ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه12%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169306 / تحميل: 5906
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ولنعيّن لك صفحات روايات أحمد في مسنده ؛ لترجع إليها عند الحاجة ، فإنّه روى :

حديث سعد ، صفحة ١٧٥ من الجزء الأوّل

وحديث ابن عبّاس ، صفحة ٣٣١ من الجزء الأوّل أيضا

وحديث ابن عمر ، صفحة ٢٦ من الجزء الثاني

وحديث زيد بن أرقم ، صفحة ٣٦٩ من الجزء الرابع

ولعلّه لأحمد أحاديث أخر.

فأنت ترى أنّ طرق الحديث مستفيضة أو متواترة ، ولا سيّما بضميمة أخبارنا ، وقد صحّح القوم جملة من أحاديثهم كما عرفت ، حتّى صحّح الحاكم في « المستدرك » طريقين منها(١) ، وأقرّه الذهبي ـ مع ما تعلمه من حاله ـ على صحّة حديث زيد بن أرقم ، الذي رواه مع حديث عمر ، صفحة ١٢٥ من الجزء الثالث(٢) .

فمع هذا كلّه ، كيف يجوز لابن الجوزي دعوى الوضع لمجرّد رواية الصحيحين لحديث استثناء باب أبي بكر ، وهو أقرب إلى الوضع ؛ لأنّه من حديث المتّهمين والنصّاب ، مع ضعف رجال سنده كما عرفت(٣) ، وعدم تعدّد طرقه؟! ولكن لا حيلة مع التعصّب ومجانبة الإنصاف!!

* * *

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١ و ٤٦٣٢.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١.

(٣) راجع الصفحتين ١١٠ و ١١١ من هذا الجزء.

١٢١

١٣ ـ حديث المؤاخاة

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الثالث عشر : في مسند أحمد بن حنبل ، من عدّة طرق ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين الناس وترك عليّا حتّى بقي آخرهم لا يرى له أخا ، فقال : يا رسول الله! آخيت بين أصحابك وتركتني؟!

فقال : «إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإن ذكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب.

والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلّا لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ، ووارثي »(٢) .

وفي « الجمع بين الصحاح الستّة » ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «مكتوب على باب الجنّة : محمّد رسول الله ، عليّ أخو رسول الله ،

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٧.

(٢) أخرجه أحمد في « المسند » كما في ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ح ١ ، وفي فضائل الصحابة ٢ / ٧٦٥ ح ١٠٥٥ وص ٧٩٢ ح ١٠٨٥ وص ٨٢٩ ح ١١٣٧ ؛ وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢٠ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١٦ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٣ / ٣٦ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ١٤٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥ ـ ١٦ ح ٤٢٨٨ ـ ٤٢٨٩ ، الاستيعاب ٣ / ١٠٩٨ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ح ٥٧ ـ ٦٠ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٧٣ ح ٤٧٦٩ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥١ ـ ٦٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥ وص ١٤٠ ح ٣٦٤٤٠.

١٢٢

قبل أن يخلق الله السموات بألفي عام »(١) .

* * *

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٨٢٧ ـ ٨٢٨ ح ١١٣٤ ـ ١١٣٥ وص ٨٣١ ـ ٨٣٢ ح ١١٤٠ ، المعجم الأوسط ٥ / ٥٠٤ ح ٥٤٩٨ ، حلية الأولياء ٧ / ٢٥٦ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٧ رقم ٣٩١٩ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ح ١٣٤ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٤٠ ح ٦٧١٠ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٤٤ ح ١٦٨ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٩ ، الرياض النضرة ٣ / ١٢٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٤ ح ٣٣٠٤٣ وج ١٣ / ١٣٨ ح ٣٦٤٣٥.

١٢٣

وقال الفضل(١) :

حديث المؤاخاة مشهور معتبر معوّل عليه ، ولا شكّ أنّ عليّا أخ(٢) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومحبّه وحبيبه ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شديد الحبّ له ، وهذا كلّه يؤخذ من صحاحنا ومن مذهبنا ، ولكن لا يدلّ على النصّ ؛ لأنّ أبا بكر كان خليل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووزيره وقرينه ، وله أيضا من الفضائل ما لا يعدّ ولا يحصى ، والكلام ليس في عدّ الفضائل وإثباتها ، بل وجود النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٣٩.

(٢) كذا في الأصل ، وليس بعزيز من مثل الفضل ، والصواب لغة : « أخو ».

١٢٤

وأقول :

نقل في « ينابيع المودّة » ، في الباب التاسع ، حديث المؤاخاة عن أحمد في مسنده ، عن زيد بن أبي أوفى(١) .

كما نقله المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة » ، عن « المسند » أيضا(٢) .

وقد سبق ذكره في الآية الثانية والثلاثين ، وأنّ ابن تيميّة زعم أنّه من زيادات القطيعي(٣) .

وسبق أنّه قد نقله في « كنز العمّال » و « تذكرة الخواصّ » ، عن أحمد في « الفضائل »(٤) .

ثمّ حكى في « الينابيع » أيضا ، عن أحمد في « مسنده » ، عن حذيفة ابن اليمان ، قال : « آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين والأنصار ، وكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثمّ أخذ بيد عليّعليه‌السلام ، فقال : هذا أخي »(٥) .

وحكى أيضا عن عبد الله بن أحمد في « زوائد المسند » ثمانية أحاديث في مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام (٦) .

__________________

(١) ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ح ١.

(٢) منهاج الكرامة : ١٤٤ ـ ١٤٥.

(٣) انظر : ج ٥ / ١٤٣ من هذا الكتاب ، منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨.

(٤) فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٩٢ ح ١٠٨٥ ، وانظر : كنز العمّال ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥ ، تذكرة الخواصّ : ٢٩ و ٣١.

(٥) ينابيع المودّة ١ / ١٧٨ ح ٤.

(٦) إنّما هما حديثان عن « زوائد المسند » ، فانظر : ينابيع المودّة ١ / ١٧٨ ح ٣ وص ١٧٩ ح ٦ ، ويبدو أنّ ذلك من سهو القلم ، فمجموعة أحاديث المؤاخاة المذكورة

١٢٥

فيمكن أن يكون المصنّفرحمه‌الله أشار إلى هذه الأحاديث بقوله : « من عدّة طرق » ، وكأنّ القوم قد تعلّلوا لحذفها من « المسند » في الطبع ، بدعوى أنّها من الزيادات ، فإنّي لم أعثر على شيء منها!

وروى الترمذي حديث المؤاخاة في فضائل عليّعليه‌السلام من « سننه » ، عن ابن عمر ، وحسّنه ، ثمّ قال : وفيه عن زيد بن أبي أوفى(١) .

ورواه في « الاستيعاب » بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أبي الطفيل ، قال : « لمّا احتضر عمر جعلها شورى بين عليّ ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعد ، فقال لهم عليّ : أنشدكم الله هل فيكم أحد آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبينه ـ إذ آخى بين المسلمين ـ غيري؟!

قالوا : اللهمّ لا ».

ثمّ قال : « وروينا من وجوه عن عليّ أنّه كان يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد غيري إلّا كذّاب ».

ثمّ قال : « قال أبو عمر(٢) : آخى رسول الله بين المهاجرين [ بمكّة ] ، ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار [ بالمدينة ] ، وقال في كلّ واحدة منهما لعليّ :أنت أخي في الدنيا والآخرة ؛ وآخى بينه وبين نفسه ؛ فلذلك كان هذا القول وما أشبهه من عليّ ».

انتهى ما في « الاستيعاب »(٣) .

__________________

في ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ـ ١٨١ ب‍ ٩ ح ١ ـ ٧ هي من مصادر مختلفة وبطرق متعدّدة ؛ فلاحظ!

(١) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢٠.

(٢) هو صاحب كتاب « الاستيعاب في معرفة الأصحاب » ، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ الأندلسي ، المتوفّى سنة ٤٦٣ ه‍.

(٣) الاستيعاب ٣ / ١٠٩٨ ـ ١٠٩٩.

١٢٦

وروى الحاكم حديث المؤاخاة في « المستدرك » ، في كتاب الهجرة ، من طرق ، عن ابن عمر(١)

وحكى في « كنز العمّال »(٢) ، عن الخلعي ، والبيهقي في « سننه »(٣) ، والضياء في « المختارة » ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : «آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين عمر وأبي بكر ، وبين حمزة بن عبد المطّلب وزيد بن حارثة ـ إلى أن قال : ـوبيني وبين نفسه »

وحكى في « الكنز » أيضا(٤) ، عن أبي يعلى في « مسنده »(٥) ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : «آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الناس وتركني ـ إلى أن قال : ـ قال : إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإن حاجّك أحد فقل : إنّي عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيها أحد بعدك إلّا كذّاب ».

وحكى في « الكنز » أيضا نحوه(٦) ، عن ابن عديّ ، بسنده عن يعلى ابن مرّة.

وحكى فيه أيضا ، عن الطبراني ، عن ابن عبّاس : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : «أغضبت [ عليّ ] حين واخيت بين المهاجرين والأنصار ، ولم أواخ بينك وبين أحد منهم؟!

__________________

(١) ص ١٤ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٥ ـ ١٦ ح ٤٢٨٨ ]. منهقدس‌سره .

(٢) ص ٣٩٤ من الجزء السادس [ ١٣ / ١٢٠ ح ٣٦٣٨٤ ]. منهقدس‌سره .

(٣) لم نعثر عليه في « السنن » المطبوع!

