ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه12%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 169335 / تحميل: 5908
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وبسر بن أبي أرطاة(١) ؛ يدرأون الموت الأحمر عن أنفسهم بعوراتهم؛ لعلمهم أنّ عليّاًعليه‌السلام رجل مبدأ يمنعه أن يبارز جباناً يستنجد بعورته عن الموت!

عدد قتلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام يوم أحد

إنّ حديث أبي رافع في شأن أصحاب الألوية الذين قتلهم أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام ، وقد ذكرنا بعضهم، وهذا عدد آخر منهم: طلحة بن أبي طلحة، واسم أبي طلحة: عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار، قتلَه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (٢) .

وعثمان بن أبي طلحة بن عبد العزّى؛ ومسافع، وجلاس، وكلاب، والحارث؛ بنو طلحة بن أبي طلحة، هؤلاء من أصحاب الألوية ممّن عجّل بهم سيف أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام إلى جهنّم(٣) . وأمّا من غير أصحاب الألوية ممّن قتلهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ قالوا: وقاسط بن شريح بن عثمان بن عبد الدار، قتله عليٌّعليه‌السلام ، ومعه اللِّواء(٤) . وأرطاة بن شرحبيل من بني عبد الدار، قتله عليّعليه‌السلام (٥) .

____________________

(١) وقعة صفّين ٤٢٤ و ٤٦٩.

(٢) السّيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ١٣٤، المغازي، للواقديّ ١: ٣٠٧، الطبقات الكبرى، لابن سعد ٢: ٤٣، النّسب، لابن سَلام ٢٠٤، المُحبَّر، لابن حبيب ١٧٧، المعارف، لابن قتيبة ١٦٠، الأغاني ١٥: ١٨٨، أنساب الأشراف ١: ٤٠٧، تاريخ خليفة ٣٨، تاريخ الطبريّ ٢: ١٩٤.

(٣) النَّسب ٢٠٤.

(٤) جمهرة النسب ٦٥، النسب ٢٠٤، أنساب الأشراف ١: ٤٠٧.

(٥) المغازي ١: ٣٠٧، طبقات ابن سعد ٢: ٤١، تاريخ خليفة ٣٨، أنساب الأشراف ١: ٤٠٧، الإرشاد للمفيد ٨١.

٨١

وصُؤاب، حبشيّ، غلام أبي يزيد بن عُمَير بن هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار، قتله عليّعليه‌السلام (١) . وأبو سعيد بن أبي طلحة بن عبد العزّى، من بني عبد الدار، قتله عليّعليه‌السلام (٢) . وعبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العُزّى ابن قصيّ، قتله عليّعليه‌السلام (٣) . وأبو الحكم بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثَّقفيّ، قتله عليّعليه‌السلام (٤) . وأبو أميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة المخزوميّ، قتله عليّعليه‌السلام (٥) . وهشام بن أبي أُميّة المخزوميّ، قتله عليٌّعليه‌السلام (٦) .

هذا هو الإمام عليّعليه‌السلام ، الذي كان إيمانه اليقين المطلق؛ فلم يكن للشيطان إليه سبيل؛( إِنّ الّذِينَ تَوَلّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنّمَا اسْتَزَلّهُمُ الشّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ) (٧) فالجَمْعان هما جمع المسلمين وجمع الكفّار، واستزلّهم الشيطان: أي استفزّهم بذنوبهم ومعصيتهمُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم أهلُ الصّخرةِ والجلْعَب! ولم يكن فيهم

____________________

(١) السيرة، لابن هشام ٣: ١٣٤، الإرشاد ٨١.

(٢) في: جمهرة النسب (أبو سعد)؛ السيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ١٣٤، النسب ٢٠٤، تاريخ الطبريّ ٢: ٤٣، الإرشاد ٨١.

(٣) السيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ١٣٤، الإرشاد ٨١.

(٤) السيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ١٣٥، المغازي ١: ٣٠٨، طبقات ابن سعد ٢: ٤٣ و ٣: ٤٤٥، المعارف ١٦٠، أنساب الأشراف ١: ٤٠٧، الإرشاد ٨١.

(٥) السيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ١٣٥، المغازي ١: ٣٠٨ - وسمّاه: أُميّة -، المعارف ١٦٠، أنساب الأشراف ١: ٤٠٧، الإرشاد ٨١.

(٦) طبقات ابن سعد ٢: ٤٣، الإرشاد ٨١، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٣٢١.

(٧) آل عمران: ١٥٥.

٨٢

عليّعليه‌السلام ، فإنّه كرَّ وما فرّ، وقد ذكرنا بعضاً من أخباره يومئذٍ، على أنّا سنبسط البحث عند الحديث عن شجاعته التي أنكرها ابن تيميه! فعليّعليه‌السلام لم يعلِّق إيمانه الذي كان اليقين،على الحياة الدنيويّة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فهو يعلم أنّ النبيّ يموت، إلاّ أنّ الله تعالى حيٌّ لا يموت والشريعةدائمة؛ ولذا لم يكن لإذاعة الشيطان أنّ «محمّداً قد قتِل» أدنى أثرٍ في نفسه إلاّ زيادة اليقين في وجوب مجاهدة العدوّ، والغوص في لهوات الحرب، فعليّعليه‌السلام يستحيل عليه حالة الارتداد التي أصابت القومَ يومئذ:( وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ ) (١) .

قال ابن إسحاق: أي لقول الناس: قتل محمّدٌصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانهزامهم عند ذلك وانصرافهم عن عدوّهم( أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) رجعتم عن دينكم كفّاراً كما كنتم، قد بيّن لكم فيما جاءكم به عنّي أنّه ميّت ومفارقكم. ( وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى‏ عَقِبَيْهِ) أي يرجع عن دينه ( فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيْئاً ) أي ليس ينقص ذلك عزَّ الله تعالى ولا ملكه ولا سلطانه ولا قدرته، ( وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ) أي من أطاعه وعمل بأمره (٢) .

إذن: كانت هناك حالة ردّة ونكوص، وأمّا الإمام عليّعليه‌السلام ، فإنّه عنها خليّ، وكان ثابتاً هو ومجموعة من المجاهدين بما فيهم المرأة المجاهدة «نسيبة المازنيّة» وكوكبة الشهداء، رضوان الله عليهم.

تفسير مقاتل: ومثله ذكر مقاتل، قال:( وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ

____________________

(١) آل عمران: ١٤٤.

(٢) السيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ١١٧ - ١١٨.

٨٣

الرّسُلُ) يقول: وهل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لو قتل إلاّ كمن قتل قبله من الأنبياء،« أَفَإِنْ مَاتَ) محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله « أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ » ، يعني رجعتم إلى دينكم الأوّل الشِّرك. ثمّ قال:« وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى‏ عَقِبَيْهِ » يقول: ومَن يرجع إلى الشِّرك بعد الإيمان،« فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيْئاً » ، بارتداده من الإيمان إلى الشِّرك، إنّما يضرّ بذلك نفسه،« وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ » يعني الموحّدين للهِ في الآخرة(١) .

ومن تفسير قَتادة(٢) :« وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ » الآية، قال: ذلك يوم أحد حين أصابهم القرح والقتل، فقال أناس منهم: لو كان نبيّاً ما قتل!، فقال الله تعالى: « وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ

____________________

(١) تفسير مقاتل بن سليمان (ت ١٥٠ هـ) ١: ١٩٤ - ١٩٥.

(٢) قتادة بن دعامة السّدوسيّ. روى عن: أنس، والحسن البصريّ، ورفيع أبي العالية الرّياحيّ، وسعيد ابن المسيّب، وشهر بن حوشب، وأبي إسحاق السّبيعيّ، وأبي الطّفيل اللّيثيّ...؛ روى عنه: أيوب السّختيانيّ، وحجّاج بن أرطاة، وحماد بن سلمة، وحميد الطّويل، وسليمان الأعمش، وسعيد بن أبي عروبة، واللَّيث بن سعد، ومعمر بن راشد...

ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من أهل البصرة. وقال: كان ثقة مأموناً حجّةً في الحديث. (طبقات ابن سعد ٧: ٢٢٩). وقال: توفّي سنة سبع عشرة ومائة (نفس المصدر). قال العجليّ: تابعيّ، ثقة (تاريخ الثِّقات ٣٨٩ / ١٣٨٠). وقال أبو داود الطيالسيّ: كنتُ أعرف حديث قتادة ما سمع ممّا لم يسمع، فغذا جاء ما سمع قال: حدّثنا أنس، وحدّثنا الحسن...؛ وإذا جاء ما لم يسمع كان يقول: قال سعيد بن جبير، وقال أبو قلابة (طبقات ابن سعد ٧: ٢٢٩).

ترجمته في: تاريخ البخاريّ الكبير ٧ / الترجمة ٧٢٧، تاريخ الدُّوريّ ٢ / ٤٨٤، تاريخ خليفة ٧٢، ١٠٩، وطبقاته ٣٦٦ / الترجمة ١٧٦٤...

٨٤

عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ » ، يقول: ارتددتم على أعقابكم كفّاراً بعد إيمانكم...(١) .

قال محمّد - بن زمنين -: يقال لمن كان علي شيء ثمّ رجع عنه: انقلب على عقبيه(٢) .

وقد رأيت أنّنا لم ننقل عن رافضيّ - كذا -، بل ولا عن شيعيّ إلاّ مصدرين أو ثلاثة ضممناها إلى مصادر أهل العامّة، وذلك في الحديث عن موقف أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام يومَ أحد. وأمّا عن حالة القوم الذين ألقوا بأيديهم استجابةً لنداء الشيطان! وارتدادهم، فلم نذكرها من مصدر شيعيّ أبداً، وإنّما ذكرناها من مصادر الجمهور، والمتأخّر منها هو: تفسير ابن زمنين (ت ٣٩٩ هـ)، وروايته كانت عن قتادة (ت ١١٧ هـ)؛ وقد سمعت أقوال العلماء فيه - على إيجاز ما ذكرناه - وأمّا مقاتل، وابن إسحاق فهما من أبناء القرنين الأوّل ومنتصف القرن الثاني للهجرة. ولم نذكر تفسير الطبريّ، وغيره؛ لأنّها ذكرت نفس المعنى، فراجع.

