منهاج السالكين

منهاج السالكين0%

منهاج السالكين مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 413

منهاج السالكين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: حبيب طاهر الشمري
تصنيف: الصفحات: 413
المشاهدات: 131108
تحميل: 5716

توضيحات:

منهاج السالكين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 413 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131108 / تحميل: 5716
الحجم الحجم الحجم
منهاج السالكين

منهاج السالكين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الصّادِقِينَ ) (1) ؛ إذا روي أنّها نزلت في عليّ خاصّة، أي كونوا مع عليّ بن أبي طالب، وقيل: كونوا مع عليّ وأهل بيته. وقال ابن عبّاس: عليّ سيد الصّادقين. وقوله: «السّابقون» إشارة إلى قوله تعالى: ( وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرّبُونَ ) (2) ؛ قيل: إنّها في علي بن أبي طالب، فهو أفضل الصّدّيقين السّابقين، وهم: مؤمن آل فرعون، وصاحب ياسين، وعليّ بن أبي طالب. وقوله: «ولاؤهم فرض...» إشارة إلى آية المودّة. وقوله: «وهم الصّراط فمستقيم...» إشارة إلى ما ورد أنّ الصّراط المستقيم في قوله تعالى: ( اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) في سورة الفاتحة، هو صراط عليٍّ وأهل بيته.

____________________

(1) التوبة / 119.

(2) الواقعة / 10 - 11.

٢٦١

٢٦٢

الفصل الخامس:

ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام

من قديم وتراجم الأشخاص تعتمد إظهار المنزلة الاجتماعيّة وإبراز معالم الشخصيّة، فتدوّن سيرة حياة المترجم له من غير إهمال لصغيرة ولا كبيرة، وتتبّع الشاردة والواردة ممّا يظنّ أنّها ترفع من مقام صاحبها، وتعطى أهميّة خاصّة لحظوته عند سلطان عصره واحتفاء علماء زمانه به، مع إضفاء هالة من التمجيد والتبجيل.

فكيف بمن حظوتهم بأعلى منازل الزلفى عند الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأفئدة خيار المؤمنين؟! وقد نطق الوحي بفضائلهم، فهي تتلى آناء اللّيل وأطراف النّهار، ويصلّى عليهم في كلّ صلاة، فقرنهم الله تعالى، بذكره جلّ وعلا؟! ومن هذا شأنهم، فإنّهم باب الله الّذي منه يؤتى، وصراطه المستقيم إلى جنّة المأوى.

وليس شأن البحث هذا هو تتبّع كلّ ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام لا تفصيلاً ولا إجمالاً، إذ لم يكن هذا هدفنا أوّلاً، وثانياً: أنّ رجالاً من القرون الأولى لنشأة المجتمع الإسلاميّ وإلى يومنا قد تكفّلوا به فكتبوا فيه بحوثاً مستقلّة وافية. وإنّما لنا وقفة مع بعض ما نزل. بحقّهم عليهم‌السلام ممّا يلتقي مع عنوان: «أهل البيت صراط المستقيم». وقد ذكرنا قبل هذا الموقع شيئاً من ذلك على نحو الاستطراد ن فيما اقتضاه الكلام مع المخالفين المعاندين.

ولا بأس بإلماحة مقتضبة لبعض تلك المؤلّفات التي كتبت في هذا السياق:

* ما نزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام ، للحسين بن الحكم بن مسلم الحبريّ، أبي عبد الله

٢٦٣

الكوفيّ، المتوفّى سنة 286 هـ، مطبوع.

* المصابيح في ذكر ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام ، لأحمد بن الحسن، أبي العبّاس الإسفرايينيّ الضرير، المتوفّى سنة 301 هـ في رجال النجاشيّ، 68، قال: كتاب حسن كثير الفوائد. ونقل السيّد حسن الصّدر في كتابه تأسيس الشّيعة لعلوم الإسلام 332 عبارة النجاشيّ المتقدّمة وزيادة.

* ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام ، لابن الجحّام محمّد بن العبّاس، أبي عبد الله البزّاز. وله أيضاً: ما نزل من القرآن في أعداء أهل البيت؛ و: ما نزل من القرآن في شيعة أهل البيت عليهم‌السلام . ذكرها صاحب الذّريعة 3: 306 و 19: 29. وقد اقتبس منه ابن طاووس في كتابه سعد السعود، وترجم له السيّد حسن الصّدر في كتابه تأسيس الشّيعة لعلوم الإسلام 335، وذكر مؤلّفاته ومنها: ما نزل في أهل البيت من القرآن، وقال: وهو ألف ورقة، وهو من أهل القرن الثالث رضى الله عنه، كان من المعاصرين للكلينيّ صاحب الكافي.

* ما نزل من القرآن في امير المؤمنين عليه‌السلام ، لمحمّد بن أورمة، أبي جعفر القمّيّ. رجال النجاشيّ 253، والذريعة 19: 29. والظاهر أنّه عاش ومات في القرن الثالث الهجريّ؛ ففي تأسيس الشّيعة لعلوم الإسلام 331، سمّاه محمّد بن أرومة، وقال: من أجلاّء أصحابنا أيّام أبي الحسن الهادي، وكان من أصحابه عليه‌السلام . ومعلوم أنّ الهادي عليه‌السلام قد استشهد عام 254 هـ.

* ما نزل من القرآن في امير المؤمنين عليه‌السلام ، لإبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال، أبي إسحاق الثّقفيّ الكوفيّ، المتوفّى سنة 283 هـ رجال النجاشيّ 12، والذّريعة 19: 28، والتأسيس 330.

* كتاب تفسير القرآن، لعليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ. قال في التأسيس ص 330: عليه المعوّل للشّيعة إلى اليوم، وإليه المرجع، لأنّه تفسير بالمأثور عن أهل البيت. كان عليّ بن إبراهيم في أيّام الإمام أبي محمّد الحسن العسكريّ عليه‌السلام وبعده بقليل، فهو من أعيان القرن الثالث. وهو عمدة مشايخ ثقة الإسلام الكلينيّ، وعليه تخرّج وملأ الكافي منه.

* ما نزل من القرآن في امير المؤمنين عليه‌السلام ، لمحمّد بن أحمد بن عبد الله بن إسماعيل، أبي بكر الكاتب البغداديّ، المعروف بـ (أبي الثّلج) المتوفّى سنة 325 هـ، ويسمّى بـ

٢٦٤

«التنزيل». وله: أسماء امير المؤمنين عليه‌السلام في كتاب الله عزّ وجلّ. الذّريعة 19: 28، 11: 75. وفي التأسيس 261: توفّي سنة 301، وقيل: توفّي سنه 299.

* ما نزل في عليٍّ من القرآن.