(٤) ص ٣٩٩ من ج ٦ [ ١٣ / ١٤٠ ح ٣٦٤٤٠ ]. منهقدس‌سره .

(٥) لم نعثر عليه في « مسند أبي يعلى » المطبوع!

(٦) ص ٥٤ من ج ٦ [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٣٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : الكامل في ضعفاء الرجال ٥ / ٣٥ رقم ١٢٠٥.

١٢٧

أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟!

ألا من أحبّك حفّ بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة الجاهلية »(١) .

وحكى أيضا حديث المؤاخاة بين النبيّ وعليّ ، عن ابن عساكر ، عن أبي رافع ، عن أبي أمامة(٢) .

ونقل سبط ابن الجوزي في « تذكرة الخواصّ » ثلاث روايات في المؤاخاة ، عن أحمد في « الفضائل » ، كما هي عادته في النقل عنها ، وأثبت وثاقتها ، ونقل أيضا عن أحمد ما نقله المصنّفرحمه‌الله عن « الجمع بين الصحاح »(٣) .

وحكى في « ينابيع المودّة » ، في الباب التاسع ، عن ابن المغازلي ، أنّه أخرج ستّة أحاديث في المؤاخاة ، وعن أخطب خوارزم اثني(٤) عشر حديثا ، وعن الحمويني حديثين ، بأسانيدهم عن ابن عبّاس ، وابن عمر ، وحذيفة ، وأنس ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن أبي أوفى ، وأبي أمامة ، وغيرهم(٥) .

__________________

(١) كنز العمّال ١١ / ٦٠٧ ح ٣٢٩٣٥ ، وانظر : المعجم الأوسط ٨ / ٧٣ ـ ٧٤ ح ٧٨٩٤ ، المعجم الكبير ١١ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ١١٠٩٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١.

(٢) ص ٤٠٠ من ج ٦ [ ١٣ / ١٤٤ ح ٣٦٤٥٠ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٥١.

(٣) تذكرة الخواصّ : ٢٩ ـ ٣١.

(٤) في المصدر : « إحدى ».

(٥) ينابيع المودّة ١ / ١٧٩ ضمن ح ٥ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ح ٥٧ ـ ٦٠ وص ١٣٥ ح ١٥٤ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام

١٢٨

وقد مرّ في الآية الثالثة والعشرين الأحاديث في قول أمير المؤمنين : «أنا عبد الله وأخو رسوله »(١) .

ونقل في « كنز العمّال »(٢) ، عن العدني ، عن أبي يحيى ، قال : سمعت عليّا يقول : «أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد بعدي إلّا كاذب » ؛ فقالها رجل فأصابته جنّة

ويشهد لصحّة أخبار المؤاخاة بين المهاجرين ، ما رواه البخاري في باب « كيف يكتب : هذا ما صالح فلان بن فلان » ، من كتاب « الصلح »(٣) .

وفي باب « عمرة القضاء » ، من كتاب « المغازي » ، أنّه اختصم عليّ وجعفر وزيد بن حارثة في كفالة ابنة حمزة لمّا تبعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتناولها عليّعليه‌السلام ؛ فقال عليّعليه‌السلام : أنا أخذتها ، وهي بنت عمّي.

وقال جعفر : هي ابنة عمّي ، وخالتها تحتي.

وقال زيد : ابنة أخي(٤) .

ومثله في « مستدرك » الحاكم(٥) .

إذ لا معنى لقول زيد : « ابنة أخي » ومنازعته لأمير المؤمنين وجعفر ،

__________________

_ للخوارزمي ـ : ١١١ ـ ١١٢ ح ١٢٠ و ١٢١ وص ١٤٠ ح ١٥٩ وص ١٤٤ ح ١٦٨ وص ١٥٢ ضمن ح ١٧٨ وص ١٥٧ ح ١٨٦ وص ٢٩٤ ح ٢٨٢ وص ٣٠١ ضمن ح ٢٩٦ وص ٣٤١ ح ٣٦١ وص ٣٤٤ ضمن ح ٣٦٤ وص ٣٥٩ ح ٣٧٢ ، فرائد السمطين ١ / ١١٢ ـ ١١٦ ح ٨٠ و ٨١.

(١) راجع : ج ٥ / ٩٧ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٢) ص ٣٩٦ من الجزء السادس [ ١٣ / ١٢٩ ح ٣٦٤١٠ ]. منهقدس‌سره .

(٣) صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩.

(٤) صحيح البخاري ٥ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٢٦٣.

(٥) ص ١٢٠ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٤ ]. منهقدس‌سره .

١٢٩

وهما هما مع رحمهما الماسّة بابنة عمّهما لو لا المؤاخاة التي عقدها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بين حمزة وزيد ، وهما مهاجريّان(١) .

لكنّ ابن تيميّة أنكر المؤاخاة بين المهاجرين ، وبين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين(٢) ، قال : لأنّ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار لإرفاق بعضهم ببعض ، ولتأليف قلوب بعضهم ببعض ، فلا معنى لمؤاخاة مهاجريّ لمهاجريّ(٣) .

وفيه : إنّ الإرفاق والتأليف أيضا مطلوبان بين المهاجرين بعضهم مع بعض ، مع اشتمال المؤاخاة على حكم كثيرة أخر.

قال في « السيرة »(٤) : « قال الحافظ ابن حجر : وهذا ردّ للنصّ بالقياس ، وبعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة ، فآخى بين الأعلى والأدنى ، ليرتفق الأدنى بالأعلى ، وليستعين الأعلى بالأدنى.

ولهذا تظهر مؤاخاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام ؛ لأنّه كان هو الذي يقوم بأمره قبل البعثة(٥) .

وفي ( الصحيح ) ، في عمرة القضاء ، أنّ زيد بن حارثة قال : ( إنّ بنت حمزة بنت أخي ) ؛ أي بسبب المؤاخاة(٦) » ؛ انتهى.

__________________

(١) انظر : السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٢ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٨١.

(٢) انظر : منهاج السنّة ٤ / ٣٢ ـ ٣٣ وج ٥ / ٧١ وج ٦ / ١٧٢ وج ٧ / ٢٧٩ و ٣٦١ و ٣٦٢.

(٣) كما في : السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٢ / ٣٢٦ ولم يصرّح باسم ابن تيميّة ، فتح الباري ٧ / ٣٤٥ ب‍ ٥٠ ح ٣٩٣٧ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢.

(٤) ص ٢٢ من الجزء الثاني [ السيرة الحلبية ٢ / ١٨٢ ]. منهقدس‌سره .

(٥) فتح الباري ٧ / ٣٤٥ ب‍ ٥٠ ح ٣٩٣٧.

(٦) تقدّم تخريجه في الصفحة السابقة ه‍ ٤.

١٣٠

وهو كلام حسن ، سوى إنّ مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ ليست للارتزاق ؛ لغنى عليّعليه‌السلام حينئذ بالغنائم وغيرها ، وبلوغه منزلة يعول بها ولا يعال به.

وإنّما الغرض من مؤاخاته لعليّ تعريف منزلته ، وبيان فضله على غيره ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، كما دلّ عليه بعض الأخبار(١) ؛ لأنّ ذلك أقرب إلى التعاون والتعاضد ، وأوجب للتأليف ، فيكون أمير المؤمنينعليه‌السلام هو النظير لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

كما جعلته آية المباهلة نفسه ؛ وذلك رمز لإمامته ؛ ولذا احتجّ به أمير المؤمنين يوم الشورى(٢) .

كما أشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أيضا ـ إلى ذلك بقوله في كثير من هذه الأحاديث : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».

وقوله :أنت أخي ووارثي ؛ فقال عليّ :وما أرث منك ؟ قال :ما ورّث الأنبياء قبلي ؛ قال :وما ورّثوا ؟ قال :كتاب الله وسنن أنبيائه ؛ كما سبق في الآية الثانية والثلاثين(٣) .

فإنّ عليّاعليه‌السلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم وإمام الأمّة ؛ إذ ليس الإمام إلّا من كان كذلك.

ويشهد لذلك وصف عليّعليه‌السلام بالأخوّة في عرض وصف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة ، في ما هو مكتوب على باب الجنّة ، كما في الخبر

__________________

(١) انظر علاوة على أحاديث المؤاخاة المتقدّمة : مطالب السؤول : ٨٧ ـ ٨٨ ، كفاية الطالب : ١٩٤ ، الرياض النضرة ٣ / ١٨٧ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٨.

(٢) انظر مبحث آية المباهلة في ج ٤ / ٣٩٩ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٣) انظر : ج ٥ / ١٤٣ وما بعدها من هذا الكتاب.

١٣١

الذي نقله المصنّفرحمه‌الله عن « الجمع بين الصحاح »(١) ، ونقلناه عن « تذكرة الخواصّ »(٢) ، ونقله في « كنز العمّال » عن الطبراني والخطيب(٣) ، وعن ابن عساكر(٤) ، بأسانيدهم عن جابر(٥) .

وأمّا مناظرة الفضل للحديث بأنّ أبا بكر خليل رسول الله ووزيره وقرينه ، فمن مقاومة حجّتنا عليهم بما ليس حجّة علينا.

والظاهر ، أنّه أشار بقوله : « خليل رسول الله » إلى ما رووه من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا »(٦) .

وأنت ترى أنّه نفي للخلّة(٧) لا إثبات لها.

نعم ، فيه خلّة فرضية لا تساوي الأخوّة الفعليّة ، مع أنّ الأخوّة فوق الخلّة.

وسيأتي إن شاء الله تعالى ما على هذا الخبر من دلائل أنّه من الموضوعات.

