هـ) في هذا الحديث رسالةً مستقلّةً سمّاها «كشف اللّبس عن حديث ردّ الشمس». وسبق بمثله أبو الحسن الفضليّ، أورد طرقه بأسانيد كثيرة، وصحّحه بما لا مزيد عليه، ونازع ابنَ الجوزيّ في بعض مَن طعن فيه من رجاله.

وفي قول الطحاويّ «لأنّه من علامات النبوّة» قال: وهذا مؤيّد لصحّته؛ فإنّ أحمد - أي أحمد بن صالح المصريّ - هذا من كبار أئمّة الحديث الثّقات. ويكفي في توثيقه أنّ البخاريّ روى عنه في صحيحه، فلا يُلتفت إلى من ضعّفه

٢٠٩

وطعن في روايته(١) .

ابن حجر الهيتميّ المكّيّ الشافعيّ (المتوفى سنة ٩٧٤ هـ)، ذكره في الصواعق المحرقة: ٧٦ وقال: وحديث ردّها صحّحه الطحاويّ والقاضي - عياض - في «الشفاء»، وحسّنه شيخ الإسلام أبو زرعة، وتبعه غيره، وردّوا على جمعٍ قالوا أنّه موضوع. وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردّها في محلّ المنع، بل نقول: كما إنّ ردّها خصوصيّة، كذلك إدراك العصر الآن - أي بعد الشمس - أداءً خصوصيّة وكرامة. ثمّ ذكر قصّة الواعظ أبي المنصور العباديّ.

وفي شرح همزيّة البوصيريّ، في حديث شقّ القمر قال: ويناسب هذه المعجزة ردّ الشمس لهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما غابت حقيقةً، لما نامصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فردّت ليصلّي عليٌّ العصر أداءً، كرامةً لهصلى‌الله‌عليه‌وآله . هذا الحديث اختلف في صحّته جماعة، بل جزم بعضهم بوضعه، وصحّحه آخرون، وهو الحقّ.

العَينيّ الحنفيذ (المتوفّى سنة ٨٥٥ هـ)، في كتابه عمدة القاري شرح صحيح البخاري ٧: ١٤٦، قال: وقد وقع ذلك للإمام عليّرضي‌الله‌عنه ، أخرجه الحاكم عن أسماء بنت عميس، وذكره الطحاويّ في مشكل الآثار. قال: وهو حديث متّصل، رواته ثقات. وإعلالُ ابن الجوزيّ هذا الحديث لا يلتفت إليه!

الحافظ ابن عساكر الشافعيّ (المتوفّى سنة ٥٧٣ هـ)، ذكره في تاريخه مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣٧٨ من حديث أسماء بنت عميس.

أبو إسحاق الثعلبيّ (ت ٤٢٧ هـ) ذكره في كتابه العرائس - أو: قصص

____________________

(١) شرح الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ١١ - ١٥.

٢١٠

الأنبياء: ١٣٩.

محبّ الدّين الطبريّ الشافعيّ (ت ٦٩٤ هـ) في كتابه الرياض النضرة ٢: ١٧٩.

القاضي عياض اليحصبيّ (المتوفّى سنة ٥٤٤ هـ) في كتابه: الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ٢٤٠ بسندَيه اللذين في مشكل الآثار.

الذهبيّ محمد بن أحمد بن عثمان الحنبلي (المتوفّى سنة ٧٤٨ هـ)، في ميزان الاعتدال ٢: ٢٤٤.

الدّولابيّ محمد بن أحمد (المتوفّى سنة ٣١٠ هـ) في كتابه الذرّيّة الطّاهرة: ٢٤٤ - ٣١٠.

نور الدّين السّمهوديّ الشافعيّ (المتوفّى سنة ٩١١ هـ) في وفاء الوفا ٢: ٣٣ روى الحديث من طريق القاضي عياض، بعين ما في مشكل الآثار.