* ما نزل في الخمسة [ أصحاب الكساء ].

كلاهما من تأليف عبد العزيز بن يحيى، أبي أحمد الجلوديّ البصريّ، المتوفّى 332 هـ من أكابر علماء الإماميّة، صنّف في علوم الفقه والحديث والكلام والتفسير والتاريخ... رجال النجاشيّ 180، والذريعة 19: 28، 30، والتأسيس 329 وتوسّع في الحديث عن مؤلّفاته في ص 233.

* ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لعليّ بن الحسين أبي الفرج الأصفهانيّ، صاحب كتاب الأغاني، المتوفّى 356 هـ، معالم العلماء لابن شهر آشوب 141، والذريعة 19: 28، وله ترجمة في وفيات الأعيان 2: 468.

* ما نزل من القرآن في امير المؤمنين عليه‌السلام ، لمحمّد بن عمران، أبي عبد الله المرزبانيّ الخراسانيّ البغداديّ، المتوفّى 378 هـ معالم العلماء: 118، الذريعة 19: 29. وتوسعّ في الحديث عنه في التأسيس: 168، 249.

* نزول القرآن في شأن امير المؤمنين عليه‌السلام ، لمحمّد بن مؤمن أبي بكر الشيرازيّ. معالم العلماء: 118، وفهرست منتجب الدّين: 165.

* مناقب الإمام عليّ وما نزل من القرآن في عليّ: أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهانيّ، المتوفّى 410 هـ.

* ما نزل من القرآن في امير المؤمنين عليه‌السلام ، لأحمد بن عبد الله، أبي نعيم الأصفهانيّ، المتوفّى 430 هـ معالم العلماء: 25، والذّريعة 19: 28.

* تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ، من أعلام القرن الرّابع، مطبوع.

* خصائص امير المؤمنين في القرآن، للحاكم الحسكانيّ الحنفيّ النيسابوريّ، عبيد الله بن عبد الله الحذّاء، من أعلام القرن الخامس.

* شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، له أيضاً.

٢٦٥

* خصائص امير المؤمنين عليه‌السلام من القرآن، للحسن بن أحمد شيخ النجاشيّ. رجال النجاشيّ: 51، والذريعة 7: 165.

* تفسير الآيات المنزلة في امير المؤمنين عليه‌السلام ، للمفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان، المتوفّى 413 هـ وهو من مصادر ابن طاووس في كتابه سعد السّعود، الذريعة 12: 183.

* أسماء امير المؤمنين عليه‌السلام من القرآن، للحسن بن القاسم بن محمّد بن شمّون، أبي عبد الله الكاتب، القرن الرّابع. رجال النجاشيّ 52، والذريعة 2: 65.

* تنبيه الغافلين عن فضائل الطّالبيّين، لمحسن بن محمّد بن كرامة الجشميّ الحاكم البيهقيّ، المتوفّى 494 هـ.

* الآيات النّازلة في فضائل العترة الطّاهرة، لعبد الله تقيّ الدين الحلبيّ. الذّريعة 1: 49.

* الآيات النّازلة في أهل البيت عليهم‌السلام ، لابن الفحّام الحسن بن محمّد، المتوفّى 458 هـ لسان الميزان لابن حجر 2: 251.

* خصائص الوحي المبين في مناقب امير المؤمنين عليه‌السلام ، ليحيى بن عليّ بن الحسن بن البطريق الحلّيّ، المتوفّى 600 هـ.

* الدّرّ الثّمين في ذكر خمسمائة من كلام ربّ العالمين في فضائل امير المؤمنين. الحافظ رجب بن محمّد البرسيّ الحلّيّ، من أعلام القرن التاسع. الذريعة 8: 64.

* عين العبرة في غبن العترة، للسيّد ابن طاووس، أحمد بن موسى الحلّيّ، المتوفّى 673 هـ.

* اللّوام النّورانيّة في أسماء عليّ القرآنيّة، لهاشم بن سليمان التوبليّ البحرانيّ، المتوفّى 1107 هـ.

* ما نزل من القرآن في الحسين بن عليّ عليهما‌السلام ، لمحمّد بن أحمد بن يحيى الأشعريّ، صاحب «النّوادر». الفهرست لابن النديم 77، وقال: رواه أبو عليّ بن همام الإسكافيّ.

* ما نزل من القرآن في صاحب الزّمان عليه‌السلام ، لأحمد بن محمّد أبي عبد الله الجوهريّ، المتوفّى 401 هـ رجال النجاشيّ: 67، ومعالم العلماء: 20، وإيضاح المكنون 4: 421،

٢٦٦

والتأسيس: 269.

* النصّ الجليّ في أربعين آية في شأن عليّ عليه‌السلام ، للملاّ حسين البروجرديّ.

* تنزيل الآيات الباهرة في فضل العترة الطّاهرة، لعبد الحسين شرف الدّين العامليّ، المتوفّى 1377 هـ.

هذه إشمامة من أريج حقلهم عليهم‌السلام ، وكلّها تدور في محور أهل البيت في القرآن. ولم نذكر الكثير، فهو قليل في شأنهم، وكفى بهم عزّاً وشرفاً أن يدوّن الوحيُ تاريخهم ويسجّل سلوكهم بين دفّتي كتاب الله تعالى، ليكونوا أسوة وقدوة. وإذا كان هذا النّمط من المؤلّفات قد انصرفت همم أصحابها إلى إبراز معالم الشّخصيّة المثاليّة الّتي ندب الله سبحانه إلى ترسّمها، وتجسّدت في أهل البيت من خلال القرآن الكريم، فإنّ غيرها - ممّن رام أصحابها الإعلان عن فضائلهم تحليلاً ودراسة، فاستعانوا بوقائع التاريخ وأحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بشأنهم عليهم‌السلام - فإنّهم أفادوا من آي الذكر الحكيم في كل واقعة، وأفرد أكثرهم فصولاً خاصّة فيما كتبوا تحت عناوين يحزمها عنوان مشترك: «ما نزل في عليٍّ، أو أهل البيت من الآيات».

وحان أن نذكر بعض ما نزل من كتاب الله تعالى في أهل بيت عليهم‌السلام ، على الشّرط الّذي ذكرناه: بما يلتقي مع عنوان «أهل البيت صراط الله المستقيم»، ونقدّم لذلك بحديث تقسيم القرآن إلى أرباع:

في تفسير الحبريّ 233، قال: حدّثنا حسن بن حسين، عن حسين بن سليمان، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ عليه‌السلام ، قال: «نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، ولنا كرائمُ القرآن» (1) .

