ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه12%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169338 / تحميل: 5908
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

محمّد الباقر، جعفر الصادق، عليّ بن موسى الرضا، سعيد بن جُبَير، سعيد بن المسيِّب، الحسن البصريّ، زيد بن عليّ، مجاهد... وهذه طائفة من حديث المؤاخاة بألفاظه المختلفة:

* زيد بن أبي أوفى، قال: لمّا آخى النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه، قال عليّ: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتُك فعلتَ بأصحابك ما فعلتَ غيري، فإن كان هذا مِن سخطٍ علَيّ فلكَ العُتبى والكرامة. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «والذي بعثني بالحقّ، ما أخّرتك إلاّ لنفسي. وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيَّ

____________________

= وحُذيفة، وشهد مع عليّ بن أبي طالب مشاهدَه. تُوفّي زيد في ولاية الحجّاج بعد الجَماجِم، وكان ثقةً كثير الحديث. (الطبقات الكبرى ٦: ١٦٠ / ١٩٨٥). وذكره خليفة بن خيّاط في الطبقة الثالثة ٢٦٧ / ١١٤٩، على نحو ما في طبقات ابن سعد. وذكره في تاريخه ٢٢٢ قال: مات سنة اثنين وثمانين. وفي أسد الغابة ٢: ٣٠١ / ١٨٧٩: زيد بن وَهْب الجُهَنيّ. أدرك الجاهليّة، وأسلم في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهاجر إليه، فبلغته وفاته في الطريق. يُكنّى أبا سليمان، وهو معدود في كبار التابعين. سكن الكوفة، وصحب عليَّ بن أبي طالب. وذُكر بسندٍ عن سَلَمة بن كُهَيْل قال: حدّثني زيد بن وَهْب الجُهَنيّ: أنّه كان في الجيش الذين كانوا مع عليّ، الذين ساروا إلى الخوارج، فقال عليّ: أيّها الناس، إنّي سمعتُ رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «يخرجُ قومٌ من أُمّتي يقرأون القرآن، ليس قرآنكم إلى قرآنهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء. (أسد الغابة ٢: ٣٠١ / ١٨٧٩). قال الأردبيليّ: له كتاب (خُطَب أميرالمؤمنين على المنابر في الجُمَع والأعياد). روى عنه أبو منصور الجُهَنيّ. (جامع الرُّواة، للأردبيليّ ١: ٣٤٤ / ٢٧٦٩).

(١) عبد الله بن الحارث بن نَوْفل بن الحرث بن عبد المطّلب بن هاشم الهاشميّ، وهو الذي يُلقّب بَبَّة، وكنيته أبو إسحاق. روى عن النبيّ وروايته مرسلة. (أسد الغابة ٣: ٢٠ / ٢٨٦٦. وطبقات خليفة ٣٢٧ / ١٥١١ و ٣٤٧ / ١٦٣٠). قال العجلي: تابعيّ ثقة. (٢٥٣٠ / ٧٩٠).

٢١

بعدي وأنت أخي ووارثي». قال: وما أرِث منك يا رسولَ الله؟ قال: «ما وَرِث الأنبياءُ مِن قبلي». قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟ قال: «كتابَ ربّهم وسنّة نبيّهم، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابْنتي، وأنت أخي ورفيقي». ثمّ تلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِخْوَاناً عَلَى‏ سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (١) »(٢) .

* عبد الله بن أبي أوفى، ولفظه مثل لفظ أخيه زيد بن أبي أوفى إلاّ أنّ فيه «... وإنّك وابنَيك معي في قصري في الجنّة»(٣) .

* عبد الله بن عمر: عثمان بن أبي شَيبة بسنده عن جميع بن عُمَير التَّيميّ، عن عبد الله بن عمر قال: آخى رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه: آخى بين أبي بكر وعمر، وبين عبد الرحمان بن عوف وعثمان بن عفّان، وبين طلحة والزبير. قال: فقال عليّ: يا رسول الله، قد آخيتَ بين أصحابك، فمَن أخي؟ قال: يا عليّ، أما تَرضى أن أكون أخاك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: فأنت أخي في الدنيا والآخرة(٤) .

- عن الحسن البصريّ، عن ابن عمر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «عليٌّ أخي،

____________________

(١) الحِجْر: ٤٧.

(٢) الرياض النضرة ٢: ٢٠٩؛ كنز العمّال ٦: ٣٩٠؛ مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٢ وسمّاه زيد بن أوفى.

(٣) مناقب أمير المؤمنين، لمحمّد بن سليمان الكوفيّ ١: ٣٧٣ / ٢٣٩؛ تفسير فرات الحديث ٣٠٤.

(٤) مناقب الكوفيّ ١: ٣٦٥ / ٢٢٨؛ والترمذيّ في الحديث ٩ من مناقب عليّ من كتاب المناقب من سننه ج ٥: ٣٠٠.

٢٢

عليٌّ أخي»(١) .

- عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: بينا أنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نخلٍ بالمدينة وهو يطلب عليّاً، إذِ انتهى إلى حائط فاطلع فيه فنظر إلى عليّ وهو يعمل في الأرض وقد اغبرّ، فقال: ما ألومُ الناس أن يُكنّوك بأبي تراب. قال ابن عمر: فلقد رأيت عليّاً تمعّر وجهه وتغيّر لونه واشتدّ ذلك عليه، فقال النبيّ: ألا أُرضيك يا عليّ؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، تقضي دَيني وتُبرئ ذمّتي. مَن أحبّك في حياةٍ منّي فقد قضى نحبه، ومَن أحبّك في حياةٍ منك بعدي فقد ختم الله له بالأمنِ والإيمان وآمنه يومَ الفزع الأكبر. ومَن مات وهو يبغضك يا عليّ ماتِ ميتةً جاهليّةً، يهوديّاً أو نصرانيّاً، ويحاسبه الله بما عَمِل في الإسلام.

ثمّ قال ابن عمر: لقد سمّاه الله في أكثر من ثلاثين آيةً، سمّاه فيها كلّها مؤمناً(٢) .

- وله شاهد من حديث أميرالمؤمنينعليه‌السلام قال: طلبني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوجدني في جدول نائماً، فقال: قُم، ما ألومُ الناسَ يُسمّونك «أبا تراب». قال: فرآني كأنّي وجدتُ في نفسي من ذلك، فقال: قُم، واللهِ لأُرضيَنَّك، أنت أخي وأبو

____________________

(١) مناقب الكوفيّ ١: ٣٨٨ / ٢٥٨.

(٢) مناقب الكوفيّ ١: ٣٧٧ / ٢٤٥. ومثله متناً وسنداً رواه الطبرانيّ في المعجم الكبير ١٢: ٣٢١ / ١٣٥٤٩؛ ومجمع الزوائد ٩: ١٢١. وقريب منه في فضائل عليّ، من فضائل أحمد، الطبعة الأولى ص ١٧٠ / الحديث ٢٤٠؛ ومسند أبي يعلى الموصليّ ١: ٤٠٢ / ٢٦٨.

٢٣

وُلدي، تقاتلُ عن سُنّتي وتُبرئ ذمّتي، من مات في عهدي فهو كنزُ الله، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات يُحبّك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعتْ شمس أو غربت، ومن مات يُبغضك مات ميتةً جاهليّةً وحُوسِب بما عَمشل في الإسلام.

- وبسند عن ابن عمر قال: حين آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه جاء عليّ تدمع عيناه فقال: ما لي لم تُؤاخِ بيني وبين أحد من إخواني؟! فقال: «أنت أخي في الدنيا والآخرة»(١) .

وعن ابن عمر أيضاً قال: آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه، فجاء عليّعليه‌السلام تدمع عيناه فقال: يا رسول الله، آخيتَ بين أصحابك ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت أخي في الدنيا والآخرة(٢) .

