ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه12%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169160 / تحميل: 5893
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

هذا هو التلوّن والتزلزل، وعدم سكون الريح.

تلوّنٌ فظيع يجرّ إلى الكفر والارتداد، لأنّه إنكارٌ للحقّ بعد معرفته، وبغيٌ على الإمام بعد معرفة لزوم مودّته.

وقد رُوي أنّه سأله الأصبغ بن بناتة في محضر معاوية فقال له: ـ

يا صاحب رسول الله، إنّي احلفك بالله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة، وبحقّ حبيبه محمّد المصطفى صلى الله عليه وآله إلّا أخبرتني:

أشهدتَ غديرَ خمّ؟

قال أبو هريرة: بلى شهدته.

فقال الأصبغ: فما سمعته يقول في عليّ عليه السلام؟

قال أبو هريرة: سمعته يقول: مَن كنتُ مولاه فعليٌ مولاه، اللَّهُمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصُر مِن نصره، واخذُل من خذله.

فقال له الأصبغ: فأنت إذاً واليت عدوّه، وعاديت وليّه.

فتنفّس أبو هريرة الصعداء، وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون (1) .

ومن عجيب التلوّن والتزلزل وعدم الثبات تزلزل الزبير بن العوّام ابن عمّة النبيّ صلى الله عليه وآله وابن عمّة أمير المؤمنين عليه السلام، لذي هو عبرة لمن اعتبر ودرسٌ لمن تدبّر.

حيث إنّه بعد سابقة إيمانه، وخدمته، وولائه لعليّ عليه السلام، أصبح محارباً له وباغياً عليه، ومؤجّجاً لفتنة الجمل والعمل الأرذل (2) .

فالصحيح الحقّ، والخُلق الأليق، أن يكون إيمان المرء ثابتاً مستقرّاً، ويكون في حياته ساكناً، غير متزلزل.

__________________

(1) لاحظ السفينة / ج 8 / ص 672، وتلاحظ لمزيد معرفة حاله ووضاعته كتب الرجال.

(2) راجع سفينة البحار / ج 3 / ص 444.

١٨١

والمطلوب هو الإيمان المستقرّ الذي أشار إليه قوله عزّ اسمه: ـ

( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ) (1) .

ويتحقّق ذلك في الإنسان بعون الله تعالى، وببركة أهل البيت عليهم السلام بملازمتهم وعدم مفارقتهم.

ففي حديث الإمام الرضا عليه السلام: ـ «مَن لزَمناه لزمناه، ومَن فارقنا فارقناه» (2) .

والمؤمن الحقيقي ثابت القدم في إيمانه، ومتصلّبٌ في عقيدته.

قال عزّ اسمه: ـ ( يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظَّالِمِينَ ) (3) .

وفي حديث الإمام الباقر عليه السلام: ـ (المؤمن أصلب من الجبل، الجبل يُستقلّ منه، والمؤمن لا يُستقلّ من دينه شيء) (4) .

__________________

(1) سورة الأنعام: الآية 98.

(2) وسائل الشيعة / ج 18 / ص 92 / باب 10 / ح 13.

(3) سورة إبراهيم: الآية 27.

(4) اُصول الكافي / ج 2 / ص 189.

١٨٢

(11)

وطيب المخالقة

المخالقة: مفاعلة من الخُلق بضمّتين، يعني: المعاشرة.

يُقال: خالَقَ القوم أي عاشرهم بخلق حَسَن.

فتكون المخالقة هنا بمعنى المعاشرة مع الناس.

والطيب: هو الحسن الذاتي، ويُطلق على ما هو طيّبٌ واقعاً وذاتاً، لذلك يطلق على العطور بأنّها طيب، ولا يقال للشيء المعطّر بأنّها طيب، بل يقال: إنّه مطيّب.

وفيها نحن فيه المعاشرة مع الناس قد تكون بسجيّة طيّبة، وقد تكون بسجيّة غير طيّبة.

وفي هذا الدّعاء الشريف عبّر الإمام عليه السلام بطيب المخالقة، ولم يقل حسن المخالقة، إشارة إلى طلب السجيّة الطيّبة الذاتيّة الواقعيّة، والعلاقة الودّية الحقيقيّة، فهي التي تكون حلية الصالحين، وزينة المتّقين.

دون العلاقة الحسنة الظاهريّة، التي قد تكون مراوغة وحيلة إذا لم تطابق قلب الإنسان وباطنه..

فإنّك ترى أنّه قد يعاشر أحدٌ مع شخصٍ، فيُحسن في معاشرته ويضاحكه

١٨٣

ويمازحه ويلاطفه بلسانه، مراوغةً مصانعةً، لا حقيقة، وهذه مخالقة غير طيّبة، بل غير حسنة كما هو المنقول عن شريح القاضي الذي ضُرب به المثل في مراوغاته ومصانعاته فقيل:

(شريح أدهى من الثعلب).

في قضيّةٍ ينقلها الشعبي، وجاء ذكره في كتاب الدميري (1) .

فالطيب من المخالقة هي التي تكون حقيقيّة واقعيّة، ويستمرّ عليها حتّى تصير سجيّة ذاتيّة، وهي المطلوبة في الدعاء الشريف.

والاُسوة والقدوة في المخالقة والمعاشرة الطيّبة مع الناس هم أهل البيت عليهم السلام الذين طابت معاشراتهم مع الناس في جيميع أدوار حياتهم، في حكومتهم وغير حكومتهم، مع أصحابهم وغير أصحابهم، مع أوليائهم وأعدائهم، حتّى مع خدّامهم.

كانت معاشراتهم معهم طيّبة حقيقيّة، وصافية صفو الماء الزلال، وصادقةً صدق الحقّ الأبلج، كما تلاحظ ذلك بوضوح في سيرتهم الغرّاء، وحياتهم المباركة.

ومن أمثلة ذلك: ـ

1 ـ أمير المؤمنين عليه السلام... ذهب إلى السوق، واشترى ثوبين، أحدهما بدرهمين، والآخر بثلاث دراهم.

فأعطى الثوب ذا الثلاث دراهم لخادمه قنبر المعاشر معه، ولبس هو عليه السلام الثوب ذا الدرهمين.

2 ـ الإمام الحسين عليه السلام.. وهب بستانه لغلامه صافي، حتّى أنّه استأذن منه لدخوله هو إلى البستان.

وهبه له لكونه غلاماً شكوراً، ومُنفقاً من طعامه على كلب البُستان، فأحسن الإمام في عشرته.

__________________

(1) حياة الحيوان / ج 1 / ص 173.

١٨٤

3 ـ الإمام الصادق عليه السلام.. أبطأ عليه خادمه ونام ويم ينجز ما طلبه الإمام منه، فسار الإمام عليه السلام في طلبه فوجده نائماً، فجلس عند رأس الخادم، يروّح له بيده حتّى لا يصيبه الحرّ.

وفي برهةٍ من الزمان كان الإمام الصادق عليه السلام مبعّداً إلى الحيرة (1) من قبل المنصور الدوانيقي الذي عادى الإمام عليه السلام، محاربةً لعلمه الإلهي، ومعارضةً لحقّه الشرعي، وإغلاقاً لباب أهل البيت عليهم السلام الذين كانوا الأصحاب الحقيقيّين لخلافة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.

وحين وجود الإمام الصادق عليه السلام في الحيرة كان معه خادمه المعلّى بن خنيس، وفي ليلة من تلك الليالي التي كانت من ليالي الصيف، أمر الإمام عليه السلام أن يُفرش له فراشه في الصحراء، ليكون نومه وعبادته هناك.

وأمرَ أن يُؤتى بسراجٍ ومركبٍ له وللمعلّى بن خنيس.

فجيء بسراجٍ وبغلةٍ وحمار..

فركب هو عليه السلام الحمار، وأمر المعلّى أن يركب البغل الذي هو أحسن من الحمار، فذهبوا إلى الصحراء، ثمّ ذهبوا من هناك إلى زيارة مرقد أمير المؤمنين عليه السلام، فتلاحظ طيب عشرته مع خادمه حيث فضّله على نفسه في المركب إيثاراً.

4 ـ الإمام الرضا عليه السلام.. كان يجلس على مائدة الطعام مع غلمانه وخَدَمه، وهو سلطان الدِّين والدّنيا والآخرة.

حتّى في حال مسموميّته وتألّمه لم يترك ذلك، بل كان يعاشرهم بأطيب المخالقة، وأفضل معاشرة.

__________________

(1) الحيرة: كانت بلدة على بُعد 5 كيلومترات من جنوب الكوفة كما في المنجد / ص 170.

١٨٥

وهكذا سائر الأئمّة المعصومين عليهم السلام، الذين هم أشرف خلق الله تعالى، ترى أنّهم كانوا يحسنون المعاشرة الطيّبة مع جميع طبقات الخلق، ويأمرون بحسن المعاشرة، وطلاقة الوجه مع المعاشرين.

ففي حديث الإمام الصادق عليه السلام قال: ـ

قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

يا بني عبد المطّلب، إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فألقوهم بطلاقة الوجه، وحُسن البُشر (1) .