____________________

(1) الحديث الثاني من تفسير الحبريّ 233. وأورده الحسكانيّ في شواهد التنزيل، نقلاً عن الحبريّ من طريقين: طريق الجصّاص رقم 60، وطريق المرزبانيّ، رقم 65. وشواهد التنزيل 1 / 43 / 58؛ مناقب الإمام عليّ وما نزل من القرآن في عليّ: ابن مردويه 218 ح 302؛ كشف الغمّة 1: 314؛ ينابيع المودّة 126؛ مفتاح النجا: 6.

وروى الحديث عن الأصبغ بن نُباتة، عن عليّ عليه‌السلام ، غير أبي الجارود، منهم: =

٢٦٧

____________________

=

1 - الحسن بن عبد الرّحمن، عنه؛ في تفسير فرات صفحة 1.

2 - زكريّا بن ميسرة، عنه؛ في تفسير فرات صفحة 2، وفي شواهد التنزيل، رقم 58 و59. وعن عبد الله بن عبّاس، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، في الحديث نفسه مع زيادة طويلة في لفظه تضمّنت فضيلة اُخرى لعليّ عليه‌السلام ، اقتضت وحدة الموضوع ذكرها هنا:

بسند عن شعبة، عن الحكم، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي وأخذ بيد عليّ، فصلّى أربع ركعات، ثمّ رفع يده إلى السّماء، فقال: «اللّهمّ سألك موسى بن عمران، وإنّ محمّداً سألك أن تشرح لي صدري، وتيسّر لي أمري، وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي: عليّاً، أشدد به أزري، وأشركه في أمري».

قال ابن عبّاس: فسمعت منادياً: يا أحمد! قد أوتيت ما سألت. فقال النّبيّ: «يا أبا الحسن ارفع يدك إلى السّماء، وادع ربّك وسله يعطيك». فرفع عليّ يده إلى السّماء، وهو يقول: (اللّهمّ اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي عندك ودّاً)، فأنزل الله على نبيّه: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرّحْمنُ وُدّاً ) [ سورة مريم / 96 ]، فتلاها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على أصحابه، فعجبوا من ذلك عجباً شديداً، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ممّ تعجبون؟! إنّ القرآن أرباع: فربع فينا أهل البيت خاصّة [ وربع في أعدائنا ] وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، والله أنزل في عليّ كرائم القرآن». مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 328 رقم 375؛ غاية المرام: 441؛ بحار الأنوار 35: 359؛ النور المشتعل المقتبس من كتاب ما نزل، تأليف محمّد باقر المحموديّ: 139، رقم 37 - اقتبسه الشّيخ المحموديّ من: ما نزل من القرآن في عليّ، لأبي نعيم.

وللحديث عدّة طرق عن الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام ، وعن الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليه‌السلام .

وفي تفسير العيّاشيّ، لمحمّد بن عيّاش السّلميّ السّمرقنديّ التميميّ المعروف بالعيّاشيّ، من أعلام القرن الثالث، كان على مذهب أهل الجماعة ثمّ تشيّع، يروي عنه الكشّيّ، وهو من تلامذته. انظر مقّدمة تفسيره بقلم العلاّمة الطباطبائي قدس‌سره ، والتأسيس 260 و 332، فقد ذكر حديث تقسيم القرآن أرباعاً وتارةً تثليثاً. قال في كتابه 1: 9 «في ما انزل القرآن»:

1 - عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول: «نزل القرآن على أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع في فرايض وأحكام، وربع سنن وأمثال، ولنا كرائم القرآن».

2 - ونفس المصدر: عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت امير المؤمنين عليه‌السلام يقول: «نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرايض وأحكام».

3 - ونفس المصدر صفحة 10: عن محمّد بن خالد الحجّاج الكرخيّ، عن بعض أصحابه، رفعه إلى خيثمة، =

٢٦٨

قوله تعالى: ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) .

ورد هذا الخطاب في مواضع متفرّقة من سور القرآن الكريم - تبلغ (89) موضعاً، أوّلها الآية 104 من السورة الثانية «سورة البقرة».

ورد من طرق الصّحابة والتّابعين أنّ عليّاً هو أمير كلّ آية فيها هذا الخطاب. وما من خطاب منها فيه عتاب أو مؤاخذة إلاّ وعليّ خارج من ذلك (1) . ومن هذا شأنه، فهو صراط

____________________

= قال: قال أبو جعفر: «يا خيثمة، القرآن نزل أثلاثاً: ثلث فينا وفي أحبّائنا، وثلث في أعدائنا وعدوّ من كان قبلنا، وثلث سنّة ومثل. ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثمّ مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره، ما دامت السّماوات والأرض. ولكلّ قوم آية يتلونها، وهم منها من خير أوشرّ».

1 - وهذا الحديث يعضد حديث تقسيم القرآن السّالف، وقد ورد عن جمع جمّ من صحابة وتابعين، وهذه بعض طرقه:

عن عيسى بن راشد، عن عليّ بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: ما نزل في القرآن ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ وعليّ شريفها وأميرها. تفسير الحبريّ 234 حديث 3.

وممّن رواه عن عيسى بن راشد:

* إسماعيل بن أميّة. شواهد التنزيل 1: 53.

* سفيان الثوريّ. نفس المصدر.

* سهل بن عثمان. نفس المصدر؛ الأمالي الخميسيّة للمرشد بالله 1: 133.

* زكريّا بن يحيى الكسانيّ. المناقب لأحمد بن حنبل 94؛ ذخائر العقبى 89.

* عبّاد بن يعقوب الرّاوجنيّ الأسديّ الكوفيّ، أبو سعيد، المتوفّى 250 هـ، تهذيب التهذيب 5: 109؛ شذرات الذهب 2: 121؛ شواهد التنزيل حديث 71 و 72؛ كفاية الطّالب 140 / الباب 31، وقال: عليّ بن نديمة - نون و دال غير منقوطة -، ولفظه: ما نزلت آية فيها ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ وعليّ رأسها وأميرها وشريفها. ولقد عاتب الله عزّ وجلّ أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله في غير آي من القرآن، وما ذكر عليّاً إلاّ بخير. وبنفس اللفظ في نظم درر السمطين للزرنديّ الحنفيّ: 89.

* عقبة بن مكرم. حلية الأولياء 1: 64؛ شواهد التنزيل 1: 57؛ فضائل الصّحابة 2: 654؛ المناقب للخوارزميّ: 280 حديث 272، وهو عين حديث الحبريّ الّذي ذكرناه، إلاّ أنّ صدره: ما أنزل الله عزّ وجلّ في القرآن آية يقول فيها ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) ...

* عليّ بن عبد الله الذّهليّ. شواهد التنزيل ج 1، حديث 74. =

٢٦٩

____________________

=

* معاوية بن هشام. شواهد التنزيل ج 1 حديث 75.

* محمّد بن عمر. شواهد التنزيل 1: 53.