__________________

(١) انظر الصفحة ١٢٢ ـ ١٢٣ من هذا الجزء.

(٢) تذكرة الخواصّ : ٣٠ ، وانظر الصفحة ١٢٥ ه‍ ٤ من هذا الجزء.

(٣) ص ١٥٩ من الجزء السادس [ ١١ / ٦٢٤ ح ٣٣٠٤٣ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : المعجم الأوسط ٥ / ٥٠٤ ح ٥٤٩٨ ، المتّفق والمفترق ١ / ٤٩٨ ح ٢٦٠ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٧ رقم ٣٩١٩.

(٤) ص ٣٩٩ من هذا الجزء [ ١٣ / ١٣٨ ح ٣٦٤٣٥ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٩.

(٥) وانظر مبحث حديث المؤاخاة في : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ٣ / ٢٤٢ ـ ٢٤٩!

(٦) انظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٦٧ ـ ٥٦٨ ح ٣٦٥٩ و ٣٦٦٠ ، مسند أحمد ١ / ٣٧٧ و ٤٣٣.

(٧) الخلّة : الصداقة المختصّة التي ليس فيها خلل ؛ انظر : لسان العرب ٤ / ٢٠٢ مادّة « خلل ».

١٣٢

١٤ ـ حديث : إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الرابع عشر : من مسند أحمد بن حنبل ، وفي الصحاح الستّة ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من عدّة طرق : «إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ، لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ »(٢) .

وفيه أيضا : لمّا قتل عليّ أصحاب الألوية يوم أحد قال جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ هذه [ لهي ](٣) المواساة.

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٨.

(٢) مسند أحمد ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ و ٤٣٨ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٣٥ ح ١٠١٠ وص ٧٤٢ ح ١٠٢٣ ، صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩ وج ٥ / ٨٧ « باب مناقب عليّ بن أبي طالب ، القرشيّ الهاشميّ ، أبي الحسن رضي الله عنه ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : أنت منّي وأنا منك » ولم نجد في هذا الباب حديثا يدلّ على قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا! وص ٢٩٢ ذ ح ٢٦٣ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٤٥ ح ٨١٤٦ ـ ٨١٤٧ وص ١٢٦ ح ٨٤٥٣ وص ١٢٨ ح ٨٤٥٩ وص ١٣٣ ح ٨٤٧٤ ، مسند الطيالسي : ١١١ ح ٨٢٩ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٥ ح ٨ وص ٥٠٤ ح ٥٨ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥٠ ح ١١٨٧ وص ٥٥١ ح ١١٨٩ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ ح ٣٥٥ ، مسند الروياني ١ / ٦٢ ح ١١٩ ، المعجم الكبير ١٨ / ١٢٩ ح ٢٦٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٢ ح ٦٨٩٠ ، حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤ رقم ٢٨٧ ، مناقب الإمام عليّ ٧ ـ لابن المغازلي ـ : ٢٠٥ ـ ٢١١ ح ٢٦٧ ـ ٢٧٦ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٧٢ ح ٤٧٦٦ و ٤٧٦٨.

(٣) أثبتناه من « فضائل الصحابة ».

١٣٣

فقال : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ عليّا منّي وأنا منه ».

فقال جبرئيل : وأنا منكما يا رسول الله(١) .

* * *

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٨١٦ ـ ٨١٧ ح ١١١٩ و ١١٢٠ ، المعجم الكبير ١ / ٣١٨ ح ٩٤١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٥ ، الأغاني ١٥ / ١٨٧ ، ربيع الأبرار ١ / ٨٣٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٧٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤٩ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٤ / ٢٥١ ، الرياض النضرة ٣ / ١٣١ عن أحمد ، ذخائر العقبى : ١٢٧ ، فرائد السمطين ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ح ١٩٨ ، مجمع الزوائد ٦ / ١١٤ و ١٢٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ح ٣٦٤٤٩.

١٣٤

وقال الفضل(١) :

إتّصال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعليّ في النسب ، وأخوّة الإسلام ، والنصرة ، والمؤازرة ، غير خفيّ على أحد ، ولا دلالة على النصّ بخلافته ؛ لأنّ مثل هذا الكلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لغير عليّ ، كما ذكر أنّه قال : « الأشعريّون إذا قحطوا أرملوا(٢) ، أنا منهم وهم منّي »(٣) .

ولا شكّ أنّ الأشعريّين بهذا الكلام لم يصيروا خلفاء ، فلا يكون هذا نصّا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٤٣.

(٢) أرمل القوم : أي نفد زادهم ، وأصله من الرّمل كأنّهم لصقوا بالرّمل ، كما قيل للفقير : التّرب ؛ انظر : لسان العرب ٥ / ٣٢١ مادّة « رمل ».

(٣) صحيح البخاري ٣ / ٢٧٦ ح ٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٧١ كتاب الفضائل / باب فضائل الأشعريّين ، مختصر تاريخ دمشق ١٣ / ٢٤٠ رقم ٦٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٥٦ ح ٣٣٩٧٣.

١٣٥

وأقول :

روى البخاري والحاكم في « المستدرك » ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ : «أنت منّي وأنا منك »(١) ، وذلك في قصّة مخاصمة أمير المؤمنين وجعفر وزيد في ابنة حمزة ، كما أشرنا إليها في المبحث السابق(٢) .

وروى الحاكم في « المستدرك »(٣) ، عن عمران بن حصين ـ وصحّحه على شرط مسلم ـ ، قال عمران ما حاصله : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استعمل عليّا على سريّة ، فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، فتعاقد أربعة أن يخبروا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبره أحدهم ، فأعرض عنه ، وكذلك الثاني والثالث.

ثمّ قام الرابع فأخبره ، فأقبل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والغضب في وجهه فقال : «ما تريدون من عليّ؟! إنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن ».

ونحوه في « سنن الترمذي » ، في مناقب عليّعليه‌السلام (٤) .

وفي « مسند أحمد »(٥) و « كنز العمّال »(٦) ، نقلا عن ابن أبي شيبة ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩ وج ٥ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٢٦٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٤.

(٢) انظر الصفحة ١٢٥ من هذا الجزء.

(٣) ص ١١٠ من الجزء الثالث [ ٣ / ١١٩ ح ٤٥٧٩ ]. منهقدس‌سره .

(٤) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ح ٣٧١٢.

(٥) ص ٤٣٧ من الجزء الرابع. منهقدس‌سره .

(٦) ص ١٥٤ من الجزء السادس [ ١١ / ٥٩٩ ح ٣٢٨٨٣ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : كنز العمّال ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤٠ وج ١٣ / ١٤٢ ح ٣٦٤٤٤.

١٣٦

جميعا عن عمران(١) .

وفي رواية أخرى لأحمد(٢) ، ولابن أبي شيبة ، كما في « الكنز »(٣) ، كلاهما عن بريدة ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا تقع في عليّ عليه‌السلام ، فإنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي ».

وفي حديث آخر لابن أبي شيبة ، كما في « الكنز »(٤) ، عن عمران ، ـ وقال : صحيح ـ : «عليّ منّي وأنا من عليّ ، وعليّ وليّ كلّ مؤمن بعدي ».

وقد سبق في الحديث السادس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «عليّ منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ »(٥) .

رواه أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة(٦) .

ودلالة الجميع على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ظاهرة ؛ لأنّ جعل كلّ من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّعليه‌السلام بعضا من الآخر دليل على اتّحادهما بالمزايا والفضل والإمامة.

كما يشهد له مضيّ فعل عليّعليه‌السلام في اصطفاء الجارية من السبي ، كما مرّ في رواية عمران وبريدة.

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٤٩ ـ ٧٥٠ ح ١٠٣٥ وص ٧٦٨ ح ١٠٦٠ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٤ ح ٥٨.

(٢) ص ٣٥٦ من الجزء الخامس. منهقدس‌سره .

(٣) في الصحيفة السابقة [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤٢ ]. منهقدس‌سره .

(٤) في الصحيفة السابقة أيضا [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤١ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٤ ذ ح ٥٨.

(٥) راجع الصفحة ٦٥ وما بعدها من هذا الجزء.

(٦) انظر : مسند أحمد ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٢٨ ح ٨٤٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٨.

١٣٧

وبهذا يعلم أنّه أراد الإمامة بقوله : «هو وليّ كلّ مؤمن » ؛ إذ لا يصلح إرادة غيرها في المقام.

وبالجملة ، قد دلّت هذه الروايات على صحّة اصطفاء أمير المؤمنين للجارية ، ومضيّ فعله ؛ لأنّه من رسول الله ورسول الله منه ، فيفهم منها أنّه إمام فعلا.

بل يفهم من مجرّد قوله : « هو منّي وأنا منه » ، أنّه بمنزلته فعلا ، فيكون إماما فعليّا.

ولا ينافيه التقييد بالبعديّة في بعض الأخبار المذكورة ؛ لأنّ المراد بها التأخّر في الرتبة ، والإشارة إلى قيامه بعده بتمام شؤون الإمامة ، كما سبق تحقيقه في الآية الأولى من الآيات التي استدلّ بها المصنّفرحمه‌الله على الإمامة(١) .

