ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه12%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169480 / تحميل: 5921
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وقال الميرزا عبد الله الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) ـ بعد أن نقل قول المجلسي ـ : وأقول : فعلى قول النجاشي ، فالطبرسي من رواة هذه الرسالة لا أنّه جامعها ، فتأمّل.

ثمّ ذكر ما في أوّل نسخة الطبرسي ، ثمّ قال : ثمّ ليعلم أنّ لكتاب صحيفة الرضا ( عليه السلام ) طرقاً عديدة سوى طريق الشيخ الطبرسي من طرق الخاصّة والعامّة ، ولنذكر في هذا المقام طائفة من طرقها التي وصلت إلينا ممّا يتمّ به في المرام ، ثمّ ذكر أربع طرق أُخرى للصحيفة ، وقال : والظاهر أنّ هؤلاء الرجال كلّهم من طرق العامّة اللهم إلاّ نادراً فليلاحظ. بعدها ذكر طريقين آخرين(١) .

وهذه الأسانيد تنتهي كلّها إلى أبي القاسم عبد الله بن أحمد الطائي ، عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام )(٢) .

وقال الميرزا النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) : ويعبّر عنه أيضاً بمسند الرضا ( عليه السلام ) كما في مجمع البيان ، وبالرضويّات كما في كشف الغمّة ، وهو من الكتب المعروفة المعتمدة الذي لا يدانيه في الاعتبار والاعتماد كتاب صنّف قبله أو بعده ، وهو داخل في فهرست كتاب الوسائل ، إلاّ أنّ له نسخاً متعدّدة وأسانيد مختلفة ، ويزيد متن بعضها على بعض ، واقتصر صاحب الوسائل على نسخة الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) وروايته ، وكأنّه لم يلتفت إلى اختلافها أو لم يعثر على باقيها ، وقد عثرنا على بعضها وأخرجنا منها ما ليس في نسخة الطبرسي ، فرأيت أن أُشير إلى الاختلاف وأذكر الطرق ، فلربّما وقف الناظر على خبر نقلته أو نقل منها ولا يوجد في النسخة المعروفة ، فلا يبادر إلى التخطئة ، وقد جمعها الفاضل الميرزا عبد الله في

____________

١ ـ رياض العلماء ٤ : ٣٤٦ ، ٣٥٠.

٢ ـ الذريعة ١٥ : ١٧ [ ٩٢ ].

٨١

رياض العلماء ، ونحن نسوقها بألفاظه ، ثمّ أورد ما ذكره صاحب الرياض.

ثمّ ذكر أنّه عثر على نسخة السند الأخير الذي ذكره صاحب الرياض ، وأنّ فيها ما ليس في مسند الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) ، ثمّ قال : ويأتي في الفائدة الثالثة في ذكر مشايخ عماد الدين الطبري سند آخر إليها ذكره في كتابه بشارة المصطفى(١) .

ثمّ ذكر طريق الطبرسي ( قدس سره ) ، وقال بعده : ولا يخفى أنّ من راجع كتب الصدوق سيّما عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، وأمالي المفيد ، وترجمة عبد الله وأبيه أحمد الطائي ، وغيرها ، علم أنّ هذه الصحيفة المباركة من الأُصول المشهورة المتداولة بين الأصحاب ، ثمّ أورد ما قاله النجاشي(٢) .

وقال الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة : صحيفة الرضا ، المعبّر عنها بمسند الرضا ، وبالرضويّات أيضاً ، وصحيفة أهل البيت كما يظهر من بعض أسانيده ، وقد أحصى بعض الأصحاب أحاديثها فوجدها ٢٤٠ حديثاً ، وهي منسوبة إلى الإمام على بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، مرويّة عنه بأسانيد متعدّدة(٣) .

وقال المير حامد حسين ( ت ١٣٠٦ هـ ) صاحب عبقات الأنوار : ولا يخفى أنّ كتاب صحيفة الرضا ( عليه السلام ) من الكتب المعروفة المعتمدة ، والأُصول المشهورة المستندة ، وصحّة انتسابها إلى الإمام الرضا ـ عليه أزكى السلام والتحيّة والثناء ـ من خلال أقوال أكابر أعلام وأجلّة عظماء أهل السنّة ظاهر وواضح ، ثمّ أورد بعض أقوال أهل السنّة فيها(٤) .

____________

١ ـ بشارة المصطفى : ٢١٥ ، وذكره في خاتمة المستدرك ٣ : ١٧.

٢ ـ خاتمة المستدرك ١ : ٢١٧.

٣ ـ الذريعة ١٥ : ١٧ [ ٩٢ ].

٤ ـ عبقات الأنوار ( حديث مدينة العلم ، قسم السند ) ٥ : ٢٠ مترجم من الفارسية.

٨٢

والنسخة المطبوعة المحقّقة من قبل الشيخ محمّد مهدي نجف ، هي النسخة المعروفة المشهورة في الأوساط العلميّة بنسخة الطبرسي ( رحمه الله ) ، وسندها : أخبرنا الشيخ الإمام الأجلّ العالم الزاهد الراشد ، أمين الدين ، ثقة الإسلام ، أمين الرؤساء ، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي أطال الله بقاءه ، في يوم الخميس غرّة شهر الله الأصمّ رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، قال : أخبرنا الشيخ الإمام السعيد الزاهد أبو الفتح عبيد الله بن عبد الكريم بن هوازن القشيري أدام الله عِزّه ، قراءة عليه داخل القبّة التي فيها قبر الرضا ( عليه السلام ) غرّة شهر الله المبارك رمضان سنة إحدى وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ الجليل العالم أبو الحسن علي بن محمّد بن علي الحاتمي الزوزني ، قراءة عليه سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن هارون الزوزني بها ، قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد ، حفدة العباس بن حمزة النيشابوري ، سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثني أبي سنة ستّين ومائتين ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر(١) .

وهذه النسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة المسجد الأعظم العامرة بقم المشرّفة ضمن المجموعة المرقّمة [ ٢٧٤٥ ](٢) .

وقال المحقّق : امتازت هذه النسخة ، إضافة إلى كونها أقدم نسخة وصلت إلينا من الصحيفة ، برواية الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) ، بسنده عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد الطائي ، وبقراءة المولى عبد الخالق بن المولى عبد

____________

١ ـ صحيفة الرضا : ٣٩.

٢ ـ صحيفة الرضا : ٢٧ ، وصف الأُصول المعتمدة.

٨٣

العلي البيهقي على العالم الفاضل المولى حسين بن علي البيهقي السبزواري المشتهر بالكاشفي ، في أواخر شعبان سنة ( ٨٧٢ هـ ) ، وبيان طريقه لرواية هذه الصحيفة ، نصّه :

« بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي نوّر شجرة النبوّة بأنوار الهداة ، وزيّن حدائق الولاية بأزهار أسرار الكُمَّل الثقات ، والصلاة على مظهر جوامع الكلم المسلسلات محمّد وآله وعترته عيون المعارف العينيّة المخصّصات.

أما بعد ، فقد قرأ الصحيفة الرضويّة بتمامها المولى المعظّم ، افتخار الصلحاء ، زين الأتقياء ، جامع الصفات الرضويّة ، ومجمع الخلال المرضيّة ، مولانا نظام الملّة والدين عبد الخالق بن المولى الرفيع ، والعارف المنيع ، أُسوة العرفاء ، قدوة الطرفاء ، مولانا تاج الملّة والدين عبد العلي البيهقي أدام الله ظلّهما ، على الفقير الكسير الكثير التقصير حسين بن علي الواعظ المشتهر بالكاشفي ، غفر الله ذنوبه ، وستر عيوبه ، وأنا أرويها عن والدي روّح الله روحه ، وهو يرويه عن الفاضل العلاّمة محمّد بن عبد الله ، وهو عن شيخه الكامل تاج الدين إبراهيم بن القصاع الطبسي ، وهو عن شيخه الكامل مولانا تاج الدين علي تركة الكرماني ، وهو عن شيخه شيخ الإسلام غياث الدين هبة الله بن يوسف ، عن جدّه صدر الدين إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد الحموي ، عن ابن عساكر ، عن أبي روح الصوفي الهروي ، عن زاهر بن طاهر ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد السكّاكي ، قال : أخبرنا أبوالقاسم بن حبيب ، قال : أخبرنا محمّد بن عبد الله ابن محمّد النيسابوري ، قال : أخبرنا ، أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه إلى حضرة الرسالة ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنا أجزته أن يرويها

٨٤

عنّي بالشرائط المعتبرة ، وكان ذلك في أواخر شعبان سنة اثني وسبعين وثمانمائة »(١) .

وقد ذكر المحقّق في مقدّمته أحد عشر طريقاً آخر غير هذين الطريقين ، منها طريق الشيخ الصدوق ( رضي الله عنه ) في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، وهو : حدَّثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره ، قال : حدَّثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد الله النيسابوري ، قال : حدَّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سُليمان الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثنا أبي في سنة ستّين ومائتين ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة(٢) .

ولكنّه لم يذكر الطريقين الآخرين للصدوق ، وهي : وحدَّثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمّد الخوري ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني ، عن الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ).

وحدَّثني أبو عبد الله الحسين بن محمّد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدَّثنا علي بن محمّد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سُليمان الفرّاء ، عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر(٣) .