* قاسم بن الضحّاك. شواهد التنزيل 1: 53؛ النور المشتعل: 28؛ بحار الأنوار 35: 352.

* منجاب بن الحارث. المعجم الكبير للطبرانيّ 3: 133؛ مجمع الزوائد 9: 112.

* يحيى بن الحسن. تفسير فرات: 3.

* يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ، له كتاب المناقب. رجال ابن داود: 375. وهو شيخ الحبريّ، روى الحديث عن عيسى بن راشد، وعنه الحبريّ بإسناد الجوهريّ البغداديّ. شواهد التنزيل 1: 50.

نكتفي بهذه القائمة ممّن ذكر الحديث عن عيسى بن راشد، عن عليّ بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عبّاس؛ تجنّباً للإطالة، كما لم نذكر تراجم الرّواة لنفس الغرض.

ويرد الحديث عن ابن عبّاس برواية مجاهد بن جبر. رواها جمع، منهم:

* الأعمش، أبو محمّد سليمان بن مهران، المتوفّى سنة 147 هـ والحديث: ما أنزل الله تعالى آية فيها ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ وعليّ رأسها وأميرها. نظم درر السمطين للزرنديّ الحنفيّ: 89؛ شواهد التنزيل رقم 78 - 80؛ كفاية الطّالب: 139؛ المناقب للخوارزميّ: 267؛ خصائص الوحي المبين: 200؛ حلية الأولياء 1: 64؛ ترجمة الإمام عليّ من تاريخ دمشق 2: 429.

* خصيف بن عبد الرّحمن، أبو عون الجزريّ الحرّانيّ الخضرميّ، مولى بني أميّة، المتوفّى 137 هـ حدّث عن عكرمة وسعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، ولازم مجاهداً وحدّث عنه. مختصر تاريخ دمشق 8: 54 - 55. وذكر خصيف حديث مجاهد عن ابن عبّاس. انظر الحديث 81 من شواهد التنزيل.

* حديث عكرمه مولى ابن عبّاس: عن عمرو بن ثابت، عن سكين أبي يحيى، عن عكرمة مولى ابن عبّاس، قال: ما في القرآن آية ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ عليّ رأسها. ترجمة الإمام عليّ من تاريخ دمشق 2: 429 حديث 937.

* عطاء، عن ابن عبّاس: ما أنزل الله من آية فيها ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) دعاهم فيها، إلاّ وعليّ بن أبي طالب كبيرها وأميرها. نفس المصدر: 428 حديث 935.

* الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام ، عن ابن عبّاس. الشواهد، رقم 83.

* سعيد بن جبير رضى الله عنه، عن ابن عبّاس. بحار الأنوار 35: 353.

* حذيفة بن اليمان روى الحديث عنه:

زيد بن وهب الجهنيّ. في رجال البرقيّ: 6، قال: من أصحاب امير المؤمنين عليه‌السلام ، من اليمن. وذكره ابن داود =

٢٧٠

الله المستقيم الّذي لاعوج فيه، فوجب لذلك موالاته ومشايعته.

قوله تعالى: ( هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (1)

عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن أبيه، عن جدّه، قال: كان سلمان يقول: يا معشر المؤمنين، تعاهدوا ما في قلوبكم لعليٍّ صلوات الله عليه؛ فإنّي ما كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قطّ، فطلع عليّ إلاّ ضرب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بين كتفيّ، ثمّ قال: يا سلمان، هذا وحزبه ( هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (2) .

إذا تحقّق هذا - وهو الحقّ المتيقّن - فصراط عليّ عليه‌السلام هو صراط الله المستقيم الّذي قد

____________________

=

164 من خواصّ امير المؤمنين، شواهد التنزيل رقم 67 و 68.

قيس بن أبي حازم، عنه. الشواهد رقم 69.

* الأصبغ بن نباتة التّميميّ الحنظليّ، من خواصّ أصحاب امير المؤمنين عليه‌السلام . رجال البرقيّ: 5؛ رجال ابن داود: 60.

قال: سمعت من أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله من يقولون: ما نزل... إلى آخر الحديث. ورواه عن عليّ عليه‌السلام . تفسير فرات: 4.

وأخرج ابن منظور في مختصره لتاريخ دمشق لابن عساكر 18: 11، حديث ابن عبّاس على النحو التالي: «عن ابن عبّاس قال: ما نزل القرآن [بـ] ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ عليّ سيّدها وشريفها وأميرها. وما أحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الاّ قد عاتبه الله في القرآن، ما خلا عليّ بن أبي طالب؛ فإنّه لم يعاتبه في شيء منه». قال: وفي حديث آخر: «وما ذكر عليّاً إلاّ بخير».

وأردف: وعن ابن عبّاس قال: «ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في عليّ». قال: وعنه قال: «نزلت في عليّ ثلاث مائة آية». نفس المصدر. والأخبار في هذا المقام كثيرة. وقد ورد عن جويبر، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس حديث نزول ثلاث مائة آية في عليّ خاصّة. كفاية الطّالب: 231؛ الصواعق المحرقة: 76؛ تاريخ بغداد 6: 221.

(1) البقرة / 5.

(2) ويشهد له قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عليٍّ عليه‌السلام : إنّ هذا وحزبه، أو شيعته هم الفائزون، وإنّ علياً وشيعته هم خير البريّة.

وسيأتي تخريج هذه الأحاديث في فصل: صراط شيعة أهل البيت عليهم‌السلام . وإنّما ذكرنا الآية مراعاةً للمنهج المتعارف، أي ذكر الآيات في الحقل الواحد بحسب ترتيب سور القرآن الكريم.

٢٧١

أفلح من تمسّك به وخاب وخسر من تأخّر عنه. والآية - شأنها شأن غيرها ممّا نزل بحقّه عليه‌السلام - شهادة له بالعصمة ولحزبه بالفلاح، وحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حصر ذلك بهما.

قوله تعالى: ( وَبَشّرِ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ) (1) .

وهو ممّا خصّ الله تعالى به أهل البيت عليهم‌السلام ، ولم يشرك معهم بالبشرى إلاّ أشياعهم! بسند عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: ( الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ) : عليّ والأوصياء من بعده وشيعتهم الّذين قال الله فيهم: ( أَنّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلّمَا رُزِقُوْا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً ) الآية (2)

وبسند عن حبّان بن عليّ العنزيّ، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: فيما نزل من القرآن في خاصّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّ، وأهل بيته دون النّاس: قوله تعالى ( وَبَشّرِ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ ) [ البقرة 25] إنّها نزلت في عليّ وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب. (3) وليس ثمّة منافاة؛ فعليّ - مع عمٍّ وأخ وابن عمّ - مقدّم عليهم، وكلّ يقرّ له بالسّابقة والفضل، ومن ثمّ فعليّ أمير وسيّد وشريف في كلّ مدح للمؤمنين.