وأمّا معارضة الفضل بما ورد عندهم في شأن الأشعريّين ، ففي غير محلّها ؛ لأنّه من حديث المخالفين ، وهو ليس حجّة علينا

مع أنّه من رواية أبي موسى الأشعري ، وهو محلّ التهمة ، ومنافق ؛ لبغضه عليّا(٢) ، والمنافق أعظم الفاسقين ، فلا تقبل روايته لو صحّ السند

__________________

(١) راجع : ج ٤ / ٣٠٤ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٢) لا يخفى نفاق أبي موسى الأشعري وانحرافه وسوء مواقفه وبغضه لأمير المؤمنين الإمام عليّعليه‌السلام ، ومن سبر سيرته يعلم ذلك جليّا

فموقفه لمّا أتاه كتاب الإمام عليّ عليه‌السلام بيد محمّد بن أبي بكر ومحمّد بن جعفر ـ رضوان الله عليهما ـ ليجمع له أهل الكوفة لحرب الجمل ، فثبّطهم عن الخروج ، فأرسل له أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه‌السلام الإمام الحسن عليه‌السلام وعمّار بن ياسر رضي الله عنه إلى الكوفة ليستنهضا أهلها ، فماطلهما وخذّل الناس عن الاستجابة لهما ، حتّى أتى

١٣٨

إليه.

ولو سلّم قبولها ، فاستعمال التبعيض في حديث الأشعريّين ـ بغير الإمامة ، بقرينة المقام وغيره ـ لا يستلزم مثله في ما نحن فيه ، الذي عرفت ظهوره في الاتّحاد بالفضل والمنزلة ؛ ولذا اقتضى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قصّة براءة : «لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي » انعزال أبي بكر ، والحال أنّه ليس دون الأشعريّين عند القوم.

وممّا بيّنّا يعلم وجه الاستدلال بقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل : « إنّ

__________________

_ مالك الأشتر رضي الله عنه وطرده. انظر حوادث سنة ٣٦ ه‍ في : تاريخ الطبري ٣ / ٢٥ وما بعدها ، الكامل في التاريخ ٣ / ١١٨ وما بعدها.

وما رواه سويد بن غفلة ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يكون في هذه الأمّة حكمين ضالّين ، ضالّ من اتّبعهما » فقلت : يا أبا موسى! انظر لا تكون أحدهما؟! قال : فو الله ما مات حتّى رأيته أحدهما. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٢.

وما روي عن شقيق ، قال : كنّا مع حذيفة جلوسا ، فدخل عبد الله [ أي : ابن مسعود ] وأبو موسى المسجد ، فقال : أحدهما منافق ؛ ثمّ قال : إنّ أشبه الناس هديا ودلّا وسمتا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عبد الله. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٣.

وهذا تلميح أبلغ من التصريح كما لا يخفى ؛ ومن الثابت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر حذيفة رضي الله عنه بأسماء المنافقين. انظر مثلا : أسد الغابة ١ / ٤٦٨ رقم ١١١٣.

وما روي عن حكيّم ، قال : كنت جالسا مع عمّار فجاء أبو موسى ، فقال : ما لي ولك؟! قال : ألست أخاك؟! قال : ما أدري! إلّا أنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلعنك ليلة الجمل [ أي : ليلة العقبة ] ؛ قال : إنّه استغفر لي ؛ قال عمّار : قد شهدت اللعن ولم أشهد الاستغفار. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٣.

ولا يخفى دلالة هذا النصّ على أنّ أبا موسى الأشعري كان من النفر الّذين أرادوا قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم العقبة.

ثمّ موقفه المشين يوم التحكيم في صفّين.

.. إلى غير ذلك من المواقف التي تؤكّد انحرافه عن الإمام عليّ عليه السلام وبغضه له ، فكان مصداقا لقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق ».

١٣٩

عليّا منّي وأنا منه » ؛ لدلالته على أنّه نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فله منزلته وفضله ، وقد كرّم جبرئيل نفسه يجعلها بعضا منهما.

وقد روى هذا الحديث المصنّفرحمه‌الله عن « مسند أحمد » في ظاهر كلامه(١) .

وحكاه في « كنز العمّال »(٢) ، عن الطبراني ، عن رافع بن خديج.

ورواه الطبري في « تاريخه »(٣) ، وذكر فيه قتل عليّعليه‌السلام لأصحاب الألوية ، وتفريقه لمن أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من جماعات المشركين ، وقتله لبعضهم.

ومثله في « كامل » ابن الأثير(٤) .

ونحوه في « شرح النهج » لابن أبي الحديد(٥) ، نقلا عن غلام ثعلب(٦) ، ومحمّد بن حبيب في « أماليه » ، وجماعة من المحدّثين ، وقال :

__________________

(١) راجع الصفحة ١٣٣ من هذا الجزء.

(٢) ص ٤٠٠ ج ٦ [ ١٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ح ٣٦٤٤٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : المعجم الكبير ١ / ٣١٨ ح ٩٤١.

(٣) ص ١٧ من الجزء الثالث [ ٢ / ٦٥ ]. منهقدس‌سره .

(٤) ص ٧٤ من الجزء الثاني [ ٢ / ٤٩ ]. منهقدس‌سره .

(٥) نحوه في آخر ص ٣٧١ من المجلّد الثالث [ ١٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ ]. منهقدس‌سره .

(٦) هو : أبو عمر محمّد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المطرّز الباوردي ، المعروف بالزاهد ، أحد أعلام اللغة المكثرين في التصنيف ، صحب أبا العبّاس ثعلبا النحوي زمانا حتّى لقّب ب‍ « غلام ثعلب » ، وكانت صنعته تطريز الثياب فنسب إليها.

كان نهاية في النصب والميل على الإمام عليّ عليه السلام ، مغاليا في حبّ معاوية! وصنّف جزءا في فضائله!! وكان إذا ورد عليه من يروم الأخذ عنه ألزمه بقراءة ذلك الجزء! ومن مصنّفاته : غريب القرآن ، غريب الحديث ، شرح الفصيح ، فائت الفصيح ، فائت العين ، فائت الجمهرة.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الأعمش أصحابه بأربع خصال: كان أقرأهم للقرآن، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وذكر خصلة أخرى.(١)

وقال زهير بن معاوية(٢) : ما أدركت أحداً أعقل من الأعمش ومُغيرة.(٣)

وقال أحمد بن حنبل: أبو إسحاق والأعمش رجُلا أهل الكوفة.(٤)

وقال يحيى بن معين: كان جرير إذا حدّث عن الأعمش قال: هذا الديباج الخسروانيّ!(٥)

وقال شعبة: ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش.(٦)

وقال عمرو بن عليّ: كان الأعمش يسمّى المصحف ؛ من صِدقهِ.(٧)

وقال عبد الله بن داود الخُريبيّ: سمعتُ شُعبة إذا ذُكر الأعمش قال: المصحف المصحف!(٨)

____________________

(١) تاريخ بغداد ٩: ٩.

(٢) زهير بن معاوية، أبو خيثمة الجعفيّ الكوفيّ، ثقة ثَبْت مأمون، صاحب سُنّة واتّباع، وكان يحدّث من كتابه، وكان راويةً عن أبي إسحاق السّبيعيّ. (تاريخ الثّقات ١٦٦ / ٤٦٥).

(٣) نفسه.

(٤) تاريخ بغداد ٩: ٩.

(٥) نفسه / ١٠، والمعرفة والتاريخ ليعقوب ٢: ٦٧٨، والجرح والتعديل ٤ / الترجمة ٦٣٠، وفيه زيادة: وهو أستاذ أهل الكوفة.

(٦) تاريخ بغداد ٩: ١٠.

(٧) نفسه: ١١.

(٨) نفسه.

٣٢١

وقال محمّد بن عبد الله بن عمّار الموصليّ: ليس في المحدّثين أثبت من الأعمش، ومنصور بن المعتمر وهو ثبت أيضاً، وهو أفضل من الأعمش، إلاّ أنّ الأعمش أعرف بالمسند وأكثر مسنداً منه.(١)

قال النّسائيّ: ثقةٌ ثبت.(٢)

وقال محمّد بن داود الحُدّانيّ، عن عيسى بن يونس: لم نر نحن ولا القرن الذين كانوا قبلنا مثل الأعمش، وما رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحدٍ أحقر منهم عند الأعمش مع فقره وحاجته.(٣)

وقال إبراهيم بن محمّد بن عرعرة: سمعت يحيى القطّان إذا ذكر الأعمش قال: كان من النّسّاك، وكان محافظاً على الصلاة في جماعة وعلى الصفّ الأوّل. قال يحيى: وهو علاّمة الإسلام.(٤)

وقال وكيع: كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، واختلفتُ إليه قريباً من سنتين ما رأيته يقضي ركعة.(٥)

وقال عبد الله بن داود الخُريبيّ: مات الأعمش يوم مات وما خلّف أحداً من الناس أعبد منه، وكان صاحب سُنّة.(٦)

____________________

(١) تاريخ بغداد ٩: ١١.

(٢) الجرح والتعديل ٤.

(٣) حلية الأولياء ٥: ٤٧، وتاريخ بغداد ٩: ٨.

(٤) حلية الأولياء ٥٠: ٥٠، وتاريخ بغداد ٩: ٨.

(٥) حلية الأولياء ٥٠: ٤٩.

(٦) تاريخ بغداد ٩: ٨.

٣٢٢

مات الأعمش سنة ثمان وأربعين ومائة.(١)

هذا هو شأن الأعمش، فهو لا يروي إلاّ عن إمام ثبت ثقة حجّة في الحديث، ولا يروي عنه إلاّ مثل ذلك. وهو في نفسه: ثقة ثبت ناسك صاحب سنّة، ولصدقِه سمّي المصحف، ويتصاغر السلاطين وأصحاب الشأن أنفسهم في حضرته. ومَن هذا شأنه عندهم لا يستطيع ابن تيميه وأضرابه أن ينالوا منه!

