ابن تيميه الجزء ٣

ابن تيميه25%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 238

  • البداية
  • السابق
  • 238 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41955 / تحميل: 6451
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

احمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السندي عن الطفاوي به(١) .

٧٦ - الحسين بن يزيد بن محمد بن عبدالملك النوفلي(٢)

نوفل النخع مولاهم(٣) ،

____________________

(١) فيه كلام بأحمد بن محمد بن يحيى وإبن شاذان من مشايخ النجاشي وعلي بن السندي.وفي الفهرست ٥٣ / ١٨٥: الحسن بن راشد، له كتاب أخبرنا به أحمد بن أبي جيد عن أبن الوليد عن الصفار عن علي بن السندي عن الحسن بن راشد.قلت: الطريق صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن أبي جيد من مشايخ النجاشي، وعلي بن السندي، فلم يثبت وثاقته إلا بأمور لا تخلو عن النظر ولعله يأتي بعض الكلام فيه في علي بن اسماعيل الميثمي.

(٢) وفي رجال إبن داود: الحسين بن يزد بن عبدالملك النوفلي وسيأتي ما يؤيده.

(٣) ولعله كان نخعيا بالولاء لبني الذين نزلوا الكوفة ووفدوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم آخر الوفود في مأتي رجل سنة أحد عشرة وهم من القحطانية وبنو نوفل من القحطانية مساكنهم بغوطة دمشق وبنو نوفل بطن من بني عبد مناف من قريش من العدنانية فقد سكن عقب نوفل بن الحارث منهم المدينة والبصرة وبغداد. لاحظ لسان العرب، ونهاية الارب ومعجم قبائل العرب والجمهرة وغير ذلك من كتب أنساب العرب فلعلك تجد أكثر مما وقفنا عليه من ذلك.ثم إن كان النوفلي هذا من ولد نوفل بن الحارث فقد كان صحابيا ولد له على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنه عبدالله وأسر ببدر وأفدى نفسه برماحه التي بجده وأسلم، وكان أسن من أسلم من بني هاشم واخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين العباس، وشهد معهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتح مكة، وحنين، والطائف، ذكروه في كتب طبقات الصحابة وغيرها كما في طبقات ابن سعد ج ٤ / ٤٤ وأسد الغابة ج ٥ / ٤٦. ويأتي في الحسين بن بسطام عن الشريف أبي الحسين صالح بن الحسين النوفلي عن أبيه عنه. وكان المغيرة بن نوفل من أصحاب عليعليه‌السلام ذكره الشيخ في أصحابه وبقي بعده وكان مع الحسين بن عليعليهما‌السلام فأصابه مرض في الطريق، فعزم عليه الحسينعليه‌السلام أن يرجع فرجع فلما بلغه قتله رثاه. ذكره مع رثائه المرزباني في معجم الشعراء ج ٢ / ٢٧٢. وكان عبدالملك بن المغيرة بن نوفل أبومحمد النوفلي المدني من رواة الحديث ذكره في تهذيب التهذيب ج ٦ / ٤٢٥ وذكر أنه: روى عن عليعليه‌السلام وجماعة، وروى عنه إبناه نوفل، ويزيد وجماعة وعن ابن معين والنسائي وابن حبان توثيقه. وكان يزيد بن عبدالملك النوفلي من رواة الحديث ضعفه العامة بروايات له في فضل عليعليه‌السلام منها حديث رد الشمس وعدوه من المناكير.مات سنة خمس وستين ومائة ذكره في تهذيب التهذيب ج ٦ (ص ٦٢٥). (*)

(*)

٢١

٢٢

أبوعبدالله(١) ، كان شاعرا أديبا وسكن الري ومات بها.وقال قوم من القميين: انه غلا في آخر عمره والله أعلم، وما رأينا له رواية تدل على هذا(٢) .

____________________

(١) وكني ايضا بأبي محمد كما في التهذيب ج ٣ / ٢٥٣.وفي لسان الميزان ج ٢ / ٣١٧: الحسين بن يزيد روى عن جعفر الصادقعليه‌السلام وله حديث في الدار قطني. وعد البرقي (ص ٥٤) والشيخ (ص ٣٧٣) الحسين بن يزيد النوفلي النخعي من أصحاب الرضاعليه‌السلام .

(٢) قال المحقق (ره) في نكت النهاية في باب المضاربة / ٢٩ في جواب إشكال: هذه رواية النوفلي عن السكوني وهما عاميان لايعمل بما ينفردان به. قلت: تفرد المحقق (ره) في تضعيفه بذلك في هذا الموضع وإلا فقد طعن فيما اذا طعن في رواية السكوني بكون السكوني عاميا ولم يتعرض للنوفلي أصلا، ولذا عد عدم الطعن في النوفلي فيما رواه عن السكوني مع إختصاصه به دليلا على أنه غير مطعون بوجه وإلا وجهه الاصحاب إلى النوفلي أيضا. بل توثيق المحقق (ره) للسكوني في باب النفاس معتذرا عن وجه العمل بروايته، مع ان في طريق هذه الرواية: النوفلي، يدل على كونه أيضا ثقة.توثيقه: لم اقف على التوثيق أو مدح للحسين بن يزيد النوفلي إلا ما ذكره الفخر في الايضاح ج ١ ص ٤٠٣ حيث عد رواية ابراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني في ثمن الميتة من الموثق، فيدل على توثيقه لهؤلاء جميعا، وما في المعتبر في النفاس ص ٦٧ من لاعتماد على رواية السكوني مصرحا: بانه عامي لكنه ثقة. حيث دل دفع توقهم ضعفها بذلك مع أن في طريقها النوفلي على أنه ثقة، إذ لو كان النوفلي غير ثقة كانت الرواية ضعيفة وان كان السكوني ثقة. وربما يؤيد وثاقة النوفلي بتصحيح طريق هو فيه، وبرواية الاجلة عنه مثل العباس بن معروف، والحسن بن علي الكوفي، وعلي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عنه كثيرا، ومحمد ابن أحمد بن يحيى بل رواية الثاني عنه في تفسيره ربما تشير إلى وثاقته على ما تقدم الكلام فيمن روى عنه في التفسير كما ان عدم إستثناء رواية الثالث عنه تعد إمارة عليها على كلام في ذلك ذكرناه في محله. وقد روى إبن قولويه عن النوفلي في كامل الزيارات ص ٩٨. (*)

٢٣

له كتاب التقية، أخبرنا إبن شاذان عن احمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال حدثنا إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي به، وله كتاب السنة(١) .

____________________

(١) فيه كلام تارة بابن شاذان من مشايخه، وأخرى بأحمد بن محمد بن يحيى فلم يوثق صريحا وإنما استفيد من أمور لا تخلو عن النظر كما تقدم ويأتي ايضا. وفي الفهرست (ص ٥٩): الحسين بن يزيد النوفلي له كتاب اخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن أبي عبدالله.قلت: طريقه ضعيف بابي المفضل وبابن بطة كما يأتي في ترجمتهما نعم للشيخ طريق صحيحة إليه في الموارد المتفرقة من كتابيه. (*)

٢٤

٧٧ - الحسين بن أبي سعيد هاشم ابن حيان المكاري أبوعبدالله(١)

كان (هو - خ ن)،

____________________

(١) وفي رجال إبن داود (ص ٤٤٣): وفي نسخة: الحسن. وفي الخلاصة (ص ٢١٤) الحسن بن أبي سعيد. وقد ذكره غير واحد من المتأخرين في الحسن والحسن معا وجعل لكل مميزا، ووثق كلا منهما.وذكر في المتن العنوان: الحسين ولكن قال: الحسن ثقة في حديثه. والنسخ الموجودة عندنا، وعند صاحب المجمع، وغيره هكذا إلا أن اشتباه الناسخ عن خط النجاشي مع عدم تميزه هو الاظهر.والمذكور في مواضع من رجال الكشي: إبن أبي سعيد المكاري، لكن الموجود في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ / ٢١٣ في حديث دخول جماعة من الواقفة على الرضاعليه‌السلام واحتجاجه (ع) معهم: الحسن بن أبى سعيد المكاري، وفي أصول الكافي باب دعوات موجزة ج ٢ / ٥٨٤ وفي كتاب الزكاة من فروعه باب معرفة الجود والسخاء‌ج ١ / ١٧٣: الحسين بن أبي سعيد المكاري وج ٢ / ١٣٨ عن بعض أصحابنا عن إبن أبي سعيد المكاري عن الرضاعليه‌السلام وفي أصوله باب النص على أمير المؤمنينعليه‌السلام ج ١ / ٢٩٦ عن علي عن أبي حمزة عن إبن أبي سعيد عن أبان بن تغلب وفي مواضع منه ومواضع من التهذيب: الحسين بن هاشم. ثم إنه ليس تكنية النجاشي له بأبى عبدالله إمارة كونه الحسين بدعوى ان المسمين بالحسن مكنون بأبي محمد والمسلمين بالحسين مكنون بأبي عبدالله بقرينة عدم ندرة ذلك، إذ هي غير تامة وناشئة عن قلة التأمل في كنيتهما فلا حظ وأذعن. (*)

٢٥

وأبوه وجهين في الواقفة(١) . وكان الحسن ثقة في حديثه(٢) .