وقال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) في ترجمة أحمد بن عامر بن سُليمان

____________

١ ـ صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : ٢٧ ، وصف الأُصول المعتمدة.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٨ ح ٤ ، وصحيفة الرضا ( عليه السلام ) : ١٤ ، نحن وأسانيد الصحيفة.

٣ ـ عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٨ ح ٤.

٨٥

الطائي : قال عبد الله ابنه ـ في ما أجازنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ـ حدَّثنا أبي ، قال : حدَّثنا عبد الله ، قال : ولد أبي سنة سبع وخمسين ومائة ، ولقي الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ، رفع(١) إليّ هذه النسخة ( نسخة عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ) أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى الجندي ، شيخنا ( رحمه الله ) ، قرأتها عليه ، حدّثكم أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عامر ، قال : حدَّثنا أبي ، قال : حدَّثنا الرضا علي بن موسى ( عليه السلام ) ، والنسخة حسنة(٢) .

وكذا قال في ترجمة عبد الله بن أحمد بن عامر : روى عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام ) نسخة ، قرأت هذه النسخة على أبي الحسن أحمد بن محمّد بن موسى ، أخبركم أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام )(٣) .

وهذا أبو القاسم عبد الله بن عامر هو الذي تنتهي إليه طرق معظم النسخ.

وقد عرّف المحقّق في مقدّمته عدّة نسخ خطيّة للصحيفة :

منها : ما في خزانة مخطوطات مكتبة البحّاثة المحقّق الأُستاذ فخر الدين نصيري أميني ، وهي بتاريخ ( ٧٦١ هـ ).

ومنها : ما في مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي بقم وتاريخها ( ٨٥١ هـ ).

ومنها : في المكتبة الرضويّة وهي بتاريخ ( ٨٨١ هـ ).

ومنها : النسخة المار ذكرها سابقاً في مكتبة المسجد الأعظم بقم(٤) .

____________

١ ـ في طبعة أُخرى دفع.

٢ ـ رجال النجاشي : ١٠٠ [ ٢٥٠ ].

٣ ـ رجال النجاشي : ٢٢٩ [ ٦٠٦ ].

٤ ـ صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : ٢٦ ، وصف الأُصول المعتمدة.

٨٦

وقد طبعت الصحيفة مرّة أُخرى بتحقيق مدرسة الإمام المهدي ( عليه السلام ) على نسخ خطيّة أُخرى إضافة إلى ما اعتمده الشيخ محمّد مهدي نجف ، وزادوا في أسانيد الصحيفة ، وأوصلوها إلى ( ٨٠ ) سنداً(١) .

ولصحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) أسانيد أُخرى تنتهي إلى داود بن سُليمان الغازي ، عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، أفردناها تحت عنوان مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، تمييزاً لها عمّا جاء برواية أحمد بن عامر الطائي.

____________

١ ـ صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( بتحقيق مدرسة الإمام المهدي ( عج ) ) ، مقدّمة التحقيق.

٨٧
٨٨

(٥) مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( ت ٢٠٣ هـ )

برواية داود بن سليمان الغازي

الحديث :

يقول الشيخ المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في سند هذا المسند(١) : وجدتُ بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ، نقلا من خطّ الشيخ الشهيد محمّد بن مكّي ـ قدس الله روحهما ـ ما هذه صورته : يروي السيّد الفقيه الأديب النسّابة شمس الدين أبو علي فخّار بن معد جزءاً فيه أحاديث مسندة عن علي بن موسى الرضا الإمام المعصوم ـ عليه الصلاة والسلام ـ قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمّد بن عبد السميع الهاشمي الواسطي ، وأنّهاه في ذي الحجّة سنة أربع عشرة وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط ، ورأيتُ خطّه له بالإجازة ، وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن أبي سعد محمّد بن إبراهيم الخبّاز الأزجي ، بقراءته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين ابن عبد الملك بن الحسين الخلاّل ، بقراءة غيره عليه ، وهو يسمع ، في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمّد الهروي بهراة ، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم

____________

١ ـ هذا الحديث منقول من جزء فيه أحاديث وصل إلى العلاّمة المجلسي بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ( الجباعي ).

٨٩

ابن محمّد بن عبد الله بن يزداد بن علي بن عبد الله الرازي ثمّ البخاري ببخارى ، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني بقزوين ، قال : حدّثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه عن آبائه بأسمائهم في كلّ سند إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله )

وبهذا الإسناد ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(١) .

داود بن سليمان الغازي :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : داود بن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني ، ذكره ابن نوح في رجاله ، له كتاب عن الرضا ( عليه السلام )(٢) .

وذكره الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في أصحاب الرضا ( عليه السلام ) ، وقال : داود ابن سليمان بن يونس بن أحمد الغازي ، أسند عنه ( عليه السلام ) ، روى عنه ابن مهرويه(٣) .

وذكره ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) في قسم الثقات من كتابه ، ونقل قول النجاشي(٤) .

وقال الكاظمي ( القرن الحادي عشر ) : ابن جعفر القزويني

____________

١ ـ البحار ١٠ : ٣٦٦ ح ١٨ ، كتاب الاحتجاج.

٢ ـ رجال النجاشي : ١٦١ [ ٤٢٦ ] ، وانظر : جامع الرواة ١ : ٣٠٤ ، مجمع الرجال ٢ : ٢٨٤ ، معجم رجال الحديث ، ٨ : ١١٣ [ ٤٤٠٧ ] ، منهج المقال : ١٣٥.

٣ ـ رجال الطوسي : ٣٥٧ [ ٥٢٩٢ ] ، في أصحاب الرضا ( عليه السلام ).

٤ ـ رجال ابن داود : ٩٠ [ ٥٨٨ ] ، القسم الأوّل.

٩٠

الممدوح(١) ، وعدّه في الحاوي في الضعفاء(٢) .

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) ـ بعد أن نقل عبارة النجاشي ـ : وظاهره كونه إماميّاً ، واستظهر الوحيد من عبارة الجنابذي(٣) كونه عاميّاً ، واستشهد لذلك بكون عادته وصل سنده إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يعني أنّه يروي عن الرضا ( عليه السلام ) ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )(٤) وأنت خبير بأنّ مجرّد نقل الجنابذي كونه ممّن يروي عن الرضا ( عليه السلام ) لا يدلّ على كونه عاميّاً ، مع أنّ الموجود في عبارة الجنابذي كما تسمعها في ترجمة عبد الله بن العبّاس القزويني(٥) إنّما هو سليمان بن داود لا داود بن سليمان ، فسهى قلم الوحيد ( رحمه الله ) في النسبة(٦) ، وأمّا وصله السند إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يدلّ على كونه عاميّاً ، إذ لعلّه لإلقاء الحجّة على الخصم ، وإلاّ فالعامّي

____________

١ ـ هداية المحدّثين : ١٩٩.

٢ ـ حاوي الأقوال ٣ : ٤٥٥ [ ١٥٤٨ ].

٣ ـ انظر عبارة الجنابذي في كشف الغمّة ٣ : ٥٨ ، قال بعد أن ترجم للرضا ( عليه السلام ) روى عنه عبد السلام بن صالح الهروي ، وداود بن سليمان ، وعبدالله بن العبّاس القزويني وطبقتهم.

٤ ـ منهج المقال ( مع تعليقة البهبهاني ) : ١٣٥ ، ولكنّه قال بعده : مع احتمال كون حاله مثل حال عبد السلام بن صالح.

وقال في ترجمة عبد السلام بن صالح الهروي أبو الصلت ( ص ١٩٣ ) ـ بعد أن نقل قول الجنابذي أيضاً ـ : ربّما يتوهّم كونه عاميّاً من أمثال هذا ، وذكرنا مراراً أنّ أمثال هؤلاء ظهر من الخارج تشيّعهم ، نعم ، يشعر بأنّه مخالط للعامّة وراو لأحاديثهم كما ذكره ( رحمه الله ) ، أي الاسترابادي.

٥ ـ تنقيح المقال ٢ : ١٩٥ ، منهج المقال ( التعليقة ) : ٢٠٤.

٦ ـ الموجود في كشف الغمّة داود بن سليمان ، وكذا في ترجمة عبد السلام بن صالح أبو الصلت في تعليقة الوحيد ( ص ١٩٣ ) ، فالظاهر أنّه ( رحمه الله ) سهى قلمه في ترجمة عبدالله بن العبّاس القزويني ( ص ٢٠٤ ) وقلب الاسم ، ولم يكن السهو منه في أنّ من ترجم له هو ما ذكره الجنابذي ، فتأمّل.

٩١

الذي لا يقول بإمامتهم لا يعتمد غالباً على روايتهم ( عليهم السلام ) أيضاً. وبالجملة : فلا يرفع اليد عن ظاهر كلام النجاشي الذي أصّلنا في الفائدة التاسعة عشرة دلالة عنوانه للرجل من دون غمز في مذهبه على كونه إماميّاً ، بمثل هذه الأوهام نعم ، لم يرد في الرجل ما يلحقه بالحسان نعم ، في المشتركات أنّه ممدوح ، انتهى(١) .