قوله تعالى: ( فَتَلَقّى‏ آدَمُ مِنْ رَبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ ) (4)

عن محمّد (5) بن عيسى بن عبد الله العلويّ، عن أبيه، عن جدّه، عن عليٍّ عليه‌السلام ، قال: الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه... قال: «يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما تبت عليّ» (6) .

____________________

(1) البقرة / 25.

(2) تفسير فرات: 4 - 5.

(3) تفسير الحبريّ: 235؛ شواهد التنزيل حديث 113؛ اللّوامع النّورانيّة: 13؛ تفسير البرهان 2: 104؛ غاية المرام 364 / باب 65؛ الأمالي الخميسيّة 1: 10.

(4) البقرة / 37.

(5) الأظهر هو: محمّد بن عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب.

(6) تفسير العيّاشيّ 1: 41 حديث 28؛ البرهان 1: 87.

٢٧٢

وعن عمرو (1) بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عبّاس، قال: سئل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، قال: «سأله: بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب عليه» (2) .

وظهور الآية في المقصد أبين من أن يقام عليه دليل؛ فأهل البيت عليهم‌السلام وحدة واحدة، وبهم تنال الشّفاعة، وتقبل التوبة لا بغيرهم. ولم يكن هذا من تقرير بشر، إنّما هو وحي يوحى؛ فظهور النّص في عصمتهم وأنّهم سبيل الهداية وصراط الله المستقيم، ممّا لا خفاء فيه.

____________________

(1) في رجال البرقيّ: 11، قال: أصحاب الباقر عليه‌السلام : عمرو بن أبي المقدام وفي ص 16، قال: أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام : عمرو بن أبي المقدام، واسم أبي المقدام ثابت.

وفي رجال ابن أبي داود 487: عمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز العجليّ مولاهم، ثقة. وفي ص 256: عمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز الحذّاء مولى بني عجل، ممدوح. وروي أنّ أبا عبد الله عليه‌السلام شهد له بأنّه أمير الحجّاج - الحاجّ -.

(2) مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 63؛ ينابيع المودّة: 238؛ الدرّ المنثور 1: 60.

وروي عن أبي جعفر الباقر، وأبي عبد الله الصّادق عليهما‌السلام : «إنّ الكلمات الّتي تلقّاها - أي آدم عليه‌السلام - وعلّمها إيّاه جبرائيل عليه‌السلام ، هي: محمّد وعليّ والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فسألا الله عزّ وجلّ، وأقسما عليه بهم، أن يتوب عليهما، فتاب ورضي عنهما». تفسير الإمام العسكريّ عليه‌السلام : 225 حديث 105؛ نهج البيان عن كشف معاني القرآن لمحمد بن الحسن الشّيبانيّ 1: 128؛ تفسير فرات 57؛ تفسير البرهان 1: 87؛ والصافي 1: 82؛ معاني الأخبار 110، 125، 127؛ الخصال 1: 270 كلاهما للصدوق؛ الكافي 8: 305؛ نور الثّقلين 1: 67؛ بحار الأنوار (في مواقع عدّة من الجزء 11 حديث 19، 22 - 24)؛ الاحتجاج للطبرسيّ 1: 54 ح مناقب امير المؤمنين: محمّد بن سليمان الكوفيّ 1: 547: وكيع عن الأعمش عن أبي صالح - أبو صالح باذام، مولى أمّ هانئ، روى عن عليّ بن أبي طالب، ثقة. تاريخ الثّقات للعجليّ 77 / 133 - عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من جوار ربّ العالمين، أتاه جبرئيل فقال: يا آدم ادع ربّك. قال: يا حبيبي جبرئيل وبم أدعوه؟ قال: قل يا ربّ أسألك. بحقّ الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان لما تبت عليّ ورحمتني، فقال: حبيبي جبرئيل سمّهم لي. قال: محمّد النبيّ، وعليّ الوصيّ، وفاطمة بنت النبيّ، والحسن والحسين سبطي النبيّ. فدعا بهم آدم فتاب الله عليه. وذلك قوله: ( فَتَلَقّى‏ آدَمُ. .. ) الآية. وما من عبدٍ يدعو بها إلاّ استجاب الله له.

٢٧٣

قوله تعالى: ( فَإِمّا يَأْتِيَنّكُمْ مِنّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (1)

وبعد أن قبل سبحانه توبة آدم عليه‌السلام بشفاعة الخمسة عليهم‌السلام ، ألزم عزّ وجلّ ذرّيّة آدم باتّباع هداه والتّمسّك بخير البشر: محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، من غير فصل: ( فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ ... ) عن الباقر عليه‌السلام ، قال: تفسير الهدى عليّ عليه‌السلام ، قال الله فيه: ( فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) . (2)

قوله تعالى: ( وَأَقِيمُوا الْصّلاَةَ وَآتُوا الْزّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الْرّاكِعِينَ ) (3)

حبّان عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس: قوله: ( ارْكَعُوا مَعَ الْرّاكِعِينَ ) إنّها نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وهما أوّل من صلّى وركع. (4)

____________________

(1) البقرة / 38.

(2) تفسير العياشيّ 1: 42؛ البرهان 1: 89.

(3) البقرة / 43.

(4) تفسير الحبريّ: 237؛ تفسير فرات: 2؛ شواهد التنزيل 1: 85؛ غاية المرام 364 باب 65 و 109 باب 395؛ البرهان 1: 92، 2: 104؛ المناقب للخوارزميّ 280 فصل 17 / حديث 274، ولكنّه سمّاه: حيّان - بالياء - بن عليّ. وقد جاء في ترجمته في رجال ابن داود، القسم الأوّل ص 136: حيّان بالياء المثنّاة تحت، بن عليّ العنزيّ، ثقة.

ورواه ابن البطريق بسنده إلى أبي صالح عن ابن عبّاس، في خصائص الوحي المبين 239 رقم 182، وذكره ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب 2: 13، عن المرزبانيّ.

وممّن رواه بالطريق الّذي ذكرناه أوّلاً: الحسن بن الحسين، العرنيّ الأنصاريّ، شيخ الحبريّ وعنه روى الحبريّ الحديث.

وبرواية مجاهد عن ابن عبّاس: ذكرها سبط ابن الجوزيّ في: تذكرة الخواصّ 23 باب 2.

قال: روى مجاهد عن ابن عبّاس أنّه قال: أوّل من ركع مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فنزلت فيه هذه الآية: ( وَأَقِيمُوا الْصّلاَةَ وَآتُوا الْزّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الْرّاكِعِينَ ) .