عودٌ على خَيْبر

أخرج الطبريّ بسنده، قال: حدّثنا ابن بشّار قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا عوف عن ميمون، أنّ عبد الله بن بُرَيدة حدّث عن بريدة الأسلميّ قال: لمّا نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحصن أهل خيبر، أعطى رسول الله اللِّواء عمر بن الخطّاب، ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر؛ فانكشف عمر

____________________

(١) تفسير ابن أبي زمنين (ت ٣٩٩ هـ) ١: ١٢٩ - ١٣٠.

(٢) نفسه ١٣٠.

٨٥

وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله يجبّنه أصحابه ويجبّنهم! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لأُعطينَّ اللِّواء غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. فلمّا كان من الغد تطاول لها أبوبكر وعمر، فدعا عليّاًعليه‌السلام وهو أرمد، فتفل في عينيه وأعطاه اللِّواء، ونهض معه من الناس من نهض، قال: فلقيَ أهلَ خيبر، فإذا مَرحب يرتجز ويقول:

قد علمتْ خيبر أنّي مرحبُ

شاكي السلاحِ بطلٌ مُجرَّبُ

أطعنُ أحياناً وحيناً أضربُ

إذا اللِّيوثُ أقبَلَت تلَهَّبُ

فاختلف هو وعليٌّ ضربتين، فضربه عليٌّ على هامته حتّى عضّ السيف منها بأضراسه، وسمع أهلُ العسكر صوتَ ضرْبته فما تتامَّ آخر الناس مع عليّعليه‌السلام حتّى فتح الله له ولهم(١) .

قال ابن إسحاق: حدّثني عبد الله بن الحسن عن بعض أهله، عن أبي رافع مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: خرجنا مع عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه حين بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برايته، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهلُه فقاتلهم، فضربه رجل من يهود فطاح ترسه من يده، فتناول عليٌّعليه‌السلام باباً كان عند الحصْنِ فترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتّى فتح اللهُ عليه، ثمّ ألقاه من يده، فلقد رأيتُني في نفرٍ سبعة معي، أنا ثامنهم، نَجْهَد على أن نَقْلِب ذلك البابَ فما نقلبُه(٢) !

____________________

(١) تاريخ الطبريّ ٢: ٣٠٠.

(٢) السيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ٣٥٠، وعنه: تاريخ الطبريّ ٢: ٣٠١.

٨٦

شِعرُ حسّان بن ثابت في المناسبة:

هزّت الواقعةُ إعجابَ حسّان بن ثابت، فأنشد بذلك:

وكان عليٌّ أرمدَ العين يبتغي

دَواءً فلمّا لم يُحِسَّ مُداوِيا

شَفاءُ رسولُ الله منه بتفلةٍ

فَبُورِكض مَرقيّاً وبُوركَ راقيا

وقال: سأُعطي الرايةَ اليومَ صارماً

كَمِيّاً مُحبّاً للرّسولِ مُواليا

يُحبُّ إلهي والإلهُ يُحبُّهُ

به يَفْتحُ اللهُ الحُصونَ الأوابيا

فأصفى بها دونَ البريّةِ كلّها

عليّاً، وسمّاهُ الوزيرَ المُؤاخيا(١)

الفرار من التبليغ!

إنّ الأحداث يُشبه بعضها بعضاً، وجميعُها يُفصح عن حقيقة ثابتة، نترك تفسيرها للقارئ وفطنته؛ من ذلك ما كان من حوادث سنة ستُ، وصلح الحُدَيبيّة، فقد: «دعا النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله عمر بن الخطّاب ليبعثه إلى أهل مكّة فيُبلّغ عنه أشرافَ قريش ما بلّغه الله تعالى، فقال: يا رسول الله، إنّي أخاف قريشاً على نفسي، وليس بمكّة منبني عديّ بن كعب أحدٌ يمنعني، وقد عرفَت قريش عداوتي إيّاها وغلظتي عليها! ولكن أدلُّك على رجلٍ هو أعزّ بها منّي: عثمان بن عفّان. فدعا رسولُ الله عثمان فبعثه إلى أبي سفيان...»(٢) الخبر.

____________________

(١) مناقب الإمام عليّ، لابن المغازليّ الشافعيّ ١٨٩، وكفاية الطالب، للكنجيّ الشافعيّ ٩٨، والقاري في شرح صحيح البخاريّ ٨٥٥.

(٢) السيرة النبويّة، لابن هشام ٣: ٣٢٩، وتاريخ الطبريّ ٢: ٢٧٨.

٨٧

وما كان ينبغي لعمر أن يردّ أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويتنصل عنه ويتهرّب منه، وقد أدّب الله تعالى المسلمين بالطاعة المطلقة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ لا خِيَرة لهم فيما قضى:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً مّبِيناً ) (١) .

ونختم أخبار الفِرار! بما كان يوم حنين؛ ففي العام الثامن وقعت أمور على شاكلة يوم أحد؛ ففي هذا العام كانت غزوة حُنين، حيث اجتمعت هوازن وثقيف، وانضمّت إليهما قبائل أخرى، يريدون حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبعث النبيّ إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلميّ، وأمره أن يدخل في النّاس حتّى يعلم علمهم، ثمّ يأتيه بالخبر. فانطلق ابن أبي حدرد، فدخل فيهم، فأقام معهم حتّى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله، ثمّ أقبل فأخبر رسول الله خبرهم، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عمر بن الخطّاب فأخبره الخبر، فقال عمر: كذب ابن أبي حدرد! فقال ابن أبي حدرد: إن كذّبتني فربّما كذّبت الحقَّ يا عمر؛ فقد كذّبت من هو خير منّي. فقال عمر: يا رسول الله، ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد؟! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «قد كنت ضالاًّ فهداك الله يا عمر»(٢) .

فلمّا كانت الواقعة، وقع للمسلمين ما وقع لهم بأحد من هزيمة. عن جابر

____________________

(١) الأحزاب / ٣٦.

(٢) السيرة النبويّة، لابن هشام ٤: ٨٢ - ٨٣، والمستدرك، للحاكم ٣: ٥١ / ٤٣٦٩، وقال الذهبيّ في التلخيص: صحيح.

٨٨

ابن عبد الله قال: لمّا استقبلنا وادي حُنين انحدرنا في وادٍ من أودية تهامة(١) ...، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه(٢) ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيّأوا وأعدّوا، فواللهِ ما راعنا ونحن منحطُّون إلاّ الكتائب قد شدُّوا علينا شدّة رجل واحد، وانشمر الناس(٣) راجعين لا يلوي أحدٌ على أحد، وانحاز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات اليمين ثمّ قال: أين أيّها الناس؟! هَلمُّوا إليّ، أنا رسول الله، أنا محمّد ابن عبد الله. قال: فلا شيء، حملت الإبلُ بعضُها على بعضٍ فانطلق الناس، إلاّ أنّه بقي مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته(٤) .

وعن أبي قتادة قال: وانهزم المسلمون وانهزمتُ معهم، فإذا بعمر بن الخطّاب في الناس! فقلتُ له: ما شأن الناس؟ قال: أمر الله(٥) !

تعقيب: إنّ هذه الهزائم وغيرها ممّا لم نستقصيه يفنّد مقولة ابن تيميه بشأن واقعة خيبر.

الفرار على لسان أميرالمؤمنينعليه‌السلام

أخرج ابن أبي شيبة بسنده عن ابن أبي ليلى قال: قال عليّ: ما كنت معنا يا أبا ليلى بخيبر؟ قلتُ: بلى والله، لقد كنتُ معكم، قال: فإنّ رسول الله بعث أبابكر،

____________________

(١) تهامة: ما انخفض من الأرض، وهنا المراد منه تهامة الحجاز.

(٢) الشِّعاب: الطّرق الخفيّة. وأحناؤه: جوانبه.

(٣) انشمر الناس: انفضّوا وانهزموا.

(٤) السيرة النبويّة ٤: ٨٥، وتاريخ الطبريّ ٢: ٣٤٧.

(٥) صحيح البخاريّ ٥: ١٠١.

٨٩

فسار بالناس حتّى رجع إليه، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّى انتهى إليه؛ فقال رسول الله: «لأعطينّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، يفتح الله له، ليس بفرّار». قال: فأرسل إليَّ فدعاني فأتيته وأنا أرمد لا أبصر شيئاً، فدفع إليَّ الراية، فقلتُ: يا رسول الله، كيف وأنا لا أبصر شيئاً؟! قال: فتفل في عيني، ثمّ قال: «اللّهمّ اكفه الحرّ والبرد»، قال: فما آذاني بعد حرٌّ ولا برد(١) .

وقد ذكر الحاكم فرار الشيخين؛ فبسنده عن أبي ليلى، عن عليّعليه‌السلام أنّه قال: يا أبا ليلى، أما كنتَ معنا بخيبر؟ قال: بلى والله، كنت معكم، قال: فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبابكر إلى خيبر فسار بالناس وانهزم حتّى رجع.

قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه(٢) .

وبسنده عن أبي موسى الحنفيّ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال: سار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خيبر، فلمّا أتاها بعث عمر وبعث معه الناس إلى مدينتهم أو قصرهم فقاتلوهم فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه فجاءوا يُجبّنونه ويُجبّنهم.

قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه(٣) .