وفي حديثٍ آخر: ـ

صنائع المعروف، وحُسن البُشر، يكسبان المحبّة، ويُدخلان الجنّة.. والبخل وعبوس الوجه يبعّدان من الله، ويُدخلان النار (2) .

وعن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً أنّه قال: ـ

عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة، وحضور الجنائز، إنّه لابدّ لكم من الناس... (3) .

وفي حديث أبي الربيع الشامي قال: ـ

دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام، والبيت غاصّ بأهله، فيه الخراساني، والشامي، ومن أهل الآفاق.

فلم أجد موضعاً أقعد فيه، فجلس أبو عبد الله عليه السلام وكان متّكئاً ثمّ قال: يا شيعة آل محمّد، إنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يُحسن صحبة من صَحِبَه، ومخالقة مَن خالقَه، ومرافقة مَن رافقَهُ، ومجاورة مَن جاورَهُ، وممالحة مَن مالحهُ.

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 84.

(2) اُصول الكافي / ج 2 / ص 85.

(3) اُصول الكافي / ج 2 / ص 464.

١٨٦

يا شيعة آل محمّد، اتّقوا الله ما استطعتم، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله (1) .

فطيب المخالقة، وحسن المعاشرة مع الناس، من الصفات الكريمة، والخصال المباركة التي تجعلنا من شيعة آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.

إذ هي من حلية الصالحين، وزينة الأتقياء..

والمتّقون الصالحون هم شيعة أهل البيت عليهم السلام.

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 465.

١٨٧

١٨٨

(12)

والسَّبقِ إلى الفضيلة

السَبْق بسكون الباء هو: التقدّم...

يُقال: سَبَق إلى الشيء سبْقاً يعني: تقدّم إليه وخلَّفَ غيره.

والفضيلة: مقابل الرذيلة والنقيصة.

ومعنى الفضيلة هي الدرجة الرفيعة والمقام الرفيع.

وكذلك ما يوجب تلك الدرجة والمقام، كالإحسان إلى الخلق، وإعانة الضعيف، وكفالة اليتيم، وإغاثة الملهوف، والانتصار للمظلوم، وإطعام الطعام، ونشر العلم، وجهاد العدوّ، والمجاهدة مع النفس، وإتيان اُمور الخير، كلّ ذلك من موجبات الفضيلة.

والمطلوب في هذه الفقرة من الدعاء الشريف هو ما يكون من حلية الصالحين وزينة المتّقين، وهو استباقهم وحيازتهم قصب السبق في درك الفضائل، والأعمال الخيريّة التي توجب الفضيلة والدرجة الرفيعة.

والتسابق إلى مفاضل الأعمال، وصنائع الخيرات فضلٌ محبوب ومرغوب رُغّب فيه شرعاً وعقلاً، وكتاباً وسنّةً.

١٨٩

قال تعالى: ـ

( وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) (1) .

وقال عزّ اسمه: ـ

( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (2) .

وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: ـ

(مَن فُتح له بابٌ من الخير فلينتهزه، فإنّه لا يدري متى يُغلق) (3) .

وعن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: ـ

(إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأوّلين والآخرين في صعيدٍ واحد، ثمّ ينادي منادٍ أين أهل الفضل؟

قال: فيقوم عُنقُ من الناس، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: ما كان فضلكم؟ فيقولون: كنّا نصِلُ مَن قطَعَنا، ونُعطي مَن حَرَمنا، ونعفو عمّن ظَلَمنا.

فيُقال لهم: صدقتم، اُدخلوا الجنّة) (4) .

وفي حديث الإمام الصادق عليه السلام لعمّار: ـ

(يا عمّار، أنت ربُّ مالٍ كثير؟

قال: نعم، جُعلتُ فداك.

قال عليه السلام: ـ فتؤدّي ما افترض الله عليك من الزكاة؟

قال: ـ نعم.

__________________

(1) سورة المائدة: الآية 48.

(2) سورة الواقعة: الآيتان 10 و 11.

(3) ميزان الحكمة / ج 7 / ص 444.

(4) مستدرك السفينة / ج 8 / ص 233.

١٩٠

قال عليه السلام: ـ فتصِل قرابتك؟

قال: ـ نعم.

قال عليه السلام: ـ فتصِل إخوانَك؟

قال: ـ نعم.

فقال عليه السلام: ـ يا عمّار، إنّ الماي يَفنى، والبدن يَبلى، والعمل يبقى، والديّان حيٌّ لا يموت.

يا عمّار: إنّه ما قدّمت فلن يسبقك، وما أخّرتَ فلن يلحقَك) (1) .

وفي حديثه الآخر: ـ

(أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفاً فقد أوصل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله) (2) .

والمثلُ الأعلى، والقدوة الأسمى في السّبق إلى الفضائل هم أهل البيت عليهم السلام، وفيهم نزل قوله تعالى: ـ ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) » (3) .

فهم عليهم السلام سبقوا الناس في جميع الفضائل منذ أوّل خلقهم في عالم الذرّ، إلى آخر حياتهم في عالم الدُّنيا...

وهم السابقون إلى الله تعالى في الدُّنيا والآخرة..

سبقوا إلى الجواب ببلى، عند سؤاله تعالى: في الذرّ.

وسبقوا إلى الخيرات في الدُّنيا.

وسبقوا إلى الجنّة في الآخرة.

ومَن غير عليّ عليه السلام كان سبّاقاً إلى الفضائل؟!

__________________

(1) الكافي / ج 4 / ص 27 / ح 7.

(2) الكافي / ج 4 / ص 27 / ح 8.

(3) تفسير الصافي / ج 5 / ص 120، وإحقاق الحقّ / ج 3 / ص 114.

١٩١

أليس كان هو السابق إلى الإسلام، وكان إسلامه عن فطرة، وإسلام الناس عن كفر (1) ؟

ألم يكن هو السابق إلى تفدية نفسه المباركة لرسول الله صلى الله عليه وآله في ليلة المبيت بين أربعمائة سيف من المشركين؟

وهل غيره سبق إلى الجهاد في سبيل الله، والجُهد في طاعة الله، والاجتهاد في عبادة الله؟

ولقد أجاد كافي الكفاة الصاحب بن عبّاد في وصف أمير المؤمنين عليه السلام في نثره وفي شعره.

قال في النثر الذي وصف به عليّاً وذكر نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: ـ

(صنوه الذي واخاه، وأجابه حين دعاه، وصدّقه قبل الناس ولبّاه، وساعده وواساه، وشيّد الدِّين وبناه، وهَزَم الشرك وأخزاه، وبنفسه على الفراش فداه، ومانَع عنه وحماه، وأرغَمَ من عانده وقلاه، وغسله وواراه، وأدّى دَينه وقضاه، وقام بجميع ما أوصاه، ذاك أمير المؤمنين لا سواه) (2) .

وقال في شعره في غديريّته المعروفة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام، أنشدها كمحاورةٍ سُئل فيها فأجاب في 25 بيتاً: ـ

قالت: فَمَنْ صاحبُ الدِّين الحنيف أجِب؟

فقلتُ: أحمدُ خيرُ السّادةِ الرُّسلِ

قالت: فَمَنْ بعدَه تُصفي الولاءُ له؟

قلت: الوصيّ الذي أربى على زُحلِ

قالت: فَمَنْ باتَ مِن فَوق الفراشِ فَدى؟

فقلت: أثيبُ خلقِ اللهِ في الوَهَلِ

__________________

(1) سُئل بعض العلماء: متى أسلم عليّ عليه السلام؟

فأجاب: ومتى كفر؟ حتّى يكون أسلم، إنّه جدّد الإسلام.

فهو عليه السلام وُلد على الإيمان وفطرة الإسلام ودين رسول الله صلى الله عليه وآله، وجدّده في البعثة.

(2) الكنى والألقاب / ج 2 / ص 368.