وعن امير المؤمنين عليه‌السلام : عنه رفعه عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: «هو عليّ بن أبي طالب» رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث 102.

وفي معنى الرّكوع، ذكر الزمخشريّ في الكشّاف 1: 133، قال: «قيل: الركوع الخضوع والانقياد لما يلزمهم =

٢٧٤

____________________

= في دين الله. ويجوز أن يراد بالركوع: الصّلاة، كما يعبّر عنها بالسجود».

وعلى افتراض الأوّل، فأوّل من خضع وانقاد إلى دين الله: محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّ عليه‌السلام ، فيهما يقتدى، كما هو الحال في موسى وهارون عليهما‌السلام . وعلى الثاني، فالنّبيّ وعليّ عليهما‌السلام هما أوّل من صلّى وركع كما في حديث ابن عبّاس، والآثار الدالّة على أنّ عليّاً أوّل من صلّى مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يمكن ذكر جلّها فضلاً عن كلّها لكثرتها الكثيرة. هذا وقد ذكرنا بعضها في الفصول السّابقة. وتسهيلاً على الباحث نذكر بعضاً من طرق الحديث ومصادره، من غير متون الآثار.

* عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مرفوعاً وبعدّة ألفاظ، رواه عنه:

أبو أيّوب الأنصاريّ. أسد الغابة 4: 94؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 14 حديث 17؛ كنز العمّال 11: 616؛ غاية المرام 499 باب 21 حديث 12؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 306؛ ينابيع المودّة 62 باب 12.

* ابن عبّاس. في مختصر تاريخ دمشق 17: 305؛ كنز العمّال 11: 616؛ غاية المرام 37؛ ينابيع المودّة 62 باب 12؛ المناقب للخوارزميّ 53؛ شواهد التنزيل 2: 125.

* أنس بن مالك مختصر تاريخ دمشق 17: 306؛ المناقب للخوارزميّ 54؛ شواهد التنزيل 2: 125؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 14؛ الإرشاد للمفيد 21؛ الاستيعاب 3: 32؛ ينابيع المودّة 61؛ تهذيب الكمال، للمزّيّ 20: 482.

* أبو رافع، مولى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، في المناقب للخوارزميّ 57؛ ينابيع المودّة 60. ولفظه: عن أبي رافع مولى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «صلّيت أنا أوّل يوم الإثنين، وصلّت خديجة آخر يوم الإثنين، وصلّى عليّ يوم الثلاثاء من الغدوّ. صلّينا مستخفين قبل أن يصلّي معنا أحد».

ولحديث صلاة عليّ عليه‌السلام مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طرق كثيرة تنتهي بأمير المؤمنين عليٍّ، وفيها يصرّح بأنّه أوّل من أسلم، وأوّل من صلّى مع رسول الله. هذا بعضها:

* حبّة بن جوين العرنيّ. ذكره البرقيّ في رجاله (ص 6) في عداد أصحاب امير المؤمنين عليه‌السلام . وجاء في ترجمته: حبّة بن جوين بن عليّ بن عبد نهم - وفي تاريخ بغداد 8: 274: فهم، بالفاء المنقوطة واحدة، وفي طبقات خليفة 254: نهم، بكسر النون بعدها ساكن بدون «عبد» - بن مالك بن هوازن بن عرينة، العرنيّ البجليّ، أبو قدامة الكوفيّ. روى عن عليّ، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وعمّار بن ياسر. عداده في التّابعين، ويقال إنّه رأى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان من شيعة عليٍّ، وشهد معه المشاهد كلّها. مات في أوّل مقدم الحجّاج العراق. طبقات خليفة بن خيّاط: 254؛ الطبقات الكبرى لابن سعد 6: 177؛ تاريخ بغداد 8: 174؛ الجرح والتعديل ج 3 رقم 1130؛ الثقات لابن حبّان 78؛ الإكمال لابن ماكولا 2: 320؛ أسد الغابة 1: 439 - وقال: ذكره ابن =

٢٧٥

____________________

= عقدة في الصحابة - وجمهرة أنساب العرب 388؛ ميزان الاعتدال 1: 450.

ومن طرقه: شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حبّة العرنيّ، عنه عليه‌السلام . أنساب الأشراف للبلاذريّ 2: 92؛ تهذيب الكمال للمزّيّ 20: 482؛ مسند أحمد بن حنبل 1: 141؛ المستدرك على الصحيحين 3: 112؛ مجمع الزوائد 9: 103؛ العمدة لابن البطريق 30؛ أسد الغابة 4: 93؛ خصائص النّسائي 31؛ الاستيعاب 3: 31.

وبرواية مسلم الملاّئيّ، عن حبّة. الجامع الصّحيح للترمذيّ 5: 304.

وبرواية محمّد بن فضيل، عن الأجلح، عن سلمة بن كهيل، عن حبّة. أسد الغابة 4: 93؛ تهذيب الكمال 20: 482؛ الاستيعاب 3: 31. وللحديث عن سلمة طرق أخرى أعرضنا عنها بغية الإيجاز.

* عبّاد بن عبد الله الأسديّ الكوفيّ.

روى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام . روى عنه المنهال بن عمرو. وذكره ابن حبّان في كتاب الثّقات. روى له النّسائيّ في خصائص عليّ عليه‌السلام وفي مسنده. طبقات ابن سعد 6: 179؛ الثّقات لابن حبّان 5: 141؛ تهذيب التهذيب 5: 98؛ الجرح والتعديل 6 / رقم 420؛ تهذيب الكمال 20: 138.

روى الحديث عن امير المؤمنين عليه‌السلام ، في خصائص النّسائيّ 3 وسنن ابن ماجة 1: 57، و 1: 11، عن المنهال عن عبّاد، عنه عليه‌السلام . والمستدرك على الصحيحين 3: 112، إلاّ أنّه قال: عبد الله الأسديّ. والأوائل للعسكريّ 107؛ غاية المرام 503؛ ينابيع المودّة 60؛ تاريخ الطبري 2: 56، عن المنهال، عن عبّاد.

وعن أعلام الصّحابة والتابعين، موقوفاً عليهم:

* عن أنس بن مالك. سنن الترمذيّ - الجامع الصحيح - 5: 304 / حديث 3812 وعنه في: ينابيع المودّة 60 - 61، عن أبي معمر، عن أنس. وفي الرّياض النّضرة 208 حديث 2؛ الاستيعاب 3: 32؛ أسد الغابة 4: 93. ولفظه: «بعث النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الإثنين، وأسلم عليّ يوم الثلاثاء». وغير خفيّ أنّ الإسلام قرين الصّلاة، وتعضده الأحاديث الأخرى، وكلّها تقول إنّ عليّاً أوّل من صلّى مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيما دخل غيره في الإسلام متأخّراً، فلزم تأخّر الغير في أداء الصّلاة والرّكوع، وعليه أن يقتدي بالسّابق إليها وفي مختصر تاريخ دمشق 17: 303 نفس النّص الّذي في أسد الغابة.