____________________

(١) يأتي ترجمته مستقلا وكذا ما يدل على وقفه

(٢) ان صح كونه من رؤساء الواقفة، وأيضا ما ورد فيه من الذموم فكيف يكون ثقة في حديثه إذ ليس حالهم كسائر الواقفة والفطحية وغيرهم ممن كان مخطئا في الاعتقاد، ثقة في حديثه. قال الشيخ في كتاب الغيبة في إبطال مذهبهم بعد ذكر الاخبار الواردة في سبب القول بالوقف من الطمع في الدنيا (ص ٤٦): فكيف يوثق بروايات هؤلاء القوم وهذه أقوالهم واقوال السلف الصالح فيهم. وفي (ص ٤٤) قال: واذا كان أصل هذا المذهب أمثال هؤلاء كيف يوثق برواياتهم أو يعول عليها. وقد عدرحمه‌الله (ص ٣٦) من هولاء: البطائني، وعثمان إبن عيسى، والقندي، وإبن المكاري وغيرهم. وقال في (ص ٤٢): فروى الثقات ان أول من أظهر هذا الاعتقاد: علي بن أبى حمزة البطائني، وزياد بن مروان القندي، وعثمان بن عيسى الرواسي طمعوا في الدنيا ومالوا إلى حطامها، واستمالوا قوا، فبذلوا لهم شيئا مما إختانوه من الاموال نحو حمزة بن بزيع، وإبن المكاري، وكرام الخثعمي وأمثالهم. قلت: ولم يؤيد وثاقته في الحديث برواية الاجلة عنه، إلا أن يقال ان المراد بابن المكاري في هذه الذموم هو أبوه: هاشم بن حيان ويأتي الكلام فيه انشاء الله. (*)

٢٦

ذكره أبوعمرو الكشي في جملة الواقفة(١) وذكر فيه ذموما وليس هذا موضع ذكر ذلك(٢) .

____________________

(١) ذكره ص ٢٩٠ وقال: حدثني حمدويه قال حدثنا الحسن بن موسى قال كان إبن أبي المكاري واقفيا.

(٢) منها ما رواه ص ٢٩٠ عن حمدويه عن الحسن بن موسى قال رواه علي بن عمر الزيات عن إبن أبي سعيد المكاري قال دخل على الرضاعليه‌السلام فقال له: فتحت بابك للناس وقعدت للناس تفتيهم ولم يكن أبوك يفعل هذا قال: ليس علي من هارون بأس، فقال له أطفئ الله نور قلبك وأدخل الفقر بيتك ويلك أما علمت الحديث. ورواه بعده بسند آخر عن بعض أصحابنا قال: دخل إبن المكاري على الرضاعليه‌السلام وذكر نحوه. ورواه الكليني في النوادر من كتاب عتق الكافي ج ٢ / ١٣٨ والشيخ في التهذيب ج ٨ / ٢٣١. وفي دخوله على الرضاعليه‌السلام واحتجاجه عليه روايات أوردناها في كتابنا في أخبار الرواة. ومنها قول أبي الحسن الرضاعليه‌السلام له: ما اخالك تقبل منى ولست من غنمي. وذلك لما أراد أن يسأله عن مسألة كما في الحديث المتقدم وأيضا في التهذيب ج ٨ / ٣١٨.ومنها ما رواه الكشي (ص ٢٥٥) عن علي بن محمد عن محمد ابن أحمد عن أبي عبدالله الرازي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن الفضل عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: قلت جعلت فداك اني خلفت ابن أبي حمزة، وإبن مهران، وإبن أبي سعيد ح المكاري أشد أهل الدنيا عداوة لك فقالعليه‌السلام لي: ما ضرك من ضل إذا إهتديت إنهم كذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكذبوا أمير المؤمنينعليه‌السلام وكذبوا فلانا وفلانا وكذبوا جعفرا وموسى ولي بآبائيعليهم‌السلام اسوة.

الحديث. ومنها نزول الفقر بابن أبي سعيد المكاري ونزول بلاء عظيم ما الله به عليم. ومات ولم عنده مبيت ليلة كما في خبر الكشي ص ٢٩٠ والكافي ج ٢ / ١٣٨، والتهذيب ج ٨ / ٢٣١. هذا ولكن ذكرنا في الشرح على الكشي قصور هذه الروايات الواردة في ذمه سندا، بل ودلالة على ضعفه في الحديث فانها واردة في ذمه مذهبا. وروى الراوندي في الخرائج في معجزات أبي جعفر الجوادعليه‌السلام (ص ٢٠٨) عن إبن أورمه عن الحسين المكاري قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام ببغداد وهو على ما كان من أمره فقلت في نفسى. هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبدا وأنا أعرف مطعمه قال: فأطرق رأسهعليه‌السلام ثم رفعه وقد اصفر لونه فقال: يا حسين خبز الشعير وملح جريش في حرم جدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحب إلي مما تراني فيه. (*)

٢٧

له كتاب نوادر كبير أخبرنا أحمد بن عبدالواحد قال حدثنا علي ابن حبشي عن حميد قال حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة به(١) .

٧٨ - الحسين بن بسطام

وقال أبوعبدالله عياش: هو الحسين بن بسطام بن سابور الزيات(٢) .

____________________

(١) فيه كلام بابن حبشي فلم يوثق إلا أنه من مشايخ التلعكبري وبابن عبدالواحد فهو من مشايخ النجاشى وتقدم لكلام في توثيقهم.

(٢) كما في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٥. وفيما يأتي في ترجمة أخيه. (*)

٢٨

له، ولاخيه أبى عتاب(١) كتاب جمعاه في الطب كثير الفوائد والمنافع على طريق الطب في الاطعمة ومنافعها والرقي والعوذ. قال إبن عياش(٢) أخبرناه الشريف أبوالحسين صالح بن الحسين النوفلي(٣) قال حدثنا أبى قال حدثنا أبوعتاب، والحسين جميعا به.

____________________

(١) هو: عبدالله بن بسطام الاتي رجمته وذكر كتابهما في بابه. قال في الخلاصة (ص ٢٩) بسطام بن سابور الزيات أبوالحسين الواسطي مولى الخ. وروى في الوسائل والمستدرك عن كتابهما.

(٢) هو أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم أبوعبدالله الجوهرى الاتي ترجمته وفيها قول الماتنرحمه‌الله : رأيت هذا الشيخ وكان صديقالي ولوالدي سمعت منه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته الخ. قلت: ولذا ترى النجاشي لايروى عنه في هذا الكتاب بقوله: أخبرنا او حدثنا ونحو ذلك بل يقول عند حكاية أمر او ترجمة او رواية كتاب عنه: قال إبن عياش كما في ترجمة الحسن بن محمد، وبكر إبن أحمد، وعبيد بن كثير، ورومي بن زرارة وغيرهم، وهكذا فيما يحكيه عن بعض مشايخه الذي ورد فيه طعن وذلك إحتياطا منهرحمه‌الله في الحديث والرواية، أو عولا منه على ما وجده في كتاب هؤلاء المطعونين من مشايخه

٢٩

٧٩ - الحسن بن علي بن زياد الوشابجلي

كوفي(١) قال أبوعمرو(٢) : ويكنى بأبي محمد(٣)

____________________

(١) كما في فضد الايضاح بهامش لسان الميزان ٢ / ٣٣٥ وفي الفهرست (ص ٥٤): الحسن بن علي بن زياد الوشا الكوفي. ولكن قال الشيخ عند ذكره في أصحاب الرضاعليه‌السلام (ص ٣٧١): يكني أبا محمد، وكان يدعى انه عربي كوفي، له كتاب. قلت: هذا يشعر بنوع تأمل منهرحمه‌الله في كونه كوفيا. وفي عيون الاخبار ج ٢ / ٢٢٩ في حديث حضوره مع جماعة وإستئذانهم للدخول على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام مع ما جمعه من المسائل في كتاب ليختبره بها: فنادى أيكم الحسن بن علي بن بنت إلياس البغدادي؟ فقمت إليه فقلت أنا الحسن بن علي الحديث. وستأتي الاشارة إلى ما ورد فيه.وكان منزلة واهله بالكوفة كما يدل عليه ما في قرب الاسناد (ص ١٤١).

(٢) لم يذكر أبوعمرو الكشيرحمه‌الله له ترجمة مستقلة. ولم أحضر ذكره اياه إلا في يونس بن بيان(٢٣٢)، وفى أبي بكر الحضرمي(٢٦٢) وليس في المقامين إلا ذكر اسمه فقط بلا تكنية.ولا يبعد كون قول النجاشي: قال أبوعمرو. مصحف: قاله أبوعمرو. ثم إن في تعليقهرحمه‌الله كونه بجليا كوفيا على أبي عمرو الكشي إيماء بعدم الجزم به كما تقدم عن الشيخ إلا أنه لم اجد ذلك أيضا في رجال الكشي فلا حظ.