- عن عبد الله بن عمر قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في مرضه: أُدعوا لي

____________________

(١) سنن الترمذيّ ٢: ٢٩٩، مستدرك الصحيحين ٣: ١٤؛ مناقب عليّ بن أبي طالب، لابن المغازليّ ٣٧؛ مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٢.

(٢) كفاية الطالب ١٩٤. وقال: هذا حديث حسَنٌ عالٍ صحيح. فإذا أردتَ أن تعلم قُرب منزلته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تأمّل صُنعَه في المؤاخاة بين الصحابة، جعل يضمّ الشكلَ إلى الشكل، والمِثْل إلى المِثل، فيؤلّف بينهم، إلى أنْ آخى بين أبي بكر وعمر، وادّخر عليّاًعليه‌السلام لنفسه واختصّه بأُخوّته، وناهيك بها من فضيلة وشرف!

والحديث في مصابيح السنّة، للبغويّ ٤: ١٧٣ / ٤٧٦٩ وذكره في باب الصحاح؛ والترمذيّ في السنن ٥: ٣٣٦ / ٣٧٢١ واللّفظ له؛ والحاكم في المستدرك ٣: ١٣٠؛ وابن عَدِيّ في الكامل ٢: ٥٨٨؛ وكنز العمّال ١٣: ١٦٧ / ٣٦٥٠٧.

٢٤

أخي. فدّعيَ له عثمان، فأعرض عنه، ثمّ قال: أُدعوا لي أخي، فدُعيَ له عليُّ بن أبي طالب، فسَترَه بثوبٍ وانكبّ عليه، فلمّا خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علّمني ألفَ باب، يَفتح كلُّ باب ألفَ باب(١) .

وله شاهد من حديث أميرالمؤمنينعليه‌السلام :

عن الحسين بن عليّ، عن أبيه قال: لمّا كان يومُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي قُبِض فيه، كَشَف الكساء عن رأسه عند النسوة فقال: أُدعوا لي أخي. فأرسَلَت عائشة إلى أبي بكر فجاء، فلمّا سمع النبيُّ الخشْفَ - أي الحركة والصوت - كشف عن رأسه، فلمّا رأى أبا بكر أعاد الكساء على نفسه، فقال أبوبكر: كأنّ رسول الله لم يدْعُني! فانصرف. فكشف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكساء فقال: أُدعوا لي أخي. فأرسلت حفصة إلى عمر، فلمّا سمع رسول الله الخشْف كشَفَ الكساء عن رأسه، فلمّا رأى عمر أعاد الكساء، فقال عمر: كأنّ رسول الله لم يدْعُني! وانصرف. فكشف رسول الله الكساء عن رأسه فقال: أُدعوا لي أخي، فأرسلت فاطمة إلى عليّ، فلمّا سمع النبيُّ الخَشْف كشف الكساء عن رأسه، فلمّا رأى عليّاً أدناه إليه. قال عليّ: فأعاد رسول الله الكساء علينا، ثمّ اتّكى على يده، ثمّ التقم أذُني، فما زال يناجيني ويُوصيني حتّى وجدتُ بَردَ شفتَيه، حتّى قُبِض.

قال: وكان فيما أوصى إليّ: أن لا يغسلني أحدٌ غيرك، فإنّه إن رآني أحد غيرك عَمِيَ بصرُه. فقلت: يا رسول الله، كيف أقوى عليك؟ قال: بلى، إنّك سَتُعان

____________________

(١) مختصر تاريخ دمشق ١٨: ١٨؛ البداية والنهاية ٨: ٣٦٠.

٢٥

علَيّ.

قال: فقال عليّ: ما أردتُ أن أقلّب من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عضواً إلاّ قُلِّب لي، قال: فأردت أن أنزع قميصه، فنُودِيت أن دَعِ القميص.

فلمّا خرج عليّ قال له عمر: أنشدك بالذي ولاّك منه ما لم يُوَلِّ أحداً، هلِ استخلَفَك رسولُ الله؟ قال: نعم(١) .

- «عن جميع بن عُمَير، عن عبد الله بن عمر وكان في مسجد المدينة فقلت له: أصلحك الله، حدِّثْني عن عليّ. فأراني مسكنه بين مساكن رسول الله. قال: ثمّ قال: أيَسُرّك أن أُحدّثك عن عليّ؟ قال: قلت: نعم أصلحك الله. قال:... والحديث طويل ذكر فيه حديث الراية، وتبليغ براءة»، ثمّ قال: وأُحدّثك عن عليّ؟ قال: قلت: نعم أصلحك الله. قال: فإنّ رسول الله آخى بين أصحابه، بين أبي بكر وعمر، وبين فلان وفلان، حتّى بقيَ عليُّ بن أبي طالب. قال: وكان عليّ رجلاً شجاعاً، ماضياً على أمره إذا أراد شيئاً مضى له، فقال: يا رسول الله، فبقيتُ أنا! فقال رسول الله: أما ترضى أن أكون أنا أخاك؟! قال: بلى يا رسول الله، قال: فأنت أخي في الدنيا والآخرة.

قال جميع: فقلت لابن عمر: بهذا أشهد عليك؟! قال: نعم، اشْهَدْ علَيّ بهذا - ثلاث مرّات - بالله الذي لا إله الاّ هو لَسمعتُ رسولَ الله يقول ذلك(٢) .

* عن أبي رافع مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن أبي أمامة قال: لمّا آخى رسول الله

____________________

(١) مناقب الكوفيّ ١: ٣٩٣ / ٢٦٦؛ مختصر تاريخ دمشق ١٨: ١٨.

(٢) مناقب الكوفيّ ١: ٤٠٤ / ٢٧٥.

٢٦

بين الناس، آخى بينه وبين عليّ(١) .

- عن أبي رافع قال: كنت قاعداً بعد ما بايع الناسُ أبا بكر، فسمعت أبا بكر يقول للعبّاس: أيّدك الله، هل تعلم أنّ رسول الله جمع بني عبد المطّلب وأولادهم وأنت فيهم، وجمعكم دون قريش فقال: يا بَني عبد المطّلب، إنّه لم يَبعث اللهُ نبيّاً إلاّ جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووصيّاً وخليفة في أهله، فمَن يقوم منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري وخليفتي في أهلي؟ فلم يَقُم منكم أحد، فقال: يا بني عبد المطّلب، كونوا في الإسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً، واللهِ لَيقومَنّ قائمُكم، أو ليكوننّ في غيركم، ثمّ لَتندمُنّ! فقام عليّ من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه، أتعلم هذا له من رسول الله؟ قال العبّاس: نعم(٢) .

- عن أبي رافع قال: لما خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى غزوة تبوك، خلّف عليّاً، وكثرت فيه الأقاويل من الناس فقالوا: لم يخلّفه إلاّ بغضاً له وكراهيةً أن يتبعه! فبلغ ذلك عليّاً، فلَحِقَه على مرحلة أو مرحلتين يحادثه، وهما على بعيرين لهما والناس ينظرون إليهما وأنا قريب منهما، فجاءت عائشة فأدخلت بعيرها بينهما، فالتفت إليها رسول الله ثمّ قال: أما والله، ما يومُه منكِ بواحد! ثمّ قال: أما ترضى يا عليُّ أنّك أخي في الدنيا والآخرة، وأنّ ابنَيك سيّدا شباب أهل الجنّة من أمّتي في الدنيا والآخرة، وأنّك أخي ووزيري ووارثي، انصرفْ، فلا يُصلح ما هناك إلاّ

____________________

(١) كنز العمّال ١٣: ١٤٤ / ٣٦٤٥٠.

(٢) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٢. (وهذا تقرير من أبي بكر في أُخوّة عليّ للنبيّ وخلافته له).

٢٧

أنا أو أنت(١) .

- عن أبي رافع قال: آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين المسلمين ذات يوم فقال: يؤاخي كلُّ واحد منكم أخاه، فإن تقفْ دابّتُه في سفره أو عقرت أردفه، وأعان بعضهم بعضاً، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين ابن مسعود وأبي ذرّ، وبين سلمان وحُذَيفة، وبين المِقداد وعمّار، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وضرب بيده إلى عليّ وقال: أنا أخوك وأنت أخي. فكان عليّ إذا أعجبه شيء قال: أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يَدّعيها إلاّ كاذب(٢) .