ونذكّر مرّةً أخرى: أنّا لم نرو عن رافضيّ ولا شيعيّ، مع جلالة علماء الشّيعة! والأحاديث التي ذكرها الحاكم الشافعيّ في مستدركه على الشيخين: البُخاريّ ومسلم؛ وقد وافقه عليها الذهبيُّ تلميذُ ابن تيميه ومن المتعصّبين له

____________________

(١) المصنَّف، لابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ هـ) ٨: ٥١٩ / ١.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣: ٣٩ / ١٤٣٣٨ أ. قال الذهبيّ في التلخيص: صحيح.

(٣) نفسه ٤٠ / ٤٣٤٠. ووافقه الذهبيّ في التلخيص وقال: صحيح.

٩٠

يعني أنّ أحاديث الفرار هي من أحاديث الصحيحين إلاّ أنّ الشيخين - على ما يبدو! - قد غَفَلا عنها، والله العالم.

الفتحُ المـُبين

إنّ قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبُ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، ليس بفرّارٍ، يفتح الله على يديه»؛ من علامات النُّبوّة؛ ذلك أنّه قد فرّ جحفلان من غير تحقيق أدنى رجاء! وبلغ الأمر بأحد هذين الجحفلين أنّ قائده رجع ينوح باللاّئمة على أصحابه، وهم يلومونه «يحبّنُه أصحابه ويجبّنهم»؛ فلو عجز عليّعليه‌السلام صار للشكِّ بنبوّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسحة، وذلك أنّه فرّ من فرّ قبله، ولم يك فتح على يديه كما أنبأ، إلاّ أنّ عليّاًعليه‌السلام أخذ رايته بحقٍّ وراح يهرول بها إلى خيبر، لا إلى الخلف! حتّى ركزها في أطم من آطام حصون اليهود، وقتل فارسهم «مرحب»، وقلع باب حصن عظيم كان لهم، وكان الفتح على يديه لا على يدي غيره! ولو كانت هذه الملاحم لغير الإمام عليّعليه‌السلام لرأيت الهول من ابن تيميه حتّى ألّف في ذلك مجلّدات.

في قوله تعالى:« إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً » (١) . قال ابن أبي شيبة(٢) : حدّثنا وكيع

____________________

(١) الفتح: ١.

(٢) هو عبد الله بن محمّد بن إبراهيم العبسيّ، مولاهم، أبوبكر بن أبي شيبة.

روى عن: أبي أسامة حمّاد بن أسامة، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن حرب، وأبي داود الطيالسيّ، وشريك بن عبد الله النّخعيّ، وعبد الله بن المبارك، وعبد السلام بن حرب، وعبد العزيز الدّراورديّ، وعفّان بن مسلم، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو معاوية محمّد بن خازم الضَّرير، =

٩١

عن أبي جعفر، عن قتادة، عن أنس:« إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً » ، قال: خيبر(١) .

الصحابة يتمنَّون الراية

بعد الذي حصل يوم خيبر، وفرار مَن فرّ، وقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في إعطائه

____________________

= ويحيى بن سعيد القطّان، وأبوبكر بن عيّاش، وعفّان بن مسلم، وعبد الرحمان بن مهديّ، وأبو غسّان مالك بن إسماعيل النَّهديّ، ومحمّد بن فُضَيْل بن غَزْوان، ومروان بن معاوية، ووكيع بن الجَرّاح... (ذكرنا تراجم كثير منهم، وقد أجمعوا على وثاقتهم).

روى عنه: البخاريّ، ومسلم، وأبو داود، وابنُ ماجة، وإبراهيم بن إسحاق الحربيّ، وأبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة الرازيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن يحيى البلاذريّ... (وما قيل في من ذكر عنهم، فكذلك الحال في الرُّواة عنه، والفريقان من مشاهير رجالهم وأهل الوثاقة عندهم، فما بقي إلاّ النَّظر في حال ابن أبي شيبة).

ذكره العجليّ، قال: عبد الله بن محمّد بن إبراهيم، وهو ابن أبي شيبة (كوفيّ)، ثقة، وكان حافظاً للحديث. (تاريخ الثِّقات ٢٧٦ / ٨٧٨).

وقال أبو عبد الله محمّد بن عُمر بن العلاء الجرجانيّ: سمعتُ أبابكر بن أبي شيبة، وأنا معه في جبّانة كندة، فقلت له: يا أبا بكر، سمعت من شريك وأنت ابن كم؟ قال: سمعت من شريك وأنا ابن أربع عشرة، وأنا يومئذٍ أحفظُ للحديث منّي اليوم. (تهذيب الكمال للمزّيّ ١٦: ٤٠). قال الذهبيّ تعليقاً على ذلك: صدق والله، واين حفظ المراهق من حفظ من هو في عشر الثمانين. (سير أعلام النبلاء ١١ / ١٢٤).

قال أبو حاتم: ثقة. (الجرح والتعديل ٥ / رقم الترجمة ٧٣٧)، ومثله قال ابن خراش. (تاريخ بغداد ١٠: ٧١)، وذكره ابن سعد في الطبقة التاسعة (طبقات ابن سعد ٦: ٣٧٦ / ٢٨٠١)، وذكره ابن شاهين في ثقاته / الترجمة ٦٨٩. مات ابن أبي شيبة سنة خمس وثلاثين ومائتين (تاريخ البخاريّ الصغير ٢ / ٣٦٥، وتاريخ بغداد ١٠: ٧٢، وتهذيب الكمال ١٦: ٤١).

(١) المصنَّف، لابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ هـ) ٨ / ٥١٩ / ١ - من أحاديث خَيْبر -.

٩٢

الرايةَ رجلاً يكون الفتحُ على يديه؛ تطاول أصحابُ رسول الله كلٌّ يرجو أن يكون ذلك الرجل.

ذكر النّسائيّ قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمان، عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يومَ خيبر ك «لأُعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله عليه، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله. فلمّا أصبح الناس غَدَوا على رسول الله كلّهم يرجو أن يعطى. فقال: أين عليّ بن أبي طالب؟ فقالوا: عليٌّ يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلُوا إليه. فأتي به، فبصق رسول الله في عينيه، ودعا له فبرئ، حتّى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال عليّ: يا رسول الله، أُقاتلُهم حتّى يكونوا مثلنا؟ فقال: أنفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من الله، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير من أن يكون لك حمر النَّعَم»(١) .

سعد يردع معاوية

قتيبة بن سعيد البلخيّ، وهشام بن عمّار الدمشقيّ، قالا: حدّثنا حاتم، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: أمر معاوية

____________________

(١) صحيح البخاريّ ٠ ٦ / ١١١ - ١٤٤)، وصحيح مسلم (١٥ / ١٧٥ - ١٧٦)، ومسند أحمد (٥ / ٣٣٣)، وخصائص أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام للنَّسائيّ ٣٩ / ١٦، وحلية الأولياء، لأبي نُعَيم (١ / ٦٢)، وشرح السنّة، للبغويّ (١٤ / ١١١ - ١١٢).

٩٣

سعداً فقال: ما يمنعُك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال: أنا ذكرتُ ثلاثاً قالهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلن أسبّه  لأن يكونَ لي واحدةٌ منها أحبُّ إليّ من حُمر النّعم: سمعتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له، وخلّفه في بعض مغازيه؛ فقال له عليّ: يا رسول الله، أتُخلّفُني مع النساء والصبيان؟! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أما تَرضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نُبوّةَ بعدي؟!».

وسمعتُه يقول يوم خيبر: «لأُعطينّ الرايةَ غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ن ويحبّه اللهُ ورسولُه». فتطاولْنا إليها، فقال: أُدعوا لي عليّاً. فأتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه...، ولما نزلت:« إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً » (١) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: «اللّهمّ هؤلاءِ أهلُ بيتي»(٢) .

سعد يقمع مُبغضي عليٍّعليه‌السلام

أخرج النَّسائيّ بسنده عن سعد بن أبي وقّاص قال: كنت جالساً فتنقّصوا عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، فقلتُ: لقد سمعتُ رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في عليّ ثلاثَ خصال، لأن يكون لي واحدةٌ منهنّ أحبُّ إليّ من حُمر النّعم: سمعته يقول: «إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدي»، وسمعته يقول: «لأُعطينّ

____________________

(١) الأحزاب: ٣٣.

(٢) مسند أحمد (١ / ١٨٥)، وصحيح مسلم (١٥ / ١٧٥ - ١٧٦)، ومناقب أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، للنَّسائيّ ٣٢ / ٩، والمستدرك على الصحيحين (٣ / ١٠٨).

٩٤

الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله»، وسمعته يقول: «مَن كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه»(١) .

الراية من خصائص عليّعليه‌السلام

كما اختصّ أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام بذي الفقار، وهو له أهل، فسطّر ملاحم البطولة والشجاعة والفداء؛ واستحقّ بذلك الهتاف الإلهيّ:

لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ عليّ

فقد أختصّ براية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا صارت إلى غيره، لعارضٍ طارئ، كانت الهزيمة والفرا! فإذا عادت إلى أهلها كان النصر المؤزَّر والفتح المبين؛ فحفلت بذكرها كتب التاريخ والحديث والتراجم، وذكرها كثير منهم من طُرق عدّة واعتبرها العلماء من خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما فعل النّسائيّ - وقد ذكرنا بعض رواياته - كما وجدنا المصادر الأُخرى ذكرت ذلك مع لفظ «يُفتحُ على يديه» وهو يعني أنّ ذلك من خصائص الإمام عليّعليه‌السلام كما أنّ ابن أبي شيبة قد ذكر أنّ آية الفتح - في سورة الفتح / ١ - تعني فتح خَيْبر -.