١٩٢

قالت: فَمَنْ ذا الذي آخاهُ عن مِقةٍ؟

فقلت: من حاز ردَّ الشمس في الطفلِ

قالت: فَمَنْ زُوَّج الزّهراء فاطمة؟

فقلت: أفضلُ مَن حافٍ ومُنتعلِ

قالت: فَمَنْ والدُ السبطين إذ فَرَعا؟

فقلت: سابقُ أهلِ السَبق في مَهَلِ

قالت: فَمَنْ فاز في بَدرٍ بمعجزها؟

فقلت: أضربَ خلقِ الله في القُللِ

قالت: فَمَنْ أسَدُ الأحزاب يفرسها؟

فقلت: قاتلُ عمروِ الضيغمِ البطلِ

قالت: فيومُ حُنين مَن فَرا وبَرا

فقلت: حاصدُ أهلِ الشِّركِ في عجلِ

قالت: فَمَنْ ذا دُعي للطّير يأكله؟

فقلت: أقربُ مَرضيٍّ ومُنتحِلِ

قالت: فَمَنْ تِلْوُه يومَ الكساء أجِب؟

فقلت: أفضلُ مَكسوٍ ومُشتمِلِ

قالت: فَمَنْ سادَ في يوم «الغدير» أَبِنْ؟

فقلت:: مَن كان للإسلام خيرُ وليّ

قالت: فَمفي مَن أتى في هل أتى شَرَفٌ؟

فقلتُ: أبذلُ أهلِ الأرض للنُفَلِ

قالت: فمَنْ راكعٌ زكّى بخاتمه؟

فقلت: أطعنهم مُذ كان بالاُسُلِ

قالت: فمَنْ ذا قسيمُ النار يُسهُمها؟

فقلت: مَن رأيُه أذكى من الشُّعلِ

قالت: فمَنْ باهَلَ الطّهرُ النبيُّ به؟

فقلت: تاليه في حِلٍّ ومُرتحِلِ

قالت: فمَنْ شِبْهُ هارونٍ لنعرِفُه؟

فقلت: مَن لم يُحِلْ يوماً ولم يزلِ

قالت: فمَنْ ذا غدا بابَ المدينة قُل؟

فقلت: مِن سألوهُ وهو لم يَسلِ

قالت: فمَنْ قاتَلَ الأقوامَ إذ نكثوا؟

فقلت: تفسيرُه في وقعةِ الجملِ

قالت: فمَنْ حارَبَ الأرجاسَ إذ قَسَطوا؟

فقلت: صفّين تُبدي صفحةَ العملِ

قالت: فمَنْ قارَعَ الأنْجاسَ إذ مَرَقوا؟

فقلت: معناه يومَ النّهروان جَلي

قالت: فمَنْ صاحبَ الحوضِ الشريف غداً؟

فقلت: مَن بيتُهُ في أشرف الحُللِ

قالت: فمَن ذا لواءَ الحمدِ يحملُه؟

فقلت: مَن لم يكن في الرّوع بالوَجِلِ

قالت: أكلُّ الذي قد قلتَ في رجلٍ؟

فقلت: كلُّ الذي قد قلتُ في رجلِ

قالت: فمَنْ هو هذا الفردُ سِمْهُ لنا؟

فقلتُ: ذاكَ أميرُ المؤمنينَ عليّ (1)

__________________

(1) الغدير / ج 4 / ص 40.

١٩٣

وهذه الدراسة تعطينا أنّ السبق إلى الفضيلة من مفاخر صفات الصالحين وسجايا المتّقين، المحبوبة عند ربّ العالمين، والشرع المبين، ومن موجبات عظيم الأجر والثواب في يوم الدِّين..

كلّ هذا مضافاً إلى نتائجه الحسنة في نفس هذه الحياة الدُّنيا، فإنّ السبق إلى الفضائل من صنائع المعروف التي تدفع مصارع السوء، وتحفظ الإنسان من البلايا العظيمة كما هو المجرّب المحسوس في قضايا المحسنين.

من ذلك ما حدّث بعض السادة الأجلّاء الثقات ما مضمونه: ـ

أنّه كان في بعض البلاد المقدّسة شخصٌ مؤمنٌ صالح، وكان رجلاً تاجراً متمكِّناً ثريّاً، يحبّ الخير، ويصنع الخير لمن يعرفه ومَن لا يعرفه، خصوصاً الزائرين.

رأى في بعض الأيّام أحد زوّار ذلك البلد المقدّس لم يحصّل على فندقٍ أو محلّ مسكنٍ يسكنه في مدّة زيارتهم هو وعائلته.

وكانت تلك الزيارة أوّل زيارتهم لذلك البلد المقدّس الذي لم يعرف فيه أحداً ولم يتعرّف على أحد.

وكانوا قد جلسوا على رصيفٍ في الطريق ينتظرون الحصول على غرفةٍ فارغة.

فصادفهم هذا التاجر المؤمن، وسألهم: لماذا أنتم جالسون هنا؟

قالوا: ننتظر الحصول على مكانٍ نستأجره ونسكنه.

فقال لهم: ـ لي بيتٌ واسع، ومكانٌ مناسب، ودارٌ مفروشة مع وجبات الطعام.

ففرحوا وأجابوا بالقبول، بعنوان أن يسكنوا في بيته، ثمّ يعطون له الاُجرة التي تدفع إلى الفنادق للسكن والطعام، ظنّاً منهم أنّ بيته معدّ لإيجار الزائرين.

فذهب بهم ذلك التاجر إلى بيته، وأكرمهم غاية الإكرام، وبقوا عنده عشرة أيّام، يخدمهم فيها بالإطعام والإكرام، بغاية الحفاوة والاحترام.

وحينما أرادوا الانصراف والرجوع إلى وطنهم حضّروا له النقود، لدفع ثمن

١٩٤

الإيجار والوجبات الغذائيّة، لكنّه لم يقبل منهم أيّ مال، وأدنى نقود.

وبالرغم من أنّهم أصرّوا عليه كثيراً بالقبول، لم يستجب لهم ذلك، وأجابهم بأنّي آخذ ثمن الإيجار والخدمة من الإمام عليه السلام بأكثر ممّا آخذه منكم، فليطيب خاطركم بذلك.

فتشكّروا منه، وودّعوه راجعين إلى بلدهم.

ومضت على ذلك الأيّام والسنين، ثمّ إنّ ذلك التاجر حدثت له مشكلة سياسيّة أدّت إلى أن يُسجن، ويحتمل عليه الإعدام..

واُجريت عليه لقاءات مع المسؤولين، وسؤال وجواب، ورتّبت له ملفّات شدّدت عليه الأمر.

وفي آخر الأمر جاء عنده في السجن أحد المسؤولين الكبار الذي كانت له درجة عسكريّة رفيعة، وبيده ملفّةٌ كبيرة تخصّني.

فنظر إليَّ مليّاً، ثمّ سألتي ألست أنت الحاجّ فلان، من أهل مدينة كذا، وتسكن دار كذا، في محلّة كذا؟

وأنا في كلّ المسائل اُجيبه بنعم، وتخيّلت أنّه يعرف هذه الخصوصيّات من الأسئلة التي طُرحت عليَّ سابقاً..

لكنّه قال لي: ـ أتعرفني؟

قلتُ في دهشةٍ: لا مع الأسف.

فرفع قُبّعته العسكريّة، وقال: هل عرفتني الآن؟

قلت: ملامحكم مأنوسة عندي، مَن أنتم؟

قال: أنا ذلك الشخص الذي نزلتُ مع عائلتي عندك في سنة كذا، وبقيتُ في بيتك عشرة أيّام، استضفتني فيها بكلّ كرامة.

ثمّ قال: هذه ملفّة إضبارتك التي تنتهي بإعدامك، لكن أنا اُمزّقها، واُسقط

١٩٥

حكم الإعدام قِبال ذلك العطف والإكرام، فمزّقها أمامي وحكم بتسريحي.

فنجوت من الإعدام والسجن بفضل السبق إلى ذلك العمل الخيري الذي عملته أنا محبّةً للإمام عليه السلام وزائريه.

١٩٦

(13)

وإيثار التفضّل

الإيثار: هو التقديم والاختيار على النفس.

قال تعالى: ـ ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) أي يقدّمون عليها.

ويُقال: آثرتُ ذلك أي اخترته، وفضّلته، وقدّمته.

والتفضّل: هو الابتداء بالإحسان.

فإنّ صنع المعروف والفعل الحَسَن قد يكون جزاءً وهو الإحسان..

وقد يكون تطوّلاً وابتداءً به وهو التفضّل، ومنه المواساة.

فالتفضّل هو الابتداء بالإحسان، وابتداء المعروف.

ومن حلية الصالحين وزينة المتّقين أنّهم يقدّمون غيرَهم على أنفسهم ويبتدئون بالفضل والإحسان.

وهو مرغوبٌ وممدوح كتاباً وسنّةً.

أمّا الكتاب فقوله تعالى: ـ

( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (1) .

__________________

(1) سورة الحشر: الآية 9.

١٩٧

وقد أجمع الفريقان في أحاديثهم أنّها نزلت في الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأهل بيته سلام الله عليهم (1) .

ففي حديث شيخ الطائفة الطوسي مسنداً أنّه جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وآله فشكا إليه الجوع.

فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بيوت أزواجه..

فقُلن: ما عندنا إلّا الماء.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لهذا الرجل الليلة؟

فقال عليّ عليه السلام: أنا له يا رسول الله، وأتى فاطمة عليها السلام وقال لها: ـ

هل عندك يا بنتَ رسول الله صلى الله عليه وآله شيء؟

فقالت: ما عندنا إلّا قوت العشيّة، لكنّا نُؤثِر ضيفنا.

فقال: يا ابنة محمّد نوّمي الصبية، واطفئي المصباح.

فلمّا أصبح عليّ عليه السلام غدا على رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخبره الخبر، فلم يبرح حتّى أنزل الله تعالى: ـ ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (2) .

وأمّا السنّة، فيستفاد فضل الإيثار والمواساة في أحاديث بابه مثل: ـ

1 ـ حديث المفضّل قال: كنتُ عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجلٌ: في كم تجب الزكاة من المال؟

فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟

فقال: اُريدهما جميعاً.

فقال: أمّا الظاهرة ففي كلّ ألف خمسة وعشرون درهماً.

__________________

(1) كنز الدقائق / ج 13 / ص 175، وإحقاق الحقّ / ج 9 / ص 144.

(2) أمالي شيخ الطائفة / ص 188.

١٩٨

وأمّا الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك (1) .