و للحسكاني عبيد الله بن عبد الله الحنفيّ (المتوفّى سنة ٤٩٠ هـ) رسالة مسألة في تصحيح ردّ الشَّمس وترغيم النّواصب الشَّمس.

الموفّق بن أحمد المكّيّ الخوارزميّ الحنفيّ المعروف بأخطب خوارزم (المتوفّى سنة ٥٦٨ هـ) في كتابه المناقب: ٣٠٦ / الحديث ٣٠١ و ٣٠٢ من طريقين عن أسماء بنت عميس. كما أفرد له كتاباً باسم: ردّ الشّمس لأميرالمؤمنين.

الحافظ جلال الدين السيوطيّ الشافعيّ (المتوفّى سنة ٩١١ هـ) ذكره في كتابه: الخصائص الكبرى ٢: ١٣٧ رباب ردّ الشّمس بعد غروبها لعليّرضي‌الله‌عنه من حديث أسماء من عن: ابن منده وابن شاهين والطبرانيّ، وقال: صحيح. وعن ابن

٢١١

مردويه، عن أبي هريرة، وبسندٍ عن جابر، وقال: قال الطبرانيّ حسَن.

و للسيوطيّ كشف اللّبس عن حديث ردّ الشمس توسّع فيه بالكلام عن الحديث. وفي الجزء الأوّل من كتابه اللآلئ المصنوعة، ذكره بُطرقه المتعدّدة، وحكم بصحّتها متناً وسنداً، وأنّ الحديث من أعلام النبوة والكرامة لأميرالمؤمنينعليه‌السلام . ذكره في ص ٣٣٦ عن فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسن، عن أسماء بنت عميس ونفس المصدر: عن فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب، عن أسماء. وأيضاً نفس المصدر عن أبي هريرة. وفي ص ٣٣٧ عن الحسين بن عليّعليهما‌السلام . وفي ص ٣٤٠ عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . وفي ص ٣٤١ عن أبي ذرّ في حديث الشّورى.

وقفة تأمّل في المصادر والرّواة

ليس في مصدر من المصادر التي أوردناها لمن هو رافضيّ! وإنّما أصحابها بين مالكيّ وحنفيّ وشافعيّ؛ مع وثاقة وصدق وعلوّ سند الحديث فتبيّن الحقّ بذلك« فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلّا الضّلاَلُ فَأَنّى‏ تُصْرَفُونَ » (١) .

لفظ الحديث

حديث أسماء بنت عميس: أحمد بن صالح المصريّ، بسنده عن أمّ جعفر،

____________________

(١) يونس: ٣٢.

٢١٢

عن أسماء بنت عميس(١) أنّ النبيّ صلّي الظهر بالصَهباء، ثمّ أرسل عليّاً في حاجة، فرجع وقد صلّى النبيّ العصر، فوضع النبيّ رأسه في حجر عليّ فلم يحرّكه حتّى غابت الشمس، فقال النبيّ: اللّهمّ إنّ عبدك عليّاً احتبس بنفسه على نبيّك، فردّ عليها شرقها. قالت أسماء: فطلعت الشّمس حتّى وقعت على الجبال وعلى الأرض ثمّ قام فتوضّأ وصلّى العصر، ثم غابت، وذلك في الصهباء.(٢)

وأيضاً أبو جعفر الطّحاويّ، عن أسماء قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ، فلم يصلّ العصر حتّى غربت الشمس، فقال له رسول الله: صلّيتَ يا عليّ؟ فقال: لا، فقال النبيّ: اللّهمّ إنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردُد عليه الشمس. قالت أسماء: فرأيتها قد غربت، ثمّ رأيتها قد طلعت

____________________

(١) أسماء بنت عميس بن معد الخَثْعميّة، أسلمت قديماً، قبل دخول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دار الأرقم بمكّة، وبايعت وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها: جعفر بن أبي طالب، فولدت له هناك عبد الله ومحمّداً وعوناً، ثمّ قُتل عنها جعفر بمؤتة شهيداً في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة.