المصادر

نختتم حديثنا حول الواقعة بذكرِ مصادرها:

السيرة النبويّة لابن إسحاق (ت ١٥٠ هـ)، تهذب ابن هشام (ت ٢١٨ هـ)

____________________

(١) خصائص أميرالمؤمنين: ٣٣ / ١٠.

٩٥

٣: ٣٤٩، ومسند أبي داود الطيالسيّ (ت ٢٠٤ هـ) / ٣٢٠، والمغازي للواقديّ (ت ٢٠٧ هـ) ٢ / ٦٥٤، والمُصنَّف لعبد الرزّاق (ت ٢١١ هـ) ٢ / ٣٣٧ - ٤٩٩، وصحيح البخاريّ (ت ٢١٠ هـ) ذكره في المغازي ٥: ٧٦، والطبقات الكبرى لابن سعد (ت ٢٣٠ هـ) ٢: ١١١، والمصنّف لابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ هـ) ٨ / ٥١٩ / ١، و ٥٢٠ / ٢ و ٥٢٢ / ٧ و ٥٢٥ / ٢٣، ومسند أحمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ) ١ / ٢١٥ / ١١٢٠ و ١ / ١٦٠ / ٧٨٠ و ٥٤٤ / ٣٠٥٢، وصحيح مسلم (ت ٢٦١ هـ) ٧ / ١١٩، وسنن ابن ماجة (ت ٢٧٥ هـ) ١: ٤٣ - المقدّمة / ١١٧ -، والجامع الصحيح للترمذيّ (ت ٢٧٩ هـ) ١٣ / ١٧١، وأنساب الأشراف للبلاذريّ (ت ٢٧٩ هـ) ٢ / ٣٤٧، وخصائص أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام للنَّسائيّ ٣٢ / ٩، و ٣٣ / ١٠، ٣٤ / ١١ و ٣٦ / ١٣ و ٣٧ / ١٤ و ٣٨ / ١٥ و ٣٩ / ١٦ و ٤١ / ١٧ و ١٨ و ١٩ و ٤٢ / ٢٠  و ٢١، و ٤٣ / ٢٢، و ٤٤ / ٢٣. وتاريخ الطبريّ (ت ٣١٠ هـ) ٢ / ٣٠٠ - ٣٠١، وكتاب الولاية لابن عقدة (ت ٣٣٢ هـ) / ١٦٩، والثقات لابن حبّان (ت ٣٥٤ هـ) ١ / ١١٧، والمعجم الكبير للطبرانيّ (ت ٣٦٠ هـ) ٦ / ٥٨١٨، والمستدرك على الصحيحين للحاكم (ت ٤٠٥ هـ) ٣ / ٣٩، و ١٠٨ و ١٣٠ - ١٣١، ودلائل النّبوّة للبيهقيّ (ت ٤٥٨ هـ) ٤ / ٢١٠ و ٢٠٥ و ٢٠٧ - ٢٠٨، ومسند أبي يعلى الموصليّ (ت ٣٠٧ هـ) / ٢٩١ - ٢٩٢ / ١، والاستيعاب لابن عبد البر المالكيّ (ت ٤٦٣ هـ) ٣ / ٣٦، وتاريخ بغداد للخطيب البغداديّ (ت ٤٦٣ هـ) ٨ / ٥، وحلية الأولياء لأبي نُعَيم (ت ٤٣٠ هـ) ١ / ٦٢، ومناقب الإمام عليّعليه‌السلام لابن المغازليّ الشافعيّ (ت ٤٨٣ هـ) ١٧٦ - ١٨٩ - وشرح السُّنّة للبغويّ الشافعيّ (ت ٥١٦ هـ)، ١٤ / ١١١ - ١١٢، والمناقب

٩٦

للخوارزميّ الموفّق الحنفيّ، (ت ٥٦٨ هـ) / ١٢٥، والروض الأنف للسهيليّ / ٥٨١ وتذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزيّ الحنفيّ (ت ٦٥٤ هـ) / ٣٢، وكفاية الطالب للكنجيّ الشافعيّ (المقتول سنة ٦٥٨ هـ) / ٩٨، وأسد الغابة لابن الأثير الشافعيّ (ت ٦٣٠ هـ)، ٤ / ٩٨، وتهذيب الكمال للمزّيّ السَّلفيّ (ت ٧٤٢ هـ) ٢٠ / ٤٨٥، وتاريخ الإسلام للذهبيّ الحنبليّ (ت ٧٤٨ هـ)، وميزان الاعتدال له ١: ٢٦٣، والإحسان يترتيب صحيح ابن حبّان، عليّ بن بلبان الفارسيّ (ت ٧٣٩ هـ) ٩ / ٤٣، ومختصر تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعيّ / اختصار ابن منظور (ت ٧١١ هـ) ١٧: ٣٤٤، والبداية والنهاية لابن كثير الدمشقيّ الحنبليّ (ت ٧٧٤ هـ) ٤ / ١٨٨، ومجمع الزوائد للهيتميّ (ت ٨٠٧ هـ) ٩: ١٢٤، وتهذيب التهذيب لابن حجر الشافعيّ ٧ / ٤٨ و ٣ / ٢٣٧، ولسان الميزان، له ٢ / ٣٢٤، وصُبْح الأعشى للقلقشنديّ (ت ٨٢٠ هـ) ١٠ / ١٧٤.

إنّ احتفاء المصارد من منتصف القرن الثاني الهجريّ وحتّى القرن التاسع بحديث الراية، ولم نذكر مصدراً شيعيّاً! واحداً، يُعرِب عن أهمّية الحديث وعُلوّ شأنه. ولذا لا معنى لتفريعات شيخ الإسلام ابن تيميه، إذ قال:

الثاني: إنّ إخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ عليّاً يحبّ الله ورسوله، ويحبُّه الله ورسوله حقّ، لكنّ الرافضة الذين يقولون أنّ الصحابة ارتدُّوا بعد موته لا يمكنهم الاستدلال بهذا.

الجواب: لم يجر فيما اقتبسه ابن تيميه من كلام العلاّمه الحلّيّ ذكر ردّة الصحابة بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لكنّه ذكر الفرار وقد أثبتناه. وهو كما صرف

٩٧

الكلام عن يوم خيبر بما كان قبله! فقد أدخل في الكلام ما ليس فيه، وهو الردّة بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وقد تكلّم القرآن الكريم عن حالة بعض الصحابة ما قبل خيبر، وقد استوفيناه.

وعقّب في تفريعه الثاني قائلاً: لأنّ الخوارج تقول لهم: هو - أي عليّعليه‌السلام - ممّن ارتدّ أيضاً.

وكلامه هذا فيه، أمور: منها: لقد وجدنا ابن تيميه في منهجه يرفع من شان الخوارج! ويذبّ عنهم، ليس في هذا الموضع فقط وانّما في مواضع أُخرى ويصفهم بأنّهم أهل عبادة، وغير ذلك، كما وجدناه يمدح الأُمويّين وعلى الأخصّ معاوية ويزيد، وهو أمر يسترعي الانتباه، مما يلزمنا دراسة بيئته الجغرافيّة والاجتماعيّة ومنحدره القبليّ ونسبه وسيرة حياته، وسنأتي على ذلك إن شاء الله تعالى.

وقوله هذا فيه تنصيصٌ على ما اختلقه من القول بردّة الصحابة؛ ذلك أنّ الخوارج تقول بأنّ عليّاًعليه‌السلام أيضاً ارتدّ؛ فالصحابة إذن قد أرتدُّوا وفيهم عليّعليه‌السلام ، على ما نسبه إلى الخوارج.

أضاف: والرافضة لا يمكنهم إقامة دليل على الخوارج على أنّ عليّاً مات مؤمناً! وهذا نظير قوله: «الرافضة تعجز عن إثبات إيمان عليّ وعدالته...، فإن احتجّوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده فقد تواتر إسلام معاوية ويزيد وخلفاء بني أميّة وبني العبّاس وصلاتهم وصيامهم وجهادهم»(١) .

____________________

(١) منهاج السنّة ١: ١٦٢.

٩٨

وقبل الكلام عن إيمان أميرالمؤمنينعليه‌السلام نذكّر بأنّ حكم قضاة المذاهب الأربع على ابن تيميه بالنفاق لتنقّصه أميرالمؤمنين عليّاًعليه‌السلام وقوله فيه أنّه أسلم صبيّاً لا يدري ما يقول! وحكمه بالفسق والزندقة لسوء عقيدته بذات الله تعالى والأمر الذي آل إليه من تعزير وتشمير به في شوارع دمشق مضروباً بالدّرة، فالسجن ثلاث مرّات، فكتب في المرّة الأولى والثانية توبته ورجوعه عن عقيدته، فإذا خرج عاد إلى ما كان عليه، وفي المرّة الثالثة لم تقبل له توبة، فمات في قلعة دمشق!

فالردّة التي تكلّم عنها ليس هو منها ببعيد! وأمّا ما نسبه إلى العلاّمة الحلّيّ، فقد ذكرنا أنّها لم تكن في النصّ الذي من كلام الحلّيّ، وإنّما هو من كلام الله تعالى في الذين استجابوا لصراخ الشيطان يوم أحد: «ألا إنّ محمّداً قد قُتل!» فمنهم من فرّ إلى الجلعب وبقي ثلاثة أيّام، ثمّ عاد مع رفقته بعد أن اطمأنّوا بانتهاء الوقعة، وسلامة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله . ومنهم: أصحاب الصخرة الذين بلغ بهم الأمر أنّهم قالوا: ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أبَيّ؛ فيأخذ لنا أمنةً من أبي سفيان! فأنزل الله تعالى فيهم توبيخاً لهم:!( وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ ) (١) .

وقد ذكرنا أقوال ثلاثةٍ من العلماء، المتأخّر منهم هو: ابن زَمْنين (ت ٣٩٩ هـ)

____________________

(١) آل عمران: ١٤٤.