ولكن المفيد ( ت ٤١٣ هـ ) قال في الإرشاد : فصل : فممّن روى النصّ على الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) بالإمامة من أبيه ، والإشارة إليه منه بذلك ، من خاصّته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته : وداود ابن سليمان(٢) .

ثمّ روى عنه وقال : بهذا الإسناد ، عن محمّد بن علي ، عن أبي علي الخزّاز ، عن داود بن سيلمان ، قال : قلت لأبي إبراهيم ( عليه السلام ) : إنّي أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك ، فأخبرني من الإمام بعدك؟ فقال : « ابني فلان » ، يعني أبا الحسن ( عليه السلام )(٣) .

والظاهر أنّه نقلها من الكافي(٤) .

فقال التفرشي ( القرن الحادي عشر ) في ترجمة داود بن سليمان بن جعفر أبي أحمد القزويني : ويحتمل أن يكون هذا هو الذي ذكره المفيد ( رحمه الله ) في إرشاده ، حيث قال : ، ونقل ما في كلام المفيد(٥) .

____________

١ ـ تنقيح المقال ١ : ٤١٠ ، وانظر : أعيان الشيعة ٦ : ٣٧٢.

٢ ـ إرشاد المفيد ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد المجلّد ١١ ) ٢ : ٢٤٨.

٣ ـ إرشاد المفيد ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد المجلّد ١١ ) ٢ : ٢٥١.

٤ ـ الكافي ١ : ٣١٣ ح ٨ ، كتاب الحجّة ، باب : الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ). وعن الكليني ، الطوسي في الغيبة : ٣٨ ، وأيضاً أعلام الهدى ٢ : ٤٦.

٥ ـ نقد الرجال ٢ : ٢١٣ [ ١٨٨٢ ].

٩٢

وعلّق عليه البهبهاني ( ت ١٢٠٥ هـ ) بقوله : واحتمل في نقد الرجال كونه هو الذي وثّقه المفيد ، ولعلّه لا يخلو عن بعد ، فتأمّل(١) .

ونقل الشيخ أبو علي ( ت ١٢١٦ هـ ) عن تعليقة البهبهاني ، قوله : إلاّ أنّ اتّحاد الذي وثّقه المفيد مع المذكور عن النجاشي محلّ نظر ، وإن احتمله فى النقد أيضاً(٢) . وهذه العبارة غير موجودة في التعليقة ، فلعلّها من كلام أبي علي نفسه.

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) في ترجمة القزويني في نهاية كلامه الذي أوردناه آنفاً : وأمّا احتمال كون الرجل هو الآتي الذي وثّقه المفيد ( رحمه الله ) ، فهو كما ترى ، فتدبّر.

ثمّ ترجم مباشرة لداود بن سليمان الذي ذكره المفيد ، وساق كلام المفيد وما رواه عنه في النصّ على الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، والرواية التي بعدها عن نصر بن قابوس ، ثمّ قال : فإنّ خبر داود نصّ في كونه إماميّاً ، وقال أيضاً : وعلى كل حال فوثاقة داود بن سليمان ينبغي الإذعان بها بشهادة المفيد ( رحمه الله ) ، واتّحاده مع سابقه غير بعيد ، والله العالم(٣) .

وعلّق في القاموس ، أقول : الأصل في روايته ، الكافي في النصّ عليه ( عليه السلام ) ، وقد نقل الجامع(٤) خبر الكافي في داود بن سليمان الحمّار الكوفي لا القزويني.

فإن قيل : إنّ الحمّار لم ينقل روايته عن غير الصادق ( عليه السلام ).

قلت : القزويني أيضاً لم ينقل روايته عن غير الرضا ( عليه السلام ) أيضاً ، وهذا

____________

١ ـ تعليقة البهبهاني : ١٣٥.

٢ ـ منتهى المقال ٣ : ٢٠١ ، وانظر : خاتمة المستدرك ٧ : ٣٥٨ [ ٨٧٢ ].

٣ ـ تنقيح المقال ١ : ٤١٠.

٤ ـ جامع الرواة ١ : ٣٠٤.

٩٣

روى عن الكاظم ( عليه السلام )(١) .

وقال أيضاً في ترجمة داود بن سليمان الحمّار : بل يتّحد معه أيضاً داود ابن سليمان الآتي عن الإرشاد(٢) .

أقول : هذه الرواية التي رواها الكليني والمفيد ، رواها الصدوق في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبي علي الخزاز ، عن داود الرقي ، لا داود بن سليمان ، قال : نصّ آخر : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا محمّد ابن الحسن الصفّار ، قال : حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الله بن محمّد الحجال وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي علي الخزّاز ، عن داود الرقي ، قال : قلت لأبي إبراهيم ـ يعني موسى الكاظم ( عليه السلام ) ـ : فداك أبي ، إنّي كبرت وخفت أن يحدث بي حدث ولا ألقاك فأخبرني من الإمام من بعدك؟ فقال : « ابني علي ( عليه السلام ) »(٣) .

ولا يخفى أتمّية عبارة هذه الرواية ممّا موجود في الكافي ، ولكن الكافي مقدّم عند الكلّ ، فتأمّل.

وعلى كلّ ، قد دار الاحتمال بين ثلاثة :

فإمّا على كونه داود الرقي ، فلا يكون له علاقة بالمترجم له.

وإمّا على كونه الحمّار ، فإنّ في الرواية : « إنّي أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك » ، ويوضّح ذلك في الرواية الثانية ـ على فرض أنّهما رواية واحدة ـ فإنّ فيها : « إنّي كبرت وخفت أن يحدث بي حدث ولا ألقاك »

____________

١ ـ قاموس الرجال ٤ : ٢٤٤ [ ٢٧٢٩ ].

٢ ـ قاموس الرجال ٤ : ٢٤٣ [ ٢٧٢٧ ].

٣ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ١ : ٣٣ ح ٨ ، الباب : (٤).

٩٤

فيظهر منه أنّه كان كبير السن ، وخاف الحدث في وقت سؤاله للإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وكبر سنّه يرجّح كونه قد صحب الإمام الصادق ( عليه السلام ) قبل ذلك ، ثمّ صحب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وسأله عن الإمام بعده.

ومن خلال هذا يتّضح الأمر في الاحتمال الثالث وبُعد كونه الغازي القزويني ، خاصّة وقد عدّه صاحب الجامع الحمّار ، وهو خرّيت الصناعة.

وقد ترجم للغازي الرافعي ( ت ٦٢٣ هـ ) في التدوين ، قال : داود بن سليمان بن يوسف الغازي أبو أحمد القزويني ، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، ويقال : إنّ علياً كان مستخفياً في داره مدّة مكثه بقزوين ، وله نسخة عنه يرويها أهل قزوين عن داود ، كإسحاق بن محمّد ، وعلي بن محمّد بن مهروية ، وغيرهما(١) .

وقال أيضا في ترجمة الرضا ( عليه السلام ) : قد اشتهر اجتياز علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) بقزوين ، ويقال : إنّه كان مستخفياً في دار داود بن سليمان الغازي ، روى عنه النسخة المعروفة ، روى عنه إسحاق بن محمّد ، وعلي ابن محمّد بن مهرويه ، وغيرهما(٢) .

وقد ضعّفه العامّة وكذّبه الذهبي ، كما ذكر ذلك صاحب الأعيان ، وأجاب عليه : ويظهر ممّا مرّ أنّ تكذيب الذهبي له المعلوم حاله ، إنّما هو لروايته من الفضائل ما لا تقبله عقولهم ، مع أنّه ليس فيما نقلوه من الروايات عنه نكارة ، ولا ما يوجب الجزم بكذبه. وقول ابن حجر عن بعضها : إنّه ركيك اللفظ ، لعلّه من هذا القبيل ، والأحاديث لم تنقل لبيان الفصاحة والبلاغة ، ولو جاءت هذه الأحاديث لبيان ما يوافق الهوى لم

____________

١ ـ التدوين في أخبار قزوين ٣ : ٣

٢ ـ التدوين في أخبار قزوين ٣ : ٤٢٨.

٩٥

يلتفت إلى أنّها ركيكة أو قويّة(١) .

وعلى كلّ حال فالرجل مسكوت عنه في كتبنا لم يذكر بمدح أو قدح ، سوى أنّه من أصحاب الرضا ( عليه السلام ).

مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية داود بن سليمان الغازي :

ذكر النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) أنّ له كتاباً ، قال : له كتاب عن الرضا ( عليه السلام ) ، أخبرني محمّد بن جعفر النحوي ، قال : حدَّثنا الحسين بن محمّد الفرزدق القطعي ، قال : حدَّثنا أبو حمزة بن سليمان ، قال : نزل أخي داود بن سليمان ، وذكر النسخة(٢) .

وقد مرّ عن رجال الطوسي أنّه أسند عن الرضا ( عليه السلام ) ، وروى عنه ابن مهرويه(٣) .

وهناك نسخة مطبوعة برواية ابن مهرويه ، حققّها السيّد محمّد جواد الجلالي ، وقدّم لها السيّد محمّد حسين الجلاّلي مقدّمة ضافية ترجم فيها للغازي القزويني ، وذكر عدّة طرق للنسخة ، وطريقه إليها أيضاً ، ومواصفات وسند النسخة المعتمدة الموجودة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي بقم برقم ( ٥٣٥٨ )(٤) .

____________

١ ـ أعيان الشيعة ٦ : ٣٧٣.

٢ ـ رجال النجاشي : ١٦١ [ ٤٢٦ ].

٣ ـ رجال الطوسي : ٣٥٧ [ ٥٢٩٢ ].

٤ ـ انظر مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية داود بن سليمان الغازي ، تحقيق السيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي ، المقدّمة التي كتبها السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي للكتاب.

٩٦

أمّا النسخة التي أوردنا منها حديث الثقلين ، فهي جزء فيه أحاديث بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ( الجباعي ) وصلت إلى العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ، وأوردها في البحار ، قال : وجدت بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي نقلاً عن خطّ الشيخ الشهيد محمّد بن مكي ( قدس سرهما ) ما هذه صورته :

يروي السيّد الفقيه الأديب النسّابة شمس الدين أبو علي فخار بن معد ، جزءاً فيه أحاديث مسندة ، عن علي بن موسى الرضا الإمام المعصوم عليه الصلاة والسلام ، قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمّد ابن عبد السميع الهاشمي الواسطي ، وأنهاه في ذي الحجّة سنة أربع عشرة وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط ، ورأيت خطّه له بالإجازة ، وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن أبي سعد محمّد بن إبراهيم الخبّاز الأزجي ، بقراءته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلاّل ، بقراءة غيره عليه ، وهو يسمع ، في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمّد الهروي بهراة ، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن يزداد بن علي بن عبد الله الرازي ثمّ البخاري ببخارى ، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني بقزوين ، قال : حدَّثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) بأسمائهم في كلّ سند إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) « الإيمان إقرار باللسان ، ومعرفة بالقلب ، وعمل بالأركان ».

٩٧

قال علي بن مهرويه : قال أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي : قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق ، قال الشيخ أبو إسحاق : سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، يقول : كنت مع أبي بالشام ، فرأيت رجلا مصروعاً ، فذكرت هذا الإسناد ، فقلت : أُجرب هذا ، فقرأت عليه هذا الإسناد ، فقام الرجل ينفض ثيابه ، ومرّ(١) .

____________

١ ـ البحار ١٠ : ٣٦٦.

٩٨

(٦) أصل ( كتاب ) محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ( القرن الثالث )

الحديث :

حدَّثنا الشيخ أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ـ أيّده الله ـ قال : حدَّثنا محمّد بن همام ، قال : حدَّثنا حميد بن زياد الدهقان ، قال : حدَّثنا أبو جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزّاز(١) :

قال : حدَّثنا محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي ، ثمّ أورد عدّة روايات(٢) ، ثمّ بعده :

جعفر بن محمّد ، عن ذريح ، قال : حدَّثني عمر بن حنظلة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « إنّ رسول الله مرّ على قبر قيس بن فهد الأنصاري

قال : وقال : « نحن ورثة الأنبياء ».

قال : « وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تركت فيكم الثقلين : كتاب الله وأهل بيتي ، فنحن أهل بيته »(٣) .

____________

١ ـ إلى هنا سند رواية أصل الحضرمي ، بطريق هارون بن موسى التلعكبري.

٢ ـ الأُصول الستّة عشر : ٨٣ ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي.

٣ ـ الأُصول الستّة عشر : ٨٧ ـ ٨٨ ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي.

٩٩

محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : محمّد بن مثنى بن القاسم ، كوفي ، ثقة له كتاب(١) .

وقال العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) : محمّد بن مثنى بن القاسم ، كوفي ثقة(٢) . ومثله ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) ، ورمز له : لم ( جش )(٣) ، أيّ رجال الشيخ فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، والنجاشي.

ولكن الشيخ ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست عنونه : محمّد بن القاسم بن المثنى ، له كتاب(٤) ، ولم يذكره في رجاله بأيّ من العنوانين.

وعلّق على ذلك التفرشي ( القرن الحادي عشر ) في النقد بقوله : ويحتمل أن يكون هذا والذي سيجيء بعنوان : محمّد بن المثنى بن القاسم واحد(٥) ، ونقله البهبهاني في التعليقة ، وأضاف : وهو الظاهر بقرينة الرواة(٦) .

فإنّ طريق النجاشي للكتاب نفس طريق الطوسي ، كما سيأتي.

وأضاف أبو علي الحائري ( ت ١٢١٦ هـ ) : ويؤيّده عدم وجود ابن القاسم بن المثنى في غير الفهرست ، ويعضده وجود مثنى بن القاسم دون القاسم بن المثنى ، فتدبّر(٧) .

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٣٧١ [ ١٠١٢ ].

٢ ـ خلاصة الأقوال : ٢٦٤ [ ٩٤١ ] ، القسم الأوّل ، وانظر : حاوي الأقوال ٢ : ٢٧٦ [ ٦٤٠ ] ، منتهى المقال ٦ : ١٧٥ [ ٢٨٤٨ ].

٣ ـ رجال ابن داود : ١٨٢ [ ١٤٩١ ] ، القسم الأوّل ، وانظر : معالم العلماء : ١٠٩ [ ٧٣٤ ] ، وعنونه : محمّد بن القاسم المثنى ، والبلغة : ٤١٤.

٤ ـ فهرست الطوسي : ٤٣١ [ ٦٧٥ ].

٥ ـ نقد الرجال ٤ : ٣٠١ [ ٥٠١٣ ] ، وانظر : تنقيح المقال ٣ : ١٧٥ [ ١١٢٦٩ ].

٦ ـ منهج المقال ( مع تعليقة البهبهاني ) : ٣١٦.

٧ ـ منتهى المقال ٦ : ١٦٣ [ ٢٨٢٩ ].

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وتاريخ ابن معين، والمعرفة والتاريخ للفسويّ...

أقوال العلماء في هشام بن عمّار

قال العجليّ: هشام بن عمّار الدمشقيّ: صدوق. (تاريخ الثقات ٤٥٩ / ١٧٤١). وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين: ثقة. (تهذيب الكمال ٣٠: ٢٤٧). وقال أبو حاتم، عن يحيى بن معين: كيّس كَيْس. (الجرح والتعديل للرازيّ ٩ / الترجمة ٣٥٥).

وقال الدار قطنيّ: صدوقٌ كبير المحلّ. (تهذيب الكمال ٢٤٨).

وقال عبد الرحمان بن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: صدوق. (الجرح والتعديل للرازيّ ٩ / الترجمة ٣٥٥).

مات هشام بن عمّار سنة خمس وأربعين ومئتين، وقيل غير ذلك.(١)

الوليد بن مسلم القرشيّ الدمشقيّ مولى بني اُميّة

وعن الوليد هذا، روى هشام بن عمّار الحديث، له ترجمة واسعة في كتب الرجال ممّا يشير إلى علوّ منزلته عندهم.(٢)

____________________

(١) تاريخ البخاريّ ٢: ٣٨٢.

(٢) طبقات ابن سعد ٧: ٤٧٠، وتاريخ الدوريّ ٢: ٦٣٤، وطبقات خليفة ٣١٧، وتاريخ البخاريّ الكبير ٨ / الترجمة ٢٥٣٢، وثقات العجليّ ٤٦٦، والجرح والتعديل ٩ / الترجمة ٧٠، والكنى للدولابيّ ٢: ٧١، ورجال صحيح مسلم ١٨٥، والأنساب للسمعانيّ ٥: ٣٣٨، وتاريخ أبي زُرعة الدمشقيّ ١: ١٦٨ ومواضع كثيرة....

٢٨١

روى عن: عليّ بن حوشب الفزاريّ، وعنه روى الوليد الحديث. ومالك ابن أنس، واللّيث بن سعد، وسفيان الثّوريّ، وعبد الله بن لهيعة، ومحمّد بن عجلان، وعبد الملك بن جُرَيجْ، وأبي إسحاق الفزاريّ...

روى عنه: هشام بن عمّار - وهو الذي روى الحديث عن الوليد بن مسلم وأحمد بن حنبل، وأبو خَيْثمة زهير بن حرب، وبقيّة بن الوليد - وهو من أقرانه، وعبد الله بن وهب المصريّ - وهو من أقرانه، وعليّ ابن المدينيّ، وعبد الله بن الزبير الحُمَيديّ، والليث بن سعد - وهو من شيوخة، ونعيم بن حمّاد، وإسحاق بن راهوَيه، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وغيرهم كثير.

والقول في الرجال الذين روى عنهم، أو رَوَوا عنه، مِثل القول في هشام ابن عمّار.

قول العلماء فيه

ذكره ابن سعد في الطبقة السادسة وقال: ثقة كثير الحديث والعلم. (طبقات ابن سعد ٧: ٣٢٦ / ٣٩٢٦).

قال العجليّ: الوليد بن مسلم الدمشقيّ ثقة. (تاريخ الثّقات ٤٦٦ / ١٧٧٨).

وقال إبراهيم بن المنذر الخراميّ: قدِمتُ البصرة، فجاءني عليّ ابن المدينيّ، فقال: أوّل شيء أطلب، أخرِجْ إلَيّ حديث الوليد بن مسلم.

فقلت: يا ابن أمّ، سبحان الله ؛ وأين سماعي من سماعك؟! فجعلتُ آبى ويُلحّ، فقلتُ: أخبرني إلحاحكَ هذا ما هو؟ قال: اُخبرُك الوليدُ رجلٌ وعنده علمٌ

٢٨٢

كثير ولم أستمكن منه...، قال: فأخرجتُ إليه، فتعجّب من فوائده وجعل يقول: كان يكتب على الوجه (المعرفة والتاريخ ٢ / ٤٢٢).

وقال أحمد بن أبي الحواري: قال لي مروان بن محمّد: إذا كتب حديث الأوزاعيّ عن الوليد بن مسلم، فما تبالي مَن فاتَك.(١)

قال أبو زرعة الدمشقيّ: قال لي أحمد بن حنبل: كان عندكم ثلاثةٌ أصحاب الحديث: مروان بن محمّد والوليد وأبو مُسْهِر (تاريخ أبي زرعة ٧ / ٣٨٤).

وقال يعقوب الفسويّ: كنت أسمع أصحابنا يقولون: علم الشام عند إسماعيل بن عيّاش، والوليد بن مسلم، فأمّا الوليد فمضى على سنّته، محموداً عند أهل العلم، مُتقِناً صحيحاً، صحيحَ العلم...(٢) .

وأخباره طويلة يظهر منها فضله ومنزلته عند علماء عصره.

مات الوليد بن مسلم سنة أربع وتسعين ومائة، وقيل خمس وتسعين ومائة.(٣)

عليّ بن حوشب: عليّ بن حوشب الفزاريّ، أبو سليمان الدمشقيّ.

وعنه روى الحديث الوليد بن مسلم، ورواه عليّ بن حوشب عن مكحول.

روى عن: أبيه حوشب، ومكحول الشاميّ، وأبي سلاّم الأسود، وأبي قبيل المعافريّ المصريّ.

____________________

(١) الجرح والتعديل ٩ / الترجمة ٧٠.

(٢) المعرفة والتاريخ ٢: ٤٢٣.

(٣) طبقات ابن سعد ٧: ٣٢٧.

٢٨٣

روى عنه: الوليد بن مسلم، وزيد بن عبيد الدمشقيّ، ويحيى بن صالح الوُحاظيّ، وأبو توبة الربيع بن نافع الحلبيّ...

الأقوال في عليّ بن حوشب

قال أبو زرعة الدمشقيّ: قلت لعبد الرحمان بن إبراهيم(١) : ما تقول في عليّ ابن حوشب الفزاريّ؟ قال: لا بأس به، قلتُ: ولِمَ لا تقول ثقة ولا تعلم إلاّ خيراً؟ قال: قد قلتُ لك إنّه ثقة.(٢)

وذكر ابن حبّان عليّ بن حوشب في كتاب (الثقات) قال: من أهل الشام، يروي عن مكحول، روى عنه الوليد بن مسلم.(٣)

مكحول: مكحول بن عبد الله أبو عبد الله الدمشقيّ، من سبي كابل لسعيد ابن العاص. وأخباره تطول نذكر موجزها بحسب حاجة البحث:

روى عن: أنس بن مالك، وواثلة بن الأُسْقع، وابن عمر، وأبي أمامة، وسعيد

____________________

(١) عبد الرحمان بن إبراهيم الدمشقيّ المعروف بدُحَيْم ابن اليتيم الاُمويّ بالولاء، مولى آل عثمان بن عفّان. قال العجليّ وغيره: ثقة! كان يختلف إلى بغداد، سَمِعوا منه فذُكِرَ الفئة الباغية هم أهل الشام، فقال: مَنْ قال هذا فهو ابن الفاعلة، فنكب الناس عنه، لم يسمعوا منه (تاريخ الثّقات للعجليّ ٢٨٧ / ٩٢٨).

العجب من العجليّ وغيره يوثّقون هذا الرجل، والقيد في التوثيق هو صدقه وعدم تعمّد الكذب، وأن لا يكون فحّاشاً، وقد وجدنا الرجل قد عمد إلى تكذيب حديث متواتر وأفحَشَ في سبّ من يرويه! هذا وهو مولىً لآل عثمان، فكيف لو كان أمويّاً أصالةً.

(٢) تهذيب الكمال ٢٠: ٤١٩.

(٣) كتاب الثقات ٤: ١٢٧ / ٣٢٤١.

٢٨٤

بن المسيّب، وعكرمة مولى ابن عبّاس، وعروة بن الزبير، وطاووس ابن كيسان، وكريب مولى ابن عبّاس...

روى عنه: عليّ بن حوشب، الذي روى عنه حديث الأُذن الواعية، ومحمّد ابن إسحاق بن يسار - صاحب السّيرة والأوزاعيّ، وعبد القدّوس الشاميّ، وأُسامة بن زيد اللّيثيّ، والحجّاج بن أرطاة، وابن شهاب الزّهريّ، وعدد كبير ممّن ذُكروا في الثقات.

وأمّا مَن روى عنهم فقد ذكرنا بعض أسمائهم، وهم أشهر من أن يُعرَّفوا.

القول في مكحول: قال العجليّ: تابعيٌّ، ثقة. سمع من واثلة وأنس، وأبي هند الداريّ، ويقال: إنّه لم يسمع من أحدٍ من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ من هؤلاء.(١)

وقال يونس بن بُكير، عن محمّد بن إسحاق: سمعت مكحولاً يقول: طفتُ الأرض كلّها في طلب العلم.(٢)

عن الزهريّ: العلماء أربعة: سعيد بن المسيّب بالمدينة، وعامر الشعبيّ بالكوفة، والحسن بن أبي الحسن بالبصرة، ومكحول بالشام.(٣)

____________________

(١) تاريخ الثقات للعجليّ ٤٣٩ / ١٦٢٨.

(٢) تاريخ ابن معين ٢: ٣٤٦ / ٥٢٣٩.

(٣) الجرح والتعديل للرازيّ ٨ / الترجمة ١٨٦٧، حلية الأولياء ٥: ١٧٩. ٤ - منهاج السنّة النبويّة لابن تيميه ٤: ١٤٠.

٢٨٥

النتيجة

ثبت صحّة سند الحديث الذي أخرجه البلاذريّ. إلاّ أنّ ابن تيميه قال فيه: «حديث موضوع باتّفاق أهل العلم».(٤)

تعقيب: وقولنا فيه هنا مثل قولنا في البحوث السابقة، فهو وبكلّ يسرٍ يُطلِق لفظه الذي اشتُهِر به «موضوع باتّفاق أهل العلم»، وتارةً أُخرى: «باتفاق أهل المعرفة بالحديث» من غير ذكر لبعض أهل العلم والمعرفة أولئك، بل ولا ذكر واحدٍ منهم! ولو بُعث الرجل قبل البعث الأكبر والقيامة العظمى، وسئل: ما تقول في رجال سند الحديث الذي أخرجه البلاذريّ، هل هم شيعة روافض؟ أم إنّهم عاشوا في بيئة محترقة في التشيّع!

فنقل بعضهم الحديثَ عن الآخرَ تقيّة؟ أم هم مجهولو الحال؟ ونحن على ثقة أنّه إذا أراد أن يجيب ضاقت به السّبل ؛ فنقول: فأمّا التشيّع، فهم بعيدون كلّ البعد من ذلك. وأمّا البيئة، فهم من أهل الشام من دمشق حاضرة الدولة الأُمويّة، وفيهم من هو أُمويّ تثور ثائرته وهو في بغداد بعيداً عن أنصاره، وذلك لمّا ذُكرت الفئة الباغية.

وأمّأ حالهم: فقد أظهرت المصادر حُسْنَ حالهم. مع ملاحظة أنّا لم نرجع فيهم إلى مصدر شيعيّ.« فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلّا الضّلاَلُ فَأَنّى‏ تُصْرَفُونَ) .(١)

شواهد التنزيل للحسكانيّ الحنفيّ ٢: ٢٧٢ / ١٠٠٨، قال: وهذا الحديث

____________________

(١) يونس: ٣٢.

٢٨٦

رواه جماعة عن أميرالمؤمنين، منهم زِرّ بن جُبيش الأسديّ.(١)

____________________

(١) طبقات ابن سعد ٦: ١٠٤، والمصنّف لابن أبي شيبة ١٣ / الرقم ١٥٧٣٨، وتاريخ ابن معين ٢ / ١٧٢، وتاريخ الثقات للعجليّ ٢٦١، وطبقات خليفة ٢٣٧ / ٩٨٣، وتاريخه ٢٨٨، ومسند أحمد ٥: ١٢٩، وتاريخ البخاريّ الكبير ٣ / الترجمة ١٤٩٥، والمعارف ٤٢٧، والجرح والتعديل للرازيّ ٣ / الترجمة ٢٨١٧، ورجال صحيح مسلم ٥٤، وإكمال الإكمال ٤: ١٨٣، وأُسد الغابة ٢: ٣٠٠، والإصابة ١: ٥٧٧.

روى عن: عليّ بن أبي طالب، وعمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وعبد الله بن مسعود، وأبي ذرّ الغفاريّ، والعبّاس بن عبد المطّلب، وحذيفة بن اليمان، وأُبيّ بن كعب، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وأبي وائل شقيق بن سَلَمة الأسديّ وهو من أقرانه، وعائشة.

روى عنه: عديّ بن ثابت وقد روى عنه الحديث -، وإبراهيم النّخعيّ، وحبيب بن أبي ثابت، وإسماعيل بن أبي خالد، وعامر الشّعبيّ، والمنهال بن عمرو الأسديّ، وأبو إسحاق الشّيبانيّ، وشمر بن عطيّة، وعاصم بن بَهْدَلة...

القول فيه: قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن مَعين: ثقة (الجرح والتعديل للرازيّ ٣ / الترجمة ٢٨١٧)، وذكره محمّد بن سعد في الطبقة الأُولى من تابعي أهل الكوفة وقال: كان ثقة كثير الحديث. (طبقات ابن سعد ٦: ١٠٥).

قال العجليّ: زرّ بن حُبَيْش، من أصحاب عبد الله بن مسعود وعليّ، ثقة.

(تاريخ الثقات للعجليّ ١٦٥ / ٤٥٨). وفي (رجال ابن داود: ١٥٧ / ٦٢٠).

قال: كان فاضلاً، ومن أصحابنا. مات زرّ سنة إحدى وثمانين.

عديّ بن ثابت: روى الحديث عن زرّ بن حبيش.

روى عن: زرّ بن حبيش، وسعيد بن جبير، وسليمان بن صُرَد الخزاعيّ أمير التوّابين الذين خرجوا للطلب بثأر الحسينعليه‌السلام ، وأبيه ثابت، والبراء بن عازب، وزيد بن وهب الجهنيّ، ويزيد بن البراء بن عازب، وأبي راشد صاحب عمّار بن ياسر، وعبد الله بن أبي أوفى... =

٢٨٧

قال: عن الأعمش، عديّ بن ثابت، عن زِرّ بن حُبَيْش قال: قال أميرالمؤمنين: «ضمّني رسول الله إليه وقال: أمرني ربّي أن أُدنيك ولا أُقصيَك، وأن تسمع وتعي، وحقٌّ على الله أن تعي». فنزلت« وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) قال: ورواه أيضاً عنه: ابنُه عمر، عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ الله أمرني أن أُدنيك ولا أُقصيك، وأعلّمك لتعي، وأُنزلت علَيّ هذه الآية:« وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ » ، فأنت الأُذن الواعية لعلمي يا عليّ، وأنا المدينة وأنت الباب، ولا يؤتى المدينة إلاّ من بابها».

- وأيضاً شواهد التنزيل ٢: ٢٧٤ / ١٠٠٩: فقد ذكر رواة حديث الأُذن الواعية: بُرَيدة الأسلميّ، مكحول - خمس روايات، جابر بن عبد الله الأنصاريّ، ابن عبّاس، سعيد بن جُبير عن ابن عبّاس، أنس بن مالك. قال وورد أيضاً عن الحسين بن عليّ، وعبد الله بن الحسن، وأبي جعفر، وغيرهم.

____________________

= روى عنه: سليمان الأعمش - الذي روى عنه حديث الأُذن الواعية، وأبان بن تغلب، وأبان بن عبد الله البَجَليّ، وأبو إسحاق السّبيعيّ، وشعبة بن الحجّاج، وأبو إسحاق الشيبانيّ، وعليّ بن زيد بن جُدعان، وفضيل بن مرزوق، ومسعر بن كدام، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: ثقة (الجرح والتعديل للرازيّ ٧ / الترجمة ٥).

وقال العجليّ: عديّ بن ثابت الأنصاريّ، ثقة ثبت... وكان شيخاً عالماً... (تاريخ الثقات للعجليّ ٣٣٠ / ١١١٥).

وقال أبو حاتم: صدوق، وكان إمام مسجد الشيعة وقاصّهم (الجرح والتعديل للرازيّ ٧: ٥).

وذكره ابن حبّان في كتاب (الثّقات ٢: ٤١٧ / ٣١٩٢).

مات عديّ بن ثابت سنة ١١٦ هـ.

٢٨٨

المصادر

(ومن المصادر التي ذكرت نزول الآية في أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام )، مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ أو زيادة:

أسباب النزول للواحديّ: ٢٩٤، وتفسير الطبريّ ٢٩: ٥٦، والكشّاف للزمخشريّ ٤: ١٥١، والتفسير الكبير للفخر الرازيّ ٣٠: ١٠٧، وتفسير ابن كثير الحنبليّ ٤: ٤١٣، والمستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوريّ الحنفيّ ٣: ١١٠، والدرّ المنثور للسيوطيّ الشافعيّ ٦: ٢٦٠، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤: ٣١٩، وحلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهانيّ ١: ٦٧، ومناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ الشافعيّ: ٣١٨ / ح ٣٦٣ و ٣٦٤، والمناقب للخوارزميّ الحنفيّ: ٢٨٢ - ٢٨٣ / ح ٢٧٦ - ٢٧٨، وكفاية الطالب للگنجيّ الشافعيّ: ١٠٨، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم: ٢٢، ومناقب عليّ لابن مردويه: ٣٣٧ - ٣٣٩ / ح ٥٦٥ - ٥٧٢، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكيّ: ١٢٣، وكنز العمّال للمتّقيّ الهنديّ ٦: ٤٠٨، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ٣: ٩٥، وفرائد السمطين للجوينيّ الشافعيّ: الباب ٤٠ / الحديث ١٦٦، والطرائف لابن طاووس: ٩٣، ومطالب السَّؤول لابن طلحة الشافعيّ: ٢٠، وكشف اليقين للعلاّمة الحليّ: ٣٨٨، وتذكرة الحفّاظ للذهبيّ ٤: ١٤٠٥، ومجمع الزوائد للهيتميّ ١: ١٣١، ولباب النقول للسيوطيّ: ٢٢٥، وغاية المرام لهاشم البحرانيّ: ٣٦٦، ومفتاح النَّجا للبدخشانيّ الحارثيّ: ٤٠.

٢٨٩

حديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها».

قال ابن تيميه وحديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» أضعف وأوهى ؛ ولهذا إنّما يُعدّ في الموضوعات وإن رواه الترمذيّ! وذكره ابن الجوزيّ وبيّن أنّ سائر طُرقه موضوعة.(١)

وقال في موضع آخر: وممّا يروونه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»، قال: وهذا حديث ضعيف، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، ولكن قد رواه الترمذيّ وغيره، ومع هذا فهو كذب!(٢)

لقد وصلنا مع هذا الرجل إلى حدّ أنّه لو قال: إنّ عليّ بن أبي طالب لم يُخلق بعد، وإنّما ذكره الترمذيّ أو تفرّد به مسلم، ومع ذلك فلا صحّة لما ذكر إذ لم يتابعه البخاريّ، أو نفى وجودَه أبو الفرج..، لَما استغربنا قوله!

محاكمة الحديث سنداً ومتناً

حكم ابن تيميه على الحديث بالضعف، والحديث الضعيف يحتجّ به ما لم يأت ما يُبطله كما هو مقرّر عند العلماء بالحديث وأُصوله. وليت ناصبيّته وقفت عند الحدّ هذا! فإنّه رتّب على تضعيفه للحديث أن جعله من الموضوعات، مع إقراره بذكر الترمذيّ للحديث، وجعل مدار إبطال الحديث هو ابن الجوزيّ. ونذكّر بحديث ردّ الشمس وحكمه عليه بالكذب ؛ لأنّ مداره - كما زعم هو -

____________________

(١) منهاج السّنّة ٤: ١٣٨.

(٢) علم الحديث لابن تيميه ٥٢٦.

٢٩٠

عبيد الله بن موسى، وقال عنه: يروي الموضوعات. ثمّ طعن بابن عقدة الذي قال عنه: وأنا لا أتّهم به إلاّ ابنَ عقدة، والقول هذا لشيخه أبي الفرج.

فكان مدار ابن تيميه: أبا الفرج لا غير! وتكلّمنا هناك عن سند الحديث فكان من العلوّ بمكان، وذكرنا أنّ للحديث أسانيد أُخرى رفيعة.

وتحوّل بعد كلّ ذلك إلى القطع بأنّ الحديث مكذوب، وإن رواه الترمذيّ وغيره!

وليس لمثل ابن تيميه، ولا أبي الفرج أن يحكما على مثل الحكيم الترمذيّ وعلى نهجه الضالّ، سلك تلميذه الذهبيّ في تكذيب الحديث، إلاّ أنّ الأخير، تعامل مع الحديث بمحاكمة سنده، فخدشه ظنّاً منه أنّه بذلك يُبطل الحديث.

قال الحاكم في المستدرك: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب حدّثنا محمّد بن عبد الرحيم الهرويّ بالرملة، حدّثنا أبو الصّلت عبد السلام بن صالح، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب».

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه. وأبو الصّلت ثقة مأمون، فإنّي سمعت أبا العبّاس محمّد بن يعقوب في التاريخ يقول: سألتُ يحيى بن مَعين عن أبي الصّلت الهرويّ فقال: ثقة، فقلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية عن الأعمش: «أنا مدينة العلم»؟! فقال: قد حدّث به محمّد بن جعفر الفَيديّ، وهو ثقة مأمون. سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القبانيّ إمام عصره ببخارى يقول: سمعت صالح بن محمّد بن حبيب الحافظ يقول وسُئل عن أبي

٢٩١

الصّلت فقال: دخل يحيى بن معين، ونحن معه، على أبي الصّلت فسلّم عليه، فلمّا خرج تَبِعْتُه فقلت له: ما تقول - رحمك الله - في أبي الصّلت؟ فقال: هو صدوق، فقلت له: إنّه يروي حديث الأعمش عن مجاهد عن ابن عبّاس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأتها من بابها»، فقال: قد روى هذا - أي حديث مدينة العلم - ذاك الفَيْديّ عن أبي معاوية عن الأعمش كما رواه أبو الصّلت.(١)

قال الذهبيّ في التلخيص: بل موضوع. قال الحاكم: وأبو الصّلت ثقة مأمون. قال الذهبيّ: لا والله، لا ثقة ولا مأمون.(٢)

ومن طريق آخر: قال الحاكم: حدّثنا بصحّة ما ذكره الإمام أبو زكريا، حدّثنا يحيى بن معين، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن تميم القنطريّ، حدّثنا الحسين بن فهم، حدّثنا محمّد بن يحيى بن الضريس، حدّثنا محمّد بن جعفر الفيديّ، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنهم ا قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب».

قال الحسين بن فهم: حدّثناه أبو الصّلت الهرويّ عن أبي معاوية.

قال الحاكم: ليعلم المستفيد لهذا العلم أنّ الحسين بن فهم بن عبد الرحمان ثقة مأمون حافظ.

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين للحاكم ٣: ١٣٧ / ٤٦٣٧.

(٢) التلخيص للذهبيّ، هامش المستدرك.

٢٩٢

ولهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوريّ بإسنادٍ صحيح.(١)

قال الذهبيّ: العجب من الحاكم وجرأته في تصحيحه هذا وأمثاله من البواطيل، وأحمد هذا دجّال كذّاب!(٢)

قال الحاكم: حدّثني أبو بكر محمد بن عليّ الفقيه الإمام الشاشيّ القفّال ببخارى وأنا سألته، حدّثني النّعمان بن هارون البلديّ ببلد من أصل كتابه، حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحرّانيّ، حدّثنا عبد الرزّاق، حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن عبد بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمان بن عثمان التّيميّ قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فَمن أراد العلم فليأت الباب».(٣)

لقد وجدنا ابن تيميه قد حكم على الحديث بالكذب، وحجّته في ذلك أن أبا الفرج قد حكم بذلك، فأغنى نفسه عن البحث، إذ عادته المنتظمة كما ذكرنا في غير هذا الموطن أنّه يكذّب الحديث، وذريعته فيه أنّه كذب عند أهل العلم والمعرفة بالحديث. وإلاّ لاذ بأبي الفرج، فطوّقه ذلك الأمر واستراح.

وأمّا تلميذه الذهبيّ فقد وجدناه في تلخيصه للمستدرك: إمّا أن يوافق الحاكم، أو يسكت عن الحديث، أو يخدش سنده بأيّ ثمّة خدش. لكنّ نائرته اضطرم أُوارها في «حديث الطير»، فحمل على الحاكم نفسه! وكذلك في حديث

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣: ١٣٧ / ٤٦٣٨.

(٢) التلخيص للذهبيّ، هامش المستدرك ٣: ١٣٧ / ٤٦٣٨.

(٣) المستدرك على الصحيحين للحاكم ٣: ١٣٨ / ٤٦٣٩.

٢٩٣

«مدينة العلم» فقد حكم عليه بالوضع، ولم يقف عند الحدّ هذا، بل حلف بالله تعالى أنّ أبا الصّلت لا ثقة ولا مأمون!

وقبل الولوج في نقد سند الحديث، نذكّر بما أوردناه بشأن رجال علم الحديث والرجال وما أصابهم من جرح وتعديل علماء زمانهم أو ما هو قريب من ذلك. فإنّ يحيى بن مَعين هو من أقران أحمد بن حنبل، وهو ممّن يَخبت ابن تيميه وابن الجوزيّ والذهبيّ لإمامته ولا يتجاوزون قوله، فهو عندهم عدل أحمد بن حنبل، وقد قال فيه أبو زرعة(١) : لم يُنتفَع به - أي بيحيى - لأنّه كان يتكلّم في الناس(١) ! ويروى هذا عن عليّ بن المدينيّ،(٣)

____________________

(١) أبو زُرعة: عمرو بن جابر الحضرميّ، مصريّ، تابعيّ ثقة (تاريخ الثّقات للعجليّ ٣٦٢ / ١٢٥٢، و ٤٩٨ / ١٩٥٢).

(٢) تاريخ يحيى بن معين ١: ٨.

(٣) عليّ بن عبد الله بن جعفر بن نجيح المدنيّ: مات بسرّ مَنْ رأى سنة عدل أربع وثلاثين ومائتين. علمٌ ثبت حافظ، إمام أهل الحديث والرجال ثقة، عدل، حادّ الذكاء، واسع المعرفة، مستقيم الأمر، ضابط لما يرويه، وإليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبويّ مع معرفة بنقد الرجال مع ورعٍ وتقوى، وهوشيخ البخاريّ وعنه شحن صحيحه بالحديث، وقال عنه: ما استصغرت نفسي بين يدي أحدٍ إلاّ بين يدي عليّ بن المدينيّ. ولمّا سئل البخاريّ: ما تشتهي؟ قال: أن أقدم العراق وعليٌّ حيّ فأجالسه.

تلقّي المدينيّ العلم عن: حمّاد بن زيد، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطّان، وعبد الرزّاق ابن همّام، وغُنْدر، وعبد الرحمان بن مهديّ، وابن عُلَيّة، ويوسف بن يعقوب الماجشون، والدّراورديّ، وعبد الله بن وَهْب، والوليد بن مسلم... =

٢٩٤

من وجوه(١) . وقال: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن يحيى بن معين.(٢)

ووقع أبو داود فيه، فلمّا أُنكر عليه قال: من جرّ ذيول الناس جرّوا ذيله!(٣)

وقد قال يحيى بن مَعين عن نفسه: إنّا لنطعن على أقوام لعلّهم قد حطّوا رحالهم في الجنّة من أكثر من مئتي سنة! هذا هو بعض شأن يحيى بن مَعين، حُكْم علماء عصره عليه، وحكمه على نفسه! وسؤالنا لابن الجوزيّ، وابن تيميه: فهلاّ اقتديتما به فتركتما الناس لله! ألم يصلكما قول إمامكما وحكمه في سند حديث مدينة العلم؟ وماذا سيكون جوابكما إذا حشرتما وجاء أبو الصّلت وغيره

____________________

= روى عنه: البخاريّ، وأبو داود. وروى عنه: سفيان بن عيينة، ومعاذ بن معاذ - وهما من شيوخه ؛ وأحمد بن حنبل، وعثمان بن أبي شيبة - وهما من أقرانه. وروى عنه أبو داود، والترمذيّ، والنّسائيّ، وابن ماجة في التفسير له بواسطة: الذّهليّ، والجوزجانيّ، والحسن بن عليّ الخلاّل، والحسن بن الصباح البزّار...

تلقّى العلم عنه خلق كثير، منهم: ابنه عبد الله، وأحمد بن منصور الرماديّ، وصالح جزرة، وعبد الله البغويّ، والباغندي، وأبو يعلى الموصليّ، وأبو حاتم الرازيّ...

قال أبو حاتم الرازيّ: كان علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل، وكان الإمام أحمد لا يسمّيه، إنّما يكنّيه ؛ تبجيلاً له.

انظر في: الطبقات الكبرى ٧: ٣٠٨، وتاريخ البخاريّ الكبير ٣: ٢ / ٢٤٨، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٣: ١ / ١٩٣، وتاريخ بغداد ١١: ٤٥٨ / ٤٧٣، والفهرست لابن النديم ٣٣١، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبليّ ٢: ٨١...

(١) تاريخ يحيى بن معين ١: ٨.

(٢) تهذيب الكمال للمزّيّ ٣١: ٥٦٤.

(٣) نفسه.

٢٩٥

يطالبون بحقّهم؟ وهل هناك كفّارة؟! ثمّ ما تقولان للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولعليّعليه‌السلام وهما يشكوانكما؟!

ومع كلّ ما ذكرناه، يبقى ابن معين له شأنه في هذا الميدان، وهو لكما ألزم إذ جعلتموه حجّةً بينكما وبين الله تعالى.

وابن معين عاصر أبا الصّلت ورآه وسمعه، فالحكم له ومن هو في طبقته، لا لكما! فهلاّ حملتما على ابن معين لا على الحاكم، وقد كان ابن معين في سند الحديث، وهو الذي حكم بصدق الحديث، وصدّق أبا الصّلت ووثّقه؟!

وزاد أن قوّى وثاقة الحديث فذكره من طريق الفيديّ عن أبي معاوية عن الأعمش مثلما رواه أبو الصّلت، وكان جوابه هذا حينما أُشكِل عليه وسئل عن أبي الصّلت وروايته لحديث مدينة العلم.

فلِمَ أغمضتم عيناً عن الفيديّ، الذي جعله ابن معين حجّةً أخرى في تصديقه الحديث لوثاقة الفيديّ عنده، وعلّقتم الحديث الثاني على أحمد؟! ولَيتكم وقفتم عند تضعيف أحمد! وإنّما ذهب بكم الأمر إلى القول فيه: دجّال كذّاب! وهو من أعظم ما يُرمى به المرء بعد الإسلام، وهو الباب لكلّ الخطايا. ولذا قرّروا الأخذ بروايات أهل الأهواء والبدع، وقالوا في رجال الحديث: لئن يخرّ أحدهم من السماء أهونُ عليه من أن يكذب.

وقد علمتم صحّة ووثاقة الحديث الأوّل، فعلامَ علّقتم الحديث الذي بعده على أحمد وطعنتموه بُمديٍّ ما طعنتم بها الكفّارَ والخوارج؟! فماذا أعددتم ليوم

٢٩٦

غدٍ؟! و« سَيَعْلَمُونَ غداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ) .(١)

وأبو الفرج عند ابن تيميه، هو مدار تكذيب حديث مدينة العلم، وأبو الفرج مات سنة (٥٩٧ هـ)، وأبو الصلت توفّي سنة (٢٣٦ هـ)، فالفاصلة الزمنيّة بينهما هي (٣٦١) سنة!

وأمّا الذهبيّ الذي حلف بالله أنّ أبا الصّلت لا ثقة ولا مأمون، فإنّه مات سنة ٧٤٨ هـ، وبذا تكون الفاصلة الزمنيّة بينه وبين أبي الصّلت هي (٥١٢) سنة فقط! وبين الذهبيّ وبين أحمد بن عبد الله المتوفّى سنة ٢٧١ هـ، الذي قال عنه الذهبيّ: إنّه كذّاب دجّال، (٤٧٧) سنة.

وليس بين ابن تيميه المتوفّى سنة (٧٢٨ هـ) وبين أبي الصّلت أكثر من (٤٩٢) سنة، وأمّا بينه وبين أحمد بن عبد الله فأقلّ من ذلك، فهي لا تزيد على (٤٥٧) سنة! فَلْيَحكم المنصفون.

وبين ابن تيميه، وأبي معاوية الضّرير (٥٣٣) سنة، وبين الذهبيّ وأبي معاوية (٥٣٣) سنة.

وفي الحديث الذي ذكره الحاكم، وفي طريقه الحسين بن فهم، وجدنا الذهبيّ قد رحم نفسه فلم يحلف بالله تعالى بتضعيفه بل قال بإسقاطه! كما فعل بشأن أبي الصّلت.

وقد مرّ بنا قول الحاكم فيه: إنّ الحسين بن فهم ثقة مأمون حافظ. فقد نعته

____________________

(١) القمر: ٢٦.

٢٩٧

بما نعت به أبا الصلت وزاد: حافظ. لكنّ الذهبيّ لم تطاوعه نفسه. وربّما نسي! فقد قال عنه في كتاب آخر له: الحسين بن فهم، صاحب محمّد بن سعد (صاحب الطبقات الكبرى)، قال الحاكم: ليس بالقويّ!(١) وتابعه ابن حجر فقال عنه عينَ عبارة الذهبيّ!(٢)

وهذا أشكل وأعضل ما نجده في منهجيّة كتابة التاريخ والتراجم، وهو اللاّموضوعيّة وعدم التجرّد عن العصبيّة والهوى، وعبادة الأشخاص على أسمائها، حتّى لَتجد كتباً ربّما كثرت أجزاؤها هي عينها لسابقين مع تغيير عنوان الكتاب اللاحق، ليس أكثر! وإلاّ قولُهما مناقض تماماً لما ذكره الحاكم في حديث مدينة العلم، إذ أفرده من سلسلة السند فأقامه حجّةً لأهل العلم، وذلك هو قوله: ليعلم المستفيد لهذا العلم أنّ الحسين بن فهم ثقة مأمون حافظ.

ولم يكن الحسين بن فهم من أقران الذهبيّ، ولا ابن حجر، ولا هما قريبا عهد به، فإنّ الفاصلة الزمنيّة بين الذهبيّ وابن فهم هي (٤٥٩) سنة، وأمّا بين ابن حجر وابن فهم فهي (٥٦٣) سنة! وما يدرينا فلعلّ الحسين بن فهم ممّن قال عنهم ابن معين قد حطّوا رحالهم في الجنّة!

من أخبار الحسين بن فهم

الحسين بن محمّد بن عبد الرحمان بن فهم بن مُحرز بن إبراهيم، أبو عليّ.

____________________

(١) ميزان الاعتدال للذهبيّ ٢: ٣٠٨ / ١٢٦٦.

(٢) لسان الميزان لابن حجر ٢: ٣٠٨.

٢٩٨

سمع: يحيى بن مَعين، ومصعباً الزبيريّ، ومحمّد بن سعد كاتب الواقديّ، وأبا خَيثمة زُهير بن حرب، ومحمّد بن سلاّم الجُمحيّ...

روى عنه: أحمد بن معروف الخشّاب، وأبو عليّ (الطوماريّ، وأحمد ابن كامل... ؛ وكان ثقةً، وكان عسراً في الرواية متمنّعاً إلاّ مَن أكثر ملازمته، وكان حسن المجلس مفتياً مفنناً في العلوم، كثير الحفظ للحديث مسنده ومقطوعه ولأصناف الأخبار والنّسب والشّعر، والمعرفة بالرجال، وكان يقول: صحبت يحيى ابن مَعين وأخذت عنه معرفة الرجال، وصحبت مصعب بن عبد الله - الزبيريّ ت ٢٣٦ هـ، له (نسب قريش) - فأخذت عنه النّسب، وصحبت أبا خيثمة فأخذتُ عنه المسند، وصحبت الحسن بن حمّاد سجّادة فأخذت عنه الفقه.(١)

ترجمة أبي الصّلت(٢) :

عبد السلام بن صالح بن سليمان بن أيوب بن ميسرة، أبو الصّلت الهرويّ، مولى عبد الرحمان بن سَمُرة القرشيّ. سكن نيسابور، ورحل في طلب الحديث إلى البصرة والكوفة والحجاز واليمن.(٣)

وهو خادم عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام أديبٌ فقيه عالم.(٤)

____________________

(١) تاريخ بغداد ٨: ٩٢ / ٤١٩٠.

(٢) سنن الدار قطنيّ ١: ١١٠، والجرح والتعديل ٦، الترجمة ٢٥٧، وتاريخ بغداد ١١: ٤٦ / ٥٧٢٨، مطالب السؤول ٢١٤، ورجال ابن ماجة ١٥، ٥١، وتهذيب الكمال للمزّيّ ١٨: ٧٣ / ٣٤٢١.

(٣) تاريخ بغداد ١١: ٤٦، وتهذيب الكمال ١٨: ٧٣.

(٤) تهذيب الكمال للمزّيّ ١٨: ٧٣.

٢٩٩

روى عن: عليّ بن موسى الرضا، الثامن من أئمّة أهل البيت النبيّ عليه وعليهم السلام، ومحمّد بن خازم أبي معاوية الضّرير، ومالك بن أنس إمام المذهب المالكيّ، وعبد الرزّاق بن همّام(١) ، وسفيان بن عُيَينة(٢) ، وعبد السلام بن

____________________

(١) محمّد بن خازم تأتي ترجمته، ومالك أشهر من أن يعرّف، والرضاعليه‌السلام فرع الشجرة العلويّة الطاهرة. وعبد الرزّاق بن همّام بن نافع الحِمْيَريّ الصنعانيّ، عالم اليمن حافظ كبير، له: المصنّف، وتفسير القرآن العزيز، توفّي سنة إحدى عشرة ومائتين.

روى عن: أبيه، ومَعْمَر بن سليمان، وعبيد الله بن عمر، وابن جُريج، وحجّاج بن أرْطأة، والأوزاعيّ، والسّفيانَين، ومالك.

قال العجليّ: يمانيّ، ثقة وكان يتشيّع. (تاريخ الثّقات ٣٠٢ / ١٠٠٠).

روى عنه: شيخاه: مُعتمر وسفيان بن عينية، وأبو أسامة وهو أكبر منه، وأحمد، وابن معين وإسحاق، ومحمّد بن رافع، وأحمد بن صالح المصريّ (شيخ البخاريّ: توفّي سنة ثمان وأربعين ومئتين، مضت ترجمته في الحديث الذي أنكره ابن تيميه «حديث ردّ الشمس للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحمل حملةً منكرةً على سنده، وجرح أحمد هذا»، قال ابن سعد: قفة، من الطبقة الخامسة من أهل اليمن - وذلك بلحاظ سنة وفاته -، ومثله ذكر خليفة بن خياط في (طبقاته ٥٢١ / ٢٦٧٣).

قال عبد الرزّاق: جالَسنا مَعمراً سبعَ سنين. (الجرح والتعديل ٦ / ٣٨).

قال أحمد بن صالح: قلت لأحمد بن حنبل: رأيتَ أحداً أحسنَ حديثاً من عبد الرزّاق؟ قال: لا. (تهذيب الكمال ٢: ٨٢٩).

و قال عبد الوهّاب بن همّام: كنتُ عند معمر فذكر أخي عبد الرزّاق، وقال: خليق إن عاش أن تُضرب إليه أكباد الإبل. (تهذيب الكمال ٢: ٨٢٩).

وقال أبو صالح محمّد بن إسماعيل: بلغنا ونحن عند عبد الرزّاق أنّ ابن معين. وأحمد بن حنبل تركوا حديث عبد الرزّاق، فدخلنا من ذلك غمّ شديد، فلمّا كان وقت الحجّ وافيت بمكّة يحيى بن =

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492