وأسماء أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخت لبابة أمّ الفضل زوجة العبّاس بن عبد المطّلب. ولمّا قدمت أسماء من أرض الحبشة قال لها عمر: يا حبشيّة! سبقناكم بالهجرة. فقالت: أي لَعمْري لقد صدقتَ، كنتم مع رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يطعم جائعكم ويعلّم جاهلكم وكنّا البعداء الطّرداء، أما والله لآتين رسول الله، فلأذكرنّ ذلك له. فأنت أسماء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته؛ فقال: «كذِب مَن يقول ذلك، لكم هجرتان: هاجرتَم إلى النجاشيّ، وهاجرتم إليّ». والقاسم بن محمّد، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن شدّاد بن الهاد وهو ابن أختها، وابن المسيّب، وغيرهم (الطبقات الكبرى ٨: ٢١٩ / ٤٢٢٩، أسد الغابة ٧: ١٤ / ٦٧٠٦، حلية الأولياء ٢: ٧٤، الاستيعاب ٤: ٢٣٦).

(٢) مشكل الأثار للطحاويّ ٤: ٣٨٨.

٢١٣

بعد ما غربت.(١)

رواه ابن عساكر بنفس اللّفظ في مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣٧٨ / الحديث ٨٠٧، وابن المغازليّ في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب: ٩٦ / الحديث ١٤٠، والقاضي عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ٢٤٠، والگنجيّ الشافعي في كفاية الطالب: ٣٨٨، والعينيّ في عمدة القاري شرح البخاري ٧: ١٤٦، والمحبّ الطبريّ في الرياض النّضرة ٢: ١٧٩.

الحسين بن عليّعليه‌السلام

عن فاطمة بنت حسين، عن الحسين قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجر عليّ، وكان يوحى إليه، فلمّا سرى عنه قال: يا عليّ، صلّيتَ العصر؟ قال: لا. قال: اللّهمّ إنّك تعلم أنّه كان في حاجتك وحاجة رسولك، فُرّد عليه الشمس. فردّها عليه، فصلّى وغابت الشمس.(٢)

أبو هريرة: أخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة قال: نام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورأسه في حِجْر عليّ، ولم يكن صلّى العصر حتّى غربت الشمس. فلمّا قام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا له، فُردّت عليه الشمس حتّى صلّى، ثمّ غابت ثانية.(٣)

ورواه السخاويّ في (المقاصد الحسنة: ٢٢٦). قال السيوطيّ: وذكره

____________________

(١) نفسه ٢: ٨ و ٤: ٣٨٨، والخصائص الكبرى للسيوطيّ ٢: ١٣٧، وتذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزيّ: ٥٣.

(٢) الذّرّيّة الطاهرة للدولابيّ (ت ٣١٠ هـ): ١٢٩ / الحديث ١٥٦. ينابيع المودّة: ١٣٨.

(٣) الخصائص الكبرى للسيوطيّ ٢: ١٣٧.

٢١٤

الحسكانيّ في رسالة ردّ الشمس / الحديث ٩.

حديث جابر: وممّن ذكره الحديث: الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ؛ ففي الخصائص الكبرى ٢: ١٣٧، قال: وأخرج الطبرانيّ بسندٍ حسَن عن جابر: أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر الشمس فتأخّرت ساعةً من نهار. وذكره الهيتميّ في مجمع الزوائد ٨: ٢٩٦، قال: رواه الطبرانيّ في الأوسط وإسناده حسَن.