2 ـ حديث السعداني عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى: ـ

( فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (2) .

قال عليه السلام: ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ـ قال الله عزّوجلّ: ـ

لقد حقّت كرامتي ـ أو مودّتي ـ لمن يراقبني، ويتحابّ بجلالي..

إنّ وجوههم يوم القيامة من نور، على منابر من نور، عليهم ثيابٌ خُضر.

قيل: مّن هم يا رسول الله؟

قال: قومٌ ليسوا بأنبياء، ولا شهداء، ولكنّهم تحابّوا بجلال الله، ويدخلون الجنّة بغير حساب، نسأل الله أن يجعلنا منهم برحمته (3) .

3 ـ حديث الطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: ـ

اُتيَ رسول الله صلى الله عليه وآله بأسيرين ـ يهوديّين مستحقّين للقتل ـ فأمر النبيّ بضرب عنقهما، فضُرب عنق واحدٍ منهما، ثمّ قُصد الآخر.

فنزَلَ جبرئيل فقال: ـ يا محمّد، إنّ ربّك يقرؤوك السلام، ويقول: ـ لا تقتله، فإنّه حسن الخلق سخيُّ قومه.

فقال اليهودي تحت السيف: هذا رسول ربّك يخبرك؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم.

قال: والله ما ملكتُ درهماً مع أخ لي قطّ، ولا قطبتُ وجهي في الحرب، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّك محمّد رسول الله.

__________________

(1) بحار الأنوار / ج 74 / ب 28 / ص 396 / ح 24.

(2) سورة غافر: الآية 40.

(3) بحار الأنوار / ج 74 / ب 28 / ص 396 / ح 25.

١٩٩

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا ممّن جرّه حسنُ خلقه وسخاؤه إلى جنّات نعيم (1) .

وعليه فالإيثار والمواساة فضيلة ممدوحة، وخليقة طيّبة، بدليل الكتاب والسنّة.

وأهل البيت عليهم السلام هم القدوة في إيثار التفضّل، والابتداء بالفضل والإحسان إلى الغير.

وقد آثروا على أنفسهم ثلاثة أيّام في سبيل الله مسكيناً ويتيماً وأسيراً، لا يريدون بذلك منهم جزاءً ولا شكوراً، إلّا رضا الله تعالى، فخصّهم الله بسورة الدهر، كما تلاحظه في جميع تفاسير الفريقين.

ودراسة موجزة في إنفاقاتهم تعطيك صورة واضحة عن أنّهم كانوا قمّة الخلق في الإيثار والمواساة.

من ذلك ما تقرأه في باب إنفاقات أمير المؤمنين عليه السلام (2) .

كإيثاره بالتصدّق بجميع أمواله، ووقف عيون ماءه، وتخصيص حوائطه وبساتينه للفقراء والمساكين، ولم يدّخر لنفسه ديناراً ولا درهماً، ولا حطاماً من حطام الدُّنيا.

قال أبو الطفيل: رأيت عليّاً عليه السلام يدعو اليتامى فيطعمهم العسل ويلعقهم ذلك، حتّى قال بعض أصحابه: لوددتُ أنّي كنتُ يتيماً.

في حين لم يشبع هو من خبز الشعير، ولم يأكل خبز البُرّ، وكان إدامُه الملح فقط، وربما ائتدم باللبن الحامض كما في حديث سويد بن غفلة.

وكان يقول: ـ (أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ، وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَلا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ) (3) .

__________________

(1) مشكاة الأنوار / ص 231.

(2) لاحظ بحار الأنوار / ج 41 / ص 24 / باب إنفاقات أمير المؤمنين عليه السلام.

(3) نهج البلاغة / الكتاب 45.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

المنافق؟ قلنا: في النار؛ قال: فعليّ قسيم النار.(١)

وبكلام أحمد، وما ذكرناه عن الأثبات، تبيّن أنّ صاحب الرؤيا أخطأ في تشخيص قسيم الجنّة؛ فأثبت أحمدُ بن حنبل أنّ قسيم النار والجنّة هو عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

عن عبد الله بن المثنّى(٢) ، عن عمّه ثُمامة بن عبد الله بن أنس(١) ، عن أبيه عن

____________________

= ومعمر بن راشد... وغيرهم. روى له: البخاريّ، والترمذيّ، وابن ماجة (تهذيب الكمال للمزّيّ ٢٤: ٣٥٩ و ٢١: ٢٣٢ / ٤١٧٨).

عن أبي سعيد الخدريّ قال: ما كنّا نعرف منافقي هذه الأمّة إلاّ ببغضهم عليّاً (جامع الترمذيّ - المناقب / الرقم ٣٨٠٠، أسد الغابة ٤: ١١٠، تاريخ الإسلام للذهبيّ ٣: ٦٣٤٠).

وأخرج ابن أبي شيبة بسنده عن عاصم - عاصم بن ضَمْرة السّلوليّ من قيس عَيْلان، روى عن عليّ وتوفّي بالكوفة في ولاية بشر بن مروان، وكان ثقةً، وله أحاديث. (الطبقات الكبرى ٦: ٢٤٥ / ٢٢١٧ - ووثّقه العجليّ: ٢٤١ / ٧٣٩) عن زرّ قال: قال عليّ: لا يُحبّنا منافق، ولا يبغضنا مؤمن) (المصنّف لابنِ أبي شيبة ٧: ٥٠٣).

أبو الزبير - واسمه محمّد بن مسلم بن تَدّرُس - عن عطاء قال: كان أبو الزبير أحفظَنا لحديث جابر؛ وكان ثقةً كثير الحديث (الطبقات الكبرى ٦: ٣٠ / ١٥٧٥، الجرح والتعديل ٨: ٨٤) - عن جابر قال: ما كنّا نعرف منافقي هذه الأمّة إلاّ ببغضهم عليّاً) (الاستيعاب ٣: ٤٦ و ٤٧، مختصر تاريخ دمشق ١٨: ١٥، تاريخ الإسلام للذهبيّ ٣: ٦٣٤).

(١) طبقات الحنابلة للقاضي أبي يعلى ١: ٣٢٠، كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب، للقنجي الشافعيّ: ٧٢. ٢: ١٦٢ / ١٢٦٧، الإصابة ١: ٥٧٧.

(٢) عبد الله بن المثنّى بن عبد الله بن أنس بن مالك، ثقة. تضمينات ابن حجر لتاريخ الثّقات للعجليّ ٢٧٦ / ٨٧٧.

٢٤١

جدّه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كان يومُ القيامة ونُصِب الصراط على شَفير جهنّم، لم يَجُزْ إلاّ من معه كتابُ ولاية عليّ بن أبي طالب».(٢)

الحسن بن أبي الحسن البصريّ، عن أنس بن مالك، عن أبي بكر، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «إنّ على الصراط لَعَقبةً لا يجوزها أحد إلاّ بجواز من عليّ أبي طالب».(٣)

عليّ قسيم النار والجنّة

الحكمة في كونهعليه‌السلام قسيم النار والجنّة، هي أنّ محبّته وموالاته حبٌّ وولاءٌ لرسول الله - أثبتنا ذلك من الحديث حول آية التصدّق حال الركوع - وما سيأتي من كلام قرآناً وسنّةً.

حبيب بن أبي ثابت(٤) ، عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس، قال: قال رسول

____________________

(١) ثمامة بن عبد الله بن أنس، بصريّ، تابعيّ، ثقة (تاريخ الثقات للعجليّ ٩١ / ١٨٨، الثّقات لابن حبّان ٢: ٥٥ / ٣٩٥).

(٢) مناقب الإمام عليّ لابن المغازلي: ٢٤٢، ميزان الاعتدال ١: ٢٨، حلية الأولياء ١: ٢٤١، ينابيع المودّة: ١١٣ - ١١٤.

(٣) تاريخ بغداد للخطيب البغداديّ ١٠: ٣٥٧.

(٤) ذكره البرقيّ في أصحاب عليّ بن الحسين  السجّادعليه‌السلام (رجال البرقيّ: ٩). وقال العجليّ: حبيب ابن أبي ثابت الأسديّ: ثقة، تابعيّ، وكان مفتي الكوفة قبل حمّاد بن أبي سليمان؛ سمع من ابن عمر ومن ابن عبّاس، وكان ثبتاً في الحديث (تاريخ الثقات للعجلي ٨٠٥ / ٢٤٤) قال يحيى بن معين: حبيب بن أبي ثابت، أبو يحيى، يحدّث عن عروة بن عامر (تاريخ ابن معين ١: ٢٤٢ / =

٢٤٢

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالب: «أنت الطريق الواضح، وأنت الصراط المستقيم، وأنت يَعْسُوب المؤمنين».(١) وبذا يكون مَن سلك نهجه فقد نهج الطريق الموصل إلى الجنّة، والحائد عنه ضالّ متردٍّ في جهنّم. وعليّعليه‌السلام هو نفسُ رسول الله، نصّ على ذلك القرآن في آية المباهلة، ولا يكون المتأسّي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ في أعلى علّيّين.

____________________

= ١٥٨٥، والكنى والأسماء للدولابيّ ٢ / ١٦٦، وتاريخ البخاريّ الكبير ١: ٢ / ٣١٣، والجرح والتعديل ٣ / ٤٩٥).