٩٩

وقد نقل ابن زمنين تفسير قتادة (ت ١١٧ هـ) للآية، فبين ابن زمنين وابن تيميه «٣٢٩ سنة» وبين قتادة وابن تيميه «٦١١ سنة». قال قتادة: قال أُناس منهم: لو كان نبيّاً ما قُتل! وفي تفسير الانقلاب، على الأعقاب قال: يقول ارتددتم على أعقابكم كفّاراً؟! وذكرنا قول ابن إسحاق، ومقاتل، وكلاهما توفّيا سنة ١٥٠ هـ فليس بينهما وبين ابن تيميه إلاّ «٥٧٨ سنة»! وكلامهما قريب من قول قتادة؛ فابن إسحاق قال رجعتم عن دينكم كفّاراً كما كنتم؟! ومقاتل قال: رجعتم إلى دينكم الأوّل الشِّرك؟! ومثله ذكر الطبريّ في تفسيره وللمشابهة أحلنا القارئ إلى مراجعته.

وكما قلنا: إنّ العلاّمة الحلّيّ ليس من أبناء تلك العصور، إنّما هو من أبناء عصر ابن تيميه، ولم يكن في النصّ الذي اقتبسه ابن تيميه ردّة كما قلنا أكثر من مرّة - من كتاب الحلّيّ؛ فبات: أنّ القائل بردّة الصحابة هو ابن تيميه! فإذا أراد أن يقول: إنّما قال الرافضيّ! في موضع آخر؛ فجوابنا قد مضى وفيه أنّ النصّ الذي ذكره الابن تعود إلى ابن تيميه ولذلك يقال الأبناء ويقصد ابن تيميه وابن كثير وابن قيّم... ليس فيه إشارة إلى ردّة. فإذا قيل: إنّ ابن تيميه إنّما ذكر أن الرافضة تقول بردّة الصحابة، والحلّيّ منهم؛ فهو ممّن يقول ذلك.

فجوابنا: كان عليه أن لا يُحمَّل الكلام ممّا ليس منه؛ فقد ذكر العلاّمة الحلّيّ واقعة خيبر، والفرار، وإعطاء الراية عليّاًعليه‌السلام والفتح على يديه. والردّة - التي هي الفرار بتفاصيله - مضى ذكرها.

١٠٠

ملحق البراهين الجليّة في رَفع تشكيكات الوهَابية

بقلم

السّيد مرتضى الرضَوي

عضو رابطة الأدب الحديث بالقاهرة

وصاحب

مطبوعات النجاح بالقاهرة

١٠١

الطبعة الأولى

١٤١٠ هجري - ١٩٩٠ م

كَلمَة المؤَلف

بِسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على سيّد الأنبياء وخاتم المرسلين محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الغرّ الميامين المظهرين لأمر الله ونهيه، وعباده المصطفين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

وبعد فإنّ كتاب (البراهين الجليَّة في رفع تشكيكات الوهابيّة) لسماحة سيدنا آية الله العظمى السيد محمد حسن القزويني الحائري طاب ثراه كنّا قد طبعناه قبل أعوام بالقاهرة وكانت الطبعة الأولى منه في العراق، وبعدها في إيران وطبعة القاهرة تفوق الطبعتين لما فيها من مزايا يلاحظها القارئ.

وقبل أعوام نشرت لي بعض دور النشر الإسلامية كتاباً بعنوان: (صفحة عن آل سعود الوهابيّين)(١) وكنت قد ذكرت فيه ما يزيد على ستين علماً من أعلام المذاهب الإسلامية الأربعة الّذين كتبوا في رد الوهابيّة وقد نفد الكتاب منذ مدُّة وفي هذه الفترة عثرت على ردود لعلماء المذاهب الأربعة وبلغت سبعة وسبعين رداً وجعلتها ملحقاً للبراهين الجليّة وألحقناها به باسم: (ملحق البراهين الجلية في الرد على الوهابية).

ومن الله تعالى نستمد العون والهداية والتوفيق.

____________________

(١) طبع هذا الكتاب في مطبعة أجمل بريس في مدينة بمبيء - الهند عام ١٤٠٩ هجري باسم (صفحة عن الوهابيّين وآراء علماء السنة في الوهابيّة) ونشرته دار مركز المعرفة ص ب ٥١٥٥ بمبيء - الهند.

١٠٢

العلماء الرادّون على ابن عبد الوهاب المعاصرون له والمتأخرون عنه إلى وقتنا هذا

قال أبو حامد بن مرزوق الدمشقي:

«وقد ردِّ على محمد بن عبد الوهاب علماء كثيرون معاصرون له ومتأخرون عنه، ولا زالت سهام الردَّ من علماء الإسلام مشارقه، ومغاربه مسدَّدة إليه إلى وقتنا هذا، وفي طليعة الرادّين عليه المعاصرين له حنابلة الأحساء».

فمن الرادِّين عليه، والناصحين له:

١ - شيخه محمد بن سليمان الكردي الشافعي(١) بتقريظ لرسالة أخيه سليمان بن عبد الوهاب، ورسالة مجموعها في نحو ثلاثة أوراق،

____________________

(١) قال مفتي مكة السيد أحمد بن زيني دحلان: وممَّن ردَّ على محمد بن عبد الوهاب أحد أشياخه وهو: الشيخ محمد بن سليمان الكردي صاحب حواشي شرح مختصر بافضل ومن جملة ما قاله في الرسالة التي ردَّ بها عليه: يا ابن عبد الوهاب سلام على من اتبع الهدى فاني أنصحك لله أن تكفَّ لسانك عن المسلمين فإن سمعت من شخص أنه يعتقد تأثير ذلك المستغاث به من دون الله تعالى فعرِّفهُ الصواب، وأبن له الأدلة على أنّه لا تأثير لغير الله. فان أبى فكفِّره حينئذٍ بخصوصه، ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين وأنت شاذٌّ عن السواد الأعظم. فنسبة الكفر إلى من شذَّ عن السواد الأعظم أقرب لأنَّه اتَّبع غير سبيل المؤمنين قال (الله) تعالى:( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتَّبع غير سبيل

١٠٣

وقد تفرَس فيه شيخه هذا أنه ضالّ ومضلّ كما تفرَّس فيه ذلك شيخه محمد حياة السندي، ووالده عبد الوهاب.

٢ - وردَّ عليه شيخه العلامة عبد الله بن عبد اللطيف الشافعي بكتاب سماه: «تجريد سيف الجهاد لمدَّعي الاجتهاد».

٣ - وردَّ عليه عفيف الدين عبد الله بن داود الحنبلي بكتاب سمّاه: «الصواعق والرّعود» في عشرين كرّاساً، قال العلامة علوي بن أحمد الحدّاد:

«كتب عليه تقاريظ أئمة من علماء البصرة، وبغداد، وحلب، والأحساء، وغيرهم، تأييداً له، وثناء عليه».

قال: «ولو وقفت عليه قبل هذا ما ألفت كتابي هذا، ولخَّصه محمَّد بن بشير قاضي رأس الخيمة بعمان».

٤ - وردَّ عليه العلاّمة المحقّق محمد بن عبد الرحمن بن عفالق الحنبلي بكتاب عظيم سماه:

«تهكم المقلّدين بمن ادّعى تجديد الدين».

ردَّ عليه في كل مسألة من المسائل التي ابتدعها بأبلغ ردٍّ، ثمّ سأله عن أشياء تتعلق بالعلوم الشرعية، والأدبية بسؤالات أجنبية عن كتاب الردِّ أرسلها له، منها أسئلة كثيرة من علم البيان تتعلَّق بسورة (والعاديات)، فعجز عن الجواب عن أقلِّها فضلاً عن أجلِّها.

٥ - وردَّ عليه العلاّمة أحمد بن علي القبّاني البصري الشافعي برسالة في نحو عشرة كراريس زيَّف بها رسالة له.

٦ - وردَّ عليه العلاّمة بركات الشافعي، الأحمدي، المكي.

____________________

المؤمنين نولِّه ما تولَّى ونُصلِهِ جهنَّم وسائت مصير ) وإنَّما يأكل الذئب من الغنم القاضية (١٠ أ هجري) (خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام (٢ / ٢٦٠) ط مصر).

١٠٤

٧ - وردَّ عليه الشيخ عطاء المكّي برسالة سمّاها: «الصارم الهندي في عنق النجدي».

٨ - وردَّ عليه الشيخ عبد الله بن عيسى المويسي.

٩ - وردَّ عليه الشيخ أحمد المصري الأحسائي.

١٠ - وردَّ عليه عالم من بيت المقدس بكتاب سمّاه: «السيوف الصّقال في أعناق من أنكر على الأولياء بعد الانتقال».

١١ - وردَّ عليه: السيد علوي بن أحمد الحدّاد بكتاب سمّاه: «السيف الباتر لعنق المنكر على الأكابر» في نحو مئة ورقة.

١٢ - وردَّ عليه الشيخ محمد بن عبد اللطيف الأحسائي.

١٣ - وردَّ عليه العلاّمة عبد الله بن إبراهيم ميرغني الساكن بالطائف سمّاه: «تحريض الأغبياء على الاستغاثة بالأنبياء، والأولياء».

١٤ - قال السيد علوي بن أحمد الحدّاد: وقد رأيت أمام مقام إبراهيم بمكة الشيخ محمداً صالحاً الزمرمي الشافعي، جمع كتاباً في هذا المعنى في نحو عشرين كراساً.

١٥ - وقال السيد المذكور أيضاً: ورأيت لمّا وصلنا الطائف العلاّمة طاهراً سنبلا الحنفي ألف كتاباً في ذلك سمّاه: «الانتصار للأولياء الابرار».