(٣) كما في أصحاب الرضاعليه‌السلام من رجال الشيخ(٣٧١) وفي نضد الايضاح بهامش لسان الميزان ج ٢/ ٣٣٥ وفي رجال البرقي(٥١) وفي يب ج ٩ / ٢٣٥. (*)

٣٠

الوشاء(١) وهو إبن بنت إلياس الصيرفي(٢) خزاز(٣) من أصحاب الرضاعليه‌السلام (٤) ،

____________________

(١) قال الشيخ في أصحاب الرضاعليه‌السلام (٣٧١): ويعرف بالوشا وفي أصحاب الهادي (ع)(٤١٢) الحسن بن علي الوشا. وفي الكشي في يونس بن ظبيان(٢٣٢): الحسن بن علي بن الوشا إبن بنت إلياس

(٢) وفى نضد الايضاح: وهو المدعو بابن بنت إلياس الصيرفى وفي الفهرست: ويقال له إبن بنت إلياس: وفي رجال الشيخ(٣٧١): وهو إبن بنت إلياس (الصيرفي - خ). ويأتي في ترجمة إلياس قوله: وهو جد الحسن بن علي بن بنت إلياس وفي مشيخة الصدوق: المعروف بابن بنت إلياس.وفى ترجمة رقيم بن إلياس: وهو خال الحسن إبن علي بن بنت الياس. (٣) وفى النسخة المطبوعة: الخزاز، خير، من الخ. وفي أصحاب الرضا (ع) من رجال البرقي والشيخ: الخزاز. وفي الفهرست الوشاء الكوفي، ويقال له: الخزاز، وفي لسان الميزان ج ٢ / ٢٣٥: الوشاء الكوفي الخزاز. وفي التهذيب ج ٤ / ١٤٩. الحسن بن علي بن زياد، وهو الوشاء الخزاز، وهو ابن بنت إلياس. وفي كثير من رواياته: الوشاء. ثم ان كون الحسن بن علي خزازا يبيع الخز، وثيابه، أو الثياب المغشوشة بالخز والابريسم، وايضا وشاء‌ا: بايع الثياب الملونة والمنقشة لا محذور فيه فلا يكون قرينة على التعدد باختلاف الالقاب فلا حظ كما سيأتي.

(٤) طبقته - روى عن أبى عبداللهعليه‌السلام كما في التهذيب ج ٢ = ٢٠٩ خبر / ٨٢٠ وروى بواسطة جماعة من أصحابه عنه (ع).مثل جده إلياس كما يأتي، ومحمد بن حمران، واحمد بن محمد، والحسين بن المختار القلانسي، وحماد بن عثمان، وجميل بن دراج وعبدالله بن سنان فقد روى عنه كثيرا، وبشر بن طرخان النخاس الكوفي، وداود بن سرحان وغيرهم. فقد أدركرحمه‌الله تسعمائة شيخ من أصحاب الصادقعليه‌السلام وسمع منهم في جامع الكوفة. وذكره البرقي في أصحاب الكاظمعليه‌السلام (٥١) قال: ابومحمد الحسن بن علي بن زياد ابن بنت إلياس. وروى عنه (ع) كما في قرب الاسناد ج ١ / ١٤١. ورأى جعفر بن علي بن السري بعد ما أصابه الخبل بدعاء أبي الحسن موسىعليه‌السلام كما في التهذيب. ج ٩ ص ٢٣٥. وذكره الشيخ في اصحاب الرضاعليه‌السلام (٣٧١) قال: الحسن بن علي الخزاز، ويعرف بالوشاء وهو إبن بنت إلياس يكنى أبا محمد، وكان يدعي انه عربي كوفي له كتاب. وقال البرقي في اصحاب الرضاعليه‌السلام ومن نشأ في عصره(٥٥): الحسن بن علي الخزاز. قلت: ذكر البرقي اياه في أصحاب الكاظم تارة، وفى أصحاب الرضا ومن نشأ في عصره أخرى مع اختلاف يسير كما عرفت ربما يوهم التعدد وليس كذلك، فقد جمع غير واحد بين الوشاء وبين الخزاز وبين إنه بنت إلياس كما عرفت فلا وجه لاحتمال التعدد. وفى التهذيب ج ٤ / ١٤٩ خبر ٤١٧: أبوالعباس أحمد بن محمد إبن سعيد عن عقدة الحافظ الهمداني عن أبي جعفر محمد بن المفضل بن إبراهيم الاشعري قال: حدثنا الحسن بن علي بن زياد وهو الوشا الخزاز، وهو إبن بنت إلياس، وكان وقف ثمرجع فقطع، عن عبدالكريم بن عمر الخثعمي الخ.وأما ذكر البرقي إياه في أصحاب الرضا (ع) ومن نشأ في عصره فلا يكون دليلا في قبال ما عرفت ولا يكون كل من ذكره هناك ممن نشأ في عصره فلا حظ. وروى جماعة عن الحسن بن علي الوشا عن أبي الحسن الرضا (ع) منهم أحمد بن محمدبن عيسى فروى عنه عنه (ع) كثيرا جدا، ومعاوية ابن حكيم، ومحمد بن المفضل بن إبراهيم أبوجعفر الاشعري، وعبدالله ابن الصلت، وعلي بن محمد، وعبدالله بن إبراهيم الاحمر، ومعلى بن محمد، وأبوالخير صالح بن أبي حماد، والحسين بن سعيد، وعبدالله إبن محمد بن خالد، ويعقوب بن يزيد، وسهل بن زياد، وعبدالله بن موسى، ذكرناهم مع ذكر مواضع رواياتهم عنه عن الرضا (ع) في طبقات أصحابه (ع). ولم أقف على من ذكره في أصحاب أبي جعفر الجواد (ع)، ولا على روايته عنه (ع) فيما أحضره نعم ذكره الشيخ في أصحاب الهادي (ع)(٤١٢) قال: الحسن بن علي الوشا. ولم أحضر روايته عنهعليه‌السلام ايضا. (*)

٣١

٣٢

وكان من وجوه هذه الطائفة(١) .

____________________

(١) ويأتي أيضا قول الماتن: " وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة ". ولعل الاصحاب إنما لم يصرحوا بتوثيقه إستغناء‌ا فليس كل ثقة عينا ووجها من عيون هذه الطائفة ووجوهها إذ لم يكن وجها وعينا لدنياه أو لرئاسته، بل كان لعلمه وورعه وثقته وقد صرح بعض أصحابنا بأن المدح بمثل ذلك إنما يكون فيمن يستغنى عن توثيقه لشهرته ووضوح حاله.ويشير إلى ذلك إكثار الثقات الاجلة الرواية عنه مثل أحمد بن محمد بن عيسى، ويعقوب بن يزيد، وأيوب بن نوح، ومحمد بن عيسى وعبدالله بن الصلت، ومحمد بن يحيى الخزاز، وعلي بن الحسن بن فضال والحسين بن سعيد ونظرائهم وهو، من رواة كامل الزيارات، وتفسير علي بن إبراهيم، ويشير إلى مكانته عناية أبي الحسن الرضا (ع) له في بعث الرسول اليه إكتابه بما ينتهي إلى معرفته وهدايته كما سيأتي. واما مذهبه فهو وإن وقف أياما لشبهة إلا انه لما سافر إلى خراسان في تجارة في أيام مجيئ أبي الحسن الرضا (ع) اليه فقد نور الله قلبه كما صرح هوبذلك وذلك بابتداء الاحسان من الرضا (ع) إليه حيث بعث رسوله مع رقعة إليه عند قدومه إلى مرو، ونزوله في بعض منازلها يطلب منه حبرة من ثياب الوشى يصفها من موضع كذا وكذا ومن ضرب كذا، فتعجب الحسن بن علي الوشا ثم قال: ومن أخبر أبا الحسن (ع) بقدومي وأنا قدمت أنفا، وما عندي ثوب وشي. وفي رواية: فقلت: ما معي منها شئ. وفي رواية: فكتبت إليه (ع)، وقلت للرسول: ليس عندي ثوب بهذه الصفة، وما أعرف هذا الضرب من الثياب، فأعاد الرسول إلي وقال فاطلبه فأعدت إليه الرسول وقلت: ليس عندي من هذا الضرب شئ فأعاد إلي الرسول: أطلبه فانه عندك منه. وفي رواية: فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا وكذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرزمة. وفي الرواية: وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم، ولم أشعر به ولم أعرف مكانه.وفي رواية: وقد كان أبضع مني رجل ثوبا منها، وأمرني ببيعه وكنت قد نسيته، فطلبت كل شئ كان معي، فوجدته في سفط (أي موضع الثياب) تحت الثياب كلها. فبعث به إليه (ع) وكتب إليه كتابا وذكر ان عنده مسائل يريد أن يسأله عنها، فخرج إليه جواب تلك المسائل التي أراد أن يسألها ولم يظهرها بعد، وعند ذلك هداه الله ثم أراد أن يفتش عن أمره (ع) ويختبره كي يثبت على ولايته ويقطع عليه بما جمعه من المسائل في كتاب. وروى الصدوق في العيون ج ٢ / ٢٢٨ في الصحيح عنه قال كنت كتبت معي مسائل كثيرة قبل أن أقطع على أبي الحسن (ع) وجمعتها في كتاب مما روى عن آبائهعليهم‌السلام وغير ذلك، وأحببت أن أثبت في أمره واختبره، فحملت الكتاب في كمي، وصرت إلى منزله وأردت أن أخذ منه خلوة فأنا وله الكتاب، فجلست ناحية، وأنا متفكر في طلب الاذن عليه وبالباب جماعة جلوس يتحدثون، فبينا أنا ذلك في الفكرة في الاحتيال للدخول عليه - إذ أنا بغلام قد خرج من الدار في يده كتاب، فنادى: أيكم الحسن بن علي الوشا ابن بنت إلياس البغدادي، فقمت إليه، فقلت: أنا الحسن بن علي، فما حاجتك؟ فقال: هذا الكتاب أمرت بدفعه إليك، فهاك خذه، فأخذته، وتنحيت ناحية، فقرأته، فاذا والله فيه جواب مسألة مسألة، فعند ذلك قطعت عليه وتركت الوقف. قلت: وقد نور الله قلبه بالايمان ورزقه من ولاية أبي الحسن الرضا (ع) حتى دعا الواقفة إلى معرفته وولايته (ع). وقد أخرجنا ما ورد في كيفية معرفته وسببها وما وقع بعد ذلك في كتابنا في أخبار الرواة. وإن شئت فلا حظ أصول الكافي ج ١ / ٣٥٤ وعيون الاخبار ج ٢ / ٢٢٩ والخرائج في الدلالات على الائمة(٢٤٥) وكتاب الغيبة للطوسي(٥٢) في أخبار الواقفة وغير ذلك. (*)