وله شواهد من أحاديث أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، سنذكرها.

* عبد الرحمان بن عابس(٣) ، عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «خير إخوتي عليّ»(٤) .

* ابن عبّاس. الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: قلت لأمّ سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّكِ لَتُكثرين من القول الطيّب في عليّ بن أبي طالب دون نساء النبيّ! فهل سمعتِ من رسول الله في عليّ شيئاً لم

____________________

(١) مناقب الكوفيّ ١: ٣٩١ / ٢٦٣.

(٢) نفسه ١: ٣٩١ / ٢٦٤.

(٣) عابس بن ربيعة الغُطَيفي، والد عبد الرحمان بن عابس، له صحبة. (أسد الغابة ٣: ١٠٩ / ٢٦٥٧، وطبقات خليفة ٢٤٩ / ١٠٦٣، وطبقات ابن سعد ٦ / ١٢٢). وذكر العجليّ عبد الرحمان بن عابس في الثقات. (تاريخ الثقات ٢٩٤ / ٩٦١) وقال: تابعيّ ثقة.

(٤) مناقب الكوفيّ ١: ٣٨٥ / ٢٥٤. وفي أسد الغابة، ومناقب ابن المغازلي الحديث ٥٨: (خير إخوتي عليّ، وخير أعمامي حمزة).

٢٨

يسمعه غيرُكِ؟

قالت: يا ابن عبّاس، أمّا ما سمعتُ من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو أكثر ممّا أقْدِر أن أُخبرك به! ولكنّي أُخبِرك من ذلك بما يكفيك ويشفيك؛ سمعته يقول في عليّ قبل موته بجمعة وهو يقول في بيتي، فدخل عليّ بن أبي طالب فسلّم حفيّاً(١) ؛ توقيراً لرسول الله، وردّ عليه مُعنّاً(٢) كالمسرور بأخيه المحبّ له، ثمّ قَبضَ على يده فقال: أعليّ؟! قال: نعم يا رسول الله، قال: يا عليّ، أنت أخي في الدنيا والآخرة. وبكى عليّ ولا يرفع بصره تعظيماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قالت أمّ سلمة: فقلت: يا رسول الله، إلى مَن تَكِلنا وإلى مَن تُوصي بأمرنا؟ قال: أكِلُكُم إلى العزيز الغفّار كما دعوتكم إليه، وأُوصي بكم إلى هذا. يا أمّ سلمة، هذا هو الوصيّ علىالأموات من أهل بيتي، والخليفة على الأحياء في الدنيا، وهو قريني في الجنّة كما هو أخي في الدنيا، وهو معي في الدرجة العليا.

اسمعي يا أمّ سلمة قولي، واحفظي وصيّتي، واشهَدي وأبِلغي أنّ عليّاً هذا أخي في الدنيا والآخرة، نيط لحمُه بلحمي، ودمه بدمي، منّي ابنتي فاطمة، ومنه ومنها وَلَداي الحسنُ والحسين، وعليٌّ أخي وابن عمّي ورفيقي في الجنّة، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى غيرَ أنّه لا نبيَّ بعدي.

يا أمّ سلمة،عليّ سيّد كلّ مسلم إذْ كان أوّلهم إسلاماً، ووليُّ كلّ مسلم، إذ كان أسبقَهم إلى الإيمان.

____________________

(١) أي: مبالغاً في السلام.

(٢) أي: مهتمّاً.

٢٩

يا أمّ سلمة، عليٌّ مَعدِن كلّ علم، إذ لم يتلوّث بالشِّرك منذ كان.

يا أمّ سلمة، عليٌّ يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعدي.

يا أمّ سلمة، قال لي جبرئيل يوم عرفة بعرفات: يا محمّد، إنّ الله باهى بكم في هذا اليوم فغفر لكم عامّةً، وباهى بعليّ خاصّةً وعامّة.

يا أمّ سلمة، عليٌّ إمامُكم فاقتدوا به، وأحِبّوه بعدي كحبّي، وأكرموه لكرامتي. ما قلت هذا لكم مِن قِبَلي، ولكن أُمِرت أن أقوله.

ثمّ قالت أمّ سلمة: يكفيك هذا يا ابن عبّاس؟ فقلت: بلى يكفيني(١) .

- أخرج ابن أبي شيبة، قال: حدّثنا عبد الله بن نمير، عن حجّاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ: «أنتَ أخي وصاحبي»(٢) .

- عبد الله بن مسعود: عبد الرزّاق بسنده عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا دعوة أبي إبراهيم»، قلنا: يا رسول الله، وكيف صِرتَ دعوةَ أبيك إبراهيم؟ قال: «أوحى الله عزّ وجلّ إلى إبراهيم( إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً ) (٣) ، فاستخفّ إبراهيمَ الفرحُ فقال: يا ربّ، ومِن ذرّيتي أئمّة مثلي؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: أن يا إبراهيم، إنّي لا أُعطيك عهداً لا أفي لك به. قال: يا ربّ ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال: لا أُعطيك لظالمٍ من ذرّيّتك. قال: وما الظالم من ولدي

____________________

(١) مناقب الكوفيّ ١: ٤١٤ / ٢٨٤ - وهو في الأصل أطول - وبزيادة كما في الحديث ٣٤٣ ص ١٧٢ من فضائل عليّ من كتاب الفضائل لأحمد ط ١.

(٢) المصنَّف، لابن أبي شَيبة ٧: ٥٠٧.

(٣) البقرة: ١٢٤.

٣٠

الذي لا يناله عهدُك؟ قال: مَن سجد لصنمٍ من دوني لا أجعله إماماً أبداً، ولا يصلح أن يكون إماماً. قال إبراهيم:( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيّ أَن نّعْبُدَ الأَصْنَامَ) (١) .

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : فانتهت الدعوة إليّ وإلى أخي عليّ، لم يسجد أحدُنا لصنمٍ قطّ، فاتّخذَني نبيّاً، وعليّاً وصيّاً(٢) .

* جابر بن عبد الله الأنصاريّ: عن أبي الزبير، عن جابر قال: كنّا عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فأقبل عليّ بن أبي طالب، فأقبل النبيّ علينا وقال: قد جاءكم أخي. ثمّ التفت إلى عليٍّ فضربه بيده - في بعض المصادر: التفَتَ إلى الكعبة فضربها - وقال: والذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يومَ القيامة. ثمّ قال: إنّه أوّلُكم إيماناً، وأوفاكم بعهدِ اللهن وأقْومُكُم بأمرِ الله، وأعدلُكم في الرعيّة، وأقسمُكم بالسَّوِيّة، وأعظمُكم عند الله مَزِيّةً. فنزل قوله تعالى:( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) (٣) .

قال: فكان أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا جاء عليّ قالوا: قد جاءكم خيرُ البريّة(٤) .

- وبسند عن جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «مكتوب على باب الجنّة:

____________________

(١) إبراهيم: ٣٥.

(٢) شواهد التنزيل ١: ٣١٥ / ٤٣٥؛ أمالي الطوسيّ ٣٨٨؛ مناقب ابن المغازليّ / الحديث ٣٢٥.

(٣) البيّنة: ٧.

(٤) تفسير الحِبَريّ ٥٣٩ / الحديث ٣؛ تفسير الطبريّ ٣٠: ١٤٦؛ حلية الأولياء ١: ٦٦؛ مناقب الخوارزميّ ١١١ - ١١٢؛ الصواعق المحرقة ٩٦؛ كفاية الطالب ٢٤٤ - ٢٤٥؛ الدرّ المنثور ٦: ٣٧٩.

٣١

محمّدٌ رسول الله، عليٌّ أخو رسول الله، قبل أن تُخلَق السماوات والأرض»(١) .