حديث أبي رافع: واسمه أسلم، وكان عبداً للعبّاس بن عبد المطّلب فوهبه للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا بشّر رسول الله بإسلام العبّاس أعتقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . شهد أحداً والخندق والمشاهد كلّها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزوّجه رسول الله سَلمى مولاته، وشهدت معه خيبر، وولدت لأبي رافع عبيد الله بن أبي رافع وكان كاتباً لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

مات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بن عفّان، وله عقب.(١)

بسندٍ عن أبي رافع قال: رقَد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على فخذ عليّ وحضرت صلاة العصر، ولم يكن عليّ صلّى، وكره أن يوقظ النبيّ حتّى غابت الشمس، فلمّا استيقظ قال: ما صلّيت أبا الحسن؟ قال: لا يا رسول الله. فدعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرُدّت الشمس على عليّ كما غابت، حتّى رجعت لصلاة العصر في الوقت، فقام عليّ فصلّى العصر، فلمّا قضى صلاة العصر غابت الشمس، فإذا النجوم مشتبكة!

أخرجه ابن المغازليّ الشافعيّ في: مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب: ٩٨ /

____________________

(١) الطبقات الكبرى ٤: ٥٤ / ٣٥٨.

٢١٥

الحديث ١٤١.

ابن عبّاس: محمّد بن سلمة(١) ، عن خُصَيف(٢) ، عن مجاهد، قال: قيل لابن عبّاس: ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟ فقال: ذكرت واللهِ أحدَ الثّقلين! سبق بالشهادتين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وأُعطي السِّبطين الحسن والحسين، ورُدّت عليه الشمس مرّتين بعدما غابت عن الثّقلين، وجرّد السّيف تارتين، وهو صاحب الكَرّتَين، فمَثَلُه في الأمّة مَثَل ذي القَرنَين؛ ذلك مولاي عليّ بن أبي طالب.(٣)

إذن: إنّ ما أكبره ابن تيميه وأنكره من ردّ الشمس لأمير المؤمنين عليّعليه‌السلام بدعاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يقع مرّة واحدة، ولكن وقع مرّتين كما قاله ابن عبّاس. ولم يكن راويه امرأةً كما قال ابن تيميه! ويعني بذلك: جُوَيرية ابن مُسهر العبديّ؛ وقد مضت ترجمته ووقفنا على حُسن حاله كما لم يكن مصدرنا لرافضيّ - كذا - وإنّما هو لأحد أعلام الحنفيّة.

____________________

(١) محمّد بن سَلَمه بن كُهيل الحضرميّ - مضت ترجمة أبيه - روى عنه سفيان بن عُيَينة. وروى محمّد بن سلمة عن أبيه (الطبقات الكبرى ٦: ٣٥٦ / ٢٦٦٢، رجال الطوسيّ: ٢٨٩، وذكره في أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام وقال: أسند عنه).

(٢) خُصَيف بن عبد الرحمان، ويكنّى أبا عون من أهل حرّان، مولى لعثمان وكان ثقة، مات سنة سبع وثلاثين ومائة (الطبقات الكبرى ٧: ٣٣٤ / ٣٩٦٠، وقال العجليّ: ثقة: ١٤٣ / ٣٨١. وكذلك ابن معين ٢: ٣٢٧ / ٥٠٩٧ والدولابيّ في الكنى والأسماء ٢: ١٤٨).

(٣) المناقب للخوارزميّ: ٣٣٠ / الحديث ٣٤٩. وفي جواب ابن عبّاس مفردات من مناقب عليّعليه‌السلام أنكرها ابن تيميه حسب منهجه، مثل: حديث الثقلين، وسابقة عليّ، نعرض لها في محلّها.

٢١٦

وقد ذكر الخبر الشريف الرضيّ المتوفّى سنة ٤٠٦ هـ في كتابه: خصائص أميرالمؤمنينعليه‌السلام : ٢٤ - ٢٥؛ ذكر عن: جويرة بن مسهر قال: قطعنا مع أميرالمؤمنين جسر الصراة في وقت صلاة العصر، فقال: إنّ هذه أرضٌ معذّبة لا ينبغي لنبيّ ولا وصيّ أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلّ.