١٦ - وقال السيد المذكور أيضاً: ورأيت جوابات للعلماء الأكابر من المذاهب الأربعة لا يحصون من أهل الحرمين الشريفين، والأحساء، والبصرة، وبغداد، وحلب، واليمن وبلدان الإسلام، نثراً ونظماً، أتى إليّ بمجموع رجلٌ من آل ابن عبد الرزاق الحنابلة الذين في الزبارة،

١٠٥

والبحرين فيه علماء كثيرين(١) ، ونحن على ظهر سفر فلم يمكنِّي نقله فطالعته كله.

١٧ - وقال السيد المذكور أيضاً: وأتى إلينا الشيخ المحدِّث صالح الفلاني المغربي بكتاب ضخم فيه رسالات، وجوابات كلها من العلماء أهل المذاهب الأربعة الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة يردون على محمد بن عبد الوهاب بالعجب، وقد أمرنا بنسخ هذا المجلّد لنا.

١٨ - وردّ عليه العلامة السيّد المنعمي لما قتل ابن عبد الوهاب جماعة لم يحلقوا رؤوسهم بقصيدة طنّانة مطلعها:

أفي حلق رأسي بالسكاكين والحدِّ

حديث صحيح بالأسانيد عن جدِّي

١٩ - وردّ عليه السيد عبد الرحمن من أكابر علماء الأحساء بقصيدة طنّانة عدّة أبياتها سبع وستون، مطلعها:

بدت فتنة كالليل قد غطّت الافقا

وشاعت فكادت تبلغ الغرب والشرقا

٢٠ - وردَّ عليه العلاّمة السيد علوي ابن الحداد بكتاب سمّاه: «مصباح الأنام وجلاء الظلام، في ردِّ شبه البدعي النجدي التي أضل بها العوام»وهو مطبوع بالمطبعة العامرة سنة (١٣٢٥ هجري) وما تقدم من التآليف مذكور فيه.

٢١ - وردّ العلاّمة المحقق شيخ الإسلام بتونس اسماعيل التميمي المالكي المتوفى سنة (١٢٤٨ هجري) وهو في غاية التحقيق والإحكام، نقض به رسالة لابن عبد الوهاب، مطبوع في تونس.

٢٢ - ورد العلاّمة المحقق الشيخ صالح الكوّاش التونسي، وهو رسالة مسجعة محكمة، نقض بها رسالة لابن عبد الوهاب، مطبوع ضمن

____________________

(١) كذا في الأصل والصحيح كثيرون فتأمل: (المصحح).

١٠٦

«سعادة الدارين في الردِّ على الفرقتين».

٢٣ - وردُّ العلاّمة المحقق السيد داود البغدادي الحنفي جيّد مطبوع.

٢٤ - وردّ الشيخ ابن غلبون الليبي على قصيدة الصنعاني التي مدح بها ابن عبد الوهاب بقصيدة طنّانة من بحرها ورويها مذكورة في «سعادة الدارين»، عدة أبياتها اربعون بيتاً، مطلعها:

سلامي على أهل الإصابة والرشد

وليس على نجد ومن حلَّ في نجد

٢٥ - وردّ السيد مصطفى المصري البولاقي أيضاً على قصيدة الصنعاني التي مدح بها ابن عبد الوهاب بقصيدة طنّانة من بحرها ورويها مذكورة في (سعادة الدارين) عدّة أبياتها مائة وستة وعشرون، مطلعها:

بحمد وليِّ الحمد لا الذمِّ استبدي

وبالحق لا بالخلق للحقّ استهدي

٢٦ - وردّ السيد الطباطباني البصري أيضاً على قصيدة الصنعاني التي مدح بها ابن عبد الوهاب بقصيدة طنّانة من بحرها ورويها ذكر صاحب «سعادة الدارين» أبياتاً منها، وسهام هذه القصيدة الصائبة هي التي أرجعت الصنعاني الى كتيبة أهل الحق فقال:

«رجعت عن القول الذي قلت في النجدي»(١) .

٢٧ - «سعادة الدارين في الرد على الفرقتين الوهابية ومقلّدة الظاهرية» للعلامة الشيخ ابراهيم السمنودي المنصوري المتوفى في العقد الثاني من هذا القرن، وهو مطبوع في مجلدين.

٢٨ - «إظهار العقوق ممّن منع التوسُّل بالنبي والوليِّ الصدوق»،

____________________

(١) تتمة البيت: (فقد صحَّ لي عنه خلاف الذي عندي). أنظر: «تجديد كشف الارتياب / ص ١٥» والسيد الطباطبائي هذا هو: السيد محمد بن اسماعيل الأمير كما سيأتي.

١٠٧

للشيخ المشرفي المالكي الجزائري.

٢٩ - ألف العلاّمة المرحوم مفتي فاس الشيخ المهدي الوازتاني رسالة في جواز التوسل ردَّ بها على محمد بن عبد الوهاب الذي منع ذلك.

٣٠ - ردُّ الشيخ مصطفى الحمّامي المصري المسمّى: «غوث العباد ببيان الرشاد». مطبوع.

٣١ - ردُّ الشيخ إبراهيم حلمي القادري الاسكندري المسمّى: «جلال الحق في كشف أحوال أشرار الخلق» جيّد، مطبوع في الاسكندرية سنة (١٣٥٥هجري).

٣٢ - ردُّ العلامة الشيخ سلامة العزامي المتوفى سنة (١٣٧٩ هجري) المسمّى: «البراهين الساطعة» جيِّد، مطبوع.

٣٣ - رسالة للشيخ حسن الشطِّي الحنبلي الدمشقي في تأييد مذهب الصوفية والردّ على المعترضين عليهم، مطبوعة.

٣٤ - رسالة في حكم التوسِّل بالأنبياء والأولياء للشيخ محمد حنين مخلوق، مطبوعة.

٣٥ - «المقالات الوفيَّة في الردِّ على الوهّابية» للشيخ حسن خزبك، مطبوعة.

٣٦ - «الأقوال المرضيّة في الردِّ على الوهابية» رسالة صغيرة للشيخ عطا الكسم الدمشفي، وردود أهل السنة عليهم نظيفة خالية من السبّ، والتكفير، عكس ردودهم فإنَّها مملوءة بذلك. وقد رأيت قصيدة لرجل منهم يقال له «ابن سحمان» مات قريباً، هجا بها الشيخ ابراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف آل مبارك التميمي المالكي الأحسائي منتصراً لصدّيق حسن خان القنوجي.

ولا يستغرب منهم هذا فإنَّها البضاعة التي ورثوها من إمامهم الحرّاني لا بدَّ لهم منها لسدِّ الفراغ، ولا يلجأ إليها إلاّ من يعوزه العقل،

١٠٨

والعلم ووقاره.

٣٧ - وقد ردَّ عليه بقصيدة طنّانة من بحرها ورويها العلاّمة الشيخ عبد العزيز القرشي العلجي المالكي الأحسائي المتوفى بعد الستين من هذا القرن، عدة أبياتها (٩٥) ومطلعها:

ألاّ أيها الشيخ الذي بالهدى رمى

سترجع بالتوفيق حظاً ومغنما

ومن يك مسعاه النفيس لربِّه

سعى النصر في مسعاه أيّان يمَّما(١)

وعن كتاب «أبجد العلوم» للصديق حسن خان القنوجي:

كان المولى العلاّمة السيد محمد بن اسماعيل الأمير(٢) بلغه من أحوال النجدي ما سره فقال قصيدته المشهورة:

سلام على نجد ومن حلَّ في نجد

وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي

أعادوا بها معنى سُواعٍ ومثله

يغوث وودَّاً ليس ذلك من ودِّي

وقد هتفوا عند الشدائد باسمها

كما يهتف المضطُّر بالصَّمد الفرد

وكم نحروا في سوحها من نحيرة

أهِلَّت لغير اللهِ جَهلاً على عمد

وكم طائف حول القبور مقبِّلاً

ويلتمس الأركان منهنَّ بالأيدي

٣٣٨ - الشيخ سليمان بن عبد الوهّاب النجدي.

«إن الفرقة الناحية وصفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأوصاف، وكذلك وصفها أهل العلم، وليس فيكم خصلة واحدة

____________________

(١) نقلنا هذه الردود كلها من كتاب: «التوسل بالنبي وجهلة الوهابيِّين» من ص (٢٤٨) الى (٢٥٤) للعلاّمة أبي حامد مرزوق الدمشقي / ط استانبول عام (١٩٨٤ م).

(٢) محمد بن اسماعيل الأمير اليمني الصنعاني المولود سنة (١٠٥٩) والمتوفى سنة (١١٨٢).

(«البدر الطالع للشوكاني» كما في «تجديد كشف الارتياب» ص ١٥).

(٣) («تطهير الاعتقاد عن ادران الالحاد» كما في: «تجديد كشف الارتياب» ص ١٥).

١٠٩

«الصواعق الإلهية»ص (٤١) ط استانبول عام ١٣٩٩ هجري [ ونشرت مجلة المرشد البغدادي في العدد العاشر من المجلد الثاني ص (٣٨٨) الصادر عام (١٣٤٦ هجري - ١٩٢٧ م) ما يلي:

«وأول من قام بنشر الردِّ عليه أخوه: الشيخ سليمان بن عبد الوهّاب، وألّف كتابه الموسوم ب «الصواعق الإلهية»، ثمّ توالت عليه الردود والنقود من مطوعة نجد، وعلماء مصر والهند، وأفاضل سوريا، والعراق». (انتهى).

وقد ردّ الشيخ سليمان بن عبد الوهاب النجدي على أخيه بكتابين:

أحدهما: «الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية».

وثانيهما: «فصل الخطاب في الردّ على محمَّد بن عبد الوهّاب».

ذكر الكتاب الثاني اسماعيل باشا.(أنظر: «ايضاح المكنون» (٢ / ١٩٠ / ط بيروت).