فالذي آخى بين عليّعليه‌السلام ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هو الله تعالى، وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرض، ثمّ آخى النبيّ عليّاً بأمر الله سبحانه، وجعل من المؤاخاة منزلةً عظيمة وخطيرة لعليّعليه‌السلام ، يواجه بها كلَّ ناصبيّ! يؤيده بحديث المنزلة: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» وهارون أخو موسى ووصيّه في قومه، وتَوَّجَهُ بحديث الغدير الذي أطى عليّاً ولاية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

- عن جابر بن عبد الله و سعيد بن المسيّب، قالا: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أصحابه، فبقيَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبوبكر وعمر وعليّ، فآحى بين أبي بكر وعمر، وقال لعليّ: «أنت أخي وأنا أخوك، فإنْ ناكَرَك أحدٌ فقل: أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يدّعيها بعدَك إلاّ كذّاب»(٢) .

____________________

(١) مناقب الكوفيّ ١: ٤١٥ / ٢٨٥؛ موضّح أوهام الجمع والتفريق، للخطيب البغداديّ ١: ٤٤١؛ تاريخ بغداد ٧: ٣٨٧؛ الرياض النضرة؛ مناقب الخوارزميّ ٨٧؛ تذكرة الخواصّ ١٤؛ مجمع الزوائد ٩: ١١١؛ كنز العمّال ٦: ٣٩٩؛ مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٥؛ حلية الأولياء ٧: ٢٥٦؛ الفضائل لأحمد ٢٦٢ من زيادة القطيعيّ؛ شواهد التنزيل ١: ٢٢٦ / ٣٠٢؛ مقتل الحسين، للخوارزميّ ١: ٣٨؛ المعجم الأوسط ٦: ٢٣٤ / ٥٤٩٤؛ المناقب، لابن المغازليّ: ٩١ / ١٣٤؛ أمالي الصدوق / الحديث ١ من المجلس ١٨، والخصال له ٦٣٨ / الحديث ١١.

(٢) مختصر تاريخ دمشق ١٨: ٢٠؛ الرياض النضرة ٢: ٢٠٩؛ كنز العمّال ٦: ٣٩٠.

٣٢

ولهذه الحقيقة الخطيرة شواهد، منها ما ذكره يَعلى بن مُرّة الثقفيّ(١) قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين الناس، فترك عليّاً في آخرهم لا يَرى أنّ له أخاً، فقال: يا رسول الله، آخيتَ بين الناس وتركتني؟! قال: ولِمَ تركتُك؟! إنّما تركتُك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك، فإن حاجّك أحدٌ فقل: إنّي عبد الله وأخو رسوله، لا يدّعيها أحد بعدك إلاّ كذّاب!(٢)

ولابن عبد البرّ كلام في هذا الحديث، قال: آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كلّ واحدة منهما لعليّ: «أنت أخي في الدنيا والآخرة»، وآخى بينه وبين نفسه، ولذلك قال عليّ: «أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يقولها أحد غيري إلاّ كذّاب»(٣) .

وبذلك احتجّعليه‌السلام على عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمان بن عوف وسعد، وذلك حينما جعلها عمر شورى، فقال لهم: أنشدكم الله، هل فيكم أحد آخى رسول الله بينه وبينه إذ آخى بين المسلمين غيري؟! قالوا: اللّهمّ لا(٤) .

إنّ احتجاج أميرالمؤمنينعليه‌السلام بأخوّته لرسول الله صلّى الله عليه على

____________________

(١) يَعلى بن مُرّة بن وَهْب بن جابر، أبو الـمَرازِم الثقفيّ. أسلم وشهد مع النبيّ الحديبيّة، وبايع بيعة الرضوان، وشهد خيبر والفتح وهوازن والطائف. وكان من أفاضل أصحاب رسول الله، وكان يَعلى ابن مُرّة من أصحاب عليّ. سكن الكوفة، وقيل: سكن البصرة. (مختصر تاريخ دمشق ٢٨: ٦٠ / ٤٤، أسد الغابة ٥: ٥٢٤ / ٥٦٤٣).

(٢) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ١٣١٦.

(٣) الاستيعاب ٣: ٣٥، أسد الغابة ٤: ٩١.

(٤) الاستيعاب ٣: ٣٥.

٣٣

أصحاب الشورى، يعني الكثيرَ الكثير! وإنّ تأخير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ في المؤاخاة، لأمرٍ هو أن يثير انتباه المسلمين، أنّ عليّاً بقيَ من غير أخٍ! فلمّا سأله عليّ عن ذلك، وامتدّت الأعناق لمعرفة جواب النبيّ، فكان جواب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه مزيد من الإثارة: «ولِمَ تركتُك؟!» وحقيقة السؤال لهم لا لعليّ، ليتساءلوا عن سرّ ترك عليّ بلا أخٍ! فكان الجواب: «إنّما تركتُك لنفسي» أي اختَصَصتُك بها، فلا أحدَ يَرقى إلى نفسي إلاّ أنت.

وهذا المعنى ورد في آية المباهلة، حيث كان عليٌّ فيها نفسَ رسول الله، ولذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله له: «أنت أخي وأنا أخوك... لا يَدّعيها بعدك إلاّ كذّاب»، فكانعليه‌السلام يمدّ بها صوته، فجَحَده ناصبةُ زمانه فأُصيبوا - نذكرها فيما بعد -.

ثمّ مضت قرون وفضيلة المؤاخاة ثابتة لعليّعليه‌السلام ، حتّى كان القرن الثامن الهجريّ، حيث ظهر ابن تيميه ليرفع عقيرته بإنكار فضائل عليّ وخصائصه، ويُنكرَ - ضمن ذلك - أحاديثَ المؤاخاة!!

وقد ذكرنا طائفةً من رواة أحاديث المؤاخاة، وهذا بعض آخر:

* عِكْرِمة: عبد الرزّاق عن أبيه، عن عكرمة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أصحابه، وجعل عليّاً أخاه(١) .

- عبد الرزّاق عن مَعْمَر، عن أيّوب، عن عكرمة وأبي يزيد المدينيّ أو أحدهما - الشكّ من عبد الرزّاق -: أنّ أسماء بنت عميس قالت: لمّا أُهدِيَت فاطمة إلى عليّ، لم نجد في بيته إلاّ رملاً مبسوطاً ووسادة حشوُها ليف وجرّةً

____________________

(١) مناقب الكوفيّ ١: ٤١٧ / ٢٨٧.

٣٤

وكُوزاً، فأرسل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّ: «لا تُحْدثن حدَثاً - أو قال: لا تقربنّ أهلك - حتّى آتيك». فجاء النبيّ فقال: «أثَمَّ أخي؟». فقالت أمّ أيمن: يا نبيَّ الله، هو أخوك وزوّجْتَه ابنتك؟! - وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أصحابه وآخى بين عليّ ونفسه -، فقال: «إنّ ذلك يكون يا أمّ أيمن»(١) .

وله شاهد من حديث أميرالمؤمنينعليه‌السلام :

محمّد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه عمر بن عليّ، عن عليّ قال: جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذاتَ ليلة يطلبني، فقال: يا أمّ أيمن أين أخي؟ فقالت له: مَن أخوك؟ قال: عليّ، قالت: أخوك وتزوّجُه ابنتَك؟! قال: نعم، أما واللهِ لقد زوّجتُها كُفْواً شريفاً في الدنيا والآخرة، ومِن المقرّبين(٢) .

- قال جابر بن عبد الله الأنصاريّ: سمعتُ عليّاً ينشد ورسولُ الله يسمع شِعرَه:

أنا أخو المصطفى لا شكّ في نَسَبي

مَعْه زُبِيتُ وسِبطاهُ هما وَلَدي

جَدّي وجَدُّ رسولِ الله مُتّحدٌ

وفاطمٌ زوجتي لا قولَ ذي فَنَدِ

صَدّقتُه وجميعُ الناس في بُهَمٍ

من الضَّلالةِ والإشراكِ والنَّكَدِ

فالحمدُ للهِ شكراً لا شريكَ لَهُ

اَلبَرّ بالعبدِ والباقي بلا أمَدِ

____________________

(١) المصنّف، لعبد الرزّاق ٥: ٣٣٧ / ٩٨٤٤؛ أنساب الأشراف ٢: ٣٧٨.