قال: فتفرّق الناس يَمنةً ويَسرةً، وقلتُ أنا: لأقلّدنّ هذا الرجل ديني ولا أصلّي حتّى يصلّي. قال: فسرنا، وجعلت الشمس تنتقل، وجعل يَدْخُلني من ذلك أمرٌ عظيم، حتّى وجبت الشمس وقطعت الأرض، قال: فقال: يا جويرةُ أذّن، فقلت: تقول لي أذّن وقد غابت الشمس؟! قال: فأذّنت. ثمّ قال لي: أقم، فأقمت. فلمّا قلت: قد قامت الصلاة، رأيت شَفَتَيه تتحرّكان، وسمعت كلاماً كأنّه كلام العِبْرانيّة. قال: فرجعت الشمس حتّى صارت في مثل وقتها في العصر، فصلّى، فلمّا انصرف هَوَت إلى مكانها واشتبكت النّجوم. قال: فقلت أنا: أشهد أنّك وصيُّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا جويرة، أما سمعتَ الله يقول:« فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ) (١) فقلت: بلى، فقال: إنّي سألت ربّي باسمه العظيم، فردّها عَلَيّ.

وذكر الخبر الفضل بن شاذان بن جبرائيل المتوفّى سنة ٦٦٠ هـ في كتابه الفضائل: ٨٨ - ٦٩، مع اختلاف في بعض الألفاظ، ثمّ قال: ورُدّت لهعليه‌السلام في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة، وقد كان النبيّ قد غشيه الوحي، فوضع رأسه في حِجْر أميرالمؤمنين، وحضر وقت العصر فلم يبرح من مكانه وموضعه حتّى غربت

____________________

(١) الواقعة: ٩٦.

٢١٧

الشمس، فاستيقظ النبيّ وقال: (اللّهمّ إنّ عليّاً كان في طاعتك، فُردَّ عليه الشمس ليصلّي العصر)، فردّها الله عليه بيضاء نقيّة، حتّى صلّى ثمّ غابت وقال السيّد الحميريّ (١) في ذلك قصيدته المعروفة بالمذهّبة ومنها:

____________________

(١) ترجم له أبو الفرج الأصبهانيّ عليّ بن الحسين المتوفّى سنة ٣٦٥ هـ في كتابه الأغاني ٧: ٢٢٩ قال: السيّد الحِمْيَريّ: إسماعيل بن محمّد بن يزيد بن ربيعة بن مُفرّغ الحِمْيَريّ، يكنّى أبا هاشم، توفّي سنة ١٧٩ هـ له أشعار في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ؛ فمن قصيدة له:

إنّ يوم التطهير يومٌ عظيمٌ

خُصّ بالفضل فيه أهل الكساء

(الأغاني: ٢٣٩)، إشارةً منه إلى حديث الكساء ونزول آية التطهير في النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

قال: تلاحى رجلان من بني عبد الله بن دارم في المفاضلة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرضيا بحكم أوّل من يطلع، فطلع السيّد، فقاما إليه وهما لا يعرفانه، فقال له مفضّل عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : إنّي وهذا اختلفنا في خير الناس بعد رسول الله، فقلت: عليّ بن أبي طالب. فقطع السيّد كلامة ثمّ قال: وأيّ شيء قال هذا الآخر ابن الزانية! فضحك من حضر، وجَم الرجل ولم يِحُر جواباً (الأغانيّ ٧: ٢٤١).

ومن قصيدة له جاء فيها:

أُقسم باللهِ وآلائهِ

والمرء عمّا قال مسؤولُ

إن عليّ بن أبي طالبٍ

على التّقى والبرّ مجبول

(الأغاني ٧: ٢٤٧).