قال يحيى بن مَعين: عن أبي بكر بن عيّاش: لم يكن بالكوفة إلاّ ثلاثة أنفس: حبيب بن أبي ثابت، وحمّاد بن أبي سليمان، وآخر. قيل ليحيى: حبيبٌ ثبت؟ قال: نعم (تاريخ يحيى ٢: ١٧ / ٢٩٢٥). وذكره خليفة بن خيّاط في (طبقاته - في الطبقة الرابعة من مُضر الكوفة ٢٦٩ / ١١٧٥). وترجم له ابن سعد قال: حبيب بن أبي ثابت الأسديّ، مولى كاهل، ويكنّي «أبا يحيى، واسم أبي ثابت قيس بن دينار».

سفيان عن حبيب بن أبي ثابت قال: طلبتُ العلم وما لي فيه نيّة، ثمّ رزق الله النية.

قال: وكان أبو بكر بن عيّاش يقول: كان بالكوفة ثلاثة ليس لهم رابع: حبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عُتَيبة وحمّاد بن أبي سليمان، وكان هؤلاء أصحاب الفُتْيا وهم المشهورون، وما كان بالكوفة أحد إلاّ يَذِلّ لحبيب. قال الفضل بن دُكين ومحمّد بن عمر: مات حبيب  بن أبي ثابت سنة تسع عشرة ومائة (الطبقات الكبرى ٦: ٣٢٠).

(١) شواهد التنزيل للحسكانيّ الحنفيّ ١: ٧٦.

قال: وكان أبو بكر بن عيّاش يقول: كان بالكوفة ثلاثة ليس لهم رابع: حبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عيبة وحمّاد بن أبي سليمان، وكان هؤلاء أصحاب الفتيا وهم المشهورون، وما كان بالكوفة أحد إلاّ يذلّ لحبيب. قال الفضل بن دكين ومحمّد بن عمر: مات حبيب بن أبي ثابت سنة: تسع عشرة ومائة (الطبقات الكبرى ٦: ٣٢٠).

٢٤٣

وعن أبي جعفر الباقر، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من سرّه أن يجوز على الصراط كالريح العاصف ويلج الجنّة بغير حساب، فليتولّ وليّي ووصيّي وصاحبي وخليفتي على أهلي: عليَّ بن أبي طالب. ومن سرّه أن يلج النار فليترك ولايته، فوعزّة ربّي وجلاله: إنّه لَبابُ الله الذي لا يُؤتى إلاّ منه، وإنّه الصراط المستقيم، وإنّه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة».(١)

عن محمّد بن الحنفيّةرضي‌الله‌عنه ، قال: سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: دخلت يوماً منزلي، فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالس، والحسن عن يمينه والحسين عن يساره وفاطمة بين يديه، وهو يقول: «يا حسن يا حسين، أنتما كفّتا الميزان وفاطمة لِسانُه ولا تعدل الكفّتان إلاّ باللّسان، ولا يقوم اللّسان إلاّ على الكفّتَين، أنتما الإمامان، ولأمّكما الشّفاعة. ثمّ التفت إليّ وقال: يا أبا الحسن، أنت توفي أجورهم، وتقسم الجنّة بين أهلها يوم القيامة».(٢)

وذكر ابن حجر أنّ الدار قطنيّ أخرج أن عليّاً قال للستّة الذين جعل عمر الشورى بينهم، كلاماً طويلاً كان من جملته: أنشدكم بالله، هل فيكم أحدٌ قال له رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت قسيمُ الجنّة والنار يوم القيامة، غيري؟

قالوا: لا.

وبمعناه ما رواه عنترةُ عن عليّ الرضا أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له: «أنت قسيم الجنّة

____________________

(١) شواهد التنزيل للحسكانيّ الحنفيّ (ت ٤٩٠ هـ) ١: ٧٦.

(٢) المناقب الثلاثة لمحمّد بن يوسف الشافعيّ: ١٢٥ - ١٢٦.

٢٤٤

والنار، فيوم القيامة تقول النار: هذا لي، وهذا لك.(١)

ومجاهد، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كان يوم القيامة، أقام الله عزّ وجلّ جبرئيلَ ومحمّداً على الصراط، فلا يجوزه أحد إلاّ مَن كان معه براءة من عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .(٢)

عن الحسن، عن أبي ليلى الغفاريّ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزَموا عليّ أبي طالب، فإنّه أول من يراني وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو معي في السماء الأعلى، وهو الفاروق بين الحقّ والباطل».(٣)

أحمد يكلّم زائريه!

عن الحربيّ قال: أقبلت على لحده - لحد أحمد - أقبّله، ثمّ قلت: يا سيّدي! ما السّرّ في أنّه لا يقبّل قبرٌ إلاّ قبرك؟ فقال لي: يا بنيّ، ليس هذا كرامةً

____________________

(١) الصواعق المحرقة لابن حجر: ٧٥.

(٢) مناقب الإمام علي لابن المغازلي الشافعيّ: ١٣١ / الحديث ١٣٢، ذخائر العقبى للمحبّ الطبريّ الشافعيّ: ٧١، المناقب للخوارزميّ الحنفيّ: ٣٢٠ / الحديث ٣٢٤، فرائد السمطين للجوينيّ ١: ٢٨٩.

(٣) ترجمة الإمام عليّ من تاريخ دمشق ٣: ١٥٧ / الحديث ١١٧٤، والاستيعاب لابن عبد البرّ المالكيّ ٤: ١٧٠، وزاد فيه: «وهو الصّدّيق الأكبر، وهو فاروق الأمّة يفرق بين الحقّ والباطل، وهو يعسوب المؤمنين». ومثله في أسد الغابة ٦: ٢٧٠ والإصابة ٤: ١٧١. ويعسوب النّحل: مقدّمها وسيّدها، يقول: إنّه يلوذ به المؤمنون كما تلوذ النّحل بيعسوبها.

٢٤٥

لي، ولكن هذا كرامة لرسول الله؛ لأنّ معي شعراتٍ من شعره. ألا ومَن يحبّني يزورني في شهر رمضان - قال ذلك مرّتين.(١)

لقد حملوا بشدّة على زيارة القبور وجاؤوا بروايات في تحريمها! إلاّ أنّ أبا الفرج قبل رواية الحربيّ ونَسِي ما ذكره في أنّ أحمد قد رُفع إلى الجنّة! وقد توجّه الرحمان، وأنّه على بابها يُدخل الجنّة أهلَها ويمنع آخرين، ويعود أخرى ليذكر أنّه في قبره، يزوره الله جلّ وعزّ، وأنّه يسمع مَن يزوره ويجيبه ويحبّب زيارته..

ونحن نظنّ أنّ أحمد لو سمع بأمثال هذه الأخبار التي أكثرها أحلام، لأنكر على ابن الجوزيّ إيرادها؛ إذ يراها نكرةً مخالفةً للشرع والعقل والواقع، ومن ثمّ إساءةً له وليست كرامة!

الملائكة تقيم العزاء على موت أحمد

قال ابن الجوزيّ: بلغني عن بعض السّلف القدماء، قال: كان عندنا عجوز

____________________

(١) مناقب أحمد بن حنبل لأبي الفرج ابن الجوزيّ: ٤٥٤.

جاء في ترجمة الحربيّ: أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربيّ، ولد سنة (١٩٨ هـ) وتوفّي سنة (٢٨٥ هـ). أصله من مرو. قال: أمّي تغلبيّة! وكان أخوالي نصارى أكثرهم. قال: لي عشر سنين أبصرُ بفردِ عين ما أخبرت به أحداً، وأفنيتُ من عمري ثلاثين سنة برغيفين، وأفنيت ثلاثين سنة من عمري برغيف. قال عنه الدار قطنيّ: كان إماماً يقاس بأحمد بن حنبل في زهده (المنتظم لأبي الفرج ١٢: ٢٨٥ / ١٩١٦، صفة الصفوة له ٢: ٢٢٨، تاريخ الإسلام للذهبيّ: ١٠١ / ١١٠، تاريخ بغداد ٦: ٢٧).

٢٤٦

من المتعبِّدات قد خلت بالعبادة خمسين سنة، فأصبحت ذات يومٍ مذعورةً فقالت: جاءني بعض الجنّ في منامي فقال: إنّي قرينُكِ من الجنِّ(١) ، وإنّ الجنّ استرقت السّمع(٢) بتعزية الملائكة بعضُها بعضاً بموت رجلٍ صالحٍ يقال له أحمد بن حنبل، وتربته في موضع كذا، وإنّ الله يغفر لمن جاوره، فإنّ استطعتِ أن تجاوريه في وقت وفاتك فافعلي، فإنّي لك ناصح، وإنّك ميّتةٌ بعده بليلةٍ. فماتت كذلك.(٣)

والمؤاخذة على أبي الفرج: أنّه لم يذكر هذا السّلف القديم لتطمئنّ قلوبنا لروايته كما حصل لنا في السّلف الأقدم من رواة حديث ردّ الشمس! ولا ذكر لنا المرأة العجوز فنتبيّن حالها كما وقفنا على حال أسماء بنت عميس. ثمّ لِمَ هذه المآتم من قِبَل الملائكة الصالحين، وأحمد نازل في ضيافة ربّه الكريم؟!