مجاهد(٢) : مجاهد بن جبر المكّيّ، أبو الحجّاج القُرشيّ المخزوميّ.

روى عن: عبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ، وسعيد بن جبير - وهو من أقرانه، وأبي سعيد الخدريّ، وأبي هريرة، وعطيّة القُرَظيّ، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الرحمان بن أبي ليلى، وطاووس بن كيسان - وهو من أقرانه، وسعد بن أبي وقّاص، وأمّهات المؤمنين: أمّ سلمة، وعائشة، وجُويريّة ؛ وعن أمّ هاني بنت أبي طالب...

إنّ مجاهداً لم يرو إلاّ عن صحابيّ أو تابعيّ، أو عن أمّهات المؤمنين. وروى عن مجاهد: سليمان الأعمش، والمنهال بن عمرو، وأبو إسحاق السّبيعيّ، وأبو الزّبير المكّيّ، وحبيب بن أبي ثابت، وفِطْر بن خليفة، وعطاء ابن أبي رَباح،

____________________

(١) الطبقات الكبرى ٦: ٣٤٤، والمعرفة والتاريخ ١: ٣٣، وتاريخ خليفة بن خيّاط ٤٢٤، وطبقاته ١٦٤.

(٢) طبقات ابن سعد ٥: ٤٦٦، وتاريخ خليفة ٣٣٠، وطبقاته ٢٨٠، تاريخ البخاريّ الكبير ٧ / الترجمة ١٨٠٥، والجرح والتعديل ٨ / الترجمة ١٤٦٩، ورجال صحيح مسلم ١٧١، وثقات ابن حبّان ٣: ٥١ / ٣٨٩٦، وتاريخ الدوريّ ٢: ٥٤٩.

٣٢٣

وعكرمة مولى ابن عبّاس - وهو من أقرانه، وسلمة بن كهيل، وسليمان الأحول، وطاووس بن كيسان، وقتادة بن دِعامة، ومسلم الملاّئيّ الأعور، ومنصور بن المُعتمِر...

وأكثرهم ترجمنا لهم، فهم تابعون ثقات عندهم، ومن لم نذكر ترجمته فهو في طبقتهم ووثاقتهم، انظرهم في كتب الرجال.

وأمّا مجاهد: فقد ذكره العجليّ قال: مجاهد أبو الحجّاج، مكّيّ تابعيّ ثقة، سكن الكوفة بآخرة. حدّثني أبو أحمد الأسديّ، حدّثنا سفيان عن سَلَمة بن كُهيل قال: ما رأيت أحداً يريد بعلمِه وجهَ الله إلاّ هؤلاء الثلاثة: عطاء، وطاووس، ومجاهد(١) .

وقال عبد السلام بن حرب، عن خُصَيف: كان أعلمهم بالتفسير مجاهد، وبالحجّ عطاء.(٢)

قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين، وأبو زُرعة: مجاهد ثقة.(٣)

وقال أبو نعيم: قال يحيى القطّان: مُرسلات مجاهد أحبّ إليّ من مرسلات عطاء بكثير(٤) .

وذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل مكّة. قال: كان فقيهاً عالماً ثقة

____________________

(١) تاريخ الثّقات للعجليّ ٤٢٠ / ١٥٣٨.

(٢) الجرح والتعديل ٨، الترجمة ١٤٦٩، وتاريخ البخاريّ الكبير ٧ / الترجمة ١٨٠٥.

(٣) الجرح والتعديل.

(٤) الجرح والتعديل، وتاريخ البخاريّ الكبير.

(٥) الطبقات الكبرى ٥: ٤٦٦ - ٤٦٧.

٣٢٤

كثير الحديث.(١)

مات مجاهد سنة مائة، وقيل: سنة إحدى ومائة.

ابن عبّاس: يبقى الحديث عن فرد واحد ينتهي به الحديث، فهو الذي رواه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونترك ذلك لابن تيميه ليحكم عليه بالقدريّة، أو التشيّع، وأنّه ثقة أو غير ثقة!

فهذا واحد من الطرق التي حكم ابن تيميه بأنّها جميعاً أوهن وأضعف في حديث «مدينة العلم»، ثم انتقل إلى الحكم الجازم ببطلان الحديث، ومداره في ذلك أبو الفرج!

بقي أن نذكر أنّ الحديث واحد من ثمانية آلاف حديث استدركها الحاكم على البخاريّ ومسلم، وهي على شرطيهما أو شرط أحدهما، ولم يخرّجاها.

وقد ظهرت لنا قوّة ووثاقة سند الحديث الأوّل، وأقرّ به ابن معين وهو قرين ابن حنبل، وتوكيداً منه على توثيق الحديث وتصحيحه من طريق أبي الصّلت فقد استشهد بالفيديّ محمّد بن جعفر، وقد رواه عن أبي معاوية مثلما رواه أبو الصّلت، وذكرنا في ترجمته أنّ البخاريّ قد روى عن الفيديّ ؛ فلعلّ الحديث لم يقع إلى البخاريّ، أو ثمّة سبب آخر!

وبذا وقع إلينا الحديث من طريقين في غاية العلوّ، بما يغني عن الفحص عن طرقه الأخرى التي حكم ابن تيميه على بطلانها!

____________________

(١) الطبقات الكبرى ٥: ٤٦٦ - ٤٦٧.

٣٢٥

وسُوَيد عن شريك عن سَلَمة بن كهيل عن الصُّنابحيّ، عن عليّعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «أنا دار الحكمة وعليّ بابها، فمن أراد الحكمة فليأتها».(١)

قال ابن عبّاس في قوله تعالى:( مِنْ آيَاتِ اللّهِ وَالْحِكْمَةِ ) (٢) : هي علمُ القرآن: ناسخه ومنسوخه، مُحكمُه ومُتشابِهُه. وقال ابن زيد: هي علمُ آياته وحِكَمِه. وقال السّدّيّ: فهمُ حقائق القرآن.(٣)

والأحاديث في أنّ عليّاًعليه‌السلام أعلم الصحابة جميعاً بالسنن، وبالقرآن ظاهره وباطنه، مُحكَمِه ومتشابهه، ناسخه ومنسوخه وأسباب نزوله وفيمن نزلت آياته...، من الوفرة ممّا ينهض بالحديث إلى حدّ اليقين القطعيّ، وهيهات لابن تيميه تكذيبه! وسوف نأتي على ذكرها بعد محاكمة سند حديث «دار الحكمة» وحينها يخسر المبطلون!

سُوَيد(٤) : سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار الهرويّ، أبو محمّد الحدثانيّ الأنباريّ.

روى عن: شريك بن عبد الله النّخعيّ - ستأتي ترجمته -، وسفيان بن عُيينة،

____________________

(١) سنن الترمذيّ ٥ / ٦٣٧ / ٣٧٢٣ / الباب ٢٠ من كتاب المناقب، ومصابيح السنّة للبغويّ ٢: ٢٧٥، وحلية الأولياء ١: ٦٤، وقال: رواه أيضاً الأصبغ بن نباتة عن عليّعليه‌السلام .

(٢) الأحزاب: ٣٤.

(٣) المفردات للراغب الأصفهانيّ ١٣٥.

(٤) تاريخ بغداد ٩: ٢٢٧ / ٤٨٠٤، وتهذيب الكمال للمزّيّ ١٢: ٢٤٧ / ٢٦٤٣، وتضمينات ابن حجر لتاريخ الثقات للعجليّ ٢١١ / ٦٤٠، والكامل لابن عديّ ٢ / ٥٩، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٤ / الترجمة ١٠٢٦، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ٧٢، والأنساب للسمعانيّ ٤ / ٨٠.

٣٢٦

ومالك بن أنس، وأبي معاوية الضّرير - مضت ترجمته -، ومُعتمر بن سليمان(١) ، وفُضَيل بن عياض(٢) ، وعبد العزيز بن محمّد الدراورديّ(٣) ، ومروان ابن معاوية الفزاريّ(٤) ، ويزيد بن زريع السدوسيّ(٥) ، والوليد بن مسلم(٦) ...

روى عنه: مسلم، وابن ماجة، وعبد الله بن أحمد بن حنبل...

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: عرضتُ على أبي أحاديث لسُويد بن سعيد عن ضِمام بن إسماعيل(٧) ، فقال لي: اكتُبها كلَّها، أو قال: تَتبّعْها ؛ فإنّه صالحٌ، أو قال: ثقة.(٨)

وقال أبو الحسن الميمونيّ: سأل رجلٌ أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - عن سويد الحدثيّ فقال: ما علمتُ إلاّ خيراً. فقال له: إنسان جاءه بكتاب

____________________

(١) مُعتمر بن سليمان التّيميّ البصريّ، ثقة (تاريخ الثقات ٤٣٣ / ١٦٠٢، والثقات ٧: ٥٢١، والتهذيب ١٠: ٢٢٧).

(٢) فضيل بن عياض، كوفيّ، ثقة، متعبّد رجل صالح. سكن مكّة. - مضت ترجمته.

(٣) عبد العزيز بن محمّد بن عبيد الدراورديّ: مدنيّ، ثقة (تاريخ الثقات ٣٠٦ / ١٠١٦، والثقات ٧: ١١٥، والتاريخ الكبير ٣: ٢: ٢٥، وتاريخ ابن معين ٢: ٣٦٧، والتهذيب ٦: ٣٥٣).