(٢) مناقب الكوفيّ ١: ٣٦٨ / ٢٣١.

٣٥

فتبسّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: صدقتَ يا عليّ(١) .

- عن أبان بن أبي عيّاش، عن سعيد بن جبير قال: كان عبد الله بن عبّاس على شفير زمزم يحدّث الناس في عليّ، فقال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بيت أمّ سلمة، فأتى عليٌّ فدقّ الباب دقّاً خفيفاً، فعرف رسول الله دقّه وأنكرته أمُّ سلمة، فقال لها رسول الله: يا أمّ سلمة، قُومي فافتحي الباب، فإنّ في الباب رجلاً يُحبّ اللهَ ورسولَه، ويُحبُّه اللهُ ورسولُه. فقامت وهي تقول: بَخٍ بَخٍ لرجلٍ يُحبّ اللهَ ورسوله، ويحبُّه الله ورسوله! ففتحتُ الباب، ودخل عليّ فسلّم على النبيّ فردّ عليه ثمّ قال: يا أُمّ سلَمة، هل تعرفين هذا؟ قالت: نعم، هذا ابن عمّك عليُّ بن أبي طالب، قال: فاشهَدي أنّه أخي في الدنيا والآخرة، ورفيقي في الجنّة(٢) .

عن ابن عبّاس قال: لمّا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مكّة، خرج عليّ بابنةِ حمزة، فاختصم فيها عليّ وجعفر وزيد إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فقال عليّ: ابنةُ عمّي وأنا أخرجتُها، وقال جعفر: ابنةُ عمّي وخالتُها عندي، وقال زيد: ابنةُ أخي - وكان زيد مُؤاخياً لحمزة، آخى بينهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لزيد: أنت مولاي ومولاها، وقال لعليّ: أنت أخي وصاحبي، وقال لجعفر: أشبَهتَ خُلقي وخَلْقي،

____________________

(١) مختصر تاريخ دمشق ١٨: ٧٧ - ٧٨؛ فرائدِ السمطين الباب ٤٤؛ مناقب الخوارزميّ ٩٥؛ كنز العمّال ٦: ٣٩٨. وذكره الكنجيّ في كفاية الطالب ١٩٦ عن الزهريّ، عن عبد الرحمان بن مالك، عن جابر بن عبد الله.

(٢) مناقب الكوفيّ ١: ٣٩٥ / ٢٦٧؛ ترجمة عليّعليه‌السلام من تاريخ دمشق ٣: ٢٠٥.

٣٦

وهي إلى خالتها»(١) .

- عن عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاس: أنّ عليّاً قال في حياة النبيّ: إنّ الله عزّ وجلّ يقول:( أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ) (٢) ، واللهِ لا ننقلبُ على أعقابنا أبداً بعد أن هدانا الله، واللهِ لَئِن مات أو قُتِل لأُقاتِلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت، واللهِ إنّي لأَخوه ووليُّه وابنُ عمّه ووارثُه، فمَن أحقُّ به منّي(٣) ؟!

عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما في القيامة راكب غيرُنا، نحن أربعة». فقام إليه عمّه العبّاس بن عبد المطّلب، فقال: ومَن هم يا رسول الله؟ فما زال رسول الله يعدّ له نفسه الزكيّة، وصالحَ النبيّ، وعمَّه حمزة؛ كلّ ذلك والعبّاس ويقول: ومَن يا رسول الله؟ حتّى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «وأخي عليٌّ على ناقةٍ من نُوقِ الجنّة... فينادي منادٍ من بُطنان العرش: ليس هذا ملَك مقرَّب، ولا نبيّ مرسَل، ولا حامل عرش، هذا عليّ بن أبي طالب وصيُّ رسولِ ربِّ العالمين، وإمام المتّقين، وقائد

____________________

(١) مسند أحمد ١: ٣٨١ / ٢٠٤١ - مسند ابن عبّاس -.

(٢) آل عمران: ١٤٤.

(٣) مناقب الكوفيّ ١: ٣٩٦ / ٢٦٨؛ مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٤؛ خصائص النَّسائيّ ١٣٠ / الحديث ٦٥؛ مستدرك الحاكم ٣: ١٢٦؛ المعجم الكبير، للطبرانيّ ١: ١٠٧ / ١٧٦، وعنه أبو نُعَيم في معرفة الصحابة ١: ٢٣؛ فرائد السمطَين ١: ٢٤٤ / الباب ٤٤؛ الفضائل، لأحمد / الحديث ٢٣٢، أمالي الطوسيّ / الحديث ١٠٩٩. ومرسلاً: تفسير فرات / الحديث ٨٠، الرياض النضرة ٢: ٣٠٠، بشارة المصطفى ٧: ٢٠٨.

٣٧

الغُرّ المحجَّلين»(١) .

- ابن نمير، عن حجّاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاس: أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ: «أنت أخي وصاحبي»(٢) .

- أبو سعيد الخُدْريّ: يحيى بن مَعين، بسنده عن أبي سعيد الخُدْريّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لمّا أُسري بِي، أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنّة وأجلسني، فخرَجَت حوراء فقلتُ: من أنتِ رَحِمَكِ الله؟ قالت: أنا الراضية المرضيّة، خُلِقت لأخيكَ وابنِ عمّك عليِّ بن أبي طالب»(٣) .

- أبو ذرّ الغفاريّ: عن كديرة بن صالح، عن أبي ذرّ الغِفاريّ قال: سمعت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ: اللّهم أعِنْهُ وانصره؛ فإنّه عبدُك وأخو نبيّك(٤) .

____________________

(١) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣٨١ - ٣٨٢.

(٢) مناقب الكوفيّ ١: ٣٧٢ / ٢٣٦؛ مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٣ وفيه: «يا عليّ، أنت منّي وأنا منك، وأنت أخي وصاحبي».

(٣) مناقب الكوفيّ ١: ٤٠٣ / ٢٧٤؛ مناقب ابن المغازليّ ٤٠١ / الحديث ٤٥٦؛ فرائد السمطين ١: ٨٨.

(٤) مناقب الكوفيّ ١: ٣٨٨ / ٢٥٩؛ التاريخ الكبير ٤: ٢٤١ / الرقم ١٠٣٢؛ ميزان الاعتدال ٤: ١٩٨؛ أمالي الصدوق - المجلس ١٢ / الحديث ٣؛ المؤتلف والمختلف ٤: ١٩٦٠؛ فرائد السمطين ١: ٦٨، الباب العاشر من السمط الأوّل. وفي مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٣: عن جعفر قال: سمعت أبا ذرّ وهو مستند إلى الكعبة وهو يقول: أيّها الناس، استَوُوا أحدّثْكم ممّا سَمِعتُ مِن رسول الله يقول لعليّ كلماتٍ، لو يكون لي إحداهنّ أحبَّ إليّ من الدنيا وما فيها؛ سمعت رسول الله وهو يقول: «اللّهمّ أعِنْه واستعنْ به، اللّهمّ انصره وانتصر له، فإنّه عبدُك وأخو رسولك».

٣٨

زيد بن أرقم

المدائنيّ بسندِه عن أبي حَرْب بن أبي الأسوَد(١) ، عن أبيه، عن زيد بن أرقم قال: آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه فقال عليّ: يا رسول الله، آخيتَ بين أصحابك وتركتَني؟! فقال: أنت أخي، أما ترضى أن تُدعى إذا دُعيتُ، وتُكسى إذا

____________________

(١) أبو حَرْب بن أبي الأسود الدُّؤَلي، كان معروفاً قليلَ الحديث. (الطبقات الكبرى، لابن سعد ٧: ١٦٩، التقريب لابن حجَر ٢: ٤١٠). وذكره خليفة على نحو ما ذكرناه، قال: أبو حَرْب، هو اسمه، ثمّ ساق نسبه. (طبقات خليفة ٣٥٤ / ١٦٧٦).