استجابة دعاء آمنة

قالوا: مرض بِشْر بن الحارث وعادته آمنة الرمليّة، فبينما هي عنده إذ دخل الإمام أحمد بن حنبل يعوده كذلك، فنظر إلى آمنة وقال لبِشْر: اسألها تدعو لنا فقال لها بِشْر: ادعي الله لنا. فقالت: اللّهمّ إنّ بِشْر بن الحارث وأحمد بن حنبل يستجيران بك من النار، فأجرهما يا أرحم الراحمين.

____________________

(١)( وَمَن يَكُنِ الشّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً) النّساء: ٣٨.

(٢)( وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلّ شَيْطَانٍ رّجِيمٍ » ،« إِلّا مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مّبِينٌ) الحجر: ١٧ - ١٨.

(٣) مناقب أحمد: ٤٨٣.

٢٤٧

قال الإمام أحمد: فلمّا كان من اللّيل طُرِحَت إليَّ رُقْعَة من الهواء مكتوب فيها: بسم الله الرحمان الرّحيم، قد فعلنا ذلك، ولدينا مزيد.(١)

لم أجد ترجمةً لآمنة ذات الخَطَر الشديد والمنزلة الرفيعة إلى حدّ أنّ الله تعالى يستجيب لها دعاءها خطّيّاً! وما علينا إلاّ أن نشايع أبا الفرج فيما ذكره من هذه الكرامة ولم يذكر من رواته إلاّ آمنة!!

قلمُ العلماء لُقاح

قال أبو طالب عليّ بن أحمد: دخلت يوماً على أبي عبد الله - أحمد بن حنبل - وهو يملي، وأنا أكتب، فاندقّ قلمي، فأخذ قلماً فأعطانيه، فجئت بالقلم إلى أبي عليّ الجعفريّ فقلت: هذا قلم أبي عبد الله أعطانيه، فقال لغلامه: خذ القلم فضعه في النّخلة عسى تحمل! فوضعه فيها فحملت!(٢)

هذه بركة آثار أحمد، وهو تبَعٌ لرسول الله، فِلَم الإشكال على استجابة دعاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟!

اعتذار الملكَين من أحمد

زعم أنّ عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: جاءك منكرٌ ونكير؟ قال: نعم، قالا لي: من ربّك؟ قلت:

____________________

(١) صفة الصفوة، لأبي الفرج ابن الجوزيّ ٤: ٢٧٨.

(٢) مناقب أحمد لأبي الفرج: ٢٩٦.

٢٤٨

سبحان الله! أما تستحيان منّي؟! فقالا لي: يا أبا عبد الله أعذرنا! بهذا أمرنا.(١)

هل هو تعمّد في الإساءة لأحمد؟ ألا يعلم أنّ حساب القبر حقّ؟ وما ذنب الملكين وقد أمرهما الله تعالى بما لا يُستحى منه! وهل الكنى إلاّ من خصائص الدنيا؟ وعلى نهجه في مثل هذه الأخبار، قال: قال ابو زرعة - الرازيّ -: كان يقال عندنا بخراسان: إنّ الجنّ نَعَتْ أحمدَ بن حنبل قبل موته بأربعين صباحاً!(٢)

والإشكال: كيف علمتِ الجنّ علمَ ما هو آتٍ، وقد اختصّ الله تعالى نفسه بعلم الغيب؟!

عوائد زوّار أحمد

رُوي عن الشيخ ميمون، قال: رأيت رجلاً بجامع الرّصافة، فسألته فقال: قد جئت من ستّمائة فرسخ فقلت: في أيّ حاجة؟ قال: رأيت وأنا في بلدي كأنيّ في صحراء والخلق قيامٌ وأبواب السماء قد فُتحت، وملائكةٌ تنزل من السماء تُلبِس أقواماً ثياباً خُضراً ويطير بهم في الهواء، فقلت: من هؤلاء الذين اختصوا بهذا؟! فقالوا لي: هؤلاء الذين يزورون أحمد بن حنبل. فانتبهت وأصلحت أمري، وجئت إلى هذا البلد وزرته دفعات.(٣)

والسؤال: لِمَ لَمْ تشمل الشيخ ميمون هذه المكرمة الحُلُميّة! مع التذكير

____________________

(١) مناقب أحمد، لأبي الفرج: ٤٥٤.

(٢) نفسه: ٤٢١.

(٣) نفسه: ٤٨١.

٢٤٩

بأنّهم يحرّمون زيارة القبور!

وممّا ذكره أيضاً في ذلك قال: رأى رجل في المنام قائلاً يقول له: من زار أحمد بن حنبل غُفِر له! قال: فلم يَبْقَ خاصّ ولا عامّ إلاّ زاره.(١)

أليس هذا وأمثاله ظاهراً في الشفاعة التي أنكروها أشدّ الإنكار؟!

وقال: لمّا مات أحمد بن حنبل رأى رجلٌ في منامه كأنّ على كلّ قبرٍ قنديلاً، فقال: ما هذا؟! فقيل له: أما علمت أنّه نور لأهل القبور ينوّرهم بنزول هذا الرجل بين أظهرهم، وقد كان فيهم من يُعذَّب فرُحِم.(٢) فهل ردّ الشّمس أعظم من أن يضع الله سبحانه قنديلاً على كلّ قبر ويرحم المذنبين وذلك ببركة نزول أحمد بين أظهرهم؟!

قال: مات رجل مخنّث فرُئي في النوم، فقال قد غُفرلي، دُفن عندنا أحمد ابن حنبل فغُفِر لأهل القبور.(٣)

الخليل يردّ على سِماك بصرَه

ذكر أبو الفرج في حوادث سنة ثلاث وعشرين ومائة: توفّي هذه السنة سِمَاك بن حرب السّدوسيّ، وكان قد ذهب بصَرُه فرأى إبراهيم الخليل فأصبح

____________________

(١) البداية والنهاية، لابن كثير ١٢: ٣٢٣، عن ابي الفرج.

(٢) مناقب أحمد، لأبي الفرج: ٤٨٢.

(٣) نفسه.

٢٥٠

يُبصر.(١)

____________________

(١) المنتظم، لأبي الفرج ابن الجوزيّ ٧: ٢٢٥. وذكره ابن قيّم الجوزيّة تلميذ ابن تيميه في كتابه (الروح: ٥٨).

فإذا كان ردّ البصر زيادةً في إعجاز الخليلعليه‌السلام وكرامةً لسِماك، فنبيُّنا أشرف، وعليّ أعلى رتبةً وأعظم من سِماك، فردّ الشمس أولى من ردّ البصر!

ثمّ كيف عرف سِماك الخليل وهو لم يره من قبل؟! لِنَقُلْ: إنّ صورته ارتسمت في ذهنه فعرفه! بل وكيف عرفه قبل أن يردّ عليه بصره؟!

ترجمة سِماك: سِماك بن حرب بن أوس الذّهليّ. مات سنة ثلاث وعشرين ومائة. رأى المُغيرة ابن شعبة. روى عن: النعمان بن بشير، والضحّاك بن قيس، وعبد الله بن الزبير بن العوّام، وعامر الشعبيّ... وغيرهم.

روى عنه: شعبة بن الحجّاج، وأبو عَوانه، وحمّاد بن سلمة... وغيرهم.

(الطبقات الكبرى ٦: ٣٢٣، طبقات خليفة: ١٦١، التاريخ الكبير للبخاريّ ٤: ١٧٣ / الترجمة ٢٣٨٢، تاريخ بغداد ٩: ٢١٤، الأنساب للسمعانيّ ٦: ٣٠، تهذيب الكمال للمزّيّ ١٢: ١١٥، تهذيب التهذيب ٤: ٢٣٢، تاريخ الإسلام ٥: ٨٤، العبر ١: ٢٣٦).

وأخباره مضطربة... عن حمّاد بن سملة عن سماك قال: أدركت ثمانين من أصحاب النبيّ! (تاريخ بغداد: ٩: ٢١٤، الجرح والتعديل ٤: / الترجمة ١٢٠٣).

قال أحمد بن حنبل: مضطرب الحديث (الجرح والتعديل للرازي ٤ / الترجمة ١٢٠٣، وتاريخ البخاريّ). وقال عبد الرحمان بن يوسف بن خِراش: في حديثه لين (تاريخ بغداد ٩: ٢١٦، وتهذيب الكمال ١٢: ١٢١). وعن ابن المبارك: سِماك ضعيف في الحديث (تهذيب الكمال ١٢: ١٢١). وقال عليّ بن المدينيّ: روايته مضطربة (تهذيب الكمال ١٢: ١٢٠). وقال صالح بن محمّد البغداديّ: يُضعَّف (تاريخ بغداد ٩: ٢١٦، تهذيب الكمال ١٢: ١٢٠). وسئل يحيى بن معين عن سماك: ما الذي عابه؟ قال: أسند أحاديث لم يسندها غيرُه. (الجرح والتعديل، تاريخ بغداد، تهذيب الكمال). وكان شعبة يضعّفه (الجرح والتعديل). =

٢٥١

استجابة دعوة سعد

أخرج أبو الفرج من طريق لبيبة: دعا سعد فقال: يا ربّ إنّ لي بنين صغاراً فأخّر عنّي الموت حتّى يبلغوا؛ فأخر عنه الموت عشرين سنة.(١)

لم نقف على ترجمة لبيبة، صحابيّة مثل أسماء التي روت حديث ردّ الشمس، ام تابعيّة؟ وإنّ استجابة دعاء النبيّ أولى من استجابة دعاء سعد! لعلوّ شأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وكان من بركة استجابة دعوة سعد: أن شبّ ولده عمر بن سعد فقاد الجيش الذي قتل ابن رسول الله الحسين!