وقال ابن سليمان بن عليّ - بن عبد الله بن العبّاس - يعرّض بالسيّد: أشعر الناس والله الذي يقول:

محمّدٌ خيرُ من يمشي على قدمٍ

وصاحباه وعثمانُ بن عفّانا

فوثب السيّد وقال: أشعرُ والله منه الذي يقول: =

٢١٨

رُدّت عليه الشّمسُ لما فاتَهُ

وقتُ الصلاة وقد دنت للمغرب

حتّى تبلّجَ نورُها في وقتها

للعصر، ثم هَوتْ هُويَّ الكوكب

وعليه قد حُبست ببابل مرّة

أُخرى، وما حُبست لخلق معرب

إلاّ ليوشع أو له، ولجِسِها

ولردّها تأويلُ أمرٍ مُعجْبِ

عود الشمس بعد مغيبها - لنبيّ الله سليمانعليه‌السلام -

جرى الحديث مع ابن تيميه وفق دعواه في تكذيب حديث ردّ الشمس لأميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام بدعاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فطعن في رواته، مع جلالتهم ووثاقتهم وتقدّمهم على ما ظهر لنا فيما تقدّم، فسقط بذلك أقوى ركني دعواه.

وتمسّك مضطرّاً بحديث ردّ الشمس ليوشع النبيّعليه‌السلام ، لكنّه قال: لم تردّ له الشمس، ولكن تأخّر غروبها، طُوِّل له النهار، فأغمض عمّا أخرجه العلماء من ردّ الشمس على يوشع لياليَ سار إلى بيت المقدس، وأيضاً عود الشمس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بعد غروبها، في خيبر. وقد ذكرنا ذلك فيما مضى، وحان الآن أن نتكلّم عن ردّ الشمس في موضع آخر، فقد ردّت على نبيّ الله سليمان ابن داودعليهما‌السلام ، وصرح القرآن بذلك ممّا يعني أنّ ردّ الشمس بعد غروبها جرى أكثر من مرّة،

____________________

=

سائلْ قريشاً إذا ما كنت ذا عمهٍ

من كان أثبتَها في الدِّين أوتادا

من كان أعلمها علماً، وأحلمَها

حلماً، وأصدقَها قولاً وميعادا

إن يصدقوك فلن يعدوا أبا حسنٍ

إن أنت لم تلق للأبرار حُسّادا

(الأغانيّ ٧: ٢٦٦).

وأشعاره كثيرة تنمّ عن ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا الذي أثار حفيظة ابن تيميه بشأنه.

٢١٩

زيادةً في إعجاز أنبيائه وكرامةً لأوليائه. ثمّ إنّ بين يوشع بن نون. وسليمانعليهما‌السلام ، فاصلة زمنيّة ليست بالقليلة، فمن بعد يوشع كان إسماعيل، ومن بعده استخلف الله تعالى داودعليه‌السلام ، فخلف سليمان أباه داودعليهما‌السلام .

القصّة في القرآن

« وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنّهُ أَوّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيّ الصّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبّي حَتّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدّوهَا عَلَيّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسّوقِ وَالْأَعْنَاقِ » (١) .

قال مقاتل:« إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيّ الصّافِنَاتُ الْجِيَادُ) يعنيّ بالصفن إذا رفعت الدّابّةُ إحدى يديها فتقوم على ثلاث ثوائم، (الجياد) يعني السِّراع؛ وذلك أنّ سليمان صلّى الأولى، ثمّ جلس على كرسيه لتعرض عليه الخيل، فغابت الشمس ولم يصلُّ العصر. فذلك قوله، « فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ » يعني المال، وهو الخيل الذي عُرض عليه عَنْ (ذِكْرِ رَبّي يعني صلاة العصر حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ). يعني غربت الشمس.

ثمّ قال: (رُدُّوهَا عَلَيَّ يعني كرّوها عليّ، فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ) يقول: فجعل يمسح بالسيف سُوقَها وأعناقها.(٢)

وبسنده أخرج عبد الرزّاق قال: أنبأنا معمر، عن الحسن وقتادة والكلبي،

____________________

(١) سورة ص ٣٠ - ٣٣.

(٢) تفسير مقاتل بن سليمان الأزديّ (ت ١٥٠ هـ) ٣: ١١٨، وأيضاً تفسير مقاتل ٣: ٨،(عَشِيًّا) الروم: ١٨ - قال: صلاة العصر.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492