٣٣

٣٤

٣٥

روى عن جده إلياس(١) قال: لما حضرته الوفاة قال لنا: إشهدوا علي وليست ساعة الكذب هذه الساعة: لسمعت أبا عبدالله (ع) يقول: (والله لايموت عبد يحب الله والرسول ويتولى الائمةعليهم‌السلام فتمسه النار) ثم أعاد الثانية والثالثة من غير أن أسأله. أخبرنا بذلك: علي بن أحمد عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الوشا. أخبرني ابن شاذان قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث، فلقيت بها الحسن بن علي الوشا، فسئلته أن يخرج لي كتاب العلاء بن رزين القلا، وأبان بن عثمان الاحمر،(٢) فأخرجهما إلى فقلت له: أحب أن تجيزها لي فقال لي: يا رحمك الله وما عجلتك؟ إذهب فاكتبهما واسمع من بعد، فقلت: لا آمن الحدثان، فقال لو علمت ان هذا الحديث يكون لي هذا الطلب لا ستكثرت منه، فاني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول: حدثنى جعفر بن محمد

____________________

(١) يأتي ترجمته رقم(٢٧١). والطريق صحيح بناء على وثاقة علي بن أحمد من مشايخه.

(٢) هذا طريق آخر إلى كتابهما فلا حظ. (*)

٣٦

عليهما‌السلام (١) . وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة وله كتب منها ثواب الحج والمناسك، والنوادر. اخبرنا إبن شاذان عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن الوشاء بكتبه. وله مسائل الرضاعليه‌السلام (٢) . أخبرنا ابن شاذان عن علي بن حاتم عن أحمد بن إدريس عن محمد ابن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء بكتابه مسائل الرضا (ع)(٣)

____________________

(١) ذكر جماعة منهم لمفيدرحمه‌الله في الارشاد عدد أصحاب أبي عبدالله (ع) ومن روى عنه فقال في ص٢٧١: فأن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على إختلافهم في الاراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل. قلت: هذا العدد الكثير ممن أدركهم الوشا من أصحابه قليل من كثير جدا ممن لم يدركهم من الكوفيين وغيرهم وقد ألف جماعة كثيرة من شيوخ أصحابنا كتبا في طبقات أصحابه ممن روى عنه الحديث وقد أنهاهم أعظم شيوخ أصحاب الحديث أبوالعباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ إلى أربعة آلاف وذكر في ترجمة كل حديثا. عنه عن أبي عبداللهعليه‌السلام إلا أنه مما يتأسف عليه عدم وجود نسخة من هذا المؤلف الضخم ولم يبلغ ما جمعه شيخ الطائفة في طبقات أصحابه من الرجال إلى هذا العدد وإن ذكر في مقدمته إنه ذكر ما ذكره إبن عقدة وما لم يذكره قلت: نشكر الله تعالى على ما وفقناه لانهاء عددهم إلى اكثر من أربعة آلاف من أصحابه وممن روى عنه (ع) مع ذكر رواية مسندة عنه عنه (ع) لو ظفرنا بها وإشارة إلى من روى عنه عنهعليه‌السلام في كتابنا الكبير في طبقات من روى الحديث عن النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وعن الائمة الاثنى عشر من خلفائه الطاهرينعليهم‌السلام (٢) فيه اشكال باحمد بن محمد بن يحيى فلم يصرح بتوثيق وان استفيد من امور(٣) صحيح على كلام بابن شاذان من مشايخ النجاشي. وفى الفهرست(٥٤): له كتاب اخبرنا به عدة من أصحابنا = = عن أبي المفضل عن إبن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن ابن علي الوشا قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل، وبابن بطة كما يأتي في ترجمتهما وروى الشيخ عنه في التهذيب ج ٩ / ٢٤٦ ولم يذكر طريقه اليه في مشيخته ولعله عول على ما في الفهرست. وروى الصدوق في المشيخة رقم(٢١٤) عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى وابراهيم إبن هاشم جميعا عن الحسن بن علي الوشا المعروف بابن بنت الياس. قلت: طريقه صحيح رواته الثقات الاجلاء. ثم إن كتابه المسائل هو ما جمعه الوشا من المسائل مما روى عن الائمة الطاهرين وغيرهم ليسئلها عن الرضا (ع) ويختبره بها قبل ما يقطع عليه كما أشرنا اليه وقد روى الكتاب أيضا شيخنا الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع) عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن أبي الخير صالح بن أبي حماد عن الحسن بن علي الوشا. والطريق حسن على كلام بصالح إبن أبي حماد كما يأتي في ترجمته.

(*)

٣٧

٨٠ - الحسن بن علي بن النعمان

مولى بني هاشم(١) أبوه علي بن النعمان الاعلم(٢) ،

____________________

(١) وهكذا ذكره الشيخ في الفهرست(٥٤) وذكره في أصحاب العسكري (ع) من رجاله(٤٣٠) وقال: كوفي. ويأتي في ترجمة أبيه: أن ابنه الحسن بن علي وابنه أحمد رويا الحديث. وقال الكشي في داود إبن النعمان(٣٦): وهو عم الحسن بن علي بن النعمان. ثم ان قوله: " مولى بني هاشم " يفسر ما يأتي في أبيه من قوله: " الا علم النخعي أبو الحسن مولاهم، كوفي ".

(٢) ذكرهرحمه‌الله انه أبوه ثانيا إما لنفي إحتمال تعدد علي إبن النعمان مولى بني هاشم وعلي بن النعمان الاعلم النخعي الكوفي فعلى هذا فالجملة مبتداء وخبروكل ما ذكر بعده فهو للحسن ويؤيده ان توثيق الاب في المقام مع أنه يأتي أيضا في ترجمة نفسه تكرار، بلا وجه، وإما للتنبيه على عدم وثاقة الابن. ويبعد الثاني قوله: له كتاب الخ. فانه عليه كان الاوجه ان يقول: ولكن له كتاب الخ. إستدراكا لمدحه بأبيه المشعر بعدم مدح ولا توثيق له بنفسه. (*)

٣٨

ثقة، ثبت(١) له كتاب نوادر، صحيح الحديث كثير الفوائد اخبرني إبن نوح عن البزوفري قال حدثنا أحمد بن ادريس عن الصفار عنه بكتابه(٢)

____________________

(١) قد عرفت ان الظاهر كون التوثيق للحسن وكذا مدحه بكونه ثبتا وبكتابه وبحديثه وهذا هو الظاهر من العلامة في الخلاصة وابن داود وجماعة من المحققين فدعوى كونه للاب بل واحتماله ضعيف.وقد روى عنه أجلة الحديث مثل سعد بن عبدالله، والصفار، ومحمدبن أحمد بن يحيى مع انه لم يستثن روايته عنه كما في يب ج ٥ في فقه زيادات الحج وصا ج ٢ / ٣٣٤.

(٢) كالصحيح على اشكال بأحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري فلم يوثق إلا أن التلعكبري روى عنه.وفي الفهرست: له كتاب نوادر الحديث كثير الفوائد اخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن إبن بطة عن أحمد بن أبي عبدالله والصفار جميعا عنه. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة.ثم ان الظاهر سقوط كلمة (صحيح) بعد نوادر بقرينة المتن لكن النسخ خالية عنها. وروى الصدوق في المشيخة (رقم ٣٢٧) عن أبيه ومحمد بن الحسن (رحمها الله) عن سعد بن عبدالله عن الحسن بن علي بن النعمان. قلت: طريقه صحيح رواته أجلاء الثقات. (*)

٣٩

٨١ - الحسن بن علي بن بقاح(١)

كوفي ثقة مشهور(٢) صحيح الحديث(٣) ،

____________________

(١) وهو الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح كما يأتي في الحسن بن علي بن يقطين روايته كتابه بواسطة صالح مولى علي بن يقطين، وروى كتاب معاذ بن ثابت الجوهري كما في الفهرست(١٦٨) وفيه: المعروف بابن بقاح. وهو ايضا الازدي، فروى في التهذيب ج ٧ / ٣٧٠ والاستبصار ج ٣ / ٢٣١ عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن الحسن ابن علي بن يوسف الازدي عن عاصم بن حميد، وذلك بقرينة روايته بهذا الاسناد عن معاذ بن ثابت كثيرا.