وفي تهذيب الكمال 20: 482، ولفظه: استنبئ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الإثنين، وصلّى عليّ يوم الثلاثاء».

* جابر. تاريخ الطبريّ 2: 54، على نحو حديث أنس في تهذيب الكمال، إلاّ أنّ أوّله: «بعث» بدلاً من «استنبئ».

* ابن إسحاق، صاحب السّيرة النّبويّة الّتي هذّبها ابن هشام فباتت تعرف باسمه: السّيرة النّبويّة لابن هشام 1: 262، ويحسن ايراد لفظه قال: «أوّل ذكر من النّاس آمن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصلّى معه وصدّق بما جاءه من =

٢٧٦

____________________

= الله تعالى: عليّ بن أبي طالب رضوان الله وسلامه عليه...». وتوكيداً لذلك قال في نفس المصدر 1: 264: «ثمّ أسلم زيد بن حارثة.. مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان أوّل ذكر أسلم وصلّى بعد عليّ بن أبي طالب». وهذا يؤيّد الّذي قلناه سابقاً: إنّ الإسلام قرين الصّلاة، والسّبق إليه سبق إلى الصّلاة. وكون زيد ثاني اثنين بعد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في أداء الصّلاة أمارة على تأخّر الغير إسلاماً وصلاةً! وإذا صحّ شيء في استقامة الصّراط فليكن صراط عليّ وزيد، كيف والأدلّة ناهضة على أنّه صراط أهل البيت! وقد ذكر الطبريّ في تاريخه 2: 57، قول شيخ السّيرة - ابن إسحاق - من غير مغمز.

* زيد بن أرقم. تاريخ الطبريّ 2: 56؛ تهذيب الكمال 20: 482، قال: روي حديث زيد بن أرقم من جوه ذكرها النّسائيّ، وأسد بن موسى وغيرهما. وينابيع المودّة 60؛ المناقب للخوارزميّ 56؛ فضائل الصّحابة لابن حنبل 2: 609؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 14؛ الاستيعاب 3: 32؛ أنساب الأشراف 2: 93؛ غاية المرام، الحديث السابع؛ العمدة لابن البطريق 30؛ المستدرك على الصحيحين 3: 32؛ خصائص النّسائي 2؛ مسند أحمد بن حنبل 4: 368، 371.

* عبد الله بن عبّاس، ولفظه: «لعليّ أربع خصال: هو أوّل عربيٍّ وعجميٍّ صلّى مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ...» المناقب للخوارزميّ 58؛ غاية المرام 501؛ المستدرك على الصحيحين 3: 111؛ الاستيعاب 3: 27؛ الرّياض النّضرة 2: 268؛ شواهد التنزيل برقم 128؛ سنن الترمذيّ 5: 305.

* عفيف الكنديّ، وفيه: «لو أسلمت يومئذٍ لكنت ثانياً مع عليٍّ...»، والحديث طويل. وهو يدلّ صرحة على أنّ عليّاً عليه‌السلام أوّل من صلّى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . المحاسن والمساوئ للبيهقيّ 43.

وله طرق منها: عن إسماعيل بن أياس بن عفيف، عن أبيه، عن جدّه ومن طريق أسد بن وداعة، عن ابن يحيى بن عفيف، عن أبيه، عن جدّه عفيف الكنديّ، مسند أحمد بن حنبل 1: 209؛ خصائص النّسائيّ 3؛ طبقات ابن سعد 8: 17؛ ميزان الاعتدال 1: 3؛ لسان الميزان 1: 395؛ الاستيعاب 3: 33؛ غاية المرام 500؛ العمدة لابن البطريق 31؛ تاريخ الطبريّ 2: 57، بلفظين: (... أكون ثالثاً» أي مع عليّ عليه‌السلام ، وخديجة رضوان الله تعالى عليها. و (... كنت رابعاً» أي مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليٍّ عليه‌السلام ، وخديجة رضي الله عنها. وأسد الغابة 4: 49 - ترجمة عفيف الكنديّ.

* وعن عبد الله بن مسعود. المناقب للخوارزميّ 56؛ مجمع الزوائد 9: 222؛ المعجم الكبير للطبرانيّ 3: 87.

* سعد بن أبي وقّاص. المستدرك على الصحيحين 3: 499 - 500.

* الباقر عليه‌السلام ، ويرد ذكر عليّ عليه‌السلام وكونه أوّل من صلّى عن طريق أهل البيت الطّاهر. وقد ذكرنا بعض ما كان =

٢٧٧

قوله تعالى: ( وَاسْتَعِينُوْا بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) (1)

قرن سبحانه وتعالى الصّبر بالصّلاة عوناً على المشاقّ؛ إذ الصّبر لغةً هو الحبس، ومنه قولهم: ضربت عنقه صبراً، ومنه: صبر نفسه عن المعصية أي حبسها ومنعها من ارتكاب المعصية ومقارفة الخطيئة، وإذا صبر عن المعاصي فقد صبر على الطّاعة.

ومن طريق أهل البيت عليهم‌السلام ، فأنّ الصبر هنا هو الصّوم «عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى: ( وَاسْتَعِينُوْا بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ ) ، قال: الصّبر هو الصّوم» (2) .

وعن سليمان الفرّاء، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، في قول الله تعالى: ( وَاسْتَعِينُوْا بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ ) قال: «الصّبر الصّوم، إذا نزلت بالرّجل الشّدّة أو النازلة فليصم. قال: الله يقول: ( اسْتَعِينُوْا بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ ) الصّبر الصّوم» (3)

فعلى هذا فإنّ الصوم وجاء يذهب بالشره وهوى النّفس الّذي هو أصل كلّ بلاء. كما ندب إلى الاستعانه بالصلاة لما يتلى فيها ما يزهّد بالدّنيا ويهوّن من أمر كلّ مخلوق إزاء الخالق ويقصر العبوديّة والاستعانة عليه وبه تعالى.

وفي تفسير أكثر المفسّرين إنّ قوله تعالى: ( وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ ) عائد إلى الصّلاة؛ لأنّها تكبر على النّفوس ما لا يكبر الصّوم؛ لأنّ في الصّوم حبس لبعض الشّهوات لا جميعها، أمّا الصّلاة فحبس لجميعها، وجوارحه مقيّدة بها لا يحلّ له منها شيء ممّا يحلّه الصّيام. وبذلك كانت الصّلاة أصعب على النّفس، ومكابدتها أشدّ. كما أنّ تأديتها واجباً خمس مرّاتٍ كلّ يوم يشقّ إلاّ على ( الْخَاشِعِينَ ) أي المتواضعين لله تعالى الّذين وطّنوا أنفسهم على فعلها، فلا يثقل عليهم أداؤها. والخشوع حالة في النّفس يظهر أثرها في الجوارح بهيئة تواضع

____________________

= يجري على لسان امير المؤمنين في خطبه أنه أوّل من آمن وصلّى، وورد ذكره عن محمّد الباقر عليه‌السلام في: شواهد التنزيل 2: 220، رقم 936.