(٤) مروان بن معاوية الفزاريّ، كوفيّ ثقة (تاريخ الثّقات للعجليّ ٤٢٤ / ١٥٥٦).

(٥) يزيد بن زُريع السّدوسيّ، بصريّ متّفق على توثيقه (تاريخ الثّقات للعجليّ ٤٧٨ / ١٨٤١، والتهذيب ١١: ٣٢٥).

(٦) الوليد بن مسلم الدمشقيّ، ثقة (تاريخ الثّقات للعجليّ ٤٦٦ / ١٧٧٧، والتهذيب ١١: ١٥١).

(٧) ضمام بن إسماعيل المعافريّ، ثقة (تاريخ الثّقات للعجليّ ٢٣٢ / ٧١٢، تاريخ البخاريّ الكبير ٢: ٢: ٣٤٣، والثّقات ٦: ٤٨٥، والتهذيب ٤: ٤٥٨).

(٨) الكامل لابن عديّ ٢: ٥٩.

٣٢٧

فضائل، فجعل عليّاً أوّلها، وأخّر أبابكر وعمر، فعجب أبو عبد الله من هذا وقال: لعلّه أتى من غيره! قالوا له: وثَمَّ تلك الأشياء، قال: فلِمَ تسمعوها أنتم؟! لا تسمعوها. ولم أره يقول فيه إلاّ خيراً.(١)

إنّ أحمد بن حنبل هو المعيار عند العامّة، وقوله فصل في تقييم الرجال وجرحهم وتعديلهم، وبعده يحيى بن معين... وهكذا ؛ فلمّا سأله هذا الرجل عن سُويد، أطراه وذكره بخير، إلاّ أنّ هذا الرجل أشكل على أحمد في تقديم سويد على أبي بكر وعمر، ولم يتغيّر موقف أحمد من سويد لذلك السبب، وقوله: «وثمّ تلك الأشياء» يبدو أنّها من جنس أسباب تفضيل الإمام عليّعليه‌السلام ! وما زال يقول فيه خيراً.

وقال أبو القاسم البغويّ: كان - أي سُويد - من الحُفّاظ، وكان أحمد بن حنبل ينتقي عليه لولديه: صالح وعبد الله، يختلفان إليه فيسمعان منه.(٢)

وهذا يعني علوّ مكانة سويد ووثاقته عند أحمد بن حنبل. قال أبو زُرعة: أمّا كُتُبه فصِحاح، وو كنتُ أتتبّع أصوله فأكتب منها، فأمّا إذا حدّث من حِفظه فلا.(٣)

وهذا يعني أنّ سويداً عند أبي زرعة ثقة، إلاّ أنّه إذا حدّث أخطأ، وهو ما نجده في ترجمة كثير من الرجال العدول الثقات: عدل صدوق ثقة، إلاّ أنّه خلط

____________________

(١) تهذيب الكمال للمزّيّ ١٣: ٢٥٠.

(٢) تاريخ بغداد ٩: ٢٣١، وتهذيب الكمال للمزّيّ ١٢: ٢٥٠.

(٣) نفسه.

٣٢٨

آخِرَ عمره ؛ وثقة صدوق إذا حدّث من كتابه، وأمّا من حفظه فإنّه تغيّر بآخرة...

وسبحان من لا يخطئ! وقد مدح أحمد بن حنبل سُويداً وانتقاه شيخاً لولديه، وصحّح أبو زُرعة كتبه.

قال أبو القاسم حمزة بن يوسف السّهميّ: سألت الدار قطنيّ عن سويد بن سعيد فقال: تكلّم فيه يحيى بن معين وقال: حدّث عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عطيّة - العوفيّ -، عن أبي سعيد - الخدريّ - أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة». قال يحيى بن معين: وهذا باطل، لم يَرْوِه غير سُويد بن سعيد، وجُرِّح سُويد لروايته لهذا الحديث!

قال الشيخ أبو الحسن الدّار قطنيّ: فلم يزل يُظَنّ أنّ هذا كما قال يحيى، وأنّ سويداً أتى أمراً عظيماً في روايته هذا الحديث، حتّى دخلتُ مصر في سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، فوجدت هذا الحديث في مُسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغداديّ المعروف بالمنجنيقيّ، وكان ثقةً، روى عن أبي كريب، عن أبي معاوية كما قال سويد سواء ؛ وتخلّص سويد وصحّ الحديث عن أبي معاوية، وقد حدّث أبو عبد الرحمان النّسائيّ عن إسحاق بن إبراهيم هكذا، ومات أبو عبد الرحمان قبله.(١)

مات سويد سنة أربعين ومائتين وزاد البغويّ: وكان قد بلغ مائة سنة، وكتبتُ عنه بالحديثة.(٢)

____________________

(١) تاريخ بغداد ٩: ٢٣١، وتهذيب الكمال للمزّيّ ١٢: ٢٥٠.

(٢) تاريخ بغداد، وتهذيب الكمال للمزّيّ ١٢: ٢٥٠، وتاريخ البخاريّ الصغير ٢: ٣٧٣. =

٣٢٩

____________________

= و تنقيص ابن معين لسويد ؛ لأنّه نقل حديث (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة) وحكم على الحديث بالباطل! وقد أثّر كلام ابن معين هذا بأبي الحسن الدارقطنيّ، حتّى أنّه ظنّ أنّ سويداً أتى عظيماً! ثمّ تحقّق له صحّة الحديث، فبرّأ صفحة سويد من تهمة ابن معين له. ونذكّر أيضاً بأنّ أحمد بن حنبل، على مكانته عندهم والتي لا يستطيع ناصبيّ أن يتجاوزها، فإنّه - وقد مرّ بنا - كان لا يرى الكتابة عن ابن معين، إلاّ أنّه مدح سويداً وانتقاه شيخاً لوَلَديه! وقول ابن داود فيه، لمّا ذمّ ابن معين فأُنكر عليه، قال: من جرّ ذيول الناس جرّوا ذيله! وقول يحيى بن معين في نفسه وإقراره أنّه يطعن بقومٍ لعلّهم حطّوا رحالهم في الجنّة!

وإذا كانت العلّة في تكذيب يحيى للحديث لوجود سويد فيه، فإنّ الحديث الذي ذكره حذيفة، يرد بسندٍ آخر ليس فيه سويد، ولا حتّى معاوية - بن الضّرير -: عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدّثني أبي حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا إسرئيل عن ابن أبي السفر، عن الشّعبيّ، عن حذيفة - بن اليمان - قال (أتيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّيت معه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثمّ تبعته وهو يريد أن يدخل بعض حُجره، فقام وأنا خلفه كأنّه يكلّم أحداً، قال: ثمّ قال: من هذا؟ قلت: حُذيفة، قال: أتدري من كان معي؟! قلت: لا، قال: فإنّ جبريل جاء يبشّرني أنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، قال: فقال حذيفة: فاستغفرلي ولأُمّي، قال غفر الله لك يا حذيفة ولأمّك) (مسند أحمد ٦: ٥٤٢ / ٢٢٨١٩).

وقريب منه ذكر الحاكم عن إسرائيل، عن مَيْسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زِرّ بن حُبيش، عن حذيفة بن اليمان، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام فقال: إنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة)، ثمّ قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (غفر الله لك ولأمّك يا حذيفة) (المستدرك على الصحيحين ٣: ٤٢٩ / ٥٦٣٠).

وليس في سنده خدش ؛ فإنّ إسرائيل هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، كوفيّ، ثقة (تاريخ الثقات ٦٣ / ٧٧، وتاريخ ابن معين ٢: ٢٨، والبخاريّ الكبير ١: ٢: ٥٢، وثقات ابن حبّان ٦: ٧٦).

٣٣٠

____________________

= وأمّا ميسرة، فهو: ميسرة بن حبيب النهديّ، كوفيّ، ثقة، روى عن المنهال بن عمرو، وهو في عداد الشيوخ (تاريخ الثقات ٤٤٥ / ١٦٦٧).

وثّقه أيضاً ابن مَعين والنّسائيّ وابن حبّان (التهذيب ١٠: ٣٨٦).

والمنهال بن عمرو: كوفيّ ثقة (تاريخ الثقات ٤٤٢ / ١٦٤٣).

ووثّقه أيضا ابن معين، والنّسائيّ، وابن حبّان (التهذيب ١: ٣١٩).

وزرّ بن حُبيش: من أصحاب عبد الله، وعليّ ؛ ثقة (تاريخ الثقات ١٦٥ / ٤٥٨).

فسند الحديث من العلوّ ما هو أمام يحيى بن معين، وليس فيه سويد - كما ذكرنا - وبنفس السند الماضي، عن حذيفة، وفيه: (عن حذيفة قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما رأيت العارض الذي عرض لي قُبيل؟! قال: قلت: بلى، قال: فهو ملَك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قبل هذه اللّيلة، فاستأذن ربّه أن يسلّم عليّ ويبشّرني أنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة). (مسند أحمد بن حنبل ٦: ٥٤١ / ٢٢٨١٨).