(٢) روى عنه الاجلة مثل علي بن الحسن بن فضال كثيرا، ومحمد ابن الحسين، وأبوجعفر احمد بن محمد بن عيسى، والحسن بن علي الكوفي، والحسن بن الحسين اللؤلؤي، وعلي بن الحسن الميثمي، والحسن ابن مئيل، اسحاق بن بنان، والحسن بن موسى الخشاب، ومحمد ابن بكر بن جناح.

(٣) الظاهر أن المدح بكونه صحيح الحديث بوجه مطلق إنما يصح إذا خلت أحاديثه من الغلو والتخليط، والمناكير، والشذوذ، والاضطراب، ولم يروها عن الضعاف، أو المجاهيل، او الغلاة او أصحاب المذاهب الباطلة، أومن لا يبالي بالحديث، وهذا لما يظهر من طعن الاصحاب في بعض الرواة بشئ من ذلك إلا أن يكون المدح لكتابه وان كتابه صحيح الحديث فانه حينئذ لاينافي كونه مطعونا في مذهبه ولذا ترى أن الماتن قال في الحسن بن عبيد الله العبدي كما يأتي: انه طعن عليه ورمى بالغلو.ومع هذا قال: له كتب صحيحة الحديث وتحقيق ذلك مع ذكر من ذكر بهذا المدح ذكرناه في محل آخر. (*)

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٦٤ - الفقيه الشيخ محمّد زاهد بن حسن الكوثري الحنفيّ (ت ١٣٧١ هـ). من علماء تركيا، وكان وكيل المشيخة الإسلاميّة بدار الخلافة العثمانية. شديد الخلاف على ابن تيميه وأتباعه.

قال: «ولو قلنا لم يبلَ الإسلام في الأدوار الأخيرة بمَن هو أضرّ من ابن

____________________

= الخُوَيصرة التميميّ فقال: يا محمّد! قد رأيتُ ما صنعتَ هذا اليوم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أجل، فكيف رأيت؟ فقال: لم أراك عدلتَ! فغضب رسول الله ثمّ قال: وَيْحَك! إذا لم يكن العدلُ عندي فعند مَن يكون؟ فقال عمر بن الخطّاب: يا رسول الله، ألا أقتله؟ فقال: لا، دَعْهُ، فإنّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدّين حتّى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرَّمِيّة، يُنظر في النَّصْل، فلا يوجد شيء، ثمّ في القدح، فلا يوجد شيء، ثمّ في الفُوق، فلا يوجد شيء، سبق الفرث والدم». (السيرة النبويّة، لابن هشام ٤: ١٣٩).

شرح بعض المفردات: «النصل» حديد السهم. و «القدح»: السّهم. و «الفوق»: طرف السهم الذي يباشر الوتر. و «الفرث»: ما يوجد في الكرش. والمعنى: انّهم ليس لهم من الدين شيء كالسهم يخترق البدن ويخرج بسرعة من غير أن يعلق به أثر من دم وغيره.

وعن أبي سعيد الخدري، قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يقسم ذات يوم قسما، فقال ذو الخُويصرة، رجل من بني تميم: يا رسول الله، اعدل. فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ فقال عمر: ائذن لي فلأضرب عنقه. قال: لا، إنّ له أصحاباً يحقر أحدُكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كمروق السهم من الرّميّة، ينظر إلى نصله فلا يوجد شيء...، يخرجون على أي حين فُرقة من الناس، آيتهم رجلٌ إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر» - تدردر: أي ترجرج؛ تجيء وتذهب - قال أبو سعيد: أشهد لسمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأشهد أنّي كنت مع عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه حين قاتلهم، فالتُمس في القتلى فأتي به على النعت الذي نعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . (أسد الغابة ٢: ١٧٢).

٨١

تيميه في تفريق كلمة المسلمين لما كنّا مبالغين في ذلك، وهو سهلٌ متسامح مع اليهود والنصارى يقول عن كتبهم أنّها لم تُحرّف تحريفاً لفظيّاً! فاكتسب بذلك إطراء المستشرقين له؛ شديد غليظ على الحملات على فرق المسلمين لا سيّما الشيعة، ولو لا شدّة ابن تيميه على ابن المُطهّر في منهاجه (أي منهاج السنّة النبويّة لابن تيميه) إلى أن بلغ به الأمر إلى أن يتعرّض لعليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، على الوجه الذي تراه في أوائل الجزء الثالث منه بطريقٍ يأباه كثير من أقحاح الخوارج! مع توهين الأحاديث الجيّدة في هذا السبيل»(١) .

وكان ابن تيميه وأتباعه يدعون لكتاب (النقض على المَريسي) تأليف عثمان بن سعيد الدارمي، والكتاب يدعو للتجسيم الذي هو عقيدة ابن تيميه. قال الكوثري فيما قال بشأن الكتاب: «فتبّاً لابن تيميه وصاحبه ابن القيّم حيث كانا يوصيان بكتابه هذا أشدّ الوصيّة ويتابعان في كلّ ما في كتابه كما يظهر من صفحة خاصّة منشورة في أوّل الكتاب، فأصبحا في صفّ هذا المؤلّف المجسّم الفاقد العقل، فلا إمام لمَن اتّخذ هؤلاء أئمّةً في الأصول أو الفروع، ومن هنا يظهر كلّ الظهور مبلغ شناعة اتّباعهما في شواذّهما الفقهية بتركِ ما عليه أئمّة الهدى، فنعوذ بالله من الخذلان»(٢) .

____________________

(١) الإشفاق في أحكام الطلاق، محمّد زاهد الكوثري، ٢٦٨، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢٥ هـ.

(٢) مقالات الكوثري، محمّد زاهد الكوثري، ٢٦٥، طبعة المطبعة التوفيقية، مصر.

٨٢

ونحن نتعوّذ ممّا تعوّذ منه الكوثري الحنفيّ، من عقيدة المَريسي المجسّم، وعنه أخذ ابن تيميه وابن القيّم عقيدتهما في التجسيم، وفي فناء جهنّم...، ولأجله وصفهم مَن وصفهم بأنّهم أفراخ السامرة ويهود، ذلك أنّ بشراً هذا كان أبوه يهوديّاً، فلم يتحرّر بشر ممّا كان عليه أبوه، وعن ابن تيميه وصاحبه ابن القيّم ورثها محمّد بن عبد الوهّاب النجديّ الذي نجم ظهوره ومن ثمّ فتنته مع دخول الإنجليز الحجاز فكان مرشدهم الروحي، ولا غَروَ ان يتبعه أعراب نجد وما زالوا على خطى أئمّتهم في التجسيم، وفي الحكم على المسلمين بالشرك والكفر وممارسة إلحاق ألوان الأذى بهم، ومنه القتل وتفجير مساجدهم حتّى وهم في حال صلاة الجماعة...

سيماء الخوارج:

ذكر المبرّد في سيماء الخوارج، قال: وذكر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال لما وصفهم: «سيماهُم التحليق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم علامتهم رجل مخدج اليد»(١) .

ومخدج اليد: أي ناقصها، وكذلك كانت يده قصيرة كأنّها ثدي المرأة.

والتحليق: أي حلق شعر الرأس. والأحاديث كثيرة في انبعاث حركات الضّلال من هذه الديار وأنّ علامتهم التسبيد أو التحليق، فكان كما أخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد

____________________

(١) الكامل في الأدب، المبرّد محمّد بن يزيد الأزدي (ت ٢٨٦ هـ)، ٥٠٧، المطبعة العامرة، ١٢٨٦ هـ

٨٣

أخبرت الأحاديث بخروج الدجّال من هذه الأرض - نَجْد(١) -

وهذه هي علامة الخوارج، ومثلهم كان الوهّابيون! وفي سنن الترمذي «الجامع الصحيح» عن ابن عمر: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «اللّهمّ بارك لنا في يمننا. قالوا: وفي نجدنا، فقال: اللّهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا. قالوا: وفي نجدنا، قال: هنالك الزلازل والفتن وبها، أو منها يخرجُ قرن الشيطان»(٢) .

وذكره العيني وقال: أخرجه البخاري في الفتن، وفي شرحه قال ك في شامنا ويمننا أي الإقليمين المشهورين؛ ويحتمل أن يراد بهما البلاد التي في يميننا ويسارنا أعمّ منهما، يقال: نظرت يمنةً وشامةً أي: يميناً ويساراً، ونجد هو خلاف الغور، والغور هو تهامة، وكلّ ما ارتفع عن تهامة إلى أرض العراق فهو نجد. وإنّما ترك الدعاء لأهل المشرق ليضعفوا عن الشرّ الذي هو موضوع في جهتهم، لاستيلاء الشيطان بالفتن عليها. وقوله (وبها) أي: بنجد. (يطلع قرن الشيطان): أي أمّته وحزبه(٣) .

الشيخ النجدي: بعد هجرة المسلمين إلى المدينة، بدأت مخاوف قريش من

____________________

(١) سنن ابن ماجة (ت ٢٧٥ هـ)، ١: ٦٢، الطبعة الأولى، ١٣٩٥ هـ، دار إحياء التراث العربي.

(٢) سنن الترمذي (ت ٢٧٩ هـ)، ٥: ٣٨٩، دار الفكر للطباعة والنشر، ١٤٠٠ هـ.