(1) البقرة / 45.

(2) تفسير العيّاشيّ 1: 42؛ تفسير البرهان 1: 94، وفي وسائل الشيعة 4: 295 في حديث طويل عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيه: «والصّبر الصّوم».

(3) تفسير العيّاشيّ 1: 44؛ البرهان 1: 94.

٢٧٨

وسكون، وتنمّي في المصلّي ملكة الطمأنينة لنصر الله ورزقه؛ إذ هي إقبال عليه تعالى بذكر، وتختم بذلك.

وكما كان الصّوم عوناً للصّائم، فكذلك الصّلاة: عن مسمع بن عبد الملك، قال: قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا مسمع! ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غمّ من غموم الدّنيا أن يتوضّأ، ثمّ يدخل مسجده ويركع ركعتين، فيدعو الله فيهما؟! أما سمعت الله يقول: ( وَاسْتَعِينُوْا بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ ) الآية (1) .

والآية قرينة على استقامة صراط عليٍّ عليه‌السلام ووجوب الاقتداء بسيرته؛ فهو أوّل من صلّى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقبلا عليها بما ينبغي للمصلّي أن يكون عليه من هيئة العبد الذليل بين يدي مولاه. ولم تكن الصّلاة عليهما كبيرة مثلما كانت على غيرهما ممّن لوّثته الجاهليّة بأدرانها، فكانت الصّلاة تربية لهما في الثبات في سوح القتال، في حين ولّى غيرهما هاربين، وصبرا على الحقّ وإن كان مرّاً!

قال الحبريّ وغيره: وقوله: ( وَاسْتَعِينُوْا بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) .. الخاشع: الذليل في صلاته، المقبل عليها، يعني: رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ عليه‌السلام (2) .

والآية بعدها، وهي قوله تعالى: ( الّذِينَ يَظُنّونَ أَنّهُم مُلاَقُوا رَبّهِمْ وَأَنّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) (3) .

داخلة في المعنى، مبيّنة لعلّة تخصيصهما بالخطاب الأوّل، ومفسّرة لمصدر خشوعهما عليهما‌السلام ، وهو الاعتقاد المطلق بالله تعالى واليقين بالآخرة.

عن أبي معمر، عن عليّ عليه‌السلام في قوله: ( الّذِينَ يَظُنّونَ أَنّهُم مُلاَقُوا رَبّهِمْ ) يقول: «يوقنون أنّهم مبعوثون، والظنّ منهم يقين» (4) .

قال الشيباني: أي يوقنون بالموت والبعث والنّشور والحساب، والظذن هاهنا بمعنى اليقين (5) .

____________________

(1) تفسير العيّاشيّ 1: 43؛ تفسير البرهان 1: 94؛ تفسير الصافي 1: 87.

(2) تفسير الحبريّ 238؛ تفسير فرات 4؛ غاية المرام 364 باب 65؛ البرهان 2: 104.

(3) البقرة / 46.

(4) تفسير العيّاشي 1: 44؛ البرهان 1: 95؛ الصافي 1: 87؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 2: 9.

(5) نهج البيان عن كشف معاني القرآن: محمّد بن الحسن الشّيبانيّ 1: 133 - 134.

٢٧٩

قوله تعالى: ( وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (1)

وهذه شهادة يسجّلها الوحي للمعنيّين بها أنّهم أهل الجنّة؛ لإيمانهم وصلاح أعمالهم ن فصلحت بذلك سيرتهم واستقام صراطهم وسوي.

وعليّ عليه‌السلام أمير وشريف وسيّد كلّ آية فيها خطاب «يا أيّها الذين آمنوا»، فهو المعنيّ الأوّل بهذه الآية. هذا استصحاباً لما ذكروه بشأنه عليه‌السلام في لفظ «آمنوا». وأمّا في هذه الآية، فقد قالوا: نزلت في عليٍّ خاصّةً، وهو أوّل مؤمن وأوّل مصلٍّ بعد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (2) .

____________________

(1) البقرة / 82.

(2) تفسير الحبريّ: 241.

وقد خرّجنا بعض مصادر الحديث في أنّ عليّاً عليه‌السلام أوّل مصلٍّ مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله . كما تضمّنت الفصول السّابقة كلاماً في سابقته عليه‌السلام إلى الإسلام؛ فقد بعث صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الإثنين، وصلّى مع عليّ يوم الثلاثاء، ولا صلاة من غير إقرار وإسلام.

وهذه بعض طرق ومصادر كون عليٍّ أوّل مؤمن به صلى‌الله‌عليه‌وآله ، منزوة المتون.

* مرفوعاً عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، رواه عنه:

أنس بن مالك. مختصر تاريخ دمشق 17: 306؛ المناقب للخوارزميّ 54؛ غاية المرام 500 حديث 21؛ شواهد التنزيل 2: 125؛ اللآلي المصنوعة 1: 166؛ لسان الميزان 3: 232؛ ينابيع المودة 61؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ ص 14؛ الإرشاد للمفيد ص 21.

سلمان المحمّديّ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «سلمان منّا أهل البيت». كنز العمّال 11: 606؛ غاية المرام 505 حديث 7؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 306؛ تهذيب الكمال 20: 481؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 16؛ مسند الكلابيّ حديث 10 والاستيعاب 3: 28؛ اللآلي المصنوعة 1: 169؛ المصنّف لابن أبي شيبة 6: 158.

أبو أيّوب الأنصاريّ. مختصر تاريخ دمشق 17: 306؛ أسد الغابة 4: 94؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ ص 14؛ اللآلي المصنوعة 1: 166؛ ينابيع المودّة 60 - 61.

* ابن عبّاس. مختصر تاريخ دمشق 17: 305، 307؛ تهذيب الكمال 20: 480؛ المناقب للخوارزميّ 53 ن 55؛ المستدرك على الصحيحين 3: 136؛ شواهد التنزيل 2: 125؛ ينابيع المودّة 61؛ الينابيع كذلك بعدّة طرق وألفاظ مختلفة تنتهي بابن عبّاس، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ص 62؛ اللآلي المصنوعة 1: 168؛ مسند أبي داوود 360؛ مسند أحمد بن حنبل 1: 373.

٢٨٠