وفي (رجال البرقيّ ٨): أصحاب الحسينعليه‌السلام : ومن أصحاب أبي محمّد - الحسنعليه‌السلام -: ابن ابي الأسْود الدِّئَليّ. وأبو الأسود اختُلِف في اسمه، ففي الاشتقاق ١٧٥، ٣٢٥: أبو الأسود وهو ظالم بن عمرو، من بني كنانة بن خزيمة، من الدُّئل بن بكر.

وفي جهرة النّسب ١٥٢، وقد ذكر نسبه فقال: أبو الأسود، وهو ظالم بن عمرو بن سُفيان... بن الديل. ويقال: اسم أبي الأسود: عثمان. وكان عبد الله بن عبّاس ولّى أبا الأسود البصرة حين خرج إلى صفّين. ومثله ذكر ابن سعد مع تقديم وتأخير واختلاف في بعض أنساب أجداده، قال: ابن الدّئل. وفي النسبة: أبو الأسود الدُّؤليّ استخلفه ابن عبّاس على البصرة فأقرّه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكان ثقةً في الحديث. عن قتادة قال: قال أبو الأسود الدّؤليّ: إنّ أبغضَ الناسِ إليَّ أن أسابّ كلّ أهوج ذَرب اللّسان. (الطبقات الكبرى ٧: ٦٩ / ٢٩٧٩). وذكره العجليّ في الثِّقات قال: ظالم بن عمرو من كبار التابعين من أصحاب عليّ، وهو أوّل مَن وضع النحو، ثقة. (تاريخ الثقات ٣٣٨ / ٧٣٣). وذكره الطوسيّ فيمَن روى عن أمير المؤمنين، وعدّه في أصحاب الحسنين والسجّادعليهم‌السلام وسمّاه: ظالم بن ظالم أبو الأسود. (رجال الطوسيّ ٤٦، ٦٩، ٧٥، ٩٥. وانظر: رجال ابن داود ١٩١، ٣٩٢).

٣٩

كُسِيتُ، وتدخل الجنّة إذا دخلتُ؟!» قال: بلى يا رسول الله(١) .

أنس بن مالك

- عن يونس بن بُكَيْر(٢) ، عن مَطر بن ميمون(٣) ، عن أنس بن مالك قال: آخى رسول الله بين المسلمين، وقال لعليّ: أنا أخوك وأنت أخي(٤) .

- عن مطير بن ثعلبة(٥) ، عن أنس قال: كنّا لا نجترئ أن نسأل النبيّ: إلى مَن يسند أمرَنا ممّن بقي بعده، فلمّا نزلت( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ) (٦) قلنا لسلمان: سَل النبيّ غلى من تسند أمرنا بعدك؟ فسأله فسكت عنه أيّاماً ثمّ قال: يا سلمان ألا أُخبرك عمّا سألتني؟ قال: بلى فداك أبي وأمّي. قال: إنّ عليّاً أخي ووزيري، وخيرُ مَن أترك مِن بعدي، يُنجِز موعودي ويقضي دَيْني(٧) .

- عن عبيد الله بن موسى العَبْسيّ، عن مطر، عن أنس بن مالك: إنّ

____________________

(١) أنساب الأشراف ٢: ٣٧٨.

(٢) ذكره ابن حبّان في الثِّقات (٥: ٦٠٨ / ٤٤٧٢)، وقال ابن معين: ثقة. (تاريخ ابن معين ١: ٢٠١ / ١٣٠٦).

(٣) لم أقف على حاله.

(٤) مناقب الكوفيّ ١: ٣٧٢ / ٢٣٨.

(٥) لم أقف على حاله.

(٦) الفتح: ١.

(٧) مناقب الكوفيّ ١: ٣٩٩ / ٢٧٠، شواهد التنزيل ١: ٣٧٣ / ٥١٥، مسند سلمان الفارسيّ من المعجم الكبير ٦: ٢٧١؛ الفضائل، لأحمد ١١٨ / الحديث ١٧٤، المؤتلف والمختلف ١٠٣، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣١٤، الكامل، لابن عَدِيّ ٦: ٣٩٧.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

من زاره في الله عارف حقّه

فالمسّ منه على الجحيم حرامُ

ومقامه لا شكّ يحمد في غدٍ

وله بجنّات الخلود مقامُ

ولو بذاك الله أوفى ضامن

قسماً إليه تنتهي الأقسامُ

صلّى الإله على النبي محمّدٍ

وعلى علي نصرة وسلامُ

وكذا على الزهراء صلّى سرمداً

ربٌّ بواجب حقّها علاّمُ

وعليه صلّى ثم بالحسن ابتدى

وعلى الحسين لوجهه الإكرامُ

وعلى عليٍّ ذي التقى ومحمّدٍ

صلّى وكل سيد وهمامُ

وعلى المهذّب والمطهّر جعفر

أزكى الصلاة وإن أبى الأقزامُ

الصادق المأثور عنه علم ما

فيكم به تتمسّك الأقوامُ

وكذا على موسى أبيك وبعده

صلّى عليك وللصلاة دوامُ

وعلى الرضا ابن الرضا الحسن الذي

عمّ البلاد لفقده الأظلامُ

وعلى خليفته الذي لكمُ به

تمّ النظام فكان فيه تامُ

فهو المؤمّل أن يعود به الهدى

غضّاً وأن تستوثق الأحكامُ

لولا الأئمّة واحدٌ عن واحد

درس به واستسلم الإسلامُ

كلٌّ يقوم مقام صاحبه إلى

أن تنتهي بالقائم الأيامُ

يا بن النبي وحجة الله التي

هي للصلاة وللصيام قيامُ

ما من إمام غاب عنكم لم يقم

خلف له تشفى به الإرغامُ

إنّ الأئمّة تستوي في فضلها

والعلم كهل منكم وغلامُ

أنتم إلى الله الوسيلة والأولى

علموا الهدى فهمُ له أعلامُ

أنتم ولاة الدين والدنيا ومَن

لله فيه حرمة وذمامُ

ما الناس إلاّ مَن أقرّ بفضلكم

والجاحدون بهائم وسوامُ

بل هم أضلّ عن السبيل بكفرهم

والمقتدى منهم بهم أزلامُ

يدعون في دنياكم وكأنّهم

في جحدهم أنعامكم إنعامُ

يا نعمة الله التي يحبو بها

من يصطفي من خلقه المنعامُ

إن غاب منك الجسم عنّا إنّه

للروح منك إقامةٌ ونظامُ

أرواحكم موجودة أعيانها

إن عن عيون غُيّبت أجسامُ

الفرق بينك والنبي نبوّة

إذ بعد ذلك تستوي الأقدامُ

٣٦١

قبران في طوس الهدى في واحدٍ

والغي في لحدٍ يراه ضرامُ

قبران مقترنان هذا ترعة(1)

جنوية فيها يزار إمامُ

وكذاك ذلك من جهنّم حفرة

فيها يجدّد للغوي هيامُ

قرب الغوي من الزكي مضاعف

لعذابه ولأنفه الإرغامُ

إن يدن منه فإنّه لمباعد

وعليه من خلع العذاب ركامُ

وكذاك ليس يضرّك الرجس الذي

يدنيه منك جنادل ورخامُ

لا بل يريك عليك أعظم حسرة

إذ أنت تكرم واللعين يسامُ

سوء العذاب مضاعف تجري به

الساعات والأيام والأعوامُ

يا ليت شعري هل بقائمكم غداً

يغدو ويكفي للقراع حسامُ

تطفى يداي به غليلاً فيكم

بين الحشا لم ترو منه أوامُ

ولقد يهيجني قبوركم إذا

هاجت سواي معالم وخيامُ

من كان يغرم بامتداح ذوي الغنى

فبمدحكم لي صبوة وغرامُ

وإلى أبي الحسن الرضا أهديتها

مرضية تلتذّها الأفهامُ

خذها عن الضبي عبدكم الذي

هانت عليه فيكم الألوامُ

إن اقض حق الله فيك فإنّ لي

حق القرى للضيف إذ يعتامُ

فاجعله منك قبول قصدي إنّه

غنم عليه حداني استغنامُ

مَن كان بالتعليم أدرك حبّكم

فمحبّتي إيّاكم إلهامُ(2)