وبسنده عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وفاطمة سيّدة نسائهم، إلاّ ما كان من مريم بنت عمران) (مسند أحمد، مسند أبي سعيد / الحديث ١٠٦١٦). والذي في (خصائص أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه): أخبرنا يعقوب بن إبراهيم (يعقوب بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف: مدنيّ، ثقة، تاريخ الثقات ٤٨ / ١٨٦٧)، عن مروان (مروان بن معاوية الفزاريّ: كوفيّ ثقة. تاريخ الثقات ٤٣٤ / ١٥٥٦)، عن الحكم بن عبد الرحمان بن أبي نُعْم (البجليّ الكوفيّ، ثقة. البخاريّ الكبير ٢ / الترجمة ٢٦٧١، والمعرفة والتاريخ ٢: ٦٤٤، والجرح والتعديل / الترجمة ٥٦٥ والثقات لابن حبّان ٢: ٩٩)، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة إلاّ ابنَي الخالة: عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريّا) (خصائص النسائيّ ١٢٤ / ١٣٩).

وهو في مشكل الآثار للطحاويّ الحنفيّ المتوفّى سنة ٣٢١ هـ، ٢: ٢٦٩ / ٢١٠٣.

وأخرج بسندٍ آخر، عن عبد الرحمان بن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدريّ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (إن حسناً وحسيناً سيّدا شباب أهل الجنّة) ما أستثني من ذلك (خصائص النسائيّ ١٣٤ / ١٣٨). =

٣٣١

شريك(١) : وشريك الذي روى عنه سويدٌ حديث «مدينة الحكمة» هو شريك بن عبد الله بن أبي شريك النّخعيّ، أبو عبد الله الكوفيّ القاضي.

أدرك زمن عمر بن عبد العزيز، وروى عن:

____________________

= وبسنده عن عبد الرحمان بن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة) (خصائص النسائيّ ١٣٤ / ١٣٧).

وفي الرياض النضرة ٢: ٢٠٢، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ: (أوتيتَ ثلاثاً لم يؤتَهُنّ واحد، ولا أنا: أوتيت صهراً مثلي ولم أوت أنا مثلي. وأوتيت زوجةً صدّيقةً مثل ابنتي ولم أُوت مثلها زوجة. وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم اوت من صلبي مثلهما، ولكنّكم منّي وأنا منكم).

وفي تاريخ خليفة ١٦٢: رأى معاوية - وهو في طريقه إلى مكّة الحسين فقال: مرحباً وأهلاً يا ابنَ بنت رسول الله، سيّد شباب المسلمين.

وللحديث طرق أخرى، وفي الباب نفسه عن عائشة عند مسلم (الحديث ٢٤٢٤)، وعن واثلة عند أحمد ٤: ١٠٧، وتهذيب الكمال ٦: ٢٢٩.

والحديث في: أنساب الأشراف ٣: ٧، وتفسير الطبريّ ٢٢: ٦٧، والمعجم الكبير ٣: ٤٧ - ٤٨، والترمذيّ حديث ٣٧٦٨، ومعجم الصحابة للبغويّ ٢٢: ٤٢، وسنن ابن ماجة ١: ٤٢، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم ١٤٤، والإبانة لابن بطّة ٦٢، وأسد الغابة ٢: ١٩، والمستدرك على الصحيحين ٣: ٤٢٩، وفرائد السمطين / الحديث ٤١٤ و ٤١٥، والاستيعاب ١: ٣٧٦، وتاريخ بغداد ٢: ١٨٥ و ١: ١٤٠ وأجزائه الأخرى، وابن عساكر ٧: ١١٨ - ١١٩....

(١) طبقات ابن سعد ٦: ٣٧٨، والمصنّف لابن أبي شيبة ١٣ / ١٥٧٨١، وتاريخ يحيى بن معين ٢: ٢٥٠، وتاريخ خليفة ٤٣٤، ومواضع أخرى، وطبقاته ١٦٩، وفضائل الصحابة / الترجمة ٢٤٣، وتاريخ البخاريّ الكبير: ٤ / الترجمة ٢٦٤٧، وتاريخ الثقات ٢١٧ / ٦٦٤، وتاريخ أسماء الثقات / الترجمة ٥٥٢، والجرح والتعديل ٤ / الترجمة ١٦٠٢، والكامل لابن عديّ ٢: ٧٣، ورجال صحيح مسلم ٨١، وجمهرة ابن حزم ٤١٥، وتاريخ بغداد ٩: ٢٧٩، والثقات ١: ١٨٨...

٣٣٢

سلمة بن كهيل - ثقة - سنذكر ترجمته -، وإسماعيل بن أبي خالد - ثقة ثبت، ذكرناه سابقاً، وأبي المقدام ثابت بن هرمز الحدّاد، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي إسحاق السّبيعيّ، ومحمّد بن إسحاق بن يَسار - صاحب السيرة -، وهشام بن عروة، وعمّار بن معاوية الدّهنيّ، وعبد الله بن شبرمة، ومنصور بن المعتمِر، وعِمران بن مسلم الجعفيّ، وسليمان الأعمش، وسِماك بن حرب، وشعبة بن الحجّاج، ومحمّد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى، وصالح بن صالح ابن حيّ، وطلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، وعطاء بن السائب، وعثمان بن عاصم الكوفيّ... وخلقٍ كثير.

وكلّ واحد ممّن ذكرناهم من الذين روى عنهم شريك، أقلّ ما قيل فيه: ثقة وإلاّ فالكثير منهم عندهم ثقة صدوق حجّة، وذو سنّة وَرِع....

انظرهم في: تاريخ الثقات للعجليّ، وتاريخ يحيى بن معين، وتاريخ الدوريّ، والدارميّ، وثقات ابن حبّان، والجرح والتعديل، وطبقات ابن سعد، وتاريخ بغداد، ورجال صحيح مسلم، والكامل لابن عديّ، وثقات ابن شاهين...

روى عنه: محمّد بن إسحاق - وهو من شيوخه، وسويد بن سعيد الحَدَثانيّ، وأبو أسامة حَمّاد بن أسامة، وأبو داود سليمان بن داود الطّيالسيّ، وأبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة، وعثمان بن محمّد بن أبي شيبة، ويحيى بن سعيد القطّان، ووكيع بن الجرّاح، ويحيى بن آدم، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد الزّهريّ، وعبد الرحمان بن مهدي، وعثمان بن حكيم الأوديّ، وعليّ بن قادم، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والهيثم بن جميل، ويحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ،

٣٣٣

ويزيد بن هارون، ومالك بن إسماعيل...، وأمّة واسعة من رجال الحديث.

ومثلما ذكرنا فيمن روى عنه شريك ؛ كذلك حال الذين رووا عنه، فأقلّ ما قيل بشأن أحدهم: ثقة، وفي غيره ثقة ثبت، وفي آخر ثقة نقيّ الحديث لا يحدّث إلاّ عن ثقة، وفي غيره ثقة عبد صالح أديب من حفّاظ الحديث، وفي آخر: ثقة وكان يُعدّ من حكماء أصحاب الحديث. «انظر تراجم مَن ذكرناهم في كتب الرجال».

وبذا: فشريك مثل صاحبه الذي روى عنه الحديث «سويد». فهو لم يَروِ عن ضعيف مُهمَل. وكذلك فيمن روى عنه.

وأمّا شريك في نفسه: فقد ترجم له العجليّ ترجمة ضافيةً على غير عادته، جاء فيها: شريك بن عبد الله النّخعي القاضيّ، كوفيّ ثقة، وكان حسن الحديث وكان أروى الناس عنه إسحاق بن يوسف الأزرق الواسطيّ(١) ، سمع منه تسعة آلاف حديث.(٢)

قال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: سمع شريك من أبي إسحاق قديماً، وشريك في أبي إسحاق أثبت من زهير وإسرائيل وزكريّا.(٣)

وقال يزيد بن الهيثم: سمعت يحيى بن معين يقول: شريك ثقة، وهو أحبّ إليّ من أبي الأحوص وجَرير، ليس يقاس هؤلاء بشريك، وهو يروي عن قوم لم

____________________

(١) تاريخ الثقات للعجليّ ٦٢ / ٧٣.

(٢) نفسه ٢١٨.

(٣) الجرح والتعديل ٤ / الترجمة ١٦٠٢، والمعرفة والتاريخ ليعقوب ٢: ١٧٦.

٣٣٤

يَروِ عنهم سفيان.(١)

وقال أيضاً: قلت ليحيى بن معين: روى يحيى بن سعيد القطّان عن شريك؟ قال: لم يكن شريك عند يحيى بشيء، وهو ثقة ثقة.(٢)

وقال عثمان بن سعيد الدارميّ: قلت ليحيى بن معين: شريك أحبّ إليك في أبي إسحاق، أو إسرائيل؟ قال: شريك أحبّ إليُّ، وهو أقدم.

قلتُ: شريك أحبّ إليك في منصور، أو أبو الأحوص؟ فقال شريك أعلم به.(٣) وقال عليّ بن حكيم الأوديّ: سمعت وكيعاً يقول: لم يكن أحدٌ أروى عن الكوفيّين من شريك.(٤)

وقال أبو توبة الربيع بن نافع: سمعت عيسى بن يونس يقول: ما رأيت أحداً قطّ أورَعَ في علمه من شريك.(٥)

وقال أبو توبة أيضاً: كنّا بالرّملة، فقالوا: من رجل الأمّة؟ فقال قوم: ابنُ لَهيعة، وقال قوم: مالك بن أنس، فسألنا عيسى بن يونس، فقال: رجل الأمّة: شريك بن عبد الله، - وكان يومئذ حيّاً - قيل: فابنُ لَهيعة؟ قال: رجل سمع من

____________________

(١) تاريخ بغداد ٩: ٢٨٣.

(٢) نفسه.

(٣) الجرح والتعديل ٤ / الترجمة ١٦٠٢، وتاريخ الدوريّ ٢: ٢٥١.

(٤) الجرح والتعديل.