(٣) عُمدة القاري شرح صحيح البخاري، محمود بن أحمد العيني (ت ٨٥٥ هـ)، ٧: ٥٨ حديث (٦)، الطبعة الأولى، دار الفكر - بيروت.

وانظر قوله: ليضعفوا عن الشر الذي هو موضوع في جهتهم، لاستيلاء الشيطان عليهم، فتأمّل.

٨٤

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تزداد، فاجتمعوا في (دار الندوة) للتشاور في أمر النبي، إذ اعترضهم إبليس في هيئة شيخ من أهل نَجْد، فوقف على باب الدار، فلمّا رأوه واقفاً على بابها قالوا: مَن الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتّعدتم له، فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا، قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش. وبعد التشاور، تعدّدت آراؤهم في طريقة التخلّص من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هذا والشيخ النجدي يردّها، حتّى أدلى أبو جهل برأيه وهو: أن يحمل شابّ منكلّ قبيلة سيفا فيضربوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضربة واحدة، فيضيع دمه بين القبائل، فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، واتّفقوا على ذلك...(١)

قال السهيلي: وإنّما قال لهم إنّي من أهل نجد لأنّهم قالوا: لا يدخلنّ معكم أحد من أهل تهامة لأنّ هواهم مع محمّد؛ فلذلك تمثّل لهم في صورة شيخ نجديّ. وقد ذكر في خبر بنيان الكعبة أنّه تمثّل في صورة شيخ نجدي أيضا، حين حكموا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في أمر الركن من يرفعه، فصاح الشيخ النجدي: يا معشر قريش! أقد رضيتم أن يليه هذا الغلام دون أشرافكم وذوي أسنانكم؟ فلمعنى آخر تمثّل نجديّاً، وذلك أنّ نجداً منها يطلع قرن الشيطان، كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حين قيل له: وفي نجدنا يا رسول الله؟ قال: «هناك الزلازل والفتن ومنها

____________________

(١) السيرة النبويّة، لابن هشام، ٢: ١٢٤.

٨٥

يطلع قرن الشيطان». فلم يبارك عليها كما بارك على اليمن والشّام وغيرها(١) .

تأخّر إسلام نَجْد:

لم تدخل قبائل نجد الإسلام إلاّ متأخّراً؛ ففي السنة الثامنة تمّ تحرير البيت الحرام، ودخل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكّة، وأذعنت قريش فأظهرت الإسلام، وحينها ضربت القبائل من كلّ صوب نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بوفودها معلنةً الإسلام، ومن أجله سُمّي ذلك العام بعام «الوفود».

وأمّا نجد، فإنّ البعض من قبائلها تأخّر إسلامها إلى العام التاسع، فيما لم يدخل بعضها الإسلام إلاّ في السنة العاشرة. وهم خلال السنوات السابقة لم يكونوا موادين للمسلمين، فغزاهم رسول الله غير مرّة.

نزول سورة الحجرات:

ولم تكن قبائل نجد من الأدب وهي تظهر إسلامها؛ فأنزل الله تعالى بذلك بياناً. ففي سنة تسع قدم وفد بني أسد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، متدرّعاً خيلاء الجاهليّة وقد ضمذ الوفد طلحة بن خويلد؛ الذي تنبّأ بعد ذلك وشكل خطرا على الإسلام، إذ تبعته قبائل نجد. وكان في الوفد حضرميّ بن عامر الذي قال لرسول الله: أتيناك نتدرّع الليل البهيم، في سنة شهباء، ولم تبعث إلينا! فنزلت فيهم:

____________________

(١) نفسه.

٨٦

( يَمُنّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَ تَمُنّوا عَلَيّ إِسْلاَمَكُم بَلِ اللّهُ يَمُنّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (١) .

عن مجاهد «أسلمنا»، قال: استسلمنا مخافة القتل والسبي(٢) .

وفي قوله تعالى:( الْأَعْرَابُ أَشَدّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَاأَنْزَلَ اللّهُ عَلَى‏ رَسُولِهِ ) (٣) .

قال: أخرج أبو الشيخ عن الكلبي: إنّها نزلت في أسد، وغطفان(٤) . وهذه من قبائل نجد.

وفد تميم

وقدم وفد تميم؛ وتميم أوسع قبائل نجد. قال ابن إسحاق: «فلمّا دخل الوفد المسجد، نادوا رسول الله من وراء حجراته: أن أخرج إلينا يا محمّد، فآذى ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من صياحهم، فخرج إليهم فقالوا: يا محمّد! جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا؛ قال: قد أذنت لخطيبكم فليقل، فقام عطارد بن حاجب فقال: الحمد لله الذي له علينا الفضل والمنّ، وجعلنا أعزّ أهل المشرق وأكثره عدداً، وأيسره عُدّة، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وأولي فضلهم؟ فمن

____________________

(١) الحجرات: ١٧.

(٢) الدرّ المنثور، جلال الدين السيوطي، ٧: ٥٨٢، الطبعة الأولى، ١٤٠٣ هـ، دار الفكر بيروت.

(٣) التوبة: ٩٧.

(٤) الدر المنثور، ٤: ٢٦٦.

٨٧

فاخرنا فليعدّد مثل ما عدّدنا...»(١) . فإنّ القوم لم يأتوا مسلمين، وإنّما أتوا مفاخرين بآثار الجاهليّة؛ فقام خطيب رسول الله «ثابت بن قيس بن الشمّاس» فأجابه. ثمّ قام شاعرهم الزِّبرقان بن بدر فافتخر بقومه أيّما فخر؛ فقام حسّان بن ثابت شاعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجابه، فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله، قال الأقرع بن حابس التميميّ: وأبي، إنّ هذا الرجل! لمؤتّى له(٢) ، لخطيبه أخطبُ من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتُهم أحلى من أصواتنا. فلمّا فرغ القوم أسلموا)(٣) . قال ابن إسحاق: وفيهم نزل من القرآن:( يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) (٤) .(٥)

عامر بن الطّفيل يأتمر بقتل رسول الله:

قال ابن اسحاق: «وقدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفد بني عامر، فيهم عامر ابن الطّفيل، وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، وجبّار بن سلمى بن مالك بن جعفر، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم. فقدم عامر بن الطفيل عدوّ الله، على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو يريد الغدر به، وقد قال له قومه: يا عامر، إنّ الناس

____________________

(١) السيرة النبويّة، لابن هشام، ٤: ٢٠٧.

(٢) لمؤتى له: لموفّق له.

(٣) السيرة النبويّة، ٤: ٢١٢.

(٤) الحجرات: ٤.

(٥) السيرة النبويّة، ٤: ٢١٣.

٨٨

قد أسلموا فأسلم. قال: والله لقد آليتُ أن لا أنتهي حتّى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش! ثمّ قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل، فإنّي سأشغل عنك الرجل وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف، فلمّا قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عامر بن الطفيل: يا محمّد، خالني(١) . قال: لا والله حتّى تؤمن بالله وحده. قال: يا محمّد خالني. وجعل يكلّمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يحير شيئاً. قال عامر: يا محمّد خالني، قال: لا، حتّى تؤمن بالله وحده لا شريك له. فلمّا أبى عليه رسول الله قال: والله لأملأنّها عليك خيلا ورجالا، فلما ولّى قال رسول الله: اللّهمّ اكفني عامر بن الطّفيل. فلمّا خرجوا من عند رسول الله، قال عامر لأربد: ويلك يا أربد! أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك. وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبداً. قال: لا أبا لك! لا تعجل عليّ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلاّ دخلت بيني وبين الرجل، حتّى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟ وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتّى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول.

قال: ثمّ خرج أصحابه حين واروه، فلمّا قدموا أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ قال: لا شيء والله، لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنّه عندي الآن فأرميه بالنَّبل حتّى أقتله، فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل يتبعه،

____________________

(١) خالني: أي تفرّد لي خاليا حتّى أتحدّث معك.

٨٩

فأرسل الله تعالى عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما»(١) .

قال ابن هشام: (وذكر زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، قال:...، ثمّ ذكر أربد وما قتله الله به فقال:( وَيُرْسِلُ الصّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ) (٢) ،(٣) .

نسب بني عامر

وبنو عامر مثل بني تميم، فهم من أهل نجد وإلى تميم ينتسبون؛ فهم عامر ابن صعصعة بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن تميم(٤) .

نجد أرض النبوّات الكاذبة

وكما تأخّر إسلام قبائل نجد، وكان منها الذي كان وهي تظهر إسلامها، من سوء أدب تمثّل بمناداتهم لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من وراء حجراته، ولم ينادوه بما يليق بمقام النبوّة وإنّما باسمه الصريح ثمّ الذي كان منهم في الائتمار في قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وما ذكرناه في تمثّل إبليس في هيئة شيخ نجديّ...

____________________

(١) السيرة النبويّة، لابن هشام، ٤: ٢١٣ - ٢١٤.

(٢) الرّعد: ١٣.

(٣) السيرة النبويّة، لابن هشام، ٤: ٢١٥.

(٤) كتاب النّسب، لأبي عُبيد (ت ٢٢٤ هـ)، ٢٥٩.