لم اقرأ شعراً ألذّ ولا أطيب من هذا الشعر فقد حفل بروح الولاء والمودّة الخالصة لأهل البيت دعاة الله والأدلاّء على مرضاته، مضافاً إلى ما فيه من جزالة الألفاظ وجمال الأسلوب، فليس في هذه القصيدة كلمة غريبة يمجّها السمع، وينفر منها الطبع، وإنّما كانت جميع كلماتها متناسقة عذبة خفيفة على الطبع، كما حفلت بحشد من القيم العليا التي تؤمن بها الشيعة في محبتهم لأهل البيت.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض ما قاله الشعراء في تأبين الإمام، وهو يكشف عن مدى الرزيّة الشاملة، والرزء القاصم الذي مُني به المسلمون في فقدهم للإمام العظيم.

____________________

(1) الترعة: الروضة، وفي الحديث: إنّ منبري هذا على ترع من ترع الجنّة.

(2) عيون أخبار الرضا 2 / 252 - 254.

٣٦٢

فضل زيارة الإمام:

وأصبح مرقد الإمام الرضاعليه‌السلام في (خراسان) من أعز المراقد في الاسلام فقد حظي بهالة من الاكبار والتقديس بما لم يحظ به مرقد من مراقد أولياء الله تعالى، فقد تهافتت على زيارته ملايين المسلمين متقربين بذلك إلى الله تعالى، يقول محمد بن المؤمل: خرجنا مع امام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة، وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا، وهم إذ ذاك متوافدون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس، فرأيت من تعظيم ابن خزيمة لتلك البقعة، وتواضعه لها، وتضرعه عندها ما حيرنا(1) .

إنّ الله تعالى خصّ قبر وليه الإمام الرضاعليه‌السلام بفضيلة فقد جعله ملاذاً للمنكوبين، وملجأ لذوي الحاجات، وقد شاعت هذه المكرمة عند جميع الأوساط، وقد كتب على بعض جوانب القبر الشريف بيتين من الشعر.

مَن سرّه أن يرى قبراً برؤيته يفرج الله عمن رآه كربه فليأت ذا القبر أنّ الله أسكنه سلالة من رسول الله منتجبة(2) .

وقد تواترت الأخبار، بفضل زيارة الإمام الرضاعليه‌السلام ، وهذه بعضها:

1 - روى جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت وصي الأوصياء، ووارث علم الأنبياء أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: حدثني سيد العابدين علي بن الحسين عن سيد الشهداء الحسين بن علي عن سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ستدفن بضعة منّي بأرض (خراسان) ما زارها مكروب إلاّ نفس الله كربته، ولا مذنب إلاّ غفر الله ذنوبه(3) .

2 - روى محمد بن عمارة عن أبيه عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، عن آبائه عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________

(1) تهذيب التهذيب 7 / 388.

(2) الدر النظيم ورقة 214.

(3) عيون أخبار الرضا 2 / 258.

٣٦٣

(ستدفن بضعة منّي بأرض (خراسان) لا يزورها مؤمن إلاّ أوجب الله عزّ وجل له الجنّة، وحرّم جسده على النار)(1) .

3 - روى الحسن بن علي الوشاء قال: قال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام : إني سأقتل بالسم مظلوماً، فمَن زارني عارفاً بحقّي غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر(2) .

4 - روى سليمان بن جفص المروزي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ ابني عليّاً مقتول بالسم ظلماً، ومدفون إلى جنب هارون بطوس، مَن زاره كمَن زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (3) .

5 - روى الصقر بن دلف(4) قال: سمعت سيدي علي بن محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول: مَن كانت له إلى الله حاجة فليزر قبر جدّي الرضاعليه‌السلام بطوس، وهو على غسل، وليصلِّ عند رأسه ركعتين، وليسأل الله حاجته في قنوته، فإنّه يستجيب له ما لم يسأل في إثم، أو قطيعة رحم، وإنّ موضع قبره لبقعة من بقاع الجنّة لا يزورها مؤمن إلاّ أعتقه الله من النار وأحلّه إلى دار القرار(5).

إلى غير ذلك من الأخبار التي أثرت عن أئمّة الهدىعليهم‌السلام وهي تحث على زيارة مرقد الإمام الرضاعليه‌السلام ، وتذكر المزيد من الأجر لـمَن حظي بزيارته.

ولمرقد الإمامعليه‌السلام أهمية بالغة عند ملوك المسلمين، فقد قام الملك الشاه عباس بتذهيب القبّة الشريفة التي هي على القبر، وقد بذل لها من خالص ماله، وقد استغرقت مدّة بنائها ست سنين، ولـمّا تمّ بناؤها في سنة (1016 ه‍) مضى شاه عباس ماشياً من (أصفهان) إلى (خراسان) لزيارة المرقد الطاهر(6) .

____________________

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 255.

(2) عيون أخبار الرضا 2 / 261.

(3) عيون أخبار الرضا 2 / 260.

(4) في رواية المصقر بن خلف.

(5) عيون أخبار الرضا 2 / 262.

(6) أعيان الشيعة 4 / ق 2 / 214.

٣٦٤

وقد حظي المرقد المعظّم بعناية بالغة من قَبل الملوك الإيرانيين ووزرائهم، وسائر المحسنين من ذوي الثراء العريض فأوقفوا له العمارات، والأراضي الواسعة، وأرصدوا له بنوكاً خاصة تدر بملايين الأموال، وقد تولّى فريق من الجيش الإيراني حراسة المرقد والقيام بخدمته، كما أقيمت بالقرب من المرقد مكتبة نفيسة، تعد في طليعة مكتبات الشرق الأوسط، فقد حفلت بما يزيد على أربعين ألف مخطوط، أمّا الكتب المطبوعة فتعد بمئات الآلاف، وقد حوت جميع أنواع العلم القديمة والحديثة، وبالقرب من المرقد الشريف أقيم مضيف للإمام الرضاعليه‌السلام يتولّى إطعام الزائرين وينفق على جميع ذلك من المصارف والبنوك التي هي وقف للإمام الرضاعليه‌السلام .

وبهذا تنطوي الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب، وأكرّر ما أعلنته في مقدّمة الكتاب من أنّ فضائل الإمامعليه‌السلام ، وما أثر عنه من روائع الحكم والآداب لم يلم بها هذا الكتاب، وإنّما احتوى على دراسة موجزة ويسيرة عنه، سائلاً من الله أن يتقبّل ذلك، إنّه تعالى وليّ التوفيق.