٣٩ - العلاّمة الشيخ جميل صدقي الزهاوي:

«قاتل الله الوهابيَّة، إنّها تتحرّى في كلِّ أمرٍ تكفير المسلمين ممّا يثبت أن همَّها الأكبر هو تكفيرهم لا غير، فتراها تكفِّر من يتوسَّل إلى الله تعالى بنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويستعين باستشفاعه إلى الله تعالى على قضاء حوائجه، وهي لا تخجل إذ تستعين بدولة الكفر على قضاء حاجتها التي هي قهر المسلمين وحربهم وشق عصاهم الخ» انظر كتابه: «الفجر الصادق في الردّ على منكري التوسل والكرامات، والخوارق» ص (٧٣ / ط) مصر عام (١٣٢٣ هجري)، وأعيد طبعه بالأوفست باستانبول عام (١٩٨٦ م).

وذكرت مجلة المرشد البغدادية تحت عنوان: «كتب الرد على الوهّابيِّين»:

١١٠

وللشيخ الفيلسوف جميل صدقي أفندي الزهاوي كتاب سماه: «الفجر الصادق في الردّ على منكري التوسل، والكرامات، والخوارق».

(مجلة المرشد العدد ١٠ / المجلد ٢ / ص ٣٨٨ / جمادى الاول عام ١٣٤٦ هجري - ١٩٢٧م)

٤٠ - السيد أحمد بن زيني دحلان مفتي مكة.

قال في كتابه: وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول:

«لا حاجة إلى التأليف في الردِّ على الوهابية بل يكفى في الردِّ عليهم قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (سيماهم التحليق) فإنّه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم. وأتفق مرّة أنّ امرأة أقامت الحجة على ابن عبد الوهاب لما أكرهوها على اتباعهم ففعلت.

أمرها ابن عبد الوهاب أن تحلق رأسها فقالت له: حيث أنك تأمر المرأة بحلق رأسها ينبغي لك أن تأمر الرجل بحلق لحيته. لأن رأس المرأة زينتها، وشعر لحية الرجل زينته. فلم يحر لها جواباً».

(فتنة الوهابية / ص ٧٧ / ط استانبول عام ١٩٧٨ م)

وقال السيد أحمد مفتي مكة:

وفي هذه السنة (١٣٠٥) كان ابتداء الحرب والقتال بين مولانا الشريف غالب وطائفة الوهابية التابعين لمحمد بن عبد الوهاب في عقيدته التي كفَّر بها المسلمين. وينبغي قبل ذكر المحاربة والقتال ذكر ابتداء أمرهم، وحقيقة حالهم، فإنّ فتنتهم من أعظم الفتن التي ظهرت في الإسلام، طاشت من بلاياها العقول، وحار فيها أرباب المعقول، وكان ابتداء ظهور محمد بن عبد الوهاب سنة (١١٤٣) ألف ومئة وثلاث وأربعين، واشتهر أمره بعد الخمسين فأظهر العقيدة الزائفة بنجد، وقراها فقام بنصرته محمد بن سعود أمير الدرعية بلاد مسيلمة الكذاب،

١١١

فحمل أهلها على متابعة محمد بن عبد الوهاب فيما يقول، وتابعه أهلها.

(«خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام» ٢ /٢٢٧ / ط استانبول عام ١٩٨٦ م)

وقال السيد أحمد بن زيني دحلان مفتي مكة:

وزعم محمد بن عبد الوهاب أن مراده بهذا المذهب الذي ابتدعه اخلاص التوحيد والتبرّي من الشرك، وأن الناس كانوا على شرك منذ ستمائة سنة، وأنّه جدّد للنّاس دينهم وحمل الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على أهل التوحيد كقوله تعالى؛

( ومن أضل ممَّن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) (الأحقاف: ٥)

وكقوله تعالى:

( ولا تدعُ من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرُّك... ) (يونس: ١٠٦)

وأمثال هذه الآيات في القرآن كثيرة.

فقال محمد بن عبد الوهّاب:

من استغاث بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بغيره من الأنبياء، والأولياء، والصالحين، أو ناداه، أو سأله الشفاعة فإنّه مثل هؤلاء المشركين. ويدخل في عموم هذه الآيات.

وجعل زيارة قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره من الأنبياء والأولياء والصّالحين مثل ذلك. وقال في قوله تعالى - حكاية عن المشركين في عبادة الأصنام -:

( ما نبعدهم إلاّ ليقرِّبونا إلى الله زلفى ) (الزمر: ٣)

١١٢

قال: فان المشركين ما اعتقدوا في الأصنام أنّها تخلق شيئاً بل يعتقدون أنّ الخالق هو الله بدليل قوله تعالى:

( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ الله ) (الزخرف: ٨٧)

( ولئن سألتهم من خلق السَّموات والأرض ليقولنَّ الله ) (لقمان: ٢٥)

فما حكم الله عليهم بالكفر، والإشراك إلاّ لقولهم:

( ليقرِّبونا إلى الله زلفى ) (الزمر: ٣)

فهؤلاء مثلهم.

وممّا ردّوا عليه في الرسائل المؤلفة للردّ عليه.

إنّ هذا استدلال باطل فإنّ المؤمنين ما اتخذوا الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) ولا الأولياء آلهة، ولا جعلوهم شركاء لله، بل إنّهم يعتقدون أنّهم عبيدُ الله مخلوقون، ولا يعتقدون أنّهم مستحقّو العبادة.

وأمّا المشركون الذين نزلت فيهم هذه الآيات فكانوا يعتقدون استحقاق أصنامهم الألوهية، ويعظّمونها تعظيم الربوبيّة. وإن كانوا يعتقدون أنّها لا تخلق شيئاً.

وأما المؤمنون فلا يعتقدون في الأنبياء، والأولياء، استحقاق العبادة والألوهية، ولا يعظّمونهم تعظيم الربوبيَّة..

بل يعتقدون أنّهم عباد الله، وأحبّاؤه الذين اصطفاهم، واجتباهم، وببركتهم يرحم عباده، فيقصدون بالتبرّك بهم رحمة الله تعالى. ولذلك شواهد كثيرة من الكتاب والسنّة. فاعتقاد المسلمين أن الخالق، الضارّ، النّافع، المستحق للعبادة هو الله وحده، ولا يعتقدون التأثير لأحد سواه، وأن الأنبياء، والأولياء لا يخلقون شيئاً ولا يملكون ضرّاً،

١١٣

ولا نفعاً، وإنّما يرحم الله عباده ببركتهم.

فاعتقاد المشركين استحقاق أصنامهم العبادة، والألوهية هو الذي أوقعهم في الشرك، لا مجرّد قولهم:( ما نعبدهم إلاّ ليقرِّبونا إلى الله ) .

لأنّهم لمّا أقيمت عليهم الحجّة بأنّها لا تستحقّ العبادة، وهم يعتقدون استحقاقها العبادة قالوا معتذرين:( ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى ) (الزمر: ٣)

فكيف يجوز لابن عبد الوهّاب ومن تبعه أن يجعلوا المؤمنين الموحّدين مثل هؤلاء المشركين الذين يعتقدون ألوهية الأصنام. فجميع الآيات المتقدّمة، وما كان مثلها؛ خاصٌّ بالكفّار والمشركين، ولا يدخل فيه أحد من المؤمنين.

روى البخاري عن عبد الله بن عمر (رضي ‌الله ‌عنهما) عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وصف الخوارج أنّهم انطلقوا الى آيات نزلت في الكفّار فحملوها على المؤمنين.

وفي رواية عن ابن عمر أيضاً أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:

«أخوفُ ما أخافُ على اُمَّتي رجل يتأول القرآن يضعه في غير موضعه»

فهو وما قبله صادق على هذه الطائفة.

ولو كان شيء ممّا صَنَعَهُ المؤمنون من التوسُّل وغيره شركاً ما كان يصدر من النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه، وسلف الأمّة وخلفها.

(الفتوحات الإسلامية ٢ / ٢٥٨ - ٢٥٩ ط مصر عام ١٣٥٤ هجري)

أقول: وللسيد احمد بن زيني دحلان كتاب:«الدرر السنية في الردّ على الوهابية».

ذكره إسماعيل باشا البغدادي ضمن مؤلفاته العديدة:

(انظر: «هدية العارفين» ١ / ١٩١ / ط بيروت)

١١٤

٤١ - عبد المحسن الاشيقري الحنبلي.

قال الأستاذ عمر رضا كحاله:

عبد المحسن بن علي الأشيقري الحنبلي، فقيه، ولي الإفتاء بالزبير بقرب البصرة، وتوفي بها. من آثاره: مؤلف في «الردّ على الوهابية».

(انظر: «معجم المؤلفين» ٦ / ١٧٢ / ط بيروت)

٤٢ - الشيخ خالد البغدادي قال في كتابه:

«لو قرأنا بدقة كتب الوهابيين، واللاّمذهبيين لوجدنا في الحال أنهم يحاولون إخداع وإضلال المسلمين بأفكارهم الباطلة، وآرائهم المفرِّقة الدنيئة بعد أن صبغوها بصبغة السلاسل المنطقية الركيكة، وزيَّنوها بكلمات مطليَّة بالذهب.

وأمّا الجهلة يصدّقونها ظناً منهم أن هذه الكلمات تعتمد على العقل والمنطق، ويتبعونهم.

وأمّا العلماء وذوو الرأي السديد لا يقعون في مصيدتهم أبداً.

ولقد ألف العلماء المسلمون منذ أربعة عشر قرناً، آلافاً من الكتب القيِّمة، وذات الفوائد لإيقاظ الشباب من خطر الوهابيّين، واللاّمذهبيين الذين يسوقون المسلمين الى الهلاك الأبدي.