تبليغ براءة

قال ابن تيميه: قال الرافضيّ: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنفذ أبا بكر لأداء سورة براءة، ثمّ أنفذ عليّاً وأمَره بردّه وأن يتولّى هو ذلك.

قال: والجواب من وجوهٍ: أنّ هذا كَذبٌ باتّفاق أهل العلم، وبالتواتر العامّ، فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استعمل أبا بكر على الحجّ سنة تسعٍ ولم يردّه ولا رجع.(٢)

نقض النقض

قولُه: «أنّ هذا كذبٌ باتّفاق أهل العلم، وبالتواتر العامّ»، كذبٌ! وإنّما اتّفاق

____________________

= وفي (تهذيب الكمال ١٢: ١١٨): ذهب بَصَري، فدعوت الله فردّ عَلَيّ بصري!!

فالكرامة هنا في ردّ البصر له، لا للخليلعليه‌السلام !

(١) صفة الصفوة، لأبي الفرج ابن الجوزيّ ١: ١٤٠.

(٢) منهاج السّنّة ٤: ٢٢١.

٢٥٢

أهل العلم على تصديقه، والتواتر منعقد على تأييده من غير قادحٍ.

حديث براءة

لما نزلت آياتٍ من «براءة» على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، دعا أبا بكر ليقرأها على أهل مكّة، ثمّ دعا عليّاً فقال له: «أدراكْ أبا بكر، فحيثما لَقيتَه فخُذ الكتاب منه، فاذهبْ به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم». فلحقَه الجُحْفة، وأخذ الكتاب منه، ورجع أبوبكر فقال: يا رسول الله، نزل فيّ شيء؟! قال: «لا، ولكنّ جبريل جاءني فقال: لن يؤدّيَ عنك إلاّ أنت أو رجلٌ منك». وفي ألفاظٍ أخرى: «ولكن أمرتُ أن لا يُبلِّغها إلاّ أنا أو رجل منّي»، «ولا يذهب بها إلاّ رجلٌ هو منّي وأنا منه».

«ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ»، و«إنّما يؤدّي عنّي أنا أو رجلٌ من أهل بيتي، وإنّ عليّاً رجلٌ من أهل بيتي»...

والحديث ينتهي إلى: عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأبي بكر، وأبي ذرّ الغفاريّ، وعبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخُدْريّ، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ، وأنس بن مالك، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وحُبْشيّ بن جنادة، وزيد بن يُثَيْع.

رواة حديث

إسماعيل السّدّيّ (ت ١٢٨ هـ) مقاتل بن سليمان (ت ١٥٠ هـ)، محمّد بن إسحاق (صاحب السّيرة، ت ١٥٢ هـ)، محمّد بن عمر الواقديّ (صاحب

٢٥٣

المغازي، ت ٢٠٧) عبد الرزّاق بن همّام الصنعانيّ (ت ٢١١ هـ)، عبد الملك بن هشام (ت ٢١٨ هـ وهو الذي رتّب سيرة ابن إسحاق فصارت تُعرَف باسمه»، محمّد بن سعد الزّهريّ (ت ٢٣٠ هـ وله الطبقات الكبرى)، أبو بكر ابن أبي شيبة العَبْسي (ت ٢٣٥ هـ)، أحمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ)، عبد الله بن عبد الرّحمان الدّارميّ (ت ٢٥٥ هـ)، محمّد بن إسماعيل البخاريّ (صاحب الصحيح، والتاريخ الكبير، ت ٢٥٦ هـ)، محمّد بن يزيد القزوينيّ «ابن ماجة» (ت ٢٧٣ هـ)، محمّد بن عيسى التّرمذيّ (ت ٢٧٩ هـ)، أحمد بن يحيى البلاذريّ (ت ٢٧٩ هـ)، أحمد بن أبي عاصم (ت ٢٨٧ هـ)، الحسين بن الحكم الحبريّ (ت ٢٨٦ هـ)، محمّد بن مسعود العيّاشيّ (القرن الثالث الهجريّ)، أحمد بن عليّ النّسائيّ (ت ٣٠٣ هـ)، محمّد بن جرير الطّبريّ (ت ٣١٠ هـ)، يعقوب بن إسحاق الأسفرائنيّ «صاحب المسند» (ت ٣١٦ هـ)، ابن حبّان التميميّ (ت ٣٥٤ هـ)، سليمان بن أحمد الطّبرانيّ (ت ٣٦٠ هـ)، الدّار قطنيّ (ت ٣٨٥ هـ)، فرات بن إبراهيم الكوفيّ (ت القرن الرابع)، الحاكم النيسابوريّ (ت ٤٠٥ هـ)، ابن مَرْدَوَيه (ت ٤١٦ هـ) الثعلبيّ أحمد بن محمّد (ت ٤٢٦ هـ)، أبو نعيم الأصبهانيّ (ت ٤٣٠ هـ)، أبو الحسن عليّ بن محمّد الماوَرْديّ (ت ٤٥٠ هـ)، أحمد بن الحسين البيهقيّ (ت ٤٥٨ هـ) ابن المغازليّ الشافعيّ (ت ٤٨٣ هـ)، عبيد الله بن عبد الله الحسكانيّ الحنفيّ (ت ٤٧١ هـ)، نجم الدين النّسفيّ (ت ٥٣٧ هـ)، محمود بن عمر الزّمخشريّ (ت ٥٣٨ هـ)، محمّد بن أحمد القرطبيّ (ت ٥٦٧ هـ)، أخطب خوارزم الحنفيّ (ت ٥٦٨ هـ)، ابن عساكر الدّمشقيّ الشافعيّ (ت ٥٧١ هـ)، عبد

٢٥٤

الرحمان الخَثْعميّ السّهيليّ (ت ٥٨١ هـ)، فخر الدين الرازيّ الشافعيّ (ت ٦٠٦ هـ)، عليّ بن محمّد الجزريّ (ت ٦٣٠ هـ)، سبط ابن الجوزيّ الحنفيّ (ت ٦٥٤ هـ)، ابن أبي الحديد المعتزليّ (ت ٦٥٥ هـ)، محمّد بن يوسف الگنجيّ الشافعيّ (المقتول سنة ٦٥٨ هـ)، القاضي البيضاويّ الشافعيّ (ت ٦٨٥ هـ)، محبّ الدّين الطبريّ الشافعيّ (ت ٦٩٤ هـ)، محمّد بن مكرّم بن منظور (صاحب مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ت ٧١١ هـ)، إبراهيم بن محمّد الجوينيّ (ت ٧٣٠ هـ)، محمّد بن عبد الواحد الحنفيّ (ت ٦٨١ هـ)، عليّ بن محمّد الخازن (ت ٧٤١ هـ)، محمّد بن أحمد الذهبيّ الحنبليّ (ت ٧٤٨ هـ)، ابن كثير الدّمشقيّ الحنبليّ (ت ٧٧٤ هـ)، تقيّ الدين المقريزيّ (ت ٨٤٥ هـ)، ابن حَجر العسقلانيّ الشافعيّ (ت ٨٥٢ هـ)، ابن الصبّاعْ المالكيّ (ت ٨٥٥ هـ)، محمّد بن أحمد العينيّ الحنفيّ (ت ٨٥٥ هـ)، جلال الدين السيوطيّ الشافعيّ (ت ٩١١ هـ)، أحمد بن محمّد القسطلانيّ الشافعيّ (ت ٩٢٣ هـ)، ابن حجر الهيتميّ الشافعيّ (ت ٩٧٤ هـ)، المتّقيّ الهنديّ (ت ٩٧٥ هـ)، محمّد الزّرقانيّ المالكيّ (ت ١١٢٢ هـ)، الشوكانيّ (ت ١٢٥٠ هـ)، القندوزيّ الحنفيّ (ت ١٢٩٣ هـ).

فائدة:

هؤلاء العلماء من أقدم العصور الإسلاميّة من غير انقطاع بين قرن وآخر، ولا بين عقدٍ والذي يليه، سواء علماء السّيرة والتاريخ والرجال، وعلماء الفقه والحديث والتفسير، اتفقت كلمتهم على صحّة تبليغ عليّعليه‌السلام براءة، وأكثروا من

٢٥٥

روايتها بألفاظها المختلفة وطرقها المتعدّدة، وعدوّا ذلك من خصائصهعليه‌السلام .