٣٦٥

٣٦٦

الفهرس

تقديم. 8

علل الأحكام وغيرها 10

المسائل الكلامية: 11

علل الأحكام الشرعية: 16

غسل العيدين والجمعة: 17

غسل الميت: 18

غسل مسّ الميت: 19

الوضوء: 19

أفعال الوضوء: 20

الصلاة: 22

أذان الصلاة: 23

فصول الأذان: 23

فصول الصلاة: 26

صلاة الجمعة: 32

صلاة المسافر: 35

المسافة الموجبة للقصر: 35

سقوط نوافل النهار: 36

الصلاة على الميت: 37

التكبيرات الخمس على الميت: 37

تغسيل الأموات: 38

تكفين الأموات: 38

دفن الأموات: 38

صلاة الكسوف: 39

الحكمة في كيفية صلاة الآيات: 39

عيد الفطر: 39

صلاة العيد: 40

٣٦٧

الصوم: 40

شهر رمضان: 41

اقتصار الصوم على شهر رمضان: 41

ترك الحائض للصوم والصلاة: 42

قضاء الحائض للصوم: 42

قضاء شهر رمضان: 43

الصوم بدل تحرير الرقبة: 44

صيام شهرين متتابعين: 44

التتابع في صيام شهرين: 44

الحج: 44

وجوب الحج: 44

الحج مرة واحدة: 45

الإحرام: 46

الطواف بالبيت: 46

استلام الحجر: 47

الحج في ذي الحجة: 47

كلمة فيليب حتي في الحج: 48

الزكاة: 48

علل بعض المحرمات: 49

عقوبة الزاني: 50

الشهادة المثبتة للزنا: 50

كراهة أكل لحوم البغال: 58

زواج الرجل بأربعة نسوة: 58

الطلاق ثلاثاً: 58

المطلقة تسع تطليقات: 59

ميراث المرأة: 59

أحوال الأنبياء والأمم السالفة: 60

٣٦٨

غرق فرعون: 60

أولو العزم: 62

الحواريون: 62

علل بعض الشؤون الإسلامية: 63

القرآن غض: 63

علي قسيم الجنة والنار: 63

عدم إرجاع فدك: 64

صحابة النبي (ص): 64

انحراف الناس عن علي (ع): 65

سكوت الإمام عن أخذ حقه: 65

جوامع الكلم. 68

فضل العقل: 68

التفكر في أمر الله: 69

محاسبة النفس: 70

الحلم: 70

الصمت: 70

التواضع: 70

الخصال الكريمة في المؤمن: 71

أحسن الناس وأسوأ الناس: 71

العجب المفسد للعمل: 72

الذنوب: 72

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 73

مَن أحبّ عاصياً: 73

خيار الناس: 73

شرف العمل: 73

تمامية العقل: 74

حقيقة التوكّل على الله: 74

٣٦٩

أركان الإيمان: 75

خصال كريمة: 75

شكر النعم: 75

وصاياه ونصائحه: 75

صلة الأرحام: 78

من حكم بعض الأنبياء: 79

مناجاة موسى: 79

في صحف إبراهيم: 79

عيسى مع الحواريين: 79

وعظ وإرشاد: 80

كلماته القصار: 82

أصحابه ورواة حديثه 86

إبراهيم بن العبّاس: 87

وفادته على الإمام: 87

حرقه لديوان شعره: 89

نموذج من كتابته: 89

وفاته: 89

هجاؤه: 124

هجاؤه للرشيد: 124

هجاؤه للمعتصم: 125

هجاؤه للواثق: 126

إلى جنّة المأوى: 127

كراهة المسلمين للحكم العبّاسي: 176

الفتن والثورات الشعبية: 178

مفجر الثورة: 178

انضمام أبي السرايا إلى الثورة: 179

التقاء أبي السرايا بمحمد: 180

٣٧٠

إعلان الثورة: 180

وفاة الزعيم محمد: 181

التنكيل بالعلويين: 185

رسالة الخوارزمي: 187

مع الواقفية: 191

شجب الامام للواقفية: 192

الإمام مع الحسين بن مهران: 193

مشكلة خلق القرآن: 197

الكذب على الأئمّة: 198

في عهد الرشيد والأمين والمأمون. 201

هارون الرشيد: 201

التحلّل: 202

مع الإمام الرضا: 204

وشاية عيسى بن جعفر بالإمام: 205

وشاية يحيى بالإمام: 205

دعاء الإمام على البرامكة: 205

كبس دار الإمام: 206

رسالة سفيان لهارون: 207

حكومة الأمين: 209

احتجابه عن الرعية: 210

خلعه للمأمون: 211

الرشيد هو المسؤول عن هذه الأحداث: 212

الحروب الطاحنة: 212

محاصرة بغداد: 213

قتل الأمين: 215

حكومة المأمون: 217

صفات المأمون: 218

٣٧١

رد فدك للعلويين: 227

إشادته بالإمام أمير المؤمنين: 227

انتقاصه لمعاوية: 230

استدلاله على إمامة الإمام علي: 230

المأمون: 230

علماء الحديث: 231

مناقشة المأمون: 233

جواب المأمون: 235

مع علماء الكلام: 245

أسئلة المأمون للعلماء: 249

عقده بولاية العهد للإمام: 252

زيف تشيّعه: 253

أسباب تظاهره بالتشيّع: 257

منهج حكمه: 258

الإمام الرضا عليه‌السلام وولاية العهد. 259

دوافع المأمون: 260

رسالة الفضل إلى الإمام: 262

موقف الإمام: 263

رسل المأمون إلى الإمام: 263

الإمام يودّع قبر النبي: 264

الإمام يأمر أهله بالبكاء عليه: 264

إقامة ولده الجواد مقامه: 265

إلى بيت الله الحرام: 265

إلى خراسان: 265

في نيسابور: 266

الحديث الذهبي: 266

إلى طوس: 268

٣٧٢

استقبال المأمون للإمام: 269

عرض الخلافة على الإمام: 269

المبرّرات المزعومة للمأمون: 270

زيف مبرّراته: 271

عرض ولاية العهد على الإمام: 271

إرغام الإمام: 272

شروط الإمام: 273

نص وثيقة ولاية العهد: 273

محتويات وثيقة ولاية العهد: 278

محتويات ما كتبه الإمام: 279

محتوى كتابة الفضل: 280

البيعة للإمام: 281

كيفية البيعة: 281

الإمام يخبر بعدم تمامية هذا الأمر: 281

خطبة المأمون: 282

خطبة الإمام الرضا: 282

خطبة العبّاس: 282

الممتنعون من البيعة للإمام: 283

تنفيذ حكم الإعدام فيهم: 283

قرارات هامّة: 284

زواج الإمام بابنة المأمون: 286

البيعة للإمام في جميع الأقطار: 286

ناقدون للإمام: 289

الناقمون على المأمون: 291

خلع المأمون: 291

البيعة لإبراهيم بن شكلة: 291

رسالة المأمون للعبّاسيين: 292

٣٧٣

شؤون الإمام في (خراسان) 303

وفادة الشعراء على الإمام: 303

جائزة الإمام لدعبل: 304

جائزة إبراهيم من الإمام: 305

القصيدة الخالدة لدعبل: 305

إنفاق جميع ما عنده: 315

خطبة الإمام في التوحيد: 315

الخطبة التي كتبها الإمام للمأمون: 319

المأمون يطلب من الإمام محاسن الشعر: 320

رسالة الإمام إلى ولده الجواد: 321

كتاب الحباء والشرط: 322

توقيع المأمون: 327

توقيع الإمام الرضا: 327

مع أخيه زيد: 328

مع أخته فاطمة: 329

صلاة العيد: 330

استسقاء الإمام: 331

دعاء الإمام: 332

خطاب الإمام: 333

عتاب وتحذير: 334

خشية المأمون من الإمام: 335

عدم محاباة الإمام للمأمون: 337

الإمام يرفض تعيين الولاة: 339

الإمام يخبر بعدم دخوله بغداد: 340

الإمام والفضل بن سهل: 340

عرض كاذب لاغتيال المأمون: 341

وشاية بالإمام: 342

معارضته للإمام: 342

٣٧٤

نهاية المطاف.. 345

نصيحة الإمام للمأمون: 346

عزم المأمون على الرجوع إلى بغداد: 347

حمّام سرخس: 347

مصرع الفضل: 348

اغتيال الإمام: 348

أقوال شاذّة: 348

إلى جنّة المأوى: 350

رياء المأمون: 353

إخفاء موت الإمام: 353

تشييع جثمان الإمام: 353

في مقرّه الأخير: 354

إقامة المأمون على قبر الإمام: 354

المأمون مع هرثمة: 354

عمر الإمام: 355

رثاء الإمام: 356

فضل زيارة الإمام: 363

٣٧٥

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492