٩٠

ينضاف إلى ما ذكرناه: فإنّ «نجد» هي أرض النبوّة الكاذبة؛ فمنها كان مسيلمة الكذّاب الحنفيّ التميميّ النجديّ الذي ادّعى النبوّة فاتبعته تميم، وسجاح التميميّة وقد اتّبعتها قبائل نجديّة وشكّلت خطرا على مسيلمة فدعاها للتفاوض وضرب لها قبّة...، فأقامت عنده ثلاثا ثمّ انصرفت إلى قومها تعلمهم أنّها تزوّجته(١) ...

رجال الخوارج

لقد وجدنا جلّ رجال الخوارج وقادتهم من أرض نجد، وأغلبهم من تميم، ونذكر بعضا منهم موجزاً:

ذو الخويصرة التميميّ النجدي، وهو الخارجيّ الأوّل، خرج على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ ذكرنا خبره.

وقطام بنت شجنة التميميّة، التي شرطت على عبد الرحمان بن ملجم حين خطبها؛ فيما شرطت: قتل أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام . وكان أبوها «شجنة» وأخوها «الأخضر» قد قتلا يوم النهروان.

وعبد الرحمان بن ملجم المرادي - لعنه الله - المباشر لتنفيذ المؤامرة الدنيئة في قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ووردان بن مجالد بن علّفة بن الفريش بن نشبة التميميّ؛ ابن عمّ قطام. كان

____________________

(١) تاريخ الطبري، ٢: ٤٩٩.

٩١

وردان فيمن جلس مع ابن ملجم لقتل عليّعليه‌السلام وشبيب بن بجرة الأشجعي ثمّ التميميّ. أحد الثلاثة المشتركين بمباشرة تنفيذ جريمة اغتيال أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وعمرو بن بكر التميميّ؛ أحد العصابة الذين تعاهدوا على قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ ومعاوية وعمرو بن العاص. فتكفّل عمر بن بكر بعمرو بن العاص.

والحجّاج بن عبد الله؛ ويعرف بالبرك التميميّ. وهو الذي ضرب معاوية ففلق ليته، ليلة قتل ابن ملجم عليّاًعليه‌السلام . وشجنة بن عديّ بن عامر بن عوف التميميّ، وابنه الأخضر. قتلا يوم النهروان مع من قتل من الخوارج.

وعبد الله بن الكوّاء التميميّ. كان فيمن اعترض على أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم اختيار الحكمين بصفّين، حينما اختار أمير المؤمنين عبد الله بن عبّاس حكماً، فأصرّ ابن الكوّاء وجماعته على أن يكون الحكم هو أبو موسى الأشعري. وقد بايع الخوارج ابن الكوّاء ثم بايعوا عبد الله بن وهب الراسبي.

وعبد الله بن وهب الراسبيّ التميميّ؛ بايعه الخوارج بعد خروجهم واجتماعهم بحروراء. وقد قتله أمير المؤمنينعليه‌السلام يومَ النهروان.

والعيزار بن الأخنس التميميّ؛ من بني سدوس، ثمّ من بني تميم. قتله أمير المؤمنينعليه‌السلام يومَ النهروان.

وعروة بن حدير بن عمرو بن عبد كعب بن ربيعة بن حنظلة التميميّ، من بني حنظلة بن زيد مناة بن تميم.

ومسيلمة الكذّاب الحنفيّ التميميّ الذي تنبّأ فاتّبعته تميم وقبائل نَجْديّة

٩٢

أخرى؛ مضى خبره.

وسجاح التميميّة النجديّة؛ مضى خبرها.

ومسعر بن فدكيّ التميميّ؛ من قادة الخوارج، وهو الذي تقدّم إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في جماعة من القرّاء الذين صاروا من بعد خوارج، فقال له مسعر: يا عليّ! أجب القوم إلى كتاب الله، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفّان.

وأبو بلال، مرداس بن حدير التميميّ. من زعماء الخوارج وشعرائهم. شهد النهروان ونجا فيمن نجا، وقتل زمن عبيد الله بن زياد. وسعيد بن قفل التميميّ. خرج في رجب سنة ثمان وثلاثين، وكان معه مائتا رجل...، فكتب أمير المؤمنين إلى عامله على المدائن، فخرج إلى ابن قفل وأصحابه فواقعهم فقتلهم.

وهلال بن علقمة، وأخوه مجالد بن علقمة، من تيم الرّباب ثم من تميم.

خرجا على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقتلا وذلك سنة ثمان وثلاثين.

وأبو مريم السعدي، ثمّ التميميّ، من سعد مناة بن تميم.

خرج هذا بعد وقعة النهروان في مائتين جلّهم من الموالي فأقام بشهر زور أشهراً يحضّ على قتال أمير المؤمنين، فصار في أربعمائة، ثم أتى الكوفة...، فخرج إليهم أمير المؤمنين فقتلهم إلاّ خمسين استأمنوا فآمنهم. وكان مقتل أبي مريم في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين. قال أبو الحسن المدائني: كان أبو مريم في أربعمائة من الموالي والعجم، ليس فيهم إلاّ خمسة من بني سعد، وأبو مريم سادسهم.

٩٣

والمستورد بن سعد التميميّ. كان فيمن شهد يوم النّخيلة ونجا من سيف أمير المؤمنينعليه‌السلام . ثمّ خرج على المغيرة بن شعبة، وهو والي الكوفة لمعاوية، فخرج إليه معقل بن قيس الرياحي، فقتل كلّ واحد منهما صاحبه.

وسهم بن غالب التميميّ. وهو أوّل خارجيّ بعد النّهر، خرج في ولاية عبد الله بن عامر ثمّ هرب إلى الأهواز حين قدم زياد البصرة.

وشبث بن ربعي، أبو عبد القدّوس اليربوعيّ التميميّ.

شخصيّة متقلّبة الأهواء، جاهليّ ثمّ أسلم، وارتدّ فكان مؤذّنَ سجاح التميميّة، ثمّ تاب وكان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ثمّ صار مع الخوارج، وأعلن التوبة، ثمّ كان فيمن قاتل الحسينعليه‌السلام !

والبلجاء التميميّة. من مجتهدي الخوارج. أخذها عبيد الله بن زياد فقتلها شرّ قتلة: قطع يديها ورجليها ورمى بها بالسوق...

وأبو الوازع الراسبيّ التميميّ. كان من مجتهدي الخوارج...

ونافع بن الأزرق الحنفيّ. وإليه تُنسب فرقة الخوارج الأزارقة. وآراء نافع هي آراء المحكّمة الأولى التي خرجت على أمير المؤمنين، مع توغّل في التطرّف. وقد مهّد خروج نافع لأن يُفصح كلّ طرف من الخوارج عن مكنونه. ومن هنا تبلورت ظاهرة التعدّد في فرق الخوارج.

وعبيد الله بن بشير بن الماحوز التميميّ. قام بأمر الخوارج يوم دُولاب، بعد مقتل نافع بن الأزرق فيها...

٩٤

والزّبير بن علي السليطي التميميّ، من رهط ابن الماحوز التميميّ. كان على مقدّمة ابن الماحوز، وكان ابن الماحوز يُخاطب بالخلافة، ويخاطب الزبير بالإمارة...؛ قُتل الزبير بن علي، وعبيد الله بن بشير في حرب المهلّب لهم.

وأبو نعامة، قطريّ بن الفجاءة المازنيّ التميميّ. خرج زمن مصعب بن الزبير وذلك سنة ستّ وستّين، فبقي قطريّ عشرين سنة يقاتل ويسلّم عليه بالخلافة، وكان الحجّاج بن يوسف الثقفيّ يسيّر إليه جيشاً بعد جيش، وكان آخرهم: سفيان ابن الأبرد الكلبيّ، فظهر عليه وقتله.

صالح بن المُسرّح التميميّ، رأس الخوارج الصّفريّة. مات بالموصل وقبره هناك لا يخرج أحد من الصّفرية إلاّ حضر قبره وحلق رأسه عنده.

إنّ ما كان يفعله الخوارج هو مصداق لما حذّر منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من خروج قوم يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرميّة، وإنّ سمتهم «التحليق».

ونجدة بن عويمر الحنفيّ التميميّ. من رؤساء الخوارج؛ له مقالة مفردة من مقالتهم، استولى على اليمامة(١) وعظم أمره حتّى ملك اليمن والطّائف وعمان والبحرين و وادي تميم وعامر...

ومن مذهبه: إنّ الدين أمران: معرفة الله، ومعرفة رسوله، وما سوى ذلك فالنّاس معذورون بجهله...، فمن استحلّ محرّما من طريق الاجتهاد فهو معذور، حتّى من تزوّج اُمّه أو اُخته مستحلاًّ لذلك بجهالة فهو معذور مؤمن...

____________________

(١) اليمامة معدودة من نجد، وقاعدتها حجر. (معجم البلدان، لياقوت الحموي، ٥: ٤٢٤).

٩٥

وأبو طالوت مطر بن عقبة بن زيد بن الفند، من بني مالك بن صعب، من بني حنيفة ثمّ من تميم.

بويع له بالحضارم، والحضارم واد باليمامة «نجد».

وعمران بن الحارث الراسبيّ التميميّ، من نسّاك الخوارج الذين قتلوا في الحرب، قتل يوم دولاب، اختلف هو والحجّاج بن باب الحميريّ ضربتين فخرّا ميّتين.