(الإيمان والإسلام / ص ٤٢ / طبعة جديدة بالاوفست باستانبول عام ١٩٨٦ م)

٤٣ - الشيخ أحمد سعيد السرهندي النقشبندي:

قال اسماعيل باشا البغدادي: الشيخ أحمد سعيد بن أبي سعيد بن صفي القدر بن عزيز القدر السرهندي، والنقشبندي من أحفاد أحمد الفاروقي، ولد سنة (١٢١٣ هجري) وتوفي سنة (١٢٧٧ هجري)، صنَّف من الرسائل..: «الحق المبين في الردّ على الوهّابّيين».

(«هدية العارفين / ١ / ١٩٠»، و«معجم المؤلفين» ١ / ٢٣٢)

١١٥

٤٤ - العلاّمة الفقيه محمد عطاء الله بن إبراهيم بن ياسين الكسم الحنفي.

قال الإستاذ عمر رضا كحالة:

محمد عطاء الله بن ابراهيم بن ياسين الكسم فقيه، حنفي، مشارك في عدة علوم، أصله من حمص، وولد بدمشق. من آثاره: (الأقوال المرضية في الرد على الوهابية).

(أنظر: «معجم المؤلفين» ١٠ / ٢٩٣)٤٥ - أحمد بن علي البصري الشهير بالقبّاني.

قال اسماعيل باشا البغدادي : كتاب: «فصل الخطاب في ردّ ضلالات ابن عبد الوهاب أعني رئيس الوهابية». تأليف: أحمد بن علي البصري الشهير بالقبّاني.

(«إيضاح المكنون» ٢ / ١٩٠ / ط بيروت)

٤٦ - الخواجة الحافظ محمد حسن الحنفي.

«إنّي رأيت في هذا الزمان اختلافاً كثيراً بين الحنفية والوهابية في العقائد حتى في الإلهيات، والرسالة، ومسائل الشريع المتعلقة بالعقائد، وانجرّ اختلافهم إلى تكفير البعض بعضاً، وافترقت الأمةافتراقاً فاحشاً. فأردت إظهار عقائد أهل السنة والجماعة في جزء مراعياً للاختصار، مجتنباً عن ذكر أقاويلهم إلاّ الضّرورة راجياً حفظ عقائد المسلمين من الزيغ والزلل.. الخ ».

(«العقائد الصحيحة في ترديد الوهابية النجدية» ص(٣) مطبعة الفقيه في مدينة أمرتسر - الهند عام (١٣٦٠ هجري)، وأعاد طبعه بالأوفست الاستاذ حسين حلمي بن سعيد الاستانبولي في استانبول عام ١٩٧٨ م).

١١٦

٤٧ - محمد عطاء الله الرومي.

قال الاستاذ عمر رضا كحالة:

محمد عطاء الله بن محمد شرف بن أبي اسحاق الرومي المعروف بعطا. فقيه متكلم، توفي في بلدة كوزلحصار. من آثاره: «الرسالة الردّية على طائفة الوهابية».

(انظر: معجم المؤلّفين: ١٠ / ٢٩٤)

٤٨ - الشيخ ابراهيم الراوي(١) .

نشرت مجلة المرشد البغدادية في عددها العاشر ص (٣٨٨) الصادر عام (١٣٤٦ هجري) تحت عنوان: كتب الرد على الوهابيين (وكتب) فضيلة الشيخ ابراهيم الراوي رئيس الطريقة الرفاعية كتاباً أسماه: (الأوراق البغدادية).

طبع الكتاب بمطبعة النجاح - بغداد عام (١٣٤٥ هجري)، وطبع بالأوفست باستانبول عام (١٩٧٦ م).

٤٩ - الشيخ داود بن سليمان البغدادي.

ذكر اسماعيل باشا البغدادي كتاباً للشيخ داود بن سليمان المذكور، باسم: «صلح الإخوان في الردّ على من قال على المسلمين بالشرك والكفران».

(هدية العارفين: ٢ / ٧٠)

وصدر للشيخ داود المذكور كتاب: «المنحة الوهبيّة في ردّ الوهابية» طبع الطبعة الثانية في استانبول عام (١٩٧٨ م)، والطبعة الثالثة بالأوفست في استانبول أيضاً نشرها الاستاذ حسين حلمي بن سعيد الاستانبولي عام (١٩٨٦ م) صاحب مكتبة ايشيق بشارع دار الشفقة

____________________

(١) نسبة إلى «راوة» إحدى قرى العراق.

١١٧

بفاتح (٧٢) تركية.

ونشرت عنه مجلة المرشد البغدادية في عددها العاشر من المجلد الثاني الصادر في جمادى الاول عام (١٣٤٦ هجري - ١٩٢٧ م) تحت عنوان: «كتب الردّ على الوهابيين مع عدة كتب لأعلام السنة التي ردّت عليهم».

وذكر اسماعيل باشا البغدادي تحت عنوان: «البغدادي» فقال:

داود بن سليمان البغدادي من خلفاء الخالدية النقشبندية، ولد سنة (١٢٢٢ هجري)، وتوفي سنة (١٢٩٩ هجري) تسع وتسعين ومئتين وألف. من تصانيفه:... «صلح الإخوان في الردّ على من قال على المسلمين بالشرك والكفران» في ردّ الوهابية، و«المنحة الوهبية في الرد على الوهابية».. الخ.

(هدية العارفين: ١ / ٣٦٣)٥٠ - ابراهيم بن الرياحي المالكي.

قال الاستاذ عمر رضا كحالة:

ابراهيم بن عبد القادر بن أحمد بن إبراهيم الطرابلسي الأصل، الرياحي، التونسي الدار، المالكي (أبو اسحاق). ولد بتستور، وقدم تونس، وتوفي في (٢٧) رمضان (١٢٦٦ هجري).

له: ردّ على الوهابية.

(معجم المؤلفين: ١ / ٤٩)

وذكر الرياحي هذا، اسماعيل باشا البغدادي.

(نظر: هدية العارفين: ١ / ٤٢ / ط بيروت)

٥١ - العلاّمة الشيخ مالك ابن الشيخ داود.

الأدلّة الواردة للرد على مزاعمهم - أي الوهابيّين - أكثر من أن تعدَّ وتحصى. فقد منع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تكفير المسلم في عدّة

١١٨

أحاديث، منها قولهعليه‌السلام :

«إذا قال المرء لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما». رواه مالك، والبخاري، والترمذي.

«الحقائق الإسلامية في الرّدّ على المزاعم الوهابية بأدلّة الكتاب والسنة النبوية» ص(٢١) الطبعة الاولى عام (١٩٨٣ م)، وأعيد طبعه بالأوفست باستانبول - تركية. نشرته مكتبة الحقيقة عام ١٩٨٤ م

٥٢ - الشيخ حمد الله الداجوي الحنفي الهندي.

له كتاب: «البصائر لمنكري التوسل بأهل المقابر».

وهذا الكتاب هو ردٌّ على كتاب ملاّ طاهر بنجييري(١) المرداني الباكستاني رئيس الفرقة الوهابية في بلاد الهند الذي أسماه ب «البصائر للمتوسلين بالمقابر» أفرط فيه إفراطاً جاوز حدود الإنسانية، حيث شنَّع فيه على المتوسِّلين، وسمَّاهم مشركين، وشحنه بخرافاته، وأوهامه.

(نشره الأستاذ حسين حلمي الاستانبولي بالأوفست عام (١٩٧٨ م) بتركية، وأعاد نشره للمرة الثانية عام (١٩٨٤ م) باستانبول - تركية)

٥٣ - عيسى بن محمد الصنعاني اليمني.

له كتاب: «السيف الهندي في إبانة طريقة الشيخ النجدي». (ابن) عبد الوهاب شيخ الوهابية.

(ايضاح المكنون: ٢ / ٣٧)

____________________

(١) هكذا في الأصل، والصحيح هو: «بنجشيري» نسبة الى منطقة «بنجشير» في الباكستان (المصحح).

١١٩

وفي هدية العارفين: (١ / ٤٨٨) قال:«الصنعاني: عبد الله بن عيسى بن محمد الصنعاني اليمني المتوفى سنة... له: «السيف الهندي في إبانة طريقة الشيخ النجدي» أعني عبد الوهاب الوهابي، فرغ منه سنة ١٢١٨ هجري).

٥٤ - العلاّمة شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري.

لا يوجد في كتب علماء أهل السنة والجماعة عبارة: (السلفية) و(مذهب السلفية) ومثل هذه الأسماء ابتدعت من طرف الوهابيّين، واللاّمذهبيِّين.

ولما ترجمت كتب اللاّمذهبيِّين من اللغة العربية الى اللغة التركية بأقلام رجال الدين الجاهلين، انتشرت هذه الأفكار بين الأتراك، وفي نظرهم هناك مذهب اسمه: «مذهب السلفيَّة» وكان جميع السنِّيِّين يتَّبعون هذا المذهب قبل قيام مذهبي الأشعرية، والماتريديَّة وهم اتبعوا طريق الصحابة، والتابعين «رضي ‌الله ‌عنهم» ومذهب السلفيَّة مذهب الصحابة الكرام، والتابعين، وأتباع التابعين، وكانت الأئمة الكبار تابعين لهذا المذهب...

« الإيمان والإسلام»، ص (٧٨ / ط) بالأوفست في استانبول تركية عام (١٩٨٦ م) نشرته مكتبة الحقيقة

٥٥ - القاضي عبد الرحمن قوتي.

قال في مقدمة كتابه: «سبيل النجاة عن بدعة أهل الزيغ والضلالة»:

فأقول: قد لطَّخ هؤلاء العلماء الوهابيون وجوه دين الإسلام المشرق، بالرماد الأسود، وصيَّروا مخالفي اعتقادهم مشركين أعداء الدين بأطراف لسانهم في محافلهم ورسالاتهم الباطلة.. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « سيظهر من نجد شيطان تتزلزل جزيرة العرب من فتنته».. فالمراد

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492