وقد رأينا في هذا الكمّ الذي توفّرلنا: من هو مالكيّ وآخر حنفيّ وثالث حنبليّ ورابع شافعيّ! وضمّ هذا الحقل من الرّواة: أحمد بن حنبل الذي ينسب ابن تيميه نفسه إليه تارةً! فيدّعي أنّه حنبليّ، وتارة أخرى يدّعي لنفسه الإمامة وأنّه مستقلّ في مذهبه، حتّى أطلق أتباعه عليه لقب: الإمام المطلق؛ أي استقلّ بمذهبه عن المذاهب الإسلاميّة المعروفة. وأيضاً سمّوه لذلك: شيخ الإسلام!

ولذا خالف أتباعه المذاهب الإسلاميّة في العقيدة، ونهجوا مسلك شيخهم التضليليّ والحُكم بالبدعة على من خالفوه وأباحوا دمه ومارسوا ذلك عمليّاً حتّى يومنا هذا.

أقول: إنّ حديث تبليغ أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام سورة براءة، لم يتكلّم أحدٌ في تكذيبه أو تضعيفه، بل الذين ذكروه، وخصوصاً أهل العلم بالحديث، قد ذكروه من طرقه المتعدّدة، وهذا هو الاتّفاق الذي نفاه شيخ الإرهاب! وأمّا التواتر العامّ، ففي ما ذكرنا كفاية. ونذكّر هنا بأمرٍ مهمٍّ، ذلك أنّ ابن تيميه إذا ذكر حديثاً في فضائل الإمام عليّعليه‌السلام أنكره أو حطّ من علوّ شأنه، حتّى وإن ذكره مسلم صاحب أحد الصحيحين، ثمّ لاذ بالبخاريّ إذا لم يكن قد ذكره!

فما باله هنا قد أنكره وقد ذكره البخاريّ وشيوخ البخاريّ ومن هم أقدم منهم؟!

« قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) .(١)

____________________

(١) الأعراف: ٥٣.

٢٥٦

المصادر

١ - تفسير مقاتل بن سليمان، ت ١٥٠ هـ(١)

٢ - المغازيّ للواقديّ، ت ٢٠٧ هـ، ٣: ١٠٧٧.

٣ - تفسير عبد الرزّاق بن همّام الصّنعانيّ، ت ٢١١ هـ.

٤ - السيرة النّبويّة لابن هشام، ت ٢١٨ هـ، ٤: ١٩٠.

٥ - الطبقات الكبرى لابن سعد، ت ٢٣٠ هـ، ٢: ١٦٩.

٦ - المصنّف لابن أبي شَيبة، ت ٢٣٥ هـ، ٧: ٥٠٦ / ٧٢.

٧ - مسند أحمد بن حنبل، ت ٢٤١ هـ، ١: ٧٩، ١٥٠ - ١٥١، ٣٣١؛ ٣: ٢١٢، ٢٨٣.

٨ - سنن الدّارميّ عبد الله بن عبد الرحمان التميميّ الدارميّ، ت ٢٥٥ هـ، ٢: ٦٧ - ٦٨، ٢٣٧.

٩ - صحيح البخاريّ محمّد بن إسماعيل الجعفيّ البخاريّ، ت ٢٥٦ هـ، ١: ١٠٣، ٦: ٨١.

١٠ - سنن ابن ماجة محمّد بن يزيد القزوينيّ، ت ٢٧٣ هـ، ١: ٤٤.

١١ - سنن الترمذيّ الجامع الصحيح، محمّد بن عيسى الترمذيّ، ت ٢٧٩ هـ،

____________________

(١) لم أذكر الجزء والصفحة في كتب التفسير اعتماداً على معرفة القارئ الكريم أنّ المطلب في سورة «براءة - التوبة».

٢٥٧

٢: ١٧٩ - ١٨٠، ٤: ٣٣٩ - ٣٤٠، ٥: ٣٠٠.

١٢ - أنساب الأشراف للبلاذريّ أحمد بن يحيى، ت ٢٧٩ هـ، ٢: ٣٥٥، ٣٨٤.

١٣ - تفسير الحِبَريّ: الحسين بن الحكم بن مسلم الحبريّ، ت ٢٨٦ هـ.

١٤ - تفسير العيّاشيّ «التنزيل» لمحمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش، من علماء القرن الثالث الهجريّ.

١٥، ١٦ - السّنن لأحمد بن عليّ النّسائيّ، ت ٣٠٣ هـ، ٥: ٢٣٤. وكتاب خصائص أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، له، ٨٢ - ٨٣ / ح ٧٢ - ٧٤.

١٧، ١٨ - تفسير الطبريّ محمد بن جرير، ت ٣١٠ هـ، وبهامشه تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان لنظام الدّين الحسن بن محمّد النّيسابوريّ.

١٩ - تاريخ الطبري محمّد بن جرير، ت ٣١٠ هـ، ٢: ٢٨٣.

٢٠ - المستدرك على الصحيحين للحاكم النّيسابوريّ، ت ٤٠٥ هـ، ٢: ٣٣١، ٣: ٥١ - ٥٢.

٢١ - تفسير ابن أبي زمنين، ت ٣٩٩ هـ، ١: ٣٠٤.

٢٢، ٢٣ - قصص الأنبياء المسمّى «عرائس المجالس» لأحمد بن محمّد الثعلبيّ، ت ٤٢٦ هـ، وبهامشه كتاب روض الرياحين لليافعيّ.

٢٤ - تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ، من أعلام القرن الرابع الهجريّ.

٢٥ - تفسير الماورديّ «النُّكتُ والعيون» أبو الحسن عليّ بن محمّد الماورديّ البصريّ، ت ٤٥٠ هـ.

٢٥٨

٢٦ - السنن الكبرى للبيهقيّ أحمد بن الحسين، ت ٤٥٨ هـ، ٩: ٢٢٤.

٢٧ - شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، لعبيد الله بن عبد الله الحسكانيّ الحنفيّ، ت ٧٤١ هـ.

٢٨ - مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب، للفقيه ابن المغازليّ عليّ بن محمّد الشافعيّ، ت ٤٨٣ هـ: ١١٦.

٢٩ - مناقب عليّ بن أبي طالب، لابن مَرْدَويه، ت ٤١٠ هـ: ٢٥١ - ٢٥٢ / ح ٣٦٧ - ٣٧٠.

٣٠، ٣١ - تفسير البغويّ «معالم التنزيل»، للحسين بن مسعود الفرّاء البغويّ الشافعيّ، ت ٥١٦ هـ، ومصابيح السّنّة النبويّة، له ٢: ٢٧٥.

٣٢ - الكشّاف، لمحمود بن عمر الزمخشريّ، ت ٥٢٨ هـ.

٣٣ - المناقب، للموفّق بن أحمد المكّيّ الخوارزميّ الحنفيّ، ت ٥٦٨ هـ، ١٢٦، ١٦٤، ١٦٥.

٣٤ - التفسير الكبير، لفخر الدّين الرازيّ الشافعيّ، ت ٦٠٦ هـ.

٣٥ - الجامع لأحكام القرآن: محمّد بن أحمد القرطبيّ ت ٦٧١ هـ.

٣٦ - تذكرة الخواصّ، لسبط ابن الجوزيّ الحنبليّ ثمّ الحنفيّ، ت ٦٥٤ هـ، ٤٢ - ٤٣.

٣٧ - كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب، لمحمّد بن يوسف الگنجيّ الشافعيّ، المقتول ٦٥٨ هـ، ٢٥٤ - ٢٥٥.

٣٨ - الرياض النَّضِرة، لأحمد بن عبد الله الطّبريّ الشافعيّ، ت ٦٩٤ هـ، ٢:

٢٥٩

٧٤، ١٧٣، ١٧٤.

٣٩ - ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى - له، ٦٩ - ٨٧.

٤٠ - مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعيّ، ت ٥٧٣ هـ، اختصار ابن منظور، ت ٧١١ هـ، ١٨: ٥ - ٧.

٤١ - تفسير الخازن، لباب التأويل في معاني التنزيل، لعليّ بن محمّد المعروف بالخازن، ت ٧٢٥ هـ، وبهامشه «مدارك التنزيل وحقائق التأويل» لعبد الله بن محمود النّسفيّ، ت ٧١٠ هـ.

٤٢ - الرّوض الأنف في تفسير السيرة النبويّة لابن هشام، لعبد الرحمان ابن عبد الله السّهيليّ، ت ٥٨١ هـ، ٢: ٣٢٨.

٤٣ - فرائد السمطين، لعبد الله بن عليّ الجوينيّ، ت ٧٣٠ هـ، ١: ٥٨ - ٥٩، ٦١.

٤٤ - تهذيب الكمال في أسماء الرجال: ليوسف المِزّيّ السلفيّ، ت ٧٤٢ هـ، ٥: ٣٤٩.

٤٥ - التسهيل لعلوم التنزيل، لمحمّد بن أحمد بن جزّيّ الكلبيّ.

٤٦ - تفسير البيضاويّ، وعليه حاشية محيي الدّين زاده.

٤٧ - البداية والنهاية، لابن كثير الدّمشقيّ الحنبليّ، ت ٧٧٤ هـ، ٥: ٣٣ - ٣٥.

٤٨ - المختصر في تاريخ البشر، لعماد الدين إسماعيل أبو الفداء، ت ٧٣٢ هـ، ١: ١٥٠.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492