وعثمان بن بشير بن الماحوز التميميّ، وأخوه الزبير بن بشير؛ إخوة الزبير ابن بشير بن الماحوز التميميّ - مرّ ذكره - كانا من اُمراء نافع بن الأزرق.

وعمر بن عمير العنبريّ التميميّ، من اُمراء الخوارج الأزارقة.

وصخر بن حبنا التميميّ، من اُمراء الخوارج الأزارقة.

وعمرو القنا التميميّ، من فرسان الخوارج، قتل في حرب المهلّب للخوارج.

وعطيّة بن الأسود الحنفيّ التميميّ، أحد الخوارج الذين نقموا على نجدة بن عويمر الحنفيّ، في اُمور اختلفوا بها معه، فسار عطيّة بأصحابه إلى سجستان.

وأبو بيهس، هيصم بن جابر الضبعيّ، من بني حنيفة ثم من تميم. كان من أصحاب نافع بن الأزرق، ثمّ انشقّ عنه لاختلافٍ في الآراء. وإليه تنسب فرقة الخوارج البيهسيّة.

وعبد الله بن إباض التميميّ. خرج أيّام مروان بن محمّد، وإليه تنسب الخوارج الإباضيّة.

٩٦

وسوار بن المضرب التميميّ، من بني سعد ثمّ من بني تميم. وياسين بن بشر التميميّ(١) .

نكتفي بما ذكرنا من رجال الخوارج وزعمائهم وكلّهم ينتمون إلى تميم قبيلةً وإلى نجد أرضاً. وإنّ من رجال الخوارج من ينتمي إلى غطفان، وأسد؛ وهي من قبائل نجد وقد تأخّر إسلامها وكانت خطراً على الإسلام.

وكان خاتمة هذا العقد البغيض: محمّد بن عبد الوهّاب التميميّ النجديّ، وأتباعه من أعراب نجد «الوهّابيون».

المريسي

تكلّمنا بما يقتضيه المقام عن سلف ابن تيميه، وابن القيّم «الخوارج». بقي أن نتعرّف على سلفهم الآخر «المريسي» المجسّم الذي كان الابنان يوصيان بكتابه أشدّ الوصيّة ويتابعان كلّ ما في كتابه، فمن هو المريسي هذا؟

____________________

(١) انظر رجال الخوارج في: جمهرة النسب، للكلبي (ت ٢٠٤ هـ)، وكتاب النسب لابن سلام (ت ٢٢٤ هـ)، وأنساب الأشراف للبلاذري (ت ٢٧٩ هـ)، ومسند أحمد بن حنبل، والفتوح لابن أعثم (ت ٣١٤ هـ)، وتاريخ الطبري، وتاريخ اليعقوبي، ومروج الذهب للمسعودي، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم، وسنن ابن ماجة (ت ٢٧٥ هـ)، والسيرة النبويّة، لابن هشام، والغارات للثقفي (ت ٢٨٣ هـ)، وعمدة القاري للعيني، والكامل في الأدب للمبرّد، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، والمعارف لابن قتيبة، والإمامة والسياسة له، والملل والنحل للشهرستاني، وطبقات ابن سعد، والفهرست للنديم...

٩٧

هو: بشر بن غياث بن أبي كريمة أبو عبد الرحمان المريسي العدويّ، مولى زيد بن الخطّاب(١) .

كان أبوه يهوديّاً قصّاراً(٢) . وكان بشر من أعيان أصحاب الرأي، أخذ الفقه عن أبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة، إلاّ أنّه اشتغل بالكلام وجرد القول بخلق القرآن، وحكى عنه أقوال شنيعة، ومذاهب مستنكرة، أساء أهل العلم القول فيه بسببها، وكفّره أكثرهم لأجلها.

قال العجلي: رأيت بشرا المريسي عليه لعنة الله، مرّةً واحدة؛ شيخ قصير ذميم المنظر، وسخ الثياب وافر الشعر؛ أشبه شيء باليهود، وكان أبوه يهوديّاً صبّاغا بالكوفة في سوق المراضع؛ لا يرحمه الله فلقد كان فاسقاً(٣) . إنّ والد المريسي يهوديّ، وهو «بشر» يهوديّ في مظهره، على ما وصفه العجلي، بل وكان فاسقاً في مخبره كما صرّح، ولذا لعنه أوّلاً وختم بالدعاء في أن لا يرحمه الله تعالى.

____________________

(١) العقد الفريد، لابن عبد ربّه، ٢: ٣٧٥، وتاريخ بغداد ٧: ٦١، رقم ٣٥١٦، ومعرفة الرجال، لابن معين ١: ١٥٤ رقم ٨٥٠، وتاريخ الثقات للعجلي ٨١ رقم ١٥٣، وعيون الأخبار، لابن قتيبة ٢: ١٤٠ و ١٥٧، والبيان والتبيين للجاحظ ٢: ١١٠، والمحاسن والأضداد ٩، والفرق بين الفرق للبغدادي ٢٠٤ و ٣٦٣، ووفيات الأعيان ١: ٢٧٧، والعبر ١: ٣٧٣، وميزان الاعتدال ١: ٣٢٢ رقم ١٢١٤، والوافي بالوفيات ١٠: ١٥١ رقم ٢٦١٤، وشذرات الذّهب ٢: ٤٤.

(٢) قصّارا: أي صبّاغاً.

(٣) تاريخ الثقات، للعجلي ٨١، رقم ١٥٣. ولم يذكره ابن شاهين في ثقاته، ولا النسائي في كتابه الضعفاء والمتروكين ممّا يعني سوء حاله لديهم.

٩٨

ولم ينفرد العجلي في التصريح بسوء حال المريسي، فقد أطبقت كلمة العلماء على تفسيقه وزندقته وكفره ويهوديّته وإن أظهر الإسلام!

بسند عن إسحاق بن إبراهيم لؤلؤ، قال: مررتُ في الطريق فإذا بشر المريسي والناس عليه مجتمعون، فمرّ يهوديّ فأنا سمعته يقول: لا يفسد عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة!(١) .

وعن عبّاد بن العوّام، قال: كلّمتُ بشراً المريسي وأصحاب بشر، فرأيت آخر كلامهم أنّه ينتهي إلى أن يقولوا ليس في السماء شيء(٢) .

وهذا من عقيدتهم في التجسيم المفضي إلى الكفر والزندقة، وقصدهم منه خلوّ السماء من الربّ وأنّه في الأرض؛ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

عن عمر بن عثمان، قال: كنت عند أبي فاستأذن عليه بشر المريسي. فقلت: يا أبت يدخل عليك مثل هذا؟ فقال: يا بني وما له؟ قال قلتُ: إنّه يقول القرآن مخلوق، وإنّ الله معه في الأرض، وإنّ الجنّة والنار لم يخلقا، وإنّ منكراً ونكيراً باطل، وإنّ الصراط باطل، وإنّ الساعة باطل، وإنّ الميزان باطل، مع كلام كثير. قال فقال: أدخله عليّ، فأدخلته عليه، فقال: يا بشر أدنه، ويلك يا بشر أدنه... فلم يزل يدنيه حتّى قرب منه، فقال: ويلك يا بشر من تعبد، وأين ربّك؟ فقال: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: أخبرتُ عنك أنّك تقول: القرآن مخلوق وأنّ الله معك في

____________________

(١) تاريخ بغداد ٧: ٦٥.

(٢) تاريخ بغداد ٦٣: ٧.

٩٩

الأرض، مع كلام كثير. فقال له: يا أبا الحسن لم أجئ لهذا، إنما جئت في كتاب خالد تقرؤه عليّ. فقال: لا ولا كرامة، حتّى أعلم ما أنت عليه أين ربُّك، ويلك؟ فقال له: أو تعفيني؟ قال: ما كنت لأعفيك. قال: أما إذا أبيت فإنّ ربّي نور في نور. قال: فجعل يزحف إليه ويقول: ويحكم اقتلوه! فإنّه والله زنديق(١) .

إنّ سلف ابن تيميه: المريسي وأتباعه كفّار زنادقة مجسّمة؛ ولأجله دعا ابن تيميه وأتباعه إلى مطالعة كتاب هذا الزائغ.

وعن الرَّبيع بن سليمان، قال: سمعتُ الشّافعي يقول: دخلتُ بغداد فنزلتُ على بشر المريسي، فأنزلني في غرفة له، فقالت لي أمّه: لم جئت إلى هذا. قلت: أسمع منه العلم. فقالت: هذا زنديق(٢) .

وعن قتيبة بن سعيد، قال: دخل الشافعيّ على أمير المؤمنين وعنده بِشر المريسي، فقال أمير المؤمنين للشافعي: أتدري من هذا؟ هذا بشر المريسي، فقال له الشافعي: أدخلك الله في أسفل سافلين مع فرعون وهامان وقارون. فقال المريسي: أدخلك الله أعلى عِلّيين مع محمّد وإبراهيم وموسى.

قال محمّد بن إسحاق الثقفيّ: فذكرت هذه الحكاية لبعض أصحابنا فقال لي: ألا تدري أيّ شيء أراد المريسي بقوله؟ كان منه طنزا(٣) لأنّه يقول ليس ثمّ

____________________

(١) نفسه.

(٢) تاريخ بغداد، ٧: ٦٣.

(٣) طنزا: سخريّة.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238