(٥) نفسه. وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السّبيعيّ: كوفيّ، ثقة، وكان ثبتاً في الحديث (تاريخ الثقات ٣٨٠ / ١٣٣٨، والبخاريّ الكبير ٣: ٢: ٤٠٦، وثقات ابن حبّان ٧: ٢٣٨).

٣٣٥

أهل الحجاز، قيل: فمالك بن أنس؟ قال: شيخُ أهل مصر.(١)

وقال سعيد بن سليمان(٢) : سمعت ابن المبارك عند خديج بن معاوية يقول: شريك أعلم بحديث الكوفيّين من سفيان الثّوريّ.(٣)

هذا هو شريك في نفسه، وفي شيوخه وفي من روى عنه فهو: ثقة ثقة، وأروى الكوفيّين، وهو رجل الأمّة!!

وقد روى شريك حديث «دار الحكمة» عن سلمة بن كهيل: سلمة بن كهيل بن حصين الحضرميّ الكوفيّ.(٤)

روى عن: إبراهيم بن سويد النّخعيّ(٥) ، وحبّة بن جُوين العُرنيّ(٦) ، وحُجَيّة بن عديّ الكنديّ(٧) ، وسعيد بن جبير، وأبي وائل شقيق بن سلمة، وعامر بن شراحيل الشّعبيّ، وأبي الطّفيل عامر بن واثلة اللّيثيّ، وعبد الله بن أبي أوفى، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عبّاس، وسويد بن غفلة، وعلقمة بن قيس النّخعيّ،

____________________

(١) الجرح والتعديل ٤ / الترجمة ١٦٠٢.

(٢) سعيد بن سليمان: واسطيّ، ثقة (تاريخ الثقات ١٨٥ / ٥٤٧).

(٣) الجرح والتعديل.

(٤) طبقات ابن سعد ٦: ٣١٦، وتاريخ يحيى ٢: ٢٢٦، وتاريخ الدارميّ / الترجمة ٢٥٤، وطبقات خليفة ١٦٣، وتاريخه ٣٥٤، والبخاريّ الكبير ٤ / الترجمة ١٩٩٧، وتاريخ الثقات ١٩٧، والمعرفة والتاريخ ٢: ٦٤٨ و ٨٥: ٣، والثقات لابن حبّان ١: ١٧٠، وجمهرة ابن حزم ٤٦١.

(٥) كوفيّ ثقة (تاريخ الثقات ٥٢).

(٦) كوفيّ تابعيّ ثقة (تاريخ الثقات ١٠٥ / ٢٤٣).

(٧) كوفي تابعيّ ثقة تاريخ الثقات ١١٠ / ٢٦١، والثقات ٤: ١٩٢).

٣٣٦

ومجاهد بن جبر المكّيّ وغيرهم. وهؤلاء أشهر من أن نترجم لهم، وبعضهم ترجمنا لهم في غير هذا الموضع، وهم ثقات ذكَرتْهم كتب التراجم، فراجع.

روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد، وسعيد بن مسروق الثّوريّ، وابنه سفيان بن سعيد الثّوريّ، وشعبة بن الحجّاج، ومِسعر بن كِدام، وعبد الرحمان ابن عبد الله المسعوديّ، ومنصور بن المعتمر، وصالح بن صالح بن حيّ، والعوّام بن حوشب، وغيرهم. وكلّهم مذكورون عندهم بالثقة والورع والصلاح، وأكثرهم تابعون، حالهم حال من روى عنهم.

وأمّا سلمة في نفسه، فقد قال العجليّ: كوفيّ تابعيّ، ثقة ثبتٌ في الحديث «تاريخ الثقات ١٩٨ / ٥٩١»، وعن أحمد بن حنبل:

سلمة بن كُهيل متقنٌ للحديث.(١)

وقال محمّد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث.(٢)

وقال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة.(٣)

وقال أبو زرعة ك ثقةٌ مأمون ذكيّ.(٤)

وقال أبو حاتم ثقةٌ متقنٌ.(٥)

____________________

(١) الجرح والتعديل ٤ / الترجمة ٧٤٢.

(٢) طبقات ابن سعد ٦: ٣١٦.

(٣) الجرح والتعديل.

(٤) نفسه.

(٥) الجرح والتعديل.

٣٣٧

وقال يعقوب بن شيبة: ثقةٌ ثبتٌ على تشيّعه.(١)

وقال النّسائيّ: ثقة ثبت.(٢)

وقال ابن المبارك، عن سفيان الثّوريّ: حدّثنا سلمة بن كهيل وكان ركناً من الأركان، وشدّ قبضته.(٣)

وقال عبد الرحمان بن مهديّ: لم يكن بالكوفة أثبت من أربعة: منصور، وأبي حصين، وسلمة بن كهيل، وعمرو بن مُرّة.(٤)

وقال أيضاً: أربعة في الكوفة لا يختلف في حديثهم، فمن اختلف عليهم فهو يخطئ ليس هم، فذكر منهم سلمة بن كهيل.(٥)

وقال خلف بن حوشب، عن طلحة بن مُصرِّف: ما اجتمعنا في مكان إلاّ غَلبَنا هذا القصير على أمرنا. يعني سلمة بن كهيل.(٦)

قال يحيى بن المغيرة الرازيّ، عن جرير بن عبد الحميد: لمّا قدم شعبة البصرة، قالوا: حَدِّثْنا عن ثِقات أصحابك، فقال: إذا حدّثتكم عن ثقات أصحابي فإنّما أحدّثكم عن نفرٍ يسير من هذه الشيعة: الحَكَم بن عُتيبة، وسلمة ابن كهيل،

____________________

(١) تهذيب الكمال ١١: ٣١٦.

(٢) تاريخ الإسلام ٨: ١٢٠.

(٣) مختصر تاريخ دمشق ١٠ ك ٩٢، والجرح والتعديل ٤ / الترجمة ٧٤٢.

(٤) تاريخ البخاريّ الكبير ٤ / الترجمة ١٩٩٧.

(٥) الجرح والتعديل ٤ / الترجمة ٧٤٢.

(٦) مختصر تاريخ دمشق ١٠: ٩٣، وتهذيب الكمال ١١: ٣١٦.

٣٣٨

وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور.(١)

مات سلمة بن كهيل سنة ثلاث وعشرين ومائة.(٢)

هذه هي منزلة سلمة بن كهيل الذي روى الحديث عن الصُّنابحيّ، عن أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام . ولا نتوقّف كثيراً عند الفاصلة الزمنيّة بين ابن تيميه وبين سلمة، فهي لا تزيد على خمسة قرون إلاّ قليلاً!

الصّنابحيّ: عبد الرحمان(٣) بن عُسَيلة بن عسل بن عسّال المراديّ أبو عبيد الله الصُّنابِحيّ، والصّنابح بطن من مراد من اليمن.

رحل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقُبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بالجُحفة قبل أن يصل بخمس أو ستّ «أي أيّام» ثمّ نزل الشام ومات بدمشق.

روى عن: النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مرسلاً، وعليّ بن أبي طالب، وأبي بكر، وعمر ابن الخطّاب، وعائشة، وبلال بن رباح، وسعد بن عبادة، وعبادة بن الصّامت، ومعاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان...

روى عنه: أسلم مولى عمر بن الخطّاب، وسويد بن غفلة، وعطاء بن يسار،

____________________

(١) تهذيب الكمال ١١: ٣١٦.

(٢) المصادر جميعاً.

(٣) طبقات ابن سعد ٧: ٤٤٣، ٥٠٩، وتاريخ الدوريّ ٢: ٣٥٣، وطبقات خليفة ٢٩٣، والبخاريّ الكبير ٥ / الترجمة ١٠٢١، والمعرفة والتاريخ ١: ٢٢٢، ٣٠٥، والجرح والتعديل ٥ / الترجمة ١٢٤١، والثقات لابن حبّان ٥: ٧٤، وإكمال الإكمال لابن ماكولا ٥: ١٩٩، وتهذيب الكمال ١١: ٢٨٢.

٣٣٩

ومكحول الشاميّ، ويونس بن ميسرة، وعبد الله بن سعد البجليّ الكاتب، وعقيل بن مُدرِك...

ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام، وفي الطبقة الأولى من تابعي أهل مصر، وقال: كان ثقة قليل الحديث.(١)

وذكره العجليّ في تاريخه، قال: الصّنابحيّ، شاميّ تابعيّ، ثقة من خيار التّابعين.(٢)

ولم يَبقَ في سند حديث «مدينة الحكمة» إلاّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فنترك الحكم فيه إلى ابن تيميه!

حديث الغدير

لقد خاض ابن تيميه في حديث الغدير هائماً حيران لا يدري ما يقول! فهو ينكر الحديث جازماً بكذبه، ويعود ليذكر طرفاً من الحديث ويقول هذا هو تمام الحديث! وهذا تدليس منه على القارئ، مع تأويله تأويلاً بعيداً ؛ ومرّةً يذكر بعضه ويجعله ممّا انفرد به مسلم، ولم يذكره البخاريّ ؛ وهذا يعني - عنده - ضعف في الحديث! وفي أخرى يذكره عن الترمذيّ، ثمّ يدّعي أنّ العلماء طعنوا به! ويُدخل في الحديث ممّا ليس منه من أحاديث مثل: حديث المؤاخاة -وقد تكلّمنا عنه-

____________________

(١) طبقات ابن سعد ٧: ٥٠٩.

(٢) تاريخ الثّقات للعجليّ ٢٣٠ / ٧